الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفصل السابع من رواية / يا من أحببت للروائية / فايزة شرف الدين

تاريخ النشر : 2010-06-19
الفصل السابع من رواية / يا من أحببت للروائية / فايزة شرف الدين
- زيارة غير متوقعة :
تقلبت فى فراشها ، وهى تشعر بسعادة غامرة 0
كانت ما تزال تتلفع بكوفية "علاء" .. فتضم أطرافها كل حين إلى قلبها بحرارة وشغف 0
أخذت تستعيد كلماته التى انسابت من بين شفتيه 00
كان حديثه رشيقا رائعا .. فى نفس الوقت مرحا .. لم تملك أن تطرد ابتسامة داعبت وجهها .. أو تتحكم فى دقات قلبها التى تهتف باسمه 0
كان حبها ، والمشاعر العميقة تجاهه .. قد ضربت بجذورها بقوة إلى قلبها ووجدانها 0
لاحظت أمها تبدل حالها من التعاسة ، إلى السعادة الغامرة .. فعجبت من أمر ابنتها .. فهي لم تعد قادرة على فهمها ، أو التكهن بتصرفاتها.
لم تكن تعلم أن ابنتها تعيش قصة حب .. ملكت عليها فؤادها ، وأن هذا اليوم شهد الاعتراف بأعظم قصة حب 0
ودت "نها" أن تصرخ بأعلى صوتها وتعلن للعالم كله .. أنها تحب هذا الفارس الرائع .. فلقد كانت فخورة بحبها له وحبه لها .. الذى أشعرها بأنها ملكة غير متوجة على هذه الأرض 0
كانت أمها تطل عليها بين الحين والآخر ، وقد غلبها الفضول.
كانت تريد أن تصيح .. وتقول لها " إن "علاء" يحبنى وأحبه " 0
لكنها تطلعت إلى خاتم الخطبة الملتف حول أصبعها 00 فرغم انفصالها الوجدانى ، والعاطفى عن "إيهاب" لا يزال قابعا فى مكانه 0
كان هذا الخاتم بمثابة القيد .. الذى يذكرها دوما بسجنها ، وأنها ليست حرة 0
أخذت تلفه حول أصبعها .. تنظر إليه ببغض شديد .. بعد لحظات من التفكير .. انتزعته من مكانه بعصبية ، وقذفته تحت وسادتها 0
عند ذلك تنفست بارتياح ، وراحت فى ثبات عميق ، و طيف "علاء" يداعب أحلامها 0
فى الصباح .. بينما كانت تتناول إفطارها .. لاحظت أمها أنها لا ترتدى خاتم الخطبة .. فصاحت تلومها بعنف :
ـ أين خاتم خطبتك يا "نها" .. هل تريدين أن يسخر الناس منا ، و يضحكون علينا ؟‍
صاحت "نها" بغضب :
ـ إننا نحن الذين نضحك على أنفسنا يا أمى .. فهذا الخاتم اللعين لم أعد أطيقه 0
صرخت أمها :
ـ ماذا يقول الناس عنك إذن ؟
‍أضافت ، وهى تتطلع إليها بحدة 00
ـ ثم لاتنسى .. أنك مازلت فى عصمة صاحب هذا الخاتم .. والتقاليد تحكم بأن 00
قاطعتها "نها" وقد احتدم غضبها :
ـ التقاليد .. الناس .. إن هذا ظلم .. ظلم !
نهضت من مقعدها بعصبية.. ثم اتجهت صوب حجرتها .. بحثت عن الخاتم أسفل وسادتها .. تمنت من قلبها ألا تجده ، ويكون قد ضاع إلى الأبد .. بذلك ينقطع آخر خيط يربطها "بإيهاب" .. لكنه كان قابعا فى مكانه أسفل الوسادة .. كأنما يأبى الرحيل .. فوضعته فى أصبعها ، وقد بلغ بها الغيظ مداه .
غادرت الكلية مبكرا .. فلم يكن عليها فى ذلك اليوم إلا محاضرة واحدة 00 فمرت على صديقتها "هدى" في مبنى كلية الآداب .
هتفت الأخيرة :
ـ يمكن أن ترافقينى إلى المحاضرة .. بعدها نذهب إلى بيتنا .
وافقت "نها" على الفكرة .. قالت :
ـ وهو كذلك 00 خاصة أننى أريد أن أقابل والدك .. لأناقشه فى أمر قضيتى التى تنظر اليوم 0
فى منزل "هدى" ، وبعد تناول الغداء .. انعزلت الصديقتان فى حجرة الاستقبال ، وجلستا متقاربتين تتهامسان .
كانت "نها" فى غاية السعادة ، وهى تقص على صديقتها .. اللقاء المثير بينها ، وبين "علاء" .
كان وجهها الجميل قد تألق .. وهى تصف تلك المشاعر النبيلة التى روادتها .. ثم أخرجت كوفيته التى لفها حول رقبتها أثناء لقائهما .
لوحت بها ، وهى تقول حالمة :
ـ إنها من رائحته .. انظرى .. فذوقه رائع .. رائع !
ابتسمت "هدى" ، وهى ترى صديقتها ، قد تلفعت بالكوفية .. ثم ضمتها إلى صدرها بحرارة 0
قالت مازحة :
ـ حقا إن مرآة الحب عمياء !
مطت "نها" شفتيها بامتعاض .. صاحت فى صديقتها :
ـ أتمنى من الله .. أن تقعى فى الحب .. عندها ستضح الرؤية أمام عينيك .
ضحكت "هدى" .. ثم قالت :
ـ لا 00 يا عزيزتى .. فلقد تركت لك وحدك وضوح الرؤية .
بينما كانتا تتكلمان 00 تطرق إليهما صوت والدة "هدى " ، وهى تستقبل زوجها بحفاوة 0
هتفت "هدى" :
ـ لقد وصل والدى من المحكمة .. يمكنك أن تناقشيه فى أمر القضية ، بعد أن يتناول غداءه .
انتظرت "نها" على مضض 00 كانت تريد معرفة منطوق الحكم 00 الذى حكم به القاضى فى جلسة اليوم .
كانت تمنى نفسها بأنباء سارة .. خاصة أن ثمة قانونا سوف يصدر قريبا .. يجعل أمر الحصول على الطلاق أسهل من ذى قبل.
بعد أن نفد صبرها .. صاحت بصديقتها :
ـ أرجوك يا "هدى" .. أريد أن أطمئن ، وأعرف الأخبار من عمو "مصطفى" .
استأذنتها "هدى" .. غابت بضع لحظات ثم عادت ، وبرفقتها والدها ، الذى ألقى التحية على "نها" .. ثم قال :
ـ كيف أحوالك ، وأسرتك الكريمة 0
أجابت "نها" :
ـ كلهم بخير .. ويرسلون لسيادتك سلامهم الحار 0
أطل من عينيها تساؤل ملح .. بينما بدا على وجه الرجل ، أنه يخفى شيئا لا يريد البوح به .. ثم أطرق برأسه إلى الأرض 0
هتفت "نها" بقلق وتوسل :
ـ أريد أن تخبرنى بكل شئ يا عمو .. أرجوك 00 حتى أعلم حقيقة موقفى 0
غمغم :
ـ إن أمر طلاقك من هذا الشخص مؤكد 00 لكن 00
بتر عبارته فجأة 00 بدا عليه التردد ، وهو يشيح برأسه بعيدا عنها .
هتفت "نها" بانفعال لتحثه على مواصلة الكلام :
ـ نعم .. يا عمو 0
ربت على منكبها بعطف ، وهو يغمغم :
ـ هناك بعض الإجراءات التى اتخذها محامى الخصم .. التى زادت من صعوبة الحصول على الطلاق فى الوقت الحالى .
شحب وجه "نها" .. دق قلبها سريعا 00 لكنها استجمعت قوتها ، وهى تتساءل :
ـ وما هى تلك الإجراءات ؟
غمغم :
ـ لقد رفضت دعوى التطليق فى هذه الجلسة .. بالإضافة أنه رفع دعوى بطلبك إلى بيت الطاعة .
صرخت "نها" مذعورة ، وقد أذهلتها المفاجأة :
ـ بيت الطاعة !
اقتربت "هدى" من صديقتها .. ضمتها إلى صدرها بحنو .. هتفت تسأل والدها :
ـ هل هناك سبيل لحل هذه القضية يا بابا ؟
قال والدها :
ـ بالطبع .. فسوف نستأنف الحكم ، ونعارض فى دعوى الطاعة المقامة ضدنا 0
حاولت "نها" أن تتمسك بأهداب الأمل ، وهى تقول بصوت خائر:
ـ أليس هناك قانون جديد يناقش فى مجلس الشعب خلال هذه الفترة ؟
أومأ برأسه .. ثم قال بنبرة يشيع فيها التفاؤل :
ـ نعم .. أؤكد لك أننا سوف ننتصر فى النهاية ، وأن الموضوع مجرد وقت فقط لا غير 0
صرخت "نها" فى أعماقها :
" وقت ! .. إن الوقت هو عدوى الأول بلا شك .. إننى لم أعد أطيق الصبر 00 فكيف أحيا بقلبين فى جوفى ؟! .. فمشاعرى ملك رجل آخر 00 أتمنى أن يجمعنى وإياه عشا واحدا .. بينما يمتلك حريتى شخص آخر .. أصبحت أبغضه لدرجة الجنون 0
غادرت منزل صديقتها ، وهى فى أشد حالات الحزن والإحباط 0

بينما كانت فى طريق العودة إلى بيتها 00 فوجئت بسيارة "ايهاب" تتبعها .. حاولت أن تروغ منه فى زقاق جانبى ضيق ، فغادر سيارته وركض خلفها .. حتى لحق بها .. ثم أمسك ذراعها بقسوة .. أخذ يعتصره بين أنامله بعنف 0
صرخ فى شبه جنون :
ـ إنك زوجتى .. زوجتى .. لن تكونى أبدا لرجل غيرى 0
أصيبت "نها" بالفزع المميت .. اتسعت عيناها بشدة ، وأطل منهما الرعب البالغ 0
فقدت قدرتها على المقاومة ، وهو يهزها بعنف ، ويواصل صياحه الجنونى :
ـ سوف أطلبك فى بيت الطاعة.. هل تفهمين ؟
تجمهر لفيف من الناس حولهما ، وأخذوا يتابعون ما يحدث بفضول 0
هتف رجل مفتول العضلات غاضبا :
ـ اتركها أيها الأحمق .
التفت إليه "إيهاب" بحدة .. صرخ فيه مستهزئا :
ـ اصمت أيها المتطفل 0
ثم أخذ يصيح فى الناس ، ويقذفهم بالسباب .. فاستشاط الرجل غضبا .. اندفع من بين الجمع المتلاحم 00 ثم هجم على "إيهاب" 00 صوب إليه لكمة قوية جعلته يفقد توازنه 0
انسلت "نها" هاربة أثناء العراك المحتدم ، ومازال الفزع والرعب يعتصران قلبها .. انفلتت من الزقاق الضيق إلى الشارع .. لتستقل أول سيارة أجرة مقبلة 0
صعدت سلم منزلها .. وهى لا تكاد تقوى على رفع قدميها .. فقد كانت خائرة القوى تماما 0
بدأ جسدها يتداعى شيئا فشيئا ..حتى وصلت إلى باب شقتهم .. استطاعت بعد جهد أن تضغط على الجرس .. قبل أن ينفرج الباب وقعت على الأرض مغشيا عليها 0
ما أن فتحت أمها لها ..حتى وجدتها ملقاه على الأرض دون حراك 0
صرخت أم "نها" صرخة مدوية .. تهافت على أثرها أخواتها بسرعة من داخل الشقة 0
أخذت الأم تتحسس جسد ابنتها ، وقد أصابها الفزع 0
هتفت بإحدى ابنتيها التوأم :
ـ احضرى الطبيب الذى على ناصية الشارع حالا 0
عندما حضر الطبيب .. كانت "نها" على فراشها لا تزال مغشيا عليها .. بينما كانت حرارتها مرتفعة بشكل مخيف 0
قرب الطبيب إلى أنفها عقارا .. استفاقت على أثره ..لكنها كانت تهذى بكلمات غير مفهومة 0
بعد فترة هتف الطبيب :
ـ لقد تعرضت لانهيار عصبى شديد ، وتحتاج إلى الراحة والهدوء .. الأهم من ذلك هو الابتعاد التام عن الانفعالات 0
أعطى لوالدة "نها" روشتة الدواء قائلا 00
ـ أرجو أن تأخذ هذا الدواء بانتظام ، وعمل كمادات باردة بشكل فورى .. تستمر طوال الليل حتى تنخفض درجة حرارتها ، وإلا ستتعرض حياتها للخطر 0
ظلت "نها" عدة أيام بين الحياة والموت .. كانت ذاهلة عما يدور حولها 0
تناهى إلى "علاء" أمر مرضها ، فجزع عليها بشدة .. أصابه القلق البالغ عليها .. فذهب إلى بن عمه "طارق" وقال له :
ـ أريد رؤية "نها" 0
قطب "طارق" ما بين حاجبيه .. قال بتردد :
ـ لكن 0
قال "علاء" بحدة :
ـ ليس هناك حل آخر .. أريد رؤيتها حالا .. إننى أكاد أصاب بالجنون.
أسقط "طارق" فى يده .. فقام بزيارة بيت خاله بصحبته أخته "ليلى" ، وبرفقتهما "علاء" 0
استقبلتهم والدة "نها" بترحاب كبير.. ثم صحبتهم إلى فراش ابنتها خائرة القوة ، كانت لا تزال ذاهلة عما يدور حولها ، وقد شحب وجهها بشكل مريع .. حتى صارت كالأموات 0
عندما رآها "علاء" على هذه الحالة .. أربد وجهه ، وكسته سحابة حزن .. كاد أن يهتف باسمها .. لولا أنه زم شفتيه بقوة .. حتى لا ينفلت الكلام دون أن يدرى 0
لمحت والدة "نها" التبدل الذى طرأ عليه ، فور رؤيته "لنها" .. فأدركت بزكانتها وفطنتها كل شئ .. تيقنت أنه وراء التبدل ،والتغير المستمر فى سلوك ابنتها ، فآثرت أن تنسحب من الغرفة بهدوء 0
جلس "علاء" على المقعد القابع جوار فراشها .. أخذ يهتف بصوت هامس متوسل :
ـ "نها" .."نها" .. أرجوك أجيبينى 0
من خلال الضباب والغبش الداكن .. اللذان كانا يشوشان على عقلها ، ويجعلاها فى غيبة عن الحياة والأحداث .. سمعت صوته العذب ، وهو يهتف باسمها برقة بالغة 0
لمحت صورته ، وهى تعانق عينيها ، وقد بدا على وجهه الفزع والحزن الشديدين 0
هتفت بصوت ضعيف واهن :
ـ "علاء" !
تبدل وجهه الحزين إلى سعادة أنارت وجهه 0
مد ذراعيه .. أمسك يديها واحتواهما بين راحتيه .. أخذ يقول بصوت مرتجف :
ـ "نها".. أرجوك لا تخافى ولا تحزنى .. سوف أظل إلى جوارك إلى الأبد .. إلى الأبد 0
همست ، وهى تبتسم :
ـ إننى سعيدة .. فى غاية السعادة 00لأنك هنا .. فى بيتنا !
هتف ، وهو يضغط على يديها برفق :
ـ أوعدينى يا "نها" بأنك سوف تقاومين المرض .. من أجل خاطرى 0
همست :
ـ أوعدك .. من أجل خاطرك 0
هتف "طارق" بمرح :
ـ هكذا تتغازلان تحت أبصارنا وأسماعنا !
مسحت "ليلى" دمعة "فرت من عينيها 00 ثم غمغمت :
ـ لم أكن اعلم أنكما تحبان بعضكما إلى هذا الحد !
بعد فترة من الوقت أقبلت والدة "نها" .. وهى تحمل صينية عليها زجاجات المياه الغازية .. عندما أبصرت ابنتها قد استفاقت من ذهولها ، وطرأ عليها هذا التحسن المفاجئ .. تطلعت إلى "علاء" ممتنة :
ـ لقد كنت قدم خير علينا يا باشمهندس 0
غمغم "علاء" بخجل :
ـ أشكرك يا سيدتى 0
ما أن انتهت الزيارة .. حتى غادرت "نها" فراشها ، وقد بدأت تسترد صحتها .. ثم هتفت بأمها :
ـ إننى جائعة يا أمى 0
ازدردت الطعام بشهية عظيمة .. فلقد تولد الأمل فى أعماقها .. "فعلاء" دخل عرين الأسد وأعلن صراحة أمام الجميع بأنه سيكون دائما بجانبها ، يساندها فى محنتها 0
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف