الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

وطأة القلب وتاريخ الذات دراسة في سرير الغريبة محمود درويش بقلم:كريم عبيد

تاريخ النشر : 2010-05-28
كريم عبيد



البداية / جسد النص :

إنها وطأة القلب , وهيمنة الوجدان , تتفجر دفعة واحدة , هكذا .. في مجموعة تتعالق دلالتها , بين حضور يجسّد تاريخا ً من الهزائم والانكسارات , تاريخا ً من الهجرات والأسفار .. وغياب يتجسّد في حلم بدأ مع كتابة أول حرف , في قصيدة ما زالت تختبئ في ركن قصيّ لطفولة حزينة ..
دلالة تبدأ من العنوان .. العنوان هو الباب .. والقصيدة هي البيت .. والبيت " هو ركننا في العالم " كما يقول باشلار ( 1 )
والباب ذو وجهين :
وجه ينفتح على الخارج البارد , على العالم , على الآخر ..
ووجه يأوي إلى الدفء من الداخل , من المألوف , من الذات ..
سرير الغريبة ..
مجموعة تكسر إسار التمييز بين الذات وصورتها , بين الجسد وشكله ..
تكسر كلّ مرجعية للذات غيرها ..
سرير يختزل الوطن .. بدون فلسفة وأدلجة ..
وغريبة تختصر النساء .. بدون أقنعة وجماليات زائفة ..
مجموعة شعرية تخرج عارية من بحار هيبتها , تنزع عن نفسها كلّ زينتها , وترمي كلّ بهرجها , لتلقي بجسدها بين ألسنة النار , تتأمّل نفسها , كيف تنصهر وتذوب شيئا ً فشيئا ً . تتواطأ مع نفسها , وهي تتبخـّر في فضاءات غربتها .. ودون أن تدري تصبح الفضاءات أرضا ًواحدة , والغربة سريرا ً / وطنا ً / لغة / وحبيبة ..
وشاعر يعيد إنتاج ذاته , بل خلقها , وقد اطـّرح كلّ أسلحته المعرفية والفكرية والسياسية ..جانبا ً ! ليزرع أزهار أفراحه وأحزانه وأحلامه داخل جسده الصغير .. لكنه يتفاجأ , وليس غريبا ً , أن الأزهار تتحوّل إلى أسئلة تكاد تضيق عنها المعرفة ؛ ويذهل أمامها الفكر ؛ وتقف الثقافة عاجزة عن الإجابة ..
شاعر يرى أن الآخر لا يمكن " إلا أن يعيش في الذات الآخر مرآة , إحدى مرايا الذات , ولكن الآخر ليس دائما ً عدوّا ً , وليس دائما ً أجنبيا ً , وليس دائما ً غريبا ً , الآخر قد يكون أنا , الذات قد تكون آخر , وهذا الذي يحاول أن يقوله ـ سرير الغريبة في علاقة الرجل بالمرأة , كل واحد هو ذات الآخر , أي الذات ترى نفسها آخر ذاتها , هذه الغربة تتعلق بالغربة الإنسانية .. " ( 2 )
يحقّ للشاعر أن يمارس نفسه , كيفما شاء في نصه , كما يحق للقارئ أن يمارس إنسانيّـته في نص الشاعر , كلّ منهما يتخلى للآخر عن موقع يعتقد أنه من حقه ..
قطيعة تخلق ذائقة عبر الزمن , تتنازل عن فوقيتها واستعلائها ؛ لتجري بعض التعديلات على ما تراكم في ذاكرتها , لتهيئ نفسها لتلقــّي الصدمة ..
ديوان كامل للحبّ .. وللحبّ وفقط ..
ما الغريب في ذلك .. ؟ والأسواق مليئة بدواوين الحبّ .. المئات منها , بل الآلاف دون مبالغة , وفي كلّ مكان ..
لكن المفارقة .. هي أن الصوت الذي خرج دفـّاقا ً , من عمق الجرح الفلسطيني , وتاريخ الانكسارات والمنافي العربية صارخا ً في وجه القمع الإسرائيلي :
" سجّل أنا عربي .. " ( 3 )
هذا الصوت الذي توّج في الذائقة النقدية والشعبية على حدّ سواء ؛ شاعر المقاومة الأول , ولسان القضية الفلسطينية البذاخ , ومغنـّي الشعراء .. إلخ , هذا الصوت الذي تجرّد من ذاتيته , ليصبح ذاكرة جمعية لشعب كامل , وضميرا ً ناطقا ً لأمة مترامية الأطراف , ووجها ً من وجوه صمودها ووجودها ..
هل يحقّ لـه أن يأوي إلى ذاته , ليعيش أفراحه وأحزانه بعيدا ً عن كلّ شيء .. وأن يرمي عن كاهله تاريخ القصيدة , وعمر الشعر , لينام تحت شجرة روحه عاريا ً كنهر ٍ صغير ..؟!
إن الإجابة على هذا السؤال , قد تكون أخطر من السؤال نفسه !
وذلك لأن الصورة التي قدّم محمود درويش نفسه بها , للجماهير العربية , هي صورة شاعر الثورة , بل صوتها وعمل جاهدا ً خلال مسيرته الشعرية , على ترسيخ هذه الصورة , وإن كان يكسرها بين الحين والآخر , بأشكال إبداعية شعرية , أكثر استفزازا ً من سابقاتها , ولكن هذا كان يؤكد رسوخ الصورة في ذاكرة المتلقي العربي .. هذا الذي وجد في شعر محمود درويش أرضا ً يحلم بها , وواقعا ً يتمنـّى أن يعيش فيه , وحقيقة تساعد على ترميم انهيار حقيقته هو , وهذه الإشكالية غير قابلة للتبسيط , لأن
" المسألة في الواقع أكثر تعقيدا ً من هذا التمرّد الأولي في إحكام البداهة حول حقوق شاعر يحظى بالكثير من الإجماع على البداهة , ذلك لأنها تدور حول الموقف من هذا الغرض الشعري مقابل ذاك , أو حول واجب الشاعر هنا , وحقه هناك , بل حول الغرض بوصفه انتقاصا ً من واجب الشاعر إذا صحّت العبارة , وحول حقّ الجماهير في المطالبة بالأغراض الأثيرة لديها , وربما واجبها ! في الدفاع عن موقع فريد منحته لمحمود درويش , وشغله ويشغله في الوجدان العربي العريض . إنه صوت فلسطين ( فردوس العرب الضائع ) , وعاشق أرض فلسطين ( حبيبة العرب ) , والمقاوم الفلسطيني ( إزاء المهزوم العربي ) , والرمز المتحرّك أنـّى كان وأنـّى يكون ( في يافا , في القاهرة , في بيروت , في باريس , أو في راما الله ) . وإنه قيثارة فلسطين التي تداوي حتى حين تجرح , وتشجي حين تدمي , وتشحذ قوة الروح حين تقف على اندحار الروح ... " ( 4 )
إنها عملية تجاذب وصراع , تتحدّد أطرافها على النحو التالي :
ـ موقع الشاعر من الذاكرة الجمعية .
ـ موقعه أمام مرآة ذاته / الذاكرة الفردية .
ـ موقع المتلقي , ودوره في صنع موقعي الشاعر نفسه ..
فالشاعر لم يعد ملك نفسه , وهي سمة الشعراء الكبار , وحريته مرهونة بما يخلق من حريات الآخرين .. بحيث يصبح الآخرون جحيما ً . على حدّ تعبير سارتر ..
لأنهم يحاصرون حريته , حبّا ً , يتحول مع الزمن ليصبح مطلبا ً قسريا ً ..
الشاعر الكبير فقط من يدفع ثمنه من ذاته وروحه ..
ولعلّ هذا ما أحدث الهياج الشعبي والثقافي ضد محمود درويش عام 1970 - عشرات الصحف والدوريات والرسائل التي كتبت آنذاك , تستنكر على الشاعر خروجه .. ( 5 )
لأنها رأت أن الرمز الثابت في الداخل , والذي حملته في ذاكرتها , سوف يتزعزع وينهار , ويصبح الداخل مثل الخارج , والوطن كالمنفى , غربة وانكسارا ً ..
لا يحقّ لمحمود درويش أن يكون هو .. هو , لا يحقّ لـه أن ينسف الوجدان العربي والذاكرة الجمعية هكذا .. مرّة واحدة .. لكنّ أحدا ً لم يعلن ذلك صراحة !! كانت صدمة للجميع ..
غير أن محمود درويش تنبّه " إلى إشكاليّة موقع الشاعر الناطق باسم الوجدان الجمعي للأمة , وأدرك أن سبيله الأفضل للسير في هذه العلاقة الوعرة مع جمهوره ليس أيّ خيار آخر سوى الانشقاق عن أعراف العلاقة كلما توجّب الأمر , بل ومغارة أرضها كلما ضاقت وضيقت فضاء مشروعه الشعري , وكان يقتضي أولا ً , تطوير الموضوعات , والأدوات والأساليب التي تضمن للشعر أن يواصل الحياة , تحت اسم وحيد هو الشعر , وألا تنقلب العلاقة إلى تعاقد سكوني نصف أيديولوجي / نصف شعبوي , بين الشاعر الذي تمت ترقيته إلى مصاف الرائد الرائي , وبين الوجدان الجمعي الذي أسلم للشاعر قسطا ً كبيرا ً من الحقّ في تكييف الميول وردود الأفعال . لم تكن هذه الحرب الصامتة سهلة أبدا ً .. " ( 6 )
ومن هنا كانت الصدمة الثانية التي يقوم بها محمود درويش , لا تقلّ مشقة وصعوبة عن الأولى /
الخروج , كانت إصدار ديوان سرير الغريبة 1999 , ديوانا ً خالصا ً في الحب .
بعد تسعة وعشرين عاما ً مضت على خروج محمود درويش من الأرض المحتلة , استطاع خلالها أن يعيد ثقة الجمهور العربي به وبشعره , الذي بدأ بديوان أحبك أو لا أحبك 1972 , ولم ينته ِ بـ : ديوان حالة حصار 2002 طبعا ً .. أصبح الشاعر يرى الأشياء على حقيقتها :
" أطلّ كشرفة بيت على ما أريد
أطلّ على صورتي وهي تهرب من نفسها
إلى السلـّم الحجريّ , وتحمل منديل أمي
وتخفق في الريح : ماذا سيحدث لو عدت
طفلا ً وعدت إليك .. وعدت إليّ " ( 7 )
فالشاعر " لا يطلّ من الشرفة بل يصبح شرفة , وبطله ليس الأنا بل صورة الأنا .. " ( 8 )
إنها الرؤية التي تسمح باختراق الحواجز ومعرفة ما خلفها .. حيث أخذت تتكشف لـه , وصار قادرا ً على صوغ أكبر الأشياء بأقلّ الكلام ..
فبعد أن كان يصرخ داخل الأرض المحتلة :
" سجّل أنا عربي / أنا اسم بلا لقب / صبور في بلاد كلّ ما فيها / يعيش بفورة الغضب / جذوري ..
قبل ميلاد الزمان رست / وقبل تفتـّح الحقب / وقبل السرو والزيتون / وقبل ترعرع العشب .. " ( 9 )
بعد هذا الصراخ , صار يغني خارج الأرض المحتلة :
" أنا من هناك , ولي ذكريات . ولدت كما تولد الناس . لي والدهْ
وبيت كثير النوافذ . لي أخوة . أصدقاء . وسجن بنافذة واحده
ولي موجة خطفتها النوارس . لي مشهدي الخاصّ . لي عشبة زائده
ولي قمر في أقاصي الكلام . ورزق الطيور , وزيتونة خالده
مررت على الأرض قبل مرور السيوف على جسد حوّلوه إلى مائده
أنا من هناك . أعيد السماء إلى أمها حين تبكي السماء على أمها ..
وأبكي لتعرفني غيمة عائده
تعلمّت كلّ كلام يليق بمحكمة الدم كي أكسر القاعده
تعلمّت كلّ الكلام وفككته كي أركـّب مفردة واحده :
هي الوطن .. " ( 10 )
وأعتذر إذ أثبت القصيدة كاملة , ولكن يمكن أن تكون نموذجا ً على التحوّل الدرويشي الكبير , قبل وبعد الأرض المحتلة .. فبعد الصراخ ولد الغناء , وبعد المباشرة ولد الوضوح , وبعد الخطابية كانت الغنائية ..
محمود درويش في الأرض المحتلة كان صوت المقاومة وشكلا ً من أشكالها . خارج الأرض المحتلة , أصبح صوت المشروع الإنساني الفلسطيني وصورته الأجمل .. واتسع ليصبح مشروعا ً إنسانيا ً خالدا ً ..
إذن, إن القدرة عند درويش , على خلق أطوار شعرية , لا تنتمي إلا لذاتها , لكنها تجبر الجميع على الانتماء إليها , ثمّ تعود لتتمرّد على ذاتها , وعلى المنتمين إليها أيضا ً , لتخلق من ظلها جسدا ً , تصبح جميع الأجساد السابقة ظلالا ً له..
باختصار : سرير الغريبة ..
قصيدة حبّ خالصة , كتبت بين عامي ( 1996 - 1997 ) وظهرت دفعة واحدة عام 1999 - فترة
طويلة , لم ينشر درويش شيئا ً من قصائد هذه المجموعة , كما هي عادته في مجموعاته السابقة , إذا استثنينا مجموعته – لماذا تركت الحصان وحيدا ً 1995 – حيث تتشابه ظروف هاتين المجموعتين في ولادتهما كاملتين دفعة واحدة ..
وهذا يعني أن درويش حاور سرير الغريبة طويلا ً , ليصل إلى برهة الانفجار الحقيقي , والتمرّد الفني على تاريخ مديد من الكتابة .. حيث " يبدو الشاعر وقد بلغ ذروة دراماتيكية من استدعاء مهاراته الفنية الرفيعة , وتطبيقها في غرض شعري واحد , هو قصيدة الحب , لا يخلو من وعورة استقبال خاصة من جانب قارئ درويش العريض , أو ذلك القارئ الذي تربّى على رأي عام , يصف درويش بـ : عاشق الأرض , ومجنون التراب ." ... " وهو يقول بوضوح يصبّ مباشرة في منطق التفاوض مع القارئ والقراءة : " أمثالنا لا يموتون حبّا ً , / ولو مرّة في الغناء الحديث الخفيف / ولا يقفون وحيدين فوق الرصيف / لأن القطارات أكثر من عدد المفردات / وفي وسعنا دائما ً أن نعيد النظرْ .. / " ( 11 )
هذا التفاوض الذي قد يعيدنا إلى المجموعة السابقة لسرير الغريبة وهي / لماذا تركت الحصان وحيدا 1995 / هذه المجموعة التي تشبه في ظروف إخراجها , سرير الغريبة . غير أن الأولى أبقت أبوابا ً كثيرة مشرعة للدخول إلى الذاكرة الجمعية .. وبذلك تتجلـّى صورة التفاوض المذكور بالعودة إلى أبعد من / لماذا تركت الحصان وحيدا ً / إلى / شتاء ريتا - إحدى قصائد أحد عشر كوكبا 1992 / حيث تظهر ريتا بوصفها " مقتربا ً شعريا ً " وتصبح " مرآة تكسر شاعرها إلى نصفين وتدفعه إلى اكتشاف صوته بين الرجل وظله , وبين الحكاية وطريقة روايتها .. " ( 12 )
ريتا التي دخلت الوعي والذاكرة العربية , بوصفها رمزا ً لانقسام الذات على نفسها , وصورة أخرى في ذات الشاعر , وبابا ً لصراع أزليّ , بين الذات وضدّها في الذات نفسها , وليس كما ذهب الناقد إلياس خوري بأنها دخلت الوعي الثقافي العربي وتمّ تناسي هويتها وحقيقتها الإسرائيليّة .. ( 13 ) لأن هذه الهوية امّحت , واتخذت صورة للصراع وانشطار الذات :
" قالت سأرجع عندما تتبدّل الأيام والأحلام يا ريتا .. طويل
هذا الشتاء ونحن نحن , فلا تقولي ما أقول أنا هي ,
هي من رأتك معلقا ً فوق السياح فأنزلتك وضمدتكْ
وبدمعها غسلتك وانتشرت بسوسنها عليكْ
ومررت بين سيوف أخوتها ولعنة أمها . وأنا هي .
هل أنت أنت ؟ .. " ( 14 )
كلّ شيء حاضر هنا : الشاعر / الأنا , الأنا الآخر في الأنا / ريتا , المتلقي / الذاكرة الجمعية بسؤاله
الاستنكاري : هل أنت أنت ؟ ..
إذن , هذا التقاطع بين بعض قصائد سرير الغريبة وشتاء ريتا , لا يكاد يخرج عن إطار صراع الأنا مع ذاتها , وإن كان يمثـّل صراعا ً كونيا ً , يمكن تعميمه على كل صراع آخر ..

* * *

1 – الحضور الآخر للنص / ترتيب القصائد :
يمكن الوقوف طويلا ً على ترتيب محمود درويش لقصائد سرير الغريبة , وتقسيمها إلى أبواب . بحيث يمكننا من خلال هذا الترتيب , بوصفه نظاما ً حقيقيا ً , قراءة المجموعة .. فهو حضور آخر
للمعنى . وكأن درويش يكتب قصيدته ويقرؤها سينمائيا ً , حيث يأتي الإخراج إبداعا ً آخر للعمل المكتوب , وقد يتفوق عليه أحيانا ً , فتأتي الرؤية الإخراجية أكثر اتساعا ً وأشدّ مقاربة لفكر
الكاتب نفسه ..
هذا الشكل الإخراجي اعتمده محمود درويش , في / لماذا تركت الحصان وحيدا ً / وليس عبثا ً أن يعتمده درويش في سرير الغريبة . حيث يشكـّل كل باب موضوعا ً معينا ً , يستقلّ بنفسه , ولكنه يحاور ما قبله وما بعده , ليغدو جسدا ً واحدا ً .. هذا الأمر الذي أكـّده درويش نفسه , يقول : " إذا قام الشاعر بقراءة سلالية لسلالات شعره , فإنه سيجد أن كل مجموعة لها بذرة في المجموعة السابقة , فأنا أعترف الآن من أين طلع ديوان سرير الغريبة , لقد طلع من قصيدة في ديوان ـ لماذا تركت الحصان وحيدا ً ـ وهي قصيدة ـ ياسمين على ليل تموز ـ إذا نظرت إلى هذه القصيدة ستجد أنها جزء من سرير الغريبة , أي هناك دائما ً بذرة ٌمرمية في نصّ شعري , وتتطور إلى ديوان لاحق , وتنبت في ديوان جديد .. " ( 15 )
وبذلك يأتي توزيع قصائد سرير الغريبة على النحو التالي :
- القسم الأول : وهو فاتحة المجموعة وتمثلها قصيدة / كان ينقصنا حاضر / حيث يسيطر عليها موضوعات العاشق الغريب والعاشقة الغريبة وثنائية الاحتمال : رجل امرأة , وامرأة رجل , وطن
منفى , ومنفى وطن , انقسام في الاتحاد , واتحاد في الانقسام .. ويظهر الحوار إنسانيا ً خلاقا ً , بأجمل صوره بين عاشقين .. يقول :
" لنذهبْ كما نحن / سيدة حرّة / وصديقا ً وفيّا ً / لنذهب معا ً في طريقين مختلفين / لنذهب كما نحن متحدين /
ومنفصلين " ( 16 )
قد تستدعي هذه الرؤية الدرويشية فهم ابن حزم الأندلسي للحبّ حيث يقول : " وقد علمنا أن سرّ التمازج والتباين في المخلوقات , إنما هو الاتصال والانفصال , والشكل دائما ً يستدعي شكله , والميل إلى مثله ساكن , وللمجانسة عمل محسوس وتأثير مشاهد , والتنافر في الأضداد والموافقة في الأنداد والنزاع فيما تشابه موجود فيما بيننا .. " ( 17 )
وعلى الرغم من تقارب الرؤيتين , إلا أن درويش يتخذ لنفسه موقعا ً , هو أشبه بما طرحه فكر ما بعد الحداثة ؛ انطلاقا ً من مقولات نيتشه , وفوكو , وهيدجر الذي رفع شعار التدمير وتجاوز سلطة التراث والتقاليد , وهذا ما طوّره ـ جاك دريدا ـ فيما سمّاه بـ : " استراتيجية التفكيك " فلا سلطة للأشياء حتى في ذاتها , وليس لها مرجعية ثابتة , فالمدلول شيء وهمي , الدلالات لا نهائية ... اغتراب يصل إلى إنكار كلّ شيء .. اغتراب يجسّده درويش بقوله :
" فعمّا قليل ستنتقل الطير من زمن نحو زمن آخر / هل كان هذا الطريق هباء / على شكل معنى , وسار بنا
سفرا ً عابرا ً بين أسطورتين / فلا بدّ منه , ولا بدّ منا / غريبا ً يرى نفسه في مرايا غريبته ؟ " ( 18 )
إن البعد التاريخي الذي يمارس حضوره بقوة , في هذا الديوان , يمدّه بالبعد الملحمي المليء بالزخم المعرفي , والأسئلة الكبرى الموؤدة :
" هل أنا أنت ِ أخرى / وأنتَ أنا آخر ؟ / ليس هذا طريقي إلى أرض حريتي / ليس هذا طريقي إلى جسدي / وأنا , لن أكون أنا امرأتين / فلا أنا شرقية / ولا أنا غربية , / ولا أنا زيتونة ظللت آيتين / لنذهبْ إذا ً . " ( 19 )
حيث يتداخل صوت الرجل بالمرأة , هذه التي تصبح إحدى الخيارات الأشدّ قسوة لاختيار أناها التائهة , في أنا الرجل .. ومعرفة هذا الانقسام سبب آخر , لتعميق المعرفة الكلية لهذه الأنا ..
ـ كارل غوستاف يونغ ـ في تحليله للعلاقة بين " الأنيما والأنيموس " بين عنصري الأنوثة والذكورة , في كينونة الكائن الإنساني , سواء كان رجلا ً أو امرأة , توصّل يونغ إلى استنتاج مهمّ بشأن وجود العنصرين في الكائن الواحد . وأشار إلى خطورة طغيان أحد العنصرين على الآخر , ولكن الناتج الإبداعي المحتمل لخلل من هذا النوع قد يعني آداب الإنسان وفنونه في حالات محددة .. ( 20 )
لقد فسّر يونغ عشرات التجارب الإبداعية في العالم , دون أن يدري , بهذا الكلام ..
هذا الكلام هو : جوهر ديوان سرير الغريبة ..
- القسم الثاني : وفيه تتنوّع الموضوعات وتزداد ثراء في ملحمة الحب , وتتسع مساحة هذه الموضوعات مكانيّا ً وزمانيا ً لتمتدّ بين روما وقرطاج وسومر وبابل ودمشق وأريحا ... ومن هومير وباتسي يايانا وامرئ القيس ومجنون ليلى إلى رتسوس وإيلوار ... وذلك في الأقسام ( 2 ـ 3 ـ 4 ـ 5 ـ 6 ) ويتألف كل منها من ثلاث قصائد , إلا القسم السادس منها فهو يتألف من ست قصائد , إلا إذا اعتبرنا أنه قسمان , كل واحد منهما يتألف من ثلاث قصائد , وبالتالي تكون هذه الأقسام سبعة . ولكن ما يجعلنا نذهب إلى التقسيم الأول , هو أن درويش افتتح كل قسم منها بقصيدة مكتوبة في شكل الـ " سونيت " يطلق عليها محمود درويش اسم " سوناتا " , إلا في القسم الأخير . والسوناتا هنا تقوم بدور مهمّ في بناء المجموعة . موسيقيا ً حيث يعمل درويش من خلالها , على كسر رتابة الإيقاع في مجموع القصائد , بهذا الشكل الفني , من جهة , وجعل السوناتا شكلا ً استهلاليا ً وختاميا ً لمجموع الأقسام في آن معا ً, من جهة أخرى .. فضلا ًعن كونها قصيدة ذات أبعاد دلالية وفنية زاخرة , سوف نتناولها في فصل لاحق ..
- القسم الثالث : وهو القصيدة الختامية , تتمثل في قصيدة / طوق الحمامة الدمشقي / وهنا يتجلى خطاب العشق الدرويشي بأبهى صوره , ذروة التماهي بين المكان والأنثى , واللغة والأنا المنقسمة
إلى صورتها ..
فتصبح دمشق هي الأندلس , بردى يغادر ذاته ويدخل في فضاءات اللغة الدرويشية , في انزياحات تخرجه من جغرافيته الحقيقية :
" في دمشق / ينام غزال / إلى جانب امرأة / في سرير الندى / فتخلع فستانها وتغطي به بردى " ( 21 )
ومما يلفت النظر في هذه القصيدة , التقسيم الذي اعتمده درويش في هذه القصيدة . حيث نجد أنه جعلها في اثنين وعشرين قسما ً , مرتبة حسب الحروف الهجائية , من الألف حتى الكاف. وثمة دلالات كثيرة لهذا التقسيم , يمكن للمرء أن يقف عندها ..
ودمشق الشاعر أكبر من الشكل , تنفلت من أسر ذاتها , لتصبح رؤيا , تنبثق منها الصباحات الفاتنة :
" في دمشق : / أدوّن في دفتر امرأة : / كلُّ ما فيك / من نرجس / يشتهيك / ولا سور حولك , يحميك /
من ليل فتنتك الزائدةْ " ( 22 )
بل أصبحت دمشق تمتد عميقا ً في التاريخ , وبعيدا ً في الحلم , لتصبح كعبة جديدة , تعلـّق عليها حكايات البطولة بخيوط من ذهب .. نقرأ :
" في دمشق : / تطرَّز أسماء خيل العرب , / من الجاهلية / حتى القيامة , / أو بعدها / .. بخيوط الذهب " ( 23 )
وهكذا تتراوح القصيدة عند الشاعر , بين رؤيتين :
دمشق الحلم .. التي تعيد تشكيل الواقع الحقيقي .. ودمشق الواقع .. التي ترسم الحلم الجميل ..
وبين هاتين الرؤيتين تنبثق القصيدة , بوصفها رسالة في الحب , حين يسميها درويش طوق الحمامة الدمشقي , أسوة بطوق الحمامة في الألفة والألاف , رسالة ابن حزم الأندلسي المعروفة ..
* *
2 - خطاب العشق والفضاء الملحمي :
لا شكّ أن الفضاء الذي تتحرك فيه قصائد هذه المجموعة , فضاء لا يحدّ . وقد نتلمّس في بعض القصائد فضاء ملحميّا ً لخطاب العشق , يتحرك في سياق الغربة والـقلق الروحي العاصف , في محاولة من الشاعر , لإكمال هذه الدائرة / الحب .. و يتجلى في ثلاث قصائد ( أنا وجميل بثينا - قناع لمجنون ليلى - درس من كاما سوطرا ) حيث يقيم درويش جدلا ً حقيقيا ً , وحوارا ً مع تراث الحب الأيروسي العربي والهندي ..
ففي حواره مع جميل بثينة , يجد الشاعر صورة مماثلة لروحه , وصوتا ً يحاكي صوته , ولكنه عاش قبله منذ بعض مئات من السنين , غير أن حالته هي نفسها :
" كبرنا أنا وجميل بثينة , كلٌّ / على حدة , في زمانين مختلفين ... " ( 24 )
ويتخذ محمود درويش من الحوار الممتد في القصيدة وسيلة لانفلات روحي وتصوريّ مدهشين , يأتي على لسان جميل بثينة :
" تزوّجتها . وهززنا السماء فسالت / حليبا ً على خبزنا . كلما جئتها فتـّحت /
جسدي زهرة زهـرة , وأراق غدي / خمره قطرة قـطرة في أباريقها " ( 25 )
إن موضوعة الحب هنا تتمظهر في اللغة , وتعمل على تشريدها , وتؤكد حالتها الإنسانية , التي لا يمكن التخلي عنها , أمام أوهام ما سمّي باسم الحب العذري , الذي كان شكلا ً جديدا ً للحب والكتابة معا ً ..
إنه ابتكار شكل جديد , يتمرّد على كل الأشكال الشعرية آنذاك .. ودرويش لا يكتفي بحوار جميل بثينة , بل يعيد بناء رؤيته في الحب , بعيدا ً عما كتبه الرواة .. يقول :
" أمِرتُ وعُلـّمت . لا شأن لي / بوجودي المراق كماء على جلدها / العنبيّ . ولا شأن لي بالخلود / الذي سوف يتبعنا ككلاب الرعاة . / فما أنا إلا كما خلقتني بثينة " ( 26 )
إنه انتصار الحب على كلّ شيء ..
غير أننا نلاحظ في هذه القصيدة , أنه ثمة تراخ ٍ , يطلّ في بعض مفاصلها , ولا سيما في أسلوب السؤال الذي يأتي غالبا ً على لسان درويش / الوجه الآخر لجميل في القصيدة . نقرأ :
- يا جميل ! أتكبر مثلك , مثلي , بثينة ؟
- هل هممت بها , يا جميل , على عكس ما قال عنك الرواة , وهمّت بك ؟
- هل خلقت لها , يا جميل , وتبقى لها ؟
- هل تشرح الحبّ لي , يا جميل , لأحفظه فكرة فكرة ؟
من المعروف أن درويش خلق أسلوبا ً متميزا ً للسؤال في الشعر العربي .. ولكن الملاحظ هنا أن
الحوار يكاد يسقط من يده .. لأن هذا الحوار غير متكافئ كما يبدو في القصيدة .. فالسؤال , بوصفه خطاب المحاور الأول / درويش , يبدو سطحيا ً ومباشرا ً.. بينما يأتي الجواب , على لسان المحاور الثاني / جميل بثينة , أكثر تماسكا ًعمقا ً .. وإن لم يخلُ هو الآخر من الوقوع في الابتذال أحيانا ً .. نقرأ :
- أعرف الناس بالحب أكثرهم حيرة ..
- إن رأيت بثينة في امرأة غيرها , فاجعل الموت , يا صاحبي , صاحبا ً ..
إن هذه النصائح العشقية , تسقط في الوعظ , الذي يطبع قصيدة الحبّ عموما ً, بطابع يبتعد عن الطبيعة الشفافة لها .. وقد يستغرب القارئ أن يقع محمود درويش في مثل هذا , وهو المعلم الماهر الحاذق , الذي لا تخرج القصيدة من محرقتها عنده , إلا وقد تجوهرت بنيران روحه , حتى شفّ لونها وشع بريقها ..
وهذا ما يتجلى في قصيدته قناع لمجنون ليلى .. حيث يتخذ الشاعر من مجنون ليلى قناعا ً يتحدث من خلاله , وفق آلية محكمة الصنع , ولغة عالية , تتعالق فيها اللغة والرؤيا , وتتصاعد القصيدة إلى
ذروتها , مسلمة بذلك نفسها إلى قارئها , كحالة مطلقة للحب , تفرض عليه أن يعيد قراءتها من جديد . فثمة أشياء لم تقلها القصيدة , بل نامت عليها كعاشقة غطت من تحبّ بجسدها الشفاف .. نقرأ :
" أنا قيس ليلى / غريب عن اسمي وعن زمني / لا أهزّ الغياب كجذع النخيل / لأدفع عني الخسارة , أو أستعيد / الهواء على أرض نجد . ولكنني , / والبعيد على حاله وعلى كاهلي , / صوت ليلى إلى قلبها / فلتكن للغزالة بريّة / غير دربي إلى غيبها .. " ( 27 )
إن محمود درويش يؤكد الفكرة التي تقول : إن قيس ليلى فكرة خلقها الرواة .. لكنها خرجت من يدهم لتصبح ملحمة للحب والحرية في آن معا ً :
" أنا من أولئك , / ممن يموتون حين يحبّون . لا شيء / أبعد من فرسي عن معلقة الجاهليّ / ولا شيء أبعد من لغتي عن أمير / دمشق . أنا أول الخاسرين . أنا / آخر الحالمين وعبد البعيد . أنا / كائن لم يكن . وأنا فكرة للقصيدة / ليس لها بلد أو جسدْ / وليس لها والد أو ولدْ . / أنا قيس ليلى , أنا / وأنا .. لا أحدْ " ( 28 )
المجنون , جسده / ظله أصبح معادلا ً للحرية , والخروج على كلّ نظام لا يعترف بها : لغويا ً كان أم
سلطويا ً..هذا ما أراده درويش من قناعه ..
ومما يلفت النظر في هذه القصيدة مطلعها :
" وجدتُ قناعا ً , فأعجبني أن / أكون أنا آخري . كنت دون / الثلاثين , أحسب أنّ حدود / الوجود هي الكلمات. " ( 29 )
وكأن الشاعر هنا يقدّم لناقده مفتاح الدخول إلى النص .. ولهذا كما يبدو , جاء هذا الكلام زائدا ً على القصيدة , التي تبدأ بعد هذا الكلام مباشرة :
" مريضا ً بليلى كأيّ فتى شعّ في دمه الملح . ( كنتُ و)  إن لم تكن هي / موجودة جسدا ً فلها صورة الروح / في كلّ شيء "
ويتصاعد خطاب العشق في قصيدة " درس من كاما سوطرا " حيث يتماهى محمود درويش مع تعاليم باتسي يايانا بأجمل أبعادها الإنسانية , لتصبح المرأة حالة من البقاء المستمر , والحلم الدائم , الذي لا يملّ انتظاره . بل هو مصدر الحياة .. وكأننا أمام صموئيل بيكيت في انتظار غودوت حيث يتحوّل الانتظار إلى حالة حياة حقيقية . فقدانها يعني انتهاؤها .. يقول محمود درويش :
" .. ولا تجفل الطير فوق جدائلها / وانتظرها
لتجلس مرتاحة كالحديقة في أوج زينتها / وانتظرها ,
لكي تتنفـّس هذا الهواء الغريب على قلبها / وانتظرها ... " ( 30 )
لا شكّ أن تعامل درويش مع رموز كبيرة للحب , أتاح لـه مساحة واسعة من الحرية , في خلق حالة القصيدة , وذلك من خلال مواجهتها بنسختها الأصلية , أو الباعث الأول لها .. حيث أخذت شكل الحوار حينا ً , كما في قصيدة أنا وجميل بثينة , وشكل القناع حينا ً آخر كما في قصيدة قناع لمجنون ليلى , أو شكل دروس في الحب كما في قصيدة درس من كاما سوطرا , وكأن القصيدة هنا أحد فصول هذا الكتاب المشهور , هذا من جهة , ومن جهة أخرى , فقد أتيح لمحمود درويش , من خلال هذا الانفتاح , فضاء من الحوار الإنساني الشفاف , الذي لا يقف عند شكل مؤطر لحالة الحب , بل يعمد دائما ً إلى كسرها والخروج عليها , وخلق بدائلها الأجمل ..
* *
3 - حوار بين الشعر والنثر / وحدة التفعيلة :
إن من يقرأ سرير الغريبة لا يمكن إلا أن تستوقفه تفعيلة المتقارب , التي تسيطر على المجموعة كلها .. أبجدية تنساب بكلّ عذوبة وعفوية , لكنها عفوية المعلم الماهر , التي ترفع الغطاء عن اليومي المألوف , لتكتشف فيه كنوزا ً وجواهر , تنبجس إيقاعا ً يتخلى عن كل ً " الجماليات الزائدة " ويتسق في خطاب شعري هو أشبه بحالة الشاعر في المجموعة كلها .. الأنا والآخر المتجسد فيها , انشطار الذات إلى ذاتها ..الشعر / النثر .. :
" يجلس الليل حيث تكونين . ليلك من / ليلك ٍ . بين حين وآخر تفلت إيماءة / من أشعة غمازتيك فتكسر كأس النبيذ / وتشعل ضوء النجوم . وليلك ظلك / قطعة أرض خرافية للمساواة ما بين / أحلامنا .. " ( 31 )
تفعيلة المتقارب الهادئة , استعارة ذكية من النثر .. تؤصل لتاريخ عريق لمحمود درويش , وامتداد أسلوبي ظهر في غير مكان من تجربته :
ورد أقل 1986 - تخلـّق أسلوبي مشابه لسرير الغريبة .. فالغنائية الملحمية الطاغية , الكتابة المقطعية , اللعبة الإيقاعية تكاد تكون ذاتها ..
محمود درويش في ـ ورد أقل ـ يكتب ملحمة الهزيمة , يكتب تاريخ الذاكرة الجمعية ..
وفي سرير الغريبة يكتب ملحمة الحب , يكتب تاريخ الذات ..
محاولة أسلوبية جديدة , لردم الهوّة بين الشعر والنثر ..
محمود درويش يقول : " لا يمكن لأيّ شاعر مهما كان انحيازه لخياره الجمالي , النجاة من الحوار معه , أتحاور مع النثر بطريقتي الخاصة .. " ( 32 )
لقد اكتشف درويش طريقة الحوار الخاصة به .. تفعيلة واحدة تمتدّ على ديوان كامل , تفعيلة مفردة تجلت
في : ورد أقل , و سرير الغريبة - تفعيلة المتقارب .. حيث يقوم الشاعر بتشعبات عروضية , تخرج هذه التفعيلة من نموذجها الرياضي البحت " فعولن " ولا سيما في هندسة القصيدة , أي فضائها الكتابي على الصفحة البيضاء . نقرأ مثلا في قصيدة بعنوان - لا أقل ولا أكثر :
" أنا امرأة , لا أقلّ ولا أكثرَ
أنا من أنا مثلما
أنت من أنت تسكن فيّ
وأسكن فيك إليك ولكْ
أحبّ الوضوح الضروريّ في لغزنا المشتركْ
أنا لك حين أفيض عن الليل
لكنني لست أرضا ً
ولا سفرا ً
أنا امرأة لا أقلّ ولا أكثر " ( 33 )
في كل سطر شعريّ تقريبا ً خروج عن النموذج الرياضي / اللغويّ لصالح الحالة الشعرية .. حيث يمكن قراءة بعض هذه السطور خارج تفعيلة المتقارب , وهذا ما كان بقصيدة درويش بالحوار مع النثر بطريقته الخاصة ..
هذه اللعبة الموسيقية التي أسسها درويش في تجربته منذ : تلك صورتها وهذا انتحار العاشق 1975 - ديوان بتفعيلة الكامل , تتنازل كثيرا ً عن حركاتها الرياضية المعروفة ( /// ـ // ـ ) لتدخل في تعالق موسيقي تتجاذب أطرافه حركات مختلفة .. نقرأ مثلا ً :
" وكأنه انتحرَ
السماء قريبة من ساقه
والنمل يمشي في الدم المتقدّم
الأمواج تمشي في الصدى
وكأنه انتحر
العصافير استراحت في المدى
وكأنه انتحر
احتجاجا ً
أو وداعا ً
أو سدى " ( 34 )
مع اكتمال الجملة الشعرية يعود النموذج الرياضي ( متـَفاعلن أو متـْـفاعلن ) للظهور ثانية في آخر الجملة الشعرية ..
هذه اللعبة التي سيوصلها محمود درويش في مديح الظل العالي 1983 أيضا ً بالتفعيلة ذاتها , لينتقل في ـ ورد أقل ـ ليجرّب أنموذجا ً آخر في هذا الحوار الثنائي , وكذلك في سرير الغريبة .. كما ذكرنا ..
وثمة لعبة أخرى , لا تقلّ ذكاء ومهارة عن سابقتيها , تتخذ من تفعيلة المتقارب والكامل أساسا ً لمجموعة كاملة ـ أحد عشر كوكبا ً 1992 ـ ومجموعة جدارية 2000
ومما يرفد هذا الحوار , الذي يتفنن درويش في رسمه , وخلق مفرداته الأولى , الإيهام الذي يعتمده . والمقصود بالإيهام هنا , هو أن يعتمد مفردات الحياة اليومية المألوفة , بكل ما تحمله من بساطة وعفوية , وقد ألبسها إيقاعه الخاص , دون أن يحسّ القارئ أنها خرجت من إطارها الأصلي , على الرغم من إحساسه الدائم بأنها هي لغته , وليس سواها !! وهنا يكون الإيهام المبدع , والصنعة الذكية , التي يقوم بها محمود درويش بكل مهارة .. نقرأ في قصيدة – تدبير منزلي :
" كم أنا / في الصباح ذهبت إلى سوق يوم / الخميس . اشتريتُ حوائجنا المنزليّة , / واخترتُ أوركيدة وبعثت الرسائل . / بللني مطر فامتلأت برائحة البرتقالة . / هل قلتَ لي مرة إنني نخلة حامل , / أم تخيّلتُ ذلك ؟ إن لم تجدني / أرفّ عليك , فلا تخشَ ضعف الهواء , / ونم يا حبيبي نوم الهنا ... " ( 35 )
في مثل هذه النصوص تتجلى قدرة الشاعر على خلق حالة الحوار , بين النثر بكل ما يحمله من عفوية وبساطة , والشعر بكل ما يحمله من توهج و لغة عالية .. إنها منزلة بين منزلتين .. أبسط ما يقال فيها : إنها لغة محمود درويش في أجمل تجلياتها ..
* *
4 - البضاعة المستعادة / السونيت :
ويمكن التمييز هنا بين السوناتا بوصفها حركة موسيقية ظهرت في القرن الثالث عشر " وتطورت على يد أماديوس وموزارت وبيتهوفن . وتحمل في دلالتها اللغوية الأولى معنى الموسيقى الصافية القائمة على النغمات وليس الغناء .. وتتكوّن من ثلاث درجات : تمثـّل الأولى التمهيد التفسيري يتكوّن من نغمتين متضادتين , وتمثل الثانية تطويرا ً لجزء من المادة النغمية الأولى بأشكال مختلفة , وتعيدها إلى عناصرها المكونة لها , وتأتي الدرجة الثالثة خاتمة نغمية .. ولا تعتبر السوناتا كاملة إلا إذا حققت الخاتمة نوعا ً من المصالحة وإلغاء حالة التضاد .. " ( 36 )
غير أن درويش لا يعني هذا الشكل الموسيقي الخالص , وإن كان لا يبعد عنه كثيرا ً , بل يعني
" السونيت " الشكل الشعري الإيطالي الأصل الذي يتألف من أربعة عشر مقطعا ً , والذي يعود تاريخيا ً إلى القرن الثالث عشر , حيث ظهر على يد - جياكومو دي لينتينو 1188 - 1240 م - هذا الشكل الذي جاء تمرّدا ً على أشكال التروبادور والبروفنسال السائدة آنذاك . ويمكن أن نجد في شعر الغزل الأندلسي الكثير من الأصول التاريخية للسونيت , كما يؤكد الأمريكيان أرنست هانش ولكنز .. ( 37 )
وبهذا يكون السونيت عند درويش استعادة لبضاعة عربية قديمة , اتخذت طريقها إلى خارج هويتها الأولى , لتزدهر وتتطور , على يد شعراء كبار مثل : دانتي , بترراك , سبنسر , شكسبير , ملتون , كيتس , مالارميه , رامبو , لوركا .. وغيرهم الكثير . حتى اتخذت السوينت نظاما ً محددا ً , يتكوّن من أربعة عشر سطرا ً شعريا ً متنوعة القوافي والمقاطع كما ذكرنا ..
والسؤال هنا : لماذا اختار محمود درويش هذا الشكل في هذه المجموعة بالذات دون غيرها ؟
قد يرجع هذا إلى اعتبارات عدة منها :
ـ موسيقيّ لما تحمله من همس وجهر خافت ..
ـ موضوعي : لأن موضوع السونيت أصلا ً هو الحبّ / منذ نشأتها .
ـ شكليّ : وهنا تكمن فلسفة درويش الخاصة , بالتنازل عن الأسطرة والنمذجة لصالح العادي والعفوي والذاتي الذي تمثله السونيت .
وقد يكون " استرداد بعض البضاعة الثمينة التي استلفها الأوربيون من أجداده الأندلسيين , خصوصا ً وأن جاذبية هذه البضاعة لم تصمد على مرّ القرون فحسب , بل اغتنت وازدادت وتزداد فتنة .. " ( 38 )
وتعتمد السونيت نظاما ً هندسيا ً أو رياضيا ً محكما ً في نظام تقنيتها الكلاسيكي , وهذا ما لم يلتزم به درويش , حيث ظهر درويش الشاعر التجريبي , في كسر الطوق التقليدي للقافية , ولكن ضمن الإطار العام للسونيت , المحدد بأربعة عشر سطرا ً . ويأتي كل ذلك , في محاولة من الشاعر , ليهب هذا الشكل الشعري روحا ً جديدة , هي أقرب إلى عمق تجربته , وقدرته على خلق أشكال مبتكرة ضمن رتابة الأشكال التقليدية .. ويعتمد درويش في السونيتات الست التي تتضمنها هذه المجموعة , شكلا ً مختلفا ً للقافية في كل منها .. فأحيانا ً نجده يترك القافية حرة دون نظام واضح . كما في السونيت الأولى .. نقرأ منها مثلا ً :
" .... ستحتاج أسطورة للتشمس حولك . هذا الزحامُ
إلهات مصر وسومر تحت النخيل يغيّرن أثوابهنّ
وأسماء أيامهنّ , ويكملن رحلاتهنّ إلى آخر القافية ...
وتحتاج أنشودتي للتنفـّس : لا الشعر شعر
ولا النثر نثر . حلمت بأنك آخر ما قاله
ليَ الله حين رأيتكما معا ً في المنام , فكان الكلامُ ... " ( 39 )
بينما نجد في غيرها نظاما ً محكما ً وواضحا ً, كما في السونيت الثالثة :
" أحبّ من الليل أوّله , عندما تأتيان معا
يدا ً بيد , ورويدا ً رويدا ً تضمّانني مقطعا ً مقطعا
تطيران بي , فوق . يا صاحبيّ أقيما ولا تسرعا
وناما على جانبيّ كمثل جناحي سنونوة متعبهْ " ( 40 )
أو تتخذ السونيت شكل القافية المتواتر أو التفقية الثنائية مثل قوله في السونيت الرابعة :
" ببطء أمسّد نومك . يا اسم الذي أنا فيه
من الحلم نامي . سيلتحف الليل أشجاره , وسيغفو
على أرضه سيّدا ً لغياب قليل . ونامي لأطفو
على نقط الضوء ترشح من قمر أحتويه ... " ( 41 )
ومن الواضح على هذه الأمثلة , فقدانها للتوتر الحاد , الذي يمكن أن نقرأه عند درويش كثيرا ً , فهنا تلين العبارة , وتخفت , لتصبح نوعا ً من الهمس الذاتي , لعاشقة تنام في الذاكرة , وتختال على الصفحة البيضاء مثل الخيال الشفيف ..
* *
5 - لعبة الإيقاع / نظام التفقية :
لعل الحديث عن القافية في السونيت , يقودنا للحديث عن استراتيجية درويش في نظام تقفية القصائد الأخرى . حيث تتخذ أشكالا ً وصيغا ً متعددة :
أ – القافية المتباعدة : حيث تأتي القافية في آخر كل مقطع , أو سطر شعري .. بحيث تكون استراحة إيقاعية , ولعبة فنية تشدّ مفاصل القصيدة بشكل خفيّ .. ويختلف بين قصيدة وأخرى , فأحيانا ً يفصل بين القافية والأخرى سبعة سطور شعرية كما في قصيدة – جفاف – بينما تفصل في قصيدة أخرى ثمانية سطور شعرية بين القافية والأخرى , كما في قصيدة – أغنية زفاف – في حين لا تلتزم قصائد أخرى تعتمد نظام التقفية نفسه بعدد محدد من السطور الفاصلة , كما في قصائد : نمشي على الجسر – أرض الغريبة / أرض السكينة ..
ب ـ القافية المقطعية : حيث يأتي الربط بين أول المقطع وآخره .. تشكل قافية أول المقطع لازمة إيقاعية تتكرر في بداية المقاطع جميعها . كما في قصيدة – تدبير منزلي :
" كم أنا / " ... "
لا أرى صورتي في المرايا ولا صورة امرأة
من نساء أثينا تدير تدابيرها
العاطفية مثلي هنا .
كم أنا / " ... "
من كان فينا الضحيّة فليحلم
الآن أكثر من غيره بيننا .. " ( 42 )
ج - القافية المتناوبة : كما في قصيدة – ربما ,لأن الشتاء تأخر – حيث تتكون القصيدة من عشرين
مقطعا ً مرقمة من 1 – 20 – حيث نجد أن المقاطع ( 1 – 3 – 4 – 6 – 8 – 10 – 12 – 14 – 16 – 17 –19 - 20 ) جاءت ملتزمة بقافية الراء الساكنة . بينما نجد أن بقية المقاطع ( 2 – 5 – 7 – 9 – 11 – 13 – 15 – 18 ) .. ومن الواضح أن درويش يلعب لعبة فنية ذكية , في الربط بين هذه المقاطع , حيث تأتي التفعيلة في الكثير منها ولا سيما تلك المنفلتة من القافية , غير منتهية , بل تتابع في المقطع الذي يليها ..
د ـ القافية المفتوحة : حيث يتمّ فيها القطع المفاجئ للسطر الشعري مع إمكانية التحريك لأواخر الكلمات مثل :
" ونصغي إلى ما يقول المشاة ْ
على الجسر :
لي عمل آخر غير هذا , / ولي مقعد في السفينة / لي حصة في الحياة ْ " ( 43 )
هـ - الاتكاء على مفردة واحدة , لتقوم بالمهام الإيقاعية , وبوظائف القافية كما في قصيدة - درس من كاما سوطرا :
" بكأس الشارب المرصّع باللازورد / انتظرها
على بركة الماء حول المساء وزهر الكولونيا / انتظرها
بصبر الحصان المعدّ لمنحدرات الجبال / انتظرها " ( 44 )
و – ومن الملاحظ في الكثير من قصائد هذه المجموعة , أن محمود درويش يتحرر كليا ً من القافية الخارجية , ليعتمد على تقفية داخلية , تظهر أحيانا ً وتختفي أحيانا ً أخرى .. كما في قوله :
" ليل ينث غموضا ً / مضيئا ً على لغتي , كلما اتضح ازددت / خوفا ً من الغد في قبضة اليد . ليل / يحدّق في نفسه آمنا ً مطمئنا ً إلى لا / نهاياته , لا تخفّ به غير مرآته / وأغاني الرعاة القدامى لصيف أباطرة / يمرضون من الحب ... " ( 45 )
* *
الخاتمة / درب الوصول :
محمود درويش في سرير الغريبة , يعتبر أهمّ ناقد لتجربته الشعرية الطويلة , انطلاقا ً من أهمية المسائل الفنية التي يطرحها هذا الديوان :
1 - بدءا ً من الموضوع المنفتح على أزمة المقاوم الفلسطيني , وحقه الطبيعي في العيش كأيّ إنسان على هذه الأرض : يحبّ ويحزن ويفرح .. ويأتي هذا الديوان ردّا ً على الهجمات الموجهة ضده , والرغبة في إبقائه في دائرة النار . ومن ثم , اقتلاعه من وجوده وإنسانيته ..
2 - موضع الحبّ هذا , يتمرّد على كلّ تقاليد الغزل في الشعر العربي .. ويتخذ درويش في هذا الديوان موقعا ً نضاليا ً يتلخـص في أمرين :
أ - تأكيد الهوية الفلسطينية بمحتواها الإنساني , وفي أجمل صورها , الحوار بين الذات ومرآتها .. الرجل / المرأة , في صورتهما الواحدة ..
ب - تأكيد قدرة الشاعر نفسه على خلق مشروع جمالي ضمن مشروع المقاومة نفسها , والذهاب بهذا المشروع إلى أقصى حالات الخلق ..
3 - سياسة القصيدة واعتماد الشاعر لتفعيلة واحدة , محاولة خلق حوار متميز بين الشعر والنثر .. هذا من
ناحية , ومن ناحية أخرى , استراتيجية الشاعر في توزيع قصائد المجموعة واستخدامه للسونيت في
ست قصائد ..
إن هذه الدراسة كان يمكن أن تمتدّ أكثر , لتتناول مسائل فنية أخرى , لا تقلّ أهمية عما تناولته هنا . مثل : الصورة الشعرية في تجلياتها الكثيرة , التناص الذي امتدّ على مساحة كبيرة , زمانية
ومكانية , استطاع محمود درويش من خلاله , خلق أجمل صور الحوار مع التراث الإنساني , وفي أجمل موضوعاته .. أيضا ً اللغة الشعرية من منظور حداثي , كذلك الحوار والتراسل بين الفنون , وموقع هذه المجموعة في تجربة درويش الشعرية , وموقعها في حركة الشعر العربي المعاصر .. بحيث يمكن أن تمثل صدمة ثقافية للمشهد الشعري , الذي يعيش أزمة أسلوبية حقيقية على امتداد الساحة العربية .. وتكشف عن الأزمة الثقافية , بل الوجودية بمعناها الواسع التي يعيشها الإنسان العربي , في بقعة تكاد تصبح هامشا ً أبيض , وبقعة غير منظورة في عيون الآخر ..

* * * *

كريم عبيد
/ 10 / 12 / 2002


الحواشي :
( 1 ) ـ غاستون باشلار ـ جماليات المكان ـ تر . غالب هلسا ـ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ـ بيروت ـ ط 2 ـ ص 36 .
( 2 ) ـ صبحي حديدي وآخرون ـ محمود درويش المختلف الحقيقي ـ دار الشروق ـ الأردن ـ ط 1 ـ 1999 ـ ص 19 .
( 3 ) ـ محمود درويش ـ ديوان محمود درويش ـ مج 2 ـ دار العودة ـ بيروت ـ ط 14 ـ 1994 ـ ص 71 .
( 4 ) ـ صبحي حديدي وآخرون ـ محمود درويش المختلف الحقيقي ـ مرجع سبق ذكره ـ ص 48 ـ
( 5 ) ـ انظر : - جريدة الأنوار ـ بيروت ـ 10 / 2 / 1971 ـ ص 1 ـ
- جريدة الأنوار ـ بيروت 12 / 2 / 1971 ـ ص 6 ـ وفيها نصّ البيان الصحفي لمحمود درويش ..
- مجلة الصيّاد ـ بيروت ـ 25 / 3 / 1971 / ص . ص 60 ـ 61 ـ
- مجلة الجديد ـ بيروت ـ 2 / 4 / 1971 ـ ص 34 ـ
- مجلة الآداب ـ بيروت ـ أيار / 1971 ـ ص 14 ـ
- مجلة روز اليوسف ـ القاهرة ـ 22 / 2 / 1971 ـ ص 44 ـ

( 6 ) ـ صبحي حديدي وآخرون ـ مرجع سابق ـ ص 49
( 7 ) ـ محمود درويش ـ لماذا تركت الحصان وحيدا ً ـ ص
( 8 ) ـ إلياس خوري ـ ريتا وشعرية المثنى ـ مجلة الطريق ـ العدد 2 ـ السنة الستون ـ 2001 ـ ص 138
( 9 ) ـ محمود درويش ـ ديوان محمود درويش ـ مج 1 ـ ص 72
( 10 ) ـ محمود درويش ـ الديوان ـ مج 2 ـ ص 327
( 11 ) ـ محمود درويش ـ سرير الغريبة ـ ص 99
( 12 ) ـ إلياس خوري ـ مرجع سابق ـ ص 131
( 13 ) ـ المرجع نفسه ـ
( 14 ) ـ محمود درويش ـ الديوان ـ مج 2 ـ ص 544
( 15 ) ـ انظر : حوار مع محمود درويش في المختلف الحقيقي ـ مرجع سابق ـ ص 33
( 16 ) ـ محمود درويش ـ سرير الغريبة ـ ص 11
( 17 ) ـ ابن حزم الأندلسي ـ رسائل ابن حزم الأندلسي ـ تح إحسان عباس ـ ج 1 ـ
( 18 ) ـ محمود درويش ـ سرير الغريبة ـ ص 13
( 19 ) - المرجع نفسه – ص 16
( 20 ) ـ انظر : حسن خضر – المختلف الحقيقي - - ص 76
( 21 ) ـ محمود درويش – سرير الغريبة – ص 138
( 22 ) - محمود درويش سرير الغريبة – ص 148
( 23 ) - المرجع نفسه – ص 131
( 24 ) - المرجع نفسه – ص 116
( 25 ) - نفسه – ص . ص 118 – 119
( 26 ) - نفسه – ص 119
( 27 ) - نفسه - ص 123
( 28 ) - نفسه – ص 124
( 29 ) - نفسه – ص 121
 - تجدر الإشارة هنا إلى أن الكلمة التي بين قوسين مكانها في أول المقطع .. وهذا التأخير والتقديم هو رؤيتي الخاصة لهذه الجملة ..
مع العذر من محمود درويش ..
( 30 ) - محمود درويش – سرير الغريبة – ص 126
( 31 ) - المرجع نفسه – ص 31
( 32 ) - ـ صبحي حديدي وآخرون ـ المختلف الحقيقي ـ مرجع سابق ـ انظر اللقاء مع محمود درويش
( 33 ) - محمود درويش – سرير الغريبة – ص 63
( 34 ) - محمود درويش – ديوان محمود درويش - مج 1 ـ ص 556
( 35 ) - محمود درويش – سرير الغريبة – ص 69
( 36 ) - انظر : حسن خضر ـ في المختلف الحقيقي / طوبى لذهب الروح ـ ص 76
( 37 ) - انظر : المرجع السابق ـ ص 65
( 38 ) ـ المرجع نفسه ـ ص 66
( 39 ) - محمود درويش – سرير الغريبة – ص 16
( 40 ) - المرجع نفسه – ص 44
( 41 ) - نفسه – ص 58
( 42 ) - نفسه – ص . ص 70 – 71
( 43 ) - نفسه – ص . ص 26 - 27
( 44 ) - نفسه – ص 126
( 45 ) - نفسه – ص 32
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف