
المُهْرة ُ في الرِّيح
قصة : فرحان ريدان
عَلَّقتُكَ بخيْطٍ على الجدار .
تحتَكَ : سريرُنا ، لُعبةُ ابننِا ، المنشفةُ التي تنشفتَ بها ذاك الصباح - لن أغسِلها .
يمينُكَ : آيةُ الكرسي في صَحْن النحَاس . تحتَها : أنتَ تُلبسني خاتماً .
شمالُكَ : زاويةُ الغرفة !
شمالُها : مرآتي
أمامَها : مجلةُ حزبكم . فوق المجلة ، في مرَّبع خشبي : أَجلسُ على ركبتَيْك ، شمالُكَ تطوِّقُ خَصْري ، يمينُكَ ترتفعُ تجاهَ صدري ، أصابعُكَ تهصِرُ ... أنْتَ كثيُر غَلَبَةْ !
أمامَكَ : أنا وقَدْ فتحْتُ نِحيْبي .... فابنُكَ نائم .
... وفي ثانوية البنات ، هَشَّوا علينا بالعصي ، وأحكموا إغلاقَ البوابة - بناتٌ بدأنَ الهتاف - إرتجفْتُ ، إختبأتُ بين صُفوْفِ البنات ، ثم لمحتُكَ فوق سُوْرِ الثانوية ، وإذْ قفَزْتَ داخلَ الباحة ، قفزَ الخوفُ مِن روحي ... تَبعَِكَ طلبةٌ آخرون ، لكنْ أنتَ ، كُنْتَ ملتقى أبصارنِا - نحن البنات (كنتَ تلبسُ بنطالَ جينَز وحذاءً رياضياً أبيضَ ) ... رفَعُوْكَ و رَفعْتَ الهتافْ ، انضمَمْتُ إلى زلزال الجموع لأكوْنَ قريبةً مِنْكَ ، هتَفْتُ:
" هِلِّي يا حرية هليِّ " لا لأني فهمْتُ اتجاهَ النشيد ، بل لأني كنتُ التقطُ بشفتيَّ الكلمةَ الحَرَّةَ التي تسقطُ تواً من شفتيكَ ، زاحمتُ كلَّ من أعاقَ وصولي إليك ، ثم سرى بي فرحٌ أخضَرُ وأنا ألمسُ ساقَكَ - تشَّبثْتُ بِكَ - ( ألمْ تشعرْ بي يومَها ؟ )
و رُحْتُ أُعيدُ وراَءكَ الهتافَ وأنا أتأملُكَ : ما اجملَ شعَركَ في الريح و معصَمكَ في الساعة ! قدُمكَ صغيرةٌ ..أحببتُها ..لم أستطع المقاومة ... حضَنْتُها بكفيَّ ..حُجَّتي :
أساعدُهم في رَفْعكَ على الأكتاف !.
..كُنْتُ في الأول ثانوي ، وكانَ لي ، فيكَ ، منافساتٌ في الثالث ثانوي ، سعادُ منهن ، و أبرزهن ، و في صفِّكَ ! . وبينهنَّ كنتُ وحدي التي أراك أولَ مرَّة ، وإذ مدَّتْ سعادُ يدَها ، و هي تهتفُ ، لتلمسكَ ، دَفعْتُ يدَهَاْ بقّوة وأنا أتظاهرُ بالحماس الثوري !
أنت لي ! لي وحدي ! نعم أغَاْرْ ... إني أغار ..
و لسوفَ أحميكَ ، مَثْلَ ذئبةْ ، مِنْ أيادي البناتْ .
ثم دَهَمتْنا المخافرُ ، فوقَعْتَ على الإسفلتِ وصَدْري (حضنتُكَ ) .. لحظتها قلتَ لي :
( آسف ) .. يا لئيم ! تعتذرُ مني ؟ !
كُنْتَ في أَوْجِ التفجُّرْ ، سمِعْتُ دمَكَ ، كان يضجُّ ، حضنتُكَ ، شددتُكَ إلى صدريَ أكثر ، شممْتُ شعرَكَ .. قاومتُهم معَكَ .. لكنهم أخذوكَ من أصابع روحي ، سقطتْ فردةُ حذائك ، و علبةُ سجائركَ ، فكانتا عزائي ، إلتقطتُهما ، و احتفظتُ بهما تميمةً .
