كل مساء, تكمل الأرض نصف دورة, أما العجوز المجنون فيكمل دورة كاملة حول البيوت, ويقلق النائمين بصراخه "أيها الناس.. خائن كل من يجد قوت يومه". ثم يتجاوز راكضاً إلى الشوارع الخلفية "أيها الناس.. خائن من يجد فيكم كسرة خبز". واحياناً كان يحمل دفاً ويوسعه ضرباً وضجيجاً ويصرخ مثل مأذنة "خائنٌ من يجد الوقت ليأكل".. حتى أشكتى من صراخه كل أهل الحي, ولكن لم يشتكيه أحد لأن عزائه الجنون.
وفي يوم أستوقفه طفل صغير وسأله: لم ترجم الجميع يا عم؟
جلس العجوز في وسط الشارع وأخرج من ثيابه البالية خارطة قديمة, أفترشها على الأرض, وتمدد بجانبها, وأخذ يشير بأصابعه قائلا:
انظر إلى الخارطة يا بني, فيها سبعمائة قرية مسروقة, لكي تحفظ اسماء القرى فقط, ستحتاج إلى عمر كامل من التفرغ والجوع, فما بالك بتحريرها يا بني؟
صمت الطفل, أما المجنون فطبّق الخريطة وأعاد إخفائها في جيبه ثم قام وركض مسرعا في الشوارع يكمل بيانه الليلي: أيها الناس..قتلكم النسيان وهزمكم رغيف الخبز.
أفاق رجال القرية ونسائها على الصوت, أطلوا عليه بملابس النوم وأخذوا يتهامسون: مجنون .. مجنون.
وفي يوم أستوقفه طفل صغير وسأله: لم ترجم الجميع يا عم؟
جلس العجوز في وسط الشارع وأخرج من ثيابه البالية خارطة قديمة, أفترشها على الأرض, وتمدد بجانبها, وأخذ يشير بأصابعه قائلا:
انظر إلى الخارطة يا بني, فيها سبعمائة قرية مسروقة, لكي تحفظ اسماء القرى فقط, ستحتاج إلى عمر كامل من التفرغ والجوع, فما بالك بتحريرها يا بني؟
صمت الطفل, أما المجنون فطبّق الخريطة وأعاد إخفائها في جيبه ثم قام وركض مسرعا في الشوارع يكمل بيانه الليلي: أيها الناس..قتلكم النسيان وهزمكم رغيف الخبز.
أفاق رجال القرية ونسائها على الصوت, أطلوا عليه بملابس النوم وأخذوا يتهامسون: مجنون .. مجنون.