
من أرشيف (المحرر) 15 / 1 / 2001 ( الموضوع محدث )
في أبشع حرب نووية بعد هيروشيما وناغازاكي
الولايات المتحدة استخدمت مليون إطلاقه يورانيوم ضد العراق
تنويه من المحرر / كتب هذه الوثيقة المهمة التاريخية اللواء عبد الوهاب محمد الجبوري من العراق كونه من المتابعين لهذا الملف منذ العام 1993 لغاية العام 2001 وهو أول شخص في العالم يعثر على أطلاقات يورانيوم غير منفلقة في محطة خرانج العراقية الواقعة قرب الحدود العراقية الكويتية السعودية وأعلنها مع زملائه في اللجنة الطبية والعلمية المشتركة في وسائل الإعلام العالمية المختلفة منذ العام 1993 ..
بداية لا بد من التعريف باليورانيوم المستنفد كما ورد في مصادر المعلومات العالمية لكي تكون متابعة القارىء الكريم متواصلة معنا بكل تفاصيلها.. فاليورانيوم الخام موجود في أماكن متعددة من العالم بتراكيز مختلفة وهو يحتوي على ثلاثة نظائر مشعة، اليورانيوم 238 ونسبته 28ر98% واليورانيوم 235 ونسبته 71 ,0% واليورانيوم 234 ونسبته 85 00ر0% اليورانيوم 235ر234 يستخدمان في صنع الوقود النووي والأسلحة النووية وما تبقى هو اليورانيوم 238 يسمى اليورانيوم المنضب أر المستنفد.. وكل من اليورانيوم 235ر238 عنصر مشع والعمر النصفي لليورانيوم 238 أطول من أعمار الكون والشمس والأرض.. وعمر الأرض حوالي (4) مليارات سنة ونصف والشمس حوالي (10) مليارات سنة والكون حوالي (15) مليار سنة.. أما اليورانيوم المستنفد فعمره النصفي حوالي (4) مليارات ونصف المليار عام وحتى يفقد قدرته على الإشعاع يحتاج إلى (10) أعمار نصفه أي حوالي (40) مليار سنة.. وبعد عملية الفصل يصبح اليورانيوم المستنفد من المخلفات النووية ويكون ساما ومشعا وفي صحبته أيضاً جانب من اليورانيوم 235 ولذلك تبلغ نسبة إشعاعه 60% من إشعاعات اليورانيوم المخصب وباستمرار هذه العملية أكثر من (50) سنة في الولايات المتحدة واستخدامها في الأسلحة النووية والمفاعلات تم إنتاج أكثر من (101) بليون رطل (باوند) من النفايات النووية الحارقة على اليورانيوم المستنفد .. وبعد بحوث عديدة استمرت سنوات طويلة اقترنت بالإفادة من خبرة مجموعة من الباحثين الألمان الذين كانوا قد اكتشفوا هذه الأسلحة أثناء الحرب العالمية الثانية، تقديم إيجاد حل لمشكلة تحويل مادة اليورانيوم الهشة إلى مادة متماسكة صلبة قادرة على خرق الدروع والأجسام الصلبة وجرى تصنيع وتطوير قذائف عرفت باليورانيوم المستنفد من هذه النفايات ومواد أخرى وأنتجت لأول مرة من قبل شركة (هوني ديل) الأمريكية عام 1977، لكنها لم تستخدم فعلياً في الحرب خلال العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991 وبكثافة عالية جداً بلغت حوالي مليون إطلاقة يورانيوم مستنفد جو/ أرض عيار (30) ملم تحتوي كل منها على (300) غم يورانيوم أي ما مجموعه (300) طن بالإضافة إلى حوالي (15) ألف مقذوفة دروع عيار (105) ملم و (120) ملم يحتوي كل منها بين (2ر2 كغم - 10 كغم) يورانيوم كما في قذائف M735 - Al عيار (105) ملم المستخدمة في الدبابات الامريكية M60 – Mi المجهزة بمدفع M68 وقذائف M829 عيار (120) ملم المستخدمة في الدبابات MIA2 , MIAL , M60, Ml إبرام وكذلك الآلاف من الألغام الأرضية نوع ADAM PDM التي تستخدمها المدفعية الأمريكية عيار 155 ملم والتي يحتوي كل منها على (1 ر0) غم يورانيوم.. هذا بالإضافة إلى قذائف نوع XM 919 عيار (25) ملم التي استخدمتها عجلات القتال (برادلي) خاصة تلك كانت تابعة للفرقة الأمريكية (129 الآلية في حقل الرميلة الشمالي يومي 2 و 3 آذار 1991، أي بعد قرار وقف إطلاق النار يوم 28/2/1991 الذي اتخذ من جانب واحد من قبل الرئيس بوش بسبب قلقه على القطعات الأمريكية خشية تدميرها من قبل قوات الحرس الجمهوري ويبلغ وزن اليورانيوم في كل قذيفة من هذه القذائف (5ر8) غم.. أن هذا الحجم الهائل والكشف للأسلحة الإشعاعية المحرمة دوليا أو ما تسمى باليورانيوم المستنفد ومن مختلف الأنواع والعيارات التي استخدمت بوحشية مفرطة ضد الأهداف المدنية والعسكرية العراقية تسمح بتقدير مجموع وزن المستنفد الذي ألقي على العراق من (350 ـ 400) طن وتقدر مصادر أمريكية متعددة أن مجموع الوزن الكلي لأعتده اليورانيوم المستنفد المستخدمة من قبل القوات الأمريكية والبريطانية ضد العراق بلغ (700) طن بما في ذلك كميات أسلحة اليورانيوم الهائلة التي تعرضت إلى التفجير والاحتراق في معسكر الدوحة غرب مدينة الكويت بتاريخ 11/7/1991.
وهذا يعني أن حجم التلوث الإشعاعي الذي تعرض له العراق يفوق التلوث الإشعاعي الناتج عن قنبلتي هيروشيما وناغازاكي، وإذا أضفنا حجم وزن المقذوفات التقليدية التي ألقيت على العراق خلال العدوان الثلاثيني البالغة (141921) طن (والتي تعادل 7 قنابل ذرية من عيار هيروشيما) فلنتصور إذن حجم الدمار الهائل الذي تعرض له قطرنا المجاهد والذي ليس له مثيل في تاريخ الحروب.. هذا مع العلم بأن حجم أسلحة اليورانيوم المستنفد التي استخدمها القوات الأمريكية في حرب البلقان عام 1999 لا يزيد عن (13) ألف إطلاقه يورانيوم حسب معظم المصادر الغربية والتي سببت حصول إصابات سرطانية عديدة حتى الآن بين جنود حلف الأطلسي الذين استخدموا هذه الأسلحة وبذلك انقلب السحر على الساحر كما حدث خلال العدوان الثلاثيني الذي زادت إصابات الجنود الأمريكان والبريطانيين حتى ساعة إعداد هذه الدراسة عن (170) ألف إصابة سرطانية وغامضة الأمر الذي تسبب في ظهور عمليات احتجاج واسعة لدى العسكريين المصابين وعوائلهم وجمعيات المحاربين القدماء الذين يطالبون بالتعويضات والعلاج والاهتمام بأمورهم وأحوالهم لكن الإدارتين الأمريكية والبريطانية ترفضان الاستجابة لهذه المطالب التي بدأت تأخذ تسميات خطيرة وتتحول إلى أزمة حقيقية سوف تعصف بالمجتمع الأمريكي والمجتمعات الغربية على مدى السنوات القادمة وهو ما تحدث عنه أكثر من عسكري أمريكي وبريطاني وجيكي وفرنسي وأكثر من صحفي غربي زاروا القطر مؤخرا وذكروا للواء عبدالوهاب بالتفصيل كيف أن عناصر المخابرات الأمريكية CIA ووكلاء مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI كانوا يطاردونهم ويعرضونهم إلى المسائلة أو القتل مجرد أن يعرفوا بنشاطاتهم في هذا المجال وسوف نتحدث عن تفصيلات هذا الموضوع في دراسة لاحقة إن شاء الله.
الآثار الصحية والبيئية لليورانيوم
يتحرر اليورانيوم المستنفد أو المنضب من الأعتدة الحاوية له عندما يخترق الرأس الحربي سطح الهدف الصلب وتتحول طاقة اليورانيوم الحركية إلى طاقة حرارية وتنتج دقائق عالقة تحتوي على تركيز عال من اليورانيوم وتدخل جسم الإنسان بالطرق التالية:
1 . الاستنشاق: فعندما يكون اليورانيوم المستنفد بصيغة وكسيد اليورانيوم وعلى شكل دقائق عالقة يدخل جسم الإنسان عن طريق الجهاز التنفسي وتستقر الذرات الدقيقة الحجم في الرئتين وبذلك تتعرض إلى الإشعاع المنبعث من اليورانيوم الذي يكون عبارة عن نقطة مشعة حمراء في الرئتين يسبب بقاؤها مدة طويلة تلف الخلايا والإصابة بسرطان الرئتين.
2 . الجهاز الهضمي: عند احتراق خارق اليورانيوم يتحول جزء منه إلى دقائق تستقر على الماء والأغذية وتدخل ذرات اليورانيوم جسم الإنسان عند تناوله الأغذية والمياه الملوثة به عن طريق الجهاز الهضمي حيث تكون تأثيراتها مضاعفة لان اليورانيوم هو احد العناصر الثقيلة (السمية) بالإضافة لكونه عنصرا مشعا وبدخول اليورانيوم مجرى الدم ينتقل إلى كافة أعضاء الجسم ليتركز معظمه في الكلية والعظام مسببا سرطان العظام والكبد والكلية والدم.
وتعتبر الكلية من أكثر أعضاء الجسم حساسية لليورانيوم المستنفد بشكل عام فان تحديد الخطورة الناتجة عن التعرض للجرع الإشعاعية المتأتية من أشعة غاما بالذات يدخل فيها الكثير من العوامل التي لا يزال بعضها مجهولا، وتخترق ذرات اليورانيوم الجسم أيضا عن طريق الجلد والإصابات المباشرة ..
3 . التعرض المباشر واختراق الجسم كذرات دقيقة جدا : تدخل ذرات اليورانيوم الدقيقة كهباء جوي تخترق جسم الإنسان بشكل مباشر وتتسبب بنفس الأضرار التي تحدث في الحالتين الأولى والثانية ناهيك عن أضرار أخرى يتعرض لها الإنسان ومنها التأثيرات الوراثية من جراء تلف الخلايا التكاثرية والذي يؤدي إلى حدوث الطفرة الوراثية..
لقد تسبب الحجم الكبير من الأسلحة الإشعاعية التي استخدمت ضد العراق في إحداث تأثيرات كبيرة على الواقع البيئي والصحي في العراق وتم إجراء العديد من الدراسات والبحوث للمناطق التي استخدمت فيها هذه الأسلحة بكثافة في ساحة العمليات الجنوبية وخاصة مناطق (حقل الرميلة الشمالية والجنوبية، مطار الشامية وكديرة العظيمي ، المنطقة المنزوعة السلاح بين العراق والكويت بما فيها منطقة جبل سنام وسفوان وأم قصر - منطقة السلمان - المياه الإقليمية) وقد توصلت هذه الدراسات التي اقترنت بزيارات ميدانية قامت بها اللجنة المركزية التي شكلتها الحكومة العراقية عام 1993 للتحقق من الآثار الخطيرة لأسلحة اليورانيوم على الإنسان والبيئة والحيوان والهواء في المناطق التي تعرضت إلى القصف بهذه الأسلحة ، إلى تحقيق نتائج مخيفة ومرعبة تم عرضها على العالم والمنظمات الدولية ووسائل الإعلام وأبرزها:
1 . وجود تلوث إشعاعي في المناطق المذكورة وقد شمل أيضا بعض النبات الطبيعي وعناصر السلسلة الغذائية.. ووجدت كذلك مساحة تقدر بحدود (1044800) مترا مربعا من التربة الملوثة تتعرض فيها أحياء التربة إلى تراكيز عالية من المواد المشعة.
2 . أما فحوصات المياه فلم تؤشر زيادة في تراكيز النظائر المشعة في المياه الجوفية والسطحية (حتى عام 1998) ولكنها أشرت زيادة في رسوبيات القنوات المائية القريبة من الحدود الجنوبية الغربية مما يؤكد انتشار التلوث الإشعاعي باتجاه الكويت والسعودية.
3 . أصبح 31% من الثروة الحيوانية (المواشي) معرضة إلى التلوث الإشعاعي.
4. أما بالنسبة للتأثيرات الصحية فقد شهد عام 1991 وفاة (50) ألف طفل عراقي مصابين بمختلف الأمراض ومع مرور الوقت بدأت تظهر العديد من الأمراض المرضية والسرطانية والغامضة بين مختلف الفئات العمرية من كلا الجنسين وخاصة العسكريين الذين كانوا في الخدمة خلال العدوان الثلاثيني وعوائلهم.. وفي ضوء الإجراءات الصحية التي قام بها كاتب الدراسة مع مجموعة البحث العسكرية والطبية والعلمية لإيجاد العلاقة بين الأمراض السرطانية والغامضة والعامل المسبب (اليورانيوم المستنفد) في عموم القطر بلغ عدد الحالات التي تم فحصها (1425) حالة سرطانية للعسكريين حيث أظهرت هذه النتائج وجود زيادة في الأمراض السرطانية عدة أضعاف عما كان عليه الواقع الصحي في العراق قبل العدوان وهذه الأمراض هي ( الغدد اللمفاوية - الدم - الرئة - الدماغ - الجهاز الهضمي - الخصية - العظام - البنكرياس - الغدد اللعابية - الكبد) مع ظهور حالات مرضية غريبة كالتشوهات الخلقية للأجنة بوجود أعضاء أضافية غير طبيعية أو ضمور بعض الأعضاء وولادات حية برأس منتفخ ومتورم مع الإصابات في العين وظهور حالات من التوائم المنغولية غير الطبيعية إضافة إلى تشوهات العظام وحالات الصداع الشديد وأمراض العقم غير المفسرة لكلا الجنسين وزيادة حالات الإسقاط والولادات الميتة والمبكرة وعسر الولادة.. وهذا يعني تعرض القطعات العسكرية والسكان المدنيين الذين كانوا متواجدين أو يسكنون في جنوب العراق وبالملايين إلى نسب معينة من هذا الإشعاع السام والخطير والذي ستظهر آثاره بعد عشرات السنين مما سيشكل مأساة حقيقية ومروعة لهم ولذويهم كونه ينتقل عبر الجينات البشرية ومن الزوج إلى الزوجة والى الأطفال وإزاء هذه المخاطر قامت الجهات العراقية ومنها اللجنة المركزية لمتابعة آثار القصف العدواني ومنذ العام 1993 بالتنسيق وإجراء الاتصالات مع الجهات الصحية الدولية والمنظمات الإنسانية والجهات الأخرى ذات العلاقة بهدف التشاور في مجالات التوصل إلى أفضل أساليب المعالجة الطبية لهذه الأمراض وكذلك للبحث في مجالات تطهير التلوث الإشعاعي الواسع في جنوب العراق وقد حققت نتائج ايجابية تمثلت بتقديم الدعم الصحي وإرسال الكثير من المرضى الذين استعصي أمر معالجتهم في العراق إلى الخارج وتم الاتفاق مع المنظمات الدولية على وضع الخطط لإزالة الآثار الإشعاعية من المناطق الملوثة وفق خطط طويلة الأمد لكن هذا لم يتحقق بسبب احتلال العراق ، وهنا تكمن المأساة الحقيقية والتي ستظل قائمة لعشرات السنين .. أما الإخوة في الكويت والسعودية فحسب مصادر المعلومات باشروا بتنفيذ خطط إزالة التلوث داخل أراضيهم ونأمل أن يتمكنوا من تنظيفها لاحتواء الآثار الخطيرة الناتجة عن اليورانيوم المنضب ..
الاعترافات الأمريكية
على أثر إعلان العراق عن هذه النتائج وتوثيقها أمام العالم بمختلف الوسائل الإعلامية اضطر المسئولون الأمريكيون والبريطانيون إلى الاعتراف باستخدام التحالف لهذه الأسلحة وتأثيراتها على الصحة والبيئة في العراق، سبق وأن تناولنا هذا الجانب بالتفصيل في دراستنا السابقة التي نشرتها بتاريخ 8/11/2000، وبدأت تردنا وثائق أمريكية لكبار العلماء المختصين في هذا المجال تتحدث عن مجالات استخدام القوات الأمريكية لهذه الأسلحة وإخفاء أمر ذلك حتى عن الجنود الأمريكان أنفسهم وبيان التأثيرات المرضية والسمية والإشعاعية الخطيرة على الإنسان والبيئة متضمنة الكثير من المعطيات العلمية والصحية والميدانية عن هذه الجوانب وقد اسقط في يد مجرمي الحرب الأمريكيين والبريطانيين وتكشف كذبهم أمام العالم وظهرت مصداقية الموقف العراقي الذي طالما نبه العالم إلى حقيقة هذه الجرائم الوحشية وقدم بالدليل القاطع والمادي ما يؤكد إيغال الإدارة الأمريكية وقواتها المجرمة في تنفيذ أبشع جرائم الحرب النووية بحق الإنسانية وشعب العراق المسالم والمجاهد.
الاستنتاجات
مما تقدم نخلص إلى ما يأتي:
1 . أن العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991 كان أول حرب تستخدم فيها أسلحة اليورانيوم المستنفد لكنها لن تكون الأخيرة لأن هنالك العديد من الدول ربما تكون قد حصلت على هذه الأسلحة وحسب آخر المعلومات فأن الكيان الصهيوني وتركيا والسعودية والكويت قد تم تزويدها بهذه الأسلحة من قبل الولايات المتحدة مكافأة على دورها ومشاركتها في العدوان على العراق..
2. إن الانتشار السريع لأسلحة اليورانيوم المستنفد بين الدول سوف يساوي إلى حد ما بين قدرات المتنازعين في ميادين القتال وبذلك قد تخسر الولايات المتحدة التفوق الذي تتمتع به الآن في هذا المجال.
3. فشل جميع المراهنات الأمريكية والصهيونية الكامنة وراء استخدام هذه الأسلحة المحرمة في تحقيق أهدافها الخبيثة للنيل من صمود شعبنا وتماسكه ووحدته ..
4 . إن الاستخدام الواسع النطاق للأسلحة الإشعاعية وغير المبرر عسكريا يتعارض مع الادعاءات الأمريكية البريطانية بأن الأسلحة التي استخدمت كانت تقليدية وأن الحرب كانت نظيفة مما يمكن اعتبارها جرائم حرب وإبادة جماعية بشعة يعاقب عليها القانون الدولي استنادا إلى اتفاقية لاهاي الأولى عام 1899 والثانية عام 1907 واتفاقيتي جنيف الأولى عام 1925 والثانية عام 1949 ومبادىء ميثاق (نورنبرغ) عام 1945 وكذلك بموجب قواعد القانون الدولي والإنساني..
ان كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا قد قبل بهذه المبادىء وهي مثبتة في الدليل الاسترشادي للجيش الأمريكي تحت عنوان (قانون الحرب البرية) لعام 1956 لذلك فأن هاتين الدولتين هما المسؤولتان عن المعاناة الإنسانية التي يتكبدها الجيل الحالي في العراق والأجيال القادمة أيضاً..
تعقيب اللواء ( م) الباحث الدكتور عبدالوهاب محمد الجبوري
بعد ثمانية سنوات على هذه الجرائم بدأت تظهر في العراق آلاف الحالات السرطانية والتي كنا قد نبهنا عنها سابقا وحذرنا من مغبة التواطيء في معالجتها والعمل مع المنظمات الدولية لإزالة آثارها ، لكن الحقائق الجديدة التي تكشفت منذ احتلال العراق كانت مخيفة فعلا لان آثار الأمراض بدأت تظهر تباعا على الأشخاص الساكنين بالقرب من المناطق التي تعرضت للقصف منذ العام 1991 في جنوب العراق ووسطه خاصة ، وحسب كمية الجرعة الإشعاعية التي دخلت أجسامهم في وقت توقفت كل إجراءات المعالجة وتوفير الأدوية الخاصة بهذه الأمراض مثلما توقفت جهود المنظمات الدولية المتخصصة في متابعة أعمالها التي كانت قد بدأتها قبل الاحتلال ، وقد جاء في آخر المعلومات والتقارير الصحفية العالمية وتصريحات بعض المسئولين العراقيين أن الولايات المتحدة استخدمت في غزو العراق عام 2003 أضعاف ما استخدمته من أسلحة اليوارنيوم المنضب وأسلحة الدمار الشامل التعبوية الأخرى عام 1991 ، وهذا يعني تضاعف حالات الإصابة بالأمراض التي أشارت إليها المحرر في أعلاه مما ينذر بكوارث صحية وبيئية خطيرة إن لم تتخذ الإجراءات الفورية من قبل الحكومة العراقية وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية و منظمة الطاقة الدولية لمعالجة هذه الكارثة من جميع جوانبها الصحية والبيئية والإنسانية وإلا فان الأجيال الحالية والقادمة ستعاني من آثارها المأساوية الكثير والتي بدأت تتزايد كما أعلنتها وسائل الإعلام ومسئولين عراقيين في مدن البصرة والناصرية والعمارة ومناطق العراق المختلفة وكما اطلع عليها الباحث ميدانيا في مناطق العراق المختلفة .. هذا عدا عن مطالبة المحتلين بالتعويضات عن جرائمهم ضد الإنسانية وتعويض المتضررين صحيا ومعنويا وماديا ..
اللهم بلغت .. اللهم اشهد
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم
في أبشع حرب نووية بعد هيروشيما وناغازاكي
الولايات المتحدة استخدمت مليون إطلاقه يورانيوم ضد العراق
تنويه من المحرر / كتب هذه الوثيقة المهمة التاريخية اللواء عبد الوهاب محمد الجبوري من العراق كونه من المتابعين لهذا الملف منذ العام 1993 لغاية العام 2001 وهو أول شخص في العالم يعثر على أطلاقات يورانيوم غير منفلقة في محطة خرانج العراقية الواقعة قرب الحدود العراقية الكويتية السعودية وأعلنها مع زملائه في اللجنة الطبية والعلمية المشتركة في وسائل الإعلام العالمية المختلفة منذ العام 1993 ..
بداية لا بد من التعريف باليورانيوم المستنفد كما ورد في مصادر المعلومات العالمية لكي تكون متابعة القارىء الكريم متواصلة معنا بكل تفاصيلها.. فاليورانيوم الخام موجود في أماكن متعددة من العالم بتراكيز مختلفة وهو يحتوي على ثلاثة نظائر مشعة، اليورانيوم 238 ونسبته 28ر98% واليورانيوم 235 ونسبته 71 ,0% واليورانيوم 234 ونسبته 85 00ر0% اليورانيوم 235ر234 يستخدمان في صنع الوقود النووي والأسلحة النووية وما تبقى هو اليورانيوم 238 يسمى اليورانيوم المنضب أر المستنفد.. وكل من اليورانيوم 235ر238 عنصر مشع والعمر النصفي لليورانيوم 238 أطول من أعمار الكون والشمس والأرض.. وعمر الأرض حوالي (4) مليارات سنة ونصف والشمس حوالي (10) مليارات سنة والكون حوالي (15) مليار سنة.. أما اليورانيوم المستنفد فعمره النصفي حوالي (4) مليارات ونصف المليار عام وحتى يفقد قدرته على الإشعاع يحتاج إلى (10) أعمار نصفه أي حوالي (40) مليار سنة.. وبعد عملية الفصل يصبح اليورانيوم المستنفد من المخلفات النووية ويكون ساما ومشعا وفي صحبته أيضاً جانب من اليورانيوم 235 ولذلك تبلغ نسبة إشعاعه 60% من إشعاعات اليورانيوم المخصب وباستمرار هذه العملية أكثر من (50) سنة في الولايات المتحدة واستخدامها في الأسلحة النووية والمفاعلات تم إنتاج أكثر من (101) بليون رطل (باوند) من النفايات النووية الحارقة على اليورانيوم المستنفد .. وبعد بحوث عديدة استمرت سنوات طويلة اقترنت بالإفادة من خبرة مجموعة من الباحثين الألمان الذين كانوا قد اكتشفوا هذه الأسلحة أثناء الحرب العالمية الثانية، تقديم إيجاد حل لمشكلة تحويل مادة اليورانيوم الهشة إلى مادة متماسكة صلبة قادرة على خرق الدروع والأجسام الصلبة وجرى تصنيع وتطوير قذائف عرفت باليورانيوم المستنفد من هذه النفايات ومواد أخرى وأنتجت لأول مرة من قبل شركة (هوني ديل) الأمريكية عام 1977، لكنها لم تستخدم فعلياً في الحرب خلال العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991 وبكثافة عالية جداً بلغت حوالي مليون إطلاقة يورانيوم مستنفد جو/ أرض عيار (30) ملم تحتوي كل منها على (300) غم يورانيوم أي ما مجموعه (300) طن بالإضافة إلى حوالي (15) ألف مقذوفة دروع عيار (105) ملم و (120) ملم يحتوي كل منها بين (2ر2 كغم - 10 كغم) يورانيوم كما في قذائف M735 - Al عيار (105) ملم المستخدمة في الدبابات الامريكية M60 – Mi المجهزة بمدفع M68 وقذائف M829 عيار (120) ملم المستخدمة في الدبابات MIA2 , MIAL , M60, Ml إبرام وكذلك الآلاف من الألغام الأرضية نوع ADAM PDM التي تستخدمها المدفعية الأمريكية عيار 155 ملم والتي يحتوي كل منها على (1 ر0) غم يورانيوم.. هذا بالإضافة إلى قذائف نوع XM 919 عيار (25) ملم التي استخدمتها عجلات القتال (برادلي) خاصة تلك كانت تابعة للفرقة الأمريكية (129 الآلية في حقل الرميلة الشمالي يومي 2 و 3 آذار 1991، أي بعد قرار وقف إطلاق النار يوم 28/2/1991 الذي اتخذ من جانب واحد من قبل الرئيس بوش بسبب قلقه على القطعات الأمريكية خشية تدميرها من قبل قوات الحرس الجمهوري ويبلغ وزن اليورانيوم في كل قذيفة من هذه القذائف (5ر8) غم.. أن هذا الحجم الهائل والكشف للأسلحة الإشعاعية المحرمة دوليا أو ما تسمى باليورانيوم المستنفد ومن مختلف الأنواع والعيارات التي استخدمت بوحشية مفرطة ضد الأهداف المدنية والعسكرية العراقية تسمح بتقدير مجموع وزن المستنفد الذي ألقي على العراق من (350 ـ 400) طن وتقدر مصادر أمريكية متعددة أن مجموع الوزن الكلي لأعتده اليورانيوم المستنفد المستخدمة من قبل القوات الأمريكية والبريطانية ضد العراق بلغ (700) طن بما في ذلك كميات أسلحة اليورانيوم الهائلة التي تعرضت إلى التفجير والاحتراق في معسكر الدوحة غرب مدينة الكويت بتاريخ 11/7/1991.
وهذا يعني أن حجم التلوث الإشعاعي الذي تعرض له العراق يفوق التلوث الإشعاعي الناتج عن قنبلتي هيروشيما وناغازاكي، وإذا أضفنا حجم وزن المقذوفات التقليدية التي ألقيت على العراق خلال العدوان الثلاثيني البالغة (141921) طن (والتي تعادل 7 قنابل ذرية من عيار هيروشيما) فلنتصور إذن حجم الدمار الهائل الذي تعرض له قطرنا المجاهد والذي ليس له مثيل في تاريخ الحروب.. هذا مع العلم بأن حجم أسلحة اليورانيوم المستنفد التي استخدمها القوات الأمريكية في حرب البلقان عام 1999 لا يزيد عن (13) ألف إطلاقه يورانيوم حسب معظم المصادر الغربية والتي سببت حصول إصابات سرطانية عديدة حتى الآن بين جنود حلف الأطلسي الذين استخدموا هذه الأسلحة وبذلك انقلب السحر على الساحر كما حدث خلال العدوان الثلاثيني الذي زادت إصابات الجنود الأمريكان والبريطانيين حتى ساعة إعداد هذه الدراسة عن (170) ألف إصابة سرطانية وغامضة الأمر الذي تسبب في ظهور عمليات احتجاج واسعة لدى العسكريين المصابين وعوائلهم وجمعيات المحاربين القدماء الذين يطالبون بالتعويضات والعلاج والاهتمام بأمورهم وأحوالهم لكن الإدارتين الأمريكية والبريطانية ترفضان الاستجابة لهذه المطالب التي بدأت تأخذ تسميات خطيرة وتتحول إلى أزمة حقيقية سوف تعصف بالمجتمع الأمريكي والمجتمعات الغربية على مدى السنوات القادمة وهو ما تحدث عنه أكثر من عسكري أمريكي وبريطاني وجيكي وفرنسي وأكثر من صحفي غربي زاروا القطر مؤخرا وذكروا للواء عبدالوهاب بالتفصيل كيف أن عناصر المخابرات الأمريكية CIA ووكلاء مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI كانوا يطاردونهم ويعرضونهم إلى المسائلة أو القتل مجرد أن يعرفوا بنشاطاتهم في هذا المجال وسوف نتحدث عن تفصيلات هذا الموضوع في دراسة لاحقة إن شاء الله.
الآثار الصحية والبيئية لليورانيوم
يتحرر اليورانيوم المستنفد أو المنضب من الأعتدة الحاوية له عندما يخترق الرأس الحربي سطح الهدف الصلب وتتحول طاقة اليورانيوم الحركية إلى طاقة حرارية وتنتج دقائق عالقة تحتوي على تركيز عال من اليورانيوم وتدخل جسم الإنسان بالطرق التالية:
1 . الاستنشاق: فعندما يكون اليورانيوم المستنفد بصيغة وكسيد اليورانيوم وعلى شكل دقائق عالقة يدخل جسم الإنسان عن طريق الجهاز التنفسي وتستقر الذرات الدقيقة الحجم في الرئتين وبذلك تتعرض إلى الإشعاع المنبعث من اليورانيوم الذي يكون عبارة عن نقطة مشعة حمراء في الرئتين يسبب بقاؤها مدة طويلة تلف الخلايا والإصابة بسرطان الرئتين.
2 . الجهاز الهضمي: عند احتراق خارق اليورانيوم يتحول جزء منه إلى دقائق تستقر على الماء والأغذية وتدخل ذرات اليورانيوم جسم الإنسان عند تناوله الأغذية والمياه الملوثة به عن طريق الجهاز الهضمي حيث تكون تأثيراتها مضاعفة لان اليورانيوم هو احد العناصر الثقيلة (السمية) بالإضافة لكونه عنصرا مشعا وبدخول اليورانيوم مجرى الدم ينتقل إلى كافة أعضاء الجسم ليتركز معظمه في الكلية والعظام مسببا سرطان العظام والكبد والكلية والدم.
وتعتبر الكلية من أكثر أعضاء الجسم حساسية لليورانيوم المستنفد بشكل عام فان تحديد الخطورة الناتجة عن التعرض للجرع الإشعاعية المتأتية من أشعة غاما بالذات يدخل فيها الكثير من العوامل التي لا يزال بعضها مجهولا، وتخترق ذرات اليورانيوم الجسم أيضا عن طريق الجلد والإصابات المباشرة ..
3 . التعرض المباشر واختراق الجسم كذرات دقيقة جدا : تدخل ذرات اليورانيوم الدقيقة كهباء جوي تخترق جسم الإنسان بشكل مباشر وتتسبب بنفس الأضرار التي تحدث في الحالتين الأولى والثانية ناهيك عن أضرار أخرى يتعرض لها الإنسان ومنها التأثيرات الوراثية من جراء تلف الخلايا التكاثرية والذي يؤدي إلى حدوث الطفرة الوراثية..
لقد تسبب الحجم الكبير من الأسلحة الإشعاعية التي استخدمت ضد العراق في إحداث تأثيرات كبيرة على الواقع البيئي والصحي في العراق وتم إجراء العديد من الدراسات والبحوث للمناطق التي استخدمت فيها هذه الأسلحة بكثافة في ساحة العمليات الجنوبية وخاصة مناطق (حقل الرميلة الشمالية والجنوبية، مطار الشامية وكديرة العظيمي ، المنطقة المنزوعة السلاح بين العراق والكويت بما فيها منطقة جبل سنام وسفوان وأم قصر - منطقة السلمان - المياه الإقليمية) وقد توصلت هذه الدراسات التي اقترنت بزيارات ميدانية قامت بها اللجنة المركزية التي شكلتها الحكومة العراقية عام 1993 للتحقق من الآثار الخطيرة لأسلحة اليورانيوم على الإنسان والبيئة والحيوان والهواء في المناطق التي تعرضت إلى القصف بهذه الأسلحة ، إلى تحقيق نتائج مخيفة ومرعبة تم عرضها على العالم والمنظمات الدولية ووسائل الإعلام وأبرزها:
1 . وجود تلوث إشعاعي في المناطق المذكورة وقد شمل أيضا بعض النبات الطبيعي وعناصر السلسلة الغذائية.. ووجدت كذلك مساحة تقدر بحدود (1044800) مترا مربعا من التربة الملوثة تتعرض فيها أحياء التربة إلى تراكيز عالية من المواد المشعة.
2 . أما فحوصات المياه فلم تؤشر زيادة في تراكيز النظائر المشعة في المياه الجوفية والسطحية (حتى عام 1998) ولكنها أشرت زيادة في رسوبيات القنوات المائية القريبة من الحدود الجنوبية الغربية مما يؤكد انتشار التلوث الإشعاعي باتجاه الكويت والسعودية.
3 . أصبح 31% من الثروة الحيوانية (المواشي) معرضة إلى التلوث الإشعاعي.
4. أما بالنسبة للتأثيرات الصحية فقد شهد عام 1991 وفاة (50) ألف طفل عراقي مصابين بمختلف الأمراض ومع مرور الوقت بدأت تظهر العديد من الأمراض المرضية والسرطانية والغامضة بين مختلف الفئات العمرية من كلا الجنسين وخاصة العسكريين الذين كانوا في الخدمة خلال العدوان الثلاثيني وعوائلهم.. وفي ضوء الإجراءات الصحية التي قام بها كاتب الدراسة مع مجموعة البحث العسكرية والطبية والعلمية لإيجاد العلاقة بين الأمراض السرطانية والغامضة والعامل المسبب (اليورانيوم المستنفد) في عموم القطر بلغ عدد الحالات التي تم فحصها (1425) حالة سرطانية للعسكريين حيث أظهرت هذه النتائج وجود زيادة في الأمراض السرطانية عدة أضعاف عما كان عليه الواقع الصحي في العراق قبل العدوان وهذه الأمراض هي ( الغدد اللمفاوية - الدم - الرئة - الدماغ - الجهاز الهضمي - الخصية - العظام - البنكرياس - الغدد اللعابية - الكبد) مع ظهور حالات مرضية غريبة كالتشوهات الخلقية للأجنة بوجود أعضاء أضافية غير طبيعية أو ضمور بعض الأعضاء وولادات حية برأس منتفخ ومتورم مع الإصابات في العين وظهور حالات من التوائم المنغولية غير الطبيعية إضافة إلى تشوهات العظام وحالات الصداع الشديد وأمراض العقم غير المفسرة لكلا الجنسين وزيادة حالات الإسقاط والولادات الميتة والمبكرة وعسر الولادة.. وهذا يعني تعرض القطعات العسكرية والسكان المدنيين الذين كانوا متواجدين أو يسكنون في جنوب العراق وبالملايين إلى نسب معينة من هذا الإشعاع السام والخطير والذي ستظهر آثاره بعد عشرات السنين مما سيشكل مأساة حقيقية ومروعة لهم ولذويهم كونه ينتقل عبر الجينات البشرية ومن الزوج إلى الزوجة والى الأطفال وإزاء هذه المخاطر قامت الجهات العراقية ومنها اللجنة المركزية لمتابعة آثار القصف العدواني ومنذ العام 1993 بالتنسيق وإجراء الاتصالات مع الجهات الصحية الدولية والمنظمات الإنسانية والجهات الأخرى ذات العلاقة بهدف التشاور في مجالات التوصل إلى أفضل أساليب المعالجة الطبية لهذه الأمراض وكذلك للبحث في مجالات تطهير التلوث الإشعاعي الواسع في جنوب العراق وقد حققت نتائج ايجابية تمثلت بتقديم الدعم الصحي وإرسال الكثير من المرضى الذين استعصي أمر معالجتهم في العراق إلى الخارج وتم الاتفاق مع المنظمات الدولية على وضع الخطط لإزالة الآثار الإشعاعية من المناطق الملوثة وفق خطط طويلة الأمد لكن هذا لم يتحقق بسبب احتلال العراق ، وهنا تكمن المأساة الحقيقية والتي ستظل قائمة لعشرات السنين .. أما الإخوة في الكويت والسعودية فحسب مصادر المعلومات باشروا بتنفيذ خطط إزالة التلوث داخل أراضيهم ونأمل أن يتمكنوا من تنظيفها لاحتواء الآثار الخطيرة الناتجة عن اليورانيوم المنضب ..
الاعترافات الأمريكية
على أثر إعلان العراق عن هذه النتائج وتوثيقها أمام العالم بمختلف الوسائل الإعلامية اضطر المسئولون الأمريكيون والبريطانيون إلى الاعتراف باستخدام التحالف لهذه الأسلحة وتأثيراتها على الصحة والبيئة في العراق، سبق وأن تناولنا هذا الجانب بالتفصيل في دراستنا السابقة التي نشرتها بتاريخ 8/11/2000، وبدأت تردنا وثائق أمريكية لكبار العلماء المختصين في هذا المجال تتحدث عن مجالات استخدام القوات الأمريكية لهذه الأسلحة وإخفاء أمر ذلك حتى عن الجنود الأمريكان أنفسهم وبيان التأثيرات المرضية والسمية والإشعاعية الخطيرة على الإنسان والبيئة متضمنة الكثير من المعطيات العلمية والصحية والميدانية عن هذه الجوانب وقد اسقط في يد مجرمي الحرب الأمريكيين والبريطانيين وتكشف كذبهم أمام العالم وظهرت مصداقية الموقف العراقي الذي طالما نبه العالم إلى حقيقة هذه الجرائم الوحشية وقدم بالدليل القاطع والمادي ما يؤكد إيغال الإدارة الأمريكية وقواتها المجرمة في تنفيذ أبشع جرائم الحرب النووية بحق الإنسانية وشعب العراق المسالم والمجاهد.
الاستنتاجات
مما تقدم نخلص إلى ما يأتي:
1 . أن العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991 كان أول حرب تستخدم فيها أسلحة اليورانيوم المستنفد لكنها لن تكون الأخيرة لأن هنالك العديد من الدول ربما تكون قد حصلت على هذه الأسلحة وحسب آخر المعلومات فأن الكيان الصهيوني وتركيا والسعودية والكويت قد تم تزويدها بهذه الأسلحة من قبل الولايات المتحدة مكافأة على دورها ومشاركتها في العدوان على العراق..
2. إن الانتشار السريع لأسلحة اليورانيوم المستنفد بين الدول سوف يساوي إلى حد ما بين قدرات المتنازعين في ميادين القتال وبذلك قد تخسر الولايات المتحدة التفوق الذي تتمتع به الآن في هذا المجال.
3. فشل جميع المراهنات الأمريكية والصهيونية الكامنة وراء استخدام هذه الأسلحة المحرمة في تحقيق أهدافها الخبيثة للنيل من صمود شعبنا وتماسكه ووحدته ..
4 . إن الاستخدام الواسع النطاق للأسلحة الإشعاعية وغير المبرر عسكريا يتعارض مع الادعاءات الأمريكية البريطانية بأن الأسلحة التي استخدمت كانت تقليدية وأن الحرب كانت نظيفة مما يمكن اعتبارها جرائم حرب وإبادة جماعية بشعة يعاقب عليها القانون الدولي استنادا إلى اتفاقية لاهاي الأولى عام 1899 والثانية عام 1907 واتفاقيتي جنيف الأولى عام 1925 والثانية عام 1949 ومبادىء ميثاق (نورنبرغ) عام 1945 وكذلك بموجب قواعد القانون الدولي والإنساني..
ان كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا قد قبل بهذه المبادىء وهي مثبتة في الدليل الاسترشادي للجيش الأمريكي تحت عنوان (قانون الحرب البرية) لعام 1956 لذلك فأن هاتين الدولتين هما المسؤولتان عن المعاناة الإنسانية التي يتكبدها الجيل الحالي في العراق والأجيال القادمة أيضاً..
تعقيب اللواء ( م) الباحث الدكتور عبدالوهاب محمد الجبوري
بعد ثمانية سنوات على هذه الجرائم بدأت تظهر في العراق آلاف الحالات السرطانية والتي كنا قد نبهنا عنها سابقا وحذرنا من مغبة التواطيء في معالجتها والعمل مع المنظمات الدولية لإزالة آثارها ، لكن الحقائق الجديدة التي تكشفت منذ احتلال العراق كانت مخيفة فعلا لان آثار الأمراض بدأت تظهر تباعا على الأشخاص الساكنين بالقرب من المناطق التي تعرضت للقصف منذ العام 1991 في جنوب العراق ووسطه خاصة ، وحسب كمية الجرعة الإشعاعية التي دخلت أجسامهم في وقت توقفت كل إجراءات المعالجة وتوفير الأدوية الخاصة بهذه الأمراض مثلما توقفت جهود المنظمات الدولية المتخصصة في متابعة أعمالها التي كانت قد بدأتها قبل الاحتلال ، وقد جاء في آخر المعلومات والتقارير الصحفية العالمية وتصريحات بعض المسئولين العراقيين أن الولايات المتحدة استخدمت في غزو العراق عام 2003 أضعاف ما استخدمته من أسلحة اليوارنيوم المنضب وأسلحة الدمار الشامل التعبوية الأخرى عام 1991 ، وهذا يعني تضاعف حالات الإصابة بالأمراض التي أشارت إليها المحرر في أعلاه مما ينذر بكوارث صحية وبيئية خطيرة إن لم تتخذ الإجراءات الفورية من قبل الحكومة العراقية وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية و منظمة الطاقة الدولية لمعالجة هذه الكارثة من جميع جوانبها الصحية والبيئية والإنسانية وإلا فان الأجيال الحالية والقادمة ستعاني من آثارها المأساوية الكثير والتي بدأت تتزايد كما أعلنتها وسائل الإعلام ومسئولين عراقيين في مدن البصرة والناصرية والعمارة ومناطق العراق المختلفة وكما اطلع عليها الباحث ميدانيا في مناطق العراق المختلفة .. هذا عدا عن مطالبة المحتلين بالتعويضات عن جرائمهم ضد الإنسانية وتعويض المتضررين صحيا ومعنويا وماديا ..
اللهم بلغت .. اللهم اشهد
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم