
فوضى و اضطراب مصحوب بسعادة تلف المكان
أصوات الصغار تنادي على عجل : فلتسرعي يا جدتي .
أحمل بحقيبتي أوراقي ، كتبي ، و باقي حاجياتي الثمينة و أهبط للأسفل .
زامور الباص ينطلق من الخارج ، نهرع جميعنا لعنده و ننطلق .
و في الباص ، يصدح المسجل بصوت أغنية فلسطينية جميلة جداً
و قديمة أيضاً لكنها محبوبة لكثير من الأجيال ..
( جايين يا تراب الوطن جايين
اشتقنا لجبل عالي ، جبل جرزين
بعد السما لا مافي متل الأوطان
فلسطين ، أحلى وش أعلى جبين
اشتقنا لغزة و لشواطيها
لرفح وإلي من حواليها
أرض الخليل الله يخليها
بحرم ابراهيم حاميها
و بالفاتحة و الفلق و الياسين )
تتمايل الرؤوس و تعانق كلماتها و تضم القرى بحنو ، قرية تلو القرية
و نغني معه نشوة و طرباً .
أرخي رأسي على زجاج النافذة ، فينزاح حجابي عن بعض خصلات غزاها الشيب منذ زمن ليس بالبعيد .
أسرح بالكلمات و أضيع معها ، يهزني الشوق فيسيل الدمع .
دمعة حارقة اخترقت طُهر وجهي ، تتدحرج بين تجاعيده لتحرق كل الذكريات البئيسة التي شهدت عليه ، بعيدة كل البعد عن تراب فلسطين .
أذكر والديّ ، أقاربي و بعض من رفاقي ، أولئك الذين حلموا يوماً برؤية وطن كان سليباً ، حلموا به يوماً فغابوا عنه عمراً !
أتنهد تنهيدة عميقة تكاد أن تخلع عظام صدري !
ها أنا وحدي أعود لوطني دون أهلي أو بعضاً من صحبي
أولئك أحفادي حقاً ، لكنهم لم يشربوا كأس مر شربناه لمرارة الفقد ، فقد وطن !
ناقوس من التأنيب يقرع قلبي و يمنعني من اجترار أحزاني و يأمرني بالترنم بمواويل الفرح و النصر معاً .
لم أكن أُنهي بعد حديثي الذاتي حتى وصل الباص لأرض خضراء مزهرة كأنها قطعة من الجنة .
فتحنا النوافذ و بدأت الرؤوس تخرج من بينها ، و كأننا نخاف أن يتوقف الدهر لبرهة دون أن نشتم بعض من نسماتها النقية .
للحظة عدت طفلة ، أخرج رأسي كما فعل الباقون و أجزاء من يدي تداعب النسمات الرقيقة . و يتوقف الباص و تبدأ المجاميع بالركض نحو الخارج .
أما أنا .. فكأني مختفية هنا !
أتوكأ على عصاتي و بيد أخرى أمسك قلبي كمن يخاف على سقوطه
فاتحة فمي ، محملقة عيناي ، مدهوشة جداً و يكاد أن ينتهي عمري لفرط سعادتي !
أضرب بعصاي الأرض كي أتحقق مما أقف عليه ، هي أرضي حقاً ، وطني الذي هجرناه دهراً ، ها هو يلامس قدمي !
أهبط على ارضه و أقبّل ذراته ، يختلط دمعي بدماء شعب تناثر فوقه لأجل هذه الساعة
ساعة من النصر ليعود معها الفرج و الفتح .
شهقات متتابعة تستقطع كلماتي التي لا أدري ما كنهها و أبقى على حالي حتى لا أفيق من بعدها ، فكيف أفيق و قد ثملت بحبها و عانقت تربها !!
**
هزات عنيفة تحركني ..
أفتح عيني بتثاقل لأرى طيف أمي يحاول إيقاظي و تعويذاتها تنزل علي .
فقد كنت أصرخ و أتأوه بمنام زار عقلي اليوم !
أحاول النهوض فلا أستطيع فقد أثّر حلمي على قدمي و آثرت الجلوس و الحزن يختزل أعماقي !
أطأطأ رأسي للأسفل كدليل على " وكسة عربية "
15-4 تاريخ محفوف بالدم و الهجر و الألم !
فاليوم فقط أصبح لنا من العمر 62 عاماً و نحن مهجرون
62 عاماً مازلنا لاجئون
62 عاماً عن أرضنا أرض الأحرار مبعدون
62 عاماً نصبر و نحتسب عودة من بلاد الشتات و المنافي العربية
أعوام حزينة تمر بتثاقل كي تحي نكبة عاشت بالقلوب و عششت بالروح و من أجلها تنكأ الجروح !
فلسطين ..
و كما نردد دوماً ، لا تخافي فنحن حتماً عائدون
فالعودة حق لن نساوم من أجله !
أصوات الصغار تنادي على عجل : فلتسرعي يا جدتي .
أحمل بحقيبتي أوراقي ، كتبي ، و باقي حاجياتي الثمينة و أهبط للأسفل .
زامور الباص ينطلق من الخارج ، نهرع جميعنا لعنده و ننطلق .
و في الباص ، يصدح المسجل بصوت أغنية فلسطينية جميلة جداً
و قديمة أيضاً لكنها محبوبة لكثير من الأجيال ..
( جايين يا تراب الوطن جايين
اشتقنا لجبل عالي ، جبل جرزين
بعد السما لا مافي متل الأوطان
فلسطين ، أحلى وش أعلى جبين
اشتقنا لغزة و لشواطيها
لرفح وإلي من حواليها
أرض الخليل الله يخليها
بحرم ابراهيم حاميها
و بالفاتحة و الفلق و الياسين )
تتمايل الرؤوس و تعانق كلماتها و تضم القرى بحنو ، قرية تلو القرية
و نغني معه نشوة و طرباً .
أرخي رأسي على زجاج النافذة ، فينزاح حجابي عن بعض خصلات غزاها الشيب منذ زمن ليس بالبعيد .
أسرح بالكلمات و أضيع معها ، يهزني الشوق فيسيل الدمع .
دمعة حارقة اخترقت طُهر وجهي ، تتدحرج بين تجاعيده لتحرق كل الذكريات البئيسة التي شهدت عليه ، بعيدة كل البعد عن تراب فلسطين .
أذكر والديّ ، أقاربي و بعض من رفاقي ، أولئك الذين حلموا يوماً برؤية وطن كان سليباً ، حلموا به يوماً فغابوا عنه عمراً !
أتنهد تنهيدة عميقة تكاد أن تخلع عظام صدري !
ها أنا وحدي أعود لوطني دون أهلي أو بعضاً من صحبي
أولئك أحفادي حقاً ، لكنهم لم يشربوا كأس مر شربناه لمرارة الفقد ، فقد وطن !
ناقوس من التأنيب يقرع قلبي و يمنعني من اجترار أحزاني و يأمرني بالترنم بمواويل الفرح و النصر معاً .
لم أكن أُنهي بعد حديثي الذاتي حتى وصل الباص لأرض خضراء مزهرة كأنها قطعة من الجنة .
فتحنا النوافذ و بدأت الرؤوس تخرج من بينها ، و كأننا نخاف أن يتوقف الدهر لبرهة دون أن نشتم بعض من نسماتها النقية .
للحظة عدت طفلة ، أخرج رأسي كما فعل الباقون و أجزاء من يدي تداعب النسمات الرقيقة . و يتوقف الباص و تبدأ المجاميع بالركض نحو الخارج .
أما أنا .. فكأني مختفية هنا !
أتوكأ على عصاتي و بيد أخرى أمسك قلبي كمن يخاف على سقوطه
فاتحة فمي ، محملقة عيناي ، مدهوشة جداً و يكاد أن ينتهي عمري لفرط سعادتي !
أضرب بعصاي الأرض كي أتحقق مما أقف عليه ، هي أرضي حقاً ، وطني الذي هجرناه دهراً ، ها هو يلامس قدمي !
أهبط على ارضه و أقبّل ذراته ، يختلط دمعي بدماء شعب تناثر فوقه لأجل هذه الساعة
ساعة من النصر ليعود معها الفرج و الفتح .
شهقات متتابعة تستقطع كلماتي التي لا أدري ما كنهها و أبقى على حالي حتى لا أفيق من بعدها ، فكيف أفيق و قد ثملت بحبها و عانقت تربها !!
**
هزات عنيفة تحركني ..
أفتح عيني بتثاقل لأرى طيف أمي يحاول إيقاظي و تعويذاتها تنزل علي .
فقد كنت أصرخ و أتأوه بمنام زار عقلي اليوم !
أحاول النهوض فلا أستطيع فقد أثّر حلمي على قدمي و آثرت الجلوس و الحزن يختزل أعماقي !
أطأطأ رأسي للأسفل كدليل على " وكسة عربية "
15-4 تاريخ محفوف بالدم و الهجر و الألم !
فاليوم فقط أصبح لنا من العمر 62 عاماً و نحن مهجرون
62 عاماً مازلنا لاجئون
62 عاماً عن أرضنا أرض الأحرار مبعدون
62 عاماً نصبر و نحتسب عودة من بلاد الشتات و المنافي العربية
أعوام حزينة تمر بتثاقل كي تحي نكبة عاشت بالقلوب و عششت بالروح و من أجلها تنكأ الجروح !
فلسطين ..
و كما نردد دوماً ، لا تخافي فنحن حتماً عائدون
فالعودة حق لن نساوم من أجله !