الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفصل الثاني من رواية / يا من أحببت للروائية / فايزة شرف الدين

تاريخ النشر : 2010-05-16
الفصل الثاني من رواية / يا من أحببت 
للروائية / فايزة شرف الدين
- اللقاء الثانى :
ارتدت زيها المدرسى ، ثم تناولت إفطارها .. غادرت شقتهم لتهبط السلالم .. ما أن خرجت من بوابة منزلهم .. حتى سمعت صوت خافت يقول :
ـ سوف أنتظرك 0
كان "إيهاب" يتظاهر بقراءة الجريدة ، و هو جالس فى الشرفة .. منتظرا خروجها للمدرسة .. ليؤكد ميعادهما المتفق عليه .. بعد أن خالجه شعور قوى بأنها قد لا تحضر.
ما أن سمعت عبارته .. حتى دق قلبها سريعا ، و شحب وجهها بشدة .. نظرت حولها بركن عينيها .. فقد يكون هناك شخص ما يرقبهما ، و تناهى إليه ما قاله "إيهاب" .. أو أن أمهاترقبها من خلف النافذة 0
التفتت ورائها و هى تسرع الخطى .. ثم نظرت إلى أعلى .. فلمحت النافذة تتحرك .. فلوحت لأمها بيد مرتعشة .
عند ذلك فتحت فرجة صغيرة ، و بدت يد أمها ، و هى تلوح لها من بين ضلفتى النافذة .. فشعرت "نها" بالطمأنينة بعض الوقت .. لكنها بعد ذلك لم تستطع مغالبة الشعور بالقلق ، والتوتر، و هى فى طريقها المعتاد إلى المدرسة 0
لبثت طيلة الوقت شاردة الذهن .. و تساؤلات عديدة تدور فى رأسها ، و أجوبة حائرة مترددة تطفو حينا ، ثم تغوص حينا آخر 0
هل تقابله فى المكان المحدد ؟
فى طريق العشاق !!
إنه طريق محفوف بالخطر و الأشواك 0
إنها خائفة .. خائفة من أمها 0
خائفة من نظرات الناس ،و الجيران ، و فضول الصديقات 0
بل أن إحساسها بهذا الحب الوليد ، يؤلم قلبها الصغير .. فى نفس الوقت يسعدها !
إنه شعور من اللذة التى ليس لها حدود .. و الشقاء الذى لا يعرفه إلا قلوب المحبين 0
دق الجرس معلنا انتهاء اليوم الدراسي .. و معه دق قلبها 0
بل كانت دقات قلبها أكثر عنفا من صوت الرنين المرتفع الحاد 0
غادرت فصلها ، و هى تقدم قدما ، و تؤخر الأخرى .. حتى صاحت صديقتها "هدى" :
ـ ماذا بك إنك اليوم شاردة ، و بطيئة الخطى ؟‍!
نظرت إليها "نها" مصفرة الوجه .. كانت نظراتها زائغة ، حائرة 0
كادت أن تبوح لصديقتها بسرها ، و ما يعتمل فى نفسها من المشاعر .. لولا أن "هدى" هتفت بسخرية :
ـ لولا معرفتى الأكيدة بشخصتيك.. لقلت أنك وقعت فى الهوى !
زمت "نها" شفتيها الممتلئتين .. معلنة عن إضرابها عن الكلام ، و قد قطبت ما بين حاجبيها ، فارتسم الغضب على ملامحها 0
هتفت "هدى" بسرعة :
ـ آسفة يا "نها" .. كنت أريد أن أمزح معك فقط 0
تمنت لو تبوح لصديقتها ، و تقول لها أنك على حق .. و أننى بالفعل قد وقعت أسيرة الهوى .
لكن شيئا ما جعلها تتراجع .
شئ غامض .. دفعها أن تخفي مشاعرها عن أعز صديقاتها .
عندما غادرت الفتاتان بوابة المدرسة .. لمحت "هدى" شابا وسيما واقفا تحت ظل شجرة ، من تلك الشجرات التى تصطف قبالة مبنى المدرسة .
ندت عنها صيحة إعجاب ، وهى تشير برأسها إلى الشاب :
ـ انظرى يا "نها" .. يا له من شاب رائع !
لم تلاحظ "هدى" اضطراب صديقتها .. عندما لمحت "إيهاب" ينتظرها .. فى تلك اللحظة برزت سيارة بيضاء .. كان والد الأولى يقودها .. فهتفت :
ـ هيا لأوصلك لمنزلكم يا "نها" 0
همت "نها" أن توافق على دعوة "هدى" .. لولا أنها لمحت نظرات "إيهاب" الصارمة الحادة تحاصرها ، رغم المسافة التى تفصل بينهما .. ثم رأت إيماءة من رأسه تجاه الطريق الذى يجب أن تسلكه .
غمغمت "نها" :
ـ أشكرك يا "هدى" .. فسوف أمر على خالتى ، و منزلها لا يبعد كثيرا عن المدرسة 0
أسرعت "هدى" إلى السيارة .. ارتمت فى المقعد الأمامى ، و لوحت بيدها مودعة "نها" .. لم يفتها أن ترمق هذا الشاب فائق الوسامة ، و تسائل نفسها 00
" أى فتاة هذه .. التى استطاعت أن تخطف قلب هذا الفتى‍‍؟!
مؤكد أنها فتاة محظوظة .. التى يقف لها مثل هذا الفارس .. لينتظرها رغم حرارة الجو الخانق !
اختفت السيارة ، بدأت جموع الفتيات فى التلاشى شيئا فشئيا وهن يبتعدن مشيا على الأقدام أو وهن يركبن حافلات المدرسة .. بينما تقدمت "نها" بخطى سريعة مضطربة إلى الطريق المرسوم ، الموازي لشارع مدرستها 0
كانت تسمع صوت خطوات أقدامه ، وهو يمشى ورائها خطوة بخطوة .. كأنما هو ظلها 0
شعرت بارتباك عندما أحست أنه يرمقها ، و يرقب خطواتها 0
أما هو فكان يغبط ، و يهنئ نفسه على هذه الفتاة الفاتنة .. ذات القوام الأنثوى البديع الرائع 0
كان يشعر أن بركانا يكاد ينفجر من أعماقه الملتهبة حرارة .. و لم يفته ملاحظة اضطرابها وارتباكها ، وهى تتعثر فى خطواتها .. فداخله الفخر والسرور .. تأكد أنه أول فتى يغزو قلبها الغض البرئ .. و أن هذه الفتاة ذات الجمال الصارخ ، هى فتاة أحلامه 0
بل هى كل دنياه فى هذه الحياة0
وصلت إلى المكان الذى التقيا فيه أول مرة ، تحت ظلال شجرة التين الكبيرة .. التى ألقت ظلالها الوارفة إلى عدة أمتار.
احتجبت وراء تلك الأغصان ، التجأت إلى هذا المخبأ الأمين بعيدا عن الأنظار 0
بعد لحظة .. كان يقف قبالتها 00 يحدجها بنظراته الحادة ، التى تشع بريقا متألقا .. كان مزيج من الحب الهادر ، الذى يشبه فى عنفوانه و قوته ، الشلال الذى لا يوقفه سدود أو موانع ... و القسوة التى تشعر بلذتها ، و تستعذبها أحيانا ، وأحيانا أخرى تخيفها، و تثير فى ذهنها التساؤلات الحائرة 0
هتف بنبرة لوم :
ـ لماذا ترددت فى المجئ إلى هنا ؟
أطرقت برأسها ، و قد شعرت أن الدماء التى تسري فى عروقها ذهبت بلا عودة 0
لم تستطع أن تنبس بكلمة .. فقد ماتت الكلمات بين شفتيها .. وشعرت ببرودة تسرى فى أوصالها .. رغم سخونة الجو !
لاحظ شحوب وجهها .. فمد يداه ، وتناول يديها بين راحتيه .. فأحس ببرودتهما .. فهمس :
ـ ماذا بك يا حبيبتى ؟‍
حاولت أن تتمالك نفسها دون جدوى .. فقالت بصوت متلعثم:
ـ إننى.. خا..ئفة 0
رمقها بنظراته الملتهبة .. تساءل بصوت خافت :
ـ ممن ؟
رانت لحظات من الصمت .. كان صوت أنفاسها المتلاحقة يعلو على كل شئ حولهما 0
على صوت حفيف أوراق الشجر ، التى كانت تدفعها نسمات الهواء برفق 0
وعلى صوت خرير الماء ، المنساب بنعومة فى النهر 0
قالت و ارتباكها لم يزايلها 0
ـ من والدتى .. و من الناس .. و من 00
بترت عبارتها فجأة .. ولم تكملها 0
لم تجرؤ على رفع عينيها لتتلاقى نظراتهما 0
تساءل بحدة :
ـ و من أيضا ؟
غمغمت :
ـ إنهم هؤلاء فقط .
قال بسخرية لاذعة ، و هو يردد عبارتها :
ـ هؤلاء فقط ! .
ثم عاد يقول فى مرارة :
ـ إنهم كثيرون ! .
سادت فترة أخرى من الصمت .. تداعت فيها الأفكار إلى رأسها ..
إنها لم تجرؤ أن تكمل عبارتها 0
إنها لم تستطع أن تبوح بمشاعرها الحقيقية ، وتعترف له أنها خائفة منه أيضا 0
بل أن خوفها منه يفوق خوفها من العالم أجمع !
فحبه لها متدفق مندفع .. فهل تستطيع أن تكبح جماح هذا الحب و تروضه .. حتى يصبح سهل القيادة .
هل قلبها الصغير الغض له القدرة على احتواء هذا العشق؟!
استفاقت من أفكارها عندما ارتفع صوته يقول :
ـ لن تخافى بعد اليوم يا حبيبتى .. فسوف أخطبك مع نهاية هذا الأسبوع 0
تجرأت للمرة الأولى أن ترفع عينيها .. لمعت فيهما نظرة تساؤل 00 وهى تقول غير مصدقة :
ـ تخطبنى أنا ؟ !
كست وجهه ابتسامة كبيرة ، وهو يقول بنبرة فرح :
ـ نعم .. سوف أخطبك .. وسوف يعرف العالم أجمع .. أننى أحبك .. أحبك 0
أغمضت عينيها ، و شعرت أنها تحلم .. فانتهزها فرصة ، ورفع يديها اللتين ازدادتا برودة حتى أصبحتا كالثلج 00 ثم قبلهما فى قبلات محمومة .. لسعتها حرارة أنفاسه .. فانتفضت بقوة ، وفتحت عينيها فجأة .. فقد شعرت بعبرات حارة تتساقط على يديها 0
لمحت عينيه مغرورقتين بالدموع :
فهتفت من أعماقها :
ـ أتبكى ؟‍ !
غمغم بصوت مرتعش .. و حلقه غص بالدموع :
ـ أعذرينى يا حبيبتى .. إننى فى غاية السعادة .. ليس هناك من هو فى الأرض أسعد منى الآن 0
استفاقت فجأة من حلمها الجميل .. على الواقع المرير .. الذى ينتظرها .. فصاحت بجزع :
ـ لقد تأخرنا كثيرا .
قال بانفعال دون ترو أو تفكير :
ـ سأوصلك حتى باب شقتكم .. ليعرف الجميع أنك أصبحت فتاتى وملكى وحدى 0
لوحت بيديها فى الهواء بجزع :
ـ لا .. لا .. إنك بذلك تعقد الأمور 0
اندفعت من وراء الأغصان الوارفة لشجرة التين إلى الطريق ، و هو فى أثرها .. مشى بجوارها كالمرة السابقة .. حتى افترقا فى آخر طريق العشاق .. ثم أسرع من خطاه ليسبقها إلى شقته 0
عندما أصبحت بالقرب من منزلهم .. تطلعت إلى النافذة .. فلمحت حركة خفيفة ، تكاد تلحظ بصعوبة 0
أدركت أن أمها تقف خلف النافذة ، وترقبها الآن .. لعلها رأت "إيهاب" ، و قد وصل إلى شقته قبلها بلحظات 0
دق قلبها سريعا ، انتابها الخوف والفزع ، وهى تدلف عبر بوابة المنزل .. وجدت "إيهاب" واقفا أمام باب شقته متظاهرا بفتحه 0
التفت إليها ، وعلى وجهه ابتسامة عريضة .. لكنها لم تبادله الابتسام .. فقد كان وجهها أصفر ترتسم عليه علامات الخوف المميت.
شيعها بنظراته ..همس قائلا ، وهى تصعد فى السلم خائرة القوى :
ـ لا تخافى يا حبيبتى .
كان باب شقتهم مواربا .. فدخلت مترددة .. تداعت إلى رأسها كل سبل العقاب ، التى ستنالها على يد أمها .. المؤكد أنها أدركت بذكائها و فطنتها ، أن ثمة علاقة تربطها ، و المستأجر الجديد ، الذى يقطن بمنزلهم 0
لدهشتها البالغة .. سمعت صوت الأوانى فى المطبخ ، لم تكن أمها متربصة فى انتظارها .. لكنها عندما شعرت بابنتها تتحرك فى الشقة .. صاحت قائلة دون أن تبرح مكانها :
ـ أنت وصلت يا "نها" ؟
لم تصدق أذنيها عندما سمعت سؤال أمها ! .. ولبثت فترة من الوقت لا تنطق .. حتى استردت أنفاسها .. استجمعت شجاعتها لتقول :
ـ نعم يا ماما .
اتجهت إلى حجرتها بشكل آلى .. أخذت تخلع ملابسها، وقد وصلت دهشتها إلى ذروتها .. فأمها حتى الآن ، لم يبدر منها أى بادرة غضب لتأخرها !
ثم .. ثم سؤالها هذا .. أنت وصلت يا "نها" ؟!
هتفت من أعماقها .. إنها بالتأكيد تعرف أننى قد وصلت توا !
هل تكذب عينيها الثاقبتين ؟ لقد كانت واثقة من أن أمها كانت وراء النافذة ترقبها !
سمعت أمها تناديها ، وتدعوها إلى الغداء .. لم يفتها النظرة التى رمتها بها أمها من ركن عينيها .. والابتسامة الصغيرة التى طافت على وجهها بسرعة .
مؤكد أن سلوك والدتها اليوم غريب .. بل و مثير للتساؤل !
ابتلعت القليل من الطعام .. لم تشعر برغبة حقيقية فى الأكل .. فنهضت من مقعدها .. لتتجه بسرعة إلى حجرتها 0
شعرت أن أمها تشيعها بنظراتها ، وأنها ترقب تصرفاتها ، وحركاتها من خلال باب حجرتها المفتوح 0
شعرت بالتوتر أكثر و أكثر 00
صاحت فى نبرة شبه غاضبة :
ـ عن إذنك يا ماما .. سوف أنام .. و لا أريد أن يوقظنى أحد .
أغلقت باب حجرتها 00 ثم ارتمت على فراشها ، وما لبثت أن راحت بالفعل فى نوم عميق !!
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف