الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

وتبقى في حياتي.. بقلم: محمد فايز فارس

تاريخ النشر : 2010-05-15
وتبقى في حياتي.. بقلم: محمد فايز فارس
همست في سرها.. الساعة الآن تقترب من السابعة صباحاً، وموعد طائرة رامي بعد ثلاث ساعات.. نهضت من مخدعها وبخطوات وئيدة فتحت ستارة الأمل فأحست بالصفاء وهي تعانق الشمس وحدثت نفسها.. لقد عشت في كياني وكنت أشواقي وعذاباتي وكل الأشياء الرائعة التي مرت في حياتي.. أسندت كفيها على حافة الشرفة و أغمضت جفنيها تهدهدها خيوط الشروق، ومع أنها كانت في استرخاء تام إلا أنها لم تنس موعد حبيبها.

في تلك اللحظات السرمدية جالت ببصرها صفحة الأفق وشعرت في أعماقها بمزيجٌ من شوق وحيرة، ثم ما لبثت أن حررت أزرار ملابسها وغمرت جسدها بالماء الذي تلامس مع الشجن الذي يسكنها، وبعد أن انتهت لملمت شعرها المبلل من تحت خصرها وربطته بمشابك بسيطة، وحملتها أجنحة حانية حطت بها أمام مرآتها تتأمل نفسها بعناية، وكأنها تريد أن تستكشف ملامح أخرى في جمالها الأسر.. تناولت قلم الكحل وراحت ترسم بدقة متناهية خطوط حول عينيها السوداوين.

مرت دقائق طويلة وهي جالسة تحدد شفتاها باللون الوردي وتفكر في أي الثياب ستختار لهذه المناسبة الغالية على قلبها.. وقفت ووضعت كل فساتينها جنباً إلى جنب على السرير لتستقر أخيراً على اللون الأخضر الموشح ببعض الخيوط السوداء الذي يعشقه رامي عليها.

وقفت أمام مرآتها من جديد واستدارت قليلاً ثم تراجعت للوراء وتقدمت كما الفراشة.. تنهدت وراحت تملأ صدرها بشذى عطره المفضل الذي غمرت نفسها فيه.. ومع أنها لم تكمل العشرين من عمرها إلا أنه قد تقدم لخطبتها أكثر من شاب رفضتهم جميعاً تارة بحجج واهية وتارة من أجل إكمال تعليمها في كلية الهندسة، وفي مساء أحد الأيام الباردة حيث تصادف أن يكون عيد ميلاد صديقتها المقربة سناء، وبينما فاطمة وصديقاتها يحتفلن بهذه المناسبة.. كانت عينان تتربصان من الجانب الآخر، أخذ يراقبها في كل خطوة، وكأنه لم يرى أنثى غيرها من قبل، ورغم أنه قد تخطى الخمسين من عمره إلا أنها شغلته برقتها.

كانت الساعة تشير إلى الثامنة والنصف حيث اصطف الجميع حول الطاولة ترقباً لموعد إطفاء شموع الاحتفال، وبعد أن اضيئت الأنوار.. تقدم أحد المدعوين وبيده هدية صغيرة في حجمها لكنها تبدو من طريقة تغليفها غالية الثمن، صافح سناء وقبلها على جبينها مهنئاً، ورمق فاطمة بعينين ماكرتين حيث وقفت مشدوهة مما شاهدته.. خاطبها قائلاً: هل أنتِ بنفس الجامعة مع ابنة أختي سناء..؟ تظاهرت بالانشغال بما أمامها على الطاولة وأنشأت شفتاها الأرجوانيتان ترتشفان القهوة برقة، حدق بها.. لاحظ تغيراً مباغتاً طرأ عليها.. وبادرها ثانية هل أنتِ بنفس كلية الهندسة..؟
سحبت من حقيبة يدها الصغيرة منديلاً ومسحت حبات العرق اللؤلؤية التي أنسابت على أنفها الصغير رغم برودة الطقس وردت بصوت شفيف.. نعم.

في هذه الأثناء احست سناء بالوضع المربك الذي وضعت فيه صديقتها وداعبتها قائلة: ما بالك يا فاطمة.. أين هديتي؟ مدت يدها بروية إلى حقيبتها وأخرجت علبة صغيرة حمراء وقبلت صديقتها وهنأتها من جديد واستأذنتها بالمغادرة لتأخر الوقت، لم تلح كثيراً عليها ورافقتها مودعة إلى أن فتحت لها الباب، ما هي إلا لحظات هم فيها حسين الذي يعمل بالسلك الدبلوماسي بالانصراف من المكان، عند بوابة البناية حدثها وهو ينفث سيجارة سوداء تبدو عريضة.. هل أقوم بتوصيلك؟
أربكها طلبه وشتت تركيزها ومن ثم قالت: كيف لم أفهم ما قلت؟ خرجت الكلمات تتمايل مع الدخان الكثيف من فمه العريض.. الجو بارداً هذه الليلة ومن الصعب أن تجدي مواصلات.. اعتذرت منه بحياء وعيناها الواسعتان بالأرض.. أشكرك والدي ينتظرني على مقربة من هنا.

بعد أيام تقدم لخطبتها وسعى جاهداً في ذلك، ولم يكترث بما قالته سناء له بأنها مرتبطة بحبٍ أسطوريًٍ، ولم يراعي أنه مصاب بمرض السكر، وتحت إلحاح وإصرار وضغط من أهلها، وبعد تردد وافقت بشرط أن تكمل دراستها، ومضت سنتان من عمرها كأنهما الدهر كله، وبرغم الفيلا الساحرة التي تسكنها وبرغم الياسيمن الذي ترفله في كل صباح إلا أن الكآبة لم تبارحها لدرجة الاعتياد لهذه الحالة التي تعايشتها والتأقلم على غياب حسين.. ذلك الزوج الذي أخذ ربيع عمرها خارج الدولة بسبب طبيعة عمله وأخذ حبيب عمرها رامي الذي بعد أن انهى دراسته الثانوية بتفوق غادر أرض الوطن متجهاً إلى احدى الدول الأوربية لإكمال دراسته ولتحقيق حلمه بأن يصبح طبيباً مشهوراً وشخصية هامة في المجتمع، وها هو الآن قد أكمل المشوار وعلى بعد خطوات من أرض الوطن.

أيقنت أن الساعة قد اقتربت من الموعد.. تباطأت بعفوية أمام مرآتها تصارعت وتضاربت الأحداث في مخيلتها.. تقدمت نحو سيارتها وأدارت المحرك تسابق الريح إلى أن وصلت صالة المطار.. ركنت السيارة في مكان ما.. وثبت بخطوات رشيقة تجاه بوابة القادمين.. ازداد توترها وسرت في عروقها رعشة لذيذة عندما وقع بصرها على القادم من بعيد المختفية عينيه وراء نظارة سوداء، وبعد ان أنجز إجراءات السفر، صافحها وحضنها بيده اليمنى وسارا تجاه الكافتيريا وبعد أن جلسا همس لها.. طوال الرحلة وأنا أفكر كيف سأضمك إلى صدري لأعانق ثلاثة سنين مضت من عمري بدونكِ يا حبيبتي.. تعطلت في تلك الأثناء لغة الكلام، وطغت لغة العيون.. خمس دقائق تنهدت فاطمة وهمست ليتني أبقى معك عمري كله إلى الأبد يا حبيبي.. أصابته الدهشة انسحب كفه من يديها وقال: وما المانع ..؟ لم يجد رداً في عينيها الحائرتين، تنهدت من جديد وهمست ألم تتاخر على أهلك يا حبيبي؟. بلى تأخرت وكلهم في انتظاري الآن.. إذن هيا بنا نمضي من هنا وفي المساء أرجوك أن تأتي على العاشرة من أجل أن نتحدث في أمرِ ما على هذا العنوان وألا تنسى.. ازدادت دهشته وقال ما الأمر يا فاطمة..؟ أخبريني ما بكِ ما الذي جرى في غيابي؟ لا شيء .. لا شيء يا حبيبي.. حسناً سأكون في الموعد، وفي أثناء المغادرة لم ينبس ببنت شفة، وتملكه القلق والفزع حين داهمته هواجس تهيؤات غريبة صورت له أن شيئاً ما قد أخذها منه.

قبل العاشرة مساءً بقليل كانت قدماه تسرع الخطا في الطريق نحو العنوان، وقبل أن يصل إلى الباب فتحت له واستقبلته بابتسامة رقيقة وهمست في أذنه لا غرابة في ذلك. كنت في انتظارك قرابة الساعة على الشرفة، وعندما لمحتك أتيت إليك معانقة.. بعد قليل قدمت له شراباً وجلسا على الأريكة وأرخت نفسها فانحسر فستانها عن ساقيها.. انتصب واقفاً وسألها بصوت خفيض لمن هذا البيت؟ وضعت أصبعها على فمه وهمست: لا تتحدث الآن.. دعني اتأملك و أطفئ أشواقي بك.

شعر بالارتباك والرعشة في آنٍ واحد رمقته بنظرة و قالت أراك لست مرتاحاً يا حبيبي، ثم وقفت واستدارت.. مشت خطوتين.. التفتت نحوه.. هيا نصعد إلى الطابق الأعلى إن كنت قلقاَ.. بسطت يدها وجذبته من على الأريكة وصعدا درجات السلم بخطوات متباطئة، وبعد أن وصلا الغرفة.. أسدلت الستائر وجعلت جسدها يلتصق في جسده وأخذت تضغط على ظهره بيديها الناعمتين، قبلها.. استنشق عبقها فشعرت برغبة جامحة تحتلها.. عانقها بحرارة مطولاً وامضيا معاً تحت تأثير مشاعر لا إرادية.. حتى ساعات الفجر الأولى، وفي ذروة انفعالهما.. ابتعد عنها.. اعتذر عما بدر منه بشكل لا إرادي حيث أفقدها أعز ما تملك.. قبلته بحرارة واقتربت منه أكثر وهمست في اذنه.. أرجوك لا تفهمني خطأ أنا متزوجه ولكن..! بهت.. لم يتمالك أعصابه فصرخ بشكل عفوي ماذا متزوجه متى..؟ كيف ذلك..؟ وما الذي جرى الآن..؟ وكيف حدث ذلك وأنتِ كما تركتك..؟ في تلك الآثناء تناهى إلى سمعهما صوت خطوات متثاقلة من أسفل، وقبل أن يحددا من وراء الباب كان دخان سيجارة يبدد عطره المفضل.

محمد فارس.. [email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف