اذهب واشتكي اينما تشاء..هذا باب المدير العام..وذاك باب الوزير!
سلام كبة
الفساد السياسي والانتخابي والميليشيات الانتخابية
البطاقة التموينية وسرقة قوت الشعب والفساد الصحي
النفط والطاقة الكهربائية..وعود حكومية في مهب الريح
العملية التعليمية التربوية وارتفاع نسب الرشى والابتزاز
الميزانية خيالية ورئيس الوزراء يشكو من التآمر عليه!
برلمان عجائب ومجالس محافظات تضحك الثكالى!
القوات المسلحة والارهاب والغثيان
مصالحة..مصارعة..مناطحة..مناكحة
الخصخصة والفساد الاقتصادي
الابتزاز وغسيل الاموال والشركات الوهمية
الغش التجاري وصناعة العطور
الرشوة جريمة ضمير قد لا تمس القانون
فن تفتيت الحركة الاجتماعية
العطالة سلعة للمتاجرة والفقر ابو الكفار
الطفل والمرأة في عراق السخرية القاتلة
بيئة ومعالم كارثية تعشي العيون
التهجير اجراءا عقابيا
تجارة الازمات والحروب والموت وتعمق الاستقطاب الاجتماعي
السلعة الدينية بين العرض والطلب
الوعي القانوني والفساد القضائي
الخلاصة والمهام
المصادر
لم تتخذ الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 9/4/2010 الاجراءات الضرورية لتحسين وتطوير وسائل وطرائق الاداء الحكومي والمدني العام،والخاص!واتباع المناهج الحديثة،وتدريب العاملين وتطوير قدراتهم،وادخال الاساليب والتقنيات الجديدة والمتطورة التي تضمن تضييق فرص انتشار عمليات الفساد!وقد ضغطت حكومة السيد نوري المالكي على المفوضية المستقلة للنزاهة في سبيل اخفاء العديد من الملفات(ملف وزير التجارة وسرقة قوت الشعب،وملف الطائرات الكندية المرتبط مباشرة بمكتب السيد رئيس الوزراء،وملف فساد وزير الكهرباء ووكيله رعد الحارس،وفضيحة الكمبيوترات في وزارة التربية،وفضيحة اجهزة كشف المتفجرات،وفضيحة الفريق عدنان الاسدي وكيل وزير الداخلية الذي كانت شهادته مزورة والذي احرق مكتبه في الوزارة حال افتضاح امر شهادته،والحرائق المتكررة داخل وزارات المالية والصحة...والعشرات من القضايا التي تشير الى المواقف الهزيلة اللامبالية بما جرى من فساد في هذه القطاعات)،الذي يؤكد ان الحكومة العراقية تبيح لنفسها التدخل في شؤون مفوضية النزاهة،بداعي ان معيار عراقيتها وضرورة انتخابها على اساس المحاصصة يفوق معيار كونها مفوضية مستقلة تخضع لآليات انتخابية خاصة بها،ولتغير رئيسها وطاقمها اكثر من مرة!لا لشئ يذكر سوى ان الذين جرى اقصاءهم قد حملوا الحكومة العراقية ورئيسها مسؤولية حماية الفساد في اجهزة الدولة عير حماية الاقارب والحلفاء السياسيين ضمن تحقيقات كانت تطولهم ما ادى الى خسارة البلاد مليارات الدولارات،والسماح للوزراء بحماية موظفيهم،في الوقت الذي يؤكد فيه المالكي نفسه مرارا وتكرارا،ان المسلحين والفساد ينخران جسد الدولة العراقية.لقد وقفت المادة 136 من قانون اصول المحاكمات الجنائية والتي تشترط موافقة الوزير المعني على احالة المتهم الى المحكمة،وقفت عقبة امام سير الدعاوى بسبب عدم موافقة الكثير من الوزراء الامر الذي اغلق الدعاوى،والمبالغ التي اغلقت الدعاوى فيها بلغت مئات المليارات من العملة العراقية.
شرعت الحكومة العراقية اثر تدهور الاوضاع الامنية في البلاد بتشكيل عشرات لجان التحقيق لمعرفة الاسباب الحقيقية لأعمال التخريب والنشاط الارهابي والتدقيق في هوية مرتكبيها،ولم تصدر هذه اللجان كشوفاتها حتى يومنا هذا في مسعى لأسدال الستار على فضائح تورط كبار المسؤولين بها!حالها حال محاولات اسدال الستار على فضائح فساد برنامج النفط مقابل الغذاء كأكبر فضيحة مالية في تاريخ الأمم المتحدة،وفساد مسؤولين رفيعي المستوى في المنظمة الدولية،ومحاولات طمس الحقائق عن نهب المليارات من اموال شعب يعيش اكثر من خمس سكانه تحت خط الفقر،على الرغم من ضخامة ميزانيته.كانت الاموال التي اهدِرت او ذهبت في فساد عقود ما بعد التاسع من نيسان،اكبر عملية تربح من حرب في التاريخ.
الفساد السياسي والانتخابي والميليشيات الانتخابية
الفساد هو انتهاك لمبدأ النزاهة واساءة استعمال السلطة العامة او الوظيفة العامة للكسب الخاص،واخطره الفساد السياسي او استخدام السلطات من قبل المسؤولين الحكوميين لغرض تحقيق مكاسب خاصة غير مشروعة،وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية،واكثره شيوعا هو المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال والطائفية ومحاباة الاقارب والمحسوبية والاختلاس.ورغم ان الفساد السياسي يسهل النشاطات الاجرامية من قبيل الاتجار بالمخدرات وغسيل الاموال والدعارة الا انه لا يقتصر على هذه النشاطات ولا يدعم او يحمي بالضرورة الجرائم الاخرى.واجراءات التمويل السياسي التي تعد قانونية في بلد معين قد تعتبر غير قانونية في بلد آخر.وقد تكون لقوات الشرطة والمدعون العامون في بعض البلدان صلاحيات واسعة في توجيه الاتهامات،وهو ما يجعل من الصعب حينها وضع حد فاصل بين ممارسة الصلاحيات والفساد كما هو الحال في القضايا ذات البعد الطائفي العنصري.وقد تتحول الممارسات التي تعد فساداً سياسياً في بعض البلدان الى ممارسات مشروعة وقانونية في البلدان التي توجد فيها جماعات مصالح قوية تلبية لرغبة هذه الجماعات الرسمية.
كانت حكومة السيد نوري المالكي نموذجا للفساد السياسي والمالي والاداري،اساءت التصرف بالمال العام،ولم تتمكن من الوصول الى ارقام ترى بالعين المجردة للتقدم في ملفات الخدمات المطلوبة للمواطنين!نعم،العراق يخلو من قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين،ولم يطبق حكم جيد واحد للقضاء على جرائم الفساد الكبرى في الاعوام المنصرمة.ووفق تقارير منظمة الشفافية الدولية وبقية المنظمات الدولية ان مسؤولي الحكومة العراقية وفي مختلف المستويات يمارسون النهب المنظم للدولة وثرواتها ليتكامل مع اقدام المحتلين على تبديد مليارات الدولارات من الاموال العراقية!وكون الفساد اليوم وباء مستشريا ينخر في جوانب المجتمع كافة وبشكل خاص في مؤسسات الدولة العراقية ودوائرها،والمكاتب والشركات الوهمية والنشاط التجاري الخاص وديناصوراته،لا يعني سوى خطل وفشل هيئات مكافحة الفساد في العراق والمفوضيات المستقلة(خاصة هيئة النزاهة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات)،ديوان الرقابة المالية،مكاتب المفتشين العموميين في الوزارات،الادارات الامنية في وزارة الداخلية،لضمان استمرار الأمانة والشفافية في الاداء الحكومي ومساءلته من قبل الشعب العراقي.وقد اكدت هيئة النزاهة مرارا ان عدد القضايا التي صدرت فيها الاحكام لا يتناسب مع عدد القضايا المحالة من قبل الهيئة الى القضاء العراقي.ويبو ان الفساد قد امتد حتى الى مفوضية النزاهة نفسها،والتي اعلنت في 25/3/2010 عن اعتقال دائرة الجرائم الكبرى معاون المدير العام في الهيئة الذي كان يشغل منصب المسؤول الامني سابقا(اضافة الى انه كان لواء في الجيش العراقي السابق الذي تم حله من قبل الحاكم المدني الامريكي بول بريمر)بتهمة الفساد ومحاولة اغتيال!
في تقريرها السنوي تؤكد هيئة النزاهة انها اصدرت اوامر الاعتقال بحق نحو 630 مسؤول كبير يشتبه بتورطه في قضايا فساد اعوام 2008 – 2010،لكن لم يُدن سوى عدد قليل منهم"ان بعض المشتبه بهم فروا خارج العراق في حين حظي البعض الآخر بحماية مسؤولين اقوياء او قانون العفو العام"وتضيف النزاهة ان مسؤولين كبارا تدخلوا واغلقوا 135 قضية يشتبه بأنها قضايا فساد تشمل 211 شخصا اغلبهم من وزارة النفط،وجرى التغاضي عن 1552 قضية اخرى،لأن المشتبه بهم يشملهم قانون العفو،فيما هرب المئات من الفاسدين خارج العراق.
وفرت المحاصصة غطاء لسراق المال العام وللمفسدين،والعمل على قاعدة اسرق واهرب الى طائفتك وقبيلتك وحزبك وقوميتك"انهب كما تشاء واهرب من القضاء- هذا لك وذاك لي- ورقني واورقلك"،بل وصل الأمر الى العبث في تفسير النصوص القرآنية لانتزاع الاعتراف الآلهي بآهلية الفاسد وفساده،واللهاث وراء الفتاوى الدينية لتحريم الحلال وتحليل الحرام.ابتكار الاساليب الحديثة التي احدثها الانفلات على كل الصعد والركض المجنون وراء الربح السريع وباية طريقة،واتباع اساليب الغش والاحتيال والفساد المالي والاداري الحديثة غير المطروقة والتي تتنوع كالحرباء في وضح النهار وتحت اشعة الشمس،الاستقطاعات المالية الابتزازية في فترة الحملات الانتخابية تحت شتى الذرائع،كل ذلك ارهاب ابيض منزوع السلاح!
نحن في مواجهة ثقافة مستشرية في المجتمع خرجت من كونها جرما اقتصاديا او اخلاقيا،وتطورت الى ممارسة اجتماعية متجذرة في المنظومة الاخلاقية العراقية!تقابلها ثقافة وطنية ديمقراطية لازالت تحبو لتحارب الفساد وتقوضه وترمي بضوء الشمس على ملفات ووثائق مدفونة تحت ارض المحاصصة والصفقات السياسية.
يساعد على الفساد في العراق البنى الحكومية المتناحرة المتنافسة،تركيز السلطة بيد صناع القرار وهم عمليا غير مسؤولين من الشعب بسبب العمل الهامشي لمجلس النواب،غياب وتغييب الديمقراطية وعجزها وقصورها بسبب توسع التدخلات الحكومية في الشأن المؤسساتي المدني،تدني الشفافية الحكومية في صنع القرار،احتقار واهمال ممارسات حرية الكلام والصحافة والاعلام ومطاردة الناشطين،ضعف المساءلة وانعدام الادارة المالية الملائمة،التضارب في الفرص والمحفزات(عمليات استثمار كبيرة للاموال العامة مع انخفاض رواتب الموظفين الحكوميين)،تباين الظروف الاجتماعية(النخب الانانية المنغلقة وشبكات المعارف،الامية وعدم قابلية الرأي العام على انتقاء الخيارات السياسية)،العجز القانوني(ضعف سلطة القانون،ضعف المهن القانونية)،الخروقات التي تشوب العمليات الانتخابية،الحملات الانتخابية المكلفة التي يتجاوز الانفاق فيها المصادر الاعتيادية للتمويل السياسي،غياب الرقابة الكافية للحد من الرشى او التبرع للحملات الانتخابية.
من مظاهر الفساد في بلادنا العمليات السرية التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسية ومنظمات الجريمة والمافيات،ويندرج ذلك كله تحت عباءة العولمة السيئة الذكر،ويستخدم المال الفاسد اساسا لاجراء تغييرات في بنية الدولة وفي قلب المعادلات السياسية!الفساد في الانتخابات والهيئات التشريعية يقلل من المساءلة ويشوه التمثيل النيابي في عملية صنع القرار السياسي،ويأخذ المسؤولون الاموال من الخزينة العامة لانفاقها على حملاتهم الانتخابية ليضمنوا لانفسهم استمرار الاحتفاظ بمناصبهم ونفوذهم ورواتبهم المجزية.اما تمويل الشركات والتجار للسياسيين فلا يعني سوى ان هؤلاء انما يشترون باموالهم اصوات المسؤولين المنتخبين،الامر الذي يستدعي حظر قيام الشركات والغرف التجارية واتحادات رجال الاعمال والصناعيين والمقاولين بتمويل الاحزاب السياسية جملة وتفصيلا وفرض سقف محدد كحد اقصى للانفاق على الحملات الانتخابية!
الفساد السياسي هو الحصول على الغنيمة بأقل جهد واكبر فائدة،وحين يعقد الفساد السياسي قرانه على الفساد الانتخابي تدق اجراس العزلة على الشعب،وتتفكك الولاءات الوطنية والمدنية.الفساد الانتخابي يرتبط بالفساد السياسي بوشائج الاموال الواردة الى العملية السياسية والأموال التي يسرقها السياسيون والتبرعات التي تصلهم بما فيها التبرعات العينية والقروض والمصروفات،سنويا قبل وبعد الانتخابات وعبر دور القطاع الخاص في توفير الأموال اللازمة للفساد!.وتمثل الفساد الانتخابي في العراق بالقدوة السيئة للحكام،اهتزاز نظم القيم،نقص مستويات الوعي والمعرفة،الفقر والحاجة،الجهل والجشع والمحسوبية وعدم الكفاءة،فساد الانظمة والقوانين وقصورها وتخلفها وعدم وضوحها!الى جانب سيطرة الاحزاب والجهات السياسية الطائفية على صناديق الاقتراع وغياب اية خطط امنية للعمل بها في الاستحقاقات الانتخابية المتوقعة في اية لحظة،ومحاولات تهميش دور الامم المتحدة.لقد تسبب الفساد الانتخابي في وقوع المفوضية العليا للانتخابات نفسها في شرك عقود الشركات الوهمية اكثر من مرة.وارتبط الفساد الانتخابي وغسيل الاموال بنوعية القيادات الادارية الحكومية وغير الحكومية وكيفية اختيارها(آليات التعيين والانتخابية)والمواصفات السلوكية للادارات،وبالمستويات المعاشية للعاملين،وهي عرضة للتآكل المستمر بفعل التضخم وارتفاع الاسعار المصاحب وتدهور قيم الدخول الحقيقية بازدياد الفجوة المعيشية(خط توزيع الدخل/خط الفقر)،وتوسع رقعة التهميش بسبب عجز المجتمع المدني عن احتواء القطاعات الهامشية،والتلاعب بالانظمة الضريبية والكمركية،والمستوى المتدني لأجور العاملين،وتدهور سياسات العدالة الاجتماعية!وتسهم مظاهر الروتين وانعدام الرقابة وانحسار مفهوم المصلحة العامة في تفاقم الفساد الاقتصادي وغسيل الاموال،الى جانب استخدام الاساليب التقنية البدائية لأنجاز الاعمال واعتماد الولاءات دون الوطنية لا الكفاءات معيارا للرضى الوظيفي،وشيوع البطالة!.
الميليشيات الانتخابية توفر البيئة الخصبة لولادة ظاهرة مقاولي الاصوات والسمسرة الانتخابية،والتخصص في نقل الناخبين خلال فترة الدعاية والاقتراع بعد ان يتسلموا الهبات المالية والهدايا العينية الموعودة،وبعضهم اصحاب مضايف وملايات.وتتسبب هذه الميليشيات بتوسيع عملية شراء اصوات الناخبين،وبث الذعر والخوف واشاعة الارهاب الفكري والسياسي،واستغلال معاناة سكان الاحياء العشوائية عبر ايقاف تهديدهم بالترحيل ومساومتهم بوعود ضمان امتلاكهم اماكن سكن قانونية،وتشغيل الآلاف من ضحايا البطالة لتأدية مهمة وضع الملصقات على جدران البنايات والحواجز الاسمنتية وتمزيق ملصقات الخصوم السياسيين،وتسقيط اصوات المنافسين بالتأشير المتكرر على القائمة المنافسة او حسابها مع القوائم غير الصالحة او الغش في تسجيل اصواتها في استمارتي(501 و 502).وبحماية الميليشيات الانتخابية يقوم قادة بارزون في القوى السياسية المتنفذة بالدخول الى مراكز العد والفرز والتدخل في سير العملية الانتخابية،ويقوم عدد من الموظفين بالتلاعب في النتائج من خلال البيانات التي تدخل في عمليات العد والفرز بواسطة الحاسوب،والتزوير الواسع على مدى ساعات عمليات الاقتراع والتأخير في الاعلان عن النتائج،وتأشير اوراق اقتراع الناخبين الذين عزفوا عن المشاركة والاقتراع بدلا عنهم!والميليشيات الانتخابية تفسر اندفاع القوى التي هددت وتهدد باستخدام السلاح في حال خسارتها!وتواجد بعض اوراق الاقتراع وعددا من ارقام اقفال الصناديق مرمية في شوارع بعض المدن،ولغز المرشحين الذين لم يحصلوا الا على رقم 0،ومحاولات بعض القضاة من المحكمة الاتحادية فتح صناديق الاقتراع عنوة،واعمال الخطف التي تتزامن مع ازمة النتائج الانتخابية والطعون التي تقدمها اطراف عديدة،والاصطفافات الطائفية.لقد استطاعت القوى المتنفذة على مدى سنوات حكمها ان تؤسس لها مواقع لا تستطيع التخلي عنها بسهولة،لما قام به كل هؤلاء من خروقات قانونية ومالية واشتراك كامل في الاعمال الارهابية،تؤدي بهم في حال انكشاف امرهم الى المثول امام العدالة،وأسسوا لامبراطوريات من الفساد والرذيلة،يتستر بعضهم على بعض،بحجة ضرورة استمرار العملية السياسية وعدم التراجع الى الخلف.
في العراق تتسلط دكتاتورية العواطف ما يفسر الاقبال على كل الرموز والكتابات والموضوعات المحركة للوجدان.والانتخابات هي غير"المبايعة"،والديمقراطية هي غير"الشورى"،وارادة الشعب هي غير"ولاية الفقيه والامام او المرجع او اي رجل مقدس لا يمكنه ان يكون ممثلا للسلطة التشريعية".ولا علاقة بين الاثنين أبدا،اذ لكل اداة حاضنتها،ولكل فكر مرجعيته.كانت الطائفة الواحدة مطيعة مسيرة حقا تاركة الباقي على الثقة واندفعت بمسيرات مليونية وعادت بأخرى،لطمت وطبرت وزنجلت،مهيأة لهـا ما لا يحصى من مناسبات الحزن والكآبة سواء ان كانت ذكـرى مولدا ام وفـاة،وتخلت كليا عن مظاهر الفرح والبهجة ونوبات التفكير والاحساس بالخلل الذاتي،مخـدرة تنتظر الاشارة فقط،جاهـزة للشهادة بالمئات من فوق الجسور،او تخطف وتذبح وتغتصب وتسلخ جلودهـا وتفخخ اجسادها،وتتجمع بالعشرات والمئات داخل الحسينيات والمساجد والأسواق والمدارس والساحات والطرق والزيارات بانتظار المفخخات والعبوات الناسفة والأنتحاريين ليحصدوا منهم ما يشاءوون.رجال الدين والسادة والشيوخ ينظرون الى الملايين مـن ابناء شعبنا مختزلين قيمهم الأجتماعية والأنسانية بأرقام صوتية واعلانات انتخابية!.
وبعد ان اصبحت السوق العراقية مجرد حاوية كبيرة للمخلفات السلعية القادمة من العالم،بان المستور وانكشف الغطاء وعلى نفسها جنت براقش!تزوير فاضح في انتخابات آذار 2010،واستغلال اكبر للمال العام المصروف على العملية الانتخابية الخاصة بوزراء الحكومة وقائمة الحكومة،فيما عدا التلاعب بالتعيينات.المهم هو ان العملية الديمقراطية كمفهوم عام لا تبدأ او تنتهي بصناديق الاقتراع لأنها قضية ثقافة وتقاليد ولا تنجز الا عبر توفر اسسها المادية والفكرية والسياسية!
نعم،قوائم انتخابية فائزة تحصد اصوات الشارع بملاحم تتخللها الانتهاكات السافرة،لكنها تعبر عن حجم المظلومية والارتباط العميق بالمرجعية الدينية والهالة المقدسة،ماذا تكون النتيجة؟اعضاء في القوائم لا يفقهون شيئا ووزراء فاسدون لا يملكون ادنى تحصيل علمي،فضيحة ولا اغلى منها في التاريخ السياسي المعاصر،اميون يقودون البلد،وشر البلية ما يضحك!.مجالس محافظات مرتبطة باجندة خارجية وسراق ومرتشين باسم الاسلام حتى قالت جماهير محافظة جنوبية:(محافظنا حرامي والتعيين بعشر اوراق)اي ان التوظيف في سلك الشرطة يحتاج الى الف دولار كرشوة،وغدت اغنية حسام الرسام(حامينا حرامينا)الاغنية الشعبية الاولى في الاحياء الكادحة من بغداد.
الوزارات العراقية متلكئة في مكافحة الرشوة ومحاسبة المفسدين،والموظف المرتشي لا يتعاطى الرشوة الا بعد تأمين طريقه واعتماده على من هو اعلى منصبا ليحميه ويدافع عنه عند افتضاح سره،بل ويطالب له برد الاعتبار ومعاقبة المشتكين.بعض الوزارات باتت اقطاعيات لفئات ذات صلة بالسيد الوزير،وتحولت الى تجمعات لحزب سياسي ينتمي اليه الوزير او المسؤولون الكبار في الوزارة الذين يجيدون لعبة المراوغة وعرفوا من اين تؤكل الكتف!من يحمي المواطن البسيط من الذئاب المتواجدة في بعض الدوائر والمتضامنة مع بعضها في عملية الفساد؟وتلك الذئاب البشرية تستطيع بسهولة تسخير القوانين ضد كل من يقف في طريقها الفاسد.القوانين التي من شأنها تعزيز سلطات المحققين والمعنيين بمحاربة الفساد معطلة داخل البرلمان،مما زاد من صعوبة تنفيذ الاصلاحات،وتبدو هذه الصعوبة واضحة في محاولات وزارة الداخلية التخلص من الجنود الأشباح مثلا.
توجد في العراق اليوم 33 وزارة وعشر هيئات غير مرتبطة بوزارة،لكل منها طاقم ضخم من المسؤولين والمدراء والموظفين والحمايات،بالاضافة الى موارد وتخصيصات مالية كبيرة تذهب معظمها كمرتبات او مصاريف تشغيلية.هذا العدد الهائل من الوزارات قياسا لبلد مثل الولايات المتحدة فيها 15 وزارة فقط لم يأت استجابة لمعطيات فنية او جدوى ادارية او انه انعكاس لسرعة او كفاءة في الانجاز،بل كان جزءا من عملية الترضية السياسية المتبادلة في اطار المساومات الطويلة بين الكتل السياسية التي ركزت على توزيع الحصص اكثر من تركيزها على البرنامج الوزاري واستراتيجية العمل.الاداء الحكومي قاصر،بل ان ظاهرة عدم ذهاب بعض الوزراء الى وزاراتهم وعدم حضورهم فيها يوميا ولا اسبوعيا ولا حتى شهريا وربما بعضهم لم يصل وزارته خلال سنة!باتت من المسلمات الجديدة في عهود ما بعد التاسع من نيسان 2003،ولعل الخبر الذي ورد في وكالات الأنباء عن زيارة وزير المالية السيد بيان جبر لوزارة المالية بعد التفجير الارهابي الذي حدث فيها يوم 19/8/2008 خير مثال على هذه الاعجوبة الجديدة في عالم السياسة العراقية.
البطاقة التموينية وسرقة قوت الشعب والفساد الصحي
الجهات الحكومية المتمثلة بوزارتي الصحة والتجارة حولت العراق الى بيئة لجمع كل السلع الرديئة،مما تسبب في هلاك المنتجات الوطنية لعدم قدرتها على منافسة المنتج المستورد الردئ ذي السعر المنخفض!شاي ذي برادة حديد وزيت تالف وحليب اكسباير،دواجن مجمدة تحت عناوين وماركات مزيفة،ادوية منتهية الصلاحية!..واذا كان قرار بول بريمر رقم 11 بالغاء التعريفة الكمركية احد الاسباب بحدوث الازمة الاقتصادية وما تبعها من نتائج على الاصعدة الاخرى،فان ذلك لا يعفي حكومة السيد نوري المالكي من المسؤولية والتبعات القانونية الخطيرة!
ورغم افتضاح العورة الفاسدة لوزير التجارة السوداني امام الملأ وتلاعباته بمواد الحصة التموينية،بعد ان فاحت الروائح النتنة للوزارات العراقية وظهر فسادها للقاصي والداني،فان الحصة التموينية لم تتجاوز في احسن حالاتها 4 او خمسة مواد،والتي تصل غالبا الى المواطن بأسوأ نوعياتها!وبدل تنظيم البطاقة التموينية واستثمار نظامها الجيد في سبيل تحسين مستوى المعيشة للمواطن عبر تنويع مفرداتها وتحسين نوعيتها،وعوضا عن المحافظة على البطاقة التموينية وتحسين مكوناتها ومستوى شموليتها،جرى انحسار كامل لمنافع الشعب العراقي بسبب تدخل التجار والجهات المختلفة الاخرى غير الحكومية وتحكمها بالبطاقة ومفرداتها،عدم توزيع النفط والغاز ضمن موادها في جميع المناطق رغم وجود قرار بذلك،زيادة ثمنها الى اضعاف،الترويج لفكرة صرف مبالغ مالية مقابل البطاقة التموينية،التفاوت في تجهيز مفرداتها ولا تستلم كاملة،عدم انتظام توزيع مواد البطاقة،المخالفات(التكرار)وتسلم الحصص التموينية من اكثر من منطقة،وجود اعداد كبيرة من المتوفين مسجلين لدى وكلاء المواد الغذائية ويتقاضون الحصة التموينية كل شهر!والكشف عن مئات الهويات المزورة ضمن الاسماء المشمولة بمفردات البطاقة التموينية وكان اصحابها يستلمون المفردات بشكل مخالف للضوابط..الجميع يتقاذف الاتهامات،والجميع يشفط ويلهط،الحكومة العراقية ووزارة تجارتها،مجالس المحافظات والبلدية،وكلاء المواد الغذائية،تجار الجملة والمفرد،..
من المؤسف تقليص تخصيصات البطاقة التموينية في مشاريع الميزانية الفيدرالية،وبنسب تصل الى 10% بحساب الدينار احيانا.هكذا وبدلا من تحسين مفردات البطاقة التموينية يجري شطبها!لقد انعكس التراجع الكبير في نوعية الحياة للعائلة العراقية من خلال عدم استقرار وعدم ضمان تجهيز خدمات الكهرباء والمياه،والتراجع في خدمات الصرف الصحي،وتدني مستوى السكن.وصار جليا الارتفاع المستمر الدوري لاجور النقل واسعار المواد الغذائية والسلع الاخرى.تنفق اغلب العوائل العراقية نصف راتبها الشهري على الوقود،وتسكن الدور السكنية بالايجار،وتقتني بصعوبة قناني غاز الطبخ.
لقد عمدت الحكومة الحالية على ترشيق البطاقة التموينية او ترشيدها واختزال مفرداتها في قرارات غير رسمية وغير مصادق عليها من قبل مجلس النواب العراقي،لكنها ملزمة كصكوك الغفران،لتقتصر على مواد رديئة النوعية.كما اقرت حصة لكل مواطن من الايرادات النفطية يجري توزيعها مع مفردات البطاقة التموينية!ويبدو ان الاختزال المذكور هو جزء من خطط حكومية للتغيير التدريجي في نظام البطاقة التموينية على مراحل،ما يؤدي الى الغائها خلال اعوام قلائل،تماشيا مع شروع الحكومة العراقية تطبيق بنود الاتفاقية المعقودة بينها وبين صندوق النقد الدولي والمتضمنة خطة شاملة للاصلاح الاقتصادي واعادة هيكلة الاقتصاد العراقي لضمان تحول سلس وسليم نحو اقتصاد السوق!
من امثلة الفساد قيام التجار باضافة مميزات لسلع يبيعونها وهي غير موجودة او دفع الاموال لاستخراج الشهادات القياسية او التأكيد على خلو السلع من بقايا المبيدات او مراعاتها لمتطلبات البيئة ثم يثبت عدم صحة ذلك.كل ذلك فساد تجاري واقتصادي يخلق اجواء عدم الثقة في الاقتصاد العراقي،وهو مخالفة للكود الاخلاقي الذي وضع دوليا لمكافحة الغش والفساد التجاري والذي يمكنه معالجة ممارسات غير جيدة في كثير من الانشطة.ان اكثر قضايا الغش تتعلق بالاطفال سواء كانت سلعا غذائية كالألبان او البسكويت والشيكولاته،وحتى لعب الاطفال لأنها تمثل خطورة على هذه الفئة من الاطفال.لماذا لم تستطع هيئة النزاهة الكشف عن عورات النشاط التجاري الذي يسوق البضائع الفاسدة المطروحة في اسواقنا بمئات الأطنان؟من المسؤول عن تسويق الادوية الفاسدة والمنتهية الصلاحية والمهربة التي تغرق الاسواق منذ اعوام،والتي لا يمكن استخدامها حتى في البلدان المصنعة لها لانها صنعت خصيصا للعراق؟من المسؤول عن انتشار الصيدليات غير المرخصة والبائعين المتجولين الذين يبيعون الادوية؟كيف نضع حدا لمؤسسات تدعي انها تقدم خدمات صحية للمواطنين،وهي عبارة عن دكاكين تتسول الدواء من كل من هب ودب وتعبث بصحة المواطنين بنشر الادوية الفاسدة؟
الفساد الصحي في العراق في اوجه اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الوضع المعيشي المتردي للاسرة العراقية يؤثر سلبا في صحة الطفل الجسدية والنفسية،وان الرقابة الدوائية غائبة ومغيبة،ويجري بيع الادوية التي تتعلق بالجنس والمخدرات التي اصبحت تنتشر بشكل واسع في عدد من احياء مدينة بغداد وباقي المدن العراقية واغلبها منتهي الصلاحية او فاسد!وتنتشر دكاكين اللاصحة التي تبيع الدواء ويمارس اصحابها المداواة وزرق الابر،وانتشارها يفوق انتشار محلات بيع الكماليات!بائعات الأدوية التي يطلق عليهم اسم"الدلالات"يترقبن في الاسواق زبائنهن!ومن اللافت للنظر وجود ادوية غير مسجلة لدى وزارة الصحة تأتي عن طريق القطاع الخاص ويباع اغلبها على الارصفة في ظاهرة ما يعرف ب"صيدليات الأرصفة"،وان"نسبة 70% من ادوية الصيدليات الاهلية غير مسجلة"،وشيوع ادوية مشابهة رديئة وفاسدة،مما ادى الى نشوء سوق الأدوية السوداء.كما يلاحظ ارتفاع عدد المرضى النفسيين،ومن يتعاطون المخدرات ويمارسون الكبسلة،بسبب الحروب والعنف والعوز والانحدار الصحي والاجتماعي خلال العقود الأربعة الماضية.
ومن مظاهر الازمة الصحية في بلادنا التوجهات الحكومية لتوظيف خريجي كليات الطب بنظام العقود،اي النظام - الجسر للوساطة والمحسوبية ممن لديهم اقارب او قريبين من المتنفذين في الحكومة والاحزاب فضلا عن اطلاق يد المسؤولين بفسخ عقد العمل متى شاءوا.وكذلك افتتاح جامعات اهلية غير مطابقة للمعايير الدولية للجامعات،والتي لا تشترط حصول الطالب على درجات بعينها للقبول بكليات الطب كما هو الحال في الجامعات الحكومية،لكن من يستطيع ان يدفع يحصل على الكلية التي يريدها!
الاطباء يتعرضون الى المضايقات والتهديدات بالقتل،ويتعرض العديد من الجراحين والاطباء الى المضايقات اليومية من ذوي المرضى الذين تجرى لهم عمليات جراحية(مستشفى الحسين العام في كربلاء نموذجا)،وتصل حدة التهديدات الى الفصل العشائري!ومن اللافت اتساع ظاهرة المتاجرة بنفايات وفضلات المستشفيات ليعاد استخدامها في تصنيع الادوات البلاستيكية وادوات حفظ الاغذية!الى جانب معاناة صيدلة العراق من المسخ المهني الحاد وترويج الثقافة الصحية بالمقلوب عبر البيع المباشر للادوية الى المرضى والمتمارضين دون وصفات طبية!واحجام فرق التفتيش الصحية عن زيارة المعامل الاهلية والورش الحرفية والمطاعم ومحال صناعة المرطبات منذ سقوط الدكتاتورية!مع ارتفاع اسعار الادوية وانحسار تواجدها في العيادات الشعبية،خاصة تلك المتعلقة بالامراض المزمنة!وتعاني مستشفيات بغداد نقصا حادا في كميات الدم بما فيها الانواع النادرة،وثلاجات حفظ الدم واجهزة تقطيع اكياس الدم والطرد المركزي،ومعدات فصل مكونات الدم وفحص الفيروسات فيه!
وسط الفوضى القائمة يتجه المزارعون الى زراعة نباتات الخشخاش الذي يستخرج منه مادة الافيون المخدرة،في الاراضي المروية بشكل جيد غرب وجنوب الديوانية وحول مناطق الشامية،الغماس،والشنافية.وكان تجار المخدرات قد اعتادوا على العراق كنقطة عبور لتمرير الهيروين الذي يتم انتاجه في افغانستان،ويتم ارساله عبر ايران الى اسواقه الكبرى في السعودية ودول الخليج،كما كانت اجهزة صدام حسين الامنية متورطة في هذه التجارة القذرة.العصابات التي تمول المزارعين مجهزة بشكل جيد بالاسلحة والحافلات ومنظمة ايضا بشكل جيد.
ان اكثر من 40% من العراقيين يفتقرون الى المياه الصالحة للشرب،الامر الذي يثير القلق حول سوء نوعية المياه في البلاد،التي تتعطل فيها ابسط خدمات البنية التحتية،مما يشكل مصدر خطر على صحة ملايين المواطنين.وتتجسد الأزمة الصحية في مؤشرات عديدة،بينها غياب المياه الصالحة للشرب عن كثير من المواطنين،مما يؤدي الى شيوع الامراض المعدية وانتشار الاوبئة الخطرة جراء التلوث،وارتفاع حالات التسمم الغذائي،وازدياد عدد المصابين بالامراض المتوطنة،والمصابين بالسرطان جراء التلوث البيئي الكيمياوي والاشعاعي،وازدياد عدد وفيات الاطفال عند الولادة ودون سن الخامسة،وعدد الوفيات لدى النساء الحوامل وعند الولادة،وعدم توفر مستلزمات العلاج بصورة سليمة وسريعة بعد الاصابة جراء اعمال ارهابية،ناهيكم عن شحة الأدوية الضرورية.ومما يزيد من قتامة اللوحة ان الجهاز الاداري يعاني من الفساد والتخلف وتدني مستوى الخدمات الصحية ولامبالاة"المقررين"بهذا التردي المريع،وعدم تحسسهم معاناة الملايين،طالما انهم يجدون العلاج المناسب سواء داخل البلد او في دول الجوار او دول"الحلفاء".ويصب في هذا الاتجاه ما تعانيه المستشفيات من خراب شامل ونقص في ميدان المعدات والأجهزة الطبية،فضلا عن غياب النظافة والتعقيم،وانحدار الثقافة الصحية للمواطنين،في وقت ينشغل مسؤولون في وزارة الصحة بمنهجية التسييس وصراع الامتيازات.
النفط والطاقة الكهربائية..وعود حكومية في مهب الريح
حول ديناصورات النشاط التجاري الخاص،القطط السمان والخنازير العابثة في الاقتصاد وفي التجارة على وجه الخصوص،كافة الخدمات الى بضائع مستوردة تدر عليهم ارباحا خيالية،وامام الملأ وبعلم الحكومة العراقية.وعندما تتعطل الكهرباء العامة تظهر على الفور المزيد من المولدات الكهربائية المستوردة بنوعيات رديئة وتباع باسعار مضاعفة بالنسبة لكلفة استيرادها،وكذلك الامر بالنسبة الى المحروقات التي عبَرت قصة سرقتها خارج الحدود تجوب العالم.
تؤدي انتقال المبالغ الضخمة من موقع الى آخر تحت اشراف متنفذي قطاع الكهرباء في ظل ارتفاع مستويات الفقر في البلاد الى كوارث الفساد والاحتيال والابتزاز لتداخل هذا القطاع مع القطاع النفطي اي اكثر القطاعات التي يسيل لها لعاب الكومبرادور والطفيلية العراقية والرأسمال الاجنبي.والمتتبع لأزمة الطاقة الكهربائية في العراق يضع يده على حقائق موضوعية مرة اهمها تبرير الانقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية،مستوى اداء البنى التحتية من شبكات النقل والتوزيع اسوء من التوليد،بقاء معدلات التشغيل والكفاءة التشغيلية واطئة لا تتجاوز ال25%من السعات المؤسسة،هبوط كفاءة استثمار شبكات النقل والتوزيع الى ادنى المستويات،تعمد الافراط في نصب الوحدات الغازية التي تعمل بتقنية الدورة البسيطة المتدنية الكفاءة والكثيرة العطلات والتي تحتاج الى الصيانة الدائمة،تجاهل تحذيرات المكاتب الاستشارية من ان استخدام فريم 9 بموجب تقنية الدورة البسيطة يؤدي الى انخفاض كفاءته وكثرة عطلاته خاصة عند استخدام وقود الزيت الثقيل HFO،لازال يبدد ويحرق اكثر من 28 مليون متر مكعب من الغاز/يوم تكفي لانتاج اكثر من 4000 ميكاواط من الطاقة الكهربائية على اقل تقدير،الموائمة الفقيرة بين تقنيات التوليد وانواع الوقود المتوفرة في العراق،تشغيل بعض الوحدات الانتاجية على المازوت وكلفة شراء المواد الكابحة التي تخلص التوربينات من تأثيرات العناصر المؤذية كالفناديوم المضر بريش التوربينات،شراء الكهرباء من دول الجوار لم يحل الازمة لتذهب الملايين هدرا،الفساد والمحاصصة في التوزيع،التوليد التجاري بانتشاره العشوائي وتسربل حزم اسلاكه وضوضاءه العالية وتكاليف اسعار امبيراته وابتزازه المواطنين ونهمه في استهلاك الوقود!تنامي الغش الصناعي في انتاج السلع الكهربائية،وتزايد عدد المعامل غير المجازة التي لا تخضع لأية رقابة عليها وتنتج سلعا لا تتوفر فيها المواصفات الفنية!
مسؤولو قطاع الكهرباء في بلادنا آمنوا من المساءلة والحساب والعقاب،وان حدث فان شماعة الارهاب والوضع الامني المتردي والامكانيات المتواضعة هي الاغنية التي يرددونها على سؤال السائل ويصمتون بها الاعلام الشقي،ولا توجد قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين والفاسدين في وزارة الكهرباء،بينما يتوافق الغش والاختلاس والتواطؤات واساليب الخداع مع المقاولات الأهلية لتخسر الدولة عبرها اموالا لا حصر لها.في هذا الاطار ومن هذه الزاوية تدرج عقود الصفقات المليارية لمشاريع يشاع انها ستزيد انتاج الطاقة الكهربائية،والتسابق على عقد الاتفاقيات مع الشركات العالمية الهالكة،والسعي لتوقيع العقود باسعار خاسرة!
حولت الكهرباء العراق الى اضحوكة في العالم لعدم وجود دولة انفقت على الكهرباء كل هذه المبالغ ولم يتمكن مواطنها ان يتنعم بالكهرباء!ان كل ميكاواط من الكهرباء في السوق العالمية تبلغ 850000 دولار منصوبة وجاهزة،فأين ال 11 مليار دولار التي سلمت من البرلمان لوزير الكهرباء التي كان يمكن ان تنعم بما لا يقل عن 8000 ميكاواط على الاقل!؟اين ذهبت الأموال؟واين ذهب الكهرباء؟!والانكى من ذلك كله ان وزارة الكهرباء تنحي باللائمة كعادتها بتراجع معدلات انتاجها للكهرباء على وزارة النفط التي لا تزود محطات توليد الطاقة الكهربائية بما تحتاجه من وقود تشغيل!
ما ينطبق على الكهرباء ينطبق على النفط،ولم يتمكن الوزير الشهرستاني ان يحفر بئرا واحدا جديدا للعراق،بل تمكنت وزارته التي ظلت امثولة في ابشع فساد شهده القطاع النفطي في تاريخ العراق الحديث من ان تطمر اكثر من 380 بئرا لغاية عام 2008،ووزارة النفط لم تشيّد اي مشروع استراتيجي او نصف استراتيجي.ولم تشهد السنوات الماضية تشييد مصفاة واحدة في العراق،على الرغم من العروض المغرية التي قدمتها شركات عالمية لانشاء مثل هذه المشاريع.واسهم الغاء لجنة الشؤون الاقتصادية وتحويل صلاحياتها الى الامانة العامة،في اتساع رقعة الفساد.ان معظم العقود الضخمة تبرم دون السماح للجهات الرقابية،خصوصا هيئة النزاهة،بالاطلاع او التحقيق فيها.اين المال الذي تم انفاقه على وزارة النفط؟لقد وقعت الحكومة العراقية مؤخرا عقود في آن واحد مع شركات كبرى لاستثمار حقول نفط منتجة اصلا او جاهزة للانتاج،وصنفتها ضمن عقود الخدمة برسوم ثابتة اجحافا وتهربا من الغضب الشعبي،بعد ان حرفت لصالح الشركات النفطية لدرجة انه ليس لها نظير في عالم النفط اليوم،وتبقى تتماشى مع العولمة الراسمالية،تمهيدا لالتحاق النخب الحاكمة في العراق بالفكر الليبرالي الجديد،وبالتالي مزيدا من الفساد الاداري والمالي.ويبدو ان المعارضة الشعبية لنظم المشاركة اجبرت الحكومة التوقيع على عقود خدمة صورية،لانها في حقيقة الامر اتفاقيات شراكة ذكية،تعني ان الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تبقى مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود.
وعقود الخدمة الجديدة على الطريقة الشهرستانية،حالها حال نظم المشاركة،هي انتزاع لحقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها،ولكن باسلوبا ملطف!الحكومة العراقية تضيع اليوم التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،وتعيد سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق،بالوقت الذي ستحافظ على مصالح الشركات الاجنبية.وهنا يكمن الفساد الاعظم لأنه انتهاك للمصلحة العامة!والذي ينمو من خلال الحصول على تسهيلات خدمية تتوزع على شكل معلومات وتراخيص!تمييزا له عن الفساد الضيق او الاصغر!ويبقى التساؤل هل ان" فضيحة اكتشاف مرآب كبير بالقرب من مصفى الدورة في بغداد يستخدم لتهريب المنتجات النفطية من المصفى،والذي اكتشفته شرطة النفط بالتعاون مع المفتش العام بالوزارة"تصنف ضمن الفساد الكبير ام الصغير!
الفساد علاقة وسلوك اجتماعي،يسعى رموزه الى انتهاك قواعد السلوك الاجتماعي،فيما يمثل عند المجتمع المصلحة العامة.لهذا يصنف المختصون في قضايا الفساد انواعه الى واسع وضيق،فالفساد الواسع هو انتهاك المصلحة العامةاما الفساد الضيق فهو قبض الرشوة مقابل خدمة اعتيادية بسيطة،اي عندما يقوم موظف بقبول او طلب ابتزاز(رشوة)لتسهيل عقد او اجراء طرح لمناقصة عامة مثلا.كما يمكن للفساد ان يحدث عن طريق استغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء الى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب ضمن منطق(المحسوبية والمنسوبية)او سرقة اموال الدولة مباشرة(كما اشرنا لها اعلاه).لماذا اصبح في العراق اكبر فضيحة فساد في التاريخ؟ولماذا تعبق الاجواء العربية والعالمية برائحة الفساد النتنة والنافذة التي تزكم الأنوف،من حين لآخر في العراق؟
ان فرصة القوى السياسية المتنفذة في تنفيذ وعودها كانت كبيرة نظرا الى الامكانيات التي توفرت لها،والمؤسف انها لم تحقق ما يسر المواطن كي يفخروا ويتباهوا به.وحين لم تجد في خطبها المستمرة ما يعرضونه على انه منجز،استعارت خطاب المعارضة،عسى ان تمرر هذه المرة ايضا خدعها على المواطن.الا ان خطاباتها وتصريحاتها لم تعد تنطلي على المواطن الذي اكتوى بمرارة المعاناة وذاق الأمرين!
العملية التعليمية التربوية وارتفاع نسب الرشى والابتزاز
سببت الفردية التي اتسم بها حكم نوري المالكي ومظاهر استشراء الفساد المالي والاداري والانقسامات الحادة داخل الحكومة نفسها الانعكاسات الضارة على العملية التربوية التعليمية وتردي مستوى المؤسسات التعليمية والنقص الحاد في البنى التحتية وعدم قدرة الوزارات المعنية على رسم سياسة تعليمية علمية واضحة،فاغلب القرارات كانت اعتباطية تصدر اليوم لتعدل غدا.ولم تبني وزارة السيد خضير الخزاعي طيلة فترة الحكومة العراقية المنتهية صلاحيتها سوى 26 مدرسة!بينما قررت بعض ادارات المدارس المتوسطة والثانوية/المسائية الابداع في فسادها المالي الجديد عبر زيادة اجور الدراسة بداية العام الدراسي 2009- 2010 بمقدار 20000 دينار للدراسة المتوسطة و 30000 دينار للدراسة الثانوية.تعددت فضائح الفساد!ومنها التلاعب الخطير في سجلات طلبة جامعة بغداد،وبيع درجات الطلاب المتفوقين والناجحين لافراد او طلاب حصلوا على درجات ضعيفة!وموظفين وبعض السياسيين في دوائر الدولة لغرض الحصول على البعثات والزمالات الدراسية والايفادات!
ولم تعمل وزارة التربية بأي ضوابط رادعة لكي تحد من ظاهرة عدم مبالاة المعلمين بصفوفهم في سبيل الضغط على عوائل ذوي الطلبة كي تستخدمهم بأجور عالية في الدروس الخصوصية،ولم تحل مشكلة المعلمين واجورهم المنخفضة جدا،والتي تشجع الكثيرين منهم على اللجوء لأساليب بعيدة عن رسالة التربية والتعليم من اجل ان يؤمنوا مصاريفهم،بينما حرمت وزارة التربية المعلمين الذين يتم تنسيبهم لمناطق بعيدة عن سكناهم من مخصصات النقل،ولا توفر لهم وسائل نقل وتجبرهم على تحمل هذه المصاريف!بينما التعيينات والتوظيفات في وزارة التربية كانت الاكفأ في مضمار اشتراطها رضى حزب الخزاعي وتحرك المال في جيب المواطن للانفاق على الموظف الفاسد من اجل ترويج معاملة ما!!ووصلت نسب الرشوة في التربية والتعليم مدياتها القصوى اذا اخذنا بنظر الاعتبار الرشوة كفساد يطلق على دفع شخص او مؤسسة مالا او خدمة من اجل الاستفادة من حق ليس له،او ان يعفي نفسه من واجب عليه!وفي جريمة الرشوة ينبغي التطرق الى جريمة الراشي وجريمة المرتشي في آن.
المؤسسات التعليمية والجامعات العراقية تفترشها الكراريس والكتب الطائفية،ولوحات الاعلانات فيها محملة بالفتاوي البليدة!والاعتداءات الاجرامية والاختطافات والاغتيالات طالت الاكاديميين،والتفجيرات الارهابية تطول الجميع!(اطلاق حماية الخزاعي النار على الطلاب في قاعات كلية التربية الاساسية في حي سبع ابكار بعدما احتج الطلاب على تأخر موعد الامتحان حزيران 2008،وعملية الاخلاء القسرية لبناية الاقسام الداخلية في كلية الهندسة الثانية/الخوارزمي التابعة لجامعة بغداد في الجادرية صباح 18/9/2008).كما تضررت العملية التربوية التعليمية بفوضى ادارة العمل في الجامعات العراقية التي باتت العوبة بيد التجمعات الطلابية التي ترتبط بشخصيات وحركات سياسية متنفذة بالسلطة،تقيل وتعين رؤساء الاقسام والعمداء وجميع المواقع الادارية في الجامعات وفق مزاجية نادرة وتنفيذا لارادة حمقاء جاهلة!رؤساء جامعات يسيئون الى المحيط الاكاديمي ومقامه الرفيع ويتنكرون للتراث الاكاديمي الوطني بتشبثهم بالمناصب حالهم حال مرتزقة السياسة(ارتزاق سياسي يعطل الدراسة في الجامعة المستنصرية ويعتقل طلبتها لأتفه الاسباب)!
من مظاهر الفساد في العملية التربوية التعليمية قيام السيد حسين الشامي المستشار الثقافي للسيد نوري المالكي بالاستيلاء في عهد مجلس الحكم على جامعة البكر،واعطائها اسم جامعة الامام جعفر الصادق(ع)،وحين انهى مهامه في الوقف الشيعي وبعثات الحج اعلن ان الجامعة اهلية يملكها شخصيا!وما زالت الجامعات والمدارس عموما تطبق طرق تدريسية بالية غير متحضرة،والصفوف تضيق بطلابها والمناهج متخلفة والاقسام الداخلية أشبه بالسجون.ويؤكد مدير قسم الصحة المدرسية في وزارة التربية ان نحو 30% من الأبنية المدرسية التابعة لها،على نطاق رقعة العراق الجغرافية والمقدر عددها بـ 15 الف مدرسة،تمتلك دورات مياه غير صالحة للاستعمال،و صور الطاغية صدام وافكاره منتشرة في الكتب الدراسية!
لا زال التعليم،وخاصة التعليم العالي والبحث العلمي،بعيد عن حاجات البلاد وامكاناتها وآفاق تطورها،تسوده مظاهر الاجواء المعيشية الصعبة للكفاءات العلمية وتسربها الدائم الى الخارج،وتذمر الاكاديميين العائدين من الخارج من انعدام الوظائف والاجراءات الروتينية والاستقبال الفاتر وتأخير تعيينهم،معاناة السلك التدريسي والتعليمي من انصاف المتعلمين والمثقفين والعناصر التي تمارس دورا مخابراتيا وتجسسيا،ارتفاع نسب الامية،انقطاع الطلبة عن الدراسة!واستمرار التسرب الدراسي لدى طلبة الدراسة المتوسطة والاعدادية،تصاعد استثمارية التعليم الاهلي ومحاولات احتواء المعلم والمدرس صاحب الرسالة التعليمية في دائرة اية مدرسة تدفع اكثر،تصاعد استثمارية التدريس الخصوصي عن طريق المجموعات والدفع بالعملة الصعبة!،الرسوم التعجيزية على كل المستويات ابتداءا من الكليات والمدارس المسائية لتشكل عبئا ثقيلا على اكتاف الفقراء والمعدمين!،استمرار الفصل بين الجنسين في المدارس الابتدائية واستياء الطالبات من استمرار القيود التي تفرضها جهات متنفذة داخل الحرم الجامعي على حريتهن في ارتداء الازياء والزامهن بالتحجب!،الاقحام الدائم للدين في حياة الاطفال وفرض الحجاب،عمالة الاطفال والمعيشة في الشوارع والأيتام والأطفال العجزة والاطفال الذين تتناقض اوضاعهم مع القانون،تواضع المكتبات العامة في المدن العراقية.
الميزانية خيالية ورئيس الوزراء يشكو من التآمر عليه!
لو استقطعنا المبالغ المصاريف التي لا علاقة لها بحكومة السيد المالكي وهي مبالغ السلطات الفيدرالية الكردستانية ورئاسة الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى ومجلس النواب وغيرها من الدوائر غير المرتبطة بالحكومة،وكذلك المنح الدولية الضخمة التي دخلت في مجال مساعدة المؤسسات الحكومية،فان مجموع المتبقي يضاهي 195 مليار دولار!ميزانية وموازنة مالية عامة خيالية في تاريخ العراق السياسي الحديث والمنطقة ما عدا بعض دول الخليج!هل كانت هذه المبالغ قليلة لكي يشكو السيد المالكي وباستمرار من تآمر مجلس النواب عليه؟هل ياترى ان هذه المبالغ لم تكن كافية ما يمكن الحكومة العراقية تحسين اوضاع الكهرباء والصحة والبطاقة التموينية والنفط والأمن والتعليم وشبكة الحماية الاجتماعية والتربية وتحقيق فرص عمل اكثر للعراقيين؟
وفق التقارير المعتمدة لهيئة النزاهة،فقد بلغت خسائر العراق منذ سقوط النظام الدكتاتوري حتى يومنا هذا 250 مليار دولار بسبب تفشي ظاهرة الفساد المالي،وخسر العراق خلال هذه الفترة 45 مليار دولار من تهريب النفط الخام و 45 مليون دولار من تهريب المشتقات النفطية،وجرى حرق 600 مليون متر مكعب من الغاز سنويا دون ان ترف لها جفون قادة عراق اليوم.وتم انفاق 17 مليار دولار على قطاع الكهرباء خلال نفس الفترة،والكهرباء تسير من سئ الى أسوء!رغم تحسن الوضع الامني بشكل كبير في كثير من مناطق العراق وانخفاض العمليات العسكرية.
برلمان عجائب ومجالس محافظات تضحك الثكالى!
اولى المواضيع التي تناقشها البرلمانات العراقية في الاجتماعات الاولى لها هي رواتب النواب وتقاعدهم وامتيازاتهم الشخصية!في حين ان عددا كبيرا من النواب لا يحضر الا الجلسات الأولى حيث يغادرون ولا يرجعون بعد ذلك،رغم انهم مستمرون في تقاضي رواتبهم وملحقات رواتبهم،والتمتع بامتيازاتهم!وهناك عدد كبير آخر يتغيب عن اكثر الجلسات نتيجة طبيعية لنهج المحاصصة الطائفية المذهبية!وتنقسم البرلمانات العراقية الى مجموعة من السياح تقضي ايامها خارج البلاد متمتعة بامتيازاتها،وقسم آخر يعيش التجاذبات ومحاولات عرقلة ما يقترحه الآخرون،ليتعطل اصدار اهم القوانين ولتتلكأ العملية السياسية!وليصبح التجاوز على الدستور امرا يسيرا،ولتتعرقل اجواء الاحصاء العام وازاحته الى الخلف،رغم ان الاحصاء السكاني يوفر قاعدة بيانات لا يمكن الاستغناء عنها في مختلف جوانب نشاط الحكومة.
لم يكتمل نصاب البرلمان العراقي منذ تأسيسه بعد 9/4/2003!ويتعطل امرار الكثير من القرارات بسبب عدم اكتمال النصاب نتيجة تغيب اعضاءه عن الحضور الى قاعة البرلمان.ويلاحظ تغيب الكثير من اعضاء هذا البرلمان عن الحضور،بل يقتصر الحضور في كل جلسة على اعضاء عرف اغلب الشعب وجوههم،اما البقية فربما بعضهم لا يحضر الا لاستلام راتبه الشهري اذا لم يبعث"حضرته"سكرتيره او احد اعضاء حمايته لاستلامه!
النائب في البرلمان يتقاضى مبلغ قدره 25000 دولار اي ما مقداره 30 مليون عراقي.النائب في السنة يحصل على 300000 دولار/اي مجلس النواب يكلف في السنة 140 مليون دولار،والوزراء 200 مليون دولار،ومجموع ما يتقاضاه المسؤولون في الدولة نحو 250 مليون دولار.هذا يحدث مقابل بطالة كاسحة في المجتمع العراقي فضلا عن وجود عوائل تحلم ان يدخل لها في الشهر 200 او 300 دولار،وهو امر يضاف الى قائمة الغرائب في الوضع العراقي الجديد!
ان الكوارث والخطايا التي وقعت امام انظار البرلمان طيلة الاعوام الماضية،وهو يتفرج عليها بدم بارد،تدفع الشعب العراقي الى محاسبته،ومع كل هذا يطالب النواب دون ملل وكلل بامتيازات اضافية.كل القضايا يحولوها الى مشاكل عصية وتجاذب،يغتالون الوقت الثمين،حتى علم الدولة والشعار والنشيد الوطني يحشرونها في زوايا الاستعصاء،يتخبطون،يتركون واجباتهم ازاء الشعب ويهرعون يتسابقون الى بيت الله الحرام،ليضمنوا جنة الآخرة بعد ان ضمنوا جنة الدنيا!انهم مسؤولون مسؤولية كاملة عما آلت اليه البلاد من خراب،والمجتمع من حياة ملؤها المرارات!
كان مجلس النواب في معظم مواقفه انتهازيا ونفعيا،بعد ان وضعت الامتيازات التي حصل عليها اعضاءه في موقف الساكت عن الحق،حفاظا على ما حصل عليه من دولارات خضر براقة،ناهيك عن الاطراف البعثية التي تم حشرها داخل المجلس المذكور باسم المحاصصة القومية والطائفية.ان تجربة البرلمان العراقي اثبتت بالملموس ان بعض النواب جاء لجني الارباح وتقديم مصالحه على مصالح ابناء الشعب،محولين البرلمان الى ناد للمعارك السياسية الجانبية ولمصالح فئوية ضيقة.ومن الطريف ان الشبهة والاقصاء بقى محصورا فقط بالانتماء الى الحقبة السوداء وحزبها ومؤسساتها،ولم تؤخذ بنظر الاعتبار النزاهة المالية والمصداقية في التعامل والطهارة الاجتماعية ومدى صلاحية المرشح وطنيا واخلاقيا!واذا كانت كثير من مفاصل الدولة تعج بالمشبوهين سياسيا وماليا وتأهيليا واجتماعيا وامنيا،فانه من الكارثة والمأساة والاحباط ان يكون مرجعنا في الحكم والتشريع مرتعا لمجموعات من اولئك المشبوهين والمرتشين بعد اعوام كافية من التجربة والممارسة.
اما مجالس المحافظات فهي تمارس اللعبة ضمن مستوياتها الادارية.لكل محافظ نائبان،واحيانا لكل مدير نائبان،وربما لكل نائب نائبان،وهذه المجالس تبدأ اعمالها بأجندة تتصدرها قضايا مثل اعمار المحافظة وبناء المستشفيات وجامعة جديدة وشوارع جديدة واستثمارات ضخمة ومطارات،وتنتهي غالبا على نزاع حول عدد رجال الحماية والسيارات لكل عضو.هكذا سمعنا كثيرا عن مترو بغداد العتيد الذي تحدث عنه كل محافظي بغداد قبل ان يرحلوا دون ان نرى شيئا منه،سمعنا عن مطارات كبرى ستبنى في مدن لا يملك سكانها ماء صافيا وعن مجمعات تجارية ضخمة في اماكن تمس حاجتها لسكن مناسب يؤوي فقراءها.
القوات المسلحة والارهاب والغثيان
يشعر المواطن بالغثيان مما يجري في العراق الراهن ومن السياسات الحكومية ومن الخطب النارية،خاصة في فترة الحملات الانتخابية،والتي غالباً ما تحمل وعودا فارغة من لدن الحاكمين،بينما الارهاب الاسود ما زال يستفيد من فوضى الاداء الحكومي!ويحصد يوميا العشرات من الابرياء الآمنين!وقد سميناه الارهاب الاسود تمييزا له عن الارهاب الابيض اي الفساد- هذه المؤسسة التي تمتلك ادواتها التي تستقطب ضعاف النفوس والباحثين عن الثراء في مرحلة الانهيار السياسي والقيمي والوطني.ولا تمض ساعات قليلة على تصريحات بعض مسؤولي الامن في بلادنا يزكون فيها كفاءة اجهزتهم الامنية ومعدات كشف المتفجرات،حتى تهزّ قلب بغداد والمدن العراقية الانفجارات الكبيرة والتي تحصد ارواح العشرات من الابرياء،ما يجعل تبريرات المسؤولين مضحكة ومبكية في آن.
من غرائب الامور انه لا يمر يوم دون ان تعثر قوات الحرس الوطني والشرطة والقوات متعددة الجنسية على مخابئ الاسلحة والذخيرة العسكرية في ارجاء بلادنا،ولازال العراق البلد الوحيد من بين دول العالم يمتلك الاسلحة المتنوعة وغير المرخصة خارج الثكنات العسكرية،واكثرها بيد الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة وبعض البالغين مما هدد وتهدد هذه الاسلحة أمن المواطنين بسبب عدم شرعيتها!ويستغل مهربو الاسلحة عدم وجود معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة في الشرق الاوسط،لانتزاع اقصى الارباح من توريد الاسلحة الى العراق وعرضها في السوق السوداء،التي باتت تعج بالاسلحة الخفيفة والثقيلة وتحت مرأى وسمع الحكومة العراقية والدول الاقليمية.
ومن غرائب الامور ايضا انه بعد تشكيل مجالس الاسناد كاجراء غير دستوري ويتنافى مع القانون مما اثار الشكوك حول طبيعة تشكيلها كونها ليست تابعة للدولة ولا لوزارة الداخلية!باتت الصحوة تساهم في العملية السياسية والانتخابية الجارية اليوم،ومعضلة حقيقية يفكر البعض بدمجها بالاجهزة الامنية والاستفادة من عناصرها في الجهد الاستخباراتي!وتتجاوز هذه المجالس في مهامها تسليم المطلوبين والتائبين عن العمل مع الميليشيات لتتعهد بمساعدة الدولة في فرض القانون!هذه المجالس العشائرية بدأت كتشكيلات مسلحة بسيطة وتطورت تدريجيا،حالها حال بقية الميليشيات،لتعمل خارج اطار القانون شئنا ذلك ام ابينا!.هل شراء الذمم وتأسيس مجالس عشائرية لاغراض انتخابية ممولة من الدولة العراقية تناسب اخلاقيات الشعب العراقي؟...
ومن غرائب الامور ايضا ان الحكومة العراقية لم تقدم اية معلومات واحصائيات مفيدة عن اعداد المعتقلين والمفقودين،بينما لازال الآلاف من الموتى يدفنون دون ان يتعرف ذووهم عليهم!حيث يتم جمع الموتى عندما يصلوا الى عدد معين في ثلاجات دائرة الطب العدلي ثم يتم نقلهم الى النجف وكربلاء لدفنهم من قبل متطوعين.لقد عادت الميليشيات التي كانت قد هربت الى ايران واماكن اخرى داخل العراق الى الظهور ثانية في بعض المدن العراقية كالبصرة.وثمة مؤشرات على انها عادت من اجل الانتقام ممن حاربها او ساعد على طردها!ومنذ شهور تسجل مؤشرات عديدة على تنفيذ عمليات قتل سياسي لم يعلن عنها،فيما يقوم مسلحون على دراجات نارية بفتح النار ضد اشخاص بعينهم!وتزداد مخاوف الاقليات الدينية في البصرة بعد ان هوجم العديد من افرادها،لاسيما محلات المشروبات الكحولية.عرّابو الارهاب لا يتوانون عن ارتكاب المجازر،ولا يرتجى منهم اصلا اعتبار حياة الابرياء،لكن الكارثة التي ترهق وجدان الصامتين هي استغلالهم في لعبة تصفية الحسابات السياسية،من يربح اكثر من خساراتنا؟
مصالحة..مصارعة..مناطحة..مناكحة
المصالحة الوطنية تستدعي رفض اي تهميش او اقصاء لجهد وطني يدين العنف ويبدي استعدادا لحوار حقيقي،الامر الذي يعني التمييز بين رموز النظام البائد وجلاديه وبين اولئك الذين انضموا الى البعث مرغمين او ساعين الى سبل عيش ومواقف انتهازية،عودونا عليها في مختلف العهود السياسية.واجندة المصالحة الوطنية تستهدف النمط الاخير لتوفر له فرص التراجع والتخلي عن ارث الماضي،وادانة النظام البائد وحزبه وممارساته،واعلان نبذ العنف!وان أية مصالحة تعد ضربا من اوهام ما لم تؤد الدولة ما بذمتها لضحايا الدكتاتورية!وهذا الذي لم يجر الى يومنا هذا!بل كان العكس،مثلما حدث مع تغيير النص الأصلي لمشروع القانون المرسل من قبل مجلس الوزراء والمتضمن شمول السجناء السياسيين لعام 1963(مجلس الوزراء كان قد ارسل صيغة قانون اخرى غير التي تم توزيعها على النواب،وكانت الصيغة السابقة قد حظيت بموافقة مجلس شورى الدولة وتحديدا في تضمنها الاشارة الى الضحايا الذين تضرروا من الانظمة السابقة منذ عام 1963،وهو الأمر الذي ينصف شريحة واسعة من المواطنين العراقيين الذين استمر الضيم والظلم يتعقبهم طوال المرحلة المنصرمة).
اين مصير آلاف الخطابات والبيانات التي اصدرها حكام العراق على ضرورة احقاق الحق ومحاسبة المجرمين ومن تلطخت ايديهم بدماء العراقيين،وهل ان صدام لوحده يتحمل مسؤولية الدمار الذي احاق بالبلاد والعباد،وان جميع الجرائم ارتكبها لوحده دون مساعدة من زمرته الاجرامية؟ولماذا يطلق سراح القتلة بناء على تسويات بين الجهات العليا التي لم تتضرر من البعث بل استفادت من سقوطه بما حصلت عليه من مكاسب وامتيازات وسلطة لم تكن تحلم بها في يوم من الايام؟هل يتصورون ان الشعب لا يدري بطبيعة الحلف المعقود بين قوى السلطة وممثلي البعث وافساح المجال لهم بالمشاركة بالعملية السياسية تحت واجهات جديدة قديمة ليأخذوا حصتهم من الكعكة العراقية ويتقاسم فيها المخانيث ممن لفظهم الشعب وعرف حقيقتهم الفجة؟
هل هناك بعثا نظيفا وآخر ملطخا بالوحل،لأن الجميع على ما عرفناهم وخبرناهم ابناء امة واحدة ابيضهم اكثر دعارة من اسودهم وكلهم واحد في الاجرام،وان من ارتكب المجازر منهم بعد شباط 1963 عاد بعد 1968 ليرتكب ابشع الجرائم بحق العراقيين،وهاهم قتلة شباط لا زالوا يتنعمون بما كنزوا من اموال وما حصلوا عليه من امتيازات!ولا زال ضحاياهم مهاجرين مهجرين في دول اللجوء السياسي،فهل جرى انصاف المهاجرين واعادتهم الى بلدهم ومنحهم حقوقهم القانونية حتى يجري التفكير بانصاف من ظلمهم؟
الخصخصة والفساد الاقتصادي
علمتنا التجربة التاريخية جدل التفاعل البناء بين المصلحة الوطنية العامة والمصالح الخاصة لمواجهة جدل التخلف،والدولة هي الضمانة الأساسية للمصالح الاقتصادية الوطنية،اما الخصخصة فإلغاء لهذه المصالح وحمايتها،وعموما فان المؤسسات الحكومية في بلادنا تواجه معضلات ليست من طبيعتها.ان مجرد ابداء الاستعداد لبيع الدولة بعض من مؤسساتها الاقتصادية يخلق بحد ذاته الحافز الكبير للفساد والافساد.
لقد شرعت السلطات البائدة قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 لاغراض تحويل نظم الملكية الجديدة الى آلية للتهريب القانوني المنظم نحو الخارج وخطوة متقدمة باتجاه الخصخصة(Privatization)،بينما استلزم هذه النظم الجديدة اصلا ميكانيزم التكامل المرن والدرجة الرفيعة من الدقة والتنظيم،دليلها القطاع العام نفسه وتجاربه في التخطيط والتنمية والاعمار والادارة لتحجيم ميلها الطبيعي نحو الكسب الشخصي والفردي والمصلحة الخاصة الضيقة!وفي هذا الاطار،شرعت منشآت القطاع العام بالتحول الى نظام ادارة الشركات وفقا للقانون منذ 1/1/ 1998 بدعم لا محدود من النخب الحاكمة والاوساط المتنفذة المرحبة،رافقتها دعوات للخصخصة في اجواء مشبعة بالاحتقان والتوتر السياسيين والضغط الدولي بحكم الوصاية الدولية وبزوغ فجر الدولة الكومبرادورية الحارس الامين على مصالح الرأسمال الاجنبي.
لا يعني اعتماد آليات السوق اطلاقا خصخصة او تأجير القطاع العام او الخضوع لوصفات البنك الدولي والمؤسسات الرديفة،بل هو اعتماد آلية العرض والطلب لتحديد قيم السوق والخدمات المتبادلة في السوق وتوزيع الموارد المتاحة بين القطاعات الاقتصادية.ولا يلغي اعتماد آليات السوق وظيفة الدولة التي تتحكم بالسياسة النقدية والمالية وتحد من تقلبات الأسعار في سبيل مرونة السوق،وتأمين توازن ميزان المدفوعات،واليقظة من التوغل الاحتكاري،وتأمين مستلزمات المنافسة الاقتصادية المشروعة،وبسط سيادة القانون في حسم النزاعات التعاقدية.
عندما يتولى القطاع الخاص ادارة مؤسسة في القطاع العام،يجري التنافس عادة على اسعار السلع والخدمات عبر البورصة واطلاق الاسعار حسب العرض والطلب.ويتاح عادة للمستهلك الكبير حرية التعامل مع اية شركة تتيح له بالنهاية السعر الارخص!وفي القطاع الخاص تحاول الشركة ذات العلاقة وبما لديها من تكنولوجيا ان تنتج سلعها وخدماتها بأساليب اقتصادية تتيح لها تخفيض السعر كي تمتلك الأولوية في البيع للشركة القابضة التي تقوم هي ايضا ببيعها لشركات التوزيع،وتختلف الارباح حسب المواقع الجغرافية والبيئية.ويجري تقييم اصول الشركات عبر المكتب الاستشاري الخبير المركزي ليجري اختيار المستثمر الرئيسي لشراء النسبة التي يتم طرحها للأكتتاب العام على هيئة اسهم،حيث تظهر اهمية البورصة في تحديد الاسعار!والمعروف ان يجري طرح الشركات للبيع بنسب تتناسب مع قيمها الحقيقية لتجنب الاضرار بالشركات والمشترين معا!ومن الضروري ان تجري مراقبة كفاءة واسعار السلع والخدمات في فوضى السوق الوطنية،وان تلتزم الشركات بالقوانين الوطنية لاسيما تلك المتعلقة بحماية البيئة ووضع الضوابط التي تكفل المنافسة المشروعة ضمانا للنفع العام،ويجري تنظيم منح تراخيص انشاء وتشغيل وصيانة المشاريع.ولا تولي الانظمة الرأسمالية عادة اية اهمية لهذه المعايير بل تتجاوزها جشعا بالربح السريع واغتصاب فائض القيمة الاجمالي.
في الخصخصة يتآمر الرأسمال الاجنبي بالسطو على اموال الدولة والاستيلاء على دخولها!لتكون مؤسسات التمويل الدولية صمام امان توسعه!وتتجلى المفارقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالخصخصة في انها لا تسعى الى التغلب على الازمة الهيكلية للرأسمالية بل نصرة سياسة ادارة الازمة لا غير،او تحسين اسلوب الادارة من خلال ما تتضمنه تشريعات قطاع الاعمال من حرية و مرونة!
حددت البريمرية ثلاث شروط لتحقيق النمو الأقتصادي في عراقنا:
اعادة توزيع اجمالية للموارد والافراد بابعادهم عن سيطرة الدولة الى المؤسسات الخاصة!
تعزيز التجارة الخارجية!
تحشيد الرأسمال الوطني والأجنبي!
بجلاء البريمرية تعني تحويل العراق الى سوق حرة مفتوحة للبيزنس و بيعه بالخصخصة أي ليس اعمارا بل نقض الاعمار.الخصخصة البريمرية هي قنونة الاوضاع الفعلية المستمرة منذ سنوات في بلادنا لتكريس وتأصيل البرقرطة في الظروف التاريخية الجديدة ولتتقاسم البورجوازية البيروقراطية والطفيلية والكومبرادورية الكعكة – كعكة الامتيازات والهيمنة والنفوذ – وعلق فتات الرأسمال الاجنبي ولجم سخط الشعب وجماهير الشغيلة.وتفسر الغوغاء الخصخصة على انها استعادة املاك اوقاف مفقودة!والحقيقة ان الخصخصة هي اغتصاب في وضح النهار لأملاك الشعب العراقي وتثبيت لمواقع المرجعيات الفئوية للهيمنة في الحياة الاجتماعية!فالبريمرية باختصار رهن و بيع لممتلكات الشعب العراقي ومستقبل العراق للشركات الاجنبية او لعراقيين يعملون كواجهة لها.وحقول ومصافي النفط ومحطات توليد الكهرباء وشبكات توزيع الكهرباء هي من الممتلكات والموارد العامة المخطط بيعها بالتدريج والمرغوبة من قبل الشركات الأمريكية والغربية.وتسمح البريمرية بامتلاك الشركات الامريكية ل 100% من قيمة المشروع،وحق الشركات الامريكية في تحويل 100% من ارباح المشروع خارج العراق،الى جانب بيع الشركات بسعر لا يتناسب مع سعر اصولها الحقيقية لصالح جهات او افراد من رجال الاعمال او الشركات الكبرى التي تدفع في سبيل ذلك بسخاء وعدم الافصاح عن اسباب البيع او هوية المشتري.وتستخدم البنوك الأمريكية ودائع العراقيين لتسليف الحكومة العراقية وجني الأرباح والفوائد.
مما سبق يتبين ان بيروقراطية القطاع العام والادارات الحكومية في العراق ليست اقل ثقلا من مخاطر القطاع الخاص والخصخصة في تشويه معدلات النمو،وكل ما يواجهه القطاع العام من معضلات مفتعلة ليست من طبيعته ومعظمها من آثار الجهاز المركزي البيروقراطي الفاسد،وقد لاح اجزاء واسعة منه العفن بسبب النشاط الطفيلي الابيض والاسود.ويغلف الطابع السياسي الاجتماعي دور القطاع العام بينما يقف طابع الربحية في خلفية النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص والأهلي والتجاري دون ان يعني ذلك ضياع الدور الوطني للقطاع الأهلي.وتؤكد العقلانية امكانية اختراق الاستثمارات الاجنبية والنفوذ الاجنبي القطاع الخاص،وذلك اسهل من اختراق القطاع العام.
وبينما تضمن الخصخصة اتباع مبدأ الربح والخسارة لتحديد اجور الخدمات المقدمة الى المواطنين لتؤدي الى عجز الاعداد الواسعة منهم ليقعوا فريسة القطاعات غير الحكومية التي يتقوى عودها في عهود الاحتلال وتطبيق سياسة الليبرالية الجديدة،ادعى منظرو الاقتصاد في حكومة نوري المالكي ان القطاع الخاص في عهدهم لم يتحرك وفق آلية الاسعار والربح والاقتصاديات الرأسمالية بل وفق الاحكام والقيم التي تنظم عمل اقتصادهم الفريد من نوعه،وعبر ضوابط تشريعية وقيمية اخلاقية دون اغفال آلية السعر والربح!واهم ضوابط منظومة قيمهم الاخلاقية العقيدة التي تدعو الى الفلاح وتحريم الربا والنهي عن المنكر والاذى والغدر!واثبت التاريخ ان هذه القيم منهم براء!وفي اقتصادياتهم تلقى التجارة التي تقف في طليعة التراتبية المهنية التشجيع في عدم التسعير،وترك الاسعار خاضعة لأوضاع السوق،وتشجيع الاحتكار،مما يسهم شئنا ام ابينا في تعميق التفاوت الاجتماعي وتوسيع نسب التضخم والتمركز المالي!.لقد اوكل منظرو اقتصاد الحكومة المنتهية اعمالها للقطاع الخاص مهمة طوباوية تحقيق التوازن الاجتمااقتصادي والاخلاقي،كما اغفلوا المضاربات التجارية الدولية التي تسرع من نمو الروح الرأسمالية لدى النظام الحاكم في بلادنا ونخبه الأرستقراطية والاستحواذ على تراخيص التجارة مع الجميع!
المعروف للقاصي والداني ان التطور المشوه لنمو القطاع الخاص يسرع بتحوله الى ميدان للشطارة والفهلوة والفساد والافساد بالشراكات والتعاقدات المعلنة والخفية المباشرة وغير المباشرة مع المتنفذين والأرستقراطية وكبار الموظفين والاحزاب الحاكمة.وهنا وجب التمييز بين القطاع الخاص المنتج وبين الشرائح الطفيلية العاملة في ميادين المقاولات والتجارة والخدمات والتي تتعاون وتتحالف مع البيروقراطية الادارية وتتعاطى حماية مصالح الرأسمال الأجنبي وتتجاوز القوانين بالتهريب والغش وخلق السوق السوداء واشاعة مظاهر الفساد وغسيل الاموال.هل وجود القطاع الخاص ضرورة ام مجرد صيغة تكميلية للتعددية الاقتصادية- للزينة فقط؟عموما يتسم القطاع الخاص بالطبيعة الاستغلالية والمواقف السلبية التراجعية الارتدادية،ضعف التزامات المساهمة في الميزانية الحكومية والمحافظة على الثروة القومية والبيئية،النزوع لتحقيق الربح الاعظمي(Maximum Profit)،وضعف الضمانات الاجتماعية وضمانات حقوق العاملين من تدريب وتأهيل..الخ.ولا يقل القطاع الخاص حاجة للرعاية والاصلاح والتأهيل عن القطاع العام،ولا يجب اعطاء قدراته الأهمية المبالغ فيها بالاسهام في تنمية الاقتصاد الوطني،ولابد للمشرع العراقي ان يضع في مقابل فتح الأبواب امام رؤوس الاموال الاجنبية واتساع قاعدة ونشاط القطاع الخاص الاجنبي برنامجا اجتماعيا مهما يحمي من خلاله مصالح الكادحين وصغار المنتجين والعاملين في مختلف اجهزة الدولة.والانفتاح الفعلي على الاستثمارات الاجنبية يفترض ان لا يعني السماح بغزو اقتصادي اجنبي يهدف الى الهيمنة الكاملة والفعلية على الاقتصاد العراقي وحرمان المستثمر الوطني من القدرة على التوظيف بسبب قوة القدرة التنافسية لدى المستثمر الاجنبي.
يساهم مستوى الرسملة المتدني الذي لا يدخل في نطاق القوانين المولدة للمجتمع المدني الحديث ويدور حول وسائل الانتاج والسلع الاستهلاكية والخدماتية الدور المميز في هيمنة الشرائح المتذبذبة طبقيا داخل المجتمع العراقي.وهذه الشرائح الرثة هي الظهير القوي للزعامات الطفيلية البيروقراطية الطائفية لابقاء الدورات الاقتصادية ذات طابع انفاقي استهلاكي يصون التفتت الاجتماعي ويكرس التشوه الطبقي.وتلعب العلاقات الاستهلاكية دور تغليف البنى الممتدة من الأصول العشائرية والطائفية الضيقة بالواجهات الاستهلاكية ولا تحمل في داخلها آلية اطلاق القيم الجديدة.وكما هو الحال في السوق التجارية،تطرد العملة الفاسدة- الولاءات غير الوطنية،العملة السليمة- الولاءات الوطنية الجامعة التي تقبل الانقسام الأفقي حول تحديد المصالح الاجتماعية والصراع عليه،ولا تقبل النزاع العمودي الذي يعني خراب الأمة او الجماعة السياسية والعودة الى الاولويات العصبوية.هذا ليس بمعزل ايضا عن تواطؤ ودعم بعض الزعامات والنخب المتنفذة الامية والغبية الحمقاء حيث كل الجهود تصب في اقتصاد السوق وتخريب القطاع العام وتشويه سمعته.
تسعى العولمة في ظل الاحتلال الى عرقلة التنمية الجادة المستقلة عبر اضعاف القطاع العام ودوره الاجتمااقتصادي ومحاولات لبرلة الاقتصاد واشاعة اقتصاد السوق.ويتذرع دعاة فصل الادارات الحكومية عن الملكية في مؤسسات القطاع العام بتدهور القطاع الصناعي وشيخوخة واهتراء المعدات والتجهيزات وبمتطلبات ادخال التكنولوجية الحديثة ومعالجة الفساد ونهب المال العام وبالاخلاقيات المزدوجة في المؤسسات الحكومية وعجز القطاع العام عن توفير الإيرادات الضرورية للاصلاحات والخسائر المستمرة التي لم يعد بالامكان تحملها.لكن السياسات المتبعة لتحويل الاقتصاد العراقي الى سوق حرة كرفع الدعم وتفكيك اجهزة الدولة فاقمت من مستويات الحرمان والفساد!
القطاع الوطني الخاص غير مؤهل حاليا لأخذ زمام المبادرة في استملاك المنشآت التابعة للدولة،والسبب يكمن في ضعف الامكانيات المادية والتقنية للصناعيين واصحاب المهن التجارية.وما ان بدأت الموارد التجارية تدخل العراق دون رقابة،حتى اغتال الغش الصناعي جيوب المواطنين،واصبحت البضاعة الرديئة سم للاقتصاد المحلي،واصبح المتضرر الوحيد هو المواطن،وهو ما لا يمكن ان يحدث في حال سيطرة الدولة على الاقتصاد.ويبدو ان تراجع العراق المنهجي عن نظام الخدمات الاجتماعية هو ما تصبوا اليه الادارة الاميركية لأن ذلك هو احد اهم السمات المميزة لعولمة السوق الجديدة الراهنة،الى جانب طغيان اقتصاد السوق،التدهور الشديد والمتفاقم في المساواة الاجتماعية والديمقراطية الاقتصادية بفعل تضاعف الأرباح وانهيار سياسة اعادة توزيع الدخول وتزايد الفجوة بين الاغنياء والفقراء واتساع الفقر،الهدر المتجدد والمتوسع باستمرار في فرص العمل والانتاج من السلع والخدمات،رفع معدلات البطالة والاستيراد الانتقائي للعمالة المؤهلة وغير القانوني للعمالة غير المؤهلة وتشغيلها بصورة سرية محرومة من الحقوق الأساسية والنقابية،تشغيل النساء بالاستناد الى التمييز ضدها وتشغيل الأحداث لتخفيف الأجور وتكاليف الانتاج،والتمركز الرأسمالي.وعليه لا تعتبر الخصخصة الحل البلسمي او نهاية المطاف لمعضلات القطاع العام العراقي!
في الخصخصة تتسارع عملية بعث الهويات الجزئية دون الوطنية لتلعب دور وسيط التواصل بين السلطات والشعب اي ليس تكرارا لهويات الاربعينات ولكن استمرارا لهويات التسعينات.ولا تستطيع لا المقاولات ولا القطاع الخاص الجديد من استيعاب الجميع ليتوسع جيل المنسيين المنبوذين والعزل من دون ضمانات!وتفتش الخصخصة عادة عن قوة العمل الرخيصة واحلال من هم من دون المواطنية العراقية ذوي الاجور المنخفضة بدلا من العراقيين ذوي الاجور المرتفعة نسبيا وبالتالي تقليص فرص العمل المجزي.وتسهم الخصخصة في انعاش الديناميكية الرأسمالية وتمكينها من تدوير التنظيم التعاوني الجماعي لأوضاع المأجورين والجامع للعوامل الفردية السلبية المتذمرة من السلطات لتتفاقم المنافسة في سوق العمل وتزداد عوامل الضغط على معدلات الحركة والتكيف والمرونة،ولتتوسع فرص الدمج مع التعهدات والمقاولات التي تمجد المرونة والمبادرة والسقوط في شرك المنافسة القاتل واللعب على الخلافات اكثر من الاستناد الى ما هو مشترك!
وفي اجواء الخصخصة تخلق الرأسمالية الطائفية الطفيلية مناخا من الأحلام والأوهام التي تدغدغ خيال مختلف الفئات الاجتماعية،حتى الطبقات الدنيا التي تعيش على فتاتها،لينتشر التهريب والسوق السوداء والتهرب من الضرائب والرشوة.ومجتمع الطائفية الطفيلية مجتمع زائف بلا عمق اجتماعي ويؤثر على الفئات الاخرى التي لا تمتلك القوة المعنوية الكافية لمقاومته.ولا تطيق الطائفية الطفيلية العمل التنموي الصبور البناء،فهي تدرك ان دورة حياتها محدودة،لذلك تعمل في مجالات النهب السريع الذي لا يحتاج لجهد وصبر.ولا يمكنها ان تمارس اسلوبها في النهب العجول في ظل الأوضاع الديمقراطية المنفتحة،فهي تحتاج دوما الى ادوات تقمع بها الناس كلما حاولوا نقدها او خرجوا ساخطين تحت وطأة الظروف المعيشية الضاغطة.ومن دون حماية الميليشيات – العصابات يبدو حتى التهريب متعذرا.وهذه نتيجة من نتائج السلطات الريعية ونظم المحاصصة الطائفية والاثنية!
في علم الجريمة تتمثل جرائم الشركات او الجرائم الاقتصادية في انحرافات(مالية او ادارية)ارتكبت عن طريق الشركات(كيانات تجاري لها شخصية قانونية مستقلة من افراد يقومون بادارة انشطتها)،او من قبل افراد بالانابة،ومخالفة القواعد والاحكام المالية التي تنظم سير العمل الاداري والمالي في المؤسسة.ومثلما يؤدي الفساد كجريمة اقتصادية الى تقويض التنمية وتسببه في حدوث تشوهات وحالات عجز ضخمة،فانه في القطاع الخاص يتسبب في زيادة كلفة العمل التجاري من خلال زيادة سعر المدفوعات غير المشروعة نفسها،وكذلك ازدياد النفقات الادارية الناجمة عن التفاوض مع المسؤولين ومخاطر انتهاك الاتفاقيات او الانكشاف.ويشوه الفساد الملعب التجاري اذ يحمي الشركات ذات المعارف مع الحكومة من المنافسة ما يعني بالنتيجة استمرار وجود شركات غير كفوءة.ويولد الفساد تشوهات اقتصادية في القطاع العام عن طريق تحويل استثمار المال العام الى مشروعات رأسمالية تكثر فيها الرشى،ويلجأ المسؤولون الى حيل زيادة التعقيدات الفنية لمشاريع القطاع العام لاخفاء او لتمهيد الطريق لهذه التعاملات غير المشروعة،ما يؤدي بالنتيجة الى زيادة تشويه استثمار المال العام.ويؤدي الفساد كذلك الى خفض معدلات الالتزام بضوابط البناء والمحافظة على البيئة والضوابط الاخرى،والى تردي نوعية الخدمات الحكومية وزيادة الضغوط على ميزانية الحكومة.ويتخذ الفساد الاقتصادي اشكاله المتعددة من اشتقاق الايجارات وتحريك الرأسمال الى الخارج بدلا من استثماره في الداخل(النمط التقليدي بانشاء الحكام حسابات مصرفية لهم في البنوك العالمية)الى الحصول على حصة في كل شيء(طلب الرشى)،ويشجع عدم الاستقرار المسؤولين على تخزين ثرواتهم خارج البلاد كي لا تطالها قرارات المصادرة الحكومية في المستقبل.
مشاريع الاعمار تعج بالفساد المنظم،وهناك اطراف سياسية مستفيدة من هذا الفساد،مصالح متبادلة بين بعض الاطراف السياسية تمنع اي محاولة للكشف عن قضايا الفساد.وبينما يؤكد المقاولون وممثلو الشركات انهم يعطون رشاوي للجهات الرسمية،فان جميع المسؤولين يلتزمون الصمت حينما يتعلق الامر بالفساد الاداري في مؤسساتهم.واذا كان الفساد وما يزال يلاحق عندما تفوح رائحته وليس بالامكان(طمطمته)بالنسبة للمقاولين والشركات الاجنبية بدرجة ما،ويكشف عن مختلسين ومحتالين ويقدمون الى القضاء وتسترد اموال منهم،فان الامر بالنسبة لنظائرهم وشركائهم العراقيين يكاد يكون معدوما،فلا يكشف عن حجم الفساد ولم يقدم فاسدون الى المحاكم ولم يسترد دينارا واحدا من الذين اهدروا المنح والمساعدات الاجنبية.واصبحت المنح والتخصيصات للمشاريع غنيمة ينفذ بها الذين يعرفون من اين تؤكل الكتف،ويزداد ابطالها غنى وتتفتح شراهتهم على مصراعيها للحصول على المزيد وابتكار وسائل جديدة لحلب المال العام وتوريط آخرين وازاحة كل من يقف في طريقهم.بين ليلة وضحاها اصبحت لدينا فئة من حديثي النعمة الاميركية،يملكون المليارات ويضاربون في السوق،وامتلكوا جبروت المال والسلطان،ليعيثوا فسادا!والفساد يشيع مناخ تدمير مؤسسات القطاع الصناعي العام تحت ذريعة"اعادة بنائها"،على نحو يؤدي الى افلاسها وعرضها للخصخصة باسعار بائسة تحت راية"الاستثمار"،وهو نهج يلحق افدح الاضرار بالصناعة الوطنية واقتصاد البلاد،ويفاقم جيش البطالة،ويستهين بمعاناة الكادحين ومستوى حياتهم،امتثالا لضغوطات ومصالح مؤسسات النهب المالي الدولية!
مظاهر الفساد الكبرى المعلن عنها فقط
مظاهر الفساد الكبرى المعلن عنها تاريخ اعلان الاعلام ومفوضية النزاهة
اختفاء 7 مليار دولار من اموال الدولة العراقية 9/11/2006
خسائر العراق خلال السنوات الخمسة الاخيرة،اي منذ عام 2003 وحتى عام 2008،بلغت 250 مليار دولار 10/4/2008
انفاق 17 مليار دولار،منها 10 مليارات من الموازنة العراقية،و4 مليارات من اموال العراق المجمدة و3 مليارات منحة اميركية.ولم تتحسن طاقة الكهرباء واط واحد لحد عام 2008.
الصفقات مع التجار المحليين بدلا من المنشأ،غير المواد التالفة والتي تقدر قيمتها بعشرة مليارات،وتوقف وزارة التجارة عن تزويد الناس بالمواد التموينية لستة أشهر كاملة،من دون توضيح ما آلت اليه المبالغ المخصصة لهذه الفترة.اثرها قرر مجلس الوزراء تقليص مواد البطاقة التموينية!
الكشف عن 50 الف راتب وهمي في وزارة الداخلية كلف الحكومة 5 مليارات دولار سنويا مع ثمن الأطعمة والملابس عدا الأسلحة والاعتدة،كما فقدت الوزارة 19 الف قطعة سلاح كشفت وثائق ان الشركات اعادت بيعها الى اطراف بريطانية.
90% من الادوية المتداولة في الصيدليات لم يتم فحصها،ولا دور لوزارة الصحة في استيرادها او توزيعها.
فقدان 14 الف قطعة سلاح كانت مخصصة لاستعمال الجيش العراقي 9/11/2006
اعلان كبير المفتشين الاميركيين ستيوارت بوين"ان تدني كفاءة موظفي الحكومة في العراق في ادارة الاموال يمثل عائق في طريق اعادة البناء،وان ما بين ثمانية الى عشرة مليارات دولار من الميزانية السنوية للعراق تضيع هباء بسبب عدم قدرة البلاد على استيعاب هذه المبالغ في مشاريعه". 9/11/2006
مقتل 31 عضو من اعضاء مفوضية النزاهة واختطاف 12 آخرين 17/10/2007
اعلان كبير المفتشين الاميركيين ستيوارت بوين"ان المبالغ المهدورة في مشاريع فاشلة او لم توظف بشكل جيد في العراق تصل الى 15% و20% من 21 مليار دولار هي قيمة صندوق اغاثة واعادة اعمار العراق" 25/3/2009
ان مساعدات امريكية لاعادة اعمار العراق تتراوح قيمتها بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار اهدرت منذ عام 2003. 26/3/2009
رئيس النزاهة ينتقد المالكي لمنح وزير التجارة المتهم بالفساد راتبا تقاعديا يصل الى 15 الف دولار 27/5/2009
استشراء الفساد امتداد لتقاليد رسخها صدام حسين،غير ان من اوصل الفساد الى مدياته الخطيرة الراهنة هو سياسات الاحتلال وصراع السياسيين على السلطة.ويبدو ان الخراب الذي ورثته البلاد من نهج مهندس المقابر الجماعية لم يكن كافيا لاشباع نهم الشهوات المريضة للمؤسسات المالية الدولية،فهي تسعى الى المزيد من افقار الملايين من البؤساء والجياع والمحرومين لصالح حفنة من المتنعمين والمتخمين.والفساد المنظم والشامل يبشر بشيوع الشبكات المترابطة للفساد من القمم المتربعة على رأس الهرم المجتمعي والحكومي،والنهب الواسع للمال العام عن طريق الصفقات الوهمية وتحويل الممتلكات العامة الى مصالح خاصة وبحجم كبير!شبكات منظمة فيها مسؤولين حكوميين وافراد عصابات ومهربون ومعدات تنفيذ من وثائق مزورة واسلحة ووسائط نقل وصلات مع شبكات وتجار خارج الحدود.وزراء يتحصنون بالشراكة التجارية مع النواب لتجنب الاستجواب،وليخفق مجلس النواب في تطبيق الدور الرقابي،وليصبح المواطن هو الخاسر الوحيد!شبكات مافيا تحدد كل منها سعر سلعها وخدماتها المقدمة الى"الزبائن".
من الضروري الوقوف بحزم امام دعوات حذف وتهميش قطاع الدولة،وهي دعوات تلقي الدعم الواسع من المؤسسات الاقتصادية العالمية في الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية،وكانت قد رحبت بها الحكومة العراقية في عهد صدام حسين.ان امكانيات(القطاع العام- الدولة- السلطات الاقليمية)على تخصيص الاستثمارات السنوية الممكنة تزيد بأضعاف مضاعفة قدرة القطاعات الاقتصادية في عموم العراق،وهذا يعزز من ريادة القطاع العام حاليا وفي المستقبل.كما ان استيراد الرساميل الاجنبية لم يكن يوما اساس بناء اية قاعدة تحتية صلبة في الاقتصاديات الحديثة والتقليدية،لكنه يبقى ضروريا لدعم الدولة العراقية كي تقف على قدميها بعد الدمار الذي لحق بها شريطة ان تتحدد الأسس والمعايير لنشاط هذا القطاع،وهذا لا يعني الحد من نشاطها بقدر تأمين رؤية واضحة عن نشاطها الواسع المحتمل.
يعاني العراق من انظمة رقابية غير ملزمة باعمال المراقبة الدورية بالشكل المطلوب الأمر الذي يحتم ضرورة البحث عن بدائل حديثة وجديدة للحد من ظاهرة الفساد والغش الاقتصادي،واهمها دراسة احوال السوق واسباب عجز التجار عن الالتزام بالمواصفات القياسية،واعداد بحوث تفصيلية عن اسباب الغش والفساد وانواعه،وتحديد صفة الشخص الذي يقوم بهذا العمل سواء كان تاجرا او صانعا او موزعا او فردا يمتلك نشاطا خاصا.وكذلك تعديل العقوبات الموجودة في القوانين الحالية ليصبح القانون مؤثرا وبأسلوب تنفيذ اقوى،وتفعيل دور جمعيات حماية المستهلك لتكون بمثابة رقابة اهلية على الاسواق والمنتجات.
تستلزم السمات اعلاه حماية المستهلك من الاحتكار او استغلال القطاعات التجارية والخاصة وتنظيم العاملين فيها مهنيا،نقابيا،ومراعاة قوانين تشغيل النساء والأحداث!ولابد من دعم جمعيات حماية المستهلك ومنحها صلاحيات اقامة الدعاوى الجنائية ضد مروجي الغش التجاري والصناعي،ليتم نشر اسماء الفاسدين بشكل واضح وصريح.ان الفساد الذي يؤدي الى الخلل الاقتصادي لا يمكن علاجه بالقوانين والتشريعات فقط بل بتعديل السلوك والتوعية حيث ان الخلل الذي تعانيه البيئة الاقتصادية يرجع الى تزايد معدلات الفساد وحالات الغش واختلاف انواعها واشكالها وتطورها المستمر بدءاً من المواد الغذائية غير المطابقة للمواصفات والسلع الفاسدة التي يتم تداولها بشكل علني بعد تغيير تاريخ الصلاحية مرورا بحملات الدعاية والاعلان لمنتجات غير معروفة مصادرها.
ويعتبر التخطيط المرن المستفيد من آليات السوق وعبر التحشيد الشعبي الواسع،والأجواء الديمقراطية والمؤسساتية المدنية،والشفافية المعلوماتية،وسيادة القانون..العلاج الفعلي للمعضلات الاجتمااقتصادية!كما يعتبر تدخل الدولة لتأمين التناسق والتكامل بين القطاعات الاقتصادية وحماية المستهلك من جشع المضاربات،والفعل العفوي لقوانين السوق،والحد من التضخم..امرا ضروريا في سبيل تنظيم الاستثمار،والانفاق المجاني،والالتزام في التعاقدات الخارجية،وضبط القطاع الخاص،وجوهره العائد السريع من الربح.
الابتزاز وغسيل الاموال والشركات الوهمية
الابتزاز فساد يؤشر الى القيام بالتهديد لكشف معلومات معينة عن شخص او فعل شيء لتدمير الشخص المهدد،ان لم يقم الشخص المهدد بالاستجابة الى بعض الطلبات،وهذه المعلومات تكون عادة محرجة او ذات طبيعة مدمرة اجتماعيا.الابتزاز هو عرض طلب ان يتوقف الشخص المهدد من عمل شيء مسموح به عادة،وهو غير التهديد extortion الذي ينتهي بعمل غير قانوني او عنف ضد الشخص ان لم يستجب للمطالب،ويسمى المال المدفوع نتيجة الابتزاز رشوة اسكات!والابتزاز والرشوة ونظام الواسطة او فيتامين واو من ادوات الرأسمالية الجديدة التي تتعامل مع الانشطة الطفيلية والتجارية وتتعاطى التهريب وغسيل الاموال واعمال المضاربة واقتصاد الصفقات والعمولات والغش الصناعي والتجاري وبيع الوظائف والاختلاس وتجارة السوق السوداء،وتقيم مجتمع الرشاوي والارتزاق،وتدمر منظومة القيم الاجتماعية.
تتوزع جرائم الفساد اليوم في ميادين اساسية منها شراء الذمم،وانتشار الرشاوي بنطاق واسع لتمشية معاملات المواطنين في دوائر الدولة،اعتماد المحسوبية والقرابة والعضوية السياسية الطائفية مقياسا للتوظيف ولتولي المناصب في اجهزة الدولة،توظيف وتأجير العملاء لملاحقة المعارضة السياسية،غسيل الاموال،تقاضي العمولات لقاء الأستثمارات الداخلية والخارجية من الشركات المنفذة للمشاريع الحكومية او الخاصة في العراق،تهريب موارد وثروات البلاد دون حسيب او رقيب،انتعاش تجارة السوق السوداء المهيمنة على التجارة الداخلية والخارجية،عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية بعيدا عن كل الاجراءات القانونية والرقابة المالية،الانتعاش الاقتصادي المزيف،ارصدة الشركات والافراد بالأسماء والعناوين والارقام الوهمية التي تصول وتجول في الاسواق العراقية ونظيرتها العراقية التي تصول وتجول في الاسواق العالمية،تهريب السلع والمحاصيل الزراعية والماشية والعملة من والى العراق،احالة المشاريع الاستثمارية الحكومية والخاصة الى تجار السوق السوداء ونفر مدعوم من النخب المتنفذة مقابل تقاضى الرشاوي منهم،محاولات اغراء المواطنين بالمسائل المادية والمالية،احالة المقاولات الى البعض مباشرة دون الدخول في العطاءات والمنافسة لكسب تاييدهم وولاءهم،سرقة ونهب ممتلكات الدولة،تدفق مبيعات النفط العراقي دون رقيب او حسيب او حتى دون وجود اية عدادات لأحتساب كمياتها،انقطاع الكهرباء اليومي لساعات طويلة،تردي خدمات الاتصالات وتدني الخدمات الصحية والتعليمية،تلوث المياه،شحة المواد الغدائية والأدوية،الغش الصناعي وتزايد عدد الورش والمصانع غير المجازة وبالاخص داخل البيوت السكنية دون توفر الحد الادنى من الشروط الصحية.
تنوعت اصناف المرتشين ليصيب الغلاء الرشوة قبل ان يصيب الاسعار،وانتشرت المفاتيح – المناصب السرية غير المدونة داخل المؤسساتية الحكومية والاهلية اي الوسطاء لكبار المرتشين الذين لا تسمح هيبتهم الوظيفية بالقبض مباشرة من الراشي!وتنوعت اساليب غسيل الاموال"الايداع والتحويل،الصفقات النقدية،اعادة الاقراض،الفواتير المزورة،النقود البلاستيكية،استبدال الاوراق النقدية الصغيرة بأخرى كبيرة او بصكوك مصرفية ،شراء الاصول الثابتة كالعقارات والاراضي الزراعية والذهب،ايداع المبالغ في الحسابات السرية في البنوك عبر الوسطاء،التهرب الضريبي،الفساد الاداري،الفساد الانتخابي"بهدف اضاعة وتضييع مصادر الاموال المودعة بعد سلسلة التحويلات بين المصارف لتستقر وتسجل الولادة الجديدة بالاساليب غير الشرعية والطرق الملتوية مخترقة معترك التجارة وبانية الصروح المالية التي تفوق الخيال!.تزدهر في العراق سوق نشطة لمناصب الدولة التي تدر ايرادا جانبيا على شكل رشى ومكافآت.وفي المكاتب الحكومية يختلف"الريع"بحسب الموقع الوظيفي.عندما يشمل الفساد كل شيء يصبح لكل موقع ثمن يناسب المكانة الوظيفية.لا يقتصر الامر على الوظيفة الحكومية،بل يصل الى الهيئات التمثيلية مثل البلديات ومجالس المحافظات ومجلس النواب.من يدفع للوصول الى تلك المراكز،يعرف ايضا انه يفوز بأضعاف من تلك المبالغ المالية التي دفعها.
الاموال المودعة في فروع بنوك الدول المجاورة هي بحكم المسروقة،فضلا عن نقص الارصدة في هذه المصارف التي جاءت الى العراق لسرقة اموال العراقيين لا لمساعدتهم،وهي بالحقيقة شركات لتوظيف الاموال بشكل غير مشروع واستثمارها في مشاريع وهمية.ويعود ظهور الشركات الوهمية الى ضعف الجهاز المصرفي العراقي ومحدودية انتشار مؤسساته،وسهولة الاحتيال على مدخرات صغار المستثمرين!ولهذه الشركات الدور التخريبي الاكبر في غسيل الاموال واخراجها الى خارج البلاد واستلاب مدخرات المواطنين وامتصاص الزيادات في رواتب الموظفين.وتعتبر الشركات الوهمية من اخطر الظواهر التي تعرض الاقتصاد الوطني الى الشلل وآفة تنخر بالجسم الاجتماعي،لما تقوم به من سحب مدخرات المواطنين باكثر الطرق خسة عبر اسلوب الاحتيال والخداع،مستغلة بشكل فظ جهل الناس بالقوانين وضعف الرقابة الحكومية،وربما تعتمد من بين امور عديدة على دعم بعض المسؤولين الذين يقومون بالتغطية عليها مستغلين مركزهم في الدولة.
ان ظاهرة غسيل الاموال،المتجسدة في صفقات استيراد السيارات وانتعاش سوق العقارات في بلادنا على يد عناصر لم تكن معروفة بأية قدرات مالية تمكنها من ذلك،تؤثر بشكل خطير على الاقتصاد العراقي،فهي نتاج مخرجات(Outputs)الانشطة الاجرامية بهدف تمويهها واخفاء مصدرها الاصلي،حيث يجري ابعاد الشبهات ونظر السلطات المختصة عن مصدر الاموال غير المشروعة.كل ذلك بهدف اخفاء الاموال من المصادرة او التهرب الضريبي،حيث تبرز انشطة تهريبها خارج الحدود لتكون خارج صلاحيات وقوانين او تعليمات مشرّعة لهذا الغرض،ثم يتم استثمارها في مجالات تجارية او تداولات تضفي عليها طابع الشرعية.
يضيع غسيل الاموال مصدر المال المودع بعد سلسلة تحويلات بين المصارف والبنوك الوطنية والاقليمية والعالمية ليستقر في احداها مسجلا ولادة جديدة مخترقا معترك التجارة ليستمر بالنمو والتزايد محققا مكاسب ونجاحات في بناء صرح مالي يفوق الخيال مع بقاء الشكوك عالقة به رغم اتباع الطرق القانونية الرسمية!لان حقيقة الولادة جاءت باساليب غير شرعية وبطرق ملتوية!ترى كم من الارصدة لأحزاب ومنظمات وشركات وافراد باسماء وعناوين وارقام وهمية تصول وتجول في الاسواق الوطنية والدولية؟عملية غسيل الاموال مضمونة وحجمها كبير يتناسب مع حجم الاستثمارات الاجنبية واستقرار سعر صرف النقد الاجنبي!ونمو معدلات السيولة النقدية والمالية في السوق الوطنية!اي نمو التدفق من الخارج ومع تدفق رؤوس الاموال الوطنية بسبب اعمال الفساد!غسيل الاموال – تدوير الاموال الناتجة عن اعمال غير مشروعة في استثمارات شرعية بهدف اخفاء مصدرها الحقيقي.المقصود هو التوظيف في سبيل التدوير لا الجدوى الاقتصادية للاستثمار!.
وتعتبر استثمارات غسيل الاموال مظهر نمو اقتصادي غير حقيقي،اي مزيف،بسبب الانتعاش الاقتصادي الظاهري السريع الزوال.ويعاد استخدام الجزء الاكبر من الاموال في اعمال غير مشروعة ايضا مما يعرض الاقتصاديات الوطنية للمخاطر الجسيمة بحكم المنافسة غير المشروعة وغير الشريفة مع المال القذر!وتقوم العصابات المنظمة التي تحصل على الاموال بطرق غير مشروعة بارتداء اللبوس الاستثماري المقنع وتضخ الاموال عبر الحسابات المصرفية العالمية لاخفاءها عن الرصد والملاحقات القانونية،ولتستثمرها في مشروعات سريعة الربح وفي سوق الاوراق المالية،ولتعيد ضخها الى الخارج من جديد!الملاحقة القانونية لغسيل الاموال ليست سهلة.
الغش التجاري وصناعة العطور
يصل الفساد في مجال صناعة العطور الى نسب مرتفعة حيث الغش والتقليد والتهريب في السوق العراقية ليجري تقليد الخامات العالمية بأخرى رخيصة،واكثرها غير صالحة للاستخدام الآدمي،واستخدام العبوات الفارغة التي تجمع عادة من القمامة،وتقليد شعارات الشركات الكبرى الشهيرة في هذا المجال.ان الفساد في مجال صناعة مستحضرات التجميل يرجع اساسا الى ان هذه الصناعة من الصناعات الخفيفة التي تحتاج الى خامات ومعدات بسيطة ومساحات محدودة،وهذا الأمر يستلزم تكثيف الحملات على المحال والأسواق،وتطبيق القوانين بطريقة صارمة تمنع كل اشكال الفساد الصناعي في هذا المجال.وترجع اسباب الفساد والغش التجاري في مجال مستحضرات التجميل اكثر من اية صناعة اخرى الى ارتفاع اسعار الماركات العالمية وانخفاض مستوى الدخل وقيام بعض التجار بتشجيع صور الفساد الصناعي ببيع وتسويق المنتجات العشوائية بأسعار منخفضة لما تحققه من ارباح اضعاف ما يحققه بيع المنتجات الجيدة،كما انها تباع من دون رقابة ولا توجد اية مواد قانونية تؤدي الى تجريم مثل هذه الصور من الفساد والغش التجاري.الغش التجاري يعد اهم مظاهر الفساد الاقتصادي.
الرشوة جريمة ضمير قد لا تمس القانون
في استطلاع وتحقيق لهيئة النزاهة العراقية نشر في 11/5/2009 اظهرت نتائجه على عينات من مراجعي عشرة دوائر حكومية،وبواقع مائة مراجع من كل دائرة بأن 35.79% من مراجعي دوائر(الجنسية/الجوازات/الضريبة/التقاعد/والتسجيل العقاري...)اكدوا بأنهم دفعوا الرشوة لانجاز معاملاتهم،بهدف تجنب العراقيل الادارية التي يضعها الموظف والدائرة امام انجاز معاملاتهم،والاسراع في انجازها،وبسبب طلب الموظف المعني للرشوة،او لكون معاملاتهم غير اصولية.
مراكز السيطرة ونقاط التفتيش وفق تقارير المفتش العام لوزارة الداخلية تتلقى الرشاوى،الى جانب نهب الرواتب والتلاعب في العقود واستغلالها لتحقيق منافع شخصية.وتضم قوائم رواتب الموظفين في وزارة الداخلية اسماء لضباط شرطة وهميين،بحيث يتمكن القادة من الاستيلاء على تلك الرواتب.ويتم اخطار بعض الضباط بأنهم فصلوا من وظائفهم رغم استمرار الفضائيين(قادتهم)في الحصول على رواتبهم،ويجري اطلاق سراح المجرمين والمسلحين بعد دفعهم رشاوى كبيرة،وتشطب السجلات الجنائية مقابل اموال،ويتعرض المحتجزون لمعاملة سيئة على يد الحراس بهدف ابتزاز اقاربهم.وبالفساد تسعى الاحزاب المتنازعة على السلطة ضمان ولاء قطاعات كبيرة من الجهاز الأمني!من وزارة الداخلية انطلقت فرق الموت الفاشية سيئة الصيت،والتي تستر عليها مجلس الوزراء الحالي،فالفساد هنا يستشري بمسؤولين من اعلى المستويات،وصولا الى ضابط الشرطة المرابط في الشارع!اما جواد الاسدي الوكيل الحالي لوزير الداخلية،فهو يتقاضى عمولة قدرها 10%عن كافة عقود الشراء التي تعقدها وزارة الداخلية تحت اشرافه .
لبعض افراد الشرطة وضباطهم علاقات بكبار اللصوص وقيامهم بتشكيل عصابات اجرامية ترتدي ملابس الشرطة وتقوم بالسطو على المحال والبيوت وانتقاء الاغنياء والميسورين ممن يتوسمون فيهم القدرة على الاحتفاظ بالملايين في بيوتهم ومحلاتهم،تيمنا بشرطة النظام السابق التي كانت تمارس هذه الأعمال،لكن هذه المرة تحت خيمة القانون وبستار حكومي صرف،دون ان تخشى حسابا لاعتمادها على جهات فاعلة تستطيع لملمة الأمور وتسويتها بحيث لا ينالهم عقاب ويطالهم قانون.وقد كشفت التحقيقات ووسائل الأعلام تورط القوى الأمنية في الكثير من حوادث العنف والسرقات الكبيرة والحماية المتوفرة لهم في مراكز القرار،مما جعل العنف والأجرام يتفاقم ليصل الى مديات لم يسبق لها مثيل.ولا تمتلك وزارة الداخلية حتى يومنا هذا مديرية للامن الاقتصادي لتأخذ دورها في محاربة كافة النشاطات التي تضر بالاقتصاد الوطني من المكاتب والشركات الوهمية التي تعتبر واحدة من القنوات التي تمول الارهاب!
تعامل المواطن مع المؤسسات الخدمية،جميعها بلا استثناء،يقوم على الأصول في دفع الرشوة.وكما ان عملية دخول المريض الى مستشفى معناه في فهم المواطنين الفقراء الاستعداد المالي اولا بما يكفي المريض لنيل عناية الممرضين والممرضات والاداريين والاداريات،كذلك الحال في تسوية امور التجار داخل دائرة الضريبة اذ ان الرشوة هي الدليل الوحيد المرفق مع استمارات الضريبة لتخفيض نسبها.وحتى الجامعات والمدارس اصبحت ساحات جديدة لتبادل الرشاوى.وقد اعلنت هيئة النزاهة العامة(ضمن سلسلة الاستبيانات الشهرية التي تجريها هيئة النزاهة لشهر ايلول 2009)ان بلدية حي الشعب والعيادة الاستشارية والطوارئ ومصرف الدم في مستشفى اليرموك والهيئة العامة للضرائب ومصرف الرافدين،فرعي الفردوس والخنساء،هي اكثر الدوائر في بغداد تعاطيا للرشوة.
فن تفتيت الحركة الاجتماعية
ان محاصرة الاتحادات والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني في بلادنا والتضييق على نشاطاتها والتدخل الفظ في شؤونها لا يؤشر قصور في فهم القوى السياسية المتنفذة وجهل لماهية المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني فحسب بل يضر بالاقتصاد الوطني والعمل الانتاجي ومجمل العملية الاجتمااقتصادية وتطويرها ويخلق اجواء من التوتر وعدم الاطمئنان في المجتمع،ويستهين بالحركة الاجتماعية ويتجاوز على استقلاليتها بشكل يتعارض مع الدستور باتجاه تسخيرها لخدمة السلطات الحاكمة الجديدة وتحويلها الى بوق في الفيلق الميكافيلي الاعلامي المهلل لها،ويتجاهل ارادة الملايين من اعضاء هذه المنظمات،ولعمري يدرج كل ذلك في الارهابين الاسود والابيض.
ويتجلى الارهاب الاسود في ان اجهزة حكومية وقوى متنفذة استخدمت القوة اكثر من مرة،وقامت باقتحام مقرات النقابات والجمعيات والمؤسسات الاعلامية والنوادي الاجتماعية والرياضية واحتلت الملاعب والساحات والمدارس دون مسوغ قانوني واعتدت على منتسبيها،ومارست عنفا ضد النساء والطلبة!بينما يعبر الارهاب الابيض عن نفسه في التعامل البيروقراطي النادر مع اكاديميين وكتاب وصحفيين وفنانين ومهندسين ومعلمين،ولم يبخل المحررون باستعراض عضلاتهم في هذا السياق.العجب ان نشهد في ظل دستور يعزز الديمقراطية وفصل السلطات الممارسات المستوحاة من ثقافة وادبيات الدكتاتورية البغيضة ومكتبها المهني المركزي!
ويمكن القول ان ثقافة الفساد تشمل فيما تشمل ثقافات الاستحواذ والترقيع والتغليس،وكل الظواهر السلوكية التي تتمحور حول تجاهل الآخر واقصائه وتهميشه والاستهانة بحقائق الواقع والحياة!وتجري التدخلات الفظة في شؤون المؤسساتية المدنية في ظل اقتصاد وطني يعاني من ازمة بنيوية وتردي ظروف العمل وكثافة استغلال العاملين وانتشار عمالة الاطفال وتدهور المستوى المعاشي للناس واطلاق الاستيراد العشوائي والخراب الزراعي والصناعي وتفشي البطالة والفقر،مما يوفر تربة خصبة لتنامي شتى تيارات التطرف المعادية للديمقراطية.
واقع الحال يؤكد سير الحكومة العراقية حثيثا في اتخاذ مجموعة اجراءات وقرارات مجحفة بحق العمل النقابي والمهني وشل فاعليته بما يتعارض مع المادتين 22 الفقرة ثالثا و45 الفقرة اولا من الدستور اللتان تؤكدان على الاستقلالية التامة لعموم المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والدعم الايجابي من جانب الحكومة لها،منذ قرار مجلس الحكم المرقم(3)لسنة 2004،والامر الديواني 626 لسنه 2004،والتعميم المرقم 3908 الصادر عن الامانة العامة لمجلس الوزراء،والامر الديواني رقم 8750 لسنة 2005 القاضي بوضع اليد على اموال المنظمات والنقابات وتجميد ارصدتها والذي يعني اساسا هو تجميد نشاطاتها والتدخلات المستمرة للجنة الوزارية العليا المنبثقة عن قرار مجلس الحكم رقم(3)وتشكيل لجان تحضيرية بموجب قرارات حكومية،وكذلك تمسكها بالقرار 150 لسنة 1987 الذي اصدره النظام المقبور والمتضمن تحويل العمال الى موظفين وحرمانهم من حقوقهم في العمل النقابي والمهني.
القوى السياسية المتنفذة التي تتربع على مقاليد السلطة في عراق اليوم تتسم بالتعسف العقائدي واصطناعها المثل السياسية على قدر حجمها،الامر الذي ساعد على ترسيخ ميراث ثقافة الخوف والشك بالمواطن والمواطنة،وتمتلك باع طويل من القرارات والاجراءات غير المدروسة،ولم تقدم شيئا اذ لم تخرج عن ممارسة التكتيك السياسي والايحاء بتنشيط المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية شعارا لاغراض التنفيس،وسفسطة كأن الشعب العراقي بات تلميذا اما في كتاتيبها او في مدرسة واشنطن التأديبية.قرارات واجراءات متزمتة قرعت جرس الانذار عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل ابناء الشعب الى قطعان يسهل تسخيرها!
العطالة سلعة للمتاجرة والفقر ابو الكفار
هناك مئات الالوف بل عدة ملايين من العاطلين عن العمل تصل نسبتهم حسب التقرير السنوي لوزارة التخطيط 18% من عدد سكان العراق.وادت زيادة السكان وتخلي الدولة عن الالتزام بتعيين الخريجين وتشجيع القطاع الحكومي وسوء التخطيط التعليمي وتدني ربط المؤسسات التعليمية بسوق العمل وعدم قدرة القطاع الخاص على استيعاب العطالة الى رفع معدلات البطالة!معدلات البطالة في العراق تواصل الارتفاع والبيانات ما زالت مضطربة،ويعتبر التكوين العلمي والمهاري لقوة العمل العراقية متدنيا الى حد كبير ويحتاج لتطوير حقيقي في التعليم والتدريب سواء لرفع انتاجية قوة العمل في الوحدات الاقتصادية القائمة فعلا او لتأهيلها للتعامل مع تقنيات اكثر حداثة في المجالات عالية التقنية.وتضع الدولة قضية البطالة وكأنها تجرى خارجها ولا صلة لسياستها الاقتصادية أو الاجتماعية بخلقها أو زيادتها،وان دورها ينحصر في المساعدة على حلها والمساعدة في خلق فرص عمل متطورة للشباب الواعد المتحمس فقط!
وبينما تشكل البطالة بين اوساط مجتمعنا ظاهرة خطيرة تستفحل دون ان تجري معالجتها،وتحاول وزارات ومؤسسات حكومية ايجاد فرص عمل للعديد من العاطلين سواء عن طريق مراكز التشغيل والتدريب المهني في وزارة العمل او الاعلان عن وجود فرص عمل في الصحف المحلية،الا ان بعض الوزارات والمؤسسات تزيد الطين بلة بقيامها بانهاء عقود العاملين لديها بحجج واهية،رغم مضي فترة غير قليلة على ابرام هذه العقود،ما يشكل مخالفة واضحة حتى للقانون الجائر رقم 71 لسنة 1987 الذي شرع في عهد الدكتاتورية المنهارة خاصة المادة 32 منه.وتأتي قرارات صادرة عن وزارات مثل الصناعة والنفط والاتصالات والاسكان والتعمير والنقل والبيئة وامانة بغداد وغيرها،في بغداد والمحافظات،لتعبر عن هذا التوجه الخاطئ.وهذا يعني قطع ارزاق عوائل هم بأمس الحاجة للوقوف الى جانبها،وسوف تضاف هذه الاعداد الى مئات الالاف من جيش العاطلين!لمصلحة من تنهى عقود العمل للعمال؟
يمكن اعتبار الفساد احد الاسباب الجوهرية في دوام تحديات مأساوية مثل الفقر والتخلف وانخفاض مستوى التعليم والرعاية الصحية ونقص الخدمات العامة،وما يترتب على ذلك من تعميق للظلم الاجتماعي واعاقة جهود التنمية في مجال الاعمار.وهذه التحديات تشكل متلازمات او ان كل منها يعد سببا ونتيجة للآخر.ويعمق الفساد الهوة بين افراد المجتمع،حيث يخلق طبقة ثرية اثرت على حساب الشعب من خلال سرقة الاموال العامة المخصصة للتنمية والتعليم والصحة والامن،لتتدهور الاحوال الاجتماعية في كل المجالات وتنحدر فئة كبيرة من عموم ابناء المجتمع نحو الفقر والحرمان والتخلف والمرض والجريمة،بينما يتمتع اللصوص باعتبارهم نخبة اجتماعية بيدها المال والسلطة بأسباب الرفاهية.
قضية الفقر ترتبط بازدياد مستويات البطالة والارهاب والفساد والتوزيع غير العادل للثروات الوطنية والامية،تنمو وتزدهر في ظل مجتمعات التهميش،والنتيجة ان عوائل بالكامل تزج عنوة في فقر مدقع بعد ان تفقد معيلها او تنتهي قدرته على العمل،وهو ما يعني تشغيل الاطفال والنساء الارامل والمنكوبات ومن كبار السن،والبحث عن عمل في ظل فقدان المهارة الضرورية للحصول على عمل مجز.لقد تجاوزت مستويات البطالة 50% من مجموع القوى العاملة رغم اعادة المفصولين وتوظيف الكثيرين في الشرطة والجيش،ويبلغ معدل البطالة بين الشبان 33.4%،وفي بغداد يصل المعدل الى22%.ووفق التقديرات الحكومية هناك نحو 1.406 مليون عاطل عن العمل مسجل بشكل رسمي للفترة من16/9/2003 ولغاية 31/8/2009.التفاوت صارخ في معدلات البطالة بين المحافظات،وتأتي محافظة الناصرية في مقدمة المحافظات ذات البطالة المرتفعة.
لقد اغفلت الميزانيات السنوية في العراق،معالجة قضية العاطلين عن العامل،وظلت تتعامل مع هذه القضية وكأنها قضية ثانوية،ولم تخصص الاموال الكفيلة باطلاق التعيينات في دوائر الدولة،وظل القطاع الخاص يتراوح في مدى تطوره وحاجاته،ولم نشهد نموا في مجالات الاستثمار المختلفة.العمل حق للانسان،وموارد البلاد هي ملك للناس.ومن يقود البلد لا يملك البلد وموارده،فالناس وظفته وكلفته لقيادتها وليس للاستحواذ على املاكها،ومن ثم توزيعها كمكرمات.وبالتالي،العاطلون عن العمل ليسوا سلعة للمتاجرة ايها السادة!
ولد نظام الاقتصاد العراقي الخطير والمنغلق حجما كبيرا من البطالة في البلاد من خلال سوء التوزيع في الدخل،وتدفع الحكومة رواتب لخمسة ملايين شخص من الموازنة السنوية/ثلاثة ملايين منهم موظفين وعمال ومليون متقاعد ومليون آخرين مشمولين بنظام الرعاية الاجتماعية،وهنالك عشرة ملايين فلاح لا يمتهنون الزراعة بسبب عدم وجود دعم للقطاع،و 700000 مهندس هاجروا المهنة،وان 90% من مصانع القطاع الخاص متوقفة.لقد اصدر بول بريمر اوامره بتقسيم الموظفين الى 11 درجة وظيفية بامره المرقم 30 لسنة 2003،واستمر الموظفون منذ 9/4/2003 دون علاوة سنوية او مخصصات زوجية واطفال او نقل كما هو معمول به في كل بقاع العالم.وارتباطا بالمعدلات العالية للبطالة،والتضخم الواسع المفرط،وانعدام السياسة الحكومية اللازمة لمعالجة الفقر،يتأكد يوما بعد يوم بلوغ معدلات الفقر في بلادنا مستويات كارثية لقطاعات عريضة من الشعب العراقي.
اي حديث عن الحريات الفردية والعامة والتمتع بالديمقراطية واستتباب الامن هو حديث فارغ ما لم يقترن بالنجاح في اعادة البناء الاقتصادي وترميم البنى التحتية وتقليص البطالة وانهاء الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية بمعايير الخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي،وان نجاح الدولة العراقية الجديدة بحاجة لقادة يمتلكون الرؤيا الوطنية الشاملة،وبخاصة الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية!.
الطفل والمرأة في عراق السخرية القاتلة
في قرى وارياف واحياء مدن بلد الحضارة والتأريخ والثقافة والفنون والقيم والاخلاق،نشاهد العديد من الاطفال يتسكعون في الشوارع في حالة يرثى لها،منهم ممزق الملابس وحافي القدمين،الآخر متسخ اليدين والقدمين والوجه،ذلك الذي يمسك السيكارة ويدخنها بلهفة وهو لم يتجاوز التاسعة او العاشرة من عمره،يتسكعون في الشوارع بحثا عن اي عمل في تصورهم قد يجلب الفرحة لهم او يعيلون به عوائلهم التي اختارت بنفسها لهم هذا العمل للأسف الشديد!الدلائل متزايدة على تفاقم استغلال الاطفال مؤخرا من قبل العصابات الاجرامية والمجموعات الارهابية التي توظف اليافعين،اما عن طريق التهديد او الاغراء بالمادة.ويوجد اكثر من 1000 محتجز وموقوف او محكوم من الاحداث في السجون والمعتقلات ودائرة اصلاح الاحداث العراقية،معظمهم على ذمة قضايا تتعلق بالارهاب او بأعمال اجرامية.وتؤكد تقارير المنظمات الانسانية و"هيومن رايتس وتش"ان معدلات اعتقال الاطفال والنساء بالعراق في ارتفاع مستمر!وتكشف القصص المروعة عن ضياع آمال الضحايا الصامتين الذين يعانون من شتى الاضطرابات ونحن في العام الثامن على"التحرير".
ان نسبة الأطفال الذين يذهبون الى المدارس انخفضت الى 50% اليوم،بينما يحرم 60% من الأطفال من المياه الصالحة للشرب مما يعرضهم الى الاصابة بالكوليرا.الأطفال الذين ارغموا على التشرد يزيد عددهم على نصف مليون،بينما لاتزال معظم العوائل غير قادرة على العودة الى بيوتها. اما الأيتام الذين يقدر عددهم بنحو خمسة ملايين فقصتهم المأساوية على كل لسان.في هذا البلد الذي يمثل اعلى معدل لوفيات الاطفال في العالم،هناك اطفال يعانون من الجوع ويقتاتون على طعام النفايات،وآخرون يعيشون في بيوت صفيح مع امهاتهم الارامل،وعدد متزايد من القاصرين الذين يتعاطون المخدرات او يقعون ضحايا تجارة الجنس.وهناك عشرات الوف المتسربين من المدارس ليقوموا بتنظيف الشوارع وجمع القمامة ونقلها لقاء مبالغ تافهة،بينما تزج العصابات بأطفال آخرين في عمليات التسول،مثلما في عمليات العنف.وبينما نرى اطفال النخبة المتنعمين مقابل الملايين من اطفال العوز والاضطراب والحرمان،ما تزال هناك قضايا اعظم ينشغل بها السادة الكرام!
في العراق تتفتق عبقرية زوج مرشحة لانتخابات 7/3/2010 بنشر صورته بدلا عن صورتها ليروج الدعاية لانتخاب السيدة ام...وبدلا من ان يعرفها بما قامت به من اعمال لخدمة الشعب العراقي،يعرف بنفسه وبأخيه وعشيرته!ويصل العراق الى هذا الدرك بفضل حكام القرارات التحريمية،تحريم نزع العباءة في المدارس،تحريم مصافحة المرأة للرجل..حتى وزير التربية يدعي اعادة بناء العقل العراقي،وهو الذي يحتاج الى من يعيد بناء عقله ويصحح مسار تفكيره!
مصرف بابل الأهلي يمنع الزبائن من دخول فرعه الجديد في منطقة حي السعد الراقي في النجف،لأنه مخصص للزبونات من النساء حصرا دون الرجال.المصرف الذي له ثلاثة فروع اخرى في المدينة وضع طاقما نسائيا لادارة فرعه الجديد،وهو الاول من نوعه في العراق يقدم خدماته لسيدات الاعمال والنساء فقط ولا يسمح للرجال بالدخول اليه.ويبدو ان هذا الانجاز التاريخي مقدمة لفصل الجنسين في حكومات العجائب،وتقسيم الشوارع والمتنزهات والمرافق العامة الى رجالية ونسائية!نساء العراق اللاتي حفرن على تراب الوطن ذكريات جميلة لا تنسى في المجالات العلمية والثقافية والادبية والتربوية والسياسية طيلة تاريخ العراق السياسي الحديث،واليوم يصفقن ويقلن نعم لما يملى عليهن او يبتعدن منزويات في البيت او يقفن على اسوار الوطن ودموعهن تسيل!يراد لهن التهميش و حصرهن بالانجاب وبالغاء الفكر!
لا تتمتع المرأة العراقية بحقوقها المنصوص عليها في الوثائق الدولية الخاصة بحقوق المرأة،لاسيما اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة،قرار(24/180)عام 1979.وترتفع الاصوات المنادية بالغاء قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959،والعودة الى زمن ما قبل التشريع،مما يشكل نكوصا يوجب التصدى له،خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان المادة 41 من الدستور اغفلت حقوق المرأة المدنية والديمقراطية والاجتماعية،واشاعت الولاء دون الوطني عندما جردت القاضي من مهنيته في النصوص القانونية لتحوله الى اداة طائفية لاشاعة الآراء الفقهية المختلفة.
بيئة ومعالم كارثية تعشي العيون
يشهد النظام البيئي العام في العراق التحولات الخطيرة بسبب التدهور المتسارع لجميع مكوناته:الموارد المائية،الزراعية،التنوع الاحيائي،الغطاء الشجري والنباتي،التصحر،انتشار السموم،امراض نقص الغذاء،تدهور الخدمات..وغيرها.تواجه البيئة العراقية جملة عراقيل تتركز اخطرها في: الجفاف والعجز في حل القضية المائية والاروائية،فوضى انهيار الخدمات الاساسية،اتساع دائرة العنف بانواعه المختلفة،فوضى استثمار الموارد الطبيعية،آثار الغوارق والالغام والاسلحة والكيمياوي واليورانيوم المستنفذ والكيمتريل،الردة الحضارية،الفساد وسوء استغلال النفوذ والسلطة!
من المؤسف ان القوانين التي جرى ويجري طبخها اليوم تغيب بشكل مرسوم ومتعمد مصطلحات"التنمية"و"التحرر الاقتصادي"و"التقدم الاجتماعي"و"العدالة الاجتماعية"،لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى اعادة توزيع الثروة لصالح البورجوازية المحلية والأجنبية وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل اصولها الإنتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته،فجاءت القوانين ومشاريع القوانين التالية تباعا لتعكس الطابع الطبقي لسلطة الدولة وسياستها في الميادين الاجتمااقتصادية ودور الوشائج الاصطفائية دون الوطنية في تمريرها...قانون استيراد وبيع المشتقات النفطية...قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006...مشاريع قانون النفط والغاز والاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام.نفطنا،رصيدنا الكبير،ام مسمار نعشنا الأخير؟!.
كان الحقد الصارخ على الشعب والوطن العراقي من قبل اعداءهما واضح وجلي من خلال الدمار والخراب الذي لحق ويلحق بهما،فكان شاملا وواسعا لم يستثن لا الانسان ولا الارض والمياه والسماء والاشجار والحيوان.المؤسف ان حكام العراق الجدد واصلوا سياسة اسلافهم في تجاهل الواقع البيئي الكسيح وتداعياته الصحية والاجتماعية.الاصلاحات الاقتصادية الموعودة للحكومة العراقية تتجاهل الواقع البيئي الراهن،مستثنية اياه من اهتماماتها الاساسية،مع ان معالمه الكارثية تعشي العيون.وبذلك يجري دفع العيوب الرأسمالية الى الاعماق ولا تجتث،حالها حال الاحلام السياسية التي تعيد انتاج الطائفية السياسية وعقلية ثقافة القطيع البعثية بأثواب جديدة متجددة ولا تجتث!الانكى من ذلك لا تزال الهوة سحيقة بين النخب الحاكمة وحقوق شغيلة صيانة البيئة العراقية.وهي شغيلة توزعت في كل مكان وتجدها داخل كل المؤسسات،في مجالس المحافظات والبلديات والقوات المسلحة ووزارة البيئة والتعليم العالي والصناعة،المنظمات غير الحكومية والنقابات .. الخ.
التهجير اجراءا عقابيا
سبب الاحتراب الطائفي اعوام 2004 – 2007 اضخم هجرة داخلية والى خارج العراق في تاريخ العراق والمنطقة برمتها منذ نكبة فلسطين 1948.وبقي العراق في المركز الأول لجهة عدد طلبات اللجوء عام 2009 وللسنة الرابعة على التوالي،اذ لم يعد التهجير في بلادنا حوادث متفرقة تروى بل بات حالة مقرفة وظاهرة عينية مشفوعة بالادلة،تؤيدها الاحصائيات والارقام.التهجير القسري والاحترازي للعراقيين كان اكبر ترحال قسري يشهده العالم في تاريخه المعاصر،معاناة هائلة لخمسة ملايين عراقي هجروا في الداخل والخارج منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003،مخاطر مثلتها هذه الهجرة على وحدة اراضي العراق وعلى النسيج الاجتماعي لشعبه وعلى السلم والأمن الدوليين.
واقتصرت اجراءات الدولة العراقية على البيانات الخجولة والاجراءات اقل ما يقال عنها انها لا تتناسب مطلقا مع حجم الجريمة التي تسببتها قوى الاسلام السياسي المتطرفة وميلشياتها المسلحة على نحو خاص،مع حجم الخسائر البشرية الفعلية الكبيرة جدا والمريعة حقا التي تحملها الشعب العراقي وعدد الجرحى والمعوقين والمصابين بعلل اجتماعية ونفسية كبيرة،مع حجم الخسائر المالية التي تحملتها خزينة الدولة والعواقب الوخيمة التي ترتبت عنها على الاقتصاد العراقي والتنمية الاقتصادية والبشرية،والتي رفعت من الحجم الكلي للخسائر المادية والبشرية التي تحملها العراق عبر العقود الأربعة المنصرمة والتي كان الشعب العراقي بحاجة ماسة الى تلك الأموال والى اولئك الناس من اجل النهوض من كبوته وسباته الطويلين ومعاركه المريرة التي اجبر عليها،مع حجم الأموال التي سرقت من خزانة الدولة العراقية او من المساعدات التي قدمت له خلال سني ما بعد التاسع من نيسان ودخلت في جيوب القطط السمان والحديثة النعمة من مختلف الأصناف.
الطامة الكبرى ان الحكومة العراقية هي دون مستوى المشكلة والمسؤولية،ولم تخطو الخطوات الضرورية التي تعبر عن الحرص على هذه الملايين من ابناء شعبنا،وهي ملايين تركت مصائرها الى مشيئة الأقدار.ورغم اتخاذها مجموعة من القرارات والتدابير الرامية الى تشجيع وتحفيز عودة النازحين واللاجئين الى ديارهم،ومع تحقيقها المكاسب الامنية النسبية،فان المهجرين واللاجئين مستمرون بالبحث عن انسانيتهم المهدورة لمواجهة المعاناة المريرة وابسط مقومات الحياة والبطالة وقلة فرص العمل وتردي الخدمات وغير ذلك،الى جانب اصوات التهديد والوعيد التي تدعوهم الى العودة من حيث اتوا،بعد ان امتدت جذور مشكلتهم في قلب الملحمة السياسية العراقية.ولا تتحرك الحكومة العراقية بالقوة والصرامة المطلوبة لمعالجة قضية المهجرين واللاجئين الذين يشكلون نسبة 10%من الشعب العراقي!والمشردين عن ديارهم المطوقين بالخوف واليأس!والذين انتزع العنف منهم ذكرياتهم ومنازلهم الاولى الحميمة!والعراقيين الذين تطحنهم رحى الغربة!ان التقاعس في مواجهة قضية المهجرين واللاجئين يسهم بالتدهور الحاد الذي تشهده حماية حقوق الانسان في بلادنا،وتوسيع رقعة الفساد.
تجارة الازمات والحروب والموت وتعمق الاستقطاب الاجتماعي
يسيطر تجار الأزمات والحروب والموت في العراق على المفاصل الاساسية في الدولة،وهي قوى تربّت ونشأت في كنف الاقتصاد الطفيلي وليد الأنظمة الاستغلالية،واتسمت بانتهازها الفرص والوثوب الى المواقع التي تمثل آلهتها التي تعبدها اي منافذ سرقة الاموال،مرتكبة مختلف الجرائم الاقتصادية منها والجنائية،وناهبة المليارات من اثمان الركائز الاقتصادية ومختلف اسلحة الجيش العراقي وترسانته المهولة التي في اصلها اخذت من دماء شعبنا وقوته،وهي تمتلك الأيدي الطولى داخل اعلى المناصب العراقية عبر عمليات الاختراق المنظمة.وتمتلك كل دول الجوار والقوى الاقليمية الجواسيس والوكلاء الذين ينفـّذون لها اكبر جرائم الفساد والاحتيال.هكذا يباع العراق الانسان والعراق الوطن اليوم في سوق النخاسة المحلي والأجنبي،وليختلط غسيل الاموال بغسيل ذاكرة الشعب العراقي الوطنية.
لثقافة الفساد ابعد الآثار السلبية على عملية الاعمار واعادة الاعمار والبناء،وتزدهر مع انتعاش بيزنس الحرب والارهاب والتخريب وتغييب الديمقراطية والمؤسساتية المدنية والرقابة الاعلامية والشعبية،تزدهر مع سياسة الاستيراد مفتوح الأبواب دون ضوابط ولا فحص ولا كفاءة او جودة منتوج.ومن عوامل تعاظم الفساد الذي يعوق الاعمار ويفاقم المعاناة ويدمر القيم الروحية،غياب مقومات الشفافية في ظل تنامي دور ونشاط الفئات الطفيلية،الذي يعكس حقيقة ان الفساد ظاهرة اقتصادية سياسية مركبة تستند الى بنية اجتماعية ونمط ثقافة يرتبطان بالتخلف!
يتفشى الفساد في كل مناحي الحياة،على صعيد المدرسة والجامعة والجامع والمعبد والحسينية و الجمعيات الانسانية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني والمستشفى ودوائر الدولة الحكومية حتى اعلى منصب سيادي!الفساد يشكل الوجه الآخر للارهاب من تفجير وقتل وخطف،لأنه ينهش اقتصاد البلد ويدمر البنية التحتية ويفسد الحياة الإجتماعية ويستغل الانسان ويخرب حياته.وتعمل المافيات والعصابات الشللية والصكاكه والقفاصة والعلاسة والوراقة على عرقلة وتعطيل العملية السياسية او اي مشروع وطني يخدم الوطن والناس.وساعدت الاجراءات الحكومية في ان يتخذ الفساد هذه المديّات الخطيرة بحكم تدفق الأموال من دون اجراءات صرف وفق الاصول،وعدم وجود نظام بسيط لحصر ما يتم العثور عليه في الوزارات والمصالح الحكومية.
الفساد الاداري والمالي هو من سبب الفساد والخراب في الحياة العامة والشوارع في بغداد،ولا تجد اليوم في العاصمة العراقية اي شارع صالح للسير،وكأن بغداد عادت في الألفية الثالثة الى عصر القرية.الشوارع الرئيسية في بغداد مزدحمة السير دائما،وهي لم تعد صالحة للاستعمال منذ سنوات طويلة بسبب تحطم ارضيتها الاسفلتية والخرسانية.وواحدة من اصعب المغامرات اليومية التي يخوضها البغداديون هي قيادة السيارة في شوارع بغداد،اي شارع بلا استثناء.
تزداد الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي بين التوسع في الانشـــطة المالية والتجارية والركود في مجال الانشـــطة الانتاجية والتصديرية مما اثر على مستوى توزيع الدخول والثروات،ليزداد الفقراء فقرا،وليزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بأنشطة التجارة والمقاولات والمضاربات العقارية والخدمات المالية والوكالات التجارية والحصرية والانشطة الفندقية واقتصاد الصفقات وعقود التوريد والتهريب،والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي،والتي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا.
السلعة الدينية بين العرض والطلب
صناعة الفتوى في العراق تعمد الارهاب والفساد وتدعمه بنصوصها المحرضة على القتل وهدر دماء بني البشر والاستحواذ على الاموال بدعوى استخدامها لمشاريع تخدم الاسلام،كأننا مازلنا نعيش في زمن الناقة والبعير ونتباهى بالسيف وحز الرؤوس والسبايا والزيجات المتعددة التي اصبحت زنى شرعيا يمارس تحت عباءة الفتاوى الضالة،وليت دعاة هذه الزيجات يزوجون بناتهم او اخواتهم لبني البشر مثلما يفعلون مع المغلوبات على امرهن!ولم يقتصر تدخل رجال الدين في الحياة العامة والسياسية،فهم لم يتركوا شيئا في حياة الناس الاجتماعية الا وتناولوه وفق اجتهاد هذا الفقيه او ذاك المرجع،بدءاً باستيراد الملابس والعطور وادوات الزينة،والقاء التحية،ودخول الحمّام،مرورا بالجماع بين الزوجين،وتحريم البيبسي والكوكا كولا،وليس انتهاء بتحريم الاطلاع على الثقافات الغربية وتحريم الاغاني والافلام!وهناك فتاوى اقتصادية في العراق!!هل تخضع خطب الجوامع والحسينيات للرقابة والحساب مثلما تخضع الكلمة الحرة؟
هناك جهات لازالت تتخذ من الدين وسيلة وغطاء للترويج لمشاريعها الجهنمية التخريبية،كأن تفتي بأن عمليات الاتجار بالمخدرات ليس محرما!وتعطيه صفة العمل المشروع،مبررة ذلك بعدم ورود نص قرآني بتحريم المخدرات!متوجهة الى تحريم ما يمس حاجات الناس اليومية،مثل تحريم اكل سمك الزبيدي بدعوة عدم وجود صدف فيه!او تحريم الثلج لان النبي(ص)لم يعرف عهده الثلج!..الخ من الخزعبلات والترهات.اما المناسبات الدينية فلازالت تحيى باستعمال الزناجيل واللطم والزحف على الركاب وبالهرج والمرج والفوضى والسير على الأقدام مئات الكيلومترات!بينما تستغل هذه المناسبات استغلالاً سياسيا ليس حبا بالمناسبة بقدر تخدير المواطنين ودفعهم بالضد من مصالحهم،واستغلال المناسبات دون التفكير بهم والحفاظ على حياتهم.وتشجع قوى خارجية هذه المظاهر وتصرف اموالا طائلة من اجل تضخيمها لاستنساخ عادات وتقاليد بعيدة عن تقاليدنا وعادتنا،على الرغم من عشرات التوصيات من المراجع الدينية العراقية التي تؤكد نبذ استخدام هذه الممارسات باعتبارها مخالفة للدين الاسلامي،وهي شعائر ليس لها أية صلة بالتعاليم الاسلامية،وتشكل خطرا حقيقيا على حياة المواطنين الذين يدفعون من بعض القوى الطائفية باتجاه ابراز العضلات!
جملة الاعياد الدينية يشغل من اهتمامات الاجهزة الامنية العراقية ما يعادل ثلث ايام السنة،وتعطل عمل الدوائر الحكومية والجامعات والمدارس والمصارف،وحتى النشاطات الاقتصادية الحرة،واعمال الاجور اليومية والبيع والشراء في الأسواق،وتخسر البلاد عشرات المليارات من الدنانير وتعطل عشرات الآلاف من المعاملات والطلبات.وهناك جملة من السياسين يستثمرون حضور جموع الزائرين الى الاضرحة لالقاء كلمة في الحضور،وكأنهم حشد حزبي جاء لسماعه وليس لأداء مراسيم الزيارة!
الوعي القانوني والفساد القضائي
حين ترتفع مستويات العنف لا ينهار الامن فحسب،بل ايضا المراقبة والتوازنات وتطبيق القانون وعمل المؤسسات مثل السلطة القضائية والتشريعية،اذ ان كل هذا يتعرض للضغط ويتضرر بدوره النظام الذي يعمل على منع الفساد.وبينما يعرض الفساد القضائي سيادة القانون للخطر،فان الفساد في الادارة العامة ينجم عنه التوزيع غير العادل للخدمات،اي بمعنى اوسع ينخر الفساد في القدرة المؤسساتية للحكومة لأنه يؤدي الى اهمال اجراءاتها واستنزاف مصادرها،وبالفساد تباع المناصب الرسمية وتشترى.كما ويؤدي الفساد الى تقويض الشرعية الحكومية وبالتالي القيم الديمقراطية للمجتمع كالثقة والتسامح.
العراقيون ليسوا اغبياء ليستوعبوا معادلات القضاء العراقي الديمقراطي الجديد في ظل التعتيم الاعلامي والالاعيب والتضليل.والعراقيون لن يجدوا ابدا حلا لهذه المعادلات في غياب وتغييب الديمقراطية،وفي غياب كامل للمؤسساتية المدنية التي هي الشرط المهم والأساسي للحياة الديمقراطية!هل تقل جريمة مصرف الرافدين بالزوية في خطورتها عن جرائم النظام الدكتاتوري المقبور الامر الذي لم يستدع نقل جلساتها بالتلفزة ليطلع ابناء الشعب العراقي على حقائق الامور عن كثب؟نعم،في سابقة خطيرة وفي محاكمة سريعة سجلت رقما قياسيا في موسوعة جينس اعلن مجلس القضاء الاعلى العراقي عن صدور احكام اعدام بحق اربعة من المتهمين في عملية سرقة فرع مصرف الرافدين في الزوية ببغداد،جريمة تورط عناصر من فوج الحماية الرئاسي الخاص باحد نواب رئيس الجمهورية بقتل 8 من حراس المصرف والسطو المسلح تنتهي بثلاث جلسات!لم تكشف المحكمة عن مصير المتهمين الفارين من وجه العدالة والمتعاونين مع المجرمين،ولا عن اماكن اجتماع المجرمين لتخطيط عملية السطو،ولا عن سبب استخدام دار الاستراحة العائدة لجريدة العدالة،ولا عن الكيفية التي فتحت بها ابواب المصرف،ولا عن وسائل النقل وعائديتها التي استخدمت في التخطيط والتنفيذ،ولا عن"الجهة المتنفذة"الداعمة للمجرمين!.
ورغم اجبار وزير التجارة على الاستقالة بعد ظهور فضيحة فساد تتعلق بتوزيع الطعام،والقاء القبض على نائب وزير النقل بعد ضبطه اثناء محاولته الحصول من شركة أمنية على رشوة تتجاوز قيمتها 100000 دولار،واعتقال السيد كاطع الركابي سكرتير رئيس الوزراء بتهم تلاعب واحتيال،والقبض في وقت سابق على وكيل وزارة الصحة حكيم الزاملي(النائب في البرلمان الجديد عن التيار الصدري)وقائد القوات المكلفة بحماية الوزارة والمستشفيات اللواء حميد الشمري بتهمة ارتكاب جرائم ابادة طائفية،فانهم لم يقدموا الى المحاكمة!ولم يحاكم العراق امام الملأ وعلى شاشات التلفاز،اي مسؤول رفيع بتهم فساد،والوزراء يتسترون على المجرمين ويقدمون بطريقة روتينية الحماية لحلفائهم السياسيين من المحاكمة والعقاب.كيف يمكن منع الفساد ما لم تجر ادانة بعض المسؤولين الحكوميين؟!القوى السياسية المتنفذة تحاول عرقلة المحاكمات امام الشعب العراقي من خلال الضغط السياسي الذي تمارسه على مجلس القضاء،وبالتالي تدخلها في القضاء الذي من المفترض ان يكون مستقل.
القضاء دعامة المجتمع القانوني الذي يحقق الطمأنينة والاستقرار ويصون الحقوق وتحترم به حقوق الانسان،وليس القضاء الذي يصون عورات السياسيين والمتنفذين.الاستقلالية القضائية من المقومات الأساسية التي تساهم في تثبيت دعائم العدالة والقانون،وفي رفع مستوى الأمن،ولا يمكن الاطمئنان الى قضية الحقوق الا بوجود قضاء مستقل.ان توكيد الاستقلالية القضائية وخضوعها لضمير القاضي وحده في مباشرة وظيفته دون ان يكون لغير القانون سلطان عليه في فصل الدعاوى والحكم،هو احد اهم معالم المجتمع المدني ومن اكثر المكونات الأساسية للديمقراطية السياسية حساسية.
الاستقلالية والحرية للسلطة القضائية تعنيان ممارسة الدور المهم في بناء دولة القانون وترسيخ مبادئ العدالة،وقدرتها على الحركة وحرية الاداء والتطور ضمن دائرتها،وعدم تأثرها بالمواقف السياسية للسلطة التنفيذية،ودون ان تتقيد بمراقبة السلطتين التنفيذية والتشريعية او تدخل اي منها في عملها او في قراراتها..الاستقلالية القضائية تعني ضمان حقوق الناس وحرياتهم ومنع السلطات الاخرى من التدخل في اعمال القضاء او اغتصاب سلطته عبر سطوة كبار موظفي الحكومة وكبار المقاولين،اي ضمان دفع اي اختلال يساور الاجهزة القضائية في مواجهة التدخلات غير المشروعة والتي قد تدعمها بعض القوى المؤثرة في المجتمع،وفي مواقع اتخاذ القرار،بغرض ارباك العدالة الاجتماعية وتجاوز موازين الحق وتأويل نصوصه الى غير مراميها.الاستقلالية القضائية تعني التزام المؤسسة القضائية بالحيادية وعدم الانحياز لأية جهة كانت،وعدم اخضاع المؤسسة القضائية او قراراتها ليس فقط للسلطة التنفيذية وانما حتى للمصالح الخاصة والسياسية منها،وبالتالي عدم تمكين تلك المصالح من النفاذ داخل جسد القضاء،وتمكنها من احداث شروخ تحرف القضاء عن مسار الاستقلالية والحياد التي يتطلبها الواقع العراقي ومتطلبات العدالة والقانون.
القضاء والشرطة او ما شاكلها من قوات عسكرية وامنية لحفظ النظام يشكلان عنصرين لا يستغني احدهما عن الاخر في دولة المؤسسات،واذا ما اصاب احدهما الضعف فان ذلك ينعكس بشكل سلبي ومباشر على الاخر.وبالرغم ان من اهم القضايا التي وضعت القضاء وقوات الامن على محك الاختبار في العهد الحالي هما مكافحة الارهاب ومحاكمة صدام وزبانيته،الا ان تدخل الحكومة العراقية والطائفية السياسية والجهلة والاميين بالتهديدات والمضايقات يرغم القضاة المخلصين على ترك وظائفهم ومغادرة البلاد او اتباع نهج الانتهازية والتوافقية سبيلا لابتزاز الشعب العراقي.ابتزاز يتحول الى طقس حياتي يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل العتمة المطبقة،ويتجلى في حماية الاقارب والحلفاء السياسيين ضمن تحقيقات كانت تطولهم،والسماح للوزراء بحماية موظفيهم.
"نحن دولة القانون التي لا يشبه قانونها اي قانون..نحن دولة القانون التي كل شيء فيها لا قانون..نحن دولة القانون التي لا يطبق فيها ابسط قانون..فأذا كنا بعد كل هذا دولة قانون،فكيف تكون برأيكم دولة اللاقانون؟!"من دون تشريعات قانونية واجراءات حازمة في اطار خطط وبرامج ملموسة،ومن دون اعتماد الدولة سياسة اقتصادية وبرامج وخططا للنهوض بالاقتصاد العراقي وتحقيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية،لا يمكن ايقاف ماكنة الفساد!من دون تصفية جرائم الفساد في اطار خطة متكاملة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية،لا يمكن اقامة دولة قانون تحقق للجميع الامن وتحمي حياة الانسان وحقوقه،وتستند الى المواطنة،وتوفر فرص العمل المتكافئة وشروط العيش الكريم.ومن دون انماء الوعي القانوني لدى افراد المجتمع،والرابطة الجدلية بين هذا الوعي وروح المواطنة،لا يجر احترام حقوق الآخرين والمحافظة على المال العام وتجنب الاخطاء ومعرفة ما لنا وما علينا في هذا الوطن،والمساهمة في بناء العراق الجديد،العراق الدستوري المؤسساتي.ويستند نهوض الوعي القانوني الايجابي على تطور الوعي المجتمعي لطي صفحات الماضي وسلبياته عبر تكريس مفهوم المواطنة،وحق الجميع بالمال العام وتساوي جميع العراقيين بالحقوق والواجبات والمسؤوليات،بغض النظر عن خلفياتهم القومية او الدينية،او مركزهم الاجتماعي.
من اهم مبادئ اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد ان تكفل الدولة وفقا للمبادئ الاساسية لنظامها القانوني،وجود هيئة او هيئات حسب الاقتضاء تتولى منع الفساد بوسائل من قبيل:وضع وتنفيذ او ترسيخ سياسات فعالة منسقة لمكافحة الفساد،تعزز مشاركة المجتمع وتجسد مبادئ سيادة القانون وحسن ادارة الشؤون والممتلكات العمومية والنزاهة والشفافية والمساءلة.زيادة المعارف المتعلقة بمنع الفساد وتعميمها وبجانب ذلك منح الهيئة او الهيئات ما يلزم من الاستقلالية لتتمكن من الاضطلاع بوظائفها بصورة فعالة وبمنأى عن اي تأثير لا مسوغ له.لابد من وضع القانون الوطني لمكافحة الفساد الاداري الذي يضع توصيفا لحالة المسؤول وتضارب المصالح والتصريح بالممتلكات الشخصية وتوضيح العقوبات الى جانب اعتماده مبدأ الشفافية،واعداد استراتيجية عمل تمتد ما بين ثلاث الى خمس سنوات كخطة لمكافحة الفساد تنطلق عام 2009،واقرار قانون جديد للخدمة المدنية يساعد على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب عبر الاطر التوظيفية الصحيحة واستناد عمليات التعيين والترقية للموظف على اسس علمية.ومن الضروري اصدار قانون يخص هيئة النزاهة وينظم اعمالها من السلطة التشريعية العراقية،فالهيئة لازالت تعمل وفق الامر المرقم 55 لسنة 2004 الذي اصدرته سلطة الائتلاف المؤقت وهو عبارة عن نصوص قانونية ذات نظام (انكلوسكسوني).
في عملية مواجهة الفساد الاداري والمالي لابد من اجراء تغييرات ومراجعة شاملة على كافة التشريعات الخاصة بالاوضاع المحلية النافذة،وخصوصا قانون المحافظات النافذ وقانون ادارة البلديات وتعديلاتهما وتوجيه التشريعات المحلية والاقليمية والاقليمية الثانوية وسواها من تشريعات المدن والقصبات باتجاه تلبية متطلبات التنمية الحضرية والاقليمية اجتماعيا وعمرانيا وثقافيا بل وسياسيا واقتصاديا ايضا.
سيبقى الفساد الى ان تستقل السلطات عن بعضها البعض وفق الدستور،وخاصة السلطة القضائية التي يجب ان تتحرر من كل الضغوط ومنها الخوف،وما دام المواطن دون ضمان صحي ولا ضمان اجتماعي ولا ضمان شيخوخة ولا ضمان للعاطلين عن العمل،وما دامت المرأة لم تدخل لحد الان في معادلة التوازن الاجتماعي للوجود الانساني،ومادام الطفل يولد ويترعرع في بيئة الشد والجذب دون قواعد قانونية صلبة تضمن حاضره ومستقبله..وحتى نصل الى آليات فعالة لمحاربة الفساد،ما علينا الا ان نضع استراتيجية مكافحة حقيقية/معاقبة الفاسدين/وقاية جدية/التوعية والتثقيف/وقبل كل ذلك قيادة سياسية مؤمنة ايمـانـا حقيقيا بتغيير هذا الواقع المر!المطلوب هو تحطيم اغلال الخوف ليلتئم الجميع وتلتحم الهمم في خندق الوطن الواحد،لان حركة الطبيعة وقوانين التطور الاجتماعي لا ترحم المغفلين ولا تترك العابثين من دون جزاء وعقاب.وتتعزز مصداقية القضاء العراقي فقط بمواصلة محاكمة اعوان صدام حسين ومرتكبي الارهاب،مرورا باصدار قرارات القاء القبض على مرتكبي الفساد والجرائم والسرقات بما في ذلك كبار رموز الحكم ورجال الدين بمختلف درجاتهم،وبغض النظر عن مواقعهم،وغيرهم فيما لو تحقق انهم ارتكبوا فعل الفساد والجريمة والارهاب.وعلى وزارة الداخلية وقوات الامن تنفيذ ومساعدة القضاء فيما لو اصدر امرا بالقاء القبض على مرتكبي الفساد مهما كان اصحابها،بل وعرض قضايا الاجرام على القضاء ثم اعلام الشعب بذلك لكي يعرف الجميع بان القضاء عليه مسؤولية الاضطلاع بها وتنفيذها!وباتت المطالبة بعلنية جلسات محكمة الجنايات العليا في القضايا الخطيرة المرفوعة امامها مطلبا شعبيا،ونحتج بشدة ونعارض كل المحاولات الرامية الى تركيع القضاء المستقل!
الخلاصة والمهام
يتحول الفساد(Corruption)من ظاهرة(Phenomena)الى نظام وطريقة للحياة في بلادنا،وآلية لعمل دوائر الدولة العراقية وشركات القطاع الخاص والمؤسساتية المدنية والمجتمعية.واهم مظاهره الرشوة.لقد تحولت الرشوة في بلادنا الى لزوم مهم للمشاريع ولتسيير بعض حلقات العمل الاداري هنا وهناك،وممارسة اجتماعية ناجعة للحصول على الحقوق.ولا يمكن لكاشفي وفاضحي الفساد الاستمرار،ما لم يكونوا ذوي نفوذ وقدرة وسلطان،والا عليهم الهروب او التراجع!
ويمتد الفساد الى ما وراء الاختلاسات المالية ليشمل العديد من مظاهر"سوء استغلال النفوذ والسلطة"مثل المحاباة والمحسوبية والمنسوبية والاكراه والترهيب والاستغلال وشراء الذمم وتقاضى العمولات ونظام الواسطة بهدف تحقيق مآرب سياسية او اجتماعية او تغيير النتائج الانتخابية واعمال التقييم والاستفتاء وتمشية المعاملات او عرقلة المساعدات الانسانية وتحويلها الى مجموعات غير محسوبة اصلا.ومن الطبيعي ان يكون لانتشار الفساد الآثار والتداعيات السلبية على مجمل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية!والفساد جريمة لا تضبط بسهولة لانها جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه بالاخص عندما تكون الانظمة والقوانين القائمة غير منسجمة مع روح العصر،وعندما تسود فترات التراجع السياسي والثوري والانفصام الديني والوطني ونهوض الولاءات العصبوية دون الوطنية كالعشائرية والطائفية والجهوية بديلا عن القانون.
لم تتخل الادارات الحكومية في العراق عن اساليبها القديمة التي اكتسبتها في ظل اوضاع شاذة كان كل هم الموظف فيها،هو ان يحمي نفسه من المساءلة وهو يطبق القانون ولو ادى ذلك الى هدر حقوق الناس وامالهم وتطلعاتهم.الادارات العامة في بلادنا بقت على حالها،رغم تشريع دستور دائم،ويقودها في مرافق متعددة ممن ابدعوا في التفسيرات الرجعية للقوانين النافذة!وتبدو الالاعيب الادارية،واختلاق المبررات،والاختلاسات والرشاوي،والابتزاز،وممارسة التجارة غير المشروعة،وغسيل الاموال،سرقة وتهريب الآثار ونهب كنوز المتاحف،واعمال المضاربة واقتصاد الصفقات والعمولات،محاباة الاقارب والاصدقاء والمعارف،سوء استغلال المعلوماتية للتداول بالاسهم،...تبدو جميعها احيانا لا تمس الانظمة المعمول بها لأنها تخفي جوهر الجرائم.ويؤثر انتشار الفساد عبر الرشاوي والاكراميات مقابل الحصول على الخدمات والتراخيص والمستحقات ورفع الاسعار،سلبيا على مناخ الاستثمار والتنمية الاقتصادية.
ولازال العراق يقبع في مقدمة الدول التي ينتشر فيها الفساد وفق منظمة الشفافية الدولية Transparency International(يرمز لها اخنصارا TI)،وهي منظمة دولية غير حكومية معنية بالفساد،بما فيه الفساد السياسي،وتشتهر عالميا بتقريرها السنوي مؤشر الفساد،مقرها الرئيسي يقع في برلين.وتقوم المنظمة بتحديث ثلاثة معايير سنويا لقياس الفساد وهي:مؤشر ادراك الفساد(يرمز له اختصار CPI،ويقوم بترتيب الدول حول العالم حسب درجة مدى ملاحظة وجود الفساد في الموظفين والسياسيين اعتمادا على آراء الخبراء حول احوال البلدان الفاسدة)،والبارومتر العالمي للفساد(القائم على استطلاعات مواقف الرأي العام وخبرتهم مع الفساد)،واستطلاع دافعي الرشى الذي يبحث في استعداد الشركات الأجنبية لدفع الرشى.ان ضعف المؤسساتية وغياب الشفافية في الادارة العامة والمالية للدول وضعف القدرة على الحد من نفوذ المسؤولين الفاسدين وغياب النظام القضائي المهني المستقل والنزيه الذي يكون باستطاعته ان يحد من حصانة المنصب هي عوامل رئيسية تساهم في انهيار ترتيب دولة ما من على سلم الشفافية.ان تكرار اسم العراق على مدار السنوات الماضية يرجع الى انه اصبح في بؤرة الاهتمام العالمي منذ التاسع من نيسان 2003 فضلا عن توافر المعونات الدولية لعمليات اعادة الاعمار.
اسهمت عوامل كثيرة في انتشار الفساد السرطاني بالعراق،ومنها اتباع نظام المحاصصة في الدوائر السياسية وجميع مرافق الدولة واجهزتها(للفساد محاصصة تحميه)،الازمات الدورية بين حكومة المركز والحكومات المحلية وهشاشة الرقابة والاشراف،عدم متابعة الاموال التي قدمتها الدول المانحة للعراق وبخاصة التي قدمتها القوات متعددة الجنسيات الى الوزارات او الحكومات المحلية لاقامة مشاريع معينة بعيد التغيير، الامر الذي جعلها في عداد المال السائب الذي يشجع ضعاف النفوس على السرقة،تواضع الاجراءات القانونية اللازمة بحق اعلام الفساد،الفساد الاداري وعدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب،الفساد السياسي و(اسكت عني واسكت عنك)،عدم وجود الكشوفات المالية المطلوبة من وزارة المالية والدوائر المرتبطة بها تبين من خلالها ديناميكية الايرادات والانفاق!.
ان الفساد المتفشي في اغلب مؤسسات الدولة كان ولا يزال احد الروافد الحيوية المغذية لعوامل العنف المباشر ومصدر تمويل ثري بالنسبة للجماعات المسلحة،فضلا عنه كونه وسيلة غير شرعية لدى بعض الاحزاب المشاركة في العملية السياسية،لتمويل نشاطاتها واثراء بعض اعضائها دون مراعاة لحقوق بقية المواطنين.لقد وقف الفساد وراء حرائق المؤسسات الحكومية،وحرائق اخرى بضمنها ماحدث لعدد من الاسواق التجارية!كما وقف وراء سرقة المصارف،ومنها فضيحة مصرف الزوية!جعجعة السلاح تتعالى وطبول الحرب تدق ايذانا بوجود منازلة كبرى بين اعلام الفساد ومن يتحمل مسؤولية الدفاع عن المال العام!لمصلحة من يـُحصّن الفاسدون؟
ولاجل مكافحة الفساد يتطلب ايجاد الموازنات التالية التي لا غنى عنها:
الاولى: هي ملاحقة الفساد والمفسدين بكفاءة دون ان يؤدي ذلك الى تعطيل جهود الاعمار والبناء،ويكون ذلك عبر ملاحقة المفسدين دون ان تتورط في ملاحقة المخلصين بوشايات كاذبة او بدوافع سياسية شخصية.
الثانية: تحقيق التوازن بين ملاحقة الفساد والحفاظ على حقوق الانسان،فمن غير المقبول ان تهدر مبادئ حقوق الانسان تحت حجة ملاحقة الفساد،لان الحفاظ على اعراض الناس وحرياتهم مسألة لا تقل اهمية من السيطرة على الفساد!
الثالثة: ضرورة الاستمرار بحملة مكافحة الفساد دون توقف وبغض النظر عن تبدل الحكومات،مع ابعاد قضايا الفساد عن الصراعات الحزبية،وضرورة عدم دفاع اي حزب عن اعضائه في حالة اتهامهم بالفساد!
تحتاج معالجة الفساد الى جهود كبيرة وفترة زمنية ليست بالقصيرة،يشمل ذلك وضع البرامج لمعالجة هذه الظاهرة على كل الاصعدة ابتداءا من مناهج التربية والتعليم واعادة تشكيل شخصية المواطنة العراقية ومسؤوليتها ازاء بناء العراق،واعادة ثقة المواطن بعملية البناء ومحاربة الفساد على اساسها،لا ان تكون البرامج المطروحة لمعالجة هذه الظاهرة برامج تخدم حملة انتخابية او تبؤ منصب ما في الدولة العراقية .
اتباع سياسة تنموية مستديمة تخفف الضغط المالي على الاقتصاد الوطني وتكف عن الاعتماد على مورد واحد هو قطاع المحروقات،ليجر تعبئة الموارد الانتاجية والاستخدام الفعال للموارد البشرية وليخفف من حدة الاحتقان الاجتماعي،وتنويع الاقتصاد العراقي ليمتد الى قطاعات كثيفة الاستخدام للايدي العاملة!
وضع حد لعمليات الخصخصة،كونها اضعاف لقدرة الدولة والتخلي عن دورها المركزي في عملية التنمية والاعمار وتقويض سيادتها والسيطرة على مقدراتها الاقتصادية،مع ما يرافق ذلك من تهديد للهوية الوطنية وازدياد مرعب في معدلات البطالة والفقر،دون ان ننسى الأزمات التي يمكن ان تنسف من الجذور الامن والسلم الاجتماعيين!
مكافحة الطائفية السياسية على كافة الاصعدة وفصل الدين عن الدولة،وتفعيل الولاء للوطن والشعب والامتثال للدستور العراقي،ومحاربة البيروقراطية في الجهاز الاداري،ورفع الغطاء عن عـورة عبيــد التحاصص والتوافق والمشاركـة في فرهدة الاسلاب"فالناس تراكمت لديهـا الأدلـة الحيـة والأثباتات الدامغـة".ان معالجة ظاهرة الفساد حديث اجوف دون القضاء على السدود المنيعة التي يحتمي خلفها الفاسدين ومنها المحاصصة الطائفية والسياسية التي وفرت الحماية لمافيات الفساد،ومن الضروري ابتعاد الاعلام المرئي والمسموع عن بث البرامج الدينية ليتعامل مع الارهاب ليس برؤية طائفية بل برؤية قانونية ليعتبره اجراما وليس واجبا دينيا او جهادا منصوص عليه بالكتب السماوية،ومناهضة الحملات الايمانية الجديدة والنصوص المندلعة على الجدران واليافطات المعلقة والتغيير الطائفي لأسماء المدارس والمستشفيات والمنتزهات والقرى والمدن.
الديمقراطية الحقيقية،السياسية والاجتماعية،هي الحصن الحصين والمنيع والفعال ضد الفساد.ان مواجهة الفساد تتطلب ارادة سياسية وحزما واخضاع سلطة الدولة بصورة كلية لقواعد مؤسساتية حازمة.وهذا يتطلب جعل المبادئ الديمقراطية عمليا كوساطة سياسية بين الدولة والقوى الاجتماعية كافة،وتفعيل القوانين،واحلال البديل الوطني المخلص النزيه في دوائر الدولة ومؤسساتها،فهو الضمان الحقيقي لانجاح العملية السياسية والديمقراطية وبناء العراق الديمقراطي التعددي الفيدرالي.
تعبئة كل الجهود الخيرة على المستويين الشعبي والرسمي،وتفعيل الدور الرقابي لمجلس النواب المعطل بسبب المحاصصة وتعديل المادة 136ب من قانون اصول المحاكمات الجزائية النافذ،والتي تنص على وجوب استحصال موافقة الوزير عند احالة الموظف المفسد للقضاء،ودعم وتفعيل دور هيئة النزاهة وتمكينها من اداء مهامها بعيدا عن التدخلات السياسية.
دعم ومشاركة ديمقراطية شعبية من كل مؤسسات المجتمع المدني،ومساهمتها في كشف الفساد الاداري والمالي امام الجهات الحكومية بشكل علمي وملموس وموثق.والمبادرة لتشكيل لجان شعبيـة كمنظمات مجتمع مدني،على صعيدي الداخل والخارج،لفضـح ظاهرة الفساد ومتابعة الفاسدين والمختلسين ومساءلتهم ورفع القضايا القانونية ضدهـم.
التصدي لمنهجية طمس الحقائق والسعي الى تطويعها وفقا للمصالح الطائفية والفئوية الضيقة في ظل الفوضى وغياب دولة القانون والدور الرقابي الفاعل للبرلمان،وفي اطار صراع المصالح،والاجراءات الحكومية الترقيعية،ومنهجية شراء السكوت المتبادل!ان التستر المتبادل هو احد شرائع الديمقراطية التوافقية التي نفثتها المحاصصة البغيضة في حياتنا!
تشريع القوانين التي تؤسس للدولة الحديثة،ومنها قانون عصري للاحزاب ولمنظمات المجتمع المدني وقانون للصحافة والاعلام الحر الذي يمتلك دوره الأساسي في كشف الفساد في مهده واجهاضه!ومن الضروري عدم التدخل الحكومي في العمل النقابي المهني،تحريم اشتراك القوى الطائفية والتي تمتلك الميليشيات ولها ارتباطات اقليمية ودولية في العمل الانتخابي.وتبني قانون انتخابات عصري وحضاري وديمقراطي يقوم على النظام النسبي والقائمة المفتوحة،وجعل العراق دائرة انتخابية واحدة تحقيقا لمصلحة الجميع وضمان لها،اي احترام صوت المواطن من اجل المشاركة وضد التهميش وشرعنة الاقصاء،ورفع الحيف عن الاصوات التي يتم الاستحواذ عليها بقوة القانون.كما يستلزم تثبيت العمل في كوتا تمثيل النساء بنسبة 25%على الاقل،ومراعاة تمثيل"الاقليات"بنســب معقولة وتثبيت عمر الناخب ب 18 عاما،وســن الترشيح لمجلس النواب ب 25 عاما!الى جانب اقرار قانون ينظم عمليات صرف الاموال في الحملات الانتخابية،واجراء التعداد السكاني،وتثبيت البطاقة الشخصية الالكترونية،وعدم اعتماد البطاقة التموينية في الانتخاب!
محاصرة الفساد الانتخابي ومقاولي الاصوات وسماسرة الانتخابات والانتهاكات الفاضحة وممارسة التهديد،اطلاق الوعود الكاذبة،واشاعة اجواء الخوف،وشراء الاصوات والولاءات بالمال السياسي والمال العام،واخفاء مصادر التمويل،وتمزيق الملصقات والصور،واستخدام وسائل ومناصب الدولة ومؤسساتها،ومحاصرة"المنافسين"الآخرين بشتى الوسائل غير المشروعة،وتمرير المرشحين الاشباح،وفضيحة الشهادات المزورة،الاصرار على جعل المساجد والحسينيات منابر دعاية انتخابية،توزيع(البطانيات والموبايلات والدولارات والرشوات والامتيازات والتهديدات..الخ)وشراء الاصوات وعرض الوظائف ورمي القسم لغرض شراء الاصوات الرخيصة مع الاستخفاف بكرامة الناس.
تفعيل انظمة المساءلة والشفافية داخل مؤسسات السلطة،وتأهيل وتفعيل هيئة النزاهة،واستكمال جميع المقومات التي تساعدها على مكافحة الفساد وتدعيم استقلاليتها المالية والادارية،والايعاز لكل مؤسسات الدولة بتسهيل مهمة ممثليها وتقديم ما يمكن من العون،ومن الضروري اصدار قانون عصري يخص هيئة النزاهة وينظم اعمالها من السلطة التشريعية العراقية..وانشاء لجنة عليا دائمة لمحاربة الفساد المالي والاداري من لجنة النزاهة في البرلمان،ومن هيأة النزاهة ومن ممثلي الاحزاب والمنظمات الجماهيرية،شبيهة بقيادة عمليات مكافحة الارهاب وفرض القانون،لأن الفساد المالي والارهاب هما توأمان خطران على مصالح وطننا وشعبنا.
تشريع القانون الوطني لمكافحة الفساد الاداري"الكسب غير المشروع""اشهار الذمة""من اين لك هذا؟"التي تضع توصيفا لحالة المسؤول وتضارب المصالح والتصريح بالممتلكات الشخصية وتوضيح العقوبات،الى جانب اعداد استراتيجية عمل تمتد ما بين ثلاث الى خمس سنوات كخطة لمكافحة الفساد تنطلق عام 2010،واقرار قانون جديد للخدمة المدنية يساعد على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب عبر الاطر التوظيفية الصحيحة واستناد عمليات التعيين والترقية للموظف على اسس علمية.ومن الضروري العودة الى تطبيق"استمارة ترجمة الحال"التي سبق وطبقت في العهدين الملكي والجمهوري في العراق بغية ضبط الاموال المنقولة وغير المنقولة عند تسلم مناصب رفيعة لها علاقة مباشرة او غير مباشرة بالامور المالية ومصالح الشعب الاقتصادية.
الاحتجاج بشدة ومعارضة محاولات تركيع القضاء المستقل،ومواصلة محاكمة اعوان صدام حسين ومرتكبي الارهاب،مرورا باصدار قرارات القاء القبض على مرتكبي الفساد والجرائم والسرقات بما في ذلك كبار رموز الحكم وكبار رجال الدين والمرجعيات الدينية بمختلف درجاتها وبغض النظر عن مواقعها وغيرهم فيما لو تحقق انهم ارتكبوا فعل الفساد والجريمة والارهاب.وعلى وزارة الداخلية وقوات الامن تنفيذ ومساعدة القضاء فيما لو اصدر امرا بالقاء القبض على مرتكبي الفساد مهما كان اصحابها،بل وعرض قضايا الاجرام على القضاء ثم اعلام الشعب بذلك لكي يعرف الجميع بان القضاء عليه مسؤولية الاضطلاع بها وتنفيذها!
الدعوة لعقد مؤتمرات موسعة حول الحاكمية وبناء البنى الالكترونية والمساهمة في مكافحة الفساد والتحول الى مجتمع معلوماتي.وهذا يتطلب التأكيد على ان يكون نظام الادارة في المنظمات نظاما قائما على اساس الانفتاح والديمقراطية،تطوير الاجراءات والنظم الادارية الخاصة باداء الاعمال واختيار العاملين.
ينبغي ان تكون العمليات المالية لتجارة الدولة،داخليا وخارجيا،جارية تحت ضوء الشمس لأن الفساد يترعرع اساسا في الظلام،وهو امر من السهل اكتشافه وردعه في المجتمعات التي تتمتع بالشفافية.
تفعيل النظام المصرفي العراقي،وتوفير الحماية المصرفية والقضائية والأمنية للاستثمارات في بلادنا،وتنشيط دور القضاء التجاري،ناهيك عن الجنائي،لردع الفساد والجريمة المنظمة وابتلاع املاك الغير.وتسخير اجهزة فرض القانون للعمل في خدمة القضاء وليس العكس،فمن يحميها من ابتزاز لصوص العمولات وتقاسم ارباحها مع قطاع الطرق من ادنى درجاتهم الميليشاوية في الشارع وحتى الحيتان الكبيرة في مفاصل الدولة العليا.
الشروع باجراءات تدوير ونقل مدراء الحسابات والمالية والرقابة الداخلية والتجارية والمفتشين العامين وامانة الصندوق واي عنوان وظيفي اخر يؤديه موظف له مساس بالمال العام،بين دوائر ووزارات الدولة،من الذين امضوا ثلاث سنوات في نفس الموقع الوظيفي ونفس الدائرة،خدمة للصالح العام والحفاظ على المال العام.
التعاقد مع الشركات الاجنبية الاستشارية الهندسية ذات السمعة الممتازة للاشراف على تنفيذ المشاريع الاستثمارية التي تنفذ من قبل شركات اجنبية او وطنية حسب شروط العقد المبرمة بين الطرفين،وبالتنسيق مع المجلس الاستشاري العراقي المرتبط بمجلس الوزراء.واحالة المشاريع الاستراتيجية الى الشركات العراقية الحكومية بدعم من الدولة،لأن كثيرا من هذه الشركات لديها خبرة عالية في هذا المجال مثلا شركات الطرق والجسور وشركات صيانة وكري وتهذيب الانهر وشركات المباني واستطلاع الاراضي الزراعية وشركات انشاء السدود والنواظم وتبطين الانهر والجداول الرئيسة والفرعية وغيرها من الشركات.والمطالبة بشهادة تصنيف المقاولين الصادرة من وزارة التخطيط،واحالة المشاريع الى شركات القطاع الخاص العراقية التي لديها باع طويل في تنفيذ تلك المشاريع،شريطة ان تقدم شهادة عمل حول طبيعة اعمالها ومماثلة لتلك الاعمال او المشاريع وعن طريق المناقصة السرية وعدم القبول بأوطأ العطاءات.
تشكيل مجلس اعمار من الكفاءات العلمية الكفوءة والنزيهة بعيدة عن المحاصصات الطائفية والاثنية والحزبية ويرتبط بمجلس الوزراء يترأسه موظف بدرجة وزير،يكون مسؤولا عن تنفيذ المشاريع الاستراتيجية المتعاقد عليها مع الشركات الاجنبية والوطنية.وتشكيل لجنة وزارية هندسية ومن الاختصاصات الاخرى لتقديم تقاريرها الدورية للوزير المختص او الى رئيس الحكومة المحلية التي تنفذ المشاريع.ومن الضروري عدم احالة المقاولات والمشاريع الاستثمارية عن طريق الدعوة المباشرة او المناقصة العلنية حسب التعليمات السابقة قبل 9/4/2003 لان ذلك يؤدي الى استغلال المال العام بطرق شتى معروفة للجميع.
تفعيل لجان الاختصاص في مجلس النواب والحكومة الاتحادية والبرلمان الكردستاني،المسؤولة عن متابعة المشاريع التي تنفذها الحكومة،اضافة الى المجالس الاستشارية المشكلة لهذا الغرض.
محاصرة عمليات النصب والاحتيال.والتحقيق بجرائم الشركات الوهمية التي تمارس عمليات ايقاع المواطنين في عدد من المحافظات في شباكها بحجة توظيف الأموال وتحقيق ارباح سريعة،اذ تختلس اموالهم بحجة استثمارها.وكشف الشخصيات التي تقف وراءها،وصلاتها بمشروع تمويل النشاط الارهابي وعصابات الجريمة المنظمة،التي تمارس عمليات غسيل الأموال.ومن المهم بمكان الكشف عن عورات القطاع الخاص وديناصوراته والخنازير العابثة في الاقتصاد وفي التجارة على وجه الخصوص،التي تسوق البضائع الفاسدة المطروحة في اسواقنا بمئات الأطنان!وكذلك البورجوازية العقارية والمتلازمات الطفيلية والبيرقراطية!
معالجة مظاهر البيروقراطية المفرطة وسوء الادارة والفساد المالي وعشعشة بقايا البعث العفن في هيئة حل نزاعات الملكية العقارية ودوائر التسجيل العقاري،وسرقة وثائق ثبوتية من الملفات والتلاعب بالقضايا لصالح من يدفع الرشوة او يهدد من المالكين الحاليين ومن المؤجرين،كما ان مدة التمييز غير محددة.ومن الضروري معالجة فوضى الاراضي وامتلاكها بغير حق تحت مسميات ما انزل الله بها سلطان!وتحديث الاداء الفني لدوائرالتسجيل العقاري.
المباشرة الفورية لتطبيق قانون الذمم المالية للذين يشغلون مناصب مهمة في الدولة!ولعوائلهم والجهات المقربة الى حد الدرجة الرابعة منهم!
اجراء تغييرات ومراجعة شاملة على كافة التشريعات الخاصة بالاوضاع المحلية النافذة،وخصوصا قانون المحافظات النافذ وقانون ادارة البلديات وتعديلاتهما وتوجيه التشريعات المحلية والاقليمية والاقليمية الثانوية وسواها من تشريعات المدن والقصبات باتجاه تلبية متطلبات التنمية الحضرية والاقليمية اجتماعيا وعمرانيا وثقافيا بل وسياسيا واقتصاديا ايضا.
تكليف اشخاص ذوي سمعة تاريخية سياسية طيبة في المناصب المالية والادارية ذات صلة بالمال العام وذوي درجة عالية من الكفاءة والنزاهة.وتشكيل مكاتب المفتش العام الفرعية في جميع المؤسسات الحكومية الاتحادية والكردستانية،وان يكون اعضاؤها تلقائيا اعضاء في لجان فتح وتحليل العطاءات وتسلم العمل الهادف الى حماية المال العام من الهدر،على ان يكون هؤلاء ذوي صفة عالية من الاخلاق والكفاءة والنزاهة وذوي تأريخ وطني ناصع والاخلاص للوطن والشعب.ومن المهم ان يكون المفتش العام صاحب مشروع تربوي متكامل،بهدف تسريع النمو الاقتصادي وتشجيع عوامل التكافل الاجتماعي،واعتبار المال العام وحمايته مهمة وطنية يتحمل الجميع مسؤولية انجاحها،ورفع شعار"من اين لك هذا".
صرف المبالغ التي ترصد للوزارات العراقية،وفق ضوابط حسابية علمية مدونة،وان تكون الرقابة مستقلة بعيدة عن تأثيرات الوزراء،وبتدقيق وكشف حسابي نصف سنوي وسنوي،واعطاء المعلومات التي يجري الحصول عليها،مدونة الى رئاسة الوزراء وباجتماع جميع الوزراء،لمتابعة اوجه الصرف ومحاسبة المقصرين ووفق الضوابط الدستورية.
وضع ضوابط صارمة لاجراء التعيينات على اسس الكفاءة العلمية والنزاهة،والابتعاد عن المحسوبية والمنسوبية والرشوة في التعيينات.
تفعيل القضاء العراقي المستقل لمحاسبة المسيئين في نهب المال العام والفساد الاداري وامام انظار الشعب اعلاميا،وقبل ان يفكروا بالهرب او تحرق ملفاتهم في حريق مفتعل،ليكونوا عبرة لمن اعتبر ولمن ينوون الترشيح للانتخابات القادمة،اي ملاحقة الفساد والمفسدين بكفاءة دون ان يؤدي ذلك الى تعطيل جهود الاعمار والبناء،ويكون ذلك عبر ملاحقة المفسدين دون ان تتورط في ملاحقة المخلصين بوشايات كاذبة او بدوافع سياسية شخصية.
ان الدعوة لاستجواب الوزراء هي دعوة دستورية صرف لا يجب التمترس،طائفيا وحزبيا وراءها،كما لا ينبغي النظر اليها من باب الحزبية الضيقة.ان اعاقة الاجراءات القانونية اللازمة بحق الوزراء المفسدين والمتقاعسين عن ادائهم الوظيفي هي اشتراك في جريمة الفساد.
من الاهمية بمكان ان يحمل الوزير في الدولة الجنسية العراقية،واسقاط الجنسية الأجنبية مصدقة من البلد نفسه خلافا لذلك،وعدم منح السياسيين جوازات سفر دبلوماسية!واخضاع السياسيين للتفتيش في المطارات ومخارج الحدود العراقية،وعدم السماح لهم بحمل اكثر من عشرة الاف دولار وفق القانون الدولي.
وضع مادة الفساد كمادة ثقافية في المناهج الدراسية في المرحلة الابتدائية وحتى الدراسات العليا،وغرس الروح الوطنية وحب الشعب والعمل بنكران ذات في الدفاع عن مصالح الشعب وعن ثروة العراق،وان تأخذ وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة دورها في غرس المفاهيم الوطنية وحب الوطن والمواطنة الصالحة.
ترشيح الشرفاء والمخلصين في السلك الدبلوماسي لاعادة بناء الوطن،لا بقايا مزابل النظام الساقط تنكرا واستخفافا بكل دماء الشهداء وتضحيات ابناء الشعب العراقي،لا الاقزام والخدم التي ترقص مع كل طبل يقرع.
مطالبة مجلس القضاء العراقي الاسراع بتنفيذ العقوبات الصادرة منذ عام 2006 بحق الكثيرين ممن هم الان في السجون،والبعض منهم مدان بقتل آلاف العراقيين،ويعيشون اليوم في غرف مكيفة وكل الخدمات متوفرة لهم.ومطالبة مجلس الرئاسة بالمصادقة على احكام اعدام القتلة وعدم تأخيرها!
الوقوف بوجه كل المحاولات الحكومية لتركيع المفكرين العراقيين من خلال تشغيل الاسطوانة المشروخة اسطوانة الافكار الهدامة،ومحاولة فرض الرقابة على الكتب والمطبوعات التي تدخل العراق وحجب بعض المواقع الالكترونية.
الشروع بتنفيذ مشروع الحكومة الالكترونية الذي يربط دوائر الدولة فيما بينها،لتقليل التوسع بالاوراق المطلوبة من المواطن والاكتفاء فقط بتقديم الطلب.والالغاء الفوري لشبابيك المراجعة عبر فتح مكاتب الموظفين امام المواطن ليتكلم معهم وجها لوجه،ليس من وراء حاجز او شباك احتراما للمواطن.ووضع موظف او موظفة لاستقبال المواطن وتوجيهه الى الموظف المختص لمعاملته.من الضروري التعامل الطيب مع المواطنين خلال تعقب معاملاتهم في دوائر الدولة،ورفع شعار الموظف في خدمة المراجع،وليس له الحق ان يتعامل بشكل بيروقراطي مع المواطنين،والنظر للمسؤول والمواطن العادي بعين واحدة.ويجب التثقيف بان الموظف خادم لمجتمعه من خلال وظيفته العامة على ان يكون هذا مبدأ لا شعارا،وان الوظيفة هي تكليف وليست تشريفا.
مكافحة شبكات مافيا المتاجرة بالاعضاء البشرية،التي يتبرع بها البعض ممن يضطرهم العوز المادي،وانزال اقصى العقوبات بعصاباتها!وهذا يشمل شبكات الترويج لتجارة المخدرات وحبوب"الكبسلة"ومنتجات المياه المعدنية غير الصالحة للاستهلاك البشري،وكل شبكات ومظاهر الفساد الصحي الذي ابتلت به المستشفيات والصيدليات وكافة المؤسسات الصحية.
انشاء شركات عامة مساهمة جديدة تساهم فيها الدولة برأسمال لا يقل عن 40% ولمختلف الاختصاصات استيرادية،تصديرية،استثمارات مالية وعقارية واطلاقها في سوق الأوراق المالية.والزام الشركات الالتزام بعقودها،ومنها فتح باب الاستكتاب العام لبيع الحصص المقررة للمواطنين في العقود وبالسعر الاسمي للسهم!وعلى دائرة تسجيل الشركات حماية المواطنين واصحاب الاموال من الاحتيال الذي تمارسه بعض الشركات والمصارف،خاصة الوهمية منها.ومن الضروري معالجة البيروقراطية الادارية المفرطة والروتين ومحاولات الابتزاز في دائرة تسجيل الشركات نفسها،واصدار لوائح تنظيمية بتعليمات الاجراءآت الواجب اتباعها لكل انواع المعاملات!
مكافحة اي توجهات لالغاء البطاقة التموينية في الظروف الراهنة،وتأمين تدفقها ومفرداتها وتحسين مكوناتها ومستوى شموليتها!
ادانة التدخلات الحكومية في شؤون النقابات والمنظمات المهنية،وفضح الارهاب الذي يستهدف المدنيين وقياديي النقابات وغيرها من المؤسسات الوطنية العراقية ومنظمات المجتمع المدني،والوقوف ضد كل اشكال الانتهاكات التي يتعرض لها النقابيون،ومطالبة الحكومة والقضاء بالاسراع في ضمان النشاط النقابي بصورة عامة!وضمان الحريات النقابية للطبقة العاملة والشغيلة بصورة خاصة وحقهم في التنظيم النقابي في جميع المشاريع الانتاجية والخدمية بضمنها مشاريع الدولة!
الغاء القرار 150 لسنة 1987 واصدار قانون جديد للعمل وتشريعات خاصة بالتنظيم النقابي والمهني،بما يحمي حقوق العمال ومصالحهم الاقتصادية والاجتماعية ويحول دون تعرضهم تلى الفصل الكيفي،ورفع مستوى معيشتهم ويضمن حياة لائقة للمتقاعدين منهم وكبار السن.
تصعيد التحرك الجماهيري الضاغط ضد تفاقم صعوبات العيش واشتداد الازمات في شتى ميادين الحياة اليومية،وتحت تأثير الشعور بالاحباط ازاء مجمل اداء الحكومة وعدم وفائها بما اطلقت من وعود،والسخط على الاجراءات المستعجلة وغير المدروسة التي تقدم عليها،بالمظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات وتقديم المذكرات.
مكافحة المضاربة بالعملة وافتعال الندرة لرفع الأسعار،والعمل بهمة في شراء وبيع الأراضي بطرق مشروعة وغير مشروعة،واستغلال المصارف للحصول على تسهيلات ولو بأساليب ملتوية!والتفوق غير المسبوق في عمليات غسل الاموال وانتقالها غير المشروعة!
محاصرة انشطة اقتصاد الظل بطابعه الخدمي البدائي غير المحكوم بضوابط وتشريعات محددة وبضعف انتاجيته وقلة القيم التي يخلقها وتردي ظروف العمل،،مستوعبا قسما من العاطلين عن العمل والمهمشين اقتصاديا وخاصة عمالة الاطفال!
دعم المؤسسات الحكومية والتعاونية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بحماية المستهلك للحفاظ على حق المواطن في الحصول على السلع والخدمات التي يشتريها على احسن وجه.
مكافحة الجرائم الاقتصادية واموال الشعب المنهوبة وممتلكاته المسلوبة وافلات مرتكبيها من العقاب!واتخاذ الاجراءات الحازمة لمعاقبة الحواسم وكل الجماعات التي تغيرت اوضاعها الاقتصادية بسرعة قياسية بفضل ما نهبت من موارد الدولة ومؤسساتها المالية والاقتصادية وما انتزعت من المواطنين عن طريق الابتزاز والتهديد والخطف!
معالجة البطالة ومحدودية فرص العمل للعاطلين من الشباب الذين تملأ جنابرهم شوارع الوطن،ولا تتعلم سواعدهم غير دفع عربات الحمل الحديدية والخشبية!
معالجة الفساد في وزارة الهجرة والمهجرين وتدني مستوى الكفاءات الادارية والتقنية فيها،وثقافة الغش والخداع والتمويه والاحتيال والنصب والفهلوة واهدار المال العام!ومعالجة بيزنس الارتشاء والتهريب داخل المؤسسات الحكومية عموما،والذي يؤدي الى التدمير الروحي للمجتمع والى الفتك بالارواح وتدمير البلاد!ان وزارة الهجرة والمهجرين ينبغي ان تلجأ الى آلية تواصل حضارية سريعة مع الوزارات الاخرى المعنية بجعل عملية العودة سلسة ومغرية وجذابة،لا العكس،لأن القوانين والانظمة والاوامر والتعليمات والشخصيات المتآكلة التي عفا عليها الزمن مازالت هي المتحكمة بمفاصل العمل.
قضية المهجرين واللاجئين بحاجة الى معالجة واقعية شاملة وبرنامج وطني شامل وعمل متواصل بحرص ومثابرة وجدية،حملة وطنية شاملة تتضمن حلولا عملية واجراءات سريعة وعاجلة واجراءات اخرى استراتيجية طويلة الأمد لمعالجة الاوضاع السيئة وظروف القهر والعوز التي يعاني منها المهجرون،وتقديم كل الرعاية والدعم والاسناد لاعادة تأهيلهم واندماجهم بالمجتمع واعادة البسمة الى شفاه الاطفال والفرح والدفء الى تلك العوائل التي عاشت فصول المأساة المرعبة!
رغم انتقال وزارة الكهرباء الى بنايتها الجديدة الفخمة،وتمتع المسؤولين بالمكاتب الوثيرة،والعاملين بالامتيازات غير المسبوقة!يتمادى هؤلاء في تحويل الفساد من ظاهرة الى نظام وطريقة للحياة في بلادنا!ولا توجد قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين والفاسدين في الوزارة.ويتوافق الغش والاختلاس والتواطؤات واساليب الخداع مع نشاط القطاع التجاري والمقاولات الأهلية لتخسر الدولة عبرها اموالا لا حصر لها.وزارة تبيح لنفسها تبرير الانقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية والنفعية الاقتصادية،كما تقوم بذات الوقت في تشجيع الولاءات دون الوطنية،وهي نفس القوى التي تتجاوز على الكهرباء وتسرقه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر.
ان تحقيق تقدم على طريق تحسين الخدمات العامة،يرتبط بشكل كبير،بالتصدي الجدي،غير الانتقائي وغير المسيس،لمظاهر الفساد الاداري والمالي الذي اصبح عقبة كأداء يلقي بثقله على الحياة العامة في بلادنا.
احترام رموز العراق التاريخية والثقافية ومناهضة جرف قبورهم ومحو آثارها،بحجة انشاء ممر آمن لتأمين تنقلات المسؤولين،كالشيخ جلال الدين الصغير من والى جامع براثا مثلا.
المصادر:
راجع دراسات ومقالات الفساد في الانترنيت للاساتذة والمؤسسات- طارق عيسى طه،علي عبد السادة،احمد محمود القاسم،رضا الظاهر،جاسم الحلفي،جاسم المطير،سلام خماط،محمد حميد الصواف،محمد وحيد دحام،جاسم هداد،ماجد زيدان،رائد فهمي،احمد جويد،ميثم العتابي،ابراهيم المشهداني،سالم روضان الموسوي،علي احمد فارس،ابراهيم زيدان،مهدي زاير جاسم العكيلي،شاكر النابلسي،نزال رياح الغزالي،فارس حامد عبد الكريم،زياد عربية،نوزاد شريف،كاظم حبيب،سنان احمد حقي،مالوم ابو رغيف،عبد الزهرة حسن حسب،رحيم حسن العكيلي،صالح العميدي،ناهي العامري،حميد مجيد موسى،عادل حبة،قاسم عناد،رياض سعودي،فلاح علي،كاظم خضير القريشي،مصطفى محمد غريب،جمال منصور،محمود العكيلي،عبد المعطي لطفي،جون سوليفان،الكسندر شكولنيكوف،روبرت بيشيل،لورنس كوكروفت،جيرمين بروكس،آيلين كول كاوفمان،المنظمة الدولية للمحاسبة عن المسؤولية الاجتماعية(SAI)،معهد المجتمع المفتوح(OSI)،مركز المشروعات الدولية الخاصة(CIPE)،سعد الجادري،كاظم الحسيني،مسلم عوينة،علاء السعيد،لطيف القصاب،شيروان الحيدري،محمود حمد،شوقي العيسى،رحيم الغالبي،حاكم كريم عطية،جودت هوشيار،محمد عبدالله،امين يونس،كريم السلامي،متي كلو،نوري حمدان،محمد علي محيي الدين،علي الأسدي،كريم الربيعي،جمال المباركي،كريم حنا وردوني،عادل كنيهر حافظ،محمود القبطان،كامل زومايا،عبد الرحمن دارا سليمان،تحسين المنذري،فاضل رشاد،سمير اسطيفو شبلا،مظهر محمد صالح،عبد المنعم الاعسم،نهلة ناصر،وداد فاخر،اكرم مطلك،غسان حبيب الصفار،ضياء المرعب،معد فياض،زهير الدجيلي،نبيل الحيدري،علي عرمش شوكت،طارق جمباز،كريم صوفي،نجم خطاوي،افتتاحيات جريدة طريق الشعب،عراق الغد،الينابيع،وثائق وبحوث المؤتمر العلمي الاول لهيئة النزاهة 2008.كما راجع الدراسات التالية للكاتب:
فساد عراق التنمية البشرية المستدامة
الفساد - سوء استغلال النفوذ والسلطة
الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه
غسيل الاموال - جريمة الفساد العظمى في العراق
دكاكين الفساد ، وفساد الدكاكين
جرائم الفساد في العراق
المفاتيح في سلطات ما بعد التاسع من نيسان
حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
الفساد والافساد في العراق من يدفع الثمن
العقلية الصدامية في الابتزاز تنتعش من جديد
الارهاب الفكري والفساد في الجمعية الوطنية
عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة
فساد الحكومة العراقية واللطم بالساطور الديمقراطي
الارهاب الابيض في عراق المستقبل المجهول..مساهمة في مكافحة الفساد
نحو استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الارهاب الابيض في العراق
يمنحوهم المخصصات ويستقطعونها منهم بأثر رجعي!
مصرف الزوية وتركيع القضاء المستقل
فساد دوائر الطابو في العراق..طابو البياع نموذجا
الفساد الصحي في العراق..عبد المجيد حسين ومستشفيات كربلاء نموذجا
الاتصالات والشركات الترهات في العراق
المفوضية والفساد الانتخابي والميليشيات الانتخابية
فن تفتيت الحركة الاجتماعية والسيطرة عليها واحتكارها
الهجرة والتهجير في الادب السياسي العراقي
وزارة الهجرة والمهجرين ..ارهاب ابيض ام دعارة سياسية
اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف
الفقر والبطالة والحلول الترقيعية في العراق
الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق
تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
المواطن والشركات المساهمة في العراق
النفط العراقي اليوم
يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية :
http://www.ahewar.com/m.asp?i=570
http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm
http://yanabeealiraq.com/writers_folder/salam-kabaa_folder.htm
http://www.babil-nl.org/aasikubbah.html
بغداد
21/4/2010
سلام كبة
الفساد السياسي والانتخابي والميليشيات الانتخابية
البطاقة التموينية وسرقة قوت الشعب والفساد الصحي
النفط والطاقة الكهربائية..وعود حكومية في مهب الريح
العملية التعليمية التربوية وارتفاع نسب الرشى والابتزاز
الميزانية خيالية ورئيس الوزراء يشكو من التآمر عليه!
برلمان عجائب ومجالس محافظات تضحك الثكالى!
القوات المسلحة والارهاب والغثيان
مصالحة..مصارعة..مناطحة..مناكحة
الخصخصة والفساد الاقتصادي
الابتزاز وغسيل الاموال والشركات الوهمية
الغش التجاري وصناعة العطور
الرشوة جريمة ضمير قد لا تمس القانون
فن تفتيت الحركة الاجتماعية
العطالة سلعة للمتاجرة والفقر ابو الكفار
الطفل والمرأة في عراق السخرية القاتلة
بيئة ومعالم كارثية تعشي العيون
التهجير اجراءا عقابيا
تجارة الازمات والحروب والموت وتعمق الاستقطاب الاجتماعي
السلعة الدينية بين العرض والطلب
الوعي القانوني والفساد القضائي
الخلاصة والمهام
المصادر
لم تتخذ الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 9/4/2010 الاجراءات الضرورية لتحسين وتطوير وسائل وطرائق الاداء الحكومي والمدني العام،والخاص!واتباع المناهج الحديثة،وتدريب العاملين وتطوير قدراتهم،وادخال الاساليب والتقنيات الجديدة والمتطورة التي تضمن تضييق فرص انتشار عمليات الفساد!وقد ضغطت حكومة السيد نوري المالكي على المفوضية المستقلة للنزاهة في سبيل اخفاء العديد من الملفات(ملف وزير التجارة وسرقة قوت الشعب،وملف الطائرات الكندية المرتبط مباشرة بمكتب السيد رئيس الوزراء،وملف فساد وزير الكهرباء ووكيله رعد الحارس،وفضيحة الكمبيوترات في وزارة التربية،وفضيحة اجهزة كشف المتفجرات،وفضيحة الفريق عدنان الاسدي وكيل وزير الداخلية الذي كانت شهادته مزورة والذي احرق مكتبه في الوزارة حال افتضاح امر شهادته،والحرائق المتكررة داخل وزارات المالية والصحة...والعشرات من القضايا التي تشير الى المواقف الهزيلة اللامبالية بما جرى من فساد في هذه القطاعات)،الذي يؤكد ان الحكومة العراقية تبيح لنفسها التدخل في شؤون مفوضية النزاهة،بداعي ان معيار عراقيتها وضرورة انتخابها على اساس المحاصصة يفوق معيار كونها مفوضية مستقلة تخضع لآليات انتخابية خاصة بها،ولتغير رئيسها وطاقمها اكثر من مرة!لا لشئ يذكر سوى ان الذين جرى اقصاءهم قد حملوا الحكومة العراقية ورئيسها مسؤولية حماية الفساد في اجهزة الدولة عير حماية الاقارب والحلفاء السياسيين ضمن تحقيقات كانت تطولهم ما ادى الى خسارة البلاد مليارات الدولارات،والسماح للوزراء بحماية موظفيهم،في الوقت الذي يؤكد فيه المالكي نفسه مرارا وتكرارا،ان المسلحين والفساد ينخران جسد الدولة العراقية.لقد وقفت المادة 136 من قانون اصول المحاكمات الجنائية والتي تشترط موافقة الوزير المعني على احالة المتهم الى المحكمة،وقفت عقبة امام سير الدعاوى بسبب عدم موافقة الكثير من الوزراء الامر الذي اغلق الدعاوى،والمبالغ التي اغلقت الدعاوى فيها بلغت مئات المليارات من العملة العراقية.
شرعت الحكومة العراقية اثر تدهور الاوضاع الامنية في البلاد بتشكيل عشرات لجان التحقيق لمعرفة الاسباب الحقيقية لأعمال التخريب والنشاط الارهابي والتدقيق في هوية مرتكبيها،ولم تصدر هذه اللجان كشوفاتها حتى يومنا هذا في مسعى لأسدال الستار على فضائح تورط كبار المسؤولين بها!حالها حال محاولات اسدال الستار على فضائح فساد برنامج النفط مقابل الغذاء كأكبر فضيحة مالية في تاريخ الأمم المتحدة،وفساد مسؤولين رفيعي المستوى في المنظمة الدولية،ومحاولات طمس الحقائق عن نهب المليارات من اموال شعب يعيش اكثر من خمس سكانه تحت خط الفقر،على الرغم من ضخامة ميزانيته.كانت الاموال التي اهدِرت او ذهبت في فساد عقود ما بعد التاسع من نيسان،اكبر عملية تربح من حرب في التاريخ.
الفساد السياسي والانتخابي والميليشيات الانتخابية
الفساد هو انتهاك لمبدأ النزاهة واساءة استعمال السلطة العامة او الوظيفة العامة للكسب الخاص،واخطره الفساد السياسي او استخدام السلطات من قبل المسؤولين الحكوميين لغرض تحقيق مكاسب خاصة غير مشروعة،وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية،واكثره شيوعا هو المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال والطائفية ومحاباة الاقارب والمحسوبية والاختلاس.ورغم ان الفساد السياسي يسهل النشاطات الاجرامية من قبيل الاتجار بالمخدرات وغسيل الاموال والدعارة الا انه لا يقتصر على هذه النشاطات ولا يدعم او يحمي بالضرورة الجرائم الاخرى.واجراءات التمويل السياسي التي تعد قانونية في بلد معين قد تعتبر غير قانونية في بلد آخر.وقد تكون لقوات الشرطة والمدعون العامون في بعض البلدان صلاحيات واسعة في توجيه الاتهامات،وهو ما يجعل من الصعب حينها وضع حد فاصل بين ممارسة الصلاحيات والفساد كما هو الحال في القضايا ذات البعد الطائفي العنصري.وقد تتحول الممارسات التي تعد فساداً سياسياً في بعض البلدان الى ممارسات مشروعة وقانونية في البلدان التي توجد فيها جماعات مصالح قوية تلبية لرغبة هذه الجماعات الرسمية.
كانت حكومة السيد نوري المالكي نموذجا للفساد السياسي والمالي والاداري،اساءت التصرف بالمال العام،ولم تتمكن من الوصول الى ارقام ترى بالعين المجردة للتقدم في ملفات الخدمات المطلوبة للمواطنين!نعم،العراق يخلو من قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين،ولم يطبق حكم جيد واحد للقضاء على جرائم الفساد الكبرى في الاعوام المنصرمة.ووفق تقارير منظمة الشفافية الدولية وبقية المنظمات الدولية ان مسؤولي الحكومة العراقية وفي مختلف المستويات يمارسون النهب المنظم للدولة وثرواتها ليتكامل مع اقدام المحتلين على تبديد مليارات الدولارات من الاموال العراقية!وكون الفساد اليوم وباء مستشريا ينخر في جوانب المجتمع كافة وبشكل خاص في مؤسسات الدولة العراقية ودوائرها،والمكاتب والشركات الوهمية والنشاط التجاري الخاص وديناصوراته،لا يعني سوى خطل وفشل هيئات مكافحة الفساد في العراق والمفوضيات المستقلة(خاصة هيئة النزاهة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات)،ديوان الرقابة المالية،مكاتب المفتشين العموميين في الوزارات،الادارات الامنية في وزارة الداخلية،لضمان استمرار الأمانة والشفافية في الاداء الحكومي ومساءلته من قبل الشعب العراقي.وقد اكدت هيئة النزاهة مرارا ان عدد القضايا التي صدرت فيها الاحكام لا يتناسب مع عدد القضايا المحالة من قبل الهيئة الى القضاء العراقي.ويبو ان الفساد قد امتد حتى الى مفوضية النزاهة نفسها،والتي اعلنت في 25/3/2010 عن اعتقال دائرة الجرائم الكبرى معاون المدير العام في الهيئة الذي كان يشغل منصب المسؤول الامني سابقا(اضافة الى انه كان لواء في الجيش العراقي السابق الذي تم حله من قبل الحاكم المدني الامريكي بول بريمر)بتهمة الفساد ومحاولة اغتيال!
في تقريرها السنوي تؤكد هيئة النزاهة انها اصدرت اوامر الاعتقال بحق نحو 630 مسؤول كبير يشتبه بتورطه في قضايا فساد اعوام 2008 – 2010،لكن لم يُدن سوى عدد قليل منهم"ان بعض المشتبه بهم فروا خارج العراق في حين حظي البعض الآخر بحماية مسؤولين اقوياء او قانون العفو العام"وتضيف النزاهة ان مسؤولين كبارا تدخلوا واغلقوا 135 قضية يشتبه بأنها قضايا فساد تشمل 211 شخصا اغلبهم من وزارة النفط،وجرى التغاضي عن 1552 قضية اخرى،لأن المشتبه بهم يشملهم قانون العفو،فيما هرب المئات من الفاسدين خارج العراق.
وفرت المحاصصة غطاء لسراق المال العام وللمفسدين،والعمل على قاعدة اسرق واهرب الى طائفتك وقبيلتك وحزبك وقوميتك"انهب كما تشاء واهرب من القضاء- هذا لك وذاك لي- ورقني واورقلك"،بل وصل الأمر الى العبث في تفسير النصوص القرآنية لانتزاع الاعتراف الآلهي بآهلية الفاسد وفساده،واللهاث وراء الفتاوى الدينية لتحريم الحلال وتحليل الحرام.ابتكار الاساليب الحديثة التي احدثها الانفلات على كل الصعد والركض المجنون وراء الربح السريع وباية طريقة،واتباع اساليب الغش والاحتيال والفساد المالي والاداري الحديثة غير المطروقة والتي تتنوع كالحرباء في وضح النهار وتحت اشعة الشمس،الاستقطاعات المالية الابتزازية في فترة الحملات الانتخابية تحت شتى الذرائع،كل ذلك ارهاب ابيض منزوع السلاح!
نحن في مواجهة ثقافة مستشرية في المجتمع خرجت من كونها جرما اقتصاديا او اخلاقيا،وتطورت الى ممارسة اجتماعية متجذرة في المنظومة الاخلاقية العراقية!تقابلها ثقافة وطنية ديمقراطية لازالت تحبو لتحارب الفساد وتقوضه وترمي بضوء الشمس على ملفات ووثائق مدفونة تحت ارض المحاصصة والصفقات السياسية.
يساعد على الفساد في العراق البنى الحكومية المتناحرة المتنافسة،تركيز السلطة بيد صناع القرار وهم عمليا غير مسؤولين من الشعب بسبب العمل الهامشي لمجلس النواب،غياب وتغييب الديمقراطية وعجزها وقصورها بسبب توسع التدخلات الحكومية في الشأن المؤسساتي المدني،تدني الشفافية الحكومية في صنع القرار،احتقار واهمال ممارسات حرية الكلام والصحافة والاعلام ومطاردة الناشطين،ضعف المساءلة وانعدام الادارة المالية الملائمة،التضارب في الفرص والمحفزات(عمليات استثمار كبيرة للاموال العامة مع انخفاض رواتب الموظفين الحكوميين)،تباين الظروف الاجتماعية(النخب الانانية المنغلقة وشبكات المعارف،الامية وعدم قابلية الرأي العام على انتقاء الخيارات السياسية)،العجز القانوني(ضعف سلطة القانون،ضعف المهن القانونية)،الخروقات التي تشوب العمليات الانتخابية،الحملات الانتخابية المكلفة التي يتجاوز الانفاق فيها المصادر الاعتيادية للتمويل السياسي،غياب الرقابة الكافية للحد من الرشى او التبرع للحملات الانتخابية.
من مظاهر الفساد في بلادنا العمليات السرية التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسية ومنظمات الجريمة والمافيات،ويندرج ذلك كله تحت عباءة العولمة السيئة الذكر،ويستخدم المال الفاسد اساسا لاجراء تغييرات في بنية الدولة وفي قلب المعادلات السياسية!الفساد في الانتخابات والهيئات التشريعية يقلل من المساءلة ويشوه التمثيل النيابي في عملية صنع القرار السياسي،ويأخذ المسؤولون الاموال من الخزينة العامة لانفاقها على حملاتهم الانتخابية ليضمنوا لانفسهم استمرار الاحتفاظ بمناصبهم ونفوذهم ورواتبهم المجزية.اما تمويل الشركات والتجار للسياسيين فلا يعني سوى ان هؤلاء انما يشترون باموالهم اصوات المسؤولين المنتخبين،الامر الذي يستدعي حظر قيام الشركات والغرف التجارية واتحادات رجال الاعمال والصناعيين والمقاولين بتمويل الاحزاب السياسية جملة وتفصيلا وفرض سقف محدد كحد اقصى للانفاق على الحملات الانتخابية!
الفساد السياسي هو الحصول على الغنيمة بأقل جهد واكبر فائدة،وحين يعقد الفساد السياسي قرانه على الفساد الانتخابي تدق اجراس العزلة على الشعب،وتتفكك الولاءات الوطنية والمدنية.الفساد الانتخابي يرتبط بالفساد السياسي بوشائج الاموال الواردة الى العملية السياسية والأموال التي يسرقها السياسيون والتبرعات التي تصلهم بما فيها التبرعات العينية والقروض والمصروفات،سنويا قبل وبعد الانتخابات وعبر دور القطاع الخاص في توفير الأموال اللازمة للفساد!.وتمثل الفساد الانتخابي في العراق بالقدوة السيئة للحكام،اهتزاز نظم القيم،نقص مستويات الوعي والمعرفة،الفقر والحاجة،الجهل والجشع والمحسوبية وعدم الكفاءة،فساد الانظمة والقوانين وقصورها وتخلفها وعدم وضوحها!الى جانب سيطرة الاحزاب والجهات السياسية الطائفية على صناديق الاقتراع وغياب اية خطط امنية للعمل بها في الاستحقاقات الانتخابية المتوقعة في اية لحظة،ومحاولات تهميش دور الامم المتحدة.لقد تسبب الفساد الانتخابي في وقوع المفوضية العليا للانتخابات نفسها في شرك عقود الشركات الوهمية اكثر من مرة.وارتبط الفساد الانتخابي وغسيل الاموال بنوعية القيادات الادارية الحكومية وغير الحكومية وكيفية اختيارها(آليات التعيين والانتخابية)والمواصفات السلوكية للادارات،وبالمستويات المعاشية للعاملين،وهي عرضة للتآكل المستمر بفعل التضخم وارتفاع الاسعار المصاحب وتدهور قيم الدخول الحقيقية بازدياد الفجوة المعيشية(خط توزيع الدخل/خط الفقر)،وتوسع رقعة التهميش بسبب عجز المجتمع المدني عن احتواء القطاعات الهامشية،والتلاعب بالانظمة الضريبية والكمركية،والمستوى المتدني لأجور العاملين،وتدهور سياسات العدالة الاجتماعية!وتسهم مظاهر الروتين وانعدام الرقابة وانحسار مفهوم المصلحة العامة في تفاقم الفساد الاقتصادي وغسيل الاموال،الى جانب استخدام الاساليب التقنية البدائية لأنجاز الاعمال واعتماد الولاءات دون الوطنية لا الكفاءات معيارا للرضى الوظيفي،وشيوع البطالة!.
الميليشيات الانتخابية توفر البيئة الخصبة لولادة ظاهرة مقاولي الاصوات والسمسرة الانتخابية،والتخصص في نقل الناخبين خلال فترة الدعاية والاقتراع بعد ان يتسلموا الهبات المالية والهدايا العينية الموعودة،وبعضهم اصحاب مضايف وملايات.وتتسبب هذه الميليشيات بتوسيع عملية شراء اصوات الناخبين،وبث الذعر والخوف واشاعة الارهاب الفكري والسياسي،واستغلال معاناة سكان الاحياء العشوائية عبر ايقاف تهديدهم بالترحيل ومساومتهم بوعود ضمان امتلاكهم اماكن سكن قانونية،وتشغيل الآلاف من ضحايا البطالة لتأدية مهمة وضع الملصقات على جدران البنايات والحواجز الاسمنتية وتمزيق ملصقات الخصوم السياسيين،وتسقيط اصوات المنافسين بالتأشير المتكرر على القائمة المنافسة او حسابها مع القوائم غير الصالحة او الغش في تسجيل اصواتها في استمارتي(501 و 502).وبحماية الميليشيات الانتخابية يقوم قادة بارزون في القوى السياسية المتنفذة بالدخول الى مراكز العد والفرز والتدخل في سير العملية الانتخابية،ويقوم عدد من الموظفين بالتلاعب في النتائج من خلال البيانات التي تدخل في عمليات العد والفرز بواسطة الحاسوب،والتزوير الواسع على مدى ساعات عمليات الاقتراع والتأخير في الاعلان عن النتائج،وتأشير اوراق اقتراع الناخبين الذين عزفوا عن المشاركة والاقتراع بدلا عنهم!والميليشيات الانتخابية تفسر اندفاع القوى التي هددت وتهدد باستخدام السلاح في حال خسارتها!وتواجد بعض اوراق الاقتراع وعددا من ارقام اقفال الصناديق مرمية في شوارع بعض المدن،ولغز المرشحين الذين لم يحصلوا الا على رقم 0،ومحاولات بعض القضاة من المحكمة الاتحادية فتح صناديق الاقتراع عنوة،واعمال الخطف التي تتزامن مع ازمة النتائج الانتخابية والطعون التي تقدمها اطراف عديدة،والاصطفافات الطائفية.لقد استطاعت القوى المتنفذة على مدى سنوات حكمها ان تؤسس لها مواقع لا تستطيع التخلي عنها بسهولة،لما قام به كل هؤلاء من خروقات قانونية ومالية واشتراك كامل في الاعمال الارهابية،تؤدي بهم في حال انكشاف امرهم الى المثول امام العدالة،وأسسوا لامبراطوريات من الفساد والرذيلة،يتستر بعضهم على بعض،بحجة ضرورة استمرار العملية السياسية وعدم التراجع الى الخلف.
في العراق تتسلط دكتاتورية العواطف ما يفسر الاقبال على كل الرموز والكتابات والموضوعات المحركة للوجدان.والانتخابات هي غير"المبايعة"،والديمقراطية هي غير"الشورى"،وارادة الشعب هي غير"ولاية الفقيه والامام او المرجع او اي رجل مقدس لا يمكنه ان يكون ممثلا للسلطة التشريعية".ولا علاقة بين الاثنين أبدا،اذ لكل اداة حاضنتها،ولكل فكر مرجعيته.كانت الطائفة الواحدة مطيعة مسيرة حقا تاركة الباقي على الثقة واندفعت بمسيرات مليونية وعادت بأخرى،لطمت وطبرت وزنجلت،مهيأة لهـا ما لا يحصى من مناسبات الحزن والكآبة سواء ان كانت ذكـرى مولدا ام وفـاة،وتخلت كليا عن مظاهر الفرح والبهجة ونوبات التفكير والاحساس بالخلل الذاتي،مخـدرة تنتظر الاشارة فقط،جاهـزة للشهادة بالمئات من فوق الجسور،او تخطف وتذبح وتغتصب وتسلخ جلودهـا وتفخخ اجسادها،وتتجمع بالعشرات والمئات داخل الحسينيات والمساجد والأسواق والمدارس والساحات والطرق والزيارات بانتظار المفخخات والعبوات الناسفة والأنتحاريين ليحصدوا منهم ما يشاءوون.رجال الدين والسادة والشيوخ ينظرون الى الملايين مـن ابناء شعبنا مختزلين قيمهم الأجتماعية والأنسانية بأرقام صوتية واعلانات انتخابية!.
وبعد ان اصبحت السوق العراقية مجرد حاوية كبيرة للمخلفات السلعية القادمة من العالم،بان المستور وانكشف الغطاء وعلى نفسها جنت براقش!تزوير فاضح في انتخابات آذار 2010،واستغلال اكبر للمال العام المصروف على العملية الانتخابية الخاصة بوزراء الحكومة وقائمة الحكومة،فيما عدا التلاعب بالتعيينات.المهم هو ان العملية الديمقراطية كمفهوم عام لا تبدأ او تنتهي بصناديق الاقتراع لأنها قضية ثقافة وتقاليد ولا تنجز الا عبر توفر اسسها المادية والفكرية والسياسية!
نعم،قوائم انتخابية فائزة تحصد اصوات الشارع بملاحم تتخللها الانتهاكات السافرة،لكنها تعبر عن حجم المظلومية والارتباط العميق بالمرجعية الدينية والهالة المقدسة،ماذا تكون النتيجة؟اعضاء في القوائم لا يفقهون شيئا ووزراء فاسدون لا يملكون ادنى تحصيل علمي،فضيحة ولا اغلى منها في التاريخ السياسي المعاصر،اميون يقودون البلد،وشر البلية ما يضحك!.مجالس محافظات مرتبطة باجندة خارجية وسراق ومرتشين باسم الاسلام حتى قالت جماهير محافظة جنوبية:(محافظنا حرامي والتعيين بعشر اوراق)اي ان التوظيف في سلك الشرطة يحتاج الى الف دولار كرشوة،وغدت اغنية حسام الرسام(حامينا حرامينا)الاغنية الشعبية الاولى في الاحياء الكادحة من بغداد.
الوزارات العراقية متلكئة في مكافحة الرشوة ومحاسبة المفسدين،والموظف المرتشي لا يتعاطى الرشوة الا بعد تأمين طريقه واعتماده على من هو اعلى منصبا ليحميه ويدافع عنه عند افتضاح سره،بل ويطالب له برد الاعتبار ومعاقبة المشتكين.بعض الوزارات باتت اقطاعيات لفئات ذات صلة بالسيد الوزير،وتحولت الى تجمعات لحزب سياسي ينتمي اليه الوزير او المسؤولون الكبار في الوزارة الذين يجيدون لعبة المراوغة وعرفوا من اين تؤكل الكتف!من يحمي المواطن البسيط من الذئاب المتواجدة في بعض الدوائر والمتضامنة مع بعضها في عملية الفساد؟وتلك الذئاب البشرية تستطيع بسهولة تسخير القوانين ضد كل من يقف في طريقها الفاسد.القوانين التي من شأنها تعزيز سلطات المحققين والمعنيين بمحاربة الفساد معطلة داخل البرلمان،مما زاد من صعوبة تنفيذ الاصلاحات،وتبدو هذه الصعوبة واضحة في محاولات وزارة الداخلية التخلص من الجنود الأشباح مثلا.
توجد في العراق اليوم 33 وزارة وعشر هيئات غير مرتبطة بوزارة،لكل منها طاقم ضخم من المسؤولين والمدراء والموظفين والحمايات،بالاضافة الى موارد وتخصيصات مالية كبيرة تذهب معظمها كمرتبات او مصاريف تشغيلية.هذا العدد الهائل من الوزارات قياسا لبلد مثل الولايات المتحدة فيها 15 وزارة فقط لم يأت استجابة لمعطيات فنية او جدوى ادارية او انه انعكاس لسرعة او كفاءة في الانجاز،بل كان جزءا من عملية الترضية السياسية المتبادلة في اطار المساومات الطويلة بين الكتل السياسية التي ركزت على توزيع الحصص اكثر من تركيزها على البرنامج الوزاري واستراتيجية العمل.الاداء الحكومي قاصر،بل ان ظاهرة عدم ذهاب بعض الوزراء الى وزاراتهم وعدم حضورهم فيها يوميا ولا اسبوعيا ولا حتى شهريا وربما بعضهم لم يصل وزارته خلال سنة!باتت من المسلمات الجديدة في عهود ما بعد التاسع من نيسان 2003،ولعل الخبر الذي ورد في وكالات الأنباء عن زيارة وزير المالية السيد بيان جبر لوزارة المالية بعد التفجير الارهابي الذي حدث فيها يوم 19/8/2008 خير مثال على هذه الاعجوبة الجديدة في عالم السياسة العراقية.
البطاقة التموينية وسرقة قوت الشعب والفساد الصحي
الجهات الحكومية المتمثلة بوزارتي الصحة والتجارة حولت العراق الى بيئة لجمع كل السلع الرديئة،مما تسبب في هلاك المنتجات الوطنية لعدم قدرتها على منافسة المنتج المستورد الردئ ذي السعر المنخفض!شاي ذي برادة حديد وزيت تالف وحليب اكسباير،دواجن مجمدة تحت عناوين وماركات مزيفة،ادوية منتهية الصلاحية!..واذا كان قرار بول بريمر رقم 11 بالغاء التعريفة الكمركية احد الاسباب بحدوث الازمة الاقتصادية وما تبعها من نتائج على الاصعدة الاخرى،فان ذلك لا يعفي حكومة السيد نوري المالكي من المسؤولية والتبعات القانونية الخطيرة!
ورغم افتضاح العورة الفاسدة لوزير التجارة السوداني امام الملأ وتلاعباته بمواد الحصة التموينية،بعد ان فاحت الروائح النتنة للوزارات العراقية وظهر فسادها للقاصي والداني،فان الحصة التموينية لم تتجاوز في احسن حالاتها 4 او خمسة مواد،والتي تصل غالبا الى المواطن بأسوأ نوعياتها!وبدل تنظيم البطاقة التموينية واستثمار نظامها الجيد في سبيل تحسين مستوى المعيشة للمواطن عبر تنويع مفرداتها وتحسين نوعيتها،وعوضا عن المحافظة على البطاقة التموينية وتحسين مكوناتها ومستوى شموليتها،جرى انحسار كامل لمنافع الشعب العراقي بسبب تدخل التجار والجهات المختلفة الاخرى غير الحكومية وتحكمها بالبطاقة ومفرداتها،عدم توزيع النفط والغاز ضمن موادها في جميع المناطق رغم وجود قرار بذلك،زيادة ثمنها الى اضعاف،الترويج لفكرة صرف مبالغ مالية مقابل البطاقة التموينية،التفاوت في تجهيز مفرداتها ولا تستلم كاملة،عدم انتظام توزيع مواد البطاقة،المخالفات(التكرار)وتسلم الحصص التموينية من اكثر من منطقة،وجود اعداد كبيرة من المتوفين مسجلين لدى وكلاء المواد الغذائية ويتقاضون الحصة التموينية كل شهر!والكشف عن مئات الهويات المزورة ضمن الاسماء المشمولة بمفردات البطاقة التموينية وكان اصحابها يستلمون المفردات بشكل مخالف للضوابط..الجميع يتقاذف الاتهامات،والجميع يشفط ويلهط،الحكومة العراقية ووزارة تجارتها،مجالس المحافظات والبلدية،وكلاء المواد الغذائية،تجار الجملة والمفرد،..
من المؤسف تقليص تخصيصات البطاقة التموينية في مشاريع الميزانية الفيدرالية،وبنسب تصل الى 10% بحساب الدينار احيانا.هكذا وبدلا من تحسين مفردات البطاقة التموينية يجري شطبها!لقد انعكس التراجع الكبير في نوعية الحياة للعائلة العراقية من خلال عدم استقرار وعدم ضمان تجهيز خدمات الكهرباء والمياه،والتراجع في خدمات الصرف الصحي،وتدني مستوى السكن.وصار جليا الارتفاع المستمر الدوري لاجور النقل واسعار المواد الغذائية والسلع الاخرى.تنفق اغلب العوائل العراقية نصف راتبها الشهري على الوقود،وتسكن الدور السكنية بالايجار،وتقتني بصعوبة قناني غاز الطبخ.
لقد عمدت الحكومة الحالية على ترشيق البطاقة التموينية او ترشيدها واختزال مفرداتها في قرارات غير رسمية وغير مصادق عليها من قبل مجلس النواب العراقي،لكنها ملزمة كصكوك الغفران،لتقتصر على مواد رديئة النوعية.كما اقرت حصة لكل مواطن من الايرادات النفطية يجري توزيعها مع مفردات البطاقة التموينية!ويبدو ان الاختزال المذكور هو جزء من خطط حكومية للتغيير التدريجي في نظام البطاقة التموينية على مراحل،ما يؤدي الى الغائها خلال اعوام قلائل،تماشيا مع شروع الحكومة العراقية تطبيق بنود الاتفاقية المعقودة بينها وبين صندوق النقد الدولي والمتضمنة خطة شاملة للاصلاح الاقتصادي واعادة هيكلة الاقتصاد العراقي لضمان تحول سلس وسليم نحو اقتصاد السوق!
من امثلة الفساد قيام التجار باضافة مميزات لسلع يبيعونها وهي غير موجودة او دفع الاموال لاستخراج الشهادات القياسية او التأكيد على خلو السلع من بقايا المبيدات او مراعاتها لمتطلبات البيئة ثم يثبت عدم صحة ذلك.كل ذلك فساد تجاري واقتصادي يخلق اجواء عدم الثقة في الاقتصاد العراقي،وهو مخالفة للكود الاخلاقي الذي وضع دوليا لمكافحة الغش والفساد التجاري والذي يمكنه معالجة ممارسات غير جيدة في كثير من الانشطة.ان اكثر قضايا الغش تتعلق بالاطفال سواء كانت سلعا غذائية كالألبان او البسكويت والشيكولاته،وحتى لعب الاطفال لأنها تمثل خطورة على هذه الفئة من الاطفال.لماذا لم تستطع هيئة النزاهة الكشف عن عورات النشاط التجاري الذي يسوق البضائع الفاسدة المطروحة في اسواقنا بمئات الأطنان؟من المسؤول عن تسويق الادوية الفاسدة والمنتهية الصلاحية والمهربة التي تغرق الاسواق منذ اعوام،والتي لا يمكن استخدامها حتى في البلدان المصنعة لها لانها صنعت خصيصا للعراق؟من المسؤول عن انتشار الصيدليات غير المرخصة والبائعين المتجولين الذين يبيعون الادوية؟كيف نضع حدا لمؤسسات تدعي انها تقدم خدمات صحية للمواطنين،وهي عبارة عن دكاكين تتسول الدواء من كل من هب ودب وتعبث بصحة المواطنين بنشر الادوية الفاسدة؟
الفساد الصحي في العراق في اوجه اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الوضع المعيشي المتردي للاسرة العراقية يؤثر سلبا في صحة الطفل الجسدية والنفسية،وان الرقابة الدوائية غائبة ومغيبة،ويجري بيع الادوية التي تتعلق بالجنس والمخدرات التي اصبحت تنتشر بشكل واسع في عدد من احياء مدينة بغداد وباقي المدن العراقية واغلبها منتهي الصلاحية او فاسد!وتنتشر دكاكين اللاصحة التي تبيع الدواء ويمارس اصحابها المداواة وزرق الابر،وانتشارها يفوق انتشار محلات بيع الكماليات!بائعات الأدوية التي يطلق عليهم اسم"الدلالات"يترقبن في الاسواق زبائنهن!ومن اللافت للنظر وجود ادوية غير مسجلة لدى وزارة الصحة تأتي عن طريق القطاع الخاص ويباع اغلبها على الارصفة في ظاهرة ما يعرف ب"صيدليات الأرصفة"،وان"نسبة 70% من ادوية الصيدليات الاهلية غير مسجلة"،وشيوع ادوية مشابهة رديئة وفاسدة،مما ادى الى نشوء سوق الأدوية السوداء.كما يلاحظ ارتفاع عدد المرضى النفسيين،ومن يتعاطون المخدرات ويمارسون الكبسلة،بسبب الحروب والعنف والعوز والانحدار الصحي والاجتماعي خلال العقود الأربعة الماضية.
ومن مظاهر الازمة الصحية في بلادنا التوجهات الحكومية لتوظيف خريجي كليات الطب بنظام العقود،اي النظام - الجسر للوساطة والمحسوبية ممن لديهم اقارب او قريبين من المتنفذين في الحكومة والاحزاب فضلا عن اطلاق يد المسؤولين بفسخ عقد العمل متى شاءوا.وكذلك افتتاح جامعات اهلية غير مطابقة للمعايير الدولية للجامعات،والتي لا تشترط حصول الطالب على درجات بعينها للقبول بكليات الطب كما هو الحال في الجامعات الحكومية،لكن من يستطيع ان يدفع يحصل على الكلية التي يريدها!
الاطباء يتعرضون الى المضايقات والتهديدات بالقتل،ويتعرض العديد من الجراحين والاطباء الى المضايقات اليومية من ذوي المرضى الذين تجرى لهم عمليات جراحية(مستشفى الحسين العام في كربلاء نموذجا)،وتصل حدة التهديدات الى الفصل العشائري!ومن اللافت اتساع ظاهرة المتاجرة بنفايات وفضلات المستشفيات ليعاد استخدامها في تصنيع الادوات البلاستيكية وادوات حفظ الاغذية!الى جانب معاناة صيدلة العراق من المسخ المهني الحاد وترويج الثقافة الصحية بالمقلوب عبر البيع المباشر للادوية الى المرضى والمتمارضين دون وصفات طبية!واحجام فرق التفتيش الصحية عن زيارة المعامل الاهلية والورش الحرفية والمطاعم ومحال صناعة المرطبات منذ سقوط الدكتاتورية!مع ارتفاع اسعار الادوية وانحسار تواجدها في العيادات الشعبية،خاصة تلك المتعلقة بالامراض المزمنة!وتعاني مستشفيات بغداد نقصا حادا في كميات الدم بما فيها الانواع النادرة،وثلاجات حفظ الدم واجهزة تقطيع اكياس الدم والطرد المركزي،ومعدات فصل مكونات الدم وفحص الفيروسات فيه!
وسط الفوضى القائمة يتجه المزارعون الى زراعة نباتات الخشخاش الذي يستخرج منه مادة الافيون المخدرة،في الاراضي المروية بشكل جيد غرب وجنوب الديوانية وحول مناطق الشامية،الغماس،والشنافية.وكان تجار المخدرات قد اعتادوا على العراق كنقطة عبور لتمرير الهيروين الذي يتم انتاجه في افغانستان،ويتم ارساله عبر ايران الى اسواقه الكبرى في السعودية ودول الخليج،كما كانت اجهزة صدام حسين الامنية متورطة في هذه التجارة القذرة.العصابات التي تمول المزارعين مجهزة بشكل جيد بالاسلحة والحافلات ومنظمة ايضا بشكل جيد.
ان اكثر من 40% من العراقيين يفتقرون الى المياه الصالحة للشرب،الامر الذي يثير القلق حول سوء نوعية المياه في البلاد،التي تتعطل فيها ابسط خدمات البنية التحتية،مما يشكل مصدر خطر على صحة ملايين المواطنين.وتتجسد الأزمة الصحية في مؤشرات عديدة،بينها غياب المياه الصالحة للشرب عن كثير من المواطنين،مما يؤدي الى شيوع الامراض المعدية وانتشار الاوبئة الخطرة جراء التلوث،وارتفاع حالات التسمم الغذائي،وازدياد عدد المصابين بالامراض المتوطنة،والمصابين بالسرطان جراء التلوث البيئي الكيمياوي والاشعاعي،وازدياد عدد وفيات الاطفال عند الولادة ودون سن الخامسة،وعدد الوفيات لدى النساء الحوامل وعند الولادة،وعدم توفر مستلزمات العلاج بصورة سليمة وسريعة بعد الاصابة جراء اعمال ارهابية،ناهيكم عن شحة الأدوية الضرورية.ومما يزيد من قتامة اللوحة ان الجهاز الاداري يعاني من الفساد والتخلف وتدني مستوى الخدمات الصحية ولامبالاة"المقررين"بهذا التردي المريع،وعدم تحسسهم معاناة الملايين،طالما انهم يجدون العلاج المناسب سواء داخل البلد او في دول الجوار او دول"الحلفاء".ويصب في هذا الاتجاه ما تعانيه المستشفيات من خراب شامل ونقص في ميدان المعدات والأجهزة الطبية،فضلا عن غياب النظافة والتعقيم،وانحدار الثقافة الصحية للمواطنين،في وقت ينشغل مسؤولون في وزارة الصحة بمنهجية التسييس وصراع الامتيازات.
النفط والطاقة الكهربائية..وعود حكومية في مهب الريح
حول ديناصورات النشاط التجاري الخاص،القطط السمان والخنازير العابثة في الاقتصاد وفي التجارة على وجه الخصوص،كافة الخدمات الى بضائع مستوردة تدر عليهم ارباحا خيالية،وامام الملأ وبعلم الحكومة العراقية.وعندما تتعطل الكهرباء العامة تظهر على الفور المزيد من المولدات الكهربائية المستوردة بنوعيات رديئة وتباع باسعار مضاعفة بالنسبة لكلفة استيرادها،وكذلك الامر بالنسبة الى المحروقات التي عبَرت قصة سرقتها خارج الحدود تجوب العالم.
تؤدي انتقال المبالغ الضخمة من موقع الى آخر تحت اشراف متنفذي قطاع الكهرباء في ظل ارتفاع مستويات الفقر في البلاد الى كوارث الفساد والاحتيال والابتزاز لتداخل هذا القطاع مع القطاع النفطي اي اكثر القطاعات التي يسيل لها لعاب الكومبرادور والطفيلية العراقية والرأسمال الاجنبي.والمتتبع لأزمة الطاقة الكهربائية في العراق يضع يده على حقائق موضوعية مرة اهمها تبرير الانقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية،مستوى اداء البنى التحتية من شبكات النقل والتوزيع اسوء من التوليد،بقاء معدلات التشغيل والكفاءة التشغيلية واطئة لا تتجاوز ال25%من السعات المؤسسة،هبوط كفاءة استثمار شبكات النقل والتوزيع الى ادنى المستويات،تعمد الافراط في نصب الوحدات الغازية التي تعمل بتقنية الدورة البسيطة المتدنية الكفاءة والكثيرة العطلات والتي تحتاج الى الصيانة الدائمة،تجاهل تحذيرات المكاتب الاستشارية من ان استخدام فريم 9 بموجب تقنية الدورة البسيطة يؤدي الى انخفاض كفاءته وكثرة عطلاته خاصة عند استخدام وقود الزيت الثقيل HFO،لازال يبدد ويحرق اكثر من 28 مليون متر مكعب من الغاز/يوم تكفي لانتاج اكثر من 4000 ميكاواط من الطاقة الكهربائية على اقل تقدير،الموائمة الفقيرة بين تقنيات التوليد وانواع الوقود المتوفرة في العراق،تشغيل بعض الوحدات الانتاجية على المازوت وكلفة شراء المواد الكابحة التي تخلص التوربينات من تأثيرات العناصر المؤذية كالفناديوم المضر بريش التوربينات،شراء الكهرباء من دول الجوار لم يحل الازمة لتذهب الملايين هدرا،الفساد والمحاصصة في التوزيع،التوليد التجاري بانتشاره العشوائي وتسربل حزم اسلاكه وضوضاءه العالية وتكاليف اسعار امبيراته وابتزازه المواطنين ونهمه في استهلاك الوقود!تنامي الغش الصناعي في انتاج السلع الكهربائية،وتزايد عدد المعامل غير المجازة التي لا تخضع لأية رقابة عليها وتنتج سلعا لا تتوفر فيها المواصفات الفنية!
مسؤولو قطاع الكهرباء في بلادنا آمنوا من المساءلة والحساب والعقاب،وان حدث فان شماعة الارهاب والوضع الامني المتردي والامكانيات المتواضعة هي الاغنية التي يرددونها على سؤال السائل ويصمتون بها الاعلام الشقي،ولا توجد قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين والفاسدين في وزارة الكهرباء،بينما يتوافق الغش والاختلاس والتواطؤات واساليب الخداع مع المقاولات الأهلية لتخسر الدولة عبرها اموالا لا حصر لها.في هذا الاطار ومن هذه الزاوية تدرج عقود الصفقات المليارية لمشاريع يشاع انها ستزيد انتاج الطاقة الكهربائية،والتسابق على عقد الاتفاقيات مع الشركات العالمية الهالكة،والسعي لتوقيع العقود باسعار خاسرة!
حولت الكهرباء العراق الى اضحوكة في العالم لعدم وجود دولة انفقت على الكهرباء كل هذه المبالغ ولم يتمكن مواطنها ان يتنعم بالكهرباء!ان كل ميكاواط من الكهرباء في السوق العالمية تبلغ 850000 دولار منصوبة وجاهزة،فأين ال 11 مليار دولار التي سلمت من البرلمان لوزير الكهرباء التي كان يمكن ان تنعم بما لا يقل عن 8000 ميكاواط على الاقل!؟اين ذهبت الأموال؟واين ذهب الكهرباء؟!والانكى من ذلك كله ان وزارة الكهرباء تنحي باللائمة كعادتها بتراجع معدلات انتاجها للكهرباء على وزارة النفط التي لا تزود محطات توليد الطاقة الكهربائية بما تحتاجه من وقود تشغيل!
ما ينطبق على الكهرباء ينطبق على النفط،ولم يتمكن الوزير الشهرستاني ان يحفر بئرا واحدا جديدا للعراق،بل تمكنت وزارته التي ظلت امثولة في ابشع فساد شهده القطاع النفطي في تاريخ العراق الحديث من ان تطمر اكثر من 380 بئرا لغاية عام 2008،ووزارة النفط لم تشيّد اي مشروع استراتيجي او نصف استراتيجي.ولم تشهد السنوات الماضية تشييد مصفاة واحدة في العراق،على الرغم من العروض المغرية التي قدمتها شركات عالمية لانشاء مثل هذه المشاريع.واسهم الغاء لجنة الشؤون الاقتصادية وتحويل صلاحياتها الى الامانة العامة،في اتساع رقعة الفساد.ان معظم العقود الضخمة تبرم دون السماح للجهات الرقابية،خصوصا هيئة النزاهة،بالاطلاع او التحقيق فيها.اين المال الذي تم انفاقه على وزارة النفط؟لقد وقعت الحكومة العراقية مؤخرا عقود في آن واحد مع شركات كبرى لاستثمار حقول نفط منتجة اصلا او جاهزة للانتاج،وصنفتها ضمن عقود الخدمة برسوم ثابتة اجحافا وتهربا من الغضب الشعبي،بعد ان حرفت لصالح الشركات النفطية لدرجة انه ليس لها نظير في عالم النفط اليوم،وتبقى تتماشى مع العولمة الراسمالية،تمهيدا لالتحاق النخب الحاكمة في العراق بالفكر الليبرالي الجديد،وبالتالي مزيدا من الفساد الاداري والمالي.ويبدو ان المعارضة الشعبية لنظم المشاركة اجبرت الحكومة التوقيع على عقود خدمة صورية،لانها في حقيقة الامر اتفاقيات شراكة ذكية،تعني ان الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تبقى مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود.
وعقود الخدمة الجديدة على الطريقة الشهرستانية،حالها حال نظم المشاركة،هي انتزاع لحقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها،ولكن باسلوبا ملطف!الحكومة العراقية تضيع اليوم التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،وتعيد سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق،بالوقت الذي ستحافظ على مصالح الشركات الاجنبية.وهنا يكمن الفساد الاعظم لأنه انتهاك للمصلحة العامة!والذي ينمو من خلال الحصول على تسهيلات خدمية تتوزع على شكل معلومات وتراخيص!تمييزا له عن الفساد الضيق او الاصغر!ويبقى التساؤل هل ان" فضيحة اكتشاف مرآب كبير بالقرب من مصفى الدورة في بغداد يستخدم لتهريب المنتجات النفطية من المصفى،والذي اكتشفته شرطة النفط بالتعاون مع المفتش العام بالوزارة"تصنف ضمن الفساد الكبير ام الصغير!
الفساد علاقة وسلوك اجتماعي،يسعى رموزه الى انتهاك قواعد السلوك الاجتماعي،فيما يمثل عند المجتمع المصلحة العامة.لهذا يصنف المختصون في قضايا الفساد انواعه الى واسع وضيق،فالفساد الواسع هو انتهاك المصلحة العامةاما الفساد الضيق فهو قبض الرشوة مقابل خدمة اعتيادية بسيطة،اي عندما يقوم موظف بقبول او طلب ابتزاز(رشوة)لتسهيل عقد او اجراء طرح لمناقصة عامة مثلا.كما يمكن للفساد ان يحدث عن طريق استغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء الى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب ضمن منطق(المحسوبية والمنسوبية)او سرقة اموال الدولة مباشرة(كما اشرنا لها اعلاه).لماذا اصبح في العراق اكبر فضيحة فساد في التاريخ؟ولماذا تعبق الاجواء العربية والعالمية برائحة الفساد النتنة والنافذة التي تزكم الأنوف،من حين لآخر في العراق؟
ان فرصة القوى السياسية المتنفذة في تنفيذ وعودها كانت كبيرة نظرا الى الامكانيات التي توفرت لها،والمؤسف انها لم تحقق ما يسر المواطن كي يفخروا ويتباهوا به.وحين لم تجد في خطبها المستمرة ما يعرضونه على انه منجز،استعارت خطاب المعارضة،عسى ان تمرر هذه المرة ايضا خدعها على المواطن.الا ان خطاباتها وتصريحاتها لم تعد تنطلي على المواطن الذي اكتوى بمرارة المعاناة وذاق الأمرين!
العملية التعليمية التربوية وارتفاع نسب الرشى والابتزاز
سببت الفردية التي اتسم بها حكم نوري المالكي ومظاهر استشراء الفساد المالي والاداري والانقسامات الحادة داخل الحكومة نفسها الانعكاسات الضارة على العملية التربوية التعليمية وتردي مستوى المؤسسات التعليمية والنقص الحاد في البنى التحتية وعدم قدرة الوزارات المعنية على رسم سياسة تعليمية علمية واضحة،فاغلب القرارات كانت اعتباطية تصدر اليوم لتعدل غدا.ولم تبني وزارة السيد خضير الخزاعي طيلة فترة الحكومة العراقية المنتهية صلاحيتها سوى 26 مدرسة!بينما قررت بعض ادارات المدارس المتوسطة والثانوية/المسائية الابداع في فسادها المالي الجديد عبر زيادة اجور الدراسة بداية العام الدراسي 2009- 2010 بمقدار 20000 دينار للدراسة المتوسطة و 30000 دينار للدراسة الثانوية.تعددت فضائح الفساد!ومنها التلاعب الخطير في سجلات طلبة جامعة بغداد،وبيع درجات الطلاب المتفوقين والناجحين لافراد او طلاب حصلوا على درجات ضعيفة!وموظفين وبعض السياسيين في دوائر الدولة لغرض الحصول على البعثات والزمالات الدراسية والايفادات!
ولم تعمل وزارة التربية بأي ضوابط رادعة لكي تحد من ظاهرة عدم مبالاة المعلمين بصفوفهم في سبيل الضغط على عوائل ذوي الطلبة كي تستخدمهم بأجور عالية في الدروس الخصوصية،ولم تحل مشكلة المعلمين واجورهم المنخفضة جدا،والتي تشجع الكثيرين منهم على اللجوء لأساليب بعيدة عن رسالة التربية والتعليم من اجل ان يؤمنوا مصاريفهم،بينما حرمت وزارة التربية المعلمين الذين يتم تنسيبهم لمناطق بعيدة عن سكناهم من مخصصات النقل،ولا توفر لهم وسائل نقل وتجبرهم على تحمل هذه المصاريف!بينما التعيينات والتوظيفات في وزارة التربية كانت الاكفأ في مضمار اشتراطها رضى حزب الخزاعي وتحرك المال في جيب المواطن للانفاق على الموظف الفاسد من اجل ترويج معاملة ما!!ووصلت نسب الرشوة في التربية والتعليم مدياتها القصوى اذا اخذنا بنظر الاعتبار الرشوة كفساد يطلق على دفع شخص او مؤسسة مالا او خدمة من اجل الاستفادة من حق ليس له،او ان يعفي نفسه من واجب عليه!وفي جريمة الرشوة ينبغي التطرق الى جريمة الراشي وجريمة المرتشي في آن.
المؤسسات التعليمية والجامعات العراقية تفترشها الكراريس والكتب الطائفية،ولوحات الاعلانات فيها محملة بالفتاوي البليدة!والاعتداءات الاجرامية والاختطافات والاغتيالات طالت الاكاديميين،والتفجيرات الارهابية تطول الجميع!(اطلاق حماية الخزاعي النار على الطلاب في قاعات كلية التربية الاساسية في حي سبع ابكار بعدما احتج الطلاب على تأخر موعد الامتحان حزيران 2008،وعملية الاخلاء القسرية لبناية الاقسام الداخلية في كلية الهندسة الثانية/الخوارزمي التابعة لجامعة بغداد في الجادرية صباح 18/9/2008).كما تضررت العملية التربوية التعليمية بفوضى ادارة العمل في الجامعات العراقية التي باتت العوبة بيد التجمعات الطلابية التي ترتبط بشخصيات وحركات سياسية متنفذة بالسلطة،تقيل وتعين رؤساء الاقسام والعمداء وجميع المواقع الادارية في الجامعات وفق مزاجية نادرة وتنفيذا لارادة حمقاء جاهلة!رؤساء جامعات يسيئون الى المحيط الاكاديمي ومقامه الرفيع ويتنكرون للتراث الاكاديمي الوطني بتشبثهم بالمناصب حالهم حال مرتزقة السياسة(ارتزاق سياسي يعطل الدراسة في الجامعة المستنصرية ويعتقل طلبتها لأتفه الاسباب)!
من مظاهر الفساد في العملية التربوية التعليمية قيام السيد حسين الشامي المستشار الثقافي للسيد نوري المالكي بالاستيلاء في عهد مجلس الحكم على جامعة البكر،واعطائها اسم جامعة الامام جعفر الصادق(ع)،وحين انهى مهامه في الوقف الشيعي وبعثات الحج اعلن ان الجامعة اهلية يملكها شخصيا!وما زالت الجامعات والمدارس عموما تطبق طرق تدريسية بالية غير متحضرة،والصفوف تضيق بطلابها والمناهج متخلفة والاقسام الداخلية أشبه بالسجون.ويؤكد مدير قسم الصحة المدرسية في وزارة التربية ان نحو 30% من الأبنية المدرسية التابعة لها،على نطاق رقعة العراق الجغرافية والمقدر عددها بـ 15 الف مدرسة،تمتلك دورات مياه غير صالحة للاستعمال،و صور الطاغية صدام وافكاره منتشرة في الكتب الدراسية!
لا زال التعليم،وخاصة التعليم العالي والبحث العلمي،بعيد عن حاجات البلاد وامكاناتها وآفاق تطورها،تسوده مظاهر الاجواء المعيشية الصعبة للكفاءات العلمية وتسربها الدائم الى الخارج،وتذمر الاكاديميين العائدين من الخارج من انعدام الوظائف والاجراءات الروتينية والاستقبال الفاتر وتأخير تعيينهم،معاناة السلك التدريسي والتعليمي من انصاف المتعلمين والمثقفين والعناصر التي تمارس دورا مخابراتيا وتجسسيا،ارتفاع نسب الامية،انقطاع الطلبة عن الدراسة!واستمرار التسرب الدراسي لدى طلبة الدراسة المتوسطة والاعدادية،تصاعد استثمارية التعليم الاهلي ومحاولات احتواء المعلم والمدرس صاحب الرسالة التعليمية في دائرة اية مدرسة تدفع اكثر،تصاعد استثمارية التدريس الخصوصي عن طريق المجموعات والدفع بالعملة الصعبة!،الرسوم التعجيزية على كل المستويات ابتداءا من الكليات والمدارس المسائية لتشكل عبئا ثقيلا على اكتاف الفقراء والمعدمين!،استمرار الفصل بين الجنسين في المدارس الابتدائية واستياء الطالبات من استمرار القيود التي تفرضها جهات متنفذة داخل الحرم الجامعي على حريتهن في ارتداء الازياء والزامهن بالتحجب!،الاقحام الدائم للدين في حياة الاطفال وفرض الحجاب،عمالة الاطفال والمعيشة في الشوارع والأيتام والأطفال العجزة والاطفال الذين تتناقض اوضاعهم مع القانون،تواضع المكتبات العامة في المدن العراقية.
الميزانية خيالية ورئيس الوزراء يشكو من التآمر عليه!
لو استقطعنا المبالغ المصاريف التي لا علاقة لها بحكومة السيد المالكي وهي مبالغ السلطات الفيدرالية الكردستانية ورئاسة الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى ومجلس النواب وغيرها من الدوائر غير المرتبطة بالحكومة،وكذلك المنح الدولية الضخمة التي دخلت في مجال مساعدة المؤسسات الحكومية،فان مجموع المتبقي يضاهي 195 مليار دولار!ميزانية وموازنة مالية عامة خيالية في تاريخ العراق السياسي الحديث والمنطقة ما عدا بعض دول الخليج!هل كانت هذه المبالغ قليلة لكي يشكو السيد المالكي وباستمرار من تآمر مجلس النواب عليه؟هل ياترى ان هذه المبالغ لم تكن كافية ما يمكن الحكومة العراقية تحسين اوضاع الكهرباء والصحة والبطاقة التموينية والنفط والأمن والتعليم وشبكة الحماية الاجتماعية والتربية وتحقيق فرص عمل اكثر للعراقيين؟
وفق التقارير المعتمدة لهيئة النزاهة،فقد بلغت خسائر العراق منذ سقوط النظام الدكتاتوري حتى يومنا هذا 250 مليار دولار بسبب تفشي ظاهرة الفساد المالي،وخسر العراق خلال هذه الفترة 45 مليار دولار من تهريب النفط الخام و 45 مليون دولار من تهريب المشتقات النفطية،وجرى حرق 600 مليون متر مكعب من الغاز سنويا دون ان ترف لها جفون قادة عراق اليوم.وتم انفاق 17 مليار دولار على قطاع الكهرباء خلال نفس الفترة،والكهرباء تسير من سئ الى أسوء!رغم تحسن الوضع الامني بشكل كبير في كثير من مناطق العراق وانخفاض العمليات العسكرية.
برلمان عجائب ومجالس محافظات تضحك الثكالى!
اولى المواضيع التي تناقشها البرلمانات العراقية في الاجتماعات الاولى لها هي رواتب النواب وتقاعدهم وامتيازاتهم الشخصية!في حين ان عددا كبيرا من النواب لا يحضر الا الجلسات الأولى حيث يغادرون ولا يرجعون بعد ذلك،رغم انهم مستمرون في تقاضي رواتبهم وملحقات رواتبهم،والتمتع بامتيازاتهم!وهناك عدد كبير آخر يتغيب عن اكثر الجلسات نتيجة طبيعية لنهج المحاصصة الطائفية المذهبية!وتنقسم البرلمانات العراقية الى مجموعة من السياح تقضي ايامها خارج البلاد متمتعة بامتيازاتها،وقسم آخر يعيش التجاذبات ومحاولات عرقلة ما يقترحه الآخرون،ليتعطل اصدار اهم القوانين ولتتلكأ العملية السياسية!وليصبح التجاوز على الدستور امرا يسيرا،ولتتعرقل اجواء الاحصاء العام وازاحته الى الخلف،رغم ان الاحصاء السكاني يوفر قاعدة بيانات لا يمكن الاستغناء عنها في مختلف جوانب نشاط الحكومة.
لم يكتمل نصاب البرلمان العراقي منذ تأسيسه بعد 9/4/2003!ويتعطل امرار الكثير من القرارات بسبب عدم اكتمال النصاب نتيجة تغيب اعضاءه عن الحضور الى قاعة البرلمان.ويلاحظ تغيب الكثير من اعضاء هذا البرلمان عن الحضور،بل يقتصر الحضور في كل جلسة على اعضاء عرف اغلب الشعب وجوههم،اما البقية فربما بعضهم لا يحضر الا لاستلام راتبه الشهري اذا لم يبعث"حضرته"سكرتيره او احد اعضاء حمايته لاستلامه!
النائب في البرلمان يتقاضى مبلغ قدره 25000 دولار اي ما مقداره 30 مليون عراقي.النائب في السنة يحصل على 300000 دولار/اي مجلس النواب يكلف في السنة 140 مليون دولار،والوزراء 200 مليون دولار،ومجموع ما يتقاضاه المسؤولون في الدولة نحو 250 مليون دولار.هذا يحدث مقابل بطالة كاسحة في المجتمع العراقي فضلا عن وجود عوائل تحلم ان يدخل لها في الشهر 200 او 300 دولار،وهو امر يضاف الى قائمة الغرائب في الوضع العراقي الجديد!
ان الكوارث والخطايا التي وقعت امام انظار البرلمان طيلة الاعوام الماضية،وهو يتفرج عليها بدم بارد،تدفع الشعب العراقي الى محاسبته،ومع كل هذا يطالب النواب دون ملل وكلل بامتيازات اضافية.كل القضايا يحولوها الى مشاكل عصية وتجاذب،يغتالون الوقت الثمين،حتى علم الدولة والشعار والنشيد الوطني يحشرونها في زوايا الاستعصاء،يتخبطون،يتركون واجباتهم ازاء الشعب ويهرعون يتسابقون الى بيت الله الحرام،ليضمنوا جنة الآخرة بعد ان ضمنوا جنة الدنيا!انهم مسؤولون مسؤولية كاملة عما آلت اليه البلاد من خراب،والمجتمع من حياة ملؤها المرارات!
كان مجلس النواب في معظم مواقفه انتهازيا ونفعيا،بعد ان وضعت الامتيازات التي حصل عليها اعضاءه في موقف الساكت عن الحق،حفاظا على ما حصل عليه من دولارات خضر براقة،ناهيك عن الاطراف البعثية التي تم حشرها داخل المجلس المذكور باسم المحاصصة القومية والطائفية.ان تجربة البرلمان العراقي اثبتت بالملموس ان بعض النواب جاء لجني الارباح وتقديم مصالحه على مصالح ابناء الشعب،محولين البرلمان الى ناد للمعارك السياسية الجانبية ولمصالح فئوية ضيقة.ومن الطريف ان الشبهة والاقصاء بقى محصورا فقط بالانتماء الى الحقبة السوداء وحزبها ومؤسساتها،ولم تؤخذ بنظر الاعتبار النزاهة المالية والمصداقية في التعامل والطهارة الاجتماعية ومدى صلاحية المرشح وطنيا واخلاقيا!واذا كانت كثير من مفاصل الدولة تعج بالمشبوهين سياسيا وماليا وتأهيليا واجتماعيا وامنيا،فانه من الكارثة والمأساة والاحباط ان يكون مرجعنا في الحكم والتشريع مرتعا لمجموعات من اولئك المشبوهين والمرتشين بعد اعوام كافية من التجربة والممارسة.
اما مجالس المحافظات فهي تمارس اللعبة ضمن مستوياتها الادارية.لكل محافظ نائبان،واحيانا لكل مدير نائبان،وربما لكل نائب نائبان،وهذه المجالس تبدأ اعمالها بأجندة تتصدرها قضايا مثل اعمار المحافظة وبناء المستشفيات وجامعة جديدة وشوارع جديدة واستثمارات ضخمة ومطارات،وتنتهي غالبا على نزاع حول عدد رجال الحماية والسيارات لكل عضو.هكذا سمعنا كثيرا عن مترو بغداد العتيد الذي تحدث عنه كل محافظي بغداد قبل ان يرحلوا دون ان نرى شيئا منه،سمعنا عن مطارات كبرى ستبنى في مدن لا يملك سكانها ماء صافيا وعن مجمعات تجارية ضخمة في اماكن تمس حاجتها لسكن مناسب يؤوي فقراءها.
القوات المسلحة والارهاب والغثيان
يشعر المواطن بالغثيان مما يجري في العراق الراهن ومن السياسات الحكومية ومن الخطب النارية،خاصة في فترة الحملات الانتخابية،والتي غالباً ما تحمل وعودا فارغة من لدن الحاكمين،بينما الارهاب الاسود ما زال يستفيد من فوضى الاداء الحكومي!ويحصد يوميا العشرات من الابرياء الآمنين!وقد سميناه الارهاب الاسود تمييزا له عن الارهاب الابيض اي الفساد- هذه المؤسسة التي تمتلك ادواتها التي تستقطب ضعاف النفوس والباحثين عن الثراء في مرحلة الانهيار السياسي والقيمي والوطني.ولا تمض ساعات قليلة على تصريحات بعض مسؤولي الامن في بلادنا يزكون فيها كفاءة اجهزتهم الامنية ومعدات كشف المتفجرات،حتى تهزّ قلب بغداد والمدن العراقية الانفجارات الكبيرة والتي تحصد ارواح العشرات من الابرياء،ما يجعل تبريرات المسؤولين مضحكة ومبكية في آن.
من غرائب الامور انه لا يمر يوم دون ان تعثر قوات الحرس الوطني والشرطة والقوات متعددة الجنسية على مخابئ الاسلحة والذخيرة العسكرية في ارجاء بلادنا،ولازال العراق البلد الوحيد من بين دول العالم يمتلك الاسلحة المتنوعة وغير المرخصة خارج الثكنات العسكرية،واكثرها بيد الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة وبعض البالغين مما هدد وتهدد هذه الاسلحة أمن المواطنين بسبب عدم شرعيتها!ويستغل مهربو الاسلحة عدم وجود معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة في الشرق الاوسط،لانتزاع اقصى الارباح من توريد الاسلحة الى العراق وعرضها في السوق السوداء،التي باتت تعج بالاسلحة الخفيفة والثقيلة وتحت مرأى وسمع الحكومة العراقية والدول الاقليمية.
ومن غرائب الامور ايضا انه بعد تشكيل مجالس الاسناد كاجراء غير دستوري ويتنافى مع القانون مما اثار الشكوك حول طبيعة تشكيلها كونها ليست تابعة للدولة ولا لوزارة الداخلية!باتت الصحوة تساهم في العملية السياسية والانتخابية الجارية اليوم،ومعضلة حقيقية يفكر البعض بدمجها بالاجهزة الامنية والاستفادة من عناصرها في الجهد الاستخباراتي!وتتجاوز هذه المجالس في مهامها تسليم المطلوبين والتائبين عن العمل مع الميليشيات لتتعهد بمساعدة الدولة في فرض القانون!هذه المجالس العشائرية بدأت كتشكيلات مسلحة بسيطة وتطورت تدريجيا،حالها حال بقية الميليشيات،لتعمل خارج اطار القانون شئنا ذلك ام ابينا!.هل شراء الذمم وتأسيس مجالس عشائرية لاغراض انتخابية ممولة من الدولة العراقية تناسب اخلاقيات الشعب العراقي؟...
ومن غرائب الامور ايضا ان الحكومة العراقية لم تقدم اية معلومات واحصائيات مفيدة عن اعداد المعتقلين والمفقودين،بينما لازال الآلاف من الموتى يدفنون دون ان يتعرف ذووهم عليهم!حيث يتم جمع الموتى عندما يصلوا الى عدد معين في ثلاجات دائرة الطب العدلي ثم يتم نقلهم الى النجف وكربلاء لدفنهم من قبل متطوعين.لقد عادت الميليشيات التي كانت قد هربت الى ايران واماكن اخرى داخل العراق الى الظهور ثانية في بعض المدن العراقية كالبصرة.وثمة مؤشرات على انها عادت من اجل الانتقام ممن حاربها او ساعد على طردها!ومنذ شهور تسجل مؤشرات عديدة على تنفيذ عمليات قتل سياسي لم يعلن عنها،فيما يقوم مسلحون على دراجات نارية بفتح النار ضد اشخاص بعينهم!وتزداد مخاوف الاقليات الدينية في البصرة بعد ان هوجم العديد من افرادها،لاسيما محلات المشروبات الكحولية.عرّابو الارهاب لا يتوانون عن ارتكاب المجازر،ولا يرتجى منهم اصلا اعتبار حياة الابرياء،لكن الكارثة التي ترهق وجدان الصامتين هي استغلالهم في لعبة تصفية الحسابات السياسية،من يربح اكثر من خساراتنا؟
مصالحة..مصارعة..مناطحة..مناكحة
المصالحة الوطنية تستدعي رفض اي تهميش او اقصاء لجهد وطني يدين العنف ويبدي استعدادا لحوار حقيقي،الامر الذي يعني التمييز بين رموز النظام البائد وجلاديه وبين اولئك الذين انضموا الى البعث مرغمين او ساعين الى سبل عيش ومواقف انتهازية،عودونا عليها في مختلف العهود السياسية.واجندة المصالحة الوطنية تستهدف النمط الاخير لتوفر له فرص التراجع والتخلي عن ارث الماضي،وادانة النظام البائد وحزبه وممارساته،واعلان نبذ العنف!وان أية مصالحة تعد ضربا من اوهام ما لم تؤد الدولة ما بذمتها لضحايا الدكتاتورية!وهذا الذي لم يجر الى يومنا هذا!بل كان العكس،مثلما حدث مع تغيير النص الأصلي لمشروع القانون المرسل من قبل مجلس الوزراء والمتضمن شمول السجناء السياسيين لعام 1963(مجلس الوزراء كان قد ارسل صيغة قانون اخرى غير التي تم توزيعها على النواب،وكانت الصيغة السابقة قد حظيت بموافقة مجلس شورى الدولة وتحديدا في تضمنها الاشارة الى الضحايا الذين تضرروا من الانظمة السابقة منذ عام 1963،وهو الأمر الذي ينصف شريحة واسعة من المواطنين العراقيين الذين استمر الضيم والظلم يتعقبهم طوال المرحلة المنصرمة).
اين مصير آلاف الخطابات والبيانات التي اصدرها حكام العراق على ضرورة احقاق الحق ومحاسبة المجرمين ومن تلطخت ايديهم بدماء العراقيين،وهل ان صدام لوحده يتحمل مسؤولية الدمار الذي احاق بالبلاد والعباد،وان جميع الجرائم ارتكبها لوحده دون مساعدة من زمرته الاجرامية؟ولماذا يطلق سراح القتلة بناء على تسويات بين الجهات العليا التي لم تتضرر من البعث بل استفادت من سقوطه بما حصلت عليه من مكاسب وامتيازات وسلطة لم تكن تحلم بها في يوم من الايام؟هل يتصورون ان الشعب لا يدري بطبيعة الحلف المعقود بين قوى السلطة وممثلي البعث وافساح المجال لهم بالمشاركة بالعملية السياسية تحت واجهات جديدة قديمة ليأخذوا حصتهم من الكعكة العراقية ويتقاسم فيها المخانيث ممن لفظهم الشعب وعرف حقيقتهم الفجة؟
هل هناك بعثا نظيفا وآخر ملطخا بالوحل،لأن الجميع على ما عرفناهم وخبرناهم ابناء امة واحدة ابيضهم اكثر دعارة من اسودهم وكلهم واحد في الاجرام،وان من ارتكب المجازر منهم بعد شباط 1963 عاد بعد 1968 ليرتكب ابشع الجرائم بحق العراقيين،وهاهم قتلة شباط لا زالوا يتنعمون بما كنزوا من اموال وما حصلوا عليه من امتيازات!ولا زال ضحاياهم مهاجرين مهجرين في دول اللجوء السياسي،فهل جرى انصاف المهاجرين واعادتهم الى بلدهم ومنحهم حقوقهم القانونية حتى يجري التفكير بانصاف من ظلمهم؟
الخصخصة والفساد الاقتصادي
علمتنا التجربة التاريخية جدل التفاعل البناء بين المصلحة الوطنية العامة والمصالح الخاصة لمواجهة جدل التخلف،والدولة هي الضمانة الأساسية للمصالح الاقتصادية الوطنية،اما الخصخصة فإلغاء لهذه المصالح وحمايتها،وعموما فان المؤسسات الحكومية في بلادنا تواجه معضلات ليست من طبيعتها.ان مجرد ابداء الاستعداد لبيع الدولة بعض من مؤسساتها الاقتصادية يخلق بحد ذاته الحافز الكبير للفساد والافساد.
لقد شرعت السلطات البائدة قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 لاغراض تحويل نظم الملكية الجديدة الى آلية للتهريب القانوني المنظم نحو الخارج وخطوة متقدمة باتجاه الخصخصة(Privatization)،بينما استلزم هذه النظم الجديدة اصلا ميكانيزم التكامل المرن والدرجة الرفيعة من الدقة والتنظيم،دليلها القطاع العام نفسه وتجاربه في التخطيط والتنمية والاعمار والادارة لتحجيم ميلها الطبيعي نحو الكسب الشخصي والفردي والمصلحة الخاصة الضيقة!وفي هذا الاطار،شرعت منشآت القطاع العام بالتحول الى نظام ادارة الشركات وفقا للقانون منذ 1/1/ 1998 بدعم لا محدود من النخب الحاكمة والاوساط المتنفذة المرحبة،رافقتها دعوات للخصخصة في اجواء مشبعة بالاحتقان والتوتر السياسيين والضغط الدولي بحكم الوصاية الدولية وبزوغ فجر الدولة الكومبرادورية الحارس الامين على مصالح الرأسمال الاجنبي.
لا يعني اعتماد آليات السوق اطلاقا خصخصة او تأجير القطاع العام او الخضوع لوصفات البنك الدولي والمؤسسات الرديفة،بل هو اعتماد آلية العرض والطلب لتحديد قيم السوق والخدمات المتبادلة في السوق وتوزيع الموارد المتاحة بين القطاعات الاقتصادية.ولا يلغي اعتماد آليات السوق وظيفة الدولة التي تتحكم بالسياسة النقدية والمالية وتحد من تقلبات الأسعار في سبيل مرونة السوق،وتأمين توازن ميزان المدفوعات،واليقظة من التوغل الاحتكاري،وتأمين مستلزمات المنافسة الاقتصادية المشروعة،وبسط سيادة القانون في حسم النزاعات التعاقدية.
عندما يتولى القطاع الخاص ادارة مؤسسة في القطاع العام،يجري التنافس عادة على اسعار السلع والخدمات عبر البورصة واطلاق الاسعار حسب العرض والطلب.ويتاح عادة للمستهلك الكبير حرية التعامل مع اية شركة تتيح له بالنهاية السعر الارخص!وفي القطاع الخاص تحاول الشركة ذات العلاقة وبما لديها من تكنولوجيا ان تنتج سلعها وخدماتها بأساليب اقتصادية تتيح لها تخفيض السعر كي تمتلك الأولوية في البيع للشركة القابضة التي تقوم هي ايضا ببيعها لشركات التوزيع،وتختلف الارباح حسب المواقع الجغرافية والبيئية.ويجري تقييم اصول الشركات عبر المكتب الاستشاري الخبير المركزي ليجري اختيار المستثمر الرئيسي لشراء النسبة التي يتم طرحها للأكتتاب العام على هيئة اسهم،حيث تظهر اهمية البورصة في تحديد الاسعار!والمعروف ان يجري طرح الشركات للبيع بنسب تتناسب مع قيمها الحقيقية لتجنب الاضرار بالشركات والمشترين معا!ومن الضروري ان تجري مراقبة كفاءة واسعار السلع والخدمات في فوضى السوق الوطنية،وان تلتزم الشركات بالقوانين الوطنية لاسيما تلك المتعلقة بحماية البيئة ووضع الضوابط التي تكفل المنافسة المشروعة ضمانا للنفع العام،ويجري تنظيم منح تراخيص انشاء وتشغيل وصيانة المشاريع.ولا تولي الانظمة الرأسمالية عادة اية اهمية لهذه المعايير بل تتجاوزها جشعا بالربح السريع واغتصاب فائض القيمة الاجمالي.
في الخصخصة يتآمر الرأسمال الاجنبي بالسطو على اموال الدولة والاستيلاء على دخولها!لتكون مؤسسات التمويل الدولية صمام امان توسعه!وتتجلى المفارقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالخصخصة في انها لا تسعى الى التغلب على الازمة الهيكلية للرأسمالية بل نصرة سياسة ادارة الازمة لا غير،او تحسين اسلوب الادارة من خلال ما تتضمنه تشريعات قطاع الاعمال من حرية و مرونة!
حددت البريمرية ثلاث شروط لتحقيق النمو الأقتصادي في عراقنا:
اعادة توزيع اجمالية للموارد والافراد بابعادهم عن سيطرة الدولة الى المؤسسات الخاصة!
تعزيز التجارة الخارجية!
تحشيد الرأسمال الوطني والأجنبي!
بجلاء البريمرية تعني تحويل العراق الى سوق حرة مفتوحة للبيزنس و بيعه بالخصخصة أي ليس اعمارا بل نقض الاعمار.الخصخصة البريمرية هي قنونة الاوضاع الفعلية المستمرة منذ سنوات في بلادنا لتكريس وتأصيل البرقرطة في الظروف التاريخية الجديدة ولتتقاسم البورجوازية البيروقراطية والطفيلية والكومبرادورية الكعكة – كعكة الامتيازات والهيمنة والنفوذ – وعلق فتات الرأسمال الاجنبي ولجم سخط الشعب وجماهير الشغيلة.وتفسر الغوغاء الخصخصة على انها استعادة املاك اوقاف مفقودة!والحقيقة ان الخصخصة هي اغتصاب في وضح النهار لأملاك الشعب العراقي وتثبيت لمواقع المرجعيات الفئوية للهيمنة في الحياة الاجتماعية!فالبريمرية باختصار رهن و بيع لممتلكات الشعب العراقي ومستقبل العراق للشركات الاجنبية او لعراقيين يعملون كواجهة لها.وحقول ومصافي النفط ومحطات توليد الكهرباء وشبكات توزيع الكهرباء هي من الممتلكات والموارد العامة المخطط بيعها بالتدريج والمرغوبة من قبل الشركات الأمريكية والغربية.وتسمح البريمرية بامتلاك الشركات الامريكية ل 100% من قيمة المشروع،وحق الشركات الامريكية في تحويل 100% من ارباح المشروع خارج العراق،الى جانب بيع الشركات بسعر لا يتناسب مع سعر اصولها الحقيقية لصالح جهات او افراد من رجال الاعمال او الشركات الكبرى التي تدفع في سبيل ذلك بسخاء وعدم الافصاح عن اسباب البيع او هوية المشتري.وتستخدم البنوك الأمريكية ودائع العراقيين لتسليف الحكومة العراقية وجني الأرباح والفوائد.
مما سبق يتبين ان بيروقراطية القطاع العام والادارات الحكومية في العراق ليست اقل ثقلا من مخاطر القطاع الخاص والخصخصة في تشويه معدلات النمو،وكل ما يواجهه القطاع العام من معضلات مفتعلة ليست من طبيعته ومعظمها من آثار الجهاز المركزي البيروقراطي الفاسد،وقد لاح اجزاء واسعة منه العفن بسبب النشاط الطفيلي الابيض والاسود.ويغلف الطابع السياسي الاجتماعي دور القطاع العام بينما يقف طابع الربحية في خلفية النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص والأهلي والتجاري دون ان يعني ذلك ضياع الدور الوطني للقطاع الأهلي.وتؤكد العقلانية امكانية اختراق الاستثمارات الاجنبية والنفوذ الاجنبي القطاع الخاص،وذلك اسهل من اختراق القطاع العام.
وبينما تضمن الخصخصة اتباع مبدأ الربح والخسارة لتحديد اجور الخدمات المقدمة الى المواطنين لتؤدي الى عجز الاعداد الواسعة منهم ليقعوا فريسة القطاعات غير الحكومية التي يتقوى عودها في عهود الاحتلال وتطبيق سياسة الليبرالية الجديدة،ادعى منظرو الاقتصاد في حكومة نوري المالكي ان القطاع الخاص في عهدهم لم يتحرك وفق آلية الاسعار والربح والاقتصاديات الرأسمالية بل وفق الاحكام والقيم التي تنظم عمل اقتصادهم الفريد من نوعه،وعبر ضوابط تشريعية وقيمية اخلاقية دون اغفال آلية السعر والربح!واهم ضوابط منظومة قيمهم الاخلاقية العقيدة التي تدعو الى الفلاح وتحريم الربا والنهي عن المنكر والاذى والغدر!واثبت التاريخ ان هذه القيم منهم براء!وفي اقتصادياتهم تلقى التجارة التي تقف في طليعة التراتبية المهنية التشجيع في عدم التسعير،وترك الاسعار خاضعة لأوضاع السوق،وتشجيع الاحتكار،مما يسهم شئنا ام ابينا في تعميق التفاوت الاجتماعي وتوسيع نسب التضخم والتمركز المالي!.لقد اوكل منظرو اقتصاد الحكومة المنتهية اعمالها للقطاع الخاص مهمة طوباوية تحقيق التوازن الاجتمااقتصادي والاخلاقي،كما اغفلوا المضاربات التجارية الدولية التي تسرع من نمو الروح الرأسمالية لدى النظام الحاكم في بلادنا ونخبه الأرستقراطية والاستحواذ على تراخيص التجارة مع الجميع!
المعروف للقاصي والداني ان التطور المشوه لنمو القطاع الخاص يسرع بتحوله الى ميدان للشطارة والفهلوة والفساد والافساد بالشراكات والتعاقدات المعلنة والخفية المباشرة وغير المباشرة مع المتنفذين والأرستقراطية وكبار الموظفين والاحزاب الحاكمة.وهنا وجب التمييز بين القطاع الخاص المنتج وبين الشرائح الطفيلية العاملة في ميادين المقاولات والتجارة والخدمات والتي تتعاون وتتحالف مع البيروقراطية الادارية وتتعاطى حماية مصالح الرأسمال الأجنبي وتتجاوز القوانين بالتهريب والغش وخلق السوق السوداء واشاعة مظاهر الفساد وغسيل الاموال.هل وجود القطاع الخاص ضرورة ام مجرد صيغة تكميلية للتعددية الاقتصادية- للزينة فقط؟عموما يتسم القطاع الخاص بالطبيعة الاستغلالية والمواقف السلبية التراجعية الارتدادية،ضعف التزامات المساهمة في الميزانية الحكومية والمحافظة على الثروة القومية والبيئية،النزوع لتحقيق الربح الاعظمي(Maximum Profit)،وضعف الضمانات الاجتماعية وضمانات حقوق العاملين من تدريب وتأهيل..الخ.ولا يقل القطاع الخاص حاجة للرعاية والاصلاح والتأهيل عن القطاع العام،ولا يجب اعطاء قدراته الأهمية المبالغ فيها بالاسهام في تنمية الاقتصاد الوطني،ولابد للمشرع العراقي ان يضع في مقابل فتح الأبواب امام رؤوس الاموال الاجنبية واتساع قاعدة ونشاط القطاع الخاص الاجنبي برنامجا اجتماعيا مهما يحمي من خلاله مصالح الكادحين وصغار المنتجين والعاملين في مختلف اجهزة الدولة.والانفتاح الفعلي على الاستثمارات الاجنبية يفترض ان لا يعني السماح بغزو اقتصادي اجنبي يهدف الى الهيمنة الكاملة والفعلية على الاقتصاد العراقي وحرمان المستثمر الوطني من القدرة على التوظيف بسبب قوة القدرة التنافسية لدى المستثمر الاجنبي.
يساهم مستوى الرسملة المتدني الذي لا يدخل في نطاق القوانين المولدة للمجتمع المدني الحديث ويدور حول وسائل الانتاج والسلع الاستهلاكية والخدماتية الدور المميز في هيمنة الشرائح المتذبذبة طبقيا داخل المجتمع العراقي.وهذه الشرائح الرثة هي الظهير القوي للزعامات الطفيلية البيروقراطية الطائفية لابقاء الدورات الاقتصادية ذات طابع انفاقي استهلاكي يصون التفتت الاجتماعي ويكرس التشوه الطبقي.وتلعب العلاقات الاستهلاكية دور تغليف البنى الممتدة من الأصول العشائرية والطائفية الضيقة بالواجهات الاستهلاكية ولا تحمل في داخلها آلية اطلاق القيم الجديدة.وكما هو الحال في السوق التجارية،تطرد العملة الفاسدة- الولاءات غير الوطنية،العملة السليمة- الولاءات الوطنية الجامعة التي تقبل الانقسام الأفقي حول تحديد المصالح الاجتماعية والصراع عليه،ولا تقبل النزاع العمودي الذي يعني خراب الأمة او الجماعة السياسية والعودة الى الاولويات العصبوية.هذا ليس بمعزل ايضا عن تواطؤ ودعم بعض الزعامات والنخب المتنفذة الامية والغبية الحمقاء حيث كل الجهود تصب في اقتصاد السوق وتخريب القطاع العام وتشويه سمعته.
تسعى العولمة في ظل الاحتلال الى عرقلة التنمية الجادة المستقلة عبر اضعاف القطاع العام ودوره الاجتمااقتصادي ومحاولات لبرلة الاقتصاد واشاعة اقتصاد السوق.ويتذرع دعاة فصل الادارات الحكومية عن الملكية في مؤسسات القطاع العام بتدهور القطاع الصناعي وشيخوخة واهتراء المعدات والتجهيزات وبمتطلبات ادخال التكنولوجية الحديثة ومعالجة الفساد ونهب المال العام وبالاخلاقيات المزدوجة في المؤسسات الحكومية وعجز القطاع العام عن توفير الإيرادات الضرورية للاصلاحات والخسائر المستمرة التي لم يعد بالامكان تحملها.لكن السياسات المتبعة لتحويل الاقتصاد العراقي الى سوق حرة كرفع الدعم وتفكيك اجهزة الدولة فاقمت من مستويات الحرمان والفساد!
القطاع الوطني الخاص غير مؤهل حاليا لأخذ زمام المبادرة في استملاك المنشآت التابعة للدولة،والسبب يكمن في ضعف الامكانيات المادية والتقنية للصناعيين واصحاب المهن التجارية.وما ان بدأت الموارد التجارية تدخل العراق دون رقابة،حتى اغتال الغش الصناعي جيوب المواطنين،واصبحت البضاعة الرديئة سم للاقتصاد المحلي،واصبح المتضرر الوحيد هو المواطن،وهو ما لا يمكن ان يحدث في حال سيطرة الدولة على الاقتصاد.ويبدو ان تراجع العراق المنهجي عن نظام الخدمات الاجتماعية هو ما تصبوا اليه الادارة الاميركية لأن ذلك هو احد اهم السمات المميزة لعولمة السوق الجديدة الراهنة،الى جانب طغيان اقتصاد السوق،التدهور الشديد والمتفاقم في المساواة الاجتماعية والديمقراطية الاقتصادية بفعل تضاعف الأرباح وانهيار سياسة اعادة توزيع الدخول وتزايد الفجوة بين الاغنياء والفقراء واتساع الفقر،الهدر المتجدد والمتوسع باستمرار في فرص العمل والانتاج من السلع والخدمات،رفع معدلات البطالة والاستيراد الانتقائي للعمالة المؤهلة وغير القانوني للعمالة غير المؤهلة وتشغيلها بصورة سرية محرومة من الحقوق الأساسية والنقابية،تشغيل النساء بالاستناد الى التمييز ضدها وتشغيل الأحداث لتخفيف الأجور وتكاليف الانتاج،والتمركز الرأسمالي.وعليه لا تعتبر الخصخصة الحل البلسمي او نهاية المطاف لمعضلات القطاع العام العراقي!
في الخصخصة تتسارع عملية بعث الهويات الجزئية دون الوطنية لتلعب دور وسيط التواصل بين السلطات والشعب اي ليس تكرارا لهويات الاربعينات ولكن استمرارا لهويات التسعينات.ولا تستطيع لا المقاولات ولا القطاع الخاص الجديد من استيعاب الجميع ليتوسع جيل المنسيين المنبوذين والعزل من دون ضمانات!وتفتش الخصخصة عادة عن قوة العمل الرخيصة واحلال من هم من دون المواطنية العراقية ذوي الاجور المنخفضة بدلا من العراقيين ذوي الاجور المرتفعة نسبيا وبالتالي تقليص فرص العمل المجزي.وتسهم الخصخصة في انعاش الديناميكية الرأسمالية وتمكينها من تدوير التنظيم التعاوني الجماعي لأوضاع المأجورين والجامع للعوامل الفردية السلبية المتذمرة من السلطات لتتفاقم المنافسة في سوق العمل وتزداد عوامل الضغط على معدلات الحركة والتكيف والمرونة،ولتتوسع فرص الدمج مع التعهدات والمقاولات التي تمجد المرونة والمبادرة والسقوط في شرك المنافسة القاتل واللعب على الخلافات اكثر من الاستناد الى ما هو مشترك!
وفي اجواء الخصخصة تخلق الرأسمالية الطائفية الطفيلية مناخا من الأحلام والأوهام التي تدغدغ خيال مختلف الفئات الاجتماعية،حتى الطبقات الدنيا التي تعيش على فتاتها،لينتشر التهريب والسوق السوداء والتهرب من الضرائب والرشوة.ومجتمع الطائفية الطفيلية مجتمع زائف بلا عمق اجتماعي ويؤثر على الفئات الاخرى التي لا تمتلك القوة المعنوية الكافية لمقاومته.ولا تطيق الطائفية الطفيلية العمل التنموي الصبور البناء،فهي تدرك ان دورة حياتها محدودة،لذلك تعمل في مجالات النهب السريع الذي لا يحتاج لجهد وصبر.ولا يمكنها ان تمارس اسلوبها في النهب العجول في ظل الأوضاع الديمقراطية المنفتحة،فهي تحتاج دوما الى ادوات تقمع بها الناس كلما حاولوا نقدها او خرجوا ساخطين تحت وطأة الظروف المعيشية الضاغطة.ومن دون حماية الميليشيات – العصابات يبدو حتى التهريب متعذرا.وهذه نتيجة من نتائج السلطات الريعية ونظم المحاصصة الطائفية والاثنية!
في علم الجريمة تتمثل جرائم الشركات او الجرائم الاقتصادية في انحرافات(مالية او ادارية)ارتكبت عن طريق الشركات(كيانات تجاري لها شخصية قانونية مستقلة من افراد يقومون بادارة انشطتها)،او من قبل افراد بالانابة،ومخالفة القواعد والاحكام المالية التي تنظم سير العمل الاداري والمالي في المؤسسة.ومثلما يؤدي الفساد كجريمة اقتصادية الى تقويض التنمية وتسببه في حدوث تشوهات وحالات عجز ضخمة،فانه في القطاع الخاص يتسبب في زيادة كلفة العمل التجاري من خلال زيادة سعر المدفوعات غير المشروعة نفسها،وكذلك ازدياد النفقات الادارية الناجمة عن التفاوض مع المسؤولين ومخاطر انتهاك الاتفاقيات او الانكشاف.ويشوه الفساد الملعب التجاري اذ يحمي الشركات ذات المعارف مع الحكومة من المنافسة ما يعني بالنتيجة استمرار وجود شركات غير كفوءة.ويولد الفساد تشوهات اقتصادية في القطاع العام عن طريق تحويل استثمار المال العام الى مشروعات رأسمالية تكثر فيها الرشى،ويلجأ المسؤولون الى حيل زيادة التعقيدات الفنية لمشاريع القطاع العام لاخفاء او لتمهيد الطريق لهذه التعاملات غير المشروعة،ما يؤدي بالنتيجة الى زيادة تشويه استثمار المال العام.ويؤدي الفساد كذلك الى خفض معدلات الالتزام بضوابط البناء والمحافظة على البيئة والضوابط الاخرى،والى تردي نوعية الخدمات الحكومية وزيادة الضغوط على ميزانية الحكومة.ويتخذ الفساد الاقتصادي اشكاله المتعددة من اشتقاق الايجارات وتحريك الرأسمال الى الخارج بدلا من استثماره في الداخل(النمط التقليدي بانشاء الحكام حسابات مصرفية لهم في البنوك العالمية)الى الحصول على حصة في كل شيء(طلب الرشى)،ويشجع عدم الاستقرار المسؤولين على تخزين ثرواتهم خارج البلاد كي لا تطالها قرارات المصادرة الحكومية في المستقبل.
مشاريع الاعمار تعج بالفساد المنظم،وهناك اطراف سياسية مستفيدة من هذا الفساد،مصالح متبادلة بين بعض الاطراف السياسية تمنع اي محاولة للكشف عن قضايا الفساد.وبينما يؤكد المقاولون وممثلو الشركات انهم يعطون رشاوي للجهات الرسمية،فان جميع المسؤولين يلتزمون الصمت حينما يتعلق الامر بالفساد الاداري في مؤسساتهم.واذا كان الفساد وما يزال يلاحق عندما تفوح رائحته وليس بالامكان(طمطمته)بالنسبة للمقاولين والشركات الاجنبية بدرجة ما،ويكشف عن مختلسين ومحتالين ويقدمون الى القضاء وتسترد اموال منهم،فان الامر بالنسبة لنظائرهم وشركائهم العراقيين يكاد يكون معدوما،فلا يكشف عن حجم الفساد ولم يقدم فاسدون الى المحاكم ولم يسترد دينارا واحدا من الذين اهدروا المنح والمساعدات الاجنبية.واصبحت المنح والتخصيصات للمشاريع غنيمة ينفذ بها الذين يعرفون من اين تؤكل الكتف،ويزداد ابطالها غنى وتتفتح شراهتهم على مصراعيها للحصول على المزيد وابتكار وسائل جديدة لحلب المال العام وتوريط آخرين وازاحة كل من يقف في طريقهم.بين ليلة وضحاها اصبحت لدينا فئة من حديثي النعمة الاميركية،يملكون المليارات ويضاربون في السوق،وامتلكوا جبروت المال والسلطان،ليعيثوا فسادا!والفساد يشيع مناخ تدمير مؤسسات القطاع الصناعي العام تحت ذريعة"اعادة بنائها"،على نحو يؤدي الى افلاسها وعرضها للخصخصة باسعار بائسة تحت راية"الاستثمار"،وهو نهج يلحق افدح الاضرار بالصناعة الوطنية واقتصاد البلاد،ويفاقم جيش البطالة،ويستهين بمعاناة الكادحين ومستوى حياتهم،امتثالا لضغوطات ومصالح مؤسسات النهب المالي الدولية!
مظاهر الفساد الكبرى المعلن عنها فقط
مظاهر الفساد الكبرى المعلن عنها تاريخ اعلان الاعلام ومفوضية النزاهة
اختفاء 7 مليار دولار من اموال الدولة العراقية 9/11/2006
خسائر العراق خلال السنوات الخمسة الاخيرة،اي منذ عام 2003 وحتى عام 2008،بلغت 250 مليار دولار 10/4/2008
انفاق 17 مليار دولار،منها 10 مليارات من الموازنة العراقية،و4 مليارات من اموال العراق المجمدة و3 مليارات منحة اميركية.ولم تتحسن طاقة الكهرباء واط واحد لحد عام 2008.
الصفقات مع التجار المحليين بدلا من المنشأ،غير المواد التالفة والتي تقدر قيمتها بعشرة مليارات،وتوقف وزارة التجارة عن تزويد الناس بالمواد التموينية لستة أشهر كاملة،من دون توضيح ما آلت اليه المبالغ المخصصة لهذه الفترة.اثرها قرر مجلس الوزراء تقليص مواد البطاقة التموينية!
الكشف عن 50 الف راتب وهمي في وزارة الداخلية كلف الحكومة 5 مليارات دولار سنويا مع ثمن الأطعمة والملابس عدا الأسلحة والاعتدة،كما فقدت الوزارة 19 الف قطعة سلاح كشفت وثائق ان الشركات اعادت بيعها الى اطراف بريطانية.
90% من الادوية المتداولة في الصيدليات لم يتم فحصها،ولا دور لوزارة الصحة في استيرادها او توزيعها.
فقدان 14 الف قطعة سلاح كانت مخصصة لاستعمال الجيش العراقي 9/11/2006
اعلان كبير المفتشين الاميركيين ستيوارت بوين"ان تدني كفاءة موظفي الحكومة في العراق في ادارة الاموال يمثل عائق في طريق اعادة البناء،وان ما بين ثمانية الى عشرة مليارات دولار من الميزانية السنوية للعراق تضيع هباء بسبب عدم قدرة البلاد على استيعاب هذه المبالغ في مشاريعه". 9/11/2006
مقتل 31 عضو من اعضاء مفوضية النزاهة واختطاف 12 آخرين 17/10/2007
اعلان كبير المفتشين الاميركيين ستيوارت بوين"ان المبالغ المهدورة في مشاريع فاشلة او لم توظف بشكل جيد في العراق تصل الى 15% و20% من 21 مليار دولار هي قيمة صندوق اغاثة واعادة اعمار العراق" 25/3/2009
ان مساعدات امريكية لاعادة اعمار العراق تتراوح قيمتها بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار اهدرت منذ عام 2003. 26/3/2009
رئيس النزاهة ينتقد المالكي لمنح وزير التجارة المتهم بالفساد راتبا تقاعديا يصل الى 15 الف دولار 27/5/2009
استشراء الفساد امتداد لتقاليد رسخها صدام حسين،غير ان من اوصل الفساد الى مدياته الخطيرة الراهنة هو سياسات الاحتلال وصراع السياسيين على السلطة.ويبدو ان الخراب الذي ورثته البلاد من نهج مهندس المقابر الجماعية لم يكن كافيا لاشباع نهم الشهوات المريضة للمؤسسات المالية الدولية،فهي تسعى الى المزيد من افقار الملايين من البؤساء والجياع والمحرومين لصالح حفنة من المتنعمين والمتخمين.والفساد المنظم والشامل يبشر بشيوع الشبكات المترابطة للفساد من القمم المتربعة على رأس الهرم المجتمعي والحكومي،والنهب الواسع للمال العام عن طريق الصفقات الوهمية وتحويل الممتلكات العامة الى مصالح خاصة وبحجم كبير!شبكات منظمة فيها مسؤولين حكوميين وافراد عصابات ومهربون ومعدات تنفيذ من وثائق مزورة واسلحة ووسائط نقل وصلات مع شبكات وتجار خارج الحدود.وزراء يتحصنون بالشراكة التجارية مع النواب لتجنب الاستجواب،وليخفق مجلس النواب في تطبيق الدور الرقابي،وليصبح المواطن هو الخاسر الوحيد!شبكات مافيا تحدد كل منها سعر سلعها وخدماتها المقدمة الى"الزبائن".
من الضروري الوقوف بحزم امام دعوات حذف وتهميش قطاع الدولة،وهي دعوات تلقي الدعم الواسع من المؤسسات الاقتصادية العالمية في الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية،وكانت قد رحبت بها الحكومة العراقية في عهد صدام حسين.ان امكانيات(القطاع العام- الدولة- السلطات الاقليمية)على تخصيص الاستثمارات السنوية الممكنة تزيد بأضعاف مضاعفة قدرة القطاعات الاقتصادية في عموم العراق،وهذا يعزز من ريادة القطاع العام حاليا وفي المستقبل.كما ان استيراد الرساميل الاجنبية لم يكن يوما اساس بناء اية قاعدة تحتية صلبة في الاقتصاديات الحديثة والتقليدية،لكنه يبقى ضروريا لدعم الدولة العراقية كي تقف على قدميها بعد الدمار الذي لحق بها شريطة ان تتحدد الأسس والمعايير لنشاط هذا القطاع،وهذا لا يعني الحد من نشاطها بقدر تأمين رؤية واضحة عن نشاطها الواسع المحتمل.
يعاني العراق من انظمة رقابية غير ملزمة باعمال المراقبة الدورية بالشكل المطلوب الأمر الذي يحتم ضرورة البحث عن بدائل حديثة وجديدة للحد من ظاهرة الفساد والغش الاقتصادي،واهمها دراسة احوال السوق واسباب عجز التجار عن الالتزام بالمواصفات القياسية،واعداد بحوث تفصيلية عن اسباب الغش والفساد وانواعه،وتحديد صفة الشخص الذي يقوم بهذا العمل سواء كان تاجرا او صانعا او موزعا او فردا يمتلك نشاطا خاصا.وكذلك تعديل العقوبات الموجودة في القوانين الحالية ليصبح القانون مؤثرا وبأسلوب تنفيذ اقوى،وتفعيل دور جمعيات حماية المستهلك لتكون بمثابة رقابة اهلية على الاسواق والمنتجات.
تستلزم السمات اعلاه حماية المستهلك من الاحتكار او استغلال القطاعات التجارية والخاصة وتنظيم العاملين فيها مهنيا،نقابيا،ومراعاة قوانين تشغيل النساء والأحداث!ولابد من دعم جمعيات حماية المستهلك ومنحها صلاحيات اقامة الدعاوى الجنائية ضد مروجي الغش التجاري والصناعي،ليتم نشر اسماء الفاسدين بشكل واضح وصريح.ان الفساد الذي يؤدي الى الخلل الاقتصادي لا يمكن علاجه بالقوانين والتشريعات فقط بل بتعديل السلوك والتوعية حيث ان الخلل الذي تعانيه البيئة الاقتصادية يرجع الى تزايد معدلات الفساد وحالات الغش واختلاف انواعها واشكالها وتطورها المستمر بدءاً من المواد الغذائية غير المطابقة للمواصفات والسلع الفاسدة التي يتم تداولها بشكل علني بعد تغيير تاريخ الصلاحية مرورا بحملات الدعاية والاعلان لمنتجات غير معروفة مصادرها.
ويعتبر التخطيط المرن المستفيد من آليات السوق وعبر التحشيد الشعبي الواسع،والأجواء الديمقراطية والمؤسساتية المدنية،والشفافية المعلوماتية،وسيادة القانون..العلاج الفعلي للمعضلات الاجتمااقتصادية!كما يعتبر تدخل الدولة لتأمين التناسق والتكامل بين القطاعات الاقتصادية وحماية المستهلك من جشع المضاربات،والفعل العفوي لقوانين السوق،والحد من التضخم..امرا ضروريا في سبيل تنظيم الاستثمار،والانفاق المجاني،والالتزام في التعاقدات الخارجية،وضبط القطاع الخاص،وجوهره العائد السريع من الربح.
الابتزاز وغسيل الاموال والشركات الوهمية
الابتزاز فساد يؤشر الى القيام بالتهديد لكشف معلومات معينة عن شخص او فعل شيء لتدمير الشخص المهدد،ان لم يقم الشخص المهدد بالاستجابة الى بعض الطلبات،وهذه المعلومات تكون عادة محرجة او ذات طبيعة مدمرة اجتماعيا.الابتزاز هو عرض طلب ان يتوقف الشخص المهدد من عمل شيء مسموح به عادة،وهو غير التهديد extortion الذي ينتهي بعمل غير قانوني او عنف ضد الشخص ان لم يستجب للمطالب،ويسمى المال المدفوع نتيجة الابتزاز رشوة اسكات!والابتزاز والرشوة ونظام الواسطة او فيتامين واو من ادوات الرأسمالية الجديدة التي تتعامل مع الانشطة الطفيلية والتجارية وتتعاطى التهريب وغسيل الاموال واعمال المضاربة واقتصاد الصفقات والعمولات والغش الصناعي والتجاري وبيع الوظائف والاختلاس وتجارة السوق السوداء،وتقيم مجتمع الرشاوي والارتزاق،وتدمر منظومة القيم الاجتماعية.
تتوزع جرائم الفساد اليوم في ميادين اساسية منها شراء الذمم،وانتشار الرشاوي بنطاق واسع لتمشية معاملات المواطنين في دوائر الدولة،اعتماد المحسوبية والقرابة والعضوية السياسية الطائفية مقياسا للتوظيف ولتولي المناصب في اجهزة الدولة،توظيف وتأجير العملاء لملاحقة المعارضة السياسية،غسيل الاموال،تقاضي العمولات لقاء الأستثمارات الداخلية والخارجية من الشركات المنفذة للمشاريع الحكومية او الخاصة في العراق،تهريب موارد وثروات البلاد دون حسيب او رقيب،انتعاش تجارة السوق السوداء المهيمنة على التجارة الداخلية والخارجية،عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية بعيدا عن كل الاجراءات القانونية والرقابة المالية،الانتعاش الاقتصادي المزيف،ارصدة الشركات والافراد بالأسماء والعناوين والارقام الوهمية التي تصول وتجول في الاسواق العراقية ونظيرتها العراقية التي تصول وتجول في الاسواق العالمية،تهريب السلع والمحاصيل الزراعية والماشية والعملة من والى العراق،احالة المشاريع الاستثمارية الحكومية والخاصة الى تجار السوق السوداء ونفر مدعوم من النخب المتنفذة مقابل تقاضى الرشاوي منهم،محاولات اغراء المواطنين بالمسائل المادية والمالية،احالة المقاولات الى البعض مباشرة دون الدخول في العطاءات والمنافسة لكسب تاييدهم وولاءهم،سرقة ونهب ممتلكات الدولة،تدفق مبيعات النفط العراقي دون رقيب او حسيب او حتى دون وجود اية عدادات لأحتساب كمياتها،انقطاع الكهرباء اليومي لساعات طويلة،تردي خدمات الاتصالات وتدني الخدمات الصحية والتعليمية،تلوث المياه،شحة المواد الغدائية والأدوية،الغش الصناعي وتزايد عدد الورش والمصانع غير المجازة وبالاخص داخل البيوت السكنية دون توفر الحد الادنى من الشروط الصحية.
تنوعت اصناف المرتشين ليصيب الغلاء الرشوة قبل ان يصيب الاسعار،وانتشرت المفاتيح – المناصب السرية غير المدونة داخل المؤسساتية الحكومية والاهلية اي الوسطاء لكبار المرتشين الذين لا تسمح هيبتهم الوظيفية بالقبض مباشرة من الراشي!وتنوعت اساليب غسيل الاموال"الايداع والتحويل،الصفقات النقدية،اعادة الاقراض،الفواتير المزورة،النقود البلاستيكية،استبدال الاوراق النقدية الصغيرة بأخرى كبيرة او بصكوك مصرفية ،شراء الاصول الثابتة كالعقارات والاراضي الزراعية والذهب،ايداع المبالغ في الحسابات السرية في البنوك عبر الوسطاء،التهرب الضريبي،الفساد الاداري،الفساد الانتخابي"بهدف اضاعة وتضييع مصادر الاموال المودعة بعد سلسلة التحويلات بين المصارف لتستقر وتسجل الولادة الجديدة بالاساليب غير الشرعية والطرق الملتوية مخترقة معترك التجارة وبانية الصروح المالية التي تفوق الخيال!.تزدهر في العراق سوق نشطة لمناصب الدولة التي تدر ايرادا جانبيا على شكل رشى ومكافآت.وفي المكاتب الحكومية يختلف"الريع"بحسب الموقع الوظيفي.عندما يشمل الفساد كل شيء يصبح لكل موقع ثمن يناسب المكانة الوظيفية.لا يقتصر الامر على الوظيفة الحكومية،بل يصل الى الهيئات التمثيلية مثل البلديات ومجالس المحافظات ومجلس النواب.من يدفع للوصول الى تلك المراكز،يعرف ايضا انه يفوز بأضعاف من تلك المبالغ المالية التي دفعها.
الاموال المودعة في فروع بنوك الدول المجاورة هي بحكم المسروقة،فضلا عن نقص الارصدة في هذه المصارف التي جاءت الى العراق لسرقة اموال العراقيين لا لمساعدتهم،وهي بالحقيقة شركات لتوظيف الاموال بشكل غير مشروع واستثمارها في مشاريع وهمية.ويعود ظهور الشركات الوهمية الى ضعف الجهاز المصرفي العراقي ومحدودية انتشار مؤسساته،وسهولة الاحتيال على مدخرات صغار المستثمرين!ولهذه الشركات الدور التخريبي الاكبر في غسيل الاموال واخراجها الى خارج البلاد واستلاب مدخرات المواطنين وامتصاص الزيادات في رواتب الموظفين.وتعتبر الشركات الوهمية من اخطر الظواهر التي تعرض الاقتصاد الوطني الى الشلل وآفة تنخر بالجسم الاجتماعي،لما تقوم به من سحب مدخرات المواطنين باكثر الطرق خسة عبر اسلوب الاحتيال والخداع،مستغلة بشكل فظ جهل الناس بالقوانين وضعف الرقابة الحكومية،وربما تعتمد من بين امور عديدة على دعم بعض المسؤولين الذين يقومون بالتغطية عليها مستغلين مركزهم في الدولة.
ان ظاهرة غسيل الاموال،المتجسدة في صفقات استيراد السيارات وانتعاش سوق العقارات في بلادنا على يد عناصر لم تكن معروفة بأية قدرات مالية تمكنها من ذلك،تؤثر بشكل خطير على الاقتصاد العراقي،فهي نتاج مخرجات(Outputs)الانشطة الاجرامية بهدف تمويهها واخفاء مصدرها الاصلي،حيث يجري ابعاد الشبهات ونظر السلطات المختصة عن مصدر الاموال غير المشروعة.كل ذلك بهدف اخفاء الاموال من المصادرة او التهرب الضريبي،حيث تبرز انشطة تهريبها خارج الحدود لتكون خارج صلاحيات وقوانين او تعليمات مشرّعة لهذا الغرض،ثم يتم استثمارها في مجالات تجارية او تداولات تضفي عليها طابع الشرعية.
يضيع غسيل الاموال مصدر المال المودع بعد سلسلة تحويلات بين المصارف والبنوك الوطنية والاقليمية والعالمية ليستقر في احداها مسجلا ولادة جديدة مخترقا معترك التجارة ليستمر بالنمو والتزايد محققا مكاسب ونجاحات في بناء صرح مالي يفوق الخيال مع بقاء الشكوك عالقة به رغم اتباع الطرق القانونية الرسمية!لان حقيقة الولادة جاءت باساليب غير شرعية وبطرق ملتوية!ترى كم من الارصدة لأحزاب ومنظمات وشركات وافراد باسماء وعناوين وارقام وهمية تصول وتجول في الاسواق الوطنية والدولية؟عملية غسيل الاموال مضمونة وحجمها كبير يتناسب مع حجم الاستثمارات الاجنبية واستقرار سعر صرف النقد الاجنبي!ونمو معدلات السيولة النقدية والمالية في السوق الوطنية!اي نمو التدفق من الخارج ومع تدفق رؤوس الاموال الوطنية بسبب اعمال الفساد!غسيل الاموال – تدوير الاموال الناتجة عن اعمال غير مشروعة في استثمارات شرعية بهدف اخفاء مصدرها الحقيقي.المقصود هو التوظيف في سبيل التدوير لا الجدوى الاقتصادية للاستثمار!.
وتعتبر استثمارات غسيل الاموال مظهر نمو اقتصادي غير حقيقي،اي مزيف،بسبب الانتعاش الاقتصادي الظاهري السريع الزوال.ويعاد استخدام الجزء الاكبر من الاموال في اعمال غير مشروعة ايضا مما يعرض الاقتصاديات الوطنية للمخاطر الجسيمة بحكم المنافسة غير المشروعة وغير الشريفة مع المال القذر!وتقوم العصابات المنظمة التي تحصل على الاموال بطرق غير مشروعة بارتداء اللبوس الاستثماري المقنع وتضخ الاموال عبر الحسابات المصرفية العالمية لاخفاءها عن الرصد والملاحقات القانونية،ولتستثمرها في مشروعات سريعة الربح وفي سوق الاوراق المالية،ولتعيد ضخها الى الخارج من جديد!الملاحقة القانونية لغسيل الاموال ليست سهلة.
الغش التجاري وصناعة العطور
يصل الفساد في مجال صناعة العطور الى نسب مرتفعة حيث الغش والتقليد والتهريب في السوق العراقية ليجري تقليد الخامات العالمية بأخرى رخيصة،واكثرها غير صالحة للاستخدام الآدمي،واستخدام العبوات الفارغة التي تجمع عادة من القمامة،وتقليد شعارات الشركات الكبرى الشهيرة في هذا المجال.ان الفساد في مجال صناعة مستحضرات التجميل يرجع اساسا الى ان هذه الصناعة من الصناعات الخفيفة التي تحتاج الى خامات ومعدات بسيطة ومساحات محدودة،وهذا الأمر يستلزم تكثيف الحملات على المحال والأسواق،وتطبيق القوانين بطريقة صارمة تمنع كل اشكال الفساد الصناعي في هذا المجال.وترجع اسباب الفساد والغش التجاري في مجال مستحضرات التجميل اكثر من اية صناعة اخرى الى ارتفاع اسعار الماركات العالمية وانخفاض مستوى الدخل وقيام بعض التجار بتشجيع صور الفساد الصناعي ببيع وتسويق المنتجات العشوائية بأسعار منخفضة لما تحققه من ارباح اضعاف ما يحققه بيع المنتجات الجيدة،كما انها تباع من دون رقابة ولا توجد اية مواد قانونية تؤدي الى تجريم مثل هذه الصور من الفساد والغش التجاري.الغش التجاري يعد اهم مظاهر الفساد الاقتصادي.
الرشوة جريمة ضمير قد لا تمس القانون
في استطلاع وتحقيق لهيئة النزاهة العراقية نشر في 11/5/2009 اظهرت نتائجه على عينات من مراجعي عشرة دوائر حكومية،وبواقع مائة مراجع من كل دائرة بأن 35.79% من مراجعي دوائر(الجنسية/الجوازات/الضريبة/التقاعد/والتسجيل العقاري...)اكدوا بأنهم دفعوا الرشوة لانجاز معاملاتهم،بهدف تجنب العراقيل الادارية التي يضعها الموظف والدائرة امام انجاز معاملاتهم،والاسراع في انجازها،وبسبب طلب الموظف المعني للرشوة،او لكون معاملاتهم غير اصولية.
مراكز السيطرة ونقاط التفتيش وفق تقارير المفتش العام لوزارة الداخلية تتلقى الرشاوى،الى جانب نهب الرواتب والتلاعب في العقود واستغلالها لتحقيق منافع شخصية.وتضم قوائم رواتب الموظفين في وزارة الداخلية اسماء لضباط شرطة وهميين،بحيث يتمكن القادة من الاستيلاء على تلك الرواتب.ويتم اخطار بعض الضباط بأنهم فصلوا من وظائفهم رغم استمرار الفضائيين(قادتهم)في الحصول على رواتبهم،ويجري اطلاق سراح المجرمين والمسلحين بعد دفعهم رشاوى كبيرة،وتشطب السجلات الجنائية مقابل اموال،ويتعرض المحتجزون لمعاملة سيئة على يد الحراس بهدف ابتزاز اقاربهم.وبالفساد تسعى الاحزاب المتنازعة على السلطة ضمان ولاء قطاعات كبيرة من الجهاز الأمني!من وزارة الداخلية انطلقت فرق الموت الفاشية سيئة الصيت،والتي تستر عليها مجلس الوزراء الحالي،فالفساد هنا يستشري بمسؤولين من اعلى المستويات،وصولا الى ضابط الشرطة المرابط في الشارع!اما جواد الاسدي الوكيل الحالي لوزير الداخلية،فهو يتقاضى عمولة قدرها 10%عن كافة عقود الشراء التي تعقدها وزارة الداخلية تحت اشرافه .
لبعض افراد الشرطة وضباطهم علاقات بكبار اللصوص وقيامهم بتشكيل عصابات اجرامية ترتدي ملابس الشرطة وتقوم بالسطو على المحال والبيوت وانتقاء الاغنياء والميسورين ممن يتوسمون فيهم القدرة على الاحتفاظ بالملايين في بيوتهم ومحلاتهم،تيمنا بشرطة النظام السابق التي كانت تمارس هذه الأعمال،لكن هذه المرة تحت خيمة القانون وبستار حكومي صرف،دون ان تخشى حسابا لاعتمادها على جهات فاعلة تستطيع لملمة الأمور وتسويتها بحيث لا ينالهم عقاب ويطالهم قانون.وقد كشفت التحقيقات ووسائل الأعلام تورط القوى الأمنية في الكثير من حوادث العنف والسرقات الكبيرة والحماية المتوفرة لهم في مراكز القرار،مما جعل العنف والأجرام يتفاقم ليصل الى مديات لم يسبق لها مثيل.ولا تمتلك وزارة الداخلية حتى يومنا هذا مديرية للامن الاقتصادي لتأخذ دورها في محاربة كافة النشاطات التي تضر بالاقتصاد الوطني من المكاتب والشركات الوهمية التي تعتبر واحدة من القنوات التي تمول الارهاب!
تعامل المواطن مع المؤسسات الخدمية،جميعها بلا استثناء،يقوم على الأصول في دفع الرشوة.وكما ان عملية دخول المريض الى مستشفى معناه في فهم المواطنين الفقراء الاستعداد المالي اولا بما يكفي المريض لنيل عناية الممرضين والممرضات والاداريين والاداريات،كذلك الحال في تسوية امور التجار داخل دائرة الضريبة اذ ان الرشوة هي الدليل الوحيد المرفق مع استمارات الضريبة لتخفيض نسبها.وحتى الجامعات والمدارس اصبحت ساحات جديدة لتبادل الرشاوى.وقد اعلنت هيئة النزاهة العامة(ضمن سلسلة الاستبيانات الشهرية التي تجريها هيئة النزاهة لشهر ايلول 2009)ان بلدية حي الشعب والعيادة الاستشارية والطوارئ ومصرف الدم في مستشفى اليرموك والهيئة العامة للضرائب ومصرف الرافدين،فرعي الفردوس والخنساء،هي اكثر الدوائر في بغداد تعاطيا للرشوة.
فن تفتيت الحركة الاجتماعية
ان محاصرة الاتحادات والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني في بلادنا والتضييق على نشاطاتها والتدخل الفظ في شؤونها لا يؤشر قصور في فهم القوى السياسية المتنفذة وجهل لماهية المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني فحسب بل يضر بالاقتصاد الوطني والعمل الانتاجي ومجمل العملية الاجتمااقتصادية وتطويرها ويخلق اجواء من التوتر وعدم الاطمئنان في المجتمع،ويستهين بالحركة الاجتماعية ويتجاوز على استقلاليتها بشكل يتعارض مع الدستور باتجاه تسخيرها لخدمة السلطات الحاكمة الجديدة وتحويلها الى بوق في الفيلق الميكافيلي الاعلامي المهلل لها،ويتجاهل ارادة الملايين من اعضاء هذه المنظمات،ولعمري يدرج كل ذلك في الارهابين الاسود والابيض.
ويتجلى الارهاب الاسود في ان اجهزة حكومية وقوى متنفذة استخدمت القوة اكثر من مرة،وقامت باقتحام مقرات النقابات والجمعيات والمؤسسات الاعلامية والنوادي الاجتماعية والرياضية واحتلت الملاعب والساحات والمدارس دون مسوغ قانوني واعتدت على منتسبيها،ومارست عنفا ضد النساء والطلبة!بينما يعبر الارهاب الابيض عن نفسه في التعامل البيروقراطي النادر مع اكاديميين وكتاب وصحفيين وفنانين ومهندسين ومعلمين،ولم يبخل المحررون باستعراض عضلاتهم في هذا السياق.العجب ان نشهد في ظل دستور يعزز الديمقراطية وفصل السلطات الممارسات المستوحاة من ثقافة وادبيات الدكتاتورية البغيضة ومكتبها المهني المركزي!
ويمكن القول ان ثقافة الفساد تشمل فيما تشمل ثقافات الاستحواذ والترقيع والتغليس،وكل الظواهر السلوكية التي تتمحور حول تجاهل الآخر واقصائه وتهميشه والاستهانة بحقائق الواقع والحياة!وتجري التدخلات الفظة في شؤون المؤسساتية المدنية في ظل اقتصاد وطني يعاني من ازمة بنيوية وتردي ظروف العمل وكثافة استغلال العاملين وانتشار عمالة الاطفال وتدهور المستوى المعاشي للناس واطلاق الاستيراد العشوائي والخراب الزراعي والصناعي وتفشي البطالة والفقر،مما يوفر تربة خصبة لتنامي شتى تيارات التطرف المعادية للديمقراطية.
واقع الحال يؤكد سير الحكومة العراقية حثيثا في اتخاذ مجموعة اجراءات وقرارات مجحفة بحق العمل النقابي والمهني وشل فاعليته بما يتعارض مع المادتين 22 الفقرة ثالثا و45 الفقرة اولا من الدستور اللتان تؤكدان على الاستقلالية التامة لعموم المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والدعم الايجابي من جانب الحكومة لها،منذ قرار مجلس الحكم المرقم(3)لسنة 2004،والامر الديواني 626 لسنه 2004،والتعميم المرقم 3908 الصادر عن الامانة العامة لمجلس الوزراء،والامر الديواني رقم 8750 لسنة 2005 القاضي بوضع اليد على اموال المنظمات والنقابات وتجميد ارصدتها والذي يعني اساسا هو تجميد نشاطاتها والتدخلات المستمرة للجنة الوزارية العليا المنبثقة عن قرار مجلس الحكم رقم(3)وتشكيل لجان تحضيرية بموجب قرارات حكومية،وكذلك تمسكها بالقرار 150 لسنة 1987 الذي اصدره النظام المقبور والمتضمن تحويل العمال الى موظفين وحرمانهم من حقوقهم في العمل النقابي والمهني.
القوى السياسية المتنفذة التي تتربع على مقاليد السلطة في عراق اليوم تتسم بالتعسف العقائدي واصطناعها المثل السياسية على قدر حجمها،الامر الذي ساعد على ترسيخ ميراث ثقافة الخوف والشك بالمواطن والمواطنة،وتمتلك باع طويل من القرارات والاجراءات غير المدروسة،ولم تقدم شيئا اذ لم تخرج عن ممارسة التكتيك السياسي والايحاء بتنشيط المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية شعارا لاغراض التنفيس،وسفسطة كأن الشعب العراقي بات تلميذا اما في كتاتيبها او في مدرسة واشنطن التأديبية.قرارات واجراءات متزمتة قرعت جرس الانذار عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل ابناء الشعب الى قطعان يسهل تسخيرها!
العطالة سلعة للمتاجرة والفقر ابو الكفار
هناك مئات الالوف بل عدة ملايين من العاطلين عن العمل تصل نسبتهم حسب التقرير السنوي لوزارة التخطيط 18% من عدد سكان العراق.وادت زيادة السكان وتخلي الدولة عن الالتزام بتعيين الخريجين وتشجيع القطاع الحكومي وسوء التخطيط التعليمي وتدني ربط المؤسسات التعليمية بسوق العمل وعدم قدرة القطاع الخاص على استيعاب العطالة الى رفع معدلات البطالة!معدلات البطالة في العراق تواصل الارتفاع والبيانات ما زالت مضطربة،ويعتبر التكوين العلمي والمهاري لقوة العمل العراقية متدنيا الى حد كبير ويحتاج لتطوير حقيقي في التعليم والتدريب سواء لرفع انتاجية قوة العمل في الوحدات الاقتصادية القائمة فعلا او لتأهيلها للتعامل مع تقنيات اكثر حداثة في المجالات عالية التقنية.وتضع الدولة قضية البطالة وكأنها تجرى خارجها ولا صلة لسياستها الاقتصادية أو الاجتماعية بخلقها أو زيادتها،وان دورها ينحصر في المساعدة على حلها والمساعدة في خلق فرص عمل متطورة للشباب الواعد المتحمس فقط!
وبينما تشكل البطالة بين اوساط مجتمعنا ظاهرة خطيرة تستفحل دون ان تجري معالجتها،وتحاول وزارات ومؤسسات حكومية ايجاد فرص عمل للعديد من العاطلين سواء عن طريق مراكز التشغيل والتدريب المهني في وزارة العمل او الاعلان عن وجود فرص عمل في الصحف المحلية،الا ان بعض الوزارات والمؤسسات تزيد الطين بلة بقيامها بانهاء عقود العاملين لديها بحجج واهية،رغم مضي فترة غير قليلة على ابرام هذه العقود،ما يشكل مخالفة واضحة حتى للقانون الجائر رقم 71 لسنة 1987 الذي شرع في عهد الدكتاتورية المنهارة خاصة المادة 32 منه.وتأتي قرارات صادرة عن وزارات مثل الصناعة والنفط والاتصالات والاسكان والتعمير والنقل والبيئة وامانة بغداد وغيرها،في بغداد والمحافظات،لتعبر عن هذا التوجه الخاطئ.وهذا يعني قطع ارزاق عوائل هم بأمس الحاجة للوقوف الى جانبها،وسوف تضاف هذه الاعداد الى مئات الالاف من جيش العاطلين!لمصلحة من تنهى عقود العمل للعمال؟
يمكن اعتبار الفساد احد الاسباب الجوهرية في دوام تحديات مأساوية مثل الفقر والتخلف وانخفاض مستوى التعليم والرعاية الصحية ونقص الخدمات العامة،وما يترتب على ذلك من تعميق للظلم الاجتماعي واعاقة جهود التنمية في مجال الاعمار.وهذه التحديات تشكل متلازمات او ان كل منها يعد سببا ونتيجة للآخر.ويعمق الفساد الهوة بين افراد المجتمع،حيث يخلق طبقة ثرية اثرت على حساب الشعب من خلال سرقة الاموال العامة المخصصة للتنمية والتعليم والصحة والامن،لتتدهور الاحوال الاجتماعية في كل المجالات وتنحدر فئة كبيرة من عموم ابناء المجتمع نحو الفقر والحرمان والتخلف والمرض والجريمة،بينما يتمتع اللصوص باعتبارهم نخبة اجتماعية بيدها المال والسلطة بأسباب الرفاهية.
قضية الفقر ترتبط بازدياد مستويات البطالة والارهاب والفساد والتوزيع غير العادل للثروات الوطنية والامية،تنمو وتزدهر في ظل مجتمعات التهميش،والنتيجة ان عوائل بالكامل تزج عنوة في فقر مدقع بعد ان تفقد معيلها او تنتهي قدرته على العمل،وهو ما يعني تشغيل الاطفال والنساء الارامل والمنكوبات ومن كبار السن،والبحث عن عمل في ظل فقدان المهارة الضرورية للحصول على عمل مجز.لقد تجاوزت مستويات البطالة 50% من مجموع القوى العاملة رغم اعادة المفصولين وتوظيف الكثيرين في الشرطة والجيش،ويبلغ معدل البطالة بين الشبان 33.4%،وفي بغداد يصل المعدل الى22%.ووفق التقديرات الحكومية هناك نحو 1.406 مليون عاطل عن العمل مسجل بشكل رسمي للفترة من16/9/2003 ولغاية 31/8/2009.التفاوت صارخ في معدلات البطالة بين المحافظات،وتأتي محافظة الناصرية في مقدمة المحافظات ذات البطالة المرتفعة.
لقد اغفلت الميزانيات السنوية في العراق،معالجة قضية العاطلين عن العامل،وظلت تتعامل مع هذه القضية وكأنها قضية ثانوية،ولم تخصص الاموال الكفيلة باطلاق التعيينات في دوائر الدولة،وظل القطاع الخاص يتراوح في مدى تطوره وحاجاته،ولم نشهد نموا في مجالات الاستثمار المختلفة.العمل حق للانسان،وموارد البلاد هي ملك للناس.ومن يقود البلد لا يملك البلد وموارده،فالناس وظفته وكلفته لقيادتها وليس للاستحواذ على املاكها،ومن ثم توزيعها كمكرمات.وبالتالي،العاطلون عن العمل ليسوا سلعة للمتاجرة ايها السادة!
ولد نظام الاقتصاد العراقي الخطير والمنغلق حجما كبيرا من البطالة في البلاد من خلال سوء التوزيع في الدخل،وتدفع الحكومة رواتب لخمسة ملايين شخص من الموازنة السنوية/ثلاثة ملايين منهم موظفين وعمال ومليون متقاعد ومليون آخرين مشمولين بنظام الرعاية الاجتماعية،وهنالك عشرة ملايين فلاح لا يمتهنون الزراعة بسبب عدم وجود دعم للقطاع،و 700000 مهندس هاجروا المهنة،وان 90% من مصانع القطاع الخاص متوقفة.لقد اصدر بول بريمر اوامره بتقسيم الموظفين الى 11 درجة وظيفية بامره المرقم 30 لسنة 2003،واستمر الموظفون منذ 9/4/2003 دون علاوة سنوية او مخصصات زوجية واطفال او نقل كما هو معمول به في كل بقاع العالم.وارتباطا بالمعدلات العالية للبطالة،والتضخم الواسع المفرط،وانعدام السياسة الحكومية اللازمة لمعالجة الفقر،يتأكد يوما بعد يوم بلوغ معدلات الفقر في بلادنا مستويات كارثية لقطاعات عريضة من الشعب العراقي.
اي حديث عن الحريات الفردية والعامة والتمتع بالديمقراطية واستتباب الامن هو حديث فارغ ما لم يقترن بالنجاح في اعادة البناء الاقتصادي وترميم البنى التحتية وتقليص البطالة وانهاء الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية بمعايير الخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي،وان نجاح الدولة العراقية الجديدة بحاجة لقادة يمتلكون الرؤيا الوطنية الشاملة،وبخاصة الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية!.
الطفل والمرأة في عراق السخرية القاتلة
في قرى وارياف واحياء مدن بلد الحضارة والتأريخ والثقافة والفنون والقيم والاخلاق،نشاهد العديد من الاطفال يتسكعون في الشوارع في حالة يرثى لها،منهم ممزق الملابس وحافي القدمين،الآخر متسخ اليدين والقدمين والوجه،ذلك الذي يمسك السيكارة ويدخنها بلهفة وهو لم يتجاوز التاسعة او العاشرة من عمره،يتسكعون في الشوارع بحثا عن اي عمل في تصورهم قد يجلب الفرحة لهم او يعيلون به عوائلهم التي اختارت بنفسها لهم هذا العمل للأسف الشديد!الدلائل متزايدة على تفاقم استغلال الاطفال مؤخرا من قبل العصابات الاجرامية والمجموعات الارهابية التي توظف اليافعين،اما عن طريق التهديد او الاغراء بالمادة.ويوجد اكثر من 1000 محتجز وموقوف او محكوم من الاحداث في السجون والمعتقلات ودائرة اصلاح الاحداث العراقية،معظمهم على ذمة قضايا تتعلق بالارهاب او بأعمال اجرامية.وتؤكد تقارير المنظمات الانسانية و"هيومن رايتس وتش"ان معدلات اعتقال الاطفال والنساء بالعراق في ارتفاع مستمر!وتكشف القصص المروعة عن ضياع آمال الضحايا الصامتين الذين يعانون من شتى الاضطرابات ونحن في العام الثامن على"التحرير".
ان نسبة الأطفال الذين يذهبون الى المدارس انخفضت الى 50% اليوم،بينما يحرم 60% من الأطفال من المياه الصالحة للشرب مما يعرضهم الى الاصابة بالكوليرا.الأطفال الذين ارغموا على التشرد يزيد عددهم على نصف مليون،بينما لاتزال معظم العوائل غير قادرة على العودة الى بيوتها. اما الأيتام الذين يقدر عددهم بنحو خمسة ملايين فقصتهم المأساوية على كل لسان.في هذا البلد الذي يمثل اعلى معدل لوفيات الاطفال في العالم،هناك اطفال يعانون من الجوع ويقتاتون على طعام النفايات،وآخرون يعيشون في بيوت صفيح مع امهاتهم الارامل،وعدد متزايد من القاصرين الذين يتعاطون المخدرات او يقعون ضحايا تجارة الجنس.وهناك عشرات الوف المتسربين من المدارس ليقوموا بتنظيف الشوارع وجمع القمامة ونقلها لقاء مبالغ تافهة،بينما تزج العصابات بأطفال آخرين في عمليات التسول،مثلما في عمليات العنف.وبينما نرى اطفال النخبة المتنعمين مقابل الملايين من اطفال العوز والاضطراب والحرمان،ما تزال هناك قضايا اعظم ينشغل بها السادة الكرام!
في العراق تتفتق عبقرية زوج مرشحة لانتخابات 7/3/2010 بنشر صورته بدلا عن صورتها ليروج الدعاية لانتخاب السيدة ام...وبدلا من ان يعرفها بما قامت به من اعمال لخدمة الشعب العراقي،يعرف بنفسه وبأخيه وعشيرته!ويصل العراق الى هذا الدرك بفضل حكام القرارات التحريمية،تحريم نزع العباءة في المدارس،تحريم مصافحة المرأة للرجل..حتى وزير التربية يدعي اعادة بناء العقل العراقي،وهو الذي يحتاج الى من يعيد بناء عقله ويصحح مسار تفكيره!
مصرف بابل الأهلي يمنع الزبائن من دخول فرعه الجديد في منطقة حي السعد الراقي في النجف،لأنه مخصص للزبونات من النساء حصرا دون الرجال.المصرف الذي له ثلاثة فروع اخرى في المدينة وضع طاقما نسائيا لادارة فرعه الجديد،وهو الاول من نوعه في العراق يقدم خدماته لسيدات الاعمال والنساء فقط ولا يسمح للرجال بالدخول اليه.ويبدو ان هذا الانجاز التاريخي مقدمة لفصل الجنسين في حكومات العجائب،وتقسيم الشوارع والمتنزهات والمرافق العامة الى رجالية ونسائية!نساء العراق اللاتي حفرن على تراب الوطن ذكريات جميلة لا تنسى في المجالات العلمية والثقافية والادبية والتربوية والسياسية طيلة تاريخ العراق السياسي الحديث،واليوم يصفقن ويقلن نعم لما يملى عليهن او يبتعدن منزويات في البيت او يقفن على اسوار الوطن ودموعهن تسيل!يراد لهن التهميش و حصرهن بالانجاب وبالغاء الفكر!
لا تتمتع المرأة العراقية بحقوقها المنصوص عليها في الوثائق الدولية الخاصة بحقوق المرأة،لاسيما اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة،قرار(24/180)عام 1979.وترتفع الاصوات المنادية بالغاء قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959،والعودة الى زمن ما قبل التشريع،مما يشكل نكوصا يوجب التصدى له،خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان المادة 41 من الدستور اغفلت حقوق المرأة المدنية والديمقراطية والاجتماعية،واشاعت الولاء دون الوطني عندما جردت القاضي من مهنيته في النصوص القانونية لتحوله الى اداة طائفية لاشاعة الآراء الفقهية المختلفة.
بيئة ومعالم كارثية تعشي العيون
يشهد النظام البيئي العام في العراق التحولات الخطيرة بسبب التدهور المتسارع لجميع مكوناته:الموارد المائية،الزراعية،التنوع الاحيائي،الغطاء الشجري والنباتي،التصحر،انتشار السموم،امراض نقص الغذاء،تدهور الخدمات..وغيرها.تواجه البيئة العراقية جملة عراقيل تتركز اخطرها في: الجفاف والعجز في حل القضية المائية والاروائية،فوضى انهيار الخدمات الاساسية،اتساع دائرة العنف بانواعه المختلفة،فوضى استثمار الموارد الطبيعية،آثار الغوارق والالغام والاسلحة والكيمياوي واليورانيوم المستنفذ والكيمتريل،الردة الحضارية،الفساد وسوء استغلال النفوذ والسلطة!
من المؤسف ان القوانين التي جرى ويجري طبخها اليوم تغيب بشكل مرسوم ومتعمد مصطلحات"التنمية"و"التحرر الاقتصادي"و"التقدم الاجتماعي"و"العدالة الاجتماعية"،لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى اعادة توزيع الثروة لصالح البورجوازية المحلية والأجنبية وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل اصولها الإنتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته،فجاءت القوانين ومشاريع القوانين التالية تباعا لتعكس الطابع الطبقي لسلطة الدولة وسياستها في الميادين الاجتمااقتصادية ودور الوشائج الاصطفائية دون الوطنية في تمريرها...قانون استيراد وبيع المشتقات النفطية...قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006...مشاريع قانون النفط والغاز والاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام.نفطنا،رصيدنا الكبير،ام مسمار نعشنا الأخير؟!.
كان الحقد الصارخ على الشعب والوطن العراقي من قبل اعداءهما واضح وجلي من خلال الدمار والخراب الذي لحق ويلحق بهما،فكان شاملا وواسعا لم يستثن لا الانسان ولا الارض والمياه والسماء والاشجار والحيوان.المؤسف ان حكام العراق الجدد واصلوا سياسة اسلافهم في تجاهل الواقع البيئي الكسيح وتداعياته الصحية والاجتماعية.الاصلاحات الاقتصادية الموعودة للحكومة العراقية تتجاهل الواقع البيئي الراهن،مستثنية اياه من اهتماماتها الاساسية،مع ان معالمه الكارثية تعشي العيون.وبذلك يجري دفع العيوب الرأسمالية الى الاعماق ولا تجتث،حالها حال الاحلام السياسية التي تعيد انتاج الطائفية السياسية وعقلية ثقافة القطيع البعثية بأثواب جديدة متجددة ولا تجتث!الانكى من ذلك لا تزال الهوة سحيقة بين النخب الحاكمة وحقوق شغيلة صيانة البيئة العراقية.وهي شغيلة توزعت في كل مكان وتجدها داخل كل المؤسسات،في مجالس المحافظات والبلديات والقوات المسلحة ووزارة البيئة والتعليم العالي والصناعة،المنظمات غير الحكومية والنقابات .. الخ.
التهجير اجراءا عقابيا
سبب الاحتراب الطائفي اعوام 2004 – 2007 اضخم هجرة داخلية والى خارج العراق في تاريخ العراق والمنطقة برمتها منذ نكبة فلسطين 1948.وبقي العراق في المركز الأول لجهة عدد طلبات اللجوء عام 2009 وللسنة الرابعة على التوالي،اذ لم يعد التهجير في بلادنا حوادث متفرقة تروى بل بات حالة مقرفة وظاهرة عينية مشفوعة بالادلة،تؤيدها الاحصائيات والارقام.التهجير القسري والاحترازي للعراقيين كان اكبر ترحال قسري يشهده العالم في تاريخه المعاصر،معاناة هائلة لخمسة ملايين عراقي هجروا في الداخل والخارج منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003،مخاطر مثلتها هذه الهجرة على وحدة اراضي العراق وعلى النسيج الاجتماعي لشعبه وعلى السلم والأمن الدوليين.
واقتصرت اجراءات الدولة العراقية على البيانات الخجولة والاجراءات اقل ما يقال عنها انها لا تتناسب مطلقا مع حجم الجريمة التي تسببتها قوى الاسلام السياسي المتطرفة وميلشياتها المسلحة على نحو خاص،مع حجم الخسائر البشرية الفعلية الكبيرة جدا والمريعة حقا التي تحملها الشعب العراقي وعدد الجرحى والمعوقين والمصابين بعلل اجتماعية ونفسية كبيرة،مع حجم الخسائر المالية التي تحملتها خزينة الدولة والعواقب الوخيمة التي ترتبت عنها على الاقتصاد العراقي والتنمية الاقتصادية والبشرية،والتي رفعت من الحجم الكلي للخسائر المادية والبشرية التي تحملها العراق عبر العقود الأربعة المنصرمة والتي كان الشعب العراقي بحاجة ماسة الى تلك الأموال والى اولئك الناس من اجل النهوض من كبوته وسباته الطويلين ومعاركه المريرة التي اجبر عليها،مع حجم الأموال التي سرقت من خزانة الدولة العراقية او من المساعدات التي قدمت له خلال سني ما بعد التاسع من نيسان ودخلت في جيوب القطط السمان والحديثة النعمة من مختلف الأصناف.
الطامة الكبرى ان الحكومة العراقية هي دون مستوى المشكلة والمسؤولية،ولم تخطو الخطوات الضرورية التي تعبر عن الحرص على هذه الملايين من ابناء شعبنا،وهي ملايين تركت مصائرها الى مشيئة الأقدار.ورغم اتخاذها مجموعة من القرارات والتدابير الرامية الى تشجيع وتحفيز عودة النازحين واللاجئين الى ديارهم،ومع تحقيقها المكاسب الامنية النسبية،فان المهجرين واللاجئين مستمرون بالبحث عن انسانيتهم المهدورة لمواجهة المعاناة المريرة وابسط مقومات الحياة والبطالة وقلة فرص العمل وتردي الخدمات وغير ذلك،الى جانب اصوات التهديد والوعيد التي تدعوهم الى العودة من حيث اتوا،بعد ان امتدت جذور مشكلتهم في قلب الملحمة السياسية العراقية.ولا تتحرك الحكومة العراقية بالقوة والصرامة المطلوبة لمعالجة قضية المهجرين واللاجئين الذين يشكلون نسبة 10%من الشعب العراقي!والمشردين عن ديارهم المطوقين بالخوف واليأس!والذين انتزع العنف منهم ذكرياتهم ومنازلهم الاولى الحميمة!والعراقيين الذين تطحنهم رحى الغربة!ان التقاعس في مواجهة قضية المهجرين واللاجئين يسهم بالتدهور الحاد الذي تشهده حماية حقوق الانسان في بلادنا،وتوسيع رقعة الفساد.
تجارة الازمات والحروب والموت وتعمق الاستقطاب الاجتماعي
يسيطر تجار الأزمات والحروب والموت في العراق على المفاصل الاساسية في الدولة،وهي قوى تربّت ونشأت في كنف الاقتصاد الطفيلي وليد الأنظمة الاستغلالية،واتسمت بانتهازها الفرص والوثوب الى المواقع التي تمثل آلهتها التي تعبدها اي منافذ سرقة الاموال،مرتكبة مختلف الجرائم الاقتصادية منها والجنائية،وناهبة المليارات من اثمان الركائز الاقتصادية ومختلف اسلحة الجيش العراقي وترسانته المهولة التي في اصلها اخذت من دماء شعبنا وقوته،وهي تمتلك الأيدي الطولى داخل اعلى المناصب العراقية عبر عمليات الاختراق المنظمة.وتمتلك كل دول الجوار والقوى الاقليمية الجواسيس والوكلاء الذين ينفـّذون لها اكبر جرائم الفساد والاحتيال.هكذا يباع العراق الانسان والعراق الوطن اليوم في سوق النخاسة المحلي والأجنبي،وليختلط غسيل الاموال بغسيل ذاكرة الشعب العراقي الوطنية.
لثقافة الفساد ابعد الآثار السلبية على عملية الاعمار واعادة الاعمار والبناء،وتزدهر مع انتعاش بيزنس الحرب والارهاب والتخريب وتغييب الديمقراطية والمؤسساتية المدنية والرقابة الاعلامية والشعبية،تزدهر مع سياسة الاستيراد مفتوح الأبواب دون ضوابط ولا فحص ولا كفاءة او جودة منتوج.ومن عوامل تعاظم الفساد الذي يعوق الاعمار ويفاقم المعاناة ويدمر القيم الروحية،غياب مقومات الشفافية في ظل تنامي دور ونشاط الفئات الطفيلية،الذي يعكس حقيقة ان الفساد ظاهرة اقتصادية سياسية مركبة تستند الى بنية اجتماعية ونمط ثقافة يرتبطان بالتخلف!
يتفشى الفساد في كل مناحي الحياة،على صعيد المدرسة والجامعة والجامع والمعبد والحسينية و الجمعيات الانسانية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني والمستشفى ودوائر الدولة الحكومية حتى اعلى منصب سيادي!الفساد يشكل الوجه الآخر للارهاب من تفجير وقتل وخطف،لأنه ينهش اقتصاد البلد ويدمر البنية التحتية ويفسد الحياة الإجتماعية ويستغل الانسان ويخرب حياته.وتعمل المافيات والعصابات الشللية والصكاكه والقفاصة والعلاسة والوراقة على عرقلة وتعطيل العملية السياسية او اي مشروع وطني يخدم الوطن والناس.وساعدت الاجراءات الحكومية في ان يتخذ الفساد هذه المديّات الخطيرة بحكم تدفق الأموال من دون اجراءات صرف وفق الاصول،وعدم وجود نظام بسيط لحصر ما يتم العثور عليه في الوزارات والمصالح الحكومية.
الفساد الاداري والمالي هو من سبب الفساد والخراب في الحياة العامة والشوارع في بغداد،ولا تجد اليوم في العاصمة العراقية اي شارع صالح للسير،وكأن بغداد عادت في الألفية الثالثة الى عصر القرية.الشوارع الرئيسية في بغداد مزدحمة السير دائما،وهي لم تعد صالحة للاستعمال منذ سنوات طويلة بسبب تحطم ارضيتها الاسفلتية والخرسانية.وواحدة من اصعب المغامرات اليومية التي يخوضها البغداديون هي قيادة السيارة في شوارع بغداد،اي شارع بلا استثناء.
تزداد الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي بين التوسع في الانشـــطة المالية والتجارية والركود في مجال الانشـــطة الانتاجية والتصديرية مما اثر على مستوى توزيع الدخول والثروات،ليزداد الفقراء فقرا،وليزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بأنشطة التجارة والمقاولات والمضاربات العقارية والخدمات المالية والوكالات التجارية والحصرية والانشطة الفندقية واقتصاد الصفقات وعقود التوريد والتهريب،والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي،والتي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا.
السلعة الدينية بين العرض والطلب
صناعة الفتوى في العراق تعمد الارهاب والفساد وتدعمه بنصوصها المحرضة على القتل وهدر دماء بني البشر والاستحواذ على الاموال بدعوى استخدامها لمشاريع تخدم الاسلام،كأننا مازلنا نعيش في زمن الناقة والبعير ونتباهى بالسيف وحز الرؤوس والسبايا والزيجات المتعددة التي اصبحت زنى شرعيا يمارس تحت عباءة الفتاوى الضالة،وليت دعاة هذه الزيجات يزوجون بناتهم او اخواتهم لبني البشر مثلما يفعلون مع المغلوبات على امرهن!ولم يقتصر تدخل رجال الدين في الحياة العامة والسياسية،فهم لم يتركوا شيئا في حياة الناس الاجتماعية الا وتناولوه وفق اجتهاد هذا الفقيه او ذاك المرجع،بدءاً باستيراد الملابس والعطور وادوات الزينة،والقاء التحية،ودخول الحمّام،مرورا بالجماع بين الزوجين،وتحريم البيبسي والكوكا كولا،وليس انتهاء بتحريم الاطلاع على الثقافات الغربية وتحريم الاغاني والافلام!وهناك فتاوى اقتصادية في العراق!!هل تخضع خطب الجوامع والحسينيات للرقابة والحساب مثلما تخضع الكلمة الحرة؟
هناك جهات لازالت تتخذ من الدين وسيلة وغطاء للترويج لمشاريعها الجهنمية التخريبية،كأن تفتي بأن عمليات الاتجار بالمخدرات ليس محرما!وتعطيه صفة العمل المشروع،مبررة ذلك بعدم ورود نص قرآني بتحريم المخدرات!متوجهة الى تحريم ما يمس حاجات الناس اليومية،مثل تحريم اكل سمك الزبيدي بدعوة عدم وجود صدف فيه!او تحريم الثلج لان النبي(ص)لم يعرف عهده الثلج!..الخ من الخزعبلات والترهات.اما المناسبات الدينية فلازالت تحيى باستعمال الزناجيل واللطم والزحف على الركاب وبالهرج والمرج والفوضى والسير على الأقدام مئات الكيلومترات!بينما تستغل هذه المناسبات استغلالاً سياسيا ليس حبا بالمناسبة بقدر تخدير المواطنين ودفعهم بالضد من مصالحهم،واستغلال المناسبات دون التفكير بهم والحفاظ على حياتهم.وتشجع قوى خارجية هذه المظاهر وتصرف اموالا طائلة من اجل تضخيمها لاستنساخ عادات وتقاليد بعيدة عن تقاليدنا وعادتنا،على الرغم من عشرات التوصيات من المراجع الدينية العراقية التي تؤكد نبذ استخدام هذه الممارسات باعتبارها مخالفة للدين الاسلامي،وهي شعائر ليس لها أية صلة بالتعاليم الاسلامية،وتشكل خطرا حقيقيا على حياة المواطنين الذين يدفعون من بعض القوى الطائفية باتجاه ابراز العضلات!
جملة الاعياد الدينية يشغل من اهتمامات الاجهزة الامنية العراقية ما يعادل ثلث ايام السنة،وتعطل عمل الدوائر الحكومية والجامعات والمدارس والمصارف،وحتى النشاطات الاقتصادية الحرة،واعمال الاجور اليومية والبيع والشراء في الأسواق،وتخسر البلاد عشرات المليارات من الدنانير وتعطل عشرات الآلاف من المعاملات والطلبات.وهناك جملة من السياسين يستثمرون حضور جموع الزائرين الى الاضرحة لالقاء كلمة في الحضور،وكأنهم حشد حزبي جاء لسماعه وليس لأداء مراسيم الزيارة!
الوعي القانوني والفساد القضائي
حين ترتفع مستويات العنف لا ينهار الامن فحسب،بل ايضا المراقبة والتوازنات وتطبيق القانون وعمل المؤسسات مثل السلطة القضائية والتشريعية،اذ ان كل هذا يتعرض للضغط ويتضرر بدوره النظام الذي يعمل على منع الفساد.وبينما يعرض الفساد القضائي سيادة القانون للخطر،فان الفساد في الادارة العامة ينجم عنه التوزيع غير العادل للخدمات،اي بمعنى اوسع ينخر الفساد في القدرة المؤسساتية للحكومة لأنه يؤدي الى اهمال اجراءاتها واستنزاف مصادرها،وبالفساد تباع المناصب الرسمية وتشترى.كما ويؤدي الفساد الى تقويض الشرعية الحكومية وبالتالي القيم الديمقراطية للمجتمع كالثقة والتسامح.
العراقيون ليسوا اغبياء ليستوعبوا معادلات القضاء العراقي الديمقراطي الجديد في ظل التعتيم الاعلامي والالاعيب والتضليل.والعراقيون لن يجدوا ابدا حلا لهذه المعادلات في غياب وتغييب الديمقراطية،وفي غياب كامل للمؤسساتية المدنية التي هي الشرط المهم والأساسي للحياة الديمقراطية!هل تقل جريمة مصرف الرافدين بالزوية في خطورتها عن جرائم النظام الدكتاتوري المقبور الامر الذي لم يستدع نقل جلساتها بالتلفزة ليطلع ابناء الشعب العراقي على حقائق الامور عن كثب؟نعم،في سابقة خطيرة وفي محاكمة سريعة سجلت رقما قياسيا في موسوعة جينس اعلن مجلس القضاء الاعلى العراقي عن صدور احكام اعدام بحق اربعة من المتهمين في عملية سرقة فرع مصرف الرافدين في الزوية ببغداد،جريمة تورط عناصر من فوج الحماية الرئاسي الخاص باحد نواب رئيس الجمهورية بقتل 8 من حراس المصرف والسطو المسلح تنتهي بثلاث جلسات!لم تكشف المحكمة عن مصير المتهمين الفارين من وجه العدالة والمتعاونين مع المجرمين،ولا عن اماكن اجتماع المجرمين لتخطيط عملية السطو،ولا عن سبب استخدام دار الاستراحة العائدة لجريدة العدالة،ولا عن الكيفية التي فتحت بها ابواب المصرف،ولا عن وسائل النقل وعائديتها التي استخدمت في التخطيط والتنفيذ،ولا عن"الجهة المتنفذة"الداعمة للمجرمين!.
ورغم اجبار وزير التجارة على الاستقالة بعد ظهور فضيحة فساد تتعلق بتوزيع الطعام،والقاء القبض على نائب وزير النقل بعد ضبطه اثناء محاولته الحصول من شركة أمنية على رشوة تتجاوز قيمتها 100000 دولار،واعتقال السيد كاطع الركابي سكرتير رئيس الوزراء بتهم تلاعب واحتيال،والقبض في وقت سابق على وكيل وزارة الصحة حكيم الزاملي(النائب في البرلمان الجديد عن التيار الصدري)وقائد القوات المكلفة بحماية الوزارة والمستشفيات اللواء حميد الشمري بتهمة ارتكاب جرائم ابادة طائفية،فانهم لم يقدموا الى المحاكمة!ولم يحاكم العراق امام الملأ وعلى شاشات التلفاز،اي مسؤول رفيع بتهم فساد،والوزراء يتسترون على المجرمين ويقدمون بطريقة روتينية الحماية لحلفائهم السياسيين من المحاكمة والعقاب.كيف يمكن منع الفساد ما لم تجر ادانة بعض المسؤولين الحكوميين؟!القوى السياسية المتنفذة تحاول عرقلة المحاكمات امام الشعب العراقي من خلال الضغط السياسي الذي تمارسه على مجلس القضاء،وبالتالي تدخلها في القضاء الذي من المفترض ان يكون مستقل.
القضاء دعامة المجتمع القانوني الذي يحقق الطمأنينة والاستقرار ويصون الحقوق وتحترم به حقوق الانسان،وليس القضاء الذي يصون عورات السياسيين والمتنفذين.الاستقلالية القضائية من المقومات الأساسية التي تساهم في تثبيت دعائم العدالة والقانون،وفي رفع مستوى الأمن،ولا يمكن الاطمئنان الى قضية الحقوق الا بوجود قضاء مستقل.ان توكيد الاستقلالية القضائية وخضوعها لضمير القاضي وحده في مباشرة وظيفته دون ان يكون لغير القانون سلطان عليه في فصل الدعاوى والحكم،هو احد اهم معالم المجتمع المدني ومن اكثر المكونات الأساسية للديمقراطية السياسية حساسية.
الاستقلالية والحرية للسلطة القضائية تعنيان ممارسة الدور المهم في بناء دولة القانون وترسيخ مبادئ العدالة،وقدرتها على الحركة وحرية الاداء والتطور ضمن دائرتها،وعدم تأثرها بالمواقف السياسية للسلطة التنفيذية،ودون ان تتقيد بمراقبة السلطتين التنفيذية والتشريعية او تدخل اي منها في عملها او في قراراتها..الاستقلالية القضائية تعني ضمان حقوق الناس وحرياتهم ومنع السلطات الاخرى من التدخل في اعمال القضاء او اغتصاب سلطته عبر سطوة كبار موظفي الحكومة وكبار المقاولين،اي ضمان دفع اي اختلال يساور الاجهزة القضائية في مواجهة التدخلات غير المشروعة والتي قد تدعمها بعض القوى المؤثرة في المجتمع،وفي مواقع اتخاذ القرار،بغرض ارباك العدالة الاجتماعية وتجاوز موازين الحق وتأويل نصوصه الى غير مراميها.الاستقلالية القضائية تعني التزام المؤسسة القضائية بالحيادية وعدم الانحياز لأية جهة كانت،وعدم اخضاع المؤسسة القضائية او قراراتها ليس فقط للسلطة التنفيذية وانما حتى للمصالح الخاصة والسياسية منها،وبالتالي عدم تمكين تلك المصالح من النفاذ داخل جسد القضاء،وتمكنها من احداث شروخ تحرف القضاء عن مسار الاستقلالية والحياد التي يتطلبها الواقع العراقي ومتطلبات العدالة والقانون.
القضاء والشرطة او ما شاكلها من قوات عسكرية وامنية لحفظ النظام يشكلان عنصرين لا يستغني احدهما عن الاخر في دولة المؤسسات،واذا ما اصاب احدهما الضعف فان ذلك ينعكس بشكل سلبي ومباشر على الاخر.وبالرغم ان من اهم القضايا التي وضعت القضاء وقوات الامن على محك الاختبار في العهد الحالي هما مكافحة الارهاب ومحاكمة صدام وزبانيته،الا ان تدخل الحكومة العراقية والطائفية السياسية والجهلة والاميين بالتهديدات والمضايقات يرغم القضاة المخلصين على ترك وظائفهم ومغادرة البلاد او اتباع نهج الانتهازية والتوافقية سبيلا لابتزاز الشعب العراقي.ابتزاز يتحول الى طقس حياتي يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل العتمة المطبقة،ويتجلى في حماية الاقارب والحلفاء السياسيين ضمن تحقيقات كانت تطولهم،والسماح للوزراء بحماية موظفيهم.
"نحن دولة القانون التي لا يشبه قانونها اي قانون..نحن دولة القانون التي كل شيء فيها لا قانون..نحن دولة القانون التي لا يطبق فيها ابسط قانون..فأذا كنا بعد كل هذا دولة قانون،فكيف تكون برأيكم دولة اللاقانون؟!"من دون تشريعات قانونية واجراءات حازمة في اطار خطط وبرامج ملموسة،ومن دون اعتماد الدولة سياسة اقتصادية وبرامج وخططا للنهوض بالاقتصاد العراقي وتحقيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية،لا يمكن ايقاف ماكنة الفساد!من دون تصفية جرائم الفساد في اطار خطة متكاملة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية،لا يمكن اقامة دولة قانون تحقق للجميع الامن وتحمي حياة الانسان وحقوقه،وتستند الى المواطنة،وتوفر فرص العمل المتكافئة وشروط العيش الكريم.ومن دون انماء الوعي القانوني لدى افراد المجتمع،والرابطة الجدلية بين هذا الوعي وروح المواطنة،لا يجر احترام حقوق الآخرين والمحافظة على المال العام وتجنب الاخطاء ومعرفة ما لنا وما علينا في هذا الوطن،والمساهمة في بناء العراق الجديد،العراق الدستوري المؤسساتي.ويستند نهوض الوعي القانوني الايجابي على تطور الوعي المجتمعي لطي صفحات الماضي وسلبياته عبر تكريس مفهوم المواطنة،وحق الجميع بالمال العام وتساوي جميع العراقيين بالحقوق والواجبات والمسؤوليات،بغض النظر عن خلفياتهم القومية او الدينية،او مركزهم الاجتماعي.
من اهم مبادئ اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد ان تكفل الدولة وفقا للمبادئ الاساسية لنظامها القانوني،وجود هيئة او هيئات حسب الاقتضاء تتولى منع الفساد بوسائل من قبيل:وضع وتنفيذ او ترسيخ سياسات فعالة منسقة لمكافحة الفساد،تعزز مشاركة المجتمع وتجسد مبادئ سيادة القانون وحسن ادارة الشؤون والممتلكات العمومية والنزاهة والشفافية والمساءلة.زيادة المعارف المتعلقة بمنع الفساد وتعميمها وبجانب ذلك منح الهيئة او الهيئات ما يلزم من الاستقلالية لتتمكن من الاضطلاع بوظائفها بصورة فعالة وبمنأى عن اي تأثير لا مسوغ له.لابد من وضع القانون الوطني لمكافحة الفساد الاداري الذي يضع توصيفا لحالة المسؤول وتضارب المصالح والتصريح بالممتلكات الشخصية وتوضيح العقوبات الى جانب اعتماده مبدأ الشفافية،واعداد استراتيجية عمل تمتد ما بين ثلاث الى خمس سنوات كخطة لمكافحة الفساد تنطلق عام 2009،واقرار قانون جديد للخدمة المدنية يساعد على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب عبر الاطر التوظيفية الصحيحة واستناد عمليات التعيين والترقية للموظف على اسس علمية.ومن الضروري اصدار قانون يخص هيئة النزاهة وينظم اعمالها من السلطة التشريعية العراقية،فالهيئة لازالت تعمل وفق الامر المرقم 55 لسنة 2004 الذي اصدرته سلطة الائتلاف المؤقت وهو عبارة عن نصوص قانونية ذات نظام (انكلوسكسوني).
في عملية مواجهة الفساد الاداري والمالي لابد من اجراء تغييرات ومراجعة شاملة على كافة التشريعات الخاصة بالاوضاع المحلية النافذة،وخصوصا قانون المحافظات النافذ وقانون ادارة البلديات وتعديلاتهما وتوجيه التشريعات المحلية والاقليمية والاقليمية الثانوية وسواها من تشريعات المدن والقصبات باتجاه تلبية متطلبات التنمية الحضرية والاقليمية اجتماعيا وعمرانيا وثقافيا بل وسياسيا واقتصاديا ايضا.
سيبقى الفساد الى ان تستقل السلطات عن بعضها البعض وفق الدستور،وخاصة السلطة القضائية التي يجب ان تتحرر من كل الضغوط ومنها الخوف،وما دام المواطن دون ضمان صحي ولا ضمان اجتماعي ولا ضمان شيخوخة ولا ضمان للعاطلين عن العمل،وما دامت المرأة لم تدخل لحد الان في معادلة التوازن الاجتماعي للوجود الانساني،ومادام الطفل يولد ويترعرع في بيئة الشد والجذب دون قواعد قانونية صلبة تضمن حاضره ومستقبله..وحتى نصل الى آليات فعالة لمحاربة الفساد،ما علينا الا ان نضع استراتيجية مكافحة حقيقية/معاقبة الفاسدين/وقاية جدية/التوعية والتثقيف/وقبل كل ذلك قيادة سياسية مؤمنة ايمـانـا حقيقيا بتغيير هذا الواقع المر!المطلوب هو تحطيم اغلال الخوف ليلتئم الجميع وتلتحم الهمم في خندق الوطن الواحد،لان حركة الطبيعة وقوانين التطور الاجتماعي لا ترحم المغفلين ولا تترك العابثين من دون جزاء وعقاب.وتتعزز مصداقية القضاء العراقي فقط بمواصلة محاكمة اعوان صدام حسين ومرتكبي الارهاب،مرورا باصدار قرارات القاء القبض على مرتكبي الفساد والجرائم والسرقات بما في ذلك كبار رموز الحكم ورجال الدين بمختلف درجاتهم،وبغض النظر عن مواقعهم،وغيرهم فيما لو تحقق انهم ارتكبوا فعل الفساد والجريمة والارهاب.وعلى وزارة الداخلية وقوات الامن تنفيذ ومساعدة القضاء فيما لو اصدر امرا بالقاء القبض على مرتكبي الفساد مهما كان اصحابها،بل وعرض قضايا الاجرام على القضاء ثم اعلام الشعب بذلك لكي يعرف الجميع بان القضاء عليه مسؤولية الاضطلاع بها وتنفيذها!وباتت المطالبة بعلنية جلسات محكمة الجنايات العليا في القضايا الخطيرة المرفوعة امامها مطلبا شعبيا،ونحتج بشدة ونعارض كل المحاولات الرامية الى تركيع القضاء المستقل!
الخلاصة والمهام
يتحول الفساد(Corruption)من ظاهرة(Phenomena)الى نظام وطريقة للحياة في بلادنا،وآلية لعمل دوائر الدولة العراقية وشركات القطاع الخاص والمؤسساتية المدنية والمجتمعية.واهم مظاهره الرشوة.لقد تحولت الرشوة في بلادنا الى لزوم مهم للمشاريع ولتسيير بعض حلقات العمل الاداري هنا وهناك،وممارسة اجتماعية ناجعة للحصول على الحقوق.ولا يمكن لكاشفي وفاضحي الفساد الاستمرار،ما لم يكونوا ذوي نفوذ وقدرة وسلطان،والا عليهم الهروب او التراجع!
ويمتد الفساد الى ما وراء الاختلاسات المالية ليشمل العديد من مظاهر"سوء استغلال النفوذ والسلطة"مثل المحاباة والمحسوبية والمنسوبية والاكراه والترهيب والاستغلال وشراء الذمم وتقاضى العمولات ونظام الواسطة بهدف تحقيق مآرب سياسية او اجتماعية او تغيير النتائج الانتخابية واعمال التقييم والاستفتاء وتمشية المعاملات او عرقلة المساعدات الانسانية وتحويلها الى مجموعات غير محسوبة اصلا.ومن الطبيعي ان يكون لانتشار الفساد الآثار والتداعيات السلبية على مجمل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية!والفساد جريمة لا تضبط بسهولة لانها جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه بالاخص عندما تكون الانظمة والقوانين القائمة غير منسجمة مع روح العصر،وعندما تسود فترات التراجع السياسي والثوري والانفصام الديني والوطني ونهوض الولاءات العصبوية دون الوطنية كالعشائرية والطائفية والجهوية بديلا عن القانون.
لم تتخل الادارات الحكومية في العراق عن اساليبها القديمة التي اكتسبتها في ظل اوضاع شاذة كان كل هم الموظف فيها،هو ان يحمي نفسه من المساءلة وهو يطبق القانون ولو ادى ذلك الى هدر حقوق الناس وامالهم وتطلعاتهم.الادارات العامة في بلادنا بقت على حالها،رغم تشريع دستور دائم،ويقودها في مرافق متعددة ممن ابدعوا في التفسيرات الرجعية للقوانين النافذة!وتبدو الالاعيب الادارية،واختلاق المبررات،والاختلاسات والرشاوي،والابتزاز،وممارسة التجارة غير المشروعة،وغسيل الاموال،سرقة وتهريب الآثار ونهب كنوز المتاحف،واعمال المضاربة واقتصاد الصفقات والعمولات،محاباة الاقارب والاصدقاء والمعارف،سوء استغلال المعلوماتية للتداول بالاسهم،...تبدو جميعها احيانا لا تمس الانظمة المعمول بها لأنها تخفي جوهر الجرائم.ويؤثر انتشار الفساد عبر الرشاوي والاكراميات مقابل الحصول على الخدمات والتراخيص والمستحقات ورفع الاسعار،سلبيا على مناخ الاستثمار والتنمية الاقتصادية.
ولازال العراق يقبع في مقدمة الدول التي ينتشر فيها الفساد وفق منظمة الشفافية الدولية Transparency International(يرمز لها اخنصارا TI)،وهي منظمة دولية غير حكومية معنية بالفساد،بما فيه الفساد السياسي،وتشتهر عالميا بتقريرها السنوي مؤشر الفساد،مقرها الرئيسي يقع في برلين.وتقوم المنظمة بتحديث ثلاثة معايير سنويا لقياس الفساد وهي:مؤشر ادراك الفساد(يرمز له اختصار CPI،ويقوم بترتيب الدول حول العالم حسب درجة مدى ملاحظة وجود الفساد في الموظفين والسياسيين اعتمادا على آراء الخبراء حول احوال البلدان الفاسدة)،والبارومتر العالمي للفساد(القائم على استطلاعات مواقف الرأي العام وخبرتهم مع الفساد)،واستطلاع دافعي الرشى الذي يبحث في استعداد الشركات الأجنبية لدفع الرشى.ان ضعف المؤسساتية وغياب الشفافية في الادارة العامة والمالية للدول وضعف القدرة على الحد من نفوذ المسؤولين الفاسدين وغياب النظام القضائي المهني المستقل والنزيه الذي يكون باستطاعته ان يحد من حصانة المنصب هي عوامل رئيسية تساهم في انهيار ترتيب دولة ما من على سلم الشفافية.ان تكرار اسم العراق على مدار السنوات الماضية يرجع الى انه اصبح في بؤرة الاهتمام العالمي منذ التاسع من نيسان 2003 فضلا عن توافر المعونات الدولية لعمليات اعادة الاعمار.
اسهمت عوامل كثيرة في انتشار الفساد السرطاني بالعراق،ومنها اتباع نظام المحاصصة في الدوائر السياسية وجميع مرافق الدولة واجهزتها(للفساد محاصصة تحميه)،الازمات الدورية بين حكومة المركز والحكومات المحلية وهشاشة الرقابة والاشراف،عدم متابعة الاموال التي قدمتها الدول المانحة للعراق وبخاصة التي قدمتها القوات متعددة الجنسيات الى الوزارات او الحكومات المحلية لاقامة مشاريع معينة بعيد التغيير، الامر الذي جعلها في عداد المال السائب الذي يشجع ضعاف النفوس على السرقة،تواضع الاجراءات القانونية اللازمة بحق اعلام الفساد،الفساد الاداري وعدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب،الفساد السياسي و(اسكت عني واسكت عنك)،عدم وجود الكشوفات المالية المطلوبة من وزارة المالية والدوائر المرتبطة بها تبين من خلالها ديناميكية الايرادات والانفاق!.
ان الفساد المتفشي في اغلب مؤسسات الدولة كان ولا يزال احد الروافد الحيوية المغذية لعوامل العنف المباشر ومصدر تمويل ثري بالنسبة للجماعات المسلحة،فضلا عنه كونه وسيلة غير شرعية لدى بعض الاحزاب المشاركة في العملية السياسية،لتمويل نشاطاتها واثراء بعض اعضائها دون مراعاة لحقوق بقية المواطنين.لقد وقف الفساد وراء حرائق المؤسسات الحكومية،وحرائق اخرى بضمنها ماحدث لعدد من الاسواق التجارية!كما وقف وراء سرقة المصارف،ومنها فضيحة مصرف الزوية!جعجعة السلاح تتعالى وطبول الحرب تدق ايذانا بوجود منازلة كبرى بين اعلام الفساد ومن يتحمل مسؤولية الدفاع عن المال العام!لمصلحة من يـُحصّن الفاسدون؟
ولاجل مكافحة الفساد يتطلب ايجاد الموازنات التالية التي لا غنى عنها:
الاولى: هي ملاحقة الفساد والمفسدين بكفاءة دون ان يؤدي ذلك الى تعطيل جهود الاعمار والبناء،ويكون ذلك عبر ملاحقة المفسدين دون ان تتورط في ملاحقة المخلصين بوشايات كاذبة او بدوافع سياسية شخصية.
الثانية: تحقيق التوازن بين ملاحقة الفساد والحفاظ على حقوق الانسان،فمن غير المقبول ان تهدر مبادئ حقوق الانسان تحت حجة ملاحقة الفساد،لان الحفاظ على اعراض الناس وحرياتهم مسألة لا تقل اهمية من السيطرة على الفساد!
الثالثة: ضرورة الاستمرار بحملة مكافحة الفساد دون توقف وبغض النظر عن تبدل الحكومات،مع ابعاد قضايا الفساد عن الصراعات الحزبية،وضرورة عدم دفاع اي حزب عن اعضائه في حالة اتهامهم بالفساد!
تحتاج معالجة الفساد الى جهود كبيرة وفترة زمنية ليست بالقصيرة،يشمل ذلك وضع البرامج لمعالجة هذه الظاهرة على كل الاصعدة ابتداءا من مناهج التربية والتعليم واعادة تشكيل شخصية المواطنة العراقية ومسؤوليتها ازاء بناء العراق،واعادة ثقة المواطن بعملية البناء ومحاربة الفساد على اساسها،لا ان تكون البرامج المطروحة لمعالجة هذه الظاهرة برامج تخدم حملة انتخابية او تبؤ منصب ما في الدولة العراقية .
اتباع سياسة تنموية مستديمة تخفف الضغط المالي على الاقتصاد الوطني وتكف عن الاعتماد على مورد واحد هو قطاع المحروقات،ليجر تعبئة الموارد الانتاجية والاستخدام الفعال للموارد البشرية وليخفف من حدة الاحتقان الاجتماعي،وتنويع الاقتصاد العراقي ليمتد الى قطاعات كثيفة الاستخدام للايدي العاملة!
وضع حد لعمليات الخصخصة،كونها اضعاف لقدرة الدولة والتخلي عن دورها المركزي في عملية التنمية والاعمار وتقويض سيادتها والسيطرة على مقدراتها الاقتصادية،مع ما يرافق ذلك من تهديد للهوية الوطنية وازدياد مرعب في معدلات البطالة والفقر،دون ان ننسى الأزمات التي يمكن ان تنسف من الجذور الامن والسلم الاجتماعيين!
مكافحة الطائفية السياسية على كافة الاصعدة وفصل الدين عن الدولة،وتفعيل الولاء للوطن والشعب والامتثال للدستور العراقي،ومحاربة البيروقراطية في الجهاز الاداري،ورفع الغطاء عن عـورة عبيــد التحاصص والتوافق والمشاركـة في فرهدة الاسلاب"فالناس تراكمت لديهـا الأدلـة الحيـة والأثباتات الدامغـة".ان معالجة ظاهرة الفساد حديث اجوف دون القضاء على السدود المنيعة التي يحتمي خلفها الفاسدين ومنها المحاصصة الطائفية والسياسية التي وفرت الحماية لمافيات الفساد،ومن الضروري ابتعاد الاعلام المرئي والمسموع عن بث البرامج الدينية ليتعامل مع الارهاب ليس برؤية طائفية بل برؤية قانونية ليعتبره اجراما وليس واجبا دينيا او جهادا منصوص عليه بالكتب السماوية،ومناهضة الحملات الايمانية الجديدة والنصوص المندلعة على الجدران واليافطات المعلقة والتغيير الطائفي لأسماء المدارس والمستشفيات والمنتزهات والقرى والمدن.
الديمقراطية الحقيقية،السياسية والاجتماعية،هي الحصن الحصين والمنيع والفعال ضد الفساد.ان مواجهة الفساد تتطلب ارادة سياسية وحزما واخضاع سلطة الدولة بصورة كلية لقواعد مؤسساتية حازمة.وهذا يتطلب جعل المبادئ الديمقراطية عمليا كوساطة سياسية بين الدولة والقوى الاجتماعية كافة،وتفعيل القوانين،واحلال البديل الوطني المخلص النزيه في دوائر الدولة ومؤسساتها،فهو الضمان الحقيقي لانجاح العملية السياسية والديمقراطية وبناء العراق الديمقراطي التعددي الفيدرالي.
تعبئة كل الجهود الخيرة على المستويين الشعبي والرسمي،وتفعيل الدور الرقابي لمجلس النواب المعطل بسبب المحاصصة وتعديل المادة 136ب من قانون اصول المحاكمات الجزائية النافذ،والتي تنص على وجوب استحصال موافقة الوزير عند احالة الموظف المفسد للقضاء،ودعم وتفعيل دور هيئة النزاهة وتمكينها من اداء مهامها بعيدا عن التدخلات السياسية.
دعم ومشاركة ديمقراطية شعبية من كل مؤسسات المجتمع المدني،ومساهمتها في كشف الفساد الاداري والمالي امام الجهات الحكومية بشكل علمي وملموس وموثق.والمبادرة لتشكيل لجان شعبيـة كمنظمات مجتمع مدني،على صعيدي الداخل والخارج،لفضـح ظاهرة الفساد ومتابعة الفاسدين والمختلسين ومساءلتهم ورفع القضايا القانونية ضدهـم.
التصدي لمنهجية طمس الحقائق والسعي الى تطويعها وفقا للمصالح الطائفية والفئوية الضيقة في ظل الفوضى وغياب دولة القانون والدور الرقابي الفاعل للبرلمان،وفي اطار صراع المصالح،والاجراءات الحكومية الترقيعية،ومنهجية شراء السكوت المتبادل!ان التستر المتبادل هو احد شرائع الديمقراطية التوافقية التي نفثتها المحاصصة البغيضة في حياتنا!
تشريع القوانين التي تؤسس للدولة الحديثة،ومنها قانون عصري للاحزاب ولمنظمات المجتمع المدني وقانون للصحافة والاعلام الحر الذي يمتلك دوره الأساسي في كشف الفساد في مهده واجهاضه!ومن الضروري عدم التدخل الحكومي في العمل النقابي المهني،تحريم اشتراك القوى الطائفية والتي تمتلك الميليشيات ولها ارتباطات اقليمية ودولية في العمل الانتخابي.وتبني قانون انتخابات عصري وحضاري وديمقراطي يقوم على النظام النسبي والقائمة المفتوحة،وجعل العراق دائرة انتخابية واحدة تحقيقا لمصلحة الجميع وضمان لها،اي احترام صوت المواطن من اجل المشاركة وضد التهميش وشرعنة الاقصاء،ورفع الحيف عن الاصوات التي يتم الاستحواذ عليها بقوة القانون.كما يستلزم تثبيت العمل في كوتا تمثيل النساء بنسبة 25%على الاقل،ومراعاة تمثيل"الاقليات"بنســب معقولة وتثبيت عمر الناخب ب 18 عاما،وســن الترشيح لمجلس النواب ب 25 عاما!الى جانب اقرار قانون ينظم عمليات صرف الاموال في الحملات الانتخابية،واجراء التعداد السكاني،وتثبيت البطاقة الشخصية الالكترونية،وعدم اعتماد البطاقة التموينية في الانتخاب!
محاصرة الفساد الانتخابي ومقاولي الاصوات وسماسرة الانتخابات والانتهاكات الفاضحة وممارسة التهديد،اطلاق الوعود الكاذبة،واشاعة اجواء الخوف،وشراء الاصوات والولاءات بالمال السياسي والمال العام،واخفاء مصادر التمويل،وتمزيق الملصقات والصور،واستخدام وسائل ومناصب الدولة ومؤسساتها،ومحاصرة"المنافسين"الآخرين بشتى الوسائل غير المشروعة،وتمرير المرشحين الاشباح،وفضيحة الشهادات المزورة،الاصرار على جعل المساجد والحسينيات منابر دعاية انتخابية،توزيع(البطانيات والموبايلات والدولارات والرشوات والامتيازات والتهديدات..الخ)وشراء الاصوات وعرض الوظائف ورمي القسم لغرض شراء الاصوات الرخيصة مع الاستخفاف بكرامة الناس.
تفعيل انظمة المساءلة والشفافية داخل مؤسسات السلطة،وتأهيل وتفعيل هيئة النزاهة،واستكمال جميع المقومات التي تساعدها على مكافحة الفساد وتدعيم استقلاليتها المالية والادارية،والايعاز لكل مؤسسات الدولة بتسهيل مهمة ممثليها وتقديم ما يمكن من العون،ومن الضروري اصدار قانون عصري يخص هيئة النزاهة وينظم اعمالها من السلطة التشريعية العراقية..وانشاء لجنة عليا دائمة لمحاربة الفساد المالي والاداري من لجنة النزاهة في البرلمان،ومن هيأة النزاهة ومن ممثلي الاحزاب والمنظمات الجماهيرية،شبيهة بقيادة عمليات مكافحة الارهاب وفرض القانون،لأن الفساد المالي والارهاب هما توأمان خطران على مصالح وطننا وشعبنا.
تشريع القانون الوطني لمكافحة الفساد الاداري"الكسب غير المشروع""اشهار الذمة""من اين لك هذا؟"التي تضع توصيفا لحالة المسؤول وتضارب المصالح والتصريح بالممتلكات الشخصية وتوضيح العقوبات،الى جانب اعداد استراتيجية عمل تمتد ما بين ثلاث الى خمس سنوات كخطة لمكافحة الفساد تنطلق عام 2010،واقرار قانون جديد للخدمة المدنية يساعد على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب عبر الاطر التوظيفية الصحيحة واستناد عمليات التعيين والترقية للموظف على اسس علمية.ومن الضروري العودة الى تطبيق"استمارة ترجمة الحال"التي سبق وطبقت في العهدين الملكي والجمهوري في العراق بغية ضبط الاموال المنقولة وغير المنقولة عند تسلم مناصب رفيعة لها علاقة مباشرة او غير مباشرة بالامور المالية ومصالح الشعب الاقتصادية.
الاحتجاج بشدة ومعارضة محاولات تركيع القضاء المستقل،ومواصلة محاكمة اعوان صدام حسين ومرتكبي الارهاب،مرورا باصدار قرارات القاء القبض على مرتكبي الفساد والجرائم والسرقات بما في ذلك كبار رموز الحكم وكبار رجال الدين والمرجعيات الدينية بمختلف درجاتها وبغض النظر عن مواقعها وغيرهم فيما لو تحقق انهم ارتكبوا فعل الفساد والجريمة والارهاب.وعلى وزارة الداخلية وقوات الامن تنفيذ ومساعدة القضاء فيما لو اصدر امرا بالقاء القبض على مرتكبي الفساد مهما كان اصحابها،بل وعرض قضايا الاجرام على القضاء ثم اعلام الشعب بذلك لكي يعرف الجميع بان القضاء عليه مسؤولية الاضطلاع بها وتنفيذها!
الدعوة لعقد مؤتمرات موسعة حول الحاكمية وبناء البنى الالكترونية والمساهمة في مكافحة الفساد والتحول الى مجتمع معلوماتي.وهذا يتطلب التأكيد على ان يكون نظام الادارة في المنظمات نظاما قائما على اساس الانفتاح والديمقراطية،تطوير الاجراءات والنظم الادارية الخاصة باداء الاعمال واختيار العاملين.
ينبغي ان تكون العمليات المالية لتجارة الدولة،داخليا وخارجيا،جارية تحت ضوء الشمس لأن الفساد يترعرع اساسا في الظلام،وهو امر من السهل اكتشافه وردعه في المجتمعات التي تتمتع بالشفافية.
تفعيل النظام المصرفي العراقي،وتوفير الحماية المصرفية والقضائية والأمنية للاستثمارات في بلادنا،وتنشيط دور القضاء التجاري،ناهيك عن الجنائي،لردع الفساد والجريمة المنظمة وابتلاع املاك الغير.وتسخير اجهزة فرض القانون للعمل في خدمة القضاء وليس العكس،فمن يحميها من ابتزاز لصوص العمولات وتقاسم ارباحها مع قطاع الطرق من ادنى درجاتهم الميليشاوية في الشارع وحتى الحيتان الكبيرة في مفاصل الدولة العليا.
الشروع باجراءات تدوير ونقل مدراء الحسابات والمالية والرقابة الداخلية والتجارية والمفتشين العامين وامانة الصندوق واي عنوان وظيفي اخر يؤديه موظف له مساس بالمال العام،بين دوائر ووزارات الدولة،من الذين امضوا ثلاث سنوات في نفس الموقع الوظيفي ونفس الدائرة،خدمة للصالح العام والحفاظ على المال العام.
التعاقد مع الشركات الاجنبية الاستشارية الهندسية ذات السمعة الممتازة للاشراف على تنفيذ المشاريع الاستثمارية التي تنفذ من قبل شركات اجنبية او وطنية حسب شروط العقد المبرمة بين الطرفين،وبالتنسيق مع المجلس الاستشاري العراقي المرتبط بمجلس الوزراء.واحالة المشاريع الاستراتيجية الى الشركات العراقية الحكومية بدعم من الدولة،لأن كثيرا من هذه الشركات لديها خبرة عالية في هذا المجال مثلا شركات الطرق والجسور وشركات صيانة وكري وتهذيب الانهر وشركات المباني واستطلاع الاراضي الزراعية وشركات انشاء السدود والنواظم وتبطين الانهر والجداول الرئيسة والفرعية وغيرها من الشركات.والمطالبة بشهادة تصنيف المقاولين الصادرة من وزارة التخطيط،واحالة المشاريع الى شركات القطاع الخاص العراقية التي لديها باع طويل في تنفيذ تلك المشاريع،شريطة ان تقدم شهادة عمل حول طبيعة اعمالها ومماثلة لتلك الاعمال او المشاريع وعن طريق المناقصة السرية وعدم القبول بأوطأ العطاءات.
تشكيل مجلس اعمار من الكفاءات العلمية الكفوءة والنزيهة بعيدة عن المحاصصات الطائفية والاثنية والحزبية ويرتبط بمجلس الوزراء يترأسه موظف بدرجة وزير،يكون مسؤولا عن تنفيذ المشاريع الاستراتيجية المتعاقد عليها مع الشركات الاجنبية والوطنية.وتشكيل لجنة وزارية هندسية ومن الاختصاصات الاخرى لتقديم تقاريرها الدورية للوزير المختص او الى رئيس الحكومة المحلية التي تنفذ المشاريع.ومن الضروري عدم احالة المقاولات والمشاريع الاستثمارية عن طريق الدعوة المباشرة او المناقصة العلنية حسب التعليمات السابقة قبل 9/4/2003 لان ذلك يؤدي الى استغلال المال العام بطرق شتى معروفة للجميع.
تفعيل لجان الاختصاص في مجلس النواب والحكومة الاتحادية والبرلمان الكردستاني،المسؤولة عن متابعة المشاريع التي تنفذها الحكومة،اضافة الى المجالس الاستشارية المشكلة لهذا الغرض.
محاصرة عمليات النصب والاحتيال.والتحقيق بجرائم الشركات الوهمية التي تمارس عمليات ايقاع المواطنين في عدد من المحافظات في شباكها بحجة توظيف الأموال وتحقيق ارباح سريعة،اذ تختلس اموالهم بحجة استثمارها.وكشف الشخصيات التي تقف وراءها،وصلاتها بمشروع تمويل النشاط الارهابي وعصابات الجريمة المنظمة،التي تمارس عمليات غسيل الأموال.ومن المهم بمكان الكشف عن عورات القطاع الخاص وديناصوراته والخنازير العابثة في الاقتصاد وفي التجارة على وجه الخصوص،التي تسوق البضائع الفاسدة المطروحة في اسواقنا بمئات الأطنان!وكذلك البورجوازية العقارية والمتلازمات الطفيلية والبيرقراطية!
معالجة مظاهر البيروقراطية المفرطة وسوء الادارة والفساد المالي وعشعشة بقايا البعث العفن في هيئة حل نزاعات الملكية العقارية ودوائر التسجيل العقاري،وسرقة وثائق ثبوتية من الملفات والتلاعب بالقضايا لصالح من يدفع الرشوة او يهدد من المالكين الحاليين ومن المؤجرين،كما ان مدة التمييز غير محددة.ومن الضروري معالجة فوضى الاراضي وامتلاكها بغير حق تحت مسميات ما انزل الله بها سلطان!وتحديث الاداء الفني لدوائرالتسجيل العقاري.
المباشرة الفورية لتطبيق قانون الذمم المالية للذين يشغلون مناصب مهمة في الدولة!ولعوائلهم والجهات المقربة الى حد الدرجة الرابعة منهم!
اجراء تغييرات ومراجعة شاملة على كافة التشريعات الخاصة بالاوضاع المحلية النافذة،وخصوصا قانون المحافظات النافذ وقانون ادارة البلديات وتعديلاتهما وتوجيه التشريعات المحلية والاقليمية والاقليمية الثانوية وسواها من تشريعات المدن والقصبات باتجاه تلبية متطلبات التنمية الحضرية والاقليمية اجتماعيا وعمرانيا وثقافيا بل وسياسيا واقتصاديا ايضا.
تكليف اشخاص ذوي سمعة تاريخية سياسية طيبة في المناصب المالية والادارية ذات صلة بالمال العام وذوي درجة عالية من الكفاءة والنزاهة.وتشكيل مكاتب المفتش العام الفرعية في جميع المؤسسات الحكومية الاتحادية والكردستانية،وان يكون اعضاؤها تلقائيا اعضاء في لجان فتح وتحليل العطاءات وتسلم العمل الهادف الى حماية المال العام من الهدر،على ان يكون هؤلاء ذوي صفة عالية من الاخلاق والكفاءة والنزاهة وذوي تأريخ وطني ناصع والاخلاص للوطن والشعب.ومن المهم ان يكون المفتش العام صاحب مشروع تربوي متكامل،بهدف تسريع النمو الاقتصادي وتشجيع عوامل التكافل الاجتماعي،واعتبار المال العام وحمايته مهمة وطنية يتحمل الجميع مسؤولية انجاحها،ورفع شعار"من اين لك هذا".
صرف المبالغ التي ترصد للوزارات العراقية،وفق ضوابط حسابية علمية مدونة،وان تكون الرقابة مستقلة بعيدة عن تأثيرات الوزراء،وبتدقيق وكشف حسابي نصف سنوي وسنوي،واعطاء المعلومات التي يجري الحصول عليها،مدونة الى رئاسة الوزراء وباجتماع جميع الوزراء،لمتابعة اوجه الصرف ومحاسبة المقصرين ووفق الضوابط الدستورية.
وضع ضوابط صارمة لاجراء التعيينات على اسس الكفاءة العلمية والنزاهة،والابتعاد عن المحسوبية والمنسوبية والرشوة في التعيينات.
تفعيل القضاء العراقي المستقل لمحاسبة المسيئين في نهب المال العام والفساد الاداري وامام انظار الشعب اعلاميا،وقبل ان يفكروا بالهرب او تحرق ملفاتهم في حريق مفتعل،ليكونوا عبرة لمن اعتبر ولمن ينوون الترشيح للانتخابات القادمة،اي ملاحقة الفساد والمفسدين بكفاءة دون ان يؤدي ذلك الى تعطيل جهود الاعمار والبناء،ويكون ذلك عبر ملاحقة المفسدين دون ان تتورط في ملاحقة المخلصين بوشايات كاذبة او بدوافع سياسية شخصية.
ان الدعوة لاستجواب الوزراء هي دعوة دستورية صرف لا يجب التمترس،طائفيا وحزبيا وراءها،كما لا ينبغي النظر اليها من باب الحزبية الضيقة.ان اعاقة الاجراءات القانونية اللازمة بحق الوزراء المفسدين والمتقاعسين عن ادائهم الوظيفي هي اشتراك في جريمة الفساد.
من الاهمية بمكان ان يحمل الوزير في الدولة الجنسية العراقية،واسقاط الجنسية الأجنبية مصدقة من البلد نفسه خلافا لذلك،وعدم منح السياسيين جوازات سفر دبلوماسية!واخضاع السياسيين للتفتيش في المطارات ومخارج الحدود العراقية،وعدم السماح لهم بحمل اكثر من عشرة الاف دولار وفق القانون الدولي.
وضع مادة الفساد كمادة ثقافية في المناهج الدراسية في المرحلة الابتدائية وحتى الدراسات العليا،وغرس الروح الوطنية وحب الشعب والعمل بنكران ذات في الدفاع عن مصالح الشعب وعن ثروة العراق،وان تأخذ وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة دورها في غرس المفاهيم الوطنية وحب الوطن والمواطنة الصالحة.
ترشيح الشرفاء والمخلصين في السلك الدبلوماسي لاعادة بناء الوطن،لا بقايا مزابل النظام الساقط تنكرا واستخفافا بكل دماء الشهداء وتضحيات ابناء الشعب العراقي،لا الاقزام والخدم التي ترقص مع كل طبل يقرع.
مطالبة مجلس القضاء العراقي الاسراع بتنفيذ العقوبات الصادرة منذ عام 2006 بحق الكثيرين ممن هم الان في السجون،والبعض منهم مدان بقتل آلاف العراقيين،ويعيشون اليوم في غرف مكيفة وكل الخدمات متوفرة لهم.ومطالبة مجلس الرئاسة بالمصادقة على احكام اعدام القتلة وعدم تأخيرها!
الوقوف بوجه كل المحاولات الحكومية لتركيع المفكرين العراقيين من خلال تشغيل الاسطوانة المشروخة اسطوانة الافكار الهدامة،ومحاولة فرض الرقابة على الكتب والمطبوعات التي تدخل العراق وحجب بعض المواقع الالكترونية.
الشروع بتنفيذ مشروع الحكومة الالكترونية الذي يربط دوائر الدولة فيما بينها،لتقليل التوسع بالاوراق المطلوبة من المواطن والاكتفاء فقط بتقديم الطلب.والالغاء الفوري لشبابيك المراجعة عبر فتح مكاتب الموظفين امام المواطن ليتكلم معهم وجها لوجه،ليس من وراء حاجز او شباك احتراما للمواطن.ووضع موظف او موظفة لاستقبال المواطن وتوجيهه الى الموظف المختص لمعاملته.من الضروري التعامل الطيب مع المواطنين خلال تعقب معاملاتهم في دوائر الدولة،ورفع شعار الموظف في خدمة المراجع،وليس له الحق ان يتعامل بشكل بيروقراطي مع المواطنين،والنظر للمسؤول والمواطن العادي بعين واحدة.ويجب التثقيف بان الموظف خادم لمجتمعه من خلال وظيفته العامة على ان يكون هذا مبدأ لا شعارا،وان الوظيفة هي تكليف وليست تشريفا.
مكافحة شبكات مافيا المتاجرة بالاعضاء البشرية،التي يتبرع بها البعض ممن يضطرهم العوز المادي،وانزال اقصى العقوبات بعصاباتها!وهذا يشمل شبكات الترويج لتجارة المخدرات وحبوب"الكبسلة"ومنتجات المياه المعدنية غير الصالحة للاستهلاك البشري،وكل شبكات ومظاهر الفساد الصحي الذي ابتلت به المستشفيات والصيدليات وكافة المؤسسات الصحية.
انشاء شركات عامة مساهمة جديدة تساهم فيها الدولة برأسمال لا يقل عن 40% ولمختلف الاختصاصات استيرادية،تصديرية،استثمارات مالية وعقارية واطلاقها في سوق الأوراق المالية.والزام الشركات الالتزام بعقودها،ومنها فتح باب الاستكتاب العام لبيع الحصص المقررة للمواطنين في العقود وبالسعر الاسمي للسهم!وعلى دائرة تسجيل الشركات حماية المواطنين واصحاب الاموال من الاحتيال الذي تمارسه بعض الشركات والمصارف،خاصة الوهمية منها.ومن الضروري معالجة البيروقراطية الادارية المفرطة والروتين ومحاولات الابتزاز في دائرة تسجيل الشركات نفسها،واصدار لوائح تنظيمية بتعليمات الاجراءآت الواجب اتباعها لكل انواع المعاملات!
مكافحة اي توجهات لالغاء البطاقة التموينية في الظروف الراهنة،وتأمين تدفقها ومفرداتها وتحسين مكوناتها ومستوى شموليتها!
ادانة التدخلات الحكومية في شؤون النقابات والمنظمات المهنية،وفضح الارهاب الذي يستهدف المدنيين وقياديي النقابات وغيرها من المؤسسات الوطنية العراقية ومنظمات المجتمع المدني،والوقوف ضد كل اشكال الانتهاكات التي يتعرض لها النقابيون،ومطالبة الحكومة والقضاء بالاسراع في ضمان النشاط النقابي بصورة عامة!وضمان الحريات النقابية للطبقة العاملة والشغيلة بصورة خاصة وحقهم في التنظيم النقابي في جميع المشاريع الانتاجية والخدمية بضمنها مشاريع الدولة!
الغاء القرار 150 لسنة 1987 واصدار قانون جديد للعمل وتشريعات خاصة بالتنظيم النقابي والمهني،بما يحمي حقوق العمال ومصالحهم الاقتصادية والاجتماعية ويحول دون تعرضهم تلى الفصل الكيفي،ورفع مستوى معيشتهم ويضمن حياة لائقة للمتقاعدين منهم وكبار السن.
تصعيد التحرك الجماهيري الضاغط ضد تفاقم صعوبات العيش واشتداد الازمات في شتى ميادين الحياة اليومية،وتحت تأثير الشعور بالاحباط ازاء مجمل اداء الحكومة وعدم وفائها بما اطلقت من وعود،والسخط على الاجراءات المستعجلة وغير المدروسة التي تقدم عليها،بالمظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات وتقديم المذكرات.
مكافحة المضاربة بالعملة وافتعال الندرة لرفع الأسعار،والعمل بهمة في شراء وبيع الأراضي بطرق مشروعة وغير مشروعة،واستغلال المصارف للحصول على تسهيلات ولو بأساليب ملتوية!والتفوق غير المسبوق في عمليات غسل الاموال وانتقالها غير المشروعة!
محاصرة انشطة اقتصاد الظل بطابعه الخدمي البدائي غير المحكوم بضوابط وتشريعات محددة وبضعف انتاجيته وقلة القيم التي يخلقها وتردي ظروف العمل،،مستوعبا قسما من العاطلين عن العمل والمهمشين اقتصاديا وخاصة عمالة الاطفال!
دعم المؤسسات الحكومية والتعاونية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بحماية المستهلك للحفاظ على حق المواطن في الحصول على السلع والخدمات التي يشتريها على احسن وجه.
مكافحة الجرائم الاقتصادية واموال الشعب المنهوبة وممتلكاته المسلوبة وافلات مرتكبيها من العقاب!واتخاذ الاجراءات الحازمة لمعاقبة الحواسم وكل الجماعات التي تغيرت اوضاعها الاقتصادية بسرعة قياسية بفضل ما نهبت من موارد الدولة ومؤسساتها المالية والاقتصادية وما انتزعت من المواطنين عن طريق الابتزاز والتهديد والخطف!
معالجة البطالة ومحدودية فرص العمل للعاطلين من الشباب الذين تملأ جنابرهم شوارع الوطن،ولا تتعلم سواعدهم غير دفع عربات الحمل الحديدية والخشبية!
معالجة الفساد في وزارة الهجرة والمهجرين وتدني مستوى الكفاءات الادارية والتقنية فيها،وثقافة الغش والخداع والتمويه والاحتيال والنصب والفهلوة واهدار المال العام!ومعالجة بيزنس الارتشاء والتهريب داخل المؤسسات الحكومية عموما،والذي يؤدي الى التدمير الروحي للمجتمع والى الفتك بالارواح وتدمير البلاد!ان وزارة الهجرة والمهجرين ينبغي ان تلجأ الى آلية تواصل حضارية سريعة مع الوزارات الاخرى المعنية بجعل عملية العودة سلسة ومغرية وجذابة،لا العكس،لأن القوانين والانظمة والاوامر والتعليمات والشخصيات المتآكلة التي عفا عليها الزمن مازالت هي المتحكمة بمفاصل العمل.
قضية المهجرين واللاجئين بحاجة الى معالجة واقعية شاملة وبرنامج وطني شامل وعمل متواصل بحرص ومثابرة وجدية،حملة وطنية شاملة تتضمن حلولا عملية واجراءات سريعة وعاجلة واجراءات اخرى استراتيجية طويلة الأمد لمعالجة الاوضاع السيئة وظروف القهر والعوز التي يعاني منها المهجرون،وتقديم كل الرعاية والدعم والاسناد لاعادة تأهيلهم واندماجهم بالمجتمع واعادة البسمة الى شفاه الاطفال والفرح والدفء الى تلك العوائل التي عاشت فصول المأساة المرعبة!
رغم انتقال وزارة الكهرباء الى بنايتها الجديدة الفخمة،وتمتع المسؤولين بالمكاتب الوثيرة،والعاملين بالامتيازات غير المسبوقة!يتمادى هؤلاء في تحويل الفساد من ظاهرة الى نظام وطريقة للحياة في بلادنا!ولا توجد قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين والفاسدين في الوزارة.ويتوافق الغش والاختلاس والتواطؤات واساليب الخداع مع نشاط القطاع التجاري والمقاولات الأهلية لتخسر الدولة عبرها اموالا لا حصر لها.وزارة تبيح لنفسها تبرير الانقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية والنفعية الاقتصادية،كما تقوم بذات الوقت في تشجيع الولاءات دون الوطنية،وهي نفس القوى التي تتجاوز على الكهرباء وتسرقه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر.
ان تحقيق تقدم على طريق تحسين الخدمات العامة،يرتبط بشكل كبير،بالتصدي الجدي،غير الانتقائي وغير المسيس،لمظاهر الفساد الاداري والمالي الذي اصبح عقبة كأداء يلقي بثقله على الحياة العامة في بلادنا.
احترام رموز العراق التاريخية والثقافية ومناهضة جرف قبورهم ومحو آثارها،بحجة انشاء ممر آمن لتأمين تنقلات المسؤولين،كالشيخ جلال الدين الصغير من والى جامع براثا مثلا.
المصادر:
راجع دراسات ومقالات الفساد في الانترنيت للاساتذة والمؤسسات- طارق عيسى طه،علي عبد السادة،احمد محمود القاسم،رضا الظاهر،جاسم الحلفي،جاسم المطير،سلام خماط،محمد حميد الصواف،محمد وحيد دحام،جاسم هداد،ماجد زيدان،رائد فهمي،احمد جويد،ميثم العتابي،ابراهيم المشهداني،سالم روضان الموسوي،علي احمد فارس،ابراهيم زيدان،مهدي زاير جاسم العكيلي،شاكر النابلسي،نزال رياح الغزالي،فارس حامد عبد الكريم،زياد عربية،نوزاد شريف،كاظم حبيب،سنان احمد حقي،مالوم ابو رغيف،عبد الزهرة حسن حسب،رحيم حسن العكيلي،صالح العميدي،ناهي العامري،حميد مجيد موسى،عادل حبة،قاسم عناد،رياض سعودي،فلاح علي،كاظم خضير القريشي،مصطفى محمد غريب،جمال منصور،محمود العكيلي،عبد المعطي لطفي،جون سوليفان،الكسندر شكولنيكوف،روبرت بيشيل،لورنس كوكروفت،جيرمين بروكس،آيلين كول كاوفمان،المنظمة الدولية للمحاسبة عن المسؤولية الاجتماعية(SAI)،معهد المجتمع المفتوح(OSI)،مركز المشروعات الدولية الخاصة(CIPE)،سعد الجادري،كاظم الحسيني،مسلم عوينة،علاء السعيد،لطيف القصاب،شيروان الحيدري،محمود حمد،شوقي العيسى،رحيم الغالبي،حاكم كريم عطية،جودت هوشيار،محمد عبدالله،امين يونس،كريم السلامي،متي كلو،نوري حمدان،محمد علي محيي الدين،علي الأسدي،كريم الربيعي،جمال المباركي،كريم حنا وردوني،عادل كنيهر حافظ،محمود القبطان،كامل زومايا،عبد الرحمن دارا سليمان،تحسين المنذري،فاضل رشاد،سمير اسطيفو شبلا،مظهر محمد صالح،عبد المنعم الاعسم،نهلة ناصر،وداد فاخر،اكرم مطلك،غسان حبيب الصفار،ضياء المرعب،معد فياض،زهير الدجيلي،نبيل الحيدري،علي عرمش شوكت،طارق جمباز،كريم صوفي،نجم خطاوي،افتتاحيات جريدة طريق الشعب،عراق الغد،الينابيع،وثائق وبحوث المؤتمر العلمي الاول لهيئة النزاهة 2008.كما راجع الدراسات التالية للكاتب:
فساد عراق التنمية البشرية المستدامة
الفساد - سوء استغلال النفوذ والسلطة
الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه
غسيل الاموال - جريمة الفساد العظمى في العراق
دكاكين الفساد ، وفساد الدكاكين
جرائم الفساد في العراق
المفاتيح في سلطات ما بعد التاسع من نيسان
حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
الفساد والافساد في العراق من يدفع الثمن
العقلية الصدامية في الابتزاز تنتعش من جديد
الارهاب الفكري والفساد في الجمعية الوطنية
عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة
فساد الحكومة العراقية واللطم بالساطور الديمقراطي
الارهاب الابيض في عراق المستقبل المجهول..مساهمة في مكافحة الفساد
نحو استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الارهاب الابيض في العراق
يمنحوهم المخصصات ويستقطعونها منهم بأثر رجعي!
مصرف الزوية وتركيع القضاء المستقل
فساد دوائر الطابو في العراق..طابو البياع نموذجا
الفساد الصحي في العراق..عبد المجيد حسين ومستشفيات كربلاء نموذجا
الاتصالات والشركات الترهات في العراق
المفوضية والفساد الانتخابي والميليشيات الانتخابية
فن تفتيت الحركة الاجتماعية والسيطرة عليها واحتكارها
الهجرة والتهجير في الادب السياسي العراقي
وزارة الهجرة والمهجرين ..ارهاب ابيض ام دعارة سياسية
اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف
الفقر والبطالة والحلول الترقيعية في العراق
الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق
تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
المواطن والشركات المساهمة في العراق
النفط العراقي اليوم
يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية :
http://www.ahewar.com/m.asp?i=570
http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm
http://yanabeealiraq.com/writers_folder/salam-kabaa_folder.htm
http://www.babil-nl.org/aasikubbah.html
بغداد
21/4/2010