العلاقات الفلسطينية الأردنية ومدى نجاحها المستقبلي ؟؟؟؟؟
دراسة لمستقبل هذه العلاقة بناء على المتغيرات الإقليمية
تقديم :سوسن شاهين
إن الدينامكية المتعلقة بهذه العلاقة قد طراء عليها تغير بعد عقد اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 وعام 1995 ومعاهدة السلام بين إسرائيل والأردن والتي وقعت عام 1994 التي ساهمت بدورها لبروز كيان في الضفة الغربية وغزه يدعى فلسطين أو "السلطة الوطنية الفلسطينية " ضمن إطار الحكم الذاتي إلا أن هذا الكيان لا يستطيع العمل دون إسرائيل بسبب الاحتلال لسنوات طويلة في الداخل ولا يستطيع النمو والاستمرار دون مواصلة الجهود الأردنية في الضفة الغربية بسبب الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين هاذين الطرفين والعلاقات الداخلية المعقدة التي تربط بين المجتمعات الثلاثة الفلسطينية الأردنية الإسرائيلية والمصرية في قطاع غزه لدعم هذا الكيان .
وهنا لا نستطيع أن نقول بأن هذه الاتفاقيات السلمية والمعاهدات لم توفر إطار رسمي لتطوير العلاقة إلا انه لم تتوفر الهيكلية الشابهة حتى تتمكن من السير قدما وعدم التعرض إلى انتكاسات إذ لا نستطيع أن نتجاهل أن هذا الموضوع رغم أهميته إلا انه ومع الأسف الشديد غطت عليه حتى هذه اللحظة قضية أخرى وهي العلاقات العربية الإسرائيلية
إذا أردنا أن نتجول في تاريخ العلاقة الفلسطينية الأردنية بشكل سريع علينا أن نذكر عدة محطات مهمة وتاريخية كانت نقطة التحول في الكثير من التوجهات السياسية لكلا الطرفين هنا نعود إلى فترة التدخل الانجليزي والفرنسي المباشر الذي أسفر عن تأسيس دولة إسرائيل في المنطقة عام 1948 وبعد أن تم دمج الضفة الغربية بشرق الأردن عام 1950 وضعت أو لربما الأدق ا نقول بداء بوضع الأسس العملية لتوحيد ضفتي نهر الأردن معا . إلا إن هذا المشروع توقف بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967 وهي لا زالت تحت رعاية المملكة الدرنية الهاشمية والتي حتى هذه اللحظة هنا من المفكرين الفلسطينيين والعرب الذين يقولون انه من واجب الأردن تحرير الضفة الغربية والقدس من الاحتلال لأنها سقطت تحت الاحتلال وهي تحت إمرتهم .
وهنا لا ننسى إن النكسة أدت إلى نزوح العديد من الفلسطينيين كما حدث إبان النكبة إلى الأردن وأصبح هناك تركيبة سكانية جديدة شكلت أساس ابعد لتطور العلاقة بين الشعبين لا الحكومتين كوجه من وجوه السياسة الداخلية والإقليمية في المملكة الأردنية الهاشمية .
وهنا نقول قبل الاستطراد بتاريخ هذه العلاقة الفريدة والمتناقضة في آن واحد انه من الممكن أن يكون هناك كيان فلسطين مستقل في الضفة الغربية مستبعدين غزه في هذه المرحلة بسبب الأوضاع الداخلية . والتي سنتطرق إليها لاحقا ، حتى وان وصل هذا الكيان إلى دولة مستقلة كما هي الرؤية الأمريكية الأردنية ، نعم لان الأردن تؤيد إقامة دولة فلسطينية مستقلة كما الولايات المتحدة الأمريكية لكن القرار يبقى أولا وأخيرا في يد الاسرائيلين والاهم في يد الفلسطينيين إن اجمعوا على قرار واحد في بيتهم الفلسطيني الداخلي . على الحكومة الأردنية أن تعلم جيدا إن هذه الدولة الفلسطينية لن تستطيع الآن تعمل بمعزل عن إسرائيل أو الأردن بسبب الاعتماد الاقتصادي المتبادل والروابط الداخلية بين الفلسطينيين في المجتمعات الثلاثة وعلى أية حال لا نستطيع أن نتجاهل هنا نقطة مهمة لها ايجابيتها وسلبياتها وهي أن اتفاقيات اوسلوا والسلام التي تم التوصل إليها بين الأردن وإسرائيل عام 1994 كانت جميعها ثنائية في مجالها ولم يكن هناك من تفاهم أردني_فلسطيني مواز أو حوار بناء بينهما وهنا ساد الشعور بأن صياغة هذه العلاقة لابد وان تنتظر التوقيع على اتفاقية الوضع النهائي بين إسرائيل وفلسطين . وهذا الفراغ في غياب هيكلية رسمية لهذه العلاقة الذي تببره الأردن من طرفها انه تدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية وهي تدعم إقامة دولة فلسطينية شرقي النهر والذي برره الفلسطينيين في خوفهم من أحداث الماضي بأن الأردن تريد السيطرة على الضفة الغربية مرة أخرى أدى إلى فتح مجال أمام الإحداث أكثر منه أمام قرارات السياسة من اجل بناء المستقبل ، متجاهل الطرف الأردني قبل الفلسطيني أن فلسطين هي عمق الأمن القومي للأردن والعكس صحيح أيضا مما دعى إلى تعبئة طرف على حساب الأخر بأن الأردن تريد إعادة احتلال أرضة وأصبح يتصور في أذهان الشباب عند سماعهم عن قوات بدر الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية إنها إذا أتت إلى فلسطين هي قوات أردنية تربت في بيئة أردنية وولائها للملك وللأردن قبل أن يكون لفلسطين فزادت الهوة بسبب الخوف لا مبرر من السلطة وبسبب الدعم إلا متناهي للحكومة الأردنية في إقامة دولة فلسطينية حتى لا يقال أن لها طموح في إعادة الارتباط وكل أصبح يشد الحبل إلى طرفة والذي برأينا سيقود في يوم من الأيام القريبة لا البعيدة إلى انفجار في المنطقة . هذا الانفجار الذي أخذت إسرائيل تغذية في عقول الشعب الفلسطيني إن الأردن هي الوطن البديل وان الأردن هي إمارة من إمارات فلسطين والعكس صحيح لكن أمام كل تلك التجاذبات السياسية لم ينتبه الطرف الأردني أو الفلسطيني إلى الخطر القادم من الشعب .
مميزات العلاقة
تتميز هذه العلاقة بتعدد وجوهها ، هي أولا وقبل كل شيء علاقة بين شعبين على ضفتي النهر وما وراءه ، بين مواطنين ومقيمين داخل الأردن ، بين كيانين مختلفين على جانبي النهر وبين قيادتين وأجهزتهما الأمنية والمخابراتية والاستخباراتية الخاصة الحاكمة ، كل منهما يقف للآخر بالمرصاد متناسي أهمية توطيد هذه العلاقة وكل منهما يحمل تاريخ وارث لايمكن أن يمحى من الذاكرة من الإحداث عام 1970 ولا حتى أيلول الأسود كلاهما حذر من الآخر وينتظره ليخطو خطوه لينهض الطرف الثاني إما ليرد أو ليدافع أو ليكمل ألمسيره وكله تحت حجج أمنية واهية ، ستقود المنطقة إلى الانفجار .
هذه العلاقة بين الشعبين التي تتخلل النقاش عن الهوية وحول الهوية الأردنية ، التي توجتها جلالة الملكة رانيا العبد الله في خطابها في جامعة يلين قبل حوالي شهر في عام 2009 والتي أكدت من خلالها على خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني بأن الفلسطينيين بحاجة إلى هوية لتعبر عنهم في بلدهم ووطنهم أسوة بالشباب من أعمارهم فكان خطابها مؤثر جدا بل تحدث أفضل من كل القادة السياسيين الفلسطينيين عن هوية الفلسطينيين أنفسهم وان دل هذا الخطاب على شيء وهو تاريخي برأي فأنه يدل على إن الأردن تتشبث وتتمسك بإقامة دولة فلسطينية مستقلة للحفاظ أولا على أمنها القومي ومن ثم من اجل الهوية الفلسطينية .
هنا نتطرق إلى الطريقة التي يتم التعريف بها على الفلسطينيون الذين يعيشون في الأردن أنفسهم بها تعتمد إلى حد ما على تاريخ وصولهم إلى هناك ، مع اعتبار اللذين وصلوا إلى الأردن عام 1948 هم الأكثر اندماج هناك ، إلا إن هذا الوصف لا يآخذ بعين الاعتبار بشكل كاف الفرق بين المقيمين في مخيمات اللاجئين والآخرين . وعلى ضوء عملية السلام ، فإن من المتوقع قيام الفلسطينيين في الأردن بموازنة الامتيازات النسبية للإقامة والمواطنة في المملكة والتي تعتمد على كيفية تطور المناخ الاقتصادي والسياسي الأردني، وبنفس الدرجة على كيفية تطور الدولة المجاورة لهم الدولة الفلسطينية ، معتمدين على ما سيقدمه الكيان الفلسطيني بالمقابل.
هنا علينا أن نكون حذريين وعلينا إن نأخذ بعين الاعتبار أن القيادة الفلسطينية هي الآن في عملية بناء الدولة رغم كل الانقسامات والتعثرات التراجعية وتفكك المجتمع الفلسطيني حول مسائل عده من أهمها العالقة الأردنية الفلسطينية هل ستكون طويلة الأمد أم قصيرة عند تشكيل الدولة الفلسطينية ، إذ عليهم الطرفين إن يقرروا الآن متجاوزين الماضي وعذاباته إذا ما كانوا سيحافظون على هذه العلاقة القائمة أو سيقومون باستكمال تفكيك الروابط كما يفعلون الآن باسم الانفصال التام ، أو إنهم سيكونون شركاء في إيجاد علاقة كون فدرالية تعاونيه ممكنه وكاملة، بدون رسم إلى أين ستنتهي هذه الكون فدرالية فإنهم لن يستطيعوا التقدم إلى الإمام إلى إننا نقول إن الانفصال التام قادم والذي لن يكون لصالح الطرفين وأولهم الأردن لأسباب سنذكرها لاحقا فمن علامات الانفصال إنشاء هيئات قانونية جديدة في فلسطين وإعداد منهج دراسي جديد لفلسطين منفصل عن المنهاج الأردني والذي يتحدث عن فلسطين ويتحدث عن أيلول الأسود ويزيل الثورة العربية الكبرى بطريقة غير مباشرة ويتحدث عن الماضي لعقول لازالت تتفتح ويعرضها بطريقة غير مباشرة وواضحة حتى لا تثير حفظة الآخرين ، وهنا تكمن خطورة السير في هذه العلاقة دون هدف محدد والتي تدفع الاسرائيلين أن يسعوا وبكل قوه إلى فرض ترتيبات عليهم وهنا نقف لنذكر القيادة الفلسطينية أنها قد بدأت بترتيباتها مع إسرائيل لإقامة حكم ذاتي خاص بهم دون فكرة واضحة حول ما سيعني ذلك ونخشى أن يقع الفلسطينيون والأردنيون في خطاء يدفعهم مستقبلا أن ينجرفوا أو يجبروا على "الكون فدرالية " ، الانفصال ، أو أي شكل آخر من الترتيبات بدون تفكير وإعداد مسبقين بسبب شبح الماضي الذي يطاردهم وبسبب عدم المشاركة بالحوار وبالقضايا الرئيسية الحساسة بين الطرفين بشكل جدي لا مجرد إعلام أو رد جميل أو لربما وهو الأدق اجتماعات روتينية وبروتوكولية فقط لا أكثر لضمان الحدود .
وهنا على الادرن أن تدرك بشكل جاد أنه لا يمكنها أن تضع تصنيف للفلسطينيين في الأردن ككتله واحده من حيث تعريفهم لهويتهم وتحديدهم لافضلياتهم وبالتالي يمكن أن نتوقع مع إعطاء الخيار أن يختار بعضهم الاندماج في الاردن أو أن يرغب آخرون في الاحتفاظ بالإقامة فيه كمواطنين فلسطينيين ، وقد يختار آخرون العودة إلى الدولة الفلسطينية والحصول على المواطنة فيها إذا سمحت الظروف بذلك ، وفي الوقت ذاته على الحكومة الأردنية أن تنظر إلى الشرق أردنيين فإنهم يتنوعون من حيث وجهات نظرهم اتجاه الخيارات التي يمكن أن ، أو لابد وان ، تتاح للفلسطينيين في أوساطهم ويختلفون في مدى رؤيتهم للخطر الذي يشكله الوجود الفلسطيني على هويتهم .أن دور الهاشميين قد أصبح أخيرا قضية ، أيضا ، لدى مجموعة صغيرة ولكنها مسموعة من الشرق اردنين اللذين يميزون بين العائلة المالكة وبين الهويتين الفلسطينية والشرق أردنية أيضا . وزيادة في التبسيط ، فقد تم تصور تفرع ثلاثي في الاردن ما بين الفلسطينيين والشرق اردنين والهاشميين ، ولكن الفرد والعائلة والو لاءات والمصالح تتعدى وتخترق هذا التصنيف . ونفس الشيء يتماشى مع التصنيف الفلسطيني ذو الثلاث أبعاد وهي الضفة الغربية وقطاع غزه ومنظمة التحرير . وتتميز غزه بالعلاقة الوطيدة والمتينة مع مصر حتى هذه اللحظة حتى بعيد سيطرت حركة حماس على القطاع على الرغم انه كان الأجدر بالأردن أن تقوي علاقتها مع حماس ومع خالد مشعل ومع الإخوان المسلمين في الاردن لتبقي الجمر تحت الرماد فأنه وحتى إن لم تكن حماس مسيطرة في الضفة فأنها تستطيع أن تضرب امن الاردن من خلال استخدام الأراضي المصرية ثم التوجه بجوازات سفر إلى الأراضي الأردنية وتنفيذ العمليات ضد إسرائيل لضرب الأمن الأردني من علا الحدود الأردنية من اجل وقف الدور الأردني في المنطقة . وانشغالها بحماية أمنها الداخلي .
والضفة الغربية تربطها علاقة وطيدة مع الاردن وعلاقات تاريخية لا يمكن تجاهلها ، أما دور السلطة ومنظمة التحرير فأنه دور سلبي لا يعزز توطيد هذه العلاقة مع الاردن رغم انه عززها مع مصر وهنا أقول كلمة لا بد منها وهي إن الشعور بالهوية الوطنية الفلسطينية المشتركة بين الضفة وقطاع غزه تعتبر قويه بما فيه الكفاية بينهم إلى درجة إنهم حتى وان كانوا منقسمون على أنفسهم بشكل مؤقت فإنهم سيتحدون معا في نهاية المطاف . وهنا علينا أن لا نتجاهل أن نذكر الهوية الأكثر عمق في الذهان وهي العلاقة ما بين ارض الوطن والشتات ومن هم في الداخل وأولئك القادمين ممن الخارج وهناك المواطنون الفلسطينيين في إسرائيل واللاجئون وبعض المواطنين الذين تم استيعابهم في لبنان وسوريا وأولئك الذين تشتتوا في أنحاء العالم العربي وما وراءه هؤلاء جميعهم لهم تأثير على العلاقة الأردنية _ الفلسطينية لان لهم على الأقل روابط عائلية في الاردن وفي الكيان الفلسطيني أيضا ، ولأنهم كما هو الحال لدى اللاجئين إن لم يكن لدى آخرين أيضا يوجدون في وضع من عدم اليقين ينتظرون وطنا دائما لهم .
إن تاريخ هذه العلاقة كما ذكرنا سابقا ونكرر مفعم بالتوتر وسوء الفهم والشك المتبادل ليس فقط بين القادة وإنما بين أعضاء المجتمعين أيضا عبر نهر الاردن وداخل الاردن ذاته كما أن بعض نظريات التآمر لدى كل طرف كانت ولازالت مرآه تعكس صورة الآخر .
وهنا لن ننسى الدور الأساسي والمركزي للحكومة الأردنية وتأثيره على الشرق اردنين إذ أن المتشددين منهم بداءو بإسماع صوتهم للملك فهناك اتجاه يعتقد أن الملك في استمرار متابعته للاهتمامات الهاشمية مثل المسؤولية عن الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس ، سيتم إقناعه من قبل الاسرائيلين و/أو الامريكين بتحمل المسؤولية عن الفلسطينيين في الضفة الغربية كثمن للاحتفاظ بدور في القدس ، وبالنسبة لهم أي الشرق أردنيين اللذين يخشون هذه الإمكانية ، فأن الخطر الذي يرونه يكمن في زعزعة استقرار الأردن من خلال التورط في فلسطين . ويرى آخرون إن الملك ليس آداه للآخرين ولكنه يقوم جادا بتجنيد دعم فلسطيني لقيادته على ضفتي نهر الاردن كما حصل بالأمة الأخيرة في المسجد الأقصى من حصار ولم تنتهي إلا بعد تدخل أردني حاسم ، وهذا الشك يقابله شك معاكس في فلسطين ، حيث هناك خوف وان لم يكن معلن عنه من احتمال رغبة الحكومة الأردنية في منع ظهور دولة مستقلة في الضفة الغربية بوجود القدس عاصمة وإبقائها تحت السيطرة الأردنية. إلى بداء الفلسطينيون بالبحث عن بديل دون إسقاط الخيار الأردني الذي يخرجهم من المآزق إلى الخيار السعودي السوري ومن اجل الدفع بالملك السعودي للمطالبة في أحقيته بالسيطرة على الأماكن المقدسة بالقدس لأنه خادم الحرمين وهنا يكون الفلسطينيين خرجوا من هذه المعركة ونقلوها إلى الساحة الأردنية السعودية وبقوا محافظين وممسكين على الخطين الأردني السعودي يجذبونه متى آرادو ويبتعدون عنه مدام هناك رخاء في الوضع السياسي الفلسطيني . وهنا تكون الاردن كمن يعيش على خط النار والمواجهة .
من هنا نتطرق إلى البعد الإقليمي والدولي لهذه العلاقة ووضعها في سياق سياسي محدد : إن الخيارات الأردنية والفلسطينية ومجال المناورة ستتأثر بشكل واضح بلاعبين عرب أخريين في المنطقة .فإذ ا بقيت سوريا ولبنان خارج العملية السلمية فإن الاردن وفلسطين سيجدون أنفسهم أكثر تشابكا مع الطرف الإسرائيلي وفي الوقت ذاته تحت ضغوط سياسية من الخارج ، إما بخصوص الدور المصر بعد الانقسام الفلسطيني الفلسطيني إذ تلعب مصر دور مقيدا يعتمد على تطور علاقاتها مع إسرائيل ، وأيضا لا بد لنا من اخذ إيران أيضا بعين الاعتبار والدور التركي الذي أصبح يرسم مثلث إقليما الآن تعاون سوري سعودي إيراني تركي الذي سيقوى هذا التحالف ويضعف تحالفات أخرى حيث بالتأكيد سيكون ماثل في التفكير الإسرائيلي ، كما ستكون العرق بحكومتها الجدية أيضا ماثله في التصورات الإسرائيلية حول مجالها الأمني ، وهنا فأنه على الاردنين أن يقوموا بإعادة التفكير ودراسة الحسابات من جديد حول مكانهم في المنطقة بالاضافه إلى اعتبارات داخلية .
كما نرى ونشاهد على الساحة السياسة فأنه لكل من مصر وسوريا والعراق والسعودي وتركيا إحساس بدوره وأهميته في العلاقات العربية الداخلية ، وسيقوم كل منهم أو حتى مجتمعين بتفسير التطورات في العلاقات الأردنية _ الفلسطينية وعلاقاتهما مع إسرائيل بناء على ذلك ، فأن الشغب الشاغل الآن للعراق بعد الحرب وإسقاط النظام القديم هو البقاء والانبعاث من جديد ، وهو لا يستطيع أن يؤثر على العلاقات الأردنية الفلسطينية مباشرة حتى يتمكن من دخول مجال الشؤون الإقليمية مره ثانيه إلا انه اثر من خلال إخراجه للاجئين الفلسطينيين ونقل جزء منهم إلى الاردن مما سيزيد في نوعية التركيبة الاجتماعية لدى المجتمع الأردني وبالذات المجتمع الفلسطيني داخل الاردن الذي يريد أن يعبر عن هويته , وهنا علينا أن نذكر انه يمكن أن تكون الاردن هي بوابة السلام العربي الإسرائيلي إلى العراق في نهاية المطاف مما يعزز من دور الحكومة الأردنية على لعبها الدور السياسي في المنطقة وإحكام سيطرتها إن عمل سياسيوها بشكل جيد مع دراسات وتحاليل جدية للوضع الإقليمي ، وهذه الرؤية ستكون هي نفسها ناقوس خطر بالنسبة لسوريا والسعودية وحتى مصر إذا ما انضم الاردن ومن ثم العراق إلى هذا الائتلاف الأردني الفلسطيني الإسرائيلي ، وعلى أية حال علينا أن نذكر أن العلاقة الأردنية – الفلسطينية لن تتبلور بدعم مصري لهذه العلاقة لأنها ستهدد بحسر دور مصر الإقليمي وبالذات بعد الانقسام في غزه وتقوية العلاقة مع الاردن بالضفة ، الذي سيؤدي إلى تقليص الدور المصري في الشؤون الفلسطينية وتعزيز الدور الأردني مع إمكانية جر الفلسطينيين إلى ما يمكن أن يعتبره المصريون فلكا إسرائيليا _أردنيا وحتى تركيا بعد التدخل التركي الهائل وهنا اذكر أن سوريا تنبهت إلى هذا الخطر القادم فاستبقت الاردن بعدة بالكثير من الخطوات بالتحالف التركي السوري وترتيب العلاقات الداخلية والتي وصلت إلى رفع تأشيرة الدخول بين سوريا وتركيا ليكون رسالة واضحة إن هذا التحالف لن يتم ولن يكون هناك تعزيز لدور الأردني في الضفة على حساب الآخرين وستكون الورقة الرابحة كما هي حركة حماس فقط بيد سوريا ، وهنا سيأتي الدور السعودي الذي سيتأثر ومن اجل عدم خوف السعودية من سوريا أعلنت سوريا بداية مصالحتها مع السعودية في زيارات متبادلة بين الرئيس بشار الأسد والملك السعودي ، إذ إن الحكومة السعودية تنظر باهتمام إلى دورها في الحفاظ على الأماكن الإسلامية في القدس كما ذكرنا سابقا ويبدو أن السعوديون لا يرغبون في منح تبريكاتهم حتى هذه اللحظة للأردن كحام أساسي لهذه الأماكن المقدس كما لم يمنحوا تبريكاتهم للمصالحة الفلسطينية بالرعاية المصرية بعد فشل اتفاق مكة الذي يدل على ضعف الدور السعودي في المنطقة وقوة الدور المصري والذي غاب عنه التأثير الأردني في الضفة الغربية ودخولهم في للجنة المصالحة المشتركة في وقت متأخر بدل أن يرعوا هم فتح في الضفة ويكونون الراعين لها لتعزيز دورهم وترك مصر فقط تلعب في الساحة الغزية وما عكس هو الصحيح أن مصر بدأت تمسك فتح وحماس بيديها لتستبعد الدور الأردني عن الضفة الغربية وتحسره فقط بالحماية على المقدسات الإسلامية وان الدور هو بين الاردن وإسرائيل وليس بين الاردن وفلسطين في القضايا الحساسة وبما إن المقدسات الإسلامية تحت رعاية الحكومة الأردنية فهذا واجبها أن تدافع عن القدس وهي مسئولة مسؤولية مباشره عن أي توتر في الضفة الغربية أو حدوث انتفاضة ثالثه وبذلك تكون مصر قد تمكنت من أن تلعب هذا الدور وهي الراعي لصلح ولسلام ولتهدئة في الوقت الذي لا تستطيع الاردن في أن تقوم إلى بدور الوسيط ما بين السلطة وإسرائيل بخصوص القدس فقط لا أكثر ولا اقل .وهنا نعود إلى الوضع السعودي وكما قلنا فأن السيطرة السعودية على المقدسات الإسلامية يتطلب ترتيب مسبق وعلى المدى القريب فأنه إذا نجح التحالف المصري السوري السعودي التركي والذي بكل تأكيد سيتم من خلاله استبعاد الاردن أو إبقاء دورها كوسيط على المقدسات الإسلامية إلى حين تغير الموقف الإسرائيلي اتجاه هذا الأمر بقبول التغير من موقفهم اتجاه القدس وهنا يأتي الدور الإيراني لرد على هذه العلاقة أيضا العلاقة الفلسطينية _ الأردنية الذي يجب على الحكومة الأردنية أن لا تنساه أو تتجاهله فالفلسطينيون يسيرون حسب مصالحهم لا محبتهم فأن الرد الإيراني على هذه العلاقة وتأثيره عليها سيكون بمدى قوة العلاقة الإيرانية السورية في هذه الخارطة الإقليمية الجديدة وهنا نستخلص إلى نتيجة مهمة وهي أن السياق الإقليمي لا يحبذ علاقات أردنية _فلسطينية أو تعاون وثيق بينهم إلى انه سيكون المنقذ الوحيد لدور الأردني هو رسم صورة إستراتيجية جدية مع الادراه الأمريكية الجديدة برئاسة باراك اوباما وبتوطيد للعلاقة الأردنية الإسرائيلية التي ستبرز من خلال أهداف الولايات المتحدة كمقررات رئيسية لمواقف الدول المؤيدة والمناصرة للعملية السلمية وتلك المتهمة بالعمل الإرهابي واخشا ما أخشاه أن تتحالف كل القوى العربية بما فيها فلسطين مع إيران وتبقى الاردن وحيده في المستقبل القريب لا البعيد، لان الولايات المتحدة الآن برئاسة اوباما تعتبر احتواء تلد الدول التي ترفض السلام بما فيها إيران هو نقطة رئيسية على جدول أعمالها من اجل الحفاظ على امن إسرائيل ودفعها للانخراط في العملية السلمية عندها ستكون الاردن في مآزق لا يحسد عليه اتجاه موقفها على تلك الدول وهنا سنتحدث كان هناك علاقات فلسطينية _أردنية لاعن مستقبل هذه العلاقة . ونصل إلى نتيجة نهائية أن العلاقة الأردنية _الفلسطينية أذا تطورت هي القوة الجدية القادمة في المنطقة وهي مفتاح السلام في الشرق الأوسط. هذه الدراسة سيتبعها قريبا تحليل لسيناريوهات المتوقعة لانجاهحا.
دراسة لمستقبل هذه العلاقة بناء على المتغيرات الإقليمية
تقديم :سوسن شاهين
إن الدينامكية المتعلقة بهذه العلاقة قد طراء عليها تغير بعد عقد اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 وعام 1995 ومعاهدة السلام بين إسرائيل والأردن والتي وقعت عام 1994 التي ساهمت بدورها لبروز كيان في الضفة الغربية وغزه يدعى فلسطين أو "السلطة الوطنية الفلسطينية " ضمن إطار الحكم الذاتي إلا أن هذا الكيان لا يستطيع العمل دون إسرائيل بسبب الاحتلال لسنوات طويلة في الداخل ولا يستطيع النمو والاستمرار دون مواصلة الجهود الأردنية في الضفة الغربية بسبب الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين هاذين الطرفين والعلاقات الداخلية المعقدة التي تربط بين المجتمعات الثلاثة الفلسطينية الأردنية الإسرائيلية والمصرية في قطاع غزه لدعم هذا الكيان .
وهنا لا نستطيع أن نقول بأن هذه الاتفاقيات السلمية والمعاهدات لم توفر إطار رسمي لتطوير العلاقة إلا انه لم تتوفر الهيكلية الشابهة حتى تتمكن من السير قدما وعدم التعرض إلى انتكاسات إذ لا نستطيع أن نتجاهل أن هذا الموضوع رغم أهميته إلا انه ومع الأسف الشديد غطت عليه حتى هذه اللحظة قضية أخرى وهي العلاقات العربية الإسرائيلية
إذا أردنا أن نتجول في تاريخ العلاقة الفلسطينية الأردنية بشكل سريع علينا أن نذكر عدة محطات مهمة وتاريخية كانت نقطة التحول في الكثير من التوجهات السياسية لكلا الطرفين هنا نعود إلى فترة التدخل الانجليزي والفرنسي المباشر الذي أسفر عن تأسيس دولة إسرائيل في المنطقة عام 1948 وبعد أن تم دمج الضفة الغربية بشرق الأردن عام 1950 وضعت أو لربما الأدق ا نقول بداء بوضع الأسس العملية لتوحيد ضفتي نهر الأردن معا . إلا إن هذا المشروع توقف بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967 وهي لا زالت تحت رعاية المملكة الدرنية الهاشمية والتي حتى هذه اللحظة هنا من المفكرين الفلسطينيين والعرب الذين يقولون انه من واجب الأردن تحرير الضفة الغربية والقدس من الاحتلال لأنها سقطت تحت الاحتلال وهي تحت إمرتهم .
وهنا لا ننسى إن النكسة أدت إلى نزوح العديد من الفلسطينيين كما حدث إبان النكبة إلى الأردن وأصبح هناك تركيبة سكانية جديدة شكلت أساس ابعد لتطور العلاقة بين الشعبين لا الحكومتين كوجه من وجوه السياسة الداخلية والإقليمية في المملكة الأردنية الهاشمية .
وهنا نقول قبل الاستطراد بتاريخ هذه العلاقة الفريدة والمتناقضة في آن واحد انه من الممكن أن يكون هناك كيان فلسطين مستقل في الضفة الغربية مستبعدين غزه في هذه المرحلة بسبب الأوضاع الداخلية . والتي سنتطرق إليها لاحقا ، حتى وان وصل هذا الكيان إلى دولة مستقلة كما هي الرؤية الأمريكية الأردنية ، نعم لان الأردن تؤيد إقامة دولة فلسطينية مستقلة كما الولايات المتحدة الأمريكية لكن القرار يبقى أولا وأخيرا في يد الاسرائيلين والاهم في يد الفلسطينيين إن اجمعوا على قرار واحد في بيتهم الفلسطيني الداخلي . على الحكومة الأردنية أن تعلم جيدا إن هذه الدولة الفلسطينية لن تستطيع الآن تعمل بمعزل عن إسرائيل أو الأردن بسبب الاعتماد الاقتصادي المتبادل والروابط الداخلية بين الفلسطينيين في المجتمعات الثلاثة وعلى أية حال لا نستطيع أن نتجاهل هنا نقطة مهمة لها ايجابيتها وسلبياتها وهي أن اتفاقيات اوسلوا والسلام التي تم التوصل إليها بين الأردن وإسرائيل عام 1994 كانت جميعها ثنائية في مجالها ولم يكن هناك من تفاهم أردني_فلسطيني مواز أو حوار بناء بينهما وهنا ساد الشعور بأن صياغة هذه العلاقة لابد وان تنتظر التوقيع على اتفاقية الوضع النهائي بين إسرائيل وفلسطين . وهذا الفراغ في غياب هيكلية رسمية لهذه العلاقة الذي تببره الأردن من طرفها انه تدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية وهي تدعم إقامة دولة فلسطينية شرقي النهر والذي برره الفلسطينيين في خوفهم من أحداث الماضي بأن الأردن تريد السيطرة على الضفة الغربية مرة أخرى أدى إلى فتح مجال أمام الإحداث أكثر منه أمام قرارات السياسة من اجل بناء المستقبل ، متجاهل الطرف الأردني قبل الفلسطيني أن فلسطين هي عمق الأمن القومي للأردن والعكس صحيح أيضا مما دعى إلى تعبئة طرف على حساب الأخر بأن الأردن تريد إعادة احتلال أرضة وأصبح يتصور في أذهان الشباب عند سماعهم عن قوات بدر الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية إنها إذا أتت إلى فلسطين هي قوات أردنية تربت في بيئة أردنية وولائها للملك وللأردن قبل أن يكون لفلسطين فزادت الهوة بسبب الخوف لا مبرر من السلطة وبسبب الدعم إلا متناهي للحكومة الأردنية في إقامة دولة فلسطينية حتى لا يقال أن لها طموح في إعادة الارتباط وكل أصبح يشد الحبل إلى طرفة والذي برأينا سيقود في يوم من الأيام القريبة لا البعيدة إلى انفجار في المنطقة . هذا الانفجار الذي أخذت إسرائيل تغذية في عقول الشعب الفلسطيني إن الأردن هي الوطن البديل وان الأردن هي إمارة من إمارات فلسطين والعكس صحيح لكن أمام كل تلك التجاذبات السياسية لم ينتبه الطرف الأردني أو الفلسطيني إلى الخطر القادم من الشعب .
مميزات العلاقة
تتميز هذه العلاقة بتعدد وجوهها ، هي أولا وقبل كل شيء علاقة بين شعبين على ضفتي النهر وما وراءه ، بين مواطنين ومقيمين داخل الأردن ، بين كيانين مختلفين على جانبي النهر وبين قيادتين وأجهزتهما الأمنية والمخابراتية والاستخباراتية الخاصة الحاكمة ، كل منهما يقف للآخر بالمرصاد متناسي أهمية توطيد هذه العلاقة وكل منهما يحمل تاريخ وارث لايمكن أن يمحى من الذاكرة من الإحداث عام 1970 ولا حتى أيلول الأسود كلاهما حذر من الآخر وينتظره ليخطو خطوه لينهض الطرف الثاني إما ليرد أو ليدافع أو ليكمل ألمسيره وكله تحت حجج أمنية واهية ، ستقود المنطقة إلى الانفجار .
هذه العلاقة بين الشعبين التي تتخلل النقاش عن الهوية وحول الهوية الأردنية ، التي توجتها جلالة الملكة رانيا العبد الله في خطابها في جامعة يلين قبل حوالي شهر في عام 2009 والتي أكدت من خلالها على خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني بأن الفلسطينيين بحاجة إلى هوية لتعبر عنهم في بلدهم ووطنهم أسوة بالشباب من أعمارهم فكان خطابها مؤثر جدا بل تحدث أفضل من كل القادة السياسيين الفلسطينيين عن هوية الفلسطينيين أنفسهم وان دل هذا الخطاب على شيء وهو تاريخي برأي فأنه يدل على إن الأردن تتشبث وتتمسك بإقامة دولة فلسطينية مستقلة للحفاظ أولا على أمنها القومي ومن ثم من اجل الهوية الفلسطينية .
هنا نتطرق إلى الطريقة التي يتم التعريف بها على الفلسطينيون الذين يعيشون في الأردن أنفسهم بها تعتمد إلى حد ما على تاريخ وصولهم إلى هناك ، مع اعتبار اللذين وصلوا إلى الأردن عام 1948 هم الأكثر اندماج هناك ، إلا إن هذا الوصف لا يآخذ بعين الاعتبار بشكل كاف الفرق بين المقيمين في مخيمات اللاجئين والآخرين . وعلى ضوء عملية السلام ، فإن من المتوقع قيام الفلسطينيين في الأردن بموازنة الامتيازات النسبية للإقامة والمواطنة في المملكة والتي تعتمد على كيفية تطور المناخ الاقتصادي والسياسي الأردني، وبنفس الدرجة على كيفية تطور الدولة المجاورة لهم الدولة الفلسطينية ، معتمدين على ما سيقدمه الكيان الفلسطيني بالمقابل.
هنا علينا أن نكون حذريين وعلينا إن نأخذ بعين الاعتبار أن القيادة الفلسطينية هي الآن في عملية بناء الدولة رغم كل الانقسامات والتعثرات التراجعية وتفكك المجتمع الفلسطيني حول مسائل عده من أهمها العالقة الأردنية الفلسطينية هل ستكون طويلة الأمد أم قصيرة عند تشكيل الدولة الفلسطينية ، إذ عليهم الطرفين إن يقرروا الآن متجاوزين الماضي وعذاباته إذا ما كانوا سيحافظون على هذه العلاقة القائمة أو سيقومون باستكمال تفكيك الروابط كما يفعلون الآن باسم الانفصال التام ، أو إنهم سيكونون شركاء في إيجاد علاقة كون فدرالية تعاونيه ممكنه وكاملة، بدون رسم إلى أين ستنتهي هذه الكون فدرالية فإنهم لن يستطيعوا التقدم إلى الإمام إلى إننا نقول إن الانفصال التام قادم والذي لن يكون لصالح الطرفين وأولهم الأردن لأسباب سنذكرها لاحقا فمن علامات الانفصال إنشاء هيئات قانونية جديدة في فلسطين وإعداد منهج دراسي جديد لفلسطين منفصل عن المنهاج الأردني والذي يتحدث عن فلسطين ويتحدث عن أيلول الأسود ويزيل الثورة العربية الكبرى بطريقة غير مباشرة ويتحدث عن الماضي لعقول لازالت تتفتح ويعرضها بطريقة غير مباشرة وواضحة حتى لا تثير حفظة الآخرين ، وهنا تكمن خطورة السير في هذه العلاقة دون هدف محدد والتي تدفع الاسرائيلين أن يسعوا وبكل قوه إلى فرض ترتيبات عليهم وهنا نقف لنذكر القيادة الفلسطينية أنها قد بدأت بترتيباتها مع إسرائيل لإقامة حكم ذاتي خاص بهم دون فكرة واضحة حول ما سيعني ذلك ونخشى أن يقع الفلسطينيون والأردنيون في خطاء يدفعهم مستقبلا أن ينجرفوا أو يجبروا على "الكون فدرالية " ، الانفصال ، أو أي شكل آخر من الترتيبات بدون تفكير وإعداد مسبقين بسبب شبح الماضي الذي يطاردهم وبسبب عدم المشاركة بالحوار وبالقضايا الرئيسية الحساسة بين الطرفين بشكل جدي لا مجرد إعلام أو رد جميل أو لربما وهو الأدق اجتماعات روتينية وبروتوكولية فقط لا أكثر لضمان الحدود .
وهنا على الادرن أن تدرك بشكل جاد أنه لا يمكنها أن تضع تصنيف للفلسطينيين في الأردن ككتله واحده من حيث تعريفهم لهويتهم وتحديدهم لافضلياتهم وبالتالي يمكن أن نتوقع مع إعطاء الخيار أن يختار بعضهم الاندماج في الاردن أو أن يرغب آخرون في الاحتفاظ بالإقامة فيه كمواطنين فلسطينيين ، وقد يختار آخرون العودة إلى الدولة الفلسطينية والحصول على المواطنة فيها إذا سمحت الظروف بذلك ، وفي الوقت ذاته على الحكومة الأردنية أن تنظر إلى الشرق أردنيين فإنهم يتنوعون من حيث وجهات نظرهم اتجاه الخيارات التي يمكن أن ، أو لابد وان ، تتاح للفلسطينيين في أوساطهم ويختلفون في مدى رؤيتهم للخطر الذي يشكله الوجود الفلسطيني على هويتهم .أن دور الهاشميين قد أصبح أخيرا قضية ، أيضا ، لدى مجموعة صغيرة ولكنها مسموعة من الشرق اردنين اللذين يميزون بين العائلة المالكة وبين الهويتين الفلسطينية والشرق أردنية أيضا . وزيادة في التبسيط ، فقد تم تصور تفرع ثلاثي في الاردن ما بين الفلسطينيين والشرق اردنين والهاشميين ، ولكن الفرد والعائلة والو لاءات والمصالح تتعدى وتخترق هذا التصنيف . ونفس الشيء يتماشى مع التصنيف الفلسطيني ذو الثلاث أبعاد وهي الضفة الغربية وقطاع غزه ومنظمة التحرير . وتتميز غزه بالعلاقة الوطيدة والمتينة مع مصر حتى هذه اللحظة حتى بعيد سيطرت حركة حماس على القطاع على الرغم انه كان الأجدر بالأردن أن تقوي علاقتها مع حماس ومع خالد مشعل ومع الإخوان المسلمين في الاردن لتبقي الجمر تحت الرماد فأنه وحتى إن لم تكن حماس مسيطرة في الضفة فأنها تستطيع أن تضرب امن الاردن من خلال استخدام الأراضي المصرية ثم التوجه بجوازات سفر إلى الأراضي الأردنية وتنفيذ العمليات ضد إسرائيل لضرب الأمن الأردني من علا الحدود الأردنية من اجل وقف الدور الأردني في المنطقة . وانشغالها بحماية أمنها الداخلي .
والضفة الغربية تربطها علاقة وطيدة مع الاردن وعلاقات تاريخية لا يمكن تجاهلها ، أما دور السلطة ومنظمة التحرير فأنه دور سلبي لا يعزز توطيد هذه العلاقة مع الاردن رغم انه عززها مع مصر وهنا أقول كلمة لا بد منها وهي إن الشعور بالهوية الوطنية الفلسطينية المشتركة بين الضفة وقطاع غزه تعتبر قويه بما فيه الكفاية بينهم إلى درجة إنهم حتى وان كانوا منقسمون على أنفسهم بشكل مؤقت فإنهم سيتحدون معا في نهاية المطاف . وهنا علينا أن لا نتجاهل أن نذكر الهوية الأكثر عمق في الذهان وهي العلاقة ما بين ارض الوطن والشتات ومن هم في الداخل وأولئك القادمين ممن الخارج وهناك المواطنون الفلسطينيين في إسرائيل واللاجئون وبعض المواطنين الذين تم استيعابهم في لبنان وسوريا وأولئك الذين تشتتوا في أنحاء العالم العربي وما وراءه هؤلاء جميعهم لهم تأثير على العلاقة الأردنية _ الفلسطينية لان لهم على الأقل روابط عائلية في الاردن وفي الكيان الفلسطيني أيضا ، ولأنهم كما هو الحال لدى اللاجئين إن لم يكن لدى آخرين أيضا يوجدون في وضع من عدم اليقين ينتظرون وطنا دائما لهم .
إن تاريخ هذه العلاقة كما ذكرنا سابقا ونكرر مفعم بالتوتر وسوء الفهم والشك المتبادل ليس فقط بين القادة وإنما بين أعضاء المجتمعين أيضا عبر نهر الاردن وداخل الاردن ذاته كما أن بعض نظريات التآمر لدى كل طرف كانت ولازالت مرآه تعكس صورة الآخر .
وهنا لن ننسى الدور الأساسي والمركزي للحكومة الأردنية وتأثيره على الشرق اردنين إذ أن المتشددين منهم بداءو بإسماع صوتهم للملك فهناك اتجاه يعتقد أن الملك في استمرار متابعته للاهتمامات الهاشمية مثل المسؤولية عن الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس ، سيتم إقناعه من قبل الاسرائيلين و/أو الامريكين بتحمل المسؤولية عن الفلسطينيين في الضفة الغربية كثمن للاحتفاظ بدور في القدس ، وبالنسبة لهم أي الشرق أردنيين اللذين يخشون هذه الإمكانية ، فأن الخطر الذي يرونه يكمن في زعزعة استقرار الأردن من خلال التورط في فلسطين . ويرى آخرون إن الملك ليس آداه للآخرين ولكنه يقوم جادا بتجنيد دعم فلسطيني لقيادته على ضفتي نهر الاردن كما حصل بالأمة الأخيرة في المسجد الأقصى من حصار ولم تنتهي إلا بعد تدخل أردني حاسم ، وهذا الشك يقابله شك معاكس في فلسطين ، حيث هناك خوف وان لم يكن معلن عنه من احتمال رغبة الحكومة الأردنية في منع ظهور دولة مستقلة في الضفة الغربية بوجود القدس عاصمة وإبقائها تحت السيطرة الأردنية. إلى بداء الفلسطينيون بالبحث عن بديل دون إسقاط الخيار الأردني الذي يخرجهم من المآزق إلى الخيار السعودي السوري ومن اجل الدفع بالملك السعودي للمطالبة في أحقيته بالسيطرة على الأماكن المقدسة بالقدس لأنه خادم الحرمين وهنا يكون الفلسطينيين خرجوا من هذه المعركة ونقلوها إلى الساحة الأردنية السعودية وبقوا محافظين وممسكين على الخطين الأردني السعودي يجذبونه متى آرادو ويبتعدون عنه مدام هناك رخاء في الوضع السياسي الفلسطيني . وهنا تكون الاردن كمن يعيش على خط النار والمواجهة .
من هنا نتطرق إلى البعد الإقليمي والدولي لهذه العلاقة ووضعها في سياق سياسي محدد : إن الخيارات الأردنية والفلسطينية ومجال المناورة ستتأثر بشكل واضح بلاعبين عرب أخريين في المنطقة .فإذ ا بقيت سوريا ولبنان خارج العملية السلمية فإن الاردن وفلسطين سيجدون أنفسهم أكثر تشابكا مع الطرف الإسرائيلي وفي الوقت ذاته تحت ضغوط سياسية من الخارج ، إما بخصوص الدور المصر بعد الانقسام الفلسطيني الفلسطيني إذ تلعب مصر دور مقيدا يعتمد على تطور علاقاتها مع إسرائيل ، وأيضا لا بد لنا من اخذ إيران أيضا بعين الاعتبار والدور التركي الذي أصبح يرسم مثلث إقليما الآن تعاون سوري سعودي إيراني تركي الذي سيقوى هذا التحالف ويضعف تحالفات أخرى حيث بالتأكيد سيكون ماثل في التفكير الإسرائيلي ، كما ستكون العرق بحكومتها الجدية أيضا ماثله في التصورات الإسرائيلية حول مجالها الأمني ، وهنا فأنه على الاردنين أن يقوموا بإعادة التفكير ودراسة الحسابات من جديد حول مكانهم في المنطقة بالاضافه إلى اعتبارات داخلية .
كما نرى ونشاهد على الساحة السياسة فأنه لكل من مصر وسوريا والعراق والسعودي وتركيا إحساس بدوره وأهميته في العلاقات العربية الداخلية ، وسيقوم كل منهم أو حتى مجتمعين بتفسير التطورات في العلاقات الأردنية _ الفلسطينية وعلاقاتهما مع إسرائيل بناء على ذلك ، فأن الشغب الشاغل الآن للعراق بعد الحرب وإسقاط النظام القديم هو البقاء والانبعاث من جديد ، وهو لا يستطيع أن يؤثر على العلاقات الأردنية الفلسطينية مباشرة حتى يتمكن من دخول مجال الشؤون الإقليمية مره ثانيه إلا انه اثر من خلال إخراجه للاجئين الفلسطينيين ونقل جزء منهم إلى الاردن مما سيزيد في نوعية التركيبة الاجتماعية لدى المجتمع الأردني وبالذات المجتمع الفلسطيني داخل الاردن الذي يريد أن يعبر عن هويته , وهنا علينا أن نذكر انه يمكن أن تكون الاردن هي بوابة السلام العربي الإسرائيلي إلى العراق في نهاية المطاف مما يعزز من دور الحكومة الأردنية على لعبها الدور السياسي في المنطقة وإحكام سيطرتها إن عمل سياسيوها بشكل جيد مع دراسات وتحاليل جدية للوضع الإقليمي ، وهذه الرؤية ستكون هي نفسها ناقوس خطر بالنسبة لسوريا والسعودية وحتى مصر إذا ما انضم الاردن ومن ثم العراق إلى هذا الائتلاف الأردني الفلسطيني الإسرائيلي ، وعلى أية حال علينا أن نذكر أن العلاقة الأردنية – الفلسطينية لن تتبلور بدعم مصري لهذه العلاقة لأنها ستهدد بحسر دور مصر الإقليمي وبالذات بعد الانقسام في غزه وتقوية العلاقة مع الاردن بالضفة ، الذي سيؤدي إلى تقليص الدور المصري في الشؤون الفلسطينية وتعزيز الدور الأردني مع إمكانية جر الفلسطينيين إلى ما يمكن أن يعتبره المصريون فلكا إسرائيليا _أردنيا وحتى تركيا بعد التدخل التركي الهائل وهنا اذكر أن سوريا تنبهت إلى هذا الخطر القادم فاستبقت الاردن بعدة بالكثير من الخطوات بالتحالف التركي السوري وترتيب العلاقات الداخلية والتي وصلت إلى رفع تأشيرة الدخول بين سوريا وتركيا ليكون رسالة واضحة إن هذا التحالف لن يتم ولن يكون هناك تعزيز لدور الأردني في الضفة على حساب الآخرين وستكون الورقة الرابحة كما هي حركة حماس فقط بيد سوريا ، وهنا سيأتي الدور السعودي الذي سيتأثر ومن اجل عدم خوف السعودية من سوريا أعلنت سوريا بداية مصالحتها مع السعودية في زيارات متبادلة بين الرئيس بشار الأسد والملك السعودي ، إذ إن الحكومة السعودية تنظر باهتمام إلى دورها في الحفاظ على الأماكن الإسلامية في القدس كما ذكرنا سابقا ويبدو أن السعوديون لا يرغبون في منح تبريكاتهم حتى هذه اللحظة للأردن كحام أساسي لهذه الأماكن المقدس كما لم يمنحوا تبريكاتهم للمصالحة الفلسطينية بالرعاية المصرية بعد فشل اتفاق مكة الذي يدل على ضعف الدور السعودي في المنطقة وقوة الدور المصري والذي غاب عنه التأثير الأردني في الضفة الغربية ودخولهم في للجنة المصالحة المشتركة في وقت متأخر بدل أن يرعوا هم فتح في الضفة ويكونون الراعين لها لتعزيز دورهم وترك مصر فقط تلعب في الساحة الغزية وما عكس هو الصحيح أن مصر بدأت تمسك فتح وحماس بيديها لتستبعد الدور الأردني عن الضفة الغربية وتحسره فقط بالحماية على المقدسات الإسلامية وان الدور هو بين الاردن وإسرائيل وليس بين الاردن وفلسطين في القضايا الحساسة وبما إن المقدسات الإسلامية تحت رعاية الحكومة الأردنية فهذا واجبها أن تدافع عن القدس وهي مسئولة مسؤولية مباشره عن أي توتر في الضفة الغربية أو حدوث انتفاضة ثالثه وبذلك تكون مصر قد تمكنت من أن تلعب هذا الدور وهي الراعي لصلح ولسلام ولتهدئة في الوقت الذي لا تستطيع الاردن في أن تقوم إلى بدور الوسيط ما بين السلطة وإسرائيل بخصوص القدس فقط لا أكثر ولا اقل .وهنا نعود إلى الوضع السعودي وكما قلنا فأن السيطرة السعودية على المقدسات الإسلامية يتطلب ترتيب مسبق وعلى المدى القريب فأنه إذا نجح التحالف المصري السوري السعودي التركي والذي بكل تأكيد سيتم من خلاله استبعاد الاردن أو إبقاء دورها كوسيط على المقدسات الإسلامية إلى حين تغير الموقف الإسرائيلي اتجاه هذا الأمر بقبول التغير من موقفهم اتجاه القدس وهنا يأتي الدور الإيراني لرد على هذه العلاقة أيضا العلاقة الفلسطينية _ الأردنية الذي يجب على الحكومة الأردنية أن لا تنساه أو تتجاهله فالفلسطينيون يسيرون حسب مصالحهم لا محبتهم فأن الرد الإيراني على هذه العلاقة وتأثيره عليها سيكون بمدى قوة العلاقة الإيرانية السورية في هذه الخارطة الإقليمية الجديدة وهنا نستخلص إلى نتيجة مهمة وهي أن السياق الإقليمي لا يحبذ علاقات أردنية _فلسطينية أو تعاون وثيق بينهم إلى انه سيكون المنقذ الوحيد لدور الأردني هو رسم صورة إستراتيجية جدية مع الادراه الأمريكية الجديدة برئاسة باراك اوباما وبتوطيد للعلاقة الأردنية الإسرائيلية التي ستبرز من خلال أهداف الولايات المتحدة كمقررات رئيسية لمواقف الدول المؤيدة والمناصرة للعملية السلمية وتلك المتهمة بالعمل الإرهابي واخشا ما أخشاه أن تتحالف كل القوى العربية بما فيها فلسطين مع إيران وتبقى الاردن وحيده في المستقبل القريب لا البعيد، لان الولايات المتحدة الآن برئاسة اوباما تعتبر احتواء تلد الدول التي ترفض السلام بما فيها إيران هو نقطة رئيسية على جدول أعمالها من اجل الحفاظ على امن إسرائيل ودفعها للانخراط في العملية السلمية عندها ستكون الاردن في مآزق لا يحسد عليه اتجاه موقفها على تلك الدول وهنا سنتحدث كان هناك علاقات فلسطينية _أردنية لاعن مستقبل هذه العلاقة . ونصل إلى نتيجة نهائية أن العلاقة الأردنية _الفلسطينية أذا تطورت هي القوة الجدية القادمة في المنطقة وهي مفتاح السلام في الشرق الأوسط. هذه الدراسة سيتبعها قريبا تحليل لسيناريوهات المتوقعة لانجاهحا.