الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأنباط : تاريخ وحضارة (الجزء4 من الفصل 2) لمؤلفه عزام أبو الحمـام

تاريخ النشر : 2010-04-23
الأنباط : تاريخ وحضارة (الجزء4 من الفصل 2) لمؤلفه عزام أبو الحمـام

صورة وادي رم

3- وادي رم:
هو الموقع الثاني بعد البتراء الأكثر شهرة إعلامياً وسياحياً، يقع وادي رم في أقصى جنوب الأردن ويبعد مسافة حوالي (70) كيلومتراً عن الحدود السعودية شرقي مدينة العقبة، ويبلغ ارتفاعه حوالي 1754 م فوق سطح البحر، وهو ثاني أعلى جبل في المملكة بعد جبل (أم الدامي) 1858 متراً، وتكثر حول رم الصخور الغرانيتية وجباله ذات مناظر خلابة بألوانها المتعددة ورمله الضارب إلى الحمرة مما جعله قبلة سياحية للكثير من عشاق الطبيعة في أرجاء العالم.
ويعتقد أن وادي رم هو الموقع الذي اشار إليه القرآن الكريم من  إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ( سورة الحجر في الأية 7-8). وتكمن أهمية المنطقة في وقوعها على مسار طريق البخور التجاري ثم في الجذب الاستيطاني، وكشفت عمليات التنقيب في الموقع عن 2800 مترا من بقايا المباني، وقد لحق بالمباني دمار كبير جراء زلزال عام 1995 م(14) هذا بخلاف الزلازل السابقة التي من المحتمل أن تكون قد أثرت في مباني الموقع وأثرت في كل مباني المنطقة، خاصة زلزال 363 م وزلزال 419 م.
والمسافر المتجه إلى وادي رم عبر الطريق الصحراوي الواصل إلى العقبة يجب عليه الانعطاف شرقا من الطريق العام ليسير مسافة خمسة وعشرين كيلومترا على الطريق الفرعي قبل أن يجد نفسه وسط عالم جديد من الصحراء المحروسة بالجبال الشاهقة وكأنها تضاريس كوكب آخر غير كوكب الأرض، ولذلك فإن "وادي القمر" هو من أسماء الوادي لأنه يشبه بعض الهضاب القمرية، وما أن تطأ قدما المسافر وهدات الوادي حتى يتأكد أنه إنما أمام تجربة فريدة تستحق عناء سفره الطويل من أي مكان كان.
وموقع "رم" الأثري مركز مهم يضم منشآت نبطية من أهمها معبد نبطي لا يزال في حال جيدة نسبيا، وهذا المعبد نبطي خالص في فنه المعماري ويعود تاريخه إلى القرن الأول الميلادي، وهذا مخصص لعبادة الإلهة أترعتا (أترغات)(15) وقد بني المعبد في عهد الحارثة الرابع (40ق.م- 9 ق.م)، ومخططه شبيه بمعبد الأسود المجنحة في البتراء ومعبد خربة التنور.
وقد زاره العديد من علماء الآثار وغيرهم، وجعل لورانس العرب منه مركزا لإقامته فترة طويلة من الوقت وكان شديد التعلق به، وقد أجاد لورنس في وصفه ووصفه الكثيرين غيره ومنهم "هاردنج" (عالم الآثار، مدير دائرة آثار إمارة شرقي الأردن) الذي قال: وليست زيارة وادي رم بالأمر اليسير ولكنها جديرة بالمشقة التي يبذلها المرء في سبيلها؛ فوادي رم هو أكبر أودية هذه المنطقة وأفخمها، وهو جميل جمالا غريبا، يملأ النفس بالإعجاب، بل يبعث فيها الروع والرهبة. ولم ينجح أحد عدا الكولونيل لورنس ـ في وصف هذا الموقع العجيب وصفا مرضيا في الفصل السبعين من كتابه (أعمدة الحكمة السبعة)، ومع ذلك فإن مقدرة لورنس على الكتابة الوصفية لم تستطع في الحقيقة أن تنصفه كل الإنصاف. وفي أثناء اجتياز المرء للدرب بسيارته مع الجانب الغربي من الوادي بعيدا عن المسيل الرملي – فإنه يستطيع أن يرى هنا وهناك باحات مرصوفة قريبا من قواعد التلال، ويحيط بكل باحة منها جدار غشيم من الحجارة المنتصبة، بينما تتألف أرضية الباحة بدورها من حجارة غشيمة لم تصلح أدوات النحت منها. وفي مواجهة منتصف الجدار الخلفي من كل باحة تقوم عادة مجموعة من ثلاثة حجارة منتصبة عموديا، وأحيانا لا يكون هناك سوى حجر واحد. وهذه الباحات توجد فرادى وأحيانا في مجموعات من خمس أو ست، وحتى الآن لم يكتشف أحد القصد من إنشائها أو التاريخ الذي تعود إليه. وإذا أوقفت سيارتك قريبا من أي صخور قرب الدرب، فمن المرجح أن تجد عددا من الكتابات الثمودية منقورة على جوانبها. وتوجد في وادي رم مئات من هذه الكتابات القصيرة ومعظمها لا يزيد على إعطاء اسم الكاتب واسم أبيه، مع أنك ترى أحيانا إلى جانب بعضها رسوم حيوانات أو رسوم أشخاص وتحتها توقيع ينص على أن "فلان ابن فلان رسم هذا". ومن المعلوم أنه يمكن العثور على هذه الكتابات العربية في المنطقة الممتدة من جنوبي البلاد السعودية إلى معان ـ ولكن لا يوجد سوى القليل جدا منها إلى الشمال من ذلك، من المرجح أن يكون رجال القوافل التجارية قد حفروا هذه الكتابات على الصخور، في رحلاتهم بين جزيرة العرب والبتراء. ومن الغريب أن أحدا لم يكتشف حتى الآن نصا كاملا بالحرف الثمودي. ولقد كانت قبيلة ثمود التي تنسب إليها هذه الكتابة، تقيم قريبا من مدائن صالح ابتداء من القرن السابع ق.م. حتى القرن الخامس ق.م. وقد ورد ذكرها في القرآن. وإذا تأملنا هذه الآلاف من الكتابات التي ذكرناها – بدا لنا أن كل واحد من سكان تلك المنطقة في ذلك الحين كان يعرف القراءة والكتابة إلى حد أن يكتب اسمه على الأقل – وهذه نسبة من التعليم لا نرى ما يماثلها حتى الآن(16).
ومن المؤكد أن اختيار الأنباط لهذا الموقع ليكون لهم محطة ومستوطنة لم يكن قرارا اعتباطيا، فعلاوة على الطبيعة الخلابة للموقع، خصوصا في الليل، فإن الموقع يقع على الطريق المار من الجزيرة العربية وإليها، وهو منطقة مرتفعة جدا يمكن من خلالها الإشراف على المناطق المجاورة، وفوق ذلك فقد توفر في المنطقة الكثير من عيون الماء التي توفر متطلبات السكان هناك، بل والبدو في المناطق المحيطة، وقد عرف منها خمس عشرة عينا على امتداد السفح وأشهر هذه العيون "عين الشلالة" وعين "أبو عينية" وسميت عين "لورنس"، ولا يزال سكان المنطقة ينتفعون من هذه الآبار بعد أن يتم تجميعها في خزانات يجري ضخها لبعض قرى المنطقة.
وقد وجد العديد من المستوطنات النبطية وربما الثمودية قبل الأنباط التي تنتشر في منطقة وادي رم منها خربة جبل الخزعلي وتبعد 8كم عن جبل رم وهو من الجبال العظيمة في المنطقة وبداخله سيق طويل ذو تصميم رائع، ويحفل هذا السيق بالكثير من النقوش الثمودية والنبطية والعربية، و"طريف المراغ " خربة إلى الجنوب من جبل رم وبها أطلال وبئر ماء. والخارطة والبريرة والتفيشية وجميعها مناطق ثرية بالآثار، خصوصا النقوش.
4- خربة أم الجمال:
لا نعرف الاسم النبطي لأم الجمال لأن النقوش وغيرها من المصادر لم تنقل إلينا هذا الاسم(17)، تقع خرائب هذه البلدة البارزة على مسـافة اثني عشر كيلومترا إلى الشرق من بلدة المفرق، وعلى مسافة ستة كيلومترات إلى الشمال من طريق بغداد، وتقوم أم الجمال في طرف السهل الصحراوي المنبسط، وهي واحدة من بين مجموعة كبيرة من البلدات المبنية من الحجر الناري الأسود، التي تمتد شرقا فتدخل حدود جبل الدروز، وأكبرها وأهمها (بصرى) في سوريا، وتعتبر أم الجمال البلدة الجنوبية القصوى في هذه المجموعة، وهناك بلدة أخرى مماثلة تدعى (أم القطين) وتقع على مسافة خمسة وعشرين كيلومترا الى الشرق من أم الجمال. ويبدو ان أم الجمال اكتسبت أهميتها من وقوعها على الطريق من الجنوب الى دمشق، ومن المحتمل أنها أنشئت في وقت ما في القرن الأول قبل الميلاد(18).
يلاحظ أن المهندس النبطي، كان قد تمكن من التعامل مع الحجارة البازلتية فراح يشذبها ويستخدمها في أغراض البناء بل في عمل ألواح كبيرة منها تستخدم كأبواب أو سقوف إضافة إلى الاستخدامات الأخرى كالطواحين والمدقات التي تستخدم في تحضير الحبوب والطعام.
ومن المحتمل أن تكون أم الجمال قاعدة أو استراحة أو محطة للقوافل القادمة من دمشق إلى الجزيرة العربية.
وبخصوص قرية المفرق الحالية التي تقع الى الشرق من المملكة الأردنية الهاشمية فإن بعض الإشارات التي وجدت في الموقع تشير إلى استيطان في المنطقة إبان الفترة النبطية، لكن الآثار النبطية طمرت وضاعت جراء الاستيطان اللاحق للمنطقة، ويعتقد أن المفرق كانت مستخدمة في الفترة النبطية كقاعدة او محطة على طريق وادي السرحان الشرقي.
5- إيلة (خليج العقبة):
إيلة الاسم النبطي العربي للميناء الواقع على الحافة الشمالية لخليج العقبة، مناخه شبه استوائي ومعدل أمطاره السنوي 50 ملميترا. تقع إيلة على خط طول 3500 شرقا وخط عرض 31- 29 شمالا، وزاد من أهمية المنطقة الاستراتيجية، وقوعها على البحر الأحمر وعلى طريق البخور. حيث يذكر ديودوروس (69-30 ق.م) أن هناك قرى نبطية كثيرة حول إيلة، وكان أهلها يربون الأنعام ويعملون في القرصنة البحرية(19). ومن المحتمل أن بعض الباحثين خلط بين موقعي "إيلة" و"ميناء لوكي كومي" الشهير على البحر الأحمر قرب العُلا، ووصف الجغرافي سترابو الطريق التجاري المار بإيلة والواصل بين اليمن وغزة أن السفر عبره كان يستغرق 70 يوما، ويذكر أن المنطقة كانت مأهولة بالأنباط الذين عملوا في الرعي ومارسوا القرصنة البحرية حتى تم ردعهم من قبل البطالمة(20).
وفي الأراضي الأردنية على الخليج الشمالي أيضا للعقبة كشفت التنقيبات الأثرية أطلال موقع "إيلة" التي يعتقد أنها بقايا حصن وميناء إسلامي، وفي موقع آخر قريب إلى الشمال أيضا كشف عن أطلال بيزنطية باسم "إيلة البيزنطية"، مما يدل على أن موقع "إيلة" الأول لم يزل غير مؤكد، ولربما جرى نقل هذا الموقع عبر مختلف العصور.
6- الحميمة:
تقع في جنوب الأردن في صحراء حسـما، على خط طول 19 35 شرقا وخط عرض 57 29 شمالا على طريق البخور القديم وعلى مسافة 50 كيلا جنوب شرق البتراء، وحوالي 60 كيلو متراً جنوب معان و80 كيلو متراً شمال العقبة، اسمها النبطي "الحوراء" أي البيضاء، أمر ببنائها الملك النبطي الحارث الثالث (87- 62 ق.م). مناخ المنطقة شبه استوائي جاف، ويبلغ معدل الأمطار السنوي فيها حوالي 50 ملمترا، وجد فيها سد بسيط لجمع مياه الأمطار. وتكمن أهميتها في وقوعها على طريق البخور الآتي من اليمن إلى البتراء ثم إلى غزة على البحر المتوسط. ولتلبية حاجتها من المياه فقد تم سحب ماء العين التي تقع في منحدر النقب وتبعد حوالي خمسة عشر كيلو متراً إلى الشمال من الموقع إلى خزانات الماء المجهزة تحت الأرض، والمسقوفة بالأقواس والجسور الحجرية(21). وفي الحميمة أطلال كثيرة من مختلف العصور بدءا بالأنباط مرورا بالبيزنطيين والعصر الإسلامي.
7- سيق البارد( البتراء الصغيرة ):
وتقع على بعد 6-7 كيلو مترات إلى الشمال من البتراء، وتؤرخ بين القرنين الأول قبل الميلاد إلى القرن الأول بعد الميلاد. وسميت بهذه الأسماء لأنها تشبه البتراء في مدخلها الذي يتكون من سيق قصير يفضي إلى ساحة صغيرة ليمتد السيق مرة أخرى مخترقا الصخور، لكن هذا الموقع لم يتضمن مباني أو قبوراً أو أية منشآت ذات قيمة ظاهرة، والمرجح أنه استخدم كمحطة للقوافل حيث وجدت فيه القنوات والآبار المائية، ومن المحتمل أن يكون أيضا مركزا تجاريا لبعض السلع.
8- خربة فينان Khirbet Feinan:
تقع على بعد 45 كيلو متراً شمال البتراء، وهي من العهد النيولتيكي Neolitic وعبر العهد البيزنطي، حتى وقت متأخر، وكان يجري استخراج النحاس من المنطقة بكميات ضخمة، إذ اعتبرت اهم مواقع استخراج النحاس في المنطقة، وكان يجري استخراج هذا النحاس من عمق الصخور، وقد خدمت فينان بمنظومة من الخدمات، شبكة مياه، وحقول، وورش عمل، وكل الاحتياجات اللازمة للعمال مثلما يجري في مناجم العالم حتى بداية القرن العشرين كمناطق أمريكا. ومن المحتمل أن تكون خربة فينان قد استغلت من قبل المصريين منذ آماد بعيدة، أي خلال العصور النحاسية والبرونزية عندما كانت الدولة المصرية في أوج عافيتها وقوتها. وتقدر كميات النحاس التي جرى استخراجها من الموقع بناء على كميات خبث النحاس الموجودة بحوالي 15000 طن.
9- مواقع أخرى في جنوب المملكة الأردنية الهاشمية:
وأهم هذه المواقع من الناحية الأثرية منطقة أو خربة " السِلع "، ويقع هذا الموقع حاليا ضمن أراضي قرية السلع على بعد حوالي خمسة عشر كيلوا مترا من الطفيلة، ويرجح أن يكون بمثابة قرية أو مركز استيطاني قديم منذ حضارة الأدوميين على أقل تقدير، وهو عبارة عن صخرة عالية تشبه القلعة الحصينة ربما استخدمها الأدوميين، ومن بعدهم الأنباط كحصن يعتصمون به حال مهاجمتهم، واكتسب هذا الموقع شهرة واسعة في الدراسات التوراتية لوروده في سفر "أمازيا" ضمن قصة دراماتيكية، مفادها أن " أمازيا " الملك اليهودي كان قد هاجم الأدوميين وأنتصر عليهم في هذا الموقع ثم قام بأسر 10 آلاف منهم بين رجل وطفل وامرأة ثم جرهم مكبلين إلى السلع ليقوم بإعدامهم هناك برميهم من أعلى الصخرة. وكثرت الاجتهادات في هذا الموضوع وافترض البعض (ومنهم جلوك) أن موقع "أم البيارة" في حوض البتراء هو الموقع المقصود في قصة غزوة "أمازيا"(22)، ويرد اسم "السلع" أو "سالع" مرة أخرى في العهد الأشوري عندما قام نابونئيد بحملته المشهورة على منطقة بلاد الشام وقضائه على مملكة الأدوميين، ويستشف من اللوحة المكتشفة من قبل (حمد القطامين) في منطقة السلع أن نابونئيد أخضع الأدوميين ووثق ذلك في هذه اللوحة(23). ويكتسب الموقع أهمية إضافية أيضا في عهد الأنباط بوروده كذلك في قصة درامية أخرى تتعلق بالسلوقيين، إذ أنه يرد في قصة الحملة الشهيرة التي أوردها ديودورس، وحسب ديودورس فقد أنفذ "أنتيجونوس" حاكم سوريا السلوقي جيشا بقيادة "أنتيجونوس"، وبالطبع فإن ديودورس كان ينقل عن شاهد عيان، وكان أن نجحت الحملة بمباغتة أهل "الصخرة" وسلبهم أموالهم وعادت الحملة سالمة غانمة بينما كان شباب الصخرة بعيدين في بعض شؤونهم، ولعلها شؤون التجارة والرعي، ولما عادوا ليلا وعلموا بالأمر، أسرعوا في اللحاق بالجيش وألفوه في معسكره يغط في نوم عميق مما مكنهم من سحق القوة باستثناء خمسين فارسا منهم، ولما أحس الأنباط بفداحة النتائج حاولوا استدراك الأمر بالاعتذار وبإصلاح الموقف، وتظاهر "أنتيجونيوس" بالقبول بينما كان يضمر الإعداد لحملة تالية بعد عدة شهور. ومع أن معظم الآراء كانت تشير إلى " أم البيارة " في حوض البتراء- كما أسلفنا- إلا أن آراء جديدة بدت أكثر إقناعا من الأولى، منها ما استنتجه د.فوزي زيادين من أن الصخرة المشار إليها تبعد ثلاثماية ستاد – أي ما يقرب من 35 كيلومترا عن البحر الميت حسب ديودورس، وهذه المسافة تقارب المسافة بين السلع والبحر الميت، لأن البتراء وأم البيارة تبعد أكثر من 120 كيلومترا عن البحر الميت(24).
وتعد "خربة التنور" من أهم الآثار النبطية نظرا لاشتمالها على أهم المعابد النبطية "معبد التنور"، ويتموضع هذا المعبد فوق جبل عال منفرد عند التقاء وادي الحسا بوادي اللُعبان ويشرف على منظرة فسيحة الأرجاء تمتد فوق انحدار الوادي إلى أن تبلغ ضفاف البحر الميت، وقد اكتسب هذا المعبد مكانة دينية سامية لدى الأنباط، يدل على ذلك التماثيل الكثيرة التي تمثل آلهتهم والفن المعماري الرائع الذي كشفت عنه الحفريات الأثرية عام 1936 وينتشر حول هذا الجبل عدد من الخرب والآثار التي تدل على استيطان نبطي كثيف في المنطقة(25).
وفي قرية "القصر – الربة " من أعمال الكرك، يدل المعبد الذي لا يزال يحتفظ بمعظم جدرانه في الطابق الأول على مركز نبطي كبير ومهم لتلك المنطقة، ويمثل القصر نموذج الفن المعماري النبطي القليل التأثر بالحضارات الأخرى على ما يبدو، ويشتمل المعبد على أقواس للسقف ودرج داخلي مهدم وأعمدة ضخمة تنتشر في الساحات الأمامية، ويحيط بالمعبد العديد من المرافق المهدمة التي لا تزال بحاجة إلى تنقيب قبل أن يلتهمها العمران الحديث الذي أصبح يحيط بالموقع من جهاته الأربع مخفيا معالم مدينة أو قرية نبطية كبيرة على ما يوحي هذا المعبد بضخامته وروعة بنائه.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف