
المحور الاول
تعريف النظم القومي العربي
----------------------------
نشأة النظام القومي العربي
يربط المفكر السياسي القومي العربي المصري الدكتور " أحمد يوسف أحمد " نشأة النظام القومي العربي بتأسيس جامعة الدول العربية في العام 1945 ويقول " أن تأسيس الجامعة العربية قد وفر إطارا تنظيمياً لتقنين علاقة التوافق العربي مما يعني أن الجامعة كانت عاملاً مساعداً في زيادة كثافة التفاعلات العربية . وأما نقطة النهاية لمرحلة النشأة فقد كانت بداية لمرحلة المد القومي
بين نقطتي البداية والنهاية حدثت تطورات سلبية وايجابية عديدة أخطرها هي هزيمة العرب العسكرية في فلسطين سنة 1948
ويذكر للنظام العربي في هذه المرحلة انه حاول إصلاح ذاته بعد الهزيمة بالتوصل إلى اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي عام 1950 والتي أدخلت تغييراً جذرياً على كيان الجامعة
ويقول الكاتب الإسلامي العربي المصري الدكتور " محمد عمارة " في كتابة " الأمة العربية والتوحيد " سنة 1965 :-
في المسيرة القومية للجامعة العربية كانت أربعينات القرن العشرين بوابة مرحلة بارزة ومتميزة فقد وصلت إلى المرحلة التاريخية القومية التي أصبحت فيها تتفاعل بوعي وإصرار لبناء كيان الأمة العربية الواحدة
ففي المجال السياسي
كان قيام جامعة الدول العربية إيذانا بالمصير الواحد الذي ابرمه التاريخ لمسار الجماعة العربية الواحدة
وفي الميدان الاقتصادي
أخذت الجامعة العربية تعكس التقارب الاقتصادي وترفع شعارات التعاون الاقتصادي بين العرب
وفي ميدان الثقافة العربية بعث التراث العربي لخدمة قضية الانصهار العربي والتوحيد القومي وكانت النشاطات التي بذلتها الجامعة العربية بمثابة الجهد القومي لتجميع وتنسيق العمل الثقافي العربي المشترك في العلوم والآداب والفكر والدكتور عمارة يرجع أسباب تأخر ظهور القومية العربية إلى
الاستعمار الانجليزي ضد محمد علي منذ سنة 1841 /
وضعف الخلافة العثمانية التركية المستعمرة للبلدان العربية إلى أن انتهت بهزيمتها أمام الحلفاء في الحرب العالمية الأولى
ويقول :-
رغم القبضة الاستعمارية الممسكة بزمام العالم العربي في الأربعينات فإن هذا العقد شهد مدا تحررياً / وكان الاجتماع العربي الذي عقد بالإسكندرية ما بين 25 / 9 إلى 17 / 10 /1944م ووضع فيه بروتوكول الإسكندرية الذي نتج عنه التوقيع على ميثاق الجامعة العربية في 22/3/1945 تتويجً للعديد من المؤتمرات العربية السابقة /
ففي 13 /12/1931 م عقد في القدس المؤتمر القومي العربي للجمعيات والأقطار العربية وقرر إن البلاد العربية وحدة واحدة لا تتجزأ
وفي 15 /9 /1932 أنشئت الشركة العربية لإنقاذ فلسطين
وفي 12 /9 / 1937 عقد في بلودان بسوريا مؤتمر شعبي عربي لبحث قضية فلسطين وتدارس الخطر الصهيوني الذي يهدد بناء الكيان العربي الواحد وكان المؤتمر تأييداً للثورة الفلسطينية التي بدأت بالإضراب الشامل لعشرة أشهر سنة 1936 واستمرت ثلاثة أعوام متصلة
وفي نفس العام 1937 اجتمع المؤتمر الطبي العربي واستمر في عقد اجتماعاته السنوية حتى تأسيس الاتحاد العام للجمعيات الطبية العربية سنة 1941
وفي 11/10/1938 عقد بالقاهرة مؤتمر برلماني عربي للدفاع عن وجهة النظر العربية فيما يخص قضية فلسطين
وفي 25/5/1942 تكونت بالقاهرة جمعية الاتحاد العربي وأنشأت لها فروعاً في بغداد ودمشق وبيروت
وفي العام 1944 انعقد المؤتمر الأول للمحاميين العرب
وفي العام 1945 م انعقد المؤتمر الأول للمهندسين العرب
ومما سبق تبين
أن قيام الجامعة العربية كان التجسيد الرسمي لتلك الحركات والجهود الشعبية والصياغة الحكومية لحركة القومية العربية
ويؤكد دكتور عمارة على
أن قيام جامعة الدول العربية كان نقطة تحول كبرى في تاريخنا القومي العربي وبداية حركة عربية واعية لإنقاذ الوطن العربي من هاوية التجزئة
وهنا يتفق كلا من الدكتور احمد يوسف والدكتور محمد عمارة على اختلاف المنظور الفكري بينهما بأن الجامعة العربية هي مركز القوة العربية في المرحلة الأولى لنشأة النظام القومي العربي والرسمي ونحن نتفق مع هذا الرأي في بحثنا حيث كان النظام العربي الرسمي مشلولا في الأربعينيات يرزح تحت حكم الاستعمارين / الانجليزي والفرنسي
وتشكلت جامعة الدول العربية في نشأتها من سبعة دول عربية
ولعبت الدور القيادي التجميعي للعرب في تلك المرحلة ما بين 1945 – 1954 وفي الدراسة العلمية التي أعدها الدكتور صفي الدين خربوش أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة ومعهد البحوث والدراسات العربية ورئيس المجلس القومي للشباب المصري يربط بين تعاظم الفكر القومي السياسي العربي مع انبثاق وتطور فكرة القومية التركية والإيرانية المستقلة المؤيده للانفصال عن الخلافة الإسلامية في بداية القرن العشرين حينما بدأ المفكرون العرب يتهمون الأتراك بتحويل الإسلام إلى مفاهيم سلطوية تعبر عن التمايز الطبقي أما الأتراك ومعهم الايرانيون فقد أعادوا تخلفهم للدين الإسلامي الذي أبعدهم عن اللحاق بركب النهضة وهكذا وجد العرب أنفسهم ينحازون إلى بريطانيا في الحرب العالمية الأولى ضد دول المحور للخلاص من الحكم التركي الذي تحول إلى استعمار متخلف وضعيف زاد الدول العربية ضعفاً وتخلفاً
فقد قضت القومية والعلمانية التركية أعوام 1908- 1918 على الأسس السياسية الكونية الإسلامية وبدأت الملامح الإيديولوجية القومية العربية في الظهور بعد الحرب العالمية الأولى
وكان ساطع الحصري وعبدالله العلايلي أكثر دعاة القومية العربية شهرة وركزا على الدور السياسي للإسلام في تكوين الأمة العربية على عكس حركة الإخوان المسلمين التي أسسها الشيخ حسن البنا سنة 1928 التي دافعت عن الوحدة الإسلامية رافضة فكرة الأمة العربية
وامتد الجدل على الساحة العربية للبحث عن مخرج لأزمتين رئيسيتين هما أزمة النهضة وأزمة الهوية
وكان السؤال السائد
لماذا تخلفنا وتقدم الآخرون
ويتبعه علامات استفهام حول السبل التي تحقق النهضة
هل تكون النهضة بقيام وحدة إسلامية أم تتحقق بقيام الوحدة العربية أم يكون التقوقع الوطني هو السبيل لتحقيق النهضة لكل بلد
وكان هناك دعاة ومفكرون يؤيدون الهوية الإسلامية وآخرون يؤمنون بالوحدة العربية والبعض يجد في الهوية الوطنية الخلاص الإنساني الذي يؤمن المصالح الاقتصادية والاجتماعية والوطنية
وهذا السجال الفكري النظري ما بين الوحدة الإسلامية والقومية العربية والقطرية الوطنية لن يكون محل اختلاف في دراستنا الهادفة للبحث عن مؤسسه قائدة تجمع حولها الشتات العربي /
ونحن لا ندرس إمكانيات الوحدة الاندماجية أو الاتحاد الفدرالي للدول العربية لأننا مسلمون بالوجود القطري ونسعى للبحث عن أبسط أشكال التنسيق والتكامل الذي نرجو إن يصل إلى درجة التوحيد في الهدف
ونحن في بحثنا عن مفهوم ووظيفة المؤسسه القائده نحدد دورها ومكانتها داخل الوطن العربي لأن الفكرة إذا ما انطبقت على البلدان العربية يسهل تصديرها إلى بلدان العالم الإسلامي
وبالتأكيد أمامنا صعوبات عدة تتمثل في وجود كيانات كبيرة عربية ترغب في الهوية القطرية الوطنية بحجة أنها كبيرة لا تحتاج احد وهو أمر غريب لأن الكبير يكون كبيراً إذا ما التف حوله الصغار
وأما أولئك الصغار الأثرياء المتشبثين بالهوية القطرية استغناء واستعلاء فلن يجدوا مذاقاً لأي حياة يعيشونها بعيداً عن هويتهم العربية لأنها مصدر التباهي والتفاخر التي تجعلهم يتمتعون بثروتهم والتحلل من الهوية العربية والدينية بالثروة انحلال سوف يؤدي في النهاية الى الضياع والهوان
فالانتماء يحدد قيمة الأشياء ومكانه الأشخاص وبدون انتماء كل شيء وكل شخص يتحول إلى سلعة تباع وتشتري دون وزن وليس لها أي اعتبار وسوف يأتي يوم لا يكون للامنتمي سعر يعتد به
فالهوية القطرية الوطنية أمر مرفوض لأنه منبوذ أيا كان القطري يمثل كياناً كبيرا أو دولة صغيرة فلا بد من الانتماء لجوهر الأشياء في البحث عن الدور والمكانة أن كان على المستوي المحلي الإنساني أو على المستوى الإقليمي ودول الجوار أو على المستوى الدولي العالمي
ومفهوم ووظيفة المؤسسه القائدة لا يلغي الانتماء الوطني المحلي الإنساني بل يسعى لتطويره إلى مستوى أرقى إقليمياً عربياً أو إسلامياً والانطلاق من هذا الانتماء إلى لعب دور هام ومؤثر على المستوى الدولي ولن يأتي هذا الدور انطلاقا من الذاتية الوطنية أو الأنانية القطرية مهما حاول المتشبثون بفكرة القطرية الدفاع عن أنفسهم وانطلاقا من الحقيقة الثابتة في إن الهوية الوطنية الضيقة تمثل انحرافا عن الانتماء الأرقى وبالتالي هي دعوة للانحلال والتحلل من الموقف فإن الأمر أيضا يمثل في حقيقته خسارة مؤكدة على المستويات المادية والاقتصادية والاجتماعية بعيدا عن السياسة لأن الانتماء الأرقى من القطرية سوف يسعى بالتوافق إلى التكامل ضمن المنظومة الإقليمية المحيطة بالوطن أو الدولة وإذا ما تحقق التكامل اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً سوف تتحقق درجة أعلى من درجات الارتقاء الذاتي وطنياً وإقليمياً ونحن هنا ندخل المحدد الجغرافي من الوطن إلى الإقليم ومن الإنسان الفرد إلى الشعب والأمة والاقتراب يدعونا إلى تلمس الأشياء بذكاء وفطنه ونحن نسعى إلى دول قائدة لإقليم جغرافي يشترط إن يكون متلاصق الحدود ومترابط ينطبق على البلدان العربية أكثر من انطباقها على الدول الإسلامية لأن رابط اللغة مهم وضروري في تقريب الرؤى الاجتماعية والثقافية
ولا يجوز التجريب بالإلغاء بحثا عن لغة تفاهم أخرى تكسر المحددات الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والثقافية الإنسانية سعياً وراء تحقيق محدد واحد في الديانة الإسلامية التي تؤكد على أنها واحدة من ركائز التجمع العربي بل أنها المحرك التاريخي للوطن العربي الذي انطلقت منه الرسالة وكانت منه العبقرية التي انتقلت من المشرق إلى المغرب تعمر الصحراء الجرداء بالناس والأرزاق
ويمكن القول إن سكان الوطن العربي في غالبيتهم العظمى ينتمون إلى القبيلة العربية ولا يمكن الآن الحديث عن الجذور الفرعونية في الشخصية الإنسانية المصرية وان وجدت الأقليات والقوميات الثانية البربرية أو الإفريقية في دول المغرب العربي وليبيا والسودان فهي لا تمثل تلك النسبة التي تلغي الأصول العربية الواسعة الانتشار فيها كما أنها لا تزال متخلفة في غالبيتها وارى دعوة انفصالية لمثل هذه القوميات تعني تخلفها بل المزيد من تخلفها ونحن نتحدث عن وطن كبير وكيان عظيم ولا سعى لإلغاء جزئياته
فكيف يكون الحديث عن المجزأ من الجزء
سيكون بالتأكيد أشبه بحوار الطرشان الذين لن يجدوا مستمعاً واحداً ينصت إليهم دون أن ينبذهم أو يختلف معهم
والحديث عن القومية الكردية أو الاثنية هو حديث عن القطرية التي تنفصل عن انتماءاتها الاجتماعية والثقافية والجغرافية باحثة عن دور هلامي سطحي انغلاقي بالتأكيد لن يحقق اى مكانة في عالم متداخل الأبعاد متشابك الاتجاهات
-------------
وإذا كانت المسألة في الأربعينيات بحث عن الذات العربية بالبحث عن الهوية فانه الان أهم وأكثر إلحاحا في ظل نظام عالمي يدعوا إلى عولمة الأشياء والأفكار والأشخاص والقيم والمبادئ
ونحن لسنا بوارد الوقوف في وجه العولمة التي تدعي تحقيق النهضة لجنوب العالم كما تحققت لشماله ولكننا نوجه السؤال لأعداء التكامل العربي :
ما الذي تسعون إليه ؟ ما الذي تريدونه ؟ وما الذي يزعجكم لو كنا أقوياء في عالمكم ؟
بالتأكيد لن نصل إلى قوتكم ولكننا بحاجة للتعبير عن أمالنا وعن طموحاتنا وهذا هو جوهر حقوق الإنسان الذي يتشدق به نظام العولمة والنظام العالمي الجديد فلماذا تكون الولايات المتحدة دولة اتحادية بخمسين دولة ولا يكون العرب دولة أو نظام إقليمي محدد السمات والاتجاهات لماذا ؟
لماذا يكون المسمى المقبول لدى النظام العالمي لمنطقتنا الشرق الأوسط الكبير ؟ ولماذا لا يكون الوطن العربي الكبير ؟
فلسنا متعصبين لعقيده ولسنا عنصريين في القوميه
وهنا القضية محدده في البحث عن نظام إقليمي له تنظيم وهيكلية إدارية جماعية توجد فيها من الصفات الكافيه لتكاملها واهمها / دين الاغلبيه والوحده الجغرافيه والتاريخيه والثقافية
وكلنا في هذه المنطقه او هذا الاقليم عرب وأن ادعى البعض انه كردي أو بربري أو شركسي أو ماروني أو إغريقي أو فرعوني
اراها كلها دعاوى قبلية مردود عليها جملة وتفصيلاً وسوف تأخذنا إلى صراعات طائفية وتعيدنا لعهد الثارات الانتقامية القبلية القديمة
تعريف النظم القومي العربي
----------------------------
نشأة النظام القومي العربي
يربط المفكر السياسي القومي العربي المصري الدكتور " أحمد يوسف أحمد " نشأة النظام القومي العربي بتأسيس جامعة الدول العربية في العام 1945 ويقول " أن تأسيس الجامعة العربية قد وفر إطارا تنظيمياً لتقنين علاقة التوافق العربي مما يعني أن الجامعة كانت عاملاً مساعداً في زيادة كثافة التفاعلات العربية . وأما نقطة النهاية لمرحلة النشأة فقد كانت بداية لمرحلة المد القومي
بين نقطتي البداية والنهاية حدثت تطورات سلبية وايجابية عديدة أخطرها هي هزيمة العرب العسكرية في فلسطين سنة 1948
ويذكر للنظام العربي في هذه المرحلة انه حاول إصلاح ذاته بعد الهزيمة بالتوصل إلى اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي عام 1950 والتي أدخلت تغييراً جذرياً على كيان الجامعة
ويقول الكاتب الإسلامي العربي المصري الدكتور " محمد عمارة " في كتابة " الأمة العربية والتوحيد " سنة 1965 :-
في المسيرة القومية للجامعة العربية كانت أربعينات القرن العشرين بوابة مرحلة بارزة ومتميزة فقد وصلت إلى المرحلة التاريخية القومية التي أصبحت فيها تتفاعل بوعي وإصرار لبناء كيان الأمة العربية الواحدة
ففي المجال السياسي
كان قيام جامعة الدول العربية إيذانا بالمصير الواحد الذي ابرمه التاريخ لمسار الجماعة العربية الواحدة
وفي الميدان الاقتصادي
أخذت الجامعة العربية تعكس التقارب الاقتصادي وترفع شعارات التعاون الاقتصادي بين العرب
وفي ميدان الثقافة العربية بعث التراث العربي لخدمة قضية الانصهار العربي والتوحيد القومي وكانت النشاطات التي بذلتها الجامعة العربية بمثابة الجهد القومي لتجميع وتنسيق العمل الثقافي العربي المشترك في العلوم والآداب والفكر والدكتور عمارة يرجع أسباب تأخر ظهور القومية العربية إلى
الاستعمار الانجليزي ضد محمد علي منذ سنة 1841 /
وضعف الخلافة العثمانية التركية المستعمرة للبلدان العربية إلى أن انتهت بهزيمتها أمام الحلفاء في الحرب العالمية الأولى
ويقول :-
رغم القبضة الاستعمارية الممسكة بزمام العالم العربي في الأربعينات فإن هذا العقد شهد مدا تحررياً / وكان الاجتماع العربي الذي عقد بالإسكندرية ما بين 25 / 9 إلى 17 / 10 /1944م ووضع فيه بروتوكول الإسكندرية الذي نتج عنه التوقيع على ميثاق الجامعة العربية في 22/3/1945 تتويجً للعديد من المؤتمرات العربية السابقة /
ففي 13 /12/1931 م عقد في القدس المؤتمر القومي العربي للجمعيات والأقطار العربية وقرر إن البلاد العربية وحدة واحدة لا تتجزأ
وفي 15 /9 /1932 أنشئت الشركة العربية لإنقاذ فلسطين
وفي 12 /9 / 1937 عقد في بلودان بسوريا مؤتمر شعبي عربي لبحث قضية فلسطين وتدارس الخطر الصهيوني الذي يهدد بناء الكيان العربي الواحد وكان المؤتمر تأييداً للثورة الفلسطينية التي بدأت بالإضراب الشامل لعشرة أشهر سنة 1936 واستمرت ثلاثة أعوام متصلة
وفي نفس العام 1937 اجتمع المؤتمر الطبي العربي واستمر في عقد اجتماعاته السنوية حتى تأسيس الاتحاد العام للجمعيات الطبية العربية سنة 1941
وفي 11/10/1938 عقد بالقاهرة مؤتمر برلماني عربي للدفاع عن وجهة النظر العربية فيما يخص قضية فلسطين
وفي 25/5/1942 تكونت بالقاهرة جمعية الاتحاد العربي وأنشأت لها فروعاً في بغداد ودمشق وبيروت
وفي العام 1944 انعقد المؤتمر الأول للمحاميين العرب
وفي العام 1945 م انعقد المؤتمر الأول للمهندسين العرب
ومما سبق تبين
أن قيام الجامعة العربية كان التجسيد الرسمي لتلك الحركات والجهود الشعبية والصياغة الحكومية لحركة القومية العربية
ويؤكد دكتور عمارة على
أن قيام جامعة الدول العربية كان نقطة تحول كبرى في تاريخنا القومي العربي وبداية حركة عربية واعية لإنقاذ الوطن العربي من هاوية التجزئة
وهنا يتفق كلا من الدكتور احمد يوسف والدكتور محمد عمارة على اختلاف المنظور الفكري بينهما بأن الجامعة العربية هي مركز القوة العربية في المرحلة الأولى لنشأة النظام القومي العربي والرسمي ونحن نتفق مع هذا الرأي في بحثنا حيث كان النظام العربي الرسمي مشلولا في الأربعينيات يرزح تحت حكم الاستعمارين / الانجليزي والفرنسي
وتشكلت جامعة الدول العربية في نشأتها من سبعة دول عربية
ولعبت الدور القيادي التجميعي للعرب في تلك المرحلة ما بين 1945 – 1954 وفي الدراسة العلمية التي أعدها الدكتور صفي الدين خربوش أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة ومعهد البحوث والدراسات العربية ورئيس المجلس القومي للشباب المصري يربط بين تعاظم الفكر القومي السياسي العربي مع انبثاق وتطور فكرة القومية التركية والإيرانية المستقلة المؤيده للانفصال عن الخلافة الإسلامية في بداية القرن العشرين حينما بدأ المفكرون العرب يتهمون الأتراك بتحويل الإسلام إلى مفاهيم سلطوية تعبر عن التمايز الطبقي أما الأتراك ومعهم الايرانيون فقد أعادوا تخلفهم للدين الإسلامي الذي أبعدهم عن اللحاق بركب النهضة وهكذا وجد العرب أنفسهم ينحازون إلى بريطانيا في الحرب العالمية الأولى ضد دول المحور للخلاص من الحكم التركي الذي تحول إلى استعمار متخلف وضعيف زاد الدول العربية ضعفاً وتخلفاً
فقد قضت القومية والعلمانية التركية أعوام 1908- 1918 على الأسس السياسية الكونية الإسلامية وبدأت الملامح الإيديولوجية القومية العربية في الظهور بعد الحرب العالمية الأولى
وكان ساطع الحصري وعبدالله العلايلي أكثر دعاة القومية العربية شهرة وركزا على الدور السياسي للإسلام في تكوين الأمة العربية على عكس حركة الإخوان المسلمين التي أسسها الشيخ حسن البنا سنة 1928 التي دافعت عن الوحدة الإسلامية رافضة فكرة الأمة العربية
وامتد الجدل على الساحة العربية للبحث عن مخرج لأزمتين رئيسيتين هما أزمة النهضة وأزمة الهوية
وكان السؤال السائد
لماذا تخلفنا وتقدم الآخرون
ويتبعه علامات استفهام حول السبل التي تحقق النهضة
هل تكون النهضة بقيام وحدة إسلامية أم تتحقق بقيام الوحدة العربية أم يكون التقوقع الوطني هو السبيل لتحقيق النهضة لكل بلد
وكان هناك دعاة ومفكرون يؤيدون الهوية الإسلامية وآخرون يؤمنون بالوحدة العربية والبعض يجد في الهوية الوطنية الخلاص الإنساني الذي يؤمن المصالح الاقتصادية والاجتماعية والوطنية
وهذا السجال الفكري النظري ما بين الوحدة الإسلامية والقومية العربية والقطرية الوطنية لن يكون محل اختلاف في دراستنا الهادفة للبحث عن مؤسسه قائدة تجمع حولها الشتات العربي /
ونحن لا ندرس إمكانيات الوحدة الاندماجية أو الاتحاد الفدرالي للدول العربية لأننا مسلمون بالوجود القطري ونسعى للبحث عن أبسط أشكال التنسيق والتكامل الذي نرجو إن يصل إلى درجة التوحيد في الهدف
ونحن في بحثنا عن مفهوم ووظيفة المؤسسه القائده نحدد دورها ومكانتها داخل الوطن العربي لأن الفكرة إذا ما انطبقت على البلدان العربية يسهل تصديرها إلى بلدان العالم الإسلامي
وبالتأكيد أمامنا صعوبات عدة تتمثل في وجود كيانات كبيرة عربية ترغب في الهوية القطرية الوطنية بحجة أنها كبيرة لا تحتاج احد وهو أمر غريب لأن الكبير يكون كبيراً إذا ما التف حوله الصغار
وأما أولئك الصغار الأثرياء المتشبثين بالهوية القطرية استغناء واستعلاء فلن يجدوا مذاقاً لأي حياة يعيشونها بعيداً عن هويتهم العربية لأنها مصدر التباهي والتفاخر التي تجعلهم يتمتعون بثروتهم والتحلل من الهوية العربية والدينية بالثروة انحلال سوف يؤدي في النهاية الى الضياع والهوان
فالانتماء يحدد قيمة الأشياء ومكانه الأشخاص وبدون انتماء كل شيء وكل شخص يتحول إلى سلعة تباع وتشتري دون وزن وليس لها أي اعتبار وسوف يأتي يوم لا يكون للامنتمي سعر يعتد به
فالهوية القطرية الوطنية أمر مرفوض لأنه منبوذ أيا كان القطري يمثل كياناً كبيرا أو دولة صغيرة فلا بد من الانتماء لجوهر الأشياء في البحث عن الدور والمكانة أن كان على المستوي المحلي الإنساني أو على المستوى الإقليمي ودول الجوار أو على المستوى الدولي العالمي
ومفهوم ووظيفة المؤسسه القائدة لا يلغي الانتماء الوطني المحلي الإنساني بل يسعى لتطويره إلى مستوى أرقى إقليمياً عربياً أو إسلامياً والانطلاق من هذا الانتماء إلى لعب دور هام ومؤثر على المستوى الدولي ولن يأتي هذا الدور انطلاقا من الذاتية الوطنية أو الأنانية القطرية مهما حاول المتشبثون بفكرة القطرية الدفاع عن أنفسهم وانطلاقا من الحقيقة الثابتة في إن الهوية الوطنية الضيقة تمثل انحرافا عن الانتماء الأرقى وبالتالي هي دعوة للانحلال والتحلل من الموقف فإن الأمر أيضا يمثل في حقيقته خسارة مؤكدة على المستويات المادية والاقتصادية والاجتماعية بعيدا عن السياسة لأن الانتماء الأرقى من القطرية سوف يسعى بالتوافق إلى التكامل ضمن المنظومة الإقليمية المحيطة بالوطن أو الدولة وإذا ما تحقق التكامل اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً سوف تتحقق درجة أعلى من درجات الارتقاء الذاتي وطنياً وإقليمياً ونحن هنا ندخل المحدد الجغرافي من الوطن إلى الإقليم ومن الإنسان الفرد إلى الشعب والأمة والاقتراب يدعونا إلى تلمس الأشياء بذكاء وفطنه ونحن نسعى إلى دول قائدة لإقليم جغرافي يشترط إن يكون متلاصق الحدود ومترابط ينطبق على البلدان العربية أكثر من انطباقها على الدول الإسلامية لأن رابط اللغة مهم وضروري في تقريب الرؤى الاجتماعية والثقافية
ولا يجوز التجريب بالإلغاء بحثا عن لغة تفاهم أخرى تكسر المحددات الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والثقافية الإنسانية سعياً وراء تحقيق محدد واحد في الديانة الإسلامية التي تؤكد على أنها واحدة من ركائز التجمع العربي بل أنها المحرك التاريخي للوطن العربي الذي انطلقت منه الرسالة وكانت منه العبقرية التي انتقلت من المشرق إلى المغرب تعمر الصحراء الجرداء بالناس والأرزاق
ويمكن القول إن سكان الوطن العربي في غالبيتهم العظمى ينتمون إلى القبيلة العربية ولا يمكن الآن الحديث عن الجذور الفرعونية في الشخصية الإنسانية المصرية وان وجدت الأقليات والقوميات الثانية البربرية أو الإفريقية في دول المغرب العربي وليبيا والسودان فهي لا تمثل تلك النسبة التي تلغي الأصول العربية الواسعة الانتشار فيها كما أنها لا تزال متخلفة في غالبيتها وارى دعوة انفصالية لمثل هذه القوميات تعني تخلفها بل المزيد من تخلفها ونحن نتحدث عن وطن كبير وكيان عظيم ولا سعى لإلغاء جزئياته
فكيف يكون الحديث عن المجزأ من الجزء
سيكون بالتأكيد أشبه بحوار الطرشان الذين لن يجدوا مستمعاً واحداً ينصت إليهم دون أن ينبذهم أو يختلف معهم
والحديث عن القومية الكردية أو الاثنية هو حديث عن القطرية التي تنفصل عن انتماءاتها الاجتماعية والثقافية والجغرافية باحثة عن دور هلامي سطحي انغلاقي بالتأكيد لن يحقق اى مكانة في عالم متداخل الأبعاد متشابك الاتجاهات
-------------
وإذا كانت المسألة في الأربعينيات بحث عن الذات العربية بالبحث عن الهوية فانه الان أهم وأكثر إلحاحا في ظل نظام عالمي يدعوا إلى عولمة الأشياء والأفكار والأشخاص والقيم والمبادئ
ونحن لسنا بوارد الوقوف في وجه العولمة التي تدعي تحقيق النهضة لجنوب العالم كما تحققت لشماله ولكننا نوجه السؤال لأعداء التكامل العربي :
ما الذي تسعون إليه ؟ ما الذي تريدونه ؟ وما الذي يزعجكم لو كنا أقوياء في عالمكم ؟
بالتأكيد لن نصل إلى قوتكم ولكننا بحاجة للتعبير عن أمالنا وعن طموحاتنا وهذا هو جوهر حقوق الإنسان الذي يتشدق به نظام العولمة والنظام العالمي الجديد فلماذا تكون الولايات المتحدة دولة اتحادية بخمسين دولة ولا يكون العرب دولة أو نظام إقليمي محدد السمات والاتجاهات لماذا ؟
لماذا يكون المسمى المقبول لدى النظام العالمي لمنطقتنا الشرق الأوسط الكبير ؟ ولماذا لا يكون الوطن العربي الكبير ؟
فلسنا متعصبين لعقيده ولسنا عنصريين في القوميه
وهنا القضية محدده في البحث عن نظام إقليمي له تنظيم وهيكلية إدارية جماعية توجد فيها من الصفات الكافيه لتكاملها واهمها / دين الاغلبيه والوحده الجغرافيه والتاريخيه والثقافية
وكلنا في هذه المنطقه او هذا الاقليم عرب وأن ادعى البعض انه كردي أو بربري أو شركسي أو ماروني أو إغريقي أو فرعوني
اراها كلها دعاوى قبلية مردود عليها جملة وتفصيلاً وسوف تأخذنا إلى صراعات طائفية وتعيدنا لعهد الثارات الانتقامية القبلية القديمة