الأخبار
قوات الاحتلال تُعدم مواطناً بإطلاق الرصاص عليه ثم دهسه بآلية عسكرية في جنينمعظمهم أطفال.. استشهاد وإصابة عشرات المواطنين في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة بقطاع غزةالولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

من حكايات القرى -4 ( حكاية بذلة الجوخ) بقلم عزام أبو الحمـام

تاريخ النشر : 2010-05-18
من حكايات القرى -4 ( حكاية بذلة الجوخ)
بقلم عزام أبو الحمـام
كان البلعاوي يقضي جل وقته في الجامعة وفي أطرف رام الله، وكان دينمو أساسي في النشاطات الوطنية الطلابية، كثيرا ما كان يقوم بمراقبة الشوارع في رام الله متصديا هو وجماعة من أصدقائه لسيارات المستوطنين ودوريات الاحتلال التي كانت تمر من المنطقة، وكانت جامعة بيرزيت آنذاك تعتبر مركزا أساسيا لتوجيه العمل الوطني والنضالي إضافة إلى كونها صرحا أكاديميا مرموقا. وكانت أعداد كبيرة من طلبتها القادمين من المحافظات البعيدة يسكنون في قرية بيرزيت أو مدينة رام الله (كانت رام الله قرية كبيرة)، مما سيوفر فرصا كبيرة للاحتكاك والتفاعل بين هؤلاء الطلبة القادمين من مختلف المحافظات بما فيها محافظات غزة.
وكانت الأراضي المحتلة آنذاك تشهد حراكا كبيرا على كل المستويات، وراحت تشهد نهضة وطنية حينما شرعت م.ت.ف تشجع على تأسيس المؤسسات الوطنية والنقابية والشبابية والمرأة والتعليم...إلخ. مما أتاح الفرصة لانتعاش أبناء الطبقات الفقيرة في التعليم وفي قيادة العمل الوطني.
ذات مرة مكث البلعاوي بضعة أسابيع دون أن يعود إلى منزل أسرته في طولكرم وقد انخرط في الكثير من الأنشطة الطلابية داخل الجامعة وخارجها أيضا في أطراف رام الله وقراها، في تلك الأثناء كان عم له يعمل في الكويت قد أرسل له بذلة (طقم) من الجوخ الفاخر ووصلت لأسرته فعلقوها على أحد الجدران لبضعة أيام بانتظار صاحبها، وبسبب دخول موسم البرد في أوائل الشتاء، قرر والد محمد المزارع المسن أن يستغل البنطال فلبسه تحت قمبازه فأعجبه ذلك كثيرا بعد أن صارت ساقاه تحس بالدفء لأول مرة في حياته ربما، وكان يذهب إلى أعماله الزراعية مطمئن البال دافئ القلب ودافئ الساقين، كيف لا وهو يلبس بنطالا من جوخ يغطي كامل ساقيه بعد أن كان لا يعرف غير ذلك النوع من السراويل القصيرة التي تصل إلى الركبة فقط ، وهي فضفاضة جدا ولا تقي الأطرف السفلى جائحة البرد القارص.
ولما رأي الحاج أن محمد تأخر كثيرا، ولم يكن الهاتف الأرضي معروفا في قريتهم حينها، فقد رأى أن الجاكيت يصلح أيضا لتدفئة ظهر الفرس، والفرس عند الفلاحين هي فرس للحراثة والأعمال الشاقة وليست للرفاه، لكنها مع ذلك تستحق أن يدفأ ظهرها بقطعة قماش من الجوخ الذي لا يثير أحدا في المنزل، ولذلك فقد وضعها فوق ظهر الفرس وتحت البردعة (الحِلس)، وصار يروح ويجيء وهو أكثر اطمئنانا من ذي قبل لأن فرسه باتت أكثر نشاطا وحيوية.
مضى على استغلال بذلة الجوخ الكويتية أكثر من أسبوعين حينما عاد محمد إلى منزل الأسرة لجلب التمويل المالي بعد طول غياب، وما أن فرغ من تقبيل يدي والدته ، وما أن فرغت شقيقاته من تقبيله حتى دخل والده فناء المنزل يركب فرسه وقد أضناه العمل منذ ساعات الصباح الباكر، هب محمد لملاقاة والده فقبل يده وأخذ منه رسن الفرس ليعقله في مكانه، في هذه الأثناء انطلقت ضحكات بعض شقيقاته بعد أن تفطن لبذلة الجوخ حينما شاهدن البنطال على والدهن وقد كساه الطين الأحمر، فيما أطراف الجاكتة كانت بادية على ظهر الفرس وقد كسيت بطبقة من شعر الفرس وعرقه.
استغرب محمد غمزات شقيقاته وضحكاتهن وتمتمتهن وهن يعرفن ما في شقيقهن من بعض العصبية وبعض النزق ، وما أن علم بالأمر حتى جن جنونه وراح يصيح بنزق وهو يتفحص ساقي والده أولا وقد هاله ما شاهده من طين أحمر على أطراف البنطال الذي أصبح خلقا رثا، وجن جنونه أكثر حينما تأكد تماما أن ظهر الحصان تدفأ ببذلة له لم يفرح بلبسها، راح محمد يقلب الجاكيت بين يديه ويتفحصها بعينين فاغرتان بعد أن خلعها عن ظهر الحصان، ثم ما لبث أن هدأ من روعه لأنه يعرف أن الصياح والغضب باتا لا يفيدان وقد وقعت الفأس في الرأس وصار المطلوب الآن العمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه . لذلك راح يتمتم ويقول: سامحك الله يا حج، سامحك الله يا والدي،،،ثم تجرأ وقال شبه آمر:
- يا الله يا حج روح اخلع البنطال تنشوف هالمصيبة. وكان الختيار يقول بكل هدوء وبساطة فيما كان يُسحل البنطال عن ساقيه:
- خمنت أنها لن تعجبك، وشُفتك طَولتْ بالجامعة فقلت نستغلها أنا والحصان، لأننا نحن من يعيل الأسرة وليس طقمك الهامل هذا.
في النهاية، استدرك محمد الأمر، وذهب ببذلته إلى محلات الغسيل الجاف والخياطين وأصلح من أمرها قدر الإمكان ، ثم لبسها وعاد بها إلى الجامعة بعد يومين متبخترا كطاووس صغير، لكن رائحة الحصان كانت ما تزال تفوح من البذلة مما اضطر محمد أن يعترف لبعض أصدقائه بالقصة، ومنهم صديقه ماهر الذي وجد ذلك مناسبة لينتقم من مكيدة البحر الميت في الصيف السابق فيسرب القصة إلى الزملاء الآخرين، لكن محمد كان يستخدم اسلوب عدم الانكار بل يبالغ في ذلك ويقول إنه التزم لوالده بإعادة البنطال له والجاكيتة للحصان مع أول الشتاء بعد ثلاث سنوات.
وعلى الأرجح أنه نفذ ما وعد به بعد ثلاث سنوات.

انتهت
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف