من أجــــل قــــراءة مسرحيـــة أو ممســــرحة
لتحقيـــق الجــــودة التربـــوية
الدكتور جميل حمداوي
تمهيــــــــد:
من المعروف أن توظيف المسرح في مجال القراءة خطوة مهمة لتحقيق الجودة التربوية في منظومتنا التعليمية. وتعتبر خاصية التمسرح أيضا طريقة بيداغوجية وديداكتيكية فعالة من أجل تحسين مستوى القراءة، والرفع من هذه المهارة الكفائية الأساسية ، والتي تعد في الحقيقة من أهم الأولويات الضرورية للحد من الأمية المتفشية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ، وتعد كذلك من العوامل المساهمة بفعالية كبيرة في تحقيق التنمية والتقدم والازدهار على جميع المستويات والأصعدة.
وهكذا، فما تحسين القراءة عن طريق التمسرح والممارسة الدرامية إلا خطوة ضرورية لتحسين مستوى الكتابة والتعبير لدى الناشئة من المتعلمين والمتمدرسين ، وذلك لكي يصبحوا في المستقبل مواطنين صالحين نافعين لوطنهم وأمتهم، قادرين أيما اقتدار على التواصل الهادف مع الآخر المماثل أو المخالف. أضف إلى ذلك، أن أمة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم هي أمة القراءة والعلم والتعلم. فلابد ، إذن، من تنويع الطرائق البيداغوجية في التعليم والتعلم، مع استخدام المناهج الديداكتيكية الفعالة ، وتشغيل الآليات الديناميكية للتحكم في عملية القراءة، وتسهيل عملياتها التصويتية والتصورية والدلالية والتداولية، وتمثل مراحلها القرائية والاستماعية استهلالا ووسطا وختاما، وإتقان شروطها تعبيرا وتشخيصا وإلقاء وتمثيلا، وتفعيلها بشكل جيد بنية ودلالة ووظيفة.
هذا، وثمة أنواع من القراءة التي يقبل عليها المرء، فهناك القراءة الصفية، والقراءة المدرسية، والقراءة المنزلية، والقراءة الحرة، والقراءة الناقدة، والقراءة الرقمية، والقراءة الأفقية يمينا ويسارا، والقراءة العمودية من الأسفل إلى الأعلى، والعكس صحيح أيضا...
ومن هنا، سنحاول في هذه الدراسة التركيز على مجموعة من المحاور البارزة التي يمكن حصرها في مفهوم القراءة المسرحية، وأهداف القراءة المسرحية، ومبادئ القراءة المسرحية، وآليات القراءة المسرحية تأليفا وإخراجا، ونتائج القارئ المسرحي.
واقـــع القـــراءة فــي مؤسساتنا التعليميــة والتـــربوية:
يتميز درس القراءة في منظوماتنا التعليمية العربية والإسلامية بالمرونة، والتجزيء، والتدرج، والتراكب، والانطلاق من الجزء والخاص نحو الكل والعام. ويعني هذا أن منهاج القراءة يبتدئ بتعليم الأبجدية الألفبائية عن طريق تدريس الفونيمات(الأصوات)، والمورفيمات(الوحدات الصرفية)، والمونيمات( الكلمات)، ليتم جمعها في جمل مركبة أو ما يسمى عند أندري مارتينه André Martinet بالتمفصل المزدوج Double articulation (الجمع بين الأصوات والكلمات لتركيب الجمل). ومن ثم، ينتقل المتمدرس إلى قراءة فقرات ومقاطع ومتواليات قصيرة من حيث الحجم .
وبعد هذه المرحلة الأولى التي تواكب مرحلة الحضانة وسنوات السلك الأول من التعليم الابتدائي، ينتقل التلميذ إلى قراءة النصوص المتوسطة أو الطويلة من حيث الحجم سواء أكانت نصوصا قرائية عادية أم نصوصا مسترسلة أم نصوصا استماعية في السنوات الأخيرة من الابتدائي وسنوات مرحلتي الإعدادي والثانوي. وغالبا ما تكون النصوص القرائية المثبتة في المنهاج المدرسي بمثابة قصائد أو أناشيد شعرية، أو نصوص سردية، أو نصوص درامية، أو مقالات متنوعة( أدبية، وعلمية، وفكرية، واجتماعية، ودينية، وتاريخية...).
لكن مازال درس القراءة في مؤسساتنا التعليمية العربية والإسلامية يتسم بالملل والروتين والتسطيح والتعثر والإحباط، واستعمال الطرق التلقينية التي تجعل التلميذ شاردا غير منتبه، لا يبالي بالقراءة تتبعا وتمثلا وإنصاتا واستيعابا. وبالتالي، لا يولي لها الاهتمام الكافي على مستوى التهجي والتعبير والتصويت. فنجد التلميذ، على سبيل المثال، يقرأ الشعر والنشيد والمسرحية والقصة والحكاية كما يقرأ المقال بطريقة فاترة عادية وسريعة، لا إحساس فيها ولا شعور، إذ لا يحترم علامات الترقيم توقفا ووصلا وفصلا ونبرا وتنغيما، ولا ينتبه إلى الإرشادات المسرحية الموجودة في النصوص الدرامية. ومن ثم، فلقد أصبحنا فعلا أمام مشكل خطير يهدد مستقبل التنمية البشرية بشكل عام ألا وهو مشكل القراءة.
وهكذا، يلاحظ الدارس التربوي أن نسبة كبيرة من أبناء هذا الجيل الجديد لا يقرأون في غالب الأوقات والأحيان، وذلك بسبب الانسياق وراء مغريات السمعي- البصري، والانبهار بعالم الرقميات. ومن ثم، فهم لا يبذلون أي جهد قصد القراءة والمطالعة سواء أكان ذلك في منازلهم أم خارجها . وإذا قرأوا ما يستوجب القراءة والمطالعة استعدادا لإجراء الفروض والامتحانات التقويمية، فإنهم لا يقرأون بجدية ، ولا يحققون أدنى جودة في ما يقرأونه. وإذا افترضنا أنهم يقرأون بشكل جيد، فإنهم لا يفهمون شيئا مما يقرأونه، وإذا فهموا ما تمليه عليهم قراءتهم ، فإنهم لا يطبقون ما يقرأونه من نصوص ممارسة و تمثلا وعبرة وعملا.
وإذا أخذنا المغرب نموذجا دراسيا ، فسنجده من الدول العربية الأكثر ضعفا في مجال القراءة ، وذلك بسبب انعدام الجودة الحقيقية في تعليمنا شكلا ومضمونا؛ لأن همه الأكبر هو التركيز على الكم على حساب الكيف. ومن هنا، يقول التقرير السنوي للمجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008م:" إن تلامذتنا يعانون من نقص في المعارف والكفايات الأساسية( قراءة ، كتابة، حساب، لغات). وفي غياب اختبارات بيداغوجية وطنية ممعيرة، تبقى المعلومات الخاصة بمستوى التحصيل لدى التلاميذ رهينة ببعض الدراسات الدولية النادرة، و التي بادر المغرب إلى المشاركة فيها، مثل دراسات TIMSS في مجال الرياضيات والعلوم سنة 2003، وPIRLS في مجال القراءة المدرسية سنتي 2001و2006م. وتكشف هذه الدراسات عن ضعف مستوى التلاميذ المغاربة بشكل عام، مقارنة بمستوى تلاميذ خمسين دولة مشاركة."
وعليه، فالمدرسة المغربية تعاني الكثير في مجال المعارف الأساسية، ونخص بالذكر القراءة والكتابة والحساب بالإضافة إلى السلوك المدني.
لكن وزارة التربية الوطنية بتنسيق مع المجلس الأعلى للتعليم تقترح مجموعة من الحلول الإجرائية للحد من هذه العوائق، وتتمثل هذه الحلول في العناصر التالية:
1- التوجه التدريجي نحو اعتماد مرجعية محددة للكفايات والمعارف الأساسية التي ينبغي أن يتحكم فيها كل متعلم بالضرورة، عند نهاية كل سلك دراسي،( وهو ما يستدعي مراجعة الكتاب الأبيض، خاصة على مستوى برامج التعليم الابتدائي)؛
2- تخصيص مزيد من الساعات لتقوية اكتساب كفايات القراءة والكتابة والحساب، وربما ساعات أقل لبعض المواد الأخرى؛
3- نجاعة في طرائق التدريس، مع بذل مجهود أكبر فيما يتعلق بالتكوين المستمر للمدرسين، بالموازاة مع إعطاء دينامية جديدة للبحث البيداغوجي؛
4- المزيد من التجهيزات والأدوات الديداكتيكية الملائمة (توفير الوسائل، تبسيط الكتب المدرسية، إلخ)؛
5- إعادة تنظيم الفصل الدراسي، بالعمل بمجموعات صغيرة، مما يسمح بالاستجابة للحاجات المتباينة للمتعلمين؛
6- تعزيز دروس الدعم لفائدة التلاميذ الذين يعانون من صعوبات دراسية ( في المدرسة وضمن الزمن الدراسي الرسمي)؛
7- جهاز متين وموثوق فيه لتقويم مكتسبات التلاميذ، يسمح بمتابعة تقدمهم، وخاصة بالكشف بسرعة عن الصعوبات؛
8- تكثيف عمليات التفتيش والتأطير البيداغوجي المرتبطة بالتعلم والمعارف الأساسية."
