بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الأول
خطـة الدراسـة
1.1 مقدمة :
عمدت إسرائيل منذ احتلالها للأراضي الفلسطيني في الرابع من حزيران من العام 1967 إلى إتباع سياسة فرض الوقائع على الأرض من خلال ابتلاع الأراضي الفلسطيني وبناء وتوسيع المستوطنات وتجريف الأراضي الزراعية وإقامة المناطق العازلة بذريعة الأمن ثم أعادت احتلال مساحات شاسعة من مناطق " أ " في الضفة الغربية بعد عملية " السور الواقي " التي بدأت في التاسع من آذار عام 2002 دون النظر إلى نتائج هذه الممارسات من معاناة للشعب الفلسطيني وتعثر للمفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وتجميد للعملية السياسية برمتها .
بتاريخ 23/6/2002 وفي تطور شرعت حكومة شارون ببناء جدار الفصل بين الضفة الغربية وأراضي الـ 48 ولم تعتمد الحكومة الإسرائيلية آنذاك الخط الأخضر ليكون مسار هذا الجدار وإنما عمدت إلى بناء الجدار داخل أراضي الضفة الغربية ليشكل هذا الجدار بعد اكتماله الحدود النهائية لدولة إسرائيل ولتتحول الضفة الغربية لمجموعة من الكانتونات أو الجزر تفصل بينها بوابات أمنية ضخمة تحت إشراف الجيش الإسرائيلي الأمر الذي يحول في المستقبل دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران تتمتع بوحدة جغرافية واحدة وسيادة كاملة على أراضيها .
ويشكل هذا الجدار امتداداً للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وتتطلع الحكومة الإسرائيلية إلى ضم اكبر عدد من الإسرائيليين واقل عدد من الفلسطينيين في الجانب الإسرائيلي من الجدار ، ويقسم الجدار إلى جزأين أساسيين الأول غلاف القدس ، والثاني وهو الجدار الرئيسي الذي يمتد على طول الضفة الغربية شمالها وغربها وجنوبها ، ويبلغ طوله نحو 425 كيلو متر من قرية سالم في محافظة جنين إلى شمال الضفة حتى مستوطنة كرمل جنوب مدينة الخليل ومن قرية سالم إلى غور الأردن شرقا .
وبهذه المسافة يكون طول الجدار قد تجاوز كثيرا طول خط الهدنة الممتد بين الضفة الغربية وإسرائيل بعد توقيع اتفاقية رودس عام 1949 بين إسرائيل والدول العربية المجاورة، وبلغ طولا الخط نحو 350 كم، أما سبب الزيادة في طول الجدار فيعود إلى كثرة التعاريج والالتواءات الناتجة عن التداخل بين المدن والقرى الفلسطينية، والمستوطنات الإسرائيلية التي أقامتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية بعد احتلالها لهذه الأراضي في أعقاب حرب عام 1967. إذ يتوغل الجدار أحياناً إلى عمق يصل إلى 20 كم داخل الأراضي الفلسطينية كما هو الحال في منطقة سلفيت حيث أقامت إسرائيل مستوطنة أرئيل التي قررت الحكومة الإسرائيلية ضمها داخل الجدار.
2.1مشكلة الدراسة :
ما زالت إسرائيل تمضي قدما في استكمال بناء جدار الفصل دون اكتراث لانعكاسات بناء الجدار على السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية من النواحي المعيشية والاقتصادية والديمغرافية والأمنية وما قد يفضي إليه الجدار بعد الانتهاء من عمليات البناء من آثار على تطبيق رؤية الرئيس الأمريكي جورج بوش بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل .
ويمكن تحديد مشكلة البحث في السؤال الرئيسي التالي :
ما هي انعكاسات بناء جدار الفصل على فرص إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967؟ .
ولتوضيح ملامح الدراسة وصولا إلى الاستنتاجات المتوقعة يتطلب الإجابة على بعض التساؤلات الفرعية :-
1. ما الأسباب الحقيقية التي دفعت حكومة شارون لبناء جدار الفصل ؟
2. ما هي آثار بناء الجدار على السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية ؟
3. ما هي مواقف الإطراف ( الإسرائيلي , الفلسطيني , الأمريكي , الدولي ) من شرعية بناء الجدار ؟
4. ما هو أثر بناء الجدار على المفاوضات وعملية التسوية ؟
3.1 فرضية الدراسة :
إن عزم إسرائيل على استكمال بناء جدار الفصل بينها وبين الضفة الغربية استنادا إلى الخطط المعلنة من الحكومة الإسرائيلية وما أنجز من مراحل بناء حتى تاريخ إعداد الدراسة يفضي إلى القضاء على آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 .
4.1 أهداف الدراسة :
1 .إلقاء الضوء على خطط الفصل الإسرائيلية وأهدافها الحقيقية .
2 . الوقوف على مسار جدار الفصل وعمقه داخل أراضي الضفة الغربية .
3 .التعرف على المعاناة اليومية لسكان الضفة الغربية إثر بناء الجدار .
4 .دراسة انعكاسات بناء الجدار على عملية التسوية .
5 .الإشارة إلى بنية الجدار من منطقة لأخرى لغايات في الذهنية الإسرائيلية.
6 .الكشف عن المخططات الإسرائيلية لانسحاب إسرائيلي أحادي الجانب من الضفة الغربية كما خرجت من غزة .
7 . الاستفادة من ممارسة البحث وفق مناهج البحث العلمي في عملي الحالي والمستقبلي
5.1أهمية الدراسة :
• خطورة بناء جدار الفصل على فرض إقامة الدولة الفلسطينية بكل مكوناتها.
• إبراز الدوافع الحقيقية من بناء جدار الفصل .
• لا زال العمل جاريا في بناء الجدار حتى يومنا هذا ولا زال يتفاعل كأحد القضايا الرئيسية في الأوساط الإسرائيلية والفلسطينية والدولية .
• إضافة متواضعة للمكتبة الفلسطينية في قضية مصيرية .
6.2 منهجية الدراسة :
نتيجة الاغلاقات الإسرائيلية لقطاع غزة وعدم القدرة على التنقل إلى الضفة الغربية للوقوف عن كثب على طول الجدار وبنيته وعمقه داخل أراضي الضفة الغربية واستطلاع آراء المواطنين القاطنين في القرى والبلدات الفلسطينية بمحاذاة الجدار فلجأت إلى الاستعانة بالمنهج التاريخي للتعرف على نشأة فكرة الفصل في الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة واستخدام منهج تحليل المضمون من خلال جمع المعلومات والوثائق المتعلقة بمراحل بناء جدار الفصل والموقف الإسرائيلي والفلسطيني والدولي من شرعية إقامة هذا الجدار وآثاره على حدود الدولة الفلسطينية المستقلة المستقبلية .
7.1 حدود الدراسة :
تتركز الدراسة في الأراضي الفلسطينية وتحديدا حول الحدود الفاصلة بين الضفة الغربية وإسرائيل خلال الفترة الزمنية من العام 2002 إلى نهاية العام 2007 .
8.1 معوقات الدراسة : ـ
وتمثل معوقات الدراسة في تشديد الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وإغلاق كافة المعابر والمنافذ التي تصل القطاع بالضفة الغربية وقطاع غزة لاسيما بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في شهر حزيران 2007 وعدم إمكانية الوصول إلى القرى والبلدات الفلسطينية الواقعة بمحاذاة الجدار وبالتالي صعوبة استخدام أدوات البحث العلمي للتعرف على آراء ومواقف وتوقعات سكان هذه المناطق مع اقتراب الانتهاء من بناء الجدار .
يضاف إلى ذلك ندرة المراجع الموجودة في مكتبات قطاع غزة لحداثة قضية الجدار أو ربما نتيجة الاغلاقات أيضا فضلا عن مشكلة الانقطاع المستمر للكهرباء بما يزيد عن 15 ساعة يوميا خلال شهر يناير بشكل خاص2007.
9.1 الدراسات السابقة : ـ
ـ كتاب المدن والقرى الفلسطينية بين العزل والتهجير / إعداد مركز العمل التنموي معاًًً والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري .
ـ كتاب اوقفوا جدار الفصل العنصري في فلسطين / اعداد شبكة المنظمات البيئية والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري .
ـ مجلة مركز التخطيط الفلسطيني / العدد الحادي عشر والثاني عشر ( يوليو –ديسمبر 2003 ) للباحث جمال البابا.
ـ دراسة حول الجدار إعداد: موقع مركز الزيتونة - المصادر: الأستاذ جمال جمعة والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري، وبيتسليم
10.1محتويات الدراسة : ـ
وسيتم تقسيم البحث إلى 3 فصول كالتالي .
الفصل الأول :-
• لمحة تاريخية حول خطط الفصل الإسرائيلية .
• فكرة بناء الجدار في عهد حكومة شارون .
• معطيات حول الجدار من حيث طول الجدار وامتداده وبنية الجدار ومراحل البناء وعمقه داخل أراضي الضفة العربية والمستوطنات , المعابر .
• القدس والجدار .
الفصل الثاني :
و يتضمن مواقف الأطراف من الجدار: ـ
• الموقف الإسرائيلي
• الموقف الفلسطيني
• الموقف الأمريكي
• الموقف الأوروبي
• الموقف الدولي
الفصل الثالث : ـ
• انعكاسات بناء الجدار على الوضع الفلسطيني ( المعيشي , الاقتصادي , الديمغرافي , الأمني ) .
• الهبة الشعبية لمقاومة الجدار .
• أثر استمرار البناء في الجدار على المفاوضات والعملية السلمية .
• الاستنتاجات .
الفصل الثاني
خطط الفصل الإسرائيلية
1.2 مقدمة
منذ احتلالها للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة في الرابع من حزيران من العام 1967 ، اختلفت رؤى الأوساط الإسرائيلية السياسية والأمنية بشأن مستقبل هذه الأراضي وسكانها ، فاليمين الإسرائيلي وعلى رأسه حزب الليكود كان يعتبر الضفة الغربية جزءً لا يتجزأ من ارض إسرائيل ، فيما كان يطلق عليها في الأوساط ووسائل الإعلام العبرية بيهودا والسامرة حيث تبنى حزب الليكود فكرة الحل الوظيفي ، أما حزب العمل فقد تبنى الحل الإقليمي من خلال مشروع آلون .
ومنذ احتلال الضفة والقطاع كانت مشكلة الأمن والمشكلة الديمغرافية للسكان الفلسطينيين القاطنين في تلك المدن والقرى والمخيمات ، تلقيان بظلالهما في أي نقاشات داخل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية ، حول مستقبل هذه الأراضي سواء بالضم أو بالانفصال ، إلى أن وقع اتفاق أوسلو بين الرئيس الراحل ياسر عرفات و إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي في الولايات المتحدة عام 1993 برعاية الرئيس الامريكي بيل كلينتون .
وبعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية اثر اتفاق اوسلو شنت المعارضة الفلسطينية سلسلة من الهجمات الفدائية داخل العمق الإسرائيلي ، في القدس وتل أبيب وحيفا ونتانيا وغيرها من المدن والبلدات الإسرائيلية كان لها بالغ الأثر في إعادة تقييم النظرية الأمنية الإسرائيلية وفتح باب النقاش مجددا حول مستقبل الضفة والقطاع ، وجدوى بقاء هذه الأراضي المحتلة عبئا امنياً وديموغرافياً على إسرائيل .
وشهدت إسرائيل منذ عام 1995 إلى عام 2002 العديد من خطط الفصل منها خطة رابين ، خطة باراك ، خطة ميخائيل ايتان ، خطة دان مريدور ، خطة رامون ، خطة شارون . وللأهمية و حسب ردود الأفعال على هذه الخطط ستقتصر الدراسة على التطرق إلى خطط رابين وباراك وشارون كلمحة تاريخية وتقييم الدوافع الأمنية أو السياسية أو كلتاهما في تبني هذه الشخصيات المؤثرة في المجتمع الإسرائيلي لخطط الفصل .
2.2 خطة رابين للفصل
لم تكن فكرة فصل المناطق الفلسطينية الأهلة بالسكان عن إسرائيل، فكرة حديثة العهد ، بل تعود إلى عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين وتجلى ذلك في مقولته الشهيرة : " أخرجوا غزة من تل أبيب " وذلك بعد تزايد العمليات الفدائية داخل العمق الإسرائيلي وتوجيه الاتهامات إلى غزة بأنها معقل الإرهابيين .
" و استخدم رابين مصطلح الفصل لأول مرة في أعقاب العملية الفدائية التي وقعت أواخر شهر يناير 1995 في مفترق بيت ليد والتي أسفرت عن مقتل واحدٍ وعشرين جندياً إسرائيلياً حيث عقب رابين : " إننا نعمل بجد ونشاط من أجل الانفصال عن الشعب الأخر الذي نسيطر عليه وإننا سوف نصل إلى هذه الغاية إن عاجلاً أو آجلاً" واستطرد قائلاً: "إننا لن نعود إلى خطوط عام 1967، ولن ننسحب من القدس ولن نتزحزح عن غور الأردن ".مجلة مركز التخطيط الفلسطيني يوليو – ديسمبر 2002
وتشير تصريحات رابين، حينها إلى أن النوايا لديه تتعلق بالفصل بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي دون العودة إلى حدود 1967، ودون التخلي عن الغور وعدم تفكيك المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية وقطاع غزة .
لقد كانت هذه الأفكار يغلب عليها الهاجس الأمني أولاً وأخيراً مغفلاً البعد السياسي، علماً بأن التصريح بها جاء والاتصالات الفلسطينية الإسرائيلية جارية لتنفيذ ما تم التوقيع عليه من اتفاقات واستحقاقات المرحلة الانتقالية، ومن الواضح لجميع المراقبين أن إغفال الجانب السياسي عن عملية الفصل سيترتب عليها آثاراً اقتصادية واجتماعية تمس السكان الفلسطينيين وقد تقلب الأمور كلها رأساً على عقب، إلا أن إسرائيل لم تعبأ بكل هذه المعطيات .
وبدأت حكومة رابين وما أعقبها من حكومات، حكومة نتنياهو، وحكومة باراك وحتى حكومة شارون ، بتنفيذ الخطوات الأولى لسياسة الفصل عن طريق فرض الأطواق الأمنية على الأراضي الفلسطينية، حيث تم تقنين دخول الأفراد والمركبات بين المناطق الفلسطينية وإسرائيل، ، تدعيم نقاط العبور بأجهزة المراقبة وقوات الجيش وحرس الحدود كما قامت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالفصل التام بين الضفة الغربية وقطاع غزة في كثير من الحالات خصوصاً في أعقاب العمليات الفدائية و تفرض الإغلاق التام للمناطق الفلسطينية والمعابر الحدودية ، فتعزل الضفة الغربية عن قطاع غزة وتعزلهما عن العالم الخارجي.
لقد تركت هذه الإجراءات أثاراً سلبية على مجمل حركة المجتمع الفلسطيني على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي. فتدنى معدل النمو، وازدادت نسبة البطالة، وارتفع خط الفقر، وانعدم التواصل الجغرافي بين المدن والقرى الفلسطينية، الأمر الذي بات يهدد بانفجار كبير في المنطقة خصوصاً في ظل المماطلات الإسرائيلية في تنفيذ استحقاقات اتفاقيات السلام.
إن جميع هذه الإجراءات التي جرى تنفيذها إنما جاءت بناءً على توصيات ودراسات لعدة لجان عسكرية وسياسية لدراسة خطط الفصل بهدف منع أو التقليل من العمليات الفدائية داخل إسرائيل،
ومع إقرار الجيش الإسرائيلي وجهاز المخابرات العامة "الشاباك" بعدم نجاعة هذه الخطط في منع العمليات الفدائية منعاً باتاً، إلا أنه سيكون بالإمكان تقليصها إذا توفرت الإمكانيات والوسائل اللازمة كما أن هناك إقرار بأن الفصل الكامل ليس عملياً، على الأقل في المدى القصير، وذلك لأسباب اقتصادية وديموغرافية وسياسية وفنية يصعب معها سد الثغرات القائمة. ومع ذلك فإن كلاً من الجيش والشرطة قد رفعا توصياتهما ونتائج دراستهما إلى رابين " و قد شملت تلك التوصيات الخطوات التالية :
1- إقامة مجال للفصل غالبيته في الضفة الغربية يعلن عنه كمنطقة عسكرية مغلقة.
2- إقامة عدد من المعابر لمرور المركبات والأشخاص تحت أشراف جهاز الشرطة، تستطيع استيعاب وتنفيذ عمليات الفحص ودخول الأشخاص والمركبات والبضائع من خلال المحافظة على المستوى الأمني المحدد.
3- إشراف الجيش على المناطق بين المعابر وقيامه بنشاطات أمنية مختلفة تشتمل على وضع العوائق وسد المعابر غير القانونية.
4- الجدار الأمني سيقام فقط في المناطق التي لا توجد فيها بدائل لحماية منطقة التماس.
5- هذا النشاط سيرافقه تشديد سياسة العقاب وعمليات فرض التعليمات والأوامر.
6- التنسيق بين الجيش والشرطة على طول منطقة التماس وفي المناطق المحاذية.
7- تطوير قدرة استخبارية لخدمة أهداف الخطة والتركيز على محاربة الإرهاب.
8- تعزيز وتكثيف أجهزة المنع والإحباط.
كما تناولت التوصيات قضية القدس وأكدت على ما يلي :
1- لن يكون هناك أي فصل داخل الحدود البلدية لمدينة القدس.
2- أي تعرض للقدس يكون للمدينة الموحدة ضمن حدود البلدية.
3- المقترحات الخاصة بتعزيز الأمن في القدس تحظى بموافقة الجيش والمخابرات من خلال تعزيز تواجد قوات الشرطة في المدينة وعلى ضوء ذلك سيتم:
4- سد غالبية الطرق الفرعية والارتجالية الموصلة من الضفة الغربية إلى القدس بوضع حواجز طبيعية.
5- إنشاء 6 معابر على مداخل القدس عند حدود المدينة البلدية وتوضع هذه المعابر تحت أشراف الشرطة.
6- تعزيز قوات الشرطة في أنحاء المدينة لتعزيز الأمن وتحري الأشخاص الذين يتواجدون في المدينة بصورة غير قانونية.
7- تشديد القيود على الدخول إلى القدس والهجرة إليها وفرض القوانين المتعلقة بذلك.
وبتأمل عناصر الخطة نجد أن أهم وأخطر عنصر هو إقامة مجال للفصل غالبيته في الضفة الغربية. مجلة الدراسات الفلسطينية العدد22
ورأى العسكريون الإسرائيليون آنذاك أن هذا المجال، عبارة عن حزام أمني يفصل بين السكان الفلسطينيين والإسرائيليين وهذا الحزام سيمتد بموازاة الخط الأخضر بطول 340 كيلومتر وعرض يتراوح بين عدة مئات من الأمتار إلى كيلومترين، وعلى الرغم من أنه لم يتم تحديد مسار هذا الحزام إلا أنه سيظل موازياً للخط الأخضر مع بعض الجيوب التي يمكن أن تتوغل إلى الشرق، ولأسباب سياسية سوف لن يتم إنشاء جدار أمني على طول الحزام إلا في ثلاثة مقاطع فقط، حيث توجد مراكز سكانية فلسطينية مأهولة بالسكان تقع مقابل المراكز السكانية الإسرائيلية، كما هو الحال في منطقة قلقيلية وجنين والقدس فهناك ستنشأ جدران أمنية يتراوح طولها بين ثلاثة وعشرين وتسعة وعشرين كيلومتراً.
وبناء على هذه الخطة سوف يمارس الجيش الإسرائيلي نشاطه بإقامة المواقع العسكرية ونقاط المراقبة على الجانب الشرقي من الحزام داخل أراضي الضفة الغربية، في حين تقوم الشرطة بالإشراف على المعابر، كما تقوم الشرطة وحرس الحدود بممارسة نشاطهما في هذا الحزام.
ولقد قوبلت خطة رابين باعتراضات شديدة سواء من اليمين الإسرائيلي أو من اليسار، فاليمين رأى في الخطة مقدمة لانسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية وقطاع غزة وهو ما يعارضه بشدة تحت دعوى أن هذه الأراضي هي جزء من أرض إسرائيل الكبرى.أما اليسار فيرى أن خطة الفصل هذه تعتبر مقدمة لضم الضفة الغربية بصورة دائمة إلى أجهزة السلطة الإسرائيلية والدليل نقل مراكز المدن في الضفة الغربية إلى أيدي شرطة حرس الحدود وإنشاء الطرق الالتفافية، مثل هذه الأمور سوف تسهم في زيادة قبضة السلطة الإسرائيلية على الضفة وبالتالي ستؤدي إلى توسيع المستوطنات.
كما رأى البعض بأن خطة الفصل هذه تشكل نوعا من التمييز العنصري وهي فكرة سخيفة تفرض على الفلسطينيين حياة الجوع، وأياً كانت هذه الاعتراضات فإن الخطة لم يتم تنفيذها واقتصرت على ما قامت به حكومة رابين من فرض الأطواق الأمنية المتكررة والمشددة في كثير من الأحيان على المناطق الفلسطينية واستمر الحال حتى يوم الثامن والعشرين من شهر سبتمبر عام 2000 عندما اندلعت انتفاضة الأقصى .
3.2 خطة باراك للفصل
بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في 2000/9/28بدأ الحديث يعود مرة أخرى حول الفصل عندما أعلن إيهود باراك رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق : " في حال استمرار الانتفاضة سأتوجه إلى الفصل أحادي الجانب ، هدفنا هو أن نعمل على الفصل بين إسرائيل والفلسطينيين ، وإذا لم ينجح هذا من خلال المفاوضات فإننا سنفعل ذلك بصورة أحادية الجانب " يديديعوت احرونوت 2000/10/12
وكلف باراك نائب وزير الدفاع أفرايم سنيه بإعداد ورقة عمل ووضع تصور لهذه الخطة حول الفصل، إلا أنه لم تتوفر أية معلومات عن خطط للفصل سوى ما تسرب إلى وسائل الإعلام، حينئذ حول بعض الأفكار بشأن عملية الفصل يمكن إجمالها في الآتي:
1- تجميع المستوطنين في 3 كتل استيطانية لضمها إلى إسرائيل وهذه الكتل تنقسم إلى:
أ - منطقة غوش عتصيون جنوب بيت لحم.
ب ـ بيتار عيليت في الضفة الغربية.
ج ـ مستوطنات ألفية منشية وأرئيل جنوب نابلس.
2- بلورة مفهوم الحدود التي ستحدد الفصل السيادي الواضح لدولتين بحيث تكون غير مغلقة وليست مسيجة بإحكام، بل تترك مجالاً حدودياً مفتوحاً لجميع النشاطات الاقتصادية والمدنية بين مناطق السلطة الوطنية وإسرائيل حيث تم اقتراح ما بين 6 إلى 7 معابر تحت إشراف سلطة خاصة لمرور البضائع والمركبات والمشاة بالإضافة إلى إقامة مشاريع مشتركة على جانبي الحدود مع فصل شبكة البنية التحتية خصوصاً الماء والكهرباء.
3- الفصل الاقتصادي خصوصاً في المجالات التجارية والأيدي العاملة.
و تختلف خطة باراك كثيراً عن الأفكار والخطط التي طرحت في عهد حكومة رابين والتي ظلت داخل أدراج هذه الحكومة مع استمرار سياسة الأطواق الأمنية، فعلى الرغم من أن هذه الأفكار قد غلب عليها البعد الأمني، إلا أنها حملت بين طياتها البعد السيادي المستقبلي؛ حيث تناولت الأفكار هذه المرة قضية المستوطنات الإسرائيلية المنتشرة في الضفة الغربية وإمكانية تفكيك عدد منها وتجميع الآخر في كتل معينة قريبة من الخط الأخضر.
كما أن هذه الأفكار تتيح الفرصة لنشاط اقتصادي، وتبادل تجاري ومشاريع اقتصادية مشتركة مستقبلاً، وربما أخذت هذه الأفكار في الاعتبار قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة انطلاقاً من المفاهيم الإسرائيلية التي عرضها باراك من قبل على القيادة الفلسطينية في مباحثات كامب ديفيد. كما أن هذه الأفكار لم تتناول الجانب الأهم في المفهوم الإسرائيلي حول الفصل والتي من أهمها الفصل الديموغرافي أو المناطق العازلة بين الشعبين وامتداداتها وربما كانت قيد الدراسة والإعداد إلا أن الانتخابات الإسرائيلية المبكرة حالت دون إتمامها أو ظهورها .
4.2خطط الفصل في عهد شارون
أعلن شارون في برنامجه الانتخابي مراراً عن استعداده للسماح بإقامة دولة فلسطينية على 42% من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد نشرت الصحف الإسرائيلية إيجازاً لأفكار شارون حول الفصل والتي كان يروج لها حتى قبل بدء حملة الانتخابات لرئاسة مجلس الوزراء الأخيرة والتي اعتمدت على افتراض إعلان قيام دولة فلسطينية من طرف واحد وهذه الأفكار تعتمد على:
1- إعادة الانتشار للقوات الإسرائيلية في المناطق الحيوية لإسرائيل وذلك في: منطقة الغور بعرض يتراوح بين 16-20 كيلومتر. قطاع بعرض 10 كيلومتر شرق القدس. قطاع بعرض يتراوح بين 100 متر إلى 7,5 كيلومتر على طول الخط الأخضر.
2- عدم التخلي عن أي مستوطنة إسرائيلية حتى ولو كانت موجودة في العمق العربي.
3- قيام الدولة الفلسطينية مرهون بخطة سياسية أساسها تسوية مرحلية لعدة سنوات.
وبعد صعوده إلى الحكم أعلن شارون عن استعداده للسماح بقيام دولة فلسطينية على 42% وأنه مستعد للتنازل المؤلم عن أجزاء مما أسماه بأرض إسرائيل من أجل السلام، ولم يتحدث عن خطة للفصل، إلا أنه وبعد التصعيد المستمر للانتفاضة ووقوع العديد من العمليات الفدائية في قلب مدينة القدس وفي وسط التجمعات السكانية الإسرائيلية الكبيرة مثل نتانيا وحيفا وتل أبيب ، بدأ الحديث مجددا عن خطط الفصل واعتبر هذا في نظر الكثيرين تراجعاً عن مواقف شارون السابقة.
وعلى الرغم من تصريحات شارون كثيراً ضد سياسة الفصل؛ فقد ظهرت الكثير من الاقتراحات من جهات أمنية إسرائيلية عديدة وكان من أهمها إقامة منطقة عازلة تمتد على طول الخط الأخضر مع الضفة الغربية تعتبر منطقة عسكرية مغلقة ويمنع فيها تحرك المواطنين الفلسطينيين ليلاً مع ضرورة حصولهم على تصاريح خاصة للتحرك نهاراً من مدينة لأخرى.
وبتوالي الدعوات الداعية للفصل خصوصاً في أعقاب كل عملية من العمليات الفدائية وجد شارون نفسه مضطراً للتراجع عن إستراتيجيته، وكلف المجلس الأمني المصغر لإقرار خطة خاصة بعزل القدس سميت في حينها خطة " غلاف القدس " . والهدف من ذلك منع الفلسطينيين من الدخول إلى القدس للقيام بعمليات فدائية ، وتقضي الخطة بإقامة حزامين أمينين :
الحزام الأول : حول ما يسمى بالقدس الكبرى حيث يبدأ من خط مستوطنتي هارجيلو - جيلو جنوب القدس، ثم إلى مستوطنة معالية أدوميم في الجنوب الشرقي، ثم إلى مستوطنات جبعات زئيف وسوف يشمل هذا الحزام الكثير من القنوات والخنادق ومناطق المراقبة والمواقع العسكرية.
الحزام الثاني: حزام داخل مدينة القدس يحول بين الأحياء اليهودية والأحياء العربية، وقد يبدو هذا الحزام للوهلة الأولى أن طوله لا يتعدى 11 كيلومتر، إلا أنه في الحقيقة يصل إلى 57 كيلومتر لكثرة التعاريج والالتواءات، وتقضي الخطة عبور سكان القدس الشرقية إلى القدس الغربية عبر بوابات محددة توضع لهذا الغرض.
ورغم الانتقادات الشديدة لهذه الخطة بسبب الصعوبات الكبيرة التي ستواجه حركة الحياة اليومية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن الكثير أقر بأن مثل هذا الحزام خصوصاً الداخلي إنما ينطوي على سياسة التمييز العنصري؛ إذ انه سيعزل حوالي 300 ألف مواطن فلسطيني يعيشون في القدس الشرقية وتجعل حياتهم جحيماً لكثرة نقاط التفتيش والمراقبة بسبب تداخل الأحياء اليهودية مع الأحياء العربية في هذه المنطقة، إلا أن إسرائيل بدأت بإجراءاتها لعزل القدس عن عمقها العربي؛ وذلك بالبدء في إقامة جدار بطول 11 كيلومتر جنوب المدينة لعزلها عن قطاع بيت لحم؛ وحفر خنادق ووضع أبراج وحواجز في محيط المدينة، و نشر خمس فرق من حرس الحدود بين الأحياء اليهودية والعربية في القدس .
" هذا عن مخطط غلاف القدس، أما عن المخطط المتعلق بباقي الضفة الغربية وحسب تفاصيل مخطط الجدار الفاصل بين الضفة الغربية وإسرائيل، قرر المجلس الوزاري المصغر، إقامة هذا الجدار بكلفة تقدر بنصف مليار شيكل على أن يتم تنفيذه خلال عام ويتكون المخطط من:
1- إقامة ثلاث مناطق جغرافية ونوعين من العوائق. والمناطق الجغرافية هي: غلاف القدس ، الخط الأخضر وهو الذي سيحوي كافة أنواع العوائق التي ستنشر عليه، وعليه يتم تحديد المعابر. المنطقة العازلة وهي منطقة واسعة تمتد على طول الخط الأخضر يعمق يتراوح بين كيلومتر واحد إلى عشرة كيلومترات وتزداد أكثر من ذلك في بعض المناطق خصوصاً التي يتواجد فيها كتل استيطانية كما هو الحال في منطقة سلفيت، وسوف تعتبر هذا المنطقة منطقة عسكرية يمارس فيها الجيش الإسرائيلي نشاطاته الأمنية، إلا أن هذه المنطقة ستكون خالية من العوائق لمنع المتسللين من الوصول إلى العوائق التي ستوضع على الخط الأخضر.
أما عن العوائق فستوضع في غلاف القدس وعلى طول الخط الأخضر حيث ستوضع نوعين من العوائق، عوائق ضد الأشخاص، وعوائق ضد السيارات. أما العوائق ضد الأشخاص فعبارة عن سياج ردع مقابل المدن والقرى الفلسطينية القريبة من التجمعات السكانية الإسرائيلية، وذلك مقابل طولكرم وقلقيلية والقدس وقرى أم الفحم وباقة الغربية. أما في المناطق التي تبتعد فيها المناطق السكانية الفلسطينية عن الخط الأخضر فسيقام سياج مزدوج الأول على طول الخط الأخضر، والثاني بعمق المنطقة قرب الأماكن السكانية الفلسطينية. أما المناطق التي لا تقام فيها عوائق فهي مناطق مفتوحة يمكن مراقبتها من خلال دوريات للمراقبة. أما العوائق ضد السيارات فستتضمن أسيجة وقنوات عميقة وتدمير جميع الطرق غير القانونية من الأراضي الفلسطينية إلى الخط الأخضر على أن تمر السيارات من معابر مؤقتة يتم من خلالها نقل البضائع من شاحنة إلى أخرى.
2 - إغلاق مناطق في الضفة الغربية ومنه تم اعتبار مناطق في الضفة الغربية عند خط التماس كمناطق عسكرية مغلقة بهدف التمكن من اعتقال مشبوهين يقتربون من الشرق نحو خط التماس من اجل القيام بعمليات فدائية .
3- تشكيل 10 سرايا من حرس الحدود لتعزيز القوات على طول خط التماس شكلت منها حتى الآن 5 سرايا تعمل على طول الخط الأخضر، أما الخمس الأخرى فيجري تشكيلها الآن للعمل في غلاف القدس . صحيفة القدس بتاريخ 2002/4/16
5.2 بنية وطبيعة جدار الفصل
1.5.2بنية الجدار : "يتراوح عرض جدار الفصل من 60 – 150 مترا في بعض المواقع والمقاطع التي سيمر منها وبارتفاع يصل إلى 8 أمتار.
ويضاف إليه ما يلي:
1- أسلاك شائكة.
2- خندق يصل عمقه أربعة أمتار وعرضه أيضا نفس الحجم " وهو يهدف لمنع
مرور المركبات والمشاة ".
3- طريق للدوريات.
4- طريق ترابية مغطى بالرمال لكشف الأثر.
5- سياج كهربائي مع جدار إسمنتي يصل ارتفاعه 8 متر.
6- طريق معبد مزدوج لتسيير دوريات المراقبة.
7- أسلاك شائكة.
8- أبراج مراقبة مزودة بكاميرات وأجهزة استشعار " مجلة التخطيط الفلسطيني – يوليو – ديسمبر 2003
2.5.2 مراحل بناء الجدار
انظر خريطة رقم 1 / جدار الفصل حول الضفة / الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري
في الصفحة التالية .
خريطة رقم 1 / جدار الفصل حول الضفة / الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري
المرحلة الأولى: وتشمل مناطق جنين، طولكرم، قلقيلية والقدس
المرحلة الثانية: وتشمل مناطق بيت لحم والخليل وباقي حدود الضفة الغربية مع فلسطين المحتلة عام 1948م.
المرحلة الثالثة: وتشمل خطاً طولياً على الحدود بين الضفة والأردن، وتسمى مرحلة تمديد الجدار إلى غور الأردن.
من المقرر أن يبلغ طول الجدار في مراحله النهائية حوالي 728 كيلو متر. وقد صرحت راشيل اشكينازي المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي بقولها : (قبل نهاية 2004 سيتم إنجاز 520 كلم من أصل 728 مقررة)، وأوضحت أن جزءا يبلغ طوله 190كلم من الجدار سيتم إنجازه قبل نهاية عام 2003 والجزء الثاني وطوله 330 كلم عام 2004 والجزء الثالث والأخير عام 2005 " وكالة فرانس برس "
3.5.2 بوابات جدار الفصل العنصري :
تقوم قوات الاحتلال بإنشاء بوابات على امتداد جدار الفصل العنصري في القرى والبلدات التي يعزلها الجدار بشكل كامل وما يزيد من معاناة المواطنين وعذابهم هو بعد البوابات عن بعضها البعض فأحيانا يضطر المزارعون الفلسطينيون السير لمسافات قد تصل إلى 50 كيلو متر للوصول إلى أراضيهم التي لم تكن تبعد عنهم سوي كيلومتر أو اثنين وكذلك الحال بالنسبة للطلاب والموظفين والعمال, وتطالب قوات الاحتلال المواطنين بالحصول على تصاريح للمرور عبر بوابات معينة للوصول إلى أراضيهم.
" ويأتي ذلك بناء على الأمر العسكري الذي أصدرته قوات الاحتلال بخصوص وضع الأراضي التي عزلها الجدار في المرحلة الأولى التي أعلن عن الانتهاء منها وما تلاه من إصدار تصاريح للقرى المعزولة خلف الجدار للبقاء في قراهم وكذلك التصاريح التي أصدرت للمزارعين في القرى الواقعة خلف الجدار للوصول إلى مزارعهم خلف الجدار.
واعتبرت حملة مقاومة جدار الفصل العنصري أن ما ورد في الأمر العسكري رقم (387),5730-1970الصادر بتاريخ 2/10/2003 تحت عنوان الإعلان عن إغلاق منطقة التماس رقم 302س هو إقرار صريح من قوات الاحتلال الإسرائيلي يضم كافة الأراضي التي عزلت خلف الجدار إلى إسرائيل. وذلك بعدم السماح بدخولها أو الإقامة بها لغير الإسرائيليين إلا بتصاريح خاصة تصدر عن القائد العسكري " .
http://www.alzaytouna.net/arabic
4.5.2 البوابات المنتشره على طول الجدار :
1- بوابة مدخل بلدة قفين شمال طولكرم :
أقيمت هذه البوابة حتى يتمكن المستوطنون القادمون من مدينة جنين الوصول إلى إسرائيل عبر طريق جنين- باقة الشرقية، علماً بأن هذه البوابة لا تفتح إلا من أجل سيارات قوات الاحتلال والمستوطنين.
2- بوابة باقة الشرقية :
وهي من أجل مرور أهالي بلدة باقة الشرقية ونزلة عيسى ونزلة أبو نار للوصول إلى مدينة طولكرم وباقي المحافظة علماً بأن هذه البوابة تفتح ساعة في الصباح وساعة بعد الظهر وهي عنوان للذل والشتيمة للمواطنين، علاوة على إغلاقها معظم الأيام أمام المواطنين وصلبهم ساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارة ، بمن فيهم المرضى وحالات الولادة .
3- بوابة دير الغصون :
وهي من أجل السماح لمزارعي دير الغصون من أجل الوصول إلى مزارعهم وحقول الزيتون المثمرة وتفتح البوابة من حين لآخر ساعة واحدة صباحاً وساعة واحدة بعد الظهر حيث يواجه المزارعين هناك شتى أنواع الذل والقهر والعقاب، ويتمتع الجنود على هذا الحاجز شأنهم شأن غيرهم من الجنود بمزاجية كبيرة في السماح لمن يريدون بعبورهم من المواطنين .
4- بوابة شويكة :
وأقيمت من أجل دخول مجنزرات الاحتلال على ضاحية شويكة للوصول إلى مدينة طولكرم .
5- بوابة قرية ارتاح جنوب طولكرم:
أقيمت من أجل السماح للمزارعين من الوصول إلى مزارعهم لكن الحقيقة تكمن في أن أي مزارع لا يستطيع الوصول إلى أرضه من خلال هذا الحاجز .
6- بوابة فرعون جنوب طولكرم :
أقيمت من أجل قيام مجنزرات الاحتلال بالوصول إلى مدينة طولكرم من المعسكر الاحتلالي الموجود في "مستوطنة أفني خيفت" إضافة إلى إمكانية مرور المستوطنين عبرهما .
7- بوابة خربة جبارة:
أقيمت من أجل السماح لمواطني خربة جبارة العاملين داخل الأراضي التي استولى عليها الاحتلال لتنفيذ مشروع "الجدار العازل" من الدخول أو الخروج، لكن قواته لا تسمح منذ قيام "الجدار" ولغاية الآن من دخول أو خروج أي مواطن للبلدة مما يضطر مواطني البلدة من المرور من خلال عبّارات المياه والمشي على بطونهم للوصول إلى مدينة طولكرم، كما تعاني تلك البلدة جراء ذلك ، من نقص حاد في المواد الغذائية وأعلاف الحيوانات .
بوابة جبارة الرأس
8- بوابة لمبة كفر جمال:
أقيمت البوابة ، لكنها مغلقة لغاية الآن، ومن الجدير بالذكر أن ما تدعيه سلطات الاحتلال بإقامة بوابات دخول للمواطنين للوصول إلى مزارعهم مجرد أكاذيب فهي "بوابات" بمثابة نقاط عبور لقواتها ومستوطنيها ، علماً بأن قوات الاحتلال تطالب المواطنين باستصدار تصاريح دخول ، لكن المواطنين والمزارعين رفضوا الفكرة باعتبار أنها أراضيهم ولا أحد يستطيع منعهم من الوصول إليها .
9- بوابة عنبتا:
أقيمت من أجل السماح لمواطني طولكرم من الخروج إلى المدن الأخرى , ولكنها في معظم الأحيان مغلقه ولا يسمح للمواطنين بالمغادرة من خلالها .
5.5.2 بطاقة (الكترونية) لمرور الفلسطينيين عبر بوابات جدار
لجأت قوات الاحتلال إلى ابتكار بطاقات الكترونية جديدة لتشخيص المواطنين الفلسطينيين الحاصلين على تصاريح دخول وعمل في إسرائيل, وقالت مصادر إسرائيليه أن هذه البطاقة هي جزء من جهاز تشخيص (بيومترمي) سيتم تركيبه في معابر السياج ويعمل على تشخيص الإنسان عن طريق صورة كف اليد وبصمات الأصابع، ويتم إصدار هذه البطاقة عن طريق مكاتب الارتباط والتنسيق المدني في الضفة الغربية، وسيتوجب على المواطنين الفلسطينيين تجديد البطاقة مرة كل عاميين .
6.5.2 التعديلات الاخيرة على الجدار عام 2007 :
" كشفت عنة وزارة الدفاع الإسرائيلية على صفحتها الالكترونية في الثاني عشر من سبتمبر من العام الماضي 2007 تعديلات جديدة على مسار جدار الفصل ، فبخلاف المسار السابق للجدار الذي كانت قد أعلنت عنه في الثلاثين من نيسان من العام 2006 , فقد ظهرت تعديلات و تغييرات جديدة على مسار الجدار و طوله و أيضا في الأراضي الفلسطينية المعزولة ورائه بحيث بينت هذه التعديلات زيادة جديدة في مساحة الأراضي المعزولة خلف الجدار الغربي لتصبح 712,920 ألف دونم أي زيادة قدرها 28.5% (157,920 ألف دونم) على ما كانت عليه في العام 2006. كما بين المسار الجديد للجدار الفاصل زيادة في طول الجدار ليصبح 770 كيلومتر أي بزيادة قدرها 67 كيلومتر (9.5%) على ما كان عليه في العام "2006. تقرير معهد الأبحاث التطبيقية أريج أكتوبر 2007/10/28
هذا و جاءت التغيرات الجديدة في مسار الجدار و مساحة الأراضي المعزولة خلفه في منطقتين, الأولى تقع في جنوب شرق الضفة الغربية في منطقة جنوب غور الأردن بمحاذاة المناطق الطبيعية جنوب الضفة الغربية حيث تم إقرار امتداد للجدار الفاصل من جنوب محافظة الخليل باتجاه الشمال الشرقي و الذي على أثره تم إضافة 53.5 كيلومتر على طول الجدار هناك, عزل على أثرها 153,780 ألف دونم ما بين امتداد الجدار الجديد والخط الأخضر على جانب البحر الميت. كذلك, فقد أدت الإضافة الجديدة لمسار الجدار إلى عزل جزء من الحقوق الفلسطينية في منطقة البحر الميت, حيث تم عزل ما مساحته 71 كيلومتر (37%) من مجموع 194 كيلومتر و هي المساحة الكلية المخصصة للفلسطينيين هناك.
أما التغير الآخر فقد ظهر في منطقة شمال غرب رام الله حيث تم إضافة مقطع جديد للجدار وذلك بغرض ضم مستوطنتين إسرائيليتين وراء الجدار و عزل مساحة إضافية من أراضي الفلسطينيين. حيث صادق رئيس الوزراء الإسرائيلي اولمرت في الأول من شهر فبراير من العام الجاري على خطة جديدة لتعديل مسار الجدار الفاصل شمالي تجمع مستوطنات 'مودعين عيليت' و المقامة غرب محافظة رام الله. هذا و قد جاء قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد ضغوط شديدة تعرض لها من قادة المستوطنين لتغيير مسار لجدار الفاصل ليلتف حول مستوطنتي 'نيلي' و' نعله' الإسرائيليتين و يضمهما وراء الجدار, الأمر الذي أدى إلى زيادة في طول مقطع الجدار بحوالي 13.5 كم في عمق الأراضي الفلسطينية بالإضافة إلى عزل مساحة إضافية جديدة بلغت 4140 دونما .
6.2 غلاف القدس
انظر خريطة رقم 2 " غلاف القدس " – الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري في الصفحة التالية .
خريطة رقم 2 " غلاف القدس " – الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري
بدأ العمل على إقامة الجدار في جنوب وشمال المدينة وشرقها في إطار غلاف القدس، وذلك بشكل موازي مع المراحل السابقة. ويبلغ طول هذا الغلاف 50 كم. والجدار في هذا الجزء يغير شكله وفقاً لمسار الأرض التي يمر فيها، ففي المناطق المفتوحة يكون واسعاً جداً من 50-100 متر، حيث يضم كل عناصر الجدار الأمني الحدودي من سور وطرق ترابية وقنوات والكترونيات. أما في المناطق السكنية مثل أبو ديس والعيزرية فسيبنى سور ارتفاعه 6-8 متر. ويقسم البناء في غلاف القدس إلى ثلاثة أجزاء:
1.6.2 الجدار الشمالي
تم في الآونة الأخيرة بناء مقاطع في شمال غلاف القدس، وذلك حسب تصريحات وزارة الدفاع ومعطيات (بتسيلم) المركز الاسرائيلي لحقوق الانسان، وبدأ البناء من بيتونيا مروراً بعطروت وحتى الرام. ويبلغ طول الجدار الشمالي 8 كم وعرض 40-100 متر، وصادرت إسرائيل 800 دونم لبناء هذا المقطع، منها 500 دونم ستعزل جنوب الجدار، و300 دونم ستستخدم كمنطقة عازلة. وفي الفترة من 2-8 سبتمبر 2004، انتهت قوات الاحتلال من بناء مقطعين من الجدار في المنطقة الواقعة بين مفرق بلدة الرام شمال مدينة القدس الشرقية، وحاجز قلنديا جنوبي مدينة رام الله. وفي وقت متزامن واصل المقاولون تجهيز البنية التحتية للجدار بهدف إنهاء المقاطع المتبقية في المنطقة الواقعة بين حاجزي ضاحية البريد وقلنديا، كما وواصلت قوات الإحتلال وضع مقاطع إسمنتية في منطقة وادي عياد بين ضاحيتي البريد والأقباط قرب مستوطنة النبي يعقوب شمال القدس الشرقية. كما واستمرت أعمال البناء في شارع رام الله-القدس الرئيس شمال مدينة القدس الشرقية، حيث قامت بأعمال بناء المقاطع الإسمنتية بارتفاع خمسة أمتار بين حاجزي قلنديا وضاحية البريد، ووصل الجدار حتى مدخل ضاحية البريد.مركز بيتسيليم
2.6.2 الجدار الشرقي
في مطلع تشرين الأول 2003، بدأ بناء مقطع طوله 17 كم من بيت ساحور المشمولة في القدس، ومن ثم يتجه شمالاً نحو أبو ديس والعيزرية وحتى حاجز الزعيم. أما الحاجز الأخر المصادق عليه بطول 14 كم فسيبدأ من عناتا جنوب شرق بسغات زئيف شرق، ويواصل شمالا وغرباً وحتى حاجز قلنديا، حيث سيتصل بالجدار الشمالي السابق، ويشمل المقطع بلدات الرام وعناتا، مخيم شعفاط، كفر عقب وسميراميس، حيث سيبقون خارج الجدار، وسيلتهم الجدار نحو 2000 دونم من أراضي بلدة العيزرية وضمها إلى مستوطنة معاليه ادوميم.
وفي 26/2/2004، تدخلت محكمة العدل العليا الإسرائيلية ولأول مرة في موضوع الجدار وقررت وقف الأعمال على الجدار في منطقة غلاف القدس لمدة أسبوع، وجاء القرار في أعقاب بحث لالتماس ثماني قرى فلسطينية، بينها بيت سوريك وبدو ضد إقامة الجدار الذي يفصل بينها وبين المستوطنات الإسرائيلية مفسيرت تسيون وهارادار. وتعقيبا على قرار محكمة العدل، قال وزير الدفاع شاؤول موفاز، أثناء جولة أجراها في مسار غلاف القدس "انه يوجد الكثير من المقاطع التي يمكن أن ننفذ أعمال التجدير فيها ونحن لا ننفذها بسبب المشاكل القضائية وقرارات محكمة العدل العليا التي أوقفت العمل في تلك المقاطع ". وقد استأنفت قوات الاحتلال أعمال البناء على أراضي بلدة أبو ديس وتجري أعمال البناء في محيط جامعة القدس، وما تبقى من طول الجدار الشرقي لا يتعدى 500 متر وبانتهائه تكون هذه المنطقة قد أغلقها الجدار تماماً.
3.6.3 الجدار الجنوبي:
في 1/3/2004، شرعت قوات الاحتلال بأعمال في مقطع جديد من الجدار شمال مدينة بيت لحم، حيث بدأت أعمال البناء شمال مسجد بلال بن رياح (قبر راحيل). ويعتبر هذا المقطع جزءا من الجدار الذي يمتد من قريتي الخاص والنعمان شرقي بيت لحم مرورا بأرضي بيت ساحور وبيت لحم وبيت جالا وصولا إلى طريق الأنفاق غربي بلدة الخضر.
ومازال العمل جارياً في بناء الجدار في المنطقة الشمالية لمدينتي بيت لحم وبيت جالا، حيث قامت الآليات بأعمال الحفريات واستكمال تركيب أجزاء من الجدار بارتفاع 10 أمتار، وتقوم بذلك على الرغم من الإدانة الدولية وصدور قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي في بداية شهر يوليو بعدم قانونية هذا الجدار.
كما وأقامت قوات الاحتلال معبراً جديداً شمال مدينة بيت لحم، وذلك لنقل الحاجز العسكري مسافة 220 متراً إلى الجنوب تمهيدا لتنفيذ المخطط التوسعي الإسرائيلي بضم "قبر راحيل"، والمنطقة الشمالية لبيت لحم وإخضاعها إلى السيادة الإسرائيلية، ويستمر الجدار إلى الغرب في منطقة الوطا بشكل يطوق مخيم عايدة ودير راهبات الفرنسيسكان، وسيحرم هذا الجدار مئات العائلات من أهالي بيت لحم من الوصول إلى أراضيهم التي عزلت شمالي الجدار والمقدرة بنحو ثمانية آلاف دونم، كما سيعمل الجدار على فصل مدن بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور ومخيم عايدة والدهيشة عن القدس وشمال الضفة الغربية.
ومن المعطيات السابقة فإن فكرة الفصل والجدار لم تكن حديثة العهد بل هي إحدى المخططات التي تبناها العديد من القادة الإسرائيليين مع اختلاف آليات التنفيذ لدواع سياسية وليس لدوافع أمنية محضة .
وإن اكتمال المرحلة الأولى والثانية من الجدار قد أعادت رسم خريطة الضفة الغربية وأحالتها الى عدد من الكانتونات والمعازل كما وعزلت خطة غلاف القدس المدينة عن باقي مناطق الضفة الغربية مما تسبب بمعاناة شديدة للسكان الفلسطينيين وتقييد حركة تنقلهم بين المدن والقرى والمخيمات في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية .
الفصل الثالث
موقف القانون الدولي والأطراف المعنية من الجدار
1.3 مقدمة
منذ احتلالها لأراضي الضفة الغربية وقطاع غزة اثر حرب حزيران 1967 ، فانه ينطبق على هذه الأراضي القانون الدولية وكافة الأعراف والمواثيق الدولية ، التي تؤكد على عدم جواز قيام الدولة المحتلة بأية إجراءات أو وقائع على الأرض التي احتلت ، كضم أو مصادرة للأراضي وتحذر من أية انتهاكات ترتكبها دولة الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين العزل .
ولما كان الجدار قد اتخذ مساراً بعيدا عن الخط الأخضر ليتجه إلى عمق أراضي الضفة الغربية ، إلى مسافة تصل في بعض المناطق إلى 20 كيلو متر ، ثم ليلتف عن القدس الشرقية ويعزلها عن بقية مناطق الضفة الغربية ، فان الأسرة الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة محكمة العدل الدولية في لاهاي والاتحاد الأوروبي وروسيا ودول عدم الانحياز ومنظمة العالم الإسلامي والأمة العربية بموقفها الرسمي والشعبي ، جميعها عدا الولايات المتحدة الأمريكية ، فقد شددت على أن بناء الجدار غير مشروع وعلى إسرائيل ان تقوم بهدم الجدار وتعويض السكان الفلسطينيين عن الأضرار التي تكبدوها اثر بناء الجدار .
إلا أن إسرائيل استمرت في بناء الجدار ، غير مكترثة بالقرارات الدولية والمعارضة الواسعة من دول العالم المحتجة على ناء الجدار ، ودون أن تراعي انعكاسات الجدار على الفلسطينيين ، وعلى عملية التسوية ومفاوضات الوضع النهائي .
2 .3 موقف القانون الدولي من جدار الفصل
أقر المجتمع الدولي منذ عام 1967 أن القوات الإسرائيلية هي قوة احتلال حربي وأن الأراضي الفلسطينية هي أراض محتلة، تنطبق عليها أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، المتعلقة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب، وبصفة دولة إسرائيل طرفاً متعاقداً على الاتفاقية، فإنه يتحتم عليها تطبيق أحكام هذه الاتفاقية، كما وتفرض هذه الاتفاقية والقانون الدولي الإنساني، على المتعاقدين توفير الحماية للسكان المدنيين .
وقد أقرت إسرائيل بتطبيق الاتفاقية على أساس الأمر الواقع، وتطبيق الشق الإنساني، ولم تعترف بأنها دولة احتلال حربي على أراضي عام 1967، ومن القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني، أن الأعيان المدنية ( الممتلكات، المباني ) يجب أن تكون بمنأى عن أي استهداف من جانب القوات المحتلة، ويحظر تماماً التعرض لها، وبجب أن تتوفر الحماية الكاملة لها، كما وأن هناك قيود صارمة وتحريم كامل لاستخدام وسائل قتالية وأسلحة معينة في العمليات الحربية .
وتنص المادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب على أنه " يحظر على دولة الاحتلال الحربي أن تدمر أي ممتلكات خاصة، ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات أو بالدولة أو السلطات العامة أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية " .
وعليه إن ما قامت به قوات الاحتلال من بناء لجدار الفصل حول الضفة الغربية، يمثل انتهاكاً لكافة المواثيق والأعراف الدولية .
" كما أن الجدار الذي تبنيه إسرائيل، يعتبر أحد أشكال التمييز العنصري المتجذر في نظام التمييز العنصري والاستعمار في الضفة الغربية وقطاع غزة . ووفقاً لمعاهدة التمييز العنصري يعتبر جريمة ضد الإنسانية تعاقب عليها الدول الأطراف من خلال محكمة دولية خاصة، ينشئونها ليشمل البروتوكول الأول لاتفاقات جنيف والنظام الداخلي للمحكمة الجنائية الدولية 1998 والمعاهدة الدولية ضد جريمة التفرقة العنصرية 1973 مركز غزة للحقوق والقانون تقرير نوفمبر 2003
وتعرف هذه الاتفاقات والمعاهدات التفرقة العنصرية على أنها "نظام مؤسس قائم على التفرقة العنصرية من أجل ضمان سيطرة مجموعة عرقية على مجموعة عرقية أخرى وقمعها". وهو ما يظهر ببناء الجدار، تنطبق عناصر هذا التعريف على السياسات والإجراءات الإسرائيلية، ومنها انتهاك حق الحياة والحرية الشخصية، القتل، التسبب في أذى جسدي أو عقلي، التعذيب، المعاملة المهنية، الاعتقال التعسفي، تطبيق إجراءات تهدف إلى تدمير شعب، سواء كان ذلك بشكل كامل أو جزئي، تطبيق إجراءات تمنع من مشاركة شعب في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية وانتهاك حقوقهم الإنسانية، مثل حق التعليم والعمل " المصدر السابق
ويهدف هذا الجدار أيضا إلى ضم أرض فلسطينية بشكل غير قانوني، يقام عليها ما يقارب 75 مستوطنة إسرائيلية يسكنها 303 ألف مستوطن، وبالتالي فإن نحو 108918 فلسطينياً سيتم ضمهم بشكل غير قانوني إلى إسرائيل أو تطويقهم داخل الجدار .
" كما يهدف الجدار الإسرائيلي إلى تقسيم السكان على أساس عرقي وفصل المواطنين الفلسطينيين عن بعضهم، وإعاقة حركتهم من خلال فرض حظر التجول والإغلاق، ومصادرة آلاف الدونمات، التي تعتبر مصدر الرزق الوحيد لمئات العائلات الفلسطينية، وهو يخالف نص المادة (47) من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949، على أن لا يحرم الأشخاص المحميون الذين يوجدون في أي إقليم محتل بأي حال ولا بأية كيفية من الانتفاع بهذه الاتفاقية سواء بسبب أي تغيير يطرأ نتيجة احتلال الأراضي، على مؤسسات الإقليم المذكور أو حكومته، أو بسبب أي اتفاق يعقد بين سلطات الإقليم المحتل ودولة الاحتلال، أو كذلك بسبب قيام هذه الدولة بضم كل أو جزء من الأراضي المحتلة، واستناداً إلى هذه المادة، فإن الأوامر العسكرية وبناء الجدار العازل، هي خرق للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، وحقوق الإنسان . المصدر السابق
3.3موقف الأمم المتحدة
انتقد مبعوث الأمم المتحدة إلى منطقة الشرق الأوسط "تيري رود لارسن" إسرائيل بشدة لمواصلتها بناء جدار الفصل العنصري قائلاً "من حق إسرائيل أن تبني جداراً على أرضها، لكن ليس على أراضي الآخرين، الجدار في مساره الحالي يفصل بين قرى فلسطينية، يفصل بين التلاميذ ومدارسهم" . جريدة الأيام 2003/9/16
وأفاد تقرير للأمم المتحدة نشر في جنيف في 30/9/2003، أن قيام إسرائيل ببناء "سياج أمني" على طول الضفة الغربية، سينطوي على ضم قسم من الأراضي الفلسطينية، وهو ما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة .وهذه الوثيقة التي أعدها "جون دوغارد " الخبير الجنوب أفريقي مقرر الأمم المتحدة الخاص، حول حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة إثر مهمة قام بها في نهاية مايو 2003 وهي موجهة إلى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان . وأشار التقرير إلى أن هذا الجدار سيؤدي إلى إلحاق أقسام كبرى من الضفة الغربية بينها مستوطنات يهودية أقيمت في الضفة الغربية بالأراضي الإسرائيلية .
وخلص التقرير إلى أن الوقائع تشير بقوة إلى أن إسرائيل مصممة على خلق وضع ميداني يعادل ضماً بحكم الأمر الواقع، وأضاف التقرير أن ضماً من هذا النوع الذي يعتبر غزواً بموجب القانون الدولي، يحظره ميثاق الأمم المتحدة، ومعاهدة جنيف الرابعة، المتعلقة بحماية المدنيين في زمن الحرب .
ويبقى القرار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2003/10/22 من أهم قرارات الأمم المتحدة، فيما يخص بناء جدار الفصل العنصري وذلك بعد الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن لمشروعي قرار مقترحين لوقف البناء في جدار الفصل . فقد أحالت الدبلوماسية الفلسطينية قضية الجدار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي أصدرت في الثاني والعشرين من أكتوبر عام 2003 قرارا يتعلق بالجدار الفاصل، رعته دول الاتحاد الأوروبي الخمس عشرة بعد أن وافقت عليه 144 دولة وعارضته أربع دول بينها الولايات المتحدة وإسرائيل في حين امتنعت 12 دولة عن التصويت.
" و فيما يلي نصه (ترجمة غير رسمية) :
أعمال إسرائيلية غير مشروعة في القدس الشرقية المحتلة
وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة
الجمعية العامة :
بالنظر إلى القرارات ذات الصلة بما في ذلك قرارات الجلسة الخاصة الطارئة العاشرة، وبالنظر إلى قرارات مجلس الأمن 242 الصادر في 22 تشرين الثاني عام 1967 والقرار 267 الصادر في 3 تموز عام 1969 والقرار 298 الصادر في 25 أيلول عام 1971 والقرار 446 الصادر في 22 آذار عام 1979 والقرار 452 الصادر في 20 تموز عام 1979 والقرار 465 الصادر في أول آذار عام 1980 والقرار 476 الصادر في 30 حزيران عام 1980 والقرار 478 الصادر في 20 آب عام 1980 والقرار رقم 904 الصادر في 18 آذار عام 1994 والقرار 1073 الصادر في 28 أيلول عام 1996 والقرار 1397 الصادر في 12 آذار عام 2002 وتأكيداً على مبدأ عدم جواز ضم الأراضي بالقوة، وتأكيداً على رؤيتها للمنطقة الخاصة بقيام دولتين إسرائيل وفلسطين تعيشان جنباً إلى جنب داخل حدود آمنة معترف بها .
- تدين كل أعمال العنف والإرهاب والتدمير ..
- تدين بشكل خاص التفجيرات الانتحارية وتصاعدها الأخير بما في ذلك الهجوم في حيفا ..
- تدين أيضاً الهجوم بالقنابل على قطاع غزة الذي أسفر عن مقتل ثلاثة من ضباط الأمن الأمريكيين ..
- وإذ تأسف لعمليات القتل خارج النظام القضائي وتصاعدها مؤخراً خاصة الهجمات التي وقعت في غزة أمس. تؤكد على الحاجة إلى وضع حد للموقف الذي يتسم بالعنف على الأرض والحاجة إلى إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967 والحاجة إلى تحقيق السلام استناداً لرؤية الدولتين سابقتي الذكر .. وتعبر عن قلقها الخاص لأن المسار الموضوع للجدار الجاري تشييده من جانب إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك أجزاء داخل القدس الشرقية وحولها قد يصادر مفاوضات مستقبلية ويجعل في حل الدولتين غير قابل للتنفيذ واقعياً وقد يؤدي إلى مزيد من المعاناة الإنسانية للفلسطينيين .
- وتكرر دعوتها لإسرائيل السلطة المحتلة بأن تحترم بشكل كامل وفعال معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 .
وتكرر معارضتها للنشاط الاستيطاني في الأراضي المحتلة ولأي أنشطة تتضمن مصادرة الأراضي وتمزيق حياة أناس يخضعون للحماية ولضم الأراضي بالأمر الواقع .
-1تطالب إسرائيل بوقف وإزالة الجدار المقام في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك أجزاء داخل القدس الشرقية وحولها التي تبعد عن خط الهدنة لعام 1949 وتتعارض مع مواد ذات صلة في القانون الدولي .
2 - تدعو الجانبين للوفاء بما التزما به بموجب خارطة الطريق.. تبذل السلطة الفلسطينية جهوداً واضحة على الأرض لاعتقال وتعطيل وكبح أفراد وجماعات تشن هجمات عنيفة أو تخطط لها .. وألا تقوم الحكومة الإسرائيلية بأي أعمال تضر بالثقة بما في ذلك الترحيل والهجمات على المدنيين والقتل غير المشروع .
- 3تطالب الأمين العام بوضع تقرير بشكل دوري عن مدى الالتزام بهذا القرار على أن يقدم التقرير الأول عن التزام بما ورد في الفقرة الأولى خلال شهر وفور تلقي التقرير تبحث أعمال أخرى إذا كان هناك ضرورة لذلك في إطار نظام الأمم المتحدة .
4 - قررت إرجاء الجلسة الخاصة الطارئة العاشرة مؤقتاً وتخول الرئيس الحالي للجمعية العامة حق الدعوة لاستئناف الاجتماع بناء على طلب الدول الأعضاء . جريدة القدس 2003/10/23
وفي وقت لاحق وتحديداً يوم الاثنين الموافق 2003/12/8، صوتت الجمعية العمومية للأمم المتحدة لصالح قرار يطالب محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا بالفصل فيما إذا كانت إسرائيل ملزمة قانوناً بهدم الجدار، وصدر هذا القرار بأغلبية 90 صوتاً ضد 8 أصوات وامتناع 74 صوتاً، وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل ممن صوتوا ضد القرار، أما دول الاتحاد الأوروبي، وشركاؤه فكانوا ممن امتنعوا عن التصويت " .جريدة القدس 2003/12/9
4.3 قرار محكمة العدل الدولية " محكمة لاهاي "
في التاسع من يوليو 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية ما يطلق عليه، 'رأيا استشارياً' حول شرعية الجدار الفاصل الذي تقوم إسرائيل بإقامته في الأراضي الفلسطينية المحتلة, تلبية لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثالث عشر من كانون الأول للعام 2003.
وقد تعاطي الرأي الاستشاري الذي أصدرته المحكمة الدولية مع قضية الجدار الإسرائيلي ضمن ثلاثة محاور تمثلت في أولها بمدى شرعية قيام إسرائيل بتشييد هذا الجدار ، بحيث أكدت المحكمة في قرارها و بكل وضوح عدم شرعية وقانونية بناء الجدار في الأراضي الفلسطينية, استنادا إلى القانون الإنساني كما ردت محكمة العدل الدولية ادعاء إسرائيل بأن وثيقة جنيف الرابعة لا تسري على المناطق الفلسطينية، إذ لم تكن الضفة الغربية وقطاع في أي وقت سابق جزءاً من دولة ذات سيادة, وفي هذا السياق حددت المحكمة أنه نظراً لكون المناطق الفلسطينية سقطت في أيدي إسرائيل نتيجة لحرب العام 1967 مع دولتين موقعتين على الوثيقة، فإنه يتوجب أن تتفق سيطرة إسرائيل على المناطق الفلسطينية مع وثيقة جنيف.
أما المحور الثاني الذي تناوله قرار المحكمة فهو تبعات وآثار الجدار الفاصل على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، فقد أشارت المحكمة إلى وجود مخاوف كبيرة من أن يؤدي مسار الجدار الفاصل إلى أيجاد 'حقائق على الأرض' تؤدي إلى الضم الفعلي للمساحات والأراضي التي استولت عليها وعزلتها إسرائيل لإقامة الجدار مما يؤدي إلى التأثير على الحدود المستقبلية ما بين إسرائيل والدولة الفلسطينية في المستقبل. وترى محكمة العدل الدولية أن الضم الفعلي لأجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل يشكل خرقاً لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
أما المحور الثالث الذي تناولته المحكمة في حيثيات رأيها الاستشاري فهو مدى قانونية الجدار الفاصل على ضوء القانون الدولي لحقوق الإنسان. وفي هذا السياق فقد حددت المحكمة بصورة جازمة، بخلاف الادعاءات الإسرائيلية ، أن هذا القانون يسري بأكمله على الأراضي المحتلة. ورأت محكمة العدل الدولية أن الجدار الفاصل يمس مختلف الحقوق المذكورة في الاتفاقيات والمواثيق التي وقعت إسرائيل عليها: الحق في حرية الحركة، الحق في التنقل و في العيش حياة كريمة، والمقننة في البنود 12 و- 17 من الميثاق الدولي بخصوص الحقوق المدنية والسياسية، الحق في العمل، الحق في مستوى حياة لائق، الحق في الصحة والتعليم، وهي مقننة في البنود 6، 11، 12 و- 13 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والحضارية.
" وفي نهاية رأيها الاستشاري لخصت المحكمة الدولية رأيها الاستشاري " بأنه يتوجب على إسرائيل التوقف الفوري عن بناء الجدار الفاصل في الأراضي الفلسطينية، وتفكيك أجزاء الجدار الفاصل التي تمت إقامتها في الضفة الغربية و إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل البناء، وإلغاء الأوامر التي تم إصدارها بخصوص إقامته وتعويض الفلسطينيين الذين تضرروا جراء ذلك. كذلك ناشدت محكمة العدل الدولية المجتمع الدولي بالامتناع عن تقديم المساعدة إلى إسرائيل طالما استمرار الوضع غير القانوني الذي نشأ في أعقاب إقامة الجدار الفاصل، واتخاذ الوسائل القانونية من أجل إيقاف الخروقات الإسرائيلية وضمان تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة ".المركز الفلسطيني لحقوق الانسان يوليو 2004
إما على صعيد الموقف الإسرائيلي فقد رفضت إسرائيل التعاون مع هذا الإجراء بدعوى عدم وجود صلاحية للمحكمة للبحث في هذه القضية. وفي الوثيقة التي قدمتها إسرائيل، بررت هذا الإدعاء بكون الحديث يدور حول قضية سياسية وليست قانونية، وأن الإطار المناسب لبحث هذه القضية هو إطار العلاقات الثنائية ما بينها وبين الفلسطينيين. وقد ردت المحكمة بأغلبية الأصوات الإدعاء الإسرائيلي حول صلاحيتها و أكدت على شرعية و قانونية الأحكام الصادرة عنها.
5.3 الموقف الفلسطيني
ابدي الموقف الفلسطيني معارضة شديدة لبناء جدار الفصل على الصعيدين الرسمي والشعبي ومارست السلطة الوطنية الفلسطينية نشاطا دبلوماسيا مكثفا لاطلاع دول العالم الصديقة والشقيقة والرباعية الدولية على مخاطر بناء جدار الفصل على الصعيدين الانساني والسياسي و كان من ابرز نتائج هذه الحركة النشطة للدبلوماسية الفلسطينية، في أروقة الأمم المتحدة على وجه التحديد، وتمخض هذا الدور عن عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي، وللجمعية العامة أسفرت عن تصويت الأخيرة لصالح قرار يدين بناء الجدار الأمني، سبق ذكره في سياق الدراسة مفصلاً بالإضافة إلى أن هذا النشاط اظهر مجددا تحيز الموقف الأمريكي حينما صوتت الولايات المتحدة ضد قرارين قدما إلى كل من (مجلس الأمن – الأمم المتحدة) لوقف بناء الجدار .
ولم يقتصر النشاط الفلسطيني على الموقف الرسمي، بل تعداه إلى النشاط غير الرسمي الذي قامت به شخصيات عامة أكاديمية، نقابية، برلمانية حينما استضافت وفوداً أوروبية، وأمريكية، لكي تتحقق وعلى أرض الواقع من المخاطر، التي يجلبها الجدار على مستقبل السلام في المنطقة. وتجلى الموقف الشعبي الفلسطيني، في مواجهة بناء الجدار، ما يعكس مدى التصاق الإنسان الفلسطيني بأرضه، ولعل المسيرات والمظاهرات، شبه يومية، بمشاركة قوى يسارية إسرائيلية ووفود تضامن دولية، كان لنشاطها دور في نقل معاناة الشعب الفلسطيني من جراء بناء الجدار، للرأي العام العالمي، ليتأكد له حقيقة الممارسات الإسرائيلية في مناطق السلطة، ويمكن القول بأن الاستطلاع الأخير للاتحاد الأوروبي والذي عبر فيه 58% من الأوروبيين، عن قناعتهم بأن إسرائيل تشكل خطراً على السلام العالمي أكثر من إيران وكوريا الشمالية، كان بفضل المسيرات الاحتجاجية، التي شارك فيها وفود تضامن أوروبي .
" وقد جاء الموقف الفلسطيني الرسمي على لسان الرئيس الشهيد ياسر عرفات ومسئولون آخرون، حيث اعتبر الرئيس عرفات، استمرار إسرائيل في بناء "جدار الفصل العنصري" المسمى بزعمهم "الجدار الواقي" على أراضي الضفة الغربية شرقي "الخط الأخضر" بأنه " تدمير لعملية السلام " وأوضح أن إسرائيل تصادر من خلال إقامة الجدار 58% من أراضي الضفة الغربية، وتسيطر على أحواض المياه الجوفية، وتقسم عشرات المدن والقرى الفلسطينية، تمهيداً لطرد وتشريد ما يزيد عن 200 ألف فلسطيني من بيوتهم وممتلكاتهم، إضافة إلى إقامة جدار برلين جديد حول مدينة القدس الشريف لعزلها عن محيطها الفلسطيني وتهويدها، وطمس هويتها التاريخية والدينية والروحية العربية والإسلامية" جريدة القدس 2003/9/21
ولم يقتصر الموقف الفلسطيني، على إصدار بيانات الشجب والاستنكار، بل شهد تحركاً ملموساً في الأمم المتحدة، قاده ممثل فلسطين لدى المنظمة الدولية آنذاك د.ناصر القدوة وزير الخارجية الأسبق الذي أكد أن استمرار بناء الجدار العازل يعني استمرار الاستيلاء على الأراضي وفرض سياسة الأمر الواقع ومصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية في انتهاك واضح وصريح لميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة، التي تم التأكيد عليها من قبل مجلس الأمن، وتنطبق على الأراضي المحتلة عام 1967م .
6.3 الموقف العربي
لم يرتق الموقف العربي من بناء جدار الفصل إلى المستوي المطلوب رغم المخاطر العديدة ، والآثار السلبية المأساوية التي يخلفها بناء الجدار على مستقبل الشعب الفلسطيني، رغم أن الجانب العربي، كان بإمكانه التأثير نسبياً على الموقف الأمريكي الداعم بلا حدود لحكومة شارون آنذاك، ، لا سيما أن الولايات المتحدة، بحاجة للدعم العربي، لتمرير سياساتها في العراق، ويمكن القول بأن الموقف السوري كان من أكثر المواقف العربية تفهماً لمخاطر بناء جدار الفصل العنصري، وهذا ما توضح في أروقة الأمم المتحدة .فيما استمر موقف جامعة الدول العربية على حاله مقتصراً على بيانات الشجب والاستنكار والتنديد ببناء الجدار.
1.6.3 موقف الجامعة العربية
اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، بأنه من العبث التحدث عن السلام في الوقت الذي تواصل فيه حكومة "شارون" بناء جدار الفصل العنصري، وأضاف " بأن هناك حرب معلنة ضد الشعب الفلسطيني، وأن الحديث عن السلام لا فائدة منه" . جريدة الأيام 2003/10/22
وفي وقت لاحق دعا عمرو موسى إلى تدخل الأمين العام للأمم المتحدة "كوفي عنان" لحمل إسرائيل على وقف بناء الجدار الأمني في الضفة الغربية .
2.6.3موقف الدول العربية
" ساهمت الدول العربية في تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار يعلن أن جدار الفصل العنصري غير قانوني، بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" لمنع صدور قرار مماثل من مجلس الأمن الدولي، وقررت المجموعة العربية أيضاً خلال اجتماع مغلق عقدته في مقر الأمم المتحدة أن تطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتماد قرار ثان يسعى للحصول على رأي استشاري من محكمة العدل الدولية، بشأن ما إذا كانت إسرائيل ملزمة قانوناً بتفكيك الجدار وتفصل المحكمة التابعة للأمم المتحدة، ومقرها لاهاي في النزاعات بين الدول" . جريدة الحياة 2003/10/21
3.6.3 الموقف الشعبي العربي
اقتصر الموقف الشعبي العربي على " مظاهرة يتيمة في الجامع الأزهر، دعا فيها المتظاهرون القادة العرب إلى التصدي لبناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، وذلك بعد صلاة الجمعة في الجامع الأزهر في القاهرة، وطالب المتظاهرون العرب بضرورة الوقوف صفاً واحداً لمنع بناء جدار الفصل العنصري .
7.3الموقف الدولي
أجمع المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، على إدانة بناء جدار الفصل ، وجاءت أكثر الانتقادات من دول الاتحاد الأوروبي، وذلك لأن الأوربيين لهم تجربة سابقة مع سور برلين، بالإضافة إلى كون دول الاتحاد الأوروبي أكثر تفهماً للمعاناة الفلسطينية والآثار المأساوية المترتبة على بناء الجدار وتحديداً على مستقبل عملية السلام، في الشرق الأوسط والتي تطمح أوروبا، أن يكون لها دور بارز فيها .
1.7.3 الموقف الأمريكي
فقد ظل الموقف الأمريكي على حاله من موضوع الجدار، حيث أبدت امتناعها ومعارضتها منه "إعلامياً"، ولكن عملياً كانت داعمة لبناء "الجدار"، ولعل الموقف الأمريكي في الأمم المتحدة، قد اظهر حقيقة الموقف الأمريكي من موضوع الجدار، وكشف حقيقة النوايا الأمريكية تجاه قضايا الشعب الفلسطيني .
فقد أبدت الولايات المتحدة الأمريكية في اغسطس/ 2003 عن قلقها من بناء جدار الفصل العنصري، وقال "سكوت ماكليلان" المتحدث باسم البيت الأبيض، " أن السياج يمر بأراض هي في أفضل الأحوال محل نزاع موضحاً أن واشنطن تريد إلغاء السياج تماماً لكنها تود إعادة رسم مساره في ضوء الرفض الإسرائيلي" . جريدة القدس 2003/8/6
" وفي أعقاب الضغوط الأمريكية على إسرائيل لتعديل مسار جدار الفصل، سافر "دوف فاسيغلاس" مدير عام مكتب رئيس الحكومة و "عاموس بارون" مدير عام وزارة الدفاع في 2003/9/20 إلى واشنطن، للاجتماع مع "كونداليزا رايس" مستشارة الأمن القومي آنذاك ومساعديها وزيرة الخارجية الحالية ، وذلك بهدف تقليص هوة الخلافات في الآراء بين الدولتين والتوصل إلى حل وسط يمكن بموجبه بناء الجدار في منطقة مستوطنة "أرئيل" وغرب شمال الضفة الغربي، وعرضت الولايات المتحدة الأمريكية ثلاث تحفظات ". جريدة القدس 2003/9/22
ـ معارضة شديدة لبناء الجدار حول المستوطنات الواقعة غرب شمال الضفة الغربية (ارئيل وكرني شومرون وقدوميم) وربطها بامتداد إقليمي بإسرائيل.
ـ تحفظات أقل حدة من إدخال مستوطنة "بيت آريه" إلى داخل الجدار .
ـ معارضة لمرور جدار "غلاف القدس" في الحرم الجامعي لجامعة القدس .
ولكن هذه المواقف الأمريكية المعارضة لبناء الجدار تبخرت، بعدما وقفت الولايات المتحدة الأمريكية، في مجلس الأمن الدولي، ولاحقاً في الجمعية العامة، للتصويت ضد مشروع قرار عربي يدين بناء جدار الفصل العنصري .
" حيث استخدمت الولايات المتحدة يوم الأربعاء 2003/10/15 حق النقض " الفيتو" في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يدين قيام إسرائيل ببناء جدار الفصل العنصري، وحصل مشروع القرار على تأييد 10 دول، بينما امتنعت عن التصويت 4 دول أخرى وهي ألمانيا وبريطانيا وبلغاريا والكاميرون، وانتقد المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة "جون نيغروبونتي" الذي استخدم حق النقض للمرة الثانية خلال شهرين ضد مشروع قرار يدين إسرائيل، النص الذي تقدمت به سوريا باسم المجموعة العربية، وقال "نيغروبونتي" أن النص الذي عرض للتصويت "ليس متوازناً"، ولا يتضمن إدانة للإرهاب بعبارات واضحة، وفشل في المساواة بين الجانبين في المجال الأمني في الشرق الأوسط بما في ذلك الهجمات التي عانت منها إسرائيل في السنوات الثلاث الأخيرة ".المصدر السابق
كما عارض الموقف الأمريكي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء الأربعاء 2003/10/22 حينما تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تسوية صاغه الاتحاد الأوروبي يطالب الدولة العبرية "بوقف بناء الجدار الذي تقوم ببنائه في الأراضي الفلسطينية . وبررت الولايات المتحدة معارضتها للقرار الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة حول وقف بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية بالقول أنه لم يكن متوازناً .
2.7.3 الموقف الأوروبي
جاءت الانتقادات الأوربية على بناء جدار الفصل، على لسان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، لشؤون السياسية الخارجية "خافيير سولانا" الذي اعتبر خطط إسرائيل لبناء قطاع جديد من جدار الفصل العنصري، "أنه يضر بعملية السلام ويفرض أمراً واقعاً، وقال "سولانا" " لم يكن من المناسب اتخاذ الحكومة الإسرائيلية هذا القرار، لا أعتقد أن بوسعنا قبول سور يفرض على الواقع قرارات بخصوص أراض لم تقسم" . جريدة القدس 2003/10/3
وحذرت القمة الأوربية إسرائيل في 2003/10/17 من أن مسار الجدار الذي تقوم ببنائه ويقسم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، من شأنه أن ينسف التعايش بين إسرائيل والدولة الفلسطينية . وجاء في مشروع البيان الختامي للقمة الأوروبية "أن الجدار من شأنه أن يستبق المفاوضات المقبلة، ويجعل من المتعذر عملياً التوصل إلى الحل الذي يقوم على بناء دولتين .
3.7.3الموقف الروسي
اقتصر الموقف الروسي على دعوة إسرائيل إلى تعليق بناء الجدار الفاصل، ووضع حد لتطوير مستوطناتها في الضفة الغربية، وقالت وزارة الخارجية الروسية بأنه "يجب تعليق بناء المستوطنات والجدار، الذي سيضم أراض فلسطينية وسيعزل عدداً من السكان" .
4.7.3 الموقف الصيني
ندد المبعوث الصيني للشرق الأوسط " وانغ شي جيه " ببناء إسرائيل لجدار الفصل العنصري، واعتبر أن هذه العملية لا تساهم في تحقيق السلام في المنطقة ولا في الثقة المتبادلة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي" . جريدة الأيام 2003/10/24
8.3 موقف المنظمات الدولية
1.8.3 منظمة العفو الدولية
أكدت منظمة العفو الدولية أن بناء إسرائيل لجدار الفصل العنصري، يعمق التأثير الاقتصادي المعوق للقيود الصارمة التي تفرضها على تنقل الفلسطينيين وفي تقريرها الأخير بعنوان " إسرائيل والأراضي المحتلة ـ العيش تحت الحصار" أكدت المنظمة أن 60% من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر الذي يبلغ دولارين يومياً، كما أن معدل البطالة يقترب من 50%، وأضافت أن النسب المرتفعة للبطالة والفقر، ونقص التغذية والمشاكل الصحية التي تصيب الفلسطينيين ليست مشكلة إنسانية فقط، بل نتيجة مباشرة للقيود التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة .
" وقال التقرير أن الجدار الإسرائيلي، وهو سياج الكتروني يعلوه سلك شائك في معظم المناطق، وجدار إسمنتي في مناطق أخرى له عواقب اقتصادية واجتماعية خطيرة على أكثر من 200 ألف فلسطيني، وأضافت أن هذا الجدار يعزل عشرات من القرى الفلسطينية عن باقي الضفة الغربية، وعن أراضيها الزراعية، وقالت "دوناتيلا روفيرا " وهي مندوبة بمنظمة العفو الدولية، رأست فريق البحث بشأن هذا التقرير : "لو بنوا هذا الجدار على خط ما قبل حرب عام 1967، لما كان أمامنا شئ نقوله عنه " ولكنهم يبنونه داخل الأراضي المحتلة، ويعزل المجتمعات الفلسطينية" . جريدة الحياة الجديدة 2003/9/9
2.8.3 منظمة هيومن رايتس - ووتش
دعت المنظمة الأمريكية المدافعة عن حقوق الإنسان، الإدارة الأمريكية إلى فرض عقوبات مالية على إسرائيل لاستمرارها في بناء جدار الفصل العنصري .
وفي رسالة وجهتها إلى الرئيس الأمريكي "جورج بوش" طلبت المنظمة فرض عقوبات على إسرائيل لبنائها هذا الجدار الذي يحاصر عشرات الآلاف من الأشخاص، وقال "جوستورك" أحد مسؤولي المنظمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن بوش "يجب أن يتأكد من أن الحكومة الأمريكية تفعل ما بوسعها لمنع هذه الانتهاكات للقانون الدولي معتبراً أن "حسم كلفة البناء من قيمة الضمانات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة سيشكل مبادرة جيدة " . جريدة الحياة الجديدة 2003/10/2
3.8.3 مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة " بتسيلم "
اعتبر مركز بيتسيلم أنه "بموجب الاقتراح الذي تبحثه الحكومة الإسرائيلية، فإن المرحلة الثالثة من الجدار الأمني ستقام في عمق الضفة الغربية، وبعمق 22 كم، وهو ما سيلحق أضراراً فادحة بحقوق حوالي 80 ألف فلسطيني في تلك المنطقة، وشدد المركز على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "شارون" ووزير الحرب "شاؤول موفاز" يستغلان رعب ومخاوف الجمهور الإسرائيلي من العمليات التفجيرية استغلالاً سافراً، ولكن من أجل تحقيق أهداف سياسية بحجج الأمن والدفاع عن النفس .
و قد طالب الحكومة الإسرائيلية بالامتناع عن إقامة الجدار داخل أراضي الضفة الغربية، وقال " أن تحديد مسار المرحلة الثالثة للجدار الفاصل الذي اقترح من قبل وزير الحرب ورئيس الحكومة والذي سيمر إلى الشرق من مستوطنات "أرئيل، كدوميم، عمانوئيل، وكرني شمرون " يدل مرة أخرى على أن اعتبارات جهاز الأمن بها ما هي إلا اعتبارات سياسية مرفوضة " جريدة الأيام 2003/10/1
وكانت "جيكامونتل" المديرة العامة للمركز قد ذكرت أن هدف إسرائيل من إقامة الجدار في منطقة القدس، هو تخفيض عدد السكان العرب داخل المدينة، والحفاظ على ما تسميه بالتوازن الديموغرافي، وأضافت قائلة " لهذا عملت إسرائيل على ضم أراض قرية النعمان شرق بيت لحم، والتي تتاخم حدودها مدينة القدس، وذلك بهدف تهجير سكانها بقوة . جريدة القدس 2003/9/17
9.3 جدر الفصل بين المعارضة والتأييد الإسرائيلي
علق الجنرال ايفي ايتام وزعيم حزب (المفدال) الديني الوطني على بناء جدار الفصل قائلاً : " إن من يريد إثبات انتصار الحركة الوطنية الفلسطينية على الحكومة الإسرائيلية فان عليه أن ينظر إلى هذا الجدار الذي يعكف الجيش على إقامته حولنا، أي إنجاز يريده الفلسطينيون أكثر مما حققوه فعلا بإجبارنا على الانغلاق خلف الجدران الإسمنتية والأسلاك الشائكة" .
أما بنحاس فالنتشتاين احد قادة المستوطنين اليهود في الضفة الغربية فذهب إلى حد وصف الجدار الذي يعكف جيش الاحتلال على إقامته بجدار معسكر (اوشفيتس)، وهو احد مراكز الاعتقال التي أقامها النازيون لليهود في بولندا أوائل الأربعينيات، وأضاف قائلاً : " إلا أن هناك فرقاً هاماً أن اوشفيتز أقامه أعداؤنا لنا، أما هذا الجدار فنقيمه نحن لأنفسنا " .
ويبدي المستوطنون اليهود في الضفة الغربية بشكل خاص حساسية خاصة لإقامة الجدار، ويتهمون إسرائيل بالتخلي عنهم وتركهم وشأنهم مع المقاومة الفلسطينية، كما يقول أبراهام دومب من قادة المستوطنين في (كريات أربع) القريبة من الخليل. كما أن عدداً من المفكرين المحسوبين على اليمين يرون في إقامة الجدار بمثابة تحويل الدولة إلى زنزانة، كما يصفها المفكر والأديب اليميني موشيه شامير.
لكن على الرغم من هذه الانتقادات، فان الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين تؤيد إقامة الجدار حيث يرى أكثر من خمساً وثمانين بالمائة من الإسرائيليين أن هناك احتمالاً أن يؤدي إقامة الجدار إلى تحسين الأوضاع الأمنية في إسرائيل بشكل ملحوظ .
ويقول الجنرال يوني فيجل المختص في تصميم التحصنيات العسكرية أن المعلومات الاستخبارية تؤكد أن لدى الفلسطينيين طائرات شراعية وبإمكانهم استخدامها في تنفيذ العمليات الفدائية في أي مكان يريدون وبدون أي عائق، مشدداً على الصعوبة الكبيرة في قدرة سلاح الجو الإسرائيلي على اعتراض مثل هذه الطائرات. كما يشير فيجل إلى إمكانية أن يستخدم الفدائيون الفلسطينيون المناطيد الطائرة في تجاوز الجدار الفاصل.
وهناك من يرى أن الفدائيين في حال تعذر عليهم أن ينفذوا عمليات في داخل الخط الأخضر، فانه بإمكانهم أن ينفذوا عمليات فدائية ضد المستوطنات اليهودية والمواقع العسكرية الإسرائيلية في داخل الضفة الغربية ، وهذا سبب أخر يدفع المستوطنين للحنق على ارئيل شارون.
وقال عضو الكنيست إيلي كوهن، ممثل مجلس مستوطنات الضفة والقطاع في حزب الليكود: "إن النتيجة الفورية لبناء ذلك الجدار هي وقوع عمليات ضد المستوطنين، إن الإرهاب لن يختفي مع بناء الجدار، بل سيجد عنواناً جديداً وهو المستوطنون، ووتيرة العمليات ستزداد وتتضاعف، إنهم يخدعون الجمهور، إنني أسمي هذا الجدار بجدار الوهم ".
أما في الجانب الإسرائيلي الآخر، في حزب العمل وما يسمى بأحزاب اليسار، فقد انطلقت الاحتجاجات من النظر إلى واقع هذا الجدار باعتباره تطبيقاً عملياً للفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني، وتهرباً من أي مشروع للتسوية السياسية مع السلطة الوطنية الفلسطينية وتكريس واقع الاحتلال والسيطرة على الفلسطينيين، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من المخاطر الأمنية المستقبلية.
كما يطرح معارضو فكرة الجدار جملة من الإشكالات الأمنية لبنائه مما يجعل فكرته غير ذات جدوى في الحيلولة دون عمليات المقاومة، ومن تلك الإشكالات:
أولا ً: أن المستوطنات التي ستبقى خارج الجدار ستكون هدفاً جيداً للمقاومة، وبالطبع يرد أنصار الجدار على ذلك بالقول إن الجيش سيتحرر من مهام البحث عن الفدائيين في الخضيرة والعفولة والقدس، وسيتفرغ لحماية تلك المستوطنات وسكانها، في حين يرد الآخرون بأن ذلك سيعني تكرار تجربة لبنان حين ترسل الأمهات أبناءهن للدفاع عن المستوطنات ثم يعودون في الأكفان، فيبدأ مسلسل جديد يضطر معه الجيش إلى إزالة تلك المستوطنات والانسحاب من المناطق.
ثانياً : ليس هناك جدار يقدم حلاً لمشكلة القدس والمناطق المكتظة بالسكان خصوصاً أن إمكانية تجنيد شبان فدائيين هناك ستبقى واردة.
ثالثا ً: تدل معطيات الأمن أن 95% من منفذي العمليات قد اجتازوا الخط الأخضر عبر المعابر وليس عبر الحقول المفتوحة.
رابعاً: ليس هناك جدار يمنع إطلاق نيران المدفعية، والأهم من ذلك هو حجم القوات المطلوبة لحراسة الجدار، وإذا لم يكن هناك حسم في ضرب من يقترب منه فلن يبقى طويلاً في مكانه.
خامساً : أن رجال المقاومة لن يواصلوا استخدام نفس الطرق العادية للدخول، بل قد يعمدون إلى أساليب جديدة مثل استخدام الشبان الفلسطينيين من عرب 48 أو حفر الأنفاق أو استخدام الهويات المزيفة أو وسائل الطيران الخفيفة، وهذه بعض الأدوات التي تحدث عنها مناهضو فكرة الجدار.
" أما اليسار الإسرائيلي فقد شن هجوما على لسان " أوري أفنيري " الذي طالب بالتخلص من عقلية "الجيتو"، وبإسقاط الجدار، وقال " إن وجود الجدار يبدو أنه يهدف استعراض القوة، فهو يعلن ننا أقوياء، نحن نستطيع أن نفعل كل ما نريد، سنسجن الشعب الفلسطيني في مناطق صغيرة، معزولة عن العالم، ولكن هذا اعتقاد خاطئ وفي الحقيقة، فإن هذا الجدار يعبر عن المخاوف اليهودية القديمة ففي العصور الوسطى، أحاط اليهود أنفسهم بجدران من أجل أن يشعروا بالأمان، قبل وقت طويل من اضطرارهم للعيش في غيتوهات، وأضاف إن الدولة التي تحيط نفسها بجدار ليست سوى دولة "غيتو"، "غيتو" قوي ومسلح ينشر الخوف في المنطقة، لكنه يظل "غيتو" يشعر بالأمان فقط خلف الجدران والأسلاك الشائكة وأبراج المراقبة، وأكد أننا "لن نتمكن من تحقيق السلام قبل أن نتغلب على عقلية الغيتو، وعلينا قبل كل شيء أن نتخلص من الجدار" . جريدة القدس 2003/9/6
" فيما اتهمت كتلة السلام الإسرائيلية حكومة إسرائيل بأنها تبدد الأموال من صندوقها الفارغ أصلاً على بناء المزيد من الجدران المضاعفة، وأن هذه الجدران لن تحقق السلام والهدف منها هو ضم المستوطنات إلى إسرائيل. وقالت : " أن برنامج الجدار، جاء من أجل التقدم في برنامج رئيس حكومة "شارون" وهو محاصرة الفلسطينيين ووضعهم في مناطق منقطعة، لغرض منع إقامة دولة فلسطينية، ذات مساحات متواصلة، على الأرض، وإغلاق كل إمكانية للتوصل إلى السلام " . جريدة القدس 2003/10/3
وهاجم مندوب حركة "السلام الآن" الإسرائيلية "درور اتكيس" بناء الجدار، مؤكداً أن مساره وفق ما يقترحه شارون يضمن تكريس الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، على امتداد أجيال قادمة، واعتبر أن من حق إسرائيل بناء الجدار الفاصل لتحمي نفسها، لكنه يتعين أن يكون مسار الجدار مطابقاً للخط الأخضر، لتقليص المصاريف، وقوات الجيش فضلاً عن الأسباب الديموغرافية والسياسية والأخلاقية التي تقتضي ذلك " . جريدة الحياة 2003/10/17
وبين هذه الانتقادات وتلك فان انتقال تقنية صناعة صواريخ القسام إلى الضفة الغربية وتوجيهها إلى العمق الإسرائيلي بعد استكمال الجدار يعد من الخيارات المحتملة التي قد تتبناها المقاومة الفلسطينية لا سيما مع استمرار الاجتياحات للضفة واستباحة مدنها ومخيماتها وقراها واستمرار سياسة الاغتيالات وتوسيع حملات الاعتقالات من مختلف الفصائل الفلسطينية وحالة الإحباط والتشاؤم إزاء جدوى المفاوضات الماروتينية الفلسطينية الإسرائيلية بعد مؤتمر انابوليس للسلام في نوفمبر من العام 2007 وتصريحات رئيس الوزراء اولمرت بين الحين والأخر من أن احتمالات التوصل لاتفاق سلام شامل مع الفلسطينيين حتى نهاية العام 2008 يعد امرأ مستبعداً مما يجعل سقوط البعد الأمني للجدار مسألة وقت ليس أكثر ما لم يتم التوصل قريباً إلى تسوية شاملة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي .
الفصل الرابع
انعكاسات الجدار على السكان الفلسطينيين
وعلى العملية السلمية
1.4 مقدمة
استنادا إلى المعلومات والبيانات والخرائط والإحصائيات الرسمية وغير الرسمية والمحلية والدولية ، فان جدار الفصل وبعد دخول المرحلة الثالثة والأخيرة من البناء واكتمال بناء أكثر من 570 كيلو متر من طول الجدار ، بعمقه داخل أراضي الضفة الغربية وكثرة تعرجاته والتواءاته ، ليضم اكبر عدد من المستوطنات الإسرائيلية غرب الجدار ، وتقسيم الضفة الغربية إلى عدد من الكانتونات والمعازل . فان هذا الجدار قد خلف آثارا كارثية على السكان الفلسطينيين على كافة الأصعدة الأمنية و الاقتصادية والمعيشية و الاجتماعية والنفسية .
هذا إلى جانب خطورة الجدار على مستقبل الدولة الفلسطينية المستقبلية التي أصبحت غير واضحة المعالم والحدود ولتصبح مفاوضات التسوية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي سرابا في نظر الشعب الفلسطيني المتعطش إلى الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
2.4 اثر جدار الفصل على التجمعات السكانية والقطاعات الحيوية
2.4 1. اثر بناء جدار الفصل على أراضي الضفة الغربية
يبقى تأثير الجدار على الأراضي من أخطر التأثيرات، فمصادرة الأراضي تعني مصادرة الحلم الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة، ومصادرة لقمة العيش لأصحاب الأرض، كما أنه يحول أصحاب الأراضي إلى غرباء .
" وبلغت مساحة الأراضي المصادرة من أملاك السلطة الوطنية حوالي 40460 دونماً ، تركز معظمها في محافظة جنين، بينما بلغت مساحة الأراضي المصادرة من الأملاك الخاصة، حوالي 124323 دونماً، تركز معظمها في محافظة القدس . تقرير الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني في اغسطس 2003
" ومعظم الأراضي المصادرة مزروعة بالزيتون، والتي قدرت مساحتها بحوالي 62623 دونماً، تليها المحاصيل الحقلية 18522 دونماً، ثم المراعي 9800 دونم، ثم الحمضيات 8008 دونمات . كما بلغت مساحة الأراضي المجرفة من أملاك السلطة الوطنية الفلسطينية حوالي 1296 دونماً، تركز معظمها في محافظة جنين، بينما بلغت مساحة الأراضي المجرفة من الأملاك الخاصة حوالي 21002 دونماً ، تركز معظمها في محافظة القدس حيث كان معظم الأراضي المجرفة مزروعة بالزيتون والمحاصيل الحقلية مثل الحمضيات . المصدر السابق
2.2.4 التجمعات السكانية والاراضي:
بلغ عدد التجمعات السكانية التي تمت مصادرة أراضيها من أجل بناء الجدار الفاصل، بقرار عسكري إسرائيلي، 26 تجمعاً، مقابل 18 تجمعاً سكانياً، عن طريق وضع اليد على الأراضي في هذه التجمعات. فقد أظهرت نتائج مسح نفذه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في سبتمبر 2003 كما أفادت النتائج أن 31 تجمعاً سكانياً تمت مصادرة أراضيها بالطريقتين.
وأشارت نتائج المسح إلى أن مجموع الأسر التي هجرت من التجمعات التي مر الجدار من أراضيها بلغ 402 أسرة، منها 112 أسرة من محافظة جنين وحدها، بينما بلغ عدد الأفراد الذين تم تهجيرهم 2323 فرداً من التجمعات التي مر الجدار من أراضيها، وبلغ عدد الذكور المهجرين 1138 فرداً.
وبلغ عدد الأسر التي أصبحت غرب الجدار (بين الجدار الفاصل والخط الأخضر) 12482 أسرة، منها 1119 أسرة، في محافظة طولكرم وحدها بينما بلغ عدد الأفراد الذين أصبحوا غرب الجدار 42092 فرداً.
وبينت النتائج أن مجموع المباني التي أصبحت داخل الجدار (بين الجدار الفاصل والخط الأخضر) 2438 مبنى، منها 982 مبنى في محافظة طولكرم وحدها، بينما بلغ عدد المباني المدمرة بشكل كلي 10 مبان، حيث بلغت مساحتها 810 أمتار مربعة، وقدرت قيمتها بحوالي 129 ألف دولار أمريكي، مقابل 14 مبنى تضررت بشكل جزئي، حيث بلغت مساحتها 260 متراً مربعاً، وقدرت قيمتها بحوالي 52 ألف دولار أمريكي.
أما منظمة "بتسيلم" فذكرت " أن حياة نحو 875 ألف فلسطيني ستتأثر بشكل مباشر من الجدار، الذي سيعزل 236 ألف فلسطيني داخل جيوب، من بينهم 115 ألف سيصبحون معزولين ما بين الجدار الفاصل شرقاً والخط الأخضر غرباً " .جريدة الأيام 2003/11/7
وتتجلى الآثار السلبية المترتبة على إقامة الجدار في تهجير السكان في مدينة القدس حيث سيتسبب الجدار في تخفيض عدد السكان العرب داخل المدينة، والحفاظ على ما تسميه بالتوازن الديمغرافي، وهذا ما أكدت عليه "جيكامونتل" المديرة العامة لمركز المعلومات "بيتسيلم" حيث قالت " أنه لهذا السبب عملت إسرائيل على ضم أراضي قرية النعمان شرق بيت لحم، والتي تتاخم حدودها مدينة القدس، بقصد تهجير سكانها بالقوة " . جريدة القدس 2003/9/17
" وأكد فؤاد الحلاق، وهو خبير ومحلل الخرائط في الطاقم التقني لدائرة شؤون المفاوضات – ملف القدس – " بأن حكومة شارون عمدت ومنذ 3 سنوات إلى أيجاد واقع حول مدينة القدس لا يمكن تغييره من خلال النشاطات الاستيطانية والشوارع الالتفافية، وأخيراً جدار الفصل العنصري، لتحويل المستوطنات القريبة من القدس العربية إلى أحياء يهودية والمكونة من 31 مستوطنة (11منها داخل الحدود البلدية الحالية و20 خارجها) والتي يبلغ عدد المستوطنين فيها حالياً حوالي ربع مليون نسمة " . نفس المصدر
وحسب ما تؤكد بتسيلم " فإن الجدار سيفصل حوالي 200 ألف فلسطيني من القاطنين في شرق القدس، عن باقي قرى وبلدات الضفة . جريدة الأيام 2003/11/7
3.2.4 تأثير جدار الفصل على الحياة اليومية للفلسطينيين:
يمر الجدار العازل بأراض الضفة الغربية مما يعني أنه سيؤثر على الحياة 210000 فلسطيني يسكنون 67 قرية ومدينة بالضفة الغربية ويكن اظهار هذه المعاناة كالتالي :
1- هناك 13 تجمعا سكانيا يسكنه 11,700 فلسطيني سيجدون أنفسهم سجناء في المنطقة ما بين الخط الأخضر و الجدار العازل.
2- وجود جدار مزدوج أي جدار أخر يشكل عمقا للجدار العازل الفاصل سيخلق منطقة حزام أمني الأمر الذي سيجعل من 19تجمعا سكانيا يسكنه128,500 فلسطيني محاصرين في مناطق وبؤر معزولة.
3- سيؤدي إقامة هذا الجدار العازل إلى إعاقة حرية حركة الفلسطينيين وقدرتهم الوصول إلى حقولهم أو الانتقال إلى القرى والمدن الفلسطينية الأخرى لتسويق بضائعهم ومنتجاتهم.
4- سيؤدي بناء الجدار العازل إلى الفصل بين 36 تجمعا سكانياً شرق الجدار يسكنه 72,200 فلسطيني وبين حقولهم وأرضهم الزراعية التي تقع غرب الجدار العازل.
5- " إنشاء الجدار العازل سيعيق وصول سكان المناطق الفلسطينية الريفية إلى المستشفيات في مدن طولكرم وقلقيلية والقدس الشرفية لأن هذه المدن ستصبح معزولة عن باقي الضفة كما أن نظام التعليم الفلسطيني سيتأثر أيضا من جراء هذا الجدار العازل الذي سيمنع المدرسين والتلاميذ من الوصول إلى مدارسهم خاصة وأن المعلمين يصلون من خارج هذه القرى . سيجد حوالي 14,000 فلسطيني من 17 تجمع سكاني أنفسهم محاصرين بين الجدار العازل و الخط الأخضر وحوالي 20,000 فلسطيني في الشمال من حوالي 3175 عائلة سيجدون أنفسهم في شرق الجدار بينما أرضهم الزراعية تقع إلى الغرب من هذا الجدار " .الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني
4.2.4 اثر الجدار على قطاع الزراعة
أدى بناء الجدار الأمني لغاية الآن إلى تدمير ما يقارب من 100 ألف شجرة زيتون وليمون و75 فداناً من الدفيئات و23 ميلاً من أنابيب الري . جريدة القدس 2003/9/30
وسيتسبب الجدار أيضاً في مصادرة الأراضي الزراعية، وتجريفها وتقييد المواطنين، وإلى خسارة 500-600 وظيفة، وكذلك تدمير صناعة زيت الزيتون بعد أن كانت هذه المنطقة تنتج 22 ألف طن من زيت الزيتون كل موسم، وكذلك سيتأثر إنتاج هذه المنطقة الذي كان يصل 50 طناً من الفاكهة و1000 طن من الخضروات . كما ستمنع حوالي 10000 من الماشية من الوصول إلى المراعي التي تقع غرب الجدار العازل.
وتبلغ نسبة الأراضي المروية التي أقيم الجدار حتى الآن على أراضيها في مرحلته الأولى 5% من مساحة الضفة الغربية، لكن مساهمة هذه النسبة المتواضعة في الإنتاج الزراعي للضفة تساوي 52% في وقت تعد مناطق شمال الضفة من أهم المناطق المروية في فلسطين.
" ويؤكد مركز بتسيلم بأن الجدار سيفصل المزارعين في 71 قرية وبلدة فلسطينية عن أراضيهم الزراعية[14]. كما سيدمر 83000 شجرة و37 كم من شبكات الري و15 كم من الطرق الزراعية ويعزل 238.350 دونماً . تقرير مركز غزة للحقوق والقانون نوفمبر 2003
5.2.4اثر الجدار على المنشآت الاقتصادية الفلسطينية
بلغ عدد المنشآت الاقتصادية التي أصبحت داخل الجدار (بين الجدار الفاصل والخط الأخضر) 750 منشأة، منها 473 منشأة في محافظات طولكرم وحدها بينما بلغ عدد المنشآت المدمرة بشكل كلي 27 منشأة، وبلغت مساحتها 11500 م2، وقدرت قيمتها بحوالي 130 ألف دولار أمريكي، وقد بلغ عدد العاملين فيها 80 فرداً.
وبصفة عامة فقد أدى بناء الجدار إلى أربعة عواقب اقتصادية رئيسية هي: فقدان الموارد الاقتصادية ، عمليات المصادرة الدائمة للموارد الاقتصادية ، أو إتلاف الموارد الاقتصادية أو تعذر استخدام الموارد الاقتصادية . و أدت جميعها إلى فقدان دائم للموارد الاقتصادية.اضافة إلى ضياع الاستثمار المحتمل حيث أدت الشكوك التي تحف بمستقبل المناطق الواقعة خارج الجدار إلى تناقص فرص الاستثمار الاقتصادي.
كما وتشكل الشكوك معضلات خاصة للمنتجين الزراعيين، فلا يدرون إن كانوا سيزرعون على الإطلاق، ومشاكل في اختيار المحاصيل التي سيزرعونها، ومستوى الاستثمار في الزراعة . ويضر فقدان الاستثمار المحتمل بالمناطق الواقعة خارج الجدار نتيجة لتعذر الوصول إليها ولزيادة خطورة تدميرها، وكذلك بالنسبة للمناطق التي لا تزال داخل الجدار، حيث أنها أصبحت جيوباً معزولة دون أية إمكانية للرخاء الاقتصادي. وحتى لو أراد مستثمر أن يستثمر في المنطقة المغلقة، فان القيود الإسرائيلية ستجعل هذا الاستثمار مستحيلاً من الناحية العملية.
ومن الآثار الكارثية أيضا زيادة تكاليف صفقات الخضار والفواكه نظراً لصعوبة أو عدم وصول الناس ـ بحاجة لتصاريح والمرور من خلال البوابات ـ والسلع بحاجة إلى نقلها من شاحنة إلى أخرى إثناء الشحن فأصبحت تكاليف النقل والإنتاج, الزراعية تزداد وفقاً لمتوالية هندسية .
كما أدت المرحلة الأولى والثانية من بناء الجدار إلى زيادة معدلات البطالة في المناطق الفلسطينية، خارج الجدار وداخله على حد سواء. وإجمالا فقد أدت العواقب الاقتصادية المذكورة أعلاه، المترتبة على الجدار وعلى السياسات المصاحبة له، مجتمعه إلى حرمان الفلسطينيين من قدرتهم على استخدام أصولهم الاقتصادية، وتحديد سياساتهم الاقتصادية وتسبب في زيادة الفقر لدى السكان. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني سبتمبر 2003
6.2.4اثر الجدار على قطاع التعليم قطاع التعليم
" تشير التوقعات إلى أن اكتمال بناء الجدار سيؤدي إلى إلحاق الضرر بـ 170 ألف طالب في 320 مدرسة سيكونون خارج الجدار فيما سيرتاد أكثر من نصفهم مدارس داخل الجدار، خاصة في المرحلة الأساسية العليا " .جريدة الأيام 2003/12/24
" ولعل مصادرة أراض من جامعة القدس لصالح الجدار الفاصل، كانت مثالاً صارخاً على الاستهتار الإسرائيلي بمؤسسات المجتمع الفلسطيني التعليمية، إلا أن هذا القرار جوبه باستنكار حتى من قبل الإسرائيليين، حيث أصدر طلبه الجامعة العبرية بياناً استنكروا فيه قرار حكومتهم، كما تضامن أكثر من 30 بروفيسوراً ومدرساً ومحاضراً من الجامعة العبرية مع المعتصمين الفلسطينيين في جامعة القدس " . جريدة القدس 2003/9/20
7.2.4الآثار الاجتماعية لبناء الجدار
تتركز الآثار الاجتماعية المترتبة على بناء جدار الفصل العنصري، في مجال الخدمات بشكل عام، حيث سيتسبب الجدار في عزل التجمعات الفلسطينية المتضررة وما ينجم عن ذلك من تقييد للحركة والتنقل، وإنشاء هذه الجيوب يتزامن مع بنية تحتية غير كافية، ومع توزيع غير متكافئ لخدمات " الأونرا " والمنظمات غير الحكومية مقارنة مع مناطق الضفة الغربية الأخرى.
وبالنسبة لفصل التجمعات التي يمر الجدار الفاصل من أراضيها عن الخدمات الأساسية التي يستفيد منها الأهالي بشكل يومي، تشير نتائج مسح الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حول الجدار الفاصل،" بأن 30 تجمعاً تم فصلها عن المراكز الصحية و22 تجمعاً تم فصلها عن المدارس، و11 تجمعاً تم فصلها عن بدالة الهاتف و8 تجمعات تم فصلها عن المفتاح الرئيس لشبكة المياه، و3 تجمعات تم فصلها عن المحول الرئيس لشبكة الكهرباء ".الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أغسطس 2003
وحسب المشاهدة فان القرى الواقعة بين الجدار والخط الأخضر، هي أكثر التجمعات تضرراً بعد أن كانت بحكم موقعها الأكثر ازدهاراً من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية.
8.2.4 اثر الجدار على السياحة والآثار
ألحق جدار الفصل العنصري أضراراً بالغة بقطاع السياحة والآثار؛ سواء الأضرار التي لحقت بالمواقع الأثرية أو بالحركة السياحية لبعض المواقع الأثرية، فبالنسبة للآثار التي لحقت بالمواقع الأثرية، تشير التقارير الحكومية وغير الحكومية أن الجدار سيبتلع الكثير من المناطق والمواقع الأثرية التاريخية والأثرية الفلسطينية، وسيقلل من أهمية المقاصد والمدن السياحية خاصة مدن بيت لحم، القدس، الخليل .
ومن المواقع الأثرية التي وقعت في نطاق الجدار، موقع الذهب الواقع شمال مدينة جنين الذي يحوي مقتنيات أثرية، تعود للفترة الرومانية والبيزنطية، كما أن عشرات المواقع الأثرية يواجهها ذات المصير في منطقة الجدار الملتف حول مدينة القدس، مما يسمح لفرق تابعة لسلطات الاحتلال بإجراء تقنيات عاجلة في موقع "صوانة صلاح" إلى الشرق من بلدة أبو ديس، لا تتفق مع التقاليد العلمية للعمل الأثري، ومحيط مسجد بلال بن رباح والمقبرة الإسلامية، ودوائر الأوقاف الإسلامية عن باقي أجزاء مدينة بيت للحم إضافة لفصل مدينتي بيت لحم والقدس، اللتين تشكلان أحد أبرز المقاصد السياحية الرئيسة في فلسطين . تقرير مركز غزة للحقوق والقانون نوفمبر 2003
كما تسبب الجدار في إعاقة الحركة السياحية بين المدن الواقعة في الشمال والجنوب خاصة مدن الناصرة ورام الله ونابلس وجنين، إضافة إلى عزل منطقة أريحا والبحر الميت، وإلحاق الدمار بعشرات المواقع الأثرية، وأهمها عيون الماء القديمة، والخرب الأثرية في منطقة حوسان غرب مدينة بيت لحم ومنها: خربة حمود وخربة قديس، وخربة الكنيسة، وخربة دير نعل . كما أن الإغلاق الإسرائيلي لمدن القدس وبيت لحم سيقلل من الحركة السياحية لمدينة بيت لحم، وسيعني فقد الآلاف من الأسر الفلسطينية للدخل الاقتصادي، خاصة وأن 65% من العائلات في مدينة بيت لحم تعتمد على دخل السياحة.
وحذر النائب زياد أبو زياد، " أن مرور جدار الفصل العنصري ببلدة العيزرية في القدس الشرقية من شأنه تدمير مقبرة الشهداء وهي مقبرة تاريخية، تضم رفات مقاتلين مسلمين منذ عهد صلاح الدين الأيوبي " . جريدة القدس 2003/10/4
وأفاد بيان لوزارة السياحة والآثار، صدر في أكتوبر2003 " أن أعمال التنقيب التي جرت أظهرت دلائل أثرية تتكون من بقايا غرف وجدران، وأرضيات فسيفسائية تتشكل من رسومات هندسية ونباتية وحيوانية حمل بعضها رسماً للصليب، كما تم الكشف عن معصرة للزيت وأخرى للعنب، وقنوات منحوتة في الصحراء وآبار جمع للمياه ومقاطع صخرية، كما تم العثور على مقبرة قريبة تتشكل من أحد عشر لحداً عثر فيها على عظام بشرية وعطايا جنائزية، وتدل الآثار المكتشفة عموماً على بقايا دير بيزنطي يقع على المشارف الشرقية لجبال القدس " جريدة الأيام 2003.10.26
وجاء في البيان " أن أعمال التدمير مخالفة لقانون الآثار الذي يشترط فحصاً للأرض قبل المباشرة في أية أعمال للتجريف والبناء، وهو إجراء احترازي لم تلتزم به سلطات الاحتلال، ويعتبر هذا من واجبات السلطة المحتلة، ومخالف لقانون الآثار رقم 51 لسنة 1966 المعمول به في الأراضي الفلسطينية، ولاتفاقية لاهاي لسنة 1954 لحماية التراث الثقافي أثناء النزاع المسلح، وتلزم الاتفاقية إسرائيل كقوة محتلة بحماية التراث الثقافي وتدين أية عمليات تدمير متعمدة للتراث الثقافي باعتبارها جريمة حرب، وتعتبر أعمال التدمير الجارية مخالفة للاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي والطبيعي لسنة 1972 " . نفس المصدر
9.2.4 اثر الجدار على المياه
تحوي الضفة الغربية أجود وأوفر مخزون مياه جوفيه، حيث أن أرضها صخرية لا تسمح بتسرب المياه، كما أن بعدها النسبي عن البحر ساعد على ارتفاع درجة نقاء المياه التي لا تتأثر بملوحة مياه البحر، ولهذا السبب ظلت عين إسرائيل على المخزون الجوفي للمياه في الضفة الغربية، وعلى كيفية استغلاله، وحرمان أصحابه من الاستفادة منه ، ولعل بناء الكثير من المستوطنات في الضفة الغربية جاء لتحقيق هذا الهدف .
ومع بناء الجزء الأكبر من جدار الفصل تكون إسرائيل قد قطعت شوطاً واسعاً في مصادرة المخزون الجوفي من المياه للشعب الفلسطيني، " وهذا ما أكدت عليه سلطة المياه الفلسطينية من أن إسرائيل ببنائها الجدار الفاصل ستحرم الشعب الفلسطيني من 12 مليون متر مكعب من مياه الحوض الغربي، أهم الأحواض المائية الجوفية في الضفة الغربية، حيث تقدر طاقته المائية بـ 400 مليون متر مكعب " . جريدة الأيام 2003/9/5
وأكدت سلطة المياه " أن نصيب الفلسطينيين من هذا الحوض كان يبلغ 22 مليون متر مكعب، وببناء الجدار ستتقلص هذه الكمية إلى 10 ملايين متر مكعب فقط . وأن إسرائيل تستغل الآبار الواقعة بمحاذاة الجدار من الجهة الشرقية لدوافع تصفها بالأمنية، وتم فقد 40 بئراً تقع بين الجدار الفاصل والخط الأخضر كانت تستغل لـ 32 ألف مواطن يقطنون في هذه المنطقة ومحيطها " . نفس المصدر
فيما " أكدت لجنة برلمانية إسرائيلية قامت بتقييم الأوضاع المائية في إسرائيل في تقرير رفعته للكنيست مارس 2003 بضرورة اتخاذ إجراءات عملية لمنع الفلسطينيين من الاستفادة من مياه الأحواض المائية الجوفية. حيث تقوم اسرائيل بانتزاع أكثر من %85 من المياه الفلسطينية من الطبقات الجوفية أي حوالي 25% من استخدام إسرائيل للمياه " . تقرير مركز غزة للحقوق والقانون شهر نوفمبر 2003
10.2.4الأثر النفسي للجدار العنصري
أعرب كثيرون من الفلسطينيين عن شعور بفقدان الأمل لمستقبل قراهم. " وتدل الدراسات الأولية على أن الآثار النفسية للجدار على المتضررين تتضمن الاكتئاب والشعور بالقلق والقنوط والشعور بالعزلة والتفكير في الانتحار وأعراض الاضطراب النفسي الناتج عن الإجهاد بعد الصدمة. وقد نتجت هذه الآثار عن عدم وجود نظم دعم اجتماعية نتيجة للعزلة، والعلاقات الاجتماعية المحدودة، لأن الناس أصبحوا محصورين في بيوتهم، وتفكك الأسر والعلاقات الاجتماعية وزيادة البطالة والفقر " مركز الاستشارات النفسية الفلسطيني شهر 11/2003
11.2.4 الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري
وبعد التطرق إلى مدى المعاناة التي لحقت بالسكان الفلسطيني جراء بناء الجدار على أراضيهم المصادرة كان لا بد من الإشارة إلى الحملة الشعبية لمقاومة الجدار وما كان لها من اثر كبير في معارضة مسار الجدار ورفع القضايا على الحكومة الإسرائيلي بشأن تعديل الجدار كما حدث في بلعين فضلا عن دعوة الوفود الأجنبية التي أتت إلى الأراضي الفلسطينية وأعلنت تضامنها مع الفلسطينيين ضد جدار الفصل .
بدأت الحملة بمبادرة من شبكة المنظمات البيئية الفلسطينية غير الحكومية PENGON عبر مؤسساتها التي بدأت بالعمل على الجدار منذ بدايته في أكتوبر 2002، حيث انطلقت الحملة في محاولة لمواجهة جدار الفصل العنصري الذي تقوم إسرائيل ببنائه وفضح الأهداف التي تحاول حكومة الاحتلال تحقيقها من خلاله على حساب الشعب الفلسطيني وأرضه.
والحملة عبارة عن حملة شعبية تقوم في الأساس على عمل الفئات واللجان الشعبية التي تنظم نفسها ضد جدار الفصل العنصري، وانطلاقا من القاعدة الشعبية كأساس للحملة فإنها لا تتبنى منهج حزب سياسي معين و لا تتبع في سياستها وبرامجها لأية منظمة، الحملة وجدت لمقاومة جدار الفصل العنصري وكل من يعمل في الحملة يعمل ضمن هذا الهدف، مع ذلك فإن الحملة تتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية في التحرر من الاحتلال الاستقلال الناجز وحق العودة، وتعتبر أن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية عادلة ومطالبه حقوق مشروعة لابد أن تسترد كاملة دون أية مساومات. و ترى الحملة أن هذا الجدار لا يمكن أن يسمى سوى جدار فصل عنصري، وأنه استمرار للاحتلال والتوسع الاستعماري للمستوطنات الإسرائيلية وترحيل للفلسطينيين عن أرضهم.
إما الهدف الرئيسي من الحملة فهو العمل على وقف الجدار من خلال :
1. القف الفوري لبناء الجدار.
2. هدم ما بُني منه وما لحق به من منشآت.
3. إعادة الأراضي المصادرة لأغراض بناء الجدار.
4. التعويض عن الأضرار والتخريب الذي لحق بالأراضي والمزارعين، والخسائر في تراجع دخولهم بفعل تدمير الأرض والممتلكات.
5. تنظيم صفوف المزارعين ضمن لجان في كافة المواقع التي تتأثر بالجدار لتقوم بتنظيم العمل في مواقعهم، والاهتمام باحتياجات المواطنين المتضررين من مزارعين وغيرهم.
6. جمع المعلومات بشكل متواصل عن تداعيات سير العمل في الجدار لاستخدامها لأغراض الحملة سواء للصحافة والإعلام أو لأغراض الحشد والتضامن أو للتوعية المحلية والخارجية عن الجدار وتداعياته.
7. تنظيم حملات التوعية المحلية في كافة أرجاء الوطن عن الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية للجدار على مستقبل الشعب الفلسطيني.
8. الضغط على المستوى السياسي الفلسطيني لوضع قضية الجدار على سلم الأولويات، ووضع مطلب وقف الجدار كأحد أهم الشروط قبل الدخول في أي مفاوضات جديدة مع الإسرائيليين.
9. تفعيل المجلس التشريعي والقوى والفعاليات السياسية للتحرك لدعم هذا التوجه.
10. دعم المواطنين والمزارعين وتثبيتهم في أرضهم المعزولة والمهددة بالمصادرة والعمل مع الهيئات والوزارات الرسمية من أجل توفير الخدمات والدعم اللازم لذلك.
أما المنظمات غير الحكومية المشكلة للحملة فهي :
اتحاد لجان العمل الصحي/ اتحاد لجان الإغاثة الصحية/ المؤسسة الفلسطينية للتبادل الثقافي/ اتحاد لجان العمل الزراعي/اتحاد المزارعين/اتحاد لجان الإغاثة الزراعية/ مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين/ مركز معاً التنموي/ جمعية الشبان المسيحية- جمعية الشابان المسيحية/مركز القدس للمساعدة القانونية/ مركز أبحاث الأراضي/ مركز البحوث التطبيقية( أريج).
3.4 تأثير الجدار العنصري على عملية التسوية وقضايا الوضع النهائي
من شأن هذه التغيرات التي يرسمها بناء الجدار العازل على خريطة الضفة الغربية خلق واقعاً جديداً على الأراضي ، سيؤدي بشكل مباشر على عملية التسوية قضايا الوضع النهائي المتمثلة في الحدود و القدس والمياه والمستوطنات .
" ومع قرب الانتهاء من استكمال الجدار فان إسرائيل قد أغلقت اكبر الملفات لديها وهو ملف الاستيطان, القدس والحدود ورسمت حدودها وضمت مستعمراتها وبذلك تحصل على أغلبية الأراضي المحاذية للخط الأخضر من الشمال إلى الجنوب بحيث تتجاوز هذه المساحه700كم2وتشكل اكثرمن12% من مساحة الأراضي الفلسطينية " الباحث وليد أبو محسن / مركز أبحاث ألأراضي / جمعيه الدراسات العربية .
ولم تكتف المخططات الجديدة عند هذا الحد بل إن شارون أراد ربط خطط الفصل الحالية بخططه القديمة " ويندرج هذا كله ضمن مخطط شارون الذي وضع خطته قبل عشرين عاما عندما كان وزيرا ونفذها في فترة حكومته .
" وعلاوة على ذلك فان منطقة الأغوار بالنسبة لشارون تشكل خط احمر وخط المواجهة الأول, فبالإضافة إلى خطته السابقة فقد أعاد هذه الأيام السيناريو السابق بضم الأغوار والسفوح الشرقية للضفة الغربية وهي تشكل أكثر من 1000كم مربع أي حوالي 17% من الأراضي الفلسطينية وبذلك يضمن على اقل 30% من مساحة الضفة الغربية, وتبقى المساحة المتبقية تشكل الدولة العتيدة للفلسطينيين مكونه من قسمين لا يربطهما أي تواصل جغرافي وكل منهما مجزأ إلى كانتونات محرومة من الكينونة الإقليمية " . المصدر السابق
1.3.4 مستقبل مدينة القدس الشرقية
إن أول ما تستهدفه خطة بناء الجدار هي القدس حيث سيخلق جدار الفصل واقعاً جديداً للمدينة بهدف تهويدها وعزلها وتحويل أحيائها إلي مناطق سكنية بين مستوطنات كبيرة وبؤر استيطانية كما يطوق القدس ويحيط بها وسيؤدي في حالة إتمامه إلي أن تصبح القدس محاطة بالمستوطنات والمناطق اليهودية من كل جوانبها بحيث يصعب تصورها كعاصمة للدول الفلسطينية .
كما سيؤدي هذا الجدار إلى تحقيق نظرية القدس الكبرى وخنق تطور القدس الفلسطينية ويمنع امتدادها الطبيعي إضافة إلى ضم أحياء "معالية أدوميم" و "جبعات زئيف" وجميع المستوطنات الواقعة خارج بلدية القدس كما سيؤدي إلى إخراج قرى ومناطق فلسطينية من حدود بلدية القدس وبهذه الطريقة تتخلص إسرائيل من السكان الفلسطينيين في المدينة.
أما بالنسبة لقضية المياه سيكون للجدار تأثيراً بالغاً على حرمان الفلسطينيين من مصادر المياه حيث أن الأراضي التي سيتم مصادرتها من أجل تنفيذ المرحلة الأولى فقط من مشروع الجدار العازل تضم ما يزيد على 50 بئراً من المياه جوفية وتوفر هذه الآبار 7 ملايين متر مكعب من المياه ولكن بعد إنشاء الجدار العازل سيتم حرمان الفلسطينيين منها أو على الأقل سيكون حصولهم عليها صعبا كما يفصل الجدار ما بين مصادر المياه وشبكات الري من ناحية وبين الأراضي الزراعية من ناحية أخري ، فقد قامت الآلات الإسرائيلية في إطار إعداد الأرض لإقامة المشروع بتدمير 35.000 متر من أنابيب المياه التي تستخدم للري والزراعة والاستخدامات المنزلية .
2.3.4 قضية الحدود
وعلى صعيد قضية الحدود فيعمل جدار الفصل على ترسيم الحدود على ارض الواقع فعلى الرغم من نفى المسئولين الإسرائيليين أن الجدار سيشكل حدودا نهائية لإسرائيل ، ألا أن التكلفة الهائلة للمشروع التي تصل إلى أكثر من نصف مليار شيكل وحجمه الضخم ومساراته التعرجية في العمق الفلسطيني ، يتنافى مع فكرة أنه إجراء مؤقت وسيتم إزالته بعد التوصل إلى تسوية بشأن الحدود في مفاوضات الوضع النهائي ، كما أن شكل الجدار وما سوف يضمه من مستوطنات داخل إسرائيل وما به من أبراج مراقبة وأجهزة إنذار إلكترونية وبوابات ضخمة ودوريات للشرطة والأمن ونقاط تفتيش ومعابر ووحدات عسكرية على طول الجدار يمنحه بالفعل صفة ومظهر الحدود الفعلية .
ومع ذلك عمدت إسرائيل في بعض المناطق الفاصلة إلى إقامة الجدار بشكل يختلف عن بنية الجدار الأساسية ـ سالفة الذكر ـ والاقتصار على إقامة السياج من الأسلاك الشائكة أو الكتل الاسمنيتة التي يتم تركيبها جنبا إلى جنب ولم تتسن للدراسة تحديد التنوع في بنية الجدار بشكل دقيق بسبب معوقات الحصار من جهة والتعديلات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية على الجدار من جهة أخرى .
ولعل هذه الاختلاف في بنية الجدار قد يوحي بأن المجال في إعادة رسم الحدود لا يزال مطروحا في بعض المناطق مع إمكانية اللجوء إلى فكرة تبادل الأراضي التي طرحت في مفوضات كامب ديفيد الأخيرة عام 2000 بين باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق والرئيس الراحل ياسر عرفات . لكن ذلك لن يتأتى في ظل الانقسام الفلسطيني والضعف العربي والانحياز الأمريكي ، وعجز الأمم المتحدة عن الاضطلاع بدورها في وقف الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي ولحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطيني ، وان كان الموقف الأوروبي يستطيع أن يلعب دورا ضاغطا في هذا الاتجاه أكثر من غيره .
3.3.4 مستقبل المستوطنات
أما قضية المستوطنات فان بناء الجدار العازل يعتبر حلا مرضيا لعدد كبير من المستوطنين إذ سيؤدي إلى ضم (57) مستوطنة من مستوطنات الضفة الغربية و 303 ألف مستوطن إلى إسرائيل ،وتعد هذه المستوطنات من المستوطنات الكبيرة التي من المزمع التوصل إلى تسوية بشأنها في مفاوضات الوضع النهائي.
" و يعتبر تجمع معاليه أدوميم من أخطر التجمعات الاستيطانية الموجودة في الضفة الغربية و ذلك لكونها موجودة ضمن محافظة القدس فضلاً عن أنه يشكل خطراً جغرافياً على تواصل جنوب و شمال الضفة الغربية و عازلاً لمنطقة القدس عن باقي محافظات الضفة مما يشكل عائقاً أمام تطلعات الشعب الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة ذات تواصل جغرافي عاصمتها القدس الشريف. و مع بداية المشروع الإسرائيلي لعزل الضفة الغربية و تقطيع أوصالها من خلال بناء جدار الفصل العنصري حظيت منطقة تجمع معاليه ادوميم باهتمام خاص من قبل اللجنة القائمة على مسار الجدار و ذلك لخصوصية الموقع و تقاربها المستمر مع الجزء الشرقي من مدينة القدس حيث تم وضع خطط جديدة تحت مسمى E 1 يهدف لبناء تجمع سكاني جديد تابع لمستوطنة معاليه أدوميم يهدف إلى ربط المستوطنة مع قلب المدينة و في نفس الوقت قطع الطريق على القرى و البلدات الفلسطينية الموجودة هناك (أبو ديس, العيزرية, الطور, العيسوية و عناتا) من حقوقها التاريخية في التوسع العمراني, هذا بالإضافة إلى خلق حزام عمراني إسرائيلي عائق أمام وجود مناطق اتصال جغرافية طبيعية بين الشمال و جنوب الضفة الغربية " . معهد الأبحاث التطبيقية / أريج / القدس نوفمبر 2004 .
4.4 تأثير الجدار على شكل الدولة الفلسطينية المستقبلية
مع استمرار البناء في المرحلة الأخيرة من جدار الفصل ، فان خريطة الضفة الغربية وقطاع غزة ستقسم إلى ستة معازل رئيسية ، هي المعزل الشمالي ويضم جنين وطولكرم و قلقيلية ونابلس ، ومعزل الوسط ويضم سلفيت ورام الله ، والمعزل الجنوبي ويضم الخليل وبيت لحم ، ومعزل القدس ، و معزل الغور ، إضافة إلى معزل قطاع غزة .
وقد صرح شاؤل موفاز وزير الجيش الإسرائيلي الاسبق في مارس 2003 " بأن الحكومة الإسرائيلية تبلور رؤية لدولة فلسطينية مقسمه إلي سبع كانتونات في المدن الفلسطينية الرئيسية كلها مغلقة من قبل الجيش الإسرائيلي ومعزولة عن باقي أراض الضفة الغربية التي ستصبح تابعة لإسرائيل " . نقلا عن صحيفة الجارديان البريطانية
وعليه فإن مشروع الجدار العازل سيقسم الضفة الغربية إلى كانتونات منفصلة عن بعضهما البعض وعن باقي أراضي الضفة كما سيؤدي بناء الجدار إلى مصادرة مساحة كبيرة من الأراضي الفلسطينية وضمها لإسرائيل ، حيث يتركز مشروع الجدار العازل على إقامة حزامين عازلين طوليين حزام في شرق الضفة بطول غور الأردن وحزام آخر غرب الضفة على طول الخط الأخضر بعمق 5-10 كيلو متر وكذلك إقامة أحزام عرضية بين الحزامين الطوليين وتكون بمثابة ممر بين منطقة جنوب "طولكرم" ومنطقة "نابلس" حتى غور الأردن مما يؤدي إلى تقسيم المناطق الفلسطينية إلى 4 كتل رئيسية جنين _ نابلس ورام الله وبين بيت لحم والخليل . وتهدف هذه إلى خلق فاصل مادي بين كتل المناطق تحت السيطرة الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية وبين المناطق الفلسطينية مع بقاء المستوطنات على حالها .
كما يطوق الجدار العازل مدن طولكرم وقلقيلية والقدس بالكامل ويعزلها عن محيطها الطبيعي في الضفة الغربية وبذلك تنجح إسرائيل في عزل مناطق تركز السكان الفلسطينيين عن بعضها البعض وتقيد حرية التنقل والحركة للفلسطينيين ناهيك عن نزوح الآلاف من سكان المناطق المتاخمة للجدار هناك .
بالإضافة إلى تقسيم الضفة إلى كانتونات منفصلة سيؤدي بناء الجدار إلي مصادرة مساحة كبيرة من الأراضي المحتلة تصل إلي أكثر من 23% من أجمالي مساحة الضفة الغربية حيث سيتم ضم 11 قرية فلسطينية واقعة بين الجدار العازل والخط الأخضر إلى إسرائيل علما بأن سكانها البالغ عددهم 26.000 فلسطيني لن يمنحوا الهوية الإسرائيلية ولكن ستصدر لهم تصارح خاصة لدخول الضفة الغربية.
كما ستفرض إسرائيل سيطرتها على 21 قرية فلسطينية أخرى وراء الجدار العازل باعتبارها منطقة عسكرية فالمنطقة العازلة المقترحة والتي ستمتد لمسافة 140كم سوف تضم 20 قرية فلسطينية منهم 14 قرية تصنف في المنطقة (ب) والتي تخضع لسيطرة فلسطينية – إسرائيلية مشتركة ويبلغ عدد سكان هذه المنطقة 40.000 فلسطيني يعملون بشكل أساسي في الزراعة ، وسوف يجد هؤلاء أنفسهم محاصرون يلزمهم الحصول على تصاريح إسرائيلية للذهاب لحقولهم وسيكون مربوطين كلياً بجهاز الأمن الإسرائيلي من أجل إدارة حياتهم حيث تستغل اسرائيل قدرتها على تقييد حركة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة من أجل تحقيق أهداف مرفوضة .
ولم تكتف إسرائيل ببناء الجدار العازل بل شرعت أيضا في إنشاء أسوار إلكترونية مكهربة يبلغ ارتفاعها 3.5م حول المناطق (أ) من الضفة الغربية التي تخضع بالكامل للسلطة الفلسطينية كما تخلق مناطق عسكرية عازلة تؤدي لفصل المناطق (أ) عن بعضها البعض لتخلق على الأرض(13جيتو) تجمعات إسرائيلية منفصلا .
انه في ظل هذه التغيرات في خريطة الضفة الغربية اثر بناء الجدار والأحزمة الأمنية و البوابات العسكرية الضخمة بين المعازل وكأنها بوابات حدودية ، فان الحديث عن دولة فلسطينية كاملة السيادة على كامل الأراضي الفلسطينية عام 1967 وعاصمتها القدس أضحى من الأمنيات اقرب منها من الآمال والطموحات التي من اجلها استشهد آلاف المقاومين الفلسطينيين واسر وعذب عشرات الآلاف من المناضلين وشرد مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الشتات .
5.4 خطة أحادية الجانب للخروج من الضفة الغربية
ليس بخاف على المراقبين السياسيين إن القادة الإسرائيليين وفي مقدمتهم أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي ومن قبله شارون قد كشفا غير مرة ، انه من المستبعد التوصل إلى اتفاق نهائي فلسطيني إسرائيلي من خلال المفاوضات الجارية ملمحين إلى إعادة فكرة الفصل أحادية الجانب مرة أخرى ولكن في هذه المرة من الضفة الغربية بعد أن طبقت في غزة .
إلا أن هذه الخطة لن تشهد رحيلا للجيش الإسرائيلي من كل مناطق الضفة الغربية ولن تشهد تفكيكا للمستوطنات هناك كما فعلت حكومة شارون حين خرجت من قطاع غزة ، بل إن هذه الخطة لن تخرج من الإدراج الإسرائيلية إلى العلن والتنفيذ إلا بعد اكتمال جدار الفصل وبعد ابتلاع أكثر من %30 من أراضي الضفة الغربية على أفضل التقديرات وضم غالبية المستوطنات إلى الجانب الإسرائيلي من الجدار وتحول مناطق الضفة الغربية إلى معازل او غيتوهات تحت حراسات الجيش والشرطة الإسرائيلية التي سترابط على مشارف تلك الكانتونات من الجهة الأخرى ، ولا يبدوا هذا المخطط بعيدا وقد لا تفصل الشعب الفلسطيني عن هذا المخطط سوى بضعة أشهر مع تسارع وتيرة البناء في الجدار من جهة وتعثر المفاوضات وعدم حدوث اختراق حقيقي في أي من قضايا الحل النهائي من جهة أخرى .
إن تحويل الضفة الغربية إلى سجن كبير يتكون من خمسة معازل ، وزيادة الضغوط على الاقتصادية على السكان و استباحة المدن والقرى والمخيمات الفلسطيني من قبل الجيش الإسرائيلي على غرار ما يحدث اليوم من اجتياحات متكررة لمناطق قطاع غزة فان من شأن هذه الآثار الكارثية أن تضعف السلطة الوطنية الفلسطينية وان تكرس حالة من الإحباط الشديد في صفوف المواطنين وإثارة حالة من الانفلات وفوضى السلاح التي قد تتدحرج كالكرة الثلجية التي تخرج عن السيطرة .
إن هذه الإرهاصات المتوقعة لا تختلف كثيرا عن تلك التي سادت في قطاع غزة بعد خروج الجيش الإسرائيلي منها والتي أشعلت فتيل الاقتتال الداخلي بين حركتي فتح وحماس اكبر فصيلين في الساحة الفلسطينية ، انتهى بسيطرة حركة حماس على جميع مؤسسات السلطة الفلسطينية في قطاع غزة بما وصفته الرئاسة الفلسطينية وحركة فتح بأنه انقلابا على الشرعية فيما اعتبرته حركة حماس حسما عسكريا ، وأياً كانت التسميات فان الشعب الفلسطيني في القطاع هو الذي دفع وما يزال يدفع فاتورة هذا الانقسام الذي يصب بدون شك في المصلحة الإسرائيلية ويكرس الانفصال بين شطري الوطن الفلسطيني الذي سعت حكومات إسرائيل المتعاقبة إلى تحقيقه فتحقق بأيد فلسطينية .
إن احتمالات تكرار نفس السيناريو الذي حدث في غزة إلى الضفة الغربية إذا طبقت خطط الانفصال الأحادية غير مستبعدة ، لا سيما مع تشابه نفس التطورات على الأرض ووجود لاعب أساسي يدير الأزمة من وراء الستار . إن خطورة ما حدث في قطاع غزة لا بد أن يشكل جرس الإنذار ليس للقيادة الفلسطينية فحسب بل إلى جميع الفصائل والقوى الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني والفعاليات الشعبية للتحرك الفوري لإنهاء حالة الانقسام في قطاع غزة وإعادة اللحمة للجسد الفلسطيني على قاعدة حل الخلافات الفلسطينية الفلسطينية بالحوار وتكريس مبدأ الشراكة السياسية بعيدا عن المحاصصة، ومعالجة الخلل في النظام السياسي الفلسطيني وإدخال التعديلات الملحة على القانون الأساسي الفلسطيني ، وتفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية أولى للشعب الفلسطيني .
الاستنتاجات
• إن الدوافع الحقيقية لخطط الفصل الإسرائيلية وآخرها بناء جدار الفصل وان كانت في ظاهرها تحت ذرائع أمنية لمنع أو للحد من تسلل المقاومين الفلسطينيين من الضفة الغربية لتنفيذ عمليات فدائية داخل إسرائيل فإنها جاءت لتخدم الأبعاد السياسية للقادة الإسرائيليين . فعلى افتراض أن المحرك الأساسي لبناء الجدار كان امنيا محضا لكان على حكومة شارون أن تشيد الجدار على طول الخط الأخضر أو ما يعرف بخط الهدنة بدلا من بناءه في عمق أراضي الضفة الغربية لمسافة قد تصل 20 كيلو متر في بعض المناطق . إن تطور أساليب المقاومة الفلسطينية بعد الانسحاب الاسرائلي من قطاع غزة واعتماده بشكل أساسي توجيه الصواريخ وقذائف الهاون على المستعمرات والبلدات الاسرائيلية المجاورة للقطاع سيشكل ضربة قوية لمؤيدي فكرة الجدار مع سقوط أول دفعة من الصواريخ التي ستنطلق من مناطق الضفة الغربية أي من خارج الجدار .
• إن بناء الجدار بشكله الحالي وبمساره المتعرج وطوله الذي يمتد لأكثر من 770 كيلو متر يعد ترسيما إسرائيليا أحاديا لحدود الدولة الفلسطينية المستقبلية التي نصت جميع القرارات الدولية لا سيما قراري مجلس الأمن 242 , 388 بأن حدود الرابع من حزيران من العام 1967 هي حدود الدولة الفلسطينية . وهذا في حد ذاته يعد خطوة استباقية لمفاوضات التسوية .
• إن بناء الجدار يعد ضربة مدوية لقضايا الحل النهائي المتمثلة في القدس والحدود والمستوطنات مما يثير العديد من التساؤلات حول النوايا الإسرائيلية وجدوى استمرار المفاوضات والتي تسارعت وتيرتها بشكل ملحوظ بعد مؤتمر أنابوليس الذي عقد تحت رعاية الرئيس الأمريكي جورج بوش في نوفمبر 2007 .
• مع تعثر عملية التسوية فقد تلجأ الحكومة الإسرائيلية إلى تطبيق خطتها أحادية الجانب بالخروج من مناطق الضفة الغربية بعد استكمال جدار الفصل بعد أن تكون قد أحالت الضفة الغربية إلى سجن كبير يتكون من عدد من المعازل فضلا عن عزل القدس عن عمقها الفلسطيني في الضفة الغربية من جهة وعزل قطاع غزة عن الضفة من جهة أخرى .
• إن تحول الضفة الغربية إلى عدد من المعازل وتشديد الحصار وتقييد حرية الحركة للأفراد والبضائع بين تلك المعازل مع بعضها البعض وبينها وبين العالم الخارجي ستجعل هذه المعازل أرضا خصبة للصراعات الداخلية والانفلات الأمني وربما وصولا إلى الاقتتال الداخلي الأمر الذي يستدعي ضرورة التحرك الفلسطيني الجاد على المستوى القيادي والفصائلي والمؤسساتي والشعبي لمواجهة تلك المخططات الإسرائيلية على الصعيدين الميداني والسياسي من جهة ووضع حد لحالة الانقسام التي تسود قطاع غزة من جهة أخرى وذلك من خلال تغليب لغة الحوار في حل كافة الإشكاليات بين حركتي فتح وحماس وتكريس الشراكة السياسية بين كافة القوى الفلسطينية بعيدا عن المحاصصة وعن نتائج الأحداث المؤسفة في قطاع غزة وإدخال تعديلات على القانون الأساسي الفلسطيني بما يكفل إزالة التناقضات ومنع الازدواجية وتداخل الصلاحيات بين منصبي الرئيس ورئيس الوزراء والسعي من أجل الإعداد لانتخابات عامة مبكرة للخروج من الأزمة على قاعدة التوافق بين مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية .
الدراسات السابقة : ـ
1- كتاب المدن والقرى الفلسطينية بين العزل والتهجير / إعداد مركز العمل التنموي معاًًً والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري, حزيران 2007.
وقد تناول الكتاب دراسة حالات خاصة من معاناة السكان الفلسطينيين في عدد من البلدات الفلسطينية مثل معزل شمال غرب القدس ( بير نبالا , الجيب , بيت حنينا القديمة , الجديرة ), قلقيلية , عزون عتمة , وقرى أخرى كما تطرق إلى تهديد العديد من التجمعات السكنية بالتهجير نتيجة مصادرة أراضيهم لصالح بناء الجدار . إلا أن الكتاب لم يتطرق إلى الأبعاد الأمنية والسياسية التي خلفها بناء الجدار حتى الآن رغم أنها دراسة حديثة .
2- كتاب أوقفوا جدار الفصل العنصري في فلسطين / إعداد شبكة المنظمات البيئية والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري 2007 .
وتناول الكتاب المرحلة الأولى من الجدار وتشمل من جنين إلى طولكرم إلى قلقيلية , وكذلك أثر بناء الجدار على الوضع المائي في الضفة الغربية إضافة إلى تناوله البعد القانوني والاجتماعي والاقتصادي لبناء الجدار . ويعد الكتاب من المراجع القليلة القيمة الحديثة إلا انه لم يناقش مستقبل حدود الدولة الفلسطينية و مصير قضايا الحل النهائي التي تطرقت إليها الدراسة .
3- مجلة مركز التخطيط الفلسطيني /العدد السابع والعدد الثامن ( يوليو – ديسمبر 2002 ) للباحث جمال البابا.
وتناولت هذه الدراسة خطط الفصل الإسرائيلية التي انتهت بخطة شارون الوحيدة التي دخلت حيز التنفيذ وتوقعت هذه الدراسة فشل هذه الخطط في توفير الأمن لدولة إسرائيل معتبرة أن المستوطنات الإسرائيلية المنتشرة في كافة أرجاء الضفة الغربية عقبة كبيرة أمام انجاز أي مخطط فصل يحقق الأهداف الإسرائيلية . إلا أن تطورات بناء الجدار وضمه غالبية الكتل الاستيطانية إلى داخل الجانب الإسرائيلي من الجدار تؤكد أن إسرائيل ماضية في مخطط فعلي للانفصال عن الضفة الغربية بشكل أحادي الجانب .
4- مجلة مركز التخطيط الفلسطيني /العدد الحادي عشر والثاني عشر ( يوليو –ديسمبر 2003 ) للباحث جمال البابا.
وتناولت هذه الدراسة طبيعة الجدار ومساره والآثار المترتبة عليه ومواقف الأطراف من استمرار بناء الجدار , وعبرت الدراسة عن انتصار الدبلوماسية الفلسطينية على الذرائع الإسرائيلية في المحافل الدولية التي تبنت مواقف رافضة لشرعية الجدار باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية التي استخدمت الفيتو في مجلس الأمن لإسقاط قرار مقترح يدين الجدار .
إلا أن الدراسة لم تناقش الآثار الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية على الفلسطينيين كما لم تتطرق بشكل تفصيلي حول مستقبل خريطة الدولة الفلسطينية .
5- دراسة حول الجدار إعداد: موقع مركز الزيتونة - المصادر: الأستاذ جمال جمعة والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري، وبتسليم / 1/4/2007 .
هذه الدراسة عن جدار الفصل العنصري لا تختلف كثيرا عن سابقاتها وهي تحتوي على معطيات عامة عن الجدار، الأضرار التي تسبب بها في العديد من المناطق والقرى، أثره على التعليم، والعديد من الإحصائيات والأرقام المتعلقة بالجدار . دون أن تتعرض بالتفصيل إلى المعاناة اليومية للسكان الفلسطينيين أو مستقبل الحدود والمستوطنات في ظل أي تسوية متوقعة أو غير متوقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي .
المصادر والمراجع
1- كتاب المدن والقرى الفلسطينية بين العزل والتهجير / إعداد مركز العمل التنموي معاًًً والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري, حزيران 2007.
2- كتاب أوقفوا جدار الفصل العنصري في فلسطين / إعداد شبكة المنظمات البيئية والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري 2007 .
3- مجلة مركز التخطيط الفلسطيني /العدد السابع والعدد الثامن ( يوليو – ديسمبر 2002 ) للباحث جمال البابا.
4- مجلة مركز التخطيط الفلسطيني /العدد الحادي عشر والثاني عشر ( يوليو –ديسمبر 2003 ) للباحث جمال البابا.
5- دراسة حول الجدار إعداد: موقع مركز الزيتونة - المصادر: الأستاذ جمال جمعة والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري، وبتسليم / 1/4/2007 .
6- نشرة مركز غزة للحقوق والقانون ( نوفمبر – 2003 )
7- نشرة المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ( يوليو - 2004 )
8- نشرة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ( آب – 2003 )
9- نشرة مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان " بتسيلم " ( أكتوبر – 2003 )
10- معهد الأبحاث التطبيقية " أريج " ( نوفمبر – 2004 )
11- جريدة القدس
12- جريدة الأيام
13- جريدة الحياة
14- وكالة فرنس برس
الفصل الأول
خطـة الدراسـة
1.1 مقدمة :
عمدت إسرائيل منذ احتلالها للأراضي الفلسطيني في الرابع من حزيران من العام 1967 إلى إتباع سياسة فرض الوقائع على الأرض من خلال ابتلاع الأراضي الفلسطيني وبناء وتوسيع المستوطنات وتجريف الأراضي الزراعية وإقامة المناطق العازلة بذريعة الأمن ثم أعادت احتلال مساحات شاسعة من مناطق " أ " في الضفة الغربية بعد عملية " السور الواقي " التي بدأت في التاسع من آذار عام 2002 دون النظر إلى نتائج هذه الممارسات من معاناة للشعب الفلسطيني وتعثر للمفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وتجميد للعملية السياسية برمتها .
بتاريخ 23/6/2002 وفي تطور شرعت حكومة شارون ببناء جدار الفصل بين الضفة الغربية وأراضي الـ 48 ولم تعتمد الحكومة الإسرائيلية آنذاك الخط الأخضر ليكون مسار هذا الجدار وإنما عمدت إلى بناء الجدار داخل أراضي الضفة الغربية ليشكل هذا الجدار بعد اكتماله الحدود النهائية لدولة إسرائيل ولتتحول الضفة الغربية لمجموعة من الكانتونات أو الجزر تفصل بينها بوابات أمنية ضخمة تحت إشراف الجيش الإسرائيلي الأمر الذي يحول في المستقبل دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران تتمتع بوحدة جغرافية واحدة وسيادة كاملة على أراضيها .
ويشكل هذا الجدار امتداداً للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وتتطلع الحكومة الإسرائيلية إلى ضم اكبر عدد من الإسرائيليين واقل عدد من الفلسطينيين في الجانب الإسرائيلي من الجدار ، ويقسم الجدار إلى جزأين أساسيين الأول غلاف القدس ، والثاني وهو الجدار الرئيسي الذي يمتد على طول الضفة الغربية شمالها وغربها وجنوبها ، ويبلغ طوله نحو 425 كيلو متر من قرية سالم في محافظة جنين إلى شمال الضفة حتى مستوطنة كرمل جنوب مدينة الخليل ومن قرية سالم إلى غور الأردن شرقا .
وبهذه المسافة يكون طول الجدار قد تجاوز كثيرا طول خط الهدنة الممتد بين الضفة الغربية وإسرائيل بعد توقيع اتفاقية رودس عام 1949 بين إسرائيل والدول العربية المجاورة، وبلغ طولا الخط نحو 350 كم، أما سبب الزيادة في طول الجدار فيعود إلى كثرة التعاريج والالتواءات الناتجة عن التداخل بين المدن والقرى الفلسطينية، والمستوطنات الإسرائيلية التي أقامتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية بعد احتلالها لهذه الأراضي في أعقاب حرب عام 1967. إذ يتوغل الجدار أحياناً إلى عمق يصل إلى 20 كم داخل الأراضي الفلسطينية كما هو الحال في منطقة سلفيت حيث أقامت إسرائيل مستوطنة أرئيل التي قررت الحكومة الإسرائيلية ضمها داخل الجدار.
2.1مشكلة الدراسة :
ما زالت إسرائيل تمضي قدما في استكمال بناء جدار الفصل دون اكتراث لانعكاسات بناء الجدار على السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية من النواحي المعيشية والاقتصادية والديمغرافية والأمنية وما قد يفضي إليه الجدار بعد الانتهاء من عمليات البناء من آثار على تطبيق رؤية الرئيس الأمريكي جورج بوش بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل .
ويمكن تحديد مشكلة البحث في السؤال الرئيسي التالي :
ما هي انعكاسات بناء جدار الفصل على فرص إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967؟ .
ولتوضيح ملامح الدراسة وصولا إلى الاستنتاجات المتوقعة يتطلب الإجابة على بعض التساؤلات الفرعية :-
1. ما الأسباب الحقيقية التي دفعت حكومة شارون لبناء جدار الفصل ؟
2. ما هي آثار بناء الجدار على السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية ؟
3. ما هي مواقف الإطراف ( الإسرائيلي , الفلسطيني , الأمريكي , الدولي ) من شرعية بناء الجدار ؟
4. ما هو أثر بناء الجدار على المفاوضات وعملية التسوية ؟
3.1 فرضية الدراسة :
إن عزم إسرائيل على استكمال بناء جدار الفصل بينها وبين الضفة الغربية استنادا إلى الخطط المعلنة من الحكومة الإسرائيلية وما أنجز من مراحل بناء حتى تاريخ إعداد الدراسة يفضي إلى القضاء على آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 .
4.1 أهداف الدراسة :
1 .إلقاء الضوء على خطط الفصل الإسرائيلية وأهدافها الحقيقية .
2 . الوقوف على مسار جدار الفصل وعمقه داخل أراضي الضفة الغربية .
3 .التعرف على المعاناة اليومية لسكان الضفة الغربية إثر بناء الجدار .
4 .دراسة انعكاسات بناء الجدار على عملية التسوية .
5 .الإشارة إلى بنية الجدار من منطقة لأخرى لغايات في الذهنية الإسرائيلية.
6 .الكشف عن المخططات الإسرائيلية لانسحاب إسرائيلي أحادي الجانب من الضفة الغربية كما خرجت من غزة .
7 . الاستفادة من ممارسة البحث وفق مناهج البحث العلمي في عملي الحالي والمستقبلي
5.1أهمية الدراسة :
• خطورة بناء جدار الفصل على فرض إقامة الدولة الفلسطينية بكل مكوناتها.
• إبراز الدوافع الحقيقية من بناء جدار الفصل .
• لا زال العمل جاريا في بناء الجدار حتى يومنا هذا ولا زال يتفاعل كأحد القضايا الرئيسية في الأوساط الإسرائيلية والفلسطينية والدولية .
• إضافة متواضعة للمكتبة الفلسطينية في قضية مصيرية .
6.2 منهجية الدراسة :
نتيجة الاغلاقات الإسرائيلية لقطاع غزة وعدم القدرة على التنقل إلى الضفة الغربية للوقوف عن كثب على طول الجدار وبنيته وعمقه داخل أراضي الضفة الغربية واستطلاع آراء المواطنين القاطنين في القرى والبلدات الفلسطينية بمحاذاة الجدار فلجأت إلى الاستعانة بالمنهج التاريخي للتعرف على نشأة فكرة الفصل في الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة واستخدام منهج تحليل المضمون من خلال جمع المعلومات والوثائق المتعلقة بمراحل بناء جدار الفصل والموقف الإسرائيلي والفلسطيني والدولي من شرعية إقامة هذا الجدار وآثاره على حدود الدولة الفلسطينية المستقلة المستقبلية .
7.1 حدود الدراسة :
تتركز الدراسة في الأراضي الفلسطينية وتحديدا حول الحدود الفاصلة بين الضفة الغربية وإسرائيل خلال الفترة الزمنية من العام 2002 إلى نهاية العام 2007 .
8.1 معوقات الدراسة : ـ
وتمثل معوقات الدراسة في تشديد الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وإغلاق كافة المعابر والمنافذ التي تصل القطاع بالضفة الغربية وقطاع غزة لاسيما بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في شهر حزيران 2007 وعدم إمكانية الوصول إلى القرى والبلدات الفلسطينية الواقعة بمحاذاة الجدار وبالتالي صعوبة استخدام أدوات البحث العلمي للتعرف على آراء ومواقف وتوقعات سكان هذه المناطق مع اقتراب الانتهاء من بناء الجدار .
يضاف إلى ذلك ندرة المراجع الموجودة في مكتبات قطاع غزة لحداثة قضية الجدار أو ربما نتيجة الاغلاقات أيضا فضلا عن مشكلة الانقطاع المستمر للكهرباء بما يزيد عن 15 ساعة يوميا خلال شهر يناير بشكل خاص2007.
9.1 الدراسات السابقة : ـ
ـ كتاب المدن والقرى الفلسطينية بين العزل والتهجير / إعداد مركز العمل التنموي معاًًً والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري .
ـ كتاب اوقفوا جدار الفصل العنصري في فلسطين / اعداد شبكة المنظمات البيئية والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري .
ـ مجلة مركز التخطيط الفلسطيني / العدد الحادي عشر والثاني عشر ( يوليو –ديسمبر 2003 ) للباحث جمال البابا.
ـ دراسة حول الجدار إعداد: موقع مركز الزيتونة - المصادر: الأستاذ جمال جمعة والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري، وبيتسليم
10.1محتويات الدراسة : ـ
وسيتم تقسيم البحث إلى 3 فصول كالتالي .
الفصل الأول :-
• لمحة تاريخية حول خطط الفصل الإسرائيلية .
• فكرة بناء الجدار في عهد حكومة شارون .
• معطيات حول الجدار من حيث طول الجدار وامتداده وبنية الجدار ومراحل البناء وعمقه داخل أراضي الضفة العربية والمستوطنات , المعابر .
• القدس والجدار .
الفصل الثاني :
و يتضمن مواقف الأطراف من الجدار: ـ
• الموقف الإسرائيلي
• الموقف الفلسطيني
• الموقف الأمريكي
• الموقف الأوروبي
• الموقف الدولي
الفصل الثالث : ـ
• انعكاسات بناء الجدار على الوضع الفلسطيني ( المعيشي , الاقتصادي , الديمغرافي , الأمني ) .
• الهبة الشعبية لمقاومة الجدار .
• أثر استمرار البناء في الجدار على المفاوضات والعملية السلمية .
• الاستنتاجات .
الفصل الثاني
خطط الفصل الإسرائيلية
1.2 مقدمة
منذ احتلالها للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة في الرابع من حزيران من العام 1967 ، اختلفت رؤى الأوساط الإسرائيلية السياسية والأمنية بشأن مستقبل هذه الأراضي وسكانها ، فاليمين الإسرائيلي وعلى رأسه حزب الليكود كان يعتبر الضفة الغربية جزءً لا يتجزأ من ارض إسرائيل ، فيما كان يطلق عليها في الأوساط ووسائل الإعلام العبرية بيهودا والسامرة حيث تبنى حزب الليكود فكرة الحل الوظيفي ، أما حزب العمل فقد تبنى الحل الإقليمي من خلال مشروع آلون .
ومنذ احتلال الضفة والقطاع كانت مشكلة الأمن والمشكلة الديمغرافية للسكان الفلسطينيين القاطنين في تلك المدن والقرى والمخيمات ، تلقيان بظلالهما في أي نقاشات داخل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية ، حول مستقبل هذه الأراضي سواء بالضم أو بالانفصال ، إلى أن وقع اتفاق أوسلو بين الرئيس الراحل ياسر عرفات و إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي في الولايات المتحدة عام 1993 برعاية الرئيس الامريكي بيل كلينتون .
وبعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية اثر اتفاق اوسلو شنت المعارضة الفلسطينية سلسلة من الهجمات الفدائية داخل العمق الإسرائيلي ، في القدس وتل أبيب وحيفا ونتانيا وغيرها من المدن والبلدات الإسرائيلية كان لها بالغ الأثر في إعادة تقييم النظرية الأمنية الإسرائيلية وفتح باب النقاش مجددا حول مستقبل الضفة والقطاع ، وجدوى بقاء هذه الأراضي المحتلة عبئا امنياً وديموغرافياً على إسرائيل .
وشهدت إسرائيل منذ عام 1995 إلى عام 2002 العديد من خطط الفصل منها خطة رابين ، خطة باراك ، خطة ميخائيل ايتان ، خطة دان مريدور ، خطة رامون ، خطة شارون . وللأهمية و حسب ردود الأفعال على هذه الخطط ستقتصر الدراسة على التطرق إلى خطط رابين وباراك وشارون كلمحة تاريخية وتقييم الدوافع الأمنية أو السياسية أو كلتاهما في تبني هذه الشخصيات المؤثرة في المجتمع الإسرائيلي لخطط الفصل .
2.2 خطة رابين للفصل
لم تكن فكرة فصل المناطق الفلسطينية الأهلة بالسكان عن إسرائيل، فكرة حديثة العهد ، بل تعود إلى عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين وتجلى ذلك في مقولته الشهيرة : " أخرجوا غزة من تل أبيب " وذلك بعد تزايد العمليات الفدائية داخل العمق الإسرائيلي وتوجيه الاتهامات إلى غزة بأنها معقل الإرهابيين .
" و استخدم رابين مصطلح الفصل لأول مرة في أعقاب العملية الفدائية التي وقعت أواخر شهر يناير 1995 في مفترق بيت ليد والتي أسفرت عن مقتل واحدٍ وعشرين جندياً إسرائيلياً حيث عقب رابين : " إننا نعمل بجد ونشاط من أجل الانفصال عن الشعب الأخر الذي نسيطر عليه وإننا سوف نصل إلى هذه الغاية إن عاجلاً أو آجلاً" واستطرد قائلاً: "إننا لن نعود إلى خطوط عام 1967، ولن ننسحب من القدس ولن نتزحزح عن غور الأردن ".مجلة مركز التخطيط الفلسطيني يوليو – ديسمبر 2002
وتشير تصريحات رابين، حينها إلى أن النوايا لديه تتعلق بالفصل بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي دون العودة إلى حدود 1967، ودون التخلي عن الغور وعدم تفكيك المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية وقطاع غزة .
لقد كانت هذه الأفكار يغلب عليها الهاجس الأمني أولاً وأخيراً مغفلاً البعد السياسي، علماً بأن التصريح بها جاء والاتصالات الفلسطينية الإسرائيلية جارية لتنفيذ ما تم التوقيع عليه من اتفاقات واستحقاقات المرحلة الانتقالية، ومن الواضح لجميع المراقبين أن إغفال الجانب السياسي عن عملية الفصل سيترتب عليها آثاراً اقتصادية واجتماعية تمس السكان الفلسطينيين وقد تقلب الأمور كلها رأساً على عقب، إلا أن إسرائيل لم تعبأ بكل هذه المعطيات .
وبدأت حكومة رابين وما أعقبها من حكومات، حكومة نتنياهو، وحكومة باراك وحتى حكومة شارون ، بتنفيذ الخطوات الأولى لسياسة الفصل عن طريق فرض الأطواق الأمنية على الأراضي الفلسطينية، حيث تم تقنين دخول الأفراد والمركبات بين المناطق الفلسطينية وإسرائيل، ، تدعيم نقاط العبور بأجهزة المراقبة وقوات الجيش وحرس الحدود كما قامت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالفصل التام بين الضفة الغربية وقطاع غزة في كثير من الحالات خصوصاً في أعقاب العمليات الفدائية و تفرض الإغلاق التام للمناطق الفلسطينية والمعابر الحدودية ، فتعزل الضفة الغربية عن قطاع غزة وتعزلهما عن العالم الخارجي.
لقد تركت هذه الإجراءات أثاراً سلبية على مجمل حركة المجتمع الفلسطيني على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي. فتدنى معدل النمو، وازدادت نسبة البطالة، وارتفع خط الفقر، وانعدم التواصل الجغرافي بين المدن والقرى الفلسطينية، الأمر الذي بات يهدد بانفجار كبير في المنطقة خصوصاً في ظل المماطلات الإسرائيلية في تنفيذ استحقاقات اتفاقيات السلام.
إن جميع هذه الإجراءات التي جرى تنفيذها إنما جاءت بناءً على توصيات ودراسات لعدة لجان عسكرية وسياسية لدراسة خطط الفصل بهدف منع أو التقليل من العمليات الفدائية داخل إسرائيل،
ومع إقرار الجيش الإسرائيلي وجهاز المخابرات العامة "الشاباك" بعدم نجاعة هذه الخطط في منع العمليات الفدائية منعاً باتاً، إلا أنه سيكون بالإمكان تقليصها إذا توفرت الإمكانيات والوسائل اللازمة كما أن هناك إقرار بأن الفصل الكامل ليس عملياً، على الأقل في المدى القصير، وذلك لأسباب اقتصادية وديموغرافية وسياسية وفنية يصعب معها سد الثغرات القائمة. ومع ذلك فإن كلاً من الجيش والشرطة قد رفعا توصياتهما ونتائج دراستهما إلى رابين " و قد شملت تلك التوصيات الخطوات التالية :
1- إقامة مجال للفصل غالبيته في الضفة الغربية يعلن عنه كمنطقة عسكرية مغلقة.
2- إقامة عدد من المعابر لمرور المركبات والأشخاص تحت أشراف جهاز الشرطة، تستطيع استيعاب وتنفيذ عمليات الفحص ودخول الأشخاص والمركبات والبضائع من خلال المحافظة على المستوى الأمني المحدد.
3- إشراف الجيش على المناطق بين المعابر وقيامه بنشاطات أمنية مختلفة تشتمل على وضع العوائق وسد المعابر غير القانونية.
4- الجدار الأمني سيقام فقط في المناطق التي لا توجد فيها بدائل لحماية منطقة التماس.
5- هذا النشاط سيرافقه تشديد سياسة العقاب وعمليات فرض التعليمات والأوامر.
6- التنسيق بين الجيش والشرطة على طول منطقة التماس وفي المناطق المحاذية.
7- تطوير قدرة استخبارية لخدمة أهداف الخطة والتركيز على محاربة الإرهاب.
8- تعزيز وتكثيف أجهزة المنع والإحباط.
كما تناولت التوصيات قضية القدس وأكدت على ما يلي :
1- لن يكون هناك أي فصل داخل الحدود البلدية لمدينة القدس.
2- أي تعرض للقدس يكون للمدينة الموحدة ضمن حدود البلدية.
3- المقترحات الخاصة بتعزيز الأمن في القدس تحظى بموافقة الجيش والمخابرات من خلال تعزيز تواجد قوات الشرطة في المدينة وعلى ضوء ذلك سيتم:
4- سد غالبية الطرق الفرعية والارتجالية الموصلة من الضفة الغربية إلى القدس بوضع حواجز طبيعية.
5- إنشاء 6 معابر على مداخل القدس عند حدود المدينة البلدية وتوضع هذه المعابر تحت أشراف الشرطة.
6- تعزيز قوات الشرطة في أنحاء المدينة لتعزيز الأمن وتحري الأشخاص الذين يتواجدون في المدينة بصورة غير قانونية.
7- تشديد القيود على الدخول إلى القدس والهجرة إليها وفرض القوانين المتعلقة بذلك.
وبتأمل عناصر الخطة نجد أن أهم وأخطر عنصر هو إقامة مجال للفصل غالبيته في الضفة الغربية. مجلة الدراسات الفلسطينية العدد22
ورأى العسكريون الإسرائيليون آنذاك أن هذا المجال، عبارة عن حزام أمني يفصل بين السكان الفلسطينيين والإسرائيليين وهذا الحزام سيمتد بموازاة الخط الأخضر بطول 340 كيلومتر وعرض يتراوح بين عدة مئات من الأمتار إلى كيلومترين، وعلى الرغم من أنه لم يتم تحديد مسار هذا الحزام إلا أنه سيظل موازياً للخط الأخضر مع بعض الجيوب التي يمكن أن تتوغل إلى الشرق، ولأسباب سياسية سوف لن يتم إنشاء جدار أمني على طول الحزام إلا في ثلاثة مقاطع فقط، حيث توجد مراكز سكانية فلسطينية مأهولة بالسكان تقع مقابل المراكز السكانية الإسرائيلية، كما هو الحال في منطقة قلقيلية وجنين والقدس فهناك ستنشأ جدران أمنية يتراوح طولها بين ثلاثة وعشرين وتسعة وعشرين كيلومتراً.
وبناء على هذه الخطة سوف يمارس الجيش الإسرائيلي نشاطه بإقامة المواقع العسكرية ونقاط المراقبة على الجانب الشرقي من الحزام داخل أراضي الضفة الغربية، في حين تقوم الشرطة بالإشراف على المعابر، كما تقوم الشرطة وحرس الحدود بممارسة نشاطهما في هذا الحزام.
ولقد قوبلت خطة رابين باعتراضات شديدة سواء من اليمين الإسرائيلي أو من اليسار، فاليمين رأى في الخطة مقدمة لانسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية وقطاع غزة وهو ما يعارضه بشدة تحت دعوى أن هذه الأراضي هي جزء من أرض إسرائيل الكبرى.أما اليسار فيرى أن خطة الفصل هذه تعتبر مقدمة لضم الضفة الغربية بصورة دائمة إلى أجهزة السلطة الإسرائيلية والدليل نقل مراكز المدن في الضفة الغربية إلى أيدي شرطة حرس الحدود وإنشاء الطرق الالتفافية، مثل هذه الأمور سوف تسهم في زيادة قبضة السلطة الإسرائيلية على الضفة وبالتالي ستؤدي إلى توسيع المستوطنات.
كما رأى البعض بأن خطة الفصل هذه تشكل نوعا من التمييز العنصري وهي فكرة سخيفة تفرض على الفلسطينيين حياة الجوع، وأياً كانت هذه الاعتراضات فإن الخطة لم يتم تنفيذها واقتصرت على ما قامت به حكومة رابين من فرض الأطواق الأمنية المتكررة والمشددة في كثير من الأحيان على المناطق الفلسطينية واستمر الحال حتى يوم الثامن والعشرين من شهر سبتمبر عام 2000 عندما اندلعت انتفاضة الأقصى .
3.2 خطة باراك للفصل
بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في 2000/9/28بدأ الحديث يعود مرة أخرى حول الفصل عندما أعلن إيهود باراك رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق : " في حال استمرار الانتفاضة سأتوجه إلى الفصل أحادي الجانب ، هدفنا هو أن نعمل على الفصل بين إسرائيل والفلسطينيين ، وإذا لم ينجح هذا من خلال المفاوضات فإننا سنفعل ذلك بصورة أحادية الجانب " يديديعوت احرونوت 2000/10/12
وكلف باراك نائب وزير الدفاع أفرايم سنيه بإعداد ورقة عمل ووضع تصور لهذه الخطة حول الفصل، إلا أنه لم تتوفر أية معلومات عن خطط للفصل سوى ما تسرب إلى وسائل الإعلام، حينئذ حول بعض الأفكار بشأن عملية الفصل يمكن إجمالها في الآتي:
1- تجميع المستوطنين في 3 كتل استيطانية لضمها إلى إسرائيل وهذه الكتل تنقسم إلى:
أ - منطقة غوش عتصيون جنوب بيت لحم.
ب ـ بيتار عيليت في الضفة الغربية.
ج ـ مستوطنات ألفية منشية وأرئيل جنوب نابلس.
2- بلورة مفهوم الحدود التي ستحدد الفصل السيادي الواضح لدولتين بحيث تكون غير مغلقة وليست مسيجة بإحكام، بل تترك مجالاً حدودياً مفتوحاً لجميع النشاطات الاقتصادية والمدنية بين مناطق السلطة الوطنية وإسرائيل حيث تم اقتراح ما بين 6 إلى 7 معابر تحت إشراف سلطة خاصة لمرور البضائع والمركبات والمشاة بالإضافة إلى إقامة مشاريع مشتركة على جانبي الحدود مع فصل شبكة البنية التحتية خصوصاً الماء والكهرباء.
3- الفصل الاقتصادي خصوصاً في المجالات التجارية والأيدي العاملة.
و تختلف خطة باراك كثيراً عن الأفكار والخطط التي طرحت في عهد حكومة رابين والتي ظلت داخل أدراج هذه الحكومة مع استمرار سياسة الأطواق الأمنية، فعلى الرغم من أن هذه الأفكار قد غلب عليها البعد الأمني، إلا أنها حملت بين طياتها البعد السيادي المستقبلي؛ حيث تناولت الأفكار هذه المرة قضية المستوطنات الإسرائيلية المنتشرة في الضفة الغربية وإمكانية تفكيك عدد منها وتجميع الآخر في كتل معينة قريبة من الخط الأخضر.
كما أن هذه الأفكار تتيح الفرصة لنشاط اقتصادي، وتبادل تجاري ومشاريع اقتصادية مشتركة مستقبلاً، وربما أخذت هذه الأفكار في الاعتبار قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة انطلاقاً من المفاهيم الإسرائيلية التي عرضها باراك من قبل على القيادة الفلسطينية في مباحثات كامب ديفيد. كما أن هذه الأفكار لم تتناول الجانب الأهم في المفهوم الإسرائيلي حول الفصل والتي من أهمها الفصل الديموغرافي أو المناطق العازلة بين الشعبين وامتداداتها وربما كانت قيد الدراسة والإعداد إلا أن الانتخابات الإسرائيلية المبكرة حالت دون إتمامها أو ظهورها .
4.2خطط الفصل في عهد شارون
أعلن شارون في برنامجه الانتخابي مراراً عن استعداده للسماح بإقامة دولة فلسطينية على 42% من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد نشرت الصحف الإسرائيلية إيجازاً لأفكار شارون حول الفصل والتي كان يروج لها حتى قبل بدء حملة الانتخابات لرئاسة مجلس الوزراء الأخيرة والتي اعتمدت على افتراض إعلان قيام دولة فلسطينية من طرف واحد وهذه الأفكار تعتمد على:
1- إعادة الانتشار للقوات الإسرائيلية في المناطق الحيوية لإسرائيل وذلك في: منطقة الغور بعرض يتراوح بين 16-20 كيلومتر. قطاع بعرض 10 كيلومتر شرق القدس. قطاع بعرض يتراوح بين 100 متر إلى 7,5 كيلومتر على طول الخط الأخضر.
2- عدم التخلي عن أي مستوطنة إسرائيلية حتى ولو كانت موجودة في العمق العربي.
3- قيام الدولة الفلسطينية مرهون بخطة سياسية أساسها تسوية مرحلية لعدة سنوات.
وبعد صعوده إلى الحكم أعلن شارون عن استعداده للسماح بقيام دولة فلسطينية على 42% وأنه مستعد للتنازل المؤلم عن أجزاء مما أسماه بأرض إسرائيل من أجل السلام، ولم يتحدث عن خطة للفصل، إلا أنه وبعد التصعيد المستمر للانتفاضة ووقوع العديد من العمليات الفدائية في قلب مدينة القدس وفي وسط التجمعات السكانية الإسرائيلية الكبيرة مثل نتانيا وحيفا وتل أبيب ، بدأ الحديث مجددا عن خطط الفصل واعتبر هذا في نظر الكثيرين تراجعاً عن مواقف شارون السابقة.
وعلى الرغم من تصريحات شارون كثيراً ضد سياسة الفصل؛ فقد ظهرت الكثير من الاقتراحات من جهات أمنية إسرائيلية عديدة وكان من أهمها إقامة منطقة عازلة تمتد على طول الخط الأخضر مع الضفة الغربية تعتبر منطقة عسكرية مغلقة ويمنع فيها تحرك المواطنين الفلسطينيين ليلاً مع ضرورة حصولهم على تصاريح خاصة للتحرك نهاراً من مدينة لأخرى.
وبتوالي الدعوات الداعية للفصل خصوصاً في أعقاب كل عملية من العمليات الفدائية وجد شارون نفسه مضطراً للتراجع عن إستراتيجيته، وكلف المجلس الأمني المصغر لإقرار خطة خاصة بعزل القدس سميت في حينها خطة " غلاف القدس " . والهدف من ذلك منع الفلسطينيين من الدخول إلى القدس للقيام بعمليات فدائية ، وتقضي الخطة بإقامة حزامين أمينين :
الحزام الأول : حول ما يسمى بالقدس الكبرى حيث يبدأ من خط مستوطنتي هارجيلو - جيلو جنوب القدس، ثم إلى مستوطنة معالية أدوميم في الجنوب الشرقي، ثم إلى مستوطنات جبعات زئيف وسوف يشمل هذا الحزام الكثير من القنوات والخنادق ومناطق المراقبة والمواقع العسكرية.
الحزام الثاني: حزام داخل مدينة القدس يحول بين الأحياء اليهودية والأحياء العربية، وقد يبدو هذا الحزام للوهلة الأولى أن طوله لا يتعدى 11 كيلومتر، إلا أنه في الحقيقة يصل إلى 57 كيلومتر لكثرة التعاريج والالتواءات، وتقضي الخطة عبور سكان القدس الشرقية إلى القدس الغربية عبر بوابات محددة توضع لهذا الغرض.
ورغم الانتقادات الشديدة لهذه الخطة بسبب الصعوبات الكبيرة التي ستواجه حركة الحياة اليومية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن الكثير أقر بأن مثل هذا الحزام خصوصاً الداخلي إنما ينطوي على سياسة التمييز العنصري؛ إذ انه سيعزل حوالي 300 ألف مواطن فلسطيني يعيشون في القدس الشرقية وتجعل حياتهم جحيماً لكثرة نقاط التفتيش والمراقبة بسبب تداخل الأحياء اليهودية مع الأحياء العربية في هذه المنطقة، إلا أن إسرائيل بدأت بإجراءاتها لعزل القدس عن عمقها العربي؛ وذلك بالبدء في إقامة جدار بطول 11 كيلومتر جنوب المدينة لعزلها عن قطاع بيت لحم؛ وحفر خنادق ووضع أبراج وحواجز في محيط المدينة، و نشر خمس فرق من حرس الحدود بين الأحياء اليهودية والعربية في القدس .
" هذا عن مخطط غلاف القدس، أما عن المخطط المتعلق بباقي الضفة الغربية وحسب تفاصيل مخطط الجدار الفاصل بين الضفة الغربية وإسرائيل، قرر المجلس الوزاري المصغر، إقامة هذا الجدار بكلفة تقدر بنصف مليار شيكل على أن يتم تنفيذه خلال عام ويتكون المخطط من:
1- إقامة ثلاث مناطق جغرافية ونوعين من العوائق. والمناطق الجغرافية هي: غلاف القدس ، الخط الأخضر وهو الذي سيحوي كافة أنواع العوائق التي ستنشر عليه، وعليه يتم تحديد المعابر. المنطقة العازلة وهي منطقة واسعة تمتد على طول الخط الأخضر يعمق يتراوح بين كيلومتر واحد إلى عشرة كيلومترات وتزداد أكثر من ذلك في بعض المناطق خصوصاً التي يتواجد فيها كتل استيطانية كما هو الحال في منطقة سلفيت، وسوف تعتبر هذا المنطقة منطقة عسكرية يمارس فيها الجيش الإسرائيلي نشاطاته الأمنية، إلا أن هذه المنطقة ستكون خالية من العوائق لمنع المتسللين من الوصول إلى العوائق التي ستوضع على الخط الأخضر.
أما عن العوائق فستوضع في غلاف القدس وعلى طول الخط الأخضر حيث ستوضع نوعين من العوائق، عوائق ضد الأشخاص، وعوائق ضد السيارات. أما العوائق ضد الأشخاص فعبارة عن سياج ردع مقابل المدن والقرى الفلسطينية القريبة من التجمعات السكانية الإسرائيلية، وذلك مقابل طولكرم وقلقيلية والقدس وقرى أم الفحم وباقة الغربية. أما في المناطق التي تبتعد فيها المناطق السكانية الفلسطينية عن الخط الأخضر فسيقام سياج مزدوج الأول على طول الخط الأخضر، والثاني بعمق المنطقة قرب الأماكن السكانية الفلسطينية. أما المناطق التي لا تقام فيها عوائق فهي مناطق مفتوحة يمكن مراقبتها من خلال دوريات للمراقبة. أما العوائق ضد السيارات فستتضمن أسيجة وقنوات عميقة وتدمير جميع الطرق غير القانونية من الأراضي الفلسطينية إلى الخط الأخضر على أن تمر السيارات من معابر مؤقتة يتم من خلالها نقل البضائع من شاحنة إلى أخرى.
2 - إغلاق مناطق في الضفة الغربية ومنه تم اعتبار مناطق في الضفة الغربية عند خط التماس كمناطق عسكرية مغلقة بهدف التمكن من اعتقال مشبوهين يقتربون من الشرق نحو خط التماس من اجل القيام بعمليات فدائية .
3- تشكيل 10 سرايا من حرس الحدود لتعزيز القوات على طول خط التماس شكلت منها حتى الآن 5 سرايا تعمل على طول الخط الأخضر، أما الخمس الأخرى فيجري تشكيلها الآن للعمل في غلاف القدس . صحيفة القدس بتاريخ 2002/4/16
5.2 بنية وطبيعة جدار الفصل
1.5.2بنية الجدار : "يتراوح عرض جدار الفصل من 60 – 150 مترا في بعض المواقع والمقاطع التي سيمر منها وبارتفاع يصل إلى 8 أمتار.
ويضاف إليه ما يلي:
1- أسلاك شائكة.
2- خندق يصل عمقه أربعة أمتار وعرضه أيضا نفس الحجم " وهو يهدف لمنع
مرور المركبات والمشاة ".
3- طريق للدوريات.
4- طريق ترابية مغطى بالرمال لكشف الأثر.
5- سياج كهربائي مع جدار إسمنتي يصل ارتفاعه 8 متر.
6- طريق معبد مزدوج لتسيير دوريات المراقبة.
7- أسلاك شائكة.
8- أبراج مراقبة مزودة بكاميرات وأجهزة استشعار " مجلة التخطيط الفلسطيني – يوليو – ديسمبر 2003
2.5.2 مراحل بناء الجدار
انظر خريطة رقم 1 / جدار الفصل حول الضفة / الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري
في الصفحة التالية .
خريطة رقم 1 / جدار الفصل حول الضفة / الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري
المرحلة الأولى: وتشمل مناطق جنين، طولكرم، قلقيلية والقدس
المرحلة الثانية: وتشمل مناطق بيت لحم والخليل وباقي حدود الضفة الغربية مع فلسطين المحتلة عام 1948م.
المرحلة الثالثة: وتشمل خطاً طولياً على الحدود بين الضفة والأردن، وتسمى مرحلة تمديد الجدار إلى غور الأردن.
من المقرر أن يبلغ طول الجدار في مراحله النهائية حوالي 728 كيلو متر. وقد صرحت راشيل اشكينازي المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي بقولها : (قبل نهاية 2004 سيتم إنجاز 520 كلم من أصل 728 مقررة)، وأوضحت أن جزءا يبلغ طوله 190كلم من الجدار سيتم إنجازه قبل نهاية عام 2003 والجزء الثاني وطوله 330 كلم عام 2004 والجزء الثالث والأخير عام 2005 " وكالة فرانس برس "
3.5.2 بوابات جدار الفصل العنصري :
تقوم قوات الاحتلال بإنشاء بوابات على امتداد جدار الفصل العنصري في القرى والبلدات التي يعزلها الجدار بشكل كامل وما يزيد من معاناة المواطنين وعذابهم هو بعد البوابات عن بعضها البعض فأحيانا يضطر المزارعون الفلسطينيون السير لمسافات قد تصل إلى 50 كيلو متر للوصول إلى أراضيهم التي لم تكن تبعد عنهم سوي كيلومتر أو اثنين وكذلك الحال بالنسبة للطلاب والموظفين والعمال, وتطالب قوات الاحتلال المواطنين بالحصول على تصاريح للمرور عبر بوابات معينة للوصول إلى أراضيهم.
" ويأتي ذلك بناء على الأمر العسكري الذي أصدرته قوات الاحتلال بخصوص وضع الأراضي التي عزلها الجدار في المرحلة الأولى التي أعلن عن الانتهاء منها وما تلاه من إصدار تصاريح للقرى المعزولة خلف الجدار للبقاء في قراهم وكذلك التصاريح التي أصدرت للمزارعين في القرى الواقعة خلف الجدار للوصول إلى مزارعهم خلف الجدار.
واعتبرت حملة مقاومة جدار الفصل العنصري أن ما ورد في الأمر العسكري رقم (387),5730-1970الصادر بتاريخ 2/10/2003 تحت عنوان الإعلان عن إغلاق منطقة التماس رقم 302س هو إقرار صريح من قوات الاحتلال الإسرائيلي يضم كافة الأراضي التي عزلت خلف الجدار إلى إسرائيل. وذلك بعدم السماح بدخولها أو الإقامة بها لغير الإسرائيليين إلا بتصاريح خاصة تصدر عن القائد العسكري " .
http://www.alzaytouna.net/arabic
4.5.2 البوابات المنتشره على طول الجدار :
1- بوابة مدخل بلدة قفين شمال طولكرم :
أقيمت هذه البوابة حتى يتمكن المستوطنون القادمون من مدينة جنين الوصول إلى إسرائيل عبر طريق جنين- باقة الشرقية، علماً بأن هذه البوابة لا تفتح إلا من أجل سيارات قوات الاحتلال والمستوطنين.
2- بوابة باقة الشرقية :
وهي من أجل مرور أهالي بلدة باقة الشرقية ونزلة عيسى ونزلة أبو نار للوصول إلى مدينة طولكرم وباقي المحافظة علماً بأن هذه البوابة تفتح ساعة في الصباح وساعة بعد الظهر وهي عنوان للذل والشتيمة للمواطنين، علاوة على إغلاقها معظم الأيام أمام المواطنين وصلبهم ساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارة ، بمن فيهم المرضى وحالات الولادة .
3- بوابة دير الغصون :
وهي من أجل السماح لمزارعي دير الغصون من أجل الوصول إلى مزارعهم وحقول الزيتون المثمرة وتفتح البوابة من حين لآخر ساعة واحدة صباحاً وساعة واحدة بعد الظهر حيث يواجه المزارعين هناك شتى أنواع الذل والقهر والعقاب، ويتمتع الجنود على هذا الحاجز شأنهم شأن غيرهم من الجنود بمزاجية كبيرة في السماح لمن يريدون بعبورهم من المواطنين .
4- بوابة شويكة :
وأقيمت من أجل دخول مجنزرات الاحتلال على ضاحية شويكة للوصول إلى مدينة طولكرم .
5- بوابة قرية ارتاح جنوب طولكرم:
أقيمت من أجل السماح للمزارعين من الوصول إلى مزارعهم لكن الحقيقة تكمن في أن أي مزارع لا يستطيع الوصول إلى أرضه من خلال هذا الحاجز .
6- بوابة فرعون جنوب طولكرم :
أقيمت من أجل قيام مجنزرات الاحتلال بالوصول إلى مدينة طولكرم من المعسكر الاحتلالي الموجود في "مستوطنة أفني خيفت" إضافة إلى إمكانية مرور المستوطنين عبرهما .
7- بوابة خربة جبارة:
أقيمت من أجل السماح لمواطني خربة جبارة العاملين داخل الأراضي التي استولى عليها الاحتلال لتنفيذ مشروع "الجدار العازل" من الدخول أو الخروج، لكن قواته لا تسمح منذ قيام "الجدار" ولغاية الآن من دخول أو خروج أي مواطن للبلدة مما يضطر مواطني البلدة من المرور من خلال عبّارات المياه والمشي على بطونهم للوصول إلى مدينة طولكرم، كما تعاني تلك البلدة جراء ذلك ، من نقص حاد في المواد الغذائية وأعلاف الحيوانات .
بوابة جبارة الرأس
8- بوابة لمبة كفر جمال:
أقيمت البوابة ، لكنها مغلقة لغاية الآن، ومن الجدير بالذكر أن ما تدعيه سلطات الاحتلال بإقامة بوابات دخول للمواطنين للوصول إلى مزارعهم مجرد أكاذيب فهي "بوابات" بمثابة نقاط عبور لقواتها ومستوطنيها ، علماً بأن قوات الاحتلال تطالب المواطنين باستصدار تصاريح دخول ، لكن المواطنين والمزارعين رفضوا الفكرة باعتبار أنها أراضيهم ولا أحد يستطيع منعهم من الوصول إليها .
9- بوابة عنبتا:
أقيمت من أجل السماح لمواطني طولكرم من الخروج إلى المدن الأخرى , ولكنها في معظم الأحيان مغلقه ولا يسمح للمواطنين بالمغادرة من خلالها .
5.5.2 بطاقة (الكترونية) لمرور الفلسطينيين عبر بوابات جدار
لجأت قوات الاحتلال إلى ابتكار بطاقات الكترونية جديدة لتشخيص المواطنين الفلسطينيين الحاصلين على تصاريح دخول وعمل في إسرائيل, وقالت مصادر إسرائيليه أن هذه البطاقة هي جزء من جهاز تشخيص (بيومترمي) سيتم تركيبه في معابر السياج ويعمل على تشخيص الإنسان عن طريق صورة كف اليد وبصمات الأصابع، ويتم إصدار هذه البطاقة عن طريق مكاتب الارتباط والتنسيق المدني في الضفة الغربية، وسيتوجب على المواطنين الفلسطينيين تجديد البطاقة مرة كل عاميين .
6.5.2 التعديلات الاخيرة على الجدار عام 2007 :
" كشفت عنة وزارة الدفاع الإسرائيلية على صفحتها الالكترونية في الثاني عشر من سبتمبر من العام الماضي 2007 تعديلات جديدة على مسار جدار الفصل ، فبخلاف المسار السابق للجدار الذي كانت قد أعلنت عنه في الثلاثين من نيسان من العام 2006 , فقد ظهرت تعديلات و تغييرات جديدة على مسار الجدار و طوله و أيضا في الأراضي الفلسطينية المعزولة ورائه بحيث بينت هذه التعديلات زيادة جديدة في مساحة الأراضي المعزولة خلف الجدار الغربي لتصبح 712,920 ألف دونم أي زيادة قدرها 28.5% (157,920 ألف دونم) على ما كانت عليه في العام 2006. كما بين المسار الجديد للجدار الفاصل زيادة في طول الجدار ليصبح 770 كيلومتر أي بزيادة قدرها 67 كيلومتر (9.5%) على ما كان عليه في العام "2006. تقرير معهد الأبحاث التطبيقية أريج أكتوبر 2007/10/28
هذا و جاءت التغيرات الجديدة في مسار الجدار و مساحة الأراضي المعزولة خلفه في منطقتين, الأولى تقع في جنوب شرق الضفة الغربية في منطقة جنوب غور الأردن بمحاذاة المناطق الطبيعية جنوب الضفة الغربية حيث تم إقرار امتداد للجدار الفاصل من جنوب محافظة الخليل باتجاه الشمال الشرقي و الذي على أثره تم إضافة 53.5 كيلومتر على طول الجدار هناك, عزل على أثرها 153,780 ألف دونم ما بين امتداد الجدار الجديد والخط الأخضر على جانب البحر الميت. كذلك, فقد أدت الإضافة الجديدة لمسار الجدار إلى عزل جزء من الحقوق الفلسطينية في منطقة البحر الميت, حيث تم عزل ما مساحته 71 كيلومتر (37%) من مجموع 194 كيلومتر و هي المساحة الكلية المخصصة للفلسطينيين هناك.
أما التغير الآخر فقد ظهر في منطقة شمال غرب رام الله حيث تم إضافة مقطع جديد للجدار وذلك بغرض ضم مستوطنتين إسرائيليتين وراء الجدار و عزل مساحة إضافية من أراضي الفلسطينيين. حيث صادق رئيس الوزراء الإسرائيلي اولمرت في الأول من شهر فبراير من العام الجاري على خطة جديدة لتعديل مسار الجدار الفاصل شمالي تجمع مستوطنات 'مودعين عيليت' و المقامة غرب محافظة رام الله. هذا و قد جاء قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد ضغوط شديدة تعرض لها من قادة المستوطنين لتغيير مسار لجدار الفاصل ليلتف حول مستوطنتي 'نيلي' و' نعله' الإسرائيليتين و يضمهما وراء الجدار, الأمر الذي أدى إلى زيادة في طول مقطع الجدار بحوالي 13.5 كم في عمق الأراضي الفلسطينية بالإضافة إلى عزل مساحة إضافية جديدة بلغت 4140 دونما .
6.2 غلاف القدس
انظر خريطة رقم 2 " غلاف القدس " – الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري في الصفحة التالية .
خريطة رقم 2 " غلاف القدس " – الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري
بدأ العمل على إقامة الجدار في جنوب وشمال المدينة وشرقها في إطار غلاف القدس، وذلك بشكل موازي مع المراحل السابقة. ويبلغ طول هذا الغلاف 50 كم. والجدار في هذا الجزء يغير شكله وفقاً لمسار الأرض التي يمر فيها، ففي المناطق المفتوحة يكون واسعاً جداً من 50-100 متر، حيث يضم كل عناصر الجدار الأمني الحدودي من سور وطرق ترابية وقنوات والكترونيات. أما في المناطق السكنية مثل أبو ديس والعيزرية فسيبنى سور ارتفاعه 6-8 متر. ويقسم البناء في غلاف القدس إلى ثلاثة أجزاء:
1.6.2 الجدار الشمالي
تم في الآونة الأخيرة بناء مقاطع في شمال غلاف القدس، وذلك حسب تصريحات وزارة الدفاع ومعطيات (بتسيلم) المركز الاسرائيلي لحقوق الانسان، وبدأ البناء من بيتونيا مروراً بعطروت وحتى الرام. ويبلغ طول الجدار الشمالي 8 كم وعرض 40-100 متر، وصادرت إسرائيل 800 دونم لبناء هذا المقطع، منها 500 دونم ستعزل جنوب الجدار، و300 دونم ستستخدم كمنطقة عازلة. وفي الفترة من 2-8 سبتمبر 2004، انتهت قوات الاحتلال من بناء مقطعين من الجدار في المنطقة الواقعة بين مفرق بلدة الرام شمال مدينة القدس الشرقية، وحاجز قلنديا جنوبي مدينة رام الله. وفي وقت متزامن واصل المقاولون تجهيز البنية التحتية للجدار بهدف إنهاء المقاطع المتبقية في المنطقة الواقعة بين حاجزي ضاحية البريد وقلنديا، كما وواصلت قوات الإحتلال وضع مقاطع إسمنتية في منطقة وادي عياد بين ضاحيتي البريد والأقباط قرب مستوطنة النبي يعقوب شمال القدس الشرقية. كما واستمرت أعمال البناء في شارع رام الله-القدس الرئيس شمال مدينة القدس الشرقية، حيث قامت بأعمال بناء المقاطع الإسمنتية بارتفاع خمسة أمتار بين حاجزي قلنديا وضاحية البريد، ووصل الجدار حتى مدخل ضاحية البريد.مركز بيتسيليم
2.6.2 الجدار الشرقي
في مطلع تشرين الأول 2003، بدأ بناء مقطع طوله 17 كم من بيت ساحور المشمولة في القدس، ومن ثم يتجه شمالاً نحو أبو ديس والعيزرية وحتى حاجز الزعيم. أما الحاجز الأخر المصادق عليه بطول 14 كم فسيبدأ من عناتا جنوب شرق بسغات زئيف شرق، ويواصل شمالا وغرباً وحتى حاجز قلنديا، حيث سيتصل بالجدار الشمالي السابق، ويشمل المقطع بلدات الرام وعناتا، مخيم شعفاط، كفر عقب وسميراميس، حيث سيبقون خارج الجدار، وسيلتهم الجدار نحو 2000 دونم من أراضي بلدة العيزرية وضمها إلى مستوطنة معاليه ادوميم.
وفي 26/2/2004، تدخلت محكمة العدل العليا الإسرائيلية ولأول مرة في موضوع الجدار وقررت وقف الأعمال على الجدار في منطقة غلاف القدس لمدة أسبوع، وجاء القرار في أعقاب بحث لالتماس ثماني قرى فلسطينية، بينها بيت سوريك وبدو ضد إقامة الجدار الذي يفصل بينها وبين المستوطنات الإسرائيلية مفسيرت تسيون وهارادار. وتعقيبا على قرار محكمة العدل، قال وزير الدفاع شاؤول موفاز، أثناء جولة أجراها في مسار غلاف القدس "انه يوجد الكثير من المقاطع التي يمكن أن ننفذ أعمال التجدير فيها ونحن لا ننفذها بسبب المشاكل القضائية وقرارات محكمة العدل العليا التي أوقفت العمل في تلك المقاطع ". وقد استأنفت قوات الاحتلال أعمال البناء على أراضي بلدة أبو ديس وتجري أعمال البناء في محيط جامعة القدس، وما تبقى من طول الجدار الشرقي لا يتعدى 500 متر وبانتهائه تكون هذه المنطقة قد أغلقها الجدار تماماً.
3.6.3 الجدار الجنوبي:
في 1/3/2004، شرعت قوات الاحتلال بأعمال في مقطع جديد من الجدار شمال مدينة بيت لحم، حيث بدأت أعمال البناء شمال مسجد بلال بن رياح (قبر راحيل). ويعتبر هذا المقطع جزءا من الجدار الذي يمتد من قريتي الخاص والنعمان شرقي بيت لحم مرورا بأرضي بيت ساحور وبيت لحم وبيت جالا وصولا إلى طريق الأنفاق غربي بلدة الخضر.
ومازال العمل جارياً في بناء الجدار في المنطقة الشمالية لمدينتي بيت لحم وبيت جالا، حيث قامت الآليات بأعمال الحفريات واستكمال تركيب أجزاء من الجدار بارتفاع 10 أمتار، وتقوم بذلك على الرغم من الإدانة الدولية وصدور قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي في بداية شهر يوليو بعدم قانونية هذا الجدار.
كما وأقامت قوات الاحتلال معبراً جديداً شمال مدينة بيت لحم، وذلك لنقل الحاجز العسكري مسافة 220 متراً إلى الجنوب تمهيدا لتنفيذ المخطط التوسعي الإسرائيلي بضم "قبر راحيل"، والمنطقة الشمالية لبيت لحم وإخضاعها إلى السيادة الإسرائيلية، ويستمر الجدار إلى الغرب في منطقة الوطا بشكل يطوق مخيم عايدة ودير راهبات الفرنسيسكان، وسيحرم هذا الجدار مئات العائلات من أهالي بيت لحم من الوصول إلى أراضيهم التي عزلت شمالي الجدار والمقدرة بنحو ثمانية آلاف دونم، كما سيعمل الجدار على فصل مدن بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور ومخيم عايدة والدهيشة عن القدس وشمال الضفة الغربية.
ومن المعطيات السابقة فإن فكرة الفصل والجدار لم تكن حديثة العهد بل هي إحدى المخططات التي تبناها العديد من القادة الإسرائيليين مع اختلاف آليات التنفيذ لدواع سياسية وليس لدوافع أمنية محضة .
وإن اكتمال المرحلة الأولى والثانية من الجدار قد أعادت رسم خريطة الضفة الغربية وأحالتها الى عدد من الكانتونات والمعازل كما وعزلت خطة غلاف القدس المدينة عن باقي مناطق الضفة الغربية مما تسبب بمعاناة شديدة للسكان الفلسطينيين وتقييد حركة تنقلهم بين المدن والقرى والمخيمات في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية .
الفصل الثالث
موقف القانون الدولي والأطراف المعنية من الجدار
1.3 مقدمة
منذ احتلالها لأراضي الضفة الغربية وقطاع غزة اثر حرب حزيران 1967 ، فانه ينطبق على هذه الأراضي القانون الدولية وكافة الأعراف والمواثيق الدولية ، التي تؤكد على عدم جواز قيام الدولة المحتلة بأية إجراءات أو وقائع على الأرض التي احتلت ، كضم أو مصادرة للأراضي وتحذر من أية انتهاكات ترتكبها دولة الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين العزل .
ولما كان الجدار قد اتخذ مساراً بعيدا عن الخط الأخضر ليتجه إلى عمق أراضي الضفة الغربية ، إلى مسافة تصل في بعض المناطق إلى 20 كيلو متر ، ثم ليلتف عن القدس الشرقية ويعزلها عن بقية مناطق الضفة الغربية ، فان الأسرة الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة محكمة العدل الدولية في لاهاي والاتحاد الأوروبي وروسيا ودول عدم الانحياز ومنظمة العالم الإسلامي والأمة العربية بموقفها الرسمي والشعبي ، جميعها عدا الولايات المتحدة الأمريكية ، فقد شددت على أن بناء الجدار غير مشروع وعلى إسرائيل ان تقوم بهدم الجدار وتعويض السكان الفلسطينيين عن الأضرار التي تكبدوها اثر بناء الجدار .
إلا أن إسرائيل استمرت في بناء الجدار ، غير مكترثة بالقرارات الدولية والمعارضة الواسعة من دول العالم المحتجة على ناء الجدار ، ودون أن تراعي انعكاسات الجدار على الفلسطينيين ، وعلى عملية التسوية ومفاوضات الوضع النهائي .
2 .3 موقف القانون الدولي من جدار الفصل
أقر المجتمع الدولي منذ عام 1967 أن القوات الإسرائيلية هي قوة احتلال حربي وأن الأراضي الفلسطينية هي أراض محتلة، تنطبق عليها أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، المتعلقة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب، وبصفة دولة إسرائيل طرفاً متعاقداً على الاتفاقية، فإنه يتحتم عليها تطبيق أحكام هذه الاتفاقية، كما وتفرض هذه الاتفاقية والقانون الدولي الإنساني، على المتعاقدين توفير الحماية للسكان المدنيين .
وقد أقرت إسرائيل بتطبيق الاتفاقية على أساس الأمر الواقع، وتطبيق الشق الإنساني، ولم تعترف بأنها دولة احتلال حربي على أراضي عام 1967، ومن القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني، أن الأعيان المدنية ( الممتلكات، المباني ) يجب أن تكون بمنأى عن أي استهداف من جانب القوات المحتلة، ويحظر تماماً التعرض لها، وبجب أن تتوفر الحماية الكاملة لها، كما وأن هناك قيود صارمة وتحريم كامل لاستخدام وسائل قتالية وأسلحة معينة في العمليات الحربية .
وتنص المادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب على أنه " يحظر على دولة الاحتلال الحربي أن تدمر أي ممتلكات خاصة، ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات أو بالدولة أو السلطات العامة أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية " .
وعليه إن ما قامت به قوات الاحتلال من بناء لجدار الفصل حول الضفة الغربية، يمثل انتهاكاً لكافة المواثيق والأعراف الدولية .
" كما أن الجدار الذي تبنيه إسرائيل، يعتبر أحد أشكال التمييز العنصري المتجذر في نظام التمييز العنصري والاستعمار في الضفة الغربية وقطاع غزة . ووفقاً لمعاهدة التمييز العنصري يعتبر جريمة ضد الإنسانية تعاقب عليها الدول الأطراف من خلال محكمة دولية خاصة، ينشئونها ليشمل البروتوكول الأول لاتفاقات جنيف والنظام الداخلي للمحكمة الجنائية الدولية 1998 والمعاهدة الدولية ضد جريمة التفرقة العنصرية 1973 مركز غزة للحقوق والقانون تقرير نوفمبر 2003
وتعرف هذه الاتفاقات والمعاهدات التفرقة العنصرية على أنها "نظام مؤسس قائم على التفرقة العنصرية من أجل ضمان سيطرة مجموعة عرقية على مجموعة عرقية أخرى وقمعها". وهو ما يظهر ببناء الجدار، تنطبق عناصر هذا التعريف على السياسات والإجراءات الإسرائيلية، ومنها انتهاك حق الحياة والحرية الشخصية، القتل، التسبب في أذى جسدي أو عقلي، التعذيب، المعاملة المهنية، الاعتقال التعسفي، تطبيق إجراءات تهدف إلى تدمير شعب، سواء كان ذلك بشكل كامل أو جزئي، تطبيق إجراءات تمنع من مشاركة شعب في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية وانتهاك حقوقهم الإنسانية، مثل حق التعليم والعمل " المصدر السابق
ويهدف هذا الجدار أيضا إلى ضم أرض فلسطينية بشكل غير قانوني، يقام عليها ما يقارب 75 مستوطنة إسرائيلية يسكنها 303 ألف مستوطن، وبالتالي فإن نحو 108918 فلسطينياً سيتم ضمهم بشكل غير قانوني إلى إسرائيل أو تطويقهم داخل الجدار .
" كما يهدف الجدار الإسرائيلي إلى تقسيم السكان على أساس عرقي وفصل المواطنين الفلسطينيين عن بعضهم، وإعاقة حركتهم من خلال فرض حظر التجول والإغلاق، ومصادرة آلاف الدونمات، التي تعتبر مصدر الرزق الوحيد لمئات العائلات الفلسطينية، وهو يخالف نص المادة (47) من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949، على أن لا يحرم الأشخاص المحميون الذين يوجدون في أي إقليم محتل بأي حال ولا بأية كيفية من الانتفاع بهذه الاتفاقية سواء بسبب أي تغيير يطرأ نتيجة احتلال الأراضي، على مؤسسات الإقليم المذكور أو حكومته، أو بسبب أي اتفاق يعقد بين سلطات الإقليم المحتل ودولة الاحتلال، أو كذلك بسبب قيام هذه الدولة بضم كل أو جزء من الأراضي المحتلة، واستناداً إلى هذه المادة، فإن الأوامر العسكرية وبناء الجدار العازل، هي خرق للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، وحقوق الإنسان . المصدر السابق
3.3موقف الأمم المتحدة
انتقد مبعوث الأمم المتحدة إلى منطقة الشرق الأوسط "تيري رود لارسن" إسرائيل بشدة لمواصلتها بناء جدار الفصل العنصري قائلاً "من حق إسرائيل أن تبني جداراً على أرضها، لكن ليس على أراضي الآخرين، الجدار في مساره الحالي يفصل بين قرى فلسطينية، يفصل بين التلاميذ ومدارسهم" . جريدة الأيام 2003/9/16
وأفاد تقرير للأمم المتحدة نشر في جنيف في 30/9/2003، أن قيام إسرائيل ببناء "سياج أمني" على طول الضفة الغربية، سينطوي على ضم قسم من الأراضي الفلسطينية، وهو ما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة .وهذه الوثيقة التي أعدها "جون دوغارد " الخبير الجنوب أفريقي مقرر الأمم المتحدة الخاص، حول حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة إثر مهمة قام بها في نهاية مايو 2003 وهي موجهة إلى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان . وأشار التقرير إلى أن هذا الجدار سيؤدي إلى إلحاق أقسام كبرى من الضفة الغربية بينها مستوطنات يهودية أقيمت في الضفة الغربية بالأراضي الإسرائيلية .
وخلص التقرير إلى أن الوقائع تشير بقوة إلى أن إسرائيل مصممة على خلق وضع ميداني يعادل ضماً بحكم الأمر الواقع، وأضاف التقرير أن ضماً من هذا النوع الذي يعتبر غزواً بموجب القانون الدولي، يحظره ميثاق الأمم المتحدة، ومعاهدة جنيف الرابعة، المتعلقة بحماية المدنيين في زمن الحرب .
ويبقى القرار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2003/10/22 من أهم قرارات الأمم المتحدة، فيما يخص بناء جدار الفصل العنصري وذلك بعد الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن لمشروعي قرار مقترحين لوقف البناء في جدار الفصل . فقد أحالت الدبلوماسية الفلسطينية قضية الجدار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي أصدرت في الثاني والعشرين من أكتوبر عام 2003 قرارا يتعلق بالجدار الفاصل، رعته دول الاتحاد الأوروبي الخمس عشرة بعد أن وافقت عليه 144 دولة وعارضته أربع دول بينها الولايات المتحدة وإسرائيل في حين امتنعت 12 دولة عن التصويت.
" و فيما يلي نصه (ترجمة غير رسمية) :
أعمال إسرائيلية غير مشروعة في القدس الشرقية المحتلة
وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة
الجمعية العامة :
بالنظر إلى القرارات ذات الصلة بما في ذلك قرارات الجلسة الخاصة الطارئة العاشرة، وبالنظر إلى قرارات مجلس الأمن 242 الصادر في 22 تشرين الثاني عام 1967 والقرار 267 الصادر في 3 تموز عام 1969 والقرار 298 الصادر في 25 أيلول عام 1971 والقرار 446 الصادر في 22 آذار عام 1979 والقرار 452 الصادر في 20 تموز عام 1979 والقرار 465 الصادر في أول آذار عام 1980 والقرار 476 الصادر في 30 حزيران عام 1980 والقرار 478 الصادر في 20 آب عام 1980 والقرار رقم 904 الصادر في 18 آذار عام 1994 والقرار 1073 الصادر في 28 أيلول عام 1996 والقرار 1397 الصادر في 12 آذار عام 2002 وتأكيداً على مبدأ عدم جواز ضم الأراضي بالقوة، وتأكيداً على رؤيتها للمنطقة الخاصة بقيام دولتين إسرائيل وفلسطين تعيشان جنباً إلى جنب داخل حدود آمنة معترف بها .
- تدين كل أعمال العنف والإرهاب والتدمير ..
- تدين بشكل خاص التفجيرات الانتحارية وتصاعدها الأخير بما في ذلك الهجوم في حيفا ..
- تدين أيضاً الهجوم بالقنابل على قطاع غزة الذي أسفر عن مقتل ثلاثة من ضباط الأمن الأمريكيين ..
- وإذ تأسف لعمليات القتل خارج النظام القضائي وتصاعدها مؤخراً خاصة الهجمات التي وقعت في غزة أمس. تؤكد على الحاجة إلى وضع حد للموقف الذي يتسم بالعنف على الأرض والحاجة إلى إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967 والحاجة إلى تحقيق السلام استناداً لرؤية الدولتين سابقتي الذكر .. وتعبر عن قلقها الخاص لأن المسار الموضوع للجدار الجاري تشييده من جانب إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك أجزاء داخل القدس الشرقية وحولها قد يصادر مفاوضات مستقبلية ويجعل في حل الدولتين غير قابل للتنفيذ واقعياً وقد يؤدي إلى مزيد من المعاناة الإنسانية للفلسطينيين .
- وتكرر دعوتها لإسرائيل السلطة المحتلة بأن تحترم بشكل كامل وفعال معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 .
وتكرر معارضتها للنشاط الاستيطاني في الأراضي المحتلة ولأي أنشطة تتضمن مصادرة الأراضي وتمزيق حياة أناس يخضعون للحماية ولضم الأراضي بالأمر الواقع .
-1تطالب إسرائيل بوقف وإزالة الجدار المقام في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك أجزاء داخل القدس الشرقية وحولها التي تبعد عن خط الهدنة لعام 1949 وتتعارض مع مواد ذات صلة في القانون الدولي .
2 - تدعو الجانبين للوفاء بما التزما به بموجب خارطة الطريق.. تبذل السلطة الفلسطينية جهوداً واضحة على الأرض لاعتقال وتعطيل وكبح أفراد وجماعات تشن هجمات عنيفة أو تخطط لها .. وألا تقوم الحكومة الإسرائيلية بأي أعمال تضر بالثقة بما في ذلك الترحيل والهجمات على المدنيين والقتل غير المشروع .
- 3تطالب الأمين العام بوضع تقرير بشكل دوري عن مدى الالتزام بهذا القرار على أن يقدم التقرير الأول عن التزام بما ورد في الفقرة الأولى خلال شهر وفور تلقي التقرير تبحث أعمال أخرى إذا كان هناك ضرورة لذلك في إطار نظام الأمم المتحدة .
4 - قررت إرجاء الجلسة الخاصة الطارئة العاشرة مؤقتاً وتخول الرئيس الحالي للجمعية العامة حق الدعوة لاستئناف الاجتماع بناء على طلب الدول الأعضاء . جريدة القدس 2003/10/23
وفي وقت لاحق وتحديداً يوم الاثنين الموافق 2003/12/8، صوتت الجمعية العمومية للأمم المتحدة لصالح قرار يطالب محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا بالفصل فيما إذا كانت إسرائيل ملزمة قانوناً بهدم الجدار، وصدر هذا القرار بأغلبية 90 صوتاً ضد 8 أصوات وامتناع 74 صوتاً، وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل ممن صوتوا ضد القرار، أما دول الاتحاد الأوروبي، وشركاؤه فكانوا ممن امتنعوا عن التصويت " .جريدة القدس 2003/12/9
4.3 قرار محكمة العدل الدولية " محكمة لاهاي "
في التاسع من يوليو 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية ما يطلق عليه، 'رأيا استشارياً' حول شرعية الجدار الفاصل الذي تقوم إسرائيل بإقامته في الأراضي الفلسطينية المحتلة, تلبية لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثالث عشر من كانون الأول للعام 2003.
وقد تعاطي الرأي الاستشاري الذي أصدرته المحكمة الدولية مع قضية الجدار الإسرائيلي ضمن ثلاثة محاور تمثلت في أولها بمدى شرعية قيام إسرائيل بتشييد هذا الجدار ، بحيث أكدت المحكمة في قرارها و بكل وضوح عدم شرعية وقانونية بناء الجدار في الأراضي الفلسطينية, استنادا إلى القانون الإنساني كما ردت محكمة العدل الدولية ادعاء إسرائيل بأن وثيقة جنيف الرابعة لا تسري على المناطق الفلسطينية، إذ لم تكن الضفة الغربية وقطاع في أي وقت سابق جزءاً من دولة ذات سيادة, وفي هذا السياق حددت المحكمة أنه نظراً لكون المناطق الفلسطينية سقطت في أيدي إسرائيل نتيجة لحرب العام 1967 مع دولتين موقعتين على الوثيقة، فإنه يتوجب أن تتفق سيطرة إسرائيل على المناطق الفلسطينية مع وثيقة جنيف.
أما المحور الثاني الذي تناوله قرار المحكمة فهو تبعات وآثار الجدار الفاصل على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، فقد أشارت المحكمة إلى وجود مخاوف كبيرة من أن يؤدي مسار الجدار الفاصل إلى أيجاد 'حقائق على الأرض' تؤدي إلى الضم الفعلي للمساحات والأراضي التي استولت عليها وعزلتها إسرائيل لإقامة الجدار مما يؤدي إلى التأثير على الحدود المستقبلية ما بين إسرائيل والدولة الفلسطينية في المستقبل. وترى محكمة العدل الدولية أن الضم الفعلي لأجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل يشكل خرقاً لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
أما المحور الثالث الذي تناولته المحكمة في حيثيات رأيها الاستشاري فهو مدى قانونية الجدار الفاصل على ضوء القانون الدولي لحقوق الإنسان. وفي هذا السياق فقد حددت المحكمة بصورة جازمة، بخلاف الادعاءات الإسرائيلية ، أن هذا القانون يسري بأكمله على الأراضي المحتلة. ورأت محكمة العدل الدولية أن الجدار الفاصل يمس مختلف الحقوق المذكورة في الاتفاقيات والمواثيق التي وقعت إسرائيل عليها: الحق في حرية الحركة، الحق في التنقل و في العيش حياة كريمة، والمقننة في البنود 12 و- 17 من الميثاق الدولي بخصوص الحقوق المدنية والسياسية، الحق في العمل، الحق في مستوى حياة لائق، الحق في الصحة والتعليم، وهي مقننة في البنود 6، 11، 12 و- 13 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والحضارية.
" وفي نهاية رأيها الاستشاري لخصت المحكمة الدولية رأيها الاستشاري " بأنه يتوجب على إسرائيل التوقف الفوري عن بناء الجدار الفاصل في الأراضي الفلسطينية، وتفكيك أجزاء الجدار الفاصل التي تمت إقامتها في الضفة الغربية و إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل البناء، وإلغاء الأوامر التي تم إصدارها بخصوص إقامته وتعويض الفلسطينيين الذين تضرروا جراء ذلك. كذلك ناشدت محكمة العدل الدولية المجتمع الدولي بالامتناع عن تقديم المساعدة إلى إسرائيل طالما استمرار الوضع غير القانوني الذي نشأ في أعقاب إقامة الجدار الفاصل، واتخاذ الوسائل القانونية من أجل إيقاف الخروقات الإسرائيلية وضمان تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة ".المركز الفلسطيني لحقوق الانسان يوليو 2004
إما على صعيد الموقف الإسرائيلي فقد رفضت إسرائيل التعاون مع هذا الإجراء بدعوى عدم وجود صلاحية للمحكمة للبحث في هذه القضية. وفي الوثيقة التي قدمتها إسرائيل، بررت هذا الإدعاء بكون الحديث يدور حول قضية سياسية وليست قانونية، وأن الإطار المناسب لبحث هذه القضية هو إطار العلاقات الثنائية ما بينها وبين الفلسطينيين. وقد ردت المحكمة بأغلبية الأصوات الإدعاء الإسرائيلي حول صلاحيتها و أكدت على شرعية و قانونية الأحكام الصادرة عنها.
5.3 الموقف الفلسطيني
ابدي الموقف الفلسطيني معارضة شديدة لبناء جدار الفصل على الصعيدين الرسمي والشعبي ومارست السلطة الوطنية الفلسطينية نشاطا دبلوماسيا مكثفا لاطلاع دول العالم الصديقة والشقيقة والرباعية الدولية على مخاطر بناء جدار الفصل على الصعيدين الانساني والسياسي و كان من ابرز نتائج هذه الحركة النشطة للدبلوماسية الفلسطينية، في أروقة الأمم المتحدة على وجه التحديد، وتمخض هذا الدور عن عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي، وللجمعية العامة أسفرت عن تصويت الأخيرة لصالح قرار يدين بناء الجدار الأمني، سبق ذكره في سياق الدراسة مفصلاً بالإضافة إلى أن هذا النشاط اظهر مجددا تحيز الموقف الأمريكي حينما صوتت الولايات المتحدة ضد قرارين قدما إلى كل من (مجلس الأمن – الأمم المتحدة) لوقف بناء الجدار .
ولم يقتصر النشاط الفلسطيني على الموقف الرسمي، بل تعداه إلى النشاط غير الرسمي الذي قامت به شخصيات عامة أكاديمية، نقابية، برلمانية حينما استضافت وفوداً أوروبية، وأمريكية، لكي تتحقق وعلى أرض الواقع من المخاطر، التي يجلبها الجدار على مستقبل السلام في المنطقة. وتجلى الموقف الشعبي الفلسطيني، في مواجهة بناء الجدار، ما يعكس مدى التصاق الإنسان الفلسطيني بأرضه، ولعل المسيرات والمظاهرات، شبه يومية، بمشاركة قوى يسارية إسرائيلية ووفود تضامن دولية، كان لنشاطها دور في نقل معاناة الشعب الفلسطيني من جراء بناء الجدار، للرأي العام العالمي، ليتأكد له حقيقة الممارسات الإسرائيلية في مناطق السلطة، ويمكن القول بأن الاستطلاع الأخير للاتحاد الأوروبي والذي عبر فيه 58% من الأوروبيين، عن قناعتهم بأن إسرائيل تشكل خطراً على السلام العالمي أكثر من إيران وكوريا الشمالية، كان بفضل المسيرات الاحتجاجية، التي شارك فيها وفود تضامن أوروبي .
" وقد جاء الموقف الفلسطيني الرسمي على لسان الرئيس الشهيد ياسر عرفات ومسئولون آخرون، حيث اعتبر الرئيس عرفات، استمرار إسرائيل في بناء "جدار الفصل العنصري" المسمى بزعمهم "الجدار الواقي" على أراضي الضفة الغربية شرقي "الخط الأخضر" بأنه " تدمير لعملية السلام " وأوضح أن إسرائيل تصادر من خلال إقامة الجدار 58% من أراضي الضفة الغربية، وتسيطر على أحواض المياه الجوفية، وتقسم عشرات المدن والقرى الفلسطينية، تمهيداً لطرد وتشريد ما يزيد عن 200 ألف فلسطيني من بيوتهم وممتلكاتهم، إضافة إلى إقامة جدار برلين جديد حول مدينة القدس الشريف لعزلها عن محيطها الفلسطيني وتهويدها، وطمس هويتها التاريخية والدينية والروحية العربية والإسلامية" جريدة القدس 2003/9/21
ولم يقتصر الموقف الفلسطيني، على إصدار بيانات الشجب والاستنكار، بل شهد تحركاً ملموساً في الأمم المتحدة، قاده ممثل فلسطين لدى المنظمة الدولية آنذاك د.ناصر القدوة وزير الخارجية الأسبق الذي أكد أن استمرار بناء الجدار العازل يعني استمرار الاستيلاء على الأراضي وفرض سياسة الأمر الواقع ومصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية في انتهاك واضح وصريح لميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة، التي تم التأكيد عليها من قبل مجلس الأمن، وتنطبق على الأراضي المحتلة عام 1967م .
6.3 الموقف العربي
لم يرتق الموقف العربي من بناء جدار الفصل إلى المستوي المطلوب رغم المخاطر العديدة ، والآثار السلبية المأساوية التي يخلفها بناء الجدار على مستقبل الشعب الفلسطيني، رغم أن الجانب العربي، كان بإمكانه التأثير نسبياً على الموقف الأمريكي الداعم بلا حدود لحكومة شارون آنذاك، ، لا سيما أن الولايات المتحدة، بحاجة للدعم العربي، لتمرير سياساتها في العراق، ويمكن القول بأن الموقف السوري كان من أكثر المواقف العربية تفهماً لمخاطر بناء جدار الفصل العنصري، وهذا ما توضح في أروقة الأمم المتحدة .فيما استمر موقف جامعة الدول العربية على حاله مقتصراً على بيانات الشجب والاستنكار والتنديد ببناء الجدار.
1.6.3 موقف الجامعة العربية
اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، بأنه من العبث التحدث عن السلام في الوقت الذي تواصل فيه حكومة "شارون" بناء جدار الفصل العنصري، وأضاف " بأن هناك حرب معلنة ضد الشعب الفلسطيني، وأن الحديث عن السلام لا فائدة منه" . جريدة الأيام 2003/10/22
وفي وقت لاحق دعا عمرو موسى إلى تدخل الأمين العام للأمم المتحدة "كوفي عنان" لحمل إسرائيل على وقف بناء الجدار الأمني في الضفة الغربية .
2.6.3موقف الدول العربية
" ساهمت الدول العربية في تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار يعلن أن جدار الفصل العنصري غير قانوني، بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" لمنع صدور قرار مماثل من مجلس الأمن الدولي، وقررت المجموعة العربية أيضاً خلال اجتماع مغلق عقدته في مقر الأمم المتحدة أن تطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتماد قرار ثان يسعى للحصول على رأي استشاري من محكمة العدل الدولية، بشأن ما إذا كانت إسرائيل ملزمة قانوناً بتفكيك الجدار وتفصل المحكمة التابعة للأمم المتحدة، ومقرها لاهاي في النزاعات بين الدول" . جريدة الحياة 2003/10/21
3.6.3 الموقف الشعبي العربي
اقتصر الموقف الشعبي العربي على " مظاهرة يتيمة في الجامع الأزهر، دعا فيها المتظاهرون القادة العرب إلى التصدي لبناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، وذلك بعد صلاة الجمعة في الجامع الأزهر في القاهرة، وطالب المتظاهرون العرب بضرورة الوقوف صفاً واحداً لمنع بناء جدار الفصل العنصري .
7.3الموقف الدولي
أجمع المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، على إدانة بناء جدار الفصل ، وجاءت أكثر الانتقادات من دول الاتحاد الأوروبي، وذلك لأن الأوربيين لهم تجربة سابقة مع سور برلين، بالإضافة إلى كون دول الاتحاد الأوروبي أكثر تفهماً للمعاناة الفلسطينية والآثار المأساوية المترتبة على بناء الجدار وتحديداً على مستقبل عملية السلام، في الشرق الأوسط والتي تطمح أوروبا، أن يكون لها دور بارز فيها .
1.7.3 الموقف الأمريكي
فقد ظل الموقف الأمريكي على حاله من موضوع الجدار، حيث أبدت امتناعها ومعارضتها منه "إعلامياً"، ولكن عملياً كانت داعمة لبناء "الجدار"، ولعل الموقف الأمريكي في الأمم المتحدة، قد اظهر حقيقة الموقف الأمريكي من موضوع الجدار، وكشف حقيقة النوايا الأمريكية تجاه قضايا الشعب الفلسطيني .
فقد أبدت الولايات المتحدة الأمريكية في اغسطس/ 2003 عن قلقها من بناء جدار الفصل العنصري، وقال "سكوت ماكليلان" المتحدث باسم البيت الأبيض، " أن السياج يمر بأراض هي في أفضل الأحوال محل نزاع موضحاً أن واشنطن تريد إلغاء السياج تماماً لكنها تود إعادة رسم مساره في ضوء الرفض الإسرائيلي" . جريدة القدس 2003/8/6
" وفي أعقاب الضغوط الأمريكية على إسرائيل لتعديل مسار جدار الفصل، سافر "دوف فاسيغلاس" مدير عام مكتب رئيس الحكومة و "عاموس بارون" مدير عام وزارة الدفاع في 2003/9/20 إلى واشنطن، للاجتماع مع "كونداليزا رايس" مستشارة الأمن القومي آنذاك ومساعديها وزيرة الخارجية الحالية ، وذلك بهدف تقليص هوة الخلافات في الآراء بين الدولتين والتوصل إلى حل وسط يمكن بموجبه بناء الجدار في منطقة مستوطنة "أرئيل" وغرب شمال الضفة الغربي، وعرضت الولايات المتحدة الأمريكية ثلاث تحفظات ". جريدة القدس 2003/9/22
ـ معارضة شديدة لبناء الجدار حول المستوطنات الواقعة غرب شمال الضفة الغربية (ارئيل وكرني شومرون وقدوميم) وربطها بامتداد إقليمي بإسرائيل.
ـ تحفظات أقل حدة من إدخال مستوطنة "بيت آريه" إلى داخل الجدار .
ـ معارضة لمرور جدار "غلاف القدس" في الحرم الجامعي لجامعة القدس .
ولكن هذه المواقف الأمريكية المعارضة لبناء الجدار تبخرت، بعدما وقفت الولايات المتحدة الأمريكية، في مجلس الأمن الدولي، ولاحقاً في الجمعية العامة، للتصويت ضد مشروع قرار عربي يدين بناء جدار الفصل العنصري .
" حيث استخدمت الولايات المتحدة يوم الأربعاء 2003/10/15 حق النقض " الفيتو" في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يدين قيام إسرائيل ببناء جدار الفصل العنصري، وحصل مشروع القرار على تأييد 10 دول، بينما امتنعت عن التصويت 4 دول أخرى وهي ألمانيا وبريطانيا وبلغاريا والكاميرون، وانتقد المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة "جون نيغروبونتي" الذي استخدم حق النقض للمرة الثانية خلال شهرين ضد مشروع قرار يدين إسرائيل، النص الذي تقدمت به سوريا باسم المجموعة العربية، وقال "نيغروبونتي" أن النص الذي عرض للتصويت "ليس متوازناً"، ولا يتضمن إدانة للإرهاب بعبارات واضحة، وفشل في المساواة بين الجانبين في المجال الأمني في الشرق الأوسط بما في ذلك الهجمات التي عانت منها إسرائيل في السنوات الثلاث الأخيرة ".المصدر السابق
كما عارض الموقف الأمريكي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء الأربعاء 2003/10/22 حينما تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تسوية صاغه الاتحاد الأوروبي يطالب الدولة العبرية "بوقف بناء الجدار الذي تقوم ببنائه في الأراضي الفلسطينية . وبررت الولايات المتحدة معارضتها للقرار الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة حول وقف بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية بالقول أنه لم يكن متوازناً .
2.7.3 الموقف الأوروبي
جاءت الانتقادات الأوربية على بناء جدار الفصل، على لسان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، لشؤون السياسية الخارجية "خافيير سولانا" الذي اعتبر خطط إسرائيل لبناء قطاع جديد من جدار الفصل العنصري، "أنه يضر بعملية السلام ويفرض أمراً واقعاً، وقال "سولانا" " لم يكن من المناسب اتخاذ الحكومة الإسرائيلية هذا القرار، لا أعتقد أن بوسعنا قبول سور يفرض على الواقع قرارات بخصوص أراض لم تقسم" . جريدة القدس 2003/10/3
وحذرت القمة الأوربية إسرائيل في 2003/10/17 من أن مسار الجدار الذي تقوم ببنائه ويقسم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، من شأنه أن ينسف التعايش بين إسرائيل والدولة الفلسطينية . وجاء في مشروع البيان الختامي للقمة الأوروبية "أن الجدار من شأنه أن يستبق المفاوضات المقبلة، ويجعل من المتعذر عملياً التوصل إلى الحل الذي يقوم على بناء دولتين .
3.7.3الموقف الروسي
اقتصر الموقف الروسي على دعوة إسرائيل إلى تعليق بناء الجدار الفاصل، ووضع حد لتطوير مستوطناتها في الضفة الغربية، وقالت وزارة الخارجية الروسية بأنه "يجب تعليق بناء المستوطنات والجدار، الذي سيضم أراض فلسطينية وسيعزل عدداً من السكان" .
4.7.3 الموقف الصيني
ندد المبعوث الصيني للشرق الأوسط " وانغ شي جيه " ببناء إسرائيل لجدار الفصل العنصري، واعتبر أن هذه العملية لا تساهم في تحقيق السلام في المنطقة ولا في الثقة المتبادلة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي" . جريدة الأيام 2003/10/24
8.3 موقف المنظمات الدولية
1.8.3 منظمة العفو الدولية
أكدت منظمة العفو الدولية أن بناء إسرائيل لجدار الفصل العنصري، يعمق التأثير الاقتصادي المعوق للقيود الصارمة التي تفرضها على تنقل الفلسطينيين وفي تقريرها الأخير بعنوان " إسرائيل والأراضي المحتلة ـ العيش تحت الحصار" أكدت المنظمة أن 60% من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر الذي يبلغ دولارين يومياً، كما أن معدل البطالة يقترب من 50%، وأضافت أن النسب المرتفعة للبطالة والفقر، ونقص التغذية والمشاكل الصحية التي تصيب الفلسطينيين ليست مشكلة إنسانية فقط، بل نتيجة مباشرة للقيود التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة .
" وقال التقرير أن الجدار الإسرائيلي، وهو سياج الكتروني يعلوه سلك شائك في معظم المناطق، وجدار إسمنتي في مناطق أخرى له عواقب اقتصادية واجتماعية خطيرة على أكثر من 200 ألف فلسطيني، وأضافت أن هذا الجدار يعزل عشرات من القرى الفلسطينية عن باقي الضفة الغربية، وعن أراضيها الزراعية، وقالت "دوناتيلا روفيرا " وهي مندوبة بمنظمة العفو الدولية، رأست فريق البحث بشأن هذا التقرير : "لو بنوا هذا الجدار على خط ما قبل حرب عام 1967، لما كان أمامنا شئ نقوله عنه " ولكنهم يبنونه داخل الأراضي المحتلة، ويعزل المجتمعات الفلسطينية" . جريدة الحياة الجديدة 2003/9/9
2.8.3 منظمة هيومن رايتس - ووتش
دعت المنظمة الأمريكية المدافعة عن حقوق الإنسان، الإدارة الأمريكية إلى فرض عقوبات مالية على إسرائيل لاستمرارها في بناء جدار الفصل العنصري .
وفي رسالة وجهتها إلى الرئيس الأمريكي "جورج بوش" طلبت المنظمة فرض عقوبات على إسرائيل لبنائها هذا الجدار الذي يحاصر عشرات الآلاف من الأشخاص، وقال "جوستورك" أحد مسؤولي المنظمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن بوش "يجب أن يتأكد من أن الحكومة الأمريكية تفعل ما بوسعها لمنع هذه الانتهاكات للقانون الدولي معتبراً أن "حسم كلفة البناء من قيمة الضمانات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة سيشكل مبادرة جيدة " . جريدة الحياة الجديدة 2003/10/2
3.8.3 مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة " بتسيلم "
اعتبر مركز بيتسيلم أنه "بموجب الاقتراح الذي تبحثه الحكومة الإسرائيلية، فإن المرحلة الثالثة من الجدار الأمني ستقام في عمق الضفة الغربية، وبعمق 22 كم، وهو ما سيلحق أضراراً فادحة بحقوق حوالي 80 ألف فلسطيني في تلك المنطقة، وشدد المركز على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "شارون" ووزير الحرب "شاؤول موفاز" يستغلان رعب ومخاوف الجمهور الإسرائيلي من العمليات التفجيرية استغلالاً سافراً، ولكن من أجل تحقيق أهداف سياسية بحجج الأمن والدفاع عن النفس .
و قد طالب الحكومة الإسرائيلية بالامتناع عن إقامة الجدار داخل أراضي الضفة الغربية، وقال " أن تحديد مسار المرحلة الثالثة للجدار الفاصل الذي اقترح من قبل وزير الحرب ورئيس الحكومة والذي سيمر إلى الشرق من مستوطنات "أرئيل، كدوميم، عمانوئيل، وكرني شمرون " يدل مرة أخرى على أن اعتبارات جهاز الأمن بها ما هي إلا اعتبارات سياسية مرفوضة " جريدة الأيام 2003/10/1
وكانت "جيكامونتل" المديرة العامة للمركز قد ذكرت أن هدف إسرائيل من إقامة الجدار في منطقة القدس، هو تخفيض عدد السكان العرب داخل المدينة، والحفاظ على ما تسميه بالتوازن الديموغرافي، وأضافت قائلة " لهذا عملت إسرائيل على ضم أراض قرية النعمان شرق بيت لحم، والتي تتاخم حدودها مدينة القدس، وذلك بهدف تهجير سكانها بقوة . جريدة القدس 2003/9/17
9.3 جدر الفصل بين المعارضة والتأييد الإسرائيلي
علق الجنرال ايفي ايتام وزعيم حزب (المفدال) الديني الوطني على بناء جدار الفصل قائلاً : " إن من يريد إثبات انتصار الحركة الوطنية الفلسطينية على الحكومة الإسرائيلية فان عليه أن ينظر إلى هذا الجدار الذي يعكف الجيش على إقامته حولنا، أي إنجاز يريده الفلسطينيون أكثر مما حققوه فعلا بإجبارنا على الانغلاق خلف الجدران الإسمنتية والأسلاك الشائكة" .
أما بنحاس فالنتشتاين احد قادة المستوطنين اليهود في الضفة الغربية فذهب إلى حد وصف الجدار الذي يعكف جيش الاحتلال على إقامته بجدار معسكر (اوشفيتس)، وهو احد مراكز الاعتقال التي أقامها النازيون لليهود في بولندا أوائل الأربعينيات، وأضاف قائلاً : " إلا أن هناك فرقاً هاماً أن اوشفيتز أقامه أعداؤنا لنا، أما هذا الجدار فنقيمه نحن لأنفسنا " .
ويبدي المستوطنون اليهود في الضفة الغربية بشكل خاص حساسية خاصة لإقامة الجدار، ويتهمون إسرائيل بالتخلي عنهم وتركهم وشأنهم مع المقاومة الفلسطينية، كما يقول أبراهام دومب من قادة المستوطنين في (كريات أربع) القريبة من الخليل. كما أن عدداً من المفكرين المحسوبين على اليمين يرون في إقامة الجدار بمثابة تحويل الدولة إلى زنزانة، كما يصفها المفكر والأديب اليميني موشيه شامير.
لكن على الرغم من هذه الانتقادات، فان الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين تؤيد إقامة الجدار حيث يرى أكثر من خمساً وثمانين بالمائة من الإسرائيليين أن هناك احتمالاً أن يؤدي إقامة الجدار إلى تحسين الأوضاع الأمنية في إسرائيل بشكل ملحوظ .
ويقول الجنرال يوني فيجل المختص في تصميم التحصنيات العسكرية أن المعلومات الاستخبارية تؤكد أن لدى الفلسطينيين طائرات شراعية وبإمكانهم استخدامها في تنفيذ العمليات الفدائية في أي مكان يريدون وبدون أي عائق، مشدداً على الصعوبة الكبيرة في قدرة سلاح الجو الإسرائيلي على اعتراض مثل هذه الطائرات. كما يشير فيجل إلى إمكانية أن يستخدم الفدائيون الفلسطينيون المناطيد الطائرة في تجاوز الجدار الفاصل.
وهناك من يرى أن الفدائيين في حال تعذر عليهم أن ينفذوا عمليات في داخل الخط الأخضر، فانه بإمكانهم أن ينفذوا عمليات فدائية ضد المستوطنات اليهودية والمواقع العسكرية الإسرائيلية في داخل الضفة الغربية ، وهذا سبب أخر يدفع المستوطنين للحنق على ارئيل شارون.
وقال عضو الكنيست إيلي كوهن، ممثل مجلس مستوطنات الضفة والقطاع في حزب الليكود: "إن النتيجة الفورية لبناء ذلك الجدار هي وقوع عمليات ضد المستوطنين، إن الإرهاب لن يختفي مع بناء الجدار، بل سيجد عنواناً جديداً وهو المستوطنون، ووتيرة العمليات ستزداد وتتضاعف، إنهم يخدعون الجمهور، إنني أسمي هذا الجدار بجدار الوهم ".
أما في الجانب الإسرائيلي الآخر، في حزب العمل وما يسمى بأحزاب اليسار، فقد انطلقت الاحتجاجات من النظر إلى واقع هذا الجدار باعتباره تطبيقاً عملياً للفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني، وتهرباً من أي مشروع للتسوية السياسية مع السلطة الوطنية الفلسطينية وتكريس واقع الاحتلال والسيطرة على الفلسطينيين، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من المخاطر الأمنية المستقبلية.
كما يطرح معارضو فكرة الجدار جملة من الإشكالات الأمنية لبنائه مما يجعل فكرته غير ذات جدوى في الحيلولة دون عمليات المقاومة، ومن تلك الإشكالات:
أولا ً: أن المستوطنات التي ستبقى خارج الجدار ستكون هدفاً جيداً للمقاومة، وبالطبع يرد أنصار الجدار على ذلك بالقول إن الجيش سيتحرر من مهام البحث عن الفدائيين في الخضيرة والعفولة والقدس، وسيتفرغ لحماية تلك المستوطنات وسكانها، في حين يرد الآخرون بأن ذلك سيعني تكرار تجربة لبنان حين ترسل الأمهات أبناءهن للدفاع عن المستوطنات ثم يعودون في الأكفان، فيبدأ مسلسل جديد يضطر معه الجيش إلى إزالة تلك المستوطنات والانسحاب من المناطق.
ثانياً : ليس هناك جدار يقدم حلاً لمشكلة القدس والمناطق المكتظة بالسكان خصوصاً أن إمكانية تجنيد شبان فدائيين هناك ستبقى واردة.
ثالثا ً: تدل معطيات الأمن أن 95% من منفذي العمليات قد اجتازوا الخط الأخضر عبر المعابر وليس عبر الحقول المفتوحة.
رابعاً: ليس هناك جدار يمنع إطلاق نيران المدفعية، والأهم من ذلك هو حجم القوات المطلوبة لحراسة الجدار، وإذا لم يكن هناك حسم في ضرب من يقترب منه فلن يبقى طويلاً في مكانه.
خامساً : أن رجال المقاومة لن يواصلوا استخدام نفس الطرق العادية للدخول، بل قد يعمدون إلى أساليب جديدة مثل استخدام الشبان الفلسطينيين من عرب 48 أو حفر الأنفاق أو استخدام الهويات المزيفة أو وسائل الطيران الخفيفة، وهذه بعض الأدوات التي تحدث عنها مناهضو فكرة الجدار.
" أما اليسار الإسرائيلي فقد شن هجوما على لسان " أوري أفنيري " الذي طالب بالتخلص من عقلية "الجيتو"، وبإسقاط الجدار، وقال " إن وجود الجدار يبدو أنه يهدف استعراض القوة، فهو يعلن ننا أقوياء، نحن نستطيع أن نفعل كل ما نريد، سنسجن الشعب الفلسطيني في مناطق صغيرة، معزولة عن العالم، ولكن هذا اعتقاد خاطئ وفي الحقيقة، فإن هذا الجدار يعبر عن المخاوف اليهودية القديمة ففي العصور الوسطى، أحاط اليهود أنفسهم بجدران من أجل أن يشعروا بالأمان، قبل وقت طويل من اضطرارهم للعيش في غيتوهات، وأضاف إن الدولة التي تحيط نفسها بجدار ليست سوى دولة "غيتو"، "غيتو" قوي ومسلح ينشر الخوف في المنطقة، لكنه يظل "غيتو" يشعر بالأمان فقط خلف الجدران والأسلاك الشائكة وأبراج المراقبة، وأكد أننا "لن نتمكن من تحقيق السلام قبل أن نتغلب على عقلية الغيتو، وعلينا قبل كل شيء أن نتخلص من الجدار" . جريدة القدس 2003/9/6
" فيما اتهمت كتلة السلام الإسرائيلية حكومة إسرائيل بأنها تبدد الأموال من صندوقها الفارغ أصلاً على بناء المزيد من الجدران المضاعفة، وأن هذه الجدران لن تحقق السلام والهدف منها هو ضم المستوطنات إلى إسرائيل. وقالت : " أن برنامج الجدار، جاء من أجل التقدم في برنامج رئيس حكومة "شارون" وهو محاصرة الفلسطينيين ووضعهم في مناطق منقطعة، لغرض منع إقامة دولة فلسطينية، ذات مساحات متواصلة، على الأرض، وإغلاق كل إمكانية للتوصل إلى السلام " . جريدة القدس 2003/10/3
وهاجم مندوب حركة "السلام الآن" الإسرائيلية "درور اتكيس" بناء الجدار، مؤكداً أن مساره وفق ما يقترحه شارون يضمن تكريس الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، على امتداد أجيال قادمة، واعتبر أن من حق إسرائيل بناء الجدار الفاصل لتحمي نفسها، لكنه يتعين أن يكون مسار الجدار مطابقاً للخط الأخضر، لتقليص المصاريف، وقوات الجيش فضلاً عن الأسباب الديموغرافية والسياسية والأخلاقية التي تقتضي ذلك " . جريدة الحياة 2003/10/17
وبين هذه الانتقادات وتلك فان انتقال تقنية صناعة صواريخ القسام إلى الضفة الغربية وتوجيهها إلى العمق الإسرائيلي بعد استكمال الجدار يعد من الخيارات المحتملة التي قد تتبناها المقاومة الفلسطينية لا سيما مع استمرار الاجتياحات للضفة واستباحة مدنها ومخيماتها وقراها واستمرار سياسة الاغتيالات وتوسيع حملات الاعتقالات من مختلف الفصائل الفلسطينية وحالة الإحباط والتشاؤم إزاء جدوى المفاوضات الماروتينية الفلسطينية الإسرائيلية بعد مؤتمر انابوليس للسلام في نوفمبر من العام 2007 وتصريحات رئيس الوزراء اولمرت بين الحين والأخر من أن احتمالات التوصل لاتفاق سلام شامل مع الفلسطينيين حتى نهاية العام 2008 يعد امرأ مستبعداً مما يجعل سقوط البعد الأمني للجدار مسألة وقت ليس أكثر ما لم يتم التوصل قريباً إلى تسوية شاملة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي .
الفصل الرابع
انعكاسات الجدار على السكان الفلسطينيين
وعلى العملية السلمية
1.4 مقدمة
استنادا إلى المعلومات والبيانات والخرائط والإحصائيات الرسمية وغير الرسمية والمحلية والدولية ، فان جدار الفصل وبعد دخول المرحلة الثالثة والأخيرة من البناء واكتمال بناء أكثر من 570 كيلو متر من طول الجدار ، بعمقه داخل أراضي الضفة الغربية وكثرة تعرجاته والتواءاته ، ليضم اكبر عدد من المستوطنات الإسرائيلية غرب الجدار ، وتقسيم الضفة الغربية إلى عدد من الكانتونات والمعازل . فان هذا الجدار قد خلف آثارا كارثية على السكان الفلسطينيين على كافة الأصعدة الأمنية و الاقتصادية والمعيشية و الاجتماعية والنفسية .
هذا إلى جانب خطورة الجدار على مستقبل الدولة الفلسطينية المستقبلية التي أصبحت غير واضحة المعالم والحدود ولتصبح مفاوضات التسوية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي سرابا في نظر الشعب الفلسطيني المتعطش إلى الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
2.4 اثر جدار الفصل على التجمعات السكانية والقطاعات الحيوية
2.4 1. اثر بناء جدار الفصل على أراضي الضفة الغربية
يبقى تأثير الجدار على الأراضي من أخطر التأثيرات، فمصادرة الأراضي تعني مصادرة الحلم الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة، ومصادرة لقمة العيش لأصحاب الأرض، كما أنه يحول أصحاب الأراضي إلى غرباء .
" وبلغت مساحة الأراضي المصادرة من أملاك السلطة الوطنية حوالي 40460 دونماً ، تركز معظمها في محافظة جنين، بينما بلغت مساحة الأراضي المصادرة من الأملاك الخاصة، حوالي 124323 دونماً، تركز معظمها في محافظة القدس . تقرير الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني في اغسطس 2003
" ومعظم الأراضي المصادرة مزروعة بالزيتون، والتي قدرت مساحتها بحوالي 62623 دونماً، تليها المحاصيل الحقلية 18522 دونماً، ثم المراعي 9800 دونم، ثم الحمضيات 8008 دونمات . كما بلغت مساحة الأراضي المجرفة من أملاك السلطة الوطنية الفلسطينية حوالي 1296 دونماً، تركز معظمها في محافظة جنين، بينما بلغت مساحة الأراضي المجرفة من الأملاك الخاصة حوالي 21002 دونماً ، تركز معظمها في محافظة القدس حيث كان معظم الأراضي المجرفة مزروعة بالزيتون والمحاصيل الحقلية مثل الحمضيات . المصدر السابق
2.2.4 التجمعات السكانية والاراضي:
بلغ عدد التجمعات السكانية التي تمت مصادرة أراضيها من أجل بناء الجدار الفاصل، بقرار عسكري إسرائيلي، 26 تجمعاً، مقابل 18 تجمعاً سكانياً، عن طريق وضع اليد على الأراضي في هذه التجمعات. فقد أظهرت نتائج مسح نفذه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في سبتمبر 2003 كما أفادت النتائج أن 31 تجمعاً سكانياً تمت مصادرة أراضيها بالطريقتين.
وأشارت نتائج المسح إلى أن مجموع الأسر التي هجرت من التجمعات التي مر الجدار من أراضيها بلغ 402 أسرة، منها 112 أسرة من محافظة جنين وحدها، بينما بلغ عدد الأفراد الذين تم تهجيرهم 2323 فرداً من التجمعات التي مر الجدار من أراضيها، وبلغ عدد الذكور المهجرين 1138 فرداً.
وبلغ عدد الأسر التي أصبحت غرب الجدار (بين الجدار الفاصل والخط الأخضر) 12482 أسرة، منها 1119 أسرة، في محافظة طولكرم وحدها بينما بلغ عدد الأفراد الذين أصبحوا غرب الجدار 42092 فرداً.
وبينت النتائج أن مجموع المباني التي أصبحت داخل الجدار (بين الجدار الفاصل والخط الأخضر) 2438 مبنى، منها 982 مبنى في محافظة طولكرم وحدها، بينما بلغ عدد المباني المدمرة بشكل كلي 10 مبان، حيث بلغت مساحتها 810 أمتار مربعة، وقدرت قيمتها بحوالي 129 ألف دولار أمريكي، مقابل 14 مبنى تضررت بشكل جزئي، حيث بلغت مساحتها 260 متراً مربعاً، وقدرت قيمتها بحوالي 52 ألف دولار أمريكي.
أما منظمة "بتسيلم" فذكرت " أن حياة نحو 875 ألف فلسطيني ستتأثر بشكل مباشر من الجدار، الذي سيعزل 236 ألف فلسطيني داخل جيوب، من بينهم 115 ألف سيصبحون معزولين ما بين الجدار الفاصل شرقاً والخط الأخضر غرباً " .جريدة الأيام 2003/11/7
وتتجلى الآثار السلبية المترتبة على إقامة الجدار في تهجير السكان في مدينة القدس حيث سيتسبب الجدار في تخفيض عدد السكان العرب داخل المدينة، والحفاظ على ما تسميه بالتوازن الديمغرافي، وهذا ما أكدت عليه "جيكامونتل" المديرة العامة لمركز المعلومات "بيتسيلم" حيث قالت " أنه لهذا السبب عملت إسرائيل على ضم أراضي قرية النعمان شرق بيت لحم، والتي تتاخم حدودها مدينة القدس، بقصد تهجير سكانها بالقوة " . جريدة القدس 2003/9/17
" وأكد فؤاد الحلاق، وهو خبير ومحلل الخرائط في الطاقم التقني لدائرة شؤون المفاوضات – ملف القدس – " بأن حكومة شارون عمدت ومنذ 3 سنوات إلى أيجاد واقع حول مدينة القدس لا يمكن تغييره من خلال النشاطات الاستيطانية والشوارع الالتفافية، وأخيراً جدار الفصل العنصري، لتحويل المستوطنات القريبة من القدس العربية إلى أحياء يهودية والمكونة من 31 مستوطنة (11منها داخل الحدود البلدية الحالية و20 خارجها) والتي يبلغ عدد المستوطنين فيها حالياً حوالي ربع مليون نسمة " . نفس المصدر
وحسب ما تؤكد بتسيلم " فإن الجدار سيفصل حوالي 200 ألف فلسطيني من القاطنين في شرق القدس، عن باقي قرى وبلدات الضفة . جريدة الأيام 2003/11/7
3.2.4 تأثير جدار الفصل على الحياة اليومية للفلسطينيين:
يمر الجدار العازل بأراض الضفة الغربية مما يعني أنه سيؤثر على الحياة 210000 فلسطيني يسكنون 67 قرية ومدينة بالضفة الغربية ويكن اظهار هذه المعاناة كالتالي :
1- هناك 13 تجمعا سكانيا يسكنه 11,700 فلسطيني سيجدون أنفسهم سجناء في المنطقة ما بين الخط الأخضر و الجدار العازل.
2- وجود جدار مزدوج أي جدار أخر يشكل عمقا للجدار العازل الفاصل سيخلق منطقة حزام أمني الأمر الذي سيجعل من 19تجمعا سكانيا يسكنه128,500 فلسطيني محاصرين في مناطق وبؤر معزولة.
3- سيؤدي إقامة هذا الجدار العازل إلى إعاقة حرية حركة الفلسطينيين وقدرتهم الوصول إلى حقولهم أو الانتقال إلى القرى والمدن الفلسطينية الأخرى لتسويق بضائعهم ومنتجاتهم.
4- سيؤدي بناء الجدار العازل إلى الفصل بين 36 تجمعا سكانياً شرق الجدار يسكنه 72,200 فلسطيني وبين حقولهم وأرضهم الزراعية التي تقع غرب الجدار العازل.
5- " إنشاء الجدار العازل سيعيق وصول سكان المناطق الفلسطينية الريفية إلى المستشفيات في مدن طولكرم وقلقيلية والقدس الشرفية لأن هذه المدن ستصبح معزولة عن باقي الضفة كما أن نظام التعليم الفلسطيني سيتأثر أيضا من جراء هذا الجدار العازل الذي سيمنع المدرسين والتلاميذ من الوصول إلى مدارسهم خاصة وأن المعلمين يصلون من خارج هذه القرى . سيجد حوالي 14,000 فلسطيني من 17 تجمع سكاني أنفسهم محاصرين بين الجدار العازل و الخط الأخضر وحوالي 20,000 فلسطيني في الشمال من حوالي 3175 عائلة سيجدون أنفسهم في شرق الجدار بينما أرضهم الزراعية تقع إلى الغرب من هذا الجدار " .الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني
4.2.4 اثر الجدار على قطاع الزراعة
أدى بناء الجدار الأمني لغاية الآن إلى تدمير ما يقارب من 100 ألف شجرة زيتون وليمون و75 فداناً من الدفيئات و23 ميلاً من أنابيب الري . جريدة القدس 2003/9/30
وسيتسبب الجدار أيضاً في مصادرة الأراضي الزراعية، وتجريفها وتقييد المواطنين، وإلى خسارة 500-600 وظيفة، وكذلك تدمير صناعة زيت الزيتون بعد أن كانت هذه المنطقة تنتج 22 ألف طن من زيت الزيتون كل موسم، وكذلك سيتأثر إنتاج هذه المنطقة الذي كان يصل 50 طناً من الفاكهة و1000 طن من الخضروات . كما ستمنع حوالي 10000 من الماشية من الوصول إلى المراعي التي تقع غرب الجدار العازل.
وتبلغ نسبة الأراضي المروية التي أقيم الجدار حتى الآن على أراضيها في مرحلته الأولى 5% من مساحة الضفة الغربية، لكن مساهمة هذه النسبة المتواضعة في الإنتاج الزراعي للضفة تساوي 52% في وقت تعد مناطق شمال الضفة من أهم المناطق المروية في فلسطين.
" ويؤكد مركز بتسيلم بأن الجدار سيفصل المزارعين في 71 قرية وبلدة فلسطينية عن أراضيهم الزراعية[14]. كما سيدمر 83000 شجرة و37 كم من شبكات الري و15 كم من الطرق الزراعية ويعزل 238.350 دونماً . تقرير مركز غزة للحقوق والقانون نوفمبر 2003
5.2.4اثر الجدار على المنشآت الاقتصادية الفلسطينية
بلغ عدد المنشآت الاقتصادية التي أصبحت داخل الجدار (بين الجدار الفاصل والخط الأخضر) 750 منشأة، منها 473 منشأة في محافظات طولكرم وحدها بينما بلغ عدد المنشآت المدمرة بشكل كلي 27 منشأة، وبلغت مساحتها 11500 م2، وقدرت قيمتها بحوالي 130 ألف دولار أمريكي، وقد بلغ عدد العاملين فيها 80 فرداً.
وبصفة عامة فقد أدى بناء الجدار إلى أربعة عواقب اقتصادية رئيسية هي: فقدان الموارد الاقتصادية ، عمليات المصادرة الدائمة للموارد الاقتصادية ، أو إتلاف الموارد الاقتصادية أو تعذر استخدام الموارد الاقتصادية . و أدت جميعها إلى فقدان دائم للموارد الاقتصادية.اضافة إلى ضياع الاستثمار المحتمل حيث أدت الشكوك التي تحف بمستقبل المناطق الواقعة خارج الجدار إلى تناقص فرص الاستثمار الاقتصادي.
كما وتشكل الشكوك معضلات خاصة للمنتجين الزراعيين، فلا يدرون إن كانوا سيزرعون على الإطلاق، ومشاكل في اختيار المحاصيل التي سيزرعونها، ومستوى الاستثمار في الزراعة . ويضر فقدان الاستثمار المحتمل بالمناطق الواقعة خارج الجدار نتيجة لتعذر الوصول إليها ولزيادة خطورة تدميرها، وكذلك بالنسبة للمناطق التي لا تزال داخل الجدار، حيث أنها أصبحت جيوباً معزولة دون أية إمكانية للرخاء الاقتصادي. وحتى لو أراد مستثمر أن يستثمر في المنطقة المغلقة، فان القيود الإسرائيلية ستجعل هذا الاستثمار مستحيلاً من الناحية العملية.
ومن الآثار الكارثية أيضا زيادة تكاليف صفقات الخضار والفواكه نظراً لصعوبة أو عدم وصول الناس ـ بحاجة لتصاريح والمرور من خلال البوابات ـ والسلع بحاجة إلى نقلها من شاحنة إلى أخرى إثناء الشحن فأصبحت تكاليف النقل والإنتاج, الزراعية تزداد وفقاً لمتوالية هندسية .
كما أدت المرحلة الأولى والثانية من بناء الجدار إلى زيادة معدلات البطالة في المناطق الفلسطينية، خارج الجدار وداخله على حد سواء. وإجمالا فقد أدت العواقب الاقتصادية المذكورة أعلاه، المترتبة على الجدار وعلى السياسات المصاحبة له، مجتمعه إلى حرمان الفلسطينيين من قدرتهم على استخدام أصولهم الاقتصادية، وتحديد سياساتهم الاقتصادية وتسبب في زيادة الفقر لدى السكان. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني سبتمبر 2003
6.2.4اثر الجدار على قطاع التعليم قطاع التعليم
" تشير التوقعات إلى أن اكتمال بناء الجدار سيؤدي إلى إلحاق الضرر بـ 170 ألف طالب في 320 مدرسة سيكونون خارج الجدار فيما سيرتاد أكثر من نصفهم مدارس داخل الجدار، خاصة في المرحلة الأساسية العليا " .جريدة الأيام 2003/12/24
" ولعل مصادرة أراض من جامعة القدس لصالح الجدار الفاصل، كانت مثالاً صارخاً على الاستهتار الإسرائيلي بمؤسسات المجتمع الفلسطيني التعليمية، إلا أن هذا القرار جوبه باستنكار حتى من قبل الإسرائيليين، حيث أصدر طلبه الجامعة العبرية بياناً استنكروا فيه قرار حكومتهم، كما تضامن أكثر من 30 بروفيسوراً ومدرساً ومحاضراً من الجامعة العبرية مع المعتصمين الفلسطينيين في جامعة القدس " . جريدة القدس 2003/9/20
7.2.4الآثار الاجتماعية لبناء الجدار
تتركز الآثار الاجتماعية المترتبة على بناء جدار الفصل العنصري، في مجال الخدمات بشكل عام، حيث سيتسبب الجدار في عزل التجمعات الفلسطينية المتضررة وما ينجم عن ذلك من تقييد للحركة والتنقل، وإنشاء هذه الجيوب يتزامن مع بنية تحتية غير كافية، ومع توزيع غير متكافئ لخدمات " الأونرا " والمنظمات غير الحكومية مقارنة مع مناطق الضفة الغربية الأخرى.
وبالنسبة لفصل التجمعات التي يمر الجدار الفاصل من أراضيها عن الخدمات الأساسية التي يستفيد منها الأهالي بشكل يومي، تشير نتائج مسح الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حول الجدار الفاصل،" بأن 30 تجمعاً تم فصلها عن المراكز الصحية و22 تجمعاً تم فصلها عن المدارس، و11 تجمعاً تم فصلها عن بدالة الهاتف و8 تجمعات تم فصلها عن المفتاح الرئيس لشبكة المياه، و3 تجمعات تم فصلها عن المحول الرئيس لشبكة الكهرباء ".الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أغسطس 2003
وحسب المشاهدة فان القرى الواقعة بين الجدار والخط الأخضر، هي أكثر التجمعات تضرراً بعد أن كانت بحكم موقعها الأكثر ازدهاراً من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية.
8.2.4 اثر الجدار على السياحة والآثار
ألحق جدار الفصل العنصري أضراراً بالغة بقطاع السياحة والآثار؛ سواء الأضرار التي لحقت بالمواقع الأثرية أو بالحركة السياحية لبعض المواقع الأثرية، فبالنسبة للآثار التي لحقت بالمواقع الأثرية، تشير التقارير الحكومية وغير الحكومية أن الجدار سيبتلع الكثير من المناطق والمواقع الأثرية التاريخية والأثرية الفلسطينية، وسيقلل من أهمية المقاصد والمدن السياحية خاصة مدن بيت لحم، القدس، الخليل .
ومن المواقع الأثرية التي وقعت في نطاق الجدار، موقع الذهب الواقع شمال مدينة جنين الذي يحوي مقتنيات أثرية، تعود للفترة الرومانية والبيزنطية، كما أن عشرات المواقع الأثرية يواجهها ذات المصير في منطقة الجدار الملتف حول مدينة القدس، مما يسمح لفرق تابعة لسلطات الاحتلال بإجراء تقنيات عاجلة في موقع "صوانة صلاح" إلى الشرق من بلدة أبو ديس، لا تتفق مع التقاليد العلمية للعمل الأثري، ومحيط مسجد بلال بن رباح والمقبرة الإسلامية، ودوائر الأوقاف الإسلامية عن باقي أجزاء مدينة بيت للحم إضافة لفصل مدينتي بيت لحم والقدس، اللتين تشكلان أحد أبرز المقاصد السياحية الرئيسة في فلسطين . تقرير مركز غزة للحقوق والقانون نوفمبر 2003
كما تسبب الجدار في إعاقة الحركة السياحية بين المدن الواقعة في الشمال والجنوب خاصة مدن الناصرة ورام الله ونابلس وجنين، إضافة إلى عزل منطقة أريحا والبحر الميت، وإلحاق الدمار بعشرات المواقع الأثرية، وأهمها عيون الماء القديمة، والخرب الأثرية في منطقة حوسان غرب مدينة بيت لحم ومنها: خربة حمود وخربة قديس، وخربة الكنيسة، وخربة دير نعل . كما أن الإغلاق الإسرائيلي لمدن القدس وبيت لحم سيقلل من الحركة السياحية لمدينة بيت لحم، وسيعني فقد الآلاف من الأسر الفلسطينية للدخل الاقتصادي، خاصة وأن 65% من العائلات في مدينة بيت لحم تعتمد على دخل السياحة.
وحذر النائب زياد أبو زياد، " أن مرور جدار الفصل العنصري ببلدة العيزرية في القدس الشرقية من شأنه تدمير مقبرة الشهداء وهي مقبرة تاريخية، تضم رفات مقاتلين مسلمين منذ عهد صلاح الدين الأيوبي " . جريدة القدس 2003/10/4
وأفاد بيان لوزارة السياحة والآثار، صدر في أكتوبر2003 " أن أعمال التنقيب التي جرت أظهرت دلائل أثرية تتكون من بقايا غرف وجدران، وأرضيات فسيفسائية تتشكل من رسومات هندسية ونباتية وحيوانية حمل بعضها رسماً للصليب، كما تم الكشف عن معصرة للزيت وأخرى للعنب، وقنوات منحوتة في الصحراء وآبار جمع للمياه ومقاطع صخرية، كما تم العثور على مقبرة قريبة تتشكل من أحد عشر لحداً عثر فيها على عظام بشرية وعطايا جنائزية، وتدل الآثار المكتشفة عموماً على بقايا دير بيزنطي يقع على المشارف الشرقية لجبال القدس " جريدة الأيام 2003.10.26
وجاء في البيان " أن أعمال التدمير مخالفة لقانون الآثار الذي يشترط فحصاً للأرض قبل المباشرة في أية أعمال للتجريف والبناء، وهو إجراء احترازي لم تلتزم به سلطات الاحتلال، ويعتبر هذا من واجبات السلطة المحتلة، ومخالف لقانون الآثار رقم 51 لسنة 1966 المعمول به في الأراضي الفلسطينية، ولاتفاقية لاهاي لسنة 1954 لحماية التراث الثقافي أثناء النزاع المسلح، وتلزم الاتفاقية إسرائيل كقوة محتلة بحماية التراث الثقافي وتدين أية عمليات تدمير متعمدة للتراث الثقافي باعتبارها جريمة حرب، وتعتبر أعمال التدمير الجارية مخالفة للاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي والطبيعي لسنة 1972 " . نفس المصدر
9.2.4 اثر الجدار على المياه
تحوي الضفة الغربية أجود وأوفر مخزون مياه جوفيه، حيث أن أرضها صخرية لا تسمح بتسرب المياه، كما أن بعدها النسبي عن البحر ساعد على ارتفاع درجة نقاء المياه التي لا تتأثر بملوحة مياه البحر، ولهذا السبب ظلت عين إسرائيل على المخزون الجوفي للمياه في الضفة الغربية، وعلى كيفية استغلاله، وحرمان أصحابه من الاستفادة منه ، ولعل بناء الكثير من المستوطنات في الضفة الغربية جاء لتحقيق هذا الهدف .
ومع بناء الجزء الأكبر من جدار الفصل تكون إسرائيل قد قطعت شوطاً واسعاً في مصادرة المخزون الجوفي من المياه للشعب الفلسطيني، " وهذا ما أكدت عليه سلطة المياه الفلسطينية من أن إسرائيل ببنائها الجدار الفاصل ستحرم الشعب الفلسطيني من 12 مليون متر مكعب من مياه الحوض الغربي، أهم الأحواض المائية الجوفية في الضفة الغربية، حيث تقدر طاقته المائية بـ 400 مليون متر مكعب " . جريدة الأيام 2003/9/5
وأكدت سلطة المياه " أن نصيب الفلسطينيين من هذا الحوض كان يبلغ 22 مليون متر مكعب، وببناء الجدار ستتقلص هذه الكمية إلى 10 ملايين متر مكعب فقط . وأن إسرائيل تستغل الآبار الواقعة بمحاذاة الجدار من الجهة الشرقية لدوافع تصفها بالأمنية، وتم فقد 40 بئراً تقع بين الجدار الفاصل والخط الأخضر كانت تستغل لـ 32 ألف مواطن يقطنون في هذه المنطقة ومحيطها " . نفس المصدر
فيما " أكدت لجنة برلمانية إسرائيلية قامت بتقييم الأوضاع المائية في إسرائيل في تقرير رفعته للكنيست مارس 2003 بضرورة اتخاذ إجراءات عملية لمنع الفلسطينيين من الاستفادة من مياه الأحواض المائية الجوفية. حيث تقوم اسرائيل بانتزاع أكثر من %85 من المياه الفلسطينية من الطبقات الجوفية أي حوالي 25% من استخدام إسرائيل للمياه " . تقرير مركز غزة للحقوق والقانون شهر نوفمبر 2003
10.2.4الأثر النفسي للجدار العنصري
أعرب كثيرون من الفلسطينيين عن شعور بفقدان الأمل لمستقبل قراهم. " وتدل الدراسات الأولية على أن الآثار النفسية للجدار على المتضررين تتضمن الاكتئاب والشعور بالقلق والقنوط والشعور بالعزلة والتفكير في الانتحار وأعراض الاضطراب النفسي الناتج عن الإجهاد بعد الصدمة. وقد نتجت هذه الآثار عن عدم وجود نظم دعم اجتماعية نتيجة للعزلة، والعلاقات الاجتماعية المحدودة، لأن الناس أصبحوا محصورين في بيوتهم، وتفكك الأسر والعلاقات الاجتماعية وزيادة البطالة والفقر " مركز الاستشارات النفسية الفلسطيني شهر 11/2003
11.2.4 الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري
وبعد التطرق إلى مدى المعاناة التي لحقت بالسكان الفلسطيني جراء بناء الجدار على أراضيهم المصادرة كان لا بد من الإشارة إلى الحملة الشعبية لمقاومة الجدار وما كان لها من اثر كبير في معارضة مسار الجدار ورفع القضايا على الحكومة الإسرائيلي بشأن تعديل الجدار كما حدث في بلعين فضلا عن دعوة الوفود الأجنبية التي أتت إلى الأراضي الفلسطينية وأعلنت تضامنها مع الفلسطينيين ضد جدار الفصل .
بدأت الحملة بمبادرة من شبكة المنظمات البيئية الفلسطينية غير الحكومية PENGON عبر مؤسساتها التي بدأت بالعمل على الجدار منذ بدايته في أكتوبر 2002، حيث انطلقت الحملة في محاولة لمواجهة جدار الفصل العنصري الذي تقوم إسرائيل ببنائه وفضح الأهداف التي تحاول حكومة الاحتلال تحقيقها من خلاله على حساب الشعب الفلسطيني وأرضه.
والحملة عبارة عن حملة شعبية تقوم في الأساس على عمل الفئات واللجان الشعبية التي تنظم نفسها ضد جدار الفصل العنصري، وانطلاقا من القاعدة الشعبية كأساس للحملة فإنها لا تتبنى منهج حزب سياسي معين و لا تتبع في سياستها وبرامجها لأية منظمة، الحملة وجدت لمقاومة جدار الفصل العنصري وكل من يعمل في الحملة يعمل ضمن هذا الهدف، مع ذلك فإن الحملة تتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية في التحرر من الاحتلال الاستقلال الناجز وحق العودة، وتعتبر أن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية عادلة ومطالبه حقوق مشروعة لابد أن تسترد كاملة دون أية مساومات. و ترى الحملة أن هذا الجدار لا يمكن أن يسمى سوى جدار فصل عنصري، وأنه استمرار للاحتلال والتوسع الاستعماري للمستوطنات الإسرائيلية وترحيل للفلسطينيين عن أرضهم.
إما الهدف الرئيسي من الحملة فهو العمل على وقف الجدار من خلال :
1. القف الفوري لبناء الجدار.
2. هدم ما بُني منه وما لحق به من منشآت.
3. إعادة الأراضي المصادرة لأغراض بناء الجدار.
4. التعويض عن الأضرار والتخريب الذي لحق بالأراضي والمزارعين، والخسائر في تراجع دخولهم بفعل تدمير الأرض والممتلكات.
5. تنظيم صفوف المزارعين ضمن لجان في كافة المواقع التي تتأثر بالجدار لتقوم بتنظيم العمل في مواقعهم، والاهتمام باحتياجات المواطنين المتضررين من مزارعين وغيرهم.
6. جمع المعلومات بشكل متواصل عن تداعيات سير العمل في الجدار لاستخدامها لأغراض الحملة سواء للصحافة والإعلام أو لأغراض الحشد والتضامن أو للتوعية المحلية والخارجية عن الجدار وتداعياته.
7. تنظيم حملات التوعية المحلية في كافة أرجاء الوطن عن الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية للجدار على مستقبل الشعب الفلسطيني.
8. الضغط على المستوى السياسي الفلسطيني لوضع قضية الجدار على سلم الأولويات، ووضع مطلب وقف الجدار كأحد أهم الشروط قبل الدخول في أي مفاوضات جديدة مع الإسرائيليين.
9. تفعيل المجلس التشريعي والقوى والفعاليات السياسية للتحرك لدعم هذا التوجه.
10. دعم المواطنين والمزارعين وتثبيتهم في أرضهم المعزولة والمهددة بالمصادرة والعمل مع الهيئات والوزارات الرسمية من أجل توفير الخدمات والدعم اللازم لذلك.
أما المنظمات غير الحكومية المشكلة للحملة فهي :
اتحاد لجان العمل الصحي/ اتحاد لجان الإغاثة الصحية/ المؤسسة الفلسطينية للتبادل الثقافي/ اتحاد لجان العمل الزراعي/اتحاد المزارعين/اتحاد لجان الإغاثة الزراعية/ مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين/ مركز معاً التنموي/ جمعية الشبان المسيحية- جمعية الشابان المسيحية/مركز القدس للمساعدة القانونية/ مركز أبحاث الأراضي/ مركز البحوث التطبيقية( أريج).
3.4 تأثير الجدار العنصري على عملية التسوية وقضايا الوضع النهائي
من شأن هذه التغيرات التي يرسمها بناء الجدار العازل على خريطة الضفة الغربية خلق واقعاً جديداً على الأراضي ، سيؤدي بشكل مباشر على عملية التسوية قضايا الوضع النهائي المتمثلة في الحدود و القدس والمياه والمستوطنات .
" ومع قرب الانتهاء من استكمال الجدار فان إسرائيل قد أغلقت اكبر الملفات لديها وهو ملف الاستيطان, القدس والحدود ورسمت حدودها وضمت مستعمراتها وبذلك تحصل على أغلبية الأراضي المحاذية للخط الأخضر من الشمال إلى الجنوب بحيث تتجاوز هذه المساحه700كم2وتشكل اكثرمن12% من مساحة الأراضي الفلسطينية " الباحث وليد أبو محسن / مركز أبحاث ألأراضي / جمعيه الدراسات العربية .
ولم تكتف المخططات الجديدة عند هذا الحد بل إن شارون أراد ربط خطط الفصل الحالية بخططه القديمة " ويندرج هذا كله ضمن مخطط شارون الذي وضع خطته قبل عشرين عاما عندما كان وزيرا ونفذها في فترة حكومته .
" وعلاوة على ذلك فان منطقة الأغوار بالنسبة لشارون تشكل خط احمر وخط المواجهة الأول, فبالإضافة إلى خطته السابقة فقد أعاد هذه الأيام السيناريو السابق بضم الأغوار والسفوح الشرقية للضفة الغربية وهي تشكل أكثر من 1000كم مربع أي حوالي 17% من الأراضي الفلسطينية وبذلك يضمن على اقل 30% من مساحة الضفة الغربية, وتبقى المساحة المتبقية تشكل الدولة العتيدة للفلسطينيين مكونه من قسمين لا يربطهما أي تواصل جغرافي وكل منهما مجزأ إلى كانتونات محرومة من الكينونة الإقليمية " . المصدر السابق
1.3.4 مستقبل مدينة القدس الشرقية
إن أول ما تستهدفه خطة بناء الجدار هي القدس حيث سيخلق جدار الفصل واقعاً جديداً للمدينة بهدف تهويدها وعزلها وتحويل أحيائها إلي مناطق سكنية بين مستوطنات كبيرة وبؤر استيطانية كما يطوق القدس ويحيط بها وسيؤدي في حالة إتمامه إلي أن تصبح القدس محاطة بالمستوطنات والمناطق اليهودية من كل جوانبها بحيث يصعب تصورها كعاصمة للدول الفلسطينية .
كما سيؤدي هذا الجدار إلى تحقيق نظرية القدس الكبرى وخنق تطور القدس الفلسطينية ويمنع امتدادها الطبيعي إضافة إلى ضم أحياء "معالية أدوميم" و "جبعات زئيف" وجميع المستوطنات الواقعة خارج بلدية القدس كما سيؤدي إلى إخراج قرى ومناطق فلسطينية من حدود بلدية القدس وبهذه الطريقة تتخلص إسرائيل من السكان الفلسطينيين في المدينة.
أما بالنسبة لقضية المياه سيكون للجدار تأثيراً بالغاً على حرمان الفلسطينيين من مصادر المياه حيث أن الأراضي التي سيتم مصادرتها من أجل تنفيذ المرحلة الأولى فقط من مشروع الجدار العازل تضم ما يزيد على 50 بئراً من المياه جوفية وتوفر هذه الآبار 7 ملايين متر مكعب من المياه ولكن بعد إنشاء الجدار العازل سيتم حرمان الفلسطينيين منها أو على الأقل سيكون حصولهم عليها صعبا كما يفصل الجدار ما بين مصادر المياه وشبكات الري من ناحية وبين الأراضي الزراعية من ناحية أخري ، فقد قامت الآلات الإسرائيلية في إطار إعداد الأرض لإقامة المشروع بتدمير 35.000 متر من أنابيب المياه التي تستخدم للري والزراعة والاستخدامات المنزلية .
2.3.4 قضية الحدود
وعلى صعيد قضية الحدود فيعمل جدار الفصل على ترسيم الحدود على ارض الواقع فعلى الرغم من نفى المسئولين الإسرائيليين أن الجدار سيشكل حدودا نهائية لإسرائيل ، ألا أن التكلفة الهائلة للمشروع التي تصل إلى أكثر من نصف مليار شيكل وحجمه الضخم ومساراته التعرجية في العمق الفلسطيني ، يتنافى مع فكرة أنه إجراء مؤقت وسيتم إزالته بعد التوصل إلى تسوية بشأن الحدود في مفاوضات الوضع النهائي ، كما أن شكل الجدار وما سوف يضمه من مستوطنات داخل إسرائيل وما به من أبراج مراقبة وأجهزة إنذار إلكترونية وبوابات ضخمة ودوريات للشرطة والأمن ونقاط تفتيش ومعابر ووحدات عسكرية على طول الجدار يمنحه بالفعل صفة ومظهر الحدود الفعلية .
ومع ذلك عمدت إسرائيل في بعض المناطق الفاصلة إلى إقامة الجدار بشكل يختلف عن بنية الجدار الأساسية ـ سالفة الذكر ـ والاقتصار على إقامة السياج من الأسلاك الشائكة أو الكتل الاسمنيتة التي يتم تركيبها جنبا إلى جنب ولم تتسن للدراسة تحديد التنوع في بنية الجدار بشكل دقيق بسبب معوقات الحصار من جهة والتعديلات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية على الجدار من جهة أخرى .
ولعل هذه الاختلاف في بنية الجدار قد يوحي بأن المجال في إعادة رسم الحدود لا يزال مطروحا في بعض المناطق مع إمكانية اللجوء إلى فكرة تبادل الأراضي التي طرحت في مفوضات كامب ديفيد الأخيرة عام 2000 بين باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق والرئيس الراحل ياسر عرفات . لكن ذلك لن يتأتى في ظل الانقسام الفلسطيني والضعف العربي والانحياز الأمريكي ، وعجز الأمم المتحدة عن الاضطلاع بدورها في وقف الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي ولحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطيني ، وان كان الموقف الأوروبي يستطيع أن يلعب دورا ضاغطا في هذا الاتجاه أكثر من غيره .
3.3.4 مستقبل المستوطنات
أما قضية المستوطنات فان بناء الجدار العازل يعتبر حلا مرضيا لعدد كبير من المستوطنين إذ سيؤدي إلى ضم (57) مستوطنة من مستوطنات الضفة الغربية و 303 ألف مستوطن إلى إسرائيل ،وتعد هذه المستوطنات من المستوطنات الكبيرة التي من المزمع التوصل إلى تسوية بشأنها في مفاوضات الوضع النهائي.
" و يعتبر تجمع معاليه أدوميم من أخطر التجمعات الاستيطانية الموجودة في الضفة الغربية و ذلك لكونها موجودة ضمن محافظة القدس فضلاً عن أنه يشكل خطراً جغرافياً على تواصل جنوب و شمال الضفة الغربية و عازلاً لمنطقة القدس عن باقي محافظات الضفة مما يشكل عائقاً أمام تطلعات الشعب الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة ذات تواصل جغرافي عاصمتها القدس الشريف. و مع بداية المشروع الإسرائيلي لعزل الضفة الغربية و تقطيع أوصالها من خلال بناء جدار الفصل العنصري حظيت منطقة تجمع معاليه ادوميم باهتمام خاص من قبل اللجنة القائمة على مسار الجدار و ذلك لخصوصية الموقع و تقاربها المستمر مع الجزء الشرقي من مدينة القدس حيث تم وضع خطط جديدة تحت مسمى E 1 يهدف لبناء تجمع سكاني جديد تابع لمستوطنة معاليه أدوميم يهدف إلى ربط المستوطنة مع قلب المدينة و في نفس الوقت قطع الطريق على القرى و البلدات الفلسطينية الموجودة هناك (أبو ديس, العيزرية, الطور, العيسوية و عناتا) من حقوقها التاريخية في التوسع العمراني, هذا بالإضافة إلى خلق حزام عمراني إسرائيلي عائق أمام وجود مناطق اتصال جغرافية طبيعية بين الشمال و جنوب الضفة الغربية " . معهد الأبحاث التطبيقية / أريج / القدس نوفمبر 2004 .
4.4 تأثير الجدار على شكل الدولة الفلسطينية المستقبلية
مع استمرار البناء في المرحلة الأخيرة من جدار الفصل ، فان خريطة الضفة الغربية وقطاع غزة ستقسم إلى ستة معازل رئيسية ، هي المعزل الشمالي ويضم جنين وطولكرم و قلقيلية ونابلس ، ومعزل الوسط ويضم سلفيت ورام الله ، والمعزل الجنوبي ويضم الخليل وبيت لحم ، ومعزل القدس ، و معزل الغور ، إضافة إلى معزل قطاع غزة .
وقد صرح شاؤل موفاز وزير الجيش الإسرائيلي الاسبق في مارس 2003 " بأن الحكومة الإسرائيلية تبلور رؤية لدولة فلسطينية مقسمه إلي سبع كانتونات في المدن الفلسطينية الرئيسية كلها مغلقة من قبل الجيش الإسرائيلي ومعزولة عن باقي أراض الضفة الغربية التي ستصبح تابعة لإسرائيل " . نقلا عن صحيفة الجارديان البريطانية
وعليه فإن مشروع الجدار العازل سيقسم الضفة الغربية إلى كانتونات منفصلة عن بعضهما البعض وعن باقي أراضي الضفة كما سيؤدي بناء الجدار إلى مصادرة مساحة كبيرة من الأراضي الفلسطينية وضمها لإسرائيل ، حيث يتركز مشروع الجدار العازل على إقامة حزامين عازلين طوليين حزام في شرق الضفة بطول غور الأردن وحزام آخر غرب الضفة على طول الخط الأخضر بعمق 5-10 كيلو متر وكذلك إقامة أحزام عرضية بين الحزامين الطوليين وتكون بمثابة ممر بين منطقة جنوب "طولكرم" ومنطقة "نابلس" حتى غور الأردن مما يؤدي إلى تقسيم المناطق الفلسطينية إلى 4 كتل رئيسية جنين _ نابلس ورام الله وبين بيت لحم والخليل . وتهدف هذه إلى خلق فاصل مادي بين كتل المناطق تحت السيطرة الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية وبين المناطق الفلسطينية مع بقاء المستوطنات على حالها .
كما يطوق الجدار العازل مدن طولكرم وقلقيلية والقدس بالكامل ويعزلها عن محيطها الطبيعي في الضفة الغربية وبذلك تنجح إسرائيل في عزل مناطق تركز السكان الفلسطينيين عن بعضها البعض وتقيد حرية التنقل والحركة للفلسطينيين ناهيك عن نزوح الآلاف من سكان المناطق المتاخمة للجدار هناك .
بالإضافة إلى تقسيم الضفة إلى كانتونات منفصلة سيؤدي بناء الجدار إلي مصادرة مساحة كبيرة من الأراضي المحتلة تصل إلي أكثر من 23% من أجمالي مساحة الضفة الغربية حيث سيتم ضم 11 قرية فلسطينية واقعة بين الجدار العازل والخط الأخضر إلى إسرائيل علما بأن سكانها البالغ عددهم 26.000 فلسطيني لن يمنحوا الهوية الإسرائيلية ولكن ستصدر لهم تصارح خاصة لدخول الضفة الغربية.
كما ستفرض إسرائيل سيطرتها على 21 قرية فلسطينية أخرى وراء الجدار العازل باعتبارها منطقة عسكرية فالمنطقة العازلة المقترحة والتي ستمتد لمسافة 140كم سوف تضم 20 قرية فلسطينية منهم 14 قرية تصنف في المنطقة (ب) والتي تخضع لسيطرة فلسطينية – إسرائيلية مشتركة ويبلغ عدد سكان هذه المنطقة 40.000 فلسطيني يعملون بشكل أساسي في الزراعة ، وسوف يجد هؤلاء أنفسهم محاصرون يلزمهم الحصول على تصاريح إسرائيلية للذهاب لحقولهم وسيكون مربوطين كلياً بجهاز الأمن الإسرائيلي من أجل إدارة حياتهم حيث تستغل اسرائيل قدرتها على تقييد حركة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة من أجل تحقيق أهداف مرفوضة .
ولم تكتف إسرائيل ببناء الجدار العازل بل شرعت أيضا في إنشاء أسوار إلكترونية مكهربة يبلغ ارتفاعها 3.5م حول المناطق (أ) من الضفة الغربية التي تخضع بالكامل للسلطة الفلسطينية كما تخلق مناطق عسكرية عازلة تؤدي لفصل المناطق (أ) عن بعضها البعض لتخلق على الأرض(13جيتو) تجمعات إسرائيلية منفصلا .
انه في ظل هذه التغيرات في خريطة الضفة الغربية اثر بناء الجدار والأحزمة الأمنية و البوابات العسكرية الضخمة بين المعازل وكأنها بوابات حدودية ، فان الحديث عن دولة فلسطينية كاملة السيادة على كامل الأراضي الفلسطينية عام 1967 وعاصمتها القدس أضحى من الأمنيات اقرب منها من الآمال والطموحات التي من اجلها استشهد آلاف المقاومين الفلسطينيين واسر وعذب عشرات الآلاف من المناضلين وشرد مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الشتات .
5.4 خطة أحادية الجانب للخروج من الضفة الغربية
ليس بخاف على المراقبين السياسيين إن القادة الإسرائيليين وفي مقدمتهم أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي ومن قبله شارون قد كشفا غير مرة ، انه من المستبعد التوصل إلى اتفاق نهائي فلسطيني إسرائيلي من خلال المفاوضات الجارية ملمحين إلى إعادة فكرة الفصل أحادية الجانب مرة أخرى ولكن في هذه المرة من الضفة الغربية بعد أن طبقت في غزة .
إلا أن هذه الخطة لن تشهد رحيلا للجيش الإسرائيلي من كل مناطق الضفة الغربية ولن تشهد تفكيكا للمستوطنات هناك كما فعلت حكومة شارون حين خرجت من قطاع غزة ، بل إن هذه الخطة لن تخرج من الإدراج الإسرائيلية إلى العلن والتنفيذ إلا بعد اكتمال جدار الفصل وبعد ابتلاع أكثر من %30 من أراضي الضفة الغربية على أفضل التقديرات وضم غالبية المستوطنات إلى الجانب الإسرائيلي من الجدار وتحول مناطق الضفة الغربية إلى معازل او غيتوهات تحت حراسات الجيش والشرطة الإسرائيلية التي سترابط على مشارف تلك الكانتونات من الجهة الأخرى ، ولا يبدوا هذا المخطط بعيدا وقد لا تفصل الشعب الفلسطيني عن هذا المخطط سوى بضعة أشهر مع تسارع وتيرة البناء في الجدار من جهة وتعثر المفاوضات وعدم حدوث اختراق حقيقي في أي من قضايا الحل النهائي من جهة أخرى .
إن تحويل الضفة الغربية إلى سجن كبير يتكون من خمسة معازل ، وزيادة الضغوط على الاقتصادية على السكان و استباحة المدن والقرى والمخيمات الفلسطيني من قبل الجيش الإسرائيلي على غرار ما يحدث اليوم من اجتياحات متكررة لمناطق قطاع غزة فان من شأن هذه الآثار الكارثية أن تضعف السلطة الوطنية الفلسطينية وان تكرس حالة من الإحباط الشديد في صفوف المواطنين وإثارة حالة من الانفلات وفوضى السلاح التي قد تتدحرج كالكرة الثلجية التي تخرج عن السيطرة .
إن هذه الإرهاصات المتوقعة لا تختلف كثيرا عن تلك التي سادت في قطاع غزة بعد خروج الجيش الإسرائيلي منها والتي أشعلت فتيل الاقتتال الداخلي بين حركتي فتح وحماس اكبر فصيلين في الساحة الفلسطينية ، انتهى بسيطرة حركة حماس على جميع مؤسسات السلطة الفلسطينية في قطاع غزة بما وصفته الرئاسة الفلسطينية وحركة فتح بأنه انقلابا على الشرعية فيما اعتبرته حركة حماس حسما عسكريا ، وأياً كانت التسميات فان الشعب الفلسطيني في القطاع هو الذي دفع وما يزال يدفع فاتورة هذا الانقسام الذي يصب بدون شك في المصلحة الإسرائيلية ويكرس الانفصال بين شطري الوطن الفلسطيني الذي سعت حكومات إسرائيل المتعاقبة إلى تحقيقه فتحقق بأيد فلسطينية .
إن احتمالات تكرار نفس السيناريو الذي حدث في غزة إلى الضفة الغربية إذا طبقت خطط الانفصال الأحادية غير مستبعدة ، لا سيما مع تشابه نفس التطورات على الأرض ووجود لاعب أساسي يدير الأزمة من وراء الستار . إن خطورة ما حدث في قطاع غزة لا بد أن يشكل جرس الإنذار ليس للقيادة الفلسطينية فحسب بل إلى جميع الفصائل والقوى الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني والفعاليات الشعبية للتحرك الفوري لإنهاء حالة الانقسام في قطاع غزة وإعادة اللحمة للجسد الفلسطيني على قاعدة حل الخلافات الفلسطينية الفلسطينية بالحوار وتكريس مبدأ الشراكة السياسية بعيدا عن المحاصصة، ومعالجة الخلل في النظام السياسي الفلسطيني وإدخال التعديلات الملحة على القانون الأساسي الفلسطيني ، وتفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية أولى للشعب الفلسطيني .
الاستنتاجات
• إن الدوافع الحقيقية لخطط الفصل الإسرائيلية وآخرها بناء جدار الفصل وان كانت في ظاهرها تحت ذرائع أمنية لمنع أو للحد من تسلل المقاومين الفلسطينيين من الضفة الغربية لتنفيذ عمليات فدائية داخل إسرائيل فإنها جاءت لتخدم الأبعاد السياسية للقادة الإسرائيليين . فعلى افتراض أن المحرك الأساسي لبناء الجدار كان امنيا محضا لكان على حكومة شارون أن تشيد الجدار على طول الخط الأخضر أو ما يعرف بخط الهدنة بدلا من بناءه في عمق أراضي الضفة الغربية لمسافة قد تصل 20 كيلو متر في بعض المناطق . إن تطور أساليب المقاومة الفلسطينية بعد الانسحاب الاسرائلي من قطاع غزة واعتماده بشكل أساسي توجيه الصواريخ وقذائف الهاون على المستعمرات والبلدات الاسرائيلية المجاورة للقطاع سيشكل ضربة قوية لمؤيدي فكرة الجدار مع سقوط أول دفعة من الصواريخ التي ستنطلق من مناطق الضفة الغربية أي من خارج الجدار .
• إن بناء الجدار بشكله الحالي وبمساره المتعرج وطوله الذي يمتد لأكثر من 770 كيلو متر يعد ترسيما إسرائيليا أحاديا لحدود الدولة الفلسطينية المستقبلية التي نصت جميع القرارات الدولية لا سيما قراري مجلس الأمن 242 , 388 بأن حدود الرابع من حزيران من العام 1967 هي حدود الدولة الفلسطينية . وهذا في حد ذاته يعد خطوة استباقية لمفاوضات التسوية .
• إن بناء الجدار يعد ضربة مدوية لقضايا الحل النهائي المتمثلة في القدس والحدود والمستوطنات مما يثير العديد من التساؤلات حول النوايا الإسرائيلية وجدوى استمرار المفاوضات والتي تسارعت وتيرتها بشكل ملحوظ بعد مؤتمر أنابوليس الذي عقد تحت رعاية الرئيس الأمريكي جورج بوش في نوفمبر 2007 .
• مع تعثر عملية التسوية فقد تلجأ الحكومة الإسرائيلية إلى تطبيق خطتها أحادية الجانب بالخروج من مناطق الضفة الغربية بعد استكمال جدار الفصل بعد أن تكون قد أحالت الضفة الغربية إلى سجن كبير يتكون من عدد من المعازل فضلا عن عزل القدس عن عمقها الفلسطيني في الضفة الغربية من جهة وعزل قطاع غزة عن الضفة من جهة أخرى .
• إن تحول الضفة الغربية إلى عدد من المعازل وتشديد الحصار وتقييد حرية الحركة للأفراد والبضائع بين تلك المعازل مع بعضها البعض وبينها وبين العالم الخارجي ستجعل هذه المعازل أرضا خصبة للصراعات الداخلية والانفلات الأمني وربما وصولا إلى الاقتتال الداخلي الأمر الذي يستدعي ضرورة التحرك الفلسطيني الجاد على المستوى القيادي والفصائلي والمؤسساتي والشعبي لمواجهة تلك المخططات الإسرائيلية على الصعيدين الميداني والسياسي من جهة ووضع حد لحالة الانقسام التي تسود قطاع غزة من جهة أخرى وذلك من خلال تغليب لغة الحوار في حل كافة الإشكاليات بين حركتي فتح وحماس وتكريس الشراكة السياسية بين كافة القوى الفلسطينية بعيدا عن المحاصصة وعن نتائج الأحداث المؤسفة في قطاع غزة وإدخال تعديلات على القانون الأساسي الفلسطيني بما يكفل إزالة التناقضات ومنع الازدواجية وتداخل الصلاحيات بين منصبي الرئيس ورئيس الوزراء والسعي من أجل الإعداد لانتخابات عامة مبكرة للخروج من الأزمة على قاعدة التوافق بين مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية .
الدراسات السابقة : ـ
1- كتاب المدن والقرى الفلسطينية بين العزل والتهجير / إعداد مركز العمل التنموي معاًًً والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري, حزيران 2007.
وقد تناول الكتاب دراسة حالات خاصة من معاناة السكان الفلسطينيين في عدد من البلدات الفلسطينية مثل معزل شمال غرب القدس ( بير نبالا , الجيب , بيت حنينا القديمة , الجديرة ), قلقيلية , عزون عتمة , وقرى أخرى كما تطرق إلى تهديد العديد من التجمعات السكنية بالتهجير نتيجة مصادرة أراضيهم لصالح بناء الجدار . إلا أن الكتاب لم يتطرق إلى الأبعاد الأمنية والسياسية التي خلفها بناء الجدار حتى الآن رغم أنها دراسة حديثة .
2- كتاب أوقفوا جدار الفصل العنصري في فلسطين / إعداد شبكة المنظمات البيئية والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري 2007 .
وتناول الكتاب المرحلة الأولى من الجدار وتشمل من جنين إلى طولكرم إلى قلقيلية , وكذلك أثر بناء الجدار على الوضع المائي في الضفة الغربية إضافة إلى تناوله البعد القانوني والاجتماعي والاقتصادي لبناء الجدار . ويعد الكتاب من المراجع القليلة القيمة الحديثة إلا انه لم يناقش مستقبل حدود الدولة الفلسطينية و مصير قضايا الحل النهائي التي تطرقت إليها الدراسة .
3- مجلة مركز التخطيط الفلسطيني /العدد السابع والعدد الثامن ( يوليو – ديسمبر 2002 ) للباحث جمال البابا.
وتناولت هذه الدراسة خطط الفصل الإسرائيلية التي انتهت بخطة شارون الوحيدة التي دخلت حيز التنفيذ وتوقعت هذه الدراسة فشل هذه الخطط في توفير الأمن لدولة إسرائيل معتبرة أن المستوطنات الإسرائيلية المنتشرة في كافة أرجاء الضفة الغربية عقبة كبيرة أمام انجاز أي مخطط فصل يحقق الأهداف الإسرائيلية . إلا أن تطورات بناء الجدار وضمه غالبية الكتل الاستيطانية إلى داخل الجانب الإسرائيلي من الجدار تؤكد أن إسرائيل ماضية في مخطط فعلي للانفصال عن الضفة الغربية بشكل أحادي الجانب .
4- مجلة مركز التخطيط الفلسطيني /العدد الحادي عشر والثاني عشر ( يوليو –ديسمبر 2003 ) للباحث جمال البابا.
وتناولت هذه الدراسة طبيعة الجدار ومساره والآثار المترتبة عليه ومواقف الأطراف من استمرار بناء الجدار , وعبرت الدراسة عن انتصار الدبلوماسية الفلسطينية على الذرائع الإسرائيلية في المحافل الدولية التي تبنت مواقف رافضة لشرعية الجدار باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية التي استخدمت الفيتو في مجلس الأمن لإسقاط قرار مقترح يدين الجدار .
إلا أن الدراسة لم تناقش الآثار الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية على الفلسطينيين كما لم تتطرق بشكل تفصيلي حول مستقبل خريطة الدولة الفلسطينية .
5- دراسة حول الجدار إعداد: موقع مركز الزيتونة - المصادر: الأستاذ جمال جمعة والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري، وبتسليم / 1/4/2007 .
هذه الدراسة عن جدار الفصل العنصري لا تختلف كثيرا عن سابقاتها وهي تحتوي على معطيات عامة عن الجدار، الأضرار التي تسبب بها في العديد من المناطق والقرى، أثره على التعليم، والعديد من الإحصائيات والأرقام المتعلقة بالجدار . دون أن تتعرض بالتفصيل إلى المعاناة اليومية للسكان الفلسطينيين أو مستقبل الحدود والمستوطنات في ظل أي تسوية متوقعة أو غير متوقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي .
المصادر والمراجع
1- كتاب المدن والقرى الفلسطينية بين العزل والتهجير / إعداد مركز العمل التنموي معاًًً والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري, حزيران 2007.
2- كتاب أوقفوا جدار الفصل العنصري في فلسطين / إعداد شبكة المنظمات البيئية والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري 2007 .
3- مجلة مركز التخطيط الفلسطيني /العدد السابع والعدد الثامن ( يوليو – ديسمبر 2002 ) للباحث جمال البابا.
4- مجلة مركز التخطيط الفلسطيني /العدد الحادي عشر والثاني عشر ( يوليو –ديسمبر 2003 ) للباحث جمال البابا.
5- دراسة حول الجدار إعداد: موقع مركز الزيتونة - المصادر: الأستاذ جمال جمعة والحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري، وبتسليم / 1/4/2007 .
6- نشرة مركز غزة للحقوق والقانون ( نوفمبر – 2003 )
7- نشرة المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ( يوليو - 2004 )
8- نشرة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ( آب – 2003 )
9- نشرة مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان " بتسيلم " ( أكتوبر – 2003 )
10- معهد الأبحاث التطبيقية " أريج " ( نوفمبر – 2004 )
11- جريدة القدس
12- جريدة الأيام
13- جريدة الحياة
14- وكالة فرنس برس