
زياد عبدالوهاب النعيمي
مركز الدراسات الاقليمية
جامعة الموصل
مشكلة المياه الصالحة للشرب تعتبر من أهم المشاكل التي تواجه عدداً من المناطق حول العالم،و لماء كما تشير الدراسات العلمية يشغل أكبر حيز في الكرة الارضية، وهو أكثر مادة منفردة موجودة فوقها ، إذ تبلغ مساحة المسطح المائي حوالي 70.8% من مساحة الكرة الارضية ، مما دفع بعض العلماء إلى أن يطلقوا اسم ( الكرة المائية ) على الارض بدلا من من الكرة الأرضية . كما أن الماء يكون حوالي( 60-70%) من أجسام الأحياء الراقية بما فيها الانسان ، كما يكون حوالي 90% من أجسام الاحياء الدنيا ) وبالتالي فإن تلوث الماء يؤدي إلى حدوث أضرار بالغة ذو أخطار جسيمة بالكائنات الحية ، ويخل بالتوازن البيئي الذي لن يكون له معنى ولن تكون له قيمة إذا ما فسدت خواص المكون الرئيسي له وهو الماء .
وتعد عملية تلوث المياه من المخاطر الكبيرة المؤثرة في استعمالاتها غير المحدودة لاغراض زراعية او حيوانية من دون تدبر او اقتصاد ، ومن دون النظر الى الحياة المستقبلية للاجيال اللاحقة التي ستجد صعوبات جمة وتتعرض لمشاكل كثيرة من جراء حصولها على حاجتها الاساسية من مياه الشرب سواء السطحية منها او الجوفية . و لا سيما ان المياه اصبحت شحيحة ليس في مناطق كثيرة من المعمورة بسبب تغيرات المناخ وظاهرة البيت الزجاجي ،كما ان مياه الانهار والمحيطات اصبحت ملوثة وباتت تهدد بيئة هذه الانهار والبحار، مما يتسبب في ظهور اضرار بيئية نتيجة حصول خلل في التنوع البايولوجي.
تعريف التلوث:
يعرف التلوث بانه مجموع التغيرات التي تحدث في المحيط الذي يؤثر في نوعية حياة الانسان ، فهو اي تغيير غير يسبب اضرار بالانسان وغيره من الكائنات الحية وقد يسبب تلفا في العمليات الصناعية واضطرابا في الظروف المعيشية بوجه عام .
التعريف القانوني للتلوث:
ضمن اطار الجهود الدولية لمعالجة التلوث فقد ظهرت الكثير من التعاريف بهدف التحديد الفني والاصطلاحي لمفهوم التلوث ويمكن اجمال هذه الجهود من خلال:
1- التقرير الذي اعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للامم المتحدة عام 1965 حول " تلوث الوسط والتدابير المتخذة لمكافحته" حيث عرف التلوث بانه "التغير الذي يحدث بفعل التاثير المباشر وغير المباشر للانشطة في تكوين او حالة الوسط على نحو يخل ببعض الاستعمالات والانشطة التي كان من المستطاع القيام بها في الحالة الطبيعية في ذلك الوسط .
2- وعرفت منظمة التعاون والتنمية الاقتصاديه OECD) (التلوث بانه " اي تلوث عمدي او غير عمدي يكون مصدره او اصله العضوي خاضعا او موجودا كليا او جزئيا في منطقة تخضع للاختصاص الوطني لدولة وتكون اثاره في منطقة خاضعة للاختصاص الوطني لدولة اخرى".
3- اشار مؤتمر استوكهولم الذي عقد عام 1972 الى عدة مباديء منها المبدا السادس الى ضرورة التخلص من المواد السامة حتى لاتؤدي الى الحاق الاضرار الشديدة بالموارد الطبيعية والكائنات الحية مع تشجيع جميع الشعوب بضرورة مكافحتها".
4- كما اشارت اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 في الفقرة الرابعة من المادة الاولى "يعني تلوث البيئة البحرية ادخال الانسان في البيئة البحرية بما في ذلك من مصاب الانهار بصورة مباشرة او غير مباشرة ينجم عنها او يحتمل ان ينجم عنها اثار مؤذية مثل الاضرار بموارد الحياة البحرية وتعرض الصحة البشرية للاخطار واعاقة الانشطة البحرية ......... والحط من نوعية وقابلية مياه البحر للاستعمال ....."
وبإعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في عام 1982 (وقع 160 بلدا على الاتفاقية حتى 31 كانون الاول / ديسمبر 1990) حيث نشأ نظام قانوني جديد للبحار والمحيطات ووضعت احكامه المتعلقة بالبيئة قواعد هامة بشأن المعايير البيئية لتلوث البيئة البحرية والأحكام اللازمة لتنفيذها ,.
انواع التلوث الذي يصيب المياه :
ينجم التلوث عن العديد من العوامل الكيماوية التي تتفاعل مع المياه فتؤدي الى ايقاف استعماله كمورد طبيعي صالح للانتفاع البشري وتتعدد هذه الاساليب حيث يمكن اين يكون كالاتي :-
• التلوث الطبيعي: وهذا النوع من التلوث يغير خصائص الماء الطبيعية, فيجعله غير مستساغ للاستعمال الآدمي, مثل اكتسابه الرائحة الكريهة أو اللون أو المذاق.وهذا النوع من التلوث موجود في جميع مناطق العالم.
• التلوث الكيميائي: وهو يعني أن يصبح للماء تأثير سام نتيجة وجود مواد كيميائية خطرة فيه, مثل النفط أو الزرنيخ.
ومايهمنا في هذا الصدد هو تلوث المياه بالنفط والزرنيخ :
• النفط
الحق النفط و ما يزال يلحق اضرارا يوميا على البيئة المائية, وابرز مثال في هذا الجانب مستويات تلوث مياه شط العرب وشمال الخليج التي تعاني مياهه من غرق ما يقرب من 280 سفينة وباخرة البعض منها يعود الى حرب الخليج الاولى وتحتوي الكثير منها على مخزونات من النفط الخام والمواد الكيمياوية، مما يجعل تأثيرها يمتد الى جميع مياه الخليج بمستويات مختلفة .
وذلك بسبب غياب الرقابة بشكل عام وبالاخص على المستويين الداخلي، فضلا عن انعدام الرقابة على مستوى المواد المستوردة (بما فيها المواد الغذائية). عندما تتعرض مياه الأنهار للتلوث بالهيدروكاربونات والمشتقات النفطية بسبب الإنسان نفسه فإن نلك المياه الملوثة سوف تمر من خلال محطات التصفية ، وعند إضافة الكلورين اليها لأغراض التعقيم فإن الكلورين سيتفاعل مع تلك المواد الهيدروكاربونية بسرعة منتجاً مركبات سامة تتسم بالصفة التراكمية في جسم الانسان
وتشير اخر التقارير الدولية عن احدث انواع التلوث وهو ماحصل في لبنان بسب القصف الاسرائيلي حيث انتشرت بقعة نقط هائلة بطول نحو 150 كيلومتراً على الساحل اللبناني، الذي يبلغ طوله 225 كيلومتراً، بحسب تقرير لشبكة المعلومات الإقليمية IRIN، فيما أشارت تقارير سابقة إلى أن التلوث غطي أيضاً أجزاء واسعة من السواحل السورية
الزرنيخ
يشكل الزرنيخ الموجود بشكل طبيعي في مياه الشرب تهديدا متزايدا على الصحة حيث تستهلك أعداد كبيرة من الناس دون علم مياه شرب تحتوي على مستويات غير آمنة من هذا العنصر الكيماوي.
وقد عثر على الزرنيخ أيضا ممزرجا في المياه في دول متقدمة ويمكن أن تؤدي أنشطة صناعية كالتعدين الى تلوث المياه بالزرنيخ. ويعد التلوث الكيميائي للماء واحداً من أهم واخطر المشاكل التي تواجه الإنسان المعاصر.
• التلوث بالنفايات الصناعية: ان تقدم الصناعة والمجالات العلمية والتجارب العالمية في شتى بقاع العالم كانت لابد ان تترك اثرا سلبيا على الواقع المائي من خلال ماتفرزه مصانع الحديد والصلب والورق , ومحطات توليد الكهرباء وغيرها على استعمال المياه في عمليات التبريد , ثم تقوم بصرف المياه الساخنة إلى مياه البرك والأنهار والبحيرات , مما يؤدي إلى ارتفاع في درجة حرارة مياهها, ومن ثم تتعرض الأحياء المائية الموجودة فيها للخطر بسبب ارتفاع درجة حرارة المياه
- التلوث الإشعاعي
هذا النوع من التلوث ينتج من استخدام المواد المشعة مثل اليورانيوم (U) والثوريوم (TH) وهى المواد الناتجة عن الأفران الذرية، وغيرها من المواد الصلبة الأخرى المشعة.
• اسباب حدوث التلوث :-
1- الحروب :-
تشكل الحروب دورا لايستهتان به في اقامة التلوث وتركيزه فقد تكون المياه هي الممر الوحيد او احد الممرات الحربية التي من خلالها يتم الوصول الى ارض الطرف الاخر ، وخير مثال على ذلك هو تلوث المياه في دول الخليج العربي بما جلبته الناقلات الامريكية العملاقة من تلوث بيئي على واقع الخليج خلال الحربين الاخيرتين على العراق في 1991 و2003 .
وقد تترك الحروب اثارا بيئية على المياه بصورة سلبية ، من خلال تلوث المياه بالقنايل والصواريخ والمعدات السامة والاسلحة الخطرة على واقع البيئة المائية ونجد ان المثال الواضح على هذه الحالة هو ماحدث في لبنان خلال الحرب الاسرائيلية عليها
فبعد انتهاء الحرب بدأ خبراء برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP مهمتهم لدراسة كيفية معالجة الآثار البيئية الخطيرة التي لحقت بسواحل شرق المتوسط، نتيجة القصف الإسرائيلي لعدد من محطات الوقود القريبة من الشواطئ اللبنانية ومن المتوقع أن تستغرق عمليات إزالة آثار التلوث النفطي عدة سنوات، مما يؤدي إلى إلحاق مزيد من الضرر بقطاع الصيد، الذي يعتمد عليه عدد كبير من أهالي الجنوب اللبناني
2-الكوارث الطبيعية:-
تشكل الكوارث الطبيعية سببا اخر يضاف الى التلوث البيئي من خلال الفيضانات والبراكين والزلازل التي تترسب افي قاع البحار والمحيطات لتترك فجوات عميقة ومؤثرة على الواقع المائي وتنتقل مع مجرى المياه الى اماكن كثيرة تصحبها خلال جريانها اليها مما يدفع التلوث الى الانتشار في جميع المناطق التي تمتد اليها تلك المياه .وتعد الكوارث الطبيعية من الامور التي لايمكن تداركها ولايمكن معرفة اوقات حدوثها لانها ليست من فعل الانسان على عكس الحروب التي يكون للانسان الدور الابرز في وجودها .
الاتفاقيات الدولية التي عالجت مخاطر التلوث
نصت معظم الاتفاقيات الدولية التي ابرمت على حماية وصيانة وإدارة البيئة البحرية والساحلية ومواردها ومن ابرزها1
- اتفاقية أراضي المستنقعات ذات الأهمية الدولية باعتبارها موئلا للطيور المائية- رامسار 1971
- والاتفاقية الدولية لمنع التلوث من السفن- لندن 1973"
- وافتقاية الأمم المتحدة بشأن قانون البحار والاتفاقات العديدة الخاصة بالبحار الاقليمية ويرد في سجل الصكوك الدولية لعام 1991 الخاص ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة جميع التشريعات المتعلقة بالبيئة البحرية.
بالرغم من ان اهمية خفض التلوث البحري من مصادر بحرية قد أدى إلى اتخاذ اجراءات لمكافحته في الستينات فإن دور المصادر البرية بوصفها المصدر الاول للتلوث البحري لم يلتفت إليه إلا في مطلع السبعينيات ومن اولى الاتفاقات التي استهدفت مكافحة التلوث من مصادر برية هي اتفاقية حماية البيئة البحرية في منطقة بحر البلطيق - هلسينكي 1974 واتفاقية منع التلوث البحري من مصادر برية – باريس 1974 .
اتفاقية هلسنكي بخصوص التلوث
تم التصديق على اتفاقية هلسنكي الخاصة بحماية البيئة البحرية لمنطقة بحر البلطيق فى 9 إبريل عام 1992 لتحل محل اتفاقية سابقة تم التصديق عليها فى 1974 ودخلت حيز النفاذ فى 1988. والهدف منها هو حماية وتحسين البيئة البحرية لمنطقة بحر البلطيق لذلك تعمل الاتفاقية على منع عمليات الحرق فى هذه المنطقة وتلزم الدول الأطراف بما يلى: منع ومكافحة التلوث الذى تسببه "المواد الخطيرة" (وهناك معايير فنية محددة فى مرفق تابع للاتفاقية مع العديد من المعادن والكيماويات الصناعية والمبيدات) تجنب حدوث التلوث عبر الحدود خارج منطقة بحر البلطيق، ومكافحة التلوث الناتج عن السفن وغيرها.
الاتفاقية الخاصة بمنع التلوث الناتج عن السفن
التصديق على هذه الاتفاقية فى 2 نوفمبر عام 1973 وتم تعديلها عند تبنى العمل ببروتوكول 17 فبراير عام 1978. وتعتبر هاتان الاتفاقيتان كأداة قانونية واحدة (تعرف باسم مار بول 73/78) جرى العمل بها فى 2 أكتوبر عام 1983. والهدف منها هو منع والتحكم فى التلوث الملاحي من نفط ومواد سائلة ضارة ومجارى وقمامة وذلك بتقليل ما ينتج من جميع أنواع السفن فى عمليات تشغيلها وتقليل الإنبعاثات الناتجة عن تلاطم السفن واصطدامها بالشاطئ وعن الموانئ القائمة والثابتة. أما التخلص من النفايات بإلقائها فى البحر فهو مستثنى هنا.
الاتفاقية الخاصة بالاستعداد والاستجابة والتعاون فى حالة التلوث النفطي والبروتوكول التابع لها:
تم التصديق على هذه الاتفاقية فى 30 نوفمبر عام 1990 والهدف منها هو تسهيل التعاون الدولى والمساعدة المشتركة للاستعداد والاستجابة لحالات التلوث النفطي الكبرى التى تهدد البيئة الملاحية وحدود السواحل ولتشجيع الدول لتطوير والحفاظ على إمكانية الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ الناتجة عن التلوث النفطي فيما يتعلق بالسفن والأنبيات بمحاذاة الشاطئ والموانئ البحرية والمنشآت التى تعمل فى مجال النفط.
الخلاصة
يمكن أن نتوصل الى بعض النتائج
1- ان عدم وجود تفعيل للالية الاتفاقيات الدولية وتوجيهها الوجه الصحيح يجعل من هذه الاتفاقيات حبرا على ورق ويزيد من خطر وامتداد التلوث في المياه مما يشكل مشكلة تضاف الى واقع المشكلات الدولية التي تعاني منها الدول .
2- غياب الرقابة الوطنية والرقابة الاقليمية والدولية على واقع التلوث ومايحدثه من اخطار جسيمة على البيئة المائية .
3- تاثير الصراعات الدولية على المياه وتهديدها المستمر للبيئة المائية وذلك باعتبار ان المياه قد تكون الجزء الاساس في قيام النزاعات الدولية وقد تؤدي دورا ايجابيا في حل النزاع.
4- الاهمال المتعمد او غير المتعمد من جانب الدول في تلويث مياه الانهار يجعل المياه غير ذي فائدة للاستعمال الطبيعي.
5- عدم وجود الرغبة لدى الدول المتجاوة او المتشاركة في البيئة البحرية من الوصول الى اتفاقيات بخصوص منع حدوث التلوث البيئي للمياه .
6- التقدم الصناعي ومااحدثه من تفاعلات كيماوية او فيزياوية وبيلوجية تركت اثارها السلبية على واقع الانهار الدولية فغدت تتاثر بهذا التقدم الذي اصبح مشكلة تضاف الى مشاكل التلوث دون ان يساهم هذا التقدم في تقديم الحل بخصوص التلوث .,
مركز الدراسات الاقليمية
جامعة الموصل
مشكلة المياه الصالحة للشرب تعتبر من أهم المشاكل التي تواجه عدداً من المناطق حول العالم،و لماء كما تشير الدراسات العلمية يشغل أكبر حيز في الكرة الارضية، وهو أكثر مادة منفردة موجودة فوقها ، إذ تبلغ مساحة المسطح المائي حوالي 70.8% من مساحة الكرة الارضية ، مما دفع بعض العلماء إلى أن يطلقوا اسم ( الكرة المائية ) على الارض بدلا من من الكرة الأرضية . كما أن الماء يكون حوالي( 60-70%) من أجسام الأحياء الراقية بما فيها الانسان ، كما يكون حوالي 90% من أجسام الاحياء الدنيا ) وبالتالي فإن تلوث الماء يؤدي إلى حدوث أضرار بالغة ذو أخطار جسيمة بالكائنات الحية ، ويخل بالتوازن البيئي الذي لن يكون له معنى ولن تكون له قيمة إذا ما فسدت خواص المكون الرئيسي له وهو الماء .
وتعد عملية تلوث المياه من المخاطر الكبيرة المؤثرة في استعمالاتها غير المحدودة لاغراض زراعية او حيوانية من دون تدبر او اقتصاد ، ومن دون النظر الى الحياة المستقبلية للاجيال اللاحقة التي ستجد صعوبات جمة وتتعرض لمشاكل كثيرة من جراء حصولها على حاجتها الاساسية من مياه الشرب سواء السطحية منها او الجوفية . و لا سيما ان المياه اصبحت شحيحة ليس في مناطق كثيرة من المعمورة بسبب تغيرات المناخ وظاهرة البيت الزجاجي ،كما ان مياه الانهار والمحيطات اصبحت ملوثة وباتت تهدد بيئة هذه الانهار والبحار، مما يتسبب في ظهور اضرار بيئية نتيجة حصول خلل في التنوع البايولوجي.
تعريف التلوث:
يعرف التلوث بانه مجموع التغيرات التي تحدث في المحيط الذي يؤثر في نوعية حياة الانسان ، فهو اي تغيير غير يسبب اضرار بالانسان وغيره من الكائنات الحية وقد يسبب تلفا في العمليات الصناعية واضطرابا في الظروف المعيشية بوجه عام .
التعريف القانوني للتلوث:
ضمن اطار الجهود الدولية لمعالجة التلوث فقد ظهرت الكثير من التعاريف بهدف التحديد الفني والاصطلاحي لمفهوم التلوث ويمكن اجمال هذه الجهود من خلال:
1- التقرير الذي اعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للامم المتحدة عام 1965 حول " تلوث الوسط والتدابير المتخذة لمكافحته" حيث عرف التلوث بانه "التغير الذي يحدث بفعل التاثير المباشر وغير المباشر للانشطة في تكوين او حالة الوسط على نحو يخل ببعض الاستعمالات والانشطة التي كان من المستطاع القيام بها في الحالة الطبيعية في ذلك الوسط .
2- وعرفت منظمة التعاون والتنمية الاقتصاديه OECD) (التلوث بانه " اي تلوث عمدي او غير عمدي يكون مصدره او اصله العضوي خاضعا او موجودا كليا او جزئيا في منطقة تخضع للاختصاص الوطني لدولة وتكون اثاره في منطقة خاضعة للاختصاص الوطني لدولة اخرى".
3- اشار مؤتمر استوكهولم الذي عقد عام 1972 الى عدة مباديء منها المبدا السادس الى ضرورة التخلص من المواد السامة حتى لاتؤدي الى الحاق الاضرار الشديدة بالموارد الطبيعية والكائنات الحية مع تشجيع جميع الشعوب بضرورة مكافحتها".
4- كما اشارت اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 في الفقرة الرابعة من المادة الاولى "يعني تلوث البيئة البحرية ادخال الانسان في البيئة البحرية بما في ذلك من مصاب الانهار بصورة مباشرة او غير مباشرة ينجم عنها او يحتمل ان ينجم عنها اثار مؤذية مثل الاضرار بموارد الحياة البحرية وتعرض الصحة البشرية للاخطار واعاقة الانشطة البحرية ......... والحط من نوعية وقابلية مياه البحر للاستعمال ....."
وبإعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في عام 1982 (وقع 160 بلدا على الاتفاقية حتى 31 كانون الاول / ديسمبر 1990) حيث نشأ نظام قانوني جديد للبحار والمحيطات ووضعت احكامه المتعلقة بالبيئة قواعد هامة بشأن المعايير البيئية لتلوث البيئة البحرية والأحكام اللازمة لتنفيذها ,.
انواع التلوث الذي يصيب المياه :
ينجم التلوث عن العديد من العوامل الكيماوية التي تتفاعل مع المياه فتؤدي الى ايقاف استعماله كمورد طبيعي صالح للانتفاع البشري وتتعدد هذه الاساليب حيث يمكن اين يكون كالاتي :-
• التلوث الطبيعي: وهذا النوع من التلوث يغير خصائص الماء الطبيعية, فيجعله غير مستساغ للاستعمال الآدمي, مثل اكتسابه الرائحة الكريهة أو اللون أو المذاق.وهذا النوع من التلوث موجود في جميع مناطق العالم.
• التلوث الكيميائي: وهو يعني أن يصبح للماء تأثير سام نتيجة وجود مواد كيميائية خطرة فيه, مثل النفط أو الزرنيخ.
ومايهمنا في هذا الصدد هو تلوث المياه بالنفط والزرنيخ :
• النفط
الحق النفط و ما يزال يلحق اضرارا يوميا على البيئة المائية, وابرز مثال في هذا الجانب مستويات تلوث مياه شط العرب وشمال الخليج التي تعاني مياهه من غرق ما يقرب من 280 سفينة وباخرة البعض منها يعود الى حرب الخليج الاولى وتحتوي الكثير منها على مخزونات من النفط الخام والمواد الكيمياوية، مما يجعل تأثيرها يمتد الى جميع مياه الخليج بمستويات مختلفة .
وذلك بسبب غياب الرقابة بشكل عام وبالاخص على المستويين الداخلي، فضلا عن انعدام الرقابة على مستوى المواد المستوردة (بما فيها المواد الغذائية). عندما تتعرض مياه الأنهار للتلوث بالهيدروكاربونات والمشتقات النفطية بسبب الإنسان نفسه فإن نلك المياه الملوثة سوف تمر من خلال محطات التصفية ، وعند إضافة الكلورين اليها لأغراض التعقيم فإن الكلورين سيتفاعل مع تلك المواد الهيدروكاربونية بسرعة منتجاً مركبات سامة تتسم بالصفة التراكمية في جسم الانسان
وتشير اخر التقارير الدولية عن احدث انواع التلوث وهو ماحصل في لبنان بسب القصف الاسرائيلي حيث انتشرت بقعة نقط هائلة بطول نحو 150 كيلومتراً على الساحل اللبناني، الذي يبلغ طوله 225 كيلومتراً، بحسب تقرير لشبكة المعلومات الإقليمية IRIN، فيما أشارت تقارير سابقة إلى أن التلوث غطي أيضاً أجزاء واسعة من السواحل السورية
الزرنيخ
يشكل الزرنيخ الموجود بشكل طبيعي في مياه الشرب تهديدا متزايدا على الصحة حيث تستهلك أعداد كبيرة من الناس دون علم مياه شرب تحتوي على مستويات غير آمنة من هذا العنصر الكيماوي.
وقد عثر على الزرنيخ أيضا ممزرجا في المياه في دول متقدمة ويمكن أن تؤدي أنشطة صناعية كالتعدين الى تلوث المياه بالزرنيخ. ويعد التلوث الكيميائي للماء واحداً من أهم واخطر المشاكل التي تواجه الإنسان المعاصر.
• التلوث بالنفايات الصناعية: ان تقدم الصناعة والمجالات العلمية والتجارب العالمية في شتى بقاع العالم كانت لابد ان تترك اثرا سلبيا على الواقع المائي من خلال ماتفرزه مصانع الحديد والصلب والورق , ومحطات توليد الكهرباء وغيرها على استعمال المياه في عمليات التبريد , ثم تقوم بصرف المياه الساخنة إلى مياه البرك والأنهار والبحيرات , مما يؤدي إلى ارتفاع في درجة حرارة مياهها, ومن ثم تتعرض الأحياء المائية الموجودة فيها للخطر بسبب ارتفاع درجة حرارة المياه
- التلوث الإشعاعي
هذا النوع من التلوث ينتج من استخدام المواد المشعة مثل اليورانيوم (U) والثوريوم (TH) وهى المواد الناتجة عن الأفران الذرية، وغيرها من المواد الصلبة الأخرى المشعة.
• اسباب حدوث التلوث :-
1- الحروب :-
تشكل الحروب دورا لايستهتان به في اقامة التلوث وتركيزه فقد تكون المياه هي الممر الوحيد او احد الممرات الحربية التي من خلالها يتم الوصول الى ارض الطرف الاخر ، وخير مثال على ذلك هو تلوث المياه في دول الخليج العربي بما جلبته الناقلات الامريكية العملاقة من تلوث بيئي على واقع الخليج خلال الحربين الاخيرتين على العراق في 1991 و2003 .
وقد تترك الحروب اثارا بيئية على المياه بصورة سلبية ، من خلال تلوث المياه بالقنايل والصواريخ والمعدات السامة والاسلحة الخطرة على واقع البيئة المائية ونجد ان المثال الواضح على هذه الحالة هو ماحدث في لبنان خلال الحرب الاسرائيلية عليها
فبعد انتهاء الحرب بدأ خبراء برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP مهمتهم لدراسة كيفية معالجة الآثار البيئية الخطيرة التي لحقت بسواحل شرق المتوسط، نتيجة القصف الإسرائيلي لعدد من محطات الوقود القريبة من الشواطئ اللبنانية ومن المتوقع أن تستغرق عمليات إزالة آثار التلوث النفطي عدة سنوات، مما يؤدي إلى إلحاق مزيد من الضرر بقطاع الصيد، الذي يعتمد عليه عدد كبير من أهالي الجنوب اللبناني
2-الكوارث الطبيعية:-
تشكل الكوارث الطبيعية سببا اخر يضاف الى التلوث البيئي من خلال الفيضانات والبراكين والزلازل التي تترسب افي قاع البحار والمحيطات لتترك فجوات عميقة ومؤثرة على الواقع المائي وتنتقل مع مجرى المياه الى اماكن كثيرة تصحبها خلال جريانها اليها مما يدفع التلوث الى الانتشار في جميع المناطق التي تمتد اليها تلك المياه .وتعد الكوارث الطبيعية من الامور التي لايمكن تداركها ولايمكن معرفة اوقات حدوثها لانها ليست من فعل الانسان على عكس الحروب التي يكون للانسان الدور الابرز في وجودها .
الاتفاقيات الدولية التي عالجت مخاطر التلوث
نصت معظم الاتفاقيات الدولية التي ابرمت على حماية وصيانة وإدارة البيئة البحرية والساحلية ومواردها ومن ابرزها1
- اتفاقية أراضي المستنقعات ذات الأهمية الدولية باعتبارها موئلا للطيور المائية- رامسار 1971
- والاتفاقية الدولية لمنع التلوث من السفن- لندن 1973"
- وافتقاية الأمم المتحدة بشأن قانون البحار والاتفاقات العديدة الخاصة بالبحار الاقليمية ويرد في سجل الصكوك الدولية لعام 1991 الخاص ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة جميع التشريعات المتعلقة بالبيئة البحرية.
بالرغم من ان اهمية خفض التلوث البحري من مصادر بحرية قد أدى إلى اتخاذ اجراءات لمكافحته في الستينات فإن دور المصادر البرية بوصفها المصدر الاول للتلوث البحري لم يلتفت إليه إلا في مطلع السبعينيات ومن اولى الاتفاقات التي استهدفت مكافحة التلوث من مصادر برية هي اتفاقية حماية البيئة البحرية في منطقة بحر البلطيق - هلسينكي 1974 واتفاقية منع التلوث البحري من مصادر برية – باريس 1974 .
اتفاقية هلسنكي بخصوص التلوث
تم التصديق على اتفاقية هلسنكي الخاصة بحماية البيئة البحرية لمنطقة بحر البلطيق فى 9 إبريل عام 1992 لتحل محل اتفاقية سابقة تم التصديق عليها فى 1974 ودخلت حيز النفاذ فى 1988. والهدف منها هو حماية وتحسين البيئة البحرية لمنطقة بحر البلطيق لذلك تعمل الاتفاقية على منع عمليات الحرق فى هذه المنطقة وتلزم الدول الأطراف بما يلى: منع ومكافحة التلوث الذى تسببه "المواد الخطيرة" (وهناك معايير فنية محددة فى مرفق تابع للاتفاقية مع العديد من المعادن والكيماويات الصناعية والمبيدات) تجنب حدوث التلوث عبر الحدود خارج منطقة بحر البلطيق، ومكافحة التلوث الناتج عن السفن وغيرها.
الاتفاقية الخاصة بمنع التلوث الناتج عن السفن
التصديق على هذه الاتفاقية فى 2 نوفمبر عام 1973 وتم تعديلها عند تبنى العمل ببروتوكول 17 فبراير عام 1978. وتعتبر هاتان الاتفاقيتان كأداة قانونية واحدة (تعرف باسم مار بول 73/78) جرى العمل بها فى 2 أكتوبر عام 1983. والهدف منها هو منع والتحكم فى التلوث الملاحي من نفط ومواد سائلة ضارة ومجارى وقمامة وذلك بتقليل ما ينتج من جميع أنواع السفن فى عمليات تشغيلها وتقليل الإنبعاثات الناتجة عن تلاطم السفن واصطدامها بالشاطئ وعن الموانئ القائمة والثابتة. أما التخلص من النفايات بإلقائها فى البحر فهو مستثنى هنا.
الاتفاقية الخاصة بالاستعداد والاستجابة والتعاون فى حالة التلوث النفطي والبروتوكول التابع لها:
تم التصديق على هذه الاتفاقية فى 30 نوفمبر عام 1990 والهدف منها هو تسهيل التعاون الدولى والمساعدة المشتركة للاستعداد والاستجابة لحالات التلوث النفطي الكبرى التى تهدد البيئة الملاحية وحدود السواحل ولتشجيع الدول لتطوير والحفاظ على إمكانية الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ الناتجة عن التلوث النفطي فيما يتعلق بالسفن والأنبيات بمحاذاة الشاطئ والموانئ البحرية والمنشآت التى تعمل فى مجال النفط.
الخلاصة
يمكن أن نتوصل الى بعض النتائج
1- ان عدم وجود تفعيل للالية الاتفاقيات الدولية وتوجيهها الوجه الصحيح يجعل من هذه الاتفاقيات حبرا على ورق ويزيد من خطر وامتداد التلوث في المياه مما يشكل مشكلة تضاف الى واقع المشكلات الدولية التي تعاني منها الدول .
2- غياب الرقابة الوطنية والرقابة الاقليمية والدولية على واقع التلوث ومايحدثه من اخطار جسيمة على البيئة المائية .
3- تاثير الصراعات الدولية على المياه وتهديدها المستمر للبيئة المائية وذلك باعتبار ان المياه قد تكون الجزء الاساس في قيام النزاعات الدولية وقد تؤدي دورا ايجابيا في حل النزاع.
4- الاهمال المتعمد او غير المتعمد من جانب الدول في تلويث مياه الانهار يجعل المياه غير ذي فائدة للاستعمال الطبيعي.
5- عدم وجود الرغبة لدى الدول المتجاوة او المتشاركة في البيئة البحرية من الوصول الى اتفاقيات بخصوص منع حدوث التلوث البيئي للمياه .
6- التقدم الصناعي ومااحدثه من تفاعلات كيماوية او فيزياوية وبيلوجية تركت اثارها السلبية على واقع الانهار الدولية فغدت تتاثر بهذا التقدم الذي اصبح مشكلة تضاف الى مشاكل التلوث دون ان يساهم هذا التقدم في تقديم الحل بخصوص التلوث .,