الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

السفينة " مافي مرمرة " تنادي بقلم:سليم عوض عيشان ( علاونه )

تاريخ النشر : 2010-06-01
السفينة
قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
غزة الصمود والمحبة
===================

( السفينة " مافي مرمرة " تنادي )

إهداء :
إلى أرواح جميع شهداء سفينة أسطول السلام .. وكسر الحصار .
----------------------------------

شاطئ بحر غزة يعرفه .. يعرفه جيداً .. هو صديق البحر .. عاشق البحر .. البحر يشهد له بقوة الذراع .. وطول الباع .. حذق فن السباحة منذ نعومة أظفاره .. فهو ابن الشاطئ.. ابن الموج.. ابن البحر.
البحر عشقه .. لأنه عشق البحر .. الأمواج تعرفه .. فله على صفحة كل موجة منها بصمة يد .. كتف .. ذراع .
الفائز الأول .. كان ترتيبه الدائم وبامتياز .. في كل مسابقات السباحة للمسافات القصيرة والمتوسطة والطويلة .. التي كانت تجري على شاطئ البحر .. أمواج البحر .. ومياه البحر .
كانت له طرقه الخاصة في التعامل مع البحر .. والفوز دوماً .. لم يكن يتعامل مع البحر في يوم من الأيام كعدو .. كند .. كخصم .. بل كان يتعامل معه كصديق .. كحليف .. كعاشق .. فكان البحر يحنو عليه دوماً .. يراعاه .. يضمه بحنان بالغ .. وشوق رائع .
لم يكن يهوى السباحة في البحر .. لا لشيء .. إلا لأنه كان يعشق السباحة .. تماماً كما هو يعشق البحر .. يجد نفسه فيها .. ويحس بأنه يشبه الأسماك .. لا يستطيع العيش بعيداً عن البحر .. فتراه يغوص في أعماق البحر مرة .. ويطفو على سطح الماء مرة .. يشارك الأسماك لهوها ومرحها ألف مرة ومرة .
اكتسب سمرة بشرته الحلوة من أشعة الشمس ومياه البحر .. واكتسب قوة العضلات ومتانة الجسد من مزاولة السباحة على مدى سنوات عمره ..
كم من مرة قام بدور " المنقذ " للعديد من المصطافين الذين كانوا يأٌمون الشاطئ .. ويخوضون المياه الزرقاء .. تستهويهم الأمور ... فيدخلون إلى مسافات بعيدة في البحر .. ولا يدركون جسامة الخطأ إلا عندما يقعون في " الدوامة " ويشرفون على الغرق .. فيسارع الشاب الفتيّ للنجدة .. والإنقاذ .
هوايته المفضلة.. كانت السباحة إلى مسافات بعيدة عن الشاطئ .. والوصول إلى أبعد المسافات المسوح بها .. وعدم المجازفة بالابتعاد أكثر حتى لا يعرض نفسه للعقاب .. وحياته للخطر .
كان يستعد مع رفاقه من الشباب والرجال لاستقبال سفن أسطول الحرية .. أسطول كسر الحصار .. عدة أيام قضاها وهو يقوم بعمل الترتيبات اللازمة للاستقبال اللائق .
قام بتجهيز البيارق والأعلام .. وإحضار كميات كبيرة من طاقات الورد .. قام بتوزيع الرايات والورود على العديد من المنتظرين .. المتلهفين لوصول أعضاء فريق سفن الحرية وكسر الحصار .. - واختص نفسه بوردة منها .. بيضاء .. ناصعة اللون .. بلون الصفاء والحب والطهر - .. لكي يقوموا بإهدائهم الورود الجميلة .. ممزوجة بالقبلات .
ساعات وساعات طوال وهو في حراك دءوب .. ينتقل من مكان إلى مكان بخفة الفراشة .. ليطمئن على سلامة الترتيبات والاستعدادات للقاء العظيم .. فتراه يلقي الأوامر هنا .. ويصدر التعليمات هناك .. ويتفقد الأمور في مكان ثالث .. ولا ينس بين هذا وذاك أن يقوم بتوزيع الابتسامات والقبلات .
بالنسبة له .. كان له رأي آخر في كيفية استقبال السفن القادمة من أعالي البحار للتضامن مع أهل غزة .. وكسر الحصار القاتل المفروض عليهم ..
كانت خطته أن يستقبلهم قبل الجميع .. وأن يكون استقباله لهم بطريقة مغايرة ومختلفة ..
كاد الشوق يقتله للقاء الأحبة القادمين من شتى أصقاع الأرض .. لتخفيف معاناة السجناء في أكبر سجن في العالم .. داخل حدود غزة .
كان يتابع تحركات أسطول الحرية .. وسفن كسر الحصار لحظة بلحظة .. حركة بحركة .. خطوة بخطوة .. من خلال جهاز " المذياع " الصغير الذي كان لا يفارق أذنيه .. وجهاز " المحمول " الذي لا يفارق يديه .. لكي يطلع على سير الأمور بشكل جيد ومتواصل .
لم يكن ليتناول سوى الوجبات السريعة الخفيفة .. خشية انشغاله عن متابعة أمر قافلة السفن واستعداداها للوصول إلى شواطئ غزة .
كان ينتظر بقلق .. ويتابع بشغف خط سير رحلة السفن لحظة بلحظة .. لأنه كان يستعد لاستقبالها عند وصولها على بحر غزة .. حدود بحر غزة .. وليس على الشاطئ .. كما هو الحال بالنسبة للجميع .
كان يستعد للنزول إلى مياه البحر .. صديقه البحر .. بمجرد وصول طلائع السفن إلى حدود بحر غزة .. لكي يستقبلها في عرض البحر .
كان يعتبر أن هذه اللحظات هي أسعد لحظات عمره .. بل .. هي عمره كله .
كان ينتظر اللحظة الحاسمة على أحر من الجمر .. خلع ملابسه حتى لا تعيقه عن الإسراع في السباحة نحو السفن القادمة بمجرد ظهورها في عرض البحر ..
تلك الليلة .. لم ينم بالمطلق .. وكيف ينام من هو عاشق مثله .. وقد قارب موعد وصول المعشوقة التي كان ينتظرها طويلاً ..؟؟!! .
قضى الليل بطوله على الشاطئ .. يتنسم الأخبار .. يحرك مؤشر المذياع في كل الاتجاهات .. يتابع خط سير الرحلة لحظة بلحظة .
سمع صوت آذان الفجر ينطلق من جميع المساجد القريبة والبعيدة .. نهض من مكانه .. توضأ .. صلى .. وأكثر من الدعاء والتسبيح . عاد إلى مذياعه الصغير يتابع الأمور من جديد .
أصابه الدوار .. الغثيان .. صدمته المفاجأة الرهيبة وهو يستمع إلى نشرات الأخبار العاجلة الأولية لمهاجمة جنود العدو لسفن السلام .. وكسر الحصار عن غزة .
تناهت إلى مسامعه الأخبار المتلاحقة عن الإنزال الجوي والبحري لقوات العدو على السفن واستبسال رجال القافلة بالدفاع عن سفنهم بأيديهم الفارغة .. وصدورهم العارية .. وقلوبهم العامرة بالإيمان .
علم بإصابة وقتل العشرات والعشرات .. نهض من مكانه هادراً مزمجراً كالطوفان .. صرخ بصوت مدوٍ يهلل ويكبر مستنكراً ما حدث من جريمة بشعة ارتكبها العدو بحق رجال ونساء مسالمين عزل .. كل ذنبهم أنهم آمنوا بعدالة القضية ونبل الهدف .. وسمو الغاية .
تجمهر من حوله العشرات .. المئات .. الآلاف .. ممن شاهدوا ما حدث من مجزرة بشعة على شاشات الفضائيات .. راحوا يشاركونه التهليل والتكبير .
طوح بالمذياع بعيداً .. بعيداً جداً .. إلى أعماق البحر .. وألقى بنفسه بين الأمواج .. راح يسبح بقوة وعزيمة .. يتخطى الأمواج .. ويشق المياه بقوة غريبة .
ابتعد عن الأنظار شيئاً فشيئاً .. وهو يوغل في السباحة .. حتى غاب عن الأنظار .
الطائرة المروحية العسكرية تتصل بالقيادة لتعلمها بأن طلائع المساعدة والنجدة من رجال وشباب غزة قد بدأت بالتوجه ناحية ميدان الجريمة الشنعاء في عرض البحر .. قائد الطائرة العسكرية يبلغ القيادة بأن أحد الشباب في طريقه للمكان .. وهو يسبح بقوة غريبة في البحر ناحية المكان ..
القيادة تبلغ قائد الطائرة بأن الأوامر صريحة .. بل هي صريحة جداً .. فعليه إطلاق النار فوراً على كل من يحاول الوصول إلى السفن .. والمساعدة والنجدة .. فقد يكون الشاب مقدماً على عملية استشهادية بحزام ناسف ..
قائد الطائرة يوجه مدفعه الرشاش ناحية الشاب الذي كان لا يزال يسبح بقوة وإصرار لمحاولة الوصول إلى السفن التي ما زالت بعيدة كثيراً عنه .
الرصاصات الغادرة تصيب الشاب بإصابات قاتلة .. يصطبغ ماء البحر باللون الأحمر المنهمر بغزارة من جسد الشاب .. ليختلط بالماء المصطبغ باللون الأحمر القادم من ناحية سفن السلام وكسر الحصار .. وليصل حتى شاطئ غزة .
الطائرة المروحية العسكرية تحاول عدة مرات رفع جثة الشاب من مياه البحر .. تتمكن من ذلك أخيراً .
تلقي بجثة الشاب على ظهر سفينة السلام .. إلى جانب جثث شهداء السفينة ..
يختلط دم الشهيد بدمائهم .
يصل إلى المكان أحد أفراد السفينة من رفاق الشهداء .. بعد أن شاهد المروحية العسكرية وهي تحضر جثة جديدة وتلقي بها إلى جانب جثث الشهداء .
يقترب من جثة الشاب الشهيد .. العاري .. يحاول التعرف عليه .. يلاحظ بأن ثمة سلسلة من الخيوط القوية في رقبته .. معلق بها زجاجة صغيرة .. يمد الرجل بيده ناحية السلسلة .. ناحية الزجاجة .. يقوم بفتحها .. تسقط منها وردة .. و ورقة..
وردة .. بيضاء .. ناصعة اللون .. بلون الصفاء والحب والطهر .
يتناول الورقة .. يفتحها .. يقرأ ما بها بصوت هادرٍ يعلو فوق أصوات جميع محركات الطائرات العسكرية المحيطة بالمكان :
" قلوبنا معكم ... أرواحنا فداء لكم "
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف