الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نبذة عن تاريخ منظمة مجاهدي خلق الايرانية

تاريخ النشر : 2010-06-13
نبذة عن تاريخ منظمة مجاهدي خلق الايرانية

تأسست منظمة مجاهدي خلق الايرانية عام 1965 على أيدي الشهداء العظام محمد حنيف نجاد وسعيد محسن وعلي اصغر بديع زادكان بوصفها منظمة مسلمة ثورية وطنية وديمقراطية. وكان هؤلاء الثلاثة خريجي الجامعة وناشطين منذ عهد المرحوم الدكتور محمد مصدق في الحركة الديمقراطية ومن ثم أصبحوا أعضاء في حركة التحرير (بزعامة آيت الله السيد محمود طالقاني و المهندس مهدي بازركان). وكانت الغاية السياسية لهؤلاء استبدال ديكتاتورية الشاه بنظام وطني وديمقراطي يتمثل في سيادة الشعب وحريته.
إن منظمة مجاهدي خلق الايرانية امتداد طبيعي وتاريخي للنضال القومي والتحرري للايرانيين منذ قرن وإن مفردتي «مجاهد» و«المجاهدين» مأخوذتان من القرآن ويتكلل شعار المنظمة بالآية الكريمة «فضّل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً».
الإيديولوجية:
أهم مبادرة وابداع جاء بها مؤسسو المنظمة في الجانب العقائدي هو كشف الاسلام كأيديولوجية ديمقراطية ذات ديناميكية. وكان مؤسسو المجاهدين يؤمنون بأن هذه القراءة الديناميكية والديمقراطية للاسلام، ستحقق الديمقراطية والحرية في ايران. ان ايمان المجاهدين بالاسلام يتميز بثلاثة مؤشرات ومميزات رئيسية وبارزة عن القراءات الرجعية للاسلام. وكان المجاهدون قد استخلصوا هذه المؤشرات من القرآن الكريم وأحاديث وسيرة النبي الأكرم (ص) والائمة الأطهار عليهم السلام.كما آمنوا منذ اليوم الأول من تشكيل المنظمة بأن سر الادراك والاستيعاب الموضوعي للاسلام يمكن من خلال الالتزام العملي بالمفردتين المقدستين وهما «الفداء» و «الصدق». إذ إنه وبدون «الفداء» (التضحية) لتحقيق الحرية في المجتمع وبدون «الفداء» لازالة أي اضطهاد وظلم وقمع في المجتمع وبدون «الصدق» أمام الشعب وأمام الالتزامات الشعبية لايمكن خوض عالم الادراك والاستيعاب الواقعي لحقائق الاسلام.
وفي فجر يوم 25 أيار 1972 أعدم مؤسسو المنظمة مع عدد من أعضاء لجنتها المركزية بعد أن أدلوا أمام محاکم الشاه بمرافعات حماسية للدفاع عن الاسلام والحريات الشعبية وضرورة النضال ضد الديكتاتورية بحيث حولوا محاكم الشاه إلى مسرح لمحاكمة نظام الشاه ايديولوجياً وتاريخياً وسياسياً. وقدم مؤسسو وأعضاء اللجنة المركزية للمنظمة وبالاستناد الى الآيات القرآنية وأقوال أئمة الهدى في الدفاع عن ضرورة النضال ضد الديكتاتورية وتحقيق الحرية وضرورة الاطاحة بالنظام الديكتاتوري طروحات مهمة للمجتمع ومستقبله. ودافع المؤسس الكبير محمد حنيف نجاد 6 ساعات عن القضايا العقائدية للمجاهدين في مرافاعاته.
ورغم الضربات الموجعة التي وجهها الشاه للمنظمة فإن المجاهدين ولكون تمسكهم بالمعتقدات الاسلامية تمتعوا بدعم واسع من قبل طلاب الجامعات ورجال الدين التقدميين والطلاب الحوزويين الشباب الى جانب الدعم من قبل البازاريين ومعظم المثقفين الدينيين. بينما لم يكن عند خميني وأنصاره في ذلك الوقت ما يقدمونه للشعب وخاصة الشباب. وكان المجاهدون وبدفاعهم عن الاسلام الاصيل وخوض النضال من أجل حرية الشعب قد رفعوا راية الاسلام تجاه سائر التيارات والاتجاهات الفكرية المختلفة. فلذلك لاقى المجاهدون موجة ترحيب غير مسبوقة تفوق التصور وذلك من قبل الشباب والمثقفين الايرانيين الذين كانوا يتسابقون لمساعدة منظمة مجاهدي خلق والالتحاق بصفوفها. انهم كانوا يشعرون بحماس كبير بالفخر والشموخ بحيث أصبح حرم جامعة طهران يشهد اقامة صلاة جماعية من قبل مئات الطلاب احتذاءً بالمجاهدين في السجون وترديدهم بصورة جماعية وبصوت عال الادعية التي كان المجاهدون يتلونها في السجون بعد كل صلاة. (نص بعض الادعية موجودة في هذه المجلة)
لقد هزت تفاسير المجاهدين لبعض السور القرآنية ومذكراتهم للدفاع عن الاسلام خاصة كتاب «الامام الحسين» أركان الحوزة في مدينة قم بشدة وكان المشتاقون يجازفون بحياتهم من أجل الحصول على نسخة من الكتاب سراً. فتدفق مئات الطلاب الحوزويين ورجال الدين التقدميون نحو المجاهدين واما التحقوا بصفوفهم أو قدموا دعمهم الكبير لهم وأعلنوا مراراً أنهم قد تلقّوا من خلال معرفة المجاهدين فهمًا وإدراكًا جديداً من الاسلام. وهناك الكثير من هؤلاء الطلاب الحوزويين استشهدوا في درب تحرير الشعب الايراني كما بقي عدد منهم أحياء ناشطين في صفوف المجاهدين وأصبحوا كوادر منهم.
ان الدعم المادي والمعنوي للشعب الايراني البطل لابنائه المجاهدين منذ عام 1971 ولحد اليوم بلغ حداً لم يشعر المجاهدون اطلاقاً بانهم في ظروف مادية حرجة. ان هذه المساعدات والتبرعات المادية والمعنوية من قبل أبناء الشعب الايراني للمجاهدين لم تقطع في يوم من الأيام رغم الأخطار الكبيرة واعدام عشرات التجار الايرانيين الوطنيين والمسلمين ومصادرة أموالهم ...
وكان المجاهدون أقوى تيار سياسي واجتماعي في غضون السنوات التي انتهت الى ثورة الشعب الايراني وإسقاط نظام الشاه. وكان الدكتور علي شريعتي الراحل يصف نشاطه الثقافي كـ «عمل زينبي» لايصال رسالة المجاهدين الثورية للشعب والشباب. كما إن هناك الكثير من قادة نظام الحكم القائم في ايران من أمثال رفسنجاني و..كانوا يفخرون ويعتزون بسوابق لهم حينما كانوا أنصاراً للمجاهدين والائتمام بالمجاهدين في الصلاة. انهم لا يملكون في ملفهم شيئاً سوى الفخر في النضال حينما كانوا أنصاراً للمجاهدين.
وكان الشاه مطلعًا على الإقبال الشعبي الواسع هذا على المجاهدين ولاسيما إقبال الشباب عليهم والسبب كان يعود في الدرجة الاولى الى كون المجاهدين مسلمين وتقديمهم اسلاماً ديمقراطياً وديناميكياً. فلذلك ومن أجل التصدي لهم ابتدع الشاه تهمة جديدة ضد المنظمة حيث ألصق نظام الشاه بالمجاهدين تهمة أنهم «ماركسيين – إسلاميين». ليس من الغريب كون خميني قد حذا حذو الشاه بإلصاقه تهمة «الالتقاط» بالمجاهدين ومن ثم إطلاق وصف «المنافقين» عليهم وأثبت بذلك انه يحمل بوحده رذائل جميع الديكتاتوريين والمصاصين للدماء في تاريخ ايران والاسلام.
أيام الثورة المضادة للملكية
في المظاهرات الطلابية والشعبية التي أدت بالتدريج الى الثورة في عام 1979 والاطاحة بنظام الشاه فقد نظم الشباب والطلاب المرتبطون بالمجاهدين أقوى مظاهرات ريادية في الشوارع في أيام عاشوراء الإمام الحسين (ع) آنذاك. وكان المواطنون وأنصار المجاهدين يحملون في المظاهرات شعار المجاهدين وصور مؤسسي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في مقدمة صفوف المتظاهرين رغم أن العناصر الرجعية كانت تمنعهم من ذلك.
وفي الأيام الأخيرة من الثورة الإيرانية وحتى في البرهة التي أصبح فيها خميني القائد المنفرد للانتفاضة غير المنظمة فكان الكل يتذكر بأن ثلاث علامات يرفعها أبناء الشعب في كافة مظاهراتهم المناهضة للملكية وهي شعار المجاهدين وصورة خميني وصورة الدكتور شريعتي الراحل.
فترة الكفاح السلمي السياسي ضد خميني (شباط 79 حتى حزيران 81)
وبعد وصول خميني الى سدة الحكم تمركزت ولاول مرة في تاريخ ايران السلطة الدينية والسلطة السياسية في شخص واحد (خميني) بالاضافة الى السلطة والنفوذ الناجم عن مشروعية الثورة الشعبية. فتمركزت هذه العناصر الثلاثة في خميني وأعطاه قوة فائقة. فهنا برزت طبيعة خميني العائدة الى عصور الظلام على شكل احتكار السلطة والتفرد بالرأي والسلوك الرجعي القمعي.
وكان خميني يرى المجاهدين الذين كانوا يشكلون قوة سياسية منظمة ومسلمة ذات سجل نضالي ضد نظام الشاه تهديداً سياسياً واجتماعياً لكيانه الرجعي. ومن أول الموضوعات العاملة المطروحة في أجواء الانفتاح السياسي الناجمة عن سقوط الشاه هو ما بدأ خميني والملالي التابعون له بطرحه من ضرورة الفرز الطائفي و الفرز الديني بين المسلمين وغير المسلمين غير أن المجاهدين أصروا على ضرورة اعطاء الاولوية لقضايا مثل الحريات الديمقراطية والغاء الاحتكار والبلطجة وضرورة تشكيل المجلس التأسيسي وحل قضية كردستان والاقليات القومية والدينية والاعتراف بالحريات الأساسية وحقوق النساء وأمثالها من القضايا الرئيسة للمجتمع.
وكان المجاهدون ومن خلال الدفاع عن حقيقة الاسلام والشريعة السمحاء القائمة على الرحمة يقومون وبتضحياتهم واخلاصهم بتعريف الوجه الحقيقي للاسلام مما دفع الشباب إلى الإقبال على الإسلام الحقيقي بعد أن كانوا قد يئسوا وأصيبوا بخيبة الأمل نتيجة أعمال خميني اللااسلامية. وخلال السنوات الاخيرة أعلن مسؤولو النظام بينهم جلايي بور من قادة زمرة خاتمي ومن القادة السابقين لقوات الحرس في مذكراتهم عدد ميليشيات المجاهدين المنظمة في عموم البلاد 500 ألف شخص.
ولقاء ذلك فقد كان خميني وأزلامه ومن خلال أعمالهم الرجعية والمتخلفة يبعدون الناس عن الدين وهذه حقيقة يعترف بها قادة النظام يومياً.
فرض الكفاح المسلح على الشعب الايراني من قبل خميني
لقد أرسى المجاهدون دعائمهم كأكبر قوة سياسية ايرانية من خلال نشاطاتهم السلمية في الاجواء الشبه ديمقراطية التي تلت الثورة الإيرانية مستخدمين في ذلك أساليب سلمية وعلنية وقانونية حيث بلغ عدد نسخ جريدتهم 500 ألف نسخة. غير أن خميني الذي لم يكن يقبل الاعتراف بالحقوق الديمقراطية للمجاهدين والقوات المعارضة له قد عقد العزم على القمع التام للمجاهدين. ودعا المجاهدون لقاء الاجراءات القمعية وتهديدات النظام الى مظاهرات كبيرة في طهران للدفاع عن الحريات في يوم 20 حزيران 1981 حيث شارك فيها نصف مليون من المواطنين في طهران الذين ساروا بشكل سلمي باتجاه مقر البرلمان وكان عددهم يتزايد كل لحظة. وأعلنت اذاعة النظام الرسمية بعد ظهر ذلك اليوم أن خميني باعتباره الولي الفقيه للنظام قد أصدر أوامره لافراد الحرس بقمع المظاهرات بشكل دموي. ففتح أفراد الحرس النار على المتظاهرين وبذلك تضرجت المظاهرات السلمية لاهالي طهران بالدم حيث سقط جراء ذلك مئات القتلى والجرحى كما اعتقل آلاف الاشخاص واقتيدوا الى السجون والمعتقلات وقمعت المظاهرة بشكل وحشي.
وبعد عملية القمع الوحشي للمظاهرات السلمية في طهران تزايدت حملات الدهم والاعتقال والاعدام بحيث كان سجن ايفين بطهران يشهد بوحده في بعض الاحيان مئات الاعدامات في الليل. وفي عملية انتقامية وحشية أعدم حتى أولئك الذين كانوا قد اعتقلوا قبل 20 حزيران وهكذا أصبحت المقاومة المسلحة أمام الديكتاتورية الدموية أمراً مشروعاً وضرورياً. ان المقاومة المسلحة فرضها خميني على أبناء شعبنا، فبدأت الاشتباكات المسلحة في عموم البلاد بين المجاهدين والمقاومة من جهة وأفراد الحرس من جهة أخرى

لماذا جاء المجاهدون الى العراق؟
هل المجاهدون وكقوة معارضة كانوا في العراق مستقلين؟
الأسباب السياسية – الستراتجية
هناك كثيرون يسألون لماذا جاء المجاهدون الى العراق؟ وكيف كان يمكن لمجاهدي خلق أن يكون لها تواجد مستقل آنذاك؟ وإذا ما قبلنا الآن أن التواجد في جوار إيران بالنسبة لمقاومة جادة في عزمها على الإطاحة بالنظام الديكتاتوري الحاكم في إيران ضرورة لا مناص منها، فعلينا الإجابة على تساؤل كيف يمكن أن تكون لحركة معارضة مثل مجاهدي خلق في أرض الجوار (خاصة في العراق عند ما كان يحكم فيه نظام صدام حسين) تواجد مستقل؟ هذه اسئلة منطقية ومشروعة. فلهذا السبب يجب الاجابة عليه بمنعزل عن التهم والحرب السياسية والنفسية التي يقودها النظام الحاكم في ايران ضدنا. غير أنه وبغض النظر عن الأدلة والشواهد العديدة التي سنتطرق اليها في هذا الفصل فان حياد مجاهدي خلق في الحربين الكبيرتين (حرب الكويت في 1991 والحرب الأخيرة في العراق) يعتبر بالنسبة لكثير من المراقبين والخبراء أقوى دليل على استقلالية المجاهدين. وأشار المؤرخ الأمريكي الدكتور علي بارسا استاذ التأريخ في جامعة كاليفورنيا في جلسة مناقشة لصنع القرارات بتاريخ 18 حزيران في الكونغرس إلى موقف المجاهدين من حرب الكويت والحرب الأخيرة في العراق وقال:«حقيقة أن المجاهدين أثبتوا استقلاليتهم خلال الحربين في العراق، يجب أن تسجل كعامل ايجابي من وجهة نظر السياسيين الأمريكيين».
السؤال الذي لا يزال يطرح نفسه هو لماذا وافقت الحكومة السابقة في العراق على تواجد المجاهدين والمقاومة الإيرانية شريطة استقلال عملهم في أراضيه؟
الجواب في كلام واحد يكمن في الحقائق الجيئوبولوتيكية الصارمة للمنطقة التي تتبلور قبل كل شيىء وأكثر من كل شيىء في وجود الديكتاتورية الدينية الحاكمة في ايران وفي خصوصية تصدير التطرف من قبل هذا النظام الذي يصفه نفسه تحت عنوان «تصدير الثورة». خاصة وأن العراق وبناءً على الخصوصيات التي يتمتع بها يشكل أهم هدف ستراتيجي حيوي للنظام الحاكم في ايران.
ويعتقد البروفيسور موريس ديب خبير شؤون الشرق الأوسط في جامعة جانز هابكينز الأمريكية أن تواجد المجاهدين في العراق «يعتبر نوعًا من ترابط المصالح لكون العراق يقع في جوار إيران». انه يقول: «ما يحرص عليه المجاهدون هو الموقع الجغرافي للعراق وليس من يحكم فيه. انهم يعملون على تغيير النظام الإيراني وباعتقادي يجب علينا أيضًا أن نشاطرهم رأياً». (مقابلة مع نشرة ”بريف آن إيران“ أي موجز عن إيران 27 أيار / مايو 2003)
ما يشير اليه البروفيسور ديب هو الواقع الجيوبولوتيكي للمنطقة والذي بموجبه لا يمكن أن تتنازل الديكتاتورية الحاكمة باسم الدين في إيران من تصدير التطرف إلى العراق بصرف النظر عن النظام الحاكم هناك وبأية خصوصية كانت وذلك من أجل إقامة حكومة صنيعة لها على غرار حكومته. لأن:
1- «تصدير الثورة» من قبل نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران الذي يعد نفسه بمثابة «ام القرى لدى البلدان الإسلامية» ويعد الولي الفقيه «ولي أمر مسلمي العالم» هو سمة ذاتية تشكل القوة الدافعة للنظام الفاشي الحاكم باسم الدين في إيران لضمان بقائه على السلطة.
2- العراق كان يحظى بالأولوية دومًا بالنسبة للنظام الإيراني في ما يتعلق بتصدير التطرف لأن في العراق 6 مقابر لائمة الشيعة ويشكل الشيعة حسب النظام الإيراني أكثر من 60 بالمائة من سكانه. إن السبب الرئيسي لإصرار نظام خميني على مواصلة الحرب المدمرة ضد العراق لمدة 8 سنوات تحت شعار «الوصول إلى القدس عبر كربلاء» وعدم قبوله وقف إطلاق النار حتى أن وضع جيش التحرير الوطني الإيراني خطر الإطاحة بالنظام في متناول اليد، وكذلك عدم الاقتراب إلى توقيع اتفاقية السلام طيلة 15 عاماً مضت ينجم عن هذه الستراتيجية القائمة على «تصدير الثورة».
3- ان هذه الخصوصية الجيوبولوتيكية وبالتحديد دور وسمة الديكتاتورية الحاكمة باسم الدين في إيران تقودنا إلى استخلاص أن استقلال المجاهدين في العراق له قاعدة سياسية – ستراتيجية. صحيح أن المجاهدين وجيش التحرير كانا بحاجة إلى استغلال الأراضي العراقية لتطبيق ستراتيجتهما للإطاحة بنظام ولاية الفقيه وصحيح أن استخدام إمكانية الأراضي العراقية كانت تتحقق عبر السماح وموافقة الحكومة العراقية عليها غير أن الطرف المقابل وللأسباب الجيوبولوتيكية نفسها أي الحكومة (أية حكومة تمسك بزمام الأمور في العراق بشرط أن لا تكون صنيعة النظام الحاكم في إيران) ترى نفسها أمام الطموحات التوسعية وتصدير التطرف من قبل النظام الإيراني. تلك التدخلات التي لا تجد أية مساومة في نهايتها وأن هذه الحقيقة على أرض الواقع تشكل ذلك السند والمحور الخارجي للمجاهدين والمقاومة الإيرانية والذي جعل و يجعل المضيفين لهم في العراق (الحكومات في العراق) أن يعترفوا باستقلالية المجاهدين.
حركة سلام المجاهدين ورد فعل النظام تجاهها
في ايلول / سبتمبر 1980 وبعد اندلاع الحرب الإيرانية العراقية أدان المجاهدون بقوة احتلال الأراضي الإيرانية من قبل العراق وساهموا بشكل فعال في جبهات الحرب ضد العراق. آلاف من أعضاء وأنصار المجاهدين توجهوا فوراً إلى جبهات الحرب وقاموا بالدفاع عن مواطني المدن والقرى التي تعرضت للهجوم العراقي. وقتل كثير من أعضاء المجاهدين والمتعاطفين معهم بينهم الدكتور احمد طباطبائي من أعضاء المجاهدين القدامى في هذه الحرب كما أسر عدد منهم بيد القوات العراقية. وكان بعض هؤلاء الأسرى أطلق سراحهم بعد10سنوات من الحرب والتحقوا بصفوف المجاهدين من جديد. وكان كثير من أعضاء المجاهدين الذين قد شاركوا في جبهات الحرب ضد العراق تعرضوا للاعتداءات والضرب والاعتقال من قبل أفراد الحرس وأعدم كثير منهم.
وفي تقرير لها إلى رئيس اللجنة الفرعية لشؤون أوربا والشرق الأوسط في الكونغرس الأمريكي. صرحت وزارة الخارجية الأمريكية بأنه وبعد هجوم القوات العراقية على إيران في أيلول / سبتمبر 1980 «أرسلت وحدات المجاهدين فوراً إلى جبهات الحرب.. غير أن المتطرفين تحملتهم لعدة أيام وطردوهم بسرعة من الجبهات.»[1]
كما وظف خميني الذي وصف الحرب منذ اليوم الأول بأنها «موهبة إلهية» وبكل قواه في خدمة «تصدير الثورة» وتوسيع سلطته الشيطانية إلى خارج الأراضي الإيرانية وقمع كافة القوى الديمقراطية في الداخل. واستغل النظام الحاكم ذريعة الحرب لارتكاب إعدامات جماعية وفتح نيران الرشاشات في المظاهرات الاحتجاجية وقمع النساء بشكل تام.
ومنذ أواخر أيار (مايو) عام 1982 وبعدما انسحبت القوات العراقية إلى الحدود الدولية ولم تعد تبق أية مدينة أو قرية إيرانية تحت احتلال القوات العراقية؛ أعلنت المقاومة الإيرانية أنه لا يعود يبقى سبباً للحرب ويجب تحقيق سلام فوري في جدول الأعمال. وأكد المجاهدون أن المصالح الوطنية الإيرانية توجب تحقيق سلام عادل ودائم وهو الآن قابل للتحقيق بعد ما انسحبت القوات العراقية من الأراضي الإيرانية. غير أن خميني ونظامه وبرفع شعار «فتح القدس عبر كربلاء» أصرا على مواصلة الحرب. الأمر الذي ألحق خسائر فادحة لإيران حيث اعترف به مختلف مسؤولي نظام خميني وبعد قبول وقف إطلاق النار عام1988 من قبل خميني الذي وصفه بـ «تجرع كأس السم» وبعد موت خميني عام 1989 ولمرات عديدة تدريجياً اعترفوا بأن استمرار الحرب ألحق خسائر فادحة بإيران. واعترف رفسنجاني بأن الحرب ألحقت خسائر مادية لإيران أكثر من (1000) مليار دولار.
وأخيراً وفي 9 كانون الثاني 1983ذهب طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي آنذاك ليلتقي بمسعود رجوي رئيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بمقره في ضاحية أوفير سور أوايز الباريسية. وعقب هذا اللقاء صدر بيان مشترك للسلام يؤكد على إنهاء فوري للحرب وتحقيق سلام عادل ودائم. وجاء في هذا البيان: «شرح السيد رجوي وجهات نظر المقاومة العادلة للشعب الإيراني لمعالجة الخلافات العالقة بين البلدين بشكل سلمي عبر الحوار المباشر بين الطرفين وفي إطار احترام السيادة والوحدة الوطنية للبلدين ومراعاة متبادلة لسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للطرفين وعلاقة حسن الجوار مؤكداًٍ أن نظام خميني لا يرضخ للسلام «إلا في حالة العجز والضعف المطلق» وشدد السيد رجوي على «ادانة أي اعتداء على المدنيين» مطالباً الحكومة العراقية بأخذ أمن وحصانة المدن والقرى والمواطنين الإيرانيين العزل بنظر الاعتبار». [2]
وبتاريخ 13 آذار/ مارس 1983 أقر المجلس الوطني للمقاومة وبالإجماع مشروع سلام كان يؤكد على إطار اتفاقية الجزائر 1975.
وبتاريخ 21 آذار / مارس 1983 أعلنت الحكومة العراقية في جواب رسمي نشر في الصحف العراقية أن مشروع السلام الصادر عن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية «أساس مقبول لمفاوضات السلام بين الطرفين».[3]
ولاقى مشروع السلام المقدم من قبل المجلس الوطني للمقاومة ترحاباً دولياً واسعاً حيث وقع أكثر من (6) آلاف من نواب البرلمانات والشخصيات السياسية والاجتماعية البارزة بالإضافة إلى أكثر من (220) حزبًا ومنظمة وجمعية وحركة ومجموعة سياسية وإنسانية واتحادًا ونقابة عمالية ورابطة ولجنة داعية للسلام من (57) بلدًا في العالم بياناً عالمياً أدانوا فيه «سياسات نظام خميني العائدة إلى عصور الظلام والداعية إلى الحرب» معلنين عن تأييدهم لـ «مشروع السلام الذي أعلنه السيد مسعود رجوي قائد المقاومة الإيرانية بتاريخ 13 آذار- مارس 1983 والذي لقي ترحاباً حاراً من قبل الشعب الإيراني وتأييداً دولياً واسعاً بما في ذلك من قبل المجمع البرلماني للمجلس الأوربي والبرلمان الأوربي». وكان من بين الموقعين توني بلر رئيس الوزراء البريطاني الحالي وجاك استراو وزير الخارجية البريطاني وديفيد بلانكت وزير الداخلية وغوردون براون وزير المالية البريطاني و جورج رابرتسون وزير الدفاع البريطاني السابق و عدد كبير آخر من الشخصيات الغربية البارزة . كما أخذت في الوقت نفسه دائرة المعارضة ضد الحرب تتسع في الداخل حيث لبّى أبناء الشعب الإيراني الذين كانوا يدفعون ثمناً باهظاً يومياً لهذه الحرب المدمرة نداء مقاطعة الحرب وبدؤوا يتذمرون من التوجه إلى جبهات الحرب بل يفرون من جبهات الحرب تلبية لنداء مشروع السلام المقدم من قبل المجلس الوطني للمقاومة. يذكر أن الحكومة العراقية أوقفت طيلة سنوات الحرب قصف المناطق السكنية ثلاث مرات بناء على دعوة من قائد المقاومة الإيرانية.
حركة سلام المجاهدين فتحت صفحة جديدة في تاريخ الحرب وأوقعت ضربة ستراتيجية على تعطش خميني للحرب.
ومع اتساع رقعة حركة السلام داخل وخارج إيران بدأ نظام خميني يشن هجوماً مضادًا واسعاً على المقاومة مستخدماً في ذلك محاور الإرهاب والصفقات السياسية والتجارية. وكانت عملية اختطاف الرعايا الأجانب في لبنان آلة مهمة في ممارسة هذه السياسة حيث بدأ النظام يعقد صفقات قذرة ليطلق بموجبها سراح الرهائن الغربيين واحدًا بعد آخر إزاء الحصول على تنازلات مختلفة في حربه ضد العراق وممارسة الضغط على المقاومة الإيرانية. وقضية إيران كونترا أو إيران غيت في الأساس كانت صفقة سرية بين الحكومة الأمريكية آنذاك ونظام خميني لإطلاق سراح الرهائن الأمريكيين في لبنان حيث اشترط النظام الحاكم في طهران إطلاقهم باستلامه أسلحة أمريكية في الحرب وإلصاق تهمة الإرهاب بالمجاهدين فقبلت أمريكا الشرطين فوراً.
وبعد فترة وجيزة من الكشف عن فضيحة إيران غيت تكررت الفضيحة في عقد الصفقة بين باريس وطهران حول إطلاق سراح المحتجزين الفرنسيين في لبنان إزاء ترحيل المجاهدين والسيد مسعود رجوي قائد المقاومة من فرنسا. وكانت المفاوضات طالت بشكل مكثف عاماً واحداً ووجد النظام لزاماً على نفسه أن يمنع نشاطات مسعود رجوي في فرنسا بأي طريق كان سواء بعملية الاختطاف أو الابتزاز.
وتمخضت هذه المراودات عن مضايقات مارستها الحكومة الفرنسية ضد إقامة قائد المقاومة الإيرانية ونشاطاته في باريس عقب استفحال موضوع الرهائن الفرنسيين المختطفين في لبنان وبقية التهديدات الإرهابية التي أطلقها نظام خميني الذي خطط تدابير واسعة ضد المقاومة الإيرانية وطبعاً في ظل تجاهل الحكومة الفرنسية. وترجمت هذه التدابير على أرض الواقع على شكل تحريض أهالي أوفير سور أوايز حيث يقع مقر المجاهدين وعمليات تفجير بالقرب من الموقع وتنظيم مظاهرات ضد المجاهدين في الموقع وشراء ذمم بعض الصحف المحلية والعامة الفرنسية واستخدامها ضد تواجد المجاهدين في فرنسا.
وأما على الصعيد الدولي فقد التزمت مع الأسف الدول الديمقراطية الغربية الصمت تجاه هذه الضغوط فلم يبق بالتالي للمقاومة الإيرانية أي خيار آخر سوى مغادرة فرنسا. كما لم يتم إجابة الطلبات المتكررة المقدمة من قبل المقاومة الإيرانية إلى الدول الأوربية الأخرى بأن يقيم السيد مسعود رجوي في أراضيها مؤقتًا لأن تلك الدول كانت تخاف من الأعمال الإرهابية التي قد يشنها نظام طهران عليها وعلى أراضيها. والطريف أن الحكومة السويسرية منعت السيد رجوي من دخوله الأراضي السويسرية للإقامة المؤقتة في منزل شقيقه البروفيسور كاظم رجوي في سويسرا في حزيران 1986. وفي مثل هذه الظروف اضطر السيد رجوي وآلاف من المجاهدين مغادرة فرنسا إلى العراق في 7 حزيران 1986 وقام النظام الحاكم في إيران في المقابل بإطلاق سراح عدد من الرهائن الفرنسيين المختطفين في لبنان. وتوجه السيد مسعود رجوي من مطار بغداد مباشرة إلى زيارة العتبات المقدسة مخاطباً الإمام الحسين (ع) في مذبحه الشريف «لقد لجأنا إليك وإلى والدك الكريم».

ضمان الاستقلال الشرط المسبق للتوجه الى العراق
مع أن الضغوط الفرنسية على المجاهدين كانت قد بدأت منذ عام لكن المقاومة الإيرانية لم تغادر فرنسا إلا بعد أن تأكدت من ضمان الحكومة العراقية باستقلالية عملها في العراق وعدم تدخل الحكومة العراقية في شؤون المقاومة وفي المقابل لا ولن يتدخل المجاهدون داخل الأراضي العراقية في القضايا العراقية وشؤونها الداخلية. وجرت عملية المغادرة إلى العراق في وقت كانت فيه للحكومة العراقية أحسن العلاقات مع أوربا وأمريكا وأن المسؤولين العراقيين كانوا يستقبلون من قبل زعماء الدول الأوربية والبيت الأبيض.
وأبدى الكسندر هيك وزير الخارجية الأمريكي آنذاك رد فعله تجاه حملات نظام خميني على الأراضي العراقية حيث قال: «ان أمريكا لن تبقى صامتة إزاء أي تغيير أساسي في منطقة الخليج الفارسي ينجم عن الحرب الإيرانية العراقية». وصنف هينري كيسينجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق في تحليل له التحديات الموجودة في المنطقة إلى أربعة صنوف: «الاصولية الشيعية والتطرف الإسلامي والثورة الإيرانية والإمبريالية السوفيتية». ولكنه أكد في الوقت نفسه على ضرورة «توازن القوى في المنطقة». وفي عام 1984 شطبت الحكومة الأمريكية العراق من قائمة الدول الراعية للإرهاب وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على مستوى السفير. وأوفد الرئيس ريغان مبعوثه الخاص إلى الشرق الاوسط للقاء بالرئيس العراقي.
وفي 14 حزيران 1986 وفي أول لقاء أجراه مسعود رجوي رئيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مع الرئيس العراقي فقد أكد السيد رجوي للأخير:«لا أخفى عليكم أن المجاهدين كانوا قبل سنوات يحاربون ضد القوات العراقية غير أنه وبعد أن أعلن العراق استعداده للسلام مع الإيرانيين والعالم فينبغي توجيه كافة الأسلحة نحو نظام خميني الطرف الوحيد الذي يصر على مواصلة الحرب منذ فترة طويلة. خاصة أن جميع أبناء الشعب الإيراني أصبح الآن يطالبون بتحقيق السلام وأكد الرأي العام العالمي هذا المطلب العادل للشعبين.»[4] كما أعلن الرئيس العراقي الذي بثت وسائل الإعلام العراقية الرسمية تصريحاته أن: «القيادة في العراق تحترم المقاومة الإيرانية واستقلالها الإيديولوجي والسياسي وحريتها في الحركة والعمل من أجل بلوغ أهدافها وأن العلاقات بين العراق والمقاومة الإيرانية تستند إلى السلام واحترام حق الشعبين في خياراتهما الفكرية والسياسية». (وسائل الإعلام العراقية 15 و 16 حزيران 1986).
_____________________________________
[1] - تقرير وزارة الخارجية الأمريكية إلى لي هميلتون
[2] - بيان السلام 9 كانون الثاني 1983
[3] - صحيفة بغداد آبزرور 13 آذار/ مارس 1983 «مسؤول عراقي يرحب بمبادرة السلام للمقاومة الإيرانية»
[4] - صحيفة اونيتا – روما 18 حزيران 1986
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف