الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/7
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بائع الطين(8) بقلم.فايز الأشتر

تاريخ النشر : 2010-05-24
بائع الطين(8) بقلم.فايز الأشتر
لم يكن أمامنا سوى الهرب،فرؤية الغجر يركضون نحونا حاملين بأيديهم السلاسل

الحديدية والسكاكين الكبيرة،لا تدعك تفكر سوى بالفرار.

ركضنا محاولين الخروج من الحديقة،ولكن مجموعة أخرى من الغجر

كانت لنا بالمرصاد،فوقعنا بين المجموعتين،محاصرين من كل الجهات.

حاولت التملص من بين المجموعتين،وقد نجحت،ولكن أصابني أحد الغجر بضربة من

سلسلة حديدية،مزقت ظهري،أما أيمن فقد وقع بين أيديهم،فأخذوا يضربونه من

دون رحمة،وهو يصرخ مستنجداً بي.

مع أن الضربة التي تلقيتها كانت ضربة موجعة جداً،إلا أني لم أتحمل رؤية

الغجر وهم يضربون أيمن بهذه القسوة،فجمعت قواي،وركضت نحوهم وأنا أصرخ

بأعلى صوتي: أتركوه يا كلاب..أتركوه..يا حُقراء،فشتت أنتباههم عن أيمن

فتركوه يهرب،ولحقوا بي.

ركضت بين الأشجار،محاولاً تضليلهم عني،ولكن عبثاً،كنت كلما أفلت من أحدهم،وجدت

أخر بوجهي،كانت مطارة عنيفة جداً،حتى أني لم أعد أرى أيمن،والأشخاص الذين

كانوا يتنزهون بالحديقة هربوا،إلا شخص واحد كان يبيع سكاكر غزل البنات

على عربة متحركة،وكان يقف بعربته بجانب حوض كبير جداً من الورود،فخطر لي

أن أختبئ داخل هذا الحوض،ولكنها كانت فكرة خطيرة جداً،فسوف يروني وأنا

أدخل إلى الحوض،وسوف يمسكون بي،ولكن لم يكن امامي سوى هذا الخيار الصعب،فربما

اكسب وقتاً أطول،فيحدث شيئاً ما،ولربما يعود أيمن ومعه الشرطة.

لم أتردد كي لا أضيع علي أخر فرصة،فركضت بكل ما عندي من قوة،وقبل أن

يلاحظني أحد،ارتميت في حوض الورود منبطحاً على الأرض.

زحفت كالدودة بين الحشائش وأغصان الورود كي أصل إلى منتصف الحوض،حتى لا يجدوني

بسهولة،كنت أسمع أصواتهم المخيفة يصرخون من جهة لأخرى،وأصوات السلاسل

الحديدية،والسكاكين الطويلة الحادة،تثير الرعب والقشعريرة في جسدي.

شيئاً فشيئاً بدأت أسمع أصواتهم تقترب مني،وكأنهم عرفوا مكاني،أو رأني احدهم

عندما ركضت نحو الحوض.كان قلبي يخفق بشدة كلما تحركت الأغصان بجانبي،كانت

كل لحظة بالنسبة لي هي النهاية،فضربة من سلسلة حديدية على رأسي،أو طعنة

سكين بظهري،سوف تكون فيها نهايتي.

كنت كلما أقترب مني صوت أو حركة من أحدى الجهات،هربت زاحفاً إلى الجهة الأخرى

وكنت أرى الأقدام وهي تقترب مني بحذر من جميع الجهات،فعدت بذاكرتي إلى القرية

عندما كنت أنا وأبي والجيران،نحاصر الثعلب بين اكوام القش،عندما يأكل الدجاج

وكان كل واحد منا يحمل عصا أو شوكة حديدية كبيرة،وفي معظم الأحيان كان يُفلت

منا،هارباً بين الحقول.

لم يعد لي مجال للهرب وأيقنت أنها النهاية،ولم يتبقى سوى خطوة واحدة من أحد

الغجر ليضع يده علي من بين الحشائش.

كانت يدٌ ضخمة وطويلة امسكت بي من قميصي وسحبتني بسرعة هائلة لأجد نفسي

داخل العربة التي كانت تقف بجانب حوض الورود.

كانت عربة مصنوعة من الخشب،على شكل صندوق كبير له دواليب لكي يدفعه البائع

أمامه بسهوله،وكان البائع يضع بداخله حوائجه من سكر و أصبغة لصناعة

الحلويات.كان المكان مظلم جداً لم أستطيع أن أرى شيئاً،سوى أنفاس خائفة

مرتعبة،تخترق أذاني،ولكن هذه الأنفاس لم تكن غريبة عني فقد كنت أعرفها

جيداً،منذ زمن بعيد عندما كنا نختبئ في خم الدجاج،هاربين من باقي الأطفال

لكي لا يرونا،كانت أنفاس أيمن، نعم هو أيمن بجانبي! همست بصوت خافت جداً،حتى

أني لم اسمع صوتي جيداً: أيمن..أيمن..

فسمعت صوته باكياً يريدني أن أصمت: صه..صه..

صمت قليلاً،ولكني عدت وسألته بصوت غير مسموع:

أيمن ماذا حصل..ما الأمر

لم يسمع ما قلت له،لكني أعتقد أنه فهم ماذا أريد.

وضع شفتيه على أذني تماماً،وهمس : أنه بائع غزل البنات،يحاول أن يساعدنا.

عرفت الأن لمن هذه اليد الضخمة التي سحبتني إلى داخل العربة،فقد كانت

يد البائع الذي كان يقف بجانب حوض الورود،وهو يخاطر بحياته لكي يساعدنا.

لا استطيع ان أصف احساسي بالذل والمهانة،وأنا مختبئ داخل العربة مثل

الجبناء،عشت فقيراً ولكني لم أكن جباناً أبداً،فقد كانت عروقي تنتفض،وأعصابي

ترتجف،من شدة القهر الذي أصابني،ومن غير أن أشعر،اندفعت من باب العربة

محطماً الخوف الذي يحاول السيطرة على كبريائي،وقد فضلت الموت بشجاعة،طعناً

بسكين أو بضربة تكسر رأسي،على الأختباء،ولكن البائع كان لي بالمرصاد

فلم استطيع الخروج بسبب ضخامة جسده القابع على باب العربة.

فتح باب العربة،وأطل علينا البائع برأسه الكبير،ثم أشار لنا بأصبعه على

فمه بأن نهدأ،فهز أيمن رأسه للبائع،ثم قال لي هامساً،بعد أن اغلق البائع

باب العربة:أرجوك أهدأ،أنا أعرفك جيداً وأعرف أن هذا الأمر صعب عليك

جداً،منذ كنا أطفال وأنا أتذكر كيف كنت تعارك من هم أكبر منك سناً،ولا تسكت

لهم،ولكن أرجوك نحن هنا نواجه الموت،وأنا لا أريد الموت الأن،فإذا لا تبالي

بحياتك،فأنا أريد أن أعيش أرجوك..أرجوك..أرجوك..وأخذ يجهش بالبكاء.

لم أجيب على كلامه،وبقيت صامتاً،ولكني حاولت تهدئته،فوضعت يدي على رقبته

محاولاً تشجيعه،ولكن ماهذا السائل الذي يملئ رقبته الضعيفة!!!.

كان الدم يجري من رقبة المسكين أيمن من غير أن يشعر به،فمزقت قطعة من قميصي

وتحسست مكان الجرح بيدي،ثم ضمدت الجرح،وأنا لا أرى شيئاً،فربما ما يزال هناك

جروح أخرى في جسده.

علت أصوات اللصوص في الخارج،وقد اصابهم الجنون،فهم لا يعرفون أين اختفت

فريستهم التي كانت ستقع بين أيديهم،ولا يفصلهم عنها سوى قاب قوسين أو أدنى.

اقترب أحدهم من البائع وهو يصرخ،ويضرب العربة بسلاسل الحديد،وكأنه يقول

للبائع،إنك تعرف مكانهم ولا تخبرنا،فكان البائع يتمتم بصوت خافت،وكأنه

يقول له،دعني وشأني،فأنا لا أعرف شيئاً.

كل هذا كنت اخمنه في عقلي،لأني لا أستطيع أن أسأل أيمن عن أي شيء،فأقل همسة

مني،سوف يسمعوها،ويكشفون مكاننا فوراً،فالتزمت الصمت،ووضعت يدي على ظهر

أيمن كي أشعره ببعض الأطمئنان،ولكن جسد أيمن بدأ بالأرتعاش عندما فتح باب

العربة،وامتدت يد سوداء طويلة تبحث عن شيء،ولم تكن يد البائع،كانت يد

أحد اللصوص الذي أخذ قطعة من الحلوى،ومن غير أن ينظر إلى داخل العربة،ثم

أغلق الباب،فهو لم يفكر أبداً،بأننا ممكن أن نكون محشورين داخل هذه العربة

الصغيرة.كانت أنفاس أيمن شبه مقطوعة من شدة الخوف،ولكن سرعان ما هدأ خوفه

عندما ابتعد اللصوص عن العربة.

مرت أكثر من ساعة قبل أن يفتح البائع الباب،ويكلم أيمن،ثم أغلق الباب

وبدأ أيمن يترجم لي ما قاله بصوت أعلى بقليل من ذي قبل

- يقول البائع،أنهم ابتعدوا عن العربة،وهم الأن يقفون على أطراف الحديقة

يراقبون مخارجها لأنهم متأكدين بأننا لم نغادر الحديقة،ويقول البائع أنه

من الأفضل أن نبقى مختبئين حتى غياب الشمس،لكي نستطيع مغادرة الحديقة في الظلام

وعلى كل حال لم يتبقى كثيراً لغياب الشمس .

لم يمضي وقت طويل حتى فتح باب العربة مرة ثانية،وأشار لنا البائع بالخروج

فخرجنا من العربة،وكان الظلام قد خيم على الحديقة.

أخرج أيمن من جيبه بعض النقود ومد يده ليعطيها للبائع،لكن البائع رفض

بشدة،وكأني فهمت من كلامه،بأنه ساعدنا لله وليس من أجل المال،والغريب بالأمر

أن البائع كان غجري ولكنه غجري شريف،يأكل من عرق جبينه.

تشكرنا البائع كثيراً،وودعناه متسللين بهدوء إلى منطقة بعيدة من الحديقة

لكي نهرب منها،من غير أن يشعر بنا اللصوص.

ما أن وضعنا أقدامنا خارج الحديقة،حتى رأنا أحد اللصوص،وبدأ يصرخ وينادي

باقي المجموعة،فأوقفت أول سيارة أجرة قادمة من على الطريق،وارتمينا بداخلها

ونسيت أن السائق لا يعرف العربية،فرحت أصرخ به لكي يسرع قبل أن يصل

اللصوص..بسرعة أرجوك...بسرعة...أسرع..هناك من يريد قتلنا،ولكن السائق لم

يفهم إلا عندما انهال أحد اللصوص بالضرب بسلسلته الحديدية على النافذة

الخلفية للسيارة،ليتطاير الزجاج في كل مكان.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف