نظم قسم اللُّغة والأدب والحضارة العربية بجامعة القيروان،بالتعاون مع كلية الآداب بسوسة،ندوة علمية دولية بعنوان:«الاستشراق وأثره في الثقافة العربية» ،أيام:8،و9،و10 ديسمبر 2009م.
وشارك في فعاليات هذا المؤتمر نخبة من الأساتيذ والعلماء والباحثين من مختلف بلدان العالم، من المغرب الأدنى(تونس،وليبيا) ،والمغرب الأوسط(الجزائر)،والمغرب الأقصى، وفرنسا، وغيرها.
قدموا خلال ثلاثة أيام ما يزيد عن خمسين مداخلة تتعلق بالاستشراق وأثره في الثقافة العربية.
إن موضوع الندوة هام رغم أنه سبق الخوض فيه في عديد المناسبات،إلا أنه لا يزال يستحق الندوات والدراسات تلو الدراسات.
لقد اهتم المفكرون العرب في القرن الماضي بالاستشراق والمستشرقين، فظهر لكثير من المفكرين والباحثين العرب دراسات متعددة ومختلفة عنهم تراوحت بين المدح والذم، رأى بعضهم أنَّ الاستشراق كان حركة شريرة لم تقدم لتاريخنا العربي، ومقدساتنا أية خدمة أو نفع، ورأى آخرون أن الاستشراق حركة كان لها من الأهداف المعادية للعروبة والإسلام، ولكنه يَظَلُّ مساهمة لا يمكن تجاهل أهميتها أو التَّغاضِي عّما كان لها من مردود واضح الأثر في إغناء الدراسات العربية والإسلامية في مختلف حقولها، وآفاقها.
» واتُّهم من أنصف المستشرقين، ومن تجنَّى عليهم هو أيضا متّهم « ،وتظَلُّ ظاهرة الاستشراق موضع جدل وبحث، وهذا ما يدعونا إلى القول بأنَّ الاستشراق لم ينل حظه من البحث العلمي المتجرد، وأن الكثير من الدراسات في هذا الموضوع ما تزال بحاجة إلى إعادة النظر، وخاصة ونحن على أعتاب العولمة (العالمية) التي يجب التعامل معها » كظاهرة لا مفر من الإقرار بوجودها، ولكن من الضرورة الاهتمام بها ومحاولة الاستفادة من جوانبها الإيجابية، والتحفظ على جوانبها السلبية.. أي : نَسْتَطيع إعداد خطة علمية للاستفادة من العولمة العالمية ومواجهة العولمة الأمريكية».
لكل هذه الأسباب كان موضوع الندوة جديراً بالدراسة والبحث،وهو ما قام به الباحثون في أبحاثهم المقدّمة في الندوة عبر محاورها التي حددتها اللجنة العلمية للندوة التي يرأسها الأستاذ الدكتور رضا بن حميد،رئيس القسم، وقد أشار في كلمته الافتتاحية إلى هذه المحاور ، وأهمية مثل هذه الندوات، وما تُقدمه للبحث العلمي من إضافة خاصة إذا كان المتدخلون من كبار الأسماء في هذا الاختصاص.
أما الأستاذ الدكتور محمد بن دريسة،رئيس جامعة القيروان، فبين في كلمته الافتتاحية قيمة الندوات العلمية، وأثرها في تنشيط البحث العلمي في تونس، والوطن العربي ،تلتها كلمة الدكتورة ليلى الرماح ،عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان، التي رحبت بالضيوف، ووعدت بطبع الأبحاث المُقدمة في الندوة،ثم قدم الأستاذ الدكتور محمد بوهلال، مدير وحدة البحث«اتصال العلوم وانفصالها في الثقافة العربية» بسوسة،فأشاد بما بذله قسم اللغة العربية من جهد في الارتقاء بمستوى الجامعة في مجال البحث العلمي، وإصراره على إنجاح مثل هذه الندوات المهمة.
وعبروا جميعا عن فرحتهم وشكرهم للأساتذة الباحثين الذين تجشموا عناء السفر، والتنقل، وجاؤوا من كُورِ وأصقاع شتى لحضور هذا المؤتمر العلمي .
أما الجلسات العلمية التي شارك فيها ما يزيد عن خمسين باحثاً،قدموا خلالها بحوثاً تعالج قضايا الاستشراق وأثره في الثقافة العربية،نذكر منها: بحث الدكتور حمادي بن جاب الله الموسوم ب:« القبلي السياسي والقبلي النظري في مقاربة الظاهرة الاستشراقية » ،تناول فيه مسألة التقابل بين الشرق والغرب ومشروعيته،فالصينيون مثلاً لم يقسموا العالم إلى شرق وغرب،بل إلى وسط هي الصين، وإلى أطراف هي بقية الأمم،جعلها الله لتحمي بلاد الصين،ولم يكن من عادة العلماء العرب المسلمين الاكتفاء بشرق وغرب،وإنما بمشارق الأرض ومغاربها، وتساءل عن مدى براءة الاستشراق من السياسة والهيمنة الاستعمارية، ومدى ارتباط بعض العلوم بها كالجغرافيا مثلاً، ولكن هذا لا يمنع من مساءلة آدائهم العلمي حتى ولو كانوا جواسيس.
وتناول الدكتور محمود المليان من جامعة ليون3 بفرنسا، موضوعاً بعنوان:« مساهمة في تقديم هنري كوربان (Henry Corbin 1903- 1978) فيلسوفا ومستشرقا».وأما الدكتور علي دراجي ، فقد قدم مداخلة بعنوان:« الاستشراق والتاريخانية العربيّة» ،جاء فيها على الخصوص: «تسربت جهود الاستشراق إلى فضاء الثقافة العربية فأصابت عدوى التاريخانية (l’historicisme) علماء الأمة المحدثين، وهي حقيقة تجلت في مناهج القراءة التاريخية المنفصلة عن المعطى الإيماني، المكتفية بالحدث الإنساني في بعديه الزماني والمكاني .لتاريخانية كما عرفها العروي وهو من أبرز دعاتها ومناصريها "هي النزعة التاريخية التي تنفي أي تدخل خارجي في تسبب الأحداث التاريخية، بحيث يكون التاريخ هو سبب وخالق ومبدع كل ما روي ويروى عن الموجودات". إنها بهذا المعنى تعبير عن رؤية فلسفية ترفع القراءة التاريخية إلى مستوى من الوعي ينفصل فيها الحدث التاريخي عن الميتافيزيقي فيصبح الإنسان وحده مالكا لمصيره واعيا وعيا موضوعيا بما حدث وبما هو حادث وبما يكون في مستقبل وجوده،إنها التمثل العلمي الموضوعي لوقائع الماضي بعيدا عن العوامل الخارجة عن إرادة الإنسان (الله، القضاء، القدر، المعجزات...). التاريخانية إذن هي إخضاع التاريخ البشري للنزعة العقلانية الحديثة، إنها في منظور من آمن بها مشروع إيديولوجي كفاحي يرمي إلى تحرير العقل من قيود اللاعقل،قاد هذا الاتجاه الفكري الناشئ عن ثمرات الاستشراق جهود النخبة العربية المثقفة في العقود الأخيرة من القرن العشرين، ووجه القراءة التاريخية للموروث العربي والإسلامي وجهة جديدة هي أقرب إلى التحرر من الرؤية السكونية للموروث، ومن النزعة الجامدة المرتكزة على قداسة السلف».
وأعدَّ الدكتور/سعد بوفلاقة من المغرب الأوسط مداخلة موسومة ب:«الاستشراق الألماني وأثره في الثقافة العربية-آنا ماري شيمل نموذجاً-»،قدّم فيها عينة من أعمال المستشرقين المنصفين الألمان،وفقاً للخطوات المنهجية الآتية:
أولاً:معطيات
1- مدلولات كلمة استشراق
2- مدلولات كلمة مستشرق
3- تاريخ الاستشراق
4 -دوافع وأهداف الاستشراق والمستشرقين
5- مجالات الاستشراق ووسائله
6- منهج المستشرقين في دراساتهم
ثانياً:الاستشراق الألماني و أثره في الثقافة العربية
1-نشأة الاستشراق الألماني وأعلامه
2-غلبة الروح العلمية والموضوعية على المستشرقين الألمان
3-موازنة بين الاستشراق الفرنسي والاستشراق الألماني
4-أثر الاستشراق الألماني في الثقافة العربية
ثالثاً:آنا ماري شيمل عاشقة الشرق
1-موجز ترجمتها
2-معرفتها باللغات
3-اتصالها بالعالم الإسلامي
4-مناصبها العلمية في الجامعات الشرقية والغربية
5-مصنفاتها
6-حبها للقرآن الكريم وانتقادها لسلمان رشدي
7-الجوائز والأوسمة
8-وصيتها: بتأسيس نادي حوار الثقافات
9-فذلكة
وقد أشار في مداخلته إلى غلبة الروح العلمية والموضوعية على المستشرقين الألمان، وقال:« لقد كانت الجهود التي بذلها الاستشراق الألماني تكاد تكون أبرز الجهود على الإطلاق، و قد تميز معظم المستشرقين الألمان بالجدية في البحث، و كتبوا عن العروبة والإسلام ما أملته عليهم وقائع التقدم،و لم يخضعوا لغايات سياسية و دينية ، و استعمارية ، بسبب عدم تورط ألمانيا بالاستعمار، و عدم اهتمامها بنشر الدين المسيحي في الشرق.
وقد تميز الاستشراق الألماني "بالدراسات الشرقية القديمة ،والاهتمام بالآثار و الآداب وهذا النوع من الدراسات عادة يكون خالياً من الأغراض السياسية ، وكذلك غلب على الاستشراق الألماني الروح العلمية ، و الموضوعية ، و التجرد ، و الإنصاف، و مبعث ذلك خصال الألمان المجبولة على الدقة و الصبر والمنهج العلمي الصارم ».
أما المستشرقة الألمانية آنا ماري شيمل،عاشقة الشرق،فقد ولدت بمدينة«إيرفورت الألمانية» عام:1922م. وتوفيت في مدينة«ديون» بألمانية في كانون الثاني(يناير) عام:2003 عن عمر يناهز الثمانين عاماً.
وقامت شيمل بالتدريس في عدة جامعات شرقية وغربية،في ألمانيا حيث عُيّنت أستاذة مساعدة في الاستشراق في جامعة«ماربورغ»،وهي في سن23 من عمرها،وكانت تُدرس مختلف المواد عن الشرق والإسلام،كالآداب العربية والفارسية والتركية، والفن الإسلامي والتاريخ،ثم سافرت إلى تركيا،وقامت بالتدريس في جامعة أنقرة عام:1954م بكلية الشريعة الإسلامية،وكانت تُحاضر باللغة التركية،كما درّست الأدب التركي القديم،وعادت إلى ألمانية عام:1961م،وعُينت أستاذة للأدب العربي والدين الإسلامي في جامعة«بون».وفي عام1965 سافرت إلى كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في مؤتمر تاريخ الأديان،فعرض عليها كرسي الثقافة الإسلامية في الهند في جامعة(هارفارد) الذي أسسه أحد الهنود المسلمين،وأوصى بأمواله لخدمة شعراء الهند المسلمين،وهناك قامت السيدة شيمل بتدريس مادة الخط الإسلامي،والأدب،والتصوف، ولغة الأردو في الهند،وأشرفت على ترجمة الآداب الإسلامية الهندية إلى الإنجليزية.كما قامت بتدريس الحضارة الإسلامية الهندية بالهند،وحاضرت في عدة جامعات أمريكية،وفي معهد الدراسات في لندن،بالإضافة إلى التدريس في جامعات تركيا،وألمانيا، والهند، وأمريكا،والسويد،وقد رأست معهد«غوته» في بيروت،وكانت عضواً في كثير من الأكاديميات العالمية،وعضواً في دائرة المعارف الإسلامية للأديان،وكثير من المؤسسات الأخرى .
أما مصنفاتها،فقد بلغت نحو ثلاثين كتاباً تتعلق بالتصوف،والتعريف بالإسلام،والدراسات الإسلامية المتخصصة وغيرها،نذكر منها:
-1-الخليفة والقاضي في مصر أواخر عصر المماليك،وهي رسالة جامعية،1943.
-2-أخي إسماعيل:ذكريات عن تركيا،1990.
-3-كتاب: بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن إياس«دراسة»،1945.
-4- مختارات من مقدمة ابن خلدون،(ترجمة من العربية إلى الألمانية)،1951.
-5-مختارات من الشعر العربي المعاصر،1975.
-6-تعليم اللغة العربية،1975.
-7-الأسماء الإسلامية من علي إلى الزهراء،1973.
-8-محمد إقبال اللاهوري،(ترجمت له عدة دواوين هي:جاويدنامة، وجناح جبرائيل،ورسالة الشرق،وزيوم عجم).
-9-جلال الدين الرومي(ترجمت له وكتبت عنه:مختارات من ديوان شمس التبريزي، والرومي:حياة وتراث جلال الدين الرومي. والشمس المنتصرة.وأنظر إلى الحب...).
-10-ماري شيمل:صوت الناي(مجموعة شعرية)،1948.
11-ماري شيمل: المرأة الشرقية(مجموعة شعرية)1998.
12-أدعية ومناجاة إسلامية(ترجمة من العربية إلى الألمانية).
13-محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بالإضافة إلى كل ذلك فقد كتبت وترجمت عن الشعر والشعراء في بلاد فارس وتركيا،والأدب العربي،ونشرت عدة مقالات في مجلة«فكر وفن» التي تصدر في ألمانيا باللغة العربية،وفي غيرها.
كما شارك في الندوة أيضاً الأساتذة الباحثون:هشام جعيط، سالم بوخدّاجة، فوزي البدوي، العروسي الأسمر، العادل خضر، فريد العليبي، فتحي الغدامسي، رمزي بن حليمة، منير زكري، ، عبد الله البهلول، علي الغيضاوي، أسماء الجموسي ،التي تناولت في مداخلتها«القراءة الاستشراقية للقصيدة»،بينت فيها الإشكالية المطروحة، وهي منهج قراءة التراث، وتساءلت عن البراءة في القراءة الاستشراقية للقصيدة العربية، وأشارت إلى وجود عدائي، وتوجه آخر احتوائي.
كما شارك في الندوة أيضاً، توفيق قريرة، عبد الفتاح الفرجاوي، الحبيب النصراوي، محمّد الصحبي البعزاوي، المنجي العمري، عبد العزيز لبيب، حمّادي المسعودي، بلغيث عون، بثينة الجلاصي، محمد علي الحبيّب، محمّد الرحموني، معزّ نصري، منجية عرفة منسية، ، عدلان جمعة، عبد الرزاق المجبري، علي بن مبارك، سهام الدريسي، سعاد خوجة، ونّاس الحفيان،( من المغرب الأدنى).
والدكتور الطاهر رواينية، الذي قدم في محاضرته الموسومة :«ما بعد الاستشراق:النقد الجديد، وتحديث النقد العربي»،نظرة دعا من خلالها إلى تحديث، وتجديد النقد العربي، وعدم الارتباط بالاستشراق الذي تجاوزه الزمن، فبهذه المرحلة،أي مرحلة ما بعد الاستشراق آلية جديدة، ومناهج أخرى في مقاربة العلوم.
و الدكتور عبد الحق بلعابد ،الذي قدم مداخلة تتبنى في صُلبها مجازات، وصوراً شعرية تقوم على الانخراط في ذات الآخر،لكأنه الذات تجاوزاً للخطايا الخلافية الاقتصادية .
و أما الدكتور حفناوي بعلي من الجزائر،فقدم بحثاً بعنوان:«الدراسات ما بعد الاستعمارية:خطاب ما بعد الاستشراق»،ومما جاء فيه:«صاغت تجربة الاستعمار أو الكولونيالية حيوات ،وأعمار ثلاثة أرباع البشرية،التي تعيش في عالم اليوم. وكانت هذه الصياغة من العمق لدرجة أن تأثيرها،لم يقتصر على المجالات السياسية والاقتصادية وحدها،بل تعداه إلى المجالات الثقافية والفكرية والأيديولوجية،ومنها إلى المدارك والتصورات،التي يوفر الأدب والفن والثقافة عموماً،واحداً من أهم السبل في التعبير عنها. غير أن هذه الصياغة لم تحمل معنى الامتثال والمحاكاة السلبية فحسب،بل حملت أيضاً ومنذ وطأت أقدام المستعمرين أراضي الشعوب الأخرى،معنى الرد والمقاومة على اختلاف أبعادها وألوانها ومراميها، تبعاً للمسار التاريخي الذي قطعته تجربة الاستعمار وصولاً إلى زواله.
أبرز إدوارد سعيد أن هناك سمات ملازمة للنصوص،التي تتناول البلدان المستعمرة، والتي مصدرها أنظمة عقائدية تهيكل القوالب الخطابية، وتعطيها المصداقية والقوة،علاقات السلطة التي نجدها في الإمبريالية، وتذهب"ماري لويز برات" إلى أن تلك البلدان التي استعمرت،أصبحت لا ترى سوى أنها مواضيع البحث والمعرفة،فلم يكن يمثل واقع هذه البلدان على أنه من نفس شاكلة واقع البلدان الغربية،لكن كانت مهمة المعمرين عند كتابتهم عنه،أن ينتجوا ما كانوا يسمونه أنفسهم ب:"المعلومات"،وكانت مهمتهم إدماج واقع معين في سلسلة من الأنظمة المعرفية المتشابكة،منها الجمالية والجغرافية والاقتصادية والإثنوغرافية وما إليها». ومحمد رمضان، وعلي خفيف (من المغرب الأوسط).
وشارك من المغرب الأقصى الدكتور محمد مفتاح،الذي تميزت مداخلته بأهمية خاصة ،نظراً لما يتمتع به من حدس في عالم السيمائيات،وقد أشار إلى أن الاستشراق يقوم على حقيقتين، وبين أن الثقافة الشرقية، والثقافة الغربية لهما أصل واحد ،كما قدم مقاربة طريفة لجملة من المفاهيم، وهي الاستشراق، والإتئسان،والاستخفاف.
وأماالدكتور سعيد يقطين، فقدأشار في مداخلته الموسومة:«الاستشراق والسرد العربي:السيرة الشعبية نموذجاً»،إلى أن الآخر كان يقوم بالفعل،ولم نكن نقوم إلا برد الفعل، وتناول مسألة اهتمام المستشرقين بالنصوص السردية بصورة عامة، والسيرة الشعبية بصورة خاصة، وتساءل لما لا نهتم نحن بالسيرة الشعبية، وانتهى إلى أن التراث السردي الشعبي ظل مُغيباً ،وتساءل عن أسباب ذلك .
وقد تم تكريم شخصيتين متميزتين على هامش الندوة الدولية للاستشراق برقادة، وكانت الشخصية المكرمة الأولى،هو الأستاذ الدكتور هشام جعيط من المغرب الأدنى، وهو مفكر تونسي،من مواليد1935 بتونس العاصمة،حصل على دكتوراه الدولة في التاريخ والعلوم الإنسانية من جامعة السوربون بباريس عام:1981م، درس بكلية الآداب بتونس،ثم بالسربون بباريس،كما دُعي كأستاذ زائر في عدة جامعات غربية وأمريكية.
من مؤلفاته:
-الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي(بالفرنسية1974).
-أوروبا والإسلام:صدام الثقافة والحداثة(بالفرنسية،1978).
-الكوفة: نشأة المدينة العربية الإسلامية (بالفرنسية والعربية1986 ).
-الفتنة:جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكر(بالفرنسية1989،بالعربية1992).
-في السيرة النبوية«الوحي والقرآن والنبوة»(2000).
أما الشخصية المكرمة الثانية،فهو الأستاذ الدكتور محمد مفتاح من المغرب الأقصى،من مواليد المغرب،حصل على دبلوم الدراسات العليا من كلية الآداب بفاس، عام:1972،وعلى شهادة دكتوراه الدولة من كلية الآداب بالرباط عام:1981.
-أستاذ بكلية الآداب،منذ عام1969 بالمغرب الأقصى،وعضو لجنة التقويم والاعتماد الخاصة بالدراسات العليا في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالمغرب.
من مؤلفاته:
1-تحقيق شعر لسان الدين الخطيب.
2-التيار الصوفي والمجتمع في المغرب الإسلامي في القرن الثامن هجري،الرابع عشر(14)ميلادي.
3-في سيمياء الشعر القديم،الدار البيضاء،المغرب 1983م.
4-تحليل الخطاب الشعري(استراتيجية التناص)،المركز الثقافي العربي،بيروت،لبنا، الدار البيضاء،المغرب،الطبعة الثانية،1992م.
5-دينامية النص(تنظير وإنجاز)،المركز الثقافي العربي،بيروت،لبنان، الدار البيضاء،المغرب،الطبعة الأولى،1987م.
6-مجهول البيان،دار توبقال للنشر،الدار البيضاء، المغرب،1990.
7-التلقي والتأويل :مقاربة نسقية،المركز الثقافي العربي،بيروت،لبنان،الدار البيضاء،المغرب،1994.
8-التشابه والاختلاف،نحو منهجية شمولية،المركز الثقافي العربي،بيروت، الدار البيضاء،1996.
- نشر عدة دراسات ومقالات نقدية،وأدبية في دوريات ومجلات عربية ومغربية.
-شارك في العديد من المؤتمرات الدولية والمغربية.
وفي ختام الندوة أعد المشاركون كلمة،قدمها الأستاذ الدكتور سعيد يقطين من المغرب الأقصى،أصالة عن نفسه ،ونيابة عن زملائه، ومما جاء فيها :
« أيها الحاضرون الكرام
يسرّني، أصالة عن نفسي ونيابة عن زملائي المشاركين العرب في النّدوة العلميّة الدوليّة التي نظمها قسم اللّغة والأدب والحضارة العربيّة بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بالقيروان أيام 8-9-10 ديسمبر 2009 بقاعة الأطروحات برحاب كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بالقيروان، أن أتقدّم بجزيل الشّكر إلى الإخوة في قسم اللغة العربيّة، وعلى رأسهم الأستاذ رضا بن حميد على ما غمرونا به من فائض المحبّة وصادق المشاعر ووفروه لنا من جوّ إنسانيّ رائع، ونحن نشارك في أشغال هذه النّدوة الهامّة، التي وفّقوا في اختيار موضوعها، وإحكام تنظيم جلساتها، عبر توزيع محاورها وتعدّد قضاياها...
إنّنا ونحن نسجّل أهميّة أشغال هذه النّدوة العلميّة، ونثمّن النجاح الباهر الذي حققته سواء على مستوى نوعيّة المداخلات وطبيعة النقاش وغزارة الحضور من الطلبة والأساتذة، نبيّن أنّ أهمّ الخلاصات التي يمكننا تقييدها استشرافا للمستقبل، وفتحا لآفاق جديدة للتفكير والعمل، انطلاقا من حصيلة هذه الندوة العلمية الهامة، تتمثّل فيما يلي:
1. طبع أشغال هذه الندوة لتكون مرجعا للطالب والباحث
2. العمل على توفير المادّة الاستشراقية بلغاتها الأصلية في مكتبات الجامعات والكليات العربية، والعمل على ترجمتها ودراستها دراسة علمية.
3. لقد كان أهمّ أثر للاستشراق في الثقافة العربيّة يبرز في إيجاد النصّ العربيّ وتحقيقه، خلال فترة الطباعة. ولولا مجهوداتهم العظيمة لما تعرفنا على الكثير من الكتب والأعلام العربية-الاسلامية. ولقد سار على منوال المستشرقين علماء أجلاّء عرب في الاشتغال بالتحقيق وفق أصول علميّة، جعلت التحقيق مبحثا من أهمّ المباحث العربيّة، فقدوا بذلك خدمات جلّى للثقافة العربية
أمّا اليوم، ونحن على عتبة حقبة جديدة، من الإنتاج والتلقي، عبر توظيف وسائط جديدة للمعلومات والتواصل، والتي أدّت إلى ظهور الرّقامة أمام ضرورة علميّة ومعرفيّة لا تقلّ أهميّة عن علم التحقيق الذي ارتبط بالطباعة. إنّها مرحلة "ترقيم" النصّ العربي الإسلاميّ.
لقد سبقنا المستشرقون إلى تحقيق التراث العربيّ. ولا يمكننا ان ننتظر منهم العمل على ترقيمه. إنّ أهمّ درس يمكننا استخلاصه، ونحن في ندوة حول الاستشراق وأثره في الثقافة العربيّة، هو أن علينا العمل على ترقيم التراث العربي مستهدين بطريقتهم في التحقيق.
دخل العرب مرحلة الطباعة فظلّوا منفعلين بها سبقهم إليها المستشرقون. ولا يمكننا دخول مرحلة الرقامة إلاّ معتمدين على أنفسنا لنكون فاعلين، ناقلين تراثنا إلى الأجيال القادمة بوعي ومسؤولية وإبداع.
شكرا مرّة أخرى لكلّ الذين ساهموا في إنجاح هذه التظاهرة العلميّة، وأخصّ بالذّكر رئاسة الجامعة، وكليّة الآداب وقسم اللغة العربيّة وآدابها، وكلّ المشاركين من تونس وخارجها.
والله وليّ التوفيق. وشكرا ».
كما قدمت اللجنة التنظيمية للندوة تقريراً ختامياً، ومما ورد فيه:« وبهذا تكون النّدوة قد قدّمت مجموع أعمالها وأبانت عن مختلف تصوّراتها، وأثارت من الأسئلة ما به يُدعى الباحث إلى تعميق النظر.
لقد تطلّعت هذه النّدوة إلى جملة من المطامح المعرفيّة والفكريّة والمنهجيّة:
- تعميق الروابط بين الأساتذة الباحثين في الجامعات العربية
- الاهتمام بموضوع الاستشراق وأثره في الثقافة العربية اهتماما علميّا وتناولها في حقول معرفيّة متنوعة، ومن زوايا متكاملة تاريخية، واجتماعيّة، وفلسفيّة، وانتروبولوجيّة، ولسانية تداوليّة، وأدبيّة...
- مراجعة الطروحات الاستشراقيّة وكيفيّة تقبّلها لفهمها منزّلةً في سياقاتها الحضاريّة والثقافيّة التي احتضنتها، حتّى تأخذ قضيّة الاستشراق في الثقافة العربيّة أبعادا أخرى تنأى بالموضوع عن طرائق السّجال والإقصاء إلى سبل للحوار أعمق وأخصب وأقدر على فهم الذّات وفهم الآخر فهما يتيح تحقيق أفضل القيم وينظر من خلاله في الإنسان والثقافة والمعرفة نظرة تساعد على التواصل والبناء بدلا من التفاصل والإقصاء فالهموم مشتركة والمقصد الأسمى واحد.
- إعادة النظر في مقولات الأنا والآخر، والأصيل والدّخيل.
- دعوة المثقف العربيّ إلى عدم الاكتفاء بالمكتسبات النّظريّة، بل هو مدعوّ إلى الاضطلاع بأدواره العلميّة والثقافيّة.
في هذا الإطار، دعونا إلى المشاركة في أعمال هذه النّدوة،نخبة من الباحثين الأكفاء والأساتذة الأجلاّء، ثلاثة وخمسين مشاركا، من ذوي الاختصاص، أضافوا إلى النّدوة بحضورهم، فأفادوا بعلمهم العميق وحسّهم النّقديّ الدّقيق، وحقّقوا شرطا من شروط المعرفة أكيدا، شرط التمثّل القويم والإضافة النّوعيّة.
وممّا ميّز هذه النّدوة العلميّة، في مختلف جلساتها العلميّة:
- الحضور الكثيف-أساتذة وطلبة- والمتابعة الجدّية والنقاش الثريّ البنّاء
- شيوع التفكير النّقديّ لدى المثقف العربيّ، تبيّنا هذا في كيفيّة تناول أغلب المتدخّلين للموضوع بمسافة نقديّة واضحة والانتباه إلى إمكان التفكير انطلاقا من الذات بدلا من اعتبار الذات موضوعا للتفكير أو تنصيب الآخر مركزا واتخاذه معيارا.
وقد عبّر عدد من الحاضرين عن تقديرهم لسير أشغال النّدوة وحسن تنظيمها وثمّنوا ما جاء فيها واقترحوا أن ينال النّقاش حظّا أوفر من الوقت، وأن يكون مباشرة بعد انعقاد الجلسة العلميّة الواحدة بدلا من مناقشة الجلستين معا.
وكانت هذه النّدوة فرصة لتكريم علمين كبيرين هما الأستاذان هشام جعيّط ومحمد مفتاح، اعترافا بجهودهما وتقديرا لما أسدياه إلى الفكر العربيّ من جليل الأعمال والإضافات. وقد لاقى هذا التّكريم استحسانا بدا في كلمات الحاضرين.
وفي الختام نشكر مجددا الأساتذة الباحثين الذين وفدوا علينا من الجامعات الجزائرية والمغربية والليبية والفرنسية، ونثمن الدور الذي اضطلعوا به في هذه الندوة.
واللجنة التنظيمية تقدر هذا التفاعل البناء وتدعو إلى مزيد الحوار بين المؤسسات الجامعية العربية ومزيد تفعيل الشراكة العلمية ،وتعد بنشر هذه الأعمال وهي تطلب إلى السادة المحاضرين تسليم أعمالهم في نسختين (ورقية ورقمية)،وتدعو إلى التفكير معا في موضوع الندوة العلمية القادمة اقتراحا للموضوع وتصورا لقضاياه الكبرى».
العنوان:
: ص.ب 76 A (وادي القبة) عنابة، الجزائر
الهاتف: 0021338541535
المحمول:00213772108782
الناسوخ (الفاكس) : 0021338541535
البريد الإلكتروني : [email protected]
الموقع على شبكة الإنترنت : www.bounamagazine.5u.com
-
وشارك في فعاليات هذا المؤتمر نخبة من الأساتيذ والعلماء والباحثين من مختلف بلدان العالم، من المغرب الأدنى(تونس،وليبيا) ،والمغرب الأوسط(الجزائر)،والمغرب الأقصى، وفرنسا، وغيرها.
قدموا خلال ثلاثة أيام ما يزيد عن خمسين مداخلة تتعلق بالاستشراق وأثره في الثقافة العربية.
إن موضوع الندوة هام رغم أنه سبق الخوض فيه في عديد المناسبات،إلا أنه لا يزال يستحق الندوات والدراسات تلو الدراسات.
لقد اهتم المفكرون العرب في القرن الماضي بالاستشراق والمستشرقين، فظهر لكثير من المفكرين والباحثين العرب دراسات متعددة ومختلفة عنهم تراوحت بين المدح والذم، رأى بعضهم أنَّ الاستشراق كان حركة شريرة لم تقدم لتاريخنا العربي، ومقدساتنا أية خدمة أو نفع، ورأى آخرون أن الاستشراق حركة كان لها من الأهداف المعادية للعروبة والإسلام، ولكنه يَظَلُّ مساهمة لا يمكن تجاهل أهميتها أو التَّغاضِي عّما كان لها من مردود واضح الأثر في إغناء الدراسات العربية والإسلامية في مختلف حقولها، وآفاقها.
» واتُّهم من أنصف المستشرقين، ومن تجنَّى عليهم هو أيضا متّهم « ،وتظَلُّ ظاهرة الاستشراق موضع جدل وبحث، وهذا ما يدعونا إلى القول بأنَّ الاستشراق لم ينل حظه من البحث العلمي المتجرد، وأن الكثير من الدراسات في هذا الموضوع ما تزال بحاجة إلى إعادة النظر، وخاصة ونحن على أعتاب العولمة (العالمية) التي يجب التعامل معها » كظاهرة لا مفر من الإقرار بوجودها، ولكن من الضرورة الاهتمام بها ومحاولة الاستفادة من جوانبها الإيجابية، والتحفظ على جوانبها السلبية.. أي : نَسْتَطيع إعداد خطة علمية للاستفادة من العولمة العالمية ومواجهة العولمة الأمريكية».
لكل هذه الأسباب كان موضوع الندوة جديراً بالدراسة والبحث،وهو ما قام به الباحثون في أبحاثهم المقدّمة في الندوة عبر محاورها التي حددتها اللجنة العلمية للندوة التي يرأسها الأستاذ الدكتور رضا بن حميد،رئيس القسم، وقد أشار في كلمته الافتتاحية إلى هذه المحاور ، وأهمية مثل هذه الندوات، وما تُقدمه للبحث العلمي من إضافة خاصة إذا كان المتدخلون من كبار الأسماء في هذا الاختصاص.
أما الأستاذ الدكتور محمد بن دريسة،رئيس جامعة القيروان، فبين في كلمته الافتتاحية قيمة الندوات العلمية، وأثرها في تنشيط البحث العلمي في تونس، والوطن العربي ،تلتها كلمة الدكتورة ليلى الرماح ،عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان، التي رحبت بالضيوف، ووعدت بطبع الأبحاث المُقدمة في الندوة،ثم قدم الأستاذ الدكتور محمد بوهلال، مدير وحدة البحث«اتصال العلوم وانفصالها في الثقافة العربية» بسوسة،فأشاد بما بذله قسم اللغة العربية من جهد في الارتقاء بمستوى الجامعة في مجال البحث العلمي، وإصراره على إنجاح مثل هذه الندوات المهمة.
وعبروا جميعا عن فرحتهم وشكرهم للأساتذة الباحثين الذين تجشموا عناء السفر، والتنقل، وجاؤوا من كُورِ وأصقاع شتى لحضور هذا المؤتمر العلمي .
أما الجلسات العلمية التي شارك فيها ما يزيد عن خمسين باحثاً،قدموا خلالها بحوثاً تعالج قضايا الاستشراق وأثره في الثقافة العربية،نذكر منها: بحث الدكتور حمادي بن جاب الله الموسوم ب:« القبلي السياسي والقبلي النظري في مقاربة الظاهرة الاستشراقية » ،تناول فيه مسألة التقابل بين الشرق والغرب ومشروعيته،فالصينيون مثلاً لم يقسموا العالم إلى شرق وغرب،بل إلى وسط هي الصين، وإلى أطراف هي بقية الأمم،جعلها الله لتحمي بلاد الصين،ولم يكن من عادة العلماء العرب المسلمين الاكتفاء بشرق وغرب،وإنما بمشارق الأرض ومغاربها، وتساءل عن مدى براءة الاستشراق من السياسة والهيمنة الاستعمارية، ومدى ارتباط بعض العلوم بها كالجغرافيا مثلاً، ولكن هذا لا يمنع من مساءلة آدائهم العلمي حتى ولو كانوا جواسيس.
وتناول الدكتور محمود المليان من جامعة ليون3 بفرنسا، موضوعاً بعنوان:« مساهمة في تقديم هنري كوربان (Henry Corbin 1903- 1978) فيلسوفا ومستشرقا».وأما الدكتور علي دراجي ، فقد قدم مداخلة بعنوان:« الاستشراق والتاريخانية العربيّة» ،جاء فيها على الخصوص: «تسربت جهود الاستشراق إلى فضاء الثقافة العربية فأصابت عدوى التاريخانية (l’historicisme) علماء الأمة المحدثين، وهي حقيقة تجلت في مناهج القراءة التاريخية المنفصلة عن المعطى الإيماني، المكتفية بالحدث الإنساني في بعديه الزماني والمكاني .لتاريخانية كما عرفها العروي وهو من أبرز دعاتها ومناصريها "هي النزعة التاريخية التي تنفي أي تدخل خارجي في تسبب الأحداث التاريخية، بحيث يكون التاريخ هو سبب وخالق ومبدع كل ما روي ويروى عن الموجودات". إنها بهذا المعنى تعبير عن رؤية فلسفية ترفع القراءة التاريخية إلى مستوى من الوعي ينفصل فيها الحدث التاريخي عن الميتافيزيقي فيصبح الإنسان وحده مالكا لمصيره واعيا وعيا موضوعيا بما حدث وبما هو حادث وبما يكون في مستقبل وجوده،إنها التمثل العلمي الموضوعي لوقائع الماضي بعيدا عن العوامل الخارجة عن إرادة الإنسان (الله، القضاء، القدر، المعجزات...). التاريخانية إذن هي إخضاع التاريخ البشري للنزعة العقلانية الحديثة، إنها في منظور من آمن بها مشروع إيديولوجي كفاحي يرمي إلى تحرير العقل من قيود اللاعقل،قاد هذا الاتجاه الفكري الناشئ عن ثمرات الاستشراق جهود النخبة العربية المثقفة في العقود الأخيرة من القرن العشرين، ووجه القراءة التاريخية للموروث العربي والإسلامي وجهة جديدة هي أقرب إلى التحرر من الرؤية السكونية للموروث، ومن النزعة الجامدة المرتكزة على قداسة السلف».
وأعدَّ الدكتور/سعد بوفلاقة من المغرب الأوسط مداخلة موسومة ب:«الاستشراق الألماني وأثره في الثقافة العربية-آنا ماري شيمل نموذجاً-»،قدّم فيها عينة من أعمال المستشرقين المنصفين الألمان،وفقاً للخطوات المنهجية الآتية:
أولاً:معطيات
1- مدلولات كلمة استشراق
2- مدلولات كلمة مستشرق
3- تاريخ الاستشراق
4 -دوافع وأهداف الاستشراق والمستشرقين
5- مجالات الاستشراق ووسائله
6- منهج المستشرقين في دراساتهم
ثانياً:الاستشراق الألماني و أثره في الثقافة العربية
1-نشأة الاستشراق الألماني وأعلامه
2-غلبة الروح العلمية والموضوعية على المستشرقين الألمان
3-موازنة بين الاستشراق الفرنسي والاستشراق الألماني
4-أثر الاستشراق الألماني في الثقافة العربية
ثالثاً:آنا ماري شيمل عاشقة الشرق
1-موجز ترجمتها
2-معرفتها باللغات
3-اتصالها بالعالم الإسلامي
4-مناصبها العلمية في الجامعات الشرقية والغربية
5-مصنفاتها
6-حبها للقرآن الكريم وانتقادها لسلمان رشدي
7-الجوائز والأوسمة
8-وصيتها: بتأسيس نادي حوار الثقافات
9-فذلكة
وقد أشار في مداخلته إلى غلبة الروح العلمية والموضوعية على المستشرقين الألمان، وقال:« لقد كانت الجهود التي بذلها الاستشراق الألماني تكاد تكون أبرز الجهود على الإطلاق، و قد تميز معظم المستشرقين الألمان بالجدية في البحث، و كتبوا عن العروبة والإسلام ما أملته عليهم وقائع التقدم،و لم يخضعوا لغايات سياسية و دينية ، و استعمارية ، بسبب عدم تورط ألمانيا بالاستعمار، و عدم اهتمامها بنشر الدين المسيحي في الشرق.
وقد تميز الاستشراق الألماني "بالدراسات الشرقية القديمة ،والاهتمام بالآثار و الآداب وهذا النوع من الدراسات عادة يكون خالياً من الأغراض السياسية ، وكذلك غلب على الاستشراق الألماني الروح العلمية ، و الموضوعية ، و التجرد ، و الإنصاف، و مبعث ذلك خصال الألمان المجبولة على الدقة و الصبر والمنهج العلمي الصارم ».
أما المستشرقة الألمانية آنا ماري شيمل،عاشقة الشرق،فقد ولدت بمدينة«إيرفورت الألمانية» عام:1922م. وتوفيت في مدينة«ديون» بألمانية في كانون الثاني(يناير) عام:2003 عن عمر يناهز الثمانين عاماً.
وقامت شيمل بالتدريس في عدة جامعات شرقية وغربية،في ألمانيا حيث عُيّنت أستاذة مساعدة في الاستشراق في جامعة«ماربورغ»،وهي في سن23 من عمرها،وكانت تُدرس مختلف المواد عن الشرق والإسلام،كالآداب العربية والفارسية والتركية، والفن الإسلامي والتاريخ،ثم سافرت إلى تركيا،وقامت بالتدريس في جامعة أنقرة عام:1954م بكلية الشريعة الإسلامية،وكانت تُحاضر باللغة التركية،كما درّست الأدب التركي القديم،وعادت إلى ألمانية عام:1961م،وعُينت أستاذة للأدب العربي والدين الإسلامي في جامعة«بون».وفي عام1965 سافرت إلى كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في مؤتمر تاريخ الأديان،فعرض عليها كرسي الثقافة الإسلامية في الهند في جامعة(هارفارد) الذي أسسه أحد الهنود المسلمين،وأوصى بأمواله لخدمة شعراء الهند المسلمين،وهناك قامت السيدة شيمل بتدريس مادة الخط الإسلامي،والأدب،والتصوف، ولغة الأردو في الهند،وأشرفت على ترجمة الآداب الإسلامية الهندية إلى الإنجليزية.كما قامت بتدريس الحضارة الإسلامية الهندية بالهند،وحاضرت في عدة جامعات أمريكية،وفي معهد الدراسات في لندن،بالإضافة إلى التدريس في جامعات تركيا،وألمانيا، والهند، وأمريكا،والسويد،وقد رأست معهد«غوته» في بيروت،وكانت عضواً في كثير من الأكاديميات العالمية،وعضواً في دائرة المعارف الإسلامية للأديان،وكثير من المؤسسات الأخرى .
أما مصنفاتها،فقد بلغت نحو ثلاثين كتاباً تتعلق بالتصوف،والتعريف بالإسلام،والدراسات الإسلامية المتخصصة وغيرها،نذكر منها:
-1-الخليفة والقاضي في مصر أواخر عصر المماليك،وهي رسالة جامعية،1943.
-2-أخي إسماعيل:ذكريات عن تركيا،1990.
-3-كتاب: بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن إياس«دراسة»،1945.
-4- مختارات من مقدمة ابن خلدون،(ترجمة من العربية إلى الألمانية)،1951.
-5-مختارات من الشعر العربي المعاصر،1975.
-6-تعليم اللغة العربية،1975.
-7-الأسماء الإسلامية من علي إلى الزهراء،1973.
-8-محمد إقبال اللاهوري،(ترجمت له عدة دواوين هي:جاويدنامة، وجناح جبرائيل،ورسالة الشرق،وزيوم عجم).
-9-جلال الدين الرومي(ترجمت له وكتبت عنه:مختارات من ديوان شمس التبريزي، والرومي:حياة وتراث جلال الدين الرومي. والشمس المنتصرة.وأنظر إلى الحب...).
-10-ماري شيمل:صوت الناي(مجموعة شعرية)،1948.
11-ماري شيمل: المرأة الشرقية(مجموعة شعرية)1998.
12-أدعية ومناجاة إسلامية(ترجمة من العربية إلى الألمانية).
13-محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بالإضافة إلى كل ذلك فقد كتبت وترجمت عن الشعر والشعراء في بلاد فارس وتركيا،والأدب العربي،ونشرت عدة مقالات في مجلة«فكر وفن» التي تصدر في ألمانيا باللغة العربية،وفي غيرها.
كما شارك في الندوة أيضاً الأساتذة الباحثون:هشام جعيط، سالم بوخدّاجة، فوزي البدوي، العروسي الأسمر، العادل خضر، فريد العليبي، فتحي الغدامسي، رمزي بن حليمة، منير زكري، ، عبد الله البهلول، علي الغيضاوي، أسماء الجموسي ،التي تناولت في مداخلتها«القراءة الاستشراقية للقصيدة»،بينت فيها الإشكالية المطروحة، وهي منهج قراءة التراث، وتساءلت عن البراءة في القراءة الاستشراقية للقصيدة العربية، وأشارت إلى وجود عدائي، وتوجه آخر احتوائي.
كما شارك في الندوة أيضاً، توفيق قريرة، عبد الفتاح الفرجاوي، الحبيب النصراوي، محمّد الصحبي البعزاوي، المنجي العمري، عبد العزيز لبيب، حمّادي المسعودي، بلغيث عون، بثينة الجلاصي، محمد علي الحبيّب، محمّد الرحموني، معزّ نصري، منجية عرفة منسية، ، عدلان جمعة، عبد الرزاق المجبري، علي بن مبارك، سهام الدريسي، سعاد خوجة، ونّاس الحفيان،( من المغرب الأدنى).
والدكتور الطاهر رواينية، الذي قدم في محاضرته الموسومة :«ما بعد الاستشراق:النقد الجديد، وتحديث النقد العربي»،نظرة دعا من خلالها إلى تحديث، وتجديد النقد العربي، وعدم الارتباط بالاستشراق الذي تجاوزه الزمن، فبهذه المرحلة،أي مرحلة ما بعد الاستشراق آلية جديدة، ومناهج أخرى في مقاربة العلوم.
و الدكتور عبد الحق بلعابد ،الذي قدم مداخلة تتبنى في صُلبها مجازات، وصوراً شعرية تقوم على الانخراط في ذات الآخر،لكأنه الذات تجاوزاً للخطايا الخلافية الاقتصادية .
و أما الدكتور حفناوي بعلي من الجزائر،فقدم بحثاً بعنوان:«الدراسات ما بعد الاستعمارية:خطاب ما بعد الاستشراق»،ومما جاء فيه:«صاغت تجربة الاستعمار أو الكولونيالية حيوات ،وأعمار ثلاثة أرباع البشرية،التي تعيش في عالم اليوم. وكانت هذه الصياغة من العمق لدرجة أن تأثيرها،لم يقتصر على المجالات السياسية والاقتصادية وحدها،بل تعداه إلى المجالات الثقافية والفكرية والأيديولوجية،ومنها إلى المدارك والتصورات،التي يوفر الأدب والفن والثقافة عموماً،واحداً من أهم السبل في التعبير عنها. غير أن هذه الصياغة لم تحمل معنى الامتثال والمحاكاة السلبية فحسب،بل حملت أيضاً ومنذ وطأت أقدام المستعمرين أراضي الشعوب الأخرى،معنى الرد والمقاومة على اختلاف أبعادها وألوانها ومراميها، تبعاً للمسار التاريخي الذي قطعته تجربة الاستعمار وصولاً إلى زواله.
أبرز إدوارد سعيد أن هناك سمات ملازمة للنصوص،التي تتناول البلدان المستعمرة، والتي مصدرها أنظمة عقائدية تهيكل القوالب الخطابية، وتعطيها المصداقية والقوة،علاقات السلطة التي نجدها في الإمبريالية، وتذهب"ماري لويز برات" إلى أن تلك البلدان التي استعمرت،أصبحت لا ترى سوى أنها مواضيع البحث والمعرفة،فلم يكن يمثل واقع هذه البلدان على أنه من نفس شاكلة واقع البلدان الغربية،لكن كانت مهمة المعمرين عند كتابتهم عنه،أن ينتجوا ما كانوا يسمونه أنفسهم ب:"المعلومات"،وكانت مهمتهم إدماج واقع معين في سلسلة من الأنظمة المعرفية المتشابكة،منها الجمالية والجغرافية والاقتصادية والإثنوغرافية وما إليها». ومحمد رمضان، وعلي خفيف (من المغرب الأوسط).
وشارك من المغرب الأقصى الدكتور محمد مفتاح،الذي تميزت مداخلته بأهمية خاصة ،نظراً لما يتمتع به من حدس في عالم السيمائيات،وقد أشار إلى أن الاستشراق يقوم على حقيقتين، وبين أن الثقافة الشرقية، والثقافة الغربية لهما أصل واحد ،كما قدم مقاربة طريفة لجملة من المفاهيم، وهي الاستشراق، والإتئسان،والاستخفاف.
وأماالدكتور سعيد يقطين، فقدأشار في مداخلته الموسومة:«الاستشراق والسرد العربي:السيرة الشعبية نموذجاً»،إلى أن الآخر كان يقوم بالفعل،ولم نكن نقوم إلا برد الفعل، وتناول مسألة اهتمام المستشرقين بالنصوص السردية بصورة عامة، والسيرة الشعبية بصورة خاصة، وتساءل لما لا نهتم نحن بالسيرة الشعبية، وانتهى إلى أن التراث السردي الشعبي ظل مُغيباً ،وتساءل عن أسباب ذلك .
وقد تم تكريم شخصيتين متميزتين على هامش الندوة الدولية للاستشراق برقادة، وكانت الشخصية المكرمة الأولى،هو الأستاذ الدكتور هشام جعيط من المغرب الأدنى، وهو مفكر تونسي،من مواليد1935 بتونس العاصمة،حصل على دكتوراه الدولة في التاريخ والعلوم الإنسانية من جامعة السوربون بباريس عام:1981م، درس بكلية الآداب بتونس،ثم بالسربون بباريس،كما دُعي كأستاذ زائر في عدة جامعات غربية وأمريكية.
من مؤلفاته:
-الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي(بالفرنسية1974).
-أوروبا والإسلام:صدام الثقافة والحداثة(بالفرنسية،1978).
-الكوفة: نشأة المدينة العربية الإسلامية (بالفرنسية والعربية1986 ).
-الفتنة:جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكر(بالفرنسية1989،بالعربية1992).
-في السيرة النبوية«الوحي والقرآن والنبوة»(2000).
أما الشخصية المكرمة الثانية،فهو الأستاذ الدكتور محمد مفتاح من المغرب الأقصى،من مواليد المغرب،حصل على دبلوم الدراسات العليا من كلية الآداب بفاس، عام:1972،وعلى شهادة دكتوراه الدولة من كلية الآداب بالرباط عام:1981.
-أستاذ بكلية الآداب،منذ عام1969 بالمغرب الأقصى،وعضو لجنة التقويم والاعتماد الخاصة بالدراسات العليا في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالمغرب.
من مؤلفاته:
1-تحقيق شعر لسان الدين الخطيب.
2-التيار الصوفي والمجتمع في المغرب الإسلامي في القرن الثامن هجري،الرابع عشر(14)ميلادي.
3-في سيمياء الشعر القديم،الدار البيضاء،المغرب 1983م.
4-تحليل الخطاب الشعري(استراتيجية التناص)،المركز الثقافي العربي،بيروت،لبنا، الدار البيضاء،المغرب،الطبعة الثانية،1992م.
5-دينامية النص(تنظير وإنجاز)،المركز الثقافي العربي،بيروت،لبنان، الدار البيضاء،المغرب،الطبعة الأولى،1987م.
6-مجهول البيان،دار توبقال للنشر،الدار البيضاء، المغرب،1990.
7-التلقي والتأويل :مقاربة نسقية،المركز الثقافي العربي،بيروت،لبنان،الدار البيضاء،المغرب،1994.
8-التشابه والاختلاف،نحو منهجية شمولية،المركز الثقافي العربي،بيروت، الدار البيضاء،1996.
- نشر عدة دراسات ومقالات نقدية،وأدبية في دوريات ومجلات عربية ومغربية.
-شارك في العديد من المؤتمرات الدولية والمغربية.
وفي ختام الندوة أعد المشاركون كلمة،قدمها الأستاذ الدكتور سعيد يقطين من المغرب الأقصى،أصالة عن نفسه ،ونيابة عن زملائه، ومما جاء فيها :
« أيها الحاضرون الكرام
يسرّني، أصالة عن نفسي ونيابة عن زملائي المشاركين العرب في النّدوة العلميّة الدوليّة التي نظمها قسم اللّغة والأدب والحضارة العربيّة بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بالقيروان أيام 8-9-10 ديسمبر 2009 بقاعة الأطروحات برحاب كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بالقيروان، أن أتقدّم بجزيل الشّكر إلى الإخوة في قسم اللغة العربيّة، وعلى رأسهم الأستاذ رضا بن حميد على ما غمرونا به من فائض المحبّة وصادق المشاعر ووفروه لنا من جوّ إنسانيّ رائع، ونحن نشارك في أشغال هذه النّدوة الهامّة، التي وفّقوا في اختيار موضوعها، وإحكام تنظيم جلساتها، عبر توزيع محاورها وتعدّد قضاياها...
إنّنا ونحن نسجّل أهميّة أشغال هذه النّدوة العلميّة، ونثمّن النجاح الباهر الذي حققته سواء على مستوى نوعيّة المداخلات وطبيعة النقاش وغزارة الحضور من الطلبة والأساتذة، نبيّن أنّ أهمّ الخلاصات التي يمكننا تقييدها استشرافا للمستقبل، وفتحا لآفاق جديدة للتفكير والعمل، انطلاقا من حصيلة هذه الندوة العلمية الهامة، تتمثّل فيما يلي:
1. طبع أشغال هذه الندوة لتكون مرجعا للطالب والباحث
2. العمل على توفير المادّة الاستشراقية بلغاتها الأصلية في مكتبات الجامعات والكليات العربية، والعمل على ترجمتها ودراستها دراسة علمية.
3. لقد كان أهمّ أثر للاستشراق في الثقافة العربيّة يبرز في إيجاد النصّ العربيّ وتحقيقه، خلال فترة الطباعة. ولولا مجهوداتهم العظيمة لما تعرفنا على الكثير من الكتب والأعلام العربية-الاسلامية. ولقد سار على منوال المستشرقين علماء أجلاّء عرب في الاشتغال بالتحقيق وفق أصول علميّة، جعلت التحقيق مبحثا من أهمّ المباحث العربيّة، فقدوا بذلك خدمات جلّى للثقافة العربية
أمّا اليوم، ونحن على عتبة حقبة جديدة، من الإنتاج والتلقي، عبر توظيف وسائط جديدة للمعلومات والتواصل، والتي أدّت إلى ظهور الرّقامة أمام ضرورة علميّة ومعرفيّة لا تقلّ أهميّة عن علم التحقيق الذي ارتبط بالطباعة. إنّها مرحلة "ترقيم" النصّ العربي الإسلاميّ.
لقد سبقنا المستشرقون إلى تحقيق التراث العربيّ. ولا يمكننا ان ننتظر منهم العمل على ترقيمه. إنّ أهمّ درس يمكننا استخلاصه، ونحن في ندوة حول الاستشراق وأثره في الثقافة العربيّة، هو أن علينا العمل على ترقيم التراث العربي مستهدين بطريقتهم في التحقيق.
دخل العرب مرحلة الطباعة فظلّوا منفعلين بها سبقهم إليها المستشرقون. ولا يمكننا دخول مرحلة الرقامة إلاّ معتمدين على أنفسنا لنكون فاعلين، ناقلين تراثنا إلى الأجيال القادمة بوعي ومسؤولية وإبداع.
شكرا مرّة أخرى لكلّ الذين ساهموا في إنجاح هذه التظاهرة العلميّة، وأخصّ بالذّكر رئاسة الجامعة، وكليّة الآداب وقسم اللغة العربيّة وآدابها، وكلّ المشاركين من تونس وخارجها.
والله وليّ التوفيق. وشكرا ».
كما قدمت اللجنة التنظيمية للندوة تقريراً ختامياً، ومما ورد فيه:« وبهذا تكون النّدوة قد قدّمت مجموع أعمالها وأبانت عن مختلف تصوّراتها، وأثارت من الأسئلة ما به يُدعى الباحث إلى تعميق النظر.
لقد تطلّعت هذه النّدوة إلى جملة من المطامح المعرفيّة والفكريّة والمنهجيّة:
- تعميق الروابط بين الأساتذة الباحثين في الجامعات العربية
- الاهتمام بموضوع الاستشراق وأثره في الثقافة العربية اهتماما علميّا وتناولها في حقول معرفيّة متنوعة، ومن زوايا متكاملة تاريخية، واجتماعيّة، وفلسفيّة، وانتروبولوجيّة، ولسانية تداوليّة، وأدبيّة...
- مراجعة الطروحات الاستشراقيّة وكيفيّة تقبّلها لفهمها منزّلةً في سياقاتها الحضاريّة والثقافيّة التي احتضنتها، حتّى تأخذ قضيّة الاستشراق في الثقافة العربيّة أبعادا أخرى تنأى بالموضوع عن طرائق السّجال والإقصاء إلى سبل للحوار أعمق وأخصب وأقدر على فهم الذّات وفهم الآخر فهما يتيح تحقيق أفضل القيم وينظر من خلاله في الإنسان والثقافة والمعرفة نظرة تساعد على التواصل والبناء بدلا من التفاصل والإقصاء فالهموم مشتركة والمقصد الأسمى واحد.
- إعادة النظر في مقولات الأنا والآخر، والأصيل والدّخيل.
- دعوة المثقف العربيّ إلى عدم الاكتفاء بالمكتسبات النّظريّة، بل هو مدعوّ إلى الاضطلاع بأدواره العلميّة والثقافيّة.
في هذا الإطار، دعونا إلى المشاركة في أعمال هذه النّدوة،نخبة من الباحثين الأكفاء والأساتذة الأجلاّء، ثلاثة وخمسين مشاركا، من ذوي الاختصاص، أضافوا إلى النّدوة بحضورهم، فأفادوا بعلمهم العميق وحسّهم النّقديّ الدّقيق، وحقّقوا شرطا من شروط المعرفة أكيدا، شرط التمثّل القويم والإضافة النّوعيّة.
وممّا ميّز هذه النّدوة العلميّة، في مختلف جلساتها العلميّة:
- الحضور الكثيف-أساتذة وطلبة- والمتابعة الجدّية والنقاش الثريّ البنّاء
- شيوع التفكير النّقديّ لدى المثقف العربيّ، تبيّنا هذا في كيفيّة تناول أغلب المتدخّلين للموضوع بمسافة نقديّة واضحة والانتباه إلى إمكان التفكير انطلاقا من الذات بدلا من اعتبار الذات موضوعا للتفكير أو تنصيب الآخر مركزا واتخاذه معيارا.
وقد عبّر عدد من الحاضرين عن تقديرهم لسير أشغال النّدوة وحسن تنظيمها وثمّنوا ما جاء فيها واقترحوا أن ينال النّقاش حظّا أوفر من الوقت، وأن يكون مباشرة بعد انعقاد الجلسة العلميّة الواحدة بدلا من مناقشة الجلستين معا.
وكانت هذه النّدوة فرصة لتكريم علمين كبيرين هما الأستاذان هشام جعيّط ومحمد مفتاح، اعترافا بجهودهما وتقديرا لما أسدياه إلى الفكر العربيّ من جليل الأعمال والإضافات. وقد لاقى هذا التّكريم استحسانا بدا في كلمات الحاضرين.
وفي الختام نشكر مجددا الأساتذة الباحثين الذين وفدوا علينا من الجامعات الجزائرية والمغربية والليبية والفرنسية، ونثمن الدور الذي اضطلعوا به في هذه الندوة.
واللجنة التنظيمية تقدر هذا التفاعل البناء وتدعو إلى مزيد الحوار بين المؤسسات الجامعية العربية ومزيد تفعيل الشراكة العلمية ،وتعد بنشر هذه الأعمال وهي تطلب إلى السادة المحاضرين تسليم أعمالهم في نسختين (ورقية ورقمية)،وتدعو إلى التفكير معا في موضوع الندوة العلمية القادمة اقتراحا للموضوع وتصورا لقضاياه الكبرى».
العنوان:
: ص.ب 76 A (وادي القبة) عنابة، الجزائر
الهاتف: 0021338541535
المحمول:00213772108782
الناسوخ (الفاكس) : 0021338541535
البريد الإلكتروني : [email protected]
الموقع على شبكة الإنترنت : www.bounamagazine.5u.com
-