الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التطور العمرانى فى المشرق العربى (ج4) بقلم:م. زياد صيدم

تاريخ النشر : 2010-01-19
التطور العمرانى فى المشرق العربى (ج4) بقلم:م. زياد صيدم
(الفصل الرابع)

*ضياع التراث الأصيل فى العمارة الحديثة
فى المشرق العربى .


لقد إكتسب المشرق العربى فى الماضى أهمية كبيرة وذلك لأهميته الثقافية والجغرافية كنقطة وصل بين قارتى آسيا وإفريقيا من ناحية وبين أوروبا من ناحية أخرى .،إستمر ذلك حتى إكتشاف مصادر الطاقة فيه فأصبح المشرق العربى فى زمن قصير نسبياً قوة إقتصادية ذا أهمية عظيمة على الصعيد العالمى.. ،وبنفس الوقت توازى ذلك مع نمو سريع وكبير على الصعيد الصناعى والتكنولوجى والذى بدوره أسرع فى عملية التجديد وهبوب رياح التغيير على المجتمع المحلى حتى يستوفى ويسد حاجة السكان المتعطشة والمحرومة والتى ما فتئت من المعاناه الطويلة تحت وطئة الإستعمار... .
من هنا نشأت المشاكل الوخيمة فى المجتمع العربى حيث أن معظم التدخل الأجنبى على إختلاف ثقافته وعاداته ترك بصماته على العمارة المعاصرة وعلى ميلاد العمارة الحرة والتى تأثرت بالغرب حيث لم تستطيع إحترام الأصالة القديمة أو إحترام القيم المعمارية الإسلامية فعلى سبيل المثال لم تعد موجودة فى البناء ملاقف الهواء أو المواد المحلية رخيصة الأثمان وأيضاً لم يعد موجوداً ذلك الإنسجام والتوافق بين السكان و المدينة أو بين السكان كجيران...وبعبارات مختصرة فإن جميع التداخل الذى حدث كان فى معظمه بعيداً كل البعد عن المجتمع وعاداته و تقاليده و تعاليمه و أصالته وعن البيئة بكل مكوناتها المختلفة.
إن العمارة الحديثة فى المشرق العربى ولأسباب إقتصادية نتيجة لإكتشاف البترول والتقدم التكنولوجى-كما تحدثنا سابقاً- فى المجال العمرانى وفى البناء بشكل عام،حيث من الممكن ملاحظة: البساطة ، وجود قليل من الديكورات والزخارف، إستخدام تكنولوجيا البناء الجديدة أى الحديد المسلح بدل الحجارة أو الطوب ولكن قبل كل هذا هناك التأثر من العمارة الغربية حيث الإختلاف فى الحجم، والسقف المنحنى بشكل هرمى ،كذلك ضياع للقيم الأصيلة للعمارة الإسلامية وقد وصلت حد الأبنية الدينية حيث نجد أن المساجد لم ُتستثنى فى كثير من علامات التغيير من حيث النمط والأسلوب الذى إتبع العمارة الغربية ،فمثلاً قد يتخيل إلينا بأن ذلك البناء هو متحف على سبيل المثال ولكن فى حقيقة الأمر نجد بأنه عبارة عن مسجد..! فقد البساطة والقداسة والروحانية فى التصميم وحتى فى التوزيع الداخلى.
وعلى صعيد المدينة الحديثة فى المشرق العربى إختفت ولم تعد موجودة علامات ومظاهر الأصالة والعمارة الانسانية عليها والتى تتمثل على سبيل المثال فى كون المسجد يجسد قلب المدينة مع مراكز الخدمات الرسمية، والأسواق التخصصية -القيسريات- الأقواس التى تزين البيوت والحوائط ، المشربيات على الشبابيك، الحديقة المنزلية أمام المسكن ،كل تلك الأمور والتى ترمز إلى أصالة التراث المعماري جميعها قد إختفت ولا تلاحظ إلا فى المدن الصغيرة القديمة.
عند الحديث عن بعض مظاهر العمارة الغربية فإننا نذكر على سبيل المثال - الفيلا- والتى إنتشرت فى كل من سوريا والأردن وأيضاً كمثال آخر- التكنولوجيا الحديثة فى البناء- بشكل عام والتى قد لا تتلائم مع المجتمع أو البيئة فمثلاً قد نجد عمارة زجاجية فى الرياض حيث درجات الحرارة تصل إلى 45ْم وأكثر فى فصل الصيف الطويل.

- الحفاظ على الملامح التراثية الأصيلة فى بناء المدينة العربية الحديثة:
يمكن الحفاظ على الملامح التراثية الأصيلة للعمارة فى المناطق الجديدة للمدن العربية الحديثة عن طريق تطبيق القيم المعمارية الأصيلة مع الأخذ بالإعتبار التكنولوجيا الحديثة للبناء وكل الإحتياجات الحالية للمجتمع والتى لا تتعارض بشكل طبيعى مع المجتمع العربى الإسلامى فى المدينة العربية الحديثة، فهذا ليس أمراً سهلاً لأن هنا مكمن إختفاء الأهداف الأساسية للبناء الحديث..!
وبإسترجاع الذاكرة للوراء على الملامح العامة للمدينة العربية القديمة فإنه كان من الممكن ملاحظة أنها تشكلت وبُنيت على قاعدة ذات أبعاد وأُسس إنسانية والتى تنشأ من التصرف الطبيعى للرجل العربى نفسه ومن الأواصر و الروابط القوية مع البيئة الطبيعية، والآن وللأسف يحدث العكس تماماً بالنسبة للملامح العامة للمدينة العربية الحديثة والتى وجدت نفسها وقد تأثرت من الأبعاد والأسس المادية والتى تنشأ من: تحرك تلقائى ميكانيكى ومن تصرف إصطناعى متغير حسب الحاجة.. .
وعليه فالتفكير الرئيسى والإستراتيجى للأخذ بأسباب التقدم الحديث يجب أن يصوب نحو الهدف بدقة وهذا الهدف هو إيجاد المعادلة المناسبة والملائمة بين البعدين المذكورين أو إيجاد العلاقة التى تستطيع أن تربط المكونات ( الفراغ- الزمن - المكان ) مع الهيكل العام للمدينة الحالية.، هنا فقط نستطيع القول والجزم بأن القيم الجمالية و الأصيلة قد عادت فى بناء وتشييد المناطق الجديدة وذلك بتحديد كل المتطلبات والإحتياجات للمجتمع الجديد.
ولكن للأسف الشديد نجد بأنه فى المناطق الجديدة والتى فى طور الإنشاء والبناء فإن الأمر ُيترك فى أغلب الأحيان إلى المقاولين أوالمستثمرين حيث يختارون حسب أمزجتهم وأهوائهم تحديد الملامح المعمارية للمبانى الجديدة مما ينشأ عن ذلك إختيارين وهما:- الإختيار الأول: وهو إحترام القيم التراثية الأصيلة .
والإختيار الثانى: وهو ترك الأمور للمزاج الشخصى لكل مهندس معمارى وحسب فلسفته وأهوائه فى إختيار الشكل والنمط وبحرية تامة. وهذا بدوره يقود العمارة إلى أن تَضل طريقها وتبتعد عن المجتمع العربى بعاداته وتقاليده وثقافته وبيئته.
من هنا تبرز الأهمية فى المناطق الجديدة وذلك لإيجاد الطرق والتى نستطيع من خلالها التحكم فى الملامح والهيكل العام للعمارة فى المدن الحديثة ومن المؤكد بأن هذا يعتمد على الإستثمارات وعلى التطور المعمارى فى تلك المناطق من حيث كونه إستثمار عام أو خاص ومن الملاحظ بأن الإستثمار العام عندما ينمو ويتقدم يحدث بأن عملية التحكم والمراقبة تكون على ما يرام وعلى أكمل وجه فى تحديد الأشكال وعلى الهيكل العام.
وأما بالنسبة للإستثمار الخاص والذى لايُعنى ولا يتقيد بالقواعد والأسس والقوانين العامة للبناء فى معظم جوانبه لهذا فلا يمكن إحترام الهيكل العام والملامح التراثية الأصيلة للمدينة العربية .
إن الخط العام للسياسة التى تتبع القاعدة والتى تبحث فى بناء المناطق الجديدة والتى ستنعكس عليها القيم الحضارية الإسلامية وهى وجود المسجد فى قلب المدينة حيث يتجانب مع الخدمات الثقافية والإجتماعية والصحية من جانب ومن جانب آخر المناطق التى تطل على الساحة الرئيسية حيث الخدمات الإدارية-بلديات-أمن-مكاتب عامة- حيث تأخذ إرتفاعاً أقل من الجانب الأول والذى يشمل على المسجد وذلك حتى يظهر بشكل واضح وجلى وذلك لقيمته الدينية والإجتماعية، ومن ساحة المسجد تبدأ الطرق الرئيسية أو ما تسمى بالعمود الفقرى كونها الشارع التجارى والذى يحتوى على المحال المتخصصة والتى تطل على واجهته ومن فوقهما يرتفع طابق للمكاتب ومن فوقهما أيضاً تظهر وحدات سكنية لمن يعمل فيها ،وهذا الشارع من المفروض أن يكون للمشاه كونه مركز المدينة، وعلى جانبى الطريق الرئيسية يتم تحديد قطع الأراضى لإنشاء وبناء المساكن ذات الطابع الإسلامى والتى تحتوى على فراغات داخلية وذات إرتفاعات أقل من التى تتواجد على الشارع الرئيسى ،وعلى شوارع وطرق مشاه تننهى على الطريق الرئيسية للحى.
وبخصوص الفراغات المتبقية تترك للمستثمر فى القطاع الخاص كل حسب معرفته وثقافته فى العمارة والفن المعمارى الإسلامى آخذاً فى الإعتبار بعض القوانين والتشريعات والتى توضح الإرتفاعات والألوان والتوجه أو تلك التى تبحث فى الفراغات بين المبانى وذلك بهدف الحصول على ملامح تتناسب وتتفق مع مركز المدينة.
ومن جانب آخر المناطق الخضراء والتى من المفروض أن تكون حول الأحياء السكنية صانعة بذلك حزاماً أخضر واقياً من التلوث البيئى بأنواعه المختلفة فوضعه حول كل حى يجعله أكثر فعالية وتأثيراً من كونه حول المدينة.
أما بخصوص الخدمات الأخرى مثل المدارس - رياض الأطفال - الرياضة والتسلية فيمكن إقامتها بإنشاء طريق آخر عمودية على الطريق الرئيسية وماره فى الساحة المركزية(ساحة المسجد) مع الأخذ فى الإعتبار دوماً العوامل الإجتماعية والبيئية والتى تؤثر فى العمارة الإسلامية والتى ذكرناها آنفاً.

- الشكل العام للمبانى فى تحديد الملامح العامة للمدينة العربية الحديثة:
بعد تحديد الشكل العام لكل حى من أحياء المدينة الإسلامية، تبدأ مرحلة هامة والتى تُعنى بشكل ووضع المبانى والفراغات الخاصة والتى تحدد وتثمن القيم التراثية الإسلامية فى المدينة الحديثة من خلال حجم المبانى حيث الفراغ الداخلى مستقل عن الفراغ الخارجى والذى يطل على الشارع ،وبهذا تكون المبانى متجاورة وشبه مجتمعة حول الفراغ الداخلى(الساحة الداخلية) وبهذا الوضع يمكن الحصول على الظل والإستفادة منه إلى أبعد حدود.وأيضاً ربط الفراغ الداخلى بالخارجى من خلال ممر يعمل على تحريك تيارات الهواء داخل المبنى ،وعلاوة على ذلك فإن الفراغ الداخلى يعمل على توجيه النشاط للسكان نحو الداخل أكئر منه إلى الخارج وهذا بدوره تجسيداً للقيم الأصيلة و الأساسية للمدينة الإسلامية آخذاً دوماً فى الإعتبار ميل زاوية الشمس وحركة الهواء.
ولتحقيق هذه الرغبات والأهداف نجدنا أمام قوانين وتشريعات ولوائح حالية والتى تعيق وتحول وتخالف هذا التوجه للأسف الشديد.
وعلى وجه العموم فإن إستخدام الفراغ الداخلى للمبانى العامة مختلف عنه فى المبانى الخاصة أو فى المبانى الشعبية ..هذا الإختلاف يساعد على الحفاظ على الحياة الخصوصية للسكان وعلى المجتمع عامة بشكل يعمل على إحترام التراث الأصيل للمدينة العربية الحديثة.
ومع العلم وبنفس الوقت تأثير البيئة الطبيعية والتى تلعب دوراً هاماً وأساسياً فى تشكيل وتكوين الهيكل العام للمبانى والذي يختلف فى المدن الصحراوية عنه فى المناطق المستوية أو المرتفعة ..فإن القيم الأصيلة لا تتأثر بإختلاف البيئة الطبيعية أو المناخية والتى تؤثر فى البيئة الإجتماعية والثقافية فى المجتمع العربي وهنا يمكن توضيح القواعد والنظم الأساسية للتحكم بالشكل والكيفية سواء لمبنى منفرد أو لمجمع من المبانى وذلك بهدف التحكم والسيطرة على الملامح العامة للمدينة العربية الحديثة فى المشرق العربى.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف