
أثر التلمود في انحراف اليهود
من كتاب اليهودية في العراء بين الوهم والحقيقة/بقلم الكاتب محسن الخزندار
الوصايا العشر بالديانة اليهودية
الوصايا أو الأوامر أو الكلمات العشر و هي قائمة بتوصيات وأوامر دينية أوصى بها الرب سيدنا موسى في طور سيناء ونقشت أثناء ذلك أو بعد ذلك على لوحين حجريين وجهاً وظهراً.
ويقال أن سيدنا موسى عندما نزل من جبل الطور وجد قومه يعبدون العجل ويرقصون حوله فكسر اللوحين وصعد مرة أخرى إلى الجبل فعاد حاملاً لوحين جديدين وبذلك اختفت أصول الشريعة الأصلية التي كتبت على اللوحين الأولين وقد استخلص بعض المؤرخين أن أحكام الشريعة الموسوية كتبت بيد سيدنا موسى نفسه على رقاق البردي وأنها غير الوصايا التي كتبت على الحجر بيد الرب كما تقول التوراة( ). وبعد 1246م اعترف المسيحيون بجوهر الوصايا وإن كانوا قد اختلفوا في ترتيبها وتفضيلها فقد اعتمد على الكنيسة البروتستانتية (ومن ضمنها الأنكليكانية) والكنيسة الأرثوذكسية ترتيب الوصايا كما هي في سفر الخروج( ) واعتمد الكاثوليكيون واللوثريون ترتيبها كما وردت في سفر التثنية( ) والخلاف هنا حول أهمية الوصية ودمجها بأخرى أو بالعكس وإن كان المعنى العام واحداً تقريباً.
تتألف كل وصية من عدد قليل من الكلمات لا يتجاوز في بعضها الكلمتين بالعبرية القديمة.
وتضع الوصية الأولى (أنا السيد الإله الذي أتيت بك من مصر لا تشرك بي أحداً) أساس المجتمع الذي يقوم على فكرة الإله الواحد القادر المهيمن وتسمو الوصية الثانية (لا تضع أنصاباً أو تماثيل للإله) بفكرة الإله الذي لا تدركه الأبصار ولا يمكن تجسيده و تحرم الوصية الثالثة(لا تذكر اسم الله بالباطل) تحريماً مطلقاً على المؤمن النطق باسم الإله عبثاً فحسب بل مجرد النطق به( ).
وهي تأمر بأن يبدل به ما يدل عليه عند الضرورة وتشير الوصية الرابعة (يوم السبت يوم مقدس) إلى ضرورة تحريم العمل في هذا اليوم وقصره على العبادة والراحة وتركز الوصية الخامسة (أكرم أباك وأمك) على أن رعاية الأبوين قاعدة رئيسية في بناء المجتمع وهي من القداسة بمكان رفيع وتحرم الوصية السادسة (لا تقتل) القتل رغم تحريمه مبدأ مثالي صعب المنال وتدعو الوصية السابعة (لا تزن) إلى الزواج الذي لا يمكن قيام مجتمع سليم بدونه وتحدد الوصيتان الثامنة (لا تسرق) والتاسعة (لا تشهد زوراً) معالم المجتمع المثالي وأما الوصية العاشرة (لا تشته ما لغيرك) فإنها تركز على تقديس الملكية الفردية( ).وقد اختلف المفكرون والمؤرخون على مر العصور في تقريرهم قيمة الوصايا العشر وراوحت آراؤهم بين أهميتها التي تفوق كل تقدير والقول بأنها تلخيص ذكي لمبادئ أخلاقية معروفة عند كثير من الأمم التي جاورها اليهود ولاسيما الكنعانيين والحيثيين( ).
التوراة
التوراة Torah كلمة عبرانية قديمة تعني الهداية أو الإرشاد .
والتوراة كتاب اليهود المقدس الذي يتضمن تاريخهم وشرائعهم وعقائدهم وقد آمن المسيحيون بما جاء في التوراة فأضافوها إلى أسفار العهد الجديد (الأناجيل الأربعة،والرسائل،وأعمال الرسل) ولكن لم يعترف بعضهم بكامل التوراة وخالفوا اليهود في ثلاثة أمور أولها :في اعترافهم بأسفارها وبخاصة البروتستانت الذين لم يعترفوا عند نسخهم العهد الجديد بسبعة أسفار كان يهود الإسكندرية في الفترة الرومانية وما بعدها قد اعتمدوها وهي : طوبيا يهوديت والحكمة ويشوع بن سيراخ ونبوءة باروك والمكابيين الثاني، وهي الأسفار نفسها التي لم يعترف بها يهود فلسطين في ذلك الوقت.
وثانيها في تسميات بعضها الآخر فأصبحت أسماء الأسفار :اللاويين وصموئيل الأول وصموئيل الثاني والملوك الأول والملوك الثاني عند البروتستانت، وعند الكاثوليك:الأخبار والملوك الأول والملوك الثاني والملوك الثالث والملوك الرابع بالترتيب، وثالثها إضافة كلمة "نبوءة" إلى أسفار الأنبياء في النسخة الكاثوليكية وتذكر المصادر أن أقدم قراءة للتوراة العبرية جرت حوالي عام 444 ق.م عندما دعا النبي عزرا اليهود إلى سماع بعض منها .
وبعد الانتهاء من القراءة أقسم المجتمعون على إطاعة ما جاء فيها وعلى جعلها دستوراً لدينهم ودنياهم.
وفي عهد ملك مصر بطليموس فيلادلفوس (185-247 ق.م) شكا يهود الإسكندرية من عدم قدرتهم على فهم أسفار التوراة بالعبرية،فقام بطليموس بتكليف اثنين وسبعين فقيهاً من فقهاء اليهود من بيت المقدس بجمع أسفار التوراة وترجمتها من العبرية أو الآرامية إلى الإغريقية ،وسميت هذه الترجمة بالترجمة السبتاغوتية Septuagint أي السبعينية .
وفي مستهل القرن الثاني الميلادي ترجمت التوراة إلى السريانية، وفي القرن الثالث إلى القبطية،وبعد ذلك إلى الحبشية، ثم إلى اللاتينية والعربية (718م) وإلى غيرها من اللغات .
لم تجمع أسفار التوراة بشكليها البروتستانتي والكاثوليكي دفعة واحدة بل على عدة مراحل ، وفي حين تعتبر أسفار الأنبياء (أشعياء-أرميا-حزقيال-دانيال-عاموس-هوشع-عوبديا-يونان-ميخا-ناحوم-حبقوق-صفينا-حجّي-زكريا-ملاخي) أقدم الأسفار جميعاً يؤكد المؤرخون أن الأسفار الخمسة الأولى (التكوين-الخروج-اللاوييّن-العدد-التثنية) أو ما يسمى (بنتاتوك Pentateaque) .
لم تأخذ شكلها المعروف إلاَّ في فترة السبي البابلي (586-538 ق.م) وأنها نقحت خلال القرنين التاليين،كما يرجحون أن سفر دانيال وعدداً من المزامير كتبت أثناء فترة الحكم السلوقي لفلسطين، وبالتحديد بين 168-165 ق.م.
وبالرغم من أن جانباً كبيراً من العهد القديم قد اتخذ شكله المعروف فيما بين عهد عزرا والغزو الروماني للمنطقة (حوالي 64 ق.م) فإنه لم يكتمل حتى مجمع يامينا عام 90م الذي اعترف بعد مناقشات مستفيضة بمعظم الأسفار المعروفة اليوم التي تتردد خلالها إشارات عابرة إلى بعض الأسفار الضائعة.
ومنها سفر شمعيا وسفر ياشر وسفر أمور سليمان وسفر شريعة الله وسفر توراة موسى وسفر كلام ناثان النبي وسفر أخبار الأيام للملك داوود وسفر أخبار الأيام لملوك يهودا وسفر ملوك إسرائيل، وغيرها .
وتشير الأسفار الأخيرة إلى أمرين : أولهما : أنه كان لكل ملك من ملوك يهودا وإسرائيل سفر خاص به . وثانيهما : أن الأسفار كانت تكتب في فترة قريبة من الحدث الذي تتناوله مع صياغتها بالقالب الذي أراده لها كاتبها.
ولما كان عدد من روايات الأسفار قد انتقل مشافهة فإن معظم المؤرخين يرجحون تعرضها خلال جيل أو أكثر لما تتعرض له عادة الأقوال المنقولة كلها مشافهة،ومن هنا نشأ كثير من التناقض غير المسوغ في بعض الأحيان،كما أثار الضغط على بعض النقاط الشك فيها أكثر مما أكد الحقيقة التي تحاول إبرازها .
ولهذا يعتقد كثير من المؤرخين أن التوراة المعاصرة ليست التوراة الأصلية،أو أنها على أفضل تقدير التوراة مع كثير أو قليل من الإضافات ،وهذا ما يثبته استعراض تاريخ التوراة .
تذكر المصادر المقدسة أن سيدنا موسى بعد تلقّيه أوامر ربه في سيناء كتب هذه الأوامر وسلّمها إلى "اللاويين" لحفظها في تابوت العهد في "شيلوه" ،وأمرهم بقراءتها أمام كل بني إسرائيل بعد سبع سنوات، وفي عيد "المظال". وقام خليفته يشوع بتنفيذ ذلك الأمر، ومن ثم حفظ نسخة التوراة الوحيدة.
وأثناء الحرب مع الفلسطينيين اصطحب اليهود توراتهم المحفوظة في تابوت العهد للتبرك بها والحفاظ عليها،وبنتيجة الحرب استولى الفلسطينيون على التابوت والتوراة، واحتفظوا بهما سبعة أشهر ضاع فيها أي ذكر للتوراة ،ثم وردت أخبار عن استعادة اليهود التابوت الذي فقد مرة أخرى أثناء حصار القائد البابلي نبوخذنصر بيت المقدس (588-586ق.م) ،وبعد خراب بيت المقدس بسبعين عاماً خرج المدعو عزرا يزعم عثوره على الأسفار التي تمسّك بها اليهود.
ويعتقد بعض المؤرخين أن عزرا (وكان يهودياً متحمساً) جمع من أحبار اليهود بعد عودتهم من الأسر البابلي عدداً من الكتب والروايات المقدسة التي سمعها أو اطّلع عليها،وأنه قام بإعداد أول نسخ التوراة المكتوبة رتب فيها الأسفار وقسمها ثلاثة أقسام :( القانون-الأنبياء-المتابات المقدسة) .
ويتكون القسم الأول من أسفار التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية. والثاني من أسفار يشوع والقضاة مع راعوث والملوك وصموئيل وأشعيا وأرميا مع المراثي وحزقيال ودانيال والاثنى عشر نبياً الآخرين وأيوب وعزرا ونحميا وأستير.ويتضمن القسم الثالث أسفار المزامير والأمثال ونشيد الأنشاد والجامعة .
وقد عثر الأثريون على عدد من نسخ التوراة أو أسفارها التي كتبت في عصور مختلفة، وأحدث ما عثر عليه في عام 1951 مجموعة الأسفار في منطقة بيت لحم،وقبلها بقليل (عام1947) عثر في كهف في خربة قمران في الشمال الغربي من البحر الميت على مجموعة أخرى من المخطوطات العبرانية يعتقد أنها دونت في الفترة الهلنستية، وتضم المجموعة نصاً لسفر أشعيا وأجزاء متفرقة من أسفارٍِ أخرى .( )
التلمود
التلمود كلمة عبرانية تعني التعليم مشتقة من "التلمذة" ويعتبر التلمود "السُّنة" في الشريعة اليهودية، أو التوراة الشفهية التي نطق أو عمل بها كبار الأحبار.
ويتضمن التلمود مجموعة من القوانين والأحكام والوصايا السياسية والحقوقية والدينية عند اليهود مع شروحها التي كان يتم تداولها بين رجال الدين وأتباعهم في باديء الأمر مشافهة.وبعد أن تضخمت واتسع نطاقها بتزايد شروحها والإضافات عليها وأصبح من المتعذر الاعتماد على المشافهة قامت مجموعة من الأحبار اليهود بتدوينها فظهر التلمود.
ويعتقد معظم المؤرخين أن انهيار الكيان السياسي للطائفة اليهودية على يدي القائد الروماني تيتوس عام 70 م قد أقنع اليهود بصواب فكرة الابتعاد عن ممارسة السياسة التي لا تجلب إلاَّ الويلات، ومحاولة التركيز على إنشاء رابطة فكرية أو دينية قوامها خواطر رجال الدين حول أمور الحياة المختلفة، وقد قام عدد من أحبار اليهود بكتابة هذه الخواطر لتصبح دستوراً ينظّم لليهود حياتهم بعيداً عن أي تأثير خارجي، وقد أنكرت فئة من اليهود وهم القرّاءون، التلمود بعد كتابته، في حين آمن معظم اليهود بما جاء فيه وادّعوا أن ما كتب في التلمود كان يوحَى به، وهؤلاء هم الربّانيون.
والتلمود اثنان: التلمود المقدسي، أو الأورشليمي نسبة إلى بيت المقدس، والتلمود البابلي نسبة إلى بابل، وقد وضع التلمود المقدسي حاخامون من بيت المقدس عرفوا باسم "أمورايم"، أو المفسرين، في حين وضع التلمود البابلي كبير أحبار مدينة سوره قرب بغداد المدعو راشي أو رب أشي، وأتمّه أحبار آخرون في أواخر القرن الخامس الميلادي، ويتضمن ستة وثلاثين مبحثاً كتبت بالآرامية مع بعض الشروح بالعبرية وشغلت قرابة 2.947 صفحة. ويتميز بالرغم من قلة عدد مباحثه بالمقارنة مع التلمود المقدسي (39 مبحثاً) بأنه أوسع من التلمود المقدسي، إذ يبلغ أربعة أضعافه وبأنه التلمود الأكثر انتشاراً بين اليهود.
ويتكون التلمود من ستة أقسام تحتوي على ثلاثة وستين مبحثاً وتقع في خمسمائة وأربعة وعشرين فصلاً، وأسلوب الكتابة رغم عبريته وصبغته الكنعانية متأثراً إلى حد كبير بأسلوب اللغة الآرامية في الكتابة ويحتوي على الكثير من المفردات الآرامية واللاتينية والفارسية والإغريقية وقد قسم التلمود إلى قسمين :
1- المشنا :
وهي مجموعة قوانين اليهود السياسية والدينية والحقوقية ،وتقسم المشنا بدورها إلى ستة أقسام هي:
-البذور : ويتضمن قوانين الزراعة مسبوقة بقواعد عبادة الله .
-الفصول : ويبحث في الأعياد اليهودية .
-النساء : وقد ذكرت فيه قوانين الزواج والطلاق والنذور والوصايا .
-العقوبات : وتشمل على عموميات التشريعات المدنية والجزائية والإدارية الحكومية
-الأمور المقدسة : وهو بحث في القرابين والتضحيات وهيكل بيت المقدس
-الطهارة : وهو بحث في الطهارة والنجاسة .
وتتصف البحوث جميعها باستعراضها المباديء العامة لكل قسم دون مناقشتها .
2- الجمارا :
وهو مجموعة شروح وحواش تبسط قواعد المشنا وترسم تطبيقها على حالات واقعية أو افتراضية لم يعالجها رجال الدين من قبل ،وتعرضها مصحوبة بأمثلة وحكايات .
ومن الجلي أنه كان للتلمود الأثر الأكبر في بروز ظاهرة التعصب القومي لدى معظم اليهود الذين يفضّلون قراءته والإيمان به على التوراة ، فهو يقسم الناس إلى يهود وغير يهود .
وفي حين يحرم التلمود إيذاء اليهودي ،يعتبر سرقة أموال غير اليهود واغتصاب أملاكهم وأعراضهم وحيواناتهم حقاً لليهودي وتقرّباً من الله .
ويشمل التلمود القديم طعناً في المسيحية والمسيح ومما يذكره عن السيد المسيح أنه كان يهودياً مرتداً كافراً ،وتعاليمه كفر صريح، والمسيحيون كفرة مثله ،وأن أمه حملت به سفاحاً من جندي يدعى بندارا .
وقد تنبه أحبار اليهود الذين اجتمعوا عام 1631 م في بولونيا لخطورة هذا الموقف وقاموا بحذف الكلمات والعبارات التي تنال من السيد المسيح والمسيحية وتركوا مكانها فراغاً واتفقوا على تلقينها مشافهة تلاميذ المدارس الدينية فقط، وقد بلغ من شدة تعلق غلاة اليهود بالتلمود أن جعلوا دراسة التوراة فضيلة لا يستحق اليهود عليها أية مكافأة، أما من درس المشنا فإنه يستحق أن يكافأ في حين يحقق أعظم الفضائل من درس الجمارا.
تثبت النظرة العامة إلى التلمود تضمنه عدداً هائلاً من المغالطات وعوته إلى الترفّع القومي والتركيز على كون اليهود "شعب الله المختار" المساوي لرب العالمين الذي منح اليهود الدنيا وما عليها. ويزعم التلمود أن الله لا عمل له في الليل إلاّ قراءة التلمود مع الملائكة، والإعلان عن ندمه ولومه لذاته عندما تغاضى عن هدم هيكل بيت المقدس، وفي الحديث عن الأرواح يزعم التلمود أن روح اليهودي جزء من روح الله، وأن روح اليهودي الميت تشغل جسماً آخر، وأن اليهودي الذي يقتل يهودياً خطأ أو عن عمد تدخل روحه في حيوان أو نبات ثم تذهب إلى الجحيم وتعود لتدخل جسم حيوان آخر، وبعدها أحد الوثنيين وبعد أن تتطهر بمرورها بكل تلك المراحل تعود إلى جسد أحد اليهود.
والجنة في نظر التلمود مقصور دخولها على اليهود ،والنار مأوى لكل من عداهم من المسلمين الذين لا يغسلون إلاّ أيديهم وأرجلهم ،ومن المسيحيين الذين لا يختنون ، والخلاصة أن التلمود يمثل تراثاً يهودياً قومياً ودينياً .
وثمة عوامل جعلت اليهود يتمسكون بالتلمود منها الهجوم الذي تعرّض له على مر العصور من قبل الطوائف غير اليهودية، ومنها الأوامر التي أصدرها الباباوات سنوات 1320م-1415 م و1553 م بإحراق التلمود حتى قال أحد زعماء اليهود :"منذ أن ظهر التلمود إلى حيّز الوجود ،وحتى قبل أن يوجد في شكل ملموس جرت معاملته وكأنه أشبه ما يكون بالكائن البشري فقد حرّم وسجن وأحرق مئات المرات وتنافس الملوك والأباطرة والباباوات وأضدادهم في إلقاء الحرم عليه ،واستصدار الارادات والبيانات لمصادرة هذا الكتاب العاثر الحظ بالجملة وإطعامه ألسنة النيران" وقد بذل اليهود جهوداً جبارة في صيانة التلمود لأنه بجدليته الدقيقة يرضي حاجاتهم ونزعاتهم الفكرية والعاطفية والخيالية،ولأنه يمثل عنصر وحدة ممتازاً بين اليهود المنتشرين في أنحاء العالم،وقد أضحت التعاليم التلموية المعيار السائد والمقبول في كل ما يتعلق بحياة اليهود المادية والفكرية ،جاء في الموسوعة اليهودية عن مكانة التلمود :"إبان انحطاط الحياة الفكرية لدى اليهود وهو الانحطاط إلي بدأ في القرن السادس عشر ،نظرت أكثريتهم الساحقة إلى التلمود على أنه السلطة العليا حتى إن التوراة أنزلت إلى مرتبة ثانوية ،والمعاهد اليهودية نذرت نفسها لدراسة التلمود دون منازع لدرجة أصبح "الدرس" معها مرادفاً لدراسة التلمود ".
التلمود وأخلاق اليهود
يوجد طبعات عديدة من التلمود ولا سيما التلمود البابلي وهو أعز التلمودين عند اليهود لأنه بصراحة تامة يعبر عن أفكار الجنس اليهودي وأمانيه ويتكون هذا التلمود من اثني عشرَ مجلداً وقد أدى طبع هذا التلمود إلى وضع اليهود موضع الحرج من جراء الأفكار والفقرات التي تسربت إلى أسماع العالم غير اليهودي والتي تكشف عن نوايا اليهود وأفكارهم وأخلاقهم من غدر فاضح فاجتمع أحبار اليهود في صورة مجمع مقدس وقرروا حذف الفقرات المريبة من كل طبعة تظهر في المستقبل وقد قرر المجمع المقدس أيضاً إصدار حرمان ضد كل شخص يجرؤ على أن يثبت في الطبعات المستقبلية للمنشا والجمارا كل ما يعتبر طعناً مباشراً في سيدنا عيسى أو في الأديان الأخرى والعودة إلى تلقين الشباب والتلاميذ اليهود ضد هذه الفقرات المحذوفة شفهياً للوصول إلى أهداف اليهود دون إثارة شعوب العالم عليهم.
إن للتلمود مكاناً رفيعاً لدى اليهود وقد حرص كهنة اليهود طوال مدى ألفي عام على التهويل من قيمته في نظر اليهود وإقناعهم بأهميته العظمى فوضعوه فوق التوراة
فأحبار وكهنة اليهود يقولون ( إذا كانت التوراة تشبه الماء فالمنشا يشبه النبيذ والجمارا تشبه النبيذ المعطر وأن الذين يدرسون التوراة يعملون عملاً قد يكون فاضلاً وقد لا يكون والذين يدرسون المنشا يمارسون إحدى الفضائل ولا بد أن يؤجروا عليها أما من يدرس الجمارا فإنهم يباشرون جميع الفضائل وأسماها على السواء)
( لا يصح التعامل مع شخص يتبع التوراة وليس لديه نسخة من تعاليم التلمود فعند ذلك سيطيع تعاليم التلمود والربانيين أكثر من اتباع التوراة )
ويفسر سمو التلمود على التوراة بأن الله لم ينزل على سيدنا موسى في طور سيناء التوراة وحدها بل التلمود أيضاً ولكن فَرَّقَ بين الكتابين بأن جعل التلمود الذي هو خيرهما يحفظ بالطريقة الشفوية حتى لا يطلع عليه غير اليهود في حالة إذا استضعفت اليهود في الأرض وظهر عليها غيرها من الأمم ، هذا لأنه إذا أراد الإله كتابة التلمود كما كانت التوراة لعجزت الأرض وما فيها من أن تكون مداداً له .
يطلق التلمود لفظ (جوى) وبالجمع جوييم على غير اليهودي ولما كان قد قرر أن اليهود قد خلقوا من مادة الإله فإن الجوييم (غير اليهود) قد خرجوا من جوهر الشيطان فقد ترتب على ذلك أن اليهود أعز على الله من الملائكة حتى أنه إذا جرؤ شخص ما على ضرب أحد اليهود فإنه قد ارتكب جريمة صفع ذات الإلهية نفسها ولذلك صفع أحد الجوييم يهودياً استحق الموت ويبرر التلمود عدالة هذا العقاب بقوله ( لا مراء في أن الأشياء تختلف بعضها عن بعض فالنبات والحيوان لا يمكن لهما الوجود دون عناية الإنسان وكما أن بني الإنسان يعلو على الحيوانات فإن اليهود يسمون على شعوب الأرض جميعاً إذ إن هؤلاء الشعوب من بذرة حيوانية ولو لم يوجد اليهود لغاضت البركة من الأرض وانطفأ نور الشمس وكف المطر عن النزول وتعذرت الحياة على أصحابها .
ويتفق جميع الأحبار اليهود والذين ساهموا في كتابة التلمود على أن غير اليهود من طبيعة حيوانية ويقارنونهم بالكلاب والحمير والخنازير وهم لا يقولون ذلك على أنه شتيمة بل على أنه حقيقة علمية فيقول الحبر ابرافانيل ( الشعب اليهودي جدير بحياة الخلود والشعوب الأخرى فإنها أشبه شيء بالحمير) ويقول الحبر مناحيم (:( يا معشر اليهود إنكم أنتم البشر أما الشعوب الأخرى فليسوا من البشر في شيء إذ إن نفوسهم آتية من روح نجسة أما نفوس اليهود فمصدرها روح الله المقدسة) ، كأنه يقول إن الأجناس الأخرى نفوسهم نجسة .
وعلى أساس هذا الاختلاف الجوهري بين اليهودي "الذي هو إنسان" وغير اليهودي "الذي هو حيوان" تقوم الأخلاق التلمودية بأسرها فإنه لم يكن في وسع "الفريسيين" أن ينتزعوا من نفوس عامة اليهود كل أثر لتوراة سيدنا موسى ووصاياه التي تأمر بإقامة العدل وإسداء المعروف إلى أمثالهم من البشر فاستطاعوا بفضل هذا التمييز الذي أقاموه بين اليهودي وغيره أن يقولوا بأن الجهلة من بني جنسهم لم يفهموا أقوال سيدنا موسى على حقيقتها حين أدخلوا غير اليهودي في زمرة البشر وأن هذه الوصايا تظل حافظة لقيمتها ومرماها ما دامت لا تطبق إلاّ على اليهودي ولكن لا يصح بأية حال تطبيقها على الجوييم الذين لا شيء يلزم اليهود بالمحافظة على حياتهم أو أموالهم إلاّ إذا كان عليهم أيضاً أن يحافظوا على حياة الكلاب والخنازير وأموالها بل إن غضب يهوه لا ينصب على الكلاب والخنازير بقدر ما ينصب على هؤلاء الجوييم ، ويستغل اليهود هذا المبدأ القائل (بأن الله يحقد على غير اليهود) في تبريرهم إصابتهم بأشنع الأضرار إذ لا يليق بإنسان أن يحب من سخط عليه الله .
وإذن فمن الحق في نظرهم أن يأمر اليهود أتباعه بتطبيق مثل هذه القواعد على الجوييم لا تقوموا نحوهم بأية مكرمة) ، (من أبغض المعاصي لدى الله أن يعطف اليهود على أولئك الذين لا عقل لهم) ، (كونوا طاهرين مع الأطهار، شريرين مع الأشرار) وبالطبع لا يمكن لغير اليهود إلاّ أن يكونوا أشراراً حتى لو أنفقوا حياتهم في عمل الخير إذ أن التلمود يقرر أنه غير مسموح لهم بأن يكونوا من الأخيار وأنهم حتى (إذا فعلوا الخير وقدموا الحسنات وتواصوا بالمعروف فإنه يجب على اليهود أن يزدادوا لهم بغضاً لأنهم لا يفعلون ذلك إلاّ رياء)
ولكن محرري التلمود كانوا قد عرفوا بالاختبار أنه من التهور تطبيق تلك القواعد بصورة صريحة واضحة لأن الجوييم قد يغضبون إذا رأوا اليهود يعاملونهم على هذا النحو ولذلك لا ينسى التلمود أن يكمل هذه الأخلاق الكريمة بوصية أخرى كلها نفاق ورياء فيقول : ( يجب على الإنسان "أي اليهودي" أن يتذرع دائماً بالمكر في تنفيذه لوصايا الله فيلقي التحية على غير اليهود وأن يكون معهم في سلام لكي يثقوا فيه ويتجنب شرورهم) ويفسر الحبر (نجاي) هذه الوصية بقوله : ((إن النفاق مسموح به بمعنى أن اليهودي يجب عليه أن يظهر بمظهر الأدب أمام الأنجاس وأن يظهر لهم التكريم ويقول لهم :إني أحبكم .
نعم إن مثل هذا النفاق مسموح به لليهودي إذا كان في حاجة إلى أحد هؤلاء الأنجاس أو خاف شرهم وإلا كان خطيئة كبرى ، فلكي يحسن اليهودي خداع غير اليهود يصح له أن يزور مرضاهم ويدفن موتاهم ويتصدق على فقرائهم ، ولكن لا ينبغي له أن يفعل ذلك إلا من أجل اكتساب وُدَّهم للإيقاع بهم ومنع هؤلاء الأنجاس من إلحاق الضرر باليهود ))
ومن الخطأ أن نتوهم أن التلمود يقتصر على هذه التوجيهات العامة حول الطريقة التي يجب على اليهود أن يعاملوا بها غير اليهود فهناك وصايا تفصيلية حول كل حالة من الحالات . فمثلاً إذا كانت الكتب المقدسة تقول ((إن الله قد أعطى خيرات الأرض لبني الإنسان )) أجاب التلمود بقوله : ((نعم ، ولكن الإنسان هو اليهودي وحده ولذلك لا يصح لغير اليهودي أن يمتلك شيئاً منها كما لا يصح للحيوان المتوحش الذي يجول في الغابة ويستمتع بها أن يدعي ملكية هذه الغابة وإذا كان للإنسان أن يقتل هذا الحيوان المتوحش دون وخزة واحدة من ضمير لكي يستولي على هذه الغابة فإن له أن يقتل غير اليهودي وأن يطارده لكي يستولي على ما في يده وذلك لأن ما يملكه غير اليهودي يشبه الشيء المهجور الذي يعتبر اليهودي مالكه الحقيقي )).
ويقول الحبر "ألبو" معلقاً على ذلك : ((وهذه غاية العدل لأن الله أعطى لليهودي الحق في حياة جميع الشعوب وممتلكاتها ولذلك إذا سرق غير اليهودي وجب عليه الموت ولكن لليهودي كل الحق في أن يستولي على أملاك غير اليهودي لأن الكتاب المقدس يقول : (لا تلحق ضراراً بإنسان مثلك ولا يقول لا تلحق ضرراً بيهودي ولذلك كله لا يسمح التلمود بتوجيه تهمة السرقة إلى اليهودي إلا إذا سرق من يهودي آخر . وهذا الحق الذي يدعيه اليهودي لنفسه على من هو غير يهودي يمتد أيضا إلى حيوانات اليهود فيقول التلمود : ((إذا نطح ثور مملوك ليهودي ثوراً لواحد من غير اليهود اعتبر اليهودي بريئاً ، ولكن إذا اعتدى ثور لغير يهودي على ثور ليهودي وجب على غير اليهودي أن يدفع التعويض الكامل لأن الله قد بسط الأرض وأسلم غير اليهود لبني إسرائيل ))
ولكن قد يكون من العسير على اليهودي أن يحمل غير اليهودي على قبول هذه الأحكام ولذلك يقدم التلمود لأتباعه عدداً من الوسائل الملتوية التي يستطيعون الوصول بها إلى غرضهم النهائي وهو تجريد شعوب العالم أجمع مما تملك والربا أول هذه الوسائل فقد ورد في الآية الثلاثين من الإصحاح الثالث والعشرين لسفر التثينة أن سيدنا موسى أباح الإقراض بالفائدة فاستولى التلمود على هذه الرخصة وراح يفسرها على طريقته ليجعل منها سلاحاً ضد غير اليهود فيقول : (( أمرنا الله أن نستخدم الربا مع غير اليهودي وأن نقرضهم المال بالفائدة لكي نصيبهم بالأذى بدلاً من أن نقدم لهم المعونة حتى ولو كانوا يساعدوننا ويخلصون لنا ولكن لا ينبغي أن نعامل اليهود على هذا النحو )) ويقول : (( أيها اليهودي إن حياة الأنجاس ملك لك ومن باب أولى أموالهم فجردهم منها عن طريق الربا))( )
ولا شك أن هذا الربا الإجباري نحو غير اليهود كافة كان من العوامل التي ضمنت الثراء الفاحش لليهود كما كان سبباً في كثير من الثورات التي شنها العالم عليهم في العصور الوسطى وقد وصل الربا اليهودي في هذه العصور وفي العصور الحديثة إلى نسب لا يستطيع المرء تصديقها لو لم تشهد بها الوثائق الرسمية فنجد أن مناقشات "الديت" الألماني تحرم على اليهود أن يقرضوا بأكثر من 43% في العام بعد أن كانوا يقرضون بسعر يزيد على 600% ولأهمية الربا في ابتزاز أموال غير اليهود نجد التلمود يلح على اليهود في استعماله ويوصي كل يهودي أن يباشره في بيته فيقرض أولاده بالربا (حتى يستمرئوا طعمه ولا يستطيعوا التخلي عنه) وإلى جانب الربا يوصي التلمود أتباعه باستخدام الغش والخداع واللصوصية بجميع أنواعها : "فإذا سقط من أحد الجوييم شيء أو كيس والتقطه يهودي وجب عليه أن يستولي عليه إذ يحرم أن يرد إلى غير اليهودي شيء فقد منه ومن يرد إلى غير اليهودي شيئاً فقد منه حرم من رحمة "
وفي ذلك يقول الحبر "راشي" : (إن رد ما فقد من غير اليهودي إليه معناه اعتبار هذا النجس مساوياً للإسرائيلي وتلك خطيئة عظمى كما أن من يرد إلى غير اليهودي مالاً فقد منه يعمل على ازدياد قوة الأنجاس ) ويقول موسى بن ميمون : ((إذا كان واحد من غير اليهود يستحوذ على إيصال ضد يهودي يشهد بأنه أعار هذا اليهودي بعض المال فقد منه الإيصال فعلى اليهودي الذي يجده ألا يرده لصاحبه غير اليهودي لأن التزام أخيه اليهودي نحو دائنه قد انتهى بمجرد عثوره هو على الإيصال وإذا أصر اليهودي على رد الإيصال لصاحبه وجب أن نمنعه من ذلك قائلين له : إذا أردت أن تتظاهر بالأمانة فتظاهر بها على حسابك أنت.
وهذه نصيحة تتفق تمام الاتفاق مع الأخلاق التلمودية التي تنكر التملك على غير اليهود وتبيحه كله لليهود ومن ثم إذا استدان يهودي مالاً من غير يهودي كان كأنه لم يفعل غير استرداد بعض حقه المسلوب.
وهذا هو الحال أيضاً فيما يتعلق بالأمور التجارية فيقول التلمود : (إذا كان يجب التعامل بالربا مع غير اليهود فإنه يجب أيضاً غشهم في البيع والشراء ولكن إذا باع اليهودي لأخيه اليهودي أو اشترى منه شيئاً لم يجز له غشه) ويوضح التلمود ذلك ويدلل عليه بأمثلة واقعية استقاها من حياة كبار الأحبار الذين ساهموا في كتابة التلمود ومنها أن الحبر صموئيل قابل شخصاً غير يهودي ومعه قارورة من الذهب الإبريز فما زال به حتى أقنعه بأنها من النحاس الأصفر واشتراها منه بأربعة دراهم ثم زاد على ذلك بأن سلب منه درهماً لدى الدفع ، ومنها أن يهودياً باع لشخص غير يهودي عدداً ما من جذوع النخل وحرص هذا الشخص على عدها بدقة فأرسل اليهودي خادمه ليلاً ليقطع من كل منها جزءاً وهو يقول : إذا كان هذا النجس قد عرف عددها فإنه لا يعرف أطوالها .
ولنتكلم الآن عن وصايا التلمود بالنسبة للأخطاء التي قد يقع فيها غير اليهودي ضد صالحه في تعامله مع اليهودي . يقول الحبر "موشيه" بالنص : (إذا أخطأ واحد من غير اليهود في العدد واستفهم من اليهودي عما إذا كان العدد مضبوطاً وجب على هذا الأخير ألاّ يجيبه بلا أو نعم بل يقول له لا أدري لأنه قد يكون أخطأ عامداً لكي يختبر أمانة اليهودي) ونحن لا نعتقد أن هناك طريقة للصوصية أشد حذراً وإيغالاً في التفنن من تلك ولذا لا يدهشنا أن نسمع الحبر "برنيز" يقول : (بعد أن تقضي الجماعة من اليهود أسبوعها في التجوال وغش المسيحيين والمسلمين بجميع طرق الغش يجب عليهم أن يجتمعوا في يوم السبت ليحتفلوا بحذقهم في الخداع ويتلو الآية: "لا بد من انتزاع قلوب غير اليهود من أجوافهم وسحق ألباب النجاس".( )
وإذا كان الاختلاف الأساسي بين اليهودي ذي الطبيعة البشرية وغير اليهودي ذي الطبيعة الحيوانية قد جعل للأول الحق في مال الأخير فقد خول له الحق أيضاً في إراقة دمه وفي ذلك يقول الحبر موسى بن ميمون : ( إن الوصية التي تقول "لا تقتل" معناها ألاً تقتل أحداً من اليهود لذلك لا يصح لليهودي أن يشعر بأدنى ندم إذا أتاحت له الفرصة قتل أحد الجوييم ) ويقول : ( إذا أخرج المرء شخصاً غير يهودي من هاوية تردى فيها كان معنى ذلك أنه زاد عدد الوثنيين في العالم واحداً) ويقول : (إذا وقع غير اليهودي في حفرة حرم على اليهودي انتشاله منها ،وإذا كان فيها سلم وجب عليه أن يرفعه منها وهو يقول إني أفعل ذلك حتى لا يغري بهيمتي بالنزول عليه وإذا كان هناك حجر إلى جانب الحفرة وجب عليه أن يغطي به فتحتها ويقول : فعلت ذلك حتى لا تسقط فيها بهيمتي ) ويختتم التلمود نصائحه في هذا الصدد بتلك العبارة التي تقشعر من هولها الأبدان والتي تفسر لنا كثيراً من الطقوس الدينية لقدامى اليهود وتقديمهم القرابين البشرية لآلهتهم وهي : (من يريق دماً لغير يهودي كان قد قدم أسمى القرابين إلى الله.)
وإذا كانت أموال غير اليهود وأرواحهم حلالاً لليهود فإن لهم أيضاً أعراض نسائهم وبناتهم دون رادع ،ويقول (للرجل أن يفعل بامرأته ما يحلو له كما لو كانت قطعة من اللحم اشتراها من الجزار فله أن يأكلها مشوية أو مسلوقة تبعاً لهواه ) ، كما يذكر أفعالاً دنيئة من هذا القبيل وقعت لطائفة من كبار الأحبار ويسترسل في وصفها بإعجاب وبحنان يكاد يكون دينياً.
أما عن الوفاء بالعهود ورعاية الأقسام والتمسك بالوعود فإن التلمود يعفي منها اليهود ذا كان الطرف الثاني فيها غير يهودي وقد عرفت المحاكم منذ القدم هذه الصفة لدى اليهود فكانت لا تقبل شهادة اليهودي إلا إذا أقسم وشنع قسمه باللعنات المغلظة التي يشفعه بها عادة عندما يقسم في المعبد وهذا احتياط مشكور من جانب العدالة ولكنا لا نعتقد أنه يضمن لنا صدق اليهودي فالواقع أن التلمود يحتوي على نصائح ووصايا تبيح لليهودي أن يحنث في قسمه مهما أغلظه وينقض عهده مهما أكده وهو مستريح الضمير ما دام من عاهده غير يهودي ويكفي لذلك أن يكمل هذا القسم في سره بعبارة تحله من تنفيذ ما أقسم عليه ويذكر التلمود من أمثلة ذلك أن إحدى سيدات النبلاء قصت ذات مرة على الحاخام يوحنن (خبراً سرياً) بعد أن أقسم لها بإله إسرائيل ألا يذيع منه شيئاً فصدقت السيدة أنه لن يفشي أمره حتى لإله إسرائيل نفسه ولكن الخبر لم يلبث أن اطلع عليه اليهود (دون أن يرتكب أي حنث)لأنه كان قد شفع قسمه بقوله سراً (إلا لليهود).
وأبسط من ذلك ما يوصي به الحبر (أقيبا) الذي يسمونه موسى الثاني من أنه يكفي اليهود لكي يتحلل من قسمه دون حنث أن يسر في نفسه وهو يقسم هذا القسم (أن هذا القسم غير نافذ المفعول) ويبيح التلمود لليهودي أن يسلك هذا المسلك كلما اضطر أن يقطع على نفسه عهداً لأحد (الجوييم) فإذا ارتكب يهودي جناية وسُئِل يهودي أخر أن يُدلي بما يعرفه عنها جاز له أن يقسم قسماً كاذباً لينجي أخاه اليهودي وإذا طُلِب منه مثلاً أن يقسم على عدم الفرار أقسم وعلق قسمه سراً على شرط مستحيل الوقوع ولا ينس التلمود أن يعقب على هذه الوصايا بقوله (ولكن لا يصح لليهودي أن يفعل شيئاً من ذلك إلا إذا تحقق من أن حنثه بعهده لن ينكشف لغير اليهود حتى لا يعرفوا أن اليهود لا يبرون بوعودهم ولا يحترمون اسم إلههم )
إن مثل هذا السلوك يحتم علينا ألا نثق في عهد اليهودي التلمودي أو قسمه ولا سيما إذا عرفنا أن اليهود يقيمون عيداً سنوياً اسمه يوم الغفران (يوم الكيبور) وفيه يعفون جميع الرعايا اليهود مقدماً من وزر الحنث لمدة عام فيقف الحاخام الأكبر أو من يقوم مقامه في إمامة المصلين ويعلن هذا الدعاء بصوت جهوري : (ولتعفنا يا الله من الوفاء بجميع العهود والمواثيق التي نقطعها على أنفسنا والأيمان التي نتفوه بها ابتداء من يومنا هذا حتى اليوم المماثل له من العام القادم واجعلها عديمة الفاعلية عديمة القيمة كأنها لم تكن ولتكن عهودنا غير عهود وأقسامنا غير أقسام . آمين)
نرى أنه يطول بنا الحديث إذا استرسلنا في تعداد وصايا التلمود ومبادئه ولذلك نكتفي منها بهذا القدر .
إن الهدف ليس إثارة الحفيظة والبغضاء ضد اليهود باعتبارهم جنساً أو اليهودية باعتبارها ديناً فإن الله لم يخلق جنساً مستعداً بطبعه لارتكاب الشرور كما أن اليهودية الحقة التي هي دين سيدنا موسى وغيره من أنبياء إسرائيل المرسلين بريئة مما يرتكبه اليهود التلموديون وما زالوا يرتكبون حتى يومنا هذا من فظائع ضد الحضارة والإنسانية وإنما أردنا أن نشرح الظروف والأحداث التي جعلت من اليهود شعباً بغيضا ًمخرباً لا يعيش إلا على السفك والغش والخداع أردنا أن نبين العوامل التاريخية التي سممت أفكار الشعب العبري وجعلته مسخاً بشرياً على يد جمعية سرية إجرامية ساعدت تلك العوامل على إيجادها واستفحال أمرها وهي جمعية "الفريسيين" أو "المنافقين" وقد دأبت هذه الجمعية على نفث سمومها سراً بين اليهود فلما رأت أنها مسخت عقولهم وأفسدت نفوسهم وسيطرت عليهم بالقدر الذي أرادته قامت تعمل على تحقيق هدفها الأخير وهو السيطرة على شعوب الأرض وإخضاعها للسلطان اليهودي أو استئصال شأفتها وشنت في هذا السبيل عدداً كبيراً من الثورات المسلحة المتلاحقة التي انتهت جميعها بالوبال عليها والدمار على كثير من الشعوب المتحضرة وحينئذٍ أيقنت الجماعة أن تحقيق وهمها لا يزال حلماً بعيد المنال فعدلت عن تحقيقه مؤقتاً وعكفت على التمهيد له بمضاعفة الجهد في تشويه عقول اليهود ومسخ نفوسهم وإشاعة الدمار والفساد والانحلال المادي والمعنوي سراً بين شعوب الأرض كلها عن طريق وسائلها الإجرامية التي أشرنا إليها.
وظلت على هذه الحال قروناً طويلة استطاعت خلالها أن تجمع تعاليمها المخزية ومبادئها المخجلة في كتاب ضخم جداً اسمه التلمود أو السنة المتوارثة حتى كانت أواخر القرن التاسع عشر وظن القائمون على أمور الجمعية السرية أن الأوان قد آن لتحقيق حلمهم تحقيقاً فعلياً فحسروا عن جهودهم النقاب وسموا أنفسهم باسم "جمعية الصهيونيين" وراحوا يحيكون الدسائس وينادون علناً بإنشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين أولاً ثم في الأقطار العربية المجاورة لها ثانياً وأخيراً في جميع بلاد العالم .
فالصهيونية هي "الفريسية" تحت اسم جديد أوهامها هي أوهام التلمود وسياستها سياسة التلمود ووسائلها هي الوسائل التلمودية وأخلاقها هي الأخلاق التلمودية التي ذكرنا طرفاً منها ويهودها هم اليهود التلموديون الذين جنوا على عامة الشعب اليهودي بأفكارهم المسممة كما جنى هؤلاء الأخيرون بدورهم وبإيعاز من رؤسائهم على البشرية كلها بأفعالهم الإجرامية ولكن المجرمين الحقيقيين هم هؤلاء "الفريسيون" أو "المنافقون" أو "الصهيونيون" في أي صورة كانوا وتحت أي اسم كان لأن عامة الشعب اليهودي أنفسهم ليسوا إلا أول ضحية من ضحاياهم ( )
نجمة داوود
للأسف توجد العديد من المعلومات المتضاربة بشأن نجمة داوود (النجمة السداسية)-(hexagram) والموجودة الآن على علم ما يسمى إسرائيل ... والأرجح هي التالية:
يعود أصل هذه النجمة إلى أزمان قديمة جدا قبل اليهود , حيث كان يستعمل في السحر و الشعوذة و الفلك في مصر القديمة وكانت من طقوس عبادة مولوخ و عشتاروث (Moloch-ech, Ashtoreth-aroth) عند الفينيقيين والآشوريين لعَبَدة البعل وعُرفت نجمة الإله رام "رامفان"وما زالت رمزاً للإله الهندي رام في الهند إلى يومنا هذا وعبادة هذه الآلهة دخلت إلى شعوب الشرق مع الحوريين والحثيين وأصبحت جزء من معتقداتهم .
تزوير مع سبق الإصرار
وادعت اليهود أن هذه النجمة قد انتقلت الى الملك سليمان ابن الملك داوود , حيث ولع بنساء غريبات كثيرات , فضلا عن ابنة فرعون , فتزوج نساء موآبيات و عمونيات و أدوميات و صيدونيات و حثيات , و كلهن من بنات الأمم التي نهى الرب بني اسرائيل عن الزواج منهن قائلا لهم: (( لا تتزوجوا منهم ولا هم منكم لأنهم يغوون قلوبكم وراء آلهتهم )) .
و ادعوا على سيدنا سليمان أنه التصق بهن لفرط محبته لهن , فكانت له (700) زوجة و (300) محظية , واستطعن في زمن شيخوخته أن يغوين قلبه وراء آلهة أخرى , فلم يكن قلبه مستقيماً مع الرب إلهه كقلب داوود أبيه . وما لبث أن عبد عشتاروث (Ashtaroth) آلهة الصيدونيين و مولوخ (Moloch) اله العمونيين , و أقام على تلٍٍ شرقي اورشليم مرتفعا لكموش (Chemosh) اله الموآبيين الفاسق و لمولوخ البغيض , حيث كانت
قرابين الأطفال تقدم على مذابح هذه الآلهة...! و هذه العبادة الوثنية هي التي أدت الى تمزيق مملكة اسرائيل بعد موت سليمان الى اثنبن , على الرغم من تحذيرات الله إليه عن طريق أنبيائه ,
أما الآلهة الآشورية فكانت: (Siccuth (Sakkuth), Chiun (Kaiwan , و هي من أسماء زحل كنجم , و كانت من عناصر العبادة الوثنية.
و ادعوا كذلك أن سيدنا سليمان قد ترك العديد من المقالات التي لها علاقة بعباداته الوثنية , مثل:
مرآة سليمان , مشط سليمان , النجمة السداسية التي عُرفت بختم سليمان في عالم السحر والتنجيم , وضع سليمان أيضاً أسس الأخوية (foundations of the Craft) , والتي عُرفت فيما بعد بالماسونية أو (البناؤون الأحرار) , والنجمة السداسية أصبحت تستعمل في الطقوس الماسونية الشيطانية .
قال تعالى :"واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان ،وما كفر سلبيمان ولكن الشياطين كفروا،يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت،وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلاّ بإذن الله "سورة البقرة (102)
و قد أجبر ادولف هتلر اليهود على ارتداء نجمة سداسية صفراء أثناء المحرقة (Holocaust) , و كلمة هولوكوست تعني (ذبيحة المحرقة) حيث كانت النجمة السداسية - كما رأينا - تستعمل فيما مضى عندما كانت التقدمات البشرية المحروقة تقدَم الى مولوخ و عشتاروث ضمن طقوس عبادة البعل .
حيث أراد هتلر من اليهود أن يكونوا محرقة لسلطته...
و هكذا كان اليهود يستعملون هذه النجمة عندما كانوا في مصر و بعد خروجهم منها بمعجزات إلهية وعجائب ربانية إلى أن وصلوا للأراضي الكنعانية و احتلوها , حينها كانت الشعوب الكنعانية و الفينيقية و الآشورية و المصرية تعبد الأصنام و الأوثان , و على الرغم من كل المعجزات التي رآها هذا شعب بني إسرائيل
العنيد , أصر على تحدي إلهه و عبادة أصنام هذه الشعوب ...!
فلنسأل أنفسنا لماذا أراد الشعب اليهودي أن تكون النجمة السداسية شعاراً أبدياً لهم , و لماذا وُضعت على علم اسرائيل ما دامت هذه إهانة لهم على أنهم محرقات بشرية ...!!!ولماذا يتمسكون بهذه النجمة المقدسة ما دامت من طقوس السحر والشعوذة وعبادة الأصنام)...! )
هل وصل عناد هذا الشعب و تحدي إلهه الى درجة التمسك بإشارة الشيطان و تقديسه...؟؟؟ الله أعلم بكامل الأمر من يُغضب إلهه فسوف يُعاقب إن لم يكن العقاب في هذه الدنيا فسيكون في الحياة الثانية (الحياة الأبدية)قال تعالى :"لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم بما عصوا وكانوا يعتدون ( )
المراجع
1- جورج بوست: قاموس الكتاب المقدس- بيروت 1971
2- الكتاب المقدس ،الإصحاح العشرون الآيات 1-17
3- الكتاب المقدس ، الإصحاح الخامس الآيات 6-12.
4- نجيب ميخائيل إبراهيم: مصر والشرق الأدنى القديم- دمشق 1964
5- ويل ديورانت: قصة الحضارة- ج2 مجلد 3- القاهرة 1961
6- الموسوعة الفلسطينية: القسم العام في أربعة مجلدات- المجلد الرابع (ل-ي)- إصدار هيئة الموسوعة الفلسطينية- صـ570-571.
7- جورج بوست،قاموس الكتاب المقدس"، بيروت 1894-1901
- سامي سعيد الأحمد ن"الأسس التاريخية للعقيدة اليهودية"،بغداد 1969
- أحمد شلبي،"مقارنة الأديان اليهودية"،القاهرة 1973
- حسن ظاظا،"الفكر الديني الإسرائيلي،أطواره ومذاهبه" ،القاهرة 1970
- علي إمام عطية ،"الصهيونية العالمية وأرض الميعاد"، القاهرة 1963
- محمود مصطفى ،"التوراة موضع خلاف"،بيروت 1972
- علي عبد الواحد وافي،"اليهودية واليهود" ،القاهرة 1970
8- محمد أحمد دياب عبد الحامد-أضواء على اليهودية من خلال مصادرها-ص151-155 –دار المنار-مطبعة الفجر الجديد1985
9- إسرائيل شاحاك،"الديانة اليهودية وتاريخ اليهود وطأة 3000 عام" ،تقديم إدوارد سعيد،بيروت الطبعة الثانية 1995
10- أبو الفدى محمد عزت محمد عارف ،" نهاية اليهود"،السعودية ،دار عكاظ،الطبعة الثانية1990،ص50-53
11- محمد عزت - محمد عادل –نهاية اليهود –ص51-57 –دار عكاظ-السعودية 1990
12- د.محمد عبد الله الشرقاوي-الكنز المرصود في فضائح التلمود – دار عمران-بيروت 1993
- أسعد رزوق ،"التلمود والصهيونية"، بيروت 1970
- عبد الله التل ،"خطر اليهودية العالمية على الاسلام والمسيحية"،القاهرة 1969
- أوغست روهلنج ،"الكنز المرصود في قواعد التلمود"،(مترجم) ،القاهرة 1899
- محمد عزة نصر الله ،"اليهودي علي حسب التلمود" ،بيروت 1970
- عبد المنعم شميس ،" التلمود كتاب إسرائيل المقدس"،القاهرة 1968
13- غوستاف لوبون،"اليهود في تاريخ الحضارات الأولى"،القاهرة 1950
- إسرائيل ولفسون ،"تاريخ اليهود في بلاد العرب"، القاهرة 1927
- نجيب ميخائيل إبراهيم،"مصر والشرق الأدنى القديم" ،سوريا 1964
- ويل ديوارنت،"قصة الحضارة "،المجلد الأول، الجزء الثاني
14- قرآن كريم-سورة المائدة (78)
من كتاب اليهودية في العراء بين الوهم والحقيقة/بقلم الكاتب محسن الخزندار
الوصايا العشر بالديانة اليهودية
الوصايا أو الأوامر أو الكلمات العشر و هي قائمة بتوصيات وأوامر دينية أوصى بها الرب سيدنا موسى في طور سيناء ونقشت أثناء ذلك أو بعد ذلك على لوحين حجريين وجهاً وظهراً.
ويقال أن سيدنا موسى عندما نزل من جبل الطور وجد قومه يعبدون العجل ويرقصون حوله فكسر اللوحين وصعد مرة أخرى إلى الجبل فعاد حاملاً لوحين جديدين وبذلك اختفت أصول الشريعة الأصلية التي كتبت على اللوحين الأولين وقد استخلص بعض المؤرخين أن أحكام الشريعة الموسوية كتبت بيد سيدنا موسى نفسه على رقاق البردي وأنها غير الوصايا التي كتبت على الحجر بيد الرب كما تقول التوراة( ). وبعد 1246م اعترف المسيحيون بجوهر الوصايا وإن كانوا قد اختلفوا في ترتيبها وتفضيلها فقد اعتمد على الكنيسة البروتستانتية (ومن ضمنها الأنكليكانية) والكنيسة الأرثوذكسية ترتيب الوصايا كما هي في سفر الخروج( ) واعتمد الكاثوليكيون واللوثريون ترتيبها كما وردت في سفر التثنية( ) والخلاف هنا حول أهمية الوصية ودمجها بأخرى أو بالعكس وإن كان المعنى العام واحداً تقريباً.
تتألف كل وصية من عدد قليل من الكلمات لا يتجاوز في بعضها الكلمتين بالعبرية القديمة.
وتضع الوصية الأولى (أنا السيد الإله الذي أتيت بك من مصر لا تشرك بي أحداً) أساس المجتمع الذي يقوم على فكرة الإله الواحد القادر المهيمن وتسمو الوصية الثانية (لا تضع أنصاباً أو تماثيل للإله) بفكرة الإله الذي لا تدركه الأبصار ولا يمكن تجسيده و تحرم الوصية الثالثة(لا تذكر اسم الله بالباطل) تحريماً مطلقاً على المؤمن النطق باسم الإله عبثاً فحسب بل مجرد النطق به( ).
وهي تأمر بأن يبدل به ما يدل عليه عند الضرورة وتشير الوصية الرابعة (يوم السبت يوم مقدس) إلى ضرورة تحريم العمل في هذا اليوم وقصره على العبادة والراحة وتركز الوصية الخامسة (أكرم أباك وأمك) على أن رعاية الأبوين قاعدة رئيسية في بناء المجتمع وهي من القداسة بمكان رفيع وتحرم الوصية السادسة (لا تقتل) القتل رغم تحريمه مبدأ مثالي صعب المنال وتدعو الوصية السابعة (لا تزن) إلى الزواج الذي لا يمكن قيام مجتمع سليم بدونه وتحدد الوصيتان الثامنة (لا تسرق) والتاسعة (لا تشهد زوراً) معالم المجتمع المثالي وأما الوصية العاشرة (لا تشته ما لغيرك) فإنها تركز على تقديس الملكية الفردية( ).وقد اختلف المفكرون والمؤرخون على مر العصور في تقريرهم قيمة الوصايا العشر وراوحت آراؤهم بين أهميتها التي تفوق كل تقدير والقول بأنها تلخيص ذكي لمبادئ أخلاقية معروفة عند كثير من الأمم التي جاورها اليهود ولاسيما الكنعانيين والحيثيين( ).
التوراة
التوراة Torah كلمة عبرانية قديمة تعني الهداية أو الإرشاد .
والتوراة كتاب اليهود المقدس الذي يتضمن تاريخهم وشرائعهم وعقائدهم وقد آمن المسيحيون بما جاء في التوراة فأضافوها إلى أسفار العهد الجديد (الأناجيل الأربعة،والرسائل،وأعمال الرسل) ولكن لم يعترف بعضهم بكامل التوراة وخالفوا اليهود في ثلاثة أمور أولها :في اعترافهم بأسفارها وبخاصة البروتستانت الذين لم يعترفوا عند نسخهم العهد الجديد بسبعة أسفار كان يهود الإسكندرية في الفترة الرومانية وما بعدها قد اعتمدوها وهي : طوبيا يهوديت والحكمة ويشوع بن سيراخ ونبوءة باروك والمكابيين الثاني، وهي الأسفار نفسها التي لم يعترف بها يهود فلسطين في ذلك الوقت.
وثانيها في تسميات بعضها الآخر فأصبحت أسماء الأسفار :اللاويين وصموئيل الأول وصموئيل الثاني والملوك الأول والملوك الثاني عند البروتستانت، وعند الكاثوليك:الأخبار والملوك الأول والملوك الثاني والملوك الثالث والملوك الرابع بالترتيب، وثالثها إضافة كلمة "نبوءة" إلى أسفار الأنبياء في النسخة الكاثوليكية وتذكر المصادر أن أقدم قراءة للتوراة العبرية جرت حوالي عام 444 ق.م عندما دعا النبي عزرا اليهود إلى سماع بعض منها .
وبعد الانتهاء من القراءة أقسم المجتمعون على إطاعة ما جاء فيها وعلى جعلها دستوراً لدينهم ودنياهم.
وفي عهد ملك مصر بطليموس فيلادلفوس (185-247 ق.م) شكا يهود الإسكندرية من عدم قدرتهم على فهم أسفار التوراة بالعبرية،فقام بطليموس بتكليف اثنين وسبعين فقيهاً من فقهاء اليهود من بيت المقدس بجمع أسفار التوراة وترجمتها من العبرية أو الآرامية إلى الإغريقية ،وسميت هذه الترجمة بالترجمة السبتاغوتية Septuagint أي السبعينية .
وفي مستهل القرن الثاني الميلادي ترجمت التوراة إلى السريانية، وفي القرن الثالث إلى القبطية،وبعد ذلك إلى الحبشية، ثم إلى اللاتينية والعربية (718م) وإلى غيرها من اللغات .
لم تجمع أسفار التوراة بشكليها البروتستانتي والكاثوليكي دفعة واحدة بل على عدة مراحل ، وفي حين تعتبر أسفار الأنبياء (أشعياء-أرميا-حزقيال-دانيال-عاموس-هوشع-عوبديا-يونان-ميخا-ناحوم-حبقوق-صفينا-حجّي-زكريا-ملاخي) أقدم الأسفار جميعاً يؤكد المؤرخون أن الأسفار الخمسة الأولى (التكوين-الخروج-اللاوييّن-العدد-التثنية) أو ما يسمى (بنتاتوك Pentateaque) .
لم تأخذ شكلها المعروف إلاَّ في فترة السبي البابلي (586-538 ق.م) وأنها نقحت خلال القرنين التاليين،كما يرجحون أن سفر دانيال وعدداً من المزامير كتبت أثناء فترة الحكم السلوقي لفلسطين، وبالتحديد بين 168-165 ق.م.
وبالرغم من أن جانباً كبيراً من العهد القديم قد اتخذ شكله المعروف فيما بين عهد عزرا والغزو الروماني للمنطقة (حوالي 64 ق.م) فإنه لم يكتمل حتى مجمع يامينا عام 90م الذي اعترف بعد مناقشات مستفيضة بمعظم الأسفار المعروفة اليوم التي تتردد خلالها إشارات عابرة إلى بعض الأسفار الضائعة.
ومنها سفر شمعيا وسفر ياشر وسفر أمور سليمان وسفر شريعة الله وسفر توراة موسى وسفر كلام ناثان النبي وسفر أخبار الأيام للملك داوود وسفر أخبار الأيام لملوك يهودا وسفر ملوك إسرائيل، وغيرها .
وتشير الأسفار الأخيرة إلى أمرين : أولهما : أنه كان لكل ملك من ملوك يهودا وإسرائيل سفر خاص به . وثانيهما : أن الأسفار كانت تكتب في فترة قريبة من الحدث الذي تتناوله مع صياغتها بالقالب الذي أراده لها كاتبها.
ولما كان عدد من روايات الأسفار قد انتقل مشافهة فإن معظم المؤرخين يرجحون تعرضها خلال جيل أو أكثر لما تتعرض له عادة الأقوال المنقولة كلها مشافهة،ومن هنا نشأ كثير من التناقض غير المسوغ في بعض الأحيان،كما أثار الضغط على بعض النقاط الشك فيها أكثر مما أكد الحقيقة التي تحاول إبرازها .
ولهذا يعتقد كثير من المؤرخين أن التوراة المعاصرة ليست التوراة الأصلية،أو أنها على أفضل تقدير التوراة مع كثير أو قليل من الإضافات ،وهذا ما يثبته استعراض تاريخ التوراة .
تذكر المصادر المقدسة أن سيدنا موسى بعد تلقّيه أوامر ربه في سيناء كتب هذه الأوامر وسلّمها إلى "اللاويين" لحفظها في تابوت العهد في "شيلوه" ،وأمرهم بقراءتها أمام كل بني إسرائيل بعد سبع سنوات، وفي عيد "المظال". وقام خليفته يشوع بتنفيذ ذلك الأمر، ومن ثم حفظ نسخة التوراة الوحيدة.
وأثناء الحرب مع الفلسطينيين اصطحب اليهود توراتهم المحفوظة في تابوت العهد للتبرك بها والحفاظ عليها،وبنتيجة الحرب استولى الفلسطينيون على التابوت والتوراة، واحتفظوا بهما سبعة أشهر ضاع فيها أي ذكر للتوراة ،ثم وردت أخبار عن استعادة اليهود التابوت الذي فقد مرة أخرى أثناء حصار القائد البابلي نبوخذنصر بيت المقدس (588-586ق.م) ،وبعد خراب بيت المقدس بسبعين عاماً خرج المدعو عزرا يزعم عثوره على الأسفار التي تمسّك بها اليهود.
ويعتقد بعض المؤرخين أن عزرا (وكان يهودياً متحمساً) جمع من أحبار اليهود بعد عودتهم من الأسر البابلي عدداً من الكتب والروايات المقدسة التي سمعها أو اطّلع عليها،وأنه قام بإعداد أول نسخ التوراة المكتوبة رتب فيها الأسفار وقسمها ثلاثة أقسام :( القانون-الأنبياء-المتابات المقدسة) .
ويتكون القسم الأول من أسفار التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية. والثاني من أسفار يشوع والقضاة مع راعوث والملوك وصموئيل وأشعيا وأرميا مع المراثي وحزقيال ودانيال والاثنى عشر نبياً الآخرين وأيوب وعزرا ونحميا وأستير.ويتضمن القسم الثالث أسفار المزامير والأمثال ونشيد الأنشاد والجامعة .
وقد عثر الأثريون على عدد من نسخ التوراة أو أسفارها التي كتبت في عصور مختلفة، وأحدث ما عثر عليه في عام 1951 مجموعة الأسفار في منطقة بيت لحم،وقبلها بقليل (عام1947) عثر في كهف في خربة قمران في الشمال الغربي من البحر الميت على مجموعة أخرى من المخطوطات العبرانية يعتقد أنها دونت في الفترة الهلنستية، وتضم المجموعة نصاً لسفر أشعيا وأجزاء متفرقة من أسفارٍِ أخرى .( )
التلمود
التلمود كلمة عبرانية تعني التعليم مشتقة من "التلمذة" ويعتبر التلمود "السُّنة" في الشريعة اليهودية، أو التوراة الشفهية التي نطق أو عمل بها كبار الأحبار.
ويتضمن التلمود مجموعة من القوانين والأحكام والوصايا السياسية والحقوقية والدينية عند اليهود مع شروحها التي كان يتم تداولها بين رجال الدين وأتباعهم في باديء الأمر مشافهة.وبعد أن تضخمت واتسع نطاقها بتزايد شروحها والإضافات عليها وأصبح من المتعذر الاعتماد على المشافهة قامت مجموعة من الأحبار اليهود بتدوينها فظهر التلمود.
ويعتقد معظم المؤرخين أن انهيار الكيان السياسي للطائفة اليهودية على يدي القائد الروماني تيتوس عام 70 م قد أقنع اليهود بصواب فكرة الابتعاد عن ممارسة السياسة التي لا تجلب إلاَّ الويلات، ومحاولة التركيز على إنشاء رابطة فكرية أو دينية قوامها خواطر رجال الدين حول أمور الحياة المختلفة، وقد قام عدد من أحبار اليهود بكتابة هذه الخواطر لتصبح دستوراً ينظّم لليهود حياتهم بعيداً عن أي تأثير خارجي، وقد أنكرت فئة من اليهود وهم القرّاءون، التلمود بعد كتابته، في حين آمن معظم اليهود بما جاء فيه وادّعوا أن ما كتب في التلمود كان يوحَى به، وهؤلاء هم الربّانيون.
والتلمود اثنان: التلمود المقدسي، أو الأورشليمي نسبة إلى بيت المقدس، والتلمود البابلي نسبة إلى بابل، وقد وضع التلمود المقدسي حاخامون من بيت المقدس عرفوا باسم "أمورايم"، أو المفسرين، في حين وضع التلمود البابلي كبير أحبار مدينة سوره قرب بغداد المدعو راشي أو رب أشي، وأتمّه أحبار آخرون في أواخر القرن الخامس الميلادي، ويتضمن ستة وثلاثين مبحثاً كتبت بالآرامية مع بعض الشروح بالعبرية وشغلت قرابة 2.947 صفحة. ويتميز بالرغم من قلة عدد مباحثه بالمقارنة مع التلمود المقدسي (39 مبحثاً) بأنه أوسع من التلمود المقدسي، إذ يبلغ أربعة أضعافه وبأنه التلمود الأكثر انتشاراً بين اليهود.
ويتكون التلمود من ستة أقسام تحتوي على ثلاثة وستين مبحثاً وتقع في خمسمائة وأربعة وعشرين فصلاً، وأسلوب الكتابة رغم عبريته وصبغته الكنعانية متأثراً إلى حد كبير بأسلوب اللغة الآرامية في الكتابة ويحتوي على الكثير من المفردات الآرامية واللاتينية والفارسية والإغريقية وقد قسم التلمود إلى قسمين :
1- المشنا :
وهي مجموعة قوانين اليهود السياسية والدينية والحقوقية ،وتقسم المشنا بدورها إلى ستة أقسام هي:
-البذور : ويتضمن قوانين الزراعة مسبوقة بقواعد عبادة الله .
-الفصول : ويبحث في الأعياد اليهودية .
-النساء : وقد ذكرت فيه قوانين الزواج والطلاق والنذور والوصايا .
-العقوبات : وتشمل على عموميات التشريعات المدنية والجزائية والإدارية الحكومية
-الأمور المقدسة : وهو بحث في القرابين والتضحيات وهيكل بيت المقدس
-الطهارة : وهو بحث في الطهارة والنجاسة .
وتتصف البحوث جميعها باستعراضها المباديء العامة لكل قسم دون مناقشتها .
2- الجمارا :
وهو مجموعة شروح وحواش تبسط قواعد المشنا وترسم تطبيقها على حالات واقعية أو افتراضية لم يعالجها رجال الدين من قبل ،وتعرضها مصحوبة بأمثلة وحكايات .
ومن الجلي أنه كان للتلمود الأثر الأكبر في بروز ظاهرة التعصب القومي لدى معظم اليهود الذين يفضّلون قراءته والإيمان به على التوراة ، فهو يقسم الناس إلى يهود وغير يهود .
وفي حين يحرم التلمود إيذاء اليهودي ،يعتبر سرقة أموال غير اليهود واغتصاب أملاكهم وأعراضهم وحيواناتهم حقاً لليهودي وتقرّباً من الله .
ويشمل التلمود القديم طعناً في المسيحية والمسيح ومما يذكره عن السيد المسيح أنه كان يهودياً مرتداً كافراً ،وتعاليمه كفر صريح، والمسيحيون كفرة مثله ،وأن أمه حملت به سفاحاً من جندي يدعى بندارا .
وقد تنبه أحبار اليهود الذين اجتمعوا عام 1631 م في بولونيا لخطورة هذا الموقف وقاموا بحذف الكلمات والعبارات التي تنال من السيد المسيح والمسيحية وتركوا مكانها فراغاً واتفقوا على تلقينها مشافهة تلاميذ المدارس الدينية فقط، وقد بلغ من شدة تعلق غلاة اليهود بالتلمود أن جعلوا دراسة التوراة فضيلة لا يستحق اليهود عليها أية مكافأة، أما من درس المشنا فإنه يستحق أن يكافأ في حين يحقق أعظم الفضائل من درس الجمارا.
تثبت النظرة العامة إلى التلمود تضمنه عدداً هائلاً من المغالطات وعوته إلى الترفّع القومي والتركيز على كون اليهود "شعب الله المختار" المساوي لرب العالمين الذي منح اليهود الدنيا وما عليها. ويزعم التلمود أن الله لا عمل له في الليل إلاّ قراءة التلمود مع الملائكة، والإعلان عن ندمه ولومه لذاته عندما تغاضى عن هدم هيكل بيت المقدس، وفي الحديث عن الأرواح يزعم التلمود أن روح اليهودي جزء من روح الله، وأن روح اليهودي الميت تشغل جسماً آخر، وأن اليهودي الذي يقتل يهودياً خطأ أو عن عمد تدخل روحه في حيوان أو نبات ثم تذهب إلى الجحيم وتعود لتدخل جسم حيوان آخر، وبعدها أحد الوثنيين وبعد أن تتطهر بمرورها بكل تلك المراحل تعود إلى جسد أحد اليهود.
والجنة في نظر التلمود مقصور دخولها على اليهود ،والنار مأوى لكل من عداهم من المسلمين الذين لا يغسلون إلاّ أيديهم وأرجلهم ،ومن المسيحيين الذين لا يختنون ، والخلاصة أن التلمود يمثل تراثاً يهودياً قومياً ودينياً .
وثمة عوامل جعلت اليهود يتمسكون بالتلمود منها الهجوم الذي تعرّض له على مر العصور من قبل الطوائف غير اليهودية، ومنها الأوامر التي أصدرها الباباوات سنوات 1320م-1415 م و1553 م بإحراق التلمود حتى قال أحد زعماء اليهود :"منذ أن ظهر التلمود إلى حيّز الوجود ،وحتى قبل أن يوجد في شكل ملموس جرت معاملته وكأنه أشبه ما يكون بالكائن البشري فقد حرّم وسجن وأحرق مئات المرات وتنافس الملوك والأباطرة والباباوات وأضدادهم في إلقاء الحرم عليه ،واستصدار الارادات والبيانات لمصادرة هذا الكتاب العاثر الحظ بالجملة وإطعامه ألسنة النيران" وقد بذل اليهود جهوداً جبارة في صيانة التلمود لأنه بجدليته الدقيقة يرضي حاجاتهم ونزعاتهم الفكرية والعاطفية والخيالية،ولأنه يمثل عنصر وحدة ممتازاً بين اليهود المنتشرين في أنحاء العالم،وقد أضحت التعاليم التلموية المعيار السائد والمقبول في كل ما يتعلق بحياة اليهود المادية والفكرية ،جاء في الموسوعة اليهودية عن مكانة التلمود :"إبان انحطاط الحياة الفكرية لدى اليهود وهو الانحطاط إلي بدأ في القرن السادس عشر ،نظرت أكثريتهم الساحقة إلى التلمود على أنه السلطة العليا حتى إن التوراة أنزلت إلى مرتبة ثانوية ،والمعاهد اليهودية نذرت نفسها لدراسة التلمود دون منازع لدرجة أصبح "الدرس" معها مرادفاً لدراسة التلمود ".
التلمود وأخلاق اليهود
يوجد طبعات عديدة من التلمود ولا سيما التلمود البابلي وهو أعز التلمودين عند اليهود لأنه بصراحة تامة يعبر عن أفكار الجنس اليهودي وأمانيه ويتكون هذا التلمود من اثني عشرَ مجلداً وقد أدى طبع هذا التلمود إلى وضع اليهود موضع الحرج من جراء الأفكار والفقرات التي تسربت إلى أسماع العالم غير اليهودي والتي تكشف عن نوايا اليهود وأفكارهم وأخلاقهم من غدر فاضح فاجتمع أحبار اليهود في صورة مجمع مقدس وقرروا حذف الفقرات المريبة من كل طبعة تظهر في المستقبل وقد قرر المجمع المقدس أيضاً إصدار حرمان ضد كل شخص يجرؤ على أن يثبت في الطبعات المستقبلية للمنشا والجمارا كل ما يعتبر طعناً مباشراً في سيدنا عيسى أو في الأديان الأخرى والعودة إلى تلقين الشباب والتلاميذ اليهود ضد هذه الفقرات المحذوفة شفهياً للوصول إلى أهداف اليهود دون إثارة شعوب العالم عليهم.
إن للتلمود مكاناً رفيعاً لدى اليهود وقد حرص كهنة اليهود طوال مدى ألفي عام على التهويل من قيمته في نظر اليهود وإقناعهم بأهميته العظمى فوضعوه فوق التوراة
فأحبار وكهنة اليهود يقولون ( إذا كانت التوراة تشبه الماء فالمنشا يشبه النبيذ والجمارا تشبه النبيذ المعطر وأن الذين يدرسون التوراة يعملون عملاً قد يكون فاضلاً وقد لا يكون والذين يدرسون المنشا يمارسون إحدى الفضائل ولا بد أن يؤجروا عليها أما من يدرس الجمارا فإنهم يباشرون جميع الفضائل وأسماها على السواء)
( لا يصح التعامل مع شخص يتبع التوراة وليس لديه نسخة من تعاليم التلمود فعند ذلك سيطيع تعاليم التلمود والربانيين أكثر من اتباع التوراة )
ويفسر سمو التلمود على التوراة بأن الله لم ينزل على سيدنا موسى في طور سيناء التوراة وحدها بل التلمود أيضاً ولكن فَرَّقَ بين الكتابين بأن جعل التلمود الذي هو خيرهما يحفظ بالطريقة الشفوية حتى لا يطلع عليه غير اليهود في حالة إذا استضعفت اليهود في الأرض وظهر عليها غيرها من الأمم ، هذا لأنه إذا أراد الإله كتابة التلمود كما كانت التوراة لعجزت الأرض وما فيها من أن تكون مداداً له .
يطلق التلمود لفظ (جوى) وبالجمع جوييم على غير اليهودي ولما كان قد قرر أن اليهود قد خلقوا من مادة الإله فإن الجوييم (غير اليهود) قد خرجوا من جوهر الشيطان فقد ترتب على ذلك أن اليهود أعز على الله من الملائكة حتى أنه إذا جرؤ شخص ما على ضرب أحد اليهود فإنه قد ارتكب جريمة صفع ذات الإلهية نفسها ولذلك صفع أحد الجوييم يهودياً استحق الموت ويبرر التلمود عدالة هذا العقاب بقوله ( لا مراء في أن الأشياء تختلف بعضها عن بعض فالنبات والحيوان لا يمكن لهما الوجود دون عناية الإنسان وكما أن بني الإنسان يعلو على الحيوانات فإن اليهود يسمون على شعوب الأرض جميعاً إذ إن هؤلاء الشعوب من بذرة حيوانية ولو لم يوجد اليهود لغاضت البركة من الأرض وانطفأ نور الشمس وكف المطر عن النزول وتعذرت الحياة على أصحابها .
ويتفق جميع الأحبار اليهود والذين ساهموا في كتابة التلمود على أن غير اليهود من طبيعة حيوانية ويقارنونهم بالكلاب والحمير والخنازير وهم لا يقولون ذلك على أنه شتيمة بل على أنه حقيقة علمية فيقول الحبر ابرافانيل ( الشعب اليهودي جدير بحياة الخلود والشعوب الأخرى فإنها أشبه شيء بالحمير) ويقول الحبر مناحيم (:( يا معشر اليهود إنكم أنتم البشر أما الشعوب الأخرى فليسوا من البشر في شيء إذ إن نفوسهم آتية من روح نجسة أما نفوس اليهود فمصدرها روح الله المقدسة) ، كأنه يقول إن الأجناس الأخرى نفوسهم نجسة .
وعلى أساس هذا الاختلاف الجوهري بين اليهودي "الذي هو إنسان" وغير اليهودي "الذي هو حيوان" تقوم الأخلاق التلمودية بأسرها فإنه لم يكن في وسع "الفريسيين" أن ينتزعوا من نفوس عامة اليهود كل أثر لتوراة سيدنا موسى ووصاياه التي تأمر بإقامة العدل وإسداء المعروف إلى أمثالهم من البشر فاستطاعوا بفضل هذا التمييز الذي أقاموه بين اليهودي وغيره أن يقولوا بأن الجهلة من بني جنسهم لم يفهموا أقوال سيدنا موسى على حقيقتها حين أدخلوا غير اليهودي في زمرة البشر وأن هذه الوصايا تظل حافظة لقيمتها ومرماها ما دامت لا تطبق إلاّ على اليهودي ولكن لا يصح بأية حال تطبيقها على الجوييم الذين لا شيء يلزم اليهود بالمحافظة على حياتهم أو أموالهم إلاّ إذا كان عليهم أيضاً أن يحافظوا على حياة الكلاب والخنازير وأموالها بل إن غضب يهوه لا ينصب على الكلاب والخنازير بقدر ما ينصب على هؤلاء الجوييم ، ويستغل اليهود هذا المبدأ القائل (بأن الله يحقد على غير اليهود) في تبريرهم إصابتهم بأشنع الأضرار إذ لا يليق بإنسان أن يحب من سخط عليه الله .
وإذن فمن الحق في نظرهم أن يأمر اليهود أتباعه بتطبيق مثل هذه القواعد على الجوييم لا تقوموا نحوهم بأية مكرمة) ، (من أبغض المعاصي لدى الله أن يعطف اليهود على أولئك الذين لا عقل لهم) ، (كونوا طاهرين مع الأطهار، شريرين مع الأشرار) وبالطبع لا يمكن لغير اليهود إلاّ أن يكونوا أشراراً حتى لو أنفقوا حياتهم في عمل الخير إذ أن التلمود يقرر أنه غير مسموح لهم بأن يكونوا من الأخيار وأنهم حتى (إذا فعلوا الخير وقدموا الحسنات وتواصوا بالمعروف فإنه يجب على اليهود أن يزدادوا لهم بغضاً لأنهم لا يفعلون ذلك إلاّ رياء)
ولكن محرري التلمود كانوا قد عرفوا بالاختبار أنه من التهور تطبيق تلك القواعد بصورة صريحة واضحة لأن الجوييم قد يغضبون إذا رأوا اليهود يعاملونهم على هذا النحو ولذلك لا ينسى التلمود أن يكمل هذه الأخلاق الكريمة بوصية أخرى كلها نفاق ورياء فيقول : ( يجب على الإنسان "أي اليهودي" أن يتذرع دائماً بالمكر في تنفيذه لوصايا الله فيلقي التحية على غير اليهود وأن يكون معهم في سلام لكي يثقوا فيه ويتجنب شرورهم) ويفسر الحبر (نجاي) هذه الوصية بقوله : ((إن النفاق مسموح به بمعنى أن اليهودي يجب عليه أن يظهر بمظهر الأدب أمام الأنجاس وأن يظهر لهم التكريم ويقول لهم :إني أحبكم .
نعم إن مثل هذا النفاق مسموح به لليهودي إذا كان في حاجة إلى أحد هؤلاء الأنجاس أو خاف شرهم وإلا كان خطيئة كبرى ، فلكي يحسن اليهودي خداع غير اليهود يصح له أن يزور مرضاهم ويدفن موتاهم ويتصدق على فقرائهم ، ولكن لا ينبغي له أن يفعل ذلك إلا من أجل اكتساب وُدَّهم للإيقاع بهم ومنع هؤلاء الأنجاس من إلحاق الضرر باليهود ))
ومن الخطأ أن نتوهم أن التلمود يقتصر على هذه التوجيهات العامة حول الطريقة التي يجب على اليهود أن يعاملوا بها غير اليهود فهناك وصايا تفصيلية حول كل حالة من الحالات . فمثلاً إذا كانت الكتب المقدسة تقول ((إن الله قد أعطى خيرات الأرض لبني الإنسان )) أجاب التلمود بقوله : ((نعم ، ولكن الإنسان هو اليهودي وحده ولذلك لا يصح لغير اليهودي أن يمتلك شيئاً منها كما لا يصح للحيوان المتوحش الذي يجول في الغابة ويستمتع بها أن يدعي ملكية هذه الغابة وإذا كان للإنسان أن يقتل هذا الحيوان المتوحش دون وخزة واحدة من ضمير لكي يستولي على هذه الغابة فإن له أن يقتل غير اليهودي وأن يطارده لكي يستولي على ما في يده وذلك لأن ما يملكه غير اليهودي يشبه الشيء المهجور الذي يعتبر اليهودي مالكه الحقيقي )).
ويقول الحبر "ألبو" معلقاً على ذلك : ((وهذه غاية العدل لأن الله أعطى لليهودي الحق في حياة جميع الشعوب وممتلكاتها ولذلك إذا سرق غير اليهودي وجب عليه الموت ولكن لليهودي كل الحق في أن يستولي على أملاك غير اليهودي لأن الكتاب المقدس يقول : (لا تلحق ضراراً بإنسان مثلك ولا يقول لا تلحق ضرراً بيهودي ولذلك كله لا يسمح التلمود بتوجيه تهمة السرقة إلى اليهودي إلا إذا سرق من يهودي آخر . وهذا الحق الذي يدعيه اليهودي لنفسه على من هو غير يهودي يمتد أيضا إلى حيوانات اليهود فيقول التلمود : ((إذا نطح ثور مملوك ليهودي ثوراً لواحد من غير اليهود اعتبر اليهودي بريئاً ، ولكن إذا اعتدى ثور لغير يهودي على ثور ليهودي وجب على غير اليهودي أن يدفع التعويض الكامل لأن الله قد بسط الأرض وأسلم غير اليهود لبني إسرائيل ))
ولكن قد يكون من العسير على اليهودي أن يحمل غير اليهودي على قبول هذه الأحكام ولذلك يقدم التلمود لأتباعه عدداً من الوسائل الملتوية التي يستطيعون الوصول بها إلى غرضهم النهائي وهو تجريد شعوب العالم أجمع مما تملك والربا أول هذه الوسائل فقد ورد في الآية الثلاثين من الإصحاح الثالث والعشرين لسفر التثينة أن سيدنا موسى أباح الإقراض بالفائدة فاستولى التلمود على هذه الرخصة وراح يفسرها على طريقته ليجعل منها سلاحاً ضد غير اليهود فيقول : (( أمرنا الله أن نستخدم الربا مع غير اليهودي وأن نقرضهم المال بالفائدة لكي نصيبهم بالأذى بدلاً من أن نقدم لهم المعونة حتى ولو كانوا يساعدوننا ويخلصون لنا ولكن لا ينبغي أن نعامل اليهود على هذا النحو )) ويقول : (( أيها اليهودي إن حياة الأنجاس ملك لك ومن باب أولى أموالهم فجردهم منها عن طريق الربا))( )
ولا شك أن هذا الربا الإجباري نحو غير اليهود كافة كان من العوامل التي ضمنت الثراء الفاحش لليهود كما كان سبباً في كثير من الثورات التي شنها العالم عليهم في العصور الوسطى وقد وصل الربا اليهودي في هذه العصور وفي العصور الحديثة إلى نسب لا يستطيع المرء تصديقها لو لم تشهد بها الوثائق الرسمية فنجد أن مناقشات "الديت" الألماني تحرم على اليهود أن يقرضوا بأكثر من 43% في العام بعد أن كانوا يقرضون بسعر يزيد على 600% ولأهمية الربا في ابتزاز أموال غير اليهود نجد التلمود يلح على اليهود في استعماله ويوصي كل يهودي أن يباشره في بيته فيقرض أولاده بالربا (حتى يستمرئوا طعمه ولا يستطيعوا التخلي عنه) وإلى جانب الربا يوصي التلمود أتباعه باستخدام الغش والخداع واللصوصية بجميع أنواعها : "فإذا سقط من أحد الجوييم شيء أو كيس والتقطه يهودي وجب عليه أن يستولي عليه إذ يحرم أن يرد إلى غير اليهودي شيء فقد منه ومن يرد إلى غير اليهودي شيئاً فقد منه حرم من رحمة "
وفي ذلك يقول الحبر "راشي" : (إن رد ما فقد من غير اليهودي إليه معناه اعتبار هذا النجس مساوياً للإسرائيلي وتلك خطيئة عظمى كما أن من يرد إلى غير اليهودي مالاً فقد منه يعمل على ازدياد قوة الأنجاس ) ويقول موسى بن ميمون : ((إذا كان واحد من غير اليهود يستحوذ على إيصال ضد يهودي يشهد بأنه أعار هذا اليهودي بعض المال فقد منه الإيصال فعلى اليهودي الذي يجده ألا يرده لصاحبه غير اليهودي لأن التزام أخيه اليهودي نحو دائنه قد انتهى بمجرد عثوره هو على الإيصال وإذا أصر اليهودي على رد الإيصال لصاحبه وجب أن نمنعه من ذلك قائلين له : إذا أردت أن تتظاهر بالأمانة فتظاهر بها على حسابك أنت.
وهذه نصيحة تتفق تمام الاتفاق مع الأخلاق التلمودية التي تنكر التملك على غير اليهود وتبيحه كله لليهود ومن ثم إذا استدان يهودي مالاً من غير يهودي كان كأنه لم يفعل غير استرداد بعض حقه المسلوب.
وهذا هو الحال أيضاً فيما يتعلق بالأمور التجارية فيقول التلمود : (إذا كان يجب التعامل بالربا مع غير اليهود فإنه يجب أيضاً غشهم في البيع والشراء ولكن إذا باع اليهودي لأخيه اليهودي أو اشترى منه شيئاً لم يجز له غشه) ويوضح التلمود ذلك ويدلل عليه بأمثلة واقعية استقاها من حياة كبار الأحبار الذين ساهموا في كتابة التلمود ومنها أن الحبر صموئيل قابل شخصاً غير يهودي ومعه قارورة من الذهب الإبريز فما زال به حتى أقنعه بأنها من النحاس الأصفر واشتراها منه بأربعة دراهم ثم زاد على ذلك بأن سلب منه درهماً لدى الدفع ، ومنها أن يهودياً باع لشخص غير يهودي عدداً ما من جذوع النخل وحرص هذا الشخص على عدها بدقة فأرسل اليهودي خادمه ليلاً ليقطع من كل منها جزءاً وهو يقول : إذا كان هذا النجس قد عرف عددها فإنه لا يعرف أطوالها .
ولنتكلم الآن عن وصايا التلمود بالنسبة للأخطاء التي قد يقع فيها غير اليهودي ضد صالحه في تعامله مع اليهودي . يقول الحبر "موشيه" بالنص : (إذا أخطأ واحد من غير اليهود في العدد واستفهم من اليهودي عما إذا كان العدد مضبوطاً وجب على هذا الأخير ألاّ يجيبه بلا أو نعم بل يقول له لا أدري لأنه قد يكون أخطأ عامداً لكي يختبر أمانة اليهودي) ونحن لا نعتقد أن هناك طريقة للصوصية أشد حذراً وإيغالاً في التفنن من تلك ولذا لا يدهشنا أن نسمع الحبر "برنيز" يقول : (بعد أن تقضي الجماعة من اليهود أسبوعها في التجوال وغش المسيحيين والمسلمين بجميع طرق الغش يجب عليهم أن يجتمعوا في يوم السبت ليحتفلوا بحذقهم في الخداع ويتلو الآية: "لا بد من انتزاع قلوب غير اليهود من أجوافهم وسحق ألباب النجاس".( )
وإذا كان الاختلاف الأساسي بين اليهودي ذي الطبيعة البشرية وغير اليهودي ذي الطبيعة الحيوانية قد جعل للأول الحق في مال الأخير فقد خول له الحق أيضاً في إراقة دمه وفي ذلك يقول الحبر موسى بن ميمون : ( إن الوصية التي تقول "لا تقتل" معناها ألاً تقتل أحداً من اليهود لذلك لا يصح لليهودي أن يشعر بأدنى ندم إذا أتاحت له الفرصة قتل أحد الجوييم ) ويقول : ( إذا أخرج المرء شخصاً غير يهودي من هاوية تردى فيها كان معنى ذلك أنه زاد عدد الوثنيين في العالم واحداً) ويقول : (إذا وقع غير اليهودي في حفرة حرم على اليهودي انتشاله منها ،وإذا كان فيها سلم وجب عليه أن يرفعه منها وهو يقول إني أفعل ذلك حتى لا يغري بهيمتي بالنزول عليه وإذا كان هناك حجر إلى جانب الحفرة وجب عليه أن يغطي به فتحتها ويقول : فعلت ذلك حتى لا تسقط فيها بهيمتي ) ويختتم التلمود نصائحه في هذا الصدد بتلك العبارة التي تقشعر من هولها الأبدان والتي تفسر لنا كثيراً من الطقوس الدينية لقدامى اليهود وتقديمهم القرابين البشرية لآلهتهم وهي : (من يريق دماً لغير يهودي كان قد قدم أسمى القرابين إلى الله.)
وإذا كانت أموال غير اليهود وأرواحهم حلالاً لليهود فإن لهم أيضاً أعراض نسائهم وبناتهم دون رادع ،ويقول (للرجل أن يفعل بامرأته ما يحلو له كما لو كانت قطعة من اللحم اشتراها من الجزار فله أن يأكلها مشوية أو مسلوقة تبعاً لهواه ) ، كما يذكر أفعالاً دنيئة من هذا القبيل وقعت لطائفة من كبار الأحبار ويسترسل في وصفها بإعجاب وبحنان يكاد يكون دينياً.
أما عن الوفاء بالعهود ورعاية الأقسام والتمسك بالوعود فإن التلمود يعفي منها اليهود ذا كان الطرف الثاني فيها غير يهودي وقد عرفت المحاكم منذ القدم هذه الصفة لدى اليهود فكانت لا تقبل شهادة اليهودي إلا إذا أقسم وشنع قسمه باللعنات المغلظة التي يشفعه بها عادة عندما يقسم في المعبد وهذا احتياط مشكور من جانب العدالة ولكنا لا نعتقد أنه يضمن لنا صدق اليهودي فالواقع أن التلمود يحتوي على نصائح ووصايا تبيح لليهودي أن يحنث في قسمه مهما أغلظه وينقض عهده مهما أكده وهو مستريح الضمير ما دام من عاهده غير يهودي ويكفي لذلك أن يكمل هذا القسم في سره بعبارة تحله من تنفيذ ما أقسم عليه ويذكر التلمود من أمثلة ذلك أن إحدى سيدات النبلاء قصت ذات مرة على الحاخام يوحنن (خبراً سرياً) بعد أن أقسم لها بإله إسرائيل ألا يذيع منه شيئاً فصدقت السيدة أنه لن يفشي أمره حتى لإله إسرائيل نفسه ولكن الخبر لم يلبث أن اطلع عليه اليهود (دون أن يرتكب أي حنث)لأنه كان قد شفع قسمه بقوله سراً (إلا لليهود).
وأبسط من ذلك ما يوصي به الحبر (أقيبا) الذي يسمونه موسى الثاني من أنه يكفي اليهود لكي يتحلل من قسمه دون حنث أن يسر في نفسه وهو يقسم هذا القسم (أن هذا القسم غير نافذ المفعول) ويبيح التلمود لليهودي أن يسلك هذا المسلك كلما اضطر أن يقطع على نفسه عهداً لأحد (الجوييم) فإذا ارتكب يهودي جناية وسُئِل يهودي أخر أن يُدلي بما يعرفه عنها جاز له أن يقسم قسماً كاذباً لينجي أخاه اليهودي وإذا طُلِب منه مثلاً أن يقسم على عدم الفرار أقسم وعلق قسمه سراً على شرط مستحيل الوقوع ولا ينس التلمود أن يعقب على هذه الوصايا بقوله (ولكن لا يصح لليهودي أن يفعل شيئاً من ذلك إلا إذا تحقق من أن حنثه بعهده لن ينكشف لغير اليهود حتى لا يعرفوا أن اليهود لا يبرون بوعودهم ولا يحترمون اسم إلههم )
إن مثل هذا السلوك يحتم علينا ألا نثق في عهد اليهودي التلمودي أو قسمه ولا سيما إذا عرفنا أن اليهود يقيمون عيداً سنوياً اسمه يوم الغفران (يوم الكيبور) وفيه يعفون جميع الرعايا اليهود مقدماً من وزر الحنث لمدة عام فيقف الحاخام الأكبر أو من يقوم مقامه في إمامة المصلين ويعلن هذا الدعاء بصوت جهوري : (ولتعفنا يا الله من الوفاء بجميع العهود والمواثيق التي نقطعها على أنفسنا والأيمان التي نتفوه بها ابتداء من يومنا هذا حتى اليوم المماثل له من العام القادم واجعلها عديمة الفاعلية عديمة القيمة كأنها لم تكن ولتكن عهودنا غير عهود وأقسامنا غير أقسام . آمين)
نرى أنه يطول بنا الحديث إذا استرسلنا في تعداد وصايا التلمود ومبادئه ولذلك نكتفي منها بهذا القدر .
إن الهدف ليس إثارة الحفيظة والبغضاء ضد اليهود باعتبارهم جنساً أو اليهودية باعتبارها ديناً فإن الله لم يخلق جنساً مستعداً بطبعه لارتكاب الشرور كما أن اليهودية الحقة التي هي دين سيدنا موسى وغيره من أنبياء إسرائيل المرسلين بريئة مما يرتكبه اليهود التلموديون وما زالوا يرتكبون حتى يومنا هذا من فظائع ضد الحضارة والإنسانية وإنما أردنا أن نشرح الظروف والأحداث التي جعلت من اليهود شعباً بغيضا ًمخرباً لا يعيش إلا على السفك والغش والخداع أردنا أن نبين العوامل التاريخية التي سممت أفكار الشعب العبري وجعلته مسخاً بشرياً على يد جمعية سرية إجرامية ساعدت تلك العوامل على إيجادها واستفحال أمرها وهي جمعية "الفريسيين" أو "المنافقين" وقد دأبت هذه الجمعية على نفث سمومها سراً بين اليهود فلما رأت أنها مسخت عقولهم وأفسدت نفوسهم وسيطرت عليهم بالقدر الذي أرادته قامت تعمل على تحقيق هدفها الأخير وهو السيطرة على شعوب الأرض وإخضاعها للسلطان اليهودي أو استئصال شأفتها وشنت في هذا السبيل عدداً كبيراً من الثورات المسلحة المتلاحقة التي انتهت جميعها بالوبال عليها والدمار على كثير من الشعوب المتحضرة وحينئذٍ أيقنت الجماعة أن تحقيق وهمها لا يزال حلماً بعيد المنال فعدلت عن تحقيقه مؤقتاً وعكفت على التمهيد له بمضاعفة الجهد في تشويه عقول اليهود ومسخ نفوسهم وإشاعة الدمار والفساد والانحلال المادي والمعنوي سراً بين شعوب الأرض كلها عن طريق وسائلها الإجرامية التي أشرنا إليها.
وظلت على هذه الحال قروناً طويلة استطاعت خلالها أن تجمع تعاليمها المخزية ومبادئها المخجلة في كتاب ضخم جداً اسمه التلمود أو السنة المتوارثة حتى كانت أواخر القرن التاسع عشر وظن القائمون على أمور الجمعية السرية أن الأوان قد آن لتحقيق حلمهم تحقيقاً فعلياً فحسروا عن جهودهم النقاب وسموا أنفسهم باسم "جمعية الصهيونيين" وراحوا يحيكون الدسائس وينادون علناً بإنشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين أولاً ثم في الأقطار العربية المجاورة لها ثانياً وأخيراً في جميع بلاد العالم .
فالصهيونية هي "الفريسية" تحت اسم جديد أوهامها هي أوهام التلمود وسياستها سياسة التلمود ووسائلها هي الوسائل التلمودية وأخلاقها هي الأخلاق التلمودية التي ذكرنا طرفاً منها ويهودها هم اليهود التلموديون الذين جنوا على عامة الشعب اليهودي بأفكارهم المسممة كما جنى هؤلاء الأخيرون بدورهم وبإيعاز من رؤسائهم على البشرية كلها بأفعالهم الإجرامية ولكن المجرمين الحقيقيين هم هؤلاء "الفريسيون" أو "المنافقون" أو "الصهيونيون" في أي صورة كانوا وتحت أي اسم كان لأن عامة الشعب اليهودي أنفسهم ليسوا إلا أول ضحية من ضحاياهم ( )
نجمة داوود
للأسف توجد العديد من المعلومات المتضاربة بشأن نجمة داوود (النجمة السداسية)-(hexagram) والموجودة الآن على علم ما يسمى إسرائيل ... والأرجح هي التالية:
يعود أصل هذه النجمة إلى أزمان قديمة جدا قبل اليهود , حيث كان يستعمل في السحر و الشعوذة و الفلك في مصر القديمة وكانت من طقوس عبادة مولوخ و عشتاروث (Moloch-ech, Ashtoreth-aroth) عند الفينيقيين والآشوريين لعَبَدة البعل وعُرفت نجمة الإله رام "رامفان"وما زالت رمزاً للإله الهندي رام في الهند إلى يومنا هذا وعبادة هذه الآلهة دخلت إلى شعوب الشرق مع الحوريين والحثيين وأصبحت جزء من معتقداتهم .
تزوير مع سبق الإصرار
وادعت اليهود أن هذه النجمة قد انتقلت الى الملك سليمان ابن الملك داوود , حيث ولع بنساء غريبات كثيرات , فضلا عن ابنة فرعون , فتزوج نساء موآبيات و عمونيات و أدوميات و صيدونيات و حثيات , و كلهن من بنات الأمم التي نهى الرب بني اسرائيل عن الزواج منهن قائلا لهم: (( لا تتزوجوا منهم ولا هم منكم لأنهم يغوون قلوبكم وراء آلهتهم )) .
و ادعوا على سيدنا سليمان أنه التصق بهن لفرط محبته لهن , فكانت له (700) زوجة و (300) محظية , واستطعن في زمن شيخوخته أن يغوين قلبه وراء آلهة أخرى , فلم يكن قلبه مستقيماً مع الرب إلهه كقلب داوود أبيه . وما لبث أن عبد عشتاروث (Ashtaroth) آلهة الصيدونيين و مولوخ (Moloch) اله العمونيين , و أقام على تلٍٍ شرقي اورشليم مرتفعا لكموش (Chemosh) اله الموآبيين الفاسق و لمولوخ البغيض , حيث كانت
قرابين الأطفال تقدم على مذابح هذه الآلهة...! و هذه العبادة الوثنية هي التي أدت الى تمزيق مملكة اسرائيل بعد موت سليمان الى اثنبن , على الرغم من تحذيرات الله إليه عن طريق أنبيائه ,
أما الآلهة الآشورية فكانت: (Siccuth (Sakkuth), Chiun (Kaiwan , و هي من أسماء زحل كنجم , و كانت من عناصر العبادة الوثنية.
و ادعوا كذلك أن سيدنا سليمان قد ترك العديد من المقالات التي لها علاقة بعباداته الوثنية , مثل:
مرآة سليمان , مشط سليمان , النجمة السداسية التي عُرفت بختم سليمان في عالم السحر والتنجيم , وضع سليمان أيضاً أسس الأخوية (foundations of the Craft) , والتي عُرفت فيما بعد بالماسونية أو (البناؤون الأحرار) , والنجمة السداسية أصبحت تستعمل في الطقوس الماسونية الشيطانية .
قال تعالى :"واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان ،وما كفر سلبيمان ولكن الشياطين كفروا،يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت،وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلاّ بإذن الله "سورة البقرة (102)
و قد أجبر ادولف هتلر اليهود على ارتداء نجمة سداسية صفراء أثناء المحرقة (Holocaust) , و كلمة هولوكوست تعني (ذبيحة المحرقة) حيث كانت النجمة السداسية - كما رأينا - تستعمل فيما مضى عندما كانت التقدمات البشرية المحروقة تقدَم الى مولوخ و عشتاروث ضمن طقوس عبادة البعل .
حيث أراد هتلر من اليهود أن يكونوا محرقة لسلطته...
و هكذا كان اليهود يستعملون هذه النجمة عندما كانوا في مصر و بعد خروجهم منها بمعجزات إلهية وعجائب ربانية إلى أن وصلوا للأراضي الكنعانية و احتلوها , حينها كانت الشعوب الكنعانية و الفينيقية و الآشورية و المصرية تعبد الأصنام و الأوثان , و على الرغم من كل المعجزات التي رآها هذا شعب بني إسرائيل
العنيد , أصر على تحدي إلهه و عبادة أصنام هذه الشعوب ...!
فلنسأل أنفسنا لماذا أراد الشعب اليهودي أن تكون النجمة السداسية شعاراً أبدياً لهم , و لماذا وُضعت على علم اسرائيل ما دامت هذه إهانة لهم على أنهم محرقات بشرية ...!!!ولماذا يتمسكون بهذه النجمة المقدسة ما دامت من طقوس السحر والشعوذة وعبادة الأصنام)...! )
هل وصل عناد هذا الشعب و تحدي إلهه الى درجة التمسك بإشارة الشيطان و تقديسه...؟؟؟ الله أعلم بكامل الأمر من يُغضب إلهه فسوف يُعاقب إن لم يكن العقاب في هذه الدنيا فسيكون في الحياة الثانية (الحياة الأبدية)قال تعالى :"لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم بما عصوا وكانوا يعتدون ( )
المراجع
1- جورج بوست: قاموس الكتاب المقدس- بيروت 1971
2- الكتاب المقدس ،الإصحاح العشرون الآيات 1-17
3- الكتاب المقدس ، الإصحاح الخامس الآيات 6-12.
4- نجيب ميخائيل إبراهيم: مصر والشرق الأدنى القديم- دمشق 1964
5- ويل ديورانت: قصة الحضارة- ج2 مجلد 3- القاهرة 1961
6- الموسوعة الفلسطينية: القسم العام في أربعة مجلدات- المجلد الرابع (ل-ي)- إصدار هيئة الموسوعة الفلسطينية- صـ570-571.
7- جورج بوست،قاموس الكتاب المقدس"، بيروت 1894-1901
- سامي سعيد الأحمد ن"الأسس التاريخية للعقيدة اليهودية"،بغداد 1969
- أحمد شلبي،"مقارنة الأديان اليهودية"،القاهرة 1973
- حسن ظاظا،"الفكر الديني الإسرائيلي،أطواره ومذاهبه" ،القاهرة 1970
- علي إمام عطية ،"الصهيونية العالمية وأرض الميعاد"، القاهرة 1963
- محمود مصطفى ،"التوراة موضع خلاف"،بيروت 1972
- علي عبد الواحد وافي،"اليهودية واليهود" ،القاهرة 1970
8- محمد أحمد دياب عبد الحامد-أضواء على اليهودية من خلال مصادرها-ص151-155 –دار المنار-مطبعة الفجر الجديد1985
9- إسرائيل شاحاك،"الديانة اليهودية وتاريخ اليهود وطأة 3000 عام" ،تقديم إدوارد سعيد،بيروت الطبعة الثانية 1995
10- أبو الفدى محمد عزت محمد عارف ،" نهاية اليهود"،السعودية ،دار عكاظ،الطبعة الثانية1990،ص50-53
11- محمد عزت - محمد عادل –نهاية اليهود –ص51-57 –دار عكاظ-السعودية 1990
12- د.محمد عبد الله الشرقاوي-الكنز المرصود في فضائح التلمود – دار عمران-بيروت 1993
- أسعد رزوق ،"التلمود والصهيونية"، بيروت 1970
- عبد الله التل ،"خطر اليهودية العالمية على الاسلام والمسيحية"،القاهرة 1969
- أوغست روهلنج ،"الكنز المرصود في قواعد التلمود"،(مترجم) ،القاهرة 1899
- محمد عزة نصر الله ،"اليهودي علي حسب التلمود" ،بيروت 1970
- عبد المنعم شميس ،" التلمود كتاب إسرائيل المقدس"،القاهرة 1968
13- غوستاف لوبون،"اليهود في تاريخ الحضارات الأولى"،القاهرة 1950
- إسرائيل ولفسون ،"تاريخ اليهود في بلاد العرب"، القاهرة 1927
- نجيب ميخائيل إبراهيم،"مصر والشرق الأدنى القديم" ،سوريا 1964
- ويل ديوارنت،"قصة الحضارة "،المجلد الأول، الجزء الثاني
14- قرآن كريم-سورة المائدة (78)