في اسطول الحرية كان لنا أمل.. كان لنا فرح.. كنا نحسب يوم لقائه عرس.. لطالما انتظرناه بشغف.. لطالما اعتنقنا الأحلام ونسجناها عن يوم لقائه.. طفل وشيخ وشاب وامرأة كلهم يتحرق شوقا للقاء الحبيب.. فهو لنا يحمل العبير ونسائم الدعم والحنان.. فهو تماما كأبي الذي غاب عنا وأطال الغياب.. اقتربت الساعات.. ودقت العقارب وأفئدة الناس.. ها هو آت.. أخيرا اقترب أسطول الحرية يا أحبتي .. فالنصر آت لا محال.. لكن موكب أبي كان له أبهى استقبال.. آه ما أحلاه.. فكل سماء غزة اكتستها الألعاب النارية .. وأصوات القذائف تدوي هنا وهناك.. حقا كان أبهى استقبال.. كم كان جميلا فكان لقاء لم يشهد بجماله لا إنس ولا جان.. فقد توشحت ملابس أبي بألوان الدم وعبير الدخان.. تماما كما لو كنا نحتفل بعيد هولي .. فكم كانت صورة أبي جميلة بتلك الألوان.. مركب أبي جميل بما حمله معاه.. يا ما أزهاه.. حتى البحر غار منه وشحد منه بعض الدم والدخان.. فهما كأم وجنين لا يكادان ينفصلان.. هناك في السماء.. كانت عصافير تطوف في حرية وبهاء.. تطير دون قيد أو خوف أو رهاب.. هي أيضا أرادت أن تلعب الهولي مع أبي فأمطرت عليه من الألوان ما تشاء.. آه ما أبهاك يا أبي بتلك اللون القرمزي الممزوج مع رماد الدخان.. أتعلمون.. لطالما أحب أبي عيد الهولي ولطالما غنينا معه ورقصنا فيه وامتزجنا بالألوان.. فلنا عيد هولي في عام ألف وتسع مائة وثمانية وأربعون.. ولنا عيد آخر بعده بتسعة عشرة عام..وآخر في عام ألفان.. ليس الأول من نوعه فقد تعلّمنا كيف نفرح فيه يا إخوان.. وكم كان جميلا عيدنا الأخير بمعية موكب أبي وما جباه .. فنحن لن نتلاكأ عن الإحتفال بهولي طالما هناك من يداعبنا بألوان من الأرض والبحر وأيضا من السماء.. فمن أراد أن يلعب معنا فباب بلادي مفتوح على مصراعية من كل جنب واتجاه.. فأهلا بكم في أي وقت وزمان.. فسوف ترعاكم سفن البحر.. وسلاحف الأرض وعصافير السماء.. ستمطر عليكم من أبهى الألوان.. هذه بلادي وهكذا نستقبل ضيوفنا .. فمن منكم آت؟!