الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفصل الثالث من رواية / يا من أحببت للروائية / فايزة شرف الدين

تاريخ النشر : 2010-05-24
الفصل الثالث من رواية / يا من أحببت 
للروائية / فايزة شرف الدين
3 – بعد الخطبة :
ـ سوف أعطيكم الرد ، بعد موافقة والدها بالطبع .
قالت والدة"نها" هذه العبارة لإيهاب ، ووالدته .. اللذان جاءا لخطبة ابنتها .
كان يبدو على ملامح والدة "إيهاب" الطيبة .. فقالت ، وهى تربت على منكب "نها" بحنو :
ـ ونعم الرأى .. يا ست أم "نها" .
لم يلبث الضيفان إلا وقت قليل .. ثم استأذنا بالانصراف .
هتفت والدة "نها" وهى تشيعهما إلى خارج الشقة :
ـ لماذا العجلة ؟
ثم أردفت .. لقد شرفتمونا بزيارتكم .
قالت والدة "إيهاب" وهى تنزل فى أول سلمة :
ـ أرجو أن يديم المعروف بيننا 0
كان البشر ، والسعادة يبدوان على وجه والدة "نها" 00 وهى ترمق ابنتها من حين إلى حين 0
على الرغم من انتظارها رد زوجها .. إلا أن كل شئ يوحى بالموافقة التامة على هذا الشاب .. الذى كانت تعتبره عريس "لقطة" .. فكل الجيران سوف يغبطونها على هذه الزيجة الموفقة.
أما "نها" فقد كانت تدرك أن الأمر و المشورة بيد أمها .. وأن موافقة والدها .. مجرد إجراء "روتينى" تقتضيه العرف ، والتقاليد .
بعد أيام معدودة تصاعدت من منزل "نها" الزغاريد .. وتمت الخطبة دون أى مشاكل أو صعوبات 0
أقيم حفل صغير حضره لفيف من الأهل ، والجيران ، وعدد محدود من أصدقاء "نها" .. التى كانت فى أبهى , وأجمل صورة .. وهى ترتدى ثوبها السماوى المرصع بالأحجار البراقة 0
أما "إيهاب"فقد بدا شديد الجاذبية ، والوسامة فى بذلته السوداء الأنيقة .. بدا فى غاية السعادة ، و هو يرمق "نها" فى حب، وهيام 0
كانت العيون المحيطة بهما .. ترمقهما بنظرات الإعجاب الممزوجة بالحسد 0
ثم ندت عنهم زفرات الدهشة .. عندما قدم العريس شبكته " السولتير" الفخمة لعروسه .. لمحت والدة "نها" إحدى النسوة ، وهى تمط شفتيها 00 ثم تحركهما يمنة و يسرة .. و قد شع من عينيها الحقد ، فهتفت الأولى فى أعماقها بالتكبير ، والاستعاذة من عينيها ، وأعين جميع الحاضرين 0
ما أن انتهى الحفل .. حتى رفت رائحة البخور فى جميع أنحاء المنزل .. ثم فاحت لتزكم أنف الجيران ، والمارة بالشارع 0
فى اليوم التالى .. كانت العطلة الأسبوعية ليوم الجمعة .. رقدت "نها" فى فراشها بتكاسل .. وأخذت تنظر إلى يديها ، المتسورتين بشبكتها الغالية ، وقد اعتراها فرح طفولى 0
لوحت بيديها .. ثم أخذت تقلبهما .. وهى تقول لأمها التى جلست على الفراش المقابل :
ـ إن شبكتى رائعة يا ماما ! .. سوف آخذها معى غدا إن شاء الله معى لتشاهدها صديقاتى 0
هتفت أمها بقلق :
ـ أخشى أن تضيع ، أو أن تسرق منك يا "نها" 0
رفعت حاجبيها إلى أعلى ، قالت بشموخ :
ـ إننى لم أعد صغيرة يا أمى 0
ابتسمت والدتها ، وهى تقول :
ـ بالتأكيد يا بنيتى 0
أصبحت "نها" محاطة باهتمام ، وحب "إيهاب" الذى لا حدود له .. أسعدها اهتمامه وحبه لها وأشعرها بالفخر 0
كان يرافقها حتى بوابة المدرسة فى الصباح .. وينتظرها ليصحبها فى طريق العودة .. لمحت فى عيون زميلاتها الغبطة ، والإعجاب بخطيبها شديد الوسامة !
بل أن كثيرا من الفتيات .. حتى المتعجرفات منهن .. كن يحاولن خطب ودها .. مما جعلها تشعر بأهميتها .. وأن خطبتها جعلتها فى مرتبة أعلى وأسمى منهن ، ومن فى سنها 0
أغدق "إيهاب" عليها بالمال ، والهدايا الثمينة ، والملابس الفاخرة .. فلم تعد تشعر بالاحتياج ، والخوف اللذين كانت تشعر بهما دوما 0
مرت السنة الأولى لخطبتها .. لتصبح فى الصف الثالث الثانوى .. مع نهاية العام حصلت على مجموع يؤهلها لدخول الجامعة .. لتلتحق بكلية العلوم
وجاءت الرياح بما لاتشتهى السفن !!
كانت أول مرة منذ خطوبتهما .. تعترض إرادتها إرادته ، ورأيها رأيه .. لدهشتها كان موقف "إيهاب" بالغ التعنت تجاه استكمال تعليمها .. بعد أن أبدى عدم موافقته على التحاقها بالجامعة 0
مع إصرارها الشديد .. اضطر "إيهاب" أن يرضخ للأمر الواقع .. عندما قال لأمها على مضض :
ـ إننى موافق على دخولها الجامعة .. على شرط .. أن أعقد عليها .. ثم نتزوج بمجرد أن انتهى من تشطيب العمارة وتجهيز أثاث الشقة .
انقبض قلب "نها" عند سماعها هذا الشرط ، وخامرها أن "إيهاب" .. يعقد صفقة من صفقاته التجارية .. لكنها مع ذلك رضخت للأمر الواقع 0
أما أمها فقد كانت فى غاية السعادة .. فلقد اطمأنت على مستقبل ابنتها ، وأنها أصبحت فى حكم المتزوجة .. وعبئها أصبح على كاهل "إيهاب" .. لتتفرغ هى لرعاية أولادها الآخرين 0
ثم 00
التحقت "نها" بكلية العلوم .. ورافقها "إيهاب" فى أول يوم لها فى الجامعة .. بدا عليه التجهم ، والغضب ، وهو يمسح بعينيه الطلبة .. اللذين كانوا يتجولون بالحرم الجامعى .. داخلته غيرة غامرة من كل هؤلاء المنافسين !
تمنى لو أنه يحجب معشوقته الفاتنة .. بعيدا .. بعيدا .. عن تلك العيون المتلصصة 0
مع مرور الوقت زايل "نها" فرحها الطفولى .. باهتمام "إيهاب" المبالغ فيه ، ومحاصرتها فى كل وقت وحين ، وغيرته التى قد تصل إلى حد الريبة والشك 0
بدأت تختنق من حبه .. الذى أصبح كالطوق يلتف حول عنقها .. أصبح الاثنان دائمى الشجار .. حتى صرخت يوما بانفعال :
ـ إننى لم أعد صغيرة .. كى تصحبنى فى ذهابى ، وإيابى للجامعة 00
صمتت قليلا .. ثم أضافت بحنق :
ـ إننى أتعرض دائما للسخرية 0
رماها بنظرة غاضبة .. ساد بينهما صمت قاس عدة لحظات .. حاول فيها أن يستعيد رباطة جأشه .. ثم قال بنبرة هادئة باردة :
ـ اتركى الجامعة حتى لا تتعرضى للسخرية 0
ازداد حنقها ، وهى تقول بإصرار :
ـ إننى لن أترك الجامعة .. ولن ترافقنى إليها بعد الآن 0
مع انتهاء العام الجامعى الأول .. أصبحت صورة "إيهاب" فى قلب "نها" ، وفى عينيها أقل لمعانا من ذى قبل .. ثم بدأت مشاعرها تتحول ضده بشكل غير ملحوظ فى بادئ الأمر 0
لكن 00
مرت أسرتها أثناء الإجازة الصيفية بأزمة مالية طاحنة .. بعدما تعرض والدها لحادث أليم ، وهو خارج البلاد .. فأقعده عن العمل لعدة أشهر .. لتنقطع بذلك موارد أسرتها المالية 0ٍ
اضطرت والدتها لبيع مصوغاتها الذهبية لتعول أولادها .. ثم بدأن فى بيع أثاث المنزل .. مع مرور الوقت ، لم يبق هناك مورد ، سوى إيجار الشقة التى يقطنها "إيهاب" 0
كانت "نها" تتألم ، ويكاد قلبها ينفطر حزنا .. عندما ترى أخواتها الصغار يعانون الجوع 0
بالرغم من "إيهاب" قد لمس اٍلأزمة التى تمر بها أسرتها .. إلا أنه لم يحاول أن يقدم يد المساعدة ، أو المشاركة فى المحنة !
تعمد اصطحابها لأفخر المطاعم .. وطلب أشهى المأكولات .. فكانت تنظر إلى الطعام ، وتتذكر أخواتها اللذين يعانون الجوع ، والحرمان .. تشعر بغصة فى حلقها .. فلا تستطيع ابتلاع اللقيمات إلا بصعوبة ، وبإلحاح شديد منه 0
أخيرا صاحت ألما ، وقد أغرورقت عيناها بالدموع :
ـ إن أخوتى جوعى .. وهم أحق بهذا الطعام 0
دهشت عندما لمحت على وجهه عدم الاكتراث .. زادت دهشتها ، عندما صاح آمرا :
أريدك أن تلتهمى هذا الطعام كله !
تناول قطعة لحم مشوية بالشوكة .. ورفعها إلى فمها ، وهو يقول بصوت حنون متوسل :
ـ هيا يا حبيبتى أرجوك !
أشاحت وجهها بغضب .. ثم نهضت من مقعدها .. ركضت خارجة من المطعم .. تناهى لها صوته .. وهو يصيح بإلحاح :
ـ "نها" .. "نها" 0
لكنها خرجت من المطعم ، ولم تنظر وراءها 0
ثم 00
تفاقم الأمر .. عندما تناهى إلى علمها .. أن "إيهاب" يقوم ببيع الخمور سرا .. عندما سألته عن صحة هذا الخبر .. لم ينكر وهو يقول :
ـ ما العيب فى ذلك ؟
هتفت مستنكرة :
ـ إنها تجارة حرام !
أرسل ضحكة قصيرة جافة .. ثم قال بسخرية :
ـ حرام .. إنها تجارة رائجة .. بل إن بلادا "كفرنسا" .. تعتمد على صناعتها ، وتجارتها فى اقتصادها 0
هتفت فى لهجة إزدراء ، واحتقار :
ـ أنت لست الرجل الذى أحببته .. بل أنت رجل آخر ليس له قيم ، أو مبادئ 0
صرخ فبها بعنف :
ـ إخرسى .. وإلا 00
وضعت يديها فى خصرها .. وقالت فى نبرة تحدى :
ـ وإلا .. ماذا ؟
ثم استدارت فى حركة حادة ، موليه له ظهرها .. خرجت من حجرة الاستقبال ، وهو يشيعها بنظراته 0
بعد لحظة .. دوى صوت باب حجرتها ، وهى تصفعه خلفها بعنف 0
باتت ليلتها مؤرقة .. فقد كانت مشغولة الفكر ، مهمومة البال 00
إنها لا تستطيع أن تربط مصيرها ، وحياتها "بإيهاب" 0
إنه ليس فارس أحلامها .. أو الرجل الذى ترتضيه زوجا لها 0
كانت صغيرة مراهقة .. عندما طرق هو باب قلبها 0
حاصرها ، لم يترك لها خيارا ، أو فرصة للتفكير .. حتى أمها كانت شريكة فى الفخ الذى نصب لها .. لقد زينته لها .. لتقع فريسة سهلة لهذا الرجل 0
تذكرت بوم لقائها الثانى مع "إيهاب" فى طريق العشاق .. أدركت فجأة أن أمها كانت تعرف بأمر علاقتهما .. بل وكانت طرفا ثالثا قويا فى تلك العلاقة !
ألقت اللوم على أمها .. كان يجب أن تبصرها .. بل تمنعها من الاندفاع والانجراف وراء تلك النزوة ، التى ارتدت ثوب الحب .. لتصبح أمرا واقعا عليها أن تتعايش معه 0
كان هم أمها الأول أن تلقى بعبئها عن كاهلها .. دون النظر إلى النتائج .. ودون أن تلقى بالا بأنها ستثور يوما .. بعد أن تستفيق من هذا الوهم ، وهذا الحب الزائف !
دوت صرخة فى أعماقها :
ـ لا.. لن أتزوج هذا الرجل .. أريد أن استرد حريتى 0
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف