جحا يحكم المدينة ـ عادل صيام
شاهدوا هذه المسرحية قبل الانتخابات
أعرف اني لى من العادات ما قد يستغربه البعض، فأنا لا اشاهد الأعمال لافنية إلا عند شعوري بأنها قديمة، لا أعرف ما سر ذلك، و لكن هذا ما يحدث، و بالفعل لم أشاهد مسرحية جحا سحكم المدينة لسمير غانم و اسعاد يونس و أحمد راتب، مع الاحتفاظ لكم منهم باللقب الذى يليق به، شاهدت المسرحية كالعادة بالمصادفة البحته، و دون اسبق ترتيب و ما دفعني لمشاهدتها هو أنني رأيت صورة فيها للفنان أحمد راتب و لاحظت فيها أنه كان يبدو عليه صغر السن، في أحد مشاهد المسرحية فقلت إذن فالمسرحية قديمة بالفعل، وشعرت برغبة في مشاهدتها.
بعيدا عن ملابسات مشاهدتي للمسرحية، ورغم كوني أظن أكثر القراء ربما شاهدوها أكثر من مرة، و لكني أقول لمن لم يشاهدها، خلاصة المسرحية أنه في حقبة حفر مترو الانفاق الأول في مصر، خرج جحا من تحت الأرض أثناء الحفر، و بعد نقله لحديقة الحيوان لكي يكون "فرجة" للناس يشاهدونه، جاءت قوى القطاع الخاص فاستولت عليه، و حاولوا استغلاله في اعمال النصب المقنع بالدعاية، و غيره من وسائل الكسب.
و من ضمن وسائل الدعاية كانت الدعاية الانتخابية للحاكم الجديد للمدينة، و لكن جحا قال و لماذا اسير مع من يرغب أن يكون حاكم لماذا لا أحاول أن أكون أنا الحاكم، و أعجب من حوله من استغلالين بالفكرة و قالوا رجل ساذج سيصبح حاكما و نصبح نحن المحركين له، و تولى جحا حكم المدينة.
كل ما فات من المسرحية لا يهمنا في كثير أو قليل سوي للضحك على بعض النكات الساذجة اللاذعة المعهودة في مثل تلك الأعمال المسرحية، و لكن جحا الحاكم الجديد للمدينة يفاجأ كل الاستغلالين أنه يتمرد عليهم، و أنه يريد الخير لشعب البلد، الذى انتخبه و وثق فيه، فتعمل قوي الشر على تحريك الشعب بالثورة على الحاكم، و ليطالبوه بأن يفي بما وعدهم بأن تصبح لافرخة بخمسة قروش و البيضة بمليم، و الخبز مجانا، فيسقط في يد جحا فهو لا يملك عصا سحرية ليلبي للناس طلباتهم، و لكن عقل الرجل الراجح يدفعه أن يقول لجموع الشعب تريدون الخبز و الدجاج و البيض أعملوا لتحصلوا عليه، أعملوا أكثر و اجتهدوا أكثر لتحصلوا علي ما تريدون، و لكن الشعب يأبى العمل فهو قد اعتاد"الرحرحة" بل يقول أحدهم إننا نعمل خمس دقائق و هذا يكفي، و تقول أخرى أنا أتاعب طوال اليوم من ساعات النميمة و الحقد على الآخرين.
و بعد أن يجد جحا الحاكم الذى خرج لهم من العالم السحري، أن الشعب لا يقبل الحل الأمثل و المعادلة المنطقية و هي ان بلدهم مليء بالخيرات و عليهم العمل للحصول على عيش كريم، في النهاية يقرر أن يطلب من الناس أن يتركوا له الأجيال القادمة ليربيها على العمل و الجد و الحب.
المسرحية التى مر على انتاجها سنوات طويلة كانها تحدثنا بما يحدث لنا اليوم، فجحا اليوم الذي جاء ليحكم المدينة لم يأت من عالم الحواديت، بل جاء من خارج البلاد، ليقيم الناس و يقعدها و يؤلبها على الحاكم الجديد، و الشعب الذى ينتظر الحل من أى شخص غير الشعب نفسه و الذى يظن أن هناك من سيأتي لهم بالحلول الجاهزة من عالم ميتافيزيقي لن يتعبهم، يحلمون بأن يتغير الحاكم الحالى ليأتي جحا القادم من أمريكا أو من فيينا، ليحكم و يحل المشاكل، و لذا ادعوهم لمشاهدة المسرحية فالمسرحية بالفعل على الرغم من قالبها الكوميدي لكنها تقدم لنا المعادلة الحقيقية، و التى سيقولها أى حاكم تود ان تحصل على شيء يجب أن تعمل له.
و خاصة هذا الحاكم الذى عاش مع الغرب، ربما سيكون أشد قسوة مع شعب أخذ على "الرحرحة" فهو من البداية يقول لهم لن أرشح لنفسي للانتخاب إلا إذا تغيرتم و قدرتم على مناهضة الحكومة الحالية، لتطلبوا منها أن تغيرمواد الدستور لكي ارشح نفسي في مناخ أضمن فيه عدم وجود أى غش في الانتخاب، و نحن لا نلوم عليه في منطقه فمن حقه ان يطلب ما يريد، و لكن هذا الذى يطلب من الشعب أن يتغير من البداية، ماذا سيطلب منهم عندما يصبح حاكما هل سيحل لهم حلولا لا تتعبهم ام سيقول لهم أنا أود منكم عمل دائم و مستمر حتى تأت النتيجة، و عندما سيتولى الحكم سيكتشف حقيقة ان هناك مصارف كثيرة لم يك هو نفسه يعرف عنها شيء و أنه يجب عليه تغطية نفقات سرية للدفاع و الأمن لا يمكن الإعلان عنها، و أن الكل من حوله سيتهمه أن المال يذهب لحسابات خاصة به في سويسرا، وربما يضطر جحا الجديد أن يترك المدينة كما فعل جح في المسرحية.
مع خالص الود و الأحترام لكل فناني المسرحية، و الاحترام الشديد لكل رجال السياسة التى تقع عليهم اسقاطات الكلام عن المسرحية، فأنا على الرغم مما قد يبدو أني اسخر منهم إلا إنني بالفعل اشفق عليهم، فالرجل العادي الذى عاش في اوروبا أو أمريكا على سبيل المثال عندما يحضر ليعيش في مصر يشعر بأنه قد اختنق من الجو العام في طباع الناس من حوله فماذا سيفعل هذا الذى اعتاد العيش في اعلى مستويات المعيشة مع أناس اعتادوا على الجدية عندما يحكم شعبا اعتاد على عكس ذلك، و من هذا الشعب عليه أن يختار حكومة و وزراء و مسئولين في كل القطاعات هل فكر السيد الدكتور البرادعي ـ على الرغم انه لم يقرر ترشيح نفسه بعد ـ فيم سيواجه من صعوبات في حكم هذا الشعب، أنا لا اتهم الدكتور البرادعي بشيء، و لا اتهم الشعب المصري بشيء، فقط أقول للجميع عليكم أن تفكروا فى الأمر من كل جوانبه، فهو لو حكم سيجد نفسه يحكم قوم لا يطيق كسلهم، فبعض رجال الاعمال على سبيبل المثال حاول بناء مشاريع صغيرة، و لم تكن مشكلتهم مع الحكومة بقدر ما كانت المشكلة مع عمال لا يريدون العمل بجدية و كفاءة، بل و كانت أكثر الخسائر تأت من الاهمال و عدم الاحساس بالمسئولية، فهل لدي الدكتور البرادعي من حل لهذه الطباع، هل يع ما سيواجهه هو و قد عاش مع الامريكان و الأوربيين بجديتهم في العمل.
و الشعب الذى ينتظر التغيير، الدكتور البرادعي مع خالص احترامنا له، لا يملك عصا سحرية ليحل لكم بها المشاكل بل سيقول لكم كما قال جحا اعملوا و اجتهدوا، و ستشعرون أنه يطالبكم بشيء عجيب و متعب، و لن تشعورا بالراحة لأنكم لن تجدوا الحل السحري الذى توقعتموه، و ربما يترك لكم الأمر برمته كما فعل جحا في المسرحية.
على الرغم من أن فكري لا يميل للخروج على الحاكم بأى حال، و لكني لا أقول أيضا للناس لا تنتخبوا البرادعي او انتخبوا غيره، و لكن فقط أود أن يع الناس ما هم مقدمون عليه، و لا يمشوا خلف عصبية و مشاعر غير مسئولة، و لا يمشون خلف ـ لا أقصد الدكتور البرادعي بالتأكيد ـ من يعمل فقط على هدم ما تبقى من الوطن.
شاهدوا هذه المسرحية قبل الانتخابات
أعرف اني لى من العادات ما قد يستغربه البعض، فأنا لا اشاهد الأعمال لافنية إلا عند شعوري بأنها قديمة، لا أعرف ما سر ذلك، و لكن هذا ما يحدث، و بالفعل لم أشاهد مسرحية جحا سحكم المدينة لسمير غانم و اسعاد يونس و أحمد راتب، مع الاحتفاظ لكم منهم باللقب الذى يليق به، شاهدت المسرحية كالعادة بالمصادفة البحته، و دون اسبق ترتيب و ما دفعني لمشاهدتها هو أنني رأيت صورة فيها للفنان أحمد راتب و لاحظت فيها أنه كان يبدو عليه صغر السن، في أحد مشاهد المسرحية فقلت إذن فالمسرحية قديمة بالفعل، وشعرت برغبة في مشاهدتها.
بعيدا عن ملابسات مشاهدتي للمسرحية، ورغم كوني أظن أكثر القراء ربما شاهدوها أكثر من مرة، و لكني أقول لمن لم يشاهدها، خلاصة المسرحية أنه في حقبة حفر مترو الانفاق الأول في مصر، خرج جحا من تحت الأرض أثناء الحفر، و بعد نقله لحديقة الحيوان لكي يكون "فرجة" للناس يشاهدونه، جاءت قوى القطاع الخاص فاستولت عليه، و حاولوا استغلاله في اعمال النصب المقنع بالدعاية، و غيره من وسائل الكسب.
و من ضمن وسائل الدعاية كانت الدعاية الانتخابية للحاكم الجديد للمدينة، و لكن جحا قال و لماذا اسير مع من يرغب أن يكون حاكم لماذا لا أحاول أن أكون أنا الحاكم، و أعجب من حوله من استغلالين بالفكرة و قالوا رجل ساذج سيصبح حاكما و نصبح نحن المحركين له، و تولى جحا حكم المدينة.
كل ما فات من المسرحية لا يهمنا في كثير أو قليل سوي للضحك على بعض النكات الساذجة اللاذعة المعهودة في مثل تلك الأعمال المسرحية، و لكن جحا الحاكم الجديد للمدينة يفاجأ كل الاستغلالين أنه يتمرد عليهم، و أنه يريد الخير لشعب البلد، الذى انتخبه و وثق فيه، فتعمل قوي الشر على تحريك الشعب بالثورة على الحاكم، و ليطالبوه بأن يفي بما وعدهم بأن تصبح لافرخة بخمسة قروش و البيضة بمليم، و الخبز مجانا، فيسقط في يد جحا فهو لا يملك عصا سحرية ليلبي للناس طلباتهم، و لكن عقل الرجل الراجح يدفعه أن يقول لجموع الشعب تريدون الخبز و الدجاج و البيض أعملوا لتحصلوا عليه، أعملوا أكثر و اجتهدوا أكثر لتحصلوا علي ما تريدون، و لكن الشعب يأبى العمل فهو قد اعتاد"الرحرحة" بل يقول أحدهم إننا نعمل خمس دقائق و هذا يكفي، و تقول أخرى أنا أتاعب طوال اليوم من ساعات النميمة و الحقد على الآخرين.
و بعد أن يجد جحا الحاكم الذى خرج لهم من العالم السحري، أن الشعب لا يقبل الحل الأمثل و المعادلة المنطقية و هي ان بلدهم مليء بالخيرات و عليهم العمل للحصول على عيش كريم، في النهاية يقرر أن يطلب من الناس أن يتركوا له الأجيال القادمة ليربيها على العمل و الجد و الحب.
المسرحية التى مر على انتاجها سنوات طويلة كانها تحدثنا بما يحدث لنا اليوم، فجحا اليوم الذي جاء ليحكم المدينة لم يأت من عالم الحواديت، بل جاء من خارج البلاد، ليقيم الناس و يقعدها و يؤلبها على الحاكم الجديد، و الشعب الذى ينتظر الحل من أى شخص غير الشعب نفسه و الذى يظن أن هناك من سيأتي لهم بالحلول الجاهزة من عالم ميتافيزيقي لن يتعبهم، يحلمون بأن يتغير الحاكم الحالى ليأتي جحا القادم من أمريكا أو من فيينا، ليحكم و يحل المشاكل، و لذا ادعوهم لمشاهدة المسرحية فالمسرحية بالفعل على الرغم من قالبها الكوميدي لكنها تقدم لنا المعادلة الحقيقية، و التى سيقولها أى حاكم تود ان تحصل على شيء يجب أن تعمل له.
و خاصة هذا الحاكم الذى عاش مع الغرب، ربما سيكون أشد قسوة مع شعب أخذ على "الرحرحة" فهو من البداية يقول لهم لن أرشح لنفسي للانتخاب إلا إذا تغيرتم و قدرتم على مناهضة الحكومة الحالية، لتطلبوا منها أن تغيرمواد الدستور لكي ارشح نفسي في مناخ أضمن فيه عدم وجود أى غش في الانتخاب، و نحن لا نلوم عليه في منطقه فمن حقه ان يطلب ما يريد، و لكن هذا الذى يطلب من الشعب أن يتغير من البداية، ماذا سيطلب منهم عندما يصبح حاكما هل سيحل لهم حلولا لا تتعبهم ام سيقول لهم أنا أود منكم عمل دائم و مستمر حتى تأت النتيجة، و عندما سيتولى الحكم سيكتشف حقيقة ان هناك مصارف كثيرة لم يك هو نفسه يعرف عنها شيء و أنه يجب عليه تغطية نفقات سرية للدفاع و الأمن لا يمكن الإعلان عنها، و أن الكل من حوله سيتهمه أن المال يذهب لحسابات خاصة به في سويسرا، وربما يضطر جحا الجديد أن يترك المدينة كما فعل جح في المسرحية.
مع خالص الود و الأحترام لكل فناني المسرحية، و الاحترام الشديد لكل رجال السياسة التى تقع عليهم اسقاطات الكلام عن المسرحية، فأنا على الرغم مما قد يبدو أني اسخر منهم إلا إنني بالفعل اشفق عليهم، فالرجل العادي الذى عاش في اوروبا أو أمريكا على سبيل المثال عندما يحضر ليعيش في مصر يشعر بأنه قد اختنق من الجو العام في طباع الناس من حوله فماذا سيفعل هذا الذى اعتاد العيش في اعلى مستويات المعيشة مع أناس اعتادوا على الجدية عندما يحكم شعبا اعتاد على عكس ذلك، و من هذا الشعب عليه أن يختار حكومة و وزراء و مسئولين في كل القطاعات هل فكر السيد الدكتور البرادعي ـ على الرغم انه لم يقرر ترشيح نفسه بعد ـ فيم سيواجه من صعوبات في حكم هذا الشعب، أنا لا اتهم الدكتور البرادعي بشيء، و لا اتهم الشعب المصري بشيء، فقط أقول للجميع عليكم أن تفكروا فى الأمر من كل جوانبه، فهو لو حكم سيجد نفسه يحكم قوم لا يطيق كسلهم، فبعض رجال الاعمال على سبيبل المثال حاول بناء مشاريع صغيرة، و لم تكن مشكلتهم مع الحكومة بقدر ما كانت المشكلة مع عمال لا يريدون العمل بجدية و كفاءة، بل و كانت أكثر الخسائر تأت من الاهمال و عدم الاحساس بالمسئولية، فهل لدي الدكتور البرادعي من حل لهذه الطباع، هل يع ما سيواجهه هو و قد عاش مع الامريكان و الأوربيين بجديتهم في العمل.
و الشعب الذى ينتظر التغيير، الدكتور البرادعي مع خالص احترامنا له، لا يملك عصا سحرية ليحل لكم بها المشاكل بل سيقول لكم كما قال جحا اعملوا و اجتهدوا، و ستشعرون أنه يطالبكم بشيء عجيب و متعب، و لن تشعورا بالراحة لأنكم لن تجدوا الحل السحري الذى توقعتموه، و ربما يترك لكم الأمر برمته كما فعل جحا في المسرحية.
على الرغم من أن فكري لا يميل للخروج على الحاكم بأى حال، و لكني لا أقول أيضا للناس لا تنتخبوا البرادعي او انتخبوا غيره، و لكن فقط أود أن يع الناس ما هم مقدمون عليه، و لا يمشوا خلف عصبية و مشاعر غير مسئولة، و لا يمشون خلف ـ لا أقصد الدكتور البرادعي بالتأكيد ـ من يعمل فقط على هدم ما تبقى من الوطن.