
الدكتور كامل خورشيد
جامعة الشرق الاوسط - عمان
أول مرة اسمع بعبارة ( يعطيكم العافية ) من زملائنا الأردنيين الذين كانوا يدرسون معنا في جامعة بغداد في السبعينيات، ومنهم الإعلامي المعروف حاليا الأستاذ سليمان البرماوي وآخرون، فعرفنا أنها تعني باللهجة الاردنية : التحية والسلام والدعاء. وإن نص العبارة الأصلي هو ( أدعو الله أن يعطيك العافية ) ولكنها أختصرت إلى قول
( يعطيك العافية ) على أساس أن المعطي معروف وهو الله سبحانه وتعالى .
وإكتشفت مؤخرا أن طلابي في قاعة الدرس عندما يشعرون أن وقت المحاضرة قد تجاوز فينبري أحدهم، وهو دائما ما يكون إبن الكرك عبد الله البنوي الذي يخاطبني بأدب جم : ( أستاذ .. يعطيك العافية ..! ) فأجيبه : الله يعافيك ويرضى عليك .. قبل أن أكتشف لاحقا أنها إشارة متفق عليها بين الطلبة مفادها : يا أستاذ لقد أزف الوقت وحان موعد الإستراحة فأطلق سراحنا !! وهكذا تكون هذه العبارة بمثابة جرس إنتهاء المحاضرة !!.
وإذا كان إختصار الأشقاء الأردنيين للعبارة الأصلية لا لبس فيه ولايخل بالمعنى، فإن إختصار بعض العراقيين لعبارة ( مساكم - أو صبحكم - الله بالخير ) إلى العبارة الدارجة ( الله بالخير ) يلغي القصد المراد نفسه من الناحية اللغوية، ناهيك عن الإثم غير المقصود بهذه العبارة، لكنها تعنيه من الناحية الإصطلاحية من منطلق قاعدة شعبية مخطوءة هي الأخرى تقول أن الخطأ الشائع خير من الصحيح الضائع !!.
وفي العراق نقول لمن نعرفه ولمن لانعرفه كلمة ( شلونك ) أي كيف حالك ؟ ولا أحد طبعا يتوقع من الآخر أن يشرح له أحواله كما هي وإنما يكتفي بعبارة ( الحمد لله ) وأحيانا يضيف لها عبارة ( الذي لايحمد على مكروه سواه ) فيعرف المقابل أن أحوال الشخص ليست على مايرام !!.
والشاميون يقولون ( كيفك ) والمغاربة ( واش راكي ) والمصريون ( أزيك ) ويجيبون بعبارة ( زي الفل ونهارك قشطة ) أو يومك عسل !!
ومن التحيات المشهورة في العالم العربي وفي مصر خصوصا «صباح الخير» و«صباح النور» و( صباح الورد) و ( صباح الفل)، و( الياسمين)، و ( العسل )، و( النرجس) .
يقول سكان بور سعيد « صباحين وحتة » و« صباحك حليب » و « صباحك قشطة» أو « قشطة عليك » وهو نفس الأمر المرتبط بالمساء فهناك مساء الخير ومساء الورد و« مية مسا »!! .
لكن تحية الصباح مرتبطة على الدوام بالخير « صباح الخير »، ومنها قول نزار قباني « إذا مر يوم ولم أتذكر به أن أقول صباحك سكر، فلا تعجبي من ذهولي وصمتي، ولا تحسبي أن شيئاً تغير، فحين أنا لا أقول أحبك، فمعناه أني أحبك أكثر».
أما ( تحية الخشم ) فهي واحدة من العادات السائدة في الخليج العربي فهي أسلوب لتبادل التحية بين رجلين حيث يتبادلان التلامس بأنفيهما بضربات خفيفة لا تزيد عادة على 3 ضربات، وقد تشتمل تلك التحية على قيام الشخص الأصغر سنا او الاقل منزلة ومقاما بتقبيل أنف الشخص الآخر الاكبر سنا والأرفع مقاما.
وقد يظن البعض أن تحية الخشم لا توجد سوى في الخليج العربي لكن تلك التحية موجودة لدى شعوب الأسكيمو وبعض قبائل السكان الأصليين في أستراليا ونيوزيلندا وأميركا الجنوبية .
وتروى حكايات عجيبة عن السلام عند بعض الشعوب ففي بلاد التيبت، تكون التحية بإخراج اللسان وترد التحية بالمثل وبعضهم إذا أراد أن يحيي شخصا آخر شد أذنه بيده، فإذا كانت الشدة قوية دل ذلك على عمق الصداقة بينهما !!.
في معظم بلدان العالم وخصوصا دولنا العربية إذا صادف شخص ما شخصا آخر في الطريق وأخرج له لسانه فانه يكون بذلك قد وجه إهانة واضحة له، ولكن هذه الحركة في بلاد التيبت وأنحاء من الصين تعد علامة تحية وتقدير تعبر عن الإحترام الشديد للآخر !!
وإذا كان إخراج اللسان أمرا ( هينا نسبيا ) فما بالك بسكان جزيرة سان ريمو الذين يبصق أحدهم بوجه الآخر تعبيرا عن التحية والسلام وكلما كانت البصقة من الوزن الثقيل كلما كان التعبير عن الإحترام كبيرا جدا !!.
في بعض البلدان يتبادلون التحية بأن يقبض كل منهما على لحية الآخر وفي جبال الهمالايا ( صدق أو لاتصدق ) تكون التحية بأن يحك أحدهما ظهره بظهر الآخر!!.
أما سكان المحيط الهادئ فيدنو أحدهما من الآخر ويلصق أنفه بأنف الآخر لفترة من الزمن تطول كلما كان السلام حاراً !!.
أما تحية الوداع فهي لا تخرج كثيراً في العالم العربي عن القول ( مع السلامة )، و ( في أمان الله أو في حفظ الله ) و ( السلام عليكم ) و ( وداعاً ) و( إلى اللقاء )..
ويعطيكم ألف عافية !!
[email protected]
جامعة الشرق الاوسط - عمان
أول مرة اسمع بعبارة ( يعطيكم العافية ) من زملائنا الأردنيين الذين كانوا يدرسون معنا في جامعة بغداد في السبعينيات، ومنهم الإعلامي المعروف حاليا الأستاذ سليمان البرماوي وآخرون، فعرفنا أنها تعني باللهجة الاردنية : التحية والسلام والدعاء. وإن نص العبارة الأصلي هو ( أدعو الله أن يعطيك العافية ) ولكنها أختصرت إلى قول
( يعطيك العافية ) على أساس أن المعطي معروف وهو الله سبحانه وتعالى .
وإكتشفت مؤخرا أن طلابي في قاعة الدرس عندما يشعرون أن وقت المحاضرة قد تجاوز فينبري أحدهم، وهو دائما ما يكون إبن الكرك عبد الله البنوي الذي يخاطبني بأدب جم : ( أستاذ .. يعطيك العافية ..! ) فأجيبه : الله يعافيك ويرضى عليك .. قبل أن أكتشف لاحقا أنها إشارة متفق عليها بين الطلبة مفادها : يا أستاذ لقد أزف الوقت وحان موعد الإستراحة فأطلق سراحنا !! وهكذا تكون هذه العبارة بمثابة جرس إنتهاء المحاضرة !!.
وإذا كان إختصار الأشقاء الأردنيين للعبارة الأصلية لا لبس فيه ولايخل بالمعنى، فإن إختصار بعض العراقيين لعبارة ( مساكم - أو صبحكم - الله بالخير ) إلى العبارة الدارجة ( الله بالخير ) يلغي القصد المراد نفسه من الناحية اللغوية، ناهيك عن الإثم غير المقصود بهذه العبارة، لكنها تعنيه من الناحية الإصطلاحية من منطلق قاعدة شعبية مخطوءة هي الأخرى تقول أن الخطأ الشائع خير من الصحيح الضائع !!.
وفي العراق نقول لمن نعرفه ولمن لانعرفه كلمة ( شلونك ) أي كيف حالك ؟ ولا أحد طبعا يتوقع من الآخر أن يشرح له أحواله كما هي وإنما يكتفي بعبارة ( الحمد لله ) وأحيانا يضيف لها عبارة ( الذي لايحمد على مكروه سواه ) فيعرف المقابل أن أحوال الشخص ليست على مايرام !!.
والشاميون يقولون ( كيفك ) والمغاربة ( واش راكي ) والمصريون ( أزيك ) ويجيبون بعبارة ( زي الفل ونهارك قشطة ) أو يومك عسل !!
ومن التحيات المشهورة في العالم العربي وفي مصر خصوصا «صباح الخير» و«صباح النور» و( صباح الورد) و ( صباح الفل)، و( الياسمين)، و ( العسل )، و( النرجس) .
يقول سكان بور سعيد « صباحين وحتة » و« صباحك حليب » و « صباحك قشطة» أو « قشطة عليك » وهو نفس الأمر المرتبط بالمساء فهناك مساء الخير ومساء الورد و« مية مسا »!! .
لكن تحية الصباح مرتبطة على الدوام بالخير « صباح الخير »، ومنها قول نزار قباني « إذا مر يوم ولم أتذكر به أن أقول صباحك سكر، فلا تعجبي من ذهولي وصمتي، ولا تحسبي أن شيئاً تغير، فحين أنا لا أقول أحبك، فمعناه أني أحبك أكثر».
أما ( تحية الخشم ) فهي واحدة من العادات السائدة في الخليج العربي فهي أسلوب لتبادل التحية بين رجلين حيث يتبادلان التلامس بأنفيهما بضربات خفيفة لا تزيد عادة على 3 ضربات، وقد تشتمل تلك التحية على قيام الشخص الأصغر سنا او الاقل منزلة ومقاما بتقبيل أنف الشخص الآخر الاكبر سنا والأرفع مقاما.
وقد يظن البعض أن تحية الخشم لا توجد سوى في الخليج العربي لكن تلك التحية موجودة لدى شعوب الأسكيمو وبعض قبائل السكان الأصليين في أستراليا ونيوزيلندا وأميركا الجنوبية .
وتروى حكايات عجيبة عن السلام عند بعض الشعوب ففي بلاد التيبت، تكون التحية بإخراج اللسان وترد التحية بالمثل وبعضهم إذا أراد أن يحيي شخصا آخر شد أذنه بيده، فإذا كانت الشدة قوية دل ذلك على عمق الصداقة بينهما !!.
في معظم بلدان العالم وخصوصا دولنا العربية إذا صادف شخص ما شخصا آخر في الطريق وأخرج له لسانه فانه يكون بذلك قد وجه إهانة واضحة له، ولكن هذه الحركة في بلاد التيبت وأنحاء من الصين تعد علامة تحية وتقدير تعبر عن الإحترام الشديد للآخر !!
وإذا كان إخراج اللسان أمرا ( هينا نسبيا ) فما بالك بسكان جزيرة سان ريمو الذين يبصق أحدهم بوجه الآخر تعبيرا عن التحية والسلام وكلما كانت البصقة من الوزن الثقيل كلما كان التعبير عن الإحترام كبيرا جدا !!.
في بعض البلدان يتبادلون التحية بأن يقبض كل منهما على لحية الآخر وفي جبال الهمالايا ( صدق أو لاتصدق ) تكون التحية بأن يحك أحدهما ظهره بظهر الآخر!!.
أما سكان المحيط الهادئ فيدنو أحدهما من الآخر ويلصق أنفه بأنف الآخر لفترة من الزمن تطول كلما كان السلام حاراً !!.
أما تحية الوداع فهي لا تخرج كثيراً في العالم العربي عن القول ( مع السلامة )، و ( في أمان الله أو في حفظ الله ) و ( السلام عليكم ) و ( وداعاً ) و( إلى اللقاء )..
ويعطيكم ألف عافية !!
[email protected]