يا الاهي ... يارب ....ان تعيد لنا - 1% من الكرامة .. ؟ كرامة 1968
الكاتب : توفيق خليل ابو انس 21 / 3 / 2010
هذه المقدمة لكتاب معركة الكرامة للمؤلف اللواء/ محمود الناطور ( ابو الطيب ) لقد اعجبني هذا التقديم الذي يليق فعلا بالام المناضلة وبدوري اقتبس هذا الاهداء بمناسبة عيد الام لاقدمه الى كل ام فلسطينية وعربية وغربية لان الام واحدة لا فرق بين الامهات
إهـداء الى الحاجة أم يوسف يشرفني أن أهدي كتاب الكرامة إلى المرأة الفلسطينية في الوطن والشتات، نظراً لما قدمته من تضحيات في سبيل فلسطين، فمن حقها علينا أن نعترف بكل ما بذلته من جهد وعطاء لا حدود لهما في دعم قضية الشعب الفلسطيني، فهي الأم المناضلة التي قدمت الشهداء، وأسهمت في العمل الاجتماعي والسياسي. ولا بد لنا في هذا المقام من الإشارة إلى بعض النساء اللواتي لعبن دوراً بارزاً في دعم الثورة الفلسطينية، وأول ما يتبادر إلى ذهننا في هذا المجال المرحومة نعمة محمد شحادة (أم يوسف) التي عرفت باسم أم الفدائيين*، والتي يعرفها كل من عاش بالكرامة وخاض معركتها، وكانت أم يوسف تعتبر نفسها اُمّاً لجميع الفدائيين، وقد حولت منزلها في الكرامة إلى عيادة لإسعاف الجرحى والمصابين. الأم.. الجدة من الذاكرة الفلسطينية إلى الرمز النضالي أي مخزون من هذا العطاء والحب تحمله الأم الفلسطينية، تنتظر عودة ولدها حياً.. أم جثماناً.. تزغرد في الشهادة والعرس معاً.. وتمزج بين الألم والفرح.. وتفاخر ليس بالممتلكات أو الانجازات.. بل بالشهادة التي تميزها عن النساء الأخريات.. أية أم هذه .. أية أخت.. زوجة أم جدة.. وهي تملأ جدران البيت بصور الحبيب الغائب أو الشهيد أو الأسير مَن الذي يستطيع أن يترجم لنا هذا الكم الهائل من العاطفة المخزونة تحت جفون أمهاتنا.. وأخواتنا.. وبناتنا.. وجداتنا.. هذا الحزن الذي حوّل جفونهن إلى لون من ألوان الغضب.. كل هذا فداك يا أرض المقدسات.. يا أرض الرباط.. يا أرض القدس.. يا أرض الإسراء والمعراج.. يا أرض المسيح.. يا أرض الله.. يا أرض الشهداء.. أية أم في هذا الكون.. غير الأم الفلسطينية.. التي توزع الحلوى رغم هذا الدفق الهائل من الحزن.. في يوم استشهاد ولدها... أية أم في "أرض الله" تزغرد في عرس الاستشهاد إلا الأم والأخت والجدة الفلسطينية.. أي بيت من بيوت هذه الأمة يستقبل المباركين إلا بيت الشهيد... لك الله.. لك المجد.. لك كل أكاليل الغار.. يا أم كل الشهداء.. يا أمنا.. يا أم فلسطين.. لك الله أيتها الجدة والأم والأخت والابنة.. عندما يأتي العيد وأنت على مقبرة الشهداء.. تنظفي محيط القبر.. وترشي المياه وتتحسسي جوانبه كأنه جزء من جسد الشهيد. إن دور المرأة الفلسطينية في الحياة اليومية بكل أبعادها هي مثالية الانتماء والولاء.. والحب والجهد في البيت وفي الحقل، وهي التي ارتقت بحياتها وطموحها إلى جانب كل ذلك لتصبح المهندسة.. والطبيبة والممرضة.. والعاملة.. والمزارعة.. والمقاتلة.. وكل المهن التي كان رجل الشرق يحتكرها.. ويقول جان جنييه الأديب الفرنسي الكبير.. "في كل ثورة، المرأة هي دائماً العنصر الأكثر جذرية، وفي الثورة الفلسطينية يبدو ذلك في غاية الوضوح".. "إن المرأة أكثر ارتباطا بكل ما هو حسي وملموس، وهي تجد في عدم التوازن الذي لق الثورة، توازنا وجودياً أعمق، لهذا أقول إنها أكثر ثورية من الرجل".. أما الكاتب الإسرائيلي غروسمان في تحقيق صحفي عن المرأة الفلسطينية... قال " هنا يمكن أن تسمع أقسى الكلام من النساء.. فالرجال يخافون أكثر من الاعتقال والمضايقة.. النساء تسير في مقدمة المظاهرات... وهن اللواتي يصرخن وينفثن غضبهن أمام كاميرات التلفزيون.. نساء خمروايات ذوات ملامح جادة جبلن بالألم والمعاناة(1). وتعد المرأة الفلسطينية من اوائل النساء اللاتي شكلن جمعيات نسائية على الصعيد العربي، وكان لها نشاط بارز ضد الانتداب البريطاني ففي عام 1929م تجلى في كتابة المذكرات وإعداد العرائض ونشر الاعلانات الاحتجاجية في الصحف التي حملت توقيعهن وفي تنظيم المظاهرات فضلاً عن ذلك عقد أول مؤتمر نسائي في 26/10/1929م في القدس واشتركت فيه أكثر من ثلاثمائة سيدة فلسطينية من بينهن متيل مغنم وطرب عبد الهادي(1). وفي عام 1935م أسهمت المرأة الفلسطينية في القتال وفي جمع السلاح ونقله إلى الثوار، وقامت بجمع التبرعات وتوزيعها على عائلات المجاهدين، كما سعت إلى توفير المؤن، والماء، والملابس للثوار في مختلف المناطق*. وعقب قيام منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 شاركت المرأة في مؤسساتها وأجهزتها وتمثلت في المجلس الوطني الفلسطيني منذ دورته الأولى، وفي جميع دوراته المتتالية، وضم المجلس المركزي ممثلة عن الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية. وشهد وضع المرأة تحولاً سياسياً بعد عام 1965م، والتحقت في التنظيمات الفلسطينية، واعتبرت دعامة أساسية لها وأسهم عملها السياسي في إحداث نقلة نوعية في حياة المرأة الفلسطينية التي خرجت من دائرة الجمود إلى دائرة العمل الاجتماعي والسياسي والعسكري، وقد دخلت المرأة المعتقلات وعذبت، وتعرضت لشتى أساليب العذاب وإرتقت شهيدة. ونجحت المرأة في ذلك مستفيدة من تجربتها الرائدة المتراكمة، رغم الثمن الباهظ الذي دفعته ومازالت كونها كانت أثناء قيامها بدورها الوطني مسؤولة عن واجب آخر... البيت وتربية الأولاد وخدمة الزوج. ابدعت في الصفاء لفلسطين الأرض حينما رشحت حبات عرقها على التراب الطاهر وهي تفلح الأرض مع الرجل، وفي كثير من الأحيان لوحدها عندما كان يتعرض زوجها أو ابنها للاستشهاد أو الاعتقال، حيث لم تدع الأرض تبور أو يجف ترابها،كما أنها أبدعت في عطائها للرجل الفلسطيني عندما كان لا يجد المال الكافي ليحقق حلمه في شراء البندقية للدفاع عن أرضه وعرضه وسرعان ما يجد المرأة وهي تقدم مجوهراتها وحليها مقابل الحصول على البندقية، وذهبت في نضالها إلى أبعد من ذلك حينما كانت تحمل البندقية وتواجه عمليات الاستيلاء على الأراضي أو تخريبها من قبل المستوطنين الصهاينة منذ بداية الغزو الصهيوني لفلسطين. وعلى الرغم مما حلَّ بقضية فلسطين، ورغم اتساع حلقة التآمر على شعبنا، فقد ازدادت إصراراً على مواصلة نضالها فبعد عام 1967م انخرطت فعلياً في العمل المسلح، وشاركت في المجموعات الفدائية البطولية، وساعدت في نقل الأسلحة والمتفجرات وتخزينها ونفذت العديد من العمليات النوعية ضد مواقع العدو الصهيوني، وبرزت الفدائية الفلسطينية: فاطمة برناوي دلال المغربي أول أسيرة من حركة "فتح".* أول شهيدة من حركة "فتح"** وهناك الكثيرات من المناضلات اللاتي صنعن بصمودهن خلف قضبان الاعتقال أروع صور البطولة والفداء. وهنا نتقدم بالتحية والعرفان والتقدير الممزوج بالفخر والاعتزاز لكل شهيدات شعبنا اللاتي سطّرن بدمائهن أروع ملاحم الفداء لهذا الوطن. وإذا كنا لم نتمكن من ذكر كل الأسماء فإننا لن ننسى ذكراهن في تاريخ نضال شعبنا الطويل والمستمر، فليتمجد هذا الدم وإلى الأبد. وفي الوقت نفسه نقف تقديراً واعتزازاً وتحية إلى أخواتنا المناضلات في سجون الاحتلال واللائي قدمنَّ أعظم عطاء فداء لهذا الوطن. وتتميز المرأة الفلسطينية عن غيرها في العالم العربي بدورها النضالي فهي الجدة والأم والأخت والابنة التي تنتظر هذا الفدائي أن يعود إليها منتصراً وهي التي ترعى بيته وأولاده، وهي التي تسهم في نقل السلاح من قاعدة إلى أخرى، وهي التي تدفع مهرها، ذهبها، جواهرها ليشتري قطعة سلاح عندما كان يعز ألسلاح. وهي التي انخرطت في التدريب العسكري والطبي والتوجيهي والإعلامي في صفوف الثورة الفلسطينية جنباً إلى جنب مع الرجل؛ ولهذا برزت أسماء فدائيات مناضلات فلسطينيات، وما زالت هذه الأسماء تقرع آذاننا تذكرنا بدور المرأة المجيد. والمرأة الفلسطينية التي تميزت عن المرأة العربية بهذا الكم الهائل من المعاناة والحزن والقهر الناجم عن ضياع الوطن والتهجير والتشرد، إضافة إلى مراعاة القوانين الاجتماعية المجحفة، أثبتت عمق وعيها من خلال ارتباطها الوثيق بقضيتها الوطنية، ومارست بنفسها كافة أشكال النضال التي مارسها رجال الثورة، واسهمت في عضوية كافة اللجان الشعبية والوطنية. وفي سنين الاحتلال أصبحت المرأة عاملاً منتجاً، وخاصة بعد مضاعفة الأزمة الاقتصادية، وزيادة الغلاء، وقلة فرص العمل والاضطهاد السياسي والعسكري للشباب الذين دفعهم ذلك إلى الهجرة خوفاً من الاعتقال أو السجن أو البطالة وقلة العمل، مما اضطر المرأة لتحل مكان الرجل في العمل في قطاعات مختلفة.ونظراً لاندماج المرأة في العمل الوطني، واجهت أشكال التعسف والاعتقال والاضطهاد من قبل سلطات الاحتلال، وحتى عام 1981م كان مجموع مَن دخل المعتقلات من النساء ثلاثة آلاف امرأة.
الكرامة بلدة أردنية تقع على محاذاة نهر الأردن من الجهة الشرقية ، في الأغوار الأردنية ، تجمعت بها قوات الفدائيين الفلسطينيين بعد حرب حزيران 1967 ، لجعلها قاعدة إنطلاق للعمليات الجهادية ضد الاحتلال الصهيوني .
في هذا الزمن الصعب الذي زرعة طريقه بالاشواك وما الت اليه من مصائب وويلات ترى ألا يحتاج العرب والمسلمين وهم في حالة التردي والاحتقان والشلل الكلي ...بل الاحتضار وعمى البصر والبصيرة ، وفي ظل تقاعس وتخاذل...بل استسلام حكامهم لمشيئة الإرادة الأميركية ـ الصهيونية المشتركة إلى معركة "كرامة"جديدة تخرجهم من النفق المُظلم الذي زُجوا فيه بعدما تعذر عليهم تحرير الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان وانفسهم من المغتصبين الصهاينة حتى الآن ، وبعدما سقط العراق في قبضة الاحتلال الأميركي ، وتصاعدت التهديدات الجدية والخطيرة المحدقة بسوريا ولبنان والسودان والصومال وأقطار عربية أخرى ؟ أليسوا بحاجة إلى معركة "كرامة"جديدة تعيد إليهم كرامتهم المُهانة كما فعلت من قبل معركة "الكرامة" ؟ أليسوا بحاجة إلى معركة "كرامة"جديدة تعيد إليهم إرادتهم المسلوبة كما فعلت معركة "الكرامة"!!
انني اعتذر عن هذه الكلمات التي باتت لاتسمن ولا تغني من عطش وحتى من جوع فهوى كلام في كلام كما قال المثل كلام اليل يمحوه النهار ..... ولكن ربما ذرة نافعة .... ونحن متعلقون لهذه الذرة التي ستكون الدواء التي ستشفي الجرح كمثل معركة الكرامة ...؟؟؟
ولكن اقول وفي هذا الزمن الرديء وما وفيما تشهده الأُمةُ العربية والاسلامية وتُمتحنُ به بفعل جريمة احتلال العراقالاخيرة وما ترتب على هذه الجريمة النكراء من آثار جسيمة وخطيرة ، وبفعل شلال الدم المتدفق في الأراضي الفلسطينيةوالمستمر والذي لم ينقطع جراء الاحتلال الصهيوني المستمر والضغوط الأجنبية المكثفة التي تُمارس على الشعب الفلسطيني وسلطته من قِبَل الحكومات الغربية وبالأخص حكومة الولايات المتحدة ، وحتى الضغوطاط التي تمارس من قبل اهل القضية على بعضهم البعض وبعض الحالات تصا لهم الى القتال بالسلاح يعيد إلى الأذهان من جديد ما سبق لهذه الأمة أن شهدته من نكسات وهزائم في عقودٍ زمنية سابقة ، وأخص بالذكر هنا العقود التي تلت النكبة الكبرى التي حلت بالعرب عامة والفلسطينيين خاصة في عام 1948. لكن من حُسن طالع هذه الأمة أن الأمل ظل على عهده ووفائه لها ، لأن ما من مرةٍ فُقدت إرادتها أو هُدرت كرامتها إلا واستردتها من جديد . وفي كل المرات كان الفضل في ذلك للشعب العربي وليس لحكامه الذين لا حول لهم ولا قوة معذرة لهذا القول لانه ضروري .
أقول "ما أشبه اليوم بالأمس" أو "ما أشبه الأمسِ باليوم" وأنا أحاول أن أساهم "قدرَ ما تسع نفسي وتحتمل" في استنهاض الإرادة والكرامة العربيتين من خلال استذكار "معركة الكرامة" الخالدة والمشرفة ، التي تصادفت ذكراها الثانية والاربعون مع الحادي والعشرين من الشهر الجاري "1968.3.21" . فعندما وقعت تلك الملحمة التي اصطُلح على تسميتها "معركة الكرامة" لألف سبب وسبب وألف اعتبار واعتبار أولها المكان الذي حدثت فيه وآخرها استعادة الكرامة العربية ، لم تكن الأمة العربية قد استيقظت بعدُ من حالة الذهول التي كانت قد انتابتها جراء نكسة الخامس من حزيران 1967 ، خاصة وان تلك النكسة بكلِ ما أفرزته من مضاعفاتٍ ونتائج سلبية تمثلت بخيبة الأمل والانكسار وفقدان الكرامة ، حدثت في أوجِ المدِ القومي العربي وقيادة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر.. والرمز الشهيدياسر عرفات وشهداء معركة الكرامة .
في حينه لم يكن قد مر عام واحد على نكسة 1967 ، الأمر الذي جعل من تلك المعركة ـ الملحمة وما ترتب عليهاَ من نتائج إيجابية لصالح الجانب العربي "حالة جديدة وفريدة من نوعها في تاريخ الصراع العربي ـ الصهيوني" . فلأولِ مرة منذ انطلاقتها الثورة الفلسطينية بقسادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني * فتح * كان ذلك في الأول من كانون الثاني 1965 ، أُجبرت الثورة الفلسطينية جيش الاحتلال الصهيوني المتغطرس والذي لم يفيق بعد من حلمه في انتصاره على الجيوش العربية بعد ....... جرت أحداث معركة الكرامة في منطقة غور الأردن وفي مطلع سنة 1968 صدرت عدة تصريحات رسمية عن إسرائيل تعلن أنه إذا استمرت نشاطات الفدائيين عبر النهر فإنها ستقرر إجراء عمل مضاد مناسب ، وبناءا عليه زاد نشاط الدوريات الإسرائيلية في الفترة ما بين 15-18 مارس 1968 بين جسر الملك حسين وجسر داميا وازدادت أيضا الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق وادي الأردن.
تمهيدا للهجوم الواسع قامت إسرائيل بهجمات عديدة ومركزة استخدمت بشكل رئيسي القصف الجوي والمدفعي على طول الجبهة الأردنية طوال أسابيع عديدة سبقت بداية المعركة في 5:25 من فجر يوم الأحد في 21 آذار 1968. كما مهدت لذلك بإجراءات واسعة النطاق في المجالات النفسية والسياسية والعسكرية عمدت بواسطتها إلى تهييء المنطقة لتطورات جديدة يتوقعونها كنتائج لعملياته العسكرية شرقي نهر الأردن. فقد بنوا توقعاتهم على أساس أنه لم يمضي وقت طويل على هزيمة العرب في حرب 1967 وبالتالي فالروح المعنوية القتالية لن تكون بالمستوى المطلوب لتحقيق مقاومة جدية وايضا ان الوقت غير كافي للجيش الأردني إعادة تسليح قواته أو تعويض خسائره التي مني بها في الحرب الماضية.:
وافتراض أن الاختلافات السياسية بين فصائل المقاومة والحكومة الأردنية لن تحقق اي تعاون بينهم وبين القوات الأردنية. رغم هذه التوقعات قامت اسرائيل بتجربتها واصرت حشد الجيش الإسرائيلي لتلك المعركة وكان على النحو التالي تقريبا اللواء المدرع السابع واللواء المدرع 60، ولواء المظليين 35، ولواء المشاة 80، وعشرين طائرة هيلوكبتر لنقل المظليين وخمس كتائب مدفعية ، بالإضافة إلى قواته التي كانت متمركزة من قبل في تماس مع الحدود الاردنية على امتداد خط وقف إطلاق النار ، وكما استخدم سلاحه الجوي الذي كان يسيطر سيطرة تامة على سماء وأرض المعركة ، بالإضافة إلى قوة الهجوم التي تم استخدمها في غور الصافي، ، تم حشد هذه القوات في منطقة أريحا، ودفع بقوات إلى مناطق قريبة من مواقع العبور الرئيسة الثلاثة التي حددها للهجوم .
الكرامة المحطة الاولى في سفر الثورة الخالد,محطة الانعطاف التاريخي في مسار الثورة السياسي والعسكري.
النكسة وعار حزيران مظلة سوداء من القنوط والياس تخيم فوق العرب جميعا شعوبا وحكام,وجلس موشي دايان في مكتبه وقال:انتظر رنين الهاتف ليطلب عبد الناصر شروط اسرائيل لتوقيع الصلح.
اجتمعت قيادة فتح في 26/6 1967م وتدارست الواقع الجديد واخذت قرارها بانتقال قيادة فتح وكوادرها الى الارض المحتلة وكان امامها مهمتين : -تجميع الاسلحة السليمة التي تركتها الجيوش العربية وتخزينها لتكون في متناول قوات العاصفة المكلفة بالدوريات. -البدء في تنظيم الجماهير والتماس المباشر معها وانشاء الخلايا والقواعد العسكرية ومعسكرات التدريب . وبالفعل رن جرس الهاتف في مكتب ديان في منتصف اب 1967م ليبلغوه ان فتح اعلنت انطلاقتها الثانية وانها ستواصل الكفاح . وقال الزعيم الخالد عبد الناصر لقيادتنا الخالدة :يجب ان تستمروا اشعلوها ولو بعود كبريت. وبدا مسلسل الضربات الفدائية الجريئة وغطت ساحة فلسطين كلها وعلى مدار الاربعة اشهر المتبقية من عام النكسة 67م.
استطاعت الثورة وفتح وقواتها العاصفة تنفيذ 79 عملية عسكرية ادت الى مقتل وجرح 218 صهيوني بينهم تسعة ضباط وهوجمت 13 مستعمرة ونسف قطاران ودمرت 44 سيارة ونسف مخزن الذخيرة الرئيسي في عكا وقصفت ضواحي القدس بالصواريخ وضواحي تل ابيب بالهاون واسقطت طائرتان هليكوبتر و دمرت العديد من منشات المياه والكهرباء وقدمت العاصفة في هذه الاشهر الصعبة 46 شهيدا بطلا و جريح واسير اكثر من نصفهم كان من القيادات المسؤولة واستعملت فتح اسلوب حرب العصابات وكانت قرية الكرامة والكريمة القواعد الارتكازية لما شكلته من التحام بالجماهير الفلسطينية حيث انتشرت المخيمات على محاذاة نهر الاردن على اثر التغريبة الثانية وتشكلت المعسكرات الفلسطينية التي كانت تعج بالمقاتلين وتعبر نهر الاردن الى فلسطين وكانت عمليات القصف اليومي لمدفعية العدو للتجمعات المدنية الفلسطينية في منتصف شباط 68م على اثر تصريح ديان: اني لاستطيع ان اقف موقف المتفرج ازاء جيش من المخربين يجري تشكيله على مرمى من اسلحتنا.
وعملت الحكومة الاردنية الى نقل المخيمات الفلسطينية الى مخيمات جديدة في البقعة وزيزيا وسوف وشنيلر ولم يبق من السكان الا القليل وكان الهدف من هذه التنقيلات التي اجريت بالقوة هو فك التلاحم مابين الثورة والجماهير وان كانت اليافطة التي رفعت وقتها هي حماية المدنيين من عمليات القصف الاسرائيلي .
وجاء الخطاب الاردني ان الحكومة ستضرب بيد من حديد كل نشاط ممكن ان تستخدمه اسرائيل ذريعة للضغط على الاردن وتحركت الدبابات الاردنية لتطويق الكرامة فهبت الجماهير باجسادها ومنعت عبور الدبابات.
وبعد عملية الترحيل للمخيمات وقبل معركة الكرامة بثلاثة اسابيع حاولت الدبابات الاردنية من جديد والبادية اقتحام الكرامة الا انها وجدت نفسها بين غابة من السلاح والمقاتلين وقاذفات الاربيجي مما اضطرها الى الانسحاب والتراجع ولعب الموقف الوطني للضباط الاردنيين والفلسطينيين وفي مقدمتهم قائد الفرقة الاخ مشهور حريثي (رحمه الله)الذي كان له دور هام في اجهاض مخطط الصراع بين الجيش والمقاومة وتشكيل لجنة التنسيق . على اثر ذلك قرر العدو تنفيذ المهمة بنفسه وبدات الحشود العسكرية وكانت العاصفة ترصد وتتابع وتتوقع الهجوم وبين الصمود او التراجع كان قرار فتح في 20/3/1968 م الصمود -الصمود الواعي ووضعت فتح الاهداف التالية من الصمود : -رفع معنويات الجماهير العربية بعد حزيران .
-تحطيم معنويات العدو وانزال اكبر الخسائر في قواته. -تحقيق الالتحام الثوري مع الجماهير. -زيادة التقارب والثقة بين العاصفة وافراد الجيش الاردني. -فضح القوى المضادة للمقاومة في الضفة الشرقية وفضح مخططاتها في تصفية الثورة . -تنمية القوى الثورية داخل صفوف شعبنا. -اختبار ثقة المقاتلين بانفسهم في معارك المواجهة مع العدو .
ووضعت القيادة العامة لقوات العاصفة خططها الشاملة والمتحركة على اساس البدائل المتوقعة في لحظة الهجوم :هل سنكون لوحدنا أو سيكون هنالك مساندة من مدفعية الوطنيين بالجيش الاردني ؟
وهذا ماكان قد دأب الزعيم الخالد أبو عمار من أجل تحقيقه من خلال اتصالاته مع الوطنيين في الجيش الاردني وكان قد تلقى وعود بذلك
وتحرك جيش العدو وصرح ديان: من هم هؤلاءالفدائيين انهم كالبيضة في يدي اكسرها متى اشاء .
وظن نفسه انه ذاهب في نزه وبرفقته الصحفيين وكانت كل خطط العدو مغايرة للواقع الذي وجدوه على الارض كما صرح اشكول فوجدو سلسلة من الكمائن المتلاحقة اضطرتهم الى تقييد قادة دباباتهم بالسلاسل من اجل ألا يهربوا وألا يفروا وكما صرح اشكول ايضا لقد وقعنا في عش الدبابير وغابة من البنادق وكانت مواقع الشهداء ربحي والفوسفوري وابو شريف وابو امية قد نفذت خطتها في الصمود والتصدي:" كانوا فتية امنوا بربهم فزادهم هدى وقدرة على القتال ". واستطاعت هذه الدماء الزكية الطاهرة ان تصهر قيود قرارات النظام بمنع المشاركة للجنود بعد مرور ثلاث ساعات على المعركة في الارض المكشوفة لخمسمائة مقاتل وسبعة عشر الف جندي تساندهم الطائرات والدبابات.
وبدات المدفعية الاردنية الثقيلة تشارك في المعركة واصطدمت بعض الدبابات الاردنية بدبابات العدو في منطقة الشون الجنوبية واستطاعت المدفعية الاردنية تحقيق اكبر عدد من الاصابات عند انسحاب العدو عند المعابر واثبت المقاتل الفلسطيني جدارته وكفاءته والجنود والضباط الاردنييين قاتلوا بكفاءة وجدارة.
وكانت الكرامة المحطة الاولى على طريق العزة .
انا قد كسرت القيد: قيد مذلتي وغلابة يافتح وكان شموخ الثورة وجيل الكرامة ومدارس الصمود داخل وخارج الارض المحتلة نمر امام ذكرى يجب ان نتوقف عندها وليست هذه الذكرى بحاجة لقلم كاتب لانها مكتوبة اصلا في كتاب سفر الثورة الخالد المكتوب باحرف من نور ونار وقوافل الشهداء الذي خطوه بالدم على طريق العزة على طريق الكرامة . انما نذكر بهذه الذكرى لنترحم على الشهداء. نذكر بهذه الذكرى لاستخلاص العبر منها.
هذه الذكرى التي صقلت وتصقل المناضلين المؤمنين في كتاب سفر الثورة الخالد على طريق التكوين للتحرير والحرية والاستقلال . ونلمع ذاكرة البعض بان طريق الحرية والاستقلال هي الكرامة بالاساس .
واليوم ونحن نخوض معركة الكرامة على ارض فلسطين معركة الكرامة الشاملة التي ابتداها وقضى على دربها رمز فلسطين الخالد الحاضر فينا حضور القدس بعزتها وكرامتها متمسكا بالثوابت ثوابت كرامة الانسان الفلسطيني قبل كل شيئ :القدس واللاجئين الدولة والحرية والاستقلال . المجد كل المجد للشهداء الابطال
لا بد أن أتذكر معركة الكرامة ... ودور الشهيد أبو صبري اللامع فيها . والمسؤوليات التي تحملها قبل المعركة وأثناء المعركة والتي كانت السبب في تمكننا من الثبات أمام القوة العسكرية الضخمة التي كانت تتجمع جهاراً غرب النهر للانقضاض على قواعدنا الارتكازية في منطقة الكرامة والكريمة ، وهنا لا بد أن نقول أن أروع دور للأخ أبو صبري كان أحد مهماته الأساسية، وهي الاتصال بالقيادات العسكرية في الجيش الأردني التي كانت تتمركز شرق النهر وفي مرتفعات منطقة السلط . وهنا أتذكر انه قبل المعركة بــ 48 ساعة جاءنا طلب من رئيس أركان الجيش الأردني عامر خماش ومن قائد الجيش العراقي في الأردن حسن النقيب للالتقاء بهما في عمان .
وهنا لابد للعودة والحديث عن الظروف التي سبقت المعركة لقد أدت هزيمة 1967 ، إلي حالة من اليأس وفقدان الثقة والإحباط والانكسار في الأوساط السياسية والعسكرية العربية ، لكنها كانت باعثاً للحركة الفلسطينية المقاتلة ، لإثبات نظريتها ودورها وقدرتها فرفضت روح الهزيمة ، وانطلقت بمجموعات فدائية من داخل الأرض المحتلة في الضفة والقطاع ، وأخري تعبر نهر الأردن الي غربه ، لتخوض معارك ضد مواقع وأهداف الجيش الإسرائيلي ، فقامت بنسف الجسور والعبارات ، وقطع خطوط المواصلات ، واشتبكت في معارك ضارية مع قوات الجيش الإسرائيلي .
وايضا في بداية عام 1968 ، واجهت حركة فتح اثر عمليات مجموعاتها في الداخل ، حملة اعتقالات عنيفة ، قامت بها القوات الإسرائيلية في الضفة والقطاع ، للانقضاض على خلاياها التنظيمية العسكرية ، وحتى منتصف مارس (أدار ) 1968 ، فقدت حركة فتح ، مائتين ونيف من أعضاء خلاياها ، وتمزقت أوصال ما تبقي من شبكاتها السرية ، بينما تحركت مجموعاتها القتالية منطلقة من نهر الأردن ، لتخوض معارك استشهادية مع قطاعات ودوريات الجيش الإسرائيلي ، وشهد منتصف شهر مارس ( آذار ) اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية والجيش الأردني ، أدت إلي سقوط عشرين جنديا أردنيا ومدنيا وجرح ثمانية وخمسين آخرين ، وردت قوات العاصفة – فتح بشن اثنين واربعين هجوماً على أهداف إسرائيلية .
لهذا التحرك العسكري الذي اثر على الحكومة الإسرائيلية ، قررت أمام ازدياد وتصاعد هجمات مجموعات الفدائيين ، قررت القيام بعملية عسكرية واسعة تهدف إلي تدمير البنية الأساسية للقواعد العسكرية لحركة فتح ، وقوات التحرير الشعبية والمنظمات المسلحة الأخرى ، والقضاء على نواة الثورة الفلسطينية المسلحة ، إضافة إلى تحقيق اجتياح واسع للأراضي الأردنية يصل إلي السلط بهدف إخضاع القيادة السياسية في الأردن لشروط الاستسلام وهذا يشير إلى حجم العملية العسكرية الإسرائيلية وأبعادها الإستراتيجية . فقد حشدت إسرائيل قوة مهاجمة مكونة من لوائي مدرعات ومشاة ، وثلاث كتائب مظليين ، ودبابات ،وسلاح الهندسة ، وقد شمل ذلك اللواء المدرع السابع الذي استدعي من بئر السبع للقيام بالهجوم الرئيسي ، باعتبار انه أقدر ألوية الدروع الإسرائيلية وأقدمها خبرة . كما حشدت هيئة الأركان أسراب من الطائرات المروحية والقاذفات .
ولكن حركة فتح كانت تراقب التحرك وتمكنت حركة فتح من حشد مائتي وعشرين عنصراً في الكرامة ومحيطها، بينما حشدت قوات التحرير الشعبية ، التي قررت البقاء في الكرامة نحو ثمانين رجلاً كان ضمنهم بضع عشرات من جنود الكتيبة 421 . كان نوعية تسليح مقاتلي فتح ، أسلحة رشاشة ، وألغام مضادة للدروع ، وسبع قواذف صواريخ مضادة للدبابات ( B2 ) ومدفع هاون عيار 82 ملم ، ورشاش ثقيل عيار 12.7ملم ( دوشكه ) وضع على تله تشرف على الكرامة ، بينما انتشرت فرقة المشاة الأولي للجيش العربي الأردني وكتائب الدبابات والمدفعية والهندسة التابعة لها بقيادة اللواء مشهور حديثة ومساعدة سعد صايل قائد كتيبة الهندسة . والتي تموضعت على التلال المطلة على نهر الأردن .
وقبل بدء المعركة بثماني وأربعين ساعة ، طلب رئيس الأركان الأردني عامر خماش وقائد الجيش العراقي في الأردن حسن النقيب ، الالتقاء مع القيادة الفلسطينية ، وانتدب ياسر عرفات ( أبو عمار ) وصلاح خلف ( أبو اياد ) للقائهما . واجتمعنا بالأخوين عامر خماش وحسن نقيب، قالا لنا أن المعركة قادمة . لقد أحضرنا لكم الموافقة بالخروج من الكرامة إلى جبال السلط ( نقهر سوا ) وتم إبلاغنا بالاستعدادات الإسرائيلية للهجوم على طول الجبهة ، ونوايا القوات الإسرائيلية اقتحام الكرامة " لسحق " المقاومة الفلسطينية وطلبا منهما ، من موقع التخوف من " سحقهم " والاستعداد الخروج من الكرامة لتامين وتغطية خروجهم إلي جبال السلط . لكن أبا عمار وصحبه ابلغا رئيس الأركان الأردني ، قرار قيادة فتح الذي يقول :الثبات والقتال وعدم
الخروج من الكرامة ، بل وكان رد القائد أبو عمار " إننا نريد أن نقنع العالم أن هناك في الأمة العربية من لا ينسحب ويهرب ، ولنمت تحت جنازير الدبابات ونغير اتجاه التاريخ في المنطقة ، لقد قررنا أن نثبت ولو أدي ذلك إلي استشهادنا " ، قلت لهم باسمي وباسم أخواني أشكركم على هذه اللفتة ، ولكن الأمة العربية تهرب من مواجهة الإسرائيليين منذ عام 1948 فإلى متى !!!! نحن قررنا أن نكون القوة التي تثبت ولو أدى ذلك لاستشهادها ولتكون عنوان الصحوة لامتنا العربية . حقيقة أبدى الأخوين عامر وحسن قلقاً كبيراً من قرارنا وقالا انه قرار جنون ولن تتحملوا الهرسة العسكرية ...قالا : هذا سيهرسكم قلنا لهما : ولكن سيقال أن هنالك قوة عسكرية عربية استطاعت بعد هزيمة 1967 أن تثبت وتقاتل .
كان اتصال الأخ أبو صبري مع الأخ الشهيد سعد صايل يحمل بصيص أمل في إمكانية الدعم إذا عبرت القوات الإسرائيلية نهر الأردن شرقاً . ولكننا لم نكن على يقين انهم سيقاتلون معنا . وكان علينا أن نتحمل قرار القتال بأنفسنا وقد أدركنا منذ البداية أن صمودنا على ارض المعركة هو الذي سيغير مجرى التاريخ ، وقد حصل فعلاً أن شاركت المدفعية الأردنية بالقصف ضد الآليات والتجمعات الإسرائيلية بعد ست ساعات من الصمود البطولي ، لقد قاتلنا بالاربيجيهات وبالسلاح الأبيض وبالأحزمة الناسفة .... واتذكر قولي للأخوين عامر وحسن أننا سنسجل أمام العالم أن هنالك قوة عربية تصمد رحم الله أبو صبري ..فقد كان رجل المهمات الصعبة وخاصة مهمة الاتصالات والعلاقات مع ضباط الجيش الأردني ... وقد أتقن مهمته اتقانا رائعاً أدت إلى النتائج الباهرة في معركة الكرامة الخالدة . تلك المعركة التي ساهمت في وضع حركتنا على قمة القيادة والمسؤولية الفلسطينية وهي التي كانت المفتاح الذي شق طريقنا إلى ارض الوطن .
كان أبو صبري ( ممدوح صيدم ) عضو القيادة العسكرية للعاصفة وقائد الساحة الأردنية ، علي اتصال وتنسيق مع اللواء مشهور حديثة وسعد صايل ، يقول أبو عمار " كان لدينا بصيص أمل في إمكانية دعم الجيش لنا ، لم نكن على يقين أنهم سيقاتلون معنا . وأدركنا منذ البداية أن صمودنا على ارض المعركة هو الذي سيغير مجري التاريخ .،، اتخذت قيادة فتح قرارها بالبقاء مع مقاتليها في الكرامة ، في بؤرة الخطر، كان مقاتلوها من خيرة الشباب الجامعي المتفاني ، الملتزم بقضية وطنه و قيادته التي وقفت أمامه وليست خلفه . وحيث جري في الكرامة اجتماعًا عسكريا للقيادة المركزية لحركة فتح ، وقيادة قوات التحرير الشعبية ، و الجبهة الشعبية ، واتخذ القائد العسكري للجبهة الشعبية احمد زعرور والقائد الميداني احمد جبريل القرار بالانسحاب شرقاً إلي التلال خارج مدينة الكرامة ، تطبيقاً لمبدأ أن الحفاظ على الذات هو أعقل خيار في وجه عدو يتمتع بالتفوق الساحق . بينما اتخذت فتح قرار الثبات في الكرامة مهما بلغت التضحيات ، ويصف ياسر عرفات هذا الشهد بقوله " وحين تجمعت إشارات هجوم إسرائيلي على قواعدنا في الكرامة ، أخدنا قراراً تاريخياً ، لا علاقة له بالنظريات العسكرية التقليدية المعقدة في حروب العصابات ، وخاصة في مراحلها الأولي ، حين أبصرنا بعين المستقبل النافذة أن الصمود ، وتقديم أرواح الشباب المتحمس لتحرير وطنه ، والقادم من كل جامعات العالم ، سيفتح عصراً ذهبيا جديداً للثورة الفلسطينية " رحم الله أبا صبري ... واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء .. بدأ الجيش الإسرائيلي قصفه المركز على مواقع وتجمعات وقواعد الفدائيين المنتشرة على طول الحدود الفلسطينية الاردنية ثم قام بهجومه الكبير على مناطق العبور أي الجسور الثلاثة الرئيسة في وقت واحد حيث كان يسلك الطريق التي تمر فوق هذه الجسور إلى الضفة الشرقية حيث تواجد قواعد الفدائيين.... وهي طريق جسر داميا ( الأمير محمد) وتؤدي إلى المثلث المصري، ثم يتفرع منها مثلث العارضة- السلط-عمان وطريق أريحا ثم جسر الملك حسين –الشونة الجنوبية وادي شعيب – السلط – عمان ثم جسر الأمير عبد الله ( سويمه، ناعور) عمان. كان ذلك في فجر يوم 21 آذار 1968. في الساعة 5:25 حاول العدو اجتياز هذه الجسور الثلاثة ودليل ذلك أن القوات الإسرائيلية التي دخلت شرقي النهر كانت بحجم كلبر وكثير حيث اننا في الثورة الفلسطينية في تلك الحظة لم نكن نعرف التقديرالعسكري الصحيح للقوات المهاجمة ولكن هي القوات التي عبرت في الساعات الاولى من الهجوم وبعدها... على رأي المثل اختلط الحابل بالنابل لم تتمكن القوات المهاجمة من زج أية قوات جديدة شرقي النهر بالرغم من محاولتهم المستميتة حيث انهم لاقوا مواجهات اسف جدا لا استطيع لها وصف حيث ان أي انسان كان يقاتل من قلب وايمان وحب بالشهادة هؤلاء هم فدائيو الشعب الفلسطيني ... اما الذي لم يكن في ارض المعركة يصف كما يشاء وكما يحلو له كما نقراء على الانتر نت الان فهم كثر حدث ولا حرج ... ان الذي كتب وهو لم يكن مشارك انه يكتب بحماس ... برأي هذا لا يخدم صفة المقاتل و لكن يخدم الطرف الاخر اما القتال فقد دارى على الثلاث محاور التي ذكرتها في البداية . لقد حاول الإسرائيليون تشتيت جهد قوات الثورة الفلسطينية ما أمكن ، وإرهاب سكان المنطقة وتدمير منشآتهم، مما حدا بهم إلى الهجوم على مفترق غور الصافي برتل من دباباته ومشاته الآلية، ممهداً بذلك بحملة إعلامية نفسية مستخدماً المناشير التي كان يلقيها على السكان يدعوهم فيها إلى الاستسلام وعدم المقاومة، كما قام بعمليات قصف جوي مكثف على قواعد الفدائيين في المنطقة ، إلا أن كل ذلك قوبل بدفاع عنيف من قبل مجموعات الفدائيين المنتشرة في كل شارع وتحت الاشجار ، وبالتالي أجبرت القوات المهاجمة على التقهقر وعدم تمكينهم من تنفيذ خطتهم التي رسموها .
اما انزالهم في الكرامة كان القصد منها هو تدمير قوات الثورة الفلسطينية فتم انزال قوات اسرائيلية محمولة بطائرات هليكبتر تم الانزال شرق بلدة الكرامة لتقوم بعملية سريعة ,حيث كان تواجد القيادةالفلسطينية برئاسة الناطق الرسمي لها الاخ ابو عمار ، وبالفعل قام الإسرائيليون بتدمير بلدة الكرامة و اشتبكوا مع قوات الثورة الفلسطينية الذين بقوا في البلدة والذين يسجل لهم دورهم بأنهم قاوموا القوات الغازية واستشهدوا جميعا في بلدة الكرامة.
في حينه لم يكن قد مر عام واحد على حدوث النكسة ، الأمر الذي جعل من تلك المعركة ـ الملحمة وما ترتب عليهاَ من نتائج إيجابية لصالح الجانب العربي “حالة جديدة وفريدة من نوعها في تاريخ الصراع العربي ـ الصهيوني” . فلأولِ مرة منذ انطلاقتها في الأول من كانون الثاني 1965 ، أُجبرت الثورة الفلسطينية مدعومةً من قِبَل الجيش الأردني على مواجهة جيش الاحتلال في معركة حقيقية استعمل فيها هذا الجيش البربري جميع أنواع أسلحته الفتاكة أميركية الصنع وعالية التقنية. نعم شكلت “معركة الكرامة” حالةً فريدةً من نوعها ، باعتبار أنها مكنت الثورة الفلسطينية مدعومةً بالجيش الأردني الشقيق من إسقاط مقولة “الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر” التي اعتاد الكيان الصهيوني والغرب على ترويجها منذ بداية الصراع العربي ـ الصهيوني الذي تفجر مع الولادة القيصرية للكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي ، وذلك عندما تمكنت الثورة والجيش الاردني الشقيق من رد جيش الاحتلال على أعقابه والانتصار عليه في معركةٍ افتقرت إلى أي نوع من التكافؤ العسكري.
مثلَ العدوان الصهيوني الذي قاد إلى “معركة الكرامة” في ذلك الوقت أول توغلٍ لجيش الاحتلال عِبَرَ نهر الأردن ، بلغ في حينه مسافة عشرة كيلومترات على جبهةٍ امتدت من الشمال إلى الجنوب نحو خمسين كيلومتراً ، وذلك من جسر الأمير محمد “دامية” شمال الأردن حتى جنوب البحر الميت ، بهدف القضاء على الفدائيين الفلسطينيين في مخيم الكرامة على بُعد خمسة كيلومتراتٍ من جسر الملك حسين “اللنبي” وفي مناطق أخرى إلى الجنوب من البحر الميت. كما ومَثَلَ أول عمليةٍ لجيش الاحتلال على نطاقٍ واسعٍ في ظل رئاسة حاييم بارليف لأركان كيان العدو. وقتها حشد الكيان الصهيوني قواتٍ كبيرة مدعمة بجميع أنواع العتاد الحربي بما في ذلك الطائرات العامودية والمروحيات أملاً في أن “يُلقن” الثورة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني ـ فتح “درساً رادعاً” ، على حَدِ ما ورد آنذاك على ألسنة قادته السياسيين والعسكريين ، من خلال “تحقيق نصر سريع ومفاجئ” يستغله في رفع معنويات الصهاينة التي كانت قد بدأت تنهار تحت ضربات عمليات المقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي كان قد مضى على بدئها أكثر من ثلاث سنوات بقليل.
لكن وعي الثورة الفلسطينية ومن ورائها الجيش الأردني فوت على كيان العدو الفرصة التي كان يعول عليها ، لأن تحركات وحشود جيشه كانت في دائرة الرصد والمتابعة ، وهو ما سهل مهمة التعامل مع العدوان وفقاً لمتطلبات الحرب الشعبية حسب ما جاء في التقييمات العسكرية الصهيونية والدولية التي صدرت حول “معركة الكرامة” في ما بعد . فالعدوان الصهيوني الذي لم يكن في حالٍ من الأحوال مفاجئاً للثورة الفلسطينية والجيش الأردني مُني برغم ضخامته عدةً وعدداً بخيبة أمل عريضة بعد اصطدامه بمقاومة عنيفة من قِبَل الثوار الفلسطينيين والجنود الأردنيين لم تكن متوقعة من قِبَل جيش الاحتلال وقادته . فنتائج ذلك العدوان لم تأتِ أُكُلَها بالنسبة للكيان الصهيوني لأنه لم يسرِ كما اشتهت “سُفن جيشه المعتدي ، وذلك حسب اعترافات العديد من القادة العسكريين في تل أبيب في حينه ، وفي مقدمهم رئيس الأركان حاييم بارليف.
أراد العدو الصهيوني القضاء على المقاتلين الفلسطينيين والثورة المتواجدة على الساحة الأردنية، ومن أجل رفع الروح المعنوية لدى الجيش الصهيوني التي بدأت تنهار تحت ضربات عمليات المقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، كما وأنة كان يريد إرغام النظام الأردني على اتخاذ سياسة حازمة ضد نشاط المنظمات الفلسطينية، من خلال تحقيق نصر سريع في حرب خاطفة ومفاجئة يحقق بها أهدافه.
فأعد جيشاً من 15 ألف جندي مكون من أربع ألوية وخمس كتائب مدفعية ووحدات هندسة بالإضافة إلى الطائرات الحربية ، وسميت الملحمة التاريخية في ( الصراع العربي – الصهيوني ) بمعركة" الكرامة" لعدة إعتبارات أولها القرية التي وقعت بها المعركة وأخرها إعادة الكرامة للأمة العربية بعد هزيمة حرب حزيران 67 التي أصابت الأمة العربية بخيبة أمل وانكسار وفقدان الكرامة ، فلم يكن لأي جيش عربي استعداد للحرب بعد النكسة .
لأول مرة دخل جيش العدو الصهيوني على نطاق واسع على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد "دامية" شمالاً حتى جنوب البحر الميت بعمق 10كيلوا متر بقيادة الجنرال حاييم بارليف رئيس الأركان ( صاحب خط بارليف على الجبهة المصرية ) في الساعة الخامسة وخمسة وعشرون دقبقة من صباح يوم 21/3/1968 من أربع محاور وهي ( العارضة، وادي شعيب، سويمة ، الصافي) أما الثورة الفلسطينية ومن خلفها الجيش الأردني قامت برسم خطة الحرب على أساس الحرب الشعبية التي تنتهجها وقسمت القوات إلى ثلاث أقسام وهي ( قسم في الكرامة نفسها ، قسم على شكل كمائن في الطريق المتوقع أن يسلكه العدو، وقسم في المرتفعات المشرفة على الكرامة ليكون دعما واحتياطا) وكانت الثورة بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني – فتح رائدة العمل النضالي مدعومة بقوات من الجيش الأردني خاضت الحرب ولم تكن مفاجئة لها لأن تحركات العدو كانت تحت رصد الثوار ومتابعتهم ، واستطاعت الثورة الفلسطينية إلى استدراج العدو الصهيوني للداخل لتبدأ حرب العصابات والكمائن حتى وصلت لمواجهته من قرب واستخدمت السلاح الأبيض معه ، ولم يستطيع العدو الصمود وبعد ساعات من بداية المعركة طلب وقف إطلاق النار ولكن نشوة الانتصار والصمود والتصدي لدى المقاتلين جعلهم يرفضوا ذلك إلا من خلال إنسحاب العدو دون قيد أو شرط ، و في المساء استجاب العدو وانسحب وهو يجر أذيال الخيبة تاركاً خلفه القتلى والجرحى ومعداته الحربية ، ولم تتركه الكمائن أثناء الحرب وأيضا في انسحابه وأوقعت القتلى والجرحى في صفوفه ومعداته .
فشل العدو تماماً في هذه المعركة دون أن يحقق أياً من أهدافه على جميع المحاور ، وخرج من هذه المعركة خاسراً مادياً ومعنوياً خسارة لم يكن يتوقعها أبداً. لقد صدرت الأوامر الإسرائيلية بالانسحاب حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر بعد أن وافقت القيادتين الاردنية والاسرائيلية على وقف ، إطلاق النار رغم كل الضغوطات الدوليةالتي تم ممارساتها ضدنا أي قوات الثورة الفلسطينية وضد قوات الجيش الاردني الابطال .
لقد استغرقت عملية الانسحاب تسع ساعات نظراً للصعوبة التي عاناها الإسرائيليون في التراجع وبفضل القصف المركز من جانب القوات الأردنية وقتال الشوار التي استعمل ضد القوات الغازية والاحزمة الناسفة.
أن معركة الكرامة لم تكن معركة سهلة ، بل كانت معركة امتدت جبهتها من جسر الأمير محمد شمالاً إلى جسر الأمير عبد الله جنوباً .. هذا في الأغوار الوسطى ، وايضا كان تحرك عسكري في المناطق الجنوبة مناوشات عسكرية
لقد لعب مقاتلوا الثورة الفلسطينية وعلى رأسهم شهداء وابطال فتخ وسلاح الدروع والمدفعية الأردني دوراً مهما في معركة الكرامة وعلى طول الجبهة ما منع الجيش الإسرائيلي من دفع أية قوات جديدة لإسناد هجومه الذي بدأه ، وذلك نظراً لعدم قدرته على السيطرة خلال ساعات المعركة ، وقد أدى ذلك إلى فقدان القوات الإسرائيلية المهاجمة لعنصر المفاجأة ، وبالتالي المبادرة ، وساهم بشكل كبير في تخفيف زخم الهجوم وعزل القوات المهاجمة شرقي النهرحتى طلب وقف إطلاق النار.
معركة الكرامة وقعت في / 5/و/ 25 / دقيقة/21 آذار 1968 حين حاولت قوات الجيش الإسرائيلي احتلال الضفة الشرقية من نهر الأردن لأسباب تعتبرها إسرائيل استراتيجية. اعلنت القيلدة الاسرائيلية قواتها بالعبور .
وقد عبرت النهر فعلا من عدة محاور مع عمليات مكثفة وتحت غطاء جوي كثيف. فتصدت لها قوات حركة فتح الحاليه التي كان اسمها حتف وقوات بعض الفصائل وبمساعدة من القوات الاردنيه لاحقا على طول جبهة القتال بقوة في قرية الكرامة ولكريمه حيث التحموا بالسلاح الأبيض مع الجيش الإسرائيلي في قتال شرس. استمرت المعركة أكثر من 16 ساعة، مما اضطر الإسرائيليون على الانسحاب الكامل من أرض المعركة تاركين وراءهم ولأول مرة خسائرهم وقتلاهم دون أن يتمكنوا من سحبها معهم. وتمكنت حركة فتح في هذه المعركة من تحقيق النصر والحيلولة من تحقيق إسرائيل لأهدافها.طلبت القوات الإسرائيلية وقف إطلاق النار في الساعة الثالثة من يوم المعركة و مع الضغوط الأمريكية وافق الاردن على وقف إطلاق النار وأصدر أمره إلى قائد القوات الأردنية في الميدان، ولكن القائد الأردني لم يستجب ورفض الانصياع للأوامر وواصل القتال حتى انسحاب آخر جندي إسرائيلي من أرض المعركة هذه حقيقة وهكذا حصل فعلا لكن المزورين للحقيقة لايعرفون المثل القائل انك تستطيع ان تظلل الناس بعض الوقت ولكن لاتستطيع ان تظلل الناس كل الوقت نسمع الى شهادة الفريق مشهور حديثة الجازي الذي تحدث دون اكراه : أقول بكل فخر، أنني استطعت تجاوز الخلاف الذي كان ناشئا آنذاك بين الفدائيين والسلطة الأردنية، فقاتل الطرفان جنبا إلى جنب، وكقوة موحدة تحت شعار: كل البنادق ضد إسرائيل، فكانت النتيجة والحمد لله مشرفة. وفي هذه المناسبة الخالدة والتي تم التلاعب بكتابتها اورد ما فاله الفريف المرحوم الجازي مشهور الفريق مشهور اشهر من نار على علم قائد معركة الكرامة في حديث خاص لصحيفة المحرر الباريسية بتاريخ 3 نيسان 1995 :-
المحرر : قبل الدخول في سرد ذكرياتكم عن معركة الكرامة، ما هي برأيكم الأسباب التي أدت إلى نشوبها في ذلك الحين
مشهور حديثة : دعني أشير في البداية إلى أن معركة الكرامة جاءت بعد مرور أقل من عشرة أشهرعلى هزيمة حزيران 1967 حيث كانت المنطقة كلها تعيش هاجس الحديث عن فلول الانسحابات غير المنظمة للجيوش العربية من جبهات القتال مع إسرائيل، وكانت روح الهزيمة وفقدان الثقة تسيطر على الجنود والضباط والمواطنين على حد سواء. في ذلك الوقت أسندت إلي مهمة إعادة تنظيم القوات الأردنية المتراجعة من الضفة الغربية، وقد عملت خلال عشرة أشهر بجهد متواصل من أجل أن يستعيد الجندي ثقته بنفسه وبوطنه، وهو ما كان له أكبر الاثر في الصمود أثناء المعركة، اما فيما يتعلق بأسباب الهجوم الإسرائيلي فهي كما أعتقد ثلاثة .. أولا : معاقبة الأردن على احتضانه للعمل الفدائي الفلسطيني وقيامه بإسناد الفدائيين الفلسطينيين في اشتباكه مع الجيش الإسرائيلي على طول الجبهة الأردنية ثانيا : إنهاء العمل الفدائي الفلسطيني واعتقاد موشى دايان بأن هذه مهمة سهلة لن تحتاج إلا لساعات معدودة. ثالثا : إحتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمني لإسرائيل تماما كما حدث بعد ذلك في جنوب لبنان.
المحرر : وكيف دارت مجريات المعركة
مشهور حديثة : أول بلاغ لي عن هجوم الجيش الإسرائيلي كان في الخامسة صباحا حيث اتصل بي الضابط المناوب، ليقول أن أول دبابة إسرائيلية تقطع الجسر الآن، فقمت من فوري واستبقت شروق الشمس بأن أديت فريضة الصلاة، ثم أصدرت اوامري بحشد القوات والتنسيق الكامل مع الفدائيين الفلسطينيين، وكذلك مع المواطنين سكان المنطقة، الذين كنا قد زودناهم بأسلحة مضادة للدروع، فالتحم الجندي مع الفدائي مع المزارع، وسالت الدماء الأردنية والفلسطينية في وادي الأردن الاخضر دفاعا عن تراب الوطن، وكان قراري بأن يكون الضباط في المقدمة، وان لا خيار لنا بالتراجع إلى الخلف مهما كان السبب، حتى لو وصلت المعركة إلى الالتحام يدا بيد. من جهتهم كان الإسرائيليون يعتقدون بعدم وجود أي التزام بالقتال لدينا بعد هزيمة حزيران 1967 وقد بلغت الغطرسة بوزير الحرب الإسرائيلي آنذاك موشى دايان حد جمع الصحفيين في أريحا ودعوتهم مسبقا ليشربوا الشاي معه في مساء ذلك اليوم على مرتفعات السلط، ولكن سرعان ما فوجئ بخطأ حساباته، وعاد ليبلغ الصحفيين في المساء بأن الدعوة تأجلت حتى إشعار آخر.
لقد صمدت القوات الأردنية والفلسطينية صمودا رائعا في وجه الغارات الإسرائيلية التي لم يسبق أن واجهنا مثيلا لها من قبل، إضافة إلى كثافة نيران المدفعية وكثافة الدروع المهاجمة، ورغم أننا كنا نفتقر إلى أي غطاء جوي، إلا أن صمود الجندي والقائد معا جعل الإسرائيليين يتراجعون لأول مرة، ويطلبون وقف إطلاق النار بعد مرور 18 ساعة على بدء المعركة.
المحرر : هل استطاع الجيش الإسرائيلي الدخول فعلا إلى الكرامة
مشهور حديثة : نعم دخلوا الكرامة، واشتبك الجنود والفدائيين معهم بالسلاح الأبيض، ولكن المعركة لم تكن سهلة عليهم، ولم يستطيعوا تحقيق هدف استئصال الحركة الفدائية الفلسطينية وضرب القوات المسلحة.
وهنا أقول بكل قخر، أنني استطعت تجاوز الخلاف الذي كان ناشئا آنذاك بين الفدائيين والسلطة الاردنية، فقاتل الطرفان جنبا إلى جنب، وكقوة موحدة تحت شعار كل البنادق ضد إسرائيل، فكانت النتيجة والحمد لله مشرفة، وأذكر في ذلك اليوم أن وزير الدفاع السوفييتي عزوسيف كان في زيارة إلى دمشق فأرسل لنا برقية تهنئة على صمودنا المثالي ضد الهجمة الإسرائيلية.
المحرر : لنعد إلى تفاصيل المعركة، وتحديدا إلى التنسيق مع المقاومة الفلسطينية، من تذكر من الذين أجريت معهم التنسيق في ذلك الحين وكيف كان شكل هذا التنسيق على الارض
مشهور حديثة : اذكر أبو عمار وكذلك المرحوم أبو صبري، وقادة المواقع الفلسطينية في محور الكرامة ومحور الشونة بشكل خاص. كان هناك تنسيق على كل الجبهات، وقد أصدرت تعليماتي بأن يتم التنسيق بين الجيش وبين قوات العمل الفدائي في كل المواقع الاخرى، إيمانا مني بأن المعركة حاسمة ضد هذه الامة كلها.
المحرر : هل تعتقد أن نجاحكم في الصمود والمواجهةكان له أسباب سياسية إضافة إلى ما ذكرت من أسباب عسكرية
مشهور حديثة : السياسة لم يكن لها اي دور في هذه المعركة، والتي كانت بين قوة مهاجمة وقوة مدافعة، وكان قرارنا فيها الصمودوالانتصار بأي ثمن، فقاتل الجميع من ضباط وجنود وفدائيين جنبا إلى جنب، واستشهد عدد كبير من الضباط، وهذا مخالف لما يحدث عادة حيث تكون أغلبية الشهداء من الجنود، أما سببه فيعود إلى القرار بأن يكون الضباط في المقدمة مع الجنود، ويخطر لي هنا نادرة حدثت أثناء المعركة، وملخصها أن اللواء كاسب الجازي، وهو ابن عمي، اتصل بي فلاحظت أنه يتحدث بصوت منخفض، وسألته من أين تتكلم، فقال من الخندق الامامي القريب إلى المدرسة، وهو أول خندق على النهر، فقدم بذلك مثالا على صمود القادة، رغم أن الاموار كانت تعطيه الحق بالتراجع عن هذه المنطقة
المحرر : وكيف حدث وقف إطلاق النار
مشهور حديثة : لقد تلقيت اتصالا من القيادة يقول لي ان إسرائيل تطلب وقف اطلاق النار. وبأمانة أقول لك أيضا أنني واصلت رغم ذلك قصف تجمعات الجيش الإسرائيلي حتى خرجوا من المعركة.
المحرر : هل تعني أنك لم تلتزم بوقف إطلاق النار
مشهور حديثة : لا لم ألتزم
المحرر : وماذا بالنسبة للإسرائيليين
مشهور حديثة : لقد التزموا وتوقف الطيران عن قصف مواقعنا
المحرر : وهل كنتم تقصفون تجمعات الجيش الإسرائيلي على الاراضي الاردنية فحسب، ام داخل فلسطين
مشهور حديثة : كنا نقصف المحاروحيث ينقلون آلياتهم، وكذلك المراكز الرئيسية الداخلية حتى لا نعطيهم حرية الانسحاب بسلام، ونجعل من هذا الانسحاب تراجعا انهزاميا
المحرر : وما هي برأيك أهم نتائج المعركة في ذلك الحين
مشهور حديثة : أهم نتائجها أن حركة المقاومة نمت بعدما اضطراد، وكبر الأردن بين أشقائه فتلقى دعما اقتصاديا وهذا هو الأهم سقطت أسطورة الجيش الإسرائيلي، خاصة وان قواتهم التي حشدوها للمعركة كانت تزيد على قواتنا بنسبة 15/1 وكنا نفتقر إلى أي غطاء جوي، ولو توفر لي هذا الغطاء لاستطعت أسر الآلاف منهم، بل ولقررت العبور إلى الاراضي الفلسطينية. لقد حسب دايان حساب كل شيء غير أنه لم يحسب حساب الارادة
أدي الانتصار الكبير في الكرامة ، إلي ظهور حملات التشيكك الصادره من بعض الفئات التي هالها أن تري حجم المد الجماهيري التي حظيت به فتح و المقاومة الفلسطينية ، و انحصرت حملة التشكيك و التي استمر ترديدها حتى اليوم ، حيث تطرح في ذكري معركة الكرامة السنوية ، و في الفضائيات التي يدعي إليها شخصيات عربيه و فلسطينية ، أمنيه و عسكريه ، و تنحصر روايات التشكيك في
مسألتين :
حول دور الجيش الأردني من جانبٍ ، و مقاتلي فتح من جانبٍ آخر ، والادعاء بأن معركة الكرامة ، قاتل فيها الجيش الأردني بمفرده بينما انسحبت قوة الفدائيين التي لم يكن لها دور في المعركة وان فتح " سرقت " الانتصار من الجيش الأردني.
و أفضل رد على هذه المزاعم وحملات التشكيك ما جاء في شهادة الفريق مشهور حديثه ، قائد الأركان الأردني ، وقائد اللواء الذي شهد وشارك في معركة الكرامة والذي يقول في شهادته : " أبو عمار فضل التمركز في الكرامة ، في بؤرة الخطر ، خلافاً لما تم التنسيق عليه ، و كان ذلك حباً منه للتصادم مع اليهود ، والقتال وجهاً لوجه ، وهذا ما حدث حيث صمد في قلب الكرامة ، و كان مع أبي عمار كل المجموعة القيادية بما فيهم أبو إياد و أبو صبري ، أولئك الرجال كانوا في المقدمة ، في الأمام يقاتلون مع جنودهم مع عناصرهم ، وهذه للتاريخ ، ليذكر أنهم كانوا جنودا للتضحية والفداء " ويضيف الفريق مشهور حديثه : " و الحقيقة التي يجب أن تقال أن الفدائيين و حركة فتح الفدائية قامت بأعمال جريئة و متقدمه رغم ظروفهم الصعبة و هي أعمال تستحق التقدير ، و قد أدت إلي النتائج العظيمة التي أحرزتها معركة الكرامة ." و يضيف أن " الفدائيين اشتبكوا بالسلاح الأبيض ، وجها لوجه مع الجنود الإسرائيليين داخل بلدة الكرامة ، حملة اربي جي قاموا بواجب عظيم ، بكفاءة عالية و شكلوا مصيدة للدبابات الإسرائيلية ." ويضيف الفريق مشهور حديثه " لقد قام – الجيش والفدائيون – بدوران متكاملان معاً . و اهم ما تحقق هو وحدة الدم و الهدف بين الجندي الأردني و أخيه المقاتل الفلسطيني حيث قاتلا صفاً واحدا و بتنسيق على اعلى المستويات "
التشكيك حول قيادة فتح ، من منهم بقي في الكرامة و شهد المعركة ، و من منهم انسحب أو غادر البلدة و لم يشارك في المعركة ، و للحقيقة أن أبا عمار طلب في الاجتماع القيادي الذي سبق بدء الهجوم ، ألا تتمركز القيادة بكامل أعضائها في بلدة الكرامة و ان تنقسم الي فريقين احدهما تبقي داخل بلدة الكرامه و الأخرى تتواجد على مشارف الكرامة ، كي لا تستشهد القيادة بكاملها ، و إدراكا منه ان المعركة غير متكافئة و ان التضحيات ستكون بالغة ، و مع بدء المعركة تعرضت المنطقة بكاملها ، البلدة و محيطها و الأغوار و المشارف إلى القصف الجوي و المدفعي . لقد شارك في معركة الكرامة و تواجد في محيطها ، الزعيم أبو عمار و أبو جهاد و أبو صبري و أبو علي إياد من القيادة العسكرية ، اضافه إلي أبي إياد و أبي اللطف و أبي حلمي الصباريني و زكريا عبد الرحيم و كوادر أبطال من أمثال صلاح التعمري و أبو علي مسعود و صائب العاجز و
موسي عرفات و غيرهم ، و من الشهداء عبد المطلب الدنبك ( الفسوري ) و ربحي الاسطي ( أبي شريف ) و علي عياد ، و فتحي تمر ، و بشير داوود (أبي تمام ) و زهير جابر ، و سلامة محمود البورنو ، و سمير محمد الخطيب ، و أبو إبراهيم معليش ، و عوض العدلي ، و محمد إبراهيم ، و جميل إبراهيم البلعاوي ، و حامد المرة ، و محفوظ شميط ، و احمد محمد شاكر ، و محمد دعاس عبيد ، و مصطفي احمد مصطفي ، و خليل ذيب ، و جميل مصطفي ، و سعيد الأسعد . و عبد الله ابو السعود ، و الشهيد خالد و الشهيد أبو طير . و السعيد ابو اميه و الشهيد عدنان ، و شحده فضيل . و لكل شهيد منهم ملحمه بطوليه بحد ذاتها .
معركة الكرامة يوم 21 مارس 1968 كان الموعد مع ملحمة بطولية سطرها الفدائيون الفلسطينيون الى جانب اخوانهم في الجيش العربي الاردني في ابهى صورها فكان الموعد مع الكرامة التي رفرفت رايتها فوق حطام الدبابات و الطائرات الصهيونية المدمرة لتمرغ انف اسرائيل في تراب الارض .
معركة عنوانها الكرامة وقعت في منطقة الكرامة لتنتصر الكرامة العربية على الغطرسة الصهيونية التي باتت بدون كرامة بعد مرمغة انفها في وحل منطقة الكرامة العربية . جاء الصهاينة لاهدار الكرامة الفلسطينية و اقتلاع جذورها من الاردن فكان للكرامة الفلسطينية و العربية رأى اخر باهدار كرامة قادة العدو الصهيوني و جيشهم المهزوم بعد ان مُني بهزيمة ساحقة على تحت اقدام الفادئيين الفلسطينين و اخوانهم في الجيش العربي الاردني .
استطاع المقاتلون الفلسطينيون تكبيد الجيوش الغازية خسائر فادحة لم يستطيعوا تحملها فطلبوا وقف اطلاق النار و لاول مرة يُرفض طلبهم الا بعد ان تنسحب جيوش الغزاة و ما كان من قادة الكيان الغاصب الا الانسحاب يجرجروا اذيال الخيبة و الهزيمة خلفهم مكبدين خسائر فادحة .
بإنتصار الثورة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح أعادت الكرامة الضائعة للأمة العربية وللشعب الفلسطيني خاصة بعد هزيمة حرب حزيران 67 ، وبعد حرب الكرامة بعام جاء إعلان الرئيس جمال عبد الناصر بدء حرب الاستنزاف على العدو الصهيوني ، وحصلت القضية الفلسطينية على تأييد عربي ودولي وخاصة في تشييع جنازة شهداء الكرامة وخروج مسيرات كبيرة في معظم البلدان العربية ، وأيضاً توافد وتزاحم المتطوعين بعد معركة الكرامة على معسكرات التدريب الفتحاويه من قبل الشباب وخاصة خرجي الجامعات للإلتحاق بالثورة وحركة فتح ، حيث قال وزير خارجية العدو ابا إيبان قال : " لقد سمعت أصوات تقول عاشت فتح خلال زيارتي للنرويج والسويد في أيار 1968" وأخيراً لقنت الثورة الفلسطينية العدو درسا في الحرب الشعبية وسحقت مقولته المشهورة " الجيش الذي لا يقهر " بل على العكس بات الجيش مذعوراً من خلال العمليات التي توالت علية من قبل الثورة الفلسطينية على الحدود وداخل فلسطين المحتلة
وزادت عمليات الحركة الفدائية الفتحاوية التي تنفذ عمليات عسكرية مكثفة ضد الأهداف الصهيونية فارتفعت من 12 عملية شهريا عام 1967 إلى 52 عملية شهريا عام 1968 وزادت إلى 199 عملية شهريا عام 1969 ، وفي الأشهر الأولى من عام 1970 وصلت إلى 279 عملية شهريا وهي زيادة نوعية وكمية في الوقت ذاته كما افادت مصادر تاريخية فلسطينية .
وبهذا كانت معركة الكرامة ، إرجاع لبعض الكرامة العربية المهدورة في عدوان الاحتلال الصهيوني على ثلاث دول عربية في حزيران 1967 ، هي الأردن ومصر وسوريا ، فكانت معركة الكرامة بؤرة مشتعلة كبرى للثورة الفلسطينية في ذاكرة شعب فلسطين والشعوب العربية ذلك أن هذه المعركة أرجعت للمواطن العربي كرامته ، وأذهبت أسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر .
وبعد معركة الكرامة ، تولت حركة فتح زمام قيادة العمل الفدائي المسلح ضد الاحتلال الصهيوني ، تلاها استقبال حافل لقيادة فتح في الدول العربية أنظمة وشعوبا ، وزار بعدها ياسر عرفات موسكو سرا بصحبة الرئيس المصري جمال عبد الناصر في تموز 1968 . وتلاها توقيع اتفاق القاهرة السري عام 1969 بين الحكومة اللبنانية والثورة الفلسطينية برعاية مصرية وافق بموجبها لبنان على حرية العمل الفدائي في بعض المناطق اللبنانية وإلغاء القيود المفروضة على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وحرية العمل والتنقل والتدريب داخل المخيمات الفلسطينية من خلال ممرات معينة في لبنان ، مقابل تخلي الثورة الفلسطينية عن طلب خاص تقدمت به بمعاقبة المسؤولين عن الأحداث أثناء الأزمة بين الجانبين في نيسان من العام المذكور ثم تلاها زيارة وفد حركة فتح للصين وفيتنام . وعدة دول عربية كالسودان وليبيا وغيرها .
وقد مكنت هذه المعركة حركة فتح لاحقا من تبوء قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والثورة الفلسطينية في 4 شباط 1969 حيث تولى ياسر عرفات أمين سر حركة فتح منصب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وبعد ذلك أضحت حركة فتح العمود الفقري للثورة الفلسطينية .
فعلى خلفية "معركة الكرامة" أعلن الزعيم العربي الكبير الراحل جمال عبد الناصر في الثامن من آذار 1969 بدءَ حرب الاستنزاف ضد الكيان الصهيوني الغاصب ، وكلف الراحل عبد المنعم رياض بقيادة العمليات الفدائية على الجبهة المصرية ـ الصهيونية . لكن رياض استشهد مع نفر من ضباطه وجنوده وهم يقومون بواجبهم القومي في التاسع من آذار من ذلك العام ، أي بعد يوم واحد فقط من بدءِ الحرب . وقد أحيا القوميون العرب ذكرى استشهاد رياض. وقد تحولت الذكرى إلى "يوم الشهيد" السنوي الذي تحتفل به مصر تكريماً لشهدائها الأبرار.
مثلَ العدوان الصهيوني الذي قاد إلى "معركة الكرامة" في ذلك الوقت أول توغلٍ لجيش الاحتلال عِبَرَ نهر الأردن ، بلغ في حينه مسافة عشرة كيلومترات على جبهةٍ امتدت من الشمال إلى الجنوب نحو خمسين كيلومتراً ، وذلك من جسر الأمير محمد "دامية" شمال الأردن حتى جنوب البحر الميت ، بهدف القضاء على الفدائيين الفلسطينيين في مخيم الكرامة على بُعد خمسة كيلومتراتٍ من جسر الملك حسين "اللنبي" وفي مناطق أخرى إلى الجنوب من البحر الميت. كما ومَثَلَ أول عمليةٍ لجيش الاحتلال على نطاقٍ واسعٍ في ظل رئاسة حاييم بارليف لأركان كيان العدو. وقتها حشد الكيان الصهيوني قواتٍ كبيرة مدعمة بجميع أنواع العتاد الحربي بما في ذلك الطائرات العامودية والمروحيات أملاً في أن "يُلقن" الثورة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني ـ فتح "درساً رادعاً" ، على حَدِ ما ورد آنذاك على ألسنة قادته السياسيين والعسكريين ، من خلال "تحقيق نصر سريع ومفاجئ" يستغله في رفع معنويات الصهاينة التي كانت قد بدأت تنهار تحت ضربات عمليات المقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي كان قد مضى على بدئها أكثر من ثلاث سنوات بقليل.
لكن وعي الثورة الفلسطينية ومن ورائها الجيش الأردني فوت على كيان العدو الفرصة التي كان يعول عليها ، لأن تحركات وحشود جيشه كانت في دائرة الرصد والمتابعة ، وهو ما سهل مهمة التعامل مع العدوان وفقاً لمتطلبات الحرب الشعبية حسب ما جاء في التقييمات العسكرية الصهيونية والدولية التي صدرت حول "معركة الكرامة" في ما بعد . فالعدوان الصهيوني الذي لم يكن في حالٍ من الأحوال مفاجئاً للثورة الفلسطينية والجيش الأردني مُني برغم ضخامته عدةً وعدداً بخيبة أمل عريضة بعد اصطدامه بمقاومة عنيفة من قِبَل الثوار الفلسطينيين والجنود الأردنيين لم تكن متوقعة من قِبَل جيش الاحتلال وقادته . فنتائج ذلك العدوان لم تأتِ أُكُلَها بالنسبة للكيان الصهيوني لأنه لم يسرِ كما اشتهت "سُفن جيشه المعتدي ، وذلك حسب اعترافات العديد من القادة العسكريين في تل أبيب في حينه ، وفي مقدمهم رئيس الأركان حاييم بارليف.
وقد دلل طلب أولئك القادة وقف القتال بعد ساعات قليلة من بدء جيشهم النظامي شن عدوانه الهمجي على الهزيمة المبكرة لهذا الجيش ، بعد أن مُني بخسائر فادحةٍ في جنوده وعتاده العسكري وبالأخص في آلياته وطائراته. لكن الثورة الفلسطينية والجيش الأردني وفي ظل نشوة الصمود والتصدي الجبارين ، وربما في ظل نشوة النصر المبكر ، رفضا ذلك الطلب وأصرا على انسحاب كامل لجيش الاحتلال الصهيوني من جميع الأراضي الأردنية التي دنسها بعدوانه السافر قبل الحديث عن أي وقف لإطلاق النار مما أجبره على الاستجابة الفورية لذلك الإصرار . نعم أُجبر جيش الاحتلال الصهيوني المعتدي على الانسحاب في أجواءٍ من البلبلة والتشتت مخلفاً وراءه جثث قتلاه وجرحاه !! وقد تكبد مزيداً من القَتلى أثناء الانسحاب بفعل الكمائن التي كان الثوار الفلسطينيون قد نصبوها له قبل وخلال تلك المعركة التاريخية. وفي محاولة يائسة دللت على عجزه وهمجيته وروحه المعنوية المتهالكة والمنهارة ، دمر جنوده الجبناء عدداً كبيراً من المنازل وأتلفوا مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي اعترضت طريق انسحابهم المهين ، كما وخطفوا 147 مزارعاً أردنياً ادعت حكومة تل أبيب في ما بعد "أنهم من الفدائيين" . وقد ارتكب الجنود الصهاينة تلك الأفعال المشينة في سياق مسرحية هزلية مفتعلة لذر الرماد في العيون!!
بدأ العدوان الصهيوني البربري فجراً ، وطلبت قيادة جيش الاحتلال وقف إطلاق النار ظهراً ، وأجبر الجيش على الانسحاب من الأراضي الأردنية مساءً . انسحب الجيش الباغي وهو يجر ذيول الخيبة والهزيمة وراءه. ووفق التقارير العسكرية التي تم تداولها بعد "معركة الكرامة" ، بلغت خسائر الإسرائيليين 70 قتيلاً وأكثر من 100 جريح و45 دبابة و25 عربةً مجنزرة و27 آلية مختلفة و5 طائرات. أما الثورة الفلسطينية فقد خسرت 17 شهيداً في حين خسر الجيش الأردني 20 شهيداً و65 جريحاً و10 دبابات و10 آليات مختلفة ومدفعين فقط . وقد أكدت الموسوعة الفلسطينية ومؤسسة الدراسات الفلسطينية في "الكتاب السنوي للقضية الفلسطينية لعام 1968" صحة تلك الأرقام.
ولعل أبرز الأهداف التي حددتها الثورة الفلسطينية كعناوين لصمودها وانتصارها في "معركة الكرامة" تمثلت برفع المعنويات العربية بما فيها الفلسطينية التي كانت قد انحدرت بعد نكسة الخامس من حزيران 1967 إلى أدنى درك لها ، وتحطيم معنويات العدو الغاشم وإنزال الخسائر الفادحة في صفوفه ، وتحقيق الالتحام الثوري مع الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج حتى يصبح الشعب العربي قوة واحدةً منيعةً ومتماسكة ، وزيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية بجميع فصائلها من جهة والجيش الأردني البطل من جهة ثانية ، وتنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي واختبار ثقة المقاومين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة والالتحام مع العدو. وقد كان للثورة الفلسطينية من خلال "معركة الكرامة" ما أرادت ، فحققت جميع هذه الأهداف بفعل الصمود والتصدي الواعيين لها ، وبنتيجة حالة التقهقر التي أصابت جيش الاحتلال والهزيمة الحقيقية التي أُحدقت به والتي كانت الأولى من نوعها في تاريخه حتى تلك اللحظة.
اعترف العالم من أقصاه إلى أدناه بأن "معركة الكرامة" سجلت نقاطاً ناصعة البياض لصالح العرب عامة والفلسطينيين خاصة دخلت بشرفٍ واعتزازٍ السجل التاريخي للصراع العربي ـ الصهيوني ، وشكلت تحولاً إيجابياً كبيراً في مسيرة الثورة الفلسطينية بكل فصائلها وبالأخص حركة التحرير الوطني الفلسطيني ـ فتح ، باعتبار أنها كانت وستبقى قائدة النضال الفلسطيني. وقد دلل على ذلك إقبال المتطوعين العرب ولا سيما المثقفين وأصحاب الكفاءات العالية على الثورة ، والهبة الجماهيرية العربية التي عبرت عن نفسها خلال دفن الشهداء في العواصم والمدن العربية المختلفة ، والالتفاف الشعبي العربي وحتى الأجنبي حول الثورة وتأييدها ومناصرتها والانخراط في صفوفها كإفرازٍ آلي لنصر الكرامة العربية. كما وإن "معركة الكرامة" من خلال "الصمود" والنصر أعادت للأمة العربية جزءاً كبيراً من كرامتها التي هُدرت في الخامس من حزيران 1967 وأعادت الثقة للقوات المسلحة العربية وثقة الشعب العربي بهذه القوات ، وذلك لأن "الكرامة " كمعركة عسكرية شكلت امتحاناً حقيقياً لتلك القوات بعد نكسة حزيران من خلال مشاركة الجيش الأردني البطل فيها بشكلٍ فاعل.
أما على الصعيد الصهيوني فإنه إلى جانب أن الخسائر التي مُني بها جيش الاحتلال الغازي في عتاده وأفراده على غير ما اعتاد عليه في معاركه السابقة مع العرب في القياس الزمني ل"معركة الكرامة" ، فقد فشل هذا الجيش في تحقيق الأهداف العسكرية والإستراتيجية التي رسمها لرفع معنويات الصهاينة . بل على العكس من ذلك فقد ساهمت "معركة الكرامة" في رفع وتيرة الخوف والرعب في قلوبهم أكثر مما كانت عليه من قبل . أضف إلى ذلك أن الثورة الفلسطينية مدعومة بالجيش الأردني ومؤيدة بالجماهير العربية ، فرضت على جيش الاحتلال الغازي نسقاً جديداً من المعارك الالتحامية لم يكن معتاداً عليها ، وأسقطت نظرية الحرب الخاطفة والمفاجئة التي درج على شنها ضد العرب منذ نكبة فلسطين عام 1948 والتي عادةً ما كانت تحقق له انتصارات عسكرية ترافقت مع هزائم سياسية.
ومع سقوط أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر" أمام الثورة الفلسطينية التي لم تكن تملك في حينه إلا النذر اليسير من الأسلحة الخفيفة والدعم العسكري الأردني في ظل نصر الكرامة المؤزر ، بدأت الإرادة العربية تتشكل من جديد على أرضية من الكرامة المتعافية لتبعث الأمل مجدداً باحتمال النصر العربي المقبل ، الأمر الذي حَفَز َالقيادة المصرية بعد عام واحدٍ فقط من ذلك النصر على استعادة زمام المبادرة والرغبة في تجديد المواجهة .
المنتظر ثأراً وانتقاماً لنكسة حزيران وانتصاراً لفلسطين والحقوق العربية العادلة . وبالفعل شكلت "معركة الكرامة" حافزاً رئيساً وجرعة إضافية من الثقة لحرب الاستنزاف المصرية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلية ، مثلما شكلت هذه فيما بعد حافزاً بل أرضية عسكرية خصبة لانتصار العرب في حرب تشرين الأول 1973 ، باعتراف كبار العسكريين العرب والأجانب وباعتراف القادة العسكريين الذين شاركوا في تلك الحرب أو أشرفوا عليها.
معركة الكرامة الخالدة شهادات وكتابات …. للأجيال والتاريخ توفيق ابو بكر الدستور - الاربعاء 27-3-1996
تستهدف هذه السلسلة من المقالات والكتابات إعادة تسليط الضوء على واحدة من معارك العرب الخالدة : معركة الكرامة التي تواجه فيها المقاتل العربي مع الجيش الإسرائيلي ، بعد شهور فقط من حرب حزيران 1967 والتي كسروا فيها عظام العرب في ستة أيام . وكانت الجباه ما تزال تنزف دما" ، وفي الحادي والعشرين من اذار 1968 أشرقت شمس العرب على حقيقة جديدة وهي حقيقة القدرة على الصمود والقتال وانتزاع النصر حين ولت جيوشهم الأدبار بعد ان تركت ، لاول مرة ، دبابات صالحة واخرى معطوبة في ارض الأغوار التي كانت معبرا" للغزاة وللمحررين في تاريخ العرب على امتداد قرون .
تحدث في هذه الشهادات الفريق اول مشهور حديثة قائد الفرقة الأولى أيام الكرامة ورئيس أركان الجيش فيما بعد ، أعاد التوازن لرواية المعركة ومساهماتها ، وتحدث قائد من قادة الجبهة الشعبية في ذلك الزمان هو العميد ممدوح نوفل -الكاتب الاستراتيجي والقائد الذي دخل الوطن مؤخرا" بعد ان طردوه من غزة حين خرج بعد دخلها مع عرفات يوم الدخول الأول ، وتحدث مقاتلون من الذين صنعوا ذلك النصر ، من بينهم العميد عبدالاله الأثيري الذي وقع في الأسر ثم خرج بعد أربع سنوات ليقود العمل العسكري في داخل الوطن من الخارج ، ومن بينهم اللواء نصر يوسف الذي كان ملازما" قادما لتوه من الصين وساهم في استطلاع قوات الهجوم ، وأبو الرائد الأعرج أحد قادة فتح في الأردن في ذلك الزمان وعضو المجلس الفلسطيني الذي تفرغ لشؤون الانتفاضة منذ بدايتها ، ومأمون اسعد التسليح في الكرامة ومسؤول التدريب العسكري في فتح والذي يتذكر كل التفاصيل رغم انه ابتعد عن ساحة النضال وتفرغ لعمله الخاص .
هذه الشهادات مجتمعه ومتكاملة ومتفاعلة من المشاركين المباشرين في صناعة ملحمة الكرامة ، تعطي للجيل الجديد صورة عن ضياء لمع ذات يوم في سمائنا وتحفز ذاكرته للامساك بكل ما هو ايجابي في تاريخه القريب ، لعل ذلك يساعده في غده القادم ، المحفوف بالفرض والمخاطر ، سواء بسواء ، وذلك هدف هذه الشهادات والمقالات والمعلومات .
شهادة الفريق أول المتقاعد مشهور حديثة رئيس أركان الجيش الأردني الأسبق وقائد الفرقة الأولى أيام الكرامة .
لا بد من العودة للخلف بعض الشيء حتى تكتمل الصورة ، فقد كان الجيش الأردني منتشرا" في الضفة الغربية بعد حرب حزيران : حرب الأيام او الساعات السبعة .
كان انتشاره واسعا" في خط طوله ستمائة كيلو متر ، وبعد سقوط الجبهات العربية وضياع الضفة ، اصبح جيشنا مهلهلا" ، إذ تمت انسحابات كما تعلم غير مرتبة وفوضوية ، دعني أقول أشبه بالهزيمة ولهذا قررت القيادة العليا : قيادة جلالة الملك إعادة تنظيم الجيش من جديد : إعادة تنظيمه قتاليا" وجغرافيا" وقد اسند جلالة الملك لنا إعادة تنظيم الجيش بتشكيل فرقتين : الفرقة الأولى بقيادتي والفرقة الثانية بقيادة المرحوم عاطف المجالي.
ومن هنا أعدنا تنظيم الجيش ميدانيا" على الأرض واعدنا تسليحه لانه فقد معظم سلاحه واعدنا تدريبه من جديد وبشكل ممتاز ، كما أعدنا توزيعه على الأرض جغرافيا" بشكل جديد مختلف عن الوضع السابق بحكم تغيير المعطيات ، بحيث اصبح موقفنا الدفاعي أقوى وأكثر متانة من الوضع السابق الذي كان سائدا" قبل حرب حزيران 1967 ، في السابق كان الجيش منتشرا" على مستوى و مسافات كبيرة ( 600 كيلومتر ). ثم التنظيم الدفاعي لم يكن على المستوى الذي لا بد ان يكون فيه كانت مسؤولياتي هي : الجبهة الواقعة من نهر الزرقاء حتى السويمة في البحر الميت . الأمور التي واجهتني هي : مهمة إعادة تدريب أناس فاقدي الثقة بالسلاح والقيادة .وهذه الصفة السلبية عندما تكون في الجندي المقاتل يصبح لا فائدة منه . ولذلك أهم ما واجهته أولا ان أعيد تدريب هؤلاء الناس المنهزمين نفسيا" .من هنا تم الأعداد اللازم للتدريب ، وبالنسبة للدفاعات حسب استطاعتنا لان إمكاناتنا محدودة . خلال التنظيم الجديد وهذا التدريب حدثت اشتباكات عديدة بيننا كجيش أردني وبين القوات الإسرائيلية واستثمرت هذه الاشتباكات استثمارا" كبيرا" لتعويد الجنود والضباط بان قصف الطائرات ليس جديدا" علينا ويجب ان نتعود على ذلك ونتعايش معه ونقاومه احسن مقاومة ونتخندق احسن خندقة وهذه ساعدتني كثيرا" في تطعيم الجيش خلال هذا التوزيع وخلال هذه الفترة ظهرت المقاومة الفلسطينية أي الفدائيين ، وبالرغم مما كان بين المقاومة الفلسطينية وبين القيادة السياسية في الأردن من سوء فهم وخلافات حيث قيل ان نشاط الفدائيين قد يشكل استفزازا" لإسرائيل ، على الرغم من هذا استطعت ان ابني الجسور الطيبة مع قادة المقاومة وعلى رأسهم الأخ ابو عمار والمرحوم ابو صبري واستطعنا نحن ان ندمج قواعدهم ضمن مناطقنا القتالية وطبعا" هذا تم بعد تبادل الثقة بين الطرفين وتعميقها ، وهذه الثقة حقيقية خلقت لي متاعب مؤخرا" ، لان هذه الثقة لا تستطيع ان تكسبها الا إذا كنت صادقا" ، وأنا حاولت ان أكون صادقا" معهم ولا يمكن ان أكون صادقا" في موقف وغير صادق في موقف ثان ومن هنا بنينا العلاقة بيننا .وبدأت إسرائيل تشعر في أحيان عديدة بمساعدتنا للفدائيين لأننا أتحنا الفرصة للمقاومة وللعمل الفدائي بالإسناد إسنادا" كاملا" من قواتنا ومن مدافعنا وهذا أزعج إسرائيل ولذلك قررت إسرائيل سياسيا" إنهاء العمل الفدائي في الأردن .
وإنهاؤه لا يتم بالدعاية وانما بالعمل العسكري ومن هنا قررت القيادة الإسرائيلية بقرار من موشي دايان وزير الدفاع وموافقته وموافقة حكومته بالطبع ان يقوموا بعملية عسكرية كبرى بخلع جذور الفدائيين وتصفيتهم .طبعا" نحن أثناء هذا التوتر الشديد كنا نتوقع ان يتم هجوم علينا ،وممكن ان يكون اعتداء جويا" ،وان كان الاعتداء الجوي مستمرا" ،ولكن في الآونة الأخيرة ظهر لنا جليا" ان الأردن سيتعرض ، ومحورنا بالذات -المنطقة الموجودين فيها - واقصد المحاور الرئيسية لعمان العاصمة - محور وادي شعيب والعارضة والسويمة - وهذه المحاور بالتالي إذا سقطت لا سمح الله سقط الأردن . ولذلك اتخذت كافة الإجراءات تنسيقا" مع العمل الفدائي وتنسيقا" في الجيش ، من حيث ان كل أسلحتنا وكل مواقعنا الصحيحة واعادة النظر في مراكزنا ومواقعنا وعززناها بقدر ما هو موجود طبعا" ، تختلف معركتا عما كنا فيه في فلسطين لانه كان انتشارنا في الضفة الغربية أوسع جغرافيا" ونحن هنا انتشارنا اقل وهكذا بدأ الهجوم الإسرائيلي في الساعة الخامسة صباحا" وكنت أتوقع هذا الهجوم ولذلك كنت مرتاحا" لاني قمت بكل واجباتي ، ولا اكتمك سرا" بأنني كنت أتمنى ملاقاتهم ،لأنني لم أتمكن من نيل شرف القتال عام 1967 .حيث كنا في جبهتين ، الشرقية التي كنت انا قائدها وهذه لم تدخل الحرب والغربية التي دخلت الحرب .هكذا تم فتح إطلاق النار طبعا" من كافة الأسلحة .
أول دبابة إسرائيلية قطعت الجسر في الخامسة صبحا" ،وأمرت بأن تفتح فورا" وتطلق كافة الأسلحة ضد هذه القوات الغاشمة ، لكن القوات هذه كانت معبأة نفسيا" بأن الأردن لا يقاتلها ، وان الجيش العربي الأردني انتهى .ولذلك كانت الدبابة تسير بسرعة 60 كم وهذا مخالف لكل قوانين السير والقوانين العسكرية ، حتى وصلت الى الشونة الشمالية .ولهذا استطاعت سرعتها أن تدهس الجنود في الخنادق وهذا يدل على الغرور الإسرائيلي ويدل على وهم بان المقاومة غير متوفرة ،وان الجيش العربي لا يستطيع القتال .طبعا" أهم الأسباب في نظري للهجوم الإسرائيلي كان القضاء على العمل الفدائي والقضاء على الروح المعنوية التي بدأت في الجيش العربي واعتقادي أيضا" أن السبب الثالث هو أن يجعلوا من مرتفعات السلط مقرا" كما هو الحال في لبنان ، وبالتالي يتفاوضون مع الأردن من مرتفعات السلط ويساومون على توقيع السلام من خلال المعطيات الجديدة .طبعا" كانت مسؤولياتنا كبيرة جدا" في هذا القتال وفي هذا المحور بالذات . من هنا اردنا ان نحافظ على محورنا وعلى مناطق قتالنا والمحافظة بقدر ما نستطيع على المقاومة الفلسطينية ضمن مناطقنا .
تبقى معركة الكرامة بالرغم من مرور ثمانية وعشرين عاما عليها نقطة تحول في تاريخ الجندي العربي ،وفي تاريخ حروبنا كلها مع إسرائيل ، ومن أهم ما تحقق في هذه المعركة هو وحدة الدم والهدف بين الجندي الأردني وأخيه المقاتل الفلسطيني حيث قاتلا صفا" واحدا" وبتنسيق على أعلى المستويات .
فالجندي العربي في كافة المعارك مع إسرائيل ظلم ظلما"كبيرا" وذلك أولا لعدم التساوي في العدد والعدة وبدون تنسيق الجبهات بالشكل المعترف به في حالات القتال لانه لم يكن هناك تنسيق بالمعنى الحقيقي المطلوب لخوض قتال ناجح ، وكانت هناك تدخلات سياسية نزعت صبغة القيادة عن الضابط العربي الذي اصبح يتصرف لاعتبارات سياسية وليس عسكرية محضة كما هو المطلوب ، لذلك كانت نتائج القتال غير مرضية .
معركة الكرامة جاءت بعد إعادة تدريب مكثف وقاس وواسع النطاق وتم استخدم السلاح بالشكل العسكري الصحيح والمطلوب ، ولهذا أعادت المعركة الثقة بين الرئيس والمرؤوس من القوات المندحرة من نابلس وجنين والقدس والخليل حيث انفقدت الثقة هناك وحصلت انسحابات غير منظمة ، وفي الكرامة امتلكنا حرية التصرف في الميدان دون تدخل ،إذ أن قادة الميدان يجب أن يمتلكوا حرية العمل بناء على تقديرهم لمعطيات الوضع على الأرض : الوضع العسكري والقتالي ، فالقائد يجب أن يتعامل مع المعطيات العسكرية دون تدخلات الجندي العربي والقائد العربي في كافة الجبهات العربية وفي صراعه الطويل مع العدو لم يكن مرتاحا" ولم يمتلك حرية العمل العسكري وذلك بسبب التدخلات السياسية وكانت النتيجة هزيمة حزيران 1967 المدوية .لقد أثبتنا في الكرامة قولا" وعملا انه يمكن دحر هذا العدو المتغطرس الذي ادخل في روع المواطن العربي انه العدو الذي لا يقهر وتلك هزيمة نفسية قاسية .
في معركة الكرامة وعندما تواجهنا مع العدو وجها لوجه وكانت لنا حرية العمل ، أوقفناهم عند حدهم ودحرناهم لأول مرة في تاريخ الصراع وأسقطنا مقولة الجندي الإسرائيلي الذي لا يقهر .
لأول مرة في قتالنا تصدر الأوامر للضباط بأن يكونوا في أقرب نقطة من الخط الأمامي وفي المقدمة وذلك لرفع الروح المعنوية بين الجنود ، وهو أمر كان مطلوبا" بإلحاح شديد ،وثانيا" حتى يستطيع القائد اتخاذ القرار السليم من خلال التقارير .أسقطنا مقولة العدو بأن الضابط العربي دائما" خلف جنوده ،أصبح أمامهم بكل بسالة وشجاعة ، وقد فرضت ذلك بأن يتواجدوا قدر الإمكان في الأمام وفي القيادات المتقدمة حتى يرفعوا الروح المعنوية لجنودهم وحتى يأخذوا القرار السليم أيضا" هذا الأمر لم يكن متوفرا" في أساليبنا وتكتيكاتنا السابقة ،حيث يكون القائد في الخلف حوالي عشرين كيلومترا" في بعض الأحيان ، ويتصرف من خلال التقارير والأخبار ، نحن خالفنا هذا التكتيك لأن الأمر بالنسبة لنا حياة أو موت وأسقطنا استراتيجيات الانسحابات الخلفية ، لأن انسحاباتنا مع الأسف تكون أشبه بالمهزومين ، أسقطت ذلك علي مسئوليتي : لا انسحاب ( الشهادة أو النصر ) لا انسحابات من الخنادق تحت أي ظرف ولهذا تم سحق بعض خنادقنا في قوات الحجاب بالدبابات على رؤوس الجنود لأنه توجد لديهم تعليمات صارمة بعدم الانسحاب . الانسحاب هزيمة بالنسبة لنا .
أن قناعة المقاتل بالإيمان بالله وبالشهادة ساعد في الصمود وفي تحقيق النتائج الإيجابية الباهرة . وانطلقت صيحات
( الله أكبر ) وكان عملا روحانيا" ممتازا بحيث أعطى الثقة بالنفس وبالقدرة على النصر وكما تعلم ، وللمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي يترك العدو معدات كثيرة في ساحة المعركة خسائره أكثر من أربعمائة آلية بين مجنزرة ودبابة وعدد من الطائرات أسقطنا قسما منها في الضفة الغربية ، رغم أننا لا نملك العدة الكاملة للمقاومة الجوية .
لقد دخل الجيش الإسرائيلي معركة الكرامة بحوالي فرقتين : منها فرقة منقولة وقام بإنزال جوي وإسناد مدفعي وقصف جوي كثيف .طبقا" للحسابات العسكرية كان حجم قواتنا بالنسبة لقوة المهاجمين (1-5 ) إذ أن قولتنا المشاركة هي الفرقة المتواجدة في المنطقة وتضم ثلاثة ألوية ، إضافة لوجود مساندة جوية هائلة عندهم ونحن لا نملك طائرة .ومقاومتنا الجوية قليلة (12- مدفعا فقط ) بالنسبة للعدو كانت الطلعة الواحدة تضم تشكيلات من خميس الى مئة طائرة وقاموا بأكثر من مائة طلعة ، ولك ان تتصور حجم كثافة النيران الهائلة التي لم يتعود عليها جندونا من قبل ، وليس لها مثيل في تاريخ الصراع العسكري حتى ذلك الوقت . لم يكن أذن هناك تكافؤ لا بالعدد ولا بالعدة ولكن الأيمان والصمود وقرار الدفاع عن الوطن مهما تكن التضحيات أمكننا من تحقيق النصر المؤزر ، وقدرنا بحوالي 1200 جندي بين قتيل وجريح وحوالي 400 - 500 آلية و 7 طائرات إما خسائرنا ، اقصد خسائر الجيش ،فقد كانت في حدود 120 جنديا" بين شهيد وجريح وهو شيء لا يمكن مقارنته بخسائر العدو . الفدائيين قاتلوا ببسالة نادرة وقدموا حوالي مائة شهيد ، وهذه الخسائر الكبيرة قياسيا" لحجمهم المتواضع في ذلك الوقت يثبت خطأ المقولة بأن الفدائيين لم يشتركوا في المعركة ، هذا كلام غير صحيح ، فقد اشتركوا بكل بطولة وبروح معنوية عالية ، وقدموا تضحيات كبيرة حيث اشتبكوا مع الإسرائيليين في الكرامة بالسلاح الأبيض واستبسلوا وأبلوا بلاء حسنا"
الشيء الوحيد الذي حز في نفسي هو الإنزال الإسرائيلي على الكرامة ، إذ لم استطع أن أعالجه بالقصف المدفعي ، فلذلك كان سيؤدي لقتل أهلنا من مدنيين وفدائيين داخل المخيم والبلدة ، فلو كان إنزالهم على مواقع عسكرية لانقضت عليهم مدفعيتنا بكل قوة ، ولكن القتال كان وجها" لوجه داخل الكرامة فكيف سأتدخل بالقصف المدفعي ؟! .
دعنا نكون واقعيين : معركة الكرامة معركة جيوش ، معركة بين جيشين . وقوة الحجاب التي اصطدم بها المهاجمون عند النهر هي قوة عسكرية ، وبمجرد محاولتهم قطع الجسر أصدرت الأوامر بفتح النار . كانت تعليماتنا بضبط الأمور ، ولكن إذا اعتدى العدو فلا تنتظر الأوامر . وانما افتح النار فورا ودون انتظار تعليمات
انا كقائد في الميدان لا أستطيع ان اسمح لأية قوة أن تدخل ارضي واقف متفرجا" ولهذا قررت الرد فورا" ، وهذا من مسئوليتي كقائد ان أتعامل مع الأرض ومع الميدان ومع المعطيات ، وان اثبت للإسرائيليين الخطأ الذريع الذي وقعوا فيه حين قرروا خوض معركة بهذا الحجم واسقطوا من حسابهم الجيش العربي الأردني . وقد لقناهم درسا" لم ينسوا بالتأكيد . التصدي للعدو مسؤولية القائد في الميدان ، وحتى قرار وقف اطلاق النار يجب أن يكون مسؤولية القائد العسكري أولا على ضوء مسار المعركة ومتطلباتها .
أما بالنسبة للفدائيين فقد كان لي تنسيق معهم قبل شهور من المعركة كما ذكرت لك . نسقنا معهم تنسيقا" كاملا ،وكانت قواعدهم ضمن مناطقنا العسكرية . ولقد استفدنا من حملة ( آر بي جي ) من الفدائيين لأنه لم يكن عندنا سلاح من هذا النوع بسبب طبيعة تسليحنا ، وقد قمنا بتوزيع هؤلاء المقاتلين حملة ال( آر بي جي ) في مناطق محددة يستطيعون من خلالها ضرب الدبابات ، وقد فعلوا ذلك بكفاءة عالية ، حيث قاموا بحرب عصابات جيدة ، وحيث كانت المنطقة مكسوة بالعشب في فصل الربيع . وكان الفدائي قادرا" على الاختفاء وسط الأعشاب والتحرك من خلال ذلك .لقد ساعدنا وجودهم في هذه الأماكن في تحطيم العدو وإرهاقه ومفاجأته أحيانا" ، مما كان يسبب لجنوده القادمين في نزهة الإرباك الشديد .أنني أتحدث عن مقاتلي فتح فهم حسب علمي الذين قاتلوا ، كانت هناك ثقة بيننا وبينهم لأننا نعلم أنهم يعلمون لتحرير وطنهم ولا يردون التدخل بشؤون الآخرين والاستيلاء على الحكم والسلطة وغير ذلك من شعارات رفعها آخرون واضرب بهم وبغيرهم .
كانت معركة الكرامة واحدة من معارك العرب الخالدة ، بعكس تصورات وأحلام الجنرال المتغطرس موشي دايان وزير الحرب الصهيوني الذي وصل به الغرور كما قيل يومها انه دعا حوالي ثلاثمائة صحفي ليشربوا معه الشاي في السلط في الساعة الرابعة من بعد الظهر يوم الكرامة .
لكنهم كانوا قبل ذلك التاريخ قد طلبوا وقف إطلاق النار ، لأول مرة في حروبهم مع العرب .
نتائج المعركة كانت إيجابية جدا" على جيشنا وبلدنا ، فقد اكتسب الأردن احتراما" واسعا" من كل العالم ومن الدول العربية ، على وجه الخصوص بعد صموده في الكرامة وإعادته الاعتبار للمقاتل العربي وتكسيره للغرور والصف الإسرائيلي الذي تضخم بعد انتصارهم في حرب حزيران ، أتذكر أن وزير الدفاع السوفيتي اندريه
غر يشكو وكان زيارة لدمشق قد بعث لنا تحية على صمودنا وادائنا القتالي ،واكتسب العمل الفدائي بدوره دفعة قوية للإمام سياسيا" وعسكريا" وماديا" وعلى كافة الأصعدة والمستويات ، بعد أدائه المتميز في الكرامة .
ومن دروس الكرامة التنسيق بين المقاتل الأردني والمقاتل الفلسطيني وامتزاج دم الطرفين على ارض الأغوار ، وهذا التنسيق الذي افتخر بتحقيقه أغاظ المغرضين من الطرفين ، في الساحتين : الأردنية والفلسطينية ، أولئك الذين تتطلب مصالحهم الضيقة بقاء الفجوة بين الطرفين . هناك من قال أن المعركة قام بها الفدائيين وحدهم ، وكان دور الجيش الأردني محدودا" ، وهناك من قال في المقابل بأنه لا دور على الإطلاق للفدائيين .وللحقيقة وللتاريخ أقول أن الدوريين متكاملان : دور الجيش الحاسم ودور الفدائيين الذين أهلكوا القوات الإسرائيلية بقتالهم وجها" لوجه مع الإسرائيليين الذين لم يألفوا مثل هذه الشجاعة وبالكمائن التي اصطادوا بها الدبابات بقذائف ال( آر بي جي ) .
وقد واصلت التنسيق مع المقاومة الفلسطينية لما فيه مصلحة القضية ، فهي قضيتي كعربي وهي قضية مقدسة .وحينما أصبحت رئيسا" للأركان كان الإسرائيليون يقصفون مواقعنا كل يوم تقريبا" ، وخاصة في منطقة اربد ، بسبب التسهيلات التي كنا نقدمها لدوريات الفدائيين الذاهبة للاستشهاد فوق ثرى الوطن
مشهور حديثه يتذكر هكذا حدثت معركة الكرامة قائد الملحمة في حديث خاص لـ " المحرر" 3 نيسان 1995 - صحيفة المحرر الباريسية. عمان - ماجد عبد الهادي
لم يمض على معركة الكرامة، سوى سبعة وعشرين عاما، ومع ذلك فقد غيبتها حلكة السلام العربي- الإسرائيلي بعيدا في أعماق الماضي، حتى بدت للبعض وكأنها لم تقع أساسا. لذا اختارت " المحرر" أن تعيد التذكير بما جرى في ذلك اليوم العربي الأغر من خلال هذه الحديث الخاص مع قائد المعركة الفريق الركن مشهور حديثه الجازي.
" المحرر " قبل الدخول في سرد ذكرياتكم عن معركة الكرامة، ما هي برأيكم الأسباب التي أدت إلى نشوبها في ذلك الحين؟
مشهور حديثه: دعني أشير في البداية إلى أن معركة الكرامة جاءت بعد مرور اقل من عشرة اشهر على هزيمة حزيران 1967 حيث كانت المنطقة كلها تعيش هاجس الحديث عن فلول الانسحابات غير المنظمة للجيوش العربية من جبهات القتال مع إسرائيل، وكانت روح الهزيمة وفقدان الثقة بالنفس تسيطر على الجنود والضباط والمواطنين على حد سواء.
في ذلك الوقت أسندت إلي مهمة إعادة تنظيم القوات الأردنية المتراجعة من الضفة العربية، وقد عملت خلال عشرة اشهر بجهد متواصل من اجل أن يستعيد الجندي ثقته بنفسه وبوطنه, وهو ما كان له اكبر الأثر في الصمود أثناء المعركة.
أما فيما يتعلق بأسباب الهجوم الإسرائيلي، فهي كما اعتقد ثلاثة أسباب :
الأول : معاقبة الأردن على احتضانه للعمل الفدائي الفلسطيني وقيامه بإسناد الفدائيين الفلسطينيين في اشتباكاتهم مع الجيش الإسرائيلي على طول الجبهة الأردنية.
الثاني : إنهاء العمل الفدائي الفلسطيني، واعتقاد موشي دايان بأن هذه مهمة سهلة لن تحتاج إلا لساعات معدودة.
الثالث : احتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمنى لإسرائيل تماما كما حدث بعد ذلك في جنوب لبنان.
وكيف دارت مجريات المعركة ؟
أول بلاغ لي عن هجوم الجيش الإسرائيلي كان في الخامس صباحا حيث اتصل بي الضابط المناوب ، ليقول أن أول دبابة إسرائيلية تقطع الجسر الان، فقمت من فوري واستبقت شروق الشمس بأن أديت فريضة الصلاة، ثم أصدرت أوامري بحشد القوات والتنسيق الكامل مع الفدائيين الفلسطينيين, وكذلك مع المواطنين سكان المنطقة الذين كنا قد زودناهم بأسلحة مضادة للدروع، فالتحم الجندي مع الفدائي مع المزارع، وسالت الدماء الأردنية والفلسطينية في وادي الأردن الأخضر دفاعا عن تراب الوطن. وكان قراري بأن يكون الضباط في المقدمة، وان لا خيار لنا بالتراجع إلى الخلف مهما كان السبب، حتى لو وصلت المعركة إلى الالتحام يداً بيد.
من جهتهم كان الإسرائيليون يعتقدون بعدم وجود أي التزام بالقتال لدينا بعد انتصارهم في حرب حزيران 1967، وقد بلغت الغطرسة بوزير الحرب الإسرائيلي آنذاك موشي دايان حد جمع الصحفيين في أريحا، ودعوتهم مسبقا ليشربوا الشاي معه في مساء ذلك اليوم على مرتفعات السلط، ولكن سرعان ما فوجئ بخطأ حساباته، وعاد ليبلغ الصحفيين في المساء بأن الدعوة تأجلت حتى إشعار آخر.
لقد صمدت القوات الأردنية والفلسطينية صمودا رائعا في وجه الغارات الإسرائيلية التي لم يسبق أن واجهنا مثيلا لها من قبل، إضافة إلى كثافة نيران المدفعية وكثافة الدروع المهاجمة، ورغم أننا كنا نفتقر إلى أي غطاء جوي، إلا أن صمود الجندي والقائد معا جعل الإسرائيليين يتراجعون لأول مرة، ويطلبون وقف إطلاق النار بعد مرور 18 ساعة على بدء المعركة.
هل استطاع الجيش الإسرائيلي الدخول فعلا إلى الكرامة ؟
نعم دخلوا الكرامة ، واشتبك الجنود والفدائيون معهم بالسلاح الأبيض، ولكن المعركة لم تكن سهلة عليهم، ولم يستطيعوا تحقيق هدف استئصال الحركة الفدائية الفلسطينية وضرب القوات المسلحة الأردنية.
وهنا أقول بكل فخر، أنني استطعت تجاوز الخلاف الذي كان ناشئا آنذاك بين الفدائيين والسلطة الأردنية، فقاتل الطرفان جنبا إلى جنب، وكقوة موحدة تحت شعار : كل البنادق ضد إسرائيل، فكانت النتيجة والحمد لله مشرفة، واذكر في ذلك اليوم أن وزير الدفاع السوفياتي عزوسيف كان في زيارة إلى دمشق فأرسل لنا برقية تهنئة على صمودنا المثالي ضد الهجمة الإسرائيلية.
لنعد إلى تفاصيل المعركة, وتحديدا إلى التنسيق مع المقاومة الفلسطينية: من تذكر من الذين أجريب معهم التنسيق في ذلك الحين وكيف كان شكل هذا التنسيق على الأرض؟
اذكر أبو عمار شخصيا، وكذلك المرحوم أبو صبري، وقادة المواقع الفلسطينية في محور الكرامة ومحور الشونة بشكل خاص. كان هناك تنسيق على كل الجبهات ، وقد أصدرت تعليماتي بأن يتم التنسيق بين الجيش وبين قوات العمل الفدائي في كل المواقع الأخرى، إيمانا منى بأن المعركة حاسمة ضد هذه الأمة كلها.
هل تعتقد أن نجاحكم في الصمود والمواجهة كان له أسباب سياسية إضافة إلى ما ذكرت من أسباب عسكرية؟
السياسة لم يكن لها أي دور في هذه المعركة، والتي كانت بين قوة مهاجمة وقوة مدافعة، وكان قرارنا فيها الصمود والانتصار بأي ثمن، فقاتل الجميع من ضباط وجنود وفدائيين جنبا إلى جنب ، واستشهد عدد كبير من الضباط، وهذا مخالف لما يحدث عادة حيث تكون أغلبية الشهداء من الجنود، أما سببه فيعود إلى القرار بأن يكون الضباط في المقدمة مع الجنود. ويخطر لي هنا نادرة حدثت أثناء المعركة، وملخصها أن اللواء كاسب الجازي، وهو ابن عمي ، اتصل بي فلاحظت انه يتحدث بصوت منخفض، وسألته من أين تتكلم، فقال: من الخندق الأمامي القريب إلى المدرسة، وهو أول خندق على النهر ، فقدم بذلك مثالا على صمود القادة، رغم أن الأوامر كانت تعطيه الحق بالتراجع عن هذه المنطقة.
وكيف حدث وقف إطلاق النار ؟
لقد تلقيت اتصالا من القيادة يقول لي أن إسرائيل تطلب وقف إطلاق النار. وبأمانة أقول لك أيضا أنني واصلت رغم ذلك قصف تجمعات الجيش الإسرائيلي حتى خرجوا من المعركة.
هل تعنى انك لم تلتزم بوقف إطلاق النار؟
لا لم التزم.
وماذا بالنسبة للإسرائيليين؟
لقد التزموا وتوقف الطيران عن قصف مواقعنا.
وهل كنتم تقصفون تجمعات الجيش الإسرائيلي على الأراضي الأردنية فحسب، ام داخل فلسطين أيضا؟
كنا نقصف المحاور حيث ينقلون آلياتهم. وكذلك المراكز الرئيسية الداخلية حتى لا نعطيهم حرية الانسحاب بسلام، ونجعل من هذا الانسحاب تراجعا انهزاميا.
وما هي برأيك أهم نتائج المعركة في ذلك الحين؟
أهم نتائجها أن حركة المقاومة نمت بعدما باضطراد، وكبر الأردن بين أشقائه فتلقى دعما اقتصاديا ثم وهذا هو الأهم سقطت أسطورة الجيش الإسرائيلي، خاصة وان قواتهم التي حشدوها للمعركة كانت تزيد على قواتنا بنسبة 15/1 وكنا نفتقر إلى أي غطاء جوي، ولو توفر لي هذا الغطاء لاستطعت اسر الآلاف منهم، بل ولقررت العبور إلى الأرض الفلسطينية. لقد حسب دايان حساب كل شئ غير انه لم يحسب حساب الإرادة.
أخيرا، كيف تنظر إلى اتفاقات السلام مع إسرائيل بوصفك قائدا لإحدى أهم المعارك العسكرية ضدها؟
نحن دعاة سلم، وديننا يدعو إلى السلم، ومنذ خمسين عاما ونحن في حالة حرب بدون نتيجة لكن ذلك لا يعنى التنازل عن حقوقنا.
نريد أن يكون السلم مشرفا يعيد حقوقنا المسلوبة، وإسرائيل تريد السلم والأرض والاقتصاد معا. أنا لا اعتقد أن هذا السلم يخدم الأمة، واعتقد انه أعطى إسرائيل ما لم تكن تحلم به طوال تاريخها. وهو الدخول إلى الأمة العربية لتوطيد أحلام إسرائيل الكبرى حتى ولو بالمعنى الاقتصادي والنفسي في المنطقة العربية.
وما هي رؤيتك للمستقبل ؟
هذه فترة من تاريخ الأمة العربية وستنطوي دون شك لان الامة العربية ذات التاريخ والإمكانيات الكبيرة لا يمكن لإسرائيل أن تسيطر عليها وتهينها، فأنا أعتقد أن المستقبل سيكون لصالح هذه الأمة. لا يوجد مستحيل، وقد كانت معركة " الكرامة" درسا مبكرا من اصغر قوة في المنطقة، أي القوة الأردنية ، بإمكانية الانتصار إذا توفرت الإرادة.
كاتب هذا التحقيقعن الملحمة والتلاحم في عام 1968 اعتقد لم يكن مولودا ولكن السؤال الذي بطرح نفسه كيف استطاع تزوير الحقيقة ولصالح من الا يعرف بان قراء وكتاب التارخ ( لا ارغب بتلفظ بكلمات قد تخرج عن نطاق الادب ) اتعرفون اين يقف هذا الكاتب الان انه في الصفوف الاوللى بين الاعلاميين التقدميين في الشعب الفلسطيني بعد قراءة مقاله كيف زور به الحقيقة وابتعد عنها
عن الملحمة والتلاحم والفريق مشهور باشا / بقلم: عريب الرنتاوي
الطرق بين عمان وغزة " سالكة وآمنة " وبالاتجاهين معاً ، فالتنسيق جار على قدم وساق والأردن لبى الطلب الفلسطيني بالتدخّل للمساعدة في الافراج عن عملية السلام المحتجز عليها من قبل ائتلاف اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل والحساسيات التقليدية لم تعد طافية على السطح وان كانت كامنة في بيات شتوي طويل بطول التعنّت الاسرائيلي .
واحسب انه يتعين على الجانبين التوأمين في لقاءاتهما المتكرّرة التي عادة ما تتسم بالطابع الأخوي والبناء أن لا يتوقف بحثهما في الموضوعات الراهنة والمستقبلية على أهميتها بل أن يعودا قليلاً الى الوراء بعقل بارد وروح طيبة ، فالتاريخ أيضاً موضع خلاف وتباين كما تدلّل على ذلك الاحتفالات السنوية بذكرى معركة الكرامة
من منظور الرواية الفلسطينية الأردنية الرسمية تبدو الكرامة فعلاً أردنيا محضاً حيث تغيب عن الرواية الرسمية أدوار لعبتها منظمات المقاومة الفلسطينية في مواجهة الغزو الاسرائ
الذكرى الثامنة عشرة لمعركة الكرامة
إعداد: قسم الأبحاث الدستور الجمعة 21/3/1986 الكرامة .. تحول نوعي في المواجهة مع العدو الصهيوني
سطر الشهداء بدمائهم سفر المجد والخلود تلاحم الجيش والشعب والقيادة يصنع ملحمة النصر
تصادف " اليوم" الذكرى الثامنة عشره لمعركة الكرامة، التي سجل المقاتل الأردني فيها انتصارا عسكريا مميزا على الجيش الصهيوني في وقت بلغت الغطرسة الصهيونية اوجها بعد هزيمة حزيران 1967.
وجاء الصمود الأردني في وجه القوات المعتدية ليعطى الإنسان العربية أينما وجد، أملا متجددا ، بأن الإيمان بالله والثقة بالنفس تبنيان جسور التضحيات في طريق النصر الكبير، وتمنح الحماس الدافق في الأفئدة المؤمنة بقدرتها لفتح طريق النصر في سبيل مجد الأمة العربية وعزتها.
لقد أثبتت هذه المعركة أن قلة الإمكانات المادية لا تحدب النصر لمن كانت لدية العزيمة والثقة، والإيمان بالله ، والتصميم على الاستشهاد والنصر وسحق المعتدي. الفريق الركن مشهور حديثة / قائد الفرقة الأولى في المعركة: لأول مرة يطلب العدو الصهيوني وقف إطلاق النار بطولات الكرامة مهدت الطريق لبطولات حرب رمضان المجيدة أسقطت الكرامة مقولة الجيش الذي لا يقهر
خيوط النصر
ففي مساء يوم الأربعاء 20/3/1968 كانت القيادة الأردنية تتابع تحركات (15) ألف جندي صهيوني جرى تحشيدهم عند مدينة أريحا، في الوقت الذي استعدت فيه الدبابات الأردنية لمواجهة جحافل الشر والعدوان.
وفي الصباح بدأ الهجوم الصهيوني .. وكان موشى ديان وزير الحرب يومها، يستقل دبابة، وقفت عند جسر الملك حسين، ومعه بعض الصحفيين والمراسلين الأجانب والمصورين الذين حشدتهم الصهيونية ودعتهم لتناول الشاي في الكرامة لقد ظن قادة الصهاينة أن الأمر لمن يستغرق سوى ساعات محدودة حتى يحققوا مآربهم حيث كانت نشوة الشعور بالانتصار في حزيران تأخذ بألبابهم، ولم يعلموا أن الرجال الأبطال مصممون على دحرهم في الشونة وفي الكرامة وفي مختلف المواقع.
ويومها تبجح الصهاينة بأن فرقة المظليين التي هبطت فوق تلال الكرامة كفيلة بالقضاء على أية مقاومة.
فجر النصر
وفي فجر الخميس الحادي والعشرين من آذار 1968 بدأ هدير الدبابات الصهيونية يخترق سكون الشونة الهادئة ، وفي ذات الوقت كانت بعض طائرات العدو السمتية تحلق في سماء القرية الوادعة، وراحت تلفي بمنشورات باللغة العربية تدعو السكان إلى عدم المقاومة، بينما قامت بعض طائرات العدو بإنزال المظليين فوق تلال الكرامة حيث تجمعوا في أحد المقاهي لتدارس الموقف تمهيدا لتدمير البلدة واحتلالها، وفي ذات الوقت بدأت قذائف المدفعية الصهيونية الحاقدة تتساقط على البلدة.
ولم يتأخر الرجال في ردهم إذ انطلقت قذائف الدبابات المدفعية الأردنية والرشاشات تنهال على المنطقة وتدب الرعب في قلوب المعتدين، فسارعوا إلى دباباتهم التي كانت تتقدم نحو المنطقة للاحتماء بها هربا وهلعا.
مصيدة الموت ولكن ما أن وصلت الدبابة الصهيونية الأولى إلى مثلث الشونة - الكرامة، حتى كانت الدبابة الأردنية في التلة المقابلة، تصليها بقذيفة واحدة فتعطبها.
وحاول قائد الدبابة أن يتراجع ولكن انى له ذلك وقد دمرت سواعد الرجال ثلاث دبابات أخرى، خلفه وازداد الأعداء دعرا وبدأوا بالتراجع وأثناء ترجعهم تم تدمير أربع دبابات أخرى.
وأمام هذه المفاجأة التي صفعت العدو قدم العدو بعض لورياته لاختراق الخط وتجاوز المنطقة، للعبور عن طريق المثلث إلى الكرامة، ولكن انى لهم ذلك وقذائف المدفعية والصواريخ تطلق حممها وقذائفها سيلا ينهمر فوق رؤوسهم ، وتم تدمير (10) لوريات على الطريق وإعاقة تقدم الغزاة. خمس ساعات كاملة باءت كل محاولات العدو خلالها لاختراق الطريق المؤدي من المثلث إلى الكرامة، بالفشل مما جعل العدو يدفع بأسراب طائراته لتسهيل الأمر وفتح الطريق أمام دباباته ولكنة فشل هنا أيضا.
ووضع العدو أقصى ثقله للوصول على الكرامة ولم يكن يعلم أن الكرامة العربية صعبة المنال، وبطولة الرجال هزت الأرض من تحت أقدام الغزاة، كان الجميع يتسابقون إلى الشهادة من عسكريين ومدنيين. الشيوخ والشباب، والرجال والنساء, البندقية ، الفأس وسكاكين المطابخ، والسلاح الأبيض تصدر لبرابرة العصر.
لقد حاول العدو عند الاختراق عبر ثلاثة محاور: العارضة، وادي شعيب، السويمه، وقد تم إحباط تقدم العدو على محور سويمه، وتم تثبيت قواته المتقدمة على محور العارضة، في منطقة المثلث، في حين تمت معالجة تقدم قوات العدو على محور وادي شعيب.
يوم الكرامة
أما في الكرامة فقد كانت القوة الغازية التي تقدمت باتجاه الكرامة هي " القوة الرئيسية" للأعداء فكانت الكرامة مقبرة للطامعين الذين أرغموا على التقهقر مخلفين آلياتهم المعطوبة في ساح الوغى، وقام العدو بعمليات إنزال على مشارف المرتفعات الشرقية لبلدة الكرامة ولكنه جوبه بنيران مركزه من المدفعية والدبابات والرشاشات التي أوقعت في صفوفه خسائر كبير فبدأ يستخدم الطائرات العمودية لنقل الجرحى إلى الخطوط الخلفية. وأمام قوة الضربات التي واجهها بدأ العدو بفتح جبهة جديدة وتوسيع جبهة القتال في محاولة لتشتيت المدافعين فأرسل طائراته إلى غور الصافي جنوب البحر الميت حيث بدأت تقصف المدنيين بقنابلها لتمهيد الطريف للدبابات الزاحفة في تلك المنطقة.
وفي الكرامة دفع العدو بستين طائرة أخرى عند الظهيرة وأخذت الطائرات تقصف السكان في جبال السلط.. وكانت الغاية هي قطع الإمدادات العسكرية المتجهة إلى ميدان الشرف، واشغال قوات المقاومة، حتى يتمكنوا من الانسحاب وسحب قتلاهم من ارض المعركة، خاسئين مقهورين.
وإذا كان الغزاة قد استأسدوا على المدرسة الثانوية في الشونة وبعض المدارس الأخرى والمقاهي وسينما فلسطين في البلدة فانهم قد وجهوا ضراوة وبأسا وشراسة في القتال والمواجهة قلبت جميع حساباتهم.
وحين خيم الظلام على المنطقة بعد (16) ساعة من الملحمة الفذة كانت رائحة الأجساد التي احترقت وهي مقيدة في دباباتها من جنود العدو، الذين احترقوا مع آلياتهم تملأ جو المنطقة ، بينما كانت مشاعل الأبطال ، تتحرك هنا وهناك بحثا عن فلول الهاربين من الأعداء الذين تكبدوا ألف قتيل وجريح ومجموعة كبيرة من الدبابات والآليات وسبع طائرات.
انقلب السحر
وبدلا من أن يستعرض العدو عضلاته في عمان كما كان يتوق كانت دباباته ولورياته والياته المدمرة هي التي تعرض في شوارع عمان، وفي ساحة أمانة العاصمة ، وباختصار لقد حطمت الكرامة أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
أنباء النصر
وفيما يلي مقتطفات من أقوال وكالات الأنباء العالمية وأقوال الأعداء أنفسهم " والفضل ما شهد به الأعداء" حول ذلك اليوم المشهود.
قالت وكالة اليونايتد برس يوم 29/3/68 أن أحد المسؤولين الكبار في دولة كبرى ذكر لها أن (إسرائيل) فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاث مرات ما فقدته في حرب حزيران.
وقال حاييم بارليف رئيس أركان العدو الصهيوني في حديث له نشرته جريدة هارتس يوم 31/3/68 " إن عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يتعود الشعب في (إسرائيل) مثل هذا النوع من العمليات، وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قمنا بها تسفر عن نصر حاسم لقواتنا ، ومن هنا فقد اعتاد شعبنا على رؤية قواته العسكرية وهي تخرج متنصرة من كل معركة أما معركة الكرامة فقد كانت فريدة من نوعها، بسبب كثرة الإصابات بين قواتنا، والظواهر الأخرى التي أسفرت عنها المعركة مثل استيلاء القوات الأردنية على عدد من دباباتنا والياتنا وهذا هو سبب الدهشة التي أصابت المجتمع الإسرائيلي إزاء عملية الكرامة.
سجل الكرامة
وقد أجمعت وكالات الأنباء العالمية من الأراضي المحتلة على القول أن معركة الكرامة أثارت عاصفة من الاستياء في أوساط الشعب اليهودي وقامت مظاهرات صاخبة في القدس وتل أبيب وباقي المدن اثر دفن اكثر من (250) قتيلا من ضباط وجنود العدو، وقد لوحظ الذعر في المستعمرات الأمامية.
لقد انقطعت زيارات اليهود إلى مدن الضفة ومنعت سلطات العدو اليهود من دخول أية مدينة عربية، ومنعت زيارات المواطنين العرب من الضفة الغربية إلى المناطق المحتلة ، وانتقلت موجة من الاستنكار إلى الكنيست الصهيوني أثناء مناقشة الحكومة لنتائج معركة الكرامة.
لجنة تحقيق
قال عضو الكنيست شلومو جروسك: " يساورنا" الشك حول عدد الضحايا بين جنودنا,
وقال شموئيل مامير " نطالب بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في نتائج الحملة على الأراضي الأردنية لان عدد الضحايا اكبر نسبيا في القوات الإسرائيلية".
وفي هذه الذكرى الماجدة لا نملك إلا أن نقف إجلالا واحتراما لذكرى شهداء الكرامة وأبطالها، الذين صنعوا بدمائهم الزكية اشرق صفحة في تاريخ امتنا الحديث .. فقد ترك لنا شهداء الكرامة القوة والعزم والتضحية والإيمان وساما على صدر الوطن .. فإلى جنات الخلد يا شهداءنا الأبرار.
والله نسأل إن يهبنا صدق عزيمتهم والسير على خطاهم لتحرير الأقصى والمقدسات وتحقيق النصر.
يوم الكرامة
الفريق الركن المتقاعد مشهور حديثه الجازي قائد الفرقة الأولى التي تولت شرف سحق العدوان الصهيوني في الكرامة .. يحدثنا عن معركة الكرامة ويوم الكرامة قائلا :
قبل كل شئ أحيي الشهداء الأبرار من ضباط وضباط صف الذين استبسلوا وقدموا أرواحهم للدفاع عن تراب الوطن الغالي، وأسال الله عز وجل أن يسكنهم فسيح جنانه، كما أتقدم لكل عضو من أعضاء الفرقة الأولى التي كان لي الشرف أن أقودها في معركة الكرامة سواء العاملين في قواتنا المسلحة أو الزملاء من قادة التشكيلات وضباط وضباط صف الذين اصبحوا خارج الخدمة الان بالتحية الصادقة واقو لهم في يوم الكرامة لقد كنتم رجالا أمنتم بالله العظيم وقاتلتم بكل بسالة ودافعتم دفاع الأبطال عن تراب الوطن وهزمتم عدوكم في يوم أغر فمحبتي وتقديري لكل واحد منكم حيثما وجد.
معركة الكرامة
أما يوم الكرامة ومعركة الكرامة فكما هو معلوم خطط لهذا الغدر من قبل العدو وذلك بعد انتصاره السريع على الجبهات العربية بعدد من الأيام وبأقل خسائر مما زاد في غرور وطيش العدو في حزيران .
لقد ثبت للعدو أن قواتنا بدأت بإعادة تنظيم سريعة وثبت له أن قواتنا المسلحة أصبحت تتنامي مقدرتها القتالية ، وكذلك بدأت تتنامي الحركة الفدائية في الخطوط الأمامية ، وأراد العدو من هذه المعركة إصابة اكثر من هدف، أولا تحطيم القوة العسكرية , الروح القتالية، وثانيا القضاء على الحركة المقاومة العربية وقتلها في مهدها وثالثا السيطرة على وادي الأردن باحتلال المرتفعات الشرقية وبذلك يصبح الوضع أشبه بجنوب لبنان بالمساومات السياسية ومعاركه اليومية (لا سمح الله).
في هذه المعركة انتصر الحق على الباطل وانتصر المقاتل المؤمن بربه ووطنه على الغازي المتغطرس.
أرجو أن أوضح شيئا نعتز به في هذه المعركة وهي :
أن العدو خلال كل معاركة القتالية مع الجبهات العربية لم يطلب ايقاف القتال إلا في هذه المعركة وهذه هي المرة الأولى.
إن مجموع ما لحق بالعدو من خسائر والتي قدرت بحوالي 1000 قتيل وجريح وحوالي 400 آلية منها الناقلات المصفحة والدبابات وإسقاط سبع طائرات من نوع فانتوم، وهذه الخسائر كانت اكبر من جميع الخسائر التي لحقت به على كافة الجبهات العربية خلال حرب حزيران 1967. مقابل خسائرنا باستشهاد وجرح مائة وعشرين من كافة الرتب.
إن الصمود الرائع الذي سطره جنودنا ومقاتلونا البواسل في المعركة دمر سمعة العدو ورفع المعنويات العربية بشكل عام وكان سببا لفشل وتحطيم قائد حملة العدو الجنرال ديان الذي كان يطمع بان يلتقي مع مراسلي الصحف على الضفة الشرقية ظهر يوم 21/3/68, وبدلا من ذلك عادت قواته الغازية على أعقابها خاسرة.
إن أثار هذه المعركة تعدت الساحة الأردنية للساحات والجبهات العربية الأخرى حيث كانت ابرز مثال على بسالة المقاتل العربي، وقدرته على دحر العدو حيث جاءت مترجمة ذلك وصداه في حرب رمضان المجيدة في تحطيم خط بارليف، وسحق العدو في جبل الشيخ والمرتفعات السورية فقد تمكن المقاتل العربي في الكرامة، وبعدها في حرب رمضان من تحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر وستبقى الكرامة سفرا خالدا ناصعا في جبين التاريخ العربي وفي سجل البطولات العسكرية الفذة.
لقد حيا الجنرال غريشكو وزير الدفاع السوفيتي صمود قواتنا المسلحة بهذه المعركة خلال زيارته بذلك اليوم للشقيقة سوريا. وهذا دليل ناصع على أهمية ومدلول المعركة المجيدة واليوم الأغر.
أمل أن تكون ذكرى الكرامة بمثابة الاستعداد للمعركة القادمة مع عدو هذه الأمة وتحرير الأرض والمقدسات من الهجمة الصهيونية وللابد.
الخسائر : حتى الخسائر لم نتفق عليها نحن الكتاب اليكم نماج قد كتبة الخلل ليس بالكتاب بل الخلل في مصادر الخبر مطلوب ان يكون مصدر واحد ودقيق لصحة المصداقية
خسائر القوات الإسرائيلية : (أ) عدد القتلى 250 جندياً . (ب) عدد الجرحى 450 جريحاً .
(جـ )تدمير 88 آلية وهي عبارة عن 27 دبابة و 18 ناقلة و 24 سيارة مسلحة و 19 سيارة شحن وسقوط طائرة.
خسائر حركة فتح
التي لا تعد خسائر بالفخر لا توجد إحصائيات رسمية عن عدد المقاومين الفلسطينيين وكانت هذه الارقام محل خلاف كبير بين المؤرخين.و لكن بحسب ما يشير اليه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في كاتب سيرته ألن هارت فقد دفع الفلسطينيون (أ) 130 شهيدا.
خسائر القوات المسلحة الأردنية : (أ) عدد الشهداء 80 جندياً. (ب) عدد الجرحى 108 جريحاً.
(جـ) تدمير 13 دبابة . (د) تدمير 39 آلية مختلفة
بعض ردود الفعل
خسائر القوات الإسرائيلية : (أ) عدد القتلى 250 جندياً . (ب) عدد الجرحى 450 جريحاً .
(جـ )تدمير 88 آلية وهي عبارة عن 27 دبابة و 18 ناقلة و 24 سيارة مسلحة و 19 سيارة شحن وسقوط طائرة.
قُدرت بـ 250 قتيلا و 450 جريحا و 88 الية مدمرة و قد شملت الاليات المدمرة 27 دبابة صهيونية و 18 ناقلة جند و 24 سيارة مسلحة و 19 سيارة شحن و 20 دبابة و الية مختلفة اضافة الى سقوط 7 طائرات مقاتلة و ذلك حسب بعض الاحصائيات .
وكانت خسائر الثورة الفلسطينية 17شهيد فلسطيني 20شهيد من الجيش الأردني و 65جريح و10 دبابات ومدفعين .
وقد اعترف الاحتلال الصهيوني بقتل 30 جنديا يهوديا مهاجما وجرح 100 يهودي آخرين بينما اشارت دراسات تاريخية إلى أن عدد الجرحى اليهودي نحو 500 عنصر ممن أصابهم الجرح الجسدي والهلع والخوف الشديد من بسالة المقاومة الفلسطينية والرد الأردني من وحدات الجيش العربي الأردني التي استهدفتها قوات الاحتلال الصهيوني وقال شهود عيان إنهم شاهدوا الدبابات الصهيونية المعطوبة بالعشرات حيث جرى نقلها على شاحنات نقل كبيرة .
بينما استشهد أكثر من 100 فدائي وأسر بعض آخر بسبب نفاذ الذخيرة لديهم . وبعد معركة الكرامة تدفق عشرات الآلاف من الفلسطينيين يطلبون الانضمام لحركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) من الطلبة الجامعيين والثانويين والشباب والشيوخ ، فمثلا تقدم نحو خمسة آلاف خلال اليومين الأولين لانتهاء المعركة ، اختارت منهم حركة فتح نحو تسعمائة فقط .
وبلغ عدد شهداء الجيش الأردني 87 شهيدا، في حين تشير وثائق أردنية إلى أن الخسائر الإسرائيلية بلغت 250 قتيلا و450 جريحا وإسقاط 7 طائرات مقاتلة.
قال حاييم بارليف
رئيس الاركان الإسرائيلي في حديث له ان إسرائيل فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاثة أضعاف ما فقدته في حرب حزيران وكل هذا بسبب حركة حتف التي تعرف الان ب (فتح) وكان سببب هزيمتنا فيها هي حركة فتح فلولاهم لستطعنا أحتلال الاردن في نصف ساعه.
2. قال عضو الكنيست الإسرائيلي ( شلومو جروسك) لا يساورنا الشك حول عدد الضحايا بين جنودنا، وقال عضو الكنيست ( توفيق طوني) لقد برهنت العملية من جديد أن حرب الايام الستة لم تحقق شيئاً ولم تحل النزاع العربي الإسرائيلي.
3.طالب عضو الكنيست ( شموئيل تامير) بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في نتائج الحملة على الأرض الأردنية، لأن عدد الضحايا أكثر نسبياً في القوات الإسرائيلية.
4.وصف قائد مجموعة القتال الإسرائيلية المقدم (أهارون بيلد) المعركة فيما بعد لجريدة دافار الإسرائيلية بقوله: لقد شاهدت قصفاً شديداً عدة مرات في حياتي لكنني لم أر شيئاً كهذا من قبل لقد أصيبت معظم دباباتي في العملية ما عدا اثنتين فقط.
5.قال أحد كبار القادة العسكريين العالميين وهو المارشال جريشكو رئيس أركان القوات المسلحة السوفياتية في تلك الفترة: لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية .
. قالت صحيفة نيوزويك الأمريكية بعد معركة الكرامة: "لقد قاوم الجيش الأردني المعتدين بضراوة وتصميم وإن نتائج المعركة جعلت الملك حسين بطل العالم العربي".
5. وصف قائد مجموعة القتال الإسرائيلية المقدم (أهارون بيلد) المعركة فيما بعد لجريدة دافار الإسرائيلية بقوله: لقد شاهدت قصفاً شديداً عدة مرات في حياتي لكنني لم أر شيئاً كهذا من قبل لقد أصيبت معظم دباباتي في العملية ما عدا اثنتين فقط.
5. قال أحد كبار القادة العسكريين العالميين وهو المارشال جريشكو رئيس أركان القوات المسلحة السوفياتية في تلك الفترة: لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية.
بعض ردود الفعل
ووفق التقارير العسكرية بعد الحرب كانت خسائر العدو الصهيوني في معركة الكرامة: 70قتيل وأكثر من 100جريح و45دبابة 25عربة مجنزرة 27آلية مختلفة 5 طائرات ، واعترفت إسرائيل بتفوق الثورة الفلسطينية في الحرب الشعبية ، حيث طلب ناثان بيليد ممثل حزب المابام بتغير إسرائيل تكتيكها العسكري قائلاً : ( أن على إسرائيل أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقاً لمبادئ القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة).
اول معرض لمعركة الكرامة الي اقامه قسم التصوير في الثورة
اقول للذين خانتهم الذاكرة ان معرض الكرامة الذي اقيم بعد المعركة بشهرين وحتى استطعنا تحضير الصور الفتوغافية والتي تقدر بحوالي مائة وخمسون لوحة تم تصويرها في ارض المعركة واثناء سير المعركة اما المعرض الي اقيم في اثا عشرة خيمة المانية ذات مساحة خمسة وعشرون متر للخيمة الواحد في حينه لقد ضم المعرض الصور الفوتو غرافية وبقايا السلاح الذي تركه الجيش الاسرائلي وقطع من دباباته وجنازير النصف مجنزرة وخوذ الراس وبعض اجهزة الاسلكي وبعض الالغام الفردية والدبابات .. هذا المعرض نقل الى اكثر من دولة في الوطن العربي .... في المناسبة نحن في الثورة الفلسطينية فقدنا اهم ارشيف في تاريخ الثورة المعاصرة ملاحظة مهمة لو في مسؤل يهمه هذا الارشيف لفتح تحقيق وكل من تقع عليه المسؤولية بالاهمال يتم اعدامه ولا يفوتني هنا ان اقدم الشكر والاحترام الى الشهيد هاني جوهرية والشهيد مطيع وناصيف ونبيل وابو ظريف وعارف الذين قامو على تصوير وترتيب المعرض معرض الكرمه
ترى
معركة الكرامة كما تعكسها الوثائق البريطانية
تعد معركة الكرامة (21 مارس 1968) أحد المفاصل التاريخية لحركة المقاومة الفلسطينية وللتاريخ الفلسطيني المعاصر؛ إذ شكلت نقلة نوعية للعمل الفدائي الفلسطيني الذي بدأ يعيش عصره الذهبي في الأردن ، كما كانت إيذاناً بسيطرة حركة (فتح) على العمل الوطني الفلسطيني، وعلى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. يحاول هذا المقال إلقاء أضواء جديدة على هذه المعركة من خلال دراسة الوثائق البريطانية غير المنشورة المتعلقة بالمعركة، التي سمح بالإطلاع عليها منذ سنة 1998، والمحفوظة في مركز السجل العام Public Record Office ، أو ما يعرف بدار الوثائق البريطانية في لندن . وقد كان من الواضح أن تصاعد العمل الفدائي المنطلق من قواعد له في غور الأردن قد دفع الكيان الإسرائيلي إلى القيام بهجوم واسع لتدميرها خصوصاً في منطقة (الكرامة). غير أن صمود الفدائيين والجيش الأردني وما بذلوه من تضحيات، قد أدى إلى نتائج معاكسة تماماً لخطط الإسرائيليين، إذ وقعت خسائر كبيرة نسبياً في القوات الإسرائيلية، وانكسرت أسطورتها بأنها تملك جيشاً لا يقهر. كما أدت إلى تصاعد شعبية العمل الفدائي ونفوذه خصوصاً في الأردن، وجعلت الكيان الإسرائيلي في حالة من الحيرة، إذ إن هجماته تزيد العمل الفدائي قوة وشعبية، كما أن سكوته يعطي هذا العمل فرصة للتوسع والتمدد .
ألا يحتاج العرب وهم في حالة الاحتقان...بل الاحتضار القائمة الان وفي هذه الظروف الصعبة ، وفي ظل تقاعس وتخاذل ...بل استسلام الحكام لمشيئة الإرادة الأميركية ـ الصهيونية المشتركة إلى معركة "كرامة"جديدة تخرجهم من النفق المُظلم الذي زُجوا فيه بعدما تعذر عليهم تحرير الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان من المغتصبين الصهاينة حتى الآن ، وبعدما سقط العراق في قبضة الاحتلال الأميركي ، وتصاعدت التهديدات الجدية والخطيرة المحدقة بسوريا ولبنان والسودان والصومال وأقطار عربية أخرى ؟ أليسوا بحاجة إلى معركة "كرامة"جديدة تعيد إليهم كرامتهم المُهانة كما فعلت من قبل معركة "الكرامة" ؟ أليسوا بحاجة إلى معركة "كرامة"جديدة تعيد إليهم إرادتهم المسلوبة كما فعلت معركة "الكرامة"!!
اليسوا بحاجة إلى معركة "كرامة"جديدة تعيد إليهم قدس الاقداس يا مسلمون .... الى متى ستبقون متخاصمون على امور لايصدقها عقل انسان عاقل ومدرك لما يحيط به من مخاطر ... افيدون يامن جلستم ....؟؟؟
الكاتب : توفيق خليل ابو انس 21 / 3 / 2010
المصادر :
كتاب معركة الكرامة للمؤلف اللواء/ محمود الناطور ( ابو الطيب )
د. كمال علاونه أستاذ العلوم السياسية
الفريق الركن مشهور حديثة الجازي " يرحمه الله "
محمود كعوش
لـ " المحرر" 3 نيسان 1995 - صحيفة المحرر الباريسية. عمان - ماجد عبد الهادي
الكاتب : توفيق خليل ابو انس 21 / 3 / 2010
هذه المقدمة لكتاب معركة الكرامة للمؤلف اللواء/ محمود الناطور ( ابو الطيب ) لقد اعجبني هذا التقديم الذي يليق فعلا بالام المناضلة وبدوري اقتبس هذا الاهداء بمناسبة عيد الام لاقدمه الى كل ام فلسطينية وعربية وغربية لان الام واحدة لا فرق بين الامهات
إهـداء الى الحاجة أم يوسف يشرفني أن أهدي كتاب الكرامة إلى المرأة الفلسطينية في الوطن والشتات، نظراً لما قدمته من تضحيات في سبيل فلسطين، فمن حقها علينا أن نعترف بكل ما بذلته من جهد وعطاء لا حدود لهما في دعم قضية الشعب الفلسطيني، فهي الأم المناضلة التي قدمت الشهداء، وأسهمت في العمل الاجتماعي والسياسي. ولا بد لنا في هذا المقام من الإشارة إلى بعض النساء اللواتي لعبن دوراً بارزاً في دعم الثورة الفلسطينية، وأول ما يتبادر إلى ذهننا في هذا المجال المرحومة نعمة محمد شحادة (أم يوسف) التي عرفت باسم أم الفدائيين*، والتي يعرفها كل من عاش بالكرامة وخاض معركتها، وكانت أم يوسف تعتبر نفسها اُمّاً لجميع الفدائيين، وقد حولت منزلها في الكرامة إلى عيادة لإسعاف الجرحى والمصابين. الأم.. الجدة من الذاكرة الفلسطينية إلى الرمز النضالي أي مخزون من هذا العطاء والحب تحمله الأم الفلسطينية، تنتظر عودة ولدها حياً.. أم جثماناً.. تزغرد في الشهادة والعرس معاً.. وتمزج بين الألم والفرح.. وتفاخر ليس بالممتلكات أو الانجازات.. بل بالشهادة التي تميزها عن النساء الأخريات.. أية أم هذه .. أية أخت.. زوجة أم جدة.. وهي تملأ جدران البيت بصور الحبيب الغائب أو الشهيد أو الأسير مَن الذي يستطيع أن يترجم لنا هذا الكم الهائل من العاطفة المخزونة تحت جفون أمهاتنا.. وأخواتنا.. وبناتنا.. وجداتنا.. هذا الحزن الذي حوّل جفونهن إلى لون من ألوان الغضب.. كل هذا فداك يا أرض المقدسات.. يا أرض الرباط.. يا أرض القدس.. يا أرض الإسراء والمعراج.. يا أرض المسيح.. يا أرض الله.. يا أرض الشهداء.. أية أم في هذا الكون.. غير الأم الفلسطينية.. التي توزع الحلوى رغم هذا الدفق الهائل من الحزن.. في يوم استشهاد ولدها... أية أم في "أرض الله" تزغرد في عرس الاستشهاد إلا الأم والأخت والجدة الفلسطينية.. أي بيت من بيوت هذه الأمة يستقبل المباركين إلا بيت الشهيد... لك الله.. لك المجد.. لك كل أكاليل الغار.. يا أم كل الشهداء.. يا أمنا.. يا أم فلسطين.. لك الله أيتها الجدة والأم والأخت والابنة.. عندما يأتي العيد وأنت على مقبرة الشهداء.. تنظفي محيط القبر.. وترشي المياه وتتحسسي جوانبه كأنه جزء من جسد الشهيد. إن دور المرأة الفلسطينية في الحياة اليومية بكل أبعادها هي مثالية الانتماء والولاء.. والحب والجهد في البيت وفي الحقل، وهي التي ارتقت بحياتها وطموحها إلى جانب كل ذلك لتصبح المهندسة.. والطبيبة والممرضة.. والعاملة.. والمزارعة.. والمقاتلة.. وكل المهن التي كان رجل الشرق يحتكرها.. ويقول جان جنييه الأديب الفرنسي الكبير.. "في كل ثورة، المرأة هي دائماً العنصر الأكثر جذرية، وفي الثورة الفلسطينية يبدو ذلك في غاية الوضوح".. "إن المرأة أكثر ارتباطا بكل ما هو حسي وملموس، وهي تجد في عدم التوازن الذي لق الثورة، توازنا وجودياً أعمق، لهذا أقول إنها أكثر ثورية من الرجل".. أما الكاتب الإسرائيلي غروسمان في تحقيق صحفي عن المرأة الفلسطينية... قال " هنا يمكن أن تسمع أقسى الكلام من النساء.. فالرجال يخافون أكثر من الاعتقال والمضايقة.. النساء تسير في مقدمة المظاهرات... وهن اللواتي يصرخن وينفثن غضبهن أمام كاميرات التلفزيون.. نساء خمروايات ذوات ملامح جادة جبلن بالألم والمعاناة(1). وتعد المرأة الفلسطينية من اوائل النساء اللاتي شكلن جمعيات نسائية على الصعيد العربي، وكان لها نشاط بارز ضد الانتداب البريطاني ففي عام 1929م تجلى في كتابة المذكرات وإعداد العرائض ونشر الاعلانات الاحتجاجية في الصحف التي حملت توقيعهن وفي تنظيم المظاهرات فضلاً عن ذلك عقد أول مؤتمر نسائي في 26/10/1929م في القدس واشتركت فيه أكثر من ثلاثمائة سيدة فلسطينية من بينهن متيل مغنم وطرب عبد الهادي(1). وفي عام 1935م أسهمت المرأة الفلسطينية في القتال وفي جمع السلاح ونقله إلى الثوار، وقامت بجمع التبرعات وتوزيعها على عائلات المجاهدين، كما سعت إلى توفير المؤن، والماء، والملابس للثوار في مختلف المناطق*. وعقب قيام منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 شاركت المرأة في مؤسساتها وأجهزتها وتمثلت في المجلس الوطني الفلسطيني منذ دورته الأولى، وفي جميع دوراته المتتالية، وضم المجلس المركزي ممثلة عن الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية. وشهد وضع المرأة تحولاً سياسياً بعد عام 1965م، والتحقت في التنظيمات الفلسطينية، واعتبرت دعامة أساسية لها وأسهم عملها السياسي في إحداث نقلة نوعية في حياة المرأة الفلسطينية التي خرجت من دائرة الجمود إلى دائرة العمل الاجتماعي والسياسي والعسكري، وقد دخلت المرأة المعتقلات وعذبت، وتعرضت لشتى أساليب العذاب وإرتقت شهيدة. ونجحت المرأة في ذلك مستفيدة من تجربتها الرائدة المتراكمة، رغم الثمن الباهظ الذي دفعته ومازالت كونها كانت أثناء قيامها بدورها الوطني مسؤولة عن واجب آخر... البيت وتربية الأولاد وخدمة الزوج. ابدعت في الصفاء لفلسطين الأرض حينما رشحت حبات عرقها على التراب الطاهر وهي تفلح الأرض مع الرجل، وفي كثير من الأحيان لوحدها عندما كان يتعرض زوجها أو ابنها للاستشهاد أو الاعتقال، حيث لم تدع الأرض تبور أو يجف ترابها،كما أنها أبدعت في عطائها للرجل الفلسطيني عندما كان لا يجد المال الكافي ليحقق حلمه في شراء البندقية للدفاع عن أرضه وعرضه وسرعان ما يجد المرأة وهي تقدم مجوهراتها وحليها مقابل الحصول على البندقية، وذهبت في نضالها إلى أبعد من ذلك حينما كانت تحمل البندقية وتواجه عمليات الاستيلاء على الأراضي أو تخريبها من قبل المستوطنين الصهاينة منذ بداية الغزو الصهيوني لفلسطين. وعلى الرغم مما حلَّ بقضية فلسطين، ورغم اتساع حلقة التآمر على شعبنا، فقد ازدادت إصراراً على مواصلة نضالها فبعد عام 1967م انخرطت فعلياً في العمل المسلح، وشاركت في المجموعات الفدائية البطولية، وساعدت في نقل الأسلحة والمتفجرات وتخزينها ونفذت العديد من العمليات النوعية ضد مواقع العدو الصهيوني، وبرزت الفدائية الفلسطينية: فاطمة برناوي دلال المغربي أول أسيرة من حركة "فتح".* أول شهيدة من حركة "فتح"** وهناك الكثيرات من المناضلات اللاتي صنعن بصمودهن خلف قضبان الاعتقال أروع صور البطولة والفداء. وهنا نتقدم بالتحية والعرفان والتقدير الممزوج بالفخر والاعتزاز لكل شهيدات شعبنا اللاتي سطّرن بدمائهن أروع ملاحم الفداء لهذا الوطن. وإذا كنا لم نتمكن من ذكر كل الأسماء فإننا لن ننسى ذكراهن في تاريخ نضال شعبنا الطويل والمستمر، فليتمجد هذا الدم وإلى الأبد. وفي الوقت نفسه نقف تقديراً واعتزازاً وتحية إلى أخواتنا المناضلات في سجون الاحتلال واللائي قدمنَّ أعظم عطاء فداء لهذا الوطن. وتتميز المرأة الفلسطينية عن غيرها في العالم العربي بدورها النضالي فهي الجدة والأم والأخت والابنة التي تنتظر هذا الفدائي أن يعود إليها منتصراً وهي التي ترعى بيته وأولاده، وهي التي تسهم في نقل السلاح من قاعدة إلى أخرى، وهي التي تدفع مهرها، ذهبها، جواهرها ليشتري قطعة سلاح عندما كان يعز ألسلاح. وهي التي انخرطت في التدريب العسكري والطبي والتوجيهي والإعلامي في صفوف الثورة الفلسطينية جنباً إلى جنب مع الرجل؛ ولهذا برزت أسماء فدائيات مناضلات فلسطينيات، وما زالت هذه الأسماء تقرع آذاننا تذكرنا بدور المرأة المجيد. والمرأة الفلسطينية التي تميزت عن المرأة العربية بهذا الكم الهائل من المعاناة والحزن والقهر الناجم عن ضياع الوطن والتهجير والتشرد، إضافة إلى مراعاة القوانين الاجتماعية المجحفة، أثبتت عمق وعيها من خلال ارتباطها الوثيق بقضيتها الوطنية، ومارست بنفسها كافة أشكال النضال التي مارسها رجال الثورة، واسهمت في عضوية كافة اللجان الشعبية والوطنية. وفي سنين الاحتلال أصبحت المرأة عاملاً منتجاً، وخاصة بعد مضاعفة الأزمة الاقتصادية، وزيادة الغلاء، وقلة فرص العمل والاضطهاد السياسي والعسكري للشباب الذين دفعهم ذلك إلى الهجرة خوفاً من الاعتقال أو السجن أو البطالة وقلة العمل، مما اضطر المرأة لتحل مكان الرجل في العمل في قطاعات مختلفة.ونظراً لاندماج المرأة في العمل الوطني، واجهت أشكال التعسف والاعتقال والاضطهاد من قبل سلطات الاحتلال، وحتى عام 1981م كان مجموع مَن دخل المعتقلات من النساء ثلاثة آلاف امرأة.
الكرامة بلدة أردنية تقع على محاذاة نهر الأردن من الجهة الشرقية ، في الأغوار الأردنية ، تجمعت بها قوات الفدائيين الفلسطينيين بعد حرب حزيران 1967 ، لجعلها قاعدة إنطلاق للعمليات الجهادية ضد الاحتلال الصهيوني .
في هذا الزمن الصعب الذي زرعة طريقه بالاشواك وما الت اليه من مصائب وويلات ترى ألا يحتاج العرب والمسلمين وهم في حالة التردي والاحتقان والشلل الكلي ...بل الاحتضار وعمى البصر والبصيرة ، وفي ظل تقاعس وتخاذل...بل استسلام حكامهم لمشيئة الإرادة الأميركية ـ الصهيونية المشتركة إلى معركة "كرامة"جديدة تخرجهم من النفق المُظلم الذي زُجوا فيه بعدما تعذر عليهم تحرير الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان وانفسهم من المغتصبين الصهاينة حتى الآن ، وبعدما سقط العراق في قبضة الاحتلال الأميركي ، وتصاعدت التهديدات الجدية والخطيرة المحدقة بسوريا ولبنان والسودان والصومال وأقطار عربية أخرى ؟ أليسوا بحاجة إلى معركة "كرامة"جديدة تعيد إليهم كرامتهم المُهانة كما فعلت من قبل معركة "الكرامة" ؟ أليسوا بحاجة إلى معركة "كرامة"جديدة تعيد إليهم إرادتهم المسلوبة كما فعلت معركة "الكرامة"!!
انني اعتذر عن هذه الكلمات التي باتت لاتسمن ولا تغني من عطش وحتى من جوع فهوى كلام في كلام كما قال المثل كلام اليل يمحوه النهار ..... ولكن ربما ذرة نافعة .... ونحن متعلقون لهذه الذرة التي ستكون الدواء التي ستشفي الجرح كمثل معركة الكرامة ...؟؟؟
ولكن اقول وفي هذا الزمن الرديء وما وفيما تشهده الأُمةُ العربية والاسلامية وتُمتحنُ به بفعل جريمة احتلال العراقالاخيرة وما ترتب على هذه الجريمة النكراء من آثار جسيمة وخطيرة ، وبفعل شلال الدم المتدفق في الأراضي الفلسطينيةوالمستمر والذي لم ينقطع جراء الاحتلال الصهيوني المستمر والضغوط الأجنبية المكثفة التي تُمارس على الشعب الفلسطيني وسلطته من قِبَل الحكومات الغربية وبالأخص حكومة الولايات المتحدة ، وحتى الضغوطاط التي تمارس من قبل اهل القضية على بعضهم البعض وبعض الحالات تصا لهم الى القتال بالسلاح يعيد إلى الأذهان من جديد ما سبق لهذه الأمة أن شهدته من نكسات وهزائم في عقودٍ زمنية سابقة ، وأخص بالذكر هنا العقود التي تلت النكبة الكبرى التي حلت بالعرب عامة والفلسطينيين خاصة في عام 1948. لكن من حُسن طالع هذه الأمة أن الأمل ظل على عهده ووفائه لها ، لأن ما من مرةٍ فُقدت إرادتها أو هُدرت كرامتها إلا واستردتها من جديد . وفي كل المرات كان الفضل في ذلك للشعب العربي وليس لحكامه الذين لا حول لهم ولا قوة معذرة لهذا القول لانه ضروري .
أقول "ما أشبه اليوم بالأمس" أو "ما أشبه الأمسِ باليوم" وأنا أحاول أن أساهم "قدرَ ما تسع نفسي وتحتمل" في استنهاض الإرادة والكرامة العربيتين من خلال استذكار "معركة الكرامة" الخالدة والمشرفة ، التي تصادفت ذكراها الثانية والاربعون مع الحادي والعشرين من الشهر الجاري "1968.3.21" . فعندما وقعت تلك الملحمة التي اصطُلح على تسميتها "معركة الكرامة" لألف سبب وسبب وألف اعتبار واعتبار أولها المكان الذي حدثت فيه وآخرها استعادة الكرامة العربية ، لم تكن الأمة العربية قد استيقظت بعدُ من حالة الذهول التي كانت قد انتابتها جراء نكسة الخامس من حزيران 1967 ، خاصة وان تلك النكسة بكلِ ما أفرزته من مضاعفاتٍ ونتائج سلبية تمثلت بخيبة الأمل والانكسار وفقدان الكرامة ، حدثت في أوجِ المدِ القومي العربي وقيادة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر.. والرمز الشهيدياسر عرفات وشهداء معركة الكرامة .
في حينه لم يكن قد مر عام واحد على نكسة 1967 ، الأمر الذي جعل من تلك المعركة ـ الملحمة وما ترتب عليهاَ من نتائج إيجابية لصالح الجانب العربي "حالة جديدة وفريدة من نوعها في تاريخ الصراع العربي ـ الصهيوني" . فلأولِ مرة منذ انطلاقتها الثورة الفلسطينية بقسادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني * فتح * كان ذلك في الأول من كانون الثاني 1965 ، أُجبرت الثورة الفلسطينية جيش الاحتلال الصهيوني المتغطرس والذي لم يفيق بعد من حلمه في انتصاره على الجيوش العربية بعد ....... جرت أحداث معركة الكرامة في منطقة غور الأردن وفي مطلع سنة 1968 صدرت عدة تصريحات رسمية عن إسرائيل تعلن أنه إذا استمرت نشاطات الفدائيين عبر النهر فإنها ستقرر إجراء عمل مضاد مناسب ، وبناءا عليه زاد نشاط الدوريات الإسرائيلية في الفترة ما بين 15-18 مارس 1968 بين جسر الملك حسين وجسر داميا وازدادت أيضا الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق وادي الأردن.
تمهيدا للهجوم الواسع قامت إسرائيل بهجمات عديدة ومركزة استخدمت بشكل رئيسي القصف الجوي والمدفعي على طول الجبهة الأردنية طوال أسابيع عديدة سبقت بداية المعركة في 5:25 من فجر يوم الأحد في 21 آذار 1968. كما مهدت لذلك بإجراءات واسعة النطاق في المجالات النفسية والسياسية والعسكرية عمدت بواسطتها إلى تهييء المنطقة لتطورات جديدة يتوقعونها كنتائج لعملياته العسكرية شرقي نهر الأردن. فقد بنوا توقعاتهم على أساس أنه لم يمضي وقت طويل على هزيمة العرب في حرب 1967 وبالتالي فالروح المعنوية القتالية لن تكون بالمستوى المطلوب لتحقيق مقاومة جدية وايضا ان الوقت غير كافي للجيش الأردني إعادة تسليح قواته أو تعويض خسائره التي مني بها في الحرب الماضية.:
وافتراض أن الاختلافات السياسية بين فصائل المقاومة والحكومة الأردنية لن تحقق اي تعاون بينهم وبين القوات الأردنية. رغم هذه التوقعات قامت اسرائيل بتجربتها واصرت حشد الجيش الإسرائيلي لتلك المعركة وكان على النحو التالي تقريبا اللواء المدرع السابع واللواء المدرع 60، ولواء المظليين 35، ولواء المشاة 80، وعشرين طائرة هيلوكبتر لنقل المظليين وخمس كتائب مدفعية ، بالإضافة إلى قواته التي كانت متمركزة من قبل في تماس مع الحدود الاردنية على امتداد خط وقف إطلاق النار ، وكما استخدم سلاحه الجوي الذي كان يسيطر سيطرة تامة على سماء وأرض المعركة ، بالإضافة إلى قوة الهجوم التي تم استخدمها في غور الصافي، ، تم حشد هذه القوات في منطقة أريحا، ودفع بقوات إلى مناطق قريبة من مواقع العبور الرئيسة الثلاثة التي حددها للهجوم .
الكرامة المحطة الاولى في سفر الثورة الخالد,محطة الانعطاف التاريخي في مسار الثورة السياسي والعسكري.
النكسة وعار حزيران مظلة سوداء من القنوط والياس تخيم فوق العرب جميعا شعوبا وحكام,وجلس موشي دايان في مكتبه وقال:انتظر رنين الهاتف ليطلب عبد الناصر شروط اسرائيل لتوقيع الصلح.
اجتمعت قيادة فتح في 26/6 1967م وتدارست الواقع الجديد واخذت قرارها بانتقال قيادة فتح وكوادرها الى الارض المحتلة وكان امامها مهمتين : -تجميع الاسلحة السليمة التي تركتها الجيوش العربية وتخزينها لتكون في متناول قوات العاصفة المكلفة بالدوريات. -البدء في تنظيم الجماهير والتماس المباشر معها وانشاء الخلايا والقواعد العسكرية ومعسكرات التدريب . وبالفعل رن جرس الهاتف في مكتب ديان في منتصف اب 1967م ليبلغوه ان فتح اعلنت انطلاقتها الثانية وانها ستواصل الكفاح . وقال الزعيم الخالد عبد الناصر لقيادتنا الخالدة :يجب ان تستمروا اشعلوها ولو بعود كبريت. وبدا مسلسل الضربات الفدائية الجريئة وغطت ساحة فلسطين كلها وعلى مدار الاربعة اشهر المتبقية من عام النكسة 67م.
استطاعت الثورة وفتح وقواتها العاصفة تنفيذ 79 عملية عسكرية ادت الى مقتل وجرح 218 صهيوني بينهم تسعة ضباط وهوجمت 13 مستعمرة ونسف قطاران ودمرت 44 سيارة ونسف مخزن الذخيرة الرئيسي في عكا وقصفت ضواحي القدس بالصواريخ وضواحي تل ابيب بالهاون واسقطت طائرتان هليكوبتر و دمرت العديد من منشات المياه والكهرباء وقدمت العاصفة في هذه الاشهر الصعبة 46 شهيدا بطلا و جريح واسير اكثر من نصفهم كان من القيادات المسؤولة واستعملت فتح اسلوب حرب العصابات وكانت قرية الكرامة والكريمة القواعد الارتكازية لما شكلته من التحام بالجماهير الفلسطينية حيث انتشرت المخيمات على محاذاة نهر الاردن على اثر التغريبة الثانية وتشكلت المعسكرات الفلسطينية التي كانت تعج بالمقاتلين وتعبر نهر الاردن الى فلسطين وكانت عمليات القصف اليومي لمدفعية العدو للتجمعات المدنية الفلسطينية في منتصف شباط 68م على اثر تصريح ديان: اني لاستطيع ان اقف موقف المتفرج ازاء جيش من المخربين يجري تشكيله على مرمى من اسلحتنا.
وعملت الحكومة الاردنية الى نقل المخيمات الفلسطينية الى مخيمات جديدة في البقعة وزيزيا وسوف وشنيلر ولم يبق من السكان الا القليل وكان الهدف من هذه التنقيلات التي اجريت بالقوة هو فك التلاحم مابين الثورة والجماهير وان كانت اليافطة التي رفعت وقتها هي حماية المدنيين من عمليات القصف الاسرائيلي .
وجاء الخطاب الاردني ان الحكومة ستضرب بيد من حديد كل نشاط ممكن ان تستخدمه اسرائيل ذريعة للضغط على الاردن وتحركت الدبابات الاردنية لتطويق الكرامة فهبت الجماهير باجسادها ومنعت عبور الدبابات.
وبعد عملية الترحيل للمخيمات وقبل معركة الكرامة بثلاثة اسابيع حاولت الدبابات الاردنية من جديد والبادية اقتحام الكرامة الا انها وجدت نفسها بين غابة من السلاح والمقاتلين وقاذفات الاربيجي مما اضطرها الى الانسحاب والتراجع ولعب الموقف الوطني للضباط الاردنيين والفلسطينيين وفي مقدمتهم قائد الفرقة الاخ مشهور حريثي (رحمه الله)الذي كان له دور هام في اجهاض مخطط الصراع بين الجيش والمقاومة وتشكيل لجنة التنسيق . على اثر ذلك قرر العدو تنفيذ المهمة بنفسه وبدات الحشود العسكرية وكانت العاصفة ترصد وتتابع وتتوقع الهجوم وبين الصمود او التراجع كان قرار فتح في 20/3/1968 م الصمود -الصمود الواعي ووضعت فتح الاهداف التالية من الصمود : -رفع معنويات الجماهير العربية بعد حزيران .
-تحطيم معنويات العدو وانزال اكبر الخسائر في قواته. -تحقيق الالتحام الثوري مع الجماهير. -زيادة التقارب والثقة بين العاصفة وافراد الجيش الاردني. -فضح القوى المضادة للمقاومة في الضفة الشرقية وفضح مخططاتها في تصفية الثورة . -تنمية القوى الثورية داخل صفوف شعبنا. -اختبار ثقة المقاتلين بانفسهم في معارك المواجهة مع العدو .
ووضعت القيادة العامة لقوات العاصفة خططها الشاملة والمتحركة على اساس البدائل المتوقعة في لحظة الهجوم :هل سنكون لوحدنا أو سيكون هنالك مساندة من مدفعية الوطنيين بالجيش الاردني ؟
وهذا ماكان قد دأب الزعيم الخالد أبو عمار من أجل تحقيقه من خلال اتصالاته مع الوطنيين في الجيش الاردني وكان قد تلقى وعود بذلك
وتحرك جيش العدو وصرح ديان: من هم هؤلاءالفدائيين انهم كالبيضة في يدي اكسرها متى اشاء .
وظن نفسه انه ذاهب في نزه وبرفقته الصحفيين وكانت كل خطط العدو مغايرة للواقع الذي وجدوه على الارض كما صرح اشكول فوجدو سلسلة من الكمائن المتلاحقة اضطرتهم الى تقييد قادة دباباتهم بالسلاسل من اجل ألا يهربوا وألا يفروا وكما صرح اشكول ايضا لقد وقعنا في عش الدبابير وغابة من البنادق وكانت مواقع الشهداء ربحي والفوسفوري وابو شريف وابو امية قد نفذت خطتها في الصمود والتصدي:" كانوا فتية امنوا بربهم فزادهم هدى وقدرة على القتال ". واستطاعت هذه الدماء الزكية الطاهرة ان تصهر قيود قرارات النظام بمنع المشاركة للجنود بعد مرور ثلاث ساعات على المعركة في الارض المكشوفة لخمسمائة مقاتل وسبعة عشر الف جندي تساندهم الطائرات والدبابات.
وبدات المدفعية الاردنية الثقيلة تشارك في المعركة واصطدمت بعض الدبابات الاردنية بدبابات العدو في منطقة الشون الجنوبية واستطاعت المدفعية الاردنية تحقيق اكبر عدد من الاصابات عند انسحاب العدو عند المعابر واثبت المقاتل الفلسطيني جدارته وكفاءته والجنود والضباط الاردنييين قاتلوا بكفاءة وجدارة.
وكانت الكرامة المحطة الاولى على طريق العزة .
انا قد كسرت القيد: قيد مذلتي وغلابة يافتح وكان شموخ الثورة وجيل الكرامة ومدارس الصمود داخل وخارج الارض المحتلة نمر امام ذكرى يجب ان نتوقف عندها وليست هذه الذكرى بحاجة لقلم كاتب لانها مكتوبة اصلا في كتاب سفر الثورة الخالد المكتوب باحرف من نور ونار وقوافل الشهداء الذي خطوه بالدم على طريق العزة على طريق الكرامة . انما نذكر بهذه الذكرى لنترحم على الشهداء. نذكر بهذه الذكرى لاستخلاص العبر منها.
هذه الذكرى التي صقلت وتصقل المناضلين المؤمنين في كتاب سفر الثورة الخالد على طريق التكوين للتحرير والحرية والاستقلال . ونلمع ذاكرة البعض بان طريق الحرية والاستقلال هي الكرامة بالاساس .
واليوم ونحن نخوض معركة الكرامة على ارض فلسطين معركة الكرامة الشاملة التي ابتداها وقضى على دربها رمز فلسطين الخالد الحاضر فينا حضور القدس بعزتها وكرامتها متمسكا بالثوابت ثوابت كرامة الانسان الفلسطيني قبل كل شيئ :القدس واللاجئين الدولة والحرية والاستقلال . المجد كل المجد للشهداء الابطال
لا بد أن أتذكر معركة الكرامة ... ودور الشهيد أبو صبري اللامع فيها . والمسؤوليات التي تحملها قبل المعركة وأثناء المعركة والتي كانت السبب في تمكننا من الثبات أمام القوة العسكرية الضخمة التي كانت تتجمع جهاراً غرب النهر للانقضاض على قواعدنا الارتكازية في منطقة الكرامة والكريمة ، وهنا لا بد أن نقول أن أروع دور للأخ أبو صبري كان أحد مهماته الأساسية، وهي الاتصال بالقيادات العسكرية في الجيش الأردني التي كانت تتمركز شرق النهر وفي مرتفعات منطقة السلط . وهنا أتذكر انه قبل المعركة بــ 48 ساعة جاءنا طلب من رئيس أركان الجيش الأردني عامر خماش ومن قائد الجيش العراقي في الأردن حسن النقيب للالتقاء بهما في عمان .
وهنا لابد للعودة والحديث عن الظروف التي سبقت المعركة لقد أدت هزيمة 1967 ، إلي حالة من اليأس وفقدان الثقة والإحباط والانكسار في الأوساط السياسية والعسكرية العربية ، لكنها كانت باعثاً للحركة الفلسطينية المقاتلة ، لإثبات نظريتها ودورها وقدرتها فرفضت روح الهزيمة ، وانطلقت بمجموعات فدائية من داخل الأرض المحتلة في الضفة والقطاع ، وأخري تعبر نهر الأردن الي غربه ، لتخوض معارك ضد مواقع وأهداف الجيش الإسرائيلي ، فقامت بنسف الجسور والعبارات ، وقطع خطوط المواصلات ، واشتبكت في معارك ضارية مع قوات الجيش الإسرائيلي .
وايضا في بداية عام 1968 ، واجهت حركة فتح اثر عمليات مجموعاتها في الداخل ، حملة اعتقالات عنيفة ، قامت بها القوات الإسرائيلية في الضفة والقطاع ، للانقضاض على خلاياها التنظيمية العسكرية ، وحتى منتصف مارس (أدار ) 1968 ، فقدت حركة فتح ، مائتين ونيف من أعضاء خلاياها ، وتمزقت أوصال ما تبقي من شبكاتها السرية ، بينما تحركت مجموعاتها القتالية منطلقة من نهر الأردن ، لتخوض معارك استشهادية مع قطاعات ودوريات الجيش الإسرائيلي ، وشهد منتصف شهر مارس ( آذار ) اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية والجيش الأردني ، أدت إلي سقوط عشرين جنديا أردنيا ومدنيا وجرح ثمانية وخمسين آخرين ، وردت قوات العاصفة – فتح بشن اثنين واربعين هجوماً على أهداف إسرائيلية .
لهذا التحرك العسكري الذي اثر على الحكومة الإسرائيلية ، قررت أمام ازدياد وتصاعد هجمات مجموعات الفدائيين ، قررت القيام بعملية عسكرية واسعة تهدف إلي تدمير البنية الأساسية للقواعد العسكرية لحركة فتح ، وقوات التحرير الشعبية والمنظمات المسلحة الأخرى ، والقضاء على نواة الثورة الفلسطينية المسلحة ، إضافة إلى تحقيق اجتياح واسع للأراضي الأردنية يصل إلي السلط بهدف إخضاع القيادة السياسية في الأردن لشروط الاستسلام وهذا يشير إلى حجم العملية العسكرية الإسرائيلية وأبعادها الإستراتيجية . فقد حشدت إسرائيل قوة مهاجمة مكونة من لوائي مدرعات ومشاة ، وثلاث كتائب مظليين ، ودبابات ،وسلاح الهندسة ، وقد شمل ذلك اللواء المدرع السابع الذي استدعي من بئر السبع للقيام بالهجوم الرئيسي ، باعتبار انه أقدر ألوية الدروع الإسرائيلية وأقدمها خبرة . كما حشدت هيئة الأركان أسراب من الطائرات المروحية والقاذفات .
ولكن حركة فتح كانت تراقب التحرك وتمكنت حركة فتح من حشد مائتي وعشرين عنصراً في الكرامة ومحيطها، بينما حشدت قوات التحرير الشعبية ، التي قررت البقاء في الكرامة نحو ثمانين رجلاً كان ضمنهم بضع عشرات من جنود الكتيبة 421 . كان نوعية تسليح مقاتلي فتح ، أسلحة رشاشة ، وألغام مضادة للدروع ، وسبع قواذف صواريخ مضادة للدبابات ( B2 ) ومدفع هاون عيار 82 ملم ، ورشاش ثقيل عيار 12.7ملم ( دوشكه ) وضع على تله تشرف على الكرامة ، بينما انتشرت فرقة المشاة الأولي للجيش العربي الأردني وكتائب الدبابات والمدفعية والهندسة التابعة لها بقيادة اللواء مشهور حديثة ومساعدة سعد صايل قائد كتيبة الهندسة . والتي تموضعت على التلال المطلة على نهر الأردن .
وقبل بدء المعركة بثماني وأربعين ساعة ، طلب رئيس الأركان الأردني عامر خماش وقائد الجيش العراقي في الأردن حسن النقيب ، الالتقاء مع القيادة الفلسطينية ، وانتدب ياسر عرفات ( أبو عمار ) وصلاح خلف ( أبو اياد ) للقائهما . واجتمعنا بالأخوين عامر خماش وحسن نقيب، قالا لنا أن المعركة قادمة . لقد أحضرنا لكم الموافقة بالخروج من الكرامة إلى جبال السلط ( نقهر سوا ) وتم إبلاغنا بالاستعدادات الإسرائيلية للهجوم على طول الجبهة ، ونوايا القوات الإسرائيلية اقتحام الكرامة " لسحق " المقاومة الفلسطينية وطلبا منهما ، من موقع التخوف من " سحقهم " والاستعداد الخروج من الكرامة لتامين وتغطية خروجهم إلي جبال السلط . لكن أبا عمار وصحبه ابلغا رئيس الأركان الأردني ، قرار قيادة فتح الذي يقول :الثبات والقتال وعدم
الخروج من الكرامة ، بل وكان رد القائد أبو عمار " إننا نريد أن نقنع العالم أن هناك في الأمة العربية من لا ينسحب ويهرب ، ولنمت تحت جنازير الدبابات ونغير اتجاه التاريخ في المنطقة ، لقد قررنا أن نثبت ولو أدي ذلك إلي استشهادنا " ، قلت لهم باسمي وباسم أخواني أشكركم على هذه اللفتة ، ولكن الأمة العربية تهرب من مواجهة الإسرائيليين منذ عام 1948 فإلى متى !!!! نحن قررنا أن نكون القوة التي تثبت ولو أدى ذلك لاستشهادها ولتكون عنوان الصحوة لامتنا العربية . حقيقة أبدى الأخوين عامر وحسن قلقاً كبيراً من قرارنا وقالا انه قرار جنون ولن تتحملوا الهرسة العسكرية ...قالا : هذا سيهرسكم قلنا لهما : ولكن سيقال أن هنالك قوة عسكرية عربية استطاعت بعد هزيمة 1967 أن تثبت وتقاتل .
كان اتصال الأخ أبو صبري مع الأخ الشهيد سعد صايل يحمل بصيص أمل في إمكانية الدعم إذا عبرت القوات الإسرائيلية نهر الأردن شرقاً . ولكننا لم نكن على يقين انهم سيقاتلون معنا . وكان علينا أن نتحمل قرار القتال بأنفسنا وقد أدركنا منذ البداية أن صمودنا على ارض المعركة هو الذي سيغير مجرى التاريخ ، وقد حصل فعلاً أن شاركت المدفعية الأردنية بالقصف ضد الآليات والتجمعات الإسرائيلية بعد ست ساعات من الصمود البطولي ، لقد قاتلنا بالاربيجيهات وبالسلاح الأبيض وبالأحزمة الناسفة .... واتذكر قولي للأخوين عامر وحسن أننا سنسجل أمام العالم أن هنالك قوة عربية تصمد رحم الله أبو صبري ..فقد كان رجل المهمات الصعبة وخاصة مهمة الاتصالات والعلاقات مع ضباط الجيش الأردني ... وقد أتقن مهمته اتقانا رائعاً أدت إلى النتائج الباهرة في معركة الكرامة الخالدة . تلك المعركة التي ساهمت في وضع حركتنا على قمة القيادة والمسؤولية الفلسطينية وهي التي كانت المفتاح الذي شق طريقنا إلى ارض الوطن .
كان أبو صبري ( ممدوح صيدم ) عضو القيادة العسكرية للعاصفة وقائد الساحة الأردنية ، علي اتصال وتنسيق مع اللواء مشهور حديثة وسعد صايل ، يقول أبو عمار " كان لدينا بصيص أمل في إمكانية دعم الجيش لنا ، لم نكن على يقين أنهم سيقاتلون معنا . وأدركنا منذ البداية أن صمودنا على ارض المعركة هو الذي سيغير مجري التاريخ .،، اتخذت قيادة فتح قرارها بالبقاء مع مقاتليها في الكرامة ، في بؤرة الخطر، كان مقاتلوها من خيرة الشباب الجامعي المتفاني ، الملتزم بقضية وطنه و قيادته التي وقفت أمامه وليست خلفه . وحيث جري في الكرامة اجتماعًا عسكريا للقيادة المركزية لحركة فتح ، وقيادة قوات التحرير الشعبية ، و الجبهة الشعبية ، واتخذ القائد العسكري للجبهة الشعبية احمد زعرور والقائد الميداني احمد جبريل القرار بالانسحاب شرقاً إلي التلال خارج مدينة الكرامة ، تطبيقاً لمبدأ أن الحفاظ على الذات هو أعقل خيار في وجه عدو يتمتع بالتفوق الساحق . بينما اتخذت فتح قرار الثبات في الكرامة مهما بلغت التضحيات ، ويصف ياسر عرفات هذا الشهد بقوله " وحين تجمعت إشارات هجوم إسرائيلي على قواعدنا في الكرامة ، أخدنا قراراً تاريخياً ، لا علاقة له بالنظريات العسكرية التقليدية المعقدة في حروب العصابات ، وخاصة في مراحلها الأولي ، حين أبصرنا بعين المستقبل النافذة أن الصمود ، وتقديم أرواح الشباب المتحمس لتحرير وطنه ، والقادم من كل جامعات العالم ، سيفتح عصراً ذهبيا جديداً للثورة الفلسطينية " رحم الله أبا صبري ... واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء .. بدأ الجيش الإسرائيلي قصفه المركز على مواقع وتجمعات وقواعد الفدائيين المنتشرة على طول الحدود الفلسطينية الاردنية ثم قام بهجومه الكبير على مناطق العبور أي الجسور الثلاثة الرئيسة في وقت واحد حيث كان يسلك الطريق التي تمر فوق هذه الجسور إلى الضفة الشرقية حيث تواجد قواعد الفدائيين.... وهي طريق جسر داميا ( الأمير محمد) وتؤدي إلى المثلث المصري، ثم يتفرع منها مثلث العارضة- السلط-عمان وطريق أريحا ثم جسر الملك حسين –الشونة الجنوبية وادي شعيب – السلط – عمان ثم جسر الأمير عبد الله ( سويمه، ناعور) عمان. كان ذلك في فجر يوم 21 آذار 1968. في الساعة 5:25 حاول العدو اجتياز هذه الجسور الثلاثة ودليل ذلك أن القوات الإسرائيلية التي دخلت شرقي النهر كانت بحجم كلبر وكثير حيث اننا في الثورة الفلسطينية في تلك الحظة لم نكن نعرف التقديرالعسكري الصحيح للقوات المهاجمة ولكن هي القوات التي عبرت في الساعات الاولى من الهجوم وبعدها... على رأي المثل اختلط الحابل بالنابل لم تتمكن القوات المهاجمة من زج أية قوات جديدة شرقي النهر بالرغم من محاولتهم المستميتة حيث انهم لاقوا مواجهات اسف جدا لا استطيع لها وصف حيث ان أي انسان كان يقاتل من قلب وايمان وحب بالشهادة هؤلاء هم فدائيو الشعب الفلسطيني ... اما الذي لم يكن في ارض المعركة يصف كما يشاء وكما يحلو له كما نقراء على الانتر نت الان فهم كثر حدث ولا حرج ... ان الذي كتب وهو لم يكن مشارك انه يكتب بحماس ... برأي هذا لا يخدم صفة المقاتل و لكن يخدم الطرف الاخر اما القتال فقد دارى على الثلاث محاور التي ذكرتها في البداية . لقد حاول الإسرائيليون تشتيت جهد قوات الثورة الفلسطينية ما أمكن ، وإرهاب سكان المنطقة وتدمير منشآتهم، مما حدا بهم إلى الهجوم على مفترق غور الصافي برتل من دباباته ومشاته الآلية، ممهداً بذلك بحملة إعلامية نفسية مستخدماً المناشير التي كان يلقيها على السكان يدعوهم فيها إلى الاستسلام وعدم المقاومة، كما قام بعمليات قصف جوي مكثف على قواعد الفدائيين في المنطقة ، إلا أن كل ذلك قوبل بدفاع عنيف من قبل مجموعات الفدائيين المنتشرة في كل شارع وتحت الاشجار ، وبالتالي أجبرت القوات المهاجمة على التقهقر وعدم تمكينهم من تنفيذ خطتهم التي رسموها .
اما انزالهم في الكرامة كان القصد منها هو تدمير قوات الثورة الفلسطينية فتم انزال قوات اسرائيلية محمولة بطائرات هليكبتر تم الانزال شرق بلدة الكرامة لتقوم بعملية سريعة ,حيث كان تواجد القيادةالفلسطينية برئاسة الناطق الرسمي لها الاخ ابو عمار ، وبالفعل قام الإسرائيليون بتدمير بلدة الكرامة و اشتبكوا مع قوات الثورة الفلسطينية الذين بقوا في البلدة والذين يسجل لهم دورهم بأنهم قاوموا القوات الغازية واستشهدوا جميعا في بلدة الكرامة.
في حينه لم يكن قد مر عام واحد على حدوث النكسة ، الأمر الذي جعل من تلك المعركة ـ الملحمة وما ترتب عليهاَ من نتائج إيجابية لصالح الجانب العربي “حالة جديدة وفريدة من نوعها في تاريخ الصراع العربي ـ الصهيوني” . فلأولِ مرة منذ انطلاقتها في الأول من كانون الثاني 1965 ، أُجبرت الثورة الفلسطينية مدعومةً من قِبَل الجيش الأردني على مواجهة جيش الاحتلال في معركة حقيقية استعمل فيها هذا الجيش البربري جميع أنواع أسلحته الفتاكة أميركية الصنع وعالية التقنية. نعم شكلت “معركة الكرامة” حالةً فريدةً من نوعها ، باعتبار أنها مكنت الثورة الفلسطينية مدعومةً بالجيش الأردني الشقيق من إسقاط مقولة “الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر” التي اعتاد الكيان الصهيوني والغرب على ترويجها منذ بداية الصراع العربي ـ الصهيوني الذي تفجر مع الولادة القيصرية للكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي ، وذلك عندما تمكنت الثورة والجيش الاردني الشقيق من رد جيش الاحتلال على أعقابه والانتصار عليه في معركةٍ افتقرت إلى أي نوع من التكافؤ العسكري.
مثلَ العدوان الصهيوني الذي قاد إلى “معركة الكرامة” في ذلك الوقت أول توغلٍ لجيش الاحتلال عِبَرَ نهر الأردن ، بلغ في حينه مسافة عشرة كيلومترات على جبهةٍ امتدت من الشمال إلى الجنوب نحو خمسين كيلومتراً ، وذلك من جسر الأمير محمد “دامية” شمال الأردن حتى جنوب البحر الميت ، بهدف القضاء على الفدائيين الفلسطينيين في مخيم الكرامة على بُعد خمسة كيلومتراتٍ من جسر الملك حسين “اللنبي” وفي مناطق أخرى إلى الجنوب من البحر الميت. كما ومَثَلَ أول عمليةٍ لجيش الاحتلال على نطاقٍ واسعٍ في ظل رئاسة حاييم بارليف لأركان كيان العدو. وقتها حشد الكيان الصهيوني قواتٍ كبيرة مدعمة بجميع أنواع العتاد الحربي بما في ذلك الطائرات العامودية والمروحيات أملاً في أن “يُلقن” الثورة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني ـ فتح “درساً رادعاً” ، على حَدِ ما ورد آنذاك على ألسنة قادته السياسيين والعسكريين ، من خلال “تحقيق نصر سريع ومفاجئ” يستغله في رفع معنويات الصهاينة التي كانت قد بدأت تنهار تحت ضربات عمليات المقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي كان قد مضى على بدئها أكثر من ثلاث سنوات بقليل.
لكن وعي الثورة الفلسطينية ومن ورائها الجيش الأردني فوت على كيان العدو الفرصة التي كان يعول عليها ، لأن تحركات وحشود جيشه كانت في دائرة الرصد والمتابعة ، وهو ما سهل مهمة التعامل مع العدوان وفقاً لمتطلبات الحرب الشعبية حسب ما جاء في التقييمات العسكرية الصهيونية والدولية التي صدرت حول “معركة الكرامة” في ما بعد . فالعدوان الصهيوني الذي لم يكن في حالٍ من الأحوال مفاجئاً للثورة الفلسطينية والجيش الأردني مُني برغم ضخامته عدةً وعدداً بخيبة أمل عريضة بعد اصطدامه بمقاومة عنيفة من قِبَل الثوار الفلسطينيين والجنود الأردنيين لم تكن متوقعة من قِبَل جيش الاحتلال وقادته . فنتائج ذلك العدوان لم تأتِ أُكُلَها بالنسبة للكيان الصهيوني لأنه لم يسرِ كما اشتهت “سُفن جيشه المعتدي ، وذلك حسب اعترافات العديد من القادة العسكريين في تل أبيب في حينه ، وفي مقدمهم رئيس الأركان حاييم بارليف.
أراد العدو الصهيوني القضاء على المقاتلين الفلسطينيين والثورة المتواجدة على الساحة الأردنية، ومن أجل رفع الروح المعنوية لدى الجيش الصهيوني التي بدأت تنهار تحت ضربات عمليات المقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، كما وأنة كان يريد إرغام النظام الأردني على اتخاذ سياسة حازمة ضد نشاط المنظمات الفلسطينية، من خلال تحقيق نصر سريع في حرب خاطفة ومفاجئة يحقق بها أهدافه.
فأعد جيشاً من 15 ألف جندي مكون من أربع ألوية وخمس كتائب مدفعية ووحدات هندسة بالإضافة إلى الطائرات الحربية ، وسميت الملحمة التاريخية في ( الصراع العربي – الصهيوني ) بمعركة" الكرامة" لعدة إعتبارات أولها القرية التي وقعت بها المعركة وأخرها إعادة الكرامة للأمة العربية بعد هزيمة حرب حزيران 67 التي أصابت الأمة العربية بخيبة أمل وانكسار وفقدان الكرامة ، فلم يكن لأي جيش عربي استعداد للحرب بعد النكسة .
لأول مرة دخل جيش العدو الصهيوني على نطاق واسع على الضفة الشرقية لنهر الأردن في منطقة امتدت من جسر الأمير محمد "دامية" شمالاً حتى جنوب البحر الميت بعمق 10كيلوا متر بقيادة الجنرال حاييم بارليف رئيس الأركان ( صاحب خط بارليف على الجبهة المصرية ) في الساعة الخامسة وخمسة وعشرون دقبقة من صباح يوم 21/3/1968 من أربع محاور وهي ( العارضة، وادي شعيب، سويمة ، الصافي) أما الثورة الفلسطينية ومن خلفها الجيش الأردني قامت برسم خطة الحرب على أساس الحرب الشعبية التي تنتهجها وقسمت القوات إلى ثلاث أقسام وهي ( قسم في الكرامة نفسها ، قسم على شكل كمائن في الطريق المتوقع أن يسلكه العدو، وقسم في المرتفعات المشرفة على الكرامة ليكون دعما واحتياطا) وكانت الثورة بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني – فتح رائدة العمل النضالي مدعومة بقوات من الجيش الأردني خاضت الحرب ولم تكن مفاجئة لها لأن تحركات العدو كانت تحت رصد الثوار ومتابعتهم ، واستطاعت الثورة الفلسطينية إلى استدراج العدو الصهيوني للداخل لتبدأ حرب العصابات والكمائن حتى وصلت لمواجهته من قرب واستخدمت السلاح الأبيض معه ، ولم يستطيع العدو الصمود وبعد ساعات من بداية المعركة طلب وقف إطلاق النار ولكن نشوة الانتصار والصمود والتصدي لدى المقاتلين جعلهم يرفضوا ذلك إلا من خلال إنسحاب العدو دون قيد أو شرط ، و في المساء استجاب العدو وانسحب وهو يجر أذيال الخيبة تاركاً خلفه القتلى والجرحى ومعداته الحربية ، ولم تتركه الكمائن أثناء الحرب وأيضا في انسحابه وأوقعت القتلى والجرحى في صفوفه ومعداته .
فشل العدو تماماً في هذه المعركة دون أن يحقق أياً من أهدافه على جميع المحاور ، وخرج من هذه المعركة خاسراً مادياً ومعنوياً خسارة لم يكن يتوقعها أبداً. لقد صدرت الأوامر الإسرائيلية بالانسحاب حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر بعد أن وافقت القيادتين الاردنية والاسرائيلية على وقف ، إطلاق النار رغم كل الضغوطات الدوليةالتي تم ممارساتها ضدنا أي قوات الثورة الفلسطينية وضد قوات الجيش الاردني الابطال .
لقد استغرقت عملية الانسحاب تسع ساعات نظراً للصعوبة التي عاناها الإسرائيليون في التراجع وبفضل القصف المركز من جانب القوات الأردنية وقتال الشوار التي استعمل ضد القوات الغازية والاحزمة الناسفة.
أن معركة الكرامة لم تكن معركة سهلة ، بل كانت معركة امتدت جبهتها من جسر الأمير محمد شمالاً إلى جسر الأمير عبد الله جنوباً .. هذا في الأغوار الوسطى ، وايضا كان تحرك عسكري في المناطق الجنوبة مناوشات عسكرية
لقد لعب مقاتلوا الثورة الفلسطينية وعلى رأسهم شهداء وابطال فتخ وسلاح الدروع والمدفعية الأردني دوراً مهما في معركة الكرامة وعلى طول الجبهة ما منع الجيش الإسرائيلي من دفع أية قوات جديدة لإسناد هجومه الذي بدأه ، وذلك نظراً لعدم قدرته على السيطرة خلال ساعات المعركة ، وقد أدى ذلك إلى فقدان القوات الإسرائيلية المهاجمة لعنصر المفاجأة ، وبالتالي المبادرة ، وساهم بشكل كبير في تخفيف زخم الهجوم وعزل القوات المهاجمة شرقي النهرحتى طلب وقف إطلاق النار.
معركة الكرامة وقعت في / 5/و/ 25 / دقيقة/21 آذار 1968 حين حاولت قوات الجيش الإسرائيلي احتلال الضفة الشرقية من نهر الأردن لأسباب تعتبرها إسرائيل استراتيجية. اعلنت القيلدة الاسرائيلية قواتها بالعبور .
وقد عبرت النهر فعلا من عدة محاور مع عمليات مكثفة وتحت غطاء جوي كثيف. فتصدت لها قوات حركة فتح الحاليه التي كان اسمها حتف وقوات بعض الفصائل وبمساعدة من القوات الاردنيه لاحقا على طول جبهة القتال بقوة في قرية الكرامة ولكريمه حيث التحموا بالسلاح الأبيض مع الجيش الإسرائيلي في قتال شرس. استمرت المعركة أكثر من 16 ساعة، مما اضطر الإسرائيليون على الانسحاب الكامل من أرض المعركة تاركين وراءهم ولأول مرة خسائرهم وقتلاهم دون أن يتمكنوا من سحبها معهم. وتمكنت حركة فتح في هذه المعركة من تحقيق النصر والحيلولة من تحقيق إسرائيل لأهدافها.طلبت القوات الإسرائيلية وقف إطلاق النار في الساعة الثالثة من يوم المعركة و مع الضغوط الأمريكية وافق الاردن على وقف إطلاق النار وأصدر أمره إلى قائد القوات الأردنية في الميدان، ولكن القائد الأردني لم يستجب ورفض الانصياع للأوامر وواصل القتال حتى انسحاب آخر جندي إسرائيلي من أرض المعركة هذه حقيقة وهكذا حصل فعلا لكن المزورين للحقيقة لايعرفون المثل القائل انك تستطيع ان تظلل الناس بعض الوقت ولكن لاتستطيع ان تظلل الناس كل الوقت نسمع الى شهادة الفريق مشهور حديثة الجازي الذي تحدث دون اكراه : أقول بكل فخر، أنني استطعت تجاوز الخلاف الذي كان ناشئا آنذاك بين الفدائيين والسلطة الأردنية، فقاتل الطرفان جنبا إلى جنب، وكقوة موحدة تحت شعار: كل البنادق ضد إسرائيل، فكانت النتيجة والحمد لله مشرفة. وفي هذه المناسبة الخالدة والتي تم التلاعب بكتابتها اورد ما فاله الفريف المرحوم الجازي مشهور الفريق مشهور اشهر من نار على علم قائد معركة الكرامة في حديث خاص لصحيفة المحرر الباريسية بتاريخ 3 نيسان 1995 :-
المحرر : قبل الدخول في سرد ذكرياتكم عن معركة الكرامة، ما هي برأيكم الأسباب التي أدت إلى نشوبها في ذلك الحين
مشهور حديثة : دعني أشير في البداية إلى أن معركة الكرامة جاءت بعد مرور أقل من عشرة أشهرعلى هزيمة حزيران 1967 حيث كانت المنطقة كلها تعيش هاجس الحديث عن فلول الانسحابات غير المنظمة للجيوش العربية من جبهات القتال مع إسرائيل، وكانت روح الهزيمة وفقدان الثقة تسيطر على الجنود والضباط والمواطنين على حد سواء. في ذلك الوقت أسندت إلي مهمة إعادة تنظيم القوات الأردنية المتراجعة من الضفة الغربية، وقد عملت خلال عشرة أشهر بجهد متواصل من أجل أن يستعيد الجندي ثقته بنفسه وبوطنه، وهو ما كان له أكبر الاثر في الصمود أثناء المعركة، اما فيما يتعلق بأسباب الهجوم الإسرائيلي فهي كما أعتقد ثلاثة .. أولا : معاقبة الأردن على احتضانه للعمل الفدائي الفلسطيني وقيامه بإسناد الفدائيين الفلسطينيين في اشتباكه مع الجيش الإسرائيلي على طول الجبهة الأردنية ثانيا : إنهاء العمل الفدائي الفلسطيني واعتقاد موشى دايان بأن هذه مهمة سهلة لن تحتاج إلا لساعات معدودة. ثالثا : إحتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمني لإسرائيل تماما كما حدث بعد ذلك في جنوب لبنان.
المحرر : وكيف دارت مجريات المعركة
مشهور حديثة : أول بلاغ لي عن هجوم الجيش الإسرائيلي كان في الخامسة صباحا حيث اتصل بي الضابط المناوب، ليقول أن أول دبابة إسرائيلية تقطع الجسر الآن، فقمت من فوري واستبقت شروق الشمس بأن أديت فريضة الصلاة، ثم أصدرت اوامري بحشد القوات والتنسيق الكامل مع الفدائيين الفلسطينيين، وكذلك مع المواطنين سكان المنطقة، الذين كنا قد زودناهم بأسلحة مضادة للدروع، فالتحم الجندي مع الفدائي مع المزارع، وسالت الدماء الأردنية والفلسطينية في وادي الأردن الاخضر دفاعا عن تراب الوطن، وكان قراري بأن يكون الضباط في المقدمة، وان لا خيار لنا بالتراجع إلى الخلف مهما كان السبب، حتى لو وصلت المعركة إلى الالتحام يدا بيد. من جهتهم كان الإسرائيليون يعتقدون بعدم وجود أي التزام بالقتال لدينا بعد هزيمة حزيران 1967 وقد بلغت الغطرسة بوزير الحرب الإسرائيلي آنذاك موشى دايان حد جمع الصحفيين في أريحا ودعوتهم مسبقا ليشربوا الشاي معه في مساء ذلك اليوم على مرتفعات السلط، ولكن سرعان ما فوجئ بخطأ حساباته، وعاد ليبلغ الصحفيين في المساء بأن الدعوة تأجلت حتى إشعار آخر.
لقد صمدت القوات الأردنية والفلسطينية صمودا رائعا في وجه الغارات الإسرائيلية التي لم يسبق أن واجهنا مثيلا لها من قبل، إضافة إلى كثافة نيران المدفعية وكثافة الدروع المهاجمة، ورغم أننا كنا نفتقر إلى أي غطاء جوي، إلا أن صمود الجندي والقائد معا جعل الإسرائيليين يتراجعون لأول مرة، ويطلبون وقف إطلاق النار بعد مرور 18 ساعة على بدء المعركة.
المحرر : هل استطاع الجيش الإسرائيلي الدخول فعلا إلى الكرامة
مشهور حديثة : نعم دخلوا الكرامة، واشتبك الجنود والفدائيين معهم بالسلاح الأبيض، ولكن المعركة لم تكن سهلة عليهم، ولم يستطيعوا تحقيق هدف استئصال الحركة الفدائية الفلسطينية وضرب القوات المسلحة.
وهنا أقول بكل قخر، أنني استطعت تجاوز الخلاف الذي كان ناشئا آنذاك بين الفدائيين والسلطة الاردنية، فقاتل الطرفان جنبا إلى جنب، وكقوة موحدة تحت شعار كل البنادق ضد إسرائيل، فكانت النتيجة والحمد لله مشرفة، وأذكر في ذلك اليوم أن وزير الدفاع السوفييتي عزوسيف كان في زيارة إلى دمشق فأرسل لنا برقية تهنئة على صمودنا المثالي ضد الهجمة الإسرائيلية.
المحرر : لنعد إلى تفاصيل المعركة، وتحديدا إلى التنسيق مع المقاومة الفلسطينية، من تذكر من الذين أجريت معهم التنسيق في ذلك الحين وكيف كان شكل هذا التنسيق على الارض
مشهور حديثة : اذكر أبو عمار وكذلك المرحوم أبو صبري، وقادة المواقع الفلسطينية في محور الكرامة ومحور الشونة بشكل خاص. كان هناك تنسيق على كل الجبهات، وقد أصدرت تعليماتي بأن يتم التنسيق بين الجيش وبين قوات العمل الفدائي في كل المواقع الاخرى، إيمانا مني بأن المعركة حاسمة ضد هذه الامة كلها.
المحرر : هل تعتقد أن نجاحكم في الصمود والمواجهةكان له أسباب سياسية إضافة إلى ما ذكرت من أسباب عسكرية
مشهور حديثة : السياسة لم يكن لها اي دور في هذه المعركة، والتي كانت بين قوة مهاجمة وقوة مدافعة، وكان قرارنا فيها الصمودوالانتصار بأي ثمن، فقاتل الجميع من ضباط وجنود وفدائيين جنبا إلى جنب، واستشهد عدد كبير من الضباط، وهذا مخالف لما يحدث عادة حيث تكون أغلبية الشهداء من الجنود، أما سببه فيعود إلى القرار بأن يكون الضباط في المقدمة مع الجنود، ويخطر لي هنا نادرة حدثت أثناء المعركة، وملخصها أن اللواء كاسب الجازي، وهو ابن عمي، اتصل بي فلاحظت أنه يتحدث بصوت منخفض، وسألته من أين تتكلم، فقال من الخندق الامامي القريب إلى المدرسة، وهو أول خندق على النهر، فقدم بذلك مثالا على صمود القادة، رغم أن الاموار كانت تعطيه الحق بالتراجع عن هذه المنطقة
المحرر : وكيف حدث وقف إطلاق النار
مشهور حديثة : لقد تلقيت اتصالا من القيادة يقول لي ان إسرائيل تطلب وقف اطلاق النار. وبأمانة أقول لك أيضا أنني واصلت رغم ذلك قصف تجمعات الجيش الإسرائيلي حتى خرجوا من المعركة.
المحرر : هل تعني أنك لم تلتزم بوقف إطلاق النار
مشهور حديثة : لا لم ألتزم
المحرر : وماذا بالنسبة للإسرائيليين
مشهور حديثة : لقد التزموا وتوقف الطيران عن قصف مواقعنا
المحرر : وهل كنتم تقصفون تجمعات الجيش الإسرائيلي على الاراضي الاردنية فحسب، ام داخل فلسطين
مشهور حديثة : كنا نقصف المحاروحيث ينقلون آلياتهم، وكذلك المراكز الرئيسية الداخلية حتى لا نعطيهم حرية الانسحاب بسلام، ونجعل من هذا الانسحاب تراجعا انهزاميا
المحرر : وما هي برأيك أهم نتائج المعركة في ذلك الحين
مشهور حديثة : أهم نتائجها أن حركة المقاومة نمت بعدما اضطراد، وكبر الأردن بين أشقائه فتلقى دعما اقتصاديا وهذا هو الأهم سقطت أسطورة الجيش الإسرائيلي، خاصة وان قواتهم التي حشدوها للمعركة كانت تزيد على قواتنا بنسبة 15/1 وكنا نفتقر إلى أي غطاء جوي، ولو توفر لي هذا الغطاء لاستطعت أسر الآلاف منهم، بل ولقررت العبور إلى الاراضي الفلسطينية. لقد حسب دايان حساب كل شيء غير أنه لم يحسب حساب الارادة
أدي الانتصار الكبير في الكرامة ، إلي ظهور حملات التشيكك الصادره من بعض الفئات التي هالها أن تري حجم المد الجماهيري التي حظيت به فتح و المقاومة الفلسطينية ، و انحصرت حملة التشكيك و التي استمر ترديدها حتى اليوم ، حيث تطرح في ذكري معركة الكرامة السنوية ، و في الفضائيات التي يدعي إليها شخصيات عربيه و فلسطينية ، أمنيه و عسكريه ، و تنحصر روايات التشكيك في
مسألتين :
حول دور الجيش الأردني من جانبٍ ، و مقاتلي فتح من جانبٍ آخر ، والادعاء بأن معركة الكرامة ، قاتل فيها الجيش الأردني بمفرده بينما انسحبت قوة الفدائيين التي لم يكن لها دور في المعركة وان فتح " سرقت " الانتصار من الجيش الأردني.
و أفضل رد على هذه المزاعم وحملات التشكيك ما جاء في شهادة الفريق مشهور حديثه ، قائد الأركان الأردني ، وقائد اللواء الذي شهد وشارك في معركة الكرامة والذي يقول في شهادته : " أبو عمار فضل التمركز في الكرامة ، في بؤرة الخطر ، خلافاً لما تم التنسيق عليه ، و كان ذلك حباً منه للتصادم مع اليهود ، والقتال وجهاً لوجه ، وهذا ما حدث حيث صمد في قلب الكرامة ، و كان مع أبي عمار كل المجموعة القيادية بما فيهم أبو إياد و أبو صبري ، أولئك الرجال كانوا في المقدمة ، في الأمام يقاتلون مع جنودهم مع عناصرهم ، وهذه للتاريخ ، ليذكر أنهم كانوا جنودا للتضحية والفداء " ويضيف الفريق مشهور حديثه : " و الحقيقة التي يجب أن تقال أن الفدائيين و حركة فتح الفدائية قامت بأعمال جريئة و متقدمه رغم ظروفهم الصعبة و هي أعمال تستحق التقدير ، و قد أدت إلي النتائج العظيمة التي أحرزتها معركة الكرامة ." و يضيف أن " الفدائيين اشتبكوا بالسلاح الأبيض ، وجها لوجه مع الجنود الإسرائيليين داخل بلدة الكرامة ، حملة اربي جي قاموا بواجب عظيم ، بكفاءة عالية و شكلوا مصيدة للدبابات الإسرائيلية ." ويضيف الفريق مشهور حديثه " لقد قام – الجيش والفدائيون – بدوران متكاملان معاً . و اهم ما تحقق هو وحدة الدم و الهدف بين الجندي الأردني و أخيه المقاتل الفلسطيني حيث قاتلا صفاً واحدا و بتنسيق على اعلى المستويات "
التشكيك حول قيادة فتح ، من منهم بقي في الكرامة و شهد المعركة ، و من منهم انسحب أو غادر البلدة و لم يشارك في المعركة ، و للحقيقة أن أبا عمار طلب في الاجتماع القيادي الذي سبق بدء الهجوم ، ألا تتمركز القيادة بكامل أعضائها في بلدة الكرامة و ان تنقسم الي فريقين احدهما تبقي داخل بلدة الكرامه و الأخرى تتواجد على مشارف الكرامة ، كي لا تستشهد القيادة بكاملها ، و إدراكا منه ان المعركة غير متكافئة و ان التضحيات ستكون بالغة ، و مع بدء المعركة تعرضت المنطقة بكاملها ، البلدة و محيطها و الأغوار و المشارف إلى القصف الجوي و المدفعي . لقد شارك في معركة الكرامة و تواجد في محيطها ، الزعيم أبو عمار و أبو جهاد و أبو صبري و أبو علي إياد من القيادة العسكرية ، اضافه إلي أبي إياد و أبي اللطف و أبي حلمي الصباريني و زكريا عبد الرحيم و كوادر أبطال من أمثال صلاح التعمري و أبو علي مسعود و صائب العاجز و
موسي عرفات و غيرهم ، و من الشهداء عبد المطلب الدنبك ( الفسوري ) و ربحي الاسطي ( أبي شريف ) و علي عياد ، و فتحي تمر ، و بشير داوود (أبي تمام ) و زهير جابر ، و سلامة محمود البورنو ، و سمير محمد الخطيب ، و أبو إبراهيم معليش ، و عوض العدلي ، و محمد إبراهيم ، و جميل إبراهيم البلعاوي ، و حامد المرة ، و محفوظ شميط ، و احمد محمد شاكر ، و محمد دعاس عبيد ، و مصطفي احمد مصطفي ، و خليل ذيب ، و جميل مصطفي ، و سعيد الأسعد . و عبد الله ابو السعود ، و الشهيد خالد و الشهيد أبو طير . و السعيد ابو اميه و الشهيد عدنان ، و شحده فضيل . و لكل شهيد منهم ملحمه بطوليه بحد ذاتها .
معركة الكرامة يوم 21 مارس 1968 كان الموعد مع ملحمة بطولية سطرها الفدائيون الفلسطينيون الى جانب اخوانهم في الجيش العربي الاردني في ابهى صورها فكان الموعد مع الكرامة التي رفرفت رايتها فوق حطام الدبابات و الطائرات الصهيونية المدمرة لتمرغ انف اسرائيل في تراب الارض .
معركة عنوانها الكرامة وقعت في منطقة الكرامة لتنتصر الكرامة العربية على الغطرسة الصهيونية التي باتت بدون كرامة بعد مرمغة انفها في وحل منطقة الكرامة العربية . جاء الصهاينة لاهدار الكرامة الفلسطينية و اقتلاع جذورها من الاردن فكان للكرامة الفلسطينية و العربية رأى اخر باهدار كرامة قادة العدو الصهيوني و جيشهم المهزوم بعد ان مُني بهزيمة ساحقة على تحت اقدام الفادئيين الفلسطينين و اخوانهم في الجيش العربي الاردني .
استطاع المقاتلون الفلسطينيون تكبيد الجيوش الغازية خسائر فادحة لم يستطيعوا تحملها فطلبوا وقف اطلاق النار و لاول مرة يُرفض طلبهم الا بعد ان تنسحب جيوش الغزاة و ما كان من قادة الكيان الغاصب الا الانسحاب يجرجروا اذيال الخيبة و الهزيمة خلفهم مكبدين خسائر فادحة .
بإنتصار الثورة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح أعادت الكرامة الضائعة للأمة العربية وللشعب الفلسطيني خاصة بعد هزيمة حرب حزيران 67 ، وبعد حرب الكرامة بعام جاء إعلان الرئيس جمال عبد الناصر بدء حرب الاستنزاف على العدو الصهيوني ، وحصلت القضية الفلسطينية على تأييد عربي ودولي وخاصة في تشييع جنازة شهداء الكرامة وخروج مسيرات كبيرة في معظم البلدان العربية ، وأيضاً توافد وتزاحم المتطوعين بعد معركة الكرامة على معسكرات التدريب الفتحاويه من قبل الشباب وخاصة خرجي الجامعات للإلتحاق بالثورة وحركة فتح ، حيث قال وزير خارجية العدو ابا إيبان قال : " لقد سمعت أصوات تقول عاشت فتح خلال زيارتي للنرويج والسويد في أيار 1968" وأخيراً لقنت الثورة الفلسطينية العدو درسا في الحرب الشعبية وسحقت مقولته المشهورة " الجيش الذي لا يقهر " بل على العكس بات الجيش مذعوراً من خلال العمليات التي توالت علية من قبل الثورة الفلسطينية على الحدود وداخل فلسطين المحتلة
وزادت عمليات الحركة الفدائية الفتحاوية التي تنفذ عمليات عسكرية مكثفة ضد الأهداف الصهيونية فارتفعت من 12 عملية شهريا عام 1967 إلى 52 عملية شهريا عام 1968 وزادت إلى 199 عملية شهريا عام 1969 ، وفي الأشهر الأولى من عام 1970 وصلت إلى 279 عملية شهريا وهي زيادة نوعية وكمية في الوقت ذاته كما افادت مصادر تاريخية فلسطينية .
وبهذا كانت معركة الكرامة ، إرجاع لبعض الكرامة العربية المهدورة في عدوان الاحتلال الصهيوني على ثلاث دول عربية في حزيران 1967 ، هي الأردن ومصر وسوريا ، فكانت معركة الكرامة بؤرة مشتعلة كبرى للثورة الفلسطينية في ذاكرة شعب فلسطين والشعوب العربية ذلك أن هذه المعركة أرجعت للمواطن العربي كرامته ، وأذهبت أسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر .
وبعد معركة الكرامة ، تولت حركة فتح زمام قيادة العمل الفدائي المسلح ضد الاحتلال الصهيوني ، تلاها استقبال حافل لقيادة فتح في الدول العربية أنظمة وشعوبا ، وزار بعدها ياسر عرفات موسكو سرا بصحبة الرئيس المصري جمال عبد الناصر في تموز 1968 . وتلاها توقيع اتفاق القاهرة السري عام 1969 بين الحكومة اللبنانية والثورة الفلسطينية برعاية مصرية وافق بموجبها لبنان على حرية العمل الفدائي في بعض المناطق اللبنانية وإلغاء القيود المفروضة على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وحرية العمل والتنقل والتدريب داخل المخيمات الفلسطينية من خلال ممرات معينة في لبنان ، مقابل تخلي الثورة الفلسطينية عن طلب خاص تقدمت به بمعاقبة المسؤولين عن الأحداث أثناء الأزمة بين الجانبين في نيسان من العام المذكور ثم تلاها زيارة وفد حركة فتح للصين وفيتنام . وعدة دول عربية كالسودان وليبيا وغيرها .
وقد مكنت هذه المعركة حركة فتح لاحقا من تبوء قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والثورة الفلسطينية في 4 شباط 1969 حيث تولى ياسر عرفات أمين سر حركة فتح منصب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وبعد ذلك أضحت حركة فتح العمود الفقري للثورة الفلسطينية .
فعلى خلفية "معركة الكرامة" أعلن الزعيم العربي الكبير الراحل جمال عبد الناصر في الثامن من آذار 1969 بدءَ حرب الاستنزاف ضد الكيان الصهيوني الغاصب ، وكلف الراحل عبد المنعم رياض بقيادة العمليات الفدائية على الجبهة المصرية ـ الصهيونية . لكن رياض استشهد مع نفر من ضباطه وجنوده وهم يقومون بواجبهم القومي في التاسع من آذار من ذلك العام ، أي بعد يوم واحد فقط من بدءِ الحرب . وقد أحيا القوميون العرب ذكرى استشهاد رياض. وقد تحولت الذكرى إلى "يوم الشهيد" السنوي الذي تحتفل به مصر تكريماً لشهدائها الأبرار.
مثلَ العدوان الصهيوني الذي قاد إلى "معركة الكرامة" في ذلك الوقت أول توغلٍ لجيش الاحتلال عِبَرَ نهر الأردن ، بلغ في حينه مسافة عشرة كيلومترات على جبهةٍ امتدت من الشمال إلى الجنوب نحو خمسين كيلومتراً ، وذلك من جسر الأمير محمد "دامية" شمال الأردن حتى جنوب البحر الميت ، بهدف القضاء على الفدائيين الفلسطينيين في مخيم الكرامة على بُعد خمسة كيلومتراتٍ من جسر الملك حسين "اللنبي" وفي مناطق أخرى إلى الجنوب من البحر الميت. كما ومَثَلَ أول عمليةٍ لجيش الاحتلال على نطاقٍ واسعٍ في ظل رئاسة حاييم بارليف لأركان كيان العدو. وقتها حشد الكيان الصهيوني قواتٍ كبيرة مدعمة بجميع أنواع العتاد الحربي بما في ذلك الطائرات العامودية والمروحيات أملاً في أن "يُلقن" الثورة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني ـ فتح "درساً رادعاً" ، على حَدِ ما ورد آنذاك على ألسنة قادته السياسيين والعسكريين ، من خلال "تحقيق نصر سريع ومفاجئ" يستغله في رفع معنويات الصهاينة التي كانت قد بدأت تنهار تحت ضربات عمليات المقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي كان قد مضى على بدئها أكثر من ثلاث سنوات بقليل.
لكن وعي الثورة الفلسطينية ومن ورائها الجيش الأردني فوت على كيان العدو الفرصة التي كان يعول عليها ، لأن تحركات وحشود جيشه كانت في دائرة الرصد والمتابعة ، وهو ما سهل مهمة التعامل مع العدوان وفقاً لمتطلبات الحرب الشعبية حسب ما جاء في التقييمات العسكرية الصهيونية والدولية التي صدرت حول "معركة الكرامة" في ما بعد . فالعدوان الصهيوني الذي لم يكن في حالٍ من الأحوال مفاجئاً للثورة الفلسطينية والجيش الأردني مُني برغم ضخامته عدةً وعدداً بخيبة أمل عريضة بعد اصطدامه بمقاومة عنيفة من قِبَل الثوار الفلسطينيين والجنود الأردنيين لم تكن متوقعة من قِبَل جيش الاحتلال وقادته . فنتائج ذلك العدوان لم تأتِ أُكُلَها بالنسبة للكيان الصهيوني لأنه لم يسرِ كما اشتهت "سُفن جيشه المعتدي ، وذلك حسب اعترافات العديد من القادة العسكريين في تل أبيب في حينه ، وفي مقدمهم رئيس الأركان حاييم بارليف.
وقد دلل طلب أولئك القادة وقف القتال بعد ساعات قليلة من بدء جيشهم النظامي شن عدوانه الهمجي على الهزيمة المبكرة لهذا الجيش ، بعد أن مُني بخسائر فادحةٍ في جنوده وعتاده العسكري وبالأخص في آلياته وطائراته. لكن الثورة الفلسطينية والجيش الأردني وفي ظل نشوة الصمود والتصدي الجبارين ، وربما في ظل نشوة النصر المبكر ، رفضا ذلك الطلب وأصرا على انسحاب كامل لجيش الاحتلال الصهيوني من جميع الأراضي الأردنية التي دنسها بعدوانه السافر قبل الحديث عن أي وقف لإطلاق النار مما أجبره على الاستجابة الفورية لذلك الإصرار . نعم أُجبر جيش الاحتلال الصهيوني المعتدي على الانسحاب في أجواءٍ من البلبلة والتشتت مخلفاً وراءه جثث قتلاه وجرحاه !! وقد تكبد مزيداً من القَتلى أثناء الانسحاب بفعل الكمائن التي كان الثوار الفلسطينيون قد نصبوها له قبل وخلال تلك المعركة التاريخية. وفي محاولة يائسة دللت على عجزه وهمجيته وروحه المعنوية المتهالكة والمنهارة ، دمر جنوده الجبناء عدداً كبيراً من المنازل وأتلفوا مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي اعترضت طريق انسحابهم المهين ، كما وخطفوا 147 مزارعاً أردنياً ادعت حكومة تل أبيب في ما بعد "أنهم من الفدائيين" . وقد ارتكب الجنود الصهاينة تلك الأفعال المشينة في سياق مسرحية هزلية مفتعلة لذر الرماد في العيون!!
بدأ العدوان الصهيوني البربري فجراً ، وطلبت قيادة جيش الاحتلال وقف إطلاق النار ظهراً ، وأجبر الجيش على الانسحاب من الأراضي الأردنية مساءً . انسحب الجيش الباغي وهو يجر ذيول الخيبة والهزيمة وراءه. ووفق التقارير العسكرية التي تم تداولها بعد "معركة الكرامة" ، بلغت خسائر الإسرائيليين 70 قتيلاً وأكثر من 100 جريح و45 دبابة و25 عربةً مجنزرة و27 آلية مختلفة و5 طائرات. أما الثورة الفلسطينية فقد خسرت 17 شهيداً في حين خسر الجيش الأردني 20 شهيداً و65 جريحاً و10 دبابات و10 آليات مختلفة ومدفعين فقط . وقد أكدت الموسوعة الفلسطينية ومؤسسة الدراسات الفلسطينية في "الكتاب السنوي للقضية الفلسطينية لعام 1968" صحة تلك الأرقام.
ولعل أبرز الأهداف التي حددتها الثورة الفلسطينية كعناوين لصمودها وانتصارها في "معركة الكرامة" تمثلت برفع المعنويات العربية بما فيها الفلسطينية التي كانت قد انحدرت بعد نكسة الخامس من حزيران 1967 إلى أدنى درك لها ، وتحطيم معنويات العدو الغاشم وإنزال الخسائر الفادحة في صفوفه ، وتحقيق الالتحام الثوري مع الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج حتى يصبح الشعب العربي قوة واحدةً منيعةً ومتماسكة ، وزيادة التقارب والثقة بين قوات الثورة الفلسطينية بجميع فصائلها من جهة والجيش الأردني البطل من جهة ثانية ، وتنمية القوى الثورية داخل صفوف الشعب العربي واختبار ثقة المقاومين بأنفسهم في معارك المواجهة المباشرة والالتحام مع العدو. وقد كان للثورة الفلسطينية من خلال "معركة الكرامة" ما أرادت ، فحققت جميع هذه الأهداف بفعل الصمود والتصدي الواعيين لها ، وبنتيجة حالة التقهقر التي أصابت جيش الاحتلال والهزيمة الحقيقية التي أُحدقت به والتي كانت الأولى من نوعها في تاريخه حتى تلك اللحظة.
اعترف العالم من أقصاه إلى أدناه بأن "معركة الكرامة" سجلت نقاطاً ناصعة البياض لصالح العرب عامة والفلسطينيين خاصة دخلت بشرفٍ واعتزازٍ السجل التاريخي للصراع العربي ـ الصهيوني ، وشكلت تحولاً إيجابياً كبيراً في مسيرة الثورة الفلسطينية بكل فصائلها وبالأخص حركة التحرير الوطني الفلسطيني ـ فتح ، باعتبار أنها كانت وستبقى قائدة النضال الفلسطيني. وقد دلل على ذلك إقبال المتطوعين العرب ولا سيما المثقفين وأصحاب الكفاءات العالية على الثورة ، والهبة الجماهيرية العربية التي عبرت عن نفسها خلال دفن الشهداء في العواصم والمدن العربية المختلفة ، والالتفاف الشعبي العربي وحتى الأجنبي حول الثورة وتأييدها ومناصرتها والانخراط في صفوفها كإفرازٍ آلي لنصر الكرامة العربية. كما وإن "معركة الكرامة" من خلال "الصمود" والنصر أعادت للأمة العربية جزءاً كبيراً من كرامتها التي هُدرت في الخامس من حزيران 1967 وأعادت الثقة للقوات المسلحة العربية وثقة الشعب العربي بهذه القوات ، وذلك لأن "الكرامة " كمعركة عسكرية شكلت امتحاناً حقيقياً لتلك القوات بعد نكسة حزيران من خلال مشاركة الجيش الأردني البطل فيها بشكلٍ فاعل.
أما على الصعيد الصهيوني فإنه إلى جانب أن الخسائر التي مُني بها جيش الاحتلال الغازي في عتاده وأفراده على غير ما اعتاد عليه في معاركه السابقة مع العرب في القياس الزمني ل"معركة الكرامة" ، فقد فشل هذا الجيش في تحقيق الأهداف العسكرية والإستراتيجية التي رسمها لرفع معنويات الصهاينة . بل على العكس من ذلك فقد ساهمت "معركة الكرامة" في رفع وتيرة الخوف والرعب في قلوبهم أكثر مما كانت عليه من قبل . أضف إلى ذلك أن الثورة الفلسطينية مدعومة بالجيش الأردني ومؤيدة بالجماهير العربية ، فرضت على جيش الاحتلال الغازي نسقاً جديداً من المعارك الالتحامية لم يكن معتاداً عليها ، وأسقطت نظرية الحرب الخاطفة والمفاجئة التي درج على شنها ضد العرب منذ نكبة فلسطين عام 1948 والتي عادةً ما كانت تحقق له انتصارات عسكرية ترافقت مع هزائم سياسية.
ومع سقوط أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر" أمام الثورة الفلسطينية التي لم تكن تملك في حينه إلا النذر اليسير من الأسلحة الخفيفة والدعم العسكري الأردني في ظل نصر الكرامة المؤزر ، بدأت الإرادة العربية تتشكل من جديد على أرضية من الكرامة المتعافية لتبعث الأمل مجدداً باحتمال النصر العربي المقبل ، الأمر الذي حَفَز َالقيادة المصرية بعد عام واحدٍ فقط من ذلك النصر على استعادة زمام المبادرة والرغبة في تجديد المواجهة .
المنتظر ثأراً وانتقاماً لنكسة حزيران وانتصاراً لفلسطين والحقوق العربية العادلة . وبالفعل شكلت "معركة الكرامة" حافزاً رئيساً وجرعة إضافية من الثقة لحرب الاستنزاف المصرية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلية ، مثلما شكلت هذه فيما بعد حافزاً بل أرضية عسكرية خصبة لانتصار العرب في حرب تشرين الأول 1973 ، باعتراف كبار العسكريين العرب والأجانب وباعتراف القادة العسكريين الذين شاركوا في تلك الحرب أو أشرفوا عليها.
معركة الكرامة الخالدة شهادات وكتابات …. للأجيال والتاريخ توفيق ابو بكر الدستور - الاربعاء 27-3-1996
تستهدف هذه السلسلة من المقالات والكتابات إعادة تسليط الضوء على واحدة من معارك العرب الخالدة : معركة الكرامة التي تواجه فيها المقاتل العربي مع الجيش الإسرائيلي ، بعد شهور فقط من حرب حزيران 1967 والتي كسروا فيها عظام العرب في ستة أيام . وكانت الجباه ما تزال تنزف دما" ، وفي الحادي والعشرين من اذار 1968 أشرقت شمس العرب على حقيقة جديدة وهي حقيقة القدرة على الصمود والقتال وانتزاع النصر حين ولت جيوشهم الأدبار بعد ان تركت ، لاول مرة ، دبابات صالحة واخرى معطوبة في ارض الأغوار التي كانت معبرا" للغزاة وللمحررين في تاريخ العرب على امتداد قرون .
تحدث في هذه الشهادات الفريق اول مشهور حديثة قائد الفرقة الأولى أيام الكرامة ورئيس أركان الجيش فيما بعد ، أعاد التوازن لرواية المعركة ومساهماتها ، وتحدث قائد من قادة الجبهة الشعبية في ذلك الزمان هو العميد ممدوح نوفل -الكاتب الاستراتيجي والقائد الذي دخل الوطن مؤخرا" بعد ان طردوه من غزة حين خرج بعد دخلها مع عرفات يوم الدخول الأول ، وتحدث مقاتلون من الذين صنعوا ذلك النصر ، من بينهم العميد عبدالاله الأثيري الذي وقع في الأسر ثم خرج بعد أربع سنوات ليقود العمل العسكري في داخل الوطن من الخارج ، ومن بينهم اللواء نصر يوسف الذي كان ملازما" قادما لتوه من الصين وساهم في استطلاع قوات الهجوم ، وأبو الرائد الأعرج أحد قادة فتح في الأردن في ذلك الزمان وعضو المجلس الفلسطيني الذي تفرغ لشؤون الانتفاضة منذ بدايتها ، ومأمون اسعد التسليح في الكرامة ومسؤول التدريب العسكري في فتح والذي يتذكر كل التفاصيل رغم انه ابتعد عن ساحة النضال وتفرغ لعمله الخاص .
هذه الشهادات مجتمعه ومتكاملة ومتفاعلة من المشاركين المباشرين في صناعة ملحمة الكرامة ، تعطي للجيل الجديد صورة عن ضياء لمع ذات يوم في سمائنا وتحفز ذاكرته للامساك بكل ما هو ايجابي في تاريخه القريب ، لعل ذلك يساعده في غده القادم ، المحفوف بالفرض والمخاطر ، سواء بسواء ، وذلك هدف هذه الشهادات والمقالات والمعلومات .
شهادة الفريق أول المتقاعد مشهور حديثة رئيس أركان الجيش الأردني الأسبق وقائد الفرقة الأولى أيام الكرامة .
لا بد من العودة للخلف بعض الشيء حتى تكتمل الصورة ، فقد كان الجيش الأردني منتشرا" في الضفة الغربية بعد حرب حزيران : حرب الأيام او الساعات السبعة .
كان انتشاره واسعا" في خط طوله ستمائة كيلو متر ، وبعد سقوط الجبهات العربية وضياع الضفة ، اصبح جيشنا مهلهلا" ، إذ تمت انسحابات كما تعلم غير مرتبة وفوضوية ، دعني أقول أشبه بالهزيمة ولهذا قررت القيادة العليا : قيادة جلالة الملك إعادة تنظيم الجيش من جديد : إعادة تنظيمه قتاليا" وجغرافيا" وقد اسند جلالة الملك لنا إعادة تنظيم الجيش بتشكيل فرقتين : الفرقة الأولى بقيادتي والفرقة الثانية بقيادة المرحوم عاطف المجالي.
ومن هنا أعدنا تنظيم الجيش ميدانيا" على الأرض واعدنا تسليحه لانه فقد معظم سلاحه واعدنا تدريبه من جديد وبشكل ممتاز ، كما أعدنا توزيعه على الأرض جغرافيا" بشكل جديد مختلف عن الوضع السابق بحكم تغيير المعطيات ، بحيث اصبح موقفنا الدفاعي أقوى وأكثر متانة من الوضع السابق الذي كان سائدا" قبل حرب حزيران 1967 ، في السابق كان الجيش منتشرا" على مستوى و مسافات كبيرة ( 600 كيلومتر ). ثم التنظيم الدفاعي لم يكن على المستوى الذي لا بد ان يكون فيه كانت مسؤولياتي هي : الجبهة الواقعة من نهر الزرقاء حتى السويمة في البحر الميت . الأمور التي واجهتني هي : مهمة إعادة تدريب أناس فاقدي الثقة بالسلاح والقيادة .وهذه الصفة السلبية عندما تكون في الجندي المقاتل يصبح لا فائدة منه . ولذلك أهم ما واجهته أولا ان أعيد تدريب هؤلاء الناس المنهزمين نفسيا" .من هنا تم الأعداد اللازم للتدريب ، وبالنسبة للدفاعات حسب استطاعتنا لان إمكاناتنا محدودة . خلال التنظيم الجديد وهذا التدريب حدثت اشتباكات عديدة بيننا كجيش أردني وبين القوات الإسرائيلية واستثمرت هذه الاشتباكات استثمارا" كبيرا" لتعويد الجنود والضباط بان قصف الطائرات ليس جديدا" علينا ويجب ان نتعود على ذلك ونتعايش معه ونقاومه احسن مقاومة ونتخندق احسن خندقة وهذه ساعدتني كثيرا" في تطعيم الجيش خلال هذا التوزيع وخلال هذه الفترة ظهرت المقاومة الفلسطينية أي الفدائيين ، وبالرغم مما كان بين المقاومة الفلسطينية وبين القيادة السياسية في الأردن من سوء فهم وخلافات حيث قيل ان نشاط الفدائيين قد يشكل استفزازا" لإسرائيل ، على الرغم من هذا استطعت ان ابني الجسور الطيبة مع قادة المقاومة وعلى رأسهم الأخ ابو عمار والمرحوم ابو صبري واستطعنا نحن ان ندمج قواعدهم ضمن مناطقنا القتالية وطبعا" هذا تم بعد تبادل الثقة بين الطرفين وتعميقها ، وهذه الثقة حقيقية خلقت لي متاعب مؤخرا" ، لان هذه الثقة لا تستطيع ان تكسبها الا إذا كنت صادقا" ، وأنا حاولت ان أكون صادقا" معهم ولا يمكن ان أكون صادقا" في موقف وغير صادق في موقف ثان ومن هنا بنينا العلاقة بيننا .وبدأت إسرائيل تشعر في أحيان عديدة بمساعدتنا للفدائيين لأننا أتحنا الفرصة للمقاومة وللعمل الفدائي بالإسناد إسنادا" كاملا" من قواتنا ومن مدافعنا وهذا أزعج إسرائيل ولذلك قررت إسرائيل سياسيا" إنهاء العمل الفدائي في الأردن .
وإنهاؤه لا يتم بالدعاية وانما بالعمل العسكري ومن هنا قررت القيادة الإسرائيلية بقرار من موشي دايان وزير الدفاع وموافقته وموافقة حكومته بالطبع ان يقوموا بعملية عسكرية كبرى بخلع جذور الفدائيين وتصفيتهم .طبعا" نحن أثناء هذا التوتر الشديد كنا نتوقع ان يتم هجوم علينا ،وممكن ان يكون اعتداء جويا" ،وان كان الاعتداء الجوي مستمرا" ،ولكن في الآونة الأخيرة ظهر لنا جليا" ان الأردن سيتعرض ، ومحورنا بالذات -المنطقة الموجودين فيها - واقصد المحاور الرئيسية لعمان العاصمة - محور وادي شعيب والعارضة والسويمة - وهذه المحاور بالتالي إذا سقطت لا سمح الله سقط الأردن . ولذلك اتخذت كافة الإجراءات تنسيقا" مع العمل الفدائي وتنسيقا" في الجيش ، من حيث ان كل أسلحتنا وكل مواقعنا الصحيحة واعادة النظر في مراكزنا ومواقعنا وعززناها بقدر ما هو موجود طبعا" ، تختلف معركتا عما كنا فيه في فلسطين لانه كان انتشارنا في الضفة الغربية أوسع جغرافيا" ونحن هنا انتشارنا اقل وهكذا بدأ الهجوم الإسرائيلي في الساعة الخامسة صباحا" وكنت أتوقع هذا الهجوم ولذلك كنت مرتاحا" لاني قمت بكل واجباتي ، ولا اكتمك سرا" بأنني كنت أتمنى ملاقاتهم ،لأنني لم أتمكن من نيل شرف القتال عام 1967 .حيث كنا في جبهتين ، الشرقية التي كنت انا قائدها وهذه لم تدخل الحرب والغربية التي دخلت الحرب .هكذا تم فتح إطلاق النار طبعا" من كافة الأسلحة .
أول دبابة إسرائيلية قطعت الجسر في الخامسة صبحا" ،وأمرت بأن تفتح فورا" وتطلق كافة الأسلحة ضد هذه القوات الغاشمة ، لكن القوات هذه كانت معبأة نفسيا" بأن الأردن لا يقاتلها ، وان الجيش العربي الأردني انتهى .ولذلك كانت الدبابة تسير بسرعة 60 كم وهذا مخالف لكل قوانين السير والقوانين العسكرية ، حتى وصلت الى الشونة الشمالية .ولهذا استطاعت سرعتها أن تدهس الجنود في الخنادق وهذا يدل على الغرور الإسرائيلي ويدل على وهم بان المقاومة غير متوفرة ،وان الجيش العربي لا يستطيع القتال .طبعا" أهم الأسباب في نظري للهجوم الإسرائيلي كان القضاء على العمل الفدائي والقضاء على الروح المعنوية التي بدأت في الجيش العربي واعتقادي أيضا" أن السبب الثالث هو أن يجعلوا من مرتفعات السلط مقرا" كما هو الحال في لبنان ، وبالتالي يتفاوضون مع الأردن من مرتفعات السلط ويساومون على توقيع السلام من خلال المعطيات الجديدة .طبعا" كانت مسؤولياتنا كبيرة جدا" في هذا القتال وفي هذا المحور بالذات . من هنا اردنا ان نحافظ على محورنا وعلى مناطق قتالنا والمحافظة بقدر ما نستطيع على المقاومة الفلسطينية ضمن مناطقنا .
تبقى معركة الكرامة بالرغم من مرور ثمانية وعشرين عاما عليها نقطة تحول في تاريخ الجندي العربي ،وفي تاريخ حروبنا كلها مع إسرائيل ، ومن أهم ما تحقق في هذه المعركة هو وحدة الدم والهدف بين الجندي الأردني وأخيه المقاتل الفلسطيني حيث قاتلا صفا" واحدا" وبتنسيق على أعلى المستويات .
فالجندي العربي في كافة المعارك مع إسرائيل ظلم ظلما"كبيرا" وذلك أولا لعدم التساوي في العدد والعدة وبدون تنسيق الجبهات بالشكل المعترف به في حالات القتال لانه لم يكن هناك تنسيق بالمعنى الحقيقي المطلوب لخوض قتال ناجح ، وكانت هناك تدخلات سياسية نزعت صبغة القيادة عن الضابط العربي الذي اصبح يتصرف لاعتبارات سياسية وليس عسكرية محضة كما هو المطلوب ، لذلك كانت نتائج القتال غير مرضية .
معركة الكرامة جاءت بعد إعادة تدريب مكثف وقاس وواسع النطاق وتم استخدم السلاح بالشكل العسكري الصحيح والمطلوب ، ولهذا أعادت المعركة الثقة بين الرئيس والمرؤوس من القوات المندحرة من نابلس وجنين والقدس والخليل حيث انفقدت الثقة هناك وحصلت انسحابات غير منظمة ، وفي الكرامة امتلكنا حرية التصرف في الميدان دون تدخل ،إذ أن قادة الميدان يجب أن يمتلكوا حرية العمل بناء على تقديرهم لمعطيات الوضع على الأرض : الوضع العسكري والقتالي ، فالقائد يجب أن يتعامل مع المعطيات العسكرية دون تدخلات الجندي العربي والقائد العربي في كافة الجبهات العربية وفي صراعه الطويل مع العدو لم يكن مرتاحا" ولم يمتلك حرية العمل العسكري وذلك بسبب التدخلات السياسية وكانت النتيجة هزيمة حزيران 1967 المدوية .لقد أثبتنا في الكرامة قولا" وعملا انه يمكن دحر هذا العدو المتغطرس الذي ادخل في روع المواطن العربي انه العدو الذي لا يقهر وتلك هزيمة نفسية قاسية .
في معركة الكرامة وعندما تواجهنا مع العدو وجها لوجه وكانت لنا حرية العمل ، أوقفناهم عند حدهم ودحرناهم لأول مرة في تاريخ الصراع وأسقطنا مقولة الجندي الإسرائيلي الذي لا يقهر .
لأول مرة في قتالنا تصدر الأوامر للضباط بأن يكونوا في أقرب نقطة من الخط الأمامي وفي المقدمة وذلك لرفع الروح المعنوية بين الجنود ، وهو أمر كان مطلوبا" بإلحاح شديد ،وثانيا" حتى يستطيع القائد اتخاذ القرار السليم من خلال التقارير .أسقطنا مقولة العدو بأن الضابط العربي دائما" خلف جنوده ،أصبح أمامهم بكل بسالة وشجاعة ، وقد فرضت ذلك بأن يتواجدوا قدر الإمكان في الأمام وفي القيادات المتقدمة حتى يرفعوا الروح المعنوية لجنودهم وحتى يأخذوا القرار السليم أيضا" هذا الأمر لم يكن متوفرا" في أساليبنا وتكتيكاتنا السابقة ،حيث يكون القائد في الخلف حوالي عشرين كيلومترا" في بعض الأحيان ، ويتصرف من خلال التقارير والأخبار ، نحن خالفنا هذا التكتيك لأن الأمر بالنسبة لنا حياة أو موت وأسقطنا استراتيجيات الانسحابات الخلفية ، لأن انسحاباتنا مع الأسف تكون أشبه بالمهزومين ، أسقطت ذلك علي مسئوليتي : لا انسحاب ( الشهادة أو النصر ) لا انسحابات من الخنادق تحت أي ظرف ولهذا تم سحق بعض خنادقنا في قوات الحجاب بالدبابات على رؤوس الجنود لأنه توجد لديهم تعليمات صارمة بعدم الانسحاب . الانسحاب هزيمة بالنسبة لنا .
أن قناعة المقاتل بالإيمان بالله وبالشهادة ساعد في الصمود وفي تحقيق النتائج الإيجابية الباهرة . وانطلقت صيحات
( الله أكبر ) وكان عملا روحانيا" ممتازا بحيث أعطى الثقة بالنفس وبالقدرة على النصر وكما تعلم ، وللمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي يترك العدو معدات كثيرة في ساحة المعركة خسائره أكثر من أربعمائة آلية بين مجنزرة ودبابة وعدد من الطائرات أسقطنا قسما منها في الضفة الغربية ، رغم أننا لا نملك العدة الكاملة للمقاومة الجوية .
لقد دخل الجيش الإسرائيلي معركة الكرامة بحوالي فرقتين : منها فرقة منقولة وقام بإنزال جوي وإسناد مدفعي وقصف جوي كثيف .طبقا" للحسابات العسكرية كان حجم قواتنا بالنسبة لقوة المهاجمين (1-5 ) إذ أن قولتنا المشاركة هي الفرقة المتواجدة في المنطقة وتضم ثلاثة ألوية ، إضافة لوجود مساندة جوية هائلة عندهم ونحن لا نملك طائرة .ومقاومتنا الجوية قليلة (12- مدفعا فقط ) بالنسبة للعدو كانت الطلعة الواحدة تضم تشكيلات من خميس الى مئة طائرة وقاموا بأكثر من مائة طلعة ، ولك ان تتصور حجم كثافة النيران الهائلة التي لم يتعود عليها جندونا من قبل ، وليس لها مثيل في تاريخ الصراع العسكري حتى ذلك الوقت . لم يكن أذن هناك تكافؤ لا بالعدد ولا بالعدة ولكن الأيمان والصمود وقرار الدفاع عن الوطن مهما تكن التضحيات أمكننا من تحقيق النصر المؤزر ، وقدرنا بحوالي 1200 جندي بين قتيل وجريح وحوالي 400 - 500 آلية و 7 طائرات إما خسائرنا ، اقصد خسائر الجيش ،فقد كانت في حدود 120 جنديا" بين شهيد وجريح وهو شيء لا يمكن مقارنته بخسائر العدو . الفدائيين قاتلوا ببسالة نادرة وقدموا حوالي مائة شهيد ، وهذه الخسائر الكبيرة قياسيا" لحجمهم المتواضع في ذلك الوقت يثبت خطأ المقولة بأن الفدائيين لم يشتركوا في المعركة ، هذا كلام غير صحيح ، فقد اشتركوا بكل بطولة وبروح معنوية عالية ، وقدموا تضحيات كبيرة حيث اشتبكوا مع الإسرائيليين في الكرامة بالسلاح الأبيض واستبسلوا وأبلوا بلاء حسنا"
الشيء الوحيد الذي حز في نفسي هو الإنزال الإسرائيلي على الكرامة ، إذ لم استطع أن أعالجه بالقصف المدفعي ، فلذلك كان سيؤدي لقتل أهلنا من مدنيين وفدائيين داخل المخيم والبلدة ، فلو كان إنزالهم على مواقع عسكرية لانقضت عليهم مدفعيتنا بكل قوة ، ولكن القتال كان وجها" لوجه داخل الكرامة فكيف سأتدخل بالقصف المدفعي ؟! .
دعنا نكون واقعيين : معركة الكرامة معركة جيوش ، معركة بين جيشين . وقوة الحجاب التي اصطدم بها المهاجمون عند النهر هي قوة عسكرية ، وبمجرد محاولتهم قطع الجسر أصدرت الأوامر بفتح النار . كانت تعليماتنا بضبط الأمور ، ولكن إذا اعتدى العدو فلا تنتظر الأوامر . وانما افتح النار فورا ودون انتظار تعليمات
انا كقائد في الميدان لا أستطيع ان اسمح لأية قوة أن تدخل ارضي واقف متفرجا" ولهذا قررت الرد فورا" ، وهذا من مسئوليتي كقائد ان أتعامل مع الأرض ومع الميدان ومع المعطيات ، وان اثبت للإسرائيليين الخطأ الذريع الذي وقعوا فيه حين قرروا خوض معركة بهذا الحجم واسقطوا من حسابهم الجيش العربي الأردني . وقد لقناهم درسا" لم ينسوا بالتأكيد . التصدي للعدو مسؤولية القائد في الميدان ، وحتى قرار وقف اطلاق النار يجب أن يكون مسؤولية القائد العسكري أولا على ضوء مسار المعركة ومتطلباتها .
أما بالنسبة للفدائيين فقد كان لي تنسيق معهم قبل شهور من المعركة كما ذكرت لك . نسقنا معهم تنسيقا" كاملا ،وكانت قواعدهم ضمن مناطقنا العسكرية . ولقد استفدنا من حملة ( آر بي جي ) من الفدائيين لأنه لم يكن عندنا سلاح من هذا النوع بسبب طبيعة تسليحنا ، وقد قمنا بتوزيع هؤلاء المقاتلين حملة ال( آر بي جي ) في مناطق محددة يستطيعون من خلالها ضرب الدبابات ، وقد فعلوا ذلك بكفاءة عالية ، حيث قاموا بحرب عصابات جيدة ، وحيث كانت المنطقة مكسوة بالعشب في فصل الربيع . وكان الفدائي قادرا" على الاختفاء وسط الأعشاب والتحرك من خلال ذلك .لقد ساعدنا وجودهم في هذه الأماكن في تحطيم العدو وإرهاقه ومفاجأته أحيانا" ، مما كان يسبب لجنوده القادمين في نزهة الإرباك الشديد .أنني أتحدث عن مقاتلي فتح فهم حسب علمي الذين قاتلوا ، كانت هناك ثقة بيننا وبينهم لأننا نعلم أنهم يعلمون لتحرير وطنهم ولا يردون التدخل بشؤون الآخرين والاستيلاء على الحكم والسلطة وغير ذلك من شعارات رفعها آخرون واضرب بهم وبغيرهم .
كانت معركة الكرامة واحدة من معارك العرب الخالدة ، بعكس تصورات وأحلام الجنرال المتغطرس موشي دايان وزير الحرب الصهيوني الذي وصل به الغرور كما قيل يومها انه دعا حوالي ثلاثمائة صحفي ليشربوا معه الشاي في السلط في الساعة الرابعة من بعد الظهر يوم الكرامة .
لكنهم كانوا قبل ذلك التاريخ قد طلبوا وقف إطلاق النار ، لأول مرة في حروبهم مع العرب .
نتائج المعركة كانت إيجابية جدا" على جيشنا وبلدنا ، فقد اكتسب الأردن احتراما" واسعا" من كل العالم ومن الدول العربية ، على وجه الخصوص بعد صموده في الكرامة وإعادته الاعتبار للمقاتل العربي وتكسيره للغرور والصف الإسرائيلي الذي تضخم بعد انتصارهم في حرب حزيران ، أتذكر أن وزير الدفاع السوفيتي اندريه
غر يشكو وكان زيارة لدمشق قد بعث لنا تحية على صمودنا وادائنا القتالي ،واكتسب العمل الفدائي بدوره دفعة قوية للإمام سياسيا" وعسكريا" وماديا" وعلى كافة الأصعدة والمستويات ، بعد أدائه المتميز في الكرامة .
ومن دروس الكرامة التنسيق بين المقاتل الأردني والمقاتل الفلسطيني وامتزاج دم الطرفين على ارض الأغوار ، وهذا التنسيق الذي افتخر بتحقيقه أغاظ المغرضين من الطرفين ، في الساحتين : الأردنية والفلسطينية ، أولئك الذين تتطلب مصالحهم الضيقة بقاء الفجوة بين الطرفين . هناك من قال أن المعركة قام بها الفدائيين وحدهم ، وكان دور الجيش الأردني محدودا" ، وهناك من قال في المقابل بأنه لا دور على الإطلاق للفدائيين .وللحقيقة وللتاريخ أقول أن الدوريين متكاملان : دور الجيش الحاسم ودور الفدائيين الذين أهلكوا القوات الإسرائيلية بقتالهم وجها" لوجه مع الإسرائيليين الذين لم يألفوا مثل هذه الشجاعة وبالكمائن التي اصطادوا بها الدبابات بقذائف ال( آر بي جي ) .
وقد واصلت التنسيق مع المقاومة الفلسطينية لما فيه مصلحة القضية ، فهي قضيتي كعربي وهي قضية مقدسة .وحينما أصبحت رئيسا" للأركان كان الإسرائيليون يقصفون مواقعنا كل يوم تقريبا" ، وخاصة في منطقة اربد ، بسبب التسهيلات التي كنا نقدمها لدوريات الفدائيين الذاهبة للاستشهاد فوق ثرى الوطن
مشهور حديثه يتذكر هكذا حدثت معركة الكرامة قائد الملحمة في حديث خاص لـ " المحرر" 3 نيسان 1995 - صحيفة المحرر الباريسية. عمان - ماجد عبد الهادي
لم يمض على معركة الكرامة، سوى سبعة وعشرين عاما، ومع ذلك فقد غيبتها حلكة السلام العربي- الإسرائيلي بعيدا في أعماق الماضي، حتى بدت للبعض وكأنها لم تقع أساسا. لذا اختارت " المحرر" أن تعيد التذكير بما جرى في ذلك اليوم العربي الأغر من خلال هذه الحديث الخاص مع قائد المعركة الفريق الركن مشهور حديثه الجازي.
" المحرر " قبل الدخول في سرد ذكرياتكم عن معركة الكرامة، ما هي برأيكم الأسباب التي أدت إلى نشوبها في ذلك الحين؟
مشهور حديثه: دعني أشير في البداية إلى أن معركة الكرامة جاءت بعد مرور اقل من عشرة اشهر على هزيمة حزيران 1967 حيث كانت المنطقة كلها تعيش هاجس الحديث عن فلول الانسحابات غير المنظمة للجيوش العربية من جبهات القتال مع إسرائيل، وكانت روح الهزيمة وفقدان الثقة بالنفس تسيطر على الجنود والضباط والمواطنين على حد سواء.
في ذلك الوقت أسندت إلي مهمة إعادة تنظيم القوات الأردنية المتراجعة من الضفة العربية، وقد عملت خلال عشرة اشهر بجهد متواصل من اجل أن يستعيد الجندي ثقته بنفسه وبوطنه, وهو ما كان له اكبر الأثر في الصمود أثناء المعركة.
أما فيما يتعلق بأسباب الهجوم الإسرائيلي، فهي كما اعتقد ثلاثة أسباب :
الأول : معاقبة الأردن على احتضانه للعمل الفدائي الفلسطيني وقيامه بإسناد الفدائيين الفلسطينيين في اشتباكاتهم مع الجيش الإسرائيلي على طول الجبهة الأردنية.
الثاني : إنهاء العمل الفدائي الفلسطيني، واعتقاد موشي دايان بأن هذه مهمة سهلة لن تحتاج إلا لساعات معدودة.
الثالث : احتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمنى لإسرائيل تماما كما حدث بعد ذلك في جنوب لبنان.
وكيف دارت مجريات المعركة ؟
أول بلاغ لي عن هجوم الجيش الإسرائيلي كان في الخامس صباحا حيث اتصل بي الضابط المناوب ، ليقول أن أول دبابة إسرائيلية تقطع الجسر الان، فقمت من فوري واستبقت شروق الشمس بأن أديت فريضة الصلاة، ثم أصدرت أوامري بحشد القوات والتنسيق الكامل مع الفدائيين الفلسطينيين, وكذلك مع المواطنين سكان المنطقة الذين كنا قد زودناهم بأسلحة مضادة للدروع، فالتحم الجندي مع الفدائي مع المزارع، وسالت الدماء الأردنية والفلسطينية في وادي الأردن الأخضر دفاعا عن تراب الوطن. وكان قراري بأن يكون الضباط في المقدمة، وان لا خيار لنا بالتراجع إلى الخلف مهما كان السبب، حتى لو وصلت المعركة إلى الالتحام يداً بيد.
من جهتهم كان الإسرائيليون يعتقدون بعدم وجود أي التزام بالقتال لدينا بعد انتصارهم في حرب حزيران 1967، وقد بلغت الغطرسة بوزير الحرب الإسرائيلي آنذاك موشي دايان حد جمع الصحفيين في أريحا، ودعوتهم مسبقا ليشربوا الشاي معه في مساء ذلك اليوم على مرتفعات السلط، ولكن سرعان ما فوجئ بخطأ حساباته، وعاد ليبلغ الصحفيين في المساء بأن الدعوة تأجلت حتى إشعار آخر.
لقد صمدت القوات الأردنية والفلسطينية صمودا رائعا في وجه الغارات الإسرائيلية التي لم يسبق أن واجهنا مثيلا لها من قبل، إضافة إلى كثافة نيران المدفعية وكثافة الدروع المهاجمة، ورغم أننا كنا نفتقر إلى أي غطاء جوي، إلا أن صمود الجندي والقائد معا جعل الإسرائيليين يتراجعون لأول مرة، ويطلبون وقف إطلاق النار بعد مرور 18 ساعة على بدء المعركة.
هل استطاع الجيش الإسرائيلي الدخول فعلا إلى الكرامة ؟
نعم دخلوا الكرامة ، واشتبك الجنود والفدائيون معهم بالسلاح الأبيض، ولكن المعركة لم تكن سهلة عليهم، ولم يستطيعوا تحقيق هدف استئصال الحركة الفدائية الفلسطينية وضرب القوات المسلحة الأردنية.
وهنا أقول بكل فخر، أنني استطعت تجاوز الخلاف الذي كان ناشئا آنذاك بين الفدائيين والسلطة الأردنية، فقاتل الطرفان جنبا إلى جنب، وكقوة موحدة تحت شعار : كل البنادق ضد إسرائيل، فكانت النتيجة والحمد لله مشرفة، واذكر في ذلك اليوم أن وزير الدفاع السوفياتي عزوسيف كان في زيارة إلى دمشق فأرسل لنا برقية تهنئة على صمودنا المثالي ضد الهجمة الإسرائيلية.
لنعد إلى تفاصيل المعركة, وتحديدا إلى التنسيق مع المقاومة الفلسطينية: من تذكر من الذين أجريب معهم التنسيق في ذلك الحين وكيف كان شكل هذا التنسيق على الأرض؟
اذكر أبو عمار شخصيا، وكذلك المرحوم أبو صبري، وقادة المواقع الفلسطينية في محور الكرامة ومحور الشونة بشكل خاص. كان هناك تنسيق على كل الجبهات ، وقد أصدرت تعليماتي بأن يتم التنسيق بين الجيش وبين قوات العمل الفدائي في كل المواقع الأخرى، إيمانا منى بأن المعركة حاسمة ضد هذه الأمة كلها.
هل تعتقد أن نجاحكم في الصمود والمواجهة كان له أسباب سياسية إضافة إلى ما ذكرت من أسباب عسكرية؟
السياسة لم يكن لها أي دور في هذه المعركة، والتي كانت بين قوة مهاجمة وقوة مدافعة، وكان قرارنا فيها الصمود والانتصار بأي ثمن، فقاتل الجميع من ضباط وجنود وفدائيين جنبا إلى جنب ، واستشهد عدد كبير من الضباط، وهذا مخالف لما يحدث عادة حيث تكون أغلبية الشهداء من الجنود، أما سببه فيعود إلى القرار بأن يكون الضباط في المقدمة مع الجنود. ويخطر لي هنا نادرة حدثت أثناء المعركة، وملخصها أن اللواء كاسب الجازي، وهو ابن عمي ، اتصل بي فلاحظت انه يتحدث بصوت منخفض، وسألته من أين تتكلم، فقال: من الخندق الأمامي القريب إلى المدرسة، وهو أول خندق على النهر ، فقدم بذلك مثالا على صمود القادة، رغم أن الأوامر كانت تعطيه الحق بالتراجع عن هذه المنطقة.
وكيف حدث وقف إطلاق النار ؟
لقد تلقيت اتصالا من القيادة يقول لي أن إسرائيل تطلب وقف إطلاق النار. وبأمانة أقول لك أيضا أنني واصلت رغم ذلك قصف تجمعات الجيش الإسرائيلي حتى خرجوا من المعركة.
هل تعنى انك لم تلتزم بوقف إطلاق النار؟
لا لم التزم.
وماذا بالنسبة للإسرائيليين؟
لقد التزموا وتوقف الطيران عن قصف مواقعنا.
وهل كنتم تقصفون تجمعات الجيش الإسرائيلي على الأراضي الأردنية فحسب، ام داخل فلسطين أيضا؟
كنا نقصف المحاور حيث ينقلون آلياتهم. وكذلك المراكز الرئيسية الداخلية حتى لا نعطيهم حرية الانسحاب بسلام، ونجعل من هذا الانسحاب تراجعا انهزاميا.
وما هي برأيك أهم نتائج المعركة في ذلك الحين؟
أهم نتائجها أن حركة المقاومة نمت بعدما باضطراد، وكبر الأردن بين أشقائه فتلقى دعما اقتصاديا ثم وهذا هو الأهم سقطت أسطورة الجيش الإسرائيلي، خاصة وان قواتهم التي حشدوها للمعركة كانت تزيد على قواتنا بنسبة 15/1 وكنا نفتقر إلى أي غطاء جوي، ولو توفر لي هذا الغطاء لاستطعت اسر الآلاف منهم، بل ولقررت العبور إلى الأرض الفلسطينية. لقد حسب دايان حساب كل شئ غير انه لم يحسب حساب الإرادة.
أخيرا، كيف تنظر إلى اتفاقات السلام مع إسرائيل بوصفك قائدا لإحدى أهم المعارك العسكرية ضدها؟
نحن دعاة سلم، وديننا يدعو إلى السلم، ومنذ خمسين عاما ونحن في حالة حرب بدون نتيجة لكن ذلك لا يعنى التنازل عن حقوقنا.
نريد أن يكون السلم مشرفا يعيد حقوقنا المسلوبة، وإسرائيل تريد السلم والأرض والاقتصاد معا. أنا لا اعتقد أن هذا السلم يخدم الأمة، واعتقد انه أعطى إسرائيل ما لم تكن تحلم به طوال تاريخها. وهو الدخول إلى الأمة العربية لتوطيد أحلام إسرائيل الكبرى حتى ولو بالمعنى الاقتصادي والنفسي في المنطقة العربية.
وما هي رؤيتك للمستقبل ؟
هذه فترة من تاريخ الأمة العربية وستنطوي دون شك لان الامة العربية ذات التاريخ والإمكانيات الكبيرة لا يمكن لإسرائيل أن تسيطر عليها وتهينها، فأنا أعتقد أن المستقبل سيكون لصالح هذه الأمة. لا يوجد مستحيل، وقد كانت معركة " الكرامة" درسا مبكرا من اصغر قوة في المنطقة، أي القوة الأردنية ، بإمكانية الانتصار إذا توفرت الإرادة.
كاتب هذا التحقيقعن الملحمة والتلاحم في عام 1968 اعتقد لم يكن مولودا ولكن السؤال الذي بطرح نفسه كيف استطاع تزوير الحقيقة ولصالح من الا يعرف بان قراء وكتاب التارخ ( لا ارغب بتلفظ بكلمات قد تخرج عن نطاق الادب ) اتعرفون اين يقف هذا الكاتب الان انه في الصفوف الاوللى بين الاعلاميين التقدميين في الشعب الفلسطيني بعد قراءة مقاله كيف زور به الحقيقة وابتعد عنها
عن الملحمة والتلاحم والفريق مشهور باشا / بقلم: عريب الرنتاوي
الطرق بين عمان وغزة " سالكة وآمنة " وبالاتجاهين معاً ، فالتنسيق جار على قدم وساق والأردن لبى الطلب الفلسطيني بالتدخّل للمساعدة في الافراج عن عملية السلام المحتجز عليها من قبل ائتلاف اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل والحساسيات التقليدية لم تعد طافية على السطح وان كانت كامنة في بيات شتوي طويل بطول التعنّت الاسرائيلي .
واحسب انه يتعين على الجانبين التوأمين في لقاءاتهما المتكرّرة التي عادة ما تتسم بالطابع الأخوي والبناء أن لا يتوقف بحثهما في الموضوعات الراهنة والمستقبلية على أهميتها بل أن يعودا قليلاً الى الوراء بعقل بارد وروح طيبة ، فالتاريخ أيضاً موضع خلاف وتباين كما تدلّل على ذلك الاحتفالات السنوية بذكرى معركة الكرامة
من منظور الرواية الفلسطينية الأردنية الرسمية تبدو الكرامة فعلاً أردنيا محضاً حيث تغيب عن الرواية الرسمية أدوار لعبتها منظمات المقاومة الفلسطينية في مواجهة الغزو الاسرائ
الذكرى الثامنة عشرة لمعركة الكرامة
إعداد: قسم الأبحاث الدستور الجمعة 21/3/1986 الكرامة .. تحول نوعي في المواجهة مع العدو الصهيوني
سطر الشهداء بدمائهم سفر المجد والخلود تلاحم الجيش والشعب والقيادة يصنع ملحمة النصر
تصادف " اليوم" الذكرى الثامنة عشره لمعركة الكرامة، التي سجل المقاتل الأردني فيها انتصارا عسكريا مميزا على الجيش الصهيوني في وقت بلغت الغطرسة الصهيونية اوجها بعد هزيمة حزيران 1967.
وجاء الصمود الأردني في وجه القوات المعتدية ليعطى الإنسان العربية أينما وجد، أملا متجددا ، بأن الإيمان بالله والثقة بالنفس تبنيان جسور التضحيات في طريق النصر الكبير، وتمنح الحماس الدافق في الأفئدة المؤمنة بقدرتها لفتح طريق النصر في سبيل مجد الأمة العربية وعزتها.
لقد أثبتت هذه المعركة أن قلة الإمكانات المادية لا تحدب النصر لمن كانت لدية العزيمة والثقة، والإيمان بالله ، والتصميم على الاستشهاد والنصر وسحق المعتدي. الفريق الركن مشهور حديثة / قائد الفرقة الأولى في المعركة: لأول مرة يطلب العدو الصهيوني وقف إطلاق النار بطولات الكرامة مهدت الطريق لبطولات حرب رمضان المجيدة أسقطت الكرامة مقولة الجيش الذي لا يقهر
خيوط النصر
ففي مساء يوم الأربعاء 20/3/1968 كانت القيادة الأردنية تتابع تحركات (15) ألف جندي صهيوني جرى تحشيدهم عند مدينة أريحا، في الوقت الذي استعدت فيه الدبابات الأردنية لمواجهة جحافل الشر والعدوان.
وفي الصباح بدأ الهجوم الصهيوني .. وكان موشى ديان وزير الحرب يومها، يستقل دبابة، وقفت عند جسر الملك حسين، ومعه بعض الصحفيين والمراسلين الأجانب والمصورين الذين حشدتهم الصهيونية ودعتهم لتناول الشاي في الكرامة لقد ظن قادة الصهاينة أن الأمر لمن يستغرق سوى ساعات محدودة حتى يحققوا مآربهم حيث كانت نشوة الشعور بالانتصار في حزيران تأخذ بألبابهم، ولم يعلموا أن الرجال الأبطال مصممون على دحرهم في الشونة وفي الكرامة وفي مختلف المواقع.
ويومها تبجح الصهاينة بأن فرقة المظليين التي هبطت فوق تلال الكرامة كفيلة بالقضاء على أية مقاومة.
فجر النصر
وفي فجر الخميس الحادي والعشرين من آذار 1968 بدأ هدير الدبابات الصهيونية يخترق سكون الشونة الهادئة ، وفي ذات الوقت كانت بعض طائرات العدو السمتية تحلق في سماء القرية الوادعة، وراحت تلفي بمنشورات باللغة العربية تدعو السكان إلى عدم المقاومة، بينما قامت بعض طائرات العدو بإنزال المظليين فوق تلال الكرامة حيث تجمعوا في أحد المقاهي لتدارس الموقف تمهيدا لتدمير البلدة واحتلالها، وفي ذات الوقت بدأت قذائف المدفعية الصهيونية الحاقدة تتساقط على البلدة.
ولم يتأخر الرجال في ردهم إذ انطلقت قذائف الدبابات المدفعية الأردنية والرشاشات تنهال على المنطقة وتدب الرعب في قلوب المعتدين، فسارعوا إلى دباباتهم التي كانت تتقدم نحو المنطقة للاحتماء بها هربا وهلعا.
مصيدة الموت ولكن ما أن وصلت الدبابة الصهيونية الأولى إلى مثلث الشونة - الكرامة، حتى كانت الدبابة الأردنية في التلة المقابلة، تصليها بقذيفة واحدة فتعطبها.
وحاول قائد الدبابة أن يتراجع ولكن انى له ذلك وقد دمرت سواعد الرجال ثلاث دبابات أخرى، خلفه وازداد الأعداء دعرا وبدأوا بالتراجع وأثناء ترجعهم تم تدمير أربع دبابات أخرى.
وأمام هذه المفاجأة التي صفعت العدو قدم العدو بعض لورياته لاختراق الخط وتجاوز المنطقة، للعبور عن طريق المثلث إلى الكرامة، ولكن انى لهم ذلك وقذائف المدفعية والصواريخ تطلق حممها وقذائفها سيلا ينهمر فوق رؤوسهم ، وتم تدمير (10) لوريات على الطريق وإعاقة تقدم الغزاة. خمس ساعات كاملة باءت كل محاولات العدو خلالها لاختراق الطريق المؤدي من المثلث إلى الكرامة، بالفشل مما جعل العدو يدفع بأسراب طائراته لتسهيل الأمر وفتح الطريق أمام دباباته ولكنة فشل هنا أيضا.
ووضع العدو أقصى ثقله للوصول على الكرامة ولم يكن يعلم أن الكرامة العربية صعبة المنال، وبطولة الرجال هزت الأرض من تحت أقدام الغزاة، كان الجميع يتسابقون إلى الشهادة من عسكريين ومدنيين. الشيوخ والشباب، والرجال والنساء, البندقية ، الفأس وسكاكين المطابخ، والسلاح الأبيض تصدر لبرابرة العصر.
لقد حاول العدو عند الاختراق عبر ثلاثة محاور: العارضة، وادي شعيب، السويمه، وقد تم إحباط تقدم العدو على محور سويمه، وتم تثبيت قواته المتقدمة على محور العارضة، في منطقة المثلث، في حين تمت معالجة تقدم قوات العدو على محور وادي شعيب.
يوم الكرامة
أما في الكرامة فقد كانت القوة الغازية التي تقدمت باتجاه الكرامة هي " القوة الرئيسية" للأعداء فكانت الكرامة مقبرة للطامعين الذين أرغموا على التقهقر مخلفين آلياتهم المعطوبة في ساح الوغى، وقام العدو بعمليات إنزال على مشارف المرتفعات الشرقية لبلدة الكرامة ولكنه جوبه بنيران مركزه من المدفعية والدبابات والرشاشات التي أوقعت في صفوفه خسائر كبير فبدأ يستخدم الطائرات العمودية لنقل الجرحى إلى الخطوط الخلفية. وأمام قوة الضربات التي واجهها بدأ العدو بفتح جبهة جديدة وتوسيع جبهة القتال في محاولة لتشتيت المدافعين فأرسل طائراته إلى غور الصافي جنوب البحر الميت حيث بدأت تقصف المدنيين بقنابلها لتمهيد الطريف للدبابات الزاحفة في تلك المنطقة.
وفي الكرامة دفع العدو بستين طائرة أخرى عند الظهيرة وأخذت الطائرات تقصف السكان في جبال السلط.. وكانت الغاية هي قطع الإمدادات العسكرية المتجهة إلى ميدان الشرف، واشغال قوات المقاومة، حتى يتمكنوا من الانسحاب وسحب قتلاهم من ارض المعركة، خاسئين مقهورين.
وإذا كان الغزاة قد استأسدوا على المدرسة الثانوية في الشونة وبعض المدارس الأخرى والمقاهي وسينما فلسطين في البلدة فانهم قد وجهوا ضراوة وبأسا وشراسة في القتال والمواجهة قلبت جميع حساباتهم.
وحين خيم الظلام على المنطقة بعد (16) ساعة من الملحمة الفذة كانت رائحة الأجساد التي احترقت وهي مقيدة في دباباتها من جنود العدو، الذين احترقوا مع آلياتهم تملأ جو المنطقة ، بينما كانت مشاعل الأبطال ، تتحرك هنا وهناك بحثا عن فلول الهاربين من الأعداء الذين تكبدوا ألف قتيل وجريح ومجموعة كبيرة من الدبابات والآليات وسبع طائرات.
انقلب السحر
وبدلا من أن يستعرض العدو عضلاته في عمان كما كان يتوق كانت دباباته ولورياته والياته المدمرة هي التي تعرض في شوارع عمان، وفي ساحة أمانة العاصمة ، وباختصار لقد حطمت الكرامة أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
أنباء النصر
وفيما يلي مقتطفات من أقوال وكالات الأنباء العالمية وأقوال الأعداء أنفسهم " والفضل ما شهد به الأعداء" حول ذلك اليوم المشهود.
قالت وكالة اليونايتد برس يوم 29/3/68 أن أحد المسؤولين الكبار في دولة كبرى ذكر لها أن (إسرائيل) فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاث مرات ما فقدته في حرب حزيران.
وقال حاييم بارليف رئيس أركان العدو الصهيوني في حديث له نشرته جريدة هارتس يوم 31/3/68 " إن عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يتعود الشعب في (إسرائيل) مثل هذا النوع من العمليات، وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قمنا بها تسفر عن نصر حاسم لقواتنا ، ومن هنا فقد اعتاد شعبنا على رؤية قواته العسكرية وهي تخرج متنصرة من كل معركة أما معركة الكرامة فقد كانت فريدة من نوعها، بسبب كثرة الإصابات بين قواتنا، والظواهر الأخرى التي أسفرت عنها المعركة مثل استيلاء القوات الأردنية على عدد من دباباتنا والياتنا وهذا هو سبب الدهشة التي أصابت المجتمع الإسرائيلي إزاء عملية الكرامة.
سجل الكرامة
وقد أجمعت وكالات الأنباء العالمية من الأراضي المحتلة على القول أن معركة الكرامة أثارت عاصفة من الاستياء في أوساط الشعب اليهودي وقامت مظاهرات صاخبة في القدس وتل أبيب وباقي المدن اثر دفن اكثر من (250) قتيلا من ضباط وجنود العدو، وقد لوحظ الذعر في المستعمرات الأمامية.
لقد انقطعت زيارات اليهود إلى مدن الضفة ومنعت سلطات العدو اليهود من دخول أية مدينة عربية، ومنعت زيارات المواطنين العرب من الضفة الغربية إلى المناطق المحتلة ، وانتقلت موجة من الاستنكار إلى الكنيست الصهيوني أثناء مناقشة الحكومة لنتائج معركة الكرامة.
لجنة تحقيق
قال عضو الكنيست شلومو جروسك: " يساورنا" الشك حول عدد الضحايا بين جنودنا,
وقال شموئيل مامير " نطالب بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في نتائج الحملة على الأراضي الأردنية لان عدد الضحايا اكبر نسبيا في القوات الإسرائيلية".
وفي هذه الذكرى الماجدة لا نملك إلا أن نقف إجلالا واحتراما لذكرى شهداء الكرامة وأبطالها، الذين صنعوا بدمائهم الزكية اشرق صفحة في تاريخ امتنا الحديث .. فقد ترك لنا شهداء الكرامة القوة والعزم والتضحية والإيمان وساما على صدر الوطن .. فإلى جنات الخلد يا شهداءنا الأبرار.
والله نسأل إن يهبنا صدق عزيمتهم والسير على خطاهم لتحرير الأقصى والمقدسات وتحقيق النصر.
يوم الكرامة
الفريق الركن المتقاعد مشهور حديثه الجازي قائد الفرقة الأولى التي تولت شرف سحق العدوان الصهيوني في الكرامة .. يحدثنا عن معركة الكرامة ويوم الكرامة قائلا :
قبل كل شئ أحيي الشهداء الأبرار من ضباط وضباط صف الذين استبسلوا وقدموا أرواحهم للدفاع عن تراب الوطن الغالي، وأسال الله عز وجل أن يسكنهم فسيح جنانه، كما أتقدم لكل عضو من أعضاء الفرقة الأولى التي كان لي الشرف أن أقودها في معركة الكرامة سواء العاملين في قواتنا المسلحة أو الزملاء من قادة التشكيلات وضباط وضباط صف الذين اصبحوا خارج الخدمة الان بالتحية الصادقة واقو لهم في يوم الكرامة لقد كنتم رجالا أمنتم بالله العظيم وقاتلتم بكل بسالة ودافعتم دفاع الأبطال عن تراب الوطن وهزمتم عدوكم في يوم أغر فمحبتي وتقديري لكل واحد منكم حيثما وجد.
معركة الكرامة
أما يوم الكرامة ومعركة الكرامة فكما هو معلوم خطط لهذا الغدر من قبل العدو وذلك بعد انتصاره السريع على الجبهات العربية بعدد من الأيام وبأقل خسائر مما زاد في غرور وطيش العدو في حزيران .
لقد ثبت للعدو أن قواتنا بدأت بإعادة تنظيم سريعة وثبت له أن قواتنا المسلحة أصبحت تتنامي مقدرتها القتالية ، وكذلك بدأت تتنامي الحركة الفدائية في الخطوط الأمامية ، وأراد العدو من هذه المعركة إصابة اكثر من هدف، أولا تحطيم القوة العسكرية , الروح القتالية، وثانيا القضاء على الحركة المقاومة العربية وقتلها في مهدها وثالثا السيطرة على وادي الأردن باحتلال المرتفعات الشرقية وبذلك يصبح الوضع أشبه بجنوب لبنان بالمساومات السياسية ومعاركه اليومية (لا سمح الله).
في هذه المعركة انتصر الحق على الباطل وانتصر المقاتل المؤمن بربه ووطنه على الغازي المتغطرس.
أرجو أن أوضح شيئا نعتز به في هذه المعركة وهي :
أن العدو خلال كل معاركة القتالية مع الجبهات العربية لم يطلب ايقاف القتال إلا في هذه المعركة وهذه هي المرة الأولى.
إن مجموع ما لحق بالعدو من خسائر والتي قدرت بحوالي 1000 قتيل وجريح وحوالي 400 آلية منها الناقلات المصفحة والدبابات وإسقاط سبع طائرات من نوع فانتوم، وهذه الخسائر كانت اكبر من جميع الخسائر التي لحقت به على كافة الجبهات العربية خلال حرب حزيران 1967. مقابل خسائرنا باستشهاد وجرح مائة وعشرين من كافة الرتب.
إن الصمود الرائع الذي سطره جنودنا ومقاتلونا البواسل في المعركة دمر سمعة العدو ورفع المعنويات العربية بشكل عام وكان سببا لفشل وتحطيم قائد حملة العدو الجنرال ديان الذي كان يطمع بان يلتقي مع مراسلي الصحف على الضفة الشرقية ظهر يوم 21/3/68, وبدلا من ذلك عادت قواته الغازية على أعقابها خاسرة.
إن أثار هذه المعركة تعدت الساحة الأردنية للساحات والجبهات العربية الأخرى حيث كانت ابرز مثال على بسالة المقاتل العربي، وقدرته على دحر العدو حيث جاءت مترجمة ذلك وصداه في حرب رمضان المجيدة في تحطيم خط بارليف، وسحق العدو في جبل الشيخ والمرتفعات السورية فقد تمكن المقاتل العربي في الكرامة، وبعدها في حرب رمضان من تحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر وستبقى الكرامة سفرا خالدا ناصعا في جبين التاريخ العربي وفي سجل البطولات العسكرية الفذة.
لقد حيا الجنرال غريشكو وزير الدفاع السوفيتي صمود قواتنا المسلحة بهذه المعركة خلال زيارته بذلك اليوم للشقيقة سوريا. وهذا دليل ناصع على أهمية ومدلول المعركة المجيدة واليوم الأغر.
أمل أن تكون ذكرى الكرامة بمثابة الاستعداد للمعركة القادمة مع عدو هذه الأمة وتحرير الأرض والمقدسات من الهجمة الصهيونية وللابد.
الخسائر : حتى الخسائر لم نتفق عليها نحن الكتاب اليكم نماج قد كتبة الخلل ليس بالكتاب بل الخلل في مصادر الخبر مطلوب ان يكون مصدر واحد ودقيق لصحة المصداقية
خسائر القوات الإسرائيلية : (أ) عدد القتلى 250 جندياً . (ب) عدد الجرحى 450 جريحاً .
(جـ )تدمير 88 آلية وهي عبارة عن 27 دبابة و 18 ناقلة و 24 سيارة مسلحة و 19 سيارة شحن وسقوط طائرة.
خسائر حركة فتح
التي لا تعد خسائر بالفخر لا توجد إحصائيات رسمية عن عدد المقاومين الفلسطينيين وكانت هذه الارقام محل خلاف كبير بين المؤرخين.و لكن بحسب ما يشير اليه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في كاتب سيرته ألن هارت فقد دفع الفلسطينيون (أ) 130 شهيدا.
خسائر القوات المسلحة الأردنية : (أ) عدد الشهداء 80 جندياً. (ب) عدد الجرحى 108 جريحاً.
(جـ) تدمير 13 دبابة . (د) تدمير 39 آلية مختلفة
بعض ردود الفعل
خسائر القوات الإسرائيلية : (أ) عدد القتلى 250 جندياً . (ب) عدد الجرحى 450 جريحاً .
(جـ )تدمير 88 آلية وهي عبارة عن 27 دبابة و 18 ناقلة و 24 سيارة مسلحة و 19 سيارة شحن وسقوط طائرة.
قُدرت بـ 250 قتيلا و 450 جريحا و 88 الية مدمرة و قد شملت الاليات المدمرة 27 دبابة صهيونية و 18 ناقلة جند و 24 سيارة مسلحة و 19 سيارة شحن و 20 دبابة و الية مختلفة اضافة الى سقوط 7 طائرات مقاتلة و ذلك حسب بعض الاحصائيات .
وكانت خسائر الثورة الفلسطينية 17شهيد فلسطيني 20شهيد من الجيش الأردني و 65جريح و10 دبابات ومدفعين .
وقد اعترف الاحتلال الصهيوني بقتل 30 جنديا يهوديا مهاجما وجرح 100 يهودي آخرين بينما اشارت دراسات تاريخية إلى أن عدد الجرحى اليهودي نحو 500 عنصر ممن أصابهم الجرح الجسدي والهلع والخوف الشديد من بسالة المقاومة الفلسطينية والرد الأردني من وحدات الجيش العربي الأردني التي استهدفتها قوات الاحتلال الصهيوني وقال شهود عيان إنهم شاهدوا الدبابات الصهيونية المعطوبة بالعشرات حيث جرى نقلها على شاحنات نقل كبيرة .
بينما استشهد أكثر من 100 فدائي وأسر بعض آخر بسبب نفاذ الذخيرة لديهم . وبعد معركة الكرامة تدفق عشرات الآلاف من الفلسطينيين يطلبون الانضمام لحركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) من الطلبة الجامعيين والثانويين والشباب والشيوخ ، فمثلا تقدم نحو خمسة آلاف خلال اليومين الأولين لانتهاء المعركة ، اختارت منهم حركة فتح نحو تسعمائة فقط .
وبلغ عدد شهداء الجيش الأردني 87 شهيدا، في حين تشير وثائق أردنية إلى أن الخسائر الإسرائيلية بلغت 250 قتيلا و450 جريحا وإسقاط 7 طائرات مقاتلة.
قال حاييم بارليف
رئيس الاركان الإسرائيلي في حديث له ان إسرائيل فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاثة أضعاف ما فقدته في حرب حزيران وكل هذا بسبب حركة حتف التي تعرف الان ب (فتح) وكان سببب هزيمتنا فيها هي حركة فتح فلولاهم لستطعنا أحتلال الاردن في نصف ساعه.
2. قال عضو الكنيست الإسرائيلي ( شلومو جروسك) لا يساورنا الشك حول عدد الضحايا بين جنودنا، وقال عضو الكنيست ( توفيق طوني) لقد برهنت العملية من جديد أن حرب الايام الستة لم تحقق شيئاً ولم تحل النزاع العربي الإسرائيلي.
3.طالب عضو الكنيست ( شموئيل تامير) بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في نتائج الحملة على الأرض الأردنية، لأن عدد الضحايا أكثر نسبياً في القوات الإسرائيلية.
4.وصف قائد مجموعة القتال الإسرائيلية المقدم (أهارون بيلد) المعركة فيما بعد لجريدة دافار الإسرائيلية بقوله: لقد شاهدت قصفاً شديداً عدة مرات في حياتي لكنني لم أر شيئاً كهذا من قبل لقد أصيبت معظم دباباتي في العملية ما عدا اثنتين فقط.
5.قال أحد كبار القادة العسكريين العالميين وهو المارشال جريشكو رئيس أركان القوات المسلحة السوفياتية في تلك الفترة: لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية .
. قالت صحيفة نيوزويك الأمريكية بعد معركة الكرامة: "لقد قاوم الجيش الأردني المعتدين بضراوة وتصميم وإن نتائج المعركة جعلت الملك حسين بطل العالم العربي".
5. وصف قائد مجموعة القتال الإسرائيلية المقدم (أهارون بيلد) المعركة فيما بعد لجريدة دافار الإسرائيلية بقوله: لقد شاهدت قصفاً شديداً عدة مرات في حياتي لكنني لم أر شيئاً كهذا من قبل لقد أصيبت معظم دباباتي في العملية ما عدا اثنتين فقط.
5. قال أحد كبار القادة العسكريين العالميين وهو المارشال جريشكو رئيس أركان القوات المسلحة السوفياتية في تلك الفترة: لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية.
بعض ردود الفعل
ووفق التقارير العسكرية بعد الحرب كانت خسائر العدو الصهيوني في معركة الكرامة: 70قتيل وأكثر من 100جريح و45دبابة 25عربة مجنزرة 27آلية مختلفة 5 طائرات ، واعترفت إسرائيل بتفوق الثورة الفلسطينية في الحرب الشعبية ، حيث طلب ناثان بيليد ممثل حزب المابام بتغير إسرائيل تكتيكها العسكري قائلاً : ( أن على إسرائيل أن تصوغ تكتيكها العسكري وفقاً لمبادئ القتال المتبعة عند العدو والظروف السياسية المحيطة).
اول معرض لمعركة الكرامة الي اقامه قسم التصوير في الثورة
اقول للذين خانتهم الذاكرة ان معرض الكرامة الذي اقيم بعد المعركة بشهرين وحتى استطعنا تحضير الصور الفتوغافية والتي تقدر بحوالي مائة وخمسون لوحة تم تصويرها في ارض المعركة واثناء سير المعركة اما المعرض الي اقيم في اثا عشرة خيمة المانية ذات مساحة خمسة وعشرون متر للخيمة الواحد في حينه لقد ضم المعرض الصور الفوتو غرافية وبقايا السلاح الذي تركه الجيش الاسرائلي وقطع من دباباته وجنازير النصف مجنزرة وخوذ الراس وبعض اجهزة الاسلكي وبعض الالغام الفردية والدبابات .. هذا المعرض نقل الى اكثر من دولة في الوطن العربي .... في المناسبة نحن في الثورة الفلسطينية فقدنا اهم ارشيف في تاريخ الثورة المعاصرة ملاحظة مهمة لو في مسؤل يهمه هذا الارشيف لفتح تحقيق وكل من تقع عليه المسؤولية بالاهمال يتم اعدامه ولا يفوتني هنا ان اقدم الشكر والاحترام الى الشهيد هاني جوهرية والشهيد مطيع وناصيف ونبيل وابو ظريف وعارف الذين قامو على تصوير وترتيب المعرض معرض الكرمه
ترى
معركة الكرامة كما تعكسها الوثائق البريطانية
تعد معركة الكرامة (21 مارس 1968) أحد المفاصل التاريخية لحركة المقاومة الفلسطينية وللتاريخ الفلسطيني المعاصر؛ إذ شكلت نقلة نوعية للعمل الفدائي الفلسطيني الذي بدأ يعيش عصره الذهبي في الأردن ، كما كانت إيذاناً بسيطرة حركة (فتح) على العمل الوطني الفلسطيني، وعلى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. يحاول هذا المقال إلقاء أضواء جديدة على هذه المعركة من خلال دراسة الوثائق البريطانية غير المنشورة المتعلقة بالمعركة، التي سمح بالإطلاع عليها منذ سنة 1998، والمحفوظة في مركز السجل العام Public Record Office ، أو ما يعرف بدار الوثائق البريطانية في لندن . وقد كان من الواضح أن تصاعد العمل الفدائي المنطلق من قواعد له في غور الأردن قد دفع الكيان الإسرائيلي إلى القيام بهجوم واسع لتدميرها خصوصاً في منطقة (الكرامة). غير أن صمود الفدائيين والجيش الأردني وما بذلوه من تضحيات، قد أدى إلى نتائج معاكسة تماماً لخطط الإسرائيليين، إذ وقعت خسائر كبيرة نسبياً في القوات الإسرائيلية، وانكسرت أسطورتها بأنها تملك جيشاً لا يقهر. كما أدت إلى تصاعد شعبية العمل الفدائي ونفوذه خصوصاً في الأردن، وجعلت الكيان الإسرائيلي في حالة من الحيرة، إذ إن هجماته تزيد العمل الفدائي قوة وشعبية، كما أن سكوته يعطي هذا العمل فرصة للتوسع والتمدد .
ألا يحتاج العرب وهم في حالة الاحتقان...بل الاحتضار القائمة الان وفي هذه الظروف الصعبة ، وفي ظل تقاعس وتخاذل ...بل استسلام الحكام لمشيئة الإرادة الأميركية ـ الصهيونية المشتركة إلى معركة "كرامة"جديدة تخرجهم من النفق المُظلم الذي زُجوا فيه بعدما تعذر عليهم تحرير الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان من المغتصبين الصهاينة حتى الآن ، وبعدما سقط العراق في قبضة الاحتلال الأميركي ، وتصاعدت التهديدات الجدية والخطيرة المحدقة بسوريا ولبنان والسودان والصومال وأقطار عربية أخرى ؟ أليسوا بحاجة إلى معركة "كرامة"جديدة تعيد إليهم كرامتهم المُهانة كما فعلت من قبل معركة "الكرامة" ؟ أليسوا بحاجة إلى معركة "كرامة"جديدة تعيد إليهم إرادتهم المسلوبة كما فعلت معركة "الكرامة"!!
اليسوا بحاجة إلى معركة "كرامة"جديدة تعيد إليهم قدس الاقداس يا مسلمون .... الى متى ستبقون متخاصمون على امور لايصدقها عقل انسان عاقل ومدرك لما يحيط به من مخاطر ... افيدون يامن جلستم ....؟؟؟
الكاتب : توفيق خليل ابو انس 21 / 3 / 2010
المصادر :
كتاب معركة الكرامة للمؤلف اللواء/ محمود الناطور ( ابو الطيب )
د. كمال علاونه أستاذ العلوم السياسية
الفريق الركن مشهور حديثة الجازي " يرحمه الله "
محمود كعوش
لـ " المحرر" 3 نيسان 1995 - صحيفة المحرر الباريسية. عمان - ماجد عبد الهادي