الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ورقة شجرة تروي قصّة حياتها بعد سقوط متوقّع بقلم: نادين ياغي

تاريخ النشر : 2010-06-19
منسيةَ تحت علمٍ ملوّنٍ بشفقٍ فلسطينيّ، سقطتُ شهيدةً بين جيفِ غروبِ الحريّة وشروق العبودّيّة، مُحاطة بأغصانٍ زائفة من فرية تجري وراء خطوات كذبها هويتُ بطلةً بين منون الأرض ومولد الاستيطان.
شبتُ على ألحان نضال تُغنّيها الأشجار بحفيفها وتتراقص بها البراعم بأمل الأزدهار، وكبرتُ تحت سماءٍ مليئةٍ بثقوبٍ لامعة تُضيء بشرارةِ أحلامٍ مستقبليّة، في الصّغر كنتُ طفلة ساذجة تتحمّسُ عند سماعِ أيّ قصّة يهمسُ بها الرّيحُ عند مرورهِ غريباً بين أزقّةِ حيّنا المُتشجّر، انقضت الأيام وحملتني إلى ينبوع الشّباب فشربتُ منه مرتويةً بقطراتٍ أعطتني قوّةً وطوّرتني إلى فتاةٍ مُزيّنةٍ بخَضار المشاعر، حوّطتني جزيئاتٌ من وعي مُكتمل وتغلّلتني أشلاءٌ من النّضوج، فباءت القصص تُروى بحروفٍ تأنّ بألمٍ وتجهشُ بحزنٍ لا يُحتمل، تحرّك بركانُ غضبي مُحتجّاً ورفض الخضوع لجبروتٍ إسرائيليٍّ مدعومٍ ببطشٍ غربيّ، تفجّرت وطنيّتي الفلسطينيّة بجنون تجذّر أمّي في الأرض، وتبلورَ كياني العربيّ بظلالٍ كانت تحتمي تحتها أرواحٌ ضالّة متشرّدة.
عزمتُ على خوض معركةٍ مع محدوديّةِ ذاتي من أجل تحقيق هدفٍ مستحيل، هدف مرسوم بريشةِ الأمنيات للوصول إلى عنصرٍ مفقود، ولكنّي عجزتُ وكبرتُ وشختُ ولا تزالُ أليافي تمتصّ الأكسجين و تستبدله بثاني أكسيد كربونٍ لا ينفع ولكن يضرّ، شعرتُ بأنّي وحشٌ من مخلوقات الزمان، مُقيّدةٌ على أغصانٍ لا ترحم أعطتني جسداً رثّاً يشعّ بالضّعف والرّقّة، كرهتُ فكرةَ وجودي معلّقةً على شجرة أمّي وصلّيتُ للتّحرّر، ويا ليتني لم أتحرّر، فحرّيّتي فتحت الأبوابَ لعبوديّتي وتخلّصي من أغصان الصّمودِ قيّدتني بسلاسل سرمديّة.
في يومٍ من أيّامٍ فقدتُ الاحساس بها في رحلتي التّشاؤميّة التي انعطفت إلى طريق العمى والكراهيّة، توقّفت الرّياحُ عن سرد الحكايات البعيدة وساد حيّنا سكوتاً ملغوماً بنوايا خفيّة، أحسست بخوفٍ يجري صارخاً بين الأغصان، يدوي بمدفعِ التّحذير طالباً الاستعداد، قهقهت صوتُ ضحكاتي في صدى الصّمت وعدتُ أصلّي خاشعةً لإلهٍ اختار تصنيف كلماتي تحت عنوان اللاّ مبالاة، فجأة سقطتُ، كيف؟ متى؟ أين؟ لا أدري ولكن سقطت، سقطتُ إلى هاويتي وانحدرتُ إلى كفني التّرابيّ، وجدتُ نفسي معزولةً على أرضٍ لُوّثت بآثارٍ استعماريّة، نظرتُ خلفي آملةً أن أُبصر شجرة الأمّ فلم أستطع، إذ أنّ غولاً أسوداً كبير كان يقتلعها بأنامل لا تعرفُ الرّحمة ولم تُربَّ على مفهوم الإنسانيّة، شاهدتُ أمّي وأرضي وكياني يُدمّروا ويُنتزعوا من جذورهم، حينها سُجّلت قصّة أخرى من قصص الرّياح الّتي لا تنتهي، حينها أصبحت صلواتي منقلبةً ضدّي، واستطعتُ الوصول إلى خقيقةٍ مرّة.
ها أنا في قمّة العجز، أضعف من أيّ وقتٍ مضى، ليس لأنّي رقيقةّ ضعيفةّ كما كنت أخال نفسي، بل لأنّي هُجّرتُ إلى مكان لا يعكسُ سوى صورتي وحدي، لأنّي تفرّقتُ عمن مصدر قوّتي، عن أمّي وإخواني، تفرّقنا وانكسرت حلقةُ وحدتنا، وفي ذلك كلّه ما زلتُ فخورة معتزّة، فأنا لستُ أيّ ورقة، أنا ورقةٌ من أوراق فلسطين وأمّي شجرة زيتونة مباركة، وإخواني مناضلون صامدون لا يهابون الوحدة ولا التّشرّد ولا أبوهم الغول، فأنا كنتُ وما أزال وسأبقى جزءاً لا يتجزّء من الوطن، بالرّغم من تشرّدي وبعدي عن الأحبّة إلاّ أنّي سأدفن في ركن ما من أركان فلسطين، ولو كان البعض ينظرون إلى هذا الرّكن على أنّه إسرائيل، فما هي إسرائيل لولا أنّها بُنيت على أرض فلسطين؟!.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف