قصة قصيره العروس الاسطورية
ما جدوى السؤال عن جمالها أو عن حضورها المعنوي أو الروحي, فلقد كانت واهنة كالحلم في ظلال القرية ,غير منظورة, ولعلها لم تكن آية في الجمال أو من اللواتي يتقن فن السحر بالكلمات, لتنشر جاذبيتها الدفينه, فالصمت منها والغياب ما كانا متعمدين ,فهي في الغالب متواجدة في كافة افراح القرية وأحزانها ,دون ضجيج’وما كانت لتتبرج أو تتزين ,تسر همسها وتبتسم فلا يلحظها أحد بصوتها الخفيض وابتساماتها النادرة ,والتفاتاتها القليلة والعذبه, لا تكاد تغيب عن المناسبات الكبيرة. ويمر صيف وراءه صيف وتخلط الريح اوراق الاشجار ويأتي لكل وردة نصيبها من فراشات الربيع, كانت تبتهج في داخلها حقا لكل الزيجات, ولا يبدو عليها بمرور الايام التعب ولا الذبول من وحدتها الغامضه, ولا هي كانت تشعر بالحسد أو الألم, وقافلة الافراح تمر امام خفقات قلبها المشغوله بأسرار لا يدرك كنهها , وكأن قوافل الصيف والقمر لم تكن تعنيها؟...كانت تحيا كالنور الذي يخترق صدر الغابة مخفيا بين الاغصان وصفاءالمياه....فلا تجرؤ أقرب صديقاتها أن يسألنها لماذا لم تكن تتزين.....حتى الكحل لعلها لم تكن تكتحل....كان ينقصهن الكثير من الألق كي يجلين للعيون.....أما هي فما كانت تريد أن تظهر ,أو أن ذالك كان زيفا لا طائل منه أمام اشراقاتها الداخلية المفعمة بالروعة والكمال....يتناساها الجميع حاضرة, ولو فكرت بالغياب حقيقة....لنامت القرية تحت شجن غيابها والاسى المبهم ,فهي النور الوحيد الذي يسير الجميع تحت لوائه ولا أحد يراه.....وها هي في آخر خطوة من طرقات الصيف المقمرة...... تجلس أخيرا عروسا بلا حزن ولا فرح....لن يغيب أحد ففي الامر بعض الغرابة والارتباك.....والقرية كلها هنا الليلة ....وهذا العريس الجالس بالقرب منها كان والحق يقال خاليا من كل العيوب كما هو خال من كل المزايا........وان صح التعبير فهو لا يستحق مجرد الحديث عنه...كيف جاء وكيف تسارعت الاحداث.....ياللغرابة......هل وافقت وهي التي لا ترفض ولا توافق....الا في الظل...في سرها, أين يقبع النور الحقيقي....وكيف كسر الحدث الزمن بتفاهته الغريبة ,وانكسرت القرية في سر أسرارها الغامض.....وعلى يد من ؟..هذا الغريب المعتم....لم تكن تراه وهي غارقة في زينتها التي تفننت كل نساء القرية الصغيرات في رسمها, اعترافا منهن بالجميل الذي كانت طوال السنين تسديه لهن بمحبة واخلاص . وهي التي كن يوقعن منها الحسد...انها مجرد ظنون....كانت هي اسمى منها بكثير ...مثلما ادركن ويدركن منذ البدايه؟.....بدت مثل درة صدفية في يد الغواص يجلو عن وجهها الصدف....وكان العريس أيضا لا يراها.... غارقا في عالمه الغبي مبتهجا يزور عيون الحاضرين ويعانقها. كانت هي لا تراه من شدة النور الذي تجلس فيه ,وكان هو لا يراها من حلك الظلام الذي خيم عليه ......وسحرها الذي لم يكن للزينة دخل فيه.....اضاء المكان .....وذالك فقط بسبب تعرضها الطويل للشمس ,لشمس المكان المفتوح لشمس جلستها المكشوفه أمام عيون الجميع....الخجل الذي يزور وينام.....كل هذا السطوع الذي اخرجها من دفئ سنين الظلال والتخفي...أنطق روحها بسحر طالما خفي دون ان تجتهد هي في اخفائه ...ولعل الجميع واقع لا محالة تحت تأثيره سحره الفياض.....فلم تشهد تلك الساحة الوحيدة بالقرية حضورا للراقصين وهياما جماعيا كما هو الان...الحفل في ساعاته الاخيره.....والعروس التي لم يكن يبدو عليها أنها ترى احدا...تسير بين اثنتين من صديقاتها الى وسط الساحة وحيدة....فالمتبسم الاجوف ظل هنالك في عالمه السعيد......وقد أدرك من خلال قوى خفية ان لا وجود له ولا موقع في روعة المسرحية الاسطورية.....رفقة من سترقص العروس اذا...؟ شبان القرية المتأنقون وقد أسكرهم جلال هذا الصيف الغامض....بأعينهم بريق الحياة لأول مرة يلحظ ويفيض.....ألم تكن ....هاته الانثى التي تخرج كخيط الشمس من خلال الاغصان...أمامكم لسنين...؟ ألم تلحظوها؟....توسطت الساحه......الاطفال جاثون على الركب والنساءاللواتي كن في عالم آخر.. يغشاهن النعاس وقد انحسرن كورقات من الورد ساقها تيار خفيف من ماء النهر.....والكهول...تحلقوا في طرب وفتور وحنين....وندم..؟.....وهي وحدها. أكانت ترقص ؟.....لم تكن تتثنى كانت تتمشى ما ابطأ خطاها تحت الوهج والانوار التي ترافق مسيرها,خطاها الاتية من حلم الظلال الدفينه....وحدهم الفتيان تحلقوا زنارا كالهالة القمرية قرب سحرها.....في سكون, هل كانوا يرقصون.....هل كانو ينظرون اليها.....ام الى قلوبهم ينظرون.....جلست باثوابها البيضاء...كزنبقة.....وسط ازهار البراري.....فنام أول وأكثر العاشقين هياما على ركبتيها كطفل يتيم , وأمام هبوب رياح الحنين تناثرت جميع وريقات أزهار اللوز......تحلقوا وناموا سكروا جثى الكل هل كانوا...نائمين......؟الدمع على الثوب الابيض....لم تكن حتما ...دموعها......كان اكبر نهر للدموع.....يشق القريه...وكانت هي ايضا بيدين غائمتين باكيتين تمسح الاسى على جبين وخصلات كل فتى منهم.....كانت كأم تحتضر...وقد تحلق صبيتها من حولها خاشعين..... دون أن يشعر بذالك أحد. // شوقي الصحراوي
ما جدوى السؤال عن جمالها أو عن حضورها المعنوي أو الروحي, فلقد كانت واهنة كالحلم في ظلال القرية ,غير منظورة, ولعلها لم تكن آية في الجمال أو من اللواتي يتقن فن السحر بالكلمات, لتنشر جاذبيتها الدفينه, فالصمت منها والغياب ما كانا متعمدين ,فهي في الغالب متواجدة في كافة افراح القرية وأحزانها ,دون ضجيج’وما كانت لتتبرج أو تتزين ,تسر همسها وتبتسم فلا يلحظها أحد بصوتها الخفيض وابتساماتها النادرة ,والتفاتاتها القليلة والعذبه, لا تكاد تغيب عن المناسبات الكبيرة. ويمر صيف وراءه صيف وتخلط الريح اوراق الاشجار ويأتي لكل وردة نصيبها من فراشات الربيع, كانت تبتهج في داخلها حقا لكل الزيجات, ولا يبدو عليها بمرور الايام التعب ولا الذبول من وحدتها الغامضه, ولا هي كانت تشعر بالحسد أو الألم, وقافلة الافراح تمر امام خفقات قلبها المشغوله بأسرار لا يدرك كنهها , وكأن قوافل الصيف والقمر لم تكن تعنيها؟...كانت تحيا كالنور الذي يخترق صدر الغابة مخفيا بين الاغصان وصفاءالمياه....فلا تجرؤ أقرب صديقاتها أن يسألنها لماذا لم تكن تتزين.....حتى الكحل لعلها لم تكن تكتحل....كان ينقصهن الكثير من الألق كي يجلين للعيون.....أما هي فما كانت تريد أن تظهر ,أو أن ذالك كان زيفا لا طائل منه أمام اشراقاتها الداخلية المفعمة بالروعة والكمال....يتناساها الجميع حاضرة, ولو فكرت بالغياب حقيقة....لنامت القرية تحت شجن غيابها والاسى المبهم ,فهي النور الوحيد الذي يسير الجميع تحت لوائه ولا أحد يراه.....وها هي في آخر خطوة من طرقات الصيف المقمرة...... تجلس أخيرا عروسا بلا حزن ولا فرح....لن يغيب أحد ففي الامر بعض الغرابة والارتباك.....والقرية كلها هنا الليلة ....وهذا العريس الجالس بالقرب منها كان والحق يقال خاليا من كل العيوب كما هو خال من كل المزايا........وان صح التعبير فهو لا يستحق مجرد الحديث عنه...كيف جاء وكيف تسارعت الاحداث.....ياللغرابة......هل وافقت وهي التي لا ترفض ولا توافق....الا في الظل...في سرها, أين يقبع النور الحقيقي....وكيف كسر الحدث الزمن بتفاهته الغريبة ,وانكسرت القرية في سر أسرارها الغامض.....وعلى يد من ؟..هذا الغريب المعتم....لم تكن تراه وهي غارقة في زينتها التي تفننت كل نساء القرية الصغيرات في رسمها, اعترافا منهن بالجميل الذي كانت طوال السنين تسديه لهن بمحبة واخلاص . وهي التي كن يوقعن منها الحسد...انها مجرد ظنون....كانت هي اسمى منها بكثير ...مثلما ادركن ويدركن منذ البدايه؟.....بدت مثل درة صدفية في يد الغواص يجلو عن وجهها الصدف....وكان العريس أيضا لا يراها.... غارقا في عالمه الغبي مبتهجا يزور عيون الحاضرين ويعانقها. كانت هي لا تراه من شدة النور الذي تجلس فيه ,وكان هو لا يراها من حلك الظلام الذي خيم عليه ......وسحرها الذي لم يكن للزينة دخل فيه.....اضاء المكان .....وذالك فقط بسبب تعرضها الطويل للشمس ,لشمس المكان المفتوح لشمس جلستها المكشوفه أمام عيون الجميع....الخجل الذي يزور وينام.....كل هذا السطوع الذي اخرجها من دفئ سنين الظلال والتخفي...أنطق روحها بسحر طالما خفي دون ان تجتهد هي في اخفائه ...ولعل الجميع واقع لا محالة تحت تأثيره سحره الفياض.....فلم تشهد تلك الساحة الوحيدة بالقرية حضورا للراقصين وهياما جماعيا كما هو الان...الحفل في ساعاته الاخيره.....والعروس التي لم يكن يبدو عليها أنها ترى احدا...تسير بين اثنتين من صديقاتها الى وسط الساحة وحيدة....فالمتبسم الاجوف ظل هنالك في عالمه السعيد......وقد أدرك من خلال قوى خفية ان لا وجود له ولا موقع في روعة المسرحية الاسطورية.....رفقة من سترقص العروس اذا...؟ شبان القرية المتأنقون وقد أسكرهم جلال هذا الصيف الغامض....بأعينهم بريق الحياة لأول مرة يلحظ ويفيض.....ألم تكن ....هاته الانثى التي تخرج كخيط الشمس من خلال الاغصان...أمامكم لسنين...؟ ألم تلحظوها؟....توسطت الساحه......الاطفال جاثون على الركب والنساءاللواتي كن في عالم آخر.. يغشاهن النعاس وقد انحسرن كورقات من الورد ساقها تيار خفيف من ماء النهر.....والكهول...تحلقوا في طرب وفتور وحنين....وندم..؟.....وهي وحدها. أكانت ترقص ؟.....لم تكن تتثنى كانت تتمشى ما ابطأ خطاها تحت الوهج والانوار التي ترافق مسيرها,خطاها الاتية من حلم الظلال الدفينه....وحدهم الفتيان تحلقوا زنارا كالهالة القمرية قرب سحرها.....في سكون, هل كانوا يرقصون.....هل كانو ينظرون اليها.....ام الى قلوبهم ينظرون.....جلست باثوابها البيضاء...كزنبقة.....وسط ازهار البراري.....فنام أول وأكثر العاشقين هياما على ركبتيها كطفل يتيم , وأمام هبوب رياح الحنين تناثرت جميع وريقات أزهار اللوز......تحلقوا وناموا سكروا جثى الكل هل كانوا...نائمين......؟الدمع على الثوب الابيض....لم تكن حتما ...دموعها......كان اكبر نهر للدموع.....يشق القريه...وكانت هي ايضا بيدين غائمتين باكيتين تمسح الاسى على جبين وخصلات كل فتى منهم.....كانت كأم تحتضر...وقد تحلق صبيتها من حولها خاشعين..... دون أن يشعر بذالك أحد. // شوقي الصحراوي