كتاب/ (( أزمة النظام السياسي الفلسطيني)) للدكتور طلال ناجي
غطاس أبو عيطة
تأتي أهمية هذا الكتاب الذي صدر مؤخراً للدكتور طلال ناجي بعنوان (( أزمة النظام السياسي الفلسطيني .. الفرص الضائعة والتحديات)) ,تأتي من الموقع المتقدم الذي شغله الدكتور في الأطر القيادية للعمل الوطني الفلسطيني, بما جعله معايشاً لمجريات الصراع الذي شهدته الساحة الفلسطينية على مدى العقود الماضية, والتي ارتبطت بأزمةٍ لم يجرِ حلُّها, بحيث وصلت إلى حالة الاستعصاء التي تعيشها هذه الساحة في اللحظة الراهنة.
كما تأتي أهمية الكتاب, من التأصيل الذي عمد له الكاتب فيما يتعلق بجذور الأزمة على المستوى الفكري, ثم من التوثيق الذي اعتمده في عرض تداعيات تلك الأزمة بعيداً عن الإنشائية وتوخياً للموضوعية. وهي تأتي بعد ذلك, من حرص الكاتب انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية, على أن يسهم في العمل على تجاوز الأزمة القائمة من خلال فهم أسبابها, والتي تحمل- كما يقول الكاتب- من الأخطار والأضرار على مستقبل الشعب الفلسطيني وعلى مصير قضيته الوطنية, ما يفوق ما حملته النكبة عام 1948, وهزيمة حزيران عام 1967.
ومن هنا يمكن التنويه بالجهد الذي بذله الكاتب بالتعاون مع(( فريق عمل)), لكي يأتي كتابه بمثابة إضافة نوعية لكل ما وضع من قراءات تتعلق بأزمة النضال التحرري للشعب الفلسطيني, ذلك أن ما حفز هذا المناضل الفلسطيني لأن يضع كتاباً عن الأزمة, هو ليس تعبئة أوقات الفراغ, بل الإسهام في مهمة نضالية تعتبر محورية فيما يتعلق بمواجهة الهجمة الإمبريالية- الصهيونية الراهنة التي تستهدف تصفية قضية فلسطين كمدخل لإعادة رسم خريطة المنطقة الجيوسياسية, وهي مهمة تجاوز أزمة حركة التحرر الفلسطينية, واستعادة الوحدة الوطنية على قاعدة التصدي لتلك الهجمة وإحباط مفاعيلها.
يقع الكتاب في ثمانية فصول إلى جانب ملحقٍ يضم الوثائق الأساسية التي تطرقت لها مادته.وفي حين يعمد الفصل الأول والثاني من الكتاب, إلى تحليل جذور الأزمة في الساحة الفلسطينية والوقوف عند عوامل الانقسام وغياب الوحدة الوطنية, فهو يمضي في الفصول التالية, نحو عرض تداعيات الأزمة والانقسام, وصولاً إلى العدوان الهمجي الذي شنه العدو الصهيوني على قطاع غزة مستغلاً حالة الانقسام القائمة.
فتحت عنوان(( جذور الأزمة الراهنة)), يبرز الكتاب ظروف ولادة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964, في ظل صعود المشروع القومي الوحدوي الذي قاده عبد الناصر, وذلك في ردٍ على واقع التجزئة الذي فرضه المستعمر على الأمة العربية حيث شكل الكيان الصهيوني في فلسطين قاعدة لحراسة التجزئة والهزيمة.وهنا يبين الكتاب, كيف أن الميثاق القومي للمنظمة, مضى نحو إغفال البعد الوطني للقضية الفلسطينية فلم ينص على الاستقلال الفلسطيني, ليأتي الميثاق الوطني عام 1968 الذي صاغته فصائل المقاومة الفلسطينية, بمثابة ردة فعل على تغييب الهوية الوطنية, وذلك ضمن عملية تساوق مع مفاعيل التجزئة التي تنامت في البلاد العربية عقب هزيمة حزيران عام 1967, التي وجَّهت ضربة بالغة العنف للمشروع القومي الذي شكل حاضنةً للقضية الفلسطينية باعتبارها بؤرة الصراع مع المشروع الاستعماري- الصهيوني, وقد أفضى ذلك كما يشير الكتاب, إلى نشوء اتجاهين سلبيين متشابكين في مسيرة حركة التحرر الوطني الفلسطينية, هما الاتجاه الانعزالي القطروي من جهة, واتجاه الأخذ بفكرة التسوية من جهة أخرى التي باتت تسود النظام الرسمي العربي خضوعاً لمعطيات الهزيمة.
وهكذا فقد بدأت الأزمة في الساحة الفلسطينية على خلفية الموقف من التسوية, ففي حين انخرطت حركة فتح بزعامة عرفات في مسار التسوية وعملت على فرضه في ساحة العمل الوطني الفلسطيني مستقوية بدعم النظم العربية التابعة, عملت فصائل أخرى على مناهضة هذا المسار متمسكة بخط التحرير, ليقود ذلك إلى الصدامات والانقسامات التي كانت تنتهي بالعودة إلى وحدة هشَّة في إطار منظمة التحرير تخترقها عوامل الأزمة التي لم يجر حلها.
وفي هذا السياق وكما يذكر الكاتب,فقد شكل برنامج النقاط العشر الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974, منعطفاً حاداً في تفاقم الأزمة التي ظلت تتفاعل مع مسلسل التنازلات التي أقدمت عليها القيادة الفلسطينية المتنفذة استجابة لإملاءات المشروع الاستعماري- الصهيوني, لتأتي صفقة أوسلو عام 1993,التي عقدت في ظل الانقسام الفلسطيني ومن وراء ظهر الشعب, بمثابة توافق مع الحل الذي طرحه الصهاينة لمستقبل المناطق المحتلَّة عام 1967, والذي يقضي بإقامة إدارة مدنية لسكان تلك المناطق تحت عنوان الحكم الإداري الذاتي, لكي تبقى الأرض نهباً للزحف الاستيطاني, وليوضع حق العودة للاجئين على سكة التبديد, ويغدو فلسطينيو الأراضي المحتلة عام 1948 في مواجهة خطر الأسرلة في ظل قوانين التمييز العنصري, إضافة إلى تهويد القدس الموسعة كعاصمة أبدية للكيان الغاصب (؟).
وهكذا فإن الكتاب عبر هذا الفصل, يقيم ربطاً جدلياً بين التسليم بواقع التجزئة في العالم العربي, وبين التسليم بمبدأ التسوية مع المشروع الصهيوني كامتداد عضوي للمشروع الاستعماري تجاه المنطقة,لكي يبين بأن جذر الأزمة التي عصفت بالنظام السياسي الفلسطيني والتي وصلت إلى الطريق المسدود, لا يمكن فصله عن جذور أزمة النظام القطري العربي التي لا يمكن تجاوزها من غير التوصُّل إلى معادلة تقوم على الربط بين الوحدة الوطنية داخل كل قطر, وبين المشروع القومي الوحدوي الذي يشكل النقيض التاريخي للمشروع الاستعماري- الصهيوني.
ومن هنا يأتي التأكيد في هذا الفصل, على أن تغييب الرؤية البرنامجية الإستراتيجية لطبيعة الصراع مع المشروع الإمبريالي الصهيوني الذي يرمي إلى تصفية قضية فلسطين, هو ما قاد في الواقع إلى ولادة الأزمة, التي جسَّدت انحراف حركة التحرر الفلسطينية عن منطق التحرير وانخراطها في منطق السلطة القطروية, لكي يتم القبول في النهاية بسلطة وهمية خاضعة للاحتلال, تسند لها مهمة ضبط وإخضاع الشعب الفلسطيني لمخطط التصفية المرسوم من قبل الدوائر الاستعمارية والصهيونية على غرار ما تقوم به النظم العربية التابعة في علاقاتها القمعية مع شعوبها.
وفي استكمالٍ لتحليل جذور الأزمة وانعكاسها على الوحدة الوطنية الفلسطينية, يبين الكتاب في فصله الثاني, عمق الترابط, بين انفلاش الوحدة الوطنية في مختلف الأقطار العربية, وبين تمزق هذه الوحدة على الساحة الفلسطينية, ذلك أن إدراج حركة التحرر الوطني الفلسطينية في نسق النظم القطرية, ما كان ليقود لغير ما تعانيه تلك النظم من أزمة وحدة وطنية.وفيما دللت التجربة في العديد من الأقطار العربية كما يشير الكتاب, على أن مقاومة الغزاة المحتلين في سياق مقاومة المشروع الاستعماري تجاه المنطقة, قد شكَّل رافعة للوحدة الوطنية في تلك الأقطار كما هو الحال في لبنان والعراق, وكذلك في فلسطين إبان تنامي الفعل النضالي للجماهير الشعبية في تجاوز لخط القيادة المهيمنة,فقد دللت التجربة كذلك, على أن الخضوع لمنطق التسوية والتخلي عن خط المقاومة, كان يذكي كل النزعات الانعزالية, الطائفية, والمذهبية, والقبلية, والجهوية, ويفجر الصراعات الداخلية المدمِّرة, لكي يخلص الكتاب إلى الحسم, بأن السبب الرئيسي للانقسام الفلسطيني, إنما جاء على خلفية الانقسام إزاء الموقف من خط المقاومة, ذلك أن القيادة المهيمنة على منظمة التحرير, لم تكن مخلصة من البداية لهذا الخط كخيار استراتيجي بعد أن استبطنت ثقافة التسوية, ليصل الأمر بخليفة عرفات( محمود عباس), إلى اعتبار نفسه" كرئيس لمنظمة التحرير ورئيس للسلطة الفلسطينية.. بأنه يقف في خندق الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب", وليعلن بناء على ذلك(( بأنه أعطى أوامره لقوات الأمن الفلسطينية, بمواجهة ومنع أي عمليات إرهابية للتعدي على المدنيين الإسرائيليين)), ليتم ذلك في اللحظة التي كانت فيها الدبابات الصهيونية تحتشد تحضيراً للعدوان على قطاع غزة المحاصر, وبعد كل ما ارتكبه المحتلون الغزاة من مجازر بحق أبناء شعبنا في الوطن المحتل في مسعى من جانبهم لسحق إرادة هذا الشعب التحررية وإخضاعه لمخطط التصفية.
وهكذا يخلص الكتاب إلى القول, بأنه من دون انتصار خط المقاومة في الساحة الفلسطينية, فإن كل الجهود لاستعادة الوحدة في إطار منظمة التحرير وفي إطار السلطة الفلسطينية, ستظل عاجزة عن استعادة الوحدة الوطنية,ذلك أن الوحدة والتسوية هما قطبان نقيضان.
وعن الفرص الضائعة لتجاوز الأزمة ولاستعادة الوحدة الوطنية, يتوقف الكتاب في فصله الثالث, عند انتفاضة الأقصى المجيدة, التي جرى تبديد مفاعيلها بسبب تمسك القيادة المهيمنة بنهج التسوية, على الرغم من وصول هذا النهج إلى الطريق المسدود كما دللت على ذلك مفاوضات كامب ديفيد(2) بشأن القضايا النهائية التي تتعلق بحقوق شعبنا, والتي كانت قد أرجئت في صفقة أوسلو.
ففي هذا الفصل, يعرض الكتاب لحالة النهوض التي عاشها المجتمع الفلسطيني في ظل الانتفاضة المجيدة, وذلك على الرغم من كل عوامل الإحباط التي عاشها هذا المجتمع بفعل حصاد أوسلو, وهو يعرض في هذا السياق, لبروز كتائب المقاومة المسلحة الوطنية والإسلامية التي كبَّدت الكيان الغاصب خسائر فادحة على مختلف الصعد, الاقتصادية, والأمنية, والمجتمعية, وعلى صعيد الهجرة المعاكسة. كما يكشف كيف أن عملية السور الواقي التي قادها شارون ضد شعبنا في الضفة لم تحقق غايتها في كسر إرادة هذا الشعب, فأتى الانفصال من جانب حكومة شارون عن التجمعات السكانية في الضفة والقدس عبر جدار الفصل, بمثابة إقرار بعجزها عن سحق المقاومةالفلسطينية, وكذلك فيما يتعلق بالإندحار عن غزة. و بدل أن تستثمر القيادة المهيمنة تلك المنجزات بالعودة إلى الأرضية التي تترسخ على أساسها الوحدة الوطنية وهي أرضية الصمود والمقاومة, فقد مضت على طريق التجاوب مع المبادرات الأمريكية التي وضعت في الأساس لإنقاذ المشروع الصهيوني .
وفي الفصل الرابع من الكتاب وتحت عنوان(( استشهاد عرفات وبؤس النظام السياسي الفلسطيني)), يكشف الكاتب استناداً إلى تسلسل الأحداث, ما آلت إليه الأوضاع في الساحة الفلسطينية من خراب معمم طال النظام السياسي مثلما طال الظروف الأمنية والمعيشية للجماهير الفلسطينية في الوطن المحتل. وأتت (( اللعبة الديمقراطية)) كما يتوقف عندها الكتاب في فصله الخامس, لتفاقم الأزمة, وتعمق حالة الانقسام بدل أن تسهم في تجاوزهما, ذلك أن انتصار تيار المقاومة ممثلاً في حركة حماس في انتخابات المجلس التشريعي للسلطة, دفع القيادة المتنفذة وتيارها, إلى الارتماء في أحضان قوى معسكر التصفية الدولي والعربي, إلى الحد الذي أوصل هذا التيار إلى موقع الانخراط في خطة دايتون, التي استهدفت اجتثاث بنية المقاومة من الضفة المحتلَّة, وإلى موقع التواطؤ مع الحرب الهمجية التي شنها الصهاينة على قطاع غزة بهدف القضاءعلى فكرة المقاومة التي ترسخت في هذه القاعدة الفلسطينية.
وفي هذا الفصل, يعرض الكتاب كيف تعاطت حركة فتح والدائرون في فلكها من رموز وقوى التسوية مع نتيجة الانتخابات التشريعية, إذ ظلت تراهن على إفشال تجربة حماس في السلطة بالاستناد إلى الحلف الذي تقوده أمريكا. وهو يعرض كيف باءَت بالفشل, كل الجهود التي بذلت قبل وبعد الانتخابات, لكي تستعاد الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير, إذ بقي الانقسام قائماً بين من هم مع نهج التسوية, ومن هم مع نهج المقاومة الذي من شأنه أن يرسي,إذا ما طُعِّم بالثقافة الديمقراطية والبعد عن الاستئثار الفئوي الفصائلي, أساساً راسخاً للوحدة الوطنية .
