إلى روح أبي في ذكرى النكبة
د. شبلي محمود العزة
مخيم العزة- بيت لحم
تحية إلى تلك الروح التي لا زالت تحوم فوق قريتنا المدمرة ...
إلى تلك الروح المفعمة بالحب .... الى تلك الروح الصابرة.....
أبي .... لا تخف ... ما زلنا ننتظر العودة ... ما زلنا نتذكر ...
لن ننسى ... ومن ينسى ستة عقود من العذاب والقهر والموت والفقر .......والجوع ....
نعم طالت الرحلة ... امتدت حتى لحظات الفراق ....
لكن هناك ملايين العيون الناظرة والساهرة، وملايين الحناجر التي تهتف للعودة ..
أبي .... قد يكون الموت هو الحقيقة الوحيدة التي يتفق حولها كل البشر، وقد تكون النكبة هي الموت نفسه، ولكنها الحقيقة .... نعم هي الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان.... الموت والنكبة والحقيقة مفردات تحمل معنا وحيدا هو... فلسطين.
أبي ....
لم يسمحو لك أن تزور قريتك لكثرة الحواجز... ولكن الحقيقة جاءت .
لقد ارتفعت روحك يا أبي لتتخطي ذلك الجدار....
صار بإمكانك العودة إلى قريتك رغم أنوفهم .
صار بمقدورك الآن أن تستظل بظل شجرة زيتون زرعها ورعاها أجدادك وأن تشرب من بئر حفره أبوك بعرقه ودمه .... وأن تأكل التين والعنب من أشجار عائلتك ....
ابي ........
لن يستطيع الغزاة أن يمنعوك من التجوال في شوارع القرية، أو الصلاة في مسجدها ... أو أن تعود إلى مقاعد الدراسة في مدرستك التي لا زالت هناك. أو أن تجلس على بلاط بيتك القديم حيث كنت طفلا تلعب.
صار بمقدورك منذ لحظة فراقك أن تسقي تلك الوردة الحمراء التي نبتت على قبور الشهداء هناك .
صار بإمكانك يا أبي أن تغازل صبايا القرية وأن تغمزهن بعينيك الخضراوتين ...
أحسدك يا أبي في لحظات العشق الأبدي بين روحك وقريتك وتراب أرضك....
أبي.......... نحن لا زلنا في المخيم.... هذا المكان البشع الذي توقف الزمن فيه فلا شمس ولا قمر. كل شيء فيه ميت شوارعه وأزقته وأبنيته المتراصة المتلاصقة... نحن لا نعرف الجغرافيا من ضيق المكان ولكننا أبدا لن نمحو التاريخ من الوجدان .
أبي ... منذ رحلت عنا لم يتغير الحال... لا زال الغزاة يحسدوننا حتى على ضيق المكان... ولا زالوا (يخربشون) على الوجه الفلسطيني بأنيابهم وبنادقهم لوحات سريالية وتكعيبية ويتفنون في رسم الخطوط طولا وعرضا يمينا ويسارا، قسموا ذلك الوجه الجميل ... حطموا أحلام الأجداد والآباء ويريدون تحطيم الأبناء .
أبي.... أمي... توفاها الله وهي في الطريق اليك .... ولكن نحن بانتظارك.... لا زال الأكل طريا وطازجا... أسنانك نعرفها فقد أكل الدهر عليها وشرب ... لكن سأبوح لك بسر أخفيناه عنك. لقد تحطمت وتعطلت البوصلة التي في بيتنا ولم تعد تشير إلى القطبين، لكنها الآن وإلى الأبد تشير وستشير إلى قريتنا المدمرة (بيت جبرين) .
د. شبلي محمود العزة
مخيم العزة- بيت لحم
تحية إلى تلك الروح التي لا زالت تحوم فوق قريتنا المدمرة ...
إلى تلك الروح المفعمة بالحب .... الى تلك الروح الصابرة.....
أبي .... لا تخف ... ما زلنا ننتظر العودة ... ما زلنا نتذكر ...
لن ننسى ... ومن ينسى ستة عقود من العذاب والقهر والموت والفقر .......والجوع ....
نعم طالت الرحلة ... امتدت حتى لحظات الفراق ....
لكن هناك ملايين العيون الناظرة والساهرة، وملايين الحناجر التي تهتف للعودة ..
أبي .... قد يكون الموت هو الحقيقة الوحيدة التي يتفق حولها كل البشر، وقد تكون النكبة هي الموت نفسه، ولكنها الحقيقة .... نعم هي الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان.... الموت والنكبة والحقيقة مفردات تحمل معنا وحيدا هو... فلسطين.
أبي ....
لم يسمحو لك أن تزور قريتك لكثرة الحواجز... ولكن الحقيقة جاءت .
لقد ارتفعت روحك يا أبي لتتخطي ذلك الجدار....
صار بإمكانك العودة إلى قريتك رغم أنوفهم .
صار بمقدورك الآن أن تستظل بظل شجرة زيتون زرعها ورعاها أجدادك وأن تشرب من بئر حفره أبوك بعرقه ودمه .... وأن تأكل التين والعنب من أشجار عائلتك ....
ابي ........
لن يستطيع الغزاة أن يمنعوك من التجوال في شوارع القرية، أو الصلاة في مسجدها ... أو أن تعود إلى مقاعد الدراسة في مدرستك التي لا زالت هناك. أو أن تجلس على بلاط بيتك القديم حيث كنت طفلا تلعب.
صار بمقدورك منذ لحظة فراقك أن تسقي تلك الوردة الحمراء التي نبتت على قبور الشهداء هناك .
صار بإمكانك يا أبي أن تغازل صبايا القرية وأن تغمزهن بعينيك الخضراوتين ...
أحسدك يا أبي في لحظات العشق الأبدي بين روحك وقريتك وتراب أرضك....
أبي.......... نحن لا زلنا في المخيم.... هذا المكان البشع الذي توقف الزمن فيه فلا شمس ولا قمر. كل شيء فيه ميت شوارعه وأزقته وأبنيته المتراصة المتلاصقة... نحن لا نعرف الجغرافيا من ضيق المكان ولكننا أبدا لن نمحو التاريخ من الوجدان .
أبي ... منذ رحلت عنا لم يتغير الحال... لا زال الغزاة يحسدوننا حتى على ضيق المكان... ولا زالوا (يخربشون) على الوجه الفلسطيني بأنيابهم وبنادقهم لوحات سريالية وتكعيبية ويتفنون في رسم الخطوط طولا وعرضا يمينا ويسارا، قسموا ذلك الوجه الجميل ... حطموا أحلام الأجداد والآباء ويريدون تحطيم الأبناء .
أبي.... أمي... توفاها الله وهي في الطريق اليك .... ولكن نحن بانتظارك.... لا زال الأكل طريا وطازجا... أسنانك نعرفها فقد أكل الدهر عليها وشرب ... لكن سأبوح لك بسر أخفيناه عنك. لقد تحطمت وتعطلت البوصلة التي في بيتنا ولم تعد تشير إلى القطبين، لكنها الآن وإلى الأبد تشير وستشير إلى قريتنا المدمرة (بيت جبرين) .