وعلى الرغم من هذه الحلول المقترحة لتحقيق مدرسة النجاح، فإن الحلول الحقيقية لتحسين مستوى القراءة تكمن في الحد من الاكتظاظ الصفي، وتوفير مدرس نشيط، وتوظيف المسرح والدراما في المنهاج المدرسي أو التعليمي بصفة عامة و درس القراءة بصفة خاصة.
إذن، ماهي الدراما التعليمية أو ما يسمى أيضا بمسرحة المناهج؟ وماهي القراءة المسرحية أو القارئ المسرحي؟ هذا ما سنعرفه ضمن العنصر الموالي.
مفهــــوم القــــراءة المسرحيــــة:
يحيلنا مفهوم القراءة المسرحية على عدة مصطلحات أخرى مشابهة كالمسرح التعليمي، والمسرح المدرسي، والمسرح التربوي، ومسرح الأطفال، ومسرحة المناهج والدروس، والدراما البيداغوجية، والدراما الإبداعية ، والقارئ المسرحي .
وهكذا، فالدراما التعليمية هي التي تهتم بمسرحة المناهج والبرامج والمقررات الدراسية لخدمة الطفل المتعلم، وتحقيق الوظائف التربوية والتعليمية من وراء تقديم الخبرات التعليمية داخل الفصل الدراسي. ومن هنا، تنبني الدراما التعليمية على شرح الدروس وتفسيرها على ضوء آليات تنشيطية درامية كاستخدام الألعاب، والتقمص، وتبادل الأدوار، وتقليد الشخصيات...
وعلى العموم، فالدراما التعليمية هي التي تسخر المواد التربوية ودروس المقرر ووحدات المنهاج الدراسي في شكل فرجات مشهدية وحوارات مسرحية ، يشارك في إعدادها كل من المدرس والتلميذ داخل الصف المدرسي أو قاعة المدرسة المخصصة للعروض الفنية أو الحفلات المدرسية.
ويعرف الباحث المغربي سالم كويندي المسرح التعليمي بقوله:"وهذا النوع من المسرح يمكن استخدامه على أوسع نطاق لتقديم مختلف المواد والمناهج الدراسية، بشكل يربط الطفل بمدرسته... لما فيه من تشويق، وللدور الإيجابي الذي يعطيه للطفل في العملية التعليمية، بحيث يكون هنا التمثيل مستخدما كطريقة للتعليم، أي إنه طريقة لتعليم الموضوعات "
أما المسرح المدرسي فهو بدوره مسرح تعليمي وتربوي ينجز داخل المدرسة بشكل عام، كما يؤدى داخل القسم بشكل خاص، ويأخذ شكلا دراميا يقوم على مجموعة من الطرائق التنشيطية والدرامية كالارتجال ، والتقليد، والإيهام، وتبادل الأدوار...،ويؤديه الأطفال تحت إشراف المدرس.
وإذا أردنا تعريف المسرح التربوي فهو ذلك المسرح الذي يقدم نصوصا مسرحية ذات طابع ثقافي واجتماعي وأخلاقي وتعليمي وتربوي :" يهدف إلى المساهمة بطريق غير مباشر في عملية التنشئة الاجتماعية، وبناء نظام القيم الأخلاقية والدينية والسلوكية، وإثراء معلومات الطالب العامة، وغير ذلك مما يدخل ضمن نطاق مسؤولية المدرسة في تربية الأطفال بالإضافة إلى تعليمهم."
وإذا كان مسرح الطفل مسرحا عاما يشمل جميع المسارح والفرجات الدرامية المتعلقة بالطفل، فإن المسرح المدرسي – كما قلنا سابقا- يشمل كل ما ينجز داخل فضاء المدرسة من أنشطة وألعاب تمثيلية وغنائية وسيركية وبهلوانية كمسرح العرائس ، وخيال الظل، ومسرح الإيهام ، ومسرح الارتجال، والمسرح التلقائي، والمسرح التعليمي، والمسرح التربوي ، والقراءة المسرحية ، والدراما التعليمية ...
أما القراءة المسرحية أو الممسرحة فهي أن يقدم المدرس درس القراءة اعتمادا على التمثيل والتشخيص ، وتحويل النص القرائي إلى نص مسرحي، أو تمثل مقومات الدراما والمسرح لتحسين مهارة القراءة لدى المتعلمين. ومن ثم، يصبح التلميذ في هذا السياق التربوي والتعليمي قارئا مسرحيا بامتياز.
وبناء على ما سبق، فمسرح القارئ Readers Theatre " هو مصطلح حديث يقصد به ذلك المسرح المصغر الذي تحول فيه القصص إلى نصوص درامية، ويستخدم عادة في المدارس. وهو لا يتطلب ما يتطلبه المسرح العادي. وبالتالي، فمسرح القارئ هو من أفضل الأساليب المستخدمة حاليا في تدريس القراءة في الدول الغربية. وميزة هذا الأسلوب هو أنه يستغل ميل الطفل الفطري للعب والتمثيل فيدخلهما في تعليم القراءة، وبذلك يحقق الطفل غايتي اللعب والتعلم."
وهكذا، فالقراءة المسرحية هي التي تعمد إلى مسرحة القراءة الصفية عن طريق توفير كل الظروف الدرامية الممكنة لجعل المتعلم يتفاعل إيجابيا وديناميكيا مع درس القراءة ، وذلك من خلال الجمع بين هدف التعليم وهدف اللعب والترفيه والتسلية قصد خلق الحيوية والحب والسعادة داخل الصف الدراسي، مع العمل بصدق وجدية على تحقيق الحياة المدرسية الناجحة والفعالة.
بيد أن هذه الطريقة المسرحية في درس القراءة ليست صالحة فقط للتلاميذ العاديين، بل هي مجدية أيضا لذوي الحاجات الخاصة كالصم والبكم والمعوقين، ولاسيما إذا استثمرنا بشكل جيد آليات الميزانسين (الإخراج المسرحي) من تقمص ولعب وتبادل للأدوار، واستخدام جيد للمسرح الصامت أو الميم أو البانتوميم.
تاريـــــخ القـــــــراءة المسرحيــــة:
من الأكيد أن القراءة السائدة قديما هي القراءة التقليدية التي كانت تعتمد في مقوماتها الجوهرية على الصوت أثناء النطق والتهجي والحوار الشفهي، علاوة على حاسة السمع التي كانت توظف للإنصات والتقاط الحروف والكلمات والجمل والعبارات ، وحاسة البصر التي كانت تشغل لتتبع الأسطر والفقرات والمقاطع والمتواليات والنصوص. وتكتمل هذه الحواس مع حواس أخرى كحاسة اللمس أثناء تصفح الكتاب لقراءته، وحاسة الذوق أثناء اختيار النصوص الجيدة والأساليب الفنية الرائعة، والانبهار بجمالية النص ووظيفته الشعرية الإيحائية. وبعد هذه العمليات الحسية ، يأتي التجريد والتخييل عن طريق استجماع دلالات النص المقروء ، وتذوق جمالياته الفنية، وتخزين كل ذلك في الذاكرة الشعورية أو اللاشعورية لتوظيفه في لحظات التواصل اللفظي وغير اللفظي.
بيد أن هذه الطريقة في عمومها كانت طريقة منفرة وسلبية؛ لكونها تخلو من النشاط الحركي، وتفتقد إلى الأداء التشخيصي والتمثيلي لنقل المضامين إلى أسماع المتعلمين. كما كان درس القراءة يتسم كثيرا بالجدية والانضباط والوقار، مع احترام المدرس المؤدب احتراما كبيرا، بحيث كان المربي يمتلك سلطة مطلقة داخل القسم. وغالبا ما كان هذا المدرس/ الشيخ يستهجن اللعب والترفيه والتسلية، فيعاقب كل من سولت نفسه أن يخرج عن ضوابط القسم وقوانين المشيخة. ومن هنا، يتحول القسم إلى فضاء جامد ساكن يخلو من الحركة والحيوية والحياة الفعالة. وبالتالي، لن تجد في هذا الفضاء العدائي القاتم سوى الصرامة والتقنين و" المعيرة" في التعليم والتلقين والحفظ. وكان هذا الأسلوب التربوي القمعي يفرز في غالب الأحيان الخنوع والاستسلام والخوف والنفور والإرهاق والتمرد والانقطاع عن العلم. ولا يستمر في هذا الجو المدرسي الخانق سوى من أوتي صبرا وتجلدا وحكمة وقدرة ربانية.
لكن مع سنوات القرن العشرين ، فقد ظهرت الطرق التربوية الجديدة والفعالة التي تعتمد على مجموعة من المبادئ الحيوية التي تحترم إنسية الطفل المتعلم وحقوقه الطبيعية والمكتسبة كاللعب، والحرية، وتعلم الحياة عن طريق الحياة، والتعلم الذاتي، والجمع بين النظرية والممارسة، والاهتمام بالفنون الجميلة...
وفي هذا السياق، ظهرت الدراما التعليمية والقراءة المسرحية أو القارئ المسرحي، وخاصة في الدول المتقدمة الغربية من أجل استبدال الدرس التقليدي بدرس تربوي وتعليمي أكثر حيوية ومرونة ومردودية وإيجابية. وقد أجريت في الغرب، في هذا الصدد ،عدة تجارب أثبتت نجاح طريقة القراءة المسرحية. ففي دراسة " أجريت عام 1999م تحت مسمى" المعلم القارئ" قام بها كل من ستريكر وروز ومارتينيز أثبتت أن طلاب الصف الثاني الابتدائي الذين مارسوا مسرح القارئ بانتظام اكتسبوا تطورا ملحوظا في القراءة، حتى إنهم غدوا يقرأون نصوصا في مستوى أعلى من النصوص المخصصة لسنهم بما يزيد على عام.
كما لاحظت إحدى المعلمات في إحدى المدارس الأمريكية أنه بالرغم من أن طلابها يتمتعون بمهارات استيعابية عالية إلا أنهم يفتقدون إلى مهارة الطلاقة في القراءة. بعد عشرة أسابيع فقط من تطبيق مسرح القارئ مع طلابها اكتسب كل طالب تطورا يعادل تطور مرحلة كاملة. وفي نهاية العام أصبح الطلاب يقرأون نصوصا معدة لمستوى أكبر من مستواهم بثلاثة أعوام."
وهكذا، أصبحت القراءة المسرحية ، اليوم ، طريقة ديداكتيكية وآلية بيداغوجية إجرائية صالحة للرفع من مستوى القراءة لدى المتعلمين نطقا وتعبيرا وأداء وتواصلا.
أهــــداف القــــراءة المسرحيـــة:
تنبني القراءة المسرحية أو القراءة الممسرحة على مجموعة من الأهداف والغايات الخاصة والعامة، ويمكن تحديد هذه الأهداف فيما يلي:
1- التحكم بشكل جيد في مهارة القراءة باعتبارها من الكفايات الأساسية التي ينبغي للمتعلم تملكها؛
2- الحد من العوائق والصعوبات التي تعترض درس القراءة في مؤسساتنا التعليمية والتربوية؛
3- القضاء على ظاهرة النفور من القراءة لدى التلاميذ المتمدرسين بسبب الاكتظاظ الصفي، وانعدام التحفيز المادي والمعنوي، وتشغيل طرائق بيداغوجية تقليدية مملة وسلبية؛
4- الرفع من مستوى القراءة الصفية عن طريق توظيف المسرح والدراما؛
5- خلق فضاء دراسي حيوي ديناميكي يحبذ القراءة، لكي يقبل عليها المتعلم بشره ونهم كبير؛
6- تشجيع آليات التمسرح أثناء درس القراءة لتحقيق هدفين متقاطعين، وهما: التعلم واللعب، أو التثقيف والترفيه، أو التعليم والتسلية؛
7- تطوير الكفاءة اللغوية والإنجازية لدى التلاميذ فصاحة وبلاغة وسلاسة وطلاقة؛
8- الرفع من القدرة القرائية لدى المتعلمين تعبيرا وتشخيصا وتمثيلا؛
9- تشجيع التلاميذ على حب القراءة الصفية والشخصية عن طريق تمثل مقومات الفعل المسرحي وشروط التمسرح الدرامي؛
10- تعويد الأطفال والتلاميذ على حب القراءة، والإقبال عليها بشغف كبير؛
11- تعليم التلاميذ تقنيات المسرح والتمثيل أثناء حصة القراءة؛
12- القضاء على رتابة الدرس وركوده ، والحد من روتينيته المملة عبر مسرحة درس القراءة تعبيرا وتواصلا وعرضا وإخراجا؛
13- تربية التلاميذ على الكرامة الشخصية، و الثقة في النفس، والابتعاد عن الخجل والانعزال والانكماش الذاتي؛
13- تشجيع التلاميذ على التعلم الذاتي ، والاعتماد على قدراتهم الشخصية، والاهتمام بالعمل الجاد المبني على الإبداع والابتكار والتجديد؛
14- علاج الضعفاء من التلاميذ في مجال القراءة الصفية عن طريق إدماجهم في مجموعات ديناميكية صغيرة ، وتوزيعهم على فرق تربوية جماعية ، وذلك لإزالة كل الرواسب النفسية الموجودة لديهم ، وتصريف عقدهم عن طريق الإدماج السوسيوميتري ، وتفريغ مكبوتاتهم الشعورية واللاشعورية في اللعب والترفيه والتسلية والتمثيل الفكاهي والتعليمي؛
15- تطوير مهارات الاستماع والفهم والتفكير والمحادثة، مع تعزيز قدرات الحجاج والنقاش والجدال والخطابة والتواصل لدى القارئ المسرحي؛
16- تعزيز العمل الجماعي في إنجاز الأمور ، وحل الوضعيات والمشاكل بطريقة تعاونية بدلا من الفردية والتركيز على الذات والأنا؛
17- مساعدة التلاميذ على القراءة مرات عدة ممارسة وتكرارا بنوع من الاستمتاع والتسلية والترفيه؛
18- الجمع بين الأهداف المعرفية والوجدانية والحسية الحركية ضمن حصة القراءة المدرسية أو الصفية أو المنزلية أو الحرة.
إن الهدف – إذن- من المسرح القرائي بصفة خاصة والمسرح المدرسي بصفة عامة هو:" تنمية مهارات الطفل/ التلميذ الحسية والفكرية والجسدية والمتمثلة في تنمية شعوره بالأشياء والحالات المحيطة به، وتنمية ملكات الخيال والملاحظة، في إطار جمالي ينتهي إلى الإحساس العميق بالتنافس والتناغم المؤدي إلى إبراز ملكات التذوق الفني لدى الطفل، وفي اكتساب الخفة والرشاقة والتوازن من أجل السيطرة على جسمه، وتمرين جهازه التنفسي والصوتي، وكذلك في توسيع مجالات المعرفة والإدراك لديه، وفي تمكين التلميذ من ممارسة التعبير عن ذاته بجرأة وحماسة، ومواجهة الآخرين بهدف تنمية موهبة التمثيل للذين يتوفرون على هذه الموهبة، وكهدف أعلى، تنميته كفرد والنهوض به ومخاطبته تربويا من خلال المثلث الإنساني المعروف (العقل، البدن، الوجدان).
لهذه الأهداف وغيرها اعتبرت التربية الحديثة أن العلاقة وطيدة بين مسرح الطفل والعملية التربوية، كما أنه يقف في طليعة الوسائل التي يمكن تطبيقها لإثراء العملية التربوية."
تلكم – إذن- أهم الأهداف العامة والخاصة التي يرمي إليها مسرح القارئ ضمن توجهاته الإستراتيجية قصد التحكم في مهارة القراءة جودة وإتقانا.
مبـــادئ القـــراءة المســــرحية:
ترتكز القراءة المسرحية داخل الصف الدراسي أو التعليمي على مجموعة من المبادئ والمرتكزات، ويمكن حصرها في العناصر والنقط الأساسية التالية:
1- التسلح بالطرائق البيداغوجية الفعالة، والإيمان بالتنشيط الفعال في تقديم درس القراءة؛
2- التعامل مع النصوص تحويلا وانتقاء واختيارا؛
3- تحضير النصوص القرائية اقتباسا أو ترجمة أو إعدادا أو تمسرحا أو تأليفا سواء من قبل المدرس أم التلميذ أم هما معا؛
4- الجمع بين القراءة اللفظية وغير اللفظية؛
5- الانتقال من النص الدرامي القرائي إلى النص المعروض؛
6- التدريب على الأداء التشخيصي والتمثيلي؛
7- عرض القراءة الممسرحة ضمن مواقف درامية متنوعة بآليات إخراجية متعددة؛
8- التأرجح بين الحوارات الدرامية الهادفة المؤثرة والمنولوجات الممتعة والوظيفية؛
9- العمل على تحقيق التعلم والمتعة، والمزاوجة بين التعليم والترفيه؛
10- العمل في مجموعات صغيرة وضمن فرق تربوية ديناميكية للقضاء على المعوقات الذاتية والموضوعية.
تلكم – إذن- أهم المبادئ والمرتكزات الجوهرية التي تنبني عليها القراءة الصفية الممسرحة من أجل تقديم درس القراءة في أحسن الظروف الديداكتيكية والبيداغوجية في منظومتنا التعليمية والتربوية الراهنة لتحقيق مدرسة النجاح والإبداع.
ديـــداكتيك القــــراءة المسرحية:
يبدأ درس القراءة داخل الصف الدراسي بقراءة المدرس النموذجية، والتي ينبغي أن تكون قراءة واضحة وفصيحة وبليغة ومعبرة، يستخدم فيها كل آليات التشخيص والتمثيل عن طريق استعمال الوجه واليدين والجسد والرجلين، أي ضرورة إرفاق الكلمة بالحركة المفسرة. و يعني هذا أن المدرس عليه أن ينطق الحروف والكلمات والعبارات والجمل بالوجه قبل أن ينطقها لفظا وتصويتا. ومن الضروري أن يكون المدرس ممثلا نشيطا متمكنا من تقنيات التنشيط والتمثيل الدرامي من أجل أن يقدم درس القراءة في أحسن صورة، وذلك قصد إثارة المتلقي الراصد ذهنيا ووجدانيا وحركيا. ومن الأفضل أيضا أن يحسن التشخيص المسرحي نظرية وممارسة، فيقلد الشخصيات تقليدا نابعا من الذات، صادقا الإحساس والوجدان كما يقول قسطنطين ستانسلافسكي في كتابه الذي خصصه لإعداد الممثل، وعليه أن يحاكي كذلك المواقف الدرامية بطرائق تعبيرية مختلفة، تتلون فكاهة وجدية، ومرونة وصرامة.
وقبل أن يبدأ التلاميذ قراءاتهم الفردية والشخصية، على المدرس أن يختار النصوص الجيدة التي يمكن أن تمتع التلاميذ تسلية وترفيها. وبالتالي، تفيدهم في حياتهم العلمية والعملية والأخلاقية. كأن يختار نصوصا مسرحية هادفة ، أو ينتقي نصوصا شعرية وقصصية وسردية، فيحولها إلى قراءات درامية قابلة للتمسرح. وقد تتخذ هذه النصوص طابعا عاديا أو طابعا استماعيا أو طابعا مسترسلا.
و لا يتم هذا الاختيار النصي إلا بمراعاة مستويات التلاميذ العمرية والنفسية والاجتماعية والبيولوجية والذكائية، ويتم الانتقاء أيضا حسب الاعتبارات الديداكتيكية والبيداغوجية، وكذلك وفق الاعتبارات الأدبية ، وحسب احترام ضوابط الجنس ومستلزماته الفنية والتقنية .
فإذا بدأنا ، مثلا ، بالنصوص المسرحية المحبكة دراميا، فثمة صعوبات لعرضها ميزانسينيا وسينوغرافيا بسبب تفاوت المستويات العمرية والدراسية. ففي مرحلتي الحضانة والتعليم الابتدائي قد نكتفي بعرض النص ركحيا دون استخدام السينوغرافيا بجميع مكوناتها الوظيفية. ولكن إذا انتقلنا إلى المرحلة الإعدادية والثانوية ، فيمكن لنا الاستعانة بالسينوغرافيا المركبة (الإضاءة، والماكياج، والأزياء، والديكور، والإكسسوارات، وجسد الممثل، والموسيقا، والرقص، والباليه...) لتشخيص الأدوار المسرحية.
ويمكن للمدرس أن يحول النصوص القرائية والسردية وباقي الدروس الأخرى إلى عروض درامية ممتعة وهادفة ، وذلك بمراعاة قواعد التشخيص الدرامي ، كأن يستخلص مع التلاميذ الحبكة الدرامية( البداية ، والعقدة، والحل)، وتحديد الشخصيات الرئيسية والثانوية، والتأشير على الفضاء الدرامي، وتحيين الصراع المسرحي، وتذييل النصوص الممسرحة بالإرشادات الركحية، ووضع الحوارات والمنولوجات الوظيفية التي تحدد الرهان ومقصدية النص الممسرح.
وبعد ذلك، يبدأ التلاميذ في قراءة النصوص بطريقة فردية وجماعية أو في شكل كورالي وخاصة أثناء قراءة الأشعار والأناشيد. وحينما ينتهي التلاميذ من القراءة العادية فهما وتفسيرا، يقسم المدرس تلامذته إلى جماعات وفرق تربوية صغيرة ليحولوا النصوص السردية ، مثلا ، إلى عروض مسرحية ، فينكبوا على تلخيص النص، وتحديد وحداته الدلالية، وإبراز صراعه الدرامي، وذكر شخصياته، والتأشير على فضاءاته، وإعداد الحوارات مع مرفقاتها الركحية. وفي الأخير، يتم بناء النص الدرامي في كل تفاصيله باحترام الخطوات الرئيسية الثلاث: خطوة الاستهلال أو ما يسمى بالبرولوغ، وخطوة الحوار أو ما يسمى بالديالوغ، وخطوة الاختتام أو ما يسمى بالإيبيلوغ.
وعندما يصبح النص المسرحي جاهزا، يوزع المدرس الأدوار على تلامذته بشكل تناوبي ليحقق المشاركة الجماعية، فيقسم القسم فضائيا إلى شكل دائري أو نصف دائري أو يبقي على شكله المستطيل. ويمكن للمدرس أن يعرض عمله المسرحي في ساحة المدرسة أو في مسرحها الثابت. علاوة على ذلك، يحول المدرس عتبة القسم إلى ركح مشهدي لتقديم الفرجة، فيقدم للتلاميذ تدريبات صوتية وكوريغرافية وحركية ضمن ما يسمى بالقراءة الإيطالية. وبعد الانتهاء من حفظ الأدوار والتدريب عليها، ينتقل المتعلمون الممثلون إلى تشخيصها ميزانسينيا( إخراجيا) فوق عتبة القسم، فيختارون مواقعهم المناسبة، فيبدأون في التمسرح فوق الخشبة إما باستخدام السينوغرافيا المشهدية وإما بالتخلي عنها. ومن الأفضل أن يعود المدرسون متعلميهم على استعمال السينوغرافيا لكي يتمكنوا من تقنيات الدراما، والتعود على الاحتكاك بتقنيات التأثيث.
ويلاحظ المدرس أنه في لحظة العرض المسرحي يحدث ما يسمى بالاشتباك الوجداني والنفسي بين الممثلين والتلاميذ المشاهدين تطهيرا وعلاجا وتأثيرا سواء على المستوى الذهني أو الوجداني أو الحسي الحركي. وبعد ذلك، يتناوب التلاميذ على أدوار المسرحية ، بشرط أن يكونوا قد استوعبوا النص القرائي حفظا وفهما وتأويلا وإدراكا، فيدخل الجميع في لعبة القراءة الهادفة البناءة والحركة الإيجابية.
ويعرض يعقوب الشاروني خطوات عملية لمسرحة القصة وتشخيصها دراميا، فيفصلها بالشكل التالي:
"1- سرد القصة على الأطفال حكيا وتعبيرا وتسميعا؛
2- ترك القصة المسرودة جانبا ومناقشة الأطفال في مواقفها، والشخصيات، حتى تصبح مألوفة لديهم، وحتى يستطيعوا أن يعيدوا حكايتها بأسلوبهم الخاص، وهذه نفس المراحل المتبعة لدى المسرحي الألماني بريخت في المسرح الملحمي؛
3- إعادة سرد القصة على الأطفال، مع التركيز على النقط التي نعتبرها هامة بالنسبة للتمثيل، ويمكن الاستغناء عن القصة الأصلية، إذا تأكدنا من وضوح الحوادث الرئيسية في أذهان التلاميذ؛
4- المناقشة، نركز فيها على كيفية القيام بمسرحة القصة، وذلك حسب التساؤلات التالية: كيف تبدأ المسرحية؟ ماهي المشاهد أو الشخصيات الأخرى التي تحتاجها؟ وما هو مركز الاهتمام الرئيسي في القصة؟ وكيف ننهيها؟
5- نترك الأطفال يحددون المواقف والشخصيات بوضوح؛
6- نجعل المجموعة كلها تمثل المواقف الرئيسية، موقفا بعد موقف، مع إبراز الحوار الضروري، والذي يمكن أن ينمو من خلال تمثيل مجموعة بعد أخرى لنفس الموقف؛
7- إعادة تمثيل القصة كلها كاملة؛
8- مناقشة الأطفال في الأزياء (الملابس) والمناظر، مع مساعدتهم في إمكانيات تدبيرها وإنجازها."
وهناك من يطرح طريقة ميزانسينية أكثر وضوحا وتبيانا في كيفية التعامل مع القارئ المسرحي ، فيرