
الملحمة الشعربية الشعبيــــة في الوطن العربي
-------------------------------------
انّ التجانس بين الأدب الشعبي والادب العربي عندنا يبدو واضحا من خلال العلاقة الوطيدة التي تربطهما سواء من حيث الألفاظ في الأسمــاء و المعانـــي أو من حيث التصوير الفني للأحداث و التـــزاوج بين الخيالو الواقع المعاش حسب رواية كل لون .
فالحكاية و القصص تحولت من مواضيــع السـرد الى تنظيم شعري ( رسمي النظم ) يصور الوقائع كما هـي في القصة وان أضيفت إليها جماليات التشويـق سـواء عن طريق اللحن الغنائي أو عن طريــــق
التمثيــل أثناء العرض فالملحمة الشعرية أخذت مضمونها من النـص الشعري الشعبي-أو من الحكاية الشعبية على الأصح –فمن بين تلك الملحمــــات التي يتغناها الفنان الشعبي بمناطقنا ويلعب المداح فيها دورا هاما حيث يؤديهــا بالسرد و بالشعر وباللحـــن من خلال الحلقات التي يعقدهـــــا في الاسواق-كالغزوات الكبرى التي قام بهـا النبـــي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام مثل غزوة بـدر الكبرى ، وغزوة بدر الصغرىو غزوة الخنـدق –وغزوة أحد – وغزوة فتح افريقيا حيث يـروي فيها الشاعر وصول الجيوش الاسلاميـــة إلى تونس وبناء مدينة القروان وعودة ملك المهدية للاسلام ثم ارسال الأمير عقبه لعبد الله بن جعفر إلى الملك الأكبر – ملك تونس ليعرض عليه شروط الفاتحيـن ثم الوقائــع بالتفصيل ولقــد أورد الأستاذ :عبد الحميـد بورايو – في كتابه هذه الأبيات :
نزلوا في القيروان شايبهم وشباب
قالوا يا الأمير نبنوا القصر هنــا
خلفنا بَرنا بعيد بَلا تَحكــــار
سكنَّــا بَـلاَد كثــر وعدونـا
ابن لَينا دِيَاروحصُنها بِآســـوار
سكـن فيها أولادنا هي و انسانَــا
خَايَفْ نَطْلَقْ نَارَ في هَذى الاشجـار
نَدى ذَنْبْ الوُحُوشْ مَا جَتْنَى قُمنـا
قَالُوا لَهْ لُوحْ البْرِيحْ للهِوُش والأطيار
وأَطلب بشريعة النَّبي لان تَخطونـا
اعمَل اِتجَال يوم ثَلثَ ايام ونَهــاَر
ولي يَبْقَى في الرُّسُوم ذَنْبُو خَاطينـا
بَعد الإتَجال نَادَى بَالتِكـــــرار
نَادَتـُه دَابَّـهْ احنَايَـا مازِلنْـــا
قالت منايتى العقرب ذا الشعـــار
نحـرق بالنار وما نفارقش وطنــا
طلق فيها النار و الرماد شى غبـار
جانه الاربـاح تركاته قاعد زينــة
صلى عقبة الامير بالناس الحضار
سلم من الركعتيـن ودعـا لمولانـا
كي عيط للجبال جاء باذن القهـار
حجر الكيفان زاهي ويمشي ويتعنـى
وهناك قصص أخرى لها إرتباط واسعٌ بالأحداث يُصوّرُ من خلالها الشاعر الشعبي شجاعة بَطلهُ وتغلبه على خصومه مهما كانت قُواهم و مواقعهم .
ومن بين هـذه الملحمات "ملحمــة عَلـيِّ حَيدَار " وهو عَلِيُّ بَنْ أَبي طالب ( رضي الله عنه ) .
يُصوّر الشاعر الشعبيُّ الملحمة التّي خاضها مع الروم فيرسم صُورتين متقابلتين حيث يضع جيوشَ الرَّوم بِعَتادِها وعُدّتِها وعددها القويُ جانبا و يصوّر مُلُوكهـم وقادتهم منغمسين في الملذَّات و الشهوات ثُم يبرز صورة الملكة التّي تحرك هذا الجيش الضخم و يجعلها تراقب عن بعدٍ …" البطل عليَّ حَيدَار " بالمقابل يُصورعدد المسلمين الضَّئيل يتقدَّمهم البطل عليَّ حَيدَار-بأقل عددٍ وأبسطِ عُـــدةٍ.
ويلتقي الجيشان - وتشتعل نارُ الحرب فيزدادُ وطِيسُها حيث ترىَ- البطل - يقتُلُ في كلِّ مرةٍ عشـــراتٍ من جيش العدوِ ثم يُنهي قصته كمبارز محترفٍ لعاشـقٍ أو زوج- تِلكَ الملكة الحسناء …
وهكذا إلى أن تقع في حُبّه ويعود بها زوجة والحقيقة لم يحصل هذا و لم يتزوج عليُّ بن أبي طالب بإمرأةٍ غير فاطمة الزَّهراء…ولكن الهـــدف هو إنتصاره وقُوّتهُ الحربية لا غير.
إن ملحمة عَليِّ بن أبــي طالب ( رضي الله عنه ) والمسمى في الأدب الشعبي "بـ عَليّ حيدار "غير صحيحة بهذا التَّصويروإن تقارب المضمون و حَسُنَ الهدف ، فهي ضرب من الخيـال للشَّاعـر الشعبيّ القديم ومثلها مثلَ عَلقمةَ فيقال أنَّه عمّ عَليٍّ - أي أنّـه بن عبد المطلب – وهذا أيضا غير صحيح.
أمَّا قصَّةُ سيّدنا يوسف عليه السلام – والتّي حوَّلهــا الشاعر الشعبي من قصة قرآنية – إلى قصَّة شعريـة غنائيةٍ فإنها صحيحة رغم كلّ الإضافات - ومثلها مثل قصّة سيدنا إسماعيل بَن اِبراهيم الخليل عليهما السَّلامُ وعلاقتها بأضحية العيد .
كما يوضح الأستاذ : شوقي عبد الحكيم في كتابه " الشِّعر الشِّعبي الفُلُكلُوري عند العرب "حيث يقــول :
ما تفيضُ هـذه الأشعار الغنائية في التَّمثيــل بالشخصيات التاريخية و الأسطورية والخرافية سواء كانت حقيقية أم خياليــة .فهـي حينما تشهدُ بجَلدِهـم و صبرهــم على الشّــداد والكوارثِ والمحن ،مثل أيوبٍ و زوجتَه المحبَّــة– برها – التّي انساقت لغواية الشيطان لو لا رحمة الله وصالح وثمود ،ومثـــل هذا في الفلكلور الأوربي فــي أغاني الملك " كتوف " على ضرباتِ المجـــاديف للماءِ ، وأغاني الكهنة المُنشدينَ وأغاني النسـاء اللآئي يَطحنَّ بالرَّحى وأشهر أغانيهنّ مُعاناةُ الملك "بيتاكُوسْ" الـــذي قضي عليه أن يطحن بالرَّحى حتـــى الموت وملحمات حنبعل في قرطاجنَّة عند الأمازيغ سكــان البوادي وكذلك خرافات وبطولات – لالَهْ الكاهنة التي لم تذكر سيرتها التاريخية، ومثلها أغاني " سِعدَة ُ" ابنـة الخليفة الزّناتي قائـد جيوش تونس حيث اغتاله الحُمِيرُ القحطانيُّ ولعل السيرة الهلالية تكون من ابرز السيـر والملاحم العربية التي اشتقت في قصص كثيرة من نوع (البالادا) ومنها قصة عزيزة – ويوسف - وسعيد فمنها هذا الموال الغنائي :
آه يا ست لو شفتيه وشفتي طوله
ع عانيه تفوتي قطرات باللي فيه
واسمك الغالي نسبوه عزيــزة
في ريح القصر وريحانه وقالت
صاحب العقد روح هاتـــه
يا بخت من حدي يوصلك يا يـونس
في السنة مرة يسود شعــره
وتحلــي عيشتـه المــــــرة
وهناك شائعة في مصر تقول ان خطوط الكفين المتقاطعة هي من تأثير انبهار النساء –البيض اللائي عزمتها زليخة واحضرت لهن التفاح والسكاكين وعندما شاهدوا يوسف بهرن وقطعن أيدهن-هذا ما رســخ في ذهن الفلاحين المصـريين – بكت زليخة وقالت :
عشت فــي الذل لمتونــــــي
فـي حـب يوسـف يا نبــي
يعقوب لمونـي عمـــــــت
عزومـــــة زليخــــة
وذبحـــت ستيــــــــن
كبش ومـن الغزل ستيــــن
ومالوا وقالوا لها فين يا زليخــة
اللـي فتحت بيان الستيــــن
مافتحت الباب ما خرطت يدهم سكين
قالت اهو يا سكين …اللي عليه لمتــوني
هناك شائعة في مصر تقول : أن خطــوط الكفين المتقاطعـة هي مـن تأثير انبهــار النساء – البيض اللآئي عزمتهنَّ زليخة امرأة العزيز و التي أحضرت لهن التفــاح و السكاكين حينما لامـوها في حُبّ يوسف –عليه السّلام –وعندما شاهدناه قطّعن أيديهن … و قصة سيدنا يوسف عليه السلام معروفة في القرآن الكريم ولم ترد هذه الاشارات .
هذه نمـــاذج من الملحمة التاريخية الشعرية التي نسجتها مخيلات البدوي من خلال أحداثه وما اضطّلع عليه من معلومات تاريخية … سواء عن طريق القصة الشفوية أم عن طريق القصيدة الشعبية التي لعبَ فيها المدَّاحُ دورا هاما وتبقى ( حيزية ) ملحمة تاريخية جزائرية تعكس صورة البدوية المُحِّبة ,الحُبَّ العفيفَ يتغنى با أكبر لفنانين .
حيزيـــــة
عزوني يا مــــلاح
فـي رايس لبنــات
سكنت تحت اللحــود
نــاري مقديـــة
قلبي سافر مع الضامر حيزية
حسراه على قبيـــل
كنا فــي تويـــل
كنوار العطيـــــل
شاو النقضيـــــة
ما شفنـا مــن دلال
كضـي الخيـــال
راحت جـدي الغـزال
بالزهــد عليـــا
اذا تمشي قبــــال
تسلب العقـــــال
اختـي باي المحــال
راشق كـــم ميــا
جـاب العسكر معـاه
والقومــــان وراه
طلبت ملقــــــاه
كـل واحـد بهديـة
ناقــل سيف الهـنود
كـي يومـي بالييـد
يقسـم طرف حديــد
واللـي صميـــا
ماقتل من عبــــاد
من قوم الفســـاد
يمشي مشي العنـــاد
بالفنطازيــــــه
ما نشكرشي البـــأي
جدد ياغنــــاي
بنت أحمد بن البــأي
شكـري وغنايــا
الادب الشعبي مثله مثل الأدب العربي يتنـــاول كل الاغراض بكل الاصناف ، و المرأة تحتل حيزا "كبيــرا فيه نظرا لمكانتها المرموقة في الحياة البشرية والجاذبية الغريزية التي ترتبط بنفسية الرجل فالعلاقة بينهما وطيدة انسانية تكاملية، الشيء الذي جعل وصال الحب و العشق تتصل بين قلبيهما عبر التاريخ منذ خلق الله أب البشــر (آدم عليـه السـلام ) و انفصــلت منه أم الانسانية (حــــواء).
يتبع..........
للموضوع مراجع
-------------------------------------
انّ التجانس بين الأدب الشعبي والادب العربي عندنا يبدو واضحا من خلال العلاقة الوطيدة التي تربطهما سواء من حيث الألفاظ في الأسمــاء و المعانـــي أو من حيث التصوير الفني للأحداث و التـــزاوج بين الخيالو الواقع المعاش حسب رواية كل لون .
فالحكاية و القصص تحولت من مواضيــع السـرد الى تنظيم شعري ( رسمي النظم ) يصور الوقائع كما هـي في القصة وان أضيفت إليها جماليات التشويـق سـواء عن طريق اللحن الغنائي أو عن طريــــق
التمثيــل أثناء العرض فالملحمة الشعرية أخذت مضمونها من النـص الشعري الشعبي-أو من الحكاية الشعبية على الأصح –فمن بين تلك الملحمــــات التي يتغناها الفنان الشعبي بمناطقنا ويلعب المداح فيها دورا هاما حيث يؤديهــا بالسرد و بالشعر وباللحـــن من خلال الحلقات التي يعقدهـــــا في الاسواق-كالغزوات الكبرى التي قام بهـا النبـــي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام مثل غزوة بـدر الكبرى ، وغزوة بدر الصغرىو غزوة الخنـدق –وغزوة أحد – وغزوة فتح افريقيا حيث يـروي فيها الشاعر وصول الجيوش الاسلاميـــة إلى تونس وبناء مدينة القروان وعودة ملك المهدية للاسلام ثم ارسال الأمير عقبه لعبد الله بن جعفر إلى الملك الأكبر – ملك تونس ليعرض عليه شروط الفاتحيـن ثم الوقائــع بالتفصيل ولقــد أورد الأستاذ :عبد الحميـد بورايو – في كتابه هذه الأبيات :
نزلوا في القيروان شايبهم وشباب
قالوا يا الأمير نبنوا القصر هنــا
خلفنا بَرنا بعيد بَلا تَحكــــار
سكنَّــا بَـلاَد كثــر وعدونـا
ابن لَينا دِيَاروحصُنها بِآســـوار
سكـن فيها أولادنا هي و انسانَــا
خَايَفْ نَطْلَقْ نَارَ في هَذى الاشجـار
نَدى ذَنْبْ الوُحُوشْ مَا جَتْنَى قُمنـا
قَالُوا لَهْ لُوحْ البْرِيحْ للهِوُش والأطيار
وأَطلب بشريعة النَّبي لان تَخطونـا
اعمَل اِتجَال يوم ثَلثَ ايام ونَهــاَر
ولي يَبْقَى في الرُّسُوم ذَنْبُو خَاطينـا
بَعد الإتَجال نَادَى بَالتِكـــــرار
نَادَتـُه دَابَّـهْ احنَايَـا مازِلنْـــا
قالت منايتى العقرب ذا الشعـــار
نحـرق بالنار وما نفارقش وطنــا
طلق فيها النار و الرماد شى غبـار
جانه الاربـاح تركاته قاعد زينــة
صلى عقبة الامير بالناس الحضار
سلم من الركعتيـن ودعـا لمولانـا
كي عيط للجبال جاء باذن القهـار
حجر الكيفان زاهي ويمشي ويتعنـى
وهناك قصص أخرى لها إرتباط واسعٌ بالأحداث يُصوّرُ من خلالها الشاعر الشعبي شجاعة بَطلهُ وتغلبه على خصومه مهما كانت قُواهم و مواقعهم .
ومن بين هـذه الملحمات "ملحمــة عَلـيِّ حَيدَار " وهو عَلِيُّ بَنْ أَبي طالب ( رضي الله عنه ) .
يُصوّر الشاعر الشعبيُّ الملحمة التّي خاضها مع الروم فيرسم صُورتين متقابلتين حيث يضع جيوشَ الرَّوم بِعَتادِها وعُدّتِها وعددها القويُ جانبا و يصوّر مُلُوكهـم وقادتهم منغمسين في الملذَّات و الشهوات ثُم يبرز صورة الملكة التّي تحرك هذا الجيش الضخم و يجعلها تراقب عن بعدٍ …" البطل عليَّ حَيدَار " بالمقابل يُصورعدد المسلمين الضَّئيل يتقدَّمهم البطل عليَّ حَيدَار-بأقل عددٍ وأبسطِ عُـــدةٍ.
ويلتقي الجيشان - وتشتعل نارُ الحرب فيزدادُ وطِيسُها حيث ترىَ- البطل - يقتُلُ في كلِّ مرةٍ عشـــراتٍ من جيش العدوِ ثم يُنهي قصته كمبارز محترفٍ لعاشـقٍ أو زوج- تِلكَ الملكة الحسناء …
وهكذا إلى أن تقع في حُبّه ويعود بها زوجة والحقيقة لم يحصل هذا و لم يتزوج عليُّ بن أبي طالب بإمرأةٍ غير فاطمة الزَّهراء…ولكن الهـــدف هو إنتصاره وقُوّتهُ الحربية لا غير.
إن ملحمة عَليِّ بن أبــي طالب ( رضي الله عنه ) والمسمى في الأدب الشعبي "بـ عَليّ حيدار "غير صحيحة بهذا التَّصويروإن تقارب المضمون و حَسُنَ الهدف ، فهي ضرب من الخيـال للشَّاعـر الشعبيّ القديم ومثلها مثلَ عَلقمةَ فيقال أنَّه عمّ عَليٍّ - أي أنّـه بن عبد المطلب – وهذا أيضا غير صحيح.
أمَّا قصَّةُ سيّدنا يوسف عليه السلام – والتّي حوَّلهــا الشاعر الشعبي من قصة قرآنية – إلى قصَّة شعريـة غنائيةٍ فإنها صحيحة رغم كلّ الإضافات - ومثلها مثل قصّة سيدنا إسماعيل بَن اِبراهيم الخليل عليهما السَّلامُ وعلاقتها بأضحية العيد .
كما يوضح الأستاذ : شوقي عبد الحكيم في كتابه " الشِّعر الشِّعبي الفُلُكلُوري عند العرب "حيث يقــول :
ما تفيضُ هـذه الأشعار الغنائية في التَّمثيــل بالشخصيات التاريخية و الأسطورية والخرافية سواء كانت حقيقية أم خياليــة .فهـي حينما تشهدُ بجَلدِهـم و صبرهــم على الشّــداد والكوارثِ والمحن ،مثل أيوبٍ و زوجتَه المحبَّــة– برها – التّي انساقت لغواية الشيطان لو لا رحمة الله وصالح وثمود ،ومثـــل هذا في الفلكلور الأوربي فــي أغاني الملك " كتوف " على ضرباتِ المجـــاديف للماءِ ، وأغاني الكهنة المُنشدينَ وأغاني النسـاء اللآئي يَطحنَّ بالرَّحى وأشهر أغانيهنّ مُعاناةُ الملك "بيتاكُوسْ" الـــذي قضي عليه أن يطحن بالرَّحى حتـــى الموت وملحمات حنبعل في قرطاجنَّة عند الأمازيغ سكــان البوادي وكذلك خرافات وبطولات – لالَهْ الكاهنة التي لم تذكر سيرتها التاريخية، ومثلها أغاني " سِعدَة ُ" ابنـة الخليفة الزّناتي قائـد جيوش تونس حيث اغتاله الحُمِيرُ القحطانيُّ ولعل السيرة الهلالية تكون من ابرز السيـر والملاحم العربية التي اشتقت في قصص كثيرة من نوع (البالادا) ومنها قصة عزيزة – ويوسف - وسعيد فمنها هذا الموال الغنائي :
آه يا ست لو شفتيه وشفتي طوله
ع عانيه تفوتي قطرات باللي فيه
واسمك الغالي نسبوه عزيــزة
في ريح القصر وريحانه وقالت
صاحب العقد روح هاتـــه
يا بخت من حدي يوصلك يا يـونس
في السنة مرة يسود شعــره
وتحلــي عيشتـه المــــــرة
وهناك شائعة في مصر تقول ان خطوط الكفين المتقاطعة هي من تأثير انبهار النساء –البيض اللائي عزمتها زليخة واحضرت لهن التفاح والسكاكين وعندما شاهدوا يوسف بهرن وقطعن أيدهن-هذا ما رســخ في ذهن الفلاحين المصـريين – بكت زليخة وقالت :
عشت فــي الذل لمتونــــــي
فـي حـب يوسـف يا نبــي
يعقوب لمونـي عمـــــــت
عزومـــــة زليخــــة
وذبحـــت ستيــــــــن
كبش ومـن الغزل ستيــــن
ومالوا وقالوا لها فين يا زليخــة
اللـي فتحت بيان الستيــــن
مافتحت الباب ما خرطت يدهم سكين
قالت اهو يا سكين …اللي عليه لمتــوني
هناك شائعة في مصر تقول : أن خطــوط الكفين المتقاطعـة هي مـن تأثير انبهــار النساء – البيض اللآئي عزمتهنَّ زليخة امرأة العزيز و التي أحضرت لهن التفــاح و السكاكين حينما لامـوها في حُبّ يوسف –عليه السّلام –وعندما شاهدناه قطّعن أيديهن … و قصة سيدنا يوسف عليه السلام معروفة في القرآن الكريم ولم ترد هذه الاشارات .
هذه نمـــاذج من الملحمة التاريخية الشعرية التي نسجتها مخيلات البدوي من خلال أحداثه وما اضطّلع عليه من معلومات تاريخية … سواء عن طريق القصة الشفوية أم عن طريق القصيدة الشعبية التي لعبَ فيها المدَّاحُ دورا هاما وتبقى ( حيزية ) ملحمة تاريخية جزائرية تعكس صورة البدوية المُحِّبة ,الحُبَّ العفيفَ يتغنى با أكبر لفنانين .
حيزيـــــة
عزوني يا مــــلاح
فـي رايس لبنــات
سكنت تحت اللحــود
نــاري مقديـــة
قلبي سافر مع الضامر حيزية
حسراه على قبيـــل
كنا فــي تويـــل
كنوار العطيـــــل
شاو النقضيـــــة
ما شفنـا مــن دلال
كضـي الخيـــال
راحت جـدي الغـزال
بالزهــد عليـــا
اذا تمشي قبــــال
تسلب العقـــــال
اختـي باي المحــال
راشق كـــم ميــا
جـاب العسكر معـاه
والقومــــان وراه
طلبت ملقــــــاه
كـل واحـد بهديـة
ناقــل سيف الهـنود
كـي يومـي بالييـد
يقسـم طرف حديــد
واللـي صميـــا
ماقتل من عبــــاد
من قوم الفســـاد
يمشي مشي العنـــاد
بالفنطازيــــــه
ما نشكرشي البـــأي
جدد ياغنــــاي
بنت أحمد بن البــأي
شكـري وغنايــا
الادب الشعبي مثله مثل الأدب العربي يتنـــاول كل الاغراض بكل الاصناف ، و المرأة تحتل حيزا "كبيــرا فيه نظرا لمكانتها المرموقة في الحياة البشرية والجاذبية الغريزية التي ترتبط بنفسية الرجل فالعلاقة بينهما وطيدة انسانية تكاملية، الشيء الذي جعل وصال الحب و العشق تتصل بين قلبيهما عبر التاريخ منذ خلق الله أب البشــر (آدم عليـه السـلام ) و انفصــلت منه أم الانسانية (حــــواء).
يتبع..........
للموضوع مراجع