
قصص قصيرة جداً
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
غزة الصمود والمحبة
===================
1- اليتيم :
.. أمي ماتت .. نعم ماتت أمي .. قبل أشهر قليلة .. أصبحت بعدها يتيماً .
بالنسبة لي .. كانت أكثر من أم .. هي مدرسة قائمة بذاتها .. تعلمت منها الكثير من المفاهيم والقيم والمبادئ والعلوم ... ولكنها .. ماتت .. فأصبحت بعد موتها يتيماً .
ماتت قبل أن تكمل مشوارها معي .. فأنا ما زلت في بداية الطريق .. ما زلت بحاجة إليها .. كي أتعلم منها أكثر ..فسنوات عمري القصار لم تكن كافية لكي أتعلم منها سوى النزر اليسير من بحور علومها .
تركتني وحيداً وأنا ما زلت أحتاجها .. فأنا ما زلت صغيراً جداً .. ما زلت طفلاً ..
فبعد أيام قلائل .. سوف أبلغ السبعين من عمري فقط ؟؟!! .
2- امرأة :
.. أعجبتني .. سحرتني .. بهرتني بجمالها الفتان .. جذبتني إليها بسحر عطرها .. وشذى أريجها .
تمنيت في قرارة نفسي أن تتكرم عليّ بكلمة .. أن تهبني ابتسامة .. أو مجرد نظرة ولو كانت عابرة .
كالمسحور .. كنت أقترب منها .. كالمأخوذ كنت أمتع ناظريّ بجمالها الفتان .. وبديع حسنها الغريب .
ابتسمت لي ابتسامة باتساع الكون .. فلم يعد الكون يتسع لفرحتي وسعادتي ..
انبعثت الموسيقى الشجية من بين شفتيها تطربني .. تسعدني .. تحييني .. لم يعد الكون يتسع لسعادتي وفرحتي .
أمسكت بيدها بين يديّ .. لم تمانع ؟؟!! .. لم ترفض .. لم تستنكر .. رقص قلبي طرباً .. همست لها كالحالم :
- أحبك .. أحبك .. أحبك ..
الموسيقى المنبعثة من بين شفتيها .. تميتني .. تحييني .. تميتني .. تحييني . هتفت برقة وسحر ودلال :
- وأنا أحبك أكثر !!
لا بد أنها ملاك .. جنية .. حورية .. فمن أين أتت هذه الجنية ؟؟!! هذه الحورية ؟؟!!
سألتها بشغف ولهفة :
- من أنت ؟؟!!
بدلال أجابت :
- ألا تعرفني ؟؟!!
هتفت كالحالم :
- لا .. لم أعرفك .. فكيف أعرفك وأنا لم ألتق بك سوى الآن ؟؟!
ضحكة ساحرة .. همسة رائعة .. حروف كالموسيقى تنبعث من بين شفتيها من جديد :
- أنا أعرفك منذ أكثر من عشرين عاماً خلت !!.
تمتمت كالحالم :
- لا بد أن هذا كان في الأحلام .. في الخيال ..!!
صدحت الموسيقى العذبة من جديد .. لتأسرني .. ولتذهب بما تبقى بي من عقل ولب .. ولتذهب بي إلى الفضاء اللانهائي .
- لا .. بل الأمر حقيقة .. واقعاً وليس حلماً .. فأنت وحدك .. حبيبي .. فأنا يا حبيبي ... زوجتك ؟؟!!
3- نسيان :
كان لا بد لي من أن أعتذر له .. فهو صديقي .. صديقي الحميم .
يجب أن أعتذر له لأنني نسيت أن أذهب بالأمس لحضور حفل خطوبة نجله الوحيد .
عندما دعاني الرجل للحضور .. كان قد أكد عليّ بضرورة الحضور للحفل الكبير .. بدوري .. فقد وعدته بالحضور .. ولكني نسيت .. نسيت الذهاب للحفل .
لست أدري ما الذي أصابني في الآونة الأخيرة .. لقد استولى عليّ النسيان بشكل كبير .
أصبحت أنسى أشياءً كثيرة .. ولا أتذكرها سوى بعد فوات الأوان ..
وهذا ما حدث من أمر صديقي الحميم .. الذي دعاني لحضور حفل خطوبة نجله الوحيد بالأمس .. ونسيت ..
وعليّ الآن أن أعتذر له عن هذا الأمر .
ذهبت على منزله .. طرقت الباب .. خرج صديقي لاستقبالي ..هاشاً باشاً .. وبحفاوة بالغة .. صافحني بحرارة أذابت كلمات الاعتذار التي كنت قد جهزتها وأعددتها جيداً للاعتذار .
أحاطني بالابتسامات .. الحديث العذب الشجيّ .. عندما سنحت لي فرصة الحديث وسط احتفائه العظيم .. خرجت الحروف من بين شفتيّ متقطعة :
- إني أعتذر ..
صمت صديقي .. كف عن الحديث .. عن الثرثرة .. عن الابتسام والضحك المتوالي .. هتف بي برقة :
- ولِمَ الاعتذار يا صديقي ؟؟!!
أطرقت إلى الأرض حياءً وخجلاً .. تمتمت بحروف بصوت متحشرج :
- أعتذر عن عدم حضوري بالأمس لحفل خطوبة نجلك الكريم ..
قهقه صديقي بصوت مجلجل .. عادت له الابتسامة الجذلى .. والضحكات المدوية .. هتف برقة وعذوبة من بين ضحكاته المجلجلة :
- لا تعتذر يا صديقي العزيز .. لا تعتذر .. ولست أدري لماذا تعتذر أصلاً ؟؟!! خاصة وأنك قد حضرت بالأمس حفل خطوبة نجلي ؟؟!! .
4- النسبية :
كانت المرة الأولى في حياتي التي أصعد بها إلى طائرة .
كانت جلستي إلى جوار رجل مثقف .. تحاورنا لبعض الوقت قبل أن تبدأ الطائرة بالإقلاع ..
حدثني الرجل عن نظرية النسبية الشهيرة .. شرح لي الكثير عنها ، ولكني لم أفهم هذه النظرية المعقدة العويصة .
أخبرته بأن ما يشغلني هو أمر الدوار والفزع الذي سوف يصيبني عندما تبدأ رحلة الإقلاع .. أفهمني بأن الأمور سوف تكون بمنتهى السهولة واليسر .. بحكم تجاربه السابقة في ركوب الطائرات .. فكل ما عليّ هو أن أغلق عيناي بمجرد بدء محركات الطائرة بالعمل ، ومن ثم فتحها بعد دقائق قليلة تكون فيها الطائرة قد تجاوزت مرحلة الإقلاع وتكون قد انطلقت في الفضاء الفسيح .
مع بدء عمل محركات الطائرة قمت بتنفيذ وصية جاري .. أغلقت عيناي بشدة.. بدأت محركات الطائرة في الضجيج .. هدرت .. تمايلت الطائرة بشدة ذات اليمين وذات الشمال ..
بعد عدة دقائق قمت بفتح عينيّ .. نظرت إلى الأسفل من خلال النافذة الزجاجية الجانبية .. التفت ناحية جاري مبتسماً هاتفاً :
- الآن فهمت نظرية النسبية جيداً .. فها أنا أرى من خلال نافذة الطائرة .. أرى الرجال الذين يسيرون على أرض المطار وقد أصبح كلاً منهم بحجم النملة الصغيرة جداً !! .
ضحك جاري حتى بانت نواجذه .. هتف ضاحكاً :
- حقاً .. إنها نظرية النسبية .. ولكنها ليست بالمفهوم الذي تراه !! .. فإن ما تراه من النافذة الآن .. ليس هو بالفعل سوى نمل حقيقي .. فإن الطائرة لم تقلع بعد ؟؟!! .
5- خليلة :
.. يطلق عليها البعض لقب " الخليلة " .. والبعض يقولون هي " العشيقة " .. والبعض يطلقون عليها لقب " الحبيبة " .. وآخرون يقولون بأنها كل هذا وذاك .
هكذا هي بالنسبة ليّ .. فهي كل هذا وذاك .. خليلة .. عشيقة .. حبيبة .. أقضي معها جل النهار ومعظم الليل .. أداعبها .. أحادثها .. أناجيها .
دوماً أطعمها بيدي .. أفضل ما يكون الطعام .. وأقدم لها الشراب الذي تهواه وتحبه .
أربت على ظهرها .. على رأسها ... ووجهها .. تستسلم ... تغلق عينيها بسعادة .. وقد تذهب في سبات نومٍ عميق بعد أن تتمطى وتتثاءب .
لا أبخل عليها بالدفء والفراش الوثير .. أفسح لنومها مكاناً مناسباً إلى جانبي .. على سريري .. أناجيها .. أناغيها .. أداعبها .. أهدهدها .
أقوم بتنظيف جسدها الجميل بنفسي .. أمسد شعرها .. أغسلها بالماء والصابون المعطر ... وفي نهاية الحمام .. أعطرها بعطر رائع .
في ذلك اليوم افتقدتها .. ناديتها فلم ترد .. لم تجب .. رحت أبحث عنها هنا وهناك دون جدوى .. لحظات ولحظات وأنا ما زلت أبحث وأبحث ..
أخيراً .. أخيراً جداً .. وجدتها ترقد تحت السرير ... مددت يدي أداعبها .. أمسح وجهها بيديّ برقة .. أمر بأصابعي فوق ظهرها أمسدها .. على رقبتها .. أداعبها .. أنهضها من مكانها تحت السرير .. أفسح لها مكاناً إلى جانبي على السرير .. ترفض .. تستنكر .. تتمرد ..
تخلص نفسها من بين يديّ ... تقفز من فوق السرير بعصبية .. تتجه ناحية الباب وكأنها تفهمني بأنها ترفض البقاء .. وأنها قد ملّت صحبتي وأشيائي ... وأنها تريد الخروج من المكان ..
أحاول أن أثنيها عن عزمها .. أقدم لها ما أحضرت من لذيذ الطعام .. وسائغ الشراب .. ترفض بشدة تناول شيء .. تستنكر .. ترفع عقيرتها بالصراخ المدوي .. لتشارك القطط الأخرى بالخارج المواء ؟؟!!
6- زوجة :
أحبها من كل قلبه .. مال إليها بكل جوارحه .. لم يأبه بفارق السن الكبير بينهما .. كان يكبرها بأكثر من عشرين عاماً على الأقل .
حاول أن يستميلها بكل الطرق .. وبكل الوسائل .. وبكل أنواع الإغراء .
في النهاية .. شعر بأنها قد مالت بعض الشيء إليه .. راح يلاحقها بكلمات الغزل الشجية .. ويغدق عليها الهدايا السخية .. وعندما شعر بأنها أصبحت طوع بنانه تماماً .. كان يعد لها مفاجأة .. مفاجأة رائعة :
عرض عليها الأمر وهو يبتسم ابتسامة عريضة :
- هل تقبلين بي زوجاً ؟؟
لم تتمالك نفسها من السعادة .. هتفت جذلة :
- أوافق .. أوافق ..
راح يكمل :
- رغم الفارق الكبير في السن بيننا ؟؟
هتفت برقة ودلال :
- لا بأس .. لا بأس .
أتبع :
- ورغم أننا لن نعيش في منزل مستقل ؟؟
تمتمت هامسة :
- لا بأس .. لا بأس .
أتبع :
- ورغم أنني عاطل عن العمل ؟؟
همست برقة :
- لا بأس .. لا بأس .
أتبع بابتسامة عريضة :
- ورغم أنك سوف تكونين .. الزوجة الرابعة ؟؟!!
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
غزة الصمود والمحبة
===================
1- اليتيم :
.. أمي ماتت .. نعم ماتت أمي .. قبل أشهر قليلة .. أصبحت بعدها يتيماً .
بالنسبة لي .. كانت أكثر من أم .. هي مدرسة قائمة بذاتها .. تعلمت منها الكثير من المفاهيم والقيم والمبادئ والعلوم ... ولكنها .. ماتت .. فأصبحت بعد موتها يتيماً .
ماتت قبل أن تكمل مشوارها معي .. فأنا ما زلت في بداية الطريق .. ما زلت بحاجة إليها .. كي أتعلم منها أكثر ..فسنوات عمري القصار لم تكن كافية لكي أتعلم منها سوى النزر اليسير من بحور علومها .
تركتني وحيداً وأنا ما زلت أحتاجها .. فأنا ما زلت صغيراً جداً .. ما زلت طفلاً ..
فبعد أيام قلائل .. سوف أبلغ السبعين من عمري فقط ؟؟!! .
2- امرأة :
.. أعجبتني .. سحرتني .. بهرتني بجمالها الفتان .. جذبتني إليها بسحر عطرها .. وشذى أريجها .
تمنيت في قرارة نفسي أن تتكرم عليّ بكلمة .. أن تهبني ابتسامة .. أو مجرد نظرة ولو كانت عابرة .
كالمسحور .. كنت أقترب منها .. كالمأخوذ كنت أمتع ناظريّ بجمالها الفتان .. وبديع حسنها الغريب .
ابتسمت لي ابتسامة باتساع الكون .. فلم يعد الكون يتسع لفرحتي وسعادتي ..
انبعثت الموسيقى الشجية من بين شفتيها تطربني .. تسعدني .. تحييني .. لم يعد الكون يتسع لسعادتي وفرحتي .
أمسكت بيدها بين يديّ .. لم تمانع ؟؟!! .. لم ترفض .. لم تستنكر .. رقص قلبي طرباً .. همست لها كالحالم :
- أحبك .. أحبك .. أحبك ..
الموسيقى المنبعثة من بين شفتيها .. تميتني .. تحييني .. تميتني .. تحييني . هتفت برقة وسحر ودلال :
- وأنا أحبك أكثر !!
لا بد أنها ملاك .. جنية .. حورية .. فمن أين أتت هذه الجنية ؟؟!! هذه الحورية ؟؟!!
سألتها بشغف ولهفة :
- من أنت ؟؟!!
بدلال أجابت :
- ألا تعرفني ؟؟!!
هتفت كالحالم :
- لا .. لم أعرفك .. فكيف أعرفك وأنا لم ألتق بك سوى الآن ؟؟!
ضحكة ساحرة .. همسة رائعة .. حروف كالموسيقى تنبعث من بين شفتيها من جديد :
- أنا أعرفك منذ أكثر من عشرين عاماً خلت !!.
تمتمت كالحالم :
- لا بد أن هذا كان في الأحلام .. في الخيال ..!!
صدحت الموسيقى العذبة من جديد .. لتأسرني .. ولتذهب بما تبقى بي من عقل ولب .. ولتذهب بي إلى الفضاء اللانهائي .
- لا .. بل الأمر حقيقة .. واقعاً وليس حلماً .. فأنت وحدك .. حبيبي .. فأنا يا حبيبي ... زوجتك ؟؟!!
3- نسيان :
كان لا بد لي من أن أعتذر له .. فهو صديقي .. صديقي الحميم .
يجب أن أعتذر له لأنني نسيت أن أذهب بالأمس لحضور حفل خطوبة نجله الوحيد .
عندما دعاني الرجل للحضور .. كان قد أكد عليّ بضرورة الحضور للحفل الكبير .. بدوري .. فقد وعدته بالحضور .. ولكني نسيت .. نسيت الذهاب للحفل .
لست أدري ما الذي أصابني في الآونة الأخيرة .. لقد استولى عليّ النسيان بشكل كبير .
أصبحت أنسى أشياءً كثيرة .. ولا أتذكرها سوى بعد فوات الأوان ..
وهذا ما حدث من أمر صديقي الحميم .. الذي دعاني لحضور حفل خطوبة نجله الوحيد بالأمس .. ونسيت ..
وعليّ الآن أن أعتذر له عن هذا الأمر .
ذهبت على منزله .. طرقت الباب .. خرج صديقي لاستقبالي ..هاشاً باشاً .. وبحفاوة بالغة .. صافحني بحرارة أذابت كلمات الاعتذار التي كنت قد جهزتها وأعددتها جيداً للاعتذار .
أحاطني بالابتسامات .. الحديث العذب الشجيّ .. عندما سنحت لي فرصة الحديث وسط احتفائه العظيم .. خرجت الحروف من بين شفتيّ متقطعة :
- إني أعتذر ..
صمت صديقي .. كف عن الحديث .. عن الثرثرة .. عن الابتسام والضحك المتوالي .. هتف بي برقة :
- ولِمَ الاعتذار يا صديقي ؟؟!!
أطرقت إلى الأرض حياءً وخجلاً .. تمتمت بحروف بصوت متحشرج :
- أعتذر عن عدم حضوري بالأمس لحفل خطوبة نجلك الكريم ..
قهقه صديقي بصوت مجلجل .. عادت له الابتسامة الجذلى .. والضحكات المدوية .. هتف برقة وعذوبة من بين ضحكاته المجلجلة :
- لا تعتذر يا صديقي العزيز .. لا تعتذر .. ولست أدري لماذا تعتذر أصلاً ؟؟!! خاصة وأنك قد حضرت بالأمس حفل خطوبة نجلي ؟؟!! .
4- النسبية :
كانت المرة الأولى في حياتي التي أصعد بها إلى طائرة .
كانت جلستي إلى جوار رجل مثقف .. تحاورنا لبعض الوقت قبل أن تبدأ الطائرة بالإقلاع ..
حدثني الرجل عن نظرية النسبية الشهيرة .. شرح لي الكثير عنها ، ولكني لم أفهم هذه النظرية المعقدة العويصة .
أخبرته بأن ما يشغلني هو أمر الدوار والفزع الذي سوف يصيبني عندما تبدأ رحلة الإقلاع .. أفهمني بأن الأمور سوف تكون بمنتهى السهولة واليسر .. بحكم تجاربه السابقة في ركوب الطائرات .. فكل ما عليّ هو أن أغلق عيناي بمجرد بدء محركات الطائرة بالعمل ، ومن ثم فتحها بعد دقائق قليلة تكون فيها الطائرة قد تجاوزت مرحلة الإقلاع وتكون قد انطلقت في الفضاء الفسيح .
مع بدء عمل محركات الطائرة قمت بتنفيذ وصية جاري .. أغلقت عيناي بشدة.. بدأت محركات الطائرة في الضجيج .. هدرت .. تمايلت الطائرة بشدة ذات اليمين وذات الشمال ..
بعد عدة دقائق قمت بفتح عينيّ .. نظرت إلى الأسفل من خلال النافذة الزجاجية الجانبية .. التفت ناحية جاري مبتسماً هاتفاً :
- الآن فهمت نظرية النسبية جيداً .. فها أنا أرى من خلال نافذة الطائرة .. أرى الرجال الذين يسيرون على أرض المطار وقد أصبح كلاً منهم بحجم النملة الصغيرة جداً !! .
ضحك جاري حتى بانت نواجذه .. هتف ضاحكاً :
- حقاً .. إنها نظرية النسبية .. ولكنها ليست بالمفهوم الذي تراه !! .. فإن ما تراه من النافذة الآن .. ليس هو بالفعل سوى نمل حقيقي .. فإن الطائرة لم تقلع بعد ؟؟!! .
5- خليلة :
.. يطلق عليها البعض لقب " الخليلة " .. والبعض يقولون هي " العشيقة " .. والبعض يطلقون عليها لقب " الحبيبة " .. وآخرون يقولون بأنها كل هذا وذاك .
هكذا هي بالنسبة ليّ .. فهي كل هذا وذاك .. خليلة .. عشيقة .. حبيبة .. أقضي معها جل النهار ومعظم الليل .. أداعبها .. أحادثها .. أناجيها .
دوماً أطعمها بيدي .. أفضل ما يكون الطعام .. وأقدم لها الشراب الذي تهواه وتحبه .
أربت على ظهرها .. على رأسها ... ووجهها .. تستسلم ... تغلق عينيها بسعادة .. وقد تذهب في سبات نومٍ عميق بعد أن تتمطى وتتثاءب .
لا أبخل عليها بالدفء والفراش الوثير .. أفسح لنومها مكاناً مناسباً إلى جانبي .. على سريري .. أناجيها .. أناغيها .. أداعبها .. أهدهدها .
أقوم بتنظيف جسدها الجميل بنفسي .. أمسد شعرها .. أغسلها بالماء والصابون المعطر ... وفي نهاية الحمام .. أعطرها بعطر رائع .
في ذلك اليوم افتقدتها .. ناديتها فلم ترد .. لم تجب .. رحت أبحث عنها هنا وهناك دون جدوى .. لحظات ولحظات وأنا ما زلت أبحث وأبحث ..
أخيراً .. أخيراً جداً .. وجدتها ترقد تحت السرير ... مددت يدي أداعبها .. أمسح وجهها بيديّ برقة .. أمر بأصابعي فوق ظهرها أمسدها .. على رقبتها .. أداعبها .. أنهضها من مكانها تحت السرير .. أفسح لها مكاناً إلى جانبي على السرير .. ترفض .. تستنكر .. تتمرد ..
تخلص نفسها من بين يديّ ... تقفز من فوق السرير بعصبية .. تتجه ناحية الباب وكأنها تفهمني بأنها ترفض البقاء .. وأنها قد ملّت صحبتي وأشيائي ... وأنها تريد الخروج من المكان ..
أحاول أن أثنيها عن عزمها .. أقدم لها ما أحضرت من لذيذ الطعام .. وسائغ الشراب .. ترفض بشدة تناول شيء .. تستنكر .. ترفع عقيرتها بالصراخ المدوي .. لتشارك القطط الأخرى بالخارج المواء ؟؟!!
6- زوجة :
أحبها من كل قلبه .. مال إليها بكل جوارحه .. لم يأبه بفارق السن الكبير بينهما .. كان يكبرها بأكثر من عشرين عاماً على الأقل .
حاول أن يستميلها بكل الطرق .. وبكل الوسائل .. وبكل أنواع الإغراء .
في النهاية .. شعر بأنها قد مالت بعض الشيء إليه .. راح يلاحقها بكلمات الغزل الشجية .. ويغدق عليها الهدايا السخية .. وعندما شعر بأنها أصبحت طوع بنانه تماماً .. كان يعد لها مفاجأة .. مفاجأة رائعة :
عرض عليها الأمر وهو يبتسم ابتسامة عريضة :
- هل تقبلين بي زوجاً ؟؟
لم تتمالك نفسها من السعادة .. هتفت جذلة :
- أوافق .. أوافق ..
راح يكمل :
- رغم الفارق الكبير في السن بيننا ؟؟
هتفت برقة ودلال :
- لا بأس .. لا بأس .
أتبع :
- ورغم أننا لن نعيش في منزل مستقل ؟؟
تمتمت هامسة :
- لا بأس .. لا بأس .
أتبع :
- ورغم أنني عاطل عن العمل ؟؟
همست برقة :
- لا بأس .. لا بأس .
أتبع بابتسامة عريضة :
- ورغم أنك سوف تكونين .. الزوجة الرابعة ؟؟!!