الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/7
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المُهْرة ُ في الرِّيح بقلم: فرحان ريدان

تاريخ النشر : 2010-05-19
المُهْرة ُ في الرِّيح بقلم: فرحان ريدان
المُهْرة ُ في الرِّيح

قصة : فرحان ريدان

عَلَّقتُكَ بخيْطٍ على الجدار .

تحتَكَ : سريرُنا ، لُعبةُ ابننِا ، المنشفةُ التي تنشفتَ بها ذاك الصباح - لن أغسِلها .

يمينُكَ : آيةُ الكرسي في صَحْن النحَاس . تحتَها : أنتَ تُلبسني خاتماً .

شمالُكَ : زاويةُ الغرفة !

شمالُها : مرآتي

أمامَها : مجلةُ حزبكم . فوق المجلة ، في مرَّبع خشبي : أَجلسُ على ركبتَيْك ، شمالُكَ تطوِّقُ خَصْري ، يمينُكَ ترتفعُ تجاهَ صدري ، أصابعُكَ تهصِرُ ... أنْتَ كثيُر غَلَبَةْ !

أمامَكَ : أنا وقَدْ فتحْتُ نِحيْبي .... فابنُكَ نائم .

... وفي ثانوية البنات ، هَشَّوا علينا بالعصي ، وأحكموا إغلاقَ البوابة - بناتٌ بدأنَ الهتاف - إرتجفْتُ ، إختبأتُ بين صُفوْفِ البنات ، ثم لمحتُكَ فوق سُوْرِ الثانوية ، وإذْ قفَزْتَ داخلَ الباحة ، قفزَ الخوفُ مِن روحي ... تَبعَِكَ طلبةٌ آخرون ، لكنْ أنتَ ، كُنْتَ ملتقى أبصارنِا - نحن البنات (كنتَ تلبسُ بنطالَ جينَز وحذاءً رياضياً أبيضَ ) ... رفَعُوْكَ و رَفعْتَ الهتافْ ، انضمَمْتُ إلى زلزال الجموع لأكوْنَ قريبةً مِنْكَ ، هتَفْتُ:

" هِلِّي يا حرية هليِّ " لا لأني فهمْتُ اتجاهَ النشيد ، بل لأني كنتُ التقطُ بشفتيَّ الكلمةَ الحَرَّةَ التي تسقطُ تواً من شفتيكَ ، زاحمتُ كلَّ من أعاقَ وصولي إليك ، ثم سرى بي فرحٌ أخضَرُ وأنا ألمسُ ساقَكَ - تشَّبثْتُ بِكَ - ( ألمْ تشعرْ بي يومَها ؟ )

و رُحْتُ أُعيدُ وراَءكَ الهتافَ وأنا أتأملُكَ : ما اجملَ شعَركَ في الريح و معصَمكَ في الساعة ! قدُمكَ صغيرةٌ ..أحببتُها ..لم أستطع المقاومة ... حضَنْتُها بكفيَّ ..حُجَّتي :

أساعدُهم في رَفْعكَ على الأكتاف !.

..كُنْتُ في الأول ثانوي ، وكانَ لي ، فيكَ ، منافساتٌ في الثالث ثانوي ، سعادُ منهن ، و أبرزهن ، و في صفِّكَ ! . وبينهنَّ كنتُ وحدي التي أراك أولَ مرَّة ، وإذ مدَّتْ سعادُ يدَها ، و هي تهتفُ ، لتلمسكَ ، دَفعْتُ يدَهَاْ بقّوة وأنا أتظاهرُ بالحماس الثوري !

أنت لي ! لي وحدي ! نعم أغَاْرْ ... إني أغار ..

و لسوفَ أحميكَ ، مَثْلَ ذئبةْ ، مِنْ أيادي البناتْ .

ثم دَهَمتْنا المخافرُ ، فوقَعْتَ على الإسفلتِ وصَدْري (حضنتُكَ ) .. لحظتها قلتَ لي :

( آسف ) .. يا لئيم ! تعتذرُ مني ؟ !

كُنْتَ في أَوْجِ التفجُّرْ ، سمِعْتُ دمَكَ ، كان يضجُّ ، حضنتُكَ ، شددتُكَ إلى صدريَ أكثر ، شممْتُ شعرَكَ .. قاومتُهم معَكَ .. لكنهم أخذوكَ من أصابع روحي ، سقطتْ فردةُ حذائك ، و علبةُ سجائركَ ، فكانتا عزائي ، إلتقطتُهما ، و احتفظتُ بهما تميمةً .

وفي الليل ، أنَّتْ عليكَ روحي ، أنّى لي أن أراكَ ، أيغلقونَ عليكَ بابَ النهارِ حتى تذوي روحُكَ ؟ كم سَنة ؟ ومن تكونُ ؟ لو أعرفُ اسمكَ ! ثم دخلتُ في الحمىِ ، بدأتُ أهذي ، بلَّني العرَقُ الباردُ ، إلتصقَ شعري بخدي َّ ، يدُ أمي تضعُ الكمادةَ الباردةَ على جبهتي ظننتُها ، لفرطِ حُنوِّها ، ظهرَكَ ، ثم انبثقَ في جسدي وردَةُ دَمْ ، كنتُ متأكدة ، همسْتُ لأمي بشفاه مرتعشة : كأني أنزفُ

قفزتْ كالمجنونة ، كشفَتْ الشرشفَ الرقيقَ الأبيضَ ..أغمضْتُ عيني .. إبتهلتُ أن أراكَ قبل أن أموت ، رأيتُ أشباحاً في ثيابٍ زرقاء ، عمالقةً من فولاذ أزرقَ ، يسيرون جُنداً في نفير ، و أنا ، قال ، بين أرُجلهِمْ :

أنا فرْخُ القطا .. لا ريْشَ في عُنقي .. لا عيْنَ في عيني .. خطواتُهم ترجُّ البحرَ ، وأنا وحيدةٌ في مهبِّ الجند ، يطحنونَ العَظم و يزعمونَ الحياد .

فتحْتُ عيني : رأسي على صَدر أمي ، عيناها في عيني ، بَسمَتْ : " صِرْتِ صبية ! " لم أفهم ، كيف أفهمٌ وقد ملكْتَ عقلي ؟

ثم فهمتُ ، هكذا إذن يضجُّ دَمُكَ فيرجُّ روحي وقاعَ دمي و ينبثقُ القرنفل ... حضنتُكَ مرةً فأزهرتْ حديقتي . يا لئيم !

وإذ ْ شُفيتُ من الوردة استبدَّ بي وجهُكَ ، إحتلني . أمي وجدَتْ علبةَ السجائر وما عرفْتُ اسمكَ . " قليلةُ الحياء " قالت لي ، وصفعتنْي

" سأخبرُ أباك " ورَمَتْ العلبةَ في وجهي .


... ولسببٍ آخرَ لبطَ أبي البوابةَ و إقتحمَ غرفتي :

" تريدَين أن تفضحيني ؟! "

شهقَتْ أمي ، و انهالَ عليَّ ضرباً :

" تخرجينَ في المظاهرة ؟ و مع من ؟ مع قتيبة الشمالي ؟ .. هذا ما كان ينقصني "..

هذا اسمكَ إذن ! يالغبطةَ شفتيَّ تهمسان باسمكَ !

يالبهجةَ روحي و أبي يحاول خَنقْي !

يا بشرايَ وأمي تتوسَّلُ على قدميه !

يا مهجتي و اسمكَ ملاذي :

أنا فرِخُ القطا وأنتَ - أنتَ غديري

أنا غرسةُ الحوْرِ الفتية و أنتَ نبعي .. فلماذا فرَّتْ أمواجُكَ من ظلّي ؟

أنا قبضةُ الحناء .. كُنْ مائي ! كُنْ نورسي كي أتمرأى على صدركِ فلا يُعيبونني .


.. وعلى باب سَجن : " هاتي وليَّ أمرِكِ "

وفي رابع سَجْن : " إملئي الاستمارة "

وفي خامس سجن : " مِشْ فاتحين ( ماخ ... ) .. هُوْنْ "

وفي سابع سجن : " ليس هنا ألا تفهمين ؟ "


وغابَ مساء ٌ.. أطلَّ صباح .. ثم غاب صباحٌ أطلّ مساء وأمي تبكي :

" متى تعقلين ؟ "


وأنا فتيلةُ القطن وأنتَ سراجي

أنا حورتُك الفتية وأنتَ آخرُ طير في مغيبي .. وأنت حبيبي .. لماذا يغلقونَ عليَّ قلبي ؟


وأمام حاجزٍ طويلٍ .. طويلِ .. فردْتُ أصابعي في عيون الشبك ، تلهفتُ كي أرى وجهَكَ ، وكنتَ واقفا تحتَ أنفي و كنت تضحكُ يا لئيم ! وإذ رأيتُكَ إرتعبْتُ :

" كيف سيعرفُني ؟ هل يذكرُني ؟ لماذا لم أفكِّرْ في هذا مِنْ قَبْلُ ؟ "

قلتُ : ..آاا

فقلتَ : " ما نسيْتُ يديكِ و ريحةَ صَدْرِكِ " !

خجلتُ و انبثقَ لي جناحان ! سألتُكَ على الفور :

معكُمْ في السجن بناْتْ ؟!

ضحكتَ ، ثم ضحكتَ :

" أميرةُ قلبي .. و وحدَكِ "

و لوْ لم تقُلْها لاختنقْتُ .


أحبتكَ أمي : " عريسُكِ نَسْر "

وطرْتَ بي ، علمْتني البحَر ، وبيروتَ ، إبرَ الصنوبر ، فيروزَ ، الشابيّ ، ووقْع النشيد .. وقالوا : " مغامر "

قلتُ : أحبكَ .

" انشقَّ عنا " .. قلتُ : أحبكَ

" يرفضُ الانسحاب " إني حبلتُ ! وإني دثاركَ .

تركتَني وتدثرتَ العَلم .

دثروكَ. قامتُكَ حجبَتْ كلَّ قاماتهم فدثروكَ.

قتلَكَ رفاقُكَ . هُمْ دثروكَ . رفاقُك ! .


ويوم جاؤوا بكَ إلى البيت ، وابنُكَ في بَطْني ، قلْتُ لنفسي :

" سأحبسُ دَمْعي ، و إني ، وإنْ عَابنَي الكونُ ، سأقِّبلُ وجهَكَ "

وهَاْ قَدْ مرَّ عامٌ ، واليوم ، اليوم فقط ، تذكَّرتُ أني نسيْتُ أن أقبلَكْ ! .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف