
الفخر و الاعتزاز
-------
المعروف عند العرب لاسيما في العصر الجاهلي افتخارهم واعتزازهم بقبائلهم و ابطالهـم والبطولات التي يقومون بها والغارات التي يسطون بها على القبائل المجاورة وحتى عمليات الصعلكة التي كانوا يسمونها بطولات وينظمون فيها أشعارا ،ولعل ما قاله الشنفرى واصحابه لدليل على ذلك ضف اليها حرب داحس والغبراء وما نجم عنها …كل هذا نتلمسه من خلال اشعارهم "في الفخر و الحماسة" رغم أن ذلك لم يظهر في العصور الموالية حيث بدا تدهــــور "هذا الغرض" وينقص من عصر إلى عصـر و من منطقة إلى منطقة بسبب المستعمرات الاوربية للبلدان العربية التي زرعت ثقافتها و عادتهـا و فرضت الفاظـــا من لغاتها بطريقة أو اخرى .
الشيء الذي افقد العربي البدوي صلبته "اعني عادته البدوية" كالتعصب للقبيلة او العـرش أو الجهة مما جعل شعر الحماسة والافتخـار والاعتزاز بالنفس يقل أهمية عنده عن شعر المدح و الغزل و الاشـواق في حين كاد ينعدم شعر الهجاء ,هذا سبب و ربما هناك أسباب اخر كزحف المدن وتعمير الاراضي الخالية و الصحاري القاحلة حيث اقيمت تجمعات سكنية مختلفة و قرى و مداشـر و مدن مما فرض الاحتكاك بين سكانها و أهل البوادي و زحف بعضهم اليها بل وحتى نزوحهم عاما بعد عام وهذه بعض النماذج الباقية في الشعر الشعبي يقاس عليها : فالصرامة في العهـد
والموقف الشجـاع "مهما أدى إلى ذلك " من شيماتهم و النظر إلى الخلفيات القوميــة و العادات و التقاليد التي تفتقد في مثل هذه المواقف .
رمحي دون الطعن بالهيبة قتال
كعلي سيف ،وصارم لساني فعال
كعلي سيف صارم لساني فعال
واهلي الفضل منازلي وارباب اهلي
مثلي من يعرف واصلي يتسال
راجـع من قناطير الدنيا رطلي
و تبقت بوطنكوم حال اللي حلل
نرميكم بقصايدي و خطي بـاي
ولم تدم هذه الحالة طويلا حيث تغيرت الامور ومنها تغيرت الاخلاق الانسانية وأصبح السلوك المنتهج أقل من السابق فتناثرت المجالس الطيبة مثلما نستخلصـه من شاعرنا الشعبي بعد الفراق المريرللاصحـــاب
والاهل والاقارب وغياب مجالس السمرالتي كانت ملتقى لهم ومجمعا منيرا لاسترجاع ساعات الهناء والعطاء الفني حيث يعيش الانسـان مع نفسه في نشوة من الحياة ومـع ذلك يوضـح لنـا عهده بما كان عليه وصرامته في العهد والوفاء بالكلمة فـي هـذه الابيات .
الرجل اقول منترك نسبـــي
و الله غير نقوم بفروض اصحابي
الرجل اقول منترك نسبـــي
وانا من أهل العلا واصحاب الجاه
والله غير نقوم بفروض اصحابي
والرجل اصعيب عمري ما ننساه
أنا خايف ندور فيها يعيبــي
و اقول ما هوش من خليفة بابـاه
والكلمات الصادقة غالبا ما تكون ممتزجة بالعاطفة والانانية اذا ما حدث شــيء ما في حياة الشاعر الشعبي فهذا شاعرنا الشعبي مصطفى بن ابراهيم رغم مصبه كقائد و مكانته بالمغرب فقد شـــد شوقــه الى الجزائرقائلا:
قلبي تفكر الاوطان والهالـــه
راني مهول مانيش في حالـــي
قلبي تخبل بالوحش تخبالـــه
واعلاه يامرو غريب تلغالـــى
نوبة نجالس شي ناس عقالـــه
ونقول ذا الاول خير من التالـي
نوبه نتفكر يا المثــالــــه
ويثورجرح المحنه ويربالــــي
من بعد ماكنت عزيز في حالـه
مانيش باخس بسومي غالــــي
شاوي مع الطلبة شعت بمسالـة
نأمر الجن اعلاش بهوالــــي
وليت قاضي عندي عــدالــة
و نفك بين الشــرع بفصالــي
اعييت قايد بطـول زعالــــة
والحكم يطلم ما درت بفعالـــي
هذه الرائعة أوردها الأستاذ التلي بن الشيخ وتغنى بها الشيخ الصديق وبعض الفنانين الصحراويين ، نلمس فيها شيئا من التاريخ لسرد حياة الشاعر و لو كان ذلك لم يظهر بصورة اوضح ، كما نلمس صورة لحياته الخاصة التي لا زال يعتز بها في الابيات التاليـــة:
شوفو الدنيا يـا ناس بدالـــه
خليت وطني وضحيت زوالــي
أهلي وناس في الشام رجالــه
أشحال من فج هداوه خالــــي
أركان من البعيد بيان شجالــه
والقاط كمخة والسرج فيلالـــي
بارود يخرج م جعب يتكالــى
شبان تنطح في الشوم بمشالــي
******
وطني الزيفيزف و اهلي بن تاله
الحكـم في بلعباس يهوالـــي
قهوة و كرسي و النار متقابلــــة
والشرب بعدها مريحلالــــي
خودات بالعشق حنان هبالــة
بعطور و روائح مسك وغوالــي
وليت عاشر شيء ناس جهالة
وقليل من يعرف لغات اقوالــي
فيظهرمن هذه الابيات(حسب قول الدكتور)" ان الشاعركان يعيش حياة اللهووالمجون والترف والجاه ولايعني أنه كان منفردا بالسلطة فقد يكون له أعداء وخصوم اقوياء".
قلبي تفكـر الاوطـان
الزهو وركوب الخيــل
رعيتـي والفرســان
خودات في حروج تميـل
محزميـن للقتـــال
شبان يلغــو بكحيــل
اذا انتصـب الميـدان
قلال وقصـب تاويــل
وتقاصـر والغيــوان
وفرايـح يطـول الليـل
سبسي وكيف الدخـان
سهـرات بضي القنديـل
مشي نقـار العديــان
ما فات من زهـو قبيـل
حسـراه ويـن التبلاق
خيـري تـبدل بمـرور
بعد الحصن والقومان تشالي
شواش وخلفاوات عمالي
حسراه كنت بقومي وخياله وفعلت كي نجع سويد بمحالي وما هذه إلا نماذجا من الأدب الشعري يعكس حياة البداوة ولو كان هؤلاء في السلطة فالبداوة عندهم ونكهتها أحلى من السلطة ونعيمها في الأصالة والعادات والتقاليد الحميدة إذا ما دبت في كثير من الأعمال لذا لا زال البدوي يحتفظ ببعضها حتى وإن سكن المدينة لاسيما كبار السن منهم ، ولعل هذه الآهات الطويلة المدى التي يعبر عنها الشعر الشعبي على لسان الفنان البدوي لمن الدلائل الاخرى التي تعطي البعد الجمالي للقصيدة الصحراوية على انغام القصبة وبأسلوب المد مما يؤثر ايجابا في أذن سامعه والتمتع باللحن حيث يغوص في التفكير والعبر المستقاة من معاني الكلمات يأخذ من تجرب رجال ولي الدهر أدبارهم بعدما عاشوا حقبا من الزمن فعاصروا أجيالا وأجيالا.
ياحصراه على شبابي ياقــدرة
بكري منيـن كـان جمام العود
يتلطم بي ايمنان وابســــره
متورك باحكايـم و شهـــود
وكلتو من عراجين دقلة حـرة
واليوم وخذني السدرة و القنفوذ
يتبع....
-------
المعروف عند العرب لاسيما في العصر الجاهلي افتخارهم واعتزازهم بقبائلهم و ابطالهـم والبطولات التي يقومون بها والغارات التي يسطون بها على القبائل المجاورة وحتى عمليات الصعلكة التي كانوا يسمونها بطولات وينظمون فيها أشعارا ،ولعل ما قاله الشنفرى واصحابه لدليل على ذلك ضف اليها حرب داحس والغبراء وما نجم عنها …كل هذا نتلمسه من خلال اشعارهم "في الفخر و الحماسة" رغم أن ذلك لم يظهر في العصور الموالية حيث بدا تدهــــور "هذا الغرض" وينقص من عصر إلى عصـر و من منطقة إلى منطقة بسبب المستعمرات الاوربية للبلدان العربية التي زرعت ثقافتها و عادتهـا و فرضت الفاظـــا من لغاتها بطريقة أو اخرى .
الشيء الذي افقد العربي البدوي صلبته "اعني عادته البدوية" كالتعصب للقبيلة او العـرش أو الجهة مما جعل شعر الحماسة والافتخـار والاعتزاز بالنفس يقل أهمية عنده عن شعر المدح و الغزل و الاشـواق في حين كاد ينعدم شعر الهجاء ,هذا سبب و ربما هناك أسباب اخر كزحف المدن وتعمير الاراضي الخالية و الصحاري القاحلة حيث اقيمت تجمعات سكنية مختلفة و قرى و مداشـر و مدن مما فرض الاحتكاك بين سكانها و أهل البوادي و زحف بعضهم اليها بل وحتى نزوحهم عاما بعد عام وهذه بعض النماذج الباقية في الشعر الشعبي يقاس عليها : فالصرامة في العهـد
والموقف الشجـاع "مهما أدى إلى ذلك " من شيماتهم و النظر إلى الخلفيات القوميــة و العادات و التقاليد التي تفتقد في مثل هذه المواقف .
رمحي دون الطعن بالهيبة قتال
كعلي سيف ،وصارم لساني فعال
كعلي سيف صارم لساني فعال
واهلي الفضل منازلي وارباب اهلي
مثلي من يعرف واصلي يتسال
راجـع من قناطير الدنيا رطلي
و تبقت بوطنكوم حال اللي حلل
نرميكم بقصايدي و خطي بـاي
ولم تدم هذه الحالة طويلا حيث تغيرت الامور ومنها تغيرت الاخلاق الانسانية وأصبح السلوك المنتهج أقل من السابق فتناثرت المجالس الطيبة مثلما نستخلصـه من شاعرنا الشعبي بعد الفراق المريرللاصحـــاب
والاهل والاقارب وغياب مجالس السمرالتي كانت ملتقى لهم ومجمعا منيرا لاسترجاع ساعات الهناء والعطاء الفني حيث يعيش الانسـان مع نفسه في نشوة من الحياة ومـع ذلك يوضـح لنـا عهده بما كان عليه وصرامته في العهد والوفاء بالكلمة فـي هـذه الابيات .
الرجل اقول منترك نسبـــي
و الله غير نقوم بفروض اصحابي
الرجل اقول منترك نسبـــي
وانا من أهل العلا واصحاب الجاه
والله غير نقوم بفروض اصحابي
والرجل اصعيب عمري ما ننساه
أنا خايف ندور فيها يعيبــي
و اقول ما هوش من خليفة بابـاه
والكلمات الصادقة غالبا ما تكون ممتزجة بالعاطفة والانانية اذا ما حدث شــيء ما في حياة الشاعر الشعبي فهذا شاعرنا الشعبي مصطفى بن ابراهيم رغم مصبه كقائد و مكانته بالمغرب فقد شـــد شوقــه الى الجزائرقائلا:
قلبي تفكر الاوطان والهالـــه
راني مهول مانيش في حالـــي
قلبي تخبل بالوحش تخبالـــه
واعلاه يامرو غريب تلغالـــى
نوبة نجالس شي ناس عقالـــه
ونقول ذا الاول خير من التالـي
نوبه نتفكر يا المثــالــــه
ويثورجرح المحنه ويربالــــي
من بعد ماكنت عزيز في حالـه
مانيش باخس بسومي غالــــي
شاوي مع الطلبة شعت بمسالـة
نأمر الجن اعلاش بهوالــــي
وليت قاضي عندي عــدالــة
و نفك بين الشــرع بفصالــي
اعييت قايد بطـول زعالــــة
والحكم يطلم ما درت بفعالـــي
هذه الرائعة أوردها الأستاذ التلي بن الشيخ وتغنى بها الشيخ الصديق وبعض الفنانين الصحراويين ، نلمس فيها شيئا من التاريخ لسرد حياة الشاعر و لو كان ذلك لم يظهر بصورة اوضح ، كما نلمس صورة لحياته الخاصة التي لا زال يعتز بها في الابيات التاليـــة:
شوفو الدنيا يـا ناس بدالـــه
خليت وطني وضحيت زوالــي
أهلي وناس في الشام رجالــه
أشحال من فج هداوه خالــــي
أركان من البعيد بيان شجالــه
والقاط كمخة والسرج فيلالـــي
بارود يخرج م جعب يتكالــى
شبان تنطح في الشوم بمشالــي
******
وطني الزيفيزف و اهلي بن تاله
الحكـم في بلعباس يهوالـــي
قهوة و كرسي و النار متقابلــــة
والشرب بعدها مريحلالــــي
خودات بالعشق حنان هبالــة
بعطور و روائح مسك وغوالــي
وليت عاشر شيء ناس جهالة
وقليل من يعرف لغات اقوالــي
فيظهرمن هذه الابيات(حسب قول الدكتور)" ان الشاعركان يعيش حياة اللهووالمجون والترف والجاه ولايعني أنه كان منفردا بالسلطة فقد يكون له أعداء وخصوم اقوياء".
قلبي تفكـر الاوطـان
الزهو وركوب الخيــل
رعيتـي والفرســان
خودات في حروج تميـل
محزميـن للقتـــال
شبان يلغــو بكحيــل
اذا انتصـب الميـدان
قلال وقصـب تاويــل
وتقاصـر والغيــوان
وفرايـح يطـول الليـل
سبسي وكيف الدخـان
سهـرات بضي القنديـل
مشي نقـار العديــان
ما فات من زهـو قبيـل
حسـراه ويـن التبلاق
خيـري تـبدل بمـرور
بعد الحصن والقومان تشالي
شواش وخلفاوات عمالي
حسراه كنت بقومي وخياله وفعلت كي نجع سويد بمحالي وما هذه إلا نماذجا من الأدب الشعري يعكس حياة البداوة ولو كان هؤلاء في السلطة فالبداوة عندهم ونكهتها أحلى من السلطة ونعيمها في الأصالة والعادات والتقاليد الحميدة إذا ما دبت في كثير من الأعمال لذا لا زال البدوي يحتفظ ببعضها حتى وإن سكن المدينة لاسيما كبار السن منهم ، ولعل هذه الآهات الطويلة المدى التي يعبر عنها الشعر الشعبي على لسان الفنان البدوي لمن الدلائل الاخرى التي تعطي البعد الجمالي للقصيدة الصحراوية على انغام القصبة وبأسلوب المد مما يؤثر ايجابا في أذن سامعه والتمتع باللحن حيث يغوص في التفكير والعبر المستقاة من معاني الكلمات يأخذ من تجرب رجال ولي الدهر أدبارهم بعدما عاشوا حقبا من الزمن فعاصروا أجيالا وأجيالا.
ياحصراه على شبابي ياقــدرة
بكري منيـن كـان جمام العود
يتلطم بي ايمنان وابســــره
متورك باحكايـم و شهـــود
وكلتو من عراجين دقلة حـرة
واليوم وخذني السدرة و القنفوذ
يتبع....