
4ـ القلب الحائر :
ــــــــــ
ـ سأطلب الطلاق 0
قالت هذه العبارة .. وقد ارتسم على وجهها الإصرار والتحدى .. لم تعبأ بصرخات أمها ، وهى تلطم على صدرها 0
ـ طلاق ! .. لا .. لايمكن هذا 0
صرخت نها ، وهى ترمى أمها بنظرة لوم واتهام :
ـ إننى لم أعد تلك الطفلة الصغيرة يا أمى .. التى ترسمى لها حياتها حسب رغبتك 0
هتفت والدتها :
ـ لقد وافقت على "إيهاب" .. لأنك قد أحببتيه0
ضحكت "نها" يسخرية :
ـ أحببته ! .. كنت مراهقة .. لقد كان حبى وهما .. وغرتنى المظاهر الخادعة 0
صمتت قليلا .. ثم استطردت 00
ـ كان يجب أن تنصحيننى .. بل وتمنعى هذه الكارثة 0
رددت أمها كلمتها الأخيرة .. وقد جحظت عيناها :
ـ كارثة !!
صرخت "نها" بتحد أكثر :
ـ سوف أدافع عن حريتى ،وحياتى .. الآن سوف أنهي كل شئ 0
اندفعت إلى حجرتها ، وارتدت ملابسها بسرعة .. ثم انفلتت خارجة من منزلهم ، إلى "السوبر ماركت" حيث "إيهاب" 0
ما أن لمحها تدخل عليه شاحبة الوجه ، وقد بدا عليها الاضطراب .. حتى أسرع إليها ، وهو يصيح بجزع :
ـ ماذا حدث ؟
هتفت :
ـ أريد أن أتكلم معك فى موضوع خاص جدا 0
شعر بانقباض فى صدره .. لكنه تريث بعض الوقت .. ليطمئن على سير العمل .. ثم هتف بها :
ـ أظن أن المكان غير مناسب لمناقشة الشئون الخاصة 0
خرجا من "السوبر ماركت" .. ليستقلا سيارته .. انطلقت بهما إلى أحد الكازينوهات المطلة على النيل 0
جلسا حول المنضدة .. ساد السكون بينهما لفترة .. كان "إيهاب" يرتشف خلالها عصير الليمون على مهل .. بينما لم تمس "نها" كوبها ، وقد ارتسم على وجهها القلق والانفعال 0
انتظرت أن يبدأ هو الحديث .. لكنه كان يحدق فى كوبه الفارغ بنظرات شاردة ، وهو يقلبه بين يديه 0
أخيرا نفد صبرها .. فقالت بصوت أبح :
ـ لقد فكرت فى أمر علاقتنا 0
قال باقتضاب :
ـ وبعد ؟
عضت شفتها السفلى بقوة .. حتى كادت أن تدميها .. ثم صاحت باندفاع ، ودون مقدمات :
ـ يجب أن ننفصل 0
صرخ بصوت هادر .. جعل الرواد الملتفين حول المناضد ، ينظرون إليهما بفضول :
ـ ماذا ؟!
قالت بصوت خافت ، وهى تنظر حولها :
ـ أرجوك .. اخفض صوتك 0
صرخ غير عابئ بالعيون التى ترقبهما بفضول :
ـ طلاق !.. إننى أحبك .. أحبك بجنون ، ولا أتصور الحياة بدونك !
غمغمت :
ـ لكننى لم أعد قادرة على تحمل استمرار علاقتنا 0
صمتت قليلا لتفكر فى كلمات مناسبة لتقنعه بموقفها 00
ـ إننى لن أسعدك يا "إيهاب" 0
هتف وقسمات وجهه ترتجف :
ـ إن مجرد رؤياك بمثابة سعادة لى .. عندما أشم عبيرك ، أو تكونى بالقرب منى أشعر بأننى في الجنة 0
ثم ارتفع صوته الهادر يقول بغضب 00
ـ لا.. لن أطلقك أبدا .. أبدا 0
دس يده فى جيبه .. وقذف عملة ورقية فوق المنضدة ، اندفع خارجا من الكازينو .. بينما ظلت "نها" فى مكانها مطرقة برأسها ، غير قادرة أن ترفع طرفها ، بعد أن تمكن منها الخجل البالغ 0
حاولت أن تستجمع شجاعتها .. نهضت ورجلاها تلتفان حول بعضهما .. خطت تجاه باب الكازينو .. بينما كانت العيون تشيعها بنظرات فضولية متسائلة .. حتى غابت عن الأنظار 0
فى الليل استيقظت أسرتها ، على صوت رنين الجرس .. المختلط بدق عنيف مدو على باب الشقة 0
قامت أم "نها" فزعة من نومها .. هتفت بابنتها الجالسة فى صالة المنزل .. وقد ارتسم على ملامحها الرعب والخوف :
ـ اللهم أجعله خير !
أسرعت إلى الباب وهى تهتف بنبرة قلقة :
ـ من .. من الطارق ؟
لم تسمع صوت الطارق يرد على تساؤلها .. فتسرب الخوف إلى قلبها .. فلم تفتح الباب ..ويبدو أن الطارق قد نفذ صبره .. فصرخ آمرا :
ـ افتح يا أم "نها" 0
كان الصوت الآتى من وراء الباب ، هو صوت "إيهاب" .. فشحب وجهها .. مدت يدها المرتعشة لتفتح الباب بتردد 0
ألفته أمامها ، وقد حمل حقيبة كبيرة .. اندفع بها إلى داخل الشقة .. رماها تحت أقدام "نها" ، ثم فتحها .. أخذ يتلقف ملابس أنيقة بين يديه ، ثم يلقيها صوبها ، وهو يصرخ فى شبه جنون :
ـ لقد ابتعت كل هذا لك ..وسوف أضع الدنيا كلها تحت قدميك 0
أخرج حافظة نقوده المكدسة بأوراق البنكنوت ، انتشلها منها ، وأخذ يبعثرها حولها .. بينما كانت "نها" ذاهلة ،فزعة 0
أخذ يصرخ 0
ـ كل هذا لك يا حبيبتى 0
ثم أزاح الحقيبة ، وارتمى تحت قدميها ، وهو يقول بتوسل 00
ـ حتى أنا عبدك .. ملكك أنت وحدك 0
لمع الطمع فى عينى والدة "نها" ، وجثت على الأرض ، لتجمع العملات الورقية المبعثرة فى المكان بنهم 0
صرخت "نها" فى أمها بعنف :
ـ ضعيها مرة ثانية فى الحافظة يا أمى 0
رمته بنظرة احتقار ، وهى تقول بتصميم :
ـ إننى لن أتراجع عن قرارى .. حتى ولو بكنوز الدنيا 0
اندفعت لتلوذ بحجرتها .. صفقت خلفها الباب بعنف .. بينما ظل "إيهاب" ، يرمق الباب المغلق بذهول ، وقد تغضن وجهه بالألم المريع 0
كان وقع الصدمة عنيفا على "إيهاب" .. لم يعد قادرا على معاملة "نها" الجافة وصدودها له ، ورفض أى محاولات للتقرب منها .. فغادر الشقة ، إلى عمارته التى أكمل تشطيبها .. أقام فى الشقة التى أعدها خصيصا لاستقبال عروسه 0
أما "نها" .. فقد كانت مصرة على موقفها .. تيقنت أنها لن تنال حريتها أبدا إلا عن طريق القضاء 0
لم تجد مكانا تلجأ إليه ليساعدها ، ويقف جانبها فى مواجهة "إيهاب" الذى رفض أن يطلقها .. فأمها ووالدها ، الذى لا زال خارج البلاد رفضا فكرة الطلاق 0
حتى الجيران كانوا يرمونها بنظرات الاتهام .. أحيانا نظرات الازدراء الصريحة ، لهذه الفتاة المتكبرة .. لرفضها هذا الشاب ، فهم يرونه من وجهة نظرهم رجلا لا يعيبه شئ ، وأنه ولى نعمة هذه الفتاة الجاحدة !
أخيرا فكرت أن تقوم بزيارة صديقتها "هدى" .. فوالدها محام كبير ، وقد يساعدها فى طلب الطلاق 0 بالفعل قامت بزيارة صديقتها التى وجدت منها الترحيب الغامر ، والتشجيع من قبل والدها ، الذى بدأ فى مباشرة القضية 0
طال أمر النظر فى قضيتها .. حتى انتهت من عامها الدراسى الثانى بكلية العلوم .. لتنتقل إلى الفرقة الثالثة .. دون أى بادرة أمل للخلاص ، وبدأ شعور من الإحباط ، واليأس يتسربان إليها 0
تنامى شعورها بالوحدة ، والحرمان من الحب والتعاطف .. اللذين افتقدتهما من أسرتها ، والمحيطين بها .. فسافرت إلى قرية والدها لتقيم لدى عمتها أثناء إجازة نصف العام 0
ــــــــــ
ـ سأطلب الطلاق 0
قالت هذه العبارة .. وقد ارتسم على وجهها الإصرار والتحدى .. لم تعبأ بصرخات أمها ، وهى تلطم على صدرها 0
ـ طلاق ! .. لا .. لايمكن هذا 0
صرخت نها ، وهى ترمى أمها بنظرة لوم واتهام :
ـ إننى لم أعد تلك الطفلة الصغيرة يا أمى .. التى ترسمى لها حياتها حسب رغبتك 0
هتفت والدتها :
ـ لقد وافقت على "إيهاب" .. لأنك قد أحببتيه0
ضحكت "نها" يسخرية :
ـ أحببته ! .. كنت مراهقة .. لقد كان حبى وهما .. وغرتنى المظاهر الخادعة 0
صمتت قليلا .. ثم استطردت 00
ـ كان يجب أن تنصحيننى .. بل وتمنعى هذه الكارثة 0
رددت أمها كلمتها الأخيرة .. وقد جحظت عيناها :
ـ كارثة !!
صرخت "نها" بتحد أكثر :
ـ سوف أدافع عن حريتى ،وحياتى .. الآن سوف أنهي كل شئ 0
اندفعت إلى حجرتها ، وارتدت ملابسها بسرعة .. ثم انفلتت خارجة من منزلهم ، إلى "السوبر ماركت" حيث "إيهاب" 0
ما أن لمحها تدخل عليه شاحبة الوجه ، وقد بدا عليها الاضطراب .. حتى أسرع إليها ، وهو يصيح بجزع :
ـ ماذا حدث ؟
هتفت :
ـ أريد أن أتكلم معك فى موضوع خاص جدا 0
شعر بانقباض فى صدره .. لكنه تريث بعض الوقت .. ليطمئن على سير العمل .. ثم هتف بها :
ـ أظن أن المكان غير مناسب لمناقشة الشئون الخاصة 0
خرجا من "السوبر ماركت" .. ليستقلا سيارته .. انطلقت بهما إلى أحد الكازينوهات المطلة على النيل 0
جلسا حول المنضدة .. ساد السكون بينهما لفترة .. كان "إيهاب" يرتشف خلالها عصير الليمون على مهل .. بينما لم تمس "نها" كوبها ، وقد ارتسم على وجهها القلق والانفعال 0
انتظرت أن يبدأ هو الحديث .. لكنه كان يحدق فى كوبه الفارغ بنظرات شاردة ، وهو يقلبه بين يديه 0
أخيرا نفد صبرها .. فقالت بصوت أبح :
ـ لقد فكرت فى أمر علاقتنا 0
قال باقتضاب :
ـ وبعد ؟
عضت شفتها السفلى بقوة .. حتى كادت أن تدميها .. ثم صاحت باندفاع ، ودون مقدمات :
ـ يجب أن ننفصل 0
صرخ بصوت هادر .. جعل الرواد الملتفين حول المناضد ، ينظرون إليهما بفضول :
ـ ماذا ؟!
قالت بصوت خافت ، وهى تنظر حولها :
ـ أرجوك .. اخفض صوتك 0
صرخ غير عابئ بالعيون التى ترقبهما بفضول :
ـ طلاق !.. إننى أحبك .. أحبك بجنون ، ولا أتصور الحياة بدونك !
غمغمت :
ـ لكننى لم أعد قادرة على تحمل استمرار علاقتنا 0
صمتت قليلا لتفكر فى كلمات مناسبة لتقنعه بموقفها 00
ـ إننى لن أسعدك يا "إيهاب" 0
هتف وقسمات وجهه ترتجف :
ـ إن مجرد رؤياك بمثابة سعادة لى .. عندما أشم عبيرك ، أو تكونى بالقرب منى أشعر بأننى في الجنة 0
ثم ارتفع صوته الهادر يقول بغضب 00
ـ لا.. لن أطلقك أبدا .. أبدا 0
دس يده فى جيبه .. وقذف عملة ورقية فوق المنضدة ، اندفع خارجا من الكازينو .. بينما ظلت "نها" فى مكانها مطرقة برأسها ، غير قادرة أن ترفع طرفها ، بعد أن تمكن منها الخجل البالغ 0
حاولت أن تستجمع شجاعتها .. نهضت ورجلاها تلتفان حول بعضهما .. خطت تجاه باب الكازينو .. بينما كانت العيون تشيعها بنظرات فضولية متسائلة .. حتى غابت عن الأنظار 0
فى الليل استيقظت أسرتها ، على صوت رنين الجرس .. المختلط بدق عنيف مدو على باب الشقة 0
قامت أم "نها" فزعة من نومها .. هتفت بابنتها الجالسة فى صالة المنزل .. وقد ارتسم على ملامحها الرعب والخوف :
ـ اللهم أجعله خير !
أسرعت إلى الباب وهى تهتف بنبرة قلقة :
ـ من .. من الطارق ؟
لم تسمع صوت الطارق يرد على تساؤلها .. فتسرب الخوف إلى قلبها .. فلم تفتح الباب ..ويبدو أن الطارق قد نفذ صبره .. فصرخ آمرا :
ـ افتح يا أم "نها" 0
كان الصوت الآتى من وراء الباب ، هو صوت "إيهاب" .. فشحب وجهها .. مدت يدها المرتعشة لتفتح الباب بتردد 0
ألفته أمامها ، وقد حمل حقيبة كبيرة .. اندفع بها إلى داخل الشقة .. رماها تحت أقدام "نها" ، ثم فتحها .. أخذ يتلقف ملابس أنيقة بين يديه ، ثم يلقيها صوبها ، وهو يصرخ فى شبه جنون :
ـ لقد ابتعت كل هذا لك ..وسوف أضع الدنيا كلها تحت قدميك 0
أخرج حافظة نقوده المكدسة بأوراق البنكنوت ، انتشلها منها ، وأخذ يبعثرها حولها .. بينما كانت "نها" ذاهلة ،فزعة 0
أخذ يصرخ 0
ـ كل هذا لك يا حبيبتى 0
ثم أزاح الحقيبة ، وارتمى تحت قدميها ، وهو يقول بتوسل 00
ـ حتى أنا عبدك .. ملكك أنت وحدك 0
لمع الطمع فى عينى والدة "نها" ، وجثت على الأرض ، لتجمع العملات الورقية المبعثرة فى المكان بنهم 0
صرخت "نها" فى أمها بعنف :
ـ ضعيها مرة ثانية فى الحافظة يا أمى 0
رمته بنظرة احتقار ، وهى تقول بتصميم :
ـ إننى لن أتراجع عن قرارى .. حتى ولو بكنوز الدنيا 0
اندفعت لتلوذ بحجرتها .. صفقت خلفها الباب بعنف .. بينما ظل "إيهاب" ، يرمق الباب المغلق بذهول ، وقد تغضن وجهه بالألم المريع 0
كان وقع الصدمة عنيفا على "إيهاب" .. لم يعد قادرا على معاملة "نها" الجافة وصدودها له ، ورفض أى محاولات للتقرب منها .. فغادر الشقة ، إلى عمارته التى أكمل تشطيبها .. أقام فى الشقة التى أعدها خصيصا لاستقبال عروسه 0
أما "نها" .. فقد كانت مصرة على موقفها .. تيقنت أنها لن تنال حريتها أبدا إلا عن طريق القضاء 0
لم تجد مكانا تلجأ إليه ليساعدها ، ويقف جانبها فى مواجهة "إيهاب" الذى رفض أن يطلقها .. فأمها ووالدها ، الذى لا زال خارج البلاد رفضا فكرة الطلاق 0
حتى الجيران كانوا يرمونها بنظرات الاتهام .. أحيانا نظرات الازدراء الصريحة ، لهذه الفتاة المتكبرة .. لرفضها هذا الشاب ، فهم يرونه من وجهة نظرهم رجلا لا يعيبه شئ ، وأنه ولى نعمة هذه الفتاة الجاحدة !
أخيرا فكرت أن تقوم بزيارة صديقتها "هدى" .. فوالدها محام كبير ، وقد يساعدها فى طلب الطلاق 0 بالفعل قامت بزيارة صديقتها التى وجدت منها الترحيب الغامر ، والتشجيع من قبل والدها ، الذى بدأ فى مباشرة القضية 0
طال أمر النظر فى قضيتها .. حتى انتهت من عامها الدراسى الثانى بكلية العلوم .. لتنتقل إلى الفرقة الثالثة .. دون أى بادرة أمل للخلاص ، وبدأ شعور من الإحباط ، واليأس يتسربان إليها 0
تنامى شعورها بالوحدة ، والحرمان من الحب والتعاطف .. اللذين افتقدتهما من أسرتها ، والمحيطين بها .. فسافرت إلى قرية والدها لتقيم لدى عمتها أثناء إجازة نصف العام 0