الأخبار
وفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيا
2024/4/30
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التصوف الإسلامي الوعي والثورة ... الحلاج أنموذجا بقلم:عبد ربه محمد سالم اسليم

تاريخ النشر : 2010-06-13
التصوف الإسلامي الوعي والثورة – الحلاج أنموذجا
عبد ربه محمد سالم اسليم
قطاع غزة – فلسطين
[email protected]
علم التصوف
علم التصوف : مجموعة المبادئ التي يعتقدها المتصوفة والآداب التي يتأدبون بها في مجتمعاتهم وخلواتهم من محاسبة النفس والكلام في الأذواق والمواجد وكيفية الترقي فيها من ذوق إلى ذوق وشرح الاصطلاحات التي تدور بينهم في ذلك .
وبذلك صار علم التصوف كما يقول ابن خلدون في الملة علم بعد أن كان طريقة تتلقى من صدور الرجال .
وأهل التصوف يرجعونه إلى النبي وإلى الوحي زاعمين أنه نزل أولا بالشريعة ثم نزل بالحقيقة فخص بها بعضا دون بعض ونحن نستبعد هذا الزعم القبيح فالإسلام كان للناس كافة ، ولكن تكمن فيه البذور الروحية للتصوف والأمة مدعوه إلى السمو الروحي الخلاق وإلى الشهود الحضاري على النفس البشرية وعلى الواقع الحضاري بروحانياته ومادياته .
وأهل التصوف بعد النبي يرجعونه إلى أهل البيت وعلى رأسهم الإمام علي – ع - ، وبعض البحوث تحاول أن تربط بين التشيع والتصوف .
التطور الدلالي للتصوف
إن البعض يرجع التصوف إلى الجذر الجاهلي " صوفة " وهو لقب لرجل جاهلي اسمه الغوث بن مر ، ولكنا قطعا نجد أحد أوجه هذه المفردة ترد ضمن السياق القرآني وذلك في قوله تعالى :" ومن أصوافها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين " ، ولكن الاشتقاق النسبي لم يولد إلا مع غروب القرن الثاني للهجرة في العراق وربما على الأرجح في الكوفة وإن لبس الصحابة الصوف فقد كان لقب الصحبة والصحابة ذو بريق إيماني وحنين ورعي جارف ووقار اجتماعي طاغ ولكنهم اختلفوا في أول من لحق بلقبه ، فمنهم من يلحقه بجابر بن حيان وبعضهم يلحقه بكنية أو هاشم الكوفي ، ونحن نرى أن أبا هاشم الكوفي حظى باللقب الصوفي الأول وذلك لما اشتهر عن ابن حيان بالزهد لباعه العتيد فيه .
وبعض العلماء يرون أنه ورد على لسان الحسن البصري – رض - :" رأيت صوفيا في الطواف فأعطيته شيئا فلم يأخذه " . وقيل أنه ورد في أشعار مساور في قوله الشعري :
تصوف كي يقال له أمين
وما يعني التصوف والأمانة
وقد أورده الجاحظ في كتابه البيان والتبيين .
البعد اللغوي والدلالي
إذا رجعنا إلى قواميس اللغة كلسان العرب والمعجم الوسيط والمنجد والمعجم العربي الأساسي والرائد وغيرها نجد أن كلمة " التصوف " موجودة في مادة " صوف " . واشتقاقاتها : تصوف ، يتصوف ، تصوفا ، متصوف ، صوفي ... الخ
تصوف : طريقة في السلوك تعتمد على التحلي بالفضائل تزكية للنفس وسعيا إلى مرتبة الفناء في الله تعالى .
يتصوف : صار صوفيا أي ابتع سلوكهم .
متصوفة : جماعة من المتزهدين أو الزاهدين السالكين طريقة تعتمد الزهد والتقشف والتحلي بالفضائل لتزكية النفس وتتمكن من الاتصال بالله تعالى .
ولم تتوقف معاجم اللغة عند تلك المعاني بل ذهبت إلى أنها تعني القهر ونقيضه أو الشيء الثمين فمن ضيعه كان أخرق ، يقال : أخذ بصوفة رقبته أي قهرا وكأن الصوفي يقهر نوازعه ونفسه في معراجه إلى الله عز وجل .
ويقال : أعطاه إياه بصوف رقبته .. أي برمته أو مجانا دون أن يأخذ ثمنا ، ويقال كما يحكي الأصمعي :" خرقاء وجدت صوفا " مثل يضرب للأحمق يجد مالا فيضيعه بمعنى أن الصوف شيء ثمين فكذلك التحلي بالفضائل وتطهير النفس من الرذائل .
وإذا استعنا بعلم اللغة نجد أن العلماء والباحثين اختلفوا في أصل كلمة التصوف ، فمنهم من أرجعها إلى أصول يونانية وبعضهم من أرجعها إلى أصول عربية أو حتى جاهلية .
فقد نحا العالم العربي البيروني والمستشرق فون هامر المنحى اليوناني وإن اختلفا في جذرها اليوناني ، فذهب البيروني المتوفي في عام 440هـ إلى أن الصوفية مأخوذة من الكلمة اليونانية " فيلاسوفا " وتعني محب الحكمة وهم الذين رأوا الوجود الحق هو العلة الأولى وقد انفرد بهذا الرأي من بين الكتاب الإسلاميين ومن تبناه من المحدثين العرب الباحث محمد ياسر شرف في كتابه " حركة التصوف الإسلامي " بقوله :" إنني أرجح أنها وجدت في العربية قبل الإسلام وقد استمدت من اليونانية " بينما المشرق فون هامر فيعزوها إلى الكلمة اليونانية جيمنوسوفيا أي الحكماء العراة وهي مأخوذة من : Gymno + Sophistes وهو اسم أطلقه اليونان على الفلاسفة الهنود العراة السائحين الزاهدين في حياتهم متأملين الله ،
وبعضهم من أرجعها إلى الكلمة اليونانية سوفس Sofits أو سفسطي Sophist وهو اسم أطلقه اليونان على مدرسي الفلسفة والبلاغة في يونانهم القديمة ولقد اشتهروا في حوالي منتصف القرن الخامس قبل الميلاد ، وهذه الطبقة من مدرسي الفلاسفة تأثروا بالآراء المتضاربة لفلاسفة الطبيعة الأولين ولكنهم درسوا فن الحياة الناجحة ، وتابعهم على ذلك المستشرق أوليرت ماركس .
ومن معانيها اليونانية : الرجل المتعلم أو المفكر أو الحكيم أو السفسطائي الذي يجادل بالحجج الخاطئة ، وهو جذر كما نرى بعيد عن غمار التصوف الحقيقي بشقيه الثوري والسكوني الذي يعني التجرد من الحياة الدنيا والهيام الروحاني في حب الله تعالى لا فلسفة ولا طبيعة ، ويذكر أن المستشرق براون ينفي علاقة التصوف بهذا الجذر اليوناني ونحن نذهب إلى نفيه لغرابة هذا الطرح عن علم اللغة ودلالاتها ، أما من أرجعها إلى أصول عربية نذكر منهم أبو الفتح البستي وأبو نعيم الأصفهاني وغيرهم وإن اختلفا في جذرها وتابعهم على ذلك كل من المستشرقين نواكده وماسينيون ، فذهب أبو الفتح البستي وبندار بن الحسين والتستري والهجويري وغيرهم إلى أنها مأخوذة من كلمة صفا والصفا هو الشيء الخالص الذي لا يحتوي شائبة قط تعبيرا عن بياض نفوسهم وعن صفاء سرائرهم وخلوص أرواحهم ، فقال أبو الفتح البستني :
تنازع الناس في الصوفي واختلفوا
قديما وظنوه مشتقا من الصوف
ولست ابخل هذا الاسم غير فتى
صفا فصوفي حتى لقب الصوفي
وقال بشر بن الحارث :" الصوفي من صفا قلبه إلى الله " وقال بندر بن الحسين :" الصوفي من اختاره الحق لنفسه فصافاه وعن نفسه برأه " وعندما سئل ألتستري عن الصوفي قال :" من صفا من الكدر وامتلأ من الفكر وانقطع إلى الله من البشر واستوى عنده الذهب والمدر " ، ويذهب إلى هذا الهجويري في كتابه "كشف المحجوب " فيروي شعرا :
إن الصفا صفة الصديق
إن أردت صوفيا على التحقيق
وبعضهم من أرجعه إلى أهل " الصفة " المذكورين في القرآن الكريم :
- " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا "
- " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين "
ويرى ابن خلدون في مقدمته أن اشتقاقها من الصفا أو من الصفة بعيد من جهة القياس اللغوي ، ويبدو أنه لم يجانب الصواب في ذلك .
وأرجعها الجوهري إلى أصول جاهلية وأنها مشتقة من كلمة " صوفة " وصوفه أبو حي من مضر .. كانوا يخدمون الكعبة في الجاهلية ويجيزون الحاج فيقال : تصدقت أمه عنه بعبد لها وعلقت برأسه صوفة وقيل بل ألبسته ثوبا من الصوف ، وقيل صوفة : حي من تميم وكانوا يجيزون الحاج في الجاهلية من منى .
وقيل صوفة : قبيلة اجتمعت من أفناء قبائل .
وهذا قول بعيد ومرجوح كما يذهب إلى ذلك الباحث الدكتور سامي النشار في كتابه " نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام " لاستبعاد ذلك فقد عفا عليهم الزمن فضلا عن استبعاد أن ينسب الصوفية أنفسهم إلى إنسان جاهلي أو قبيلة جاهلية مهما علا مكانه أو مكانتها فشمس الرسول – ص - تذيب كل النجوم .
وذهب أبو نعيم الأصفهاني إلى أنها مأخوذة من كلمة " الصوفانة " والصوفانة بقلة معروفة وهي زغباء قصيرة .. للين عريكتهم وسماحة معشرهم .
هذا واشتهرت كلمة " الصوفية " عند الكثيرين نسبة إلى لبسهم الصوف تقشفا وورعا وزهدا .
وينقل ابن خلدون في مقدمته المشهورة عن القشيري – رح – أن التصوف ليس له اشتقاق عربي بقوله :" ولا يشهد لهذا الاسم اشتقاق من جهة العربية ولا قياس والظاهر أنه لقب " ... ثم يذهب أبعد من ذلك فيذكر أنه لم يشتق من الصوف لأنهم كما يزعم لم يختصوا بلبسه ونحن ننكر إنكاره ، ونذهب مع ابن خلدون إلى المشهور عنهم لأنهم في الغالب مختصون بلبسه لما كانوا عليه من مخالفة الناس في لبس فاخر الثياب إلى لبس الصوف ولا عبره بسلوك ولباس الجهال أو المتأخرين منهم .
يروي ابن مسعود في مروجه :" أن عمر بن الخطاب – رض – كان يلبس جبة من الصوف مرقعة بالأديم ، على حين كان سلمان الفارسي وأبو عبيدة بن الجراح يلبسان الصوف أو الصوف الجافي ، ويروي السهروردي – رح – في الأحياء عن الحسن البصري – رض – قوله :" لقد أدركت سبعين بدريا كان لباسهم الصوف " .
وبذلك يذهب إلى ما ذهبنا إليه بقوله :" والحكم بالظاهر أوفق وأولى ، فالقول بأنهم سموا صوفية للبسهم الصوف أليق وأقرب إلى التواضع " ، ويتابعنا على ذلك صاحب أقدم كتاب عربي عن التصوف ، كتاب اللمع ، لأبي نصر السراج الطوسي المتوفي 378هـ بقوله :" فكذلك التصوف عندي – والله أعلم – نسبوا إلى ظاهر اللباس ولم ينتسبوا إلى نوع من العلوم الأخرى والأحوال التي هم بها مترسمون لأن لبس الصوف كان دأب الأنبياء – ع – والصديقين وشعار المتنسكين " ، ويذهب إلى ذلك أيضا المستشرق ول ديورانت صاحب كتاب قصة الحضارة بقوله :" وكلمة صوفي التي تطلق على معظم الزهاد المسلمين مشتقة من ثياب الصوف البسيطة التي كانوا يرتدونها "
ونحن لا يمكن أن نوافق على اختزال التصوف إلى مظهر خشن – الصوف – فالتصوف أسمى وأكثر إشراقا وأعمق باطنا ... إنه غسيل روحي للنفس وللجسم .. إنه صياغة فضائية نفسية وروحية لا مظهرا قشريا زائفا .
المعنى الصوفي للتصوف
المتتبع لكتب الصوفية يرى أنها اشتملت على ما يزيد عن ألف قول في ماهية التصوف كما جاء في الإحياء والمدقق في هذه الماهيات يرى أنها تتراوح بين وصف الواقع المعيشي الصوفي إلى وصف الواقع التواجدي ألفيوضي – التجلي ، وبالتالي تنحصر أغلبها على وجه الدقة في " الوصف " حتى قال أبو العباس المرسي – رض – في لفتة طريفة ظريفة :" الصوفي مركب من أربعة حروف : الصاد والواو والفاء والياء ، فالصاد : صبره وصدقه وصفاؤه
والواو : وجده ووده ووفاؤه
والفاء : فقده وفقره وفناؤه
والياء : النسب فإذا تكمل فيه ذلك فقد أضيف إلى حضرة مولاه ،
وفي شعر منسوب إلى مولانا الحلاج ، يقول :
تاء التقى صاد الصفا واو ألوفا
فاء الفتوة فاغتنم يا صاح
وبالتالي لا يوجد تعريف جمع مانع للتصوف بشموليته وظلاله لاختلافهم في زاوية التعاطي معه ، فمنهم من استبطن السلوك الأخلاقي وآخرين استبطنوا الآلية التنسكية والبعض استبطنوا المعراج ألعرفاني ، فالمنظر الصوفي الأول الجنيد البغدادي – رح – يذهب إلى الاستبطانية السلوكية الأخلاقية بقوله :" التصوف خلق فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في الصفاء " ، ومنهم من ذهب إلى آليته التنسكية على اعتبار أن التصوف نما في رحم الزهد فلا تصوف بلا زهد ، وذهب ابن سينا إلى المعراج الاشراقي الفلسفي ألعرفاني للتصوف ، وقال بعض المتصوفة :" من صفى ربه قلبه فامتلأ قلبه نورا ومن دخل في عين اللذة بذكر الله : .
ونحن نرى أن هذه الزوايا تشكل المعادلة الحقيقة للتصوف ضمن سياق عرفاني سلوكي اجتماعي صاعد وواعد وفي محاولة توفيقية إلى حد ما يذهب الإمام الغزالي – رض – إلى أن " الصوفي " هو الذي يكون دائم التصفية لا يزال يصفي الأوقات عن شوب الأكدار بتصفية القلب عن شوب النفس ويعينه على كل هذه التصفية دوام افتقاره إلى مولاه ، فبدوام الافتقار ينقى من الكدر " .
يذهب الباحث عدنان حسين العوادي في كتابه " الشعر الصوفي " إلى اعتبار التصوف " ثورة روحية " كما جعله أبو العلا عفيفي عنوانا لكتابه عن التصوف المطبوع في القاهرة عام 1963م " التصوف : الثورة الروحية في الإسلام " ونحن نرى أنه يمكن اعتباره حالة روحية تجتاح كيان الإنسان روحه ونفسه وجسمه في مراحل عروجه نحو ذات الله ولله للتمتع بجمال وجه الكريم وفيوضاته وتجلياته بظلالها المجتمعية .
وقد عبر الشاعر المصري صلاح عبد الصبور عن ذلك في مسرحيته الجميلة مأساة الحلاج على لسان الحلاج نقلا عن شيخه أبي عمر المكي بقوله :
هل تذكر ما قال لنا عمرو المكي
لما أعطانا الخرقة والعهد ؟
" يا ولدي ...
الحب الصادق
موت العاشق
حتى يحيا في المعشوق
لا حب إذا لم تخلع أوصافك
حتى تتصف بأوصافه "
ونحن نعتقد أن " الصوفي الثوري " هو كل من يعرج في السنن الإلهية لا طمعا في جنة ولا خوفا من نار بل حبا لله ووعيا بسننه الروحية والكونية تحقيقا لفريضة المسلمين المركزية في عصره أو مرحلته فهو صوفي بل هو الصوفي الايجابي .
معيار التصوف الثوري والسكوني
بادئ ذي بدء يمكننا تقسيم التصوف إلى تصوف إيجابي وآخر سلبي أو تصوف تقدمي ثوري وآخر رجعي مع ملاحظة أنه ليس بينهما خطا فاصلا ثابتا إلا ما كان حبا ووعيا لله عز وجل لا طمعا في جنة ولا خوفا من نار ، فالمتصوف الثوري هو من كان ابن مركزية مرحلته يوظف نفسه توظيفا ثوريا واعيا حبا لله وخدمة لمصلحة أمته الإسلامية العليا .. فإن كان في الساقة ففي الساقة وإن كان في العبادة ففي العبادة وإن كان في الموت ففي الموت وإن كان في السياسة ففي السياسة .. الخ .
حقا ! الحب قطب رحى التصوف ، فهو أسمى أنواع العبادات على الإطلاق وإن كانت دليلا عليه ... " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " ...
وجاءت درر الإمام علي – ع – تدفع في هذا الاتجاه العذري وتسمو بروح العبادة ومعاني العشق ودوافعها وتستنفر الأمة لها :" إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار " .
يقول الشاعر المصري صلاح عبد الصبور على لسان الحلاج في المنظر الثاني من الجزء الثاني ( الموت ) من مسرحيته في اعترافه أمام المحكمة :
سالت الشيوخ ، فقيل
تقرب إلى الله ، صل ليرفع عنك الضلال .. صل لتسعد
وكنت نسيت الصلاة ، فصليت لله رب المنون ، ورب الحياة ،ورب
وكان هواء المخافة يصفر في أعظمي ويئز كريح الفلا
وأنا ساجد راكع أتعبد
فأدركت أني أعبد خوفي لا الله
كنت به مشركا لا موحدا
وكان إلهي خوفي
وصليت أطمع في جنته
ليختال في مقلتي خيال القصور ذوات القباب
وأسمع وسوسة الحلي همس حرير الثياب
وأحسست أني أبيع صلاتي إلى الله
فلو أتقنت صنعة الصلوات لزاد الثمن
وكنت به مشركا لا موحد
وكان إلهي الطمع
وحير قلبي سؤال :
ترى قدر الشرك للكائنات
وإلا فكيف أصلي له وحده
وأخلي فؤادي مما عداه
لكي أنزع الخوف عن خاطري
لكي أطمئن ...
كما يلتقي الشوق شوق الصحاري العطاش بشوق السحاب السخي
كذلك كان لقائي بشيخي
أبي العاص عمرو بن أحمد قدس تربته ربه
وجمعنا الحب كنت أحب السؤال وكان يحب النوال
ويعطي ، فيبتل صخر الفؤاد
ويعطي ، فتندى العروق ويلمع فيها اليقين
ويعطي ، فيخضر غصني
ويعطي ، فيزهر نطقي وظني
ويخلع عني ثيابي ويلبسني خرقة العارفين
يقول هو الحب سر النجاة تعشق تفز
وتفنى بذات حبيبك تصبح أنت المصلي وأنت الصلاة
وأنت الديانة والرب والمسجد
تعشقت حتى عشقت تخيلت حتى رأيت
رأيت حبيبي ، وأتحفني بكمال الجمال ، جمال الكمال
فأتحفته بكمال المحبه
وأفنيت نفسي فيه "
ويقول عبد الصبور في المنظر الثالث من الجزء الأول من مسرحيته على لسان الحلاج :
فكيف إذن نصفي قلبنا المعتم ؟
ليستقبل وجه الله ، يستجلي جمالاته
نصلي .. نقرأ القرآن
نقصد بيته ، ونصوم في رمضان
نعم ، لكن هذي أول الخطوات نحو الله
خطى تصنعها الأبدان
وربي قصده للقلب
ولا يرضى بغير الحب
تأمل : إن عشقت ألست تبغي أن تكون شبيه محبوبك
فهذا حبنا لله
أليس الله نور الكون
فكن نورا كمثل الله
ليستجلي على مرآتنا حسنه "
ويهيج لسان رابعة العدوية حبا ناريا نورانيا وعشقا ورديا إلهيا :" ما عبدته خوفا من ناره ولا حبا لجنته فأكون كالأجير السوء بل عبدته حبا له واشتياقا إليه : ، وخاطبته برمش العاشق قائلة :" أما لك عقوبة ولا أدب غير النار " .
باختصار : الصوفي الثوري قادر على فهم مرحلته بطريقة إيجابية واعية ، قادرة على استلهام سنن الله وتوظيفها بشكل ثوري تصاعدي إيجابي في معراجه نحو وجه الله عز وجل فما كان تصوفا في عصر معين وفي مرحلة معينة من الممكن والممكن جدا أن يكون تخلفا ورجعية في عصر آخر أو في مرحلة أخرى والمعيار كما أسلفنا آنفا التجرد للقضية المركزية للحركة الإسلامية حبا لله عز وجل خدمة لمصلحة الأمة الإسلامية ، فمثلا : إذا انتشر الفساد وعمت المنكرات يصبح المتصوف الثوري هو المتصوف الزاهد في محارم الله الداعي للتغيير والساعي إليه بالمال والقدوة والنفس ، وإذا انتشر الفساد الاجتماعي يصبح المتصوف الثوري من يخلع خرقته على عتبة داره وينزل إلى الشارع كما فعل مولانا الحلاج ويدعو الحكام الظلمة إلى العدل وإلى أن يحفظوا حدود الله عز وجل ، وإذا انحرف النظام الإسلامي يخرج على الحاكم مقدما رأسه قربانا لله عز وجل كما فعل مولانا وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين – ع – وقبله نبي الله يحيى بن زكريا عليهما السلام . ...
بين الحقيقة والشريعة
يدور جدل ساخن في بعض الأحايين ، ودافئ في أحايين أخرى عن طبيعة الشريعة والحقيقة وعن طبيعة العلاقة بينهما ، ما الشريعة ؟! .. ما الحقيقة ؟! ...
ما العلاقة بينهما ؟! ...
ما سمات كل منهما ؟!
ما مجال اقتران كل منهما ؟!
هل يفترقان ؟!
هل يلتقيان ؟!
متى يلتقيان ؟!
متى يفترقان ؟!
من جذر الآخر ؟!
ما جذر الإسلام ؟! الشريعة أم الحقيقة ؟!
إن الشريعة والحقيقة وردت في مواضع شتى في القرآن الكريم فالشريعة غنية عن التعريف لبداهتها ولإجماع علماء الشريعة وأئمة الصوفية عليها ، أما الحقيقة فهي موضع الجدل الدائر بينهما فعلماء الشريعة يعيبون ما يسمى بالحقيقة عند الصوفيين ويرون أن الحقيقة هي عينها الشريعة ، وينكرون أن هناك باطنا وظاهرا للإسلام ويذهبون إلى تفسيق وبدعية من يقول بذلك ،بينما أئمة الصوفية يأخذون المسار التوفيقي عند تناولهم لهذا الموضوع ، فهم يرون أن هناك رابطة دم وعروة وثقى تجمعهما فلا حقيقة بلا شريعة ولا شريعة بلا حقيقة يقول ابن عربي :" إن كل علم عن طريق الكشف والالتقاء يأتي بحقيقة تخالف شريعة متواترة فإن هذا العلم وهذا الكشف لا يعول عليه أما إذا كانت حقيقة يوافق شريعة فهو صحيح فإذا ردته الشريعة فلا يعول عليه " ...
إن علم الشريعة يجلي عمل الجوارح فيضبط نغمتها وحركتها المجتمعية والكونية ، فهي التزام بالعبودية بينما علم الحقيقة يغسل القلوب ويفضض الأرواح يجعلها شفافة بلورية تتألق في معراج الله تعالى وتصب الإخلاص والنور الإلهي في عمل الجوارح ، فهي مشاهدة الربوبية .
إن البعض يذهب إلى أن الحقيقة روح الشريعة بل جوهرها بعذريتها وعذقها وعبيرها فالإخلاص جوهر الشريعة وروح الإسلام ، يقول الرسول – ص - :" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرؤ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " ، لذا قيل :" من تصوف ولم يتشرع فقد تفسق ومن تشرع ولم يتصوف فقد تزندق " .
وعن أصل الأصول نجد أن أهل السنة يحصرونها ضمن الكتاب والسنة والإجماع والقياس .
يقول الإمام القشيري :" الشريعة أمر بالتزام العبودية والحقيقة مشاهدة الربوبية فكل شريعة غير مؤيدة بالحقيقة فغير مقبولة وكل حقيقة غي مقيدة بالشريعة فغير محصول ، الشريعة جاءت بتكليف الخلق ، والحقيقة إنباء عن تصريف الحق فالشريعة أن تعبده والحقيقة أن تشهده والشريعة قيام بما أمر والحقيقة شهود لما قضى وقدر وأخفى وأظهر " .
معراج التجلي
يروي البخاري في صحيحه ، يقول رسول الله – ص – فيما يرويه عن رب العزة :" من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ... " .
وجاء في حديث جبريل – ع – عندما سأله عن الإحسان قال :" أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " .
المتأمل في هذين الحديثين الصحيحين يرى أنها تشتملان على موجبات التجلي وهي :-
1 – صدق العبودية ( العشق الإلهي ) .
2 – أداء الفرائض على وجهها الأكمل .
3 – الإكثار من النوافل .
4 – المراقبة ومحاسبة النفس .
أولا : صدق العبودية ( العشق الإلهي ) :-
مفرداتها :
1 – الإخلاص .
2 – الصدق .
3 – الحب .
ويرى الحكيم الترمذي أن مقومات الصدق ثلاث وهي :-
1 – المثل العليا بقوله – ص - :" تخلقوا بأخلاق الله " .
2 – علم الله .
3 – البصيرة لقوله – ص - :" اتقوا فراسة المؤمن "
ويمكننا تقسيم الحب إلي :-
1 – الحب في الله .
2 – عشق الله .
درجات الحب : حب الطاعة – حب القلب – حب المعرفة .
التجلي
المعنى اللغوي
تجلى تعنى ظهر يقال جلوت السيف إذ أبرزته من الصدأ أي صقلته ، وتجلى الشيء : انكشف فكأن الصوفي يتجلى على ملكوت الله تعالى يقول الله تعالى :" والنهار إذا تجلى "
المعنى الصوفي
يقول صاحب الرسالة القشيرية :" العوام في غطاء الستر والخواص في دوام التجلي ، فصاحب الستر يوصف شهوده وصاحب التجلي أبدا ينعت خشوعه ، الستر للعوام عقوبة وللخواص رحمة " .
مراتب التجلي
يذكر العلامة ابن خلدون في مقدمته مراتب التجلي عند الصوفيين وهي :-
1 – تجلي الذات : وهو يتضمن الكمال بإفاضة الإيجاد والظهور لقوله في الحديث القدسي :" كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق ليعرفوني " وهو يشمل الإيجاد المتنزل في الوجود على :
أ – عالم المعاني .
ب – الحضرة الكمالية .
ج – الحقيقة المحمدية وهي تشمل على الصفات واللوح والقلم وحقائق الأنبياء والرسل أجمعين .
2 – مرتبة المثال .
3 - عالم الرتق ( تجلي صفات الذات ) ويشتمل على : العرش والكرسي والأفلاك وعالم العناصر ( عناصر الطبيعة ) وعالم التركيب ( الخلق ) .
4 – عالم الفتق ( تجلي حكم الذات ) وهو تجلي عالم الرتق .
طبيعة التجلي
المتصوفون دوما يلهثون وراء الحقيقة فهم يحاولون جاهدين التخلص من ذواتهم البشرية والسمو الروحاني في معراج الكشف والحقيقة ، فبعضهم انتكس بلوثة من الهوس الصوفي فساح في البلاد وأظهر جنونه ، وبعضهم كظم نار حبه وهام في فنائه وذاب في سناه تحرقه نار اللوعة والعشق بهدوء أبيض كما في حالة الجنيد البغدادي ، ومن الذين أسرفوا في التجلي : النوري والخراز والشبلي وأبو يزيد البسطامي والحلاج وغيرهم .
الحب الإلهي
إن العشق هو السمة المركزية وهو المعيار الحقيقي للتصوف الإسلامي ،فلا تصوف بلا عشق ولا عشق بلا هيام ولا هيام بلا فناء ، وأنشدت :
عرفان فعشق فمقام فسنام فهيام ففناء
المعنى اللغوي
تندرج اشتقاقات هذه اللفظة تحت مادة " حب " فهي اسم لصفاء المودة ، ولكنهم يختلفون في زاوية النظر إليها ، فمنهم من يرجعها لأبعاد نفسية وآخرون يرجعونها لأبعاد مكانية والآخرون يرجعونها لأبعاد ماهية ، ونحن نرى أن ظلال هذه اللفظة تغطي بظلالها الثالوثية : النفسية والمكانية والماهية .
من ذهب إلى الأبعاد الماهية أرجعها إلى " الحباب " وهو ما يعلو الماء عند المطر الشديد لأن المحبة حرقة تشتعل في القلب ويزيد أوارها عند لقاء المحبين – العاشقين .
ومن ذهب إلى البعاد المكانية اختلف في مرجعيتها فمنهم من أرجعها إلى " حباب الماء " أو " أحب البعير " إذ برك أو " حبة القلب " أو الحبة " وهي بروز الصحراء فالأول لأن الحب يكمن في سويداء قلوب المحبين والثاني لأن الحب لا يبرح قلوبهم والثالث قاربية الحب والرابع لأن الحب مكنون الحياة ولبابها
ومن ذهب إلى الأبعاد النفسية أرجعها إلى " حب الأسنان " لبياضها ونضارتها لما يحمله الحب من دلالات وردية وحرقة بنفسجية وخيالات بيضاء تنمو وتكبر في دنيا المحبين والعاشقين .
المعنى ألعرفاني
إن المتأمل في أقوال " الحب الصوفي " يرى أننا يمكن أن ندرجها تحت ضربين هما :-
1 – الفناء
2 – الحلول والاتحاد .
أولا : الفناء :-
هذا الضرب من الحب الفنائي نجده على سبيل المثال لا الحصر عند الجنيد البغدادي وعبد الله القرشي ، يقول الجنيد :" دخول صفاء المحبوب على البدل من صفاء المحب " ويقول القرشي :" حقيقة المحبة أن تهب كلك لمن أحببت فلا يبقى لك منه شيء "
ثانيا : الحلول والاتحاد :-
هذا الضرب من الحلول نجده عن الحلاج ، يقول مثلا :" حقيقة المحبة قيامك مع محبوبك بخلع أوصافك " .
منحنى العشق الإلهي
"يحبهم ويحبونه " ... بهذا التشاكل ألمحبي نزل القرآن الكريم ، يقول بعض الخواص في العشق :" هو محو الإرادات واحتراق جميع الصفات والحاجات ، ويقول أبو علي الدقاق في الشوق :" اهتياج القلوب إلى لقاء المحبوب وعلى قدر المحبة يكون الشوق : وقال ابن عطاء السكندري :" احتراق الأحشاء وتلهب القلوب وتقطع الأكباد " .
يقول الشاعر عبد الصبور في مسرحية الحلاج :
الحلاج :
وأنا أنوي أن يكمل حبي لله
أن اخلع أوصافي في أوصافه
أنا إنسان يضنيني الفكر ويعروني الخوف
ثبت قلبي يا محبوبي
أنا إنسان يظمأ للعدل ويقعدني ضيق الخطو
فأعرني خطوك يا محبوبي
وشفيعي في صدق الرغبة والميل
قلبي المثقل
ودموعي في الليل
سأخوض في طرق الله
ربانيا حتى أفنى فيه
فيمد يده يأخذني من نفسي
هل تسألني ماذا أنوي ؟
أنوي أن أنزل للناس
وأحدثهم عن رغبة ربي
الله قوي يا أبناء الله
كونوا مثله
الله فعول يا أبناء الله
كونوا مثله
الله عزيز يا أبناء الله
الشبلي :
خفف من غلوائك يا شيخ
فلقد أحرمت بثوب الصوفي عن الناس
الحلاج :
تعني هذي الخرقة
إن كانت قيدا في أطرافي
يلقيني في بيتي جنب الجدران الصماء
حتى لا يسمع أحبابي كلماتي
فأنا أجفوها أخلعها.. يا شيخ
إن كانت شارة ذل و مهانة
رمزا يفضح أنا جمعنا فقر الروح إلى فقر المال
فأنا أجفوها أخلعها يا شيخ
إن كانت سترا منسوجا من إنيتنا
كي يحجبنا عن عين الناس فنحجب عن عين الله
فأنا أجفوها أخلعها يا شيخ
يا رب اشهد
هذا ثوبك
وشعار عبوديتنا لك
وأنا أجفوه أخلعه في مرضاتك
يا رب اشهد
يا رب اشهد
وهكذا خلع مولانا الحلاج خرقته ونزل إلى الشارع يدعو إلى العدل .
ومن الأدلة التي نسوقها بشكل مختصر على النقاء العقائدي وأن القتل كان لأهداف سياسية بشعة ومفضوحة ما يلي :
1 – يقول ابن سريج عن الحلاج :" أما أنا فأراه حافظا للقرآن عالما به ماهرا في الفقه عالما بالحديث والأخبار والسنة صائم الدهر قائم الليل يعظ ، يبكي ويتكلم بكلام لا افهمه فلا أحكم بكفره " .
2 – عندما قدموه إلى المحكمة قال :" ظهري حمى ودمي حرام ولي كتب لدى الوراقين ألفتها في الكتاب والسنة وديني الإسلام واعتقادي بأن محمدا عليه السلام خاتم الأنبياء " .
3 – يروي صاحب ترجمة الأولياء ، فيقول :" والتمس حامد بن العباس الوزير من الخليفة المقتدر تسليمه إليه فكان يخرجه في مجلسه ويستنطقه فلا يظهر منه ما يخالف الشريعة " .
4 – في عشائه الأخير قام من الليل كما يذكر قاضي القضاة أبي بكر بن الحداد المصري فاستقبل القبلة متوشحا بردائه ورفع يديه وتكلم بكلام كثير جاوز الحفظ فكان مما حفظه منه أن قال :" نحن بشواهدك نلوذ و بسنا عزك نستضيء لتبدي ما شئت من شأنك وأنت الذي في السماء عرشك وأنت الذي في السماء إله وفي الأرض إله ... "
5 – ذكر أبو العباس بن عبد العزيز أنه كان اقرب الناس من الحلاج حين ضرب ألف سوط ، وكان يقول مع كل نغمة :" أحد ... أحد " .
6 – روي أن مولانا الحلاج عندما قطعت يديه ورجليه قال :" حسب الواحد إفراد الواحد "
7 – بشاعة القتل فيروى أنه ضرب ألف سوط ثم قطعت أطرافه الأربعة وضربت عنقه وأحرقت جثته ثم ذرى رماده في دجله ثم حمل رأسه على خراسان لبث الرعب والإرهاب بين أتباعه .
8 – يروى أن دمه عندما وقع على الأرض كتب :" الله ... الله " .
9 – انبرى حجة الإسلام الغزالي للدفاع عنه في كتابه "مشكاة الأنوار " وأن ما صدر عنه كان تحت تأثير الوجد والهيام والسكر الرباني وبعيدا عن الخطاب العربي الظاهر " وهذا يتفق مع ما نذهب إليه فقد جاء في الحديث الصحيح :"أنا ربك وأنت عبدي" من شده الفرح .
رحم الله مولانا الحلاج فقد عاش سندبادا وجاهد الظلاما ومات عاشقا فأصبح إماما وكعبة للعاشقين . .
13 / 6 / 2010م
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف