الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفصل الخامس من رواية / يا من أحببت الروئية / فايزة شرف الدين

تاريخ النشر : 2010-06-05
الفصل الخامس من رواية / يا من أحببت 
الروئية / فايزة شرف الدين
وقابلته صدفة
ــــــــــــ

اصطحبها ابن عمتها "طارق" .. رافقت أسرته وأخته "ليلى" ، التى تصغرها بعامين .. إلى مزرعته المتوغلة داخل الأراضى الزراعية ، والبعيدة عن الطريق الزراعي بالعديد من الأميال .
توقفت السيارة بهم عند طرف المزرعة ، وأخذ الجميع متاعهم إلى الفيلا المكونة من طابق واحد .. إلا "طارق" الذى توجه إلى أقصى الساحة المحيطة بالفيلا .. اختفى وراء أحد الجرارات .. دار بينه ، وبين أحد الأشخاص حديثا وديا لبعض الوقت .. ثم استأذنه لينصرف لبعض شئون المزرعة 0
بعد قليل خرجت "نها" بصحبة ابنة عمتها للنزهة .. قبل أن تتجاوزا الساحة .. توقفت "ليلى" أمام الجرار المعطل .. ثم هتفت :
ـ كيف حالك يا بن العم ؟
كان راقدا أسفله .. لم تتبين "نها" ملامحه .. ظنته فى أول الأمر ، أحد العاملين عندما رأته من بعيد ، وهو يلبس " الأفرول" 0
انزلق بعيدا عن الجرار ، حتى برز رأسه .. نهض على قدميه ، وهو يقلب يديه الملوثتين بالشحم فى حرج 0
ـ أهلا بكما .. لن أستطيع أن أسلم عليكما 0
قالت "ليلى" بمرح :
ـ لا يهم .
ثم قالت وهى تربت على منكب رفيقتها 00
ـ "نها" ابنة خالى 0
ثم أشارت بيدها صوبه 00
ـ الباشمهندس .. علاء ابن عمى 0
ما أن تلاقت عينا "نها" بعينيه الواسعتين ، الطافر فيهما طيف حزين دافئ .. حتى شعرت بوجيب عنيف بين ضلوعها .. غمرها شعور جارف يلفه الغموض .. لم تستطع أن تتبينه فى تلك اللحظة 0
وفى اللحظة التالية تلاشت مشاعرها .. عندما ألقى عليها نظرة سريعة .. ثم قال بعدم اكتراث :
ـ تشرفنا يا آنسة .
ثم عاد يقول باقتضاب 00
ـ عن إذنكما .
أدار ظهره لهما .. لينزلق أسفل الجرار ، ويكمل عمله 0
وقفت "نها" بضع لحظات ، و قد شعرت بجرح فى كبريائها وكرامتها .. أحست بغصة فى حلقها ، وكادت الدموع أن تطفر من عينيها 0
هتفت "ليلى" وقد لاحظت تغير ملامحها :
ـ مالذى أغضبك ، وكدرك هكذا ؟
غمغمت بغيظ :
ـ إنه عديم الكياسة والذوق 0
قهقهت "ليلى" بصوت مرتفع ، وهى تجذبها من ذراعها ، ليتوغلا داخل المزرعة .. بينما أخذت "نها" تنظر إليها ، وهى تتعجب من ضحكها !
هتفت "ليلى" ومازال الضحك عالقا بصوتها 0
ـ علاء .. إنك أول شخص يرميه بهذه التهمة !
ثم أضافت ، وهى تقول بجدية 00
ـ إنه فى منتهى الرقة .. لكنه يمر الآن بظروف قاسية 0
لمحت "ليلى" الفضول ، والتساؤل فى عينيها .. فعادت تقول ..
ـ إنه يعانى من بعض المشاكل مع خطيبته وأسرتها 0
توقفت "نها" فجأة عن سيرها ، وقد أصيبت بخيبة أمل 00 وجدت نفسها تتساءل :
ـ خطيبته ؟‍ !
هتفت "ليلى":
ـ ألم تلاحظى خاتم الخطبة فى أصبعه ؟ !
لم تنبس "تها" بكلمة لفترة من الوقت .. ولم تستطع الإنصات لثرثرة "ليلى" ، وهما تتجولان فى المزرعة 0
رغم عشقها للطبيعة ، ورائحة الريحان التى تشنف الأنوف بعبقها ، ورغم أن عينيها كانتا تعانقان ثمار البرتقال اللامعة على أشجارها .. فإن "نها" كانت شاردة حزينة 00 لم تستطع أن تتخلص من شعورها بالإحباط ، والكآب ، وتلقى بهما بين أحضان الطبيعة الخلابة
بعد أن نال منهما الجهد .. هتفت "نها" :
ـ هيا لنرجع 0
ما أن وصلا إلى الفيلا .. حتى صاحت زوجة " طارق" لتدعوهما إلى الغداء :
ـ لقد أعددت المائدة .. كلنا فى انتظاركما 0
التفت الجميع حول مائدة الطعام .. جلس المهندس علاء فى الجهة المقابلة لمقعد "نها" 0
دار حديث مقتضب أثناء الطعام .. لم يرفع طرفه إليها .. رغم ذلك لم تستطع منع نفسها من إلقاء نظرة سريعة على يده اليمنى .. لتلمح خاتم الخطبة يلتف حول أصبعه.
بعد أن انتهوا من الغداء ..هتف قائلا :
ـ سوف أذهب الآن لأننى مرتبط بمواعيد .. وسوف أحضر مبكرا إن شاء الله 0
استقل سيارته .. مغادرا المزرعة 00
وشيعته "نها" بطرف خفى .. دون أن تبدى اهتمامها به .. بينما كان قلبها يطلق خفقات كدقات الطبول !
بالرغم من عدم اكتراثه بها ، فإن " نها" لم تستطع منع نفسها ، ومقاومة التفكير في "علاء" طيلة الليل !
ظلت مسهدة ، ووجهه الوسيم بعينيه الحزينتين يرتسمان فى مخيلتها 0
كانت حركاته رشيقة ، ونظراته ولفتاته فاتنة .. محببة إلى نفسها .. حتى عدم اهتمامه بها .. جعلها تشعر باحترام ، وتقدير له ، بعدما فكرت فى الأمر مليا 0
تمنت .. لو أن الليل يطوى ظلمته سريعا.. سريعا 0
والزمن يعجل بساعاته ليأتى الصباح وهو معه 0
جفا النوم عينيها .. مع خيوط الفجر الفضية غادرت فراشها .. توضأت ثم صلت .. ظلت فترة طويلة تبتهل ، وعيناها مغرورقتان بالدموع 0
بعد أن انتهت من الصلاة .. خرجت إلى الشرفة ، واستندت بمرفقيها على سياجها .. ظلت على وضعها هذا فترة من الزمن ، رغم الصقيع الذى كان يلسع وجهها وأطرافها ببرودته.
شخصت ببصرها إلى خيوط النهار ، وهى تكسو السماء بردائها اللامع البراق 00 ليمحو الظلام ومعه هواجسها وأفكارها الحزينة 0
دعت الله .. أن تكون ضيفة على خواطره ولو للحظات 0
انتظرته بصبر نافذ .. ولكن شمس الشتاء أرسلت خيوطها الذهبية ، ولم يحضر معها 0
سمعت صوت "طارق" من خلفها يقول :
ـ الجو بارد عليك هنا يا "نها" 0
غمغمت وهى تشير إلى أشجار الفاكهة ، والنخيل الملتف حول ساحة الفيلا :
ـ أريد أن أملأ عينى من هذا الجمال الرائع الخلاب !
ابتسم بن عمتها ، وهو يقول :
ـ مازلت كما أنت شاعرة !
فجأة .. سمعت صوت خافت يشبه الأزيز .. فأصاخت أذنيها المرهفتين .. كان صوت محرك سيارة قادمة فى الطريق 0
هتفت من أعماقها :
ـ إنه هو !
بالفعل برزت سيارته على الطريق الضيق من بعيد .. ثم أخذت تقترب من المزرعة 00
مع اقتراب السيارة كانت دقات قلبها تزداد عنفا ، ووجهها يزداد شحوبا 0
نزل "طارق" السلالم القليلة .. ليكون فى لقائه 0
ما أن هبط "علاء" من سيارته .. حتى احتضنا بعضهما فى ود وحب .. ثم اصطحبه الأول إلى شرفة الفيلا .. وهو يقول :
ـ ماذا فعلت أمس ؟
كان وجه "علاء" شاحبا متعبا .. تطرق لأذنى "نها" عبارته وهو يغمغم :
ـ لقد انتهى كل شئ 0
رقص قلبها طربا عند سماعها هذه العبارة .. لكن الشكوك داهمتها فجأة .. فقد يكون مقصده غير الذى فهمته !
عندما اقترب منها ، نظرت فى يده بسرعة .. فلم تجد خاتم الخطبة .. فتنفست بارتياح ، انتابها شعور حقيقى بالسعادة ، وانبثق فى قلبها الأمل 0
هتف بصوته العذب :
ـ صباح الخير يا آنسة "نها" 0
ردت عليه التحية .. شعرت أن وقع اسمها جميل ، وهو يخرج من بين شفتيه .. تمنت لو أنه يردده مرة ثانية وثالثة 00
التف الجميع حول مائدة الإفطار .. رغم شحوب وجهه ، والإرهاق البادى عليه .. فقد لاحظت أن ملامحه أصبحت أكثر انبساطا 0
بالفعل أبدى مرحا ، ولباقة أثناء الطعام .. أصبح أكثر تبسطا ، وانطلاقا فى حديثه عن الأمس 0
بعد أن انتهوا من طعام الإفطار .. جلسوا فى الشرفة الواسعة لتجرع الشاى .. وجه كلامه للجميع ، ووزع نظراته عليهم .. دون أن يستثنى "نها" ، وكانت نظراتها تلتقى بعينيه الدافئتين فى لحظات خاطفة 0
كالأمس انزلق "علاء" تحت الجرار ، وأخذ فى تصليحه .. بعد فترة من الوقت برز من تحته ، وقد تلوثت يداه ووجهه بالشحم .. هتف "بطارق" :
ـ هيا .. جرب أن تقود هذا الجرار 0
قفز عليه "طارق" برشاقة .. جلس وراء المقود .. فأخذ الجرار يتحرك فى يسر 0
هتف "طارق" فى سرور :
ـ ـ تسلم يديك يا باشمهندس 0
ما لبث أن اختفى بجراره إلى داخل المزرعة .. بينما انشغل "علاء" فى تصليح بعض المعدات بقية النهار .. كانت "نها" فى أثناء ذلك تختلس النظر إليه خفية ، وهى تشعر بشغف ، دون أن يتسرب إليها الملل 0
قبل الغروب بقليل ، تلبد الجو فجأة دون مقدمات .. تكاثفت السحب الداكنة بسرعة ، وبدأت الأمطار تهطل بغزارة .. فنادى "طارق " على "علاء" ليحتمى من المطر 0
قطب الأخير ما بين حاجبيه .. وال بأسف :
ـ إنهم يقومون بإصلاحات فى الطريق منذ الصباح .
هتف "طارق" :
ـ المكان هنا واسع .. ولدينا حجرات نوم كثيرة .. يمكنك المبيت الليلة .. خاصة أن السفر أصبح مستحيلا الآن 0
لاح على وجه "علاء" الخجل والارتباك .. عندما ألقى نظرة سريعة على "نها" .. فتفهم "علاء" مشاعره من فوره .. هتف قائلا :
ـ إن "نها" أختك .. ليست غريبة .. هيا يا رجل 0
ما لبث أن لف الليل المزرعة بظلمته الغامقة .. إلا من ضوء المصباح الكهربائى المعلق فى سقف الشرفة .. فألقى ببقعة من الضوء امتدت إلى عدة أمتار من مبنى الفيلا ، إضافة إلى الأضواء الخافتة التى تسربت من خلال نوافذ الحجرات المضاءة 0
بعد تناول العشاء .. أخذ الجميع يتسامرون ويتندرون .. تجاذبت "نها" أطراف الحديث مع "علاء" .. أبدى اهتماما كبيرا بكلامها .. أحيانا يتفق مع آرائها .. وأخرى يختلف معها بلباقة 0
قبل منتصف الليل بقليل .. هتف "طارق" ، وهو يشير إلى ساعة الحائط :
ـ هيا إلى النوم 0
اصطحب زوجته إلى حجرتيهما .. وأخذت "ليلى فى التثاؤب ، وهى تتوجه إلى حجرتها ، التى يشاركها فيها طفلا أخيها 0
أما "نها".. فلم تكن تشعر برغبة فى النوم ، رغم أرقها فى الليلة السابقة .. لكنها اضطرت للتوجه إلى حجرتها المقابلة لحجرة "ليلى" .. بينما اختفى "علاء فى حجرته الملاصقة لها هى 0
كان المطر لا يزال ينهمر بعنف مصطدما بالنافذة .. ليتخلل خصاصها الخشبية ، ويتسرب من خلال الجزء المكسور من الزجاج ، والفرجة الضيقة بين الإطار والنافذة .. فابتلت أطراف السرير الملاصق للحائط 0
اندفع الهواء البارد أيضا فى شكل موجات قارصة .. فلفحت وجهها ببرودته 0
حاولت أن تزحزح السرير .. فلم تستطع .. فشلت محاولاتها أيضا لسد الفرج الموجودة بملاءة أخذتها من الصوان 0
اضطرت أن تلتف بالأغطية ، وتنام على الطرف الآخر من السرير .. لكنها شعرت ببرودة شديدة تسرى فى بدنها .. جعلتها غير قادرة على أن تمكث بالحجرة .. فتحت الباب لتتسلل إلى الردهة 0
مشت عدة خطوات على أطراف أصابعها .. قبل أن تجلس على الأريكة .. لمحته !
كان جالسا على أحد المقاعد .. فى أقصى الصالة الواسعة .. يتصفح إحدى المجلات على ضوء المصباح الكهربائى الخافت 0
التقت عيناهما فى نظرة سريعة خاطفة .. فشعرت بخجل شديد ، واستدارت بسرعة لتعود إلى حجرتها 0
لكنها سمعت صوته الدافئ ، العذب يقول فى حنان :
ـ إننى أيضا أشعر بالبرد يا آنسة "نها" 0
دهشت عندما قال هذه العبارة .. كأنما شعر بها ، وقرأ أفكارها 0
كانت البرودة تسرى إلى أوصالها ، والخجل لم يزايلها .. فلم تنبس ببنت شفة .. فقال وهو يبتسم :
ـ بالتأكيد تشعرين بالبرد .. فحجرتانا تقعان فى الجهة الغربية من الفيلا 00 و تكون معرضة دائما للفحات الرياح 0
وقفت جامدة ، ساكنة كتمثال رائع الجمال .. لم تستطع أن تتحرك قيد أنملة .. فأخذ يتأملها بإعجاب دون قصد ورغما عنه 0
كان شعرها الطويل يتماوج إلى أسفل ظهرها .. تناثرت خصلات منه بغير انتظام على وجهها .. فزادت فتنته فى الضوء الخافت0
شعرت بنظراته فارتبكت أكثر وزاد خجلها .. لكنها استجمعت قوتها .. فخطت خطوتين تجاه حجرتها .. ثم توقفت فجأة .. عندما سمعت صوته يقول آمرا :
ـ تعال هنا 0
اهتز جسدها بعنف .. ثم سمعته يقول دون أن ينتظر ردها :
ـ سأشعل نارا حالا .. سوف تشعرين بالدفء 0
قام من مقعده .. متوجها إلى المطبخ .. غاب بعض الوقت .. ثم برز منه ، وقد حمل بين يديه قصعة من تلك التى يستخدمها البناءون ، و بها كتل خشبية 0
وضع حمله على الأرض .. ثم ذهب إلى المطبخ مرة ثانية .. أحضر معه زجاجة مملوءة بالكروسين وعلبة ثقاب .. صب بعض السائل من الزجاجة على الخشب ثم أشعله 0
جلسا على مقعدين متقابلين .. بينما كانت النار تتأجج بينهما ، وترسل ألسنة اللهب التى كانت تتراقص بهدوء .. فتضرج وجهيهما باللون الأحمر القانى 0
انبعث دفء لذيذ .. بدأ يسرى إلى أوصالهما 0
هتف بحنان :
ـ أمازلت تشعرين بالبرودة ؟
لم تجرؤ أن تنظر إليه .. فقالت وهى تتأمل اللهب :
ـ إننى أشعر بالدفء الآن .. شكرا لك 0
سمعت صوته ينساب فى هدوء بعد لحظة صمت "
ـ لقد حكى لى "طارق" قصتك .. ولقد هزتنى بعنف 0
رفعت عيناها .. فالتقت بعينيه فى نظرة طويلة حانية .. جاشت خلالها مشاعرها .. أحست بالأمان فى عينيه اللتان تشعان بريقا دافئا ، أحتوى روحها وملك كيانها 0
لأول مرة تشعر بالسلام مع نفسها .. تساقطت أحزانها ونسيت مشاكلها 0
لم تعد تتذكر شيئا .. فقد غرقت فى بحر عينيه 0
قالت بصوت متهدج .. يكاد يفضح مكنون قلبها :
ـ يبدو أننا نمر بنفس الظروف 0
قال مشفقا :
ـ لكن قصتى انتهت 0
عاد يقول مستدركا فى نبرة صادقة ، حارة :
ـ أتمنى من الله .. أن تنتهى قصتك أيضا 0
خيم الصمت بينهما فترة من الزمن .. تلاشت فيها ألسنة اللهب .. أصبحت الكتل الخشبية .. جمرات شديدة الاحمرار 0
كان ذهنها مشغولا بأسئلة كثيرة محيرة .. شعرت فجأة بالغيرة من تلك الفتاة التى أخذت من عمر ، واهتمام "علاء" عدة سنوات 0
ما الذى أعجبه فيها ليرتبط بها ؟؟!
ما شكل غريمتها تلك .. التى سبقتها إلى قلبه ؟ .. ربما تكون متربعة فيه حتى تلك اللحظة ؟!
عند هذا الهاجس .. ألفت نفسها تسأله دون ترو :
ـ هل أحببتها ؟
ران الصمت بينهما لحظات أخرى .. بينما كان قلبها .. ينتفض بين ضلوعها .. فقد كانت تخشى إجابته ، التى قد تحطم آمالها 0
ارتفع صوته يقول :
ـ كنت أظن أننى أحبها .. لكن مع مرور الوقت ، اكتشفت أننى كنت مخطئا تماما .. وأن مشاعرى تجاهها زائفة خادعة.
دون أن تشعر صاحت :
ـ إنه نفس الشعور .. الذى أحس به تجاه الشاب الذى ارتبطت به 0
هتف وفى صوته نبرة لهفة :
ـ هل أنت واثقة من موقفك تجاهه ؟
قالت :
ـ بالتأكيد 0
تنفس بارتياح .. والتقت عيناهما مرة أخرى فى نظرة طويلة عميقة .. كانت أكثر ودا ، و دفئا 0
واكتنف قلباهما شعورا .. أخذ يتنامى بسرعة رهيبة .. شعور بالحب .. جرف أمامه كل ما عداه من مشاعر أخري
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف