الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/7
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

هل أنجز الله وعده!بقلم:حسين علي الهنداوي

تاريخ النشر : 2010-04-09
هل أنجز الله وعده؟!

حسين علي الهنداوي



الإهداء


((إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أنجز الله تعالى له وعده

فحقق على يديه نشر دين التوحيد وإنقاذ البشرية من ظلام الجهل

إلى نور الإيمان))




















بسم الله الرحمن الرحيم





((حسين علي الهنداوي ))








الجزء الأول





(( تحفز وانطلاق ))


سورة الفاتحة
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
الحمد لله رب العالمين (2)
الرحمن الرحيم (3)
مالك يوم الدين (4)
إياك نعبد وإياك نستعين (5)
اهدنا الصراط المستقيم (6)
صراط الذين أنعمت عليهم
غير المغضوب عليهم
ولا الضالين (7)








بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد الأنبياء و المرسلين و على آله و صحابته الغّر المحجّلين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين و بعد :
حينما يكون الحديث عن الوعد الإلهي لنبي الرحمة محمد صلى الله عليه و سلم ،فإن الكلمات تتألق و تتحول إلى مصابيح خضراء تضيء ظلام الكون الدامس وخاصة في هذه الأيام التي بدأ فيها الكثير من الناس بالعودة إلى الجاهلية الأولى التي لا تحمل في طياتها إلا استجابات تحقيق الغرائز ذلك أن الإنسان إذا ما تحول إلى غرائزه غيّب القيميّة الخيرية عن طريقه و أخذ يتخبط في دياجير الشهوات المتمثلة في البطون و الفروج و أبهة التكبر فثلاثية( المرأة و المال و الجاه )جعلت من الكثيرين على مساحة هذا الكون يدوسون على قيمهم من أجل الوصول إلى ما يريدون 0
الوعد الإلهي الذي حققه الله تعالى لكثير من أنبيائه على مرّ العصور ترك أثراً إنسانيا استجابت له نزعات العقل و لكنه كان في النتيجة دماراً لكثير من الأقوام التي خالفت سنن الكون فغرق من غرق في البحر و دمّر من دمّر في الصيحة و لكن الوعد الإلهي الذي وعده الله تعالى لعباده المخلصين في استخلاف الأرض قد تحقق و أنجز لنبي الرحمة محمد صلى الله عليه و سلم و كان ما كان من تغير إنساني على مساحة هذا الكون حيث دخل الكثير من الناس في دين الله أفواجا و توسعت رقعة الحضارة الإسلامية و إن كنا نرى في هذه الأيام نكوصاً عن الالتزام بما أمر به القرآن الكريم
وهذه هي الصحوة الإسلامية قد بدأت باستعادة عافيتها بعد ظلام دامس على يد فتية أمنوا بربهم و رفعوا راية الدين تصديقاً بوعد الله الذي ينجزه إن شاء على يد عباده المخلصين بتمكين الفئة المستضعفة في الأرض بعد أن ظلمت ظلما كبيرا وبذلت دماء كثيرة .
و إذا كان العالم اليوم يتباهى بحربه للإسلام و المسلمين و يجند قوى الشر بما تملكه من أموال و سلاح من أجل القضاء على كل نفس يتحرك بكلمة لا إله إلا الله فإن الأمل ما زال معقوداً على خيرية هذه الأمة التي وصفها الله تعالى بالاستعداد في كل وقت و حين و ها نحن نرى آثار هذه الحرب تتستر خلف ستار الإرهاب و تدعي أن أبناء هذه الأمة تحولوا إلى إرهابيين يجب أن يقضي عليهم من يدعون الحرية في هذا العالم و من هنا كانت الدعوة إلى الجهاد في سبيل الله فرضاً واجباً على كل مسلم بماله و دمه من أجل دحر كل الغزاة الغرباء الذين يحاولون اختلاس هذه الأمة قيماً ومالاً و مكانة .
و الوعد الإلهي ما زال قائماً بنصرة المخلصين من أبناء هذه الأمة ( و لينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) الحج / /40/

حسين علي الهنداوي









































من منكم يطاول محمدا؟
( صلى الله عليه و سلم )
لا يمكن للإنسان أن يحكم على قضية من القضايا أو مشكلة من المشاكل أو شخص من الأشخاص دون أن يستند إلى دلائل عقلية تكون مرتكزات أساسية في الحكم على ذلك الشخص أو تلك القضية
و المشكلة ليست في التصنيف نفسه بقدر ما هي في المعايير العقلية الدقيقة التي نرتكز عليها في حكمنا ، فنحن لسنا بصدد الإطراء أو المدح لشخص ما مرتكزين على العاطفة بقدر ما نحن نريد أن نضع الرجال بأمكنتها الصحيحة دونما زيغ أو انحراف أو تعاطف 0
وشخصية مثل شخصية محمد صلى الله عليه و سلم شخصية متميزة لأنها استطاعت أن تقدم للإنسانية إضاءات خيرة مشرقة و دفعت بهذه الإنسانية إلى ســــاحة الخير و العدل و المحـــــــبة و الدلائل على ذلك كثيرة فسيرته صلى الله عليه و سلم شاهد على ذلك بكل تفاصيلها الصغـــــيرة و الكبيرة ، و لو استعرضنا بعض جوانب هذه السيرة لتأكدنا من ذلك 0
فموقفه من المرأة هذا المخلوق الذي يمثل شجرة الحياة الإنسانية موقف عظيم أخرجها بفضل تعاليمه من حالك الظلم إلى نور الحياة على الرغم من أننا في الغرب و الشرق ما نزال ننظر إليها على أنها مخلوق من الدرجة الثانية فقد أعلن في مبادئه الإلهية السامية أنها من حقهافي تصرفاتها جميعاً أن تفعل ما تشاء إذا كانت هذه التصرفات لا تخلُّ بحرية الآخرين و لا تعتدي عليهم و لا تخالف الشرع و نقل لنا بواسطة جبريل أمين السماء ما شرعه الله فيها و أكد على حقها في الحياة و التملك و الإرث و الزواج بمن تشاء و ممارسة حياتها بطولها و عرضها ضمن التشريعات الإلهية و هي أي المرأة أحب مخلوق إليه فقد قال :(( حبب إلي من دنياكم ثلاث الطيب و النساء و جعلت قرة عيني في الصلاة )) و هذا الحب إنساني و ليس حباً شهوانياً كما يصوره أعداء الأنبياء لأنه كثيراً ما كان يقول (( ما أكرمهن إلا كريم و ما أهانهن إلا لئيم )) و يعني النساء حتى إنه هو نفسه كان يخدم أهله عندما يفرغ من الصلاة فقد كان في مهنة أهله و لشدة تقديره للمرأة فقد كان يكرم صديقات زوجته خديجة بنت خويلد بعد موتها و يبسط لهن الخير 0
شخصية لا تبحث عن العظمة و لا الزهو و لا التكبر لا يقبل أن يعتبرها الناس ملكاً من الملوك أو عظيماً من العظماء إذا وجد طعاماً أكل و إذا لم يجد صبر و كثيراً ما كان يعصب على بطنه حجرا ً من شدة الجوع حتى إن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها و عن والـــدها كانت تقول (( كان يمر علينا الشـــــــهر و الشهران و لا يوقد لنا نار )) أي لا يطبخون طعاماً (( إنما طعامنا الأحمران التمر و الماء )) ناهيك عن هذا الرقي و الحضارة في أخلاقه فقد سابق السيدة عائشة مسابقة ركض مرتين سبقته مرة و سبقها مرة فقال لها هذه بتلك 0
نحن لا نريد أن نبتعد كثيراً عن موضوعنا فتواضعه صلى الله عليه و سلم لا نظير له فقد وقف أمامه شخص يرتجف خوفاً فأمّنه ماذا قال له : ما بك ترتجف إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد هذه هي صفات النبوة الحقيقية التي لم يبتعد عنها عيسى و موسى و إبراهيم و نوح و إسحق و يعقوب ( صلى الله عليهم و سلم )
و لو أنك أيها الأخ الكريم و أيتها الأخت الكريمة اطلعتما على ما قاله هذا النبي محمد صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع لأخذكم العجب كيف أن محمداً يؤسس لأعظم جمعية إنسانية في العالم منذ أكثر من أربعة عشر قرناً (( أيها الناس إن أباكم واحد و دينكم واحد كلكم لآدم و آدم من تراب استوصوا بالنساء خيراً )) موكداً على تعاليم القرآن الكريم (( يا أيها الناس إنا خلقناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) 0 هذه المساواة الحقيقية بين الناس (( لا فضل لعربي على أعجمي و لا لأحمر على أبيض إلا بالتقوى )) هي الإنسانية الحقة التي لا تقزّم الفقير لفقره أو الملون للونه أو الضعيف لضعفه حقاً إنه نبي الرحمة المهداة للعالمين و قارن معي أيها الأخ الكريم و أيتها الأخت الكريمة بين موقف هذا الرسول من أصحاب العاهات و العجزة عندما كان يجمعهم في الحروب و يقول لهم ادعوا الله لنا فإن النصر لا يأتي إلا بدعائكم و موقف هتلر زعيم النازية في ألمانيا عندما أراد أن يخوض حربه مع دول الحلفاء حيث جمع أصحاب العاهات و قام بقتلهم زاعماً أنه لا يستطيع أن يؤمن لهم الطعام أثناء الحرب 0 أو موقف نابليون عندما حاصر مدينة العريش بمصر و كان هناك أربعة الآف مقاتل عرض عليهم الاستسلام على ألا يقتلهم فلما استسلموا قام بقتلهم جميعاً نحن إذن أمام شخصية متميزة و ترتفع بتواضعها و تقوى بالعطف على الضعفاء غنية النفس بالقناعة لا بالمال تحب للآخرين ما تحب لها لا يكمل إيمانها إلا إذا اقتنعت أنه لا قرار لجار ينام مرتاحاً إلا إذا تأكد أن جيرانه قد شبعوا من الطعام مثله 0 وكم كانت وصيته رائعة لجنده عندما كان يرسلهم لهداية الناس إلى الخير و المحبة و العدل00000 لا تقطعوا شجرة و لا تقتلوا شيخاً ولا امرأة و لا صبيا ً ولا تتعرضوا للعبّاد في صوامعهم 000000بلغوا عني ولو آية 0000 حقاً إنه ما جاء إلا لعبادة إله واحد يستحق العبادة 0
و حسبنا منه أنه لقي الأذى الكثير من قومه أهل قريش و من القبائل المجاورة له فقد وضعوا فوق رأسه فضلات كرش لحيوان مليء بالأوساخ عندما كان يصلي عند الكعبة المشرفة فلم ينتقم منهم
سلطوا عليه صبيانهم في الطائف فكان يدعو لهم و يقول اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون 000 قيل له لم َ لم ْ تدعو الله أن يعاقبهم فما كان جوابه إلا أن قال 000 عسى الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله 0
أما موقف كفار مكة منه عندما كان ضعيفاً في مطلع دعوته فحدث و لا حرج 000 يتناولونه بالأذى و الإضرار و لا ينتقم منهم بل على العكس من ذلك فقد كان موقفه منهم عندما فتح مكة موقف العفو الصفح عنهم و فكر معي مَنْ مِنْ القادة العسكريين أو الملوك يفتح بلدة كانت تقدم له الأذى خافضاً رأسه خجلاً من نفسه ثم يجمع أهلها الذين حاربوه و شردوه و طردوه من أحب البلدان إليه و حجزوا أموال أصحابه و استولوا على بيوتهم ثم يقول لهم عبارته الخالدة ماذا تظنون أني فاعل بكم ؟ فيكون جوابهم جواب الواثق من نبي الرحمة : أخ كريم و ابن أخ كريم 000 فيقول لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء 0 لقد أطلقهم لوجه الله و عفا عنهم و سامحهم و لم ينتقم منهم 0
أليست هذه الأخلاق هي أخلاق النبوة حقاً ما قاله تعالى في وصفه ( و إنك لعلى خلق عظيم ) وحقا ما قالته السيدة عائشة عنه " إنه قرآن يمشي على الأرض 0
لم يدخر مالاً 000 لم يبن بيتا 00 لم يرد سائلاً 000 فقد استحلى أحد أصحابه ثوبا ً كان يرتديه الرسول فخلعه و أعطاه إياه دون أن يتذمر و كثيراً ما كان يقول (( اتقوا النار و لو بشق تمرة ))
أخي الكريم أختي الكريمةأليس من العجب العجاب أن نسيء لشخصية هذه صفاتها ؟؟!!!
ما أجمل ما كان يقول (( أحبب لأخيك ما تحب لنفسك ))
(( ما آمن بي من بات شبعان و جاره إلى جانبه جائع ))
(( أطعموا الطعام و أفشوا السلام و صلوا بالليل و الناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ))
و حسبه قوله في خطبة حجة الوداع (( أيها الناس إن دماءكم و أموالكم و أعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت اللهم فاشهد)) 0




























قالوا عن نبي الإسلام







• قال هـ. ج. ويلز:
"إن من أدمغ الأدلة على صدق مُحَمَّد كون أهله وأقرب الناس إليه يؤمنون به، فقد كانوا مطلعين على أسراره، ولو شكوا في صدقه لما آمنوا له".
















• وقال الفيلسوف كارليل في كتاب الرسالة المُحَمَّدية:
"لقد أصبح من أكبر العار على كل فرد متمدن من أبناء هذا العصر أن يُصغي إلى ما يدعيه المدعون من أن دين الإسلام كذب، وأن مُحَمَّداً خَدَّاع مُزور، وآن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة، فإن الرسالة التي أداها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم الله الذي خلقنا، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاشت بها وماتت عليها هذه الملايين الفائتة الحصر والإحصاء أكذوبة وخدعة؟.
أما أنا فلا أستطيع أن أرى هذا الرأي أبداً، ولو أن الكذب والغش يروجان عند خلق الله هذا الرواج، ويصادفان منهم - أي الملايين - هذا التصديق والقبول فما الناس إلا حمقى مجانين، وما الحياة إلا سخف وعبث وضلال كان الأولى بها ألا تخلق!
هل رأيتم معشر الناس أن رجلاً كاذباً يستطيع أن يوجد ديناً وينشره؟ عجب والله، إن الرجل الكاذب لا يقدر أن يبني بيتاً من الطوب، وعلى ذلك فلسنا نعد مُحَمَّداً قط رجلاً كاذباً يتذرع بالحيل والوسائل إلى بغيته، أو يطمح إلى درجة ملك، أو غير ذلك من الحقائر والصغائر، وما الرسالة التي أداها إلا كانت حق صريح، وما كانت كلمته إلا صوتاً صادقاً صادراً من العالم المجهول - يعني الغيب - كلا! ما مُحَمَّد بالكاذب ولا بالملفق، وإنما هو قطعة من الحياة، قد تفطر عنها قلب الطبيعة فإذا شهاب قد أضاء العالم أجمع، ذلك أمر الله".
ومضى كارليل يقول: "ثم علينا أن لا ننسى شيئاً آخر، وهو أن مُحَمَّداً - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - لم يتلق دروساً عن أستاذ أبداً، وكانت صناعة الخط حديثه العهد إذ ذاك في بلاد العرب، ويظهر لي أن الحقيقة هي أن مُحَمَّداً لم يكن يعرف الخط والقراءة، وكل ما تعلمه هو عيشة الصحراء وأحوالها، وكل ما وفق إلى معرفته هو ما أمكنه أن يشاهد بعينه، ويتلقى بفؤاده من هذا الكون عديم النهاية، وعجيب والله أمية مُحَمَّد! نعم إنه لم يعرف من العالم ولا من علومه إلا ما تيسر له أن يبصره بنفسه، أو يصل إلى سمعه في ظلمات صحراء العرب، وإني لأعرف عنه أنه كان كثير الصمت، يسكت حيث لا موجب للكلام، فإذا نطق فما شئت من لب وفضل، وإخلاص وحكمة، لا يتناول عرضاً فيتركه إلا وقد أنار شهيته، وكشف ظلمته، وأبان حجته، واستنار دفينته، وهكذا يكون الكلام وإلا فلا!
وقد رأينا مُحَمَّدا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قد طوى حياته رجلاً راسخ المبدأ، صارم العزم، بعيد الهمة، كريماً براً، رؤوفاً تقياً، فاضلاً حُرَّاً أبياً".
ثم قال كارليل: "أيزعم الكاذبون أن الطمع وحب الدنيا هو الذي أقام مُحَمَّداً وأثاره؟ وهذا الزعم حماقة - وأيم الله - وسخافة وهوس! أي فائدة لمثل هذا الرجل في جميع بلاد العرب، وفي تاج قيصر، وصولجان كسرى، وجميع ما في الأرض من تيجان وصوالج؟ وأين تعبير الممالك والتيجان والدول جميعها بعد حين من الدهر؟ أفي مشيخة مكة، وقضيب مفضفض الطرف, أو في ملك كسرى؟ كلا! إذن فلنضرب صفحاً عن مذهب الجائرين القائل: "إن مُحَمَّداً كاذب"، ونعد مواقفهم عاراً وسُبَّةً، وسخافةً وحُمقاً، فلنربأ بنفوسنا عنه ولنترفع، ولقد قيل كثيراً في شأن نشر مُحَمَّد دينه بالسيف، فإذا جعل الناس ذلك دليلاً على كذبه فشد ما أخطؤوا وجاروا! إنهم يقولون ما كان الدين ينتشر لولا السيف، ولكن ما هو حد السيف؟ هو قوة هذا الدين وأنه حق"، ثم قال: "أولم يروا أن النصرانية كانت لا تأنف أن تستخدم السيف أحياناً؟ وحسبكم ما فعل شرلمان بقبائل السكسون".
وفي الختام قال كارليل: " لقد كان مُحَمَّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - زاهداً متقشفاً في مسكنه ومأكله، ومشربه وملبسه، وسائر أمور حياته وأحواله، وكان طعامه عادة الخبز والماء، وربما كان يصلح ويرتق ثوبه بيده، فهل بعد ذلك مكرمة ومفخرة؟
فحبذا مُحَمَّد من نبي خشن اللباس، خشن الطعام، مجتهد في الليل، قائم النهار، ساهر الليل، دائب في نشر دين الله، غير طامح إلى ما يطمح إليه أصاغر الرجال من رتبة أو دولة أو سلطان، وهو بحق النَّبيّ ذو الخلق العظيم".
هذا ما كان من مواقف أولئك الرجال من أبناء الغرب المسيحي في ذلك التاريخ أي قبل قرنين.
أما في قرننا هذا القرن الحادي والعشرين فقد ازدادت الحقيقة وضوحاً، وزاد الحق ظهوراً؛ وذلك بفضل تقدم العلم والنهضة الثقافية، ومزيد الحرية في الأفكار ولاسيما في العقيدة بشأن دين من الأديان، أو مبدأ من المبادئ، ذلك لأن مُحَمَّداً - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - صادق في دعوته، أمين في تبليغ رسالته، وأن دينه دين حق، كلما بحث الباحثون، وناقشوا حوله، وحققوا في تعاليمه يزداد ظهوراً، فيزيد أتباعه والمؤيدون له، والمنصفون بحقه.





• فمنهم: الكاتب الإنجليزي المعروف برناردشو الذي حقق رسالة مُحَمَّد - عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ -، وحقق دينه، ودرس مبادئه دراسة محايدة حرة، لا ينزع إلا نحو الحق، وعاش في هذا القرن، وتوفي سنة 1950م، إنه يقول: " إن أوروبا الآن ابتدأت تحس بحكمة مُحَمَّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -، وبدأت تعشق دينه، كما أنها ستبرئ العقيدة الإسلامية مما اتهمت به من أراجيف رجال أوروبا في العصور الوسطى، وسيكون دين مُحَمَّد هو النظام الذي يؤسس عليه دعائم السلام والسعادة، ويستند على فلسفته في حل المعضلات، وفك المشكلات والعقد"، ثم قال: " وإن كثيرين من مواطني ومن الأوروبيين الآخرين يقدسون تعاليم الإسلام، وكذلك يمكنني أن أؤكد نبوءتي فأقول: إن بوادر العصر الإسلامي الأوروبي قريبة لا محالة!".
ويقول برنارد شو أيضاً: "وأعتقد أن رجلاً كمُحَمَّد لو تسلم زمام الحكم في العالم بأجمعه اليوم لتم النجاح في حكمه، ولقاد العالم إلى الخير، وحل مشاكله على وجه يحقق للعالم كله السلام والسعادة المنشودة".
كما قال برناردشو في أواخر حياته: "ولا يمضي مئة عام حتى تكون أوروبا ولاسيما إنجلترا وقد أيقنت بملائمة الإسلام للحضارة الصحيحة!".
• تعليق: إن اعتراف برنارد شو تعبير عن الحقيقة الجارية في قارة أوروبا اليوم، وأما نبوءته بشأن العصر الإسلامي الأوروبي فإنها ستحقق نظراً لما في الدين المُحَمَّدي من مبادئ وتعاليم تتمشى مع روح العصر، وتقتضيها الطبيعة البشرية، مما يؤدي بالمنصفين إلى اعتناقه بكل رغبة وافتخار، وإن أوروبا وأمريكا اليوم لفي أشد حاجة إلى الدِّين الإسلاميِّ في حل مشكلات الحياة التي أحاطت بها، وأعجزت عقول المفكرين عن حلها، وإنقاذها منها.










• وقال جولد تسيهر: في كتابه العقيدة والشريعة في الإسلام: "كانت الهجرة إلى المدينة تحولاً كبيراً في سياسة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ -، فقد أصبح مُحَمَّد - بعد الهجرة - مجاهداً وغازياً، ورجل دولة، ومنظم جماعة جديدة أصبحت تتسع وتنمو شيئاً فشيئاً، وعندئذ اتخذ الإسلام شكله النهائي، وعندئذ أظهرت البذور الأولى لنظامه الاجتماعي والفقهي والسياسي"، ثم قال جولد تسيهر: " في مكةَ كَانَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - يدعو إلى تعاليم دينه جماعة صغيرة، أما في المدينة فقد ظهر الإسلام نظاماً له طابع خاص، وله في الوقت نفسه صورة الهيئة المكافحة، وفي المدينة قامت طبول الحرب التي تردد صداها في جميع أزمنة التاريخ، وصار مُحَمَّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - ينظم أعمالاً حديثة، فأصبح ينظم طرق توزيع الغنائم، وينظم المواريث، ويشرع القوانين، ويضع أسس أمور الدين العلمية، وأهم احتياجات الحياة الاجتماعية، وفي المدينة رسمت الخطوط الرئيسية لحياة الإسلام التاريخية، وبدأ مُحَمَّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - مع الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم - تحقيق حياة مطابقة لما جاء به من دين ومذهب".





• وقال البروفيسور عبد المسيح الأنطاكي المسيحي ما نصُّهُ: "إن المصطفى مُحَمَّداً - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - تدرج في دعوته، حيث ابتدأ بإعلان دعوته مسالماً، ثم أوجد الله له في الأوس والخزرج أنصاراً بالمدينة، هاجر من مكة إليهم بأصحابه تخلصاً من أذى قريش، فأبى القرشيون إلا أن يعملوا على النكاية بهم، فأرسلوا أولاً من يتبع خطواته وهو فار إلى المدينة من ظلمهم ليعيدوه إلى مكة فيسجنوه أو يقتلوه، ولما فشلوا في هذه الرغبة أخذوا يجمعون كلمة العرب على قتاله، حينئذ أذن الله له ولأصحابه وأنصاره بمقاتلة المشركين لسببين:
أولهما: الدفاع عن النفس بإزاء المعتدين.
وثانيهما: الدفاع عن الدعوة بإزاء الذين تعرضوا لها، فقد كانوا يفتنون المهتدين - يعني الذين آمنوا بمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - بالاضطهاد والتعذيب، ويصدون الآخرين عن الهدى عنوة، ويقومون بمحاولة منع الداعي عن تبليغ دعوته بالسخرية به وغيرها، ثم بمحاولة قتله.
أما أمر الله بالقتال فقد جاء في مواضع شتى من القرآن منها إذ قال الله - تعالى-: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير * الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيعٌ وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقويٌ عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلوات وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور *}.
وأنت ترى في هذه الآية الكريمة أن سبب إذن الله للمسلمين بالقتال هو ظلم المشركين لهم، وما ذنبهم إلا قولهم "ربنا الله"، فأخرجوا من ديارهم لهذا الاعتقاد - اعتقاد التوحيد -.
ومضى البروفيسور يقول: "وجاء في القرآن أيضاً في سبيل القتال قوله - تعالى-: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ * الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ *} سورة البقرة، وأنت ترى في هذه الآيات الكريمة ما يخلق ويجدر أن يصدر عن الإله الواحد، العادل المؤدب، القهار الرحيم، وذلك لجمعها بين الدفاع عن النفس، وتأديب المعتدين، وإبطال الفتنة، والانتصار لدين الله، وفي القرآن أشباه لهذه الآيات الكريمة العادلة التي أنزلت على مُحَمَّد بن عبد الله لعزة الدين، وردع الظالمين المعتدين".
وفي الختام قال البروفيسور: "لا جرم أن الإسلام كان ولا يزال مسالماً من سالم أهله إذ قال الله سبحانه: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *}، وفي هذه الآيات الكريمة تتجلى روح الإسلام العادلة بأجل تجليها لدى المنصفين".










• وقال: أميل دير مانجم في كتابه حياة مُحَمَّد: "إن حياة مُحَمَّد رسول الإسلام - عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - قد أبدى في أغلب حياته - بل في طول حياته - اعتدالاً لافتاً للنظر، فقد برهن في انتصاره النهائي على عظمة نفسية قل أن يُوجد لها مثيل في التاريخ، إذ أمر جنوده أن يعفوا عن الضعفاء والمسنين، والأطفال والنساء، وحذرهم أن يهدموا البيوت، أو أن يسلبوا التجار، أو أن يقطعوا الأشجار المثمرة، وأمرهم أن لا يجردوا السيوف إلا في حالة الضرورة القاهرة، بل قد سمعناه يؤنب بعض قواده، ويصلح أخطاءهم إصلاحاً مادياً".
ثم قال دير مانجم: "إن الغنائم الحربية كانت في ذلك العهد النتيجة العادية لكل جهاد، بل يمكن أن يُقال: إنها كانت مع التجارة، وتربية الحيوان؛ هي الصناعة الوطنية العربية، فأعلن مُحَمَّد رسول الإسلام إباحتها لأتباعه استجابة لضعفهم، ولكنه حددها بقواعد دقيقة، فخصص الجزء الأكبر منها للصدقات، ولحاجات الجيش، كما أنه حظر في قسم الأسرى إبعاد الأطفال عن أمهاتهم).





• نقل صاحب كتاب المستشرقون والإسلام المهندس زكريا هاشم زكريا عن أحد المسشرقين يقول: " لو لم يكن لمُحَمَّد معجزة إلا أنه صنع أُمَّةً من البدو فجعلها أمةً كبرى في التاريخ لكفته معجزةً في العالمين".
• ونقل عن آخر - أيضاً - يقول: " لو أن كتاب مُحَمَّد وجد في صحراء لكان الذي يعثر عليه جديراً بالخلود، ولو جاء مُحَمَّد بالقرآن من عنده لكان جديراً أن تدين له الإنسانية بالولاء، فرسالة مُحَمَّد في قرآن كريم أو حديث شريف حكمة بالغة في الحياة، وقد أحاطت بالمادة والروح، وأعطت صورة سكون في أرضه وسمائه، وصورة للوجود في بدئه ومختتمه، وأملاً عالياً في الخلود في طاقات عليا بعد جمود المادة واضطرابها، ثم تحدثت عن الخالق الأعظم في أروع صورة للواحد الأحد، الفرد الصمد، لم يسبق إليها في فلسفة أو كتاب بهذه الصورة الجامعة الكاملة ".
• نشرت مجلة الصراط المستقيم في بغداد العدد ربيع الأول سنة 1315هـ مقالاً بقلم عربي مسيحي بعنوان رسول الوحدة يقول فيه: " في حياة مُحَمَّد بن عبد الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - أسطع دليل يحمله تاريخ الحضارة إلينا، ويدل على ما للعقيدة الراسخة في قلب المؤمن من قوة تجمع شتات الناس، وتوحد كلمة أخلاطهم (قبائلهم المختلطة)، وتخلق من بدو الصحاري ورجال القفار أبطالاً أفذاذاً، لا يقوى على الوقوف في سبيل جهادهم من أجل المبدأ السامي واقف.
أطل مُحَمَّد الأمين من منافذ الحياة فاقداً أمه وأباه، فشاهد أنقاض حمير، وخراب سبأ وقد شخص عليها اللات والعزى، ورأى قومه غارقين في سبات الجاهلية العميق متفرقين في طرائق، ولم يبق لهم من حضارتهم الدارسة وعزهم الغابر غير (كعبة) يحجون إليها، وشعر حماسي تافه جله ينشدونه في أسواق اختلط فيها حابل الحضر بنابل البدو.
وفي قلب بيئة أظلمت فيها عقول الخاصة، وانحطت فيها أخلاق العامة، رفع النَّبيّ العربي صوته العالي يدعو أمته إلى الوحدة بالتوحيد، وإلى المجد بالجهاد، مستمداً قوته من وحي وإلهام فياض في نفسه الكبيرة، فرفعه فوق الناس، وجعله أعظم زعيم رآه البشر في تاريخ الإصلاح والحرب والسياسة، لا يذكر في جانبه نبي ولا زعيم ولا مصلح آخر.
قال مُحَمَّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - كلمته فسخر قومه من دعوته، وسفهوا نبوته، وناصبوه العداء؛ حتى ألجؤوه إلى الهجرة من وطنه، فهرب من مكة متوجهاً إلى المدينة مع صديقه أبي بكر الصديق، ولما تسرب اليأس إلى قلب رفيقه في السفر أوصاه أن لا يحزن لأن الله معهما، وحقاً إن الله كان معه، كان في قلبه مبعث إيمانه الراسخ بمبدئه القويم مبدأ توحيد أمته في اعتقادها وفي مسعاها.
لقد وقف فتى قريش يومئذ فريقاً وحده، لا نصير له غير الله الواحد، ولا عون له غير قوة إيمانه، ووقف العالم برمته بعربه وأعرابه وعجمه فريقاً ثانياً عليه، ابن عبد الله صف واحد، والجزيرة العربية والأمبراطورية الرومانية والفارسية في صف آخر متألبة عليه.
ولكن خيبة الأمل لم تكن في معجم النَّبيّ العربي وقاموسه، ففي وقعة بدر ضرب أعداءه الضربة القاضية، فتم له ما أراد من توحيد كلمة الجزيرة العربية موطن أمته.
وفي وقعتي اليرموك والقادسية انفتحت أبواب العالم على مصراعيها أمام العرب غرباً إلى الأندلس وفرنسا، وشرقاً إلى الهند والصين، حتى دان العالم القديم كله لذلك الفتى العربي القوي بإيمانه وعزمه، ولا يزال حتى اليوم يوجه ملايين من البشر وجوههم شطر قبلته المسجد الحرام، وما انفك العالم المثقف بأسره يرى فيه أعظم بطل عرفه التاريخ بلا جدل".









• وقال بارتلمي سنت هيلر في حديثه عن أثر الإسلام في الشعوب التي اعتنقته: "كان مُحَمَّدٌ نبيُّ الإسلامِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - أكثر عرب زمانه ذكاءً, وأشدهم تديناً, وأعظمهم رأفة، وقد نال مُحَمَّدٌ سلطانَهُ الكبيرَ بفضلِ تفوقه عليهم"، ثم قال بارتلمي: "ونعد دينه الذي دعا الناس إلى اعتقاده جزيل النعم على جميع الشعوب التي اعتنقته".
* تعليق: إنَّ رسولَ الإسلامِ مُحَمَّداً - عليه أفضل الصلاة والسلام - لم يُبعث إلى قومِهِ العرب فحسب، بل بُعث إلى شعوب العالم عامة، والله - سبحانه -يقول: {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ونذيراً}، ولهذا فإن الله العليم الحكيم الذي أرسله قد أعده قبل أن يرسله لتحمل هذه الرسالة العالمية بالصفات العظيمة التي تتطلبها رسالته من كثرة الذكاء، وشدة التدين والتقوى، وعظمة الرأفة وغيرها، وقد وصفه الله ربه فقال: {وإنك لعلى خلق عظيم}، وقد أنصف بارتلمي فاعترف بما هو الحق الذي لا يجوز إنكاره بقوله الأخير: "ونعد دينه الذي دعا الناس إلى اعتقاده جزيل النعم على جميع الشعوب التي اعتنقته" لأن بعثته بهذا الدين كانت في الحقيقة رحمة لجميع العالم، وقد قال الله - عَزَّ وجَلَّ - في وصف هذه البعثة: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} والحمدُ للهِ على ذلكَ أولاً وآخراً.
• وقال (طور اندريه) و(جورج مارسيه) في كتابهما العالم الشرقي: " كان مُحَمَّدٌ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - شُجاعاً يخوض المعركة بنفسه ليرد الثبات إلى قلوب الذين يضعفون، وكان رحيماً بالضعفاء، يؤوي في بيته عدداً كبيراً من المحتاجين ( يشيران إلى أهل الصفة كأبي هريرة وغيره)، وكان مع احتفاظه بهيبة كاملة بسيط الحركات لا يتكلف شيئاً، وبشوشاً سهل المعاملة، رقيق الحاسة، لا يثير غَضَبه أهلُ الفضول، وكان مُحَمَّد رجلاً بشيراً، كان فيه لاشَكَّ كثير من الخصال التي اتسم بها رجال عصره، ولكنه حمل إلى هؤلاء الرجال مثلاً رفيعاً في الدين والأخلاق، وسما سمواً بالغاً عن الآراء القديمة التي كانوا يرزحون تحت ثقلها (يشيران إلى التقاليد الجاهلية)، ثم قالا: "وهو إذ جمعهم عصبة واحدة تحت راية ذلك المثل الرفيع - الدين والأخلاق وسائر التعاليم السماوية - قد صنع منهم قوة قُدِّر لها فيما بعد أن تهز أركان العالم القديم".






• وكتبت دائرة المعارف البريطانية - الطبعة الحادية عشر -: "كان مُحَمَّدٌ أظهر الشخصيات الدينية العظيمة، وأكثرها نجاحاً وتوفيقاً، ظهر النَّبيُّ مُحَمَّدٌ في وقت كان العرب فيه هووا إلى الحضيض، فما كانت لهم تعاليم دينية محترمة، ولا مبادئ مدنية أو سياسية أو اجتماعية، ولم يكن لهم ما يفاخرون به من الفن أو العلوم، وما كانوا على اتصال بالعالم الخارجي، وكانوا مفككين لا رابط بينهم، كل قبيلة وحدة مستقلة، وكل منها في قتال مع الأخرى، وقد حاولت اليهودية أن تهديهم فما استطاعت، وباءت محاولات المسيحية بالخيبة كما خابت جميع المحاولات السابقة للإصلاح، ولكن ظهر النَّبيُّ مُحَمَّدٌ الذي أُرسل هدى للعالمين، فاستطاع في سنوات معدودات أن يقتلع جميع العادات الفاسدة من جزيرة العرب، وأن يرفعها من الوثنية المنحطة إلى التوحيد، وحوّل أبناء العرب الذين كانوا أنصاف برابرة إلى طريق الهدى والفرقان، فأصبحوا دعاة هدى ورشاد بعد أن كانوا دعاة وثنية وفساد، وانتشروا في الأرض يعملون على رفع كلمة الله... إلخ.






• وقال الدكتور شبلي شميل - المسيحي المعروف -: "إن مُحَمَّداً - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - أكمل البشر من الغابرين والحاضرين، ولا يُتصوَّرُ مثله في الآتيينَ!".
• وقال جونس أوركس الأديب الإنجليزي: "لم نعلمْ أن مُحَمَّداً نبيَّ الإسلامِ - صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عَلَيْهِ - تسربل بأي رذيلة مدة حياته".
• وقال غوستاف لوبون الفرنسي: "إن مُحَمَّداً - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - رغم ما يُشاع عنه (يعني من قبل المخالفين له في أوروبا) قد ظهر بمظهر الحلم الوافر، والرحابة الفسيحة إزاء أهل الذمة جميعاً".










• وقال المسيو جان سبيرو السويسري: "إنه مهما زاد الإنسان اطلاعاً على سيرة مُحَمَّدٍ النَّبيِّ - عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - لا بكتب أعدائه وشانئيه، بل بتأليفات معاصريه، وبالكتاب والسنة؛ إلا وأدرك أسباب إعجاب الملايين من البشر في الماضي حتى الآن بهذا الرجل، وفهم علة تفانيهم في محبته وتعظيمه".
• وقال السير فلكد الأمريكي: "كان عقل مُحَمَّدٌ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - من العقول الكبيرة التي قلَّما يجودُ بها الزَّمانُ، فقد كان يدرك الأمر، ويدرك كنهه من مجرد النظرة البسيطة، وكان النَّبيُّ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - في معاملاته الخاصة على جانب كبير من إيثار العدل، فقد كان يعامل الصديق وغيره، والقريب والبعيد، والغني والفقير، والقوي والضعيف؛ بالمساواة والإنصاف"، ثم قال السير فلكد بعد أن تحدث عن غزوات مُحَمَّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - وانتصاراته ما ترجمته: " وكل هذه الانتصارات والفتوحات لم توقظ في مُحَمَّد النَّبيّ أي شعور بالعظمة والكبرياء كما يفعل ذلك من كان يتأثر بالأغراض الشخصية، في هذا الوقت الذي وصل فيه إلى غاية القوة والسطوة كان على حالته الأولى في معاملته ومظهره، حتى كان يغضب عندما يرى من أهل المجلس الذي يقدم عليه احتراماً أكثر من العادة، وكانت الثروة تنهال عليه من الغنائم وغيرها ولكنه كان يصرفها على نشر دعوته، ومساعدة الفقراء"، وفي الختام قال السير فلكد: "وكان مُحَمَّدٌ راحته وعزاءه في أوقات الشدة والمحنة في الثقة بالله ورحمته، معتمداً دائماً على الله ليتمتع بالحياة الأخرى".


















• وقال بورست سميث: "إني صميم الاعتقاد على أنه سيأتي يومٌ يتفق فيه القومُ وزعماء النصرانية الحقَّة على أنَّ مُحَمَّداً - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - نبي، وأن الله - عَزَّ وجَلَّ - قد بعثه حقاً".
















• وقال القس لوزان بعد بيان عن أوصاف مُحَمَّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم َ-: " فمُحَمَّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - بلا التباس ولا نكران من النَّبيّين والصديقين، بل وإنه نبي عظيم جليل القدر والشأن، لقد أمكنه بإرادة الله - سبحانه - تكوين الملة الإسلامية، وإخراجها من العدم إلى الوجود، بما صار أهلها ينيفون (يزيدون) عن الثلاثمائة مليون (يعني على ظنه في زمانه) من النفوس، وراموا بجدهم سلطنة الرومان، وقطعوا برماحهم دابر أهل الضلالة، إلى أن صارت ترتعد من ذكرهم فرائص الشرق والغرب".












وهنا آية أرى أنها تثبت أن رسالة مُحَمَّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - رسالة عالمية، وإلى القراء هذه الفائدة مع تفسيرها للإمام النسفي:
ق"وله - تعالى-: {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً} أي لو شئنا لخففنا عنك أعباء نذارة جميع القرى (العالم)، ولبعثنا في كل قرية نبياً ينذرها، ولكن شئنا أن نجمع لك فضائل جميع المرسلين بالرسالة إلى كافة العالمين، فقصرنا الأمر (أمر الرسالة) عليك، وعظمناك به، فتكون وحدك ككلهم {فلا تطع الكافرين} فيما يدعونك إليه {وجاهدهم به} بالقرآن {جهاداً كبيراً} تحقيقاً لرسالتك إلى كافة العالمين" الآية 51 من سورة الفرقان.
ولقد أعلن مُحَمَّد بن عبد الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - هذه الرسالة العالمية للعالمين تأدية للأمانة حيث قال: (أُعطيت خمساً لم يُعطهنَّ أحدٌ من الأنبياء قبلي: نُصرت بالرعب من مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركتْهُ الصلاة فليصل، وأُحِلَّ لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النَّبيُّ يُبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة) رواه الإمامان البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.




يقول المفكر الإنجليزي برنارد شو عن حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم-: " ما أحوج العالم إلى محمد ليحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجان قهوة ".


هذا الفيلسوف الإنجليزي (توماس كارليل) الحائز على جائزة نوبل يقول في كتابه الأبطال: " لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متحدث هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن دين الإسلام كذب، وأن محمداً خدّاع مزوِّر.

إلى أن قال: " وعلى ذلك، فلسنا نَعُدُّ محمداً هذا قط رجلاً كاذباً متصنعاً، يتذرع بالحيل والوسائل إلى بغيته، ويطمح إلى درجة ملك أو سلطان، أو إلى غير ذلك من الحقائر. وما الرسالة التي أدَّاها إلا حق صراح، وما كلمته إلا قول صادق.
كلا، ما محمد بالكاذب، ولا المُلفِّق، وهذه حقيقة تدفع كل باطل، وتدحض حُجة القوم الكافرين












هل أنجز الله وعده(1)؟!










لم يكن الرسول صلّى الله عليه وسلم يبدأ هجرته سراً من مكة إلى المدينة حتى أخذت البشارات في استخلاف العباد المؤمنين وتمكينهم في الأرض تطفو على السطح فقد وعد الله تعالى عبده محمداً أنه سينصر الأمة وأعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال لقومه قولوا ((لا إله إلا الله)).
وستملكون بها الدنيا وفي وعده لسراقة بن مالك .


(1) راجع ابن كثير في تفسير قوله تعالى "ولتكبروا الله على مارزقكم ...) سورة الحج .

بسواريْ كسرى عندما اعترضه في هجرته من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة(1) وفي ضربات فأسه عندما كان يحفر وأصحابه الخندق شمالي المدينة إذ أنه كلما اعترضته صخرة عظيمة يضربها بفأسه وهو يقول فتحت فارس فتحت الروم(2) حتى إن مولده نفسه كان إيذاناً بسقوط دول الشرك وخمود النار المجوسية وسطوع نور أضاءت له قصور بصرى و الشام.
هذا الوعد الذي وعده الله تعالى لنبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض وأئمة الناس وولاة عليهم يصلحون البلاد ويتقلد لهم العباد ويتحول خوفهم

1ـ إشارة إلى قصة سراقة بن مالك حين لحق برسول الله عندما كان مهاجراً من مكة للمدينة يريد تسليمه لقريش مقابل مائة ناقة فكان رسول الله يقول لسراقة ارجع ولك سواري كسرى ومثلاً فتحت فارس وليس سراقة سواري كسرى وكان ذلك في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
2- إشارة إلى حارثة حفر الخندق وقول الرسول كلما ضرب بفأسه ضربة فتحت فارس .. فتحت الروم وقد حقق الله تعالى له وعده .



















إلى أمن قد حققه الله تعالى لهم بعد أن حملوا لواء دينه وجاهدوا في سبيله وعبدوه حق عبادته دون إشراك به فلم يمت الرسول صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله تعالى عليه (مكة وخيبر والبحرين وسائر جزيرة العرب وأرض اليمن بكاملها وأخذ الجزية من مجوس هجر ومن بعض أطراف الشام وهاداه هرقل ملك الروم وصاحب مصر المقوقس وملوك عمان والنجاشي ملك الحبشة ) ثم تابع الأمر بعده خليفته أبو بكر الصّديق فجيّش الجيوش إلى بلاد فارس وصحبه خالد بن الوليد ففتحوا طرفاً منها ثم جيَّش جيشاً آخر صحبه أبو عبيدة رضي الله عنه إلى الشام وجيش جيشاً ثالثاً صحبه عمرو بن العاص إلى بلاد مصر ثم استخلف عمر الفاروق ففُتِحَت مصر والشام وأكثر بلاد فارس وكُسِرَ كسرى وأهين غاية الهوان وكُسِرَ قيصر وانتزعت يده من بلاد الشام وانحدر إلى القسطنطينية ثم استمرت جيوش الفتح الإسلامي حتى وصلت إلى بواتيه وبلاط الشهداء غرباً والصين وبخارى وسمرقند شرقاً وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما روى لي منها))(1) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- رواه مسلم















نعم لقد حقق الله لنبيه وعده فبعد أن كان المسلمون قلة يعيشون في خوف شديد أعزهم الله بالإسلام ولقد قالها عمر لأبي عبيدة قبل لحظة تسلم مفاتيح بيت المقدس (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزّة بغيره نذل) . كما وأن الله تعالى قد منَّ على عباده وذكّرهم بما كانوا عليه قبل تحمل مسؤولية الرسالة (واذكروا إذا أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون)(1) نعم إنه وعد الله الحق (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)(2).
وإن تمكين المؤمنين في الأرض لا يأتي إلا بعد تحقيق الشروط الإيمانية القائمة على التوحيد والإخلاص وبذل المال والنفس والدفاع عن حياض الإيمان ودحر الكفر والشرك ولقد قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم حين وفد عليه ((أتعرفنَّ الحيرة؟)) قال: لم أعرفها، ولكن سمعت بها، قال: ((فو الذي نفسي بيده ليتمنّ الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد ولتفتحنَّ كنوز كسرى بن هرمز



1- الأنفال /26/ 2- القصص /5/


قلت كسرى بن هرمز ؟ قال: ((نعم كسرى بن هرمز وليبذلنَّ المال حتى لا يقبله أحد))(1)
قال عدي بن حاتم .
فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت من غير جوار أحد ولقد كنت رأيت فتح كنوز كسرى ابن هرمز والذي نفسي بيده لتكونننَّ الثالثة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها(2))) إذن لقد حقق الله لعباده المؤمنين التمكين في الأرض والتاريخ شاهد على ذلك . ارتقت الأمة وارتفعت مكانتها وتحولت إلى زعامة العالم ورياسته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبي بن كعب في مسند
الإمام أحمد "بشّر هذه الأمة بالسنا والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض . فمن عمل عمل الآخره للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب(3). لقد أنجز الله وعده ونصر عبده وأعزّ جنده وهزم الأحزاب وحده لا شيء قبله ولا شيء بعده. (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنكم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون)(4).
.

1- مشكاة الصحابة المجلد الثالث باب فضائل سيد المرسلين
2- أحمد وابن حيال والحاكم والبيهقي وهو في صحيح الجامع رقم 2825.
3- رواه ابي بن كعب مسند الإمام أحمد .
4-النو/54-55/.























هل يجسد المسلمون مفهوم الوحدة الإسلامية
بعد عام /2000/





هل يستطيع المسلمون تجسيد مفهوم الوحدة الإسلامية لعد عام /2000/م؟
وهل يستطيع المسلمون مواجهة القرن الحادي والعشرين؟
وكيف يواجهونه ؟
وبم تتم هذه المواجهة ؟
وهل ينطبق علينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم قبل /1423/ انطباقاً حقيقياً: ((يوشك أن تتداعى عليكم الأمة كما تداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: فمن قلة يومئذٍ يا رسول الله ؟ قال: لا ولكن غثاء كغثاء السيل(1))).






1- يجعل الوهن في قلوبكم وينتزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت.
أحمد أبو داوود عن ثوبان
وهو في صحيح الجامع برقم 8183

ولم يعش المسلمون هذا الضعف وهذه المهانة؟
ومن المسؤول عن ذلك الحاكم أم المحكوم؟ أم كلاهما؟ وكيف يعود المسلمون ليأخذوا دورهم في صياغة القرار؟
وقبل الإجابة عن تراكمات هذه الأسئلة لابد من الإشارة إلى قضيتين حساستين تلمحان إلى تراجع القرار لدى المسلمين وتشيران إلى مدى الضعف الذي وصل بالمسلمين إلى ما وصلوا إليه:
أولاهما: سقوط الأندلس في يد النورماند وتراجع سهام الفتح والجهاد على مشارف أوروبا التي استيقظت على أصوات حوافر خيل القائد العربي عبد الرحمن الغافقي لتستفيد من الاندفاع الإسلامي بل لتقاومه بشكل قوي يأخذ صفة الديمومة والتأني في رده والذي تحول هذه الأيام إلى حملات معكوسة تتدخل في شؤون المغرب العربي وتسيطر عليه فكراً وسياسة واقتصاداً و مجتمعاً.
ثانيهما: سقوط الخلافة العثمانية على يد جمال أتاتورك وبمعاول أبنائها وإلغاء هذه الخلافة إلغاءاً نهائياً بحيث تسقط كل دعوى للوحدة الإسلامية بعد ذلك وأنا لا أقصد هنا الخلافة العثمانية بالذات على اعتبار أن الأتراك قبل نهايتهم كانوا قد ظلموا رعاياهم كثيراً بقدر ما أقصد سقوط الخلافة كمفهوم وحدوي إسلامي وهو يعني بشكل نهائي إلغاء القرار الإسلامي الموحد وبالتالي سقوط هيبة المسلمين بعدم وجود قائد واحد لهم يلتفون حوله وبعد ذلك يبقى المسلمون يدورون في دوامة التبعية ويتحولون إلى كيانات صغيرة وضعيفة لا غاية لها إلا الحفاظ على بقائها، والشيء المحزن والملفت للانتباه في هذا العصر الذي انتهى من حرب باردة بين العملاقين (أمريكا والاتحاد السوفيتي) إلى حرب ساخنة وحارة بين العدوين اللدودين ((المسلمون واليهود)). أن يستطيع اليهود إسقاط مفهوم الوحدة الإسلامية عند المسلمين وتعليق باب الجهاد الذي يحمل لواءه القائد الواحد وغلق باب الاجتهاد للطوارئ والقضايا العصرية الملحة والإسلام على اعتبار أنه دين الحياة والآخرة، ودين الحق والعدل والمساواة، فإنه الدين المرشح عصرياً لقيادة الإنسان نحو الخير والمحبة وإن لم يستطع أبناؤه حمل لوائه و تجسيد مفاهيمه إلى واقع معاش تحول أبناؤه إلى مجرد أفراد ينقادون إلى أحكام وضعية بعيدة عن سياسة الدين وأفكاره وتتحول المسألة من إعادة تشكيل الوحدة من جديد إلى السير في ركب الآخرين وعليه فإن الراسمين لسياسة المسلمين يكونون قد نجحوا إلى حد ما في خرق كل التحصينات التي كان المسلمون يتحصنون بها وخاصة أولئك الذين يعملون ليل نهار في دوائر الظلام. ويبقى أمام المسلمين في القرن الحادي والعشرين أن يعوا درساً واحداً يتمحور حول سؤال جوابه لا يختلف عليه جاهلان.
هل من مصلحة أعداء المسلمين في هذا العالم وجود قوة مسلمة موحدة تحت لواء قائد واحد؟
بالتأكيد لا، ولكن كيف يصنع المسلمون هذا القائد ؟... هنا تكمن المسألة وهنا تقع المسؤولية على عاتق كل من الحكّام والمحكومين في التنسيق ضمن عمل قيادي قوامه إعادة تشكيل القوة المسلمة في العالم وإعادة بناء القوة الإسلامية المنيعة والحصينة ذلك أن العصر الذي نعيشه عصر سحق الشعوب تحت عجلات المصلحة وتكوين ولاءات مستبدة غايتها صنع حياة جديدة تقوم على استعباد الكثير من الشعوب تحت مسميات جديدة مغرية. لقد سحق الأمريكان أقصد (كل المرتزقة الأوروبيين) الهنود الحمر ولم تقم لهم قائمة وطحن هؤلاء المرتزقة أنفسهم بالقنابل الذرية عمق اليابان وقتلوا الملايين المملينة في حربين ساخنتين وهاهم الآن يمارسون اللعبة نفسها على المسلمين العرب على اعتبار أن خيرات العالم معظمها في بلاد المسلمين.





وإذا كان هناك من دعوة فإنما هي دعوةالمسلمين وحكامهم إلى تجييش الجيوش وصناعة الأسلحة الوقائية من أجل درء خطر العدو القادم المتمثل في تحالف (اليهود والأمريكان) ومسؤولية أخرى تقع على عاتق الجمهور المسلم تتمثل في الالتفاف حول ولاة الأمور وحظهم على حمل لواء الثبات والدفاع عن سياج الأمة وحصونها.
إن تعاضد الوعي القيادي مع الوعي الشعبي من خلال التسلح بحقائق الدين وسياساته الإيجابية يمكن أن تخلق جيلاً يحمل هموم أمته ويعود بها إلى سابق عهدها من أجل أسلمة الكون ونشر الفصيلة والعدل والخير فيه.

الحاكمية مهمة تكليف لا مهمة تشريف

إذا كانت العبودية لله تعالى هي الهدف الأسمى من التشريع الإسلامي والتي تعني الخضوع و التذل له من خلال اتباع المنهج الذي رسمه لنا فإن هذا المنهج يعني القبول بحاكميته قال تعالى : ()فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51) كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (60) ) الذاريات

ومما لا شك فيه أن المسلمين الأوائل كافحوا وجاهدوا من أجل تثبيت مبدأ العمل بهذه الحاكمية لأن الإنسان ما خلق أصلا إلا للعبادة وأن هذه العبودية ما تنطلق إلا من كونه ينقاد لحكم الله ويرضى به ولو أنه لا يستطيع معرفة علة الأحكام أحيانا .
وإذا كان المسلمون في هذا العصر يعانون من حل إشكالية السلطة السياسية في الإسلام فإن أعداء الإسلام من اليهود والمشركين ومن بعض الأوروبيين الحاقدين والأمريكان ومن لفّ لفيفهم من الذين تظاهروا بالإسلام يحاولون وصم النظام الإسلامي بسمات العجز وأنه لا يواكب الحياة ولا يقوم على أسس علمية وأن الإسلام لا يفسح مجالا لغير المسلمين في المشاركة في الحياة السياسية والفكرية .
وإذا كانت الخلافة الإسلامية قد أفرزت خلافا دمويا في نهاية العصر الراشدي فإن ذلك لا يعني أنه لايوجد أساس شرعي للسلطة السياسية في الإسلام وان المسلمين غير قادرين على التمتع بحكومة ذات أساس شرعي لهذه السلطة !!!!

فقضية سند شرعية السلطة ( تحديد طبيعة الحكومة الإسلامية ) وقضية النظام القانوني الذي يخضع له المجتمع المسلم بحكامه ومحكوميه ( الشريعة الإسلامية ) تحتاج أن تبرمج لتتناسب مع حاجات الناس المتبدلة وأنه ليس لأحد بعد الرسول صلى الله عليه وسلم عصمة ولا مرتبة خاصة له اللهم إلا شرف ( الصحبة وخدمة المسلمين وبذل النفس والمال في سبيل إعلاء شأن الإسلام والمسلميين ) وهذا لايعني ان يخصص هؤلاء بمنصب ما. ولم يثبت في تاريخ الفكر الإسلامي أن الخلافة منصب إلهي يختاره الله تعالى بسابق علمه بعباده والقرآن الكريم صريح في ذلك قال تعالى : (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35) فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39 )) الشورى.
وأما الصيحات التي نسمعها في مختلف الأقاليم من أحقية شخص على غيره في تسنم منصب الخلافة فلا سند لها إ ضافة إلى أن العالم اليوم يتجه إلى نظام المؤسسات في الحكم و الإسلام أول من شجع على أن تكون السلطة السياسية مؤسساتية فكلمة شورى بحد ذاتها ( هي رأي الجماعة أكثر من هي رأي الفرد ) وآية الشورى( 38) هي من سورة الشورى ويعني تخصيص سورة للشورى له دلالته كما أنه صلى الله عليه وسلم كان يشاور أصحابه في كل الأمور كما وأن مسؤولية السلطة السياسية في الإسلام تتمثل في :
1ـ حراسة الدين من التشويه والتزوير والتبديل
2ـ حراسة المجتمع من تغيير طوابعه الإسلامية
3ـ حماية الدماء من أن تسفك إلا في سبيل الله
4ـ حماية الأعراض من أن تنهتهك
5ـ حماية الأموال من أن يأكل بالظلم الباطل
6ـ حماية الأرض الإسلامية من أن يستولي
عليها الأعداء
وهذا يعني أن المسلمين اليوم بحاجة ماسة للشورى وإن كان المسلمون لايقيمون وزنا لها مع أن حكومات أوروبية تحاول الوصول لذلك بأسماء مختلفة






اللادينية إلى أين ؟








ما زال اليهود منذ أن شتت الله تعالى شملهم وتاهوا في الأرض وهم يسعون من أجل السيطرة على العالم والتحكم بالشعوب ليس من أجل قيادتها إلى سبل الخير وإنما من أجل إضاعتها في وديان الخرافة والأسطورة والتخبط فتارة يطلعون علينا بمذاهب فلسفية ملحدة وتارة بمذاهب أدبية ناشزة وتارة بمذاهب سياسية قهرية وتارة بمذاهب اقتصادية ظالمة والغاية واحدة إضلال الشعوب من أجل تسهيل قيادتها وبالتالي ركوبها . مرة يطلعون علينا بالوجودية السارترية ومرة بالسريالية البريتونية وأخرى بالفلسفات المادية كالماركسية وأخرى بالتشويش الفرويدي النفسي وهم يريدون حرف الناس عن الدين الحق ودفعهم للاهتمام بالدنيا وجرفهم نحو الروح الدنيوية القائمة على أنظمة رافضة لأشكال الإيمان والعبادة والاعتقاد مدعين أن الدين لا شأن له في الحياة الأفراد والجماعات والدول وخاصة التربية العامة إنهم يسعون إلى صرفنا إلى كل ما هو دنيوي أو مادي لا علاقة له بالدين والروح بحيث لا ينبغي من وجهة نظرهم ألا يكون الدين أساساً للأخلاق والتربية وأن هناك ضرورة على حد زعمهم لأن يكون عند الناس تربية لا دينية وأدب لا ديني وقوانين لا دينية وسلطة لا دينية وحكومة لا دينية وأن الاعتبارات الدينية يجب أن لا تتدخل في الحكومات وأنه يجب استبعاد الدين بشكل مقصود من خلال السلطة اللادينية البحتة، إنهم يريدون أن يكون هناك نظام اجتماعي في الأخلاق يقوم على وجوب قيام القيم السلوكية والخلقية على اعتبارات الحياة المعاصرة دون النظر إلى الدين. كل ذلك وهم متمسكون بما في توراتهم من أفكار على الرغم من أن قسماً كبيراً منها مزور ومحرّف.
إن الدين ضرورة وفطرة لا يمكن تجاوزها لأن الله تعالى ما خلق الجن والإنس إلا ليعبدوه والحياة بما فيها تتحول إلى ممارسة دينية خلقية إنسانية إن نحن اتبعنا تعاليم الله وسلكنا سلوك أنبيائه . إن الدين ضرورة حياتية، وحاجة نفسية فطرية اجتماعية تدفع بالإنسان نحو الخير والمحبة والتعاون ولولا الدين لعاش الأفراد فراغاً روحياً وعاشت الشعوب فراغاً روحياً جعلها تتخبط في دياجير الظلام.

((العرب يتآكلون بترك الإسلام))






إذا كان الله تعالى قد امتنّ على عباده بخَلْقِهم وهدايتهم وإرشادهم وإرسال الرسل إليهم، فإنّه قد امتنّ على العرب بشكل خاص أن حوّلهم من أمة أمية ليس لها رسالة سماوية على أمة ذات دين سماوي وذات كيان مستقل قائم له أسس وأطر مستقلة والمطلع على حياة العرب قبل الإسلام يجد أنهم مجموعة قبائل متناثرة متقاطعة متحاربة يحقد بعضهم على بعض ويسعى البعض الآخر إلى إفناء تلك القبائل وقد مثّل القرآن الكريم حالة العرب قبل مجيء الإسلام بالواقف على شفا حفرة من النّار فأنقذه الله منها (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها (1)). لقد تحوّل العرب من رعاة للشْاء إلى قادة العالم باعتناق الإسلام ففتحوا المشرق والمغرب وتحولت خزائن العالم إليهم وصار القرار العالمي بأيديهم وهذا ما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعدهم إيـاه فآلـت أسـورة






1- آل عمران /103/.




كسرى إلى سراقة ذلك البدوي الأعرابي الذي لم يكن يحلم قبل مجيء الإسلام بأكثر من حبات من التمر واليوم وبعد أن أخذ العرب بالانزياح عن الإسلام شيئاً فشيئاً وتحولوا إلى أنظمة وضعية تتلقى من الشرق والغرب أحكامها. ضَعُفَ العرب وزالت هيبتهم من أعين الناس وتحول صراعهم من صراع بين الحق والباطل إلى صراع مصالح بين بعضهم البعض وتولوا عن الدين فأخبرهم الله أنْه إن صنعوا ذلك فسيستبدل قوماً غيرهم (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم)(1).
واصبحت حالهم كحال المتآكل ببطء وقد أخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذلك حين قال : ((ويل للعرب من شرّ قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج(2))) .
وهاهي الأمم اليوم تتداعى على العرب كما تتداعى الأكلة على قصعتها وليس هناك من حلّ إلا تغيير الدماء العقدية التي تجري في عروقهم إنهم بحاجة إلـى دم جديـد يسـتمد










1- سورة محمد /38/.
2- صحيح مسلم والبخاري وأبو داوود في الفتن والملاحم.

عناصره من الإسلام وتحمل كرياته البيضاء راية الجهاد ضد جراثيم المستعمرين والمنافقين فالله لا يغيّر حالة قوم إن لم يغيروا ما بأنفسهم. وإن الله تعالى لا ينظر بعينيه إلى من تحوّل عن عقيدته إلى مبادئ وضعية من صنع البشر .
إن العرب مطالبون أكثر مما مضى بالرجوع إلى حقيقة أمرهم وشريعة دينهم وأن ينهجوا نهج الاستقامة الصحيحة وأن يعتصموا بحبل الله جميعاً لا بحبل المبادئ الوضعية التي صنعها البشر.
إنهم مطالبون أن يتمسكوا بالقرآن الكريم حبل الله المتين وأن يتعلقوا بالسنة النبوية الكريمة وأن يعظّوا عليها بالنواجد .
وهم مطالبون أن يقتدوا بالسلف الصالح قولاً وعملاً وفعلاً حتى يحققوا معادلة كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وأن يجاهدوا في سبيل الله كل أعدائهم وأن يُسَخِّروا ثرواتهم لخدمة الإسلام والمسلمين لا لخدمة مصالح خاصة.



















((ويل للعرب من شر قد اقترب (1)))







في خضم الصراعات العالمية، والتفاخرات الدولية ولعبة المصالح وبناء الذات الفردية والجماعية على حساب القيم، يقف العرب في مضيق مسدود من ثلاث جهات منتظرين مصيراً قد يراه البعض أسوداً أو أحمراً، إما بحراً من الدماء أو ظلاماً دامساً يرافقه تخلّف وتشرد وظلم وتقذيم ونهب خيرات.
فالعالم اليوم ينظر إلى العرب نظرة الغيظ والنبذ، هناك متسع في نفوس الكثير من الحاقدين عليهم لينظروا إليهم نظرة إنصاف إنهم يرمقونهم بعيون حاقدة ولسان حالهم يقول (ليس علينا في الأميين سبيل(2))!!









1- رواه البخاري ومسلم .
2- آل عمران /75/.

ومتى كان هؤلاء الأعراب يستحقون الحياة؟!! على حد زعمهم
إن معادلة البحث عن حل صحيح ومخلّص من براثن السيطرة الأعجمية لن يتأتى للعرب إلا من خلال ركوبهم حصان الإسلام ذلك الحصان الذي جربوه بأنفسهم فطاروا به أو طار بهم على أجنحة الحق والخير والعدل إلى أقصى طرفي الكرة الأرضية وحوّلهم من أمة أميّة إلى أمة تخترق مجاهيل الكون وتعلو ذروة سنامه وقد قال عنهم رب العزة والجلالة (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها(1)) .
ولا أعتقد أن العرب ستقوم لهم قائمة إلا إذ اجمعوا رأيهم وحزموا أمرهم ولن يتأتى لهم ذلك إلا بالاعتصام بحبل الله (لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم(2)) .
واقرأ معي أخي الكريم قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون(3))
لتتأكد أن ما نراه من عداوة بين العرب هذه الأيام لن يزيله سوى رضي الله تعالى عنهم ورضى الله لن يحل على قوم من الأقوام مالم يتمسكوا بقرآنه المجيد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- آل عمران /107/. 2- الأنفال /63/.
3- آل عمران /103/.


























((ألا تخافون أن يتخطفكم الناس؟!))








ما زلت وأنا أقرأ قوله صلّى الله عليه وسلّم ((ويل للعرب من شر قد اقترب. فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج(1))) وحلّق صلّى الله عليه وسلّم بين أصبعيه السبابة والإبهام تأخذني الدهشة ويتملكني العجب وأسأل نفسي من أين يأتي الشر للعرب وهم ماهم، ولماذا العرب مع أنهم يملكون خيرات كثيرة اقتصادية وجغرافية وبيئية ولكن عجبي يزول عندما أقرأ قوله صلى الله عليه وسلم ((يوشك أن تتداعى الأمم عليكم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أمن قله يا رسول الله قال: لا ولكن غثاء كغثاء السيل(2))).






1- صحيح مسلم: كتاب الفتن وأشراط الساعة.
2- أحمد وأبو داوود وهو في صحيح الحاكم رقم/8183/

فالعرب أصبحوا وجبة همبرغر شهية. لقد خص الله تعالى أمتنا بالخير الوفير والمكانة المهمة ولكنا أعرضنا عن ذكره تعالى فترانا نعيش حالة من ضنك العيش والأعداء الخارجيون يحاصروننا. لقد حذرنا الله تعالى من الإعراض عن قوانينه وكتابه وأحكامه (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربِّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى(1)).
لقد منَّ الله تعالى على العرب عندما كانوا قلة مستضعفين يخافون أن يتخطفهم الناس فأواهم وأيدهم بنصره ورزقهم حياة طيبة فقد كانوا فقراء فأغناهم الله وخائفين فأمنهم ومستضعفين فقواهم وأذلاء فأعزّهم وكانوا أشقا الناس عيشاً فرزقهم من الطيبات وأجوع الناس بطوناً فأشبعهم وأعراهم أجساداً فألبسهم
تملكوا الكون وصاروا سادته بعد أن كانوا يبحثون عن حبة تمرٍ تسدُّ جوعتهم وهاهم اليوم قد بدؤوا يعودون إلى ما كانوا عليه فثرواتهم بأيدي قلة من الناس











1- طه /124-125/.

وهم يحاربون بعضهم بعضاً كما كانوا يصنعون في داحس والغبراء وحرب البسوس ، والغرب والشرق يتخطفهم في كل وقت وحين.
إنهم يعيشون حالة الويل فقد أعلن الأعداء حربهم عليهم. ولو رحنا نستعرض أسباب ما آل إليه العرب لوجدنا معظمها يعود إلى هجر كتاب الله وترك شريعته والاحتكام إلى أحكام وشرائع وضعية من صنع البشر وأنهم تولوا عن منهج الصراط المستقيم فحل بهم ما حل بغيرهم وإن هم أمعنوا فيما هم عليه ليسلطنَّ الله عليهم أعدائهم فيستبيحون بيضتهم
وها هم جاؤوا إليها محاربين لا تثنيهم عن قصدهم عزيمة إنهم يريدون أن يسرقوا خيراتنا ويقضوا على عقيدنها ويذلوا أبناءنا وهاهم قد بدؤوا مشروعهم القديم الحديث وانطلقوا إلى أرض العسل ثم إلى أرض الرافدين.

















































(ويستبدل قوماً غيركم(1))






أكثر ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاف منه على أمته أن تفتح الدنيا عليهم فيتنافسون عليها كما تنافس عليها الذين من قبلهم فيهلكون كما هلكوا.
ولقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيتون على الطوى ومع ذلك فقد استطاعوا أن يفتحوا مشارق الأرض ومغاربها وأن يسحقوا موجات الكفر وما أظن أحدهم كان يتوانى عن الجهاد حين يدعو الداعي إليه. لقد اندفعت موجات الفتح موجة تلو موجة حتى أصبحت الأمة في حالة جهاد واستنفار مستمر ولم يعد يروق لأحدهم مهما كانت سنُّهُ إلا أن يكون مجاهداً فهذا (أبو طلحة(2)) ما يفتأ يقرأ سورة براءة على كبر. سنه حتى يخرج مجاهداً في سبيل الله فيموت في البحر ويدفن بعد تسعة أيام ولا يجدون له ريحاً نتنةً ولم يتغير لونُه. لقد ضرب لنا هذا العجوز مثلاً بالجهاد فجاهد في عصرالرسول صلّى الله عليه وسلّم وفي عهد أبي بكر وعمر وأبى إلا أن يموت شهيداً. إن خيرية القرون الثلاثة الأولى بعد البعثة النبوية إنما جاءت من سعي رجالها ونسائها إلى العلم والجهاد في سبيل الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


3ـ أبو طلحه



ولو أنّا رحنا اليوم نستقرئ واقع المسلمين لوجدنا ضعفاً ووهناً وانقساماً وتشتتاً وسعياً نحو الملذّات والشهوات والتفاخر بما يجمع كل واحد من الدنيا وما يحوز من زخارفها . لقد تكالب الأعداء على الأمة وأحدقوا بها من كل جانب سعياً لوأد دينها ونهب خيراتها وسحق المدافعين عنها. ومع ذلك فقد لقيت الأمة حية وإن كان الذين يدافعون عنها صبيةٌ صغار وافراد متناثرون هنا وهناك إن الرؤيوية الحديثة لحالة الأمة تكشف عن فجيعة كبيرة تتمثل في سحقها من قبل أعدائِها إن لم تتحرك برجالها ونسائها وشبابها وشيبها وأطفالها متمثلة قوله تعالى (انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )(1).















1- التوبة /41/.

إن العتاب الرباني لأفراد هذه الأمة وجماعاتها والتي يفترض بها بعد أن حملت الرسالة المحمدية أن تكون خير أمة أخرجت للناس يدفعنا إلى النهوض مجاهدين في سبيل الله بكل ما تملك من طاقات بشرية ومادية (يا أيها الذين آمنوا لم تقولوه مالا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيـان مرصوص(1)) .
(يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكن انفروا في سبيل الله أثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل(1)) .
فالجهاد حياة للأمة في الدنيا والآخرة والله ينصر من ينصره (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم(3)).
والمجاهدون الشهداء أحياء في الدنيا والآخرة ذكرهم باقٍ على مر العصور (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عن ربهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون(4)).











1- الصف /4/. 2- التوبة /38/
3- محمد /7/ 4- آل عمران /170/

إن ذروة سنام الجهاد هو نصرة الحق والله هو الحق (ولينصرن الله من نصره إن الله قوي عزيز(1)). إن نظرية بقاء الأمة وثباتها تقوم على مجموعة عناصر أهمها
ـ الجهاد في سبيل الله ونصرة دينه
ـ الدفاع عن المظلومين والمقهورين
وإن لم تفعل الأمة ذلك استبدلها الله وجاء بقوم آخرين يحملون رسالته لقد منَّ الله تعالى علينا نحن العرب بنبي عربي وقرآن عربي ورسالة نحملها للعالم تقوم على نشر مبادئ الحق والعدل والخير والمساواة فإن لم نتحمل المسؤوليات نزعت منا رسالة الكون وتحولنا إلى أمة تسير إلى الهاوية كما كنا قبل نزول القرآن (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها(2)) . مجموعة قبائل تتصارع على حطام بعضها بعضاً .












1- الحج /40/.
2- آل عمران /103/.

((الشهداء ضمير الأمة))
((وأناها الأعلى))







لا تقوم الأمم ولا يشتد عودها ولا تقوى إلا إذا اعتمدت على عنصرين أساسيين:
أولهما: عقيدة راسخة صحيحة تتشرب بها النفوس منذ الخطا الأولى عند الأفراد والجماعات .
وثانيهما: رجال أكفياء يقومون على خدمة الأمة والدفاع عن حياضها إرضاءً لله تعالى لا يطلبون من أحد من الناس جزاءً ولا شكوراً ولا يبحثون عن منزلة في هذه الدار العاجلة وإنما يطمحون إلى أن يتبوؤوا منزلة عالية في الدار الأجلة ولو أنا رحنا نقلب صفحات الكون والحياة والناس لما وجدنا أعظم منزلة ومكانة من الشهداء هؤلاء الذين تقاربت خطاهم إلى الجنة فدخلها أحدهم في لحظة تجاوز فيها أكل ثلاث تمرات






1- الأحزاب /23/.



كانت في يده فألقاها ودخل المعركة فقتل فدخل الجنة(1). ونحن إذ نشير إلى ذلك إنما نشير إلى قضية مهمة تلمح وبشكل جلي إلى أن هؤلاء الشهداء الذين هم (ضمير الأمة) وهم (أناها الأعلى) الذي يحرس حدودها حجراً فحجراً وجداراً فجداراً ومنزلاً فمنزلاً .
لقد أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أكثر ما كان يهدد وجود هذه الأمة جموع الروم الذين يتحصنون على أطراف الجزيرة في منطقة تبوك فكان أن جُهَّزَ جيشَ العسرة وكانت هزيمة الرعب(2).











1-إشارة إلى قصة ذلك الصحابي الذي قال الرسول صلى الله عليه وسلم أأدخل الجنة إذا قتلت قال له نعم فألقى ثلاث ثمرات في يده وهو يقول بخ بخ ثم دخل المعركة فاستشهد بعد أن نطق بالشهادة وقبل أن يؤدي فرضاً من الفروض.
2-إشارة إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (نصرت بالرعب من مسيرة شهر) البخاري ومسلم – عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اعطي فماً لم يعطهن أحد قبلي نضرت الرعب مسيرة شهر – جعلت لي الأرض مسجداً طهوراً وانما رجل أدرك الصلاة فليصل داخل لي الغنائم ولم تحل لأحد مثلي وأعطيت الشفاعة وكان البني يبعث إلا قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة .

درساً لهؤلاء الروم الذين عاودوا الكرة بأسماء وألقاب جديدة وهم ينتشرون في بلاد العرب يتعاضدون مع اليهود من أجل هدم ما تبقى من فوارس الأمة ولا أعتقد أن رحيلهم سيكون دون جهاد ومن هنا تأتي أهمية الشهداء الذين ينتظرون دورهم لسحق هذا العدو الذي لن يرحم أحداً على هذه الأرض.
لقد أدرك اليهود ومعهم ألوية الروم أن قيام كيان أمة مسلمة إنما هو هدم لكيانهم ووجودهم فاستعملوا مختلف الأسلحة السياسية والثقافية والاقتصادية والعسكرية لشرذمتنا وتشتيتنا والسيطرة على خيراتنا واستعبادنا.
لقد ضرب المجاهدون الشهداء في الماضي أمثلة مريعة في المجد والخلود والتضحية والفداء وهاهم مجاهدو اليوم يضربون أروع الأمثلة في الدفاع عن الأمة فقد خرجوا بأنفسهم وأهليهم وأموالهم يتحملون مشاقً التشرد ويحاصرون في شعاب الجبال ويحاربون بلقمة العيش وتطلق التهم عليهم على أنهم مجرمون وإرهابيون ومع ذلك لم يثنهم عن عزيمتهم خوف أو رعب. نفوسهم مشرعة ولسان حالهم ، (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها(1)) .







1- الترمذي كتاب فضائل الجهاد باب ما جاء في فضل المرابط 1664
و ((لَرَوْحَهُ في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها(1)))














إننا اليوم وبعد رؤية هذه القافلة من الشهداء الذين قضوا في سبيل الله والقافلة من المجاهدين الذين ينتظرون دورهم في الاستشهاد. يحق لنا أن نفخر ونحن نقرأ قوله تعالى:
(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً(2)).








2ـالأحزاب /23/.

رباط الخيل ماض إلى يوم القيامة





في خضم الصراعات الفكرية التأسيسية وفي سعي القوى العالمية إلى ردم كل عمليّة عربية إسلامية تسعى إلى امتلاك وسائل القوة الحديثة من خلال زعم الكثير من المروجين إن الإسلام دين عبادة لا دين حياة وحركة بات من المحتم علينا امتلاك أسلحة حديثة مع العلم أن هذا التشريع الحنيف ما جاء إلا ليؤكد على أن التدين ظاهرة حياتية يمكن تجسيدها في الواقع انطلاقاً من التجربة الإسلامية الأولى على روابي المدينة المنورة وبطاح مكة المكرمة فقد تحول العرب بفضل هذا الدين إلى أمة فاعلة بعد أن كانت أمة متفعلة أمة تجاهد وتزرع وتصنع وتعيش من خلال الأفق الدينية التي رسمها لها القرآن الكريم والحديث الشريف واليوم فإنه من المحتم علينا أن نعيش الحالة المعاصرة بمعطياتها السلمية والحربية إننا في الوقت المعاصر ونحن نعيش حالة من الضعف والذل والخنوع تسعى القوى العالمية المعادية إلى ترسيخها وإبقاء هذه الأمة في حالة ضياع وتشرد وتشرذم وفرقة بحاجة إلى تكوين قوة عظيمة قوة عسكرية حربية تدافع عن الأمة وتحمي الأرض والعرض وتدافع عن بيضة المسلمين وهذه مسؤولية الحكومات العربية







وليس معنى قوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم(1)) إلا دعوة لامتلاك كل أنواع الأسلحة الحديثة التي يمكن للأمة أن تحتمي بها واستعمالها دفاعاً عن النفس وعدونا قد امتلك هذه الأسلحة الحديثة وهو في كل لحظة يهدد باستخدامها ضدنا وكثيراً ما يلوّح باستعمال هذه القوى ترهيباً وتخويفاً إننا ونحن اليوم نواجه أشرس حملة استعمارية تسعى إلى السيطرة على مقدرات الأمة ونهب ثرواتها وتهويد أراضيها نطالب بإرسال بعثات علمية تدرس العلوم العسكرية التطبيقية وتعيد بناء هذه المنظومة من العلوم في جامعاتنا ومعاهدنا ومدارسنا وقد ركز القرآن في سياق آياته على قضيتين هامتين ترسمان مستقبل الأمة على العصور هما













1- الأنفال /60/

(العلـم)بمختلف فروعه و(مقارعة) الأعداء الذين لن يرضوا منّا حتى نتبع ملتهم وننساق لهم ونخضع لأراذلهم (ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم(1)).
وقد نهانا الله عن ذلك (يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوماَ غضب الله عليهم (2)) وأمرنا ألا نستكين لطروحاتهم وأفكارهم بل طلب منا أن نحذرهم ونقاومهم بشتى الوسائل لقد صنع المسلمون في أيام الإسلام الأولى أسلحتهم بأيديهم فأشرف سلمان الفارسي على صناعة المنجنيق إبان حصار الطائف وصنعوا السيوف الدمشقية والبغدادية والمصرية واليمانية والبصرية وصنعوا الرماح والسفن ونوعوا السفن وخصصوا لكل مياه نوع من السفن فخصوا المتوسط بسفن، والبحر الأحمر بسفن مختلفة والمحيط الهندي بسفن أخرى وقد بلغ عدد السفن ثلاثين نوعاً منها الشونة، والخلية، والحراقة، والبطة والبوصي وقد نهى رسول الله أحد المسلمين عن استعمال القوس الأعجمية عندما رآها في يد واحد من المسلمين وشدد على استعمال









1- البقرة /120/
2- الممتحنة /13/

القوس العربية إيذاناً بعدم الاعتماد إلا على الصناعة الوطنية لأن الويل كل الويل كما يقول أبو بكر الصديق لأمة لا تلبس مما لا تصنع ولا تأكل مما لا تزرع ونضيف لذلك الويل كل الويل لأمة تحمل سلاحاً من صنع أعدائها إننا نحن في زمن صعب بمبادلاته يجب أن نضع في حساباتنا أنه قد آن الوقت الذي يجب فيه أن تعانق مآذن المساجد مداخن المصانع الحربية والحضارية فلا قيمة لأمة لا يحمل أبناؤها السلاح المصنوع بأيديهم ضد أعدائهم.

((الاستبداد ضعف بالنسج الداخلية))






هل الاستبداد فيروس خطر ينشأ من خلايا المخ عند بعض الناس؟
أم أنه ظاهرة مكتسبة يكتسبها الفرد بفعل وجود عوامل اجتماعية وضغوط نفسية وقهرية من الآخرين فإذا ما تمكن المقهور تسلط على غيره واستبد به
وهل الاستبداد يتعلق بضعف النسج الداخلية في عمق الإنسان؟
وما علاقته بظاهرة الجبن والخوف؟.....
إن أول مشكلة استبدادية ظهرت على وجه الأرض كانت بسبب تعنت أحد ابني آدم من خلال موقفه من أخيه ، ثم جاء بعد ذلك من فلسف هذه الظاهرة وأسس لها تأسيساً قائماً على نقاط ارتكاز غير منطقية وغير معقولة وأخذ الناس يشكلون دوائر استبدادية كلُّ بحسب ما تطوله يده، وتصل إليه مطامحه ونشأت ظاهرة
وجود مستبد كبير يجمع حوله مجموعة من المستبدين الصغار يلتفّون حوله يتخرجون من مدرسته أولاً
ويعيشون على خطاه . ثانياً ويؤسسون لمؤسسة استبدادية مستقبلية تابعة له إن استطاعوا ذلك.
والمستبدون الصغار ليسوا إلا نسخاً كربونية عن المستبد الكبير يقيمون على الضيم ويقبلون الصَّغار ويعيشون الحياة الذل. وما ذلك إلا إرضاءً لغرور ذلك المستبد الكبير وفي الوقت نفسه ممارسة هذه الظاهرة على من هم دونهم وبسط سيطرتهم عليهم ومن هنا كان العقاب شديداً كما أشار إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر على صنفين من أهل النار في رحلة المعراج: ((نساء كاسيات عاريات رؤوسهن كأسمنة البخت مائلات مميلات، وقوم معهم سياط كأذناب البقر يسوقون بها الناس لا يدخلون الجنة ولا يشمون رائحتها وإن رائحتها لتشم من مسيرة خمسـين سـنه(1))).














1- أخرجه أحمد ومسلم عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم صنفان من أهل الناس لم ارهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات كأسمنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يحدث وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا

وما هذا الصراع وما ذلك الظلم الذي يمارسه الإنسان ضد أخيه في كل يوم وساعة إلا بسبب الظاهرة الاستبدادية بجميع دوائرها على أن الخطوة تكمن فيما يترتب على هذه الظاهرة من تدمير وقتل وخراب ونكوص وتخلف وانحطاط ولو رحنا نستجلي أسباب هذه الظاهرة وبشكل معمق لوجدنا أن معظمها ما جاء إلا نتيجة الغرور والأنانية والسّادية وحب الذات وكره الغير، وهي صفات مقترنة بالنزعة الشيطانية التي ترى أن الاستبداد عنوانه: (الانحراف عن الفطرة السامية التي خلق الله تعالى الإنسان عليها) والتي تتمثل في حب الخير والعدل والحق للناس جميعاً. إن الاستبداد لا يعدو أن يكون مرضاً عضالاً صاحبه مصاب بالنقص والنكوص وحب الانتقام من الآخرين وتشهي رؤيتهم في مستنقع السقوط بعيداً عن نظرية أحبب لأخيك ما تحب لنفسك وبعيداً عن نظرية دع ما يريبك إلا مالا يريبك وإيغالاً في محورة الذات في بوتقة الصلحة الخاصة وإن شحنة الاستبداد التي يفرغها صاحبها في ضعفاء الناس ومساكينهم إنما هو جريمة لؤم تزرع في الحياة سرطانات الموت والتدمير والخراب. لقد ولد الإنسان حراً ويجب أن يعيش حراً بعيداً عن دوائر الاستغلال والاستعباد والاستبداد يحيا حياة كريمة شريفة مصانة من كل النعرات والشبهات ولكن المستبدين تأبى أنفسهم إلا أن يمارسوا نكوصهم على الآخرين لملء فراغ مرضي يقوم على إسقاط كل ما هو غير أناني وذاتي.













لقد نبه الإسلام في معظم تشريعاته إلى ضرورة بسط يد الحق والعدل والخير وتخليص الإنسان من عبوديته لأخيه الإنسان ودعا القرآن إلى ضرورة التعايش السلمي الإنساني بين الناس جميعاً ونعى على كل الشخصيات المستبدة حالتها النكوصية المتمثلة ببمارسات فرعون ذلك الحاكم المستبد الذي وصل به الأمر إلى حد مراقبة كل مولود يولد على أرضه وقتله إن كان ذكراً وتلك حالة لوقيّض لها أن تستمر على مر العصور لسقط العالم في براثن الموت السريع وليس هناك من مخرج للخروج من دائرة النكوص الاستبدادي سوى التشبث بمكارم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام ابتداء من كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) وانتهاء بإماطة الأذى عن الطريق.

((من يقود العالم؟))






مازلت أقلب النظر في قوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر(1)) .
وأحاول أن أجد مبرراً واحداً للمكانة الوضيعة التي تتبوؤها أمتنا الإسلامية في هذا العالم فنحن نرى في أنفسنا أصحاب مكانة عالية صنعها لنا قرآننا ونجد أنفسنا في واقع الحال في أخفض مكانة في هذا العالم ثم نحاول أن نحشوا أذهان أبنائنا بأننا خير أمة أخرجت للناس دون أن نعلل لهم كيف يكون ذلك ومن خلال أي السبل؟ وتزداد حيرتي أكثر عندما أقرأ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ((توشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها ، فقال الصحابة ، أمن قلة يا رسول الله ؟! قال، لا ولكن غثاء كغثاء السبل (2))).









1- آل عمران /110/.
2- أحمد أبو داوود وهو في صحيح الجامع الصغير برقم 8183 عن ثوبان مولا رسول الله (ص) .



فأسأل نفسي:
لماذا هذا التداعي الذي بدأنا نراه من خلال التحالفات الدولية؟
ولماذا الهجوم على المسلمين بالذات؟!
ونحن خلال نصف قرن من الزمن فُرضت علينا حروب تربو على العشرة كلّها غايتها وأد هذا الدين أولاً وإذلال أبنائه ثانياً ونهب خيراته ثالثاً ولكنني أجدني قد حَلَلْتُ الإشكال حين أتذكر قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي عن المستورد القرشي رضي الله عنه أنه قال قال عمر بن العاص: سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول ((تقوم الساعة والروم أكثر الناس فقال له عمرو: أبصر ما تقول، قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عمرو: لئن قلت ذلك، إن فيهم لخصالاً أربع: إنهم لأحلم الناس عند فتنة وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ، وأوشكهم كرة بعد فرّة، وخيرهم لمسكين وضعيف ويتيم وخاصة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك(1)))
نعم أجدني قد حللت الإشكال عندما أحاول أن أطبق ما يتصف به أعداؤنا علينا فلا أجد من الصفات التي وصف بها الرسول










1- من صحيح مسلم باب تقوم الساعة والروم أكثر الناس الجزء 4 الصفحة 2222

الروم ما ينطبق علينا، فنحن أكثر الناس طيشاً مع بعضنا البعض يتملكنا النزق والطيش فقد نجيّش الجيوش عندما تصطدم مصالحنا مع بعضها البعض فقد سقطت الأندلس ونسيناها وسقطت فلسطين وكدنا ننساها وقد يسقط غيرها فننسى. ثم ما موقفنا من الكرّ بعد الفرّ.. لقد ركنّا إلى دعة العيش وتركنا الجهاد في سبيل الله أما عن المساكين والضعفاء والأيتام فحدث ولا حرج فنحن لا نستلذ إلا في وضع السكاكين على رقاب المساكين ونشتهي رؤية القهر والذل والجوع والمرض يحل بالضعفاء ونتشفّى في رؤية الأيتام يتمرغون على أكوام الركام. ولا يمكنك أن تصف الظلم في بلاد المسلمين فقد استشرى وتفاقم بشكل لا يطاق . وبعد كيف بنا أن نكون خير أمة أخرجت للناس ونحن مسلّط بعضنا على البعض فإذا ما وقع خلاف بين فئتين مسلمتين يشتدّ بأسنا وكأنّا ما قرأنا قوله تعالى (محمد رسول الله والذين آمنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم(1))












1- الفتح /29/

ولا سمعنا بقوله صلى الله عليه وسلم: (المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً(1)) . لقد أصبحنا يتآمر بعضنا على بعض ونعقد تحالفات مع أعدائنا ضد أبناء جلدتنا. وإنني إذ يزول عجبي مما نقوم به أجدني أقف مبهوتاً أمام حديث نبوي شريف أعتبره شيفرة كان علينا أن نفك رموزها وأن نأخذ العبر منها لا أن نستكين لما جاء بها ونعتبره قدراً محتوماً فقد نقل عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها مازوي(2) لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض. وإني سألت ربي لأمتي ألا يهلكها بسنة عامّة وألا يسلط عليها عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وأن ربي قال يا محمد إني قضيت قضاءً فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك ألاّ أهلكهم بسنة عامّة وألا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم ليستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضهم بعضاً(2)).











1- إن المؤمن للمؤمن كالبنيان شد بعضه بعضاَ وسبل
صحيح البخاري ح1 /ص182.
2-إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أعني سيبلغ ما زوي لي منها . رواه أحمد مسلم وأبو داوود الترمذي وابن ماجه عن ثوبان وهو في صحيح الجامع رقم 1773.


إن هذا الحديث يلفت انتباهنا إلى قضية مهمة أن من دواعي الانفكاك عن الإيمان استباحة بعضنا بعضاً لأنه من شروط الإيمان الصحيح الرحمة وخاصة بين المؤمنين وكم نحن في حيف كبير عندما يتآمر بعضنا على البعض ويقتل بعضنا بعضاً ويستبيح بعضنا بعضاً ثم نتشدق بعد ذلك بأن غايتنا شريفة نظيفة . نقول شيئاً ونفعل شيئاً آخر
( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون. إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص(1)).
إن الإسلام كمبدأ يؤهلنا أن نكون قادة حقيقيين للعالم إن نحن كنا مسلمين مؤمنين حقيقيين . فإذا ما تركنا المنهج الرباني وغيّرنا بأنفسنا تحولت قيادة العالم لغيرنا ولن تعود القيادة لنا إلا إن راجعنا قوله تعالى : (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم (2)) وحققنا ما فيه من شروط .
1- أول سورة الصف. 2- الرعد /11/
















إنه لن تقوم لنا قائمة مالم نتمسك بأحكام القرآن ونطبق نظرياته العقيدية الدنيوية والأخروية سواء في السياسة أو الاقتصاد أو المجتمع أو الثقافة
إنه لن تقوم لنا قائمة مالم يحبَّ بعضنا بعضاً وندافع عن بعضنا بعضاً ونشدّ أزر المساكين والأيتام والأرامل والفقراء.
إنه لن تقوم لنا قائمة مالم يرحم بعضنا بعضاً لأن من السماء لا يرحم من في الأرض مالم يرحم أهل الأرض بعضهم بعضاً.
إنه لن تقوم لنا قائمة مالم تحقق شروط خيرية الأمة ووسطيتها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة العدل والحق والخير. والنتيجة الحتمية : قل يا أيها الناس إنما هو دين وعقيدة فمن تمسك بها وسار على نهجها فقد فاز ونجح ومن انزاح عن قوانينها سقط في مهاوي الردى وأصبح فريسة للوحوش البشرية .

استراتيجية الملحمة والمرحمة








ما يميز الدين الإسلامي عن غيره من الأديان الأخرى أنه، أوجد توازناً بين متطلبات الحياة الدنيا والحياة الآخرة وبين الجسد والروح وبين الواقع والمثل وبين القيم بحيث أنك لو أردت أن تسقط هذا الدين ومبادئه على الواقع لما وجدت صعوبة أو عسرا، بل لوجدت أن هذه المبادئ وهذه القيم ما جاءت إلا لتكون قميصاً لهذا الواقع جاء على مقاسه.
فالله سبحانه تعالى أرسل رسله وحملهم أمانة الشرائع ليعيش الإنسان على هذه الأرض آمناً مستقراً متوازناً حنيفاً يحقق الفطرة الصحيحة في تعامله مع مفردات هذا الكون ومن هنا كان نبينا ورسولنا محمد يحمل رسالة الملحمة في كفه اليمنى ورسالة المرحمة في الكف الأخرى فهو على أهبة الاستعداد لقتال الأعداء إن كانوا منحرفين عن الحق يحاولون جر غيرهم إلى الموت والخراب والدمار ويحمل رسالة المرحمة إن وجد مجالاً لقبول الآخر لتلك المرحمة فقد أرسله الله تعالى بنص كتابه رحمة للعالمين وطلب منه في الوقت نفسه أن يعدَّ لأعدائه ما استطاع من قوة ومن رباط الخيل.
إن ثنائية الملحمة والمرحمة هي عنصر البقاء والحفاظ على توازن الوجود الإنساني الذي من خلاله يمكن لنا أسلمة الكون وبعث روح الرحمة والمحبة فيه ولسنا بصدد إثبات أغلبية المرحمة على الملحمة في الدين الإسلامي فتلك قضية مبسوطة في كتب التاريخ ولكنا نريد أن نؤكد على ضرورة غلبة هذه الصفة بين المسلمين في زمن استحكم فيه العداء بين أبناء الدين الواحد أكثر من استحكام العداء مع أعداء المسلمين والإسلام فقد انقسم المسلمون إلى أحزاب ومذاهب وطوائف كل فئة تسعى إلى إلغاء وجود الأخرى عن طريق الملحمة والموت ناسين أو متناسين أن الرسول صلّى الله عليه وسلم لم يستعمل القوة إلا عندما كان أعداؤه يهددون وجوده ووجود الدين وأن أولى الناس بتعميم خاصية الرحمة الإسلامية هم المسلمون وبين أنفسهم أولاً ثم مع الآخرين ثانياً (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله سيماهم في وجوههم من أثر السجود(1)) .
إننا في هذا الزمن الصعب أحوج ما نكون إلى اتباع سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم في صنع استراتيجية الملحمة والمرحمة مع أنفسنا أولاً ومع أعدائنا ثانياً. هؤلاء الأعداء الذين أخذوا يجيشون جيوشهم ويعدون العدة من أجل ابتلاع هذا الدين وسحق أبنائه ومن ثم نهب خيرات هذه البلاد وما دعوات الجهاد التي أطلقها القرآن الكريم والرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلا حفاظاً على الأمة واستمرارية كيانها (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين (2))






1- الفتح /29/.
2- الصف/10- 11/.

كما وأن الدعوة إلى السلم الذي يحفظ لهذا الدين كيانه ولهذه الأمة كرامتها هو عنصر من عناصر البقاء وبناء الحياة الحرة الكريمة إن كانت مصلحة المسلمين تتطلب ذلك (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين(1)).





















1- الأنفال /61/.













(لم تعظون قوماً الله مهلكهم (1))







قال عبد الرزاق عن عكرمة قال: جئت ابن عباس يوماً وهو يبكي وإذا المصحف في حجره فأعظمت أن أدنو منه ثم لم أزل على ذلك حتى تقدمت فجلست فقلت ما يبكيك يا بن عباس؟! جعلني الله فداءك! قال: فقال هؤلاء الوريقات قال وإذا هو يقرأ في سورة الأعراف قوله تعالى (وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون (164) فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون (165) فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قرده خاسئين (166) ) (الأعراف)









1- الأعراف

ونحن لا نشك ولو للحظة واحدة أن اليهود على مرِّ العصور ،والدهور وكرّ الأيام والأعوام هم منشأ الفساد والخراب والدمار في هذا الكون وأنهم هم موقد و نار الحرب في العالم على الرغم من أن الله تعالى كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها وإننا ونحن نقرأ تاريخ هؤلاء القوم الذي سطره القرآن الكريم ندرك أنهم سبب بلاء العالم وإن كنا نؤكد على ما أشار إليه هذا القرآن الكريم من أنّ (من قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون (1)) وأنّ (من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله أناء الليل وهم يسجدون(2)) و (إن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين(3)) ذلك أننا لا نستطيع أن نغمط أحداً حقه من الإيمان وندرك أيضاً ونحن نستوعب شيفرات القرآن الكريم التي تشير إلى اليهود على مرّ العصور أنهم مع المشركين هم أشد الناس عداوة للذين آمنوا وأنهم يسعون منذ أن قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوتهم وطردهم من جزيرة العـرب إلـى إعـادة












1- الأعراف /159/.
2- آل عمران /113/.
3- آل عمران /199/.

تشكيل تجمعاتهم وبناء دولتهم من أجل هدم كيان الإسلام ولا أدل على ذلك إلا هذه البروتوكولات التي وضعها حكماء بني صهيون والتي تتمثل في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين من خلال إفساد وتخريب كل ما يحيط بهم وقد وصل بهم الأمر إلى أن يتدخلوا في كل شيء فأقاموا معظم مخططاتهم من خلال استهتارهم بالعرب ولسان حالهم يقول دائماً (ليس علينا في الأميين سبيل) إنهم يعتقدون أننا نحن العرب نستحق الاستعباد من قبلهم وأن من حقهم أن يستغلوا هؤلاء الأعراب على حد زعمهم من خلال الشركات العالمية التي تحاول استنزاف آخر قطرة من البترول العربي والإسلامي وما المخططات التي يقيمونها اليوم إلا دليلاً على ذلك وإننا ونحن اليوم نواجه أعتا حملة صهيونية بحاجة إلى إعادة بناء الشخصية المسلمة بناءً سليماً من أجل مواجهة كل ما يستهدف هذه الأمة أبناءها وثرواتها وخيراتها وأنه من واجبنا معرفة طريقة تفكير عدونا وأقصد بذلك اليهود وشركاءهم من الأمريكان ومن يسير تحت راياتهم سراً وعلناً

















ولقد قالها المستر هاري ترومان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية 1945- (لا يمكن لمن لا يستوعب حقيقة الصهيونية أن يفهم حقائق عالمنا الذي نعيشه). وعلى رأس هذه الحقائق نظرة اليهود إلى الأميين من غير اليهود وهم من يسمونهم (الجوييم) وأن هؤلاء الجوييم هم البهائم والأنجاس والكفرة والوثنيون وهم يستحقون الاستعباد والموت والقتل والتدمير ومن هنا يعتقد اليهود أنهم سادة العالم كما يقول الدكتور (أوسكارليفي) (نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه ومحركي الفتن فيه وجلاديه) .
لقد ركز اليهود كثيراً على الأميين العرب واعتبارهم حقل التجارب الأول لنشر مخططاتهم وتنفيذها تحت شعارات كثيرة وبراقة ظاهرها حسن وباطنها سيء كشعارات (الحرية والإخاء والمساواة) (حقنا يكمن بالقوة). (أعطني ما أريد لتمكنني من أن أبرهن لك بهذا على أني أقوى منك).
(بغير الاستبداد المطلق لا يمكن أن تقوم حضارة ).
إنهم يسعون لإفساد الناس وجرّهم إلى العبثية والتحلل والفساد. ومن هنا كان الوعد الإلهي لهم بالخيبة والهلاك في الدنيا والآخرة.

(المسلمون أشداء على بعضهم رحماء مع عدوهم)







إن من أشد الأمور استنكاراً في هذا العصر الحال المزرية التي وصل إليها المسلمون في هذه الأيام من ضعف وتشرذم ونشوز عن الحق ومعاداة بعضهم البعض وحملهم السلاح ضد بني جلدتهم وخذلانهم لإخوتهم في الله والدين .
ولو رحنا نستعرض هذا الواقع المعاصر للمسلمين لوجدنا أنه يشبه وإلى حد كبير حال المسلمين في القرن السابع والثامن من الهجرة ، ضعف وهوان وتفكك ولجوء إلى الأعداء ومخالفتهم وتباغض بين أبناء الأمة الواحدة يتناصرون على بعضهم البعض ويستسلمون لأعدائهم يوالونهم في كل شيء ويقلدونهم في سفاهاتهم وينسون أن القرآن قد أعلن براءة الله











1- الفتح /29/.

ورسوله ممن يتولى اليهود والنصارى في صريح قرآنه (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا نادمين(1))
إن المسلمين في هذا العصر تتلاقى فهم مجموعة نزعات تكاد تقضي على وجودهم
أولها: الغزوات العسكرية على أرض المسلمين والإغارة على ديارهم واحتلال أجزاء كبيرة منها.
وثانيها: حرب المخدرات والحشيش والجنس التي تشنها الدوائر المشبوهة ضد أبناء وبنات المسلمين وعلى مختلف الأصعدة .
وثالثها: الاغتيال الاقتصادي لمعظم خيرات الأمة ابتداءً من الماء وانتهاء بالبترول وإن المسلمين لم يتنبهوا إلى ذلك ويبعثوا روح الرحمة بينهم فستمزقهم يد المستعمر الباطش وسيتحولون إلى مزق عصفور في يد صقر حقود ومن هنا شدّد القرآن الكريم على ضرورة وجود التراحم بين المؤمنين والتباغض مع الكافرين (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ....(2)).
حتى لا يعلا شيء وجودهم على الأرض .
1- المائدة /51-52/ واقرأ ص57
2الفتح /29/.

(وقفة أولية على أطلال القرن العشرين)





مازلنا نقف مشدوهين ومذهولين أمام نجاح العالم وفشلنا وحضارة الغرب وتخلفنا مع العلم أن ديننا الإسلامي الحنيف يحمل بين طياته عوامل التطور والتقدم وقيادة العالم للخير والمحبة والسلام والأمن والعدالة، لقد اكتشف الإنسان منذ الأزل وعلى مدار العصور أن (قابلية) أخيه الإنسان هي العامل الوحيد الذي أسهم في خراب هذا الكون وترديه وتوجهه نحو القتل والتدمير فكم من جمعية في العالم شعارها الرفق بالحيوان وأصحابها يقتلون الناس وكم يموت على هذه الأرض من أطفال جياع أو مرضى دون أن تقام لهم جمعيات إنسانية تساعد في خروجهم من محنهم. إن تدميرية الإنسان ونزعته الشوفونية للقتل وسفك الدماء هي التي جعلت الكرة الأرضية تعيش الآن على بحر من الحقد والضغينة والشحناء بينما تجار الرذيلة والموت والتدمير ينعمون بالرفاهية والحياة الرغيدة .
إننا ونحن نعيش هذا الزمن الصعب؛ زمن ضياع الأندلس وفلسطين والعراق و....!!! وزمن بكاء الموتورين على ضياع ملكهم وانهيار جدران الأخلاق والقيم بين برلين والقدس وتصدع عقائد الحق والعدل والحرية على أسوار القسطنطينية؛ زمن عقلنة المراهقين الفكريين لا نرى سوى الخراب والدمار والقتل والتشرد وماذا ينتتظرنا بعد ذلك مئة عام جديدة يخطط لها أحفاد (هرتزل) في مؤتمرهم الجديد؛ مؤتمر (بازل) مزيداً من التمزق والتشرذم والتشظي وإن حربهم الجديدة ضد المسلمين والعرب حرب قيم وأخلاق وزعزعة عقيدة وتحطيم مبادئ وتقسيم المنطقة إلى دويلات لا تبين كحب السمسم ((ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من يأجوج ومأجوج(1))).














1- صحيح مسلم كتاب الفتن وأشراط الساعة
سنن أبي داوود أول كتاب الفتن والملاحم
سنن ابن ماجه كتاب الفتن

إن لغة القهر والموت التي يعيشها الإنسان هذا اليوم تكشف عن مدى ضعف (الهابلية(1)) الخيّرة عند إنسان هذا العصر ...
لقد اغتالتنا الأوهام وكسرنا شوكة الحقيقة ؛ شوكة الخير والحق والعدل وأخذنا بشوكة التقليد الأعمى ونود غير ذات الشوكة أن تكون لنا. لقد قالها عمر بن الخطاب رضي الله عنه منذ خمسة عشر قرناً من الزمن (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا بغيره نذل).
وها نحن نعيش حالة من الذل والقهر والعذاب والسخط والتخلف؛ فقط ما أريد أن أذكر به أن عمر بن الخطاب نفسه قد دخل القدس وتسلم مفاتيحها بثوب فيه أربع عشرة رقعة يتناوب هو وخادمه على ركوب البعير بمقدار قراءة سورة (يس) يركب واحد ويقود الثاني البعير لم يكونوا يسمعون أثناء سيرهم أشرطة الرقص والغناء. سورة (يس) فقط ومَن مِن القادة المسلمين يعامل خادمه اليوم كما كان عمر يعامل خادمه، مَن مِن المسلمين يقبل محاورة خادمه؟!
إذن أين هم المفكرون مصابيح الأمة الذين يبعثون في نفوس جماهيرهم روح التضحية والبذل والعطاء والجهاد، وأين مفكرو المستقبل بمعناه الحقيقي لا بمعناه الغوغائي . أين هم المفكرون الحاملون لواء الدعوة إلى نشر المحبة والسلام والخير لا من يحملون شعارات رنانة وأقوال فارغة ودعوات أنانية ونحن ما نزال تحت وطأة مخططات الصهيونية تلك المخططات المرسومة لشعبنا وفكّر معي قليلاً أيها القارئ فمنذ أيام محمد علي إلى يومنا هذا ونحن مبعثرون بين غرب وشرق وشمال وجنوب نعيش حالة من الذهول. أيّ معنى لوجودنا.






أغنام تساق للمسلخ. لقد استطاع الأوروبيون واليهود أن يجعلونا تبعاً وخولاً لهم ونحن لا زلنا نردد أننا أحرار ولولا بقية من هذه الأمة التي تضحي بنفسها لقلنا خمدت نار الأمة وتحولت إلى رماد أو إلى صقيع وخاصة أن القرن العشرين بأكمله كان موسم هزائم للمسلمين أمام أعدائهم ومن يدري ماذا سيكون عليه الحال في القرن الحادي والعشرين؟ الذي كَشّر فيه اليهود والأمريكان عن أنيابهم منتظرين ساعة الصفر للانقضاض على هذه الأمة وتمزيق أوصالها وتحويلها إلى مجموعة لقم سائغة يتناولونها ساعة يشاءون نحن إذاً أمام معادلة صعبة جداً قائمة على عنصرين أساسيين يشكلان ماء الحياة لنا التضحية ومقارعة الأعداء نكون أولا نكون إما أن نفهم لغة العصر لغة الحديد والنار أو نجيد فن الخنوع والذل والانبطاح تحت أقدام الأراذل من الناس.
لقد دق ناقوس الخصر والقطار في محطة الانتظار إما التشرذم أو عبور نفق الموت .

(الغلو سمة الضعفاء)




حينما تتحول المعايير والمقاييس إلى شبه انفعالات تحمل المرء على أن يحب ويبغض ويرجو ويسأم دون تعليل أو فهم يتحول الأشخاص في نظر العامة إلى نماذج واسعة ولكنها مشوهة ويقترب الإنسان من الشعور والوجدان أكثر من اقترابه من الحقائق وتكون الطامة الكبرى غلّو في الواصف غلو في الموصوف غلو في الصفات وبالتالي تتحول الشخصيات الغالية إلى نماذج غير واقعية وغير حقيقية والمتصفح لتاريخ الإنسانية يجد أن معظم ما وقع فيه الإنسان على مر العصور من أخطاء إنما مآله إلى الغلو وقد نبّه القرآن الكريم إلى ذلك حينما دعا أهل الكتاب إلى عدم الغلو في دينهم وأنبيائهم فقال (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق(1)) فقد غالت اليهود بعزير فجعلوه ابناً لله وحاشا أن يتحول المخلوق إلى خالق والضعيف إلى قوي وغالت النصارى بالمسيح فجعلوه










1- المائدة

ابنا لله وهو كما قال عنه تعالى رسول من الرسل يمشي في الأسواق ويأكل الطعام ويحمل العذرة (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله يضاهئون قول الدين كفروا(1)) تلك إذن هي سمة الضعفاء إذا تعلقوا بنموذج متميز حاولوا أن يصبغوا عليه صفة الخلود والبقاء والديمومة ولا بقاء إلا لله وكل ما عداه هالك لا محالة (كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعـون(2)).
ويعجبني في هذا المقام قول السيد المسيح لقوم غلوا فيه (إني أصبحت لا أملك نفع ما أرجو ولا أستطيع دفع ما أحذر وأنا مرتهن بعملي والخير كله بيد غيري فأي فقير أفقر مني وأي عبد أحوج إلى مولاه مني) إن ما يعيشه الإنسان اليوم من تكبير وتعظيم لبعض الشخصيات إنما هو من باب الغلو ولو عرف الإنسان حقيقة ضعفه لما جعل من سخفه هذا مضاهاة للصانع العظيم في صنعته إن الله تعالى خلق الإنسان ضمن حدود طينيه وجعله خليفة له على هذه الأرض لإعمارها وليس للعلو والغلو فيها .

(الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش مالكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون (1)).
إن طينية الإنسان تجعله أنموذجاً قابلاً للغلو والاتساع ولا يمكن له أن يخرج من دائرة الضعف هذه إلا إذا تمنهج بما تمليه الكتب السماوية الحقة عليه .





1- التوبة /30/.
2- القصص /88/.




(هل حسر الفرات عن جبل من ذهب؟)
وهل يقتتل الناس قتالاً مرّاً يذهب بمعظمهم بحيث يقتل من كل مئة تسعة وتسعون رجلاً وينجو واحد كلّ منهم يقول لعلي أنا الناجي؟!
وما هذا الكنز الذي يقتتل عليه الناس؟
هل هو الذهب الأصفر أم الأبيض أم الأسود؟
وهل ما نراه في العراق هو البداية حقاً لقد منعت العراق درهمها وقفقيزها ومنعت الشام مديها ومنعت مصرا ردبها وعدنا من حيث بدأنا، نعم عدنا إلى ما كنا عليه من صراع وتناحر وقتالا تحت راية عصبية بعيدة عن الدين والعقيدة نعم عدنا من حيث بدأنا جاهلية جديدة تغرس أنيابها في جسد الإنسان وتحركه كيف شاءت إلا من بقية مخلصه ديدنها البحث عن منهج رباني حكيم. لقد منّ الله علينا وأخرجنا من جاهليتنا حين قال لنا: ( لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آيات ويعلمهم الكتاب والحكمة).
لقد جاءكم رسول من أنفسكم يتلوا عليكم آياته ويعلمكم الكتاب والحكمة وإن كنتم من قبله لفي ضلال مبين) ودعانا إلى الاعتصام بحبله (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تتفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إن كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها).
وذكرنا بآلائه في جعل هذه الأمة قائد المسيرة الربانية على الأرض إن هي أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر ولكن معظم أبناء هذه الأمة ورجالاتها قد تنحوا عن طريق الإسلام وثبتوا أفكارًا وضعية من صنع البشر على أنها الخلاص من مشاكل البشر ، ناسين أو متناسين أننا أمة أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة بغيره نذل نسوا أو تناسوا أن ابتعاد البشرية عن منهج الدين الحنيف زاد البشرية تعقيداً أو ضلالاً ومشاكلاً تتمثل بالحروب واستلاب خيرات الآخرين وكان أن وقعت القرعة في كل مرة علينا وأن كانت المساهمة من نصيبنا كي نرأب ما أفسده الآخرون.
لقد أدرك مفكرو أوروبا معظمهم أن الإسلام هو الحل المنقذ للبشرية من مشاكلها الاقتصادية والإنسانية والاجتماعية والفكرية وأن هذا الدين المرشح لملء الفراغ الحياتي في الكون وقد أعلنها (برناردشو) حين قال: إن الإسلام سينتشر في أروربا في القرن الحادي والعشرين كما أعلنها كبير مفكريهم (روجية غارودي) زعيم الشيوعية في أوروبا قبل أن يسلم وكتب في ذلك كتاباً سماه الإسلام دين المستقبل. فلماذا إذاً جيشوا جيوشهم وزحفوا نحو الشرق. لقد أدرك اليهود وبشكل لا يقبل النقاش أن الإسلام بدأ يملأ الفراغ الروحي والحياتي في نفوس الأوروبيين الذين ابتغوا العلمانية وحولوا قوانين الدولة والمجتمع لصالح العلمنه وأنه خلال خمسة وعشرين عاماً سيكون الإسلام الدين المرشح أكثر أتباعاً وقرروا مع تجار الأسلحة والاقتصاديين أن يكون الزحف للشرق كي يأرز الإسلام إلى بلاده ومن هنا كان غزو الشرق ولا اسميه غزو العراق لأن العراق نقطة الانطلاق بالنسبة لهم. لقد تحول القادم الأمريكي على حد زعمه والمنقذ للديمقراطية إلى وحش كاسر يريد أن يبتلع خيرات الشرق بأجمعها إنهم ما يزالون (يتلمظون) شفاهم بألسنتهم منتظرين وجبة العسل الشهية فأرض العسل ما تزال تحتل مساحة واسعة من تفكيرهم.












لقد توهمت شعوب البلاد الإسلامية أن الأفكار الوضيعة القادمة من الاتحاد السوفيتي سابقاً هي الحل الأمثل لمشاكلها الاقتصادية ونسيت أن هذه الأفكار الوضيعة لم تحقق لأبناء جلدتها سوى الويل والخراب والدمار وهاهي خريطة المعسكر الشرقي جليه واضحة أمام أعيننا ونحن مازلنا ندفع فاتورة الحساب سواء في الحربيين العالميتين السابقتين أو الحرب الباردة أو الحرب الساخنة الحرب القذرة التي تعيشها الآن وتستهدف (العقيدة والأسرة والدين) ناهيك عن سرقة أموال الشعوب المستضعفة.
إننا ونحن مازلنا نظن أن الغرب هو المخلص لنا ولمشاكلها لا بد أن نقف وقفة صادقة مع أنفسنا ندرك أن (99%) من مشاكلنا معظمها من ثلاثة مناطق (الأوروبيون – الأمريكان – اليهود) هذا الثالوث الذي يحمل على عاتقه في هذا القرن سحق شعوب الشرق الإسلامي بالحروب الطائفية المحلية ونهب خيراتها وسلخها عن عقيدتها ودينها .


















هل انتهى عصر الرويبضه؟‍
تكاد وأنت تطالع وجوه الناس ومواقعهم على شبكة الحياة الإنسانية تجد عنتاً وضيقاً وتبرعاً ونكوصاً وارتداداً صورة مزورة مفرغة من مضمونها بحيث أنك لو أردت أن تستنهض الهمم أو العواطف أو النخوة أو الرجولة أو الدين لا تجد إلا نكوصاً داخلياً. لقد خلق الله آدم وبنيه على هذه الأرض ليعمروها بالخير والحق والعدل والمحبة ولكن أبناء آدم تحولوا في هذا الزمن الصعب بمزاجه إلى أبناء آوى بل إلى وحوش كاسرة لا مكانة فيها إلا للقبيح فالمنابر الإعلامية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية لا يعتليها إلا (الرويبضون) أولئك القوم الذين تلقنوا كل ما يتلعق بمصالحهم الخاصة وأنانياتهم الضيقة وشهوانيتهم الفاجعة لونوها ببعض القيم السطحية التي لا تشكل إلا قشرة البيضة إنهم يرتدون عباءات الإدعاء والزور الكذب المزيفة بأفكار يلتقطها من هنا وهناك تظهر الخير وتضمر الشر.
لقد نعى رسول الله صلى الله علينا عصرنا الذي نعيش فيه وحذرنا من ويلاته وافترض لنا الحلول لمشاكله حتى لكأنه يعيش الحالة التي نراها الآن فكم من رجل تبوأ مكانة عالية ويتحكم بمصائر الناس ويقرر الكثير من القضايا الإنسانية إذا تحدث سمع له وإذا طلب لبي طلبه وإذا قال يصدق قوله وكأنه (حذام(2)) عصره وعلى حد قول الشاعر:
إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذامِ
إنه (الرويبضه) أو كما ترجمه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (الرجل التافه يتحدث في شؤون العامة ولو أن القضية تقتصر على أفراد يتبوؤن مواقع عادية بسيطة لهان الأمر ولكن المشكلة في أفواه كثر (رويبضون) كثر تسنّموا سدة السلطة وتحكموا بمصائر الشعوب فخاضوا حروباً جوعت شعوبهم وقادتها على الويل والهلاك والدمار والثبور.
كم من (رويبضي) كان قائدا لجيش قاده إلى الهزيمة وكم من
ر ويبضي كان زعيماً لدولة قادها إلى السقوط وكم من رويبضي تحكم في مصير الاقتصاد في بلده فآلت الأوضاع الاقتصادية إلى السقوط.
لقد اقتربت الساعة وانتشق التمر ومع ذلك بقي الكثير ممن يدعي الإسلام خارج سياج معسكر الإيمان بعيدين عن مناصرة قرآنهم ودينهم وحتى عن مناصرة أنفسهم لأن أنانيتهم كانت الطاغية ولكم بكت أمتنا من هؤلاء دماً حاراً فسقط ما سقط من ديار المسلمين في يد أعدائهم. امبراطورية عظيمة لا تغيب عنها الشمس أصبحت دولاً كحب السمسم ونحن قابعون في غينا وضلالنا.
إن الأمة الإسلامية هي اليوم أكثر ما تكون بحاجة ماسة إلى نصرة دينها ونصرة قرآنها ونصرة نبيها قولاً وفعلاً حتى تكتمل عناصر الإيمان لديها ولا يكون ذلك إلا باتباع منهج الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كانت تصفه السيدة عائشة دائماً بأنه قرآن يمشي على الأرض.
إن بكاء الأندلسيات والفلسطينيات والعراقيات والبوسنيات والشيشانيات لم يكن لولا هذا السقوط في مستنقع (الرويبضية) ولا مناص لنا إلا بالعودة إلى حقيقية ديننا وشريعة أمرنا سالكين سبيل محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه الطاهرين هؤلاء الذين لو أن واحداً منهم رجع إلى عصرنا لتأكد من انطباق قول الرسول صلى الله عليه وسلم على واقعنا لما صدق ما يراه من ضعف حل بالمسلمين جعل الأعداء يتكالبون عليهم حتى إن أضعف الأعداء ليستقون على قرآنهم ونبيهم ودينهم حملة شعواء لا أعتقد أن الرد يكون عليها إلا ببرنامج كامل للتغيير برنامج فردي وبرنامج أسري، وبرنامج دولي وبرنامج شامل يحول الأمة من (حمل) ضعيف مستهان إلى أسد عظيم يخاف جنابه الناس جميعا.
و(إن الله لا يغير ما يقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) كما قال رسول الله صلى عليه وسلم:

(عصر القبض على الجمر)
هل يدخل المسلمون جحر الضب الأمريكي
وهل تحول الدين إلى تنين عظيم يقضّ مضاجع الجبابرة والمنتفعين؟
وهل أصبح الإنسان يحارب لمجرد كونه يؤمنا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً وبالكعبة قبلة وبالقرآن دستوراً؟
وهل يشكل الدين خطراً على هؤلاء حتى يسخّروا ما سخروه في سبيل استئصال جذوره باسم محاربة الإرهاب والإرهاب الإسلامي بالتحديد على حد زعم أعداء الله والدين .
لقد كانت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم الضربة القاضية لدولتي الكفر (الروم والفرس) وبددتهما أشلاء مبعثرة وجعلت أتباعهما يتفرقون شذ مذر ويحاولون بشكل أو بآخر الانتصار لدعواتهم ولكنهم لم يفلحوا فقد غطى الإسلام ثلثي مساحة اليابسة من الأرض وانتشرت مبادئه محرقة كل الأفكار الوضعية التي لم تحقق للإنسان إلا مزيداً من التعب والتعاسة والسقوط والتردي والجوع والفقر والمرضى ولقد استطاع الإسلام يفضل مبادئه أن يحقق توازناً روحياً جسدياً مادياً وإنسانياً لكثير من الشعرب التي اعتنقته ولكنه اليوم وبفعل أبنائه قبل أعدائه أصبح غريباً عن أتباعه فهم في واد وهو في واد آخر هم يدخلون (حجر الضب الأمريكي) وهو ينظر إليهم ولسان حاله يقول لهم يا أتباعي لا يغرنكم زيف الحضارة المادية الغربية وزيف أبنائها تلبسون ما يلبسون وتأكلون ما يأكلون وتشربون ما يشربون وتعتنقون ما يعتنقون جعلتموني وارء ظهوركم باستظهارهم . والله لو أنكم تعرفون مكانتي ومكانة رسولكم لبكيتم الدموع دماً ولقدمتم إلى أفكاري وشريعتي انظروا إلى نسائكم ما ترتدي وإلى أطفالكم ماذا يصنعون وإلى رجالكم بم يفكرون لقد غلّبوا المصالح على القيم والدنيا على الدين والنار على الجنة اشتروا بي ثمناً قليلاً وبئس ما يصنعون لقد أصبح المتمسك بي في هذا الزمن كالقابض على جمرة من نار تحرقه في كل لحظة يقلبها من كفٍ إلى كف يكتوي بنارها إذا عاش في بلاد المسلمين حرقته وإن هاجر في سبيل الله حرقته يعيش مراغماً في بيته وأسرته ومجتمعه وها هي معتقلات (منتغامو) شاهدة على ذلك.
لقد عاش المسلمون حالة من الضياع والسقوط والتردي استغلها أعداؤهم وتسللوا إلى حصونهم حصناً حصناً حتى أصبحت مقاليد حكم المسلمين بأيدي غيرهم صنعون لهم البرامج ليخرجوهم من النور إلى الظلمات حتى تحول الفسقة إلى سادة والمنافقون إلى قادة فما من يوم يمر إلا والذي قبله خير منه وعليك أيها المسلم حتى تكون مسلماً حقيقياً أن تقبض على الجمر. أي عصر هذا الذي نعيشه إنه عصر القبض على الجمر يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا. ولكن أكثرهم مسلمو البطاقة والهوية لا مسلمو العقيدة والانتماء فلا تغرنكم كثرتكم كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ودونكم غزوة حنين . لقد أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم من الله شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين فلما أيقنتم أن الغلبة للإيمان انقلبت قلوبكم وسكنت عاد النصر إليكم.
أيها القابضون على الجمر اصبروا وصابروا ورابطوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تغلبون. لقد أصبحتم الفئة القليلة التي تواجه الظلم والاستبداد والتسلط بصدر عار عدتكم (لا إله إلا الله) وغايتكم أن تكون (كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى) إليكم ينظر المسلمون وإياكم يأمل المظلومون وبكم يثق المؤمنون فما النصر إلا من عند الله.
أيها المستجيرون بالله المحترقون بلهيب جمر القوانين الوضيعة لا تنظروا مكافأة من أحد فسدرة المنتهى تنتظركم بلهفة وشوق وحرقة تتزين وتستعد لاستقبالكم ونعمت الجنة جزاء المتقين.

(










































حسين علي الهنداوي







هل أنجز الله وعده
الجزء الخامس








(( أخلاق ومسؤولية))
























































































وجئنا بكم لفيفا

إذا كان الله تعالى كرّم بني آدم ورزقهم من الطيبات وهيّأ هذا الكون لهم ،ليعمروا حياه إنسانيه زاهرة بالمحبه فإن معظم الناس مازال يحاول ذلك ، وما شذّ عن هذه القاعدة سوى اليهود ، الذين شكلوا ظاهرة نشوز تمثلت بطلب التمايز ، وإن كان ذلك برفض الأعلى والقبول بالأدنى ، وقد لفت انتباهنا لذلك الله تعالى حين خاطبهم قائلا : ( أتستبد لون الذي هو أدنى بالذي هو خير)وكانوا قد طلبوا الفوم والعدس والبصل بدل المنّ والسلوى .

وإذا كان اليهود يصرّون اليوم على ممارسة الظلم الإنساني ضدّ العرب المسلمين في فلسطين ، وخاصة في غزة هاشم معقل الجهاد؛ فإنهم ما زالوا يمارسون هذا الظلم تجاه أبناء الإنسانية منذ أن وجدوا على هذه المعمورة ، فكل الحروب في هذا العالم هي برامج يهودية صهيونية سببها الترويج لبيع الأسلحة لأن ّ معظم تجار الأسلحة من اليهود فهم كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله وهم تجار الجنس وتجار المخدرات والرقيق في هذا العالم .

وهم أيضا أصحاب أكبر إفسا دتين في تاريخ المعمرة ، وقد حذّرنا الله تعالى منهم وبين لنا في كتابه أنه سلط عليهم من أدالهم بعد أن استولوا على أرض فلسطين ، وهم ـ أي ـ اليهود كانوا يتجبّرون ويطغون ويفجرون على الناس ويوقعون بينهم العداوات والحروب ؛ وكذلك دأبهم في كل عصر ، وهم اليوم يعيدون الكرّة وها هو العالم اليوم يتهيّأ لحرب جديدة ولكنها ليست كسابقاتها لأنها ستبير كل شيء ، وسيحرق الأخضر واليابس .

لقد سلّط الله عليهم في إفسادتهم الأولى (جالوت ) وفي إفسادتهم الثانية (بختنصّر ) ولمّا عادوا عاد الله تعالى فسلّط عليهم ( محمد ) وأصحابه .

إننا حين نستعرض نكوصات اليهود مع الله تعالى ومع الناس ومع أنفسهم نكتشف أن التعامل معهم صعب وعسير وغير ممكن ومستحيل فلقد وصفوا الله وحاشا له ذلك بالبخل فقالوا ( يد الله مغلولة غلت أيديهم) وطلبوا من موسى عليه السلام أن يريهم الله جهرة ، وهم قتلة الأنبياء ، هم أبناء القردة والخنازير ، وهم اليوم وبعد سيطرتهم على ( اقتصاد العالم وعلى إعلامه بل وعلى ساسته ومعظم حكامه ) يحاولون أن ينشروا الكساد الاقتصادي والصراع السياسي والمذهبي والعرقي والطائفي والمذهبي من أجل أن يقودوا العالم نحو الهاوية ؛ وإذا تمكنوا من إحكام سيطرتهم فسيرى العالم كيف سيصنعون به .

لقد كانت الحكمة الإلهية عظيمة حين نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم عندما كان يريد أن ينزع درعه وطلب منه أن لا يخلعها حتى يتخلص من يهود المد ينة المنورة وكان له ما أراد .

إننا اليوم ونحن نعيش حصار غزة الذي سيتبعه حصار العرب أجمعهم إن آجلا أو عاجلا سنشهد نكوصات أخرى لهؤلاء اليهود الذين لا يتوانون في تدمير البنى التحتية العربية المتمثلة في(الجينات) العربية في محاولة لتغيير السيكيولوجيا العربية .

وليتذكر هؤلاء اليهود الذين يسرقون ضياء النور العربية والفلسطينية أن الله لهم بالمرصاد وأن دابرهم مقطوع إن شاء الله وأن عباد الله الذين قال عنهم تعالى (أولي بأس شديد ) قادمون إن شاء الله وليتذكر هؤلاء اليهود الذين يجوسون ديار الفلسطينيين الآن وينتهكون أعراضهم ويسلبون بيوتهم ويسرقون ممتلكاتهم ويرملون نساءهم وييتّمون أطفالهم ويستولون على أرضهم ويشردون رجلهم ويلقونهم في غيابات المعتقلات والسجون أن الميزان إذا قلب فستكون العاقبة وخيمة وأن الأمريكان والأوروبيون سيتنكرون لهم وقد ذكرهم الله تعالى بذلك عندما أراد فرعون أن يستفزّهم من الأرض فأغرقه ومن معه جميعا( وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ (66) الحجر //66.

إننا نطالب اليهود أن يقرؤوا سورة الإسراء قراءة ما بين السطور ليعوا درسا لا بدّ منه ( أن حرمان الفلسطينيين من الطعام والماء والكساء والدواء ) سيقابله حرمان من الحياة من الجانب الفلسطيني .

قال تعالى : )( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً (8)

إن استدراج اليهود إلى فلسطين وتجمعهم فيها من كل أصقاع الأرض يعني أن اليهود قد قادوا أنفسهم إلى الموت المحتم وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْألْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (102) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنْ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (103) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً (104)


























ومن لا يظلم الناس يظلم




( و الظلم من شيم النفوس فإن تجد

ذا عــــــفة فلعـــــلة لا يظـــــــلم )

إذا كانت مقولة المتنبي السابقة تنطبق على واقع الحال الإنساني فإن الظلم الذي نراه اليوم يمارس على الفئة المستضعفة في هذا العالم إنما يعبر عن موقع الصراع ( القابيلي - الهابيلي ) الذي لا يفتأ

يخلف وراءه الكثير من المصائب ، و إذا كانت مساحة الظلم الإنساني أصبحت بمساحة الكرة الأرضية ، فإن ظلماً من نوع خاص و حيفاُ من طراز متميز يقع في أكناف المسجد الأقصى يتمثل

في استهداف طائفة لا تزال تقارع أعتى عدو على هذه الأرض يستهدف في الإنسان كل شيء ، عدو يرى أن من حقه أن يستهدف هؤلاء المستضعفين بلقمة عيشهم و بالأردية التي يغطون بها سوءاتهم و بالأدوية التي يتناولها أطفالهم و نحن نحيل القارئ لهذه المقالة ليعود ما قدمته التوراة التي حرف الكثير منها أحبار اليهود ليرى بأم عينه أن كل ما يتعلق بالشعب الفلسطيني المسلم هو مستهدف و هو ( عبادة و تقرب إلى إله اليهود ) الذي يطالب اليهود على زعمهم بالإساءة تجويعاً و ترويعاً و قتلاً للشعب الفلسطيني المسلم و أن ما يقوم به اليهود من قتل و سفك للدماء الفلسطينية المسلمة هو عبادة على حد زعمهم لله تعالى يستحقون عليها الجزاء الحسن

و إذا كان هذا أصبح مألوفا لدى الكثير من الناس ممن اطلعوا على الثقافة التوراتية المزورة و المتسمة بالهمجية و القتل و الترويع و التي تدعو اليهود إذا دخلوا على أي بلــــد من البلاد أن يقتلوا كل نسمة بشرية أو حيوانية أو نباتية فإن من غير المألوف أن نرى طوائف ممن تظاهروا بالعروبة و بالإسلام هي التي تدفع هؤلاء اليهود إلى هذا القتل بل و تبارك أعمالهــــــم الهمجية

و كأنها لم تسمع قط بأن ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه و لا يسلمه و لا يخذله ) أما أن ترى من يجوعه و يروعه فهذا ليس من اختصاصها و إذا كان هذا الزمن الذي نعيشه غير مأسوف فيه على أمثال هؤلاء الأعراب الذين فقدوا القيمة العروبية و الإسلامية من قلوبهم فإن من المأسوف عليه أن يقف أكثر من مليار و نصف المليار يتفرجون على ( موت الفلسطينيين)و يباركون هذا العدو المأفون بعقله و نفسه و الذي لم يعد له همٌّ إلا أن يرى الدم الفلسطيني يسيل في شوارع المدن و البلدات و قديماً قال الشاعر الحكيم زهير بن أبي سلمى ( ومن لا يظلم الناس يظلم ) أي من لا يستطيع أن يري الظالمين أنه يستطيع ردعهم فإنه لا بد أن يضرس بأنيابهم و أن تطأه أخفاف دباباتهم و أن تمزقه صواريخ طائراتهم 000 نعم إن من أعجب العجب أن نرى عدو المسلمين و العرب يتبختر في مشيته على أرض العرب و يشرب بفمه بترول العرب و يباركه أبناء العرب و كأن الأمر الذي يحدث في غزة أو في فلسطين أو في العراق أو أفغانستان أو الشيشان لا علاقة لهم به 0

و إذا كان الله تعالى قد حرم الظلم على نفسه وجعله محرماً بين عباده فإن من المستهجن ما يصنعه اليهود في هذه الأيام و ما يرتكبونه من ظلم شنيع أخرج الناس من ديارهم و تركهم فريسة للجوع و المرض و العري و كأن الأمر لا يتعلق بإنسان كرمه الله بخلقه إن هذا الظلم ليذكرنا بإفسادتي اليهود الأولى و الثانية و التي مزقت اليهود و شتتهم على مساحة الكرة الأرضية شر تمزيق و سورة الإسراء شاهد على ذلك و قد ذكرنا الله و ذكرهم بذلك حين قال :





1. سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

2. وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً

3. ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا

4. وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا

5. فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً

6. ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا

7. إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا

8. عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا

و نحن نذكرهم أن داوود عليه السلام عندما استعمل مقلاعه و حجره إنما كان ذلك إحقاقا للحق

و إنصافا للظلم وأما اليوم فإن الحجر الفلسطيني ( السلاح الذي يدافع به المظلوم ليدفع الظلم عن نفسه إنما هو المقلاع الذي سينتصر بإذن الله على أعداء الإنسانية الذين ما تركوا وسيلة من الوسائل إلا و قد استخدموها في محاولة تدمير هذا الكون 0

الظلم ظلمات ترتد على فاعلها وهذا الحصار ليس إلا مقدمة للانتصار وما أشبه اليوم بالبارحة

فقد حوصر نبينا و أصحابه في شعب أبي طالب و اضطروا لأكل الميته و الجلود و غير ذلك و لكنهم صبروا فكان ذلك الحصار مقدمة لانتصار فتح مكة و ها هو اليوم حصار غزة مقدمة لانتصار فتح بيت المقدس الذي سيكون قريباً بإذن الله 0

عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي ، كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي ، إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا ، فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) .

بقي أن نذكر المخلفين من الأعراب الذين انحرفوا عن طريق الإسلامو الذين ســــولت لهم أنفسهم أن يباركوا هذا الحصـــــار بقوله تعالى :

)قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليم )











































قل إني على بينة من ربي !!

قال تعالى :
(وأنّ الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ) 0

إ ذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أكّد في الكثير من أحاديثه على أهمية الإيما ن ومكانته في النفس والمجتمع والحياة الإنسانية فإنه كثيرا ما كان يقول : ( الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها ،لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان ) وهذا يعنـــــــي أنّ للإيمان ضوابط دقيقة إذ أن الإنسان الذي يسلك سبيله على بينة مـــن ربه ويتلوه شاهد منه إنما هو من يحقق شروط الإيمان ويبني أمــــــــة إنسانـية متحضرة تحسب لله ثمّ للإنسا نية الحساب الحق...... إذ لا إيما ن بــلا بينة ، ولا لابينة بلا علم نافع ، ولاعلم نافع بلا شاهد ، ولا شاهد بلاعمــل صالح ،وهذا بالتالي يوصلنا إلى أن ّ حقيقة الإيمان( ما وقر في القلب وصـــــدّقه العمل) وقد أكّد على ذلك القرآن الكريم دائما وأسهمت آياته في دفع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يسلك الصراط المستقيم ( قـــل إني على بينة من ربي ) ليبقى المؤمنون على صراط الحميد المجيد ومن هنا كان القرآن الكريم يستنكر أشدّ الاستنكار على من يساوي بين المؤمنـــــين والكافرين وبين المخلصين والمنافقين وبين الفاعلين للخير والصانعــــين للشر...... قال تعالى : (أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له ســـوء عمله واتبعوا أهواءهم )
وقد أصاب الصحابي الجليل مصعب بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه حين قال :
أأقعد بعدما رجفت عظامـي
وكان الموت أقرب ما يليــنــــي
أجادل كلّ معترض خـصيم
وأجعل دينه غرضا لدينـــــــــي
فأترك ما علمت لرأي غيري
وليس الرأي كالعلم اليقـــــــــين
وما أنا والخصومة وهي شيء
يصرّف في الشمال وفي اليمين
وقد سنت لنا سنن قــــــــوام
يلحن بكلّ فــــــــج ّ أو وجيـــــن
وكان الحق ليس به خـــــفاء
بمنهاج ابن آمــــنة الأميـــــــــن
فأمّا ما علمت فقد كفانـــــــي
وأما ما جهلت فجنــــــــبونــــي

إذن فا لكفر طريقه الضلال أما الإيمان فطريقه الحق تلك هي المــــــــــهمة الكبرى التي جاء من أجلها القرآن الكريم قال تعالى : (الذين كـــــــــفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحا ت وآمنوا بما نزّل على محمد وهو الحق من ربهم كفّر عنهم سيآتهم وأصلح بالهم ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ) وليس هلاك الأمم إلا با تباع الهوى الذي يقود إلى الباطل








(المدح الكاذب مفتاح النفاق)







أكثر ما يلفت الانتباه في هذا العصر المزور كثرة المدح والمداحين بحق وبغير حق ومحاولة الكثير من المتزمتين النفخ في بوق الكذب والتزوير حاملين على عاتقهم تحقيق مصالحهم من خلال كلمة ملفّقة يرضون بها من تكون حاجاتهم لديه ثم إيذاءهم فإذا حققوا مصالحهم قلبوا ظهر المجن وأخذوا يكيلون الذم لذلك الرجل نفسه ويقدحون في مروءته وأخلاقه وقد ذم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه فكيف إذا كان الشخص يمدح ويقدح في ثنائية مزورة إن تزكية الآخرين تبعاً للمصلحة والقدح بهم بعد انقضاء المصلحة خلق لا تستطيعه (انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبيناً) النساء /50/.
لقد نهى الإسلام في معظم تعاليمه عن صور التزوير والكذب والخداع ودعا إلى الصدق والإخلاص والمحبة فالتمادح والتزكية بغير حقّ خلق ذميم وفي صحيح مسلم (1) عن المقداد بن الأسود قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أن نحثوا في ونجوه المداحين التراب)) وروى ابن مرو يه عن عمر أنه قال (إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه) (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) وما أبرع هذا التعبير القرآني الذي يدعوا إلى عدم تزكية النفس حتى ولو كان صاحبها من أرباب العمل الصالح (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون قتيلاً) النساء /49/ صحيح أن أحدنا إذا أحب أخاً له في الله من المستحب له أن يبادره بتوضيح محبته له إلا أن ذلك يجب ألا يكون مدعاة إلى كيل المدح له





لقد ادعى اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحباؤه فزعموا أنه لن يدخلوا الجنة إلا من كان منهم وأنه لن تمسهم النار إلا أياماً معدودات وكثيراً ما كان معاوية يحدث يوم الجمعة- على الله قلة ما يحدثه في غيرها – ويقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من يرد الهداية خيراً يفقه في الدين وإن هذا المال حلو خضر فمن يأخذه بحقه يبار لأخيه وإياكم والتمادح فإنه الذبح)(1)
ومع ذلك فقد توعد الله المخالفين منهم بعذاب شديد
1- ابن ماجه كتاب الأدب الترمذي عتاب الزاهد صحيح الجامع الصغير المجلد الأول





وقد أكّد الشعراء على أن المدح والقدح بغير تجريب هو ضرب من الهذيان وأن الذم من غير تجريب لا يختلف عنه
لا تمدحنّ امرءً ما لم تجربه ولا تذمه من خير تجريب
إن ظاهرة المدح بما تحملن من فيروسات السقوط المحتم إنما برزت بأبشع صورها في شعرنا العربي بحيث تحول إلى تزلق كاذب غايته الكسب وإذا كانت ظاهرة المدح عنصر استلاب عند الإنسان فإنه من المفترض ألا تكون إلا بمعيار حقيقي ودقيق وحسب المرء أن يكون قاطعاً لفتن صاحبه إن هو مدحه مدحاً في غير موضعه .
إن نظرية التكسب بالشعر بصوره المختلفة القديمة والحديثة إنما تعبّر عن هذا التراجع القيمي الذي جعل الشعر العربي في الصف الأخير من حيث بعث الروح القيمية في نفوس ملتقيه.
لقد كان عمر بن الخطاب معجباً بالشاعر زهير ابن أبي سلمى لأنه لا يمدح الرجل إلا بما هو فيه إذ أن المشكلة ليست في المدح نفسه بقدر ما هي بزعانف المدح وما يصبغه المادح من صفات مزورة على ممدوحيه .
والأنكى من ذلك أن ينتقل المدح من الشعراء إلى العلماء والفقهاء الذين يسيرون تحت جناح السلطان فيشعرونه دائماً بصحة كل القرارات التي يتخذها ويحاولون أن يوجدوا لها المبرر المشروع من خلال لي أعناق الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث الشريفة بما يتناسب مع أهواء السلاطين.
لقد طفت ظاهرة المدح على القدح في الدوائر الرسمية التي تحيط بالسلطات السلطانية سواء أكانت من المستشارين أو من غيرهم بحيث تحولت الأباطيل إلى حقائق وأقصيت الحقائق خارج سياج الواقع والقرار لقد أكد الإسلام بكل تفصيلاته الكلية والجزئية على أن ظاهرة المدح يجب ألا يتجاوز حدها وإلا انقلبت إلى ضدها.
















































أليس من واجبنا أن نسلك منهج محمّد؟!
هل يموت في شراييننا حبّ محمد صلى الله عليه وسلّم ؟؟؟!!! .
وهل نجسّد حبه على مساحة الكون بالدعوى للهدى والخير والمحبة
أليس من واجبنا إذا كنّا نحبّه أن نسلك منهجه؟؟ّّ
ونسير على خطاه ونقتدي به ونطبق أحكام القرآن الذي جاء به ؟!
وهل نحن مطيعون له نأتمر بما أمر به وننتهي عمّا نهى عنه ؟؟!!
أليس من حق المحب أن يطيع حبيبه ؟؟!!
أسئلة تحتاج منا نحن ـ المسلمين أن نجسّد حبّ هذا النبيّ العربي ّ الأميّ الذي حمل إلينا نحن ـ أبناءـ الإنسانية رسالة السماء بفعل حضاريّ انطلق من كلمة (اقرأ) نقطة التقاء الأرض بالسماء، وتجسيد هذا الحب لا يكون إلا بالعمل الفعلي والسلوك العملي فمحمد صلى الله عليه وسلم كما وصفته السيدة عائشة رضي الله عنها وعن والدها (قرآن يمشي على الأرض) يأتمر بما أمره الله به وينتهي عمّا نهاه الله عنه .
وإنّ من أخصّ ما دعا إليه نبيّ الرحمة ( المحبة ) بين جماعة المجتمع الإنساني وما أحوجنا اليوم وفي هذا الزمن الصعب بمزاجه المشاكس بأخلاقه العابث بعقائده الداعي إلى النكوص القيمي إلى هذه السجية تلك التي جعلت من مجتمع الأنصار والمهاجرين نسيجا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى وهو مجتمع يعد بالخير ويحققه وتلك لعمري ثمار العقيدة الصحيحة (لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه ) حقا إنها معادلة صعبة في هذا الزمن المادي الذي لم يعد معظم أبنائه يتمسكون بالقيم الإسلامية








والشيء المحزن في هذا الزمن الذي نعيشه أن يهاجم نبيّ مثل محمد وأن يدّعي الكثير ممّن تسمى بالإسلام شكلا حبّ هذا النبي وهم لا يلتفتون إلى شرعه الذ ي يحتوي على حلول لكل المشاكل العصرية الفكرية والاقتصادية والسياسية والنفسية والاجتماعية بل تراهم على العكس من ذلك يتّبعون خطوات الشيطان وخطوات المنحرفين ممّن يدّعون الإشفاق على الإنسانية يرفعون شعارات براقة ظاهرها حسن وباطنها تخريب للمجتمع الإنساني من أجل سلخ الفرد عن مؤسسة الأسرة وعن حقائق الدين .
إنّ محمدا صلى الله عليه وسلّم جاء ليخرج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان ضمن إطار الحق والعدل والمساواة نابذا التمييز العنصري والتمايز العرقي والتفريق بين الذكورة والأنوثة أو بين شعوب بيضاء وشعوب سمراء ميزانه التقوى والخوف من الله وأحبّ الناس إليه أحاسنهم أخلاقا


























أين يذكر الحبيب حبيبه ؟؟ !!!

ليس أعز على الإنسان من اللقاءات العاطفية التي يفرغ فيها شحنة الأحاسيس التي تحمله على جناح الخيال بحثاً عن اللذة الحسية و لكن اللقاءات الودية التي يفترض أن ينظر إليها الإنســـان و أن يحرص على معرفتها هي لقاءات الأحبة الحقيقيين الذين تذوب ذواتهم في النور الإلهي الذي سيتجلى يوم القيامة لهم 0
تقول السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها(( قلت يا رسول الله ! هل يذكر الحبيب حبيبه يوم القيامة ؟ قال : (( يا عائشة أما عند ثلاث فلا ، أما عند الميزان حتى يثقل أو يخف فلا ، و أما عند تطاير الكتب إما يعطى بيمينه و إما يعطى بشماله فلا ، و حين يخرج عنق من النار فيطوى عليهم و يتغيظ عليهـم و يقـول ذلك العنق : وكـلت بثلاثة وكـلت بثلاثة وكلت بثلاثة ، وكلت بمن ادعى مع الله إلهاً آخر ، ووكلت بمن لا يؤمن بيوم الحساب ، ووكلت بكل جبار عنيد 0 قال : فينطوي عليهم و يرميهم في غمرات جهنم و لجهنم جسرٌ أرق من الشعر و أحد من السيف عليه كلاليب و حسك يأخذان من شاء الله و النـــاس عليه كالبرق و كالطرف و كالريح و كأجاويد الخيل و الركاب 0 و الملائكة يقولـون : يا رب سلم سلم 0 فناج ٍ مسلّم و مخدوش مسلّم ، و مكور في النار على وجهه ) ( أخرجه الإمام أحمد عن عائشة )
سؤال مشروع حملت لنا رسالته السيدة عائشة لتبين لنا أن المحبة الحقيقية هي التي تقود صاحبها إلى موقف سليم ينجو فيه العبد من ويلات ذلك اليوم العظـيم المخيف القمطرير الذي يفترض أن نعد فيه العدة للـقاء الله و قد أكد الــقرآن الكريم على ذلك حين أشار إلى عظم ذلك اليوم الذي تذهل فيه كل مرضعة عـما أرضعت و تضع فيه كل ذات حمل حملها و ترى الناس فيه ســكارى دون خمر




"يقول الله تعالى(( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الســــاعة شــــيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى النــــــاس سكارى و ماهم بسكارى و لكن عذاب الله شديد. )) 0
حقاً إن زلزلة الساعة شيءٌ عظيم فما هي زلزلة الساعة يا رسول الله ؟؟ و متى هي ؟؟ و هل هي بعد قيام الناس من قبورهم يوم نشورهم إلى ســـاحات يوم القيامة أم هي زلزلة للأرض قبل قيام الناس من أجداثهم 0
فيا أيها المتحابون في الله انتظروا لقاءً عظيماً تشــرق الأرض فيه بنور ربها و تتحول اللحظات إلى خلود أبدي 0
































لنتخذ رسول الله قدوة

أصدقائي الناشئة أحييكم بتحية الإسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فالله هو السلام ندعوه ليل نهار لكي يعم السلام على الأرض ونتعاون نحن شعوب الأرض في أعمار الكون ومساعدة بعضنا بعضا والأخذ بيد الضعفاء والفقراء والمساكين على هذه الأرض فرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم رسول الضعفاء والمسكين أولا يحبهم ويحبونه لأنه يعلم ونحن نعلم أنه كما نحن محلوق من تراب ولكن الله سخره لنا رحمة للعالمين أجمعين فهو لم يرسل إلا كي ينقذ الناس من ظلمات الجهل إلى نور الأيمان والعلم ولينقذهم من نار جهنم إلى جنان الحلود0
نقدره ونحترمه لما بذ له من جهد في سبيل هدايتنا وما تحمله من أذى المشركين حتى أوصل الإ نسانية إلى طريق الخير والمحبة والعلم فلولاه لما كانت هذه الحضارة الإنسانية العالمية 0
لقد كان لرسول الله محمدا أثر عظيم في حياتنا اليومية في المسجد والمدرسة والبيت فهو حاضر في كل ما يطرح من موضوعات دينية إنسانية أخلاقية اجتماعية أو فيما يتعلق با لسلوك مع الإخوة والأصدقاء مع الصغير والكبير والرجل والمرأة والشاب والعجوز مع الوالدين والأرحام والأقرب حبا وعطفا وحنانا للمساكين والفقراء والعجزة فقد أوصانا أن نحب للناس ما نحب لأنفسنا نكرم الضيف ونعين صاحب الحاجة نوقر الكبير ونعطف على الصغير ونحمي المرأة ونغيث الملهوف ونسقي العطاش ونطعم الجائعين ونكسو العريان نؤمن بالله الواحد الديان ودعواته هذه تدفعنا أن نتخذها في أمانته وصدقه وإحلاصه وإنسانيته وإصراره على تحقيق أهداف الدين في رفع شعار لا إله لهذا الكون إلا إلاه واحد خالق السموات و الأرض بارىْ النسمة ومحيي العظام وهي رميم .
لقد علّمنا محمد أن نكون موحدين لله شاكرين له فضله نحبّ بعضنا بعضا ونبني مجتمعا إنسانيا صادقا يساعد أغنياؤه فقراءه ويعطف كباره على صغاره ويحترم رجاله نساءه نصبر ونحتسب وصبرنا عند الله.
لقد حوّلنا محمد نحن ـ العرب ـ من أمة أميّة إلى أمة حضارية بطلبه منّا اتخاذ العلم هدفا وهو يطالب الإنسانية أن تسلك سبيل العلم والرحمة .
نحن لم نتّخذ محمدا قدوة إلا لأنه صنع جيلا من القادة الطيبين المخلصين الموحدين العابدين لله وحده جيلا أفراده فرسان بالنهار رهبان بالليل يعبدون الله على هدى ونور .
أليس من هذه صفاته يستحقّ أن يكون قدوة إنه قائد فذّ في معاركه رحيم حتى مع أعدائه متواضع مع الفقراء مشفق على الضعفاء رفيق مع النساء رحيم مع الأقرباء .إنه يحمل همّنا حتى يوم القيامة فقد طلب من الله أن يلبي له دعوته يوم القيامة بأن يشفع لنا حتى لا ندخل النار .
بنى دولة الدين والدنيا دولة العدل والحقّ والخير والمساواة وعدم التفريق باللون أو الجنس أو تفضيل شعب على شعب الناس عنده سواسية كأسنان المشط لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والخوف من الله ومساعدة الناس
لقد بنى دولة المسلمين على مبدأ التواد والتراحم والتعاون ونهى عن التدابر والتقاطع والتشاحن .
ما أحوجنا في هذا العصر إلى قدوة من مثل قدوة محمد كي يحلّ مشاكلنا ومشاكل العالم لنحارب الظلم والظالمين ونقضي على الجهل ونرشد الجاهلين نبعد الفساد ونصلح المفسدين
ما أحوجنا لمحمد كي يحقّق بيننا الإخاء ويحلّ مشاكلنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية .
أصدقائي الناشئة : ما أحوجنا نحن ـ الناشئة إلى مبادىء محمد وأخلاق محمد وأفكار محمد ووجدان محمد وأمانة محمد وطموح محمد ومجد محمد
وحقا كما قال تعالى : ( وإنك لعلى خلق عظــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم )

















هل أنت من أهل الجميل ؟
سؤال يفتح آفاقا واسعة ويشرع جناحين إنسانيين تتعانق فيهما الأرض مع السماء ويتحول من خلالهما العبد الترابي إلى عبد رباني تضجّ أعضاؤه بالتسبيح والتنزيه لله تعالى .
فالجمال صفة عزيزة لأنها تحلّق بالعبد عاليا فالله جميل يحب الجمال والإنسان بطبعه مفطور على حب الجمال البصـــري والحسي والصوتي والمعنوي والخيالي لأنّ من طبع الإنسان الخضوع للوجه الحسن والصوت الحسن والمعنى الحســــــن.
ولكن أن يكون الجمال فيما يشق على الإنسان تحمله ويتجرع مرارة الحنظل من أجله فتلك مسألة مشكلة .
ثلاثية جميلة شرعها الله لنا كي نخفف مما نعانيه مــــــــــــن نكوصات إنسانية واستجابات عدوانية تخلف في الـــــــنفوس وزمات حارقة وأزمات مارقة هذه الثلاثية تتمـــــــثل بالهجر الجميل والصبر الجميل والصفح الجميل . وانظر مــعي أيها القارىءإلى ما طلبه الله تعالى من نبيه محمد عندما تكالــــب عليه أهل مكة وحاولوا قتله ومن ثمّ طرده من أحب البلاد إليه (واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جمــــــــيلا ) الهجر الجميل
وانظر معي أيضا إلى ما قاله يعقوب عليه السلام عندما رجع أبناؤه بقميص يوسف ملطخا بدماء مزوّرة وأوهموه أنّ الذئب أكل أخاهم يوسف (وجاؤوا على قميصه بدم كذب قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على مـــا تصفون ) فصبر جميل .
وتعهد معي أيضا أيها الأخ القارىء إلى ما صنعه الرســـــول محمد صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة بعد أن فتحها وأســــر كل من حاربه فيها ( ما تظنون أني فاعـــل بكم ؟؟؟؟ ...أخ كريم وابن أخ كريم ........ اذهبوا فأنتم الطلقاء ) صــفح جميل .
ثلاثية لا تنفك عن أخلاق العظماء ...... إنها أخلاق الأنبياء ومن سلك منهجهم من المؤمنين
( الصبر الجميل والهجر الجميل والصفح الجميل) ثـــلاثة أثافي يغلي عليها مرجل الحياة فإذا ما عانقها الإنسان تحولت دنياه إلى سعادة واستقبل آخرته شوقا للقاء الله
أية حضارة جميلة شكلها لنا قرآننا بهذه الثلاثية.......!!!!!!!!
إن( الهجر الجميل والصبر الجميل والصفح الجيل )هي شجرة سدرة المنتهى التي عندها جنة المأوى وما أدراك ما جــــــــنة المأوى , وإن الهجر القاسي والتذمر من صعوبات الحيـــــــاة ومحاسبة الآخرين بمقاييس صارمة لا تحتمل الصـــــــفح هي شجرة الزقّوم وما أدراك ما شجرة الزقوم ( إنه من يــــــــــتق ويصبر فإن الله لايضيع أجر المحسنين)
وما أجمل دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم حين طــــرده أهل مكة وأهل الطائف وسلطوا عليه صبيانهم وأد مــــــــــوه
(اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربي اللهم إلى من تكلنـــــــي ؟! إلى بعيد يتجهمني ؟! أم على عدوّ ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك هي أوسع لي ..... أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي سخطك أو يحلّ عليّ غضبك لك العتبى حتى ترضى ........)
وما أجمل دعاء يعقوب عليه السلام عندما ألقوا بيوسف في الجب ( والله المستعان على ما تصفون ....) ثم دعاء يعقوب أيضا بعد احتجاز ولده الثاني مع يوسف ( قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم )

















هل وفينا بحق محمد ؟؟!!!!
في اللحظة الأولى التي يعود فيها الإنسان إلى أعماقه مراجعاً حساباته راصداً حقائقه واقفاً أمام نفسه يسألها ماذا قدمت للإسلام و المسلمين و ماذا قدم غيري لهذا الإسلام يكتشف مدى التقزم الذي يعيشه المسلمون في هذا العصر مع ما يملكونه من مقدرات لا يسخرون و لو بعضها في خدمة الإسلام و المسلمين حتى لكأنك تشعر أنهم لا يفكرون بنصرة دينهم و نصرة نبيهم 0
فما هو هذا الدين الذي جاء به محمد ؟؟!!
ومن هو محمد نفسه هذا الذي حمل إلينا رسالة السماء ؟؟!!
وهل هو رسول رحيم عادل محب للخير مشفق على الإنسانية ؟؟!!
قلت لصديقي و هي يحدثني عن أهم الشخصيات التي تأثرت بها على مر العصور و الأزمان فصديقي مغرم بحب السير الذاتية و الشخصيات التاريخية 0
لقد كنت على حق عندما رفعت شعارك الأخضر كلما تحدثنا عن الآثار المتنوعة للشخصيات البشرية على جموع الناس ( لم نف محمداً حقه) ذلك أنني كلما قرأت سيرته وجدت العجب العجاب في حياتي هذا النبي الأمي العربي الذي لم تمر ثانية من حياته دون أن تكون محطة رائعة في التربية و السلوك و الأخلاق0
لقد قضى محمد عمره مجاهداً على جبهتين واسعتين جبهة الجهاد الأكبر جهاد النفس و بناء هذه النفس بناء سليما معافى من النكوص القيمي و مشحوناً بأفعال الخير و المحبة و خدمة الإنسانية و جبهة الجهاد الأصغر جهاد الأعداء الخارجيين الذين يتربصون بالإنسانية كل شر فأعداء محمد هم أصدقاء الشيطان يتبعونه في جميع خطواته و ينهجون نهجه و يسيرون في مسالكه حياتهم فحياتهم ولادة و زواج و موت و انطلاق مادي من خلال ذلك 0 لقد استطاع محمد أن يحول ألد أعدائه إلى أصدقاء بل إلى مناصرين له يدافعون عنه و يضحون بأنفسهم لنصرته0
لقد ولد محمد يتيماً و عاش فقيراً و لم يشبع من خبز الشعير يومين متتاليين و كان يمر به الشهر و الشهران دون أن يوقد في بيته نار حسبه من طعامه التمر و الماء وعلى الرغم من ذلك فقد كان صادقاً مخلصاً أميناً رحيماً محباً للمساكين طامحاً أن تسلك البشرية جميعها طريقه و تتبع مبادئه و تطبق شريعته و يحق له ذلك فهو من أحا سن الناس أخلاقاً لا يسب أحداً و لا يشتم شخصاً سلاحه المشهور دائماً ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) و أدواته الصبر و الحث على عمل الخير و مقابلة السيئة بالحسنة و البر و الإحسان و التسامح حتى مع أعدائه 0
يسلم على الصبيان و يحترم المرأة و يوقرها و هذا صنيع جميل تسجله نحن معاشر النساء لمحمد فقد خلصهن من الوأد و ألغى عبوديتهن و شرع للهن حق التملك و أباح اختيار الزوج المناسب و جعل منهن سيدات محترمات ترث كل واحدة حقها من المال و تشارك في بناء المجتمع و الحياة لهن من الأجر ما للرجال و عليهن ما عليهم من الوزر رفع الحيف عنهن أماً و أختاً و زوجة و بنتاً 0
ما أكرمه من نبي و ما أرقه في معاملة النساء و معاملته لزوجاته دليل على ذلك 0
لقد كان خلوقاً ودوداً رحيماً أفعاله حضارية 000 يسابق زوجته عائشه ركضاً و هذا ما يأنف من فعله الكثير من الرجال 0 لقد كان يحترم صديقات زوجته خديجة ما جمع مالاً و لا رضي أن يكون سيداً إنه نبي الفقراء و المساكين نبي الرحمة المزجاة للعالمين و كثيراً ما كان يقول " من آذى ذمياً فقد آذاني " 0
تبرأ ذمته ممن يعادي أهل الذمة إنه يكن الخير للناس جميعاً 0 زار طفلاً يهودياً مرض و كان يعامله معاملة حسنة 0
حقاً لقد كان محمد الرجل الرسول النبي القائد الرحيم المنصف لأعدائه قبل أتباعه من هنا كانت محبته كبيرة في قلوب المؤمنين به و كثيراً ما كان أعدائه كأبي سفيان يقول : ما رأيت أحداً يحب شخصاً مثلما يحب أصحاب محمد محمداً 0
أيتها السماء شكراً لله لأنه أرسل لنا محمداً و حمله أمانة عظيمة تتلخص في
( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )0
أما نحن فهيهات هيهات أن نفي محمداً حقه 0
اللهمآت محمداً الوسيلة و الدرجة العالية الرفيعة في الجنة 0 00





هل تعبد الله على حرف ؟؟؟
لما خلق الله الخلق قدّر لهم مع آجالهم أقواتهم وأرزاقهم في الدنيا وقدر لهم سعادتهم أو شقاءهم في الآخرة وهو المنعم على عباده سواء أعبدوه أم لم يعبدوه إذ أن نفعه لعباده لا يختص بعبادته ، فكم من مؤمن يعبد الله حقّ عبادته ولكنه يعش حياة الفقر المدقع ولا يبالي فهو راض عمّا قدره الله له ، وكم من كافر ملحد لا يقيم لله عبادة ولا يقدرالله حق قدره بل يفسد في الأرض ويسفك الدماء ومع ذلك فهو يمتلك المليارات الممليرة إذن : دائرة الرزق لاتخص المؤمن وحده فالله هو الرزاق لكل عباده ، ولكن بعض الناس قليلو الإيمان ضعيفو المعتقد يعبدون الله على حرف فإن أصابه خير اطمأّن به وإن أصابته فتنة انقلب علىوجهه خسر الدنيا والآخرة ، قال تعالى في سورة الحج : (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (12) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13)// الحج // وهذه ( عبادة الله على حرف ) سمة المنافقين ، إن صلحت لهم دنياهم أقاموا على العبادة ، وإن فسدت عليهم دنياهم تغيروا وانقلبوا فلا يقيمون على العبادة فإذا جاءت الدنيا عبد الله ، وإن أصابته فتنة أو شدة أو اختبار أو ضيق ترك دينه ورجع إلى الكفر.
ولذلك تجد الكثير من الناس الذين قدر عليهم رزقهم يعتبرون ذلك إهانة لهم ، وتجد في الوقت نفسه أن الكثير ممن أكرمهم الله في الرزق يعتبرون ذلك رفعا لمكانتهم مع أن الأمر ليس كذلك فالفقر ابتلاء والرزق الكثير ابتلاء قال تعالى في سورة الفجر : (فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)// الفجر // ، ولقد كان في أيام السلف في المدينة المنورة حرسها الله من المنافقين من إذا أصابته أوجاع المدينة أو ولدت امرأته جارية أو تأخرت عنه الصدقة أتاه الشيطان فوسوس له قائلا : والله ما أصبت منذ كنت على دينك هذا إلا شرا كما ذكره قتادة والضحاك وابن جريج . قال البخاري : حدثنا ابراهيم بن الحارث ، حدثنا يحيى ابن أبي بكير، حدثنا اسرائيل عن أبي الحصين، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال (كان الرجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلاما ونتجت خيله قال : هذا دين صالح ، وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال : هذا دين سوء ) .
ومن هنا تجد الكثير من الناس يعلقون أرزاقهم إما ببشر مثلهم أو بآلهة من الحجارة مع أن النفع أو الضرر هو بيد الله يقول الله تعالى ذاما من يعتقد أن النفع والضرر بيد غيره : (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (12) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13)// الحج // فالمعبود من دون الله من الملائكة والبشر والجن والكواكب والأوثان لا يقدم النفع أو الضرر لغيره ولا لنفسه وهو في الوقت نفسه يضر من يعبده في الآخرة فيقذفه في عذاب السعير ولذلك كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72)// المائدة .
وكذلك كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة :

( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) // المائدة //
وكذلك كفر الذين عبدوا الشمس والقمر ونهى الله أن يسجد الإنسان لهما ( لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون )
قال صاحب يس : (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِي لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِي الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنقِذُونِ (23) إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ (27)//يس // فعبادة غير الله لاتزيد الإنسان إلا التثبير والهلاك والحسرة والندم ويكبهم في نار جهنم وهذ جزاء من دعا من دون الله آلهة من الأقوام السابقة من مثل قوم موسى ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب قال تعالى (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمْ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101)//هود // .
والتحقيق الذي لا بد منه : أنه لا ينفع ولا يضر مطلقا إلا الله الذي وسعت رحمته كل شيء المنعم على عباده بالعطاء والمنع ( مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)//فاطر// (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنْ الظَّالِمِينَ (106) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107)//يونس // (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38)// الزمر
إن رزقك أيها العبد يطلبك كما يطلبك أجلك فعليك أن تأخد بالأسباب وتقدم الحد الأعلى منها فقد يصيبك الرزق الكثير وقد يصيبك الرزق القليل والله يقدر ما ينفعك من الرزق وعليك بالصبر في البأساء والضراء فهو البر بعينه قال تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (177)// البقرة




















إنّ الخبيث لا يمحو الخبيث

هل مكرالله بالقوم بما أمدهم من أموال وبنين ؟؟!
وهل ما يفعله الله تعالى بهم استدراجا وإنظارا وإملاء ؟؟!!
وهل الكسب الحلال عون على العمل الصالح ؟؟!!
إن الله تعالىقد أمر عباده أن يكون كسبهم من الحلال ومن عمل أيديهم فإنه ما أكل عبد قط طعاما خيرا مما كسب من عمل يده وأكّد تعالى على المرسلين هذه الخصوصية في الكسب الحلال ، لأن الكسب لايكون طيبا حتى يكون حلالا ؛ فقد كان عيسى ابن مريم يأكل من (غزل أمه) وفي الصحيح ( وما من نبي إلا ورعى الغنم ) قالوا : وأنت يا رسول الله ! قال : (نعم وأنا كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة) وفي الصحيح أيضا ( إن داود عليه السلام كان يأكل من كسب يده ) وقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين ما أمر به المرسلين فقال : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) فما بال كثير من الناس يتركون الكسب الحلال وإن كان قليلا ويتصارعون من أجل الكسب الحرام ، ثمّ إنهم يغترون بما يعطيهم الله من الأموال والأولاد معتقدين أن هذا العطاء لكرامتهم وعزّتهم عنده كلاّ وألف كلاّ ليس الأمر كذلك فقد أخطؤوا في ذلك وخاب رجاؤهم لأن الله تعالى يقول : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (74) وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (78) الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80) فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84) وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (85) وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (87) ) التوبة

فالله تعالى ما زادهم مالا وولدا إلا ليشكروا ولكنّهم ازدادوا أثما فأملى الله لهم فازدادوا إثما0 ( وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178) ) آل عمران

وقد نبه الله تعالى هؤلاء المغترين بأنفسهم المعتقدين أن الأموال والأولاد هم غاية الحياة وأنهم يقربون آباءهم إلى الله زلفى دون أن يعملوا عملا صالحا : ( ) وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (36) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) ) سبأ
قال قتادة : يابن آدم فلا تعتبر الناس بأموالهم وأولادهم ولكن اعتبرهم بالإيمان والعمل الصالح .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم ، وإن الله يعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا لمن أحب فمن أعطاه الدين فقد أحبه ، والذي نفس محمد بيده ! لايسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه ) قالوا : وما بوائقه ؟؟ يا رسول الله ! قال : (غشمه وظلمه ) ولا يكسب عبد مالامن حرام فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدّق به فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار ، إن الله لايمحوا السيّء بالسيّء ولكن يمحوا السيّء بالحسن إنّ الخبيث لايمحو الخبيث .











































توقف أيها الغافل !!
هل رأيت الصور؟
أورد الإمام ابن جرير في حديث الصور عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر ) قال أبو هريرة : يا رسول الله ! وما الصور ؟ قال : (قرن ) قال : فكيف هو ؟ قال ( قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات : الأولى نفخة الفزع والثانية نفخة الصعق والثالثة نفخة القيام لرب العالمين . يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول : انفخ نفخة الفزع ! فيفزع أهل السموات والأرض إلا من شاء الله ويأمره فيمدها ويطولها ولا يفتر وهي التي يقول الله تعالى (وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ) فتسير الجبال فتكون ترابا وترجّ الأرض بأهلها رجّا وهي التي يقول الله تعالى ( يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة أبصارها خاشعة ) فتكون الأرض كالسفينة الموبقة في البحر تضربها الأمواج تكفؤها بأهلها ، وكالقنديل المعلّق بالعرش فتذهل المراضع وتضع الحوامل ويشيب الولدان وتطير الشياطين هاربة حتى تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع ويولّي الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضا وهي التي يقول الله تعالى : (وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هاد) غافر . فبينما هم على ذلك إذ انصدعت الأرض من قطر إلى قطر ورأوا أمرا عظيما فأخذهم لذلك من الكرب ما الله أعلم به ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل ثم خسف شمسها وقمرها وانتثرت نجومها ثم كشطت عنهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (والأموات لا يعلمون بشيء من ذلك )
قال أبو هريرة : فمن استثنى الله حين يقول : ( ونفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا ما شاء الله ) قال : ( أولئك الشهداء وإنما يصل الفزع إلى الأحياء أولئك أحياء عند ربهم يرزقون ووقاهم الله شرّ ذلك اليوم وآمنهم منه وهو عذاب الله يبعثه على شرار خلقه وهو الذي يقول الله تعالى فيه :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ ) رواه الطبراني وابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهم




































(نداء عاجل جدّا)
هل بلغك أنّك وارد النار ؟؟!!!
(أ َوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْئاً (67) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً (68) ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً)
هل صحيح أنك راحل عن الدنيا ؟؟
وهل صحيح أنك ستتحوّل إلى تراب ؟؟؟
هل لسان حال الكفار والملحدون يقول :
( أإذا كنّا عظاما وترابا أإنا لمبعوثون ؟؟؟)
هذه هي حال الإنسان هذه الأيام يتعجب من حالة إعادته بعد الموت ويستبعد هذه الإعادة معتقدا أن الموت فناء لا بعث بعده فيقتل ويسرق ويبطش ويزني ويظلم من باب الفهلوية والشطارة وكأنه لا حساب بعد ذلك مع أن العلم الحديث المعاصر قد نقلنا نقلة نوعية من خلال علم الاستنساخ
يقول الله تعالى : ( وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد ؟؟؟!!!)
ويقول تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنْ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) )يس
ويقول تعالى مخبرا عن حال الكفار وعقائدهم : ( وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (10) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11))السجدة

إذن الله تعالى يطلب منا أن نستدلّ بالبداءة على الإعادة وعلينا أن نتذكر قوله تعالى : (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1) إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (3) ) الإنسان
وقد ورد في الصحيح : (يقول الله تعالى: كذبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني وآذاني ابن آدم ولم يكن له أن يؤذيني أما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون عليّ من آخره وأما أذاه إياي فقوله : إن لي ولدا وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) أخرجه البخاري في صحيحه .
ثمّ إنه تعالى يقسم بنفسه الكريمة أنه لا بدّ أن يحشر الناس جميعا مع الشياطين جاثين حول جهنّم .
قال ابن عباس : يكونون قعودا حول جهنّم
وروى ابن مسعود مثله
ثمّ إن الله تعالى سيخرج من كل أمة من تعالى عن عبادة الرحمن
قال الثوري : عن ابن مسعود( يحبس الأول على الآخر حتى إذا تكاملت العدّة أتاهم جميعا ثمّ بدأ بالأكابر فالأكابر جرما)
وقال قتادة :(يأخذ الله تعالى من أهل كل دين قادتهم ورؤساءهم في الشر وهذا مصداق لقوله تعالى )حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم : ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار )
فالله تعالى أعلم بمن يستحق من عباده أن يصلى بنار جهنم وأن يخلد فيها وهو أعلم بمن يستحقّ تضعيف العذاب
أما ورود النار فهو حتم مقضيّ لامحيد عنه حيث تنجو فئة التقوى وتمكث فئة الظلم والكفر في النار
روى الإمام أحمد عن أبي سميّة قال : اخــــــــــــــــــتلفنا في( الورود )أي في دخول النار فقال بعضنا لا يدخلها مؤمن
وقال بعضهم يدخلونها جميعا أي( المؤمنون والكافرون)
ثمّ ينجي الله الذين اتّقوا ، فلقيت جابر بن عبد الله فقلت له : إنا اختلفنا في الورود فقال : يردونها جميعا وأهوى باصبعيه إلى أذنيه وقال صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يبقى برّ ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمن بردا وسلاما كما كانت على ابراهيم حتّى إن للنار ضجيجا من بردهم ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا )
وعن عبد الله ابن مسعود قال : ( يرد الناس جميعا الصراط وورودهم قيامهم حول النار ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم فمنهم من يمرّ مثل البرق ومنهم من يمر مثل الريح ومنهم من يمر مثل الطير ومنهم من يمر كأجود الخيل ومنهم من يمر كأجود الإبل ومنهم من يمر كعدو الرجل حتى إن آخرهم مرا رجل نوره على موضع إبهامي قدميه يمرّ فيتكفّأ به الصراط والصراط دحض مزلّة عليه حسك كحسك القتاد حافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس ) أخرجه ابن أبي حاتم
فإذا مرّ الخلائق كلهم على النار سقط فيها من سقط من الكفار والعصاة ونجّى الله المؤمنين المتقين منها بحسب أعمالهم ثم يشفّع المؤمنون في أصحاب الكبائر من المسلمين فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون فيخرجون خلقا كثيرا قد أكلتهم النار إلا دارات وجوههم وهي مواضع السجود .
وليتذكر أصحاب النار قوله تعالى :( ) وَلَوْ تـــــــَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (12) وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14) ) السجدة

























هل أنت من أهل الخشية ؟؟؟!

لا شك أن الحكمة من بعث الرسل ، وإنزال الكتب هو إقامة الشريعة وتسهيل المسيرة الإنسانية على هذه الأرض ،ذلك أن الإنسان منذ أن نزل آدم من الجنة إلى الأرض وهو يكابد آلاف الويلات ويعيش حالة من الألم والوجد والمعاناة ....وأية معاناة إنها الموت والجوع والقتل والمرض والتشرد والضياع ، وكلما ابتعد الإنسان عن منهج الله كلما زاد شقاء، قال تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)) / طه/
ولا يمكن للمسيرة الإنسانية أن تعود إلى منهج الحق إلا إذا عادت إلى تزكية النفس المتمثلة بالصلاح العملي المنبثق من معرفة الحق والعمل به ومعارضة هوى النفس بالموعظة الحسنة مع الخوف من عقاب الله وعتابه ولومه وكل ذلك لا يتأتى إلا من العلم بالحق الذي يتضمنه التذكر والذكر الذي يحدثه القرآن ومن الخشية المانعة من اتباع الهوى وهذا هو سبب صلاح الإنسان ،ولذلك فإن الله قد لفت انتباهنا إلى الخشية بمعناها العملي والتي فسرها ابن عباس بقوله : ( العالم بالرحمن من عباده من لم يشرك شيئا وأحل حلاله وحرم حرامه وحفظ وصيته وأيقن أنه ملاقيه ومحاسب بعمله ) وهذا يعني أن الخشية سلوك عملي يسلكه الإنسان ليصل في النهاية إلى محطة السلامة، قال تعالى : (أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30)) فاطر.
ولا ينسيك ذلك أن تنظر إلى من فهم حركة الحياة من علماء الطبيعة والكون على حقيقتها أنهم قد نزلوا المنزلة العالية من الخشية إن لاحظوها واعتبروا بقدرة الله تعالى وعودة بسيطة إلى سورة الأعلى لنستدل على ذلك ، قال تعالى:(سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى (6) إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (13) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)الأعلى/ .
ولهذا فأنه جاء في الأثر : أن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها لا سيما أصول الحسنات التي تستلزم سائرها (( كالصدق )) ولا سيما أصول السيئات التي تستلزم سائرها ((كالكذب )) فالصدق أصل الخير ، والكذب أصل الشر لأن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة ولأن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار فماذا تريد أن يكتب لك أيها الإنسان وأنت تعلم أن الطريق الموصل إلى الخشية هو التقوى بما في مضامينها من حفظ للرأس وما وعى (الفكر ) وللبطن وما حوى ( الحلال والحرام ) وذكر للموت والبلى ( النهاية الموت والحساب ) ، قال تعالى في سورة الحشر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (19) لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ الْفَائِزُونَ (20) لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)// الحشر.
إذا : نحن أمام معادلة واحدة ( اعتقاد سليم وعبادة صادقة ومعاملة حسنة ) تساوي خشية من الله تعالى .























































لمة الملك أم لمة الشيطان ؟؟!1
هل جربت يوما أن تسأل نفسك لماذا تعدك بالشر؟ ، أو لماذا تحاول هذه النفس أن تكذّب بالحق ؟ وهل جربت أن تسألها : لماذا تعدك بالخير أحيانا وتصدق بالخير ؟ ، وهل حاولت أن تناقش أفعال الشر وأفعال الخير عندك ؟؟!
إن أفعال الإنسان لاتعدو أن تكون أسيرة لإحدى دائرتين ، دائرة الخير ودائرة الشر ، وأن لكل دائرة معين من الملائكة أو من الشياطين ومن هنا فإن كل من أعان على بر أو تقوى كان له نصيب منه ، وكل من أعان على الإثم والعدوان كان له كفل منه وهذه هي حال الناس فيما يفعلونه بقلوبهم وألسنتهم وأيديهم من الإعانة على البر والتقوى أو الإعانة على الإثم والعدوان ومن ذلك موقف المؤمنين من الجهاد بالمال والنفس وموقف المنافقين والكافرين ، قال لا تعالى في سورة النساء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوْ انفِرُوا جَمِيعاً (71) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (73) فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (74) وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً (76). ومن هنا يظهر الفرق بين الإيمان وآثاره والكفر وآثاره في سمع الإنسان وبصره ، فالمؤمنون يسمعون أخبار أهل الإيمان فيشهدون رؤيتهم على وجه العلم والمعرفة لهم والمحبة والتعظيم لأفعالهم والكافرون والمنافقون يسمعون ويرون أفعالهم على وجه البغض والجهل ومن هنا كانت محاولة الكافرين القضاء على شخص الرسول محمد، قال تعالى في سورة القلم : (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمْ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنْ الصَّالِحِينَ (50) وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ). فهم في قلوبهم مرض ( كره ونفاق وحقد ) كلما نزلت سورة محكمة يقلبون أبصارهم في الرسول وينظرون إليه نظرة المغشيّ عليه من الموت ، قال تعالى في سورة محمد : () فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)).
إذن نحن أمام محرضات للشر تدفعنا إليه ( الهوى ـ النفس ـ الشيطان ) ، ونحن أمام محرضات للخير تقودنا إليه وعد الله بالمغفرة والفضل ، فالشيطان يعد الفقر ويأمر بالفحشاء والمنكر والسوء والله يعد المغفرة والفضل ويأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذا القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، قال تعالى في سورة النور : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21). وقال تعالى في سورة البقرة : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (169) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (171)) . وقال تعالى في صفة الرسول في سورة الأعراف : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)) . وهذا تأكيد لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن للشيطان لمة بابن آدم ، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق ، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله ومن وجد الأخرى فليتعوذ من الشيطان ثم قرأ : (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً...)















القنابل الجنسية تتفجر في كل يوم
الإسلام حمى المرأة من شذوذ الكثير من الرجال
لم يظهر الزنا في قوم إلا فشت فيهم الأمراض
النساء الكاسيات العاريات نقطة استلاب للمراهقين
مارلين مونرو : أفضّل البيت والحياة العائلية الشريفة والطاهرة
إذا كان الله تعالى قد خلق الإنسان ضمن سوية واعدة فانه قد جمّل حياته بالمرأة لتكون شريكة في بناء مسيرة حياة فاضلة لا سلعة مستهلكة تتقاذفها النفوس الدنيئة ثم تلفظها في نهاية المطاف في سلة الشيخوخة
فبين الإباحية المستهترة والمانوية المتهتكة تقف المرأة في موقف حيرة أتكون عنصرا بناء في حياة الناس أم وسيلة لهو وتسلية وعبث ترضي غرور الرجل ونزواته التي لا حدود لها ؟!
وهل ستبقى أسيرة قناعات " ذكورية " غايتها تسلية الرجل والتسرية عنه دون أن يكون لها كيان مستقل وهوية خاصة كما رسمها الإسلام الحنيف لها يقول : " جورج بالوشي هورفت " في كتابه " الثورة الجنسية " ( واليوم بعد أن كانت أذهاننا تكف عن الخوف من الخطر الذري تشعر أذهاننا من جديد بالخطر حين ترى العري وغارات الجنس التي لا تنقطع ) وكأنه يتمم ما أشار إليه المؤرخ " آرنولد توينبي" ( من أن سيطرة الجنس يمكن أن تؤدي الى تدهور الحضارات ) وهذا أيضا ما أكده الإسلام من قبل حيث يقول صلوات الله عليه ( خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا...... ) رواه ابن ماجة والحاكم.
ونحن اليوم نشهد على مستوى العالم بأسره جنونا جنسيا محموما سواء في عالم الأزياء والتجميل أم في عالم الأفلام والمجلات والانترنت حديثا إضافة الى ما تتناقله بلوتوثات الهواتف النقالة من ثقافة جنسية هابطة تضع المرأة في مصاف السلع المستهلكة ناهيك عن فلاشات الدعاية والإعلان للسلع والمواد المستهلكة المتلبسة بصورة المرأة على شاشات الفضائيات حتى أصبح الجنس الهاجس الشاغل لمعظم أفراد المجموعة البشرية بل تحولت ممارسته والإغراق فيه غاية الحياة وهدفها ويستحيل عليك أن تمشي في أي مدينة كبيرة دون أن تتعرض للقنابل الجنسية من خلال الإعلانات العريضة ولعل ظهور " الكاسيات العاريات " كنقطة استلاب لعقول المراهقين جعل الحياة الاجتماعية تتحول الى فيلم يكرس أمراض جنسية تتعدى الزواج التجريبي والعلاقات الجنسية غير المشروعة وسقوط الكثير في مستنقع الجريمة والمرأة في كل ذلك هي من يدفع الثمن غالبا ومن هنا نجد أن قوله تعالى ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ......) يؤطر حقيقة قضية زينة الحياة التي على رأسها ( حب الشهوات من النساء ) والتي يجب أن نحذر من طغيانها على مساحة واسعة من التفكير الإنساني حتى لا نصل الى طريق مسدودة .
إن السكينة التي تضفيها الحياة الزوجية النظيفة والشريفة على مخدع الأسرة ضمن الأطر الشرعية والتي ألمح إليها القرآن الكريم حين قال (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) لتدل على أهمية الشرعية في العلاقة الجنسية القائمة على عقد شرعي بين رجل وامرأة من اجل بناء حصن اسري وقلعة منيعة في وجه الحياة الآسنة . واليك أيها القارئ العزيز وصية أعظم وأشهر ممثلة في عالم الإغراء " مارلين مونرو " والتي كتبتها وهي في أوج شهرتها وقمة مجدها الفني وقبل انتحارها بدقائق " احذري ...... ما يخدعك بالأضواء ..... إني أتعس امرأة على هذه الأرض ... لم استطع أن أكون أما . إني امرأة أفضّل البيت والحياة العائلية الشريفة الطاهرة .... إن العمل في السينما يجعل المرأة سلعة رخيصة تافهة مهما نالت من المجد والشهرة " .
إن الإسلام على اعتبار أنه شريعة للحق والعدل والخير والفضل وضع المرأة في مكانها الطبيعي المناسب لها فلم يجعل منها سلعة للعرض الخسيس بل جعل النساء شقائق الرجال وحث على إكرامهن والحفاظ على كرامتهن دون ابتذال.
إن المرأة أما وأختا وزوجة هي بوصلة الحضارة وبوصلة الحياة الصادقة للرجل فإذا ما كانت مؤشرات هذه البوصلة مضللة تاهت حياة الرجل وسقط في مستنقع الرذيلة.

































معية الله
المعية في اللغة هي المصاحبة واللزوم والالتصاق والمقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال نقول : معي درهم ومعي كتاب الله وسرت مع النهر ومع الجبل ومعي علوم العربية وهي لفظ يتماهى مع حاجات الإنسان ولكنه حين يقترن بالله تعالى يأخذ معنى آخر بحسب ما وصف الله به نفسه إذ أن معية الله تقتضي الإحاطة بالخلق علما وقدرة وسمعا وبصرا وسلطانا وتدبيرا ورعاية وصونا إن كانت عامة قال تعالى ( لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِ وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)// الحديد // (أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) // المجادلة //
وتقتضي النصر والتأييد إن كانت المعية خاصة بشخص أو وصف كما في قوله تعالى لموسى وهارون : (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) // طه // وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم مخاطبا أبا بكر : كما ورد في القرآن الكريم (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)// التوبة //و قال تعالىفي معية الوصف : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)// البقرة //
وهذه المعية لا تقتضي اختلاط الله بخلقه ولا تتنافى مع استوائه فوق عرشه قال تعالى : (سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى (6) إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) // الأعلى وقال تعالى :( ) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (4) يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5)// السجدة//
فاستواؤه على عرشه ومعيته لخلقه أمران غير متناقضين ، فهو مستو في السماء مع كونه مع خلقه





















الفهرس










حسين علي الهنداوي
أديب و شاعر و ناقد و صحفي
- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
- حائز على إجازة في اللغة العربية
ـ دبلوم دراسات عليا علم نفس وتأهيل تربوي
- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين – قسم اللغة العربية في
مدينة درعا
- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام 1994 في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
ـ يعمل مدرسا في جامعه دمشق ـفرع درعا
- عضو اتحاد الصحفيين العرب
- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
- عضو تجمع القصة السورية
- عضو النادي الأدبي بتبوك
الصحف التي نشر فيها أعماله :
1- الكويت ( الرأي العام – الهدف – الوطن )
2- الإمارات العربية ( الخليج )
3- السعودية ( الرياض – المدينة – البلاد – عكاظ )
4- سوريا ( تشرين – الثورة – البعث – الأسبوع الأدبي )
المجلات التي نشر فيها أعماله :
1- مجلة المنتدى الإماراتية
2- مجلة الفيصــل السعودية
3- المجلة العربية السعودية
4- مجلة المنهـــل السعودية
5- مجلة الفرسان السعودية
6- مجلة أفنــــان السعودية
7- مجلة الســــفير المصريــــة
8- مجلة إلى الأمام الفلسطينية
مؤلفاته :
أ‌- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح ايلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا

ب‌- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر /
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات بالإشراك / جمع و تبويب
الصحف الالكترونية التي نشر بها :

1ـ دنيا الوطن
2ـ ديوان العرب
3ـ قناديل الفكر والثقافة
4ـ ملتقى الواحة الثقافي
5ـ منتديات بسملة
6ـ روض القصيد
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف