الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التطور العمرانى فى المشرق العربى ( الفصل الاول) بقلم:م. زياد صيدم

تاريخ النشر : 2010-01-08
التطور العمرانى فى المشرق العربى ( الفصل الاول) بقلم:م. زياد صيدم
( الفصل الأول)

* مقدمة عامة على المشرق العربى

إن المشرق العربى يكتسب أهميته الكبيرة فى كونه يقع فى منطقة تعمل كجسر يربط قارتى آسيا وإفريقيا بقارة أوروبا وكذلك كونه مصدراً للمواد الأولية ولأهميته الأثرية والأدبية وفى دوره السياسى البارز.
كذلك ترجع أهميته الكبيرة للقارات الثلاثة القديمة فى كونه منبعاً للديانات السماوية الثلاث- اليهودية والمسيحية والإسلامية -،ولكونه أرض الحضارات القديمة- الفرعونية-اليونانية-الرومانية-فى مصر،و-البابلية-الآشورية-الفارسية- فى العراق،و-الفينيقية-اليونانية-الرومانية- فى بلاد الشام.
وتم تقسيم المشرق العربى إلى أربعة أقسام جغرافية وهى المنطقة الأولى وتضم كل من(السودان ومصر)،والمنطقة الثانية وتضم كل من(سوريه-الأردن-لبنان-فلسطين) والمنطقة الثالثة وهى شبه الجزيرة العربية، وأما المنطقة الرابعة فهى العراق.
إن الديانة الإسلامية التى صبغت المنطقة والتى بدأت فى بداية القرن السابع الميلادى فى مدينة مكة فى شبه الجزيرة العربية والتى كانت تخضع لمجتمع القبلية والوثنية ومجتمع من البدو حيث يعيشون فى خيام وبيوت بُنيت من الطين،..ومع إنطلاقة الدعوة الإسلامية تحت راية الرسول محمد عليه الصلاة والسلام تم إنشاء أول مسجد فى مدينة مكة وهو مكون من أربعة حوائط بغير سقف وكان يحيط ببئر زمزم المقدس وكانت حوائطه من طوب الطين المجفف بالشمس.
وبإنتشار الدعوة الإسلامية رويداً رويداً وبخطى ثابته وعزيمة قوية وصولها إلى المجتمعات المختلفة والثقافات القديمة من الهند شرقاً وحتى أسبانيا والمغرب غرباً ومن جزيرة سيشل فى البحر المتوسط شمالاً وحتى اليمن ووسط إفريقيا جنوباً.
ومن التفاعلات المختلفة للمد الإسلامى الكبير كانت العمارة و الفن المعمارى الذى إكتسب قيمة كبيرة من بين جميع الفنون الموجودة.فمن خلال المرحلة الأولى لفجر الإسلام الأول بقيادة الرسول عليه الصلاة والسلام ومن بعده الخلفاء الراشدين فإن العمارة تميزت بالبساطة ولم يُعرف عنها الكثير سوى بيت الرسول فى المدينة فى السنة 622 ميلادية والذى كان يشمل حوائط من بلكات الطين المجفف بإرتفاع 3.15 سم ومساحة 45 متر مربع وكان السقف يرتكز على أعمدة من جذوع النخيل وعلى سقف مغطى من جريد النخيل والطين ولكن البيت تم تحويله إلى مسجد فى السنة 674.م وترجع بساطة العمارة فى هذه الفترة إلى أن الديانة الإسلامية كانت تحرم رسم الشخوص والأشخاص وكذلك رسم الحيوانات وتقليد الطبيعة...فلم تدخل الديكورات فى أماكن العبادة بشكل عام..
بإنتقال الخلافة إلى دمشق فى العهد الأول للأمويين فى أعقاب -عهد الرسول والخلفاء الراشدين- والذى يعد بداية الفن المعمارى الإسلامى حيث تم إنشاء كثير من الجوامع ودور العبادة والقصور والتى هى شاهد حتى يومنا هذا على تلك الفترة الهامة من ذلك العهد الإسلامى فعلى سبيل المثال:بناء المسجد الأقصى أو ما يعرف بقبة الصخرة فى القدس وهو شاهد فريد من نوعه حتى اليوم على عظمة الفن المعمارى الإسلامى فى العصر الأموى الأول للخليفة الوليد والذى يعتبر من أهم وأجمل معالم البناء فى العالم الإسلامى عامة فى المشرق العربى وخصوصاً أن المسجد تم بناؤه حول الصخرة المشرفة والتى إنطلق من خلالها سيدنا محمد عليه السلام إلى السماء فى ليلة الإسراء و المعراج فأهميته تكمن فى قدسيته الدينية إلى الجانب المعمارى الأصيل والذى سنتحدث عنه لاحقاً كأحد أساليب البناء فى العصر الإسلامى.وشاهد آخر للعصر الأموى هو المسجد الأموى الكبير فى مدينة دمشق.
مع هزيمة الخليفة الأموى الأخير تبدأ مرحلة جديدة فى العهد الإسلامى ألا وهو العصر العباسى،وبه تصبح بغداد العاصمة الجديدة للخلافة وتحديداً للخليفة المنصور بعد أن وضع أساسها وقام على تشييدها.
إن أساليب وطرق تشييد مدينة بغداد واحدة من نوادر الأعمال فى الفن المعمارى،والتى تكمن فى تصميمها والذى أخذ شكلاً دائرياً ،حيث كان لها أربعة بوابات رئيسية يحملن أسماء الأقطار الأربعة حسب إتجاه البوابة التى تفتح عليها فمن ناحية الجنوب/الشرقى بوابة البصره ومن ناحية الشمال/الشرقى بوابة خورسان ومن ناحية الشمال/الغربى بوابة دمشق ومن ناحية الجنوب/الغربى بوابة الكوفة،وبلغت مساحتها الدائرية 7.200 متر مربع،والمسافة بين بوابة وأخرى بلغت 1.800 متر ،حيث بلع سمك الحائط 4.5 متر والإرتفاع الداخلى للحائط بلغ 15.75 متر وترتفع عليها أبراج تزيد عن إرتفاع الحائط بمقدار 2.25 متر، وقد تم إستخدام حجارة مربعة الشكل من الصلصال الكلسى بعد تجفيفه تحت أشعة الشمس بطول ضلع للحجر مقداره 45 سنتمتر.
أما عن المدخل الرئيسى فهو عبارة عن ممر مسقوف بطول 9 متر وبعرض 5.4 متر وينتهى بمركز المدينة حيث قصر الخليفة أما المناطق السكنية فكانت تتواجد بين الحائط الرئيسى ومنطقة الفراغ الخاصة بالقصر وهذه المنطقة مقسمة إلى أربعة أقسام نتيجة إلى الطرق الأربعة المؤدية من البوابات الأربعة الرئيسية إلى منطقة الفراغ لقصر الحاكم ومسجد الحاكم.
عندما قام الخليفة العباسى بإرسال أحمد بن طولون حاكماً إلى مصر، كان ذلك نهاية العصر العباسى والذى بدأ بالعصر الفاطمى وبإنشاء مدينة القاهرة على يد الخليفة المعز لتصبح عاصمة الخلافة الإسلامية حيث تم إنشاء كثير من الأبنية ذات الفن المعمارى والتى لا تزال شاهداً على تلك الفترة ، فجامع الأزهر على سبيل المثال والذى يعد اليوم من أكبر الجامعات فى المشرق العربى، خير شاهد على ذلك.
فى أعقاب العصر الفاطمى والأيوبى يبدأ عصراًً جديداً من عصور الإسلام وهو العصر المملوكى والذى من خلاله وصلت الأصالة والرقى فى الفن المعمارى و الهندسة إلى قمتها من التقدم والإزدهار والحضارة حيث تمت تسميته حقيقة بالعصر الذهبى للعمارة والفن المعمارى الإسلامى -حيث سنرى ذلك لاحقاً-.
إن تطور العمارة والفن المعمارى فى مختلف مراحله التاريخية لم يولد من صدفه ولكنه بالتأكيد قد تأثر بالثقافات والحضارات السابقة والتى سيطرت الحضارة الهيلينية على معظم الفنون فى ذلك الوقت فى بلاد الشام والفارسية فى العراق والقبطية فى مصر ،ومعظمها كانت ذات أصول بيزنطية حيث تميزت فيها الفنون المعمارية والعمارة بتكوينها من بيوت الحجر والمبانى كانت تحتوى على أعمدة من الرخام وسقوف من الخشب حيث كانت غابات الأشجار منتشرة بكثرة فى بلاد الشام فى ذلك الوقت ،والقصور والبيوت إحتوت على الديكورات والتى صنعت من الموزايكو والقيشانى والألوان الجميلة.
وعودة إلى الفن المعمارى المملوكى على وجه الخصوص والذى من خلاله أُعتبر البدء الحقيقى فى الأخذ بالإعتبارات القيم الأساسية التى ميزت العمارة الإسلامية بشكل عام كالأخذ فى الإعتبارمثلاً العوامل الطبيعية والإجتماعية والثقافية فى مختلف التصاميم فعلى سبيل المثال شِح الأمطار أو إنعدامها فى منطقة المشرق العربى عملت على تحديد نوعية وشكل السقوف فى المبانى فهى مستوية وكذلك بالنسبة للتوزيع الداخلى للمساكن فهى متشابهه فى معظم الأقاليم فى المنطقة فهى تحتوى على الإيوان وهى صالة الضيوف والتى تفتح فيها فتحات للتهوية بإتجاه تيارات الهواء وعلى ملاقف الهواء ووجود المشربيات والمداخل الرئيسية للبيت لا تفتح بشكل مباشر على داخل البيت ولكن بشكل متعرج..وعلى وجه العموم فإن المساكن فى العهد الإسلامى عامة والمملوكى خاصة كانت تنقسم إلى قسمين الأول للضيوف والثانىللعائلة ووجود خاصية تميزت بها بيوت الأغنياء وهى الديكورات على الواجهات الخارجية والداخلية والتى صنعت من ألوان طبيعية وأشكال هندسية جميلة الألوان،وفى فصل الشتاء فى المناطق الباردة كان الناس يستخدمون دفايات الفحم الخشبى.
ومما سبق فإننا نستشف بأن الثقافة الدينية و التقاليد قد هذبت وصقلت معاملة وعادات الرجل فى حياته المدنية وذلك بترسيخ وفرض بعض الأنماط المعمارية بإستخدام فلسفة واحدة فى الأنحاء المختلفة لمنطقة المشرق العربى،ويتأكد ذلك حين النظر على سبيل المثال إلى مدنٍ مثل القاهرة-دمشق-بغداد ومكة فإنها جميعاً تتصف وتتميز فى وحدة التكوين المعمارى وفى النمط العمرانى الإسلامى والتى تشترك فى ميزات مشتركة فى علاقتها الوطيدة مع البيئة والمناخ وذلك كدليل واضح على ما نقوله.
وعليه فالعامل الدينى والإجتماعى والبيئى إنعكس على العمارة وتكوين المبانى ولهذا جائت المنازل لتطل على فراغ داخلى عام مع حماية فى الرؤيا بين الفراغ الخاص بالمنازل والفراغ العام،كذلك نلمس الإطار الآخر للمساجد حيث أنها مرتبطة بمبانى أخرى مثل المدرسة،وكذلك على البازار ومحلات الصناعات اليدوية والمساكن وهذا يجعلنا نؤكد بأن العوامل الإجتماعية والثقافية إلى جانب العامل البيئى جميعها أعطت الطابع التأثيرى بشكل كبير على العمارة عبر تاريخ المجتمعات المتعاقبة وقد تم بناء المسجد بشكل خاص على القواعد والمبادىء الدينية الإسلامية والتى شكلت وأوجدت خصائص الفن العربى الإسلامى فيما بعد أى البساطة-الوحدة-الخصوصية-إحترام الطبيعة الإنسانية،وهناك عناصر أخرى مشتركة ميزت منطقة المشرق العربى تكمن فى المنشآت السكنية والتى تُظهر وجود أشكال ثابتة مثل الإيوان والحوش وهما عنصرين قد تم تطبيقهما فى كل المنطقة وفى النهاية وإختصاراً نوضح بأن العمارة التراثية الأصيلة بدأت فى القرن السابع الميلادى وتعاظمت حتى وصلت إلى أوج حضارتها وتطورها فى القرن الثالث والرابع عشر،لتبدىء بعد ذلك الضعف وفقدها لكثير من القيم الأصيلة حتى القرن الثامن عشر ومع بداية القرن العشرين فإن المشرق العربى مثله كمثل المغرب العربى وقع فريسة الإستعمار والإحتلال والدكتاتورية والتى شكلت التحدى الكبير من جراء المأزق الذى إنوجدت به العمارة والطابع الحياتى للمدن العربية بشكل عام،ومما لا شك فيه فقد حدث ذلك من جراء إنقطاع الإستمرار والإتصال التاريخى والثقافى حتى ولادة وإنبعاث متغيرات قوية من الناحية الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والمعمارية فى معظم أنحاء المشرق العربى -كما سنرى لاحقاً-.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف