الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في ظلال الخيام (ج 09) بقلم : دباب عامر بدوي

تاريخ النشر : 2009-12-24
في ظلال الخيام (ج 09) بقلم : دباب عامر بدوي
شعر الوصف و الاشواق
.............................
الشعر الشعبي يتناول وصف المرأة و جمالياتها بكل الأوصاف التي يراها ساطعة في هذا الكون كتعبير منه عن عجزه لوصف جمالها والمكانة التي تحتلها في قلبه فتراه يتغنى بها في الصحاري و الوهاد بأعلى صوته منفردا أو في جماعة ويصفها بشيء من الاوصاف الخلقية منها هذا المقطـــع:
ياخوتـي حرقت الكباد
كلمتها كلمة ميعــــاد
وصفها خير الاجيــاد
مثل القمرة الضاويـــة
ماهيش طويلة فاضـع
ماهيش قصيرة جــازع
فيهـا شـي مانــع
غزالــة بدويـــــة
أشعرها اسود قيـاس
و وجها ورد الشمــاس
و الجبهة صفراء نحاس
واللا الفضـة أصليـــة
عيونها سوداء كحيلة في
النظرات شـوفة جميـة
و أسفارها هلال الليلـة
النظـرة إليها شهيـــة
خدودها حمراء برقوق
كالبرج المشقــــوق
طبعها خانـات الشوق
زرقة لهيفــــــة
فهذا التصوير فني في الشعر الشعبي يزاحم التصويــر البديع و البليغ في الشعر العربي الفصيـح و الصورة التي رسمها أمامنا كصورة ناصعة ممزوجة الألوان مرتبة وليست بالسهولة المعهودة أن تتحلى بها كل امرأة جميلة فهي نادرة و لا تكون صاحبتها إلا ملكة للجمال السبب الذي جعل قلبه يتعلق بها و لا يرضى عنها بديلا و جعل صورتها ملازمة له في مخيلاته ليلا ونهارا منها هذا المقطع للشيـخ بن يوسف :
طفلة دربات بالبثرور- يا قدور
تتبختر في ساحة و مساجــد
طلقت ثيث يطيح غمور- يا قدور
من عاتق هروال و مكنة صايد
بالخلجة رايت غمور -ياقدور
و تملص من تحت عمامته هود
ممشوط مخلط بزهور-يا قدور
حريرالخانة مغطوس راب اسود
جبارة حلفت بالثمور – يا قدور
دقلة نور اللي عرجونها هود
أطراف اليد يخضور – يا قدور
زيد قدح من فوق سحابته ريد
طاح بريح وفيه حجور –يا قدور
دفق صبه فيه زلزاله توعد
اقويدر صيد القرقور – يا قدور
في بيته عن عالي سورها قاعد
فالشيخ و ضح صورة امرأة بدوية على عادتها أيام زمانه باستعماله البثرور ( الحزام ) فإن ذلك من جماليات الشعر في وصف هذه الفاتنـة التي شبهها بعدة أشياء منها ًدقلة نورً المشهورة على سائـر أنواع التمورالى الحديث عن البــــدو و الحضر و قوس قزح و قويدر صيد القرقور ،فهو يجمع بيــن متناقضات غير واضحـة في هذه الابيات :
و هذا الشاعر عبد الرحمان قاسم يكتب رسالة شوق عاجلـة الى خليلتـه التي غابت عنـه سنتيـن كاملتيـن و لم يظهر خبرها .
فهذه القصيدة جميلة المعنى كما هي رائعة الموسيقـى الصحراوية ذات النفس الطويل على عادة الشعــــراء الصحراء و خاصة ابناء سيدي خالد (بسكرة ) الذيـــن اشتهروا بالشعر الشعبي الطويل منذ قرون حتى كادوا ان يحتكروه قديما و حديثا منهم الشيخ السماتي والشيخ بن قيطون وغيرهم رحمهم الله جميعـا.
فالشاعر عبد الرحمان قاسم ابتدأ قصيدته بالخبر ثــم الوصف التأسفي ثم طرح آلامة واسراره لسامعه ليختمها بالمناجات و المنادات :
اسمره بامحاينك قلبي مشغــول
طول خبرك حد لينا ما جابــــو
في العدة عامين ماجاني مرسول
اهل الظنة كي انت راهم خابـــو
ياكاملت الزين والقد المعــدول
قلبك جافي واه ينسى احبابــــو
ماطقناش على الصبروالهجر اطوال
والهجراذا طال يصعب احرابــو
ماظنيت الغالية تسمع ذا القــول
نستعجب في قلبها ضاع اصوابـوا
الاشواق في الشعر الشعبي حتمية لعدة اسباب منها رحيل الحبيب عن حبيبته او فراقها بالزواج أو السفر الطويل إلى غير ذلك من الاسباب .
الشيء الذي يزيد في لهيب قلبه و خاصة أن المرأة البدوية تتحدث مع عاشقها عن قرب ولا تجالسه الا بشق الانفاس خوفا من المخاطر ثم ان احكام البدوي قاسية اذا ما كشف سرها لا سيما مع اجنبي عن القبيلة وهذه العادة مازالت عندنا حتى اليوم عند الامازيغ و العرب على سواء .
عاشق مسكين في الشعر انظـم
شاءت ليام غدرت بحياتــــو
هي مكتوب و العبد انــــدم
و الحب اذا حكم يصعب مماتـو
بحب الغالية نكتب و نتكـــلم
ما عدينا من ايام اصعاب وفاتـو
مسكين على السطح موجه عــم
غاب العقل والقلب زاد اداتــو
احليمة عينيك سبت هذا الهــم
قلبي عاطفي بالموج اغماتــو
احليمة وعدك عني يتنســـم
ريح فرندة بعطورها جاتـــو
يا ما عدينا و الحاكم يحكــم
قدرة الاله في الحب أرماتـــو
غالبية الشعر الشعبي شعرغنائي بحت طويل النفس صعب الاداء حيث يعيش مغنيه أو سامعه مراحل القصة فيتألم لهـا و يفرح بأفراح مضمونها و يتلذذ بصوره واوصافه البارعة المملوءة بالتشبيه البليــغ أو المباشر أو اللفظــــي .
إن غرض الوصف و الأشواق في الأدب الشعبــي مثله مثل الأدب العربي ، يتناول جميع النواحي لجماليـات الممدوح –أو الموصوف –سواء كان هذا الوصف يخــص المرأة أو يصف الطبيعة بجمالها الخصب ومناظرها الخلابة كحلة جميلة كسا الله بها الطبيعة –ليرى الانسان مدى هذا الجمال تعظما لقدرة الخالق –سبحانه و تعالى- فتلك الشجرة ذات الغصون النظــــرة من حبة نمت و أصبحت شجرة وتلك الحبة كيف تكونـــت و صارت ثمارها نضرة، فكل هذه الاوصاف من أخضر فاقع و أحمر ناصع أصفر ساطـع و ابيض رائع جعلت المتأمل من أهل البادية يقف أمام هذه المناظر الرائعة منبهرا … لا يستطيع القول الا (سبحان الله) وجعلت من شعراء الأدب الشعبي ينشدون ويتفننون بشتى الكلمات و اجمل الابيات …
شوفوا يالحبـاب كذا من لنـــوار
في فصل الربيع تفتحت لزهـــار
ابيض و أحمـر وردي بأصفــرار
الدنيا خضـراء مخلوقة بأخضــار
خوخ و رمـان تفاح و برقوق أشهار
فإذا كان هذا وصف الطبيعة في فصل الربيع ،الذي ينشرح له الصدر و ترتاح له القلوب ،و تتفتح فيه روائح الدنيا من ازهار و ورود و أشجار بكل الثمار وتزهو به الطيور و الحيوانات فتنتعش فيه الحياة .
فإن غناء الشاعر البدوي يتحول إلى وصف آخر يناقص هذا الوصف ولعل لكل شيء بداية و نهاية .
الشتاء القارس و الريح الصرصار والامطار المتهاطلة والثلوج المتراسبة رسمت صورة فنية في نفسية البدوي الذي لا ينعم بالدفء الحديث إلا بتلك الكومة من الحطب و لا يتلذذ بالحرارة الشديدة إلا ماجادت به تلك المجموعـــة من العيدان الثاقبة التي تتلاعب بها الريح حيث تشاء فيقول الشاعر :
اتوهج يا قنديـــل ذي الليـل اطــــول
واجي من لكتــاف ضربنـي صرصـاروا
مشعالي مبـــرود ذا الصــرد طــال
يبس لي لعظـــم كثــرت ضـــراروا
برد الجلفة كاســح سمــه ينهـــــال
ياويل المصـــاب احوالــوا يكـــداروا
ريح الهضــــاب داءه قتــــــــال
سمــه فـي الـدم يبقــى صرصــاروا
ألطف يـا ربــي قوينــا رجـــــال
واحفظ المخلوقـات من اشــــــراروا
و لا ينسى الشاعر البدوي ان يقف لحظة أمام الجماليات الخلقية التي تستوقفه من حين إلى حين سـواء عن قصــد أو في إلتفاته منه ،بغض النظر عن المكان و الزمان .
مزين ذا الجمال كي ربي بهـــاه
حبوه العشاق انسـا ورجــال
من كل انواع ربي راه اعطـــاه
زينو في الحطة لونو و خيـال
سبحان الجليل الرب اللي ســواه
صورة في الكون ارض وأجبال
اسحاب مكدر لا خر أحــــذاه
اسحاب منيل يوحي تسهـــال
شمس العشية قــــدام و أوراق
أحمر ذاك اللون ضوو مــزال
جاني خبر ابلادي وأســـــواه
قالوا غاثوا من مسعد لعين أزال
و هكذا نلاحظ الوصف عند الشاعر البدوي ينتقــل من شيء إلى آخر، فمن الربيع و جماله البديـــع إلى الشتاء و صرصاره و من النبات الأخضـــر إلى الصحاري القاحلـــــة و الوهـــاد الوعرة و من الأرض و النباتات إلى السمـاء و السحب…،فهو لا يدع أية فرصــــة من الفـرص ولا فصلا من الفصول يمر هكذا إلا و أنشد فيه وعبر عما يجري بخواطره متأثرا بذلك الحدث، ومستعطفا تلك المناظـــر أو الأحداث و هـو يعيش قساوة الطبيعة و صعوبة العيش المختصرة علــى ما تنتجه الارض و الانعام.
إن الوصف في الأدب الشعبي، لا يختصر على ما ذكرناه من أشياء بل يتسع إلى ابعد بكثير من ذلك وبلغة فنية رائعة قد لا نجدها في الأدب العربي إلا في القليل من القصائد وبأجمل القوافي.
وهاهو الشاعر الشعبي عبد الله بن كريو(رحمه الله) يتحدث عن قمر الليل في قصيدة جميلة جدا إخترتها من بين روائع الشعر الشعبي في الفصل الأخير من هذا الكتيب يقول في مطلعها :
قمر الليل خوالفي تتونس به نلقى فيه أوصاف يرضاهم بالي نبات نقسم في الليالي ننظر ليه يفرق من بينا الحذار التالي خايف لبعض السحابات تغطيه اذا غاب ضيـاه يتغير حالي و المهم عندنا هذا التصوير البليغ و التجانس في المتشابهات بين القمر الحقيقي و القمر المقصود و بين السحاب الحقيقي و السحاب المزعـــــوم فـإن شاعرنـا استطـاع أن يصل و ان يوصل سامعه إلى الغرض الذي أراد الوصول إليه.
لقد تحدثنا عن بلاغة الشاعر البدوي و بعض تصــوره و وصفه لجمال الطبيعة و في هذا الجزء نود التعرج إلى مرتبة أخرى من الموضوع نفســه من زاوية أخرى وهو موضوع المرأة البدوية وما امتازت به من رقة القلب وبراءة التصرف والحفاظ على الحب والحبيب
يتبع ........

للموضوع مراجع
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف