
لا تقل مبدعاً
جلست مع صديق وتبادلنا أطراف الحديث عن اللغة العربية و مفرداتها و علمائها الذين كانت لهم الريادة بين البشر في الإلمام بجميع جنباتها و بحورها . وذكرت له الوليد بن المغيرة الرجل الكافر الذي كان ينشد بالشعر و يهجو بالزجل ويداعب بالنثر و يعلم بواطن و أسرار اللغة العربية وبلاغتها أكثر من أي مخلوق من بني عصره . هذا الرجل الذي استمع إلى بعض الآيات من الرسول عليه الصلاة والسلام وعاد بوجه غير الذي ذهب به و أصر أن يعيد الكرة و يتسلل بدون علم قريش ليلاً ليستزيد من الحلاوة و ينهل من الطلاوة و هو على علم آنذاك أن ما سمع من كلمات لا يمكن أن تكون صناعة بشرية . وقلت لصديقي أن هذا الرجل كان )مبدعاً( في اللغة العربية ولكنه كان مكابراً وتسبب بعناده و تدليسه للحقائق في عدم دخول أكثر أهل قريش في الإسلام ونال جزاءه من وعيد الله له و ما أعد له من جهنم وبئس المصير. وفاجأني صديقي بجملة ألقاها عليا بلهجة حادة قائلاً (كيف تصف رجلاً كافراً بكونه مبدعاً) وجعلتني تلك الحادثة أسرح في الواقع الأليم الذي نعيشه . واقع فيه خلط شديد بين مؤشرات القياس المختلفة التي من خلالها نحكم على الأشخاص . أبو الحكم عمرو بن هشام (الذي لقبه الرسول بأبي جهل لشدة عناده ومعاداته للإسلام) و عمر بن الخطاب أشد أهل قريش كفراً وتعنتاً في هذا الوقت . رغم ذلك دعا الرسول عليه الصلاة والسلام ربه بأن يعز الاسلام بأحد العمرين . وهنا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرجلين بمؤشر الريادة والقيادة و التفوق وصناعة القرار ولم ينظر إلى جانب الغلظة والقسوة و تحجر العقول في الجاهلية . ونحن على وجه العموم كثيراً ما نجد رجلاً مبدعاً في مجال و لا يفقه شيئاُ في مجالات أخرى . و ليس بالضرورة أن تجد الدكتور زويل شاعراً أو مارادونا رساماً أو بيكاسو مطرباً . وعند الحكم على الأشخاص لابد أن نحدد الموصفات والمؤشرات التي نبني عليها هذا الحكم حتى نكون منصفين عند تقييم من حولنا و لا يجب أن تختلط علينا الأوراق بدخول العاطفة في لحظات التقييم . ويجب أن نعي تماماً الفرق بين التقيم الشامل لشخص ما من وجهة نظر عامة وبين تقويمه بمؤشر أداء محدد المعايير ينصفه عند الحكم عليه ويعطيه حقه بصرف النظر عن مقاييس أخرى قد تسقط من قاموس نفس الشخص . فلنحكم على غيرنا بموضوعية و نترك العواطف جانباً حتى نكون منصفين ساعين إلى إرساء أهم دعائم الأخلاق بتحقيق مبدأي الحق و العدل.
م/ طارق القرم الرياض – مستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي - 0502084669
[email protected]
جلست مع صديق وتبادلنا أطراف الحديث عن اللغة العربية و مفرداتها و علمائها الذين كانت لهم الريادة بين البشر في الإلمام بجميع جنباتها و بحورها . وذكرت له الوليد بن المغيرة الرجل الكافر الذي كان ينشد بالشعر و يهجو بالزجل ويداعب بالنثر و يعلم بواطن و أسرار اللغة العربية وبلاغتها أكثر من أي مخلوق من بني عصره . هذا الرجل الذي استمع إلى بعض الآيات من الرسول عليه الصلاة والسلام وعاد بوجه غير الذي ذهب به و أصر أن يعيد الكرة و يتسلل بدون علم قريش ليلاً ليستزيد من الحلاوة و ينهل من الطلاوة و هو على علم آنذاك أن ما سمع من كلمات لا يمكن أن تكون صناعة بشرية . وقلت لصديقي أن هذا الرجل كان )مبدعاً( في اللغة العربية ولكنه كان مكابراً وتسبب بعناده و تدليسه للحقائق في عدم دخول أكثر أهل قريش في الإسلام ونال جزاءه من وعيد الله له و ما أعد له من جهنم وبئس المصير. وفاجأني صديقي بجملة ألقاها عليا بلهجة حادة قائلاً (كيف تصف رجلاً كافراً بكونه مبدعاً) وجعلتني تلك الحادثة أسرح في الواقع الأليم الذي نعيشه . واقع فيه خلط شديد بين مؤشرات القياس المختلفة التي من خلالها نحكم على الأشخاص . أبو الحكم عمرو بن هشام (الذي لقبه الرسول بأبي جهل لشدة عناده ومعاداته للإسلام) و عمر بن الخطاب أشد أهل قريش كفراً وتعنتاً في هذا الوقت . رغم ذلك دعا الرسول عليه الصلاة والسلام ربه بأن يعز الاسلام بأحد العمرين . وهنا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرجلين بمؤشر الريادة والقيادة و التفوق وصناعة القرار ولم ينظر إلى جانب الغلظة والقسوة و تحجر العقول في الجاهلية . ونحن على وجه العموم كثيراً ما نجد رجلاً مبدعاً في مجال و لا يفقه شيئاُ في مجالات أخرى . و ليس بالضرورة أن تجد الدكتور زويل شاعراً أو مارادونا رساماً أو بيكاسو مطرباً . وعند الحكم على الأشخاص لابد أن نحدد الموصفات والمؤشرات التي نبني عليها هذا الحكم حتى نكون منصفين عند تقييم من حولنا و لا يجب أن تختلط علينا الأوراق بدخول العاطفة في لحظات التقييم . ويجب أن نعي تماماً الفرق بين التقيم الشامل لشخص ما من وجهة نظر عامة وبين تقويمه بمؤشر أداء محدد المعايير ينصفه عند الحكم عليه ويعطيه حقه بصرف النظر عن مقاييس أخرى قد تسقط من قاموس نفس الشخص . فلنحكم على غيرنا بموضوعية و نترك العواطف جانباً حتى نكون منصفين ساعين إلى إرساء أهم دعائم الأخلاق بتحقيق مبدأي الحق و العدل.
م/ طارق القرم الرياض – مستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي - 0502084669
[email protected]