وفي الفصول التالية, يتوقف الكتاب عند سيل من التداعيات لتفاقم الأزمة, لكي يبرز المحطات المفصلية لتلك التداعيات دون تغييب الجذر الأساس الذي ولَّد الأزمة وقاد إلى تفاقمها وصولاً إلى الصدام الدموي المؤلم والمدمِّر الذي شهدته ساحة غزة في تموز عام 2007.
وفي هذه الفصول, لا يغيب عن وعي الكاتب, بأن المقاومة هي شرط لازم لاستعادة الوحدة الوطنية ولتجاوز الأزمة دون أن تكون شرطاً كافياً, لأنه لا بد من تجاوز العصبية القبلية السائدة في وعي اجتماعنا الفلسطيني والعربي, والتي تجلت فلسطينياً, في النزعة الانعزالية الفصائلية, حين اعتبر كل فصيل نفسه من البداية, بأنه الممثل لكل طبقات وأطياف الشعب الفلسطيني, وأنه وحده الحريص على الحقوق الوطنية الفلسطينية وذلك ضمن خطاب شعاراتي, وفق نطاق ممارسة نضالية لا تتسم بالجدية.
وفي هذه الفصول أيضا, لا يغيب عن الكاتب, مدى تعقد أزمة((النظام السياسي الفلسطيني)) التي ترتبط عضوياً مع أزمة النظم العربية القطرية. لكنه لا يرجئ تجاوز هذه الأزمة إلى الزمن الذي يتم فيه تجاوز أزمة نظم التجزئة في المحيط العربي, فهو يرى بأن العودة للرؤية الإستراتيجية التي أطلقت حركة التحرر الوطني الفلسطينية المعاصرة, يمكنه ليس أن يسهم فقط في حل الأزمة الفلسطينية, بل في حل أزمة حركة التحرر العربية التي انحرفت عن مسارها في ظروف انحسار المشروع القومي التحرري, حيث لا يغفل الكتاب على هذا الصعيد,ما قدمته الانتصارات التي حققتها قوى المقاومة مدعومة من معسكر الصمود في المنطقة, من خدمة لمسار الوحدة الوطنية الفلسطينية ولمسار تجاوز الأزمة, مؤكداً على أن ترسيخ تلك الانتصارات , بات يشكل السبيل لإنجاز طموح شعبنا وقواه الحية, في إعادة بناء وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير, وفي تحوُّل السلطة الفلسطينية تحت إشراف المنظمة, إلى أداة لتعبئة طاقات شعبنا في الداخل بما يمكنه من مواجهة سياسات المحتلين ومن حماية المقدسات بوجه حملة التهويد الصهيونية.
وبعد أن يتوقف الكتاب عند سلسلة الاتفاقات التي أبرمت بوساطةٍ عربية والتي فشلت في إخراج الوضع الفلسطيني من الأزمة والانقسام نتيجة الخط الأحمر الذي لوَح به الصهاينة أمام تيار التسوية,فإنه يعرض الدافع لقوى المقاومة, في تناديها لعقد مؤتمر دمشق الوطني في كانون الثاني عام 2008, الذي أريد له أن يشكل رداً على الحلقة الجديدة من حلقات التآمر على قضية فلسطين ممثلة بمؤتمر أنابوليس, والذي حرصت فيه (تلك القوى), على مناشدة تيار التسوية لأن يعود للثوابت الوطنية بعد أن بات واضحاً ما قاد له التخلي عن تلك الثوابت,لكي يشكل هذا المؤتمر برغم كل التعقيدات القائمة, خطوة على طريق التحشيد الوطني في الساحة الفلسطينية على قاعدة خط المقاومة,وهنا يبرز الكتاب أيضاً, ما حققه صمود غزة بوجه العدوان الهمجي, من دعم لخط المقاومة ومن إضعافٍ لنهج التسوية والإنقسام.
في الختام نريد القول, بأن ما يحويه الكتاب من قراءَة نقدية لمسيرة النضال التحرري للشعب الفلسطيني وما يتضمنه من ملاحق, يجعله جديراً بالدراسة المعمقة من جانب الحريصين على مستقبل شعبنا وعلى انتصار قضيته الوطنية التحررية, والحريصين بالتالي, على أن تحتل الأمة العربية بتفاعلٍ مع بعدها الإسلامي, موقعها بين أمم العالم, ولأن تخرج من حالة ردة الفعل على الهجمة الإمبريالية التي استهدفت شأن الهجمةالكولونيالية, إخراج هذه الأمة من التاريخ.
غطاس أبو عيطة
تأتي أهمية هذا الكتاب الذي صدر مؤخراً للدكتور طلال ناجي بعنوان (( أزمة النظام السياسي الفلسطيني .. الفرص الضائعة والتحديات)) ,تأتي من الموقع المتقدم الذي شغله الدكتور في الأطر القيادية للعمل الوطني الفلسطيني, بما جعله معايشاً لمجريات الصراع الذي شهدته الساحة الفلسطينية على مدى العقود الماضية, والتي ارتبطت بأزمةٍ لم يجرِ حلُّها, بحيث وصلت إلى حالة الاستعصاء التي تعيشها هذه الساحة في اللحظة الراهنة.
كما تأتي أهمية الكتاب, من التأصيل الذي عمد له الكاتب فيما يتعلق بجذور الأزمة على المستوى الفكري, ثم من التوثيق الذي اعتمده في عرض تداعيات تلك الأزمة بعيداً عن الإنشائية وتوخياً للموضوعية. وهي تأتي بعد ذلك, من حرص الكاتب انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية, على أن يسهم في العمل على تجاوز الأزمة القائمة من خلال فهم أسبابها, والتي تحمل- كما يقول الكاتب- من الأخطار والأضرار على مستقبل الشعب الفلسطيني وعلى مصير قضيته الوطنية, ما يفوق ما حملته النكبة عام 1948, وهزيمة حزيران عام 1967.
ومن هنا يمكن التنويه بالجهد الذي بذله الكاتب بالتعاون مع(( فريق عمل)), لكي يأتي كتابه بمثابة إضافة نوعية لكل ما وضع من قراءات تتعلق بأزمة النضال التحرري للشعب الفلسطيني, ذلك أن ما حفز هذا المناضل الفلسطيني لأن يضع كتاباً عن الأزمة, هو ليس تعبئة أوقات الفراغ, بل الإسهام في مهمة نضالية تعتبر محورية فيما يتعلق بمواجهة الهجمة الإمبريالية- الصهيونية الراهنة التي تستهدف تصفية قضية فلسطين كمدخل لإعادة رسم خريطة المنطقة الجيوسياسية, وهي مهمة تجاوز أزمة حركة التحرر الفلسطينية, واستعادة الوحدة الوطنية على قاعدة التصدي لتلك الهجمة وإحباط مفاعيلها.
يقع الكتاب في ثمانية فصول إلى جانب ملحقٍ يضم الوثائق الأساسية التي تطرقت لها مادته.وفي حين يعمد الفصل الأول والثاني من الكتاب, إلى تحليل جذور الأزمة في الساحة الفلسطينية والوقوف عند عوامل الانقسام وغياب الوحدة الوطنية, فهو يمضي في الفصول التالية, نحو عرض تداعيات الأزمة والانقسام, وصولاً إلى العدوان الهمجي الذي شنه العدو الصهيوني على قطاع غزة مستغلاً حالة الانقسام القائمة.
فتحت عنوان(( جذور الأزمة الراهنة)), يبرز الكتاب ظروف ولادة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964, في ظل صعود المشروع القومي الوحدوي الذي قاده عبد الناصر, وذلك في ردٍ على واقع التجزئة الذي فرضه المستعمر على الأمة العربية حيث شكل الكيان الصهيوني في فلسطين قاعدة لحراسة التجزئة والهزيمة.وهنا يبين الكتاب, كيف أن الميثاق القومي للمنظمة, مضى نحو إغفال البعد الوطني للقضية الفلسطينية فلم ينص على الاستقلال الفلسطيني, ليأتي الميثاق الوطني عام 1968 الذي صاغته فصائل المقاومة الفلسطينية, بمثابة ردة فعل على تغييب الهوية الوطنية, وذلك ضمن عملية تساوق مع مفاعيل التجزئة التي تنامت في البلاد العربية عقب هزيمة حزيران عام 1967, التي وجَّهت ضربة بالغة العنف للمشروع القومي الذي شكل حاضنةً للقضية الفلسطينية باعتبارها بؤرة الصراع مع المشروع الاستعماري- الصهيوني, وقد أفضى ذلك كما يشير الكتاب, إلى نشوء اتجاهين سلبيين متشابكين في مسيرة حركة التحرر الوطني الفلسطينية, هما الاتجاه الانعزالي القطروي من جهة, واتجاه الأخذ بفكرة التسوية من جهة أخرى التي باتت تسود النظام الرسمي العربي خضوعاً لمعطيات الهزيمة.
وهكذا فقد بدأت الأزمة في الساحة الفلسطينية على خلفية الموقف من التسوية, ففي حين انخرطت حركة فتح بزعامة عرفات في مسار التسوية وعملت على فرضه في ساحة العمل الوطني الفلسطيني مستقوية بدعم النظم العربية التابعة, عملت فصائل أخرى على مناهضة هذا المسار متمسكة بخط التحرير, ليقود ذلك إلى الصدامات والانقسامات التي كانت تنتهي بالعودة إلى وحدة هشَّة في إطار منظمة التحرير تخترقها عوامل الأزمة التي لم يجر حلها.
وفي هذا السياق وكما يذكر الكاتب,فقد شكل برنامج النقاط العشر الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974, منعطفاً حاداً في تفاقم الأزمة التي ظلت تتفاعل مع مسلسل التنازلات التي أقدمت عليها القيادة الفلسطينية المتنفذة استجابة لإملاءات المشروع الاستعماري- الصهيوني, لتأتي صفقة أوسلو عام 1993,التي عقدت في ظل الانقسام الفلسطيني ومن وراء ظهر الشعب, بمثابة توافق مع الحل الذي طرحه الصهاينة لمستقبل المناطق المحتلَّة عام 1967, والذي يقضي بإقامة إدارة مدنية لسكان تلك المناطق تحت عنوان الحكم الإداري الذاتي, لكي تبقى الأرض نهباً للزحف الاستيطاني, وليوضع حق العودة للاجئين على سكة التبديد, ويغدو فلسطينيو الأراضي المحتلة عام 1948 في مواجهة خطر الأسرلة في ظل قوانين التمييز العنصري, إضافة إلى تهويد القدس الموسعة كعاصمة أبدية للكيان الغاصب (؟).
وهكذا فإن الكتاب عبر هذا الفصل, يقيم ربطاً جدلياً بين التسليم بواقع التجزئة في العالم العربي, وبين التسليم بمبدأ التسوية مع المشروع الصهيوني كامتداد عضوي للمشروع الاستعماري تجاه المنطقة,لكي يبين بأن جذر الأزمة التي عصفت بالنظام السياسي الفلسطيني والتي وصلت إلى الطريق المسدود, لا يمكن فصله عن جذور أزمة النظام القطري العربي التي لا يمكن تجاوزها من غير التوصُّل إلى معادلة تقوم على الربط بين الوحدة الوطنية داخل كل قطر, وبين المشروع القومي الوحدوي الذي يشكل النقيض التاريخي للمشروع الاستعماري- الصهيوني.
ومن هنا يأتي التأكيد في هذا الفصل, على أن تغييب الرؤية البرنامجية الإستراتيجية لطبيعة الصراع مع المشروع الإمبريالي الصهيوني الذي يرمي إلى تصفية قضية فلسطين, هو ما قاد في الواقع إلى ولادة الأزمة, التي جسَّدت انحراف حركة التحرر الفلسطينية عن منطق التحرير وانخراطها في منطق السلطة القطروية, لكي يتم القبول في النهاية بسلطة وهمية خاضعة للاحتلال, تسند لها مهمة ضبط وإخضاع الشعب الفلسطيني لمخطط التصفية المرسوم من قبل الدوائر الاستعمارية والصهيونية على غرار ما تقوم به النظم العربية التابعة في علاقاتها القمعية مع شعوبها.
وفي استكمالٍ لتحليل جذور الأزمة وانعكاسها على الوحدة الوطنية الفلسطينية, يبين الكتاب في فصله الثاني, عمق الترابط, بين انفلاش الوحدة الوطنية في مختلف الأقطار العربية, وبين تمزق هذه الوحدة على الساحة الفلسطينية, ذلك أن إدراج حركة التحرر الوطني الفلسطينية في نسق النظم القطرية, ما كان ليقود لغير ما تعانيه تلك النظم من أزمة وحدة وطنية.وفيما دللت التجربة في العديد من الأقطار العربية كما يشير الكتاب, على أن مقاومة الغزاة المحتلين في سياق مقاومة المشروع الاستعماري تجاه المنطقة, قد شكَّل رافعة للوحدة الوطنية في تلك الأقطار كما هو الحال في لبنان والعراق, وكذلك في فلسطين إبان تنامي الفعل النضالي للجماهير الشعبية في تجاوز لخط القيادة المهيمنة,فقد دللت التجربة كذلك, على أن الخضوع لمنطق التسوية والتخلي عن خط المقاومة, كان يذكي كل النزعات الانعزالية, الطائفية, والمذهبية, والقبلية, والجهوية, ويفجر الصراعات الداخلية المدمِّرة, لكي يخلص الكتاب إلى الحسم, بأن السبب الرئيسي للانقسام الفلسطيني, إنما جاء على خلفية الانقسام إزاء الموقف من خط المقاومة, ذلك أن القيادة المهيمنة على منظمة التحرير, لم تكن مخلصة من البداية لهذا الخط كخيار استراتيجي بعد أن استبطنت ثقافة التسوية, ليصل الأمر بخليفة عرفات( محمود عباس), إلى اعتبار نفسه" كرئيس لمنظمة التحرير ورئيس للسلطة الفلسطينية.. بأنه يقف في خندق الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب", وليعلن بناء على ذلك(( بأنه أعطى أوامره لقوات الأمن الفلسطينية, بمواجهة ومنع أي عمليات إرهابية للتعدي على المدنيين الإسرائيليين)), ليتم ذلك في اللحظة التي كانت فيها الدبابات الصهيونية تحتشد تحضيراً للعدوان على قطاع غزة المحاصر, وبعد كل ما ارتكبه المحتلون الغزاة من مجازر بحق أبناء شعبنا في الوطن المحتل في مسعى من جانبهم لسحق إرادة هذا الشعب التحررية وإخضاعه لمخطط التصفية.
وهكذا يخلص الكتاب إلى القول, بأنه من دون انتصار خط المقاومة في الساحة الفلسطينية, فإن كل الجهود لاستعادة الوحدة في إطار منظمة التحرير وفي إطار السلطة الفلسطينية, ستظل عاجزة عن استعادة الوحدة الوطنية,ذلك أن الوحدة والتسوية هما قطبان نقيضان.
وعن الفرص الضائعة لتجاوز الأزمة ولاستعادة الوحدة الوطنية, يتوقف الكتاب في فصله الثالث, عند انتفاضة الأقصى المجيدة, التي جرى تبديد مفاعيلها بسبب تمسك القيادة المهيمنة بنهج التسوية, على الرغم من وصول هذا النهج إلى الطريق المسدود كما دللت على ذلك مفاوضات كامب ديفيد(2) بشأن القضايا النهائية التي تتعلق بحقوق شعبنا, والتي كانت قد أرجئت في صفقة أوسلو.
ففي هذا الفصل, يعرض الكتاب لحالة النهوض التي عاشها المجتمع الفلسطيني في ظل الانتفاضة المجيدة, وذلك على الرغم من كل عوامل الإحباط التي عاشها هذا المجتمع بفعل حصاد أوسلو, وهو يعرض في هذا السياق, لبروز كتائب المقاومة المسلحة الوطنية والإسلامية التي كبَّدت الكيان الغاصب خسائر فادحة على مختلف الصعد, الاقتصادية, والأمنية, والمجتمعية, وعلى صعيد الهجرة المعاكسة. كما يكشف كيف أن عملية السور الواقي التي قادها شارون ضد شعبنا في الضفة لم تحقق غايتها في كسر إرادة هذا الشعب, فأتى الانفصال من جانب حكومة شارون عن التجمعات السكانية في الضفة والقدس عبر جدار الفصل, بمثابة إقرار بعجزها عن سحق المقاومةالفلسطينية, وكذلك فيما يتعلق بالإندحار عن غزة. و بدل أن تستثمر القيادة المهيمنة تلك المنجزات بالعودة إلى الأرضية التي تترسخ على أساسها الوحدة الوطنية وهي أرضية الصمود والمقاومة, فقد مضت على طريق التجاوب مع المبادرات الأمريكية التي وضعت في الأساس لإنقاذ المشروع الصهيوني .
وفي الفصل الرابع من الكتاب وتحت عنوان(( استشهاد عرفات وبؤس النظام السياسي الفلسطيني)), يكشف الكاتب استناداً إلى تسلسل الأحداث, ما آلت إليه الأوضاع في الساحة الفلسطينية من خراب معمم طال النظام السياسي مثلما طال الظروف الأمنية والمعيشية للجماهير الفلسطينية في الوطن المحتل. وأتت (( اللعبة الديمقراطية)) كما يتوقف عندها الكتاب في فصله الخامس, لتفاقم الأزمة, وتعمق حالة الانقسام بدل أن تسهم في تجاوزهما, ذلك أن انتصار تيار المقاومة ممثلاً في حركة حماس في انتخابات المجلس التشريعي للسلطة, دفع القيادة المتنفذة وتيارها, إلى الارتماء في أحضان قوى معسكر التصفية الدولي والعربي, إلى الحد الذي أوصل هذا التيار إلى موقع الانخراط في خطة دايتون, التي استهدفت اجتثاث بنية المقاومة من الضفة المحتلَّة, وإلى موقع التواطؤ مع الحرب الهمجية التي شنها الصهاينة على قطاع غزة بهدف القضاءعلى فكرة المقاومة التي ترسخت في هذه القاعدة الفلسطينية.
وفي هذا الفصل, يعرض الكتاب كيف تعاطت حركة فتح والدائرون في فلكها من رموز وقوى التسوية مع نتيجة الانتخابات التشريعية, إذ ظلت تراهن على إفشال تجربة حماس في السلطة بالاستناد إلى الحلف الذي تقوده أمريكا. وهو يعرض كيف باءَت بالفشل, كل الجهود التي بذلت قبل وبعد الانتخابات, لكي تستعاد الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير, إذ بقي الانقسام قائماً بين من هم مع نهج التسوية, ومن هم مع نهج المقاومة الذي من شأنه أن يرسي,إذا ما طُعِّم بالثقافة الديمقراطية والبعد عن الاستئثار الفئوي الفصائلي, أساساً راسخاً للوحدة الوطنية .
وفي الفصول التالية, يتوقف الكتاب عند سيل من التداعيات لتفاقم الأزمة, لكي يبرز المحطات المفصلية لتلك التداعيات دون تغييب الجذر الأساس الذي ولَّد الأزمة وقاد إلى تفاقمها وصولاً إلى الصدام الدموي المؤلم والمدمِّر الذي شهدته ساحة غزة في تموز عام 2007.
وفي هذه الفصول, لا يغيب عن وعي الكاتب, بأن المقاومة هي شرط لازم لاستعادة الوحدة الوطنية ولتجاوز الأزمة دون أن تكون شرطاً كافياً, لأنه لا بد من تجاوز العصبية القبلية السائدة في وعي اجتماعنا الفلسطيني والعربي, والتي تجلت فلسطينياً, في النزعة الانعزالية الفصائلية, حين اعتبر كل فصيل نفسه من البداية, بأنه الممثل لكل طبقات وأطياف الشعب الفلسطيني, وأنه وحده الحريص على الحقوق الوطنية الفلسطينية وذلك ضمن خطاب شعاراتي, وفق نطاق ممارسة نضالية لا تتسم بالجدية.
وفي هذه الفصول أيضا, لا يغيب عن الكاتب, مدى تعقد أزمة((النظام السياسي الفلسطيني)) التي ترتبط عضوياً مع أزمة النظم العربية القطرية. لكنه لا يرجئ تجاوز هذه الأزمة إلى الزمن الذي يتم فيه تجاوز أزمة نظم التجزئة في المحيط العربي, فهو يرى بأن العودة للرؤية الإستراتيجية التي أطلقت حركة التحرر الوطني الفلسطينية المعاصرة, يمكنه ليس أن يسهم فقط في حل الأزمة الفلسطينية, بل في حل أزمة حركة التحرر العربية التي انحرفت عن مسارها في ظروف انحسار المشروع القومي التحرري, حيث لا يغفل الكتاب على هذا الصعيد,ما قدمته الانتصارات التي حققتها قوى المقاومة مدعومة من معسكر الصمود في المنطقة, من خدمة لمسار الوحدة الوطنية الفلسطينية ولمسار تجاوز الأزمة, مؤكداً على أن ترسيخ تلك الانتصارات , بات يشكل السبيل لإنجاز طموح شعبنا وقواه الحية, في إعادة بناء وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير, وفي تحوُّل السلطة الفلسطينية تحت إشراف المنظمة, إلى أداة لتعبئة طاقات شعبنا في الداخل بما يمكنه من مواجهة سياسات المحتلين ومن حماية المقدسات بوجه حملة التهويد الصهيونية.
وبعد أن يتوقف الكتاب عند سلسلة الاتفاقات التي أبرمت بوساطةٍ عربية والتي فشلت في إخراج الوضع الفلسطيني من الأزمة والانقسام نتيجة الخط الأحمر الذي لوَح به الصهاينة أمام تيار التسوية,فإنه يعرض الدافع لقوى المقاومة, في تناديها لعقد مؤتمر دمشق الوطني في كانون الثاني عام 2008, الذي أريد له أن يشكل رداً على الحلقة الجديدة من حلقات التآمر على قضية فلسطين ممثلة بمؤتمر أنابوليس, والذي حرصت فيه (تلك القوى), على مناشدة تيار التسوية لأن يعود للثوابت الوطنية بعد أن بات واضحاً ما قاد له التخلي عن تلك الثوابت,لكي يشكل هذا المؤتمر برغم كل التعقيدات القائمة, خطوة على طريق التحشيد الوطني في الساحة الفلسطينية على قاعدة خط المقاومة,وهنا يبرز الكتاب أيضاً, ما حققه صمود غزة بوجه العدوان الهمجي, من دعم لخط المقاومة ومن إضعافٍ لنهج التسوية والإنقسام.
في الختام نريد القول, بأن ما يحويه الكتاب من قراءَة نقدية لمسيرة النضال التحرري للشعب الفلسطيني وما يتضمنه من ملاحق, يجعله جديراً بالدراسة المعمقة من جانب الحريصين على مستقبل شعبنا وعلى انتصار قضيته الوطنية التحررية, والحريصين بالتالي, على أن تحتل الأمة العربية بتفاعلٍ مع بعدها الإسلامي, موقعها بين أمم العالم, ولأن تخرج من حالة ردة الفعل على الهجمة الإمبريالية التي استهدفت شأن الهجمةالكولونيالية, إخراج هذه الأمة من التاريخ.