وفي الليل ، أنَّتْ عليكَ روحي ، أنّى لي أن أراكَ ، أيغلقونَ عليكَ بابَ النهارِ حتى تذوي روحُكَ ؟ كم سَنة ؟ ومن تكونُ ؟ لو أعرفُ اسمكَ ! ثم دخلتُ في الحمىِ ، بدأتُ أهذي ، بلَّني العرَقُ الباردُ ، إلتصقَ شعري بخدي َّ ، يدُ أمي تضعُ الكمادةَ الباردةَ على جبهتي ظننتُها ، لفرطِ حُنوِّها ، ظهرَكَ ، ثم انبثقَ في جسدي وردَةُ دَمْ ، كنتُ متأكدة ، همسْتُ لأمي بشفاه مرتعشة : كأني أنزفُ
قفزتْ كالمجنونة ، كشفَتْ الشرشفَ الرقيقَ الأبيضَ ..أغمضْتُ عيني .. إبتهلتُ أن أراكَ قبل أن أموت ، رأيتُ أشباحاً في ثيابٍ زرقاء ، عمالقةً من فولاذ أزرقَ ، يسيرون جُنداً في نفير ، و أنا ، قال ، بين أرُجلهِمْ :
أنا فرْخُ القطا .. لا ريْشَ في عُنقي .. لا عيْنَ في عيني .. خطواتُهم ترجُّ البحرَ ، وأنا وحيدةٌ في مهبِّ الجند ، يطحنونَ العَظم و يزعمونَ الحياد .
فتحْتُ عيني : رأسي على صَدر أمي ، عيناها في عيني ، بَسمَتْ : " صِرْتِ صبية ! " لم أفهم ، كيف أفهمٌ وقد ملكْتَ عقلي ؟
ثم فهمتُ ، هكذا إذن يضجُّ دَمُكَ فيرجُّ روحي وقاعَ دمي و ينبثقُ القرنفل ... حضنتُكَ مرةً فأزهرتْ حديقتي . يا لئيم !
وإذ ْ شُفيتُ من الوردة استبدَّ بي وجهُكَ ، إحتلني . أمي وجدَتْ علبةَ السجائر وما عرفْتُ اسمكَ . " قليلةُ الحياء " قالت لي ، وصفعتنْي
" سأخبرُ أباك " ورَمَتْ العلبةَ في وجهي .
... ولسببٍ آخرَ لبطَ أبي البوابةَ و إقتحمَ غرفتي :
" تريدَين أن تفضحيني ؟! "
شهقَتْ أمي ، و انهالَ عليَّ ضرباً :
" تخرجينَ في المظاهرة ؟ و مع من ؟ مع قتيبة الشمالي ؟ .. هذا ما كان ينقصني "..
هذا اسمكَ إذن ! يالغبطةَ شفتيَّ تهمسان باسمكَ !
يالبهجةَ روحي و أبي يحاول خَنقْي !
يا بشرايَ وأمي تتوسَّلُ على قدميه !
يا مهجتي و اسمكَ ملاذي :
أنا فرِخُ القطا وأنتَ - أنتَ غديري
أنا غرسةُ الحوْرِ الفتية و أنتَ نبعي .. فلماذا فرَّتْ أمواجُكَ من ظلّي ؟
أنا قبضةُ الحناء .. كُنْ مائي ! كُنْ نورسي كي أتمرأى على صدركِ فلا يُعيبونني .
.. وعلى باب سَجن : " هاتي وليَّ أمرِكِ "
وفي رابع سَجْن : " إملئي الاستمارة "
وفي خامس سجن : " مِشْ فاتحين ( ماخ ... ) .. هُوْنْ "
وفي سابع سجن : " ليس هنا ألا تفهمين ؟ "
وغابَ مساء ٌ.. أطلَّ صباح .. ثم غاب صباحٌ أطلّ مساء وأمي تبكي :
" متى تعقلين ؟ "
وأنا فتيلةُ القطن وأنتَ سراجي
أنا حورتُك الفتية وأنتَ آخرُ طير في مغيبي .. وأنت حبيبي .. لماذا يغلقونَ عليَّ قلبي ؟
وأمام حاجزٍ طويلٍ .. طويلِ .. فردْتُ أصابعي في عيون الشبك ، تلهفتُ كي أرى وجهَكَ ، وكنتَ واقفا تحتَ أنفي و كنت تضحكُ يا لئيم ! وإذ رأيتُكَ إرتعبْتُ :
" كيف سيعرفُني ؟ هل يذكرُني ؟ لماذا لم أفكِّرْ في هذا مِنْ قَبْلُ ؟ "
قلتُ : ..آاا
فقلتَ : " ما نسيْتُ يديكِ و ريحةَ صَدْرِكِ " !
خجلتُ و انبثقَ لي جناحان ! سألتُكَ على الفور :
معكُمْ في السجن بناْتْ ؟!
ضحكتَ ، ثم ضحكتَ :
" أميرةُ قلبي .. و وحدَكِ "
و لوْ لم تقُلْها لاختنقْتُ .
أحبتكَ أمي : " عريسُكِ نَسْر "
وطرْتَ بي ، علمْتني البحَر ، وبيروتَ ، إبرَ الصنوبر ، فيروزَ ، الشابيّ ، ووقْع النشيد .. وقالوا : " مغامر "
قلتُ : أحبكَ .
" انشقَّ عنا " .. قلتُ : أحبكَ
" يرفضُ الانسحاب " إني حبلتُ ! وإني دثاركَ .
تركتَني وتدثرتَ العَلم .
دثروكَ. قامتُكَ حجبَتْ كلَّ قاماتهم فدثروكَ.
قتلَكَ رفاقُكَ . هُمْ دثروكَ . رفاقُك ! .
ويوم جاؤوا بكَ إلى البيت ، وابنُكَ في بَطْني ، قلْتُ لنفسي :
" سأحبسُ دَمْعي ، و إني ، وإنْ عَابنَي الكونُ ، سأقِّبلُ وجهَكَ "
وهَاْ قَدْ مرَّ عامٌ ، واليوم ، اليوم فقط ، تذكَّرتُ أني نسيْتُ أن أقبلَكْ ! .
قصة : فرحان ريدان
عَلَّقتُكَ بخيْطٍ على الجدار .
تحتَكَ : سريرُنا ، لُعبةُ ابننِا ، المنشفةُ التي تنشفتَ بها ذاك الصباح - لن أغسِلها .
يمينُكَ : آيةُ الكرسي في صَحْن النحَاس . تحتَها : أنتَ تُلبسني خاتماً .
شمالُكَ : زاويةُ الغرفة !
شمالُها : مرآتي
أمامَها : مجلةُ حزبكم . فوق المجلة ، في مرَّبع خشبي : أَجلسُ على ركبتَيْك ، شمالُكَ تطوِّقُ خَصْري ، يمينُكَ ترتفعُ تجاهَ صدري ، أصابعُكَ تهصِرُ ... أنْتَ كثيُر غَلَبَةْ !
أمامَكَ : أنا وقَدْ فتحْتُ نِحيْبي .... فابنُكَ نائم .
... وفي ثانوية البنات ، هَشَّوا علينا بالعصي ، وأحكموا إغلاقَ البوابة - بناتٌ بدأنَ الهتاف - إرتجفْتُ ، إختبأتُ بين صُفوْفِ البنات ، ثم لمحتُكَ فوق سُوْرِ الثانوية ، وإذْ قفَزْتَ داخلَ الباحة ، قفزَ الخوفُ مِن روحي ... تَبعَِكَ طلبةٌ آخرون ، لكنْ أنتَ ، كُنْتَ ملتقى أبصارنِا - نحن البنات (كنتَ تلبسُ بنطالَ جينَز وحذاءً رياضياً أبيضَ ) ... رفَعُوْكَ و رَفعْتَ الهتافْ ، انضمَمْتُ إلى زلزال الجموع لأكوْنَ قريبةً مِنْكَ ، هتَفْتُ:
" هِلِّي يا حرية هليِّ " لا لأني فهمْتُ اتجاهَ النشيد ، بل لأني كنتُ التقطُ بشفتيَّ الكلمةَ الحَرَّةَ التي تسقطُ تواً من شفتيكَ ، زاحمتُ كلَّ من أعاقَ وصولي إليك ، ثم سرى بي فرحٌ أخضَرُ وأنا ألمسُ ساقَكَ - تشَّبثْتُ بِكَ - ( ألمْ تشعرْ بي يومَها ؟ )
و رُحْتُ أُعيدُ وراَءكَ الهتافَ وأنا أتأملُكَ : ما اجملَ شعَركَ في الريح و معصَمكَ في الساعة ! قدُمكَ صغيرةٌ ..أحببتُها ..لم أستطع المقاومة ... حضَنْتُها بكفيَّ ..حُجَّتي :
أساعدُهم في رَفْعكَ على الأكتاف !.
..كُنْتُ في الأول ثانوي ، وكانَ لي ، فيكَ ، منافساتٌ في الثالث ثانوي ، سعادُ منهن ، و أبرزهن ، و في صفِّكَ ! . وبينهنَّ كنتُ وحدي التي أراك أولَ مرَّة ، وإذ مدَّتْ سعادُ يدَها ، و هي تهتفُ ، لتلمسكَ ، دَفعْتُ يدَهَاْ بقّوة وأنا أتظاهرُ بالحماس الثوري !
أنت لي ! لي وحدي ! نعم أغَاْرْ ... إني أغار ..
و لسوفَ أحميكَ ، مَثْلَ ذئبةْ ، مِنْ أيادي البناتْ .
ثم دَهَمتْنا المخافرُ ، فوقَعْتَ على الإسفلتِ وصَدْري (حضنتُكَ ) .. لحظتها قلتَ لي :
( آسف ) .. يا لئيم ! تعتذرُ مني ؟ !
كُنْتَ في أَوْجِ التفجُّرْ ، سمِعْتُ دمَكَ ، كان يضجُّ ، حضنتُكَ ، شددتُكَ إلى صدريَ أكثر ، شممْتُ شعرَكَ .. قاومتُهم معَكَ .. لكنهم أخذوكَ من أصابع روحي ، سقطتْ فردةُ حذائك ، و علبةُ سجائركَ ، فكانتا عزائي ، إلتقطتُهما ، و احتفظتُ بهما تميمةً .
وفي الليل ، أنَّتْ عليكَ روحي ، أنّى لي أن أراكَ ، أيغلقونَ عليكَ بابَ النهارِ حتى تذوي روحُكَ ؟ كم سَنة ؟ ومن تكونُ ؟ لو أعرفُ اسمكَ ! ثم دخلتُ في الحمىِ ، بدأتُ أهذي ، بلَّني العرَقُ الباردُ ، إلتصقَ شعري بخدي َّ ، يدُ أمي تضعُ الكمادةَ الباردةَ على جبهتي ظننتُها ، لفرطِ حُنوِّها ، ظهرَكَ ، ثم انبثقَ في جسدي وردَةُ دَمْ ، كنتُ متأكدة ، همسْتُ لأمي بشفاه مرتعشة : كأني أنزفُ
قفزتْ كالمجنونة ، كشفَتْ الشرشفَ الرقيقَ الأبيضَ ..أغمضْتُ عيني .. إبتهلتُ أن أراكَ قبل أن أموت ، رأيتُ أشباحاً في ثيابٍ زرقاء ، عمالقةً من فولاذ أزرقَ ، يسيرون جُنداً في نفير ، و أنا ، قال ، بين أرُجلهِمْ :
أنا فرْخُ القطا .. لا ريْشَ في عُنقي .. لا عيْنَ في عيني .. خطواتُهم ترجُّ البحرَ ، وأنا وحيدةٌ في مهبِّ الجند ، يطحنونَ العَظم و يزعمونَ الحياد .
فتحْتُ عيني : رأسي على صَدر أمي ، عيناها في عيني ، بَسمَتْ : " صِرْتِ صبية ! " لم أفهم ، كيف أفهمٌ وقد ملكْتَ عقلي ؟
ثم فهمتُ ، هكذا إذن يضجُّ دَمُكَ فيرجُّ روحي وقاعَ دمي و ينبثقُ القرنفل ... حضنتُكَ مرةً فأزهرتْ حديقتي . يا لئيم !
وإذ ْ شُفيتُ من الوردة استبدَّ بي وجهُكَ ، إحتلني . أمي وجدَتْ علبةَ السجائر وما عرفْتُ اسمكَ . " قليلةُ الحياء " قالت لي ، وصفعتنْي
" سأخبرُ أباك " ورَمَتْ العلبةَ في وجهي .
... ولسببٍ آخرَ لبطَ أبي البوابةَ و إقتحمَ غرفتي :
" تريدَين أن تفضحيني ؟! "
شهقَتْ أمي ، و انهالَ عليَّ ضرباً :
" تخرجينَ في المظاهرة ؟ و مع من ؟ مع قتيبة الشمالي ؟ .. هذا ما كان ينقصني "..
هذا اسمكَ إذن ! يالغبطةَ شفتيَّ تهمسان باسمكَ !
يالبهجةَ روحي و أبي يحاول خَنقْي !
يا بشرايَ وأمي تتوسَّلُ على قدميه !
يا مهجتي و اسمكَ ملاذي :
أنا فرِخُ القطا وأنتَ - أنتَ غديري
أنا غرسةُ الحوْرِ الفتية و أنتَ نبعي .. فلماذا فرَّتْ أمواجُكَ من ظلّي ؟
أنا قبضةُ الحناء .. كُنْ مائي ! كُنْ نورسي كي أتمرأى على صدركِ فلا يُعيبونني .
.. وعلى باب سَجن : " هاتي وليَّ أمرِكِ "
وفي رابع سَجْن : " إملئي الاستمارة "
وفي خامس سجن : " مِشْ فاتحين ( ماخ ... ) .. هُوْنْ "
وفي سابع سجن : " ليس هنا ألا تفهمين ؟ "
وغابَ مساء ٌ.. أطلَّ صباح .. ثم غاب صباحٌ أطلّ مساء وأمي تبكي :
" متى تعقلين ؟ "
وأنا فتيلةُ القطن وأنتَ سراجي
أنا حورتُك الفتية وأنتَ آخرُ طير في مغيبي .. وأنت حبيبي .. لماذا يغلقونَ عليَّ قلبي ؟
وأمام حاجزٍ طويلٍ .. طويلِ .. فردْتُ أصابعي في عيون الشبك ، تلهفتُ كي أرى وجهَكَ ، وكنتَ واقفا تحتَ أنفي و كنت تضحكُ يا لئيم ! وإذ رأيتُكَ إرتعبْتُ :
" كيف سيعرفُني ؟ هل يذكرُني ؟ لماذا لم أفكِّرْ في هذا مِنْ قَبْلُ ؟ "
قلتُ : ..آاا
فقلتَ : " ما نسيْتُ يديكِ و ريحةَ صَدْرِكِ " !
خجلتُ و انبثقَ لي جناحان ! سألتُكَ على الفور :
معكُمْ في السجن بناْتْ ؟!
ضحكتَ ، ثم ضحكتَ :
" أميرةُ قلبي .. و وحدَكِ "
و لوْ لم تقُلْها لاختنقْتُ .
أحبتكَ أمي : " عريسُكِ نَسْر "
وطرْتَ بي ، علمْتني البحَر ، وبيروتَ ، إبرَ الصنوبر ، فيروزَ ، الشابيّ ، ووقْع النشيد .. وقالوا : " مغامر "
قلتُ : أحبكَ .
" انشقَّ عنا " .. قلتُ : أحبكَ
" يرفضُ الانسحاب " إني حبلتُ ! وإني دثاركَ .
تركتَني وتدثرتَ العَلم .
دثروكَ. قامتُكَ حجبَتْ كلَّ قاماتهم فدثروكَ.
قتلَكَ رفاقُكَ . هُمْ دثروكَ . رفاقُك ! .
ويوم جاؤوا بكَ إلى البيت ، وابنُكَ في بَطْني ، قلْتُ لنفسي :
" سأحبسُ دَمْعي ، و إني ، وإنْ عَابنَي الكونُ ، سأقِّبلُ وجهَكَ "
وهَاْ قَدْ مرَّ عامٌ ، واليوم ، اليوم فقط ، تذكَّرتُ أني نسيْتُ أن أقبلَكْ ! .