الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/7
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حذاء قديم بقلم:أنور الوريدي

تاريخ النشر : 2010-05-23
حذاء قديم بقلم:أنور الوريدي
حذاء قديم
بحزم بالغ رد" هاني "على الرجل الواقف أمامه : ثلاثة دنانير لا أقل ولا أكثر. فما كان من الرجل إلا أن غادر المكان دون أن ينطق بكلمة .
لم يكن هذا الرجل هو الوحيد الذي سأل هاني عن ثمن الحذاء الذي يعرضه للبيع؛ فقد سأله قبله آخرون ، ولكنهم كانوا يمضون مسرعين بعد إطلاق تعليقات قاسية حين يخبرهم هاني عن ثمن الحذاء . وهاني نفسه يعلم أن الدنانير الثلاثة ثمن باهظ لهذا الحذاء القديم ، ولكن ما العمل إذا كان ثمن زجاجة الدواء الذي تحتاجه أمه المريضة هو ثلاثة دنانير ؟
وقد كان مصرا على هذا المبلغ حتى أنه رفض بيعه لأحدهم بأعلى مبلغ دُفع فيه وهو دينار ونصف مرددا عبارته التي أصبحت لازمة يجيب بها كل مساوم :" ثلاثة دنانير لا أقل ولا أكثر" .
هذا الصباح علم هاني بنفاذ دواء أمه فصمم على تدبر المبلغ بأية وسيلة واضعا كلمة مشروعة نصب عينيه ، وأثناء سيره في أزقة المخيم متوجها إلى مدرسته ؛ لم يستطع تفادي" فردة"حذاء قديم ألقيت من خلف أحد الأسوار فاختل توازنه وسقط أرضا ، وما هي إلا لحظات حتى سقطت شقيقتها بجانبه .
ودونما تفكير أو لنقل بتفكير آلي نهض هاني وحمل الحذاء وقفل عائدا الى البيت ولسان عقله يقول : بإجراء بعض الإصلاحات يمكن أن يصبح هذا الحذاء شيئا قابلا للبيع .
في البيت شرع هاني بعمل كل ما يلزم الحذاء من إصلاح وترميم مستخدما الإبرة والخيط تارة و"الغراء" تارة أخرى , ثم قام بصبغه وتلميعه ووضعه في الشمس بانتظار أن يجف ، وابتسم حين رأى ملامح الهرم والبلى قد زايلت الحذاء :- صحيح أنه لم يعد الى شبابه لكنه أصبح أقل شيخوخة وأستطيع أن أعرضه في أحد شوارع المدينة ولن أقبل فيه ثمنا أقل من ثمن زجاجة الدواء.
طال انتظار هاني دون أن يأتي الزبون الذي سيدفع ثمن الحذاء ثمن الدواء ، وكانت تعليقات السائلين حين يعرفون الثمن المرتفع المطلوب كأنها مسامير تنغرز في لحمه الطري ، ولكنه ظل صابرا متحملا في سبيل أن يأتي لامه بزجاجة الدواء . غير أن انتظاره طال وتطاول ، وأحس في نفسه بالحزن والهم وأحس في جسده بالتعب والجوع ، وفكر في أن يعود إلى البيت يائسا نادما على إضاعته للفرصة التي لم تتكرر عندما رفض بيع الحذاء بدينار ونصف ، ولكنه طرد هذه الفكرة من رأسه حين لمح رجلا نحيلا قادما نحوه ، وقد توسم هاني في ملامح الرجل الطيبة والسماحة والدنانير الثلاثة .
اقترب الرجل من هاني ودون أن يتكلم انحنى على الأرض وأمسك بالفردة اليمنى من الحذاء ودسها في قدمه فلما وجدها مناسبة سأل هاني عن سعر الحذاء فأعلمه الولد السعر بثقة واطمئنان مختصرا لازمته التي لم يرَ لها مبررا كون الرجل يبدو في نظره ليس من النوع الذي يبخس الناس أشياءهم مفاصلا مماكسا، .وما إن سمع الرجل الطيب السمح بالرقم ثلاثة دنانير حتى انتفض انتفاضة تمثيلية مصطنعة ورد بصوت تعمد أن يجعله عاليا : ماذا قلت ؟ ثلاثة دنانير؟ أتريد أن تصبح من أصحاب الثراء من وراء هذا الحذاء ، ألا تخاف الله ؟وحاول الفتى أن يتكلم ولكن الرجل الطيب السمح لم يدع له مجالا فواصل هجومه وتهكمه: أتظنه حذاء جدتك " ساندريلا"وكأن عبارته الآخرة بشأن ساندريلا أعجبته فأتبعها بضحكة غريبة تشبه ضربات سريعة على طبل حاد الصوت من قبل ضارب نزق ثم قال : اسمع يا ولد هذا الحذاء مناسب لقدمي وسوف آخذه ولكني لن أدفع فيه أكثر من نصف دينار- مع علمي بأنه لا يستحق هذا الثمن- ولو كنت سأمشي ما تبقّى من حياتي حافيا فماذا قلت؟
كان الولد ما زال مصدوما من خيبة ظنه في الرجل الطيب السمح ومن قسوته ومن حدة تهكمه ، وقد ارتبك واحمر وجهه ، وقطر عرقه . ومع هذا؛ فقد حاول أن يبدو طبيعيا وكأن كل ما سمعه من العبارات المتهكمة القاسية لم يؤثر فيه، وعزم على العودة الى لازمته المعهودة ، ولكنه حين لاحظ الشارع يكاد يخلو من المارة ، وحين رأى الشمس لم تعد نطيق المكان قال بفقر وحزن ودمع : هات النص ليرة! .

من المجموعة القصصية الصادرة حديثا بعنوان مؤامرة ضد الكهام المنتظر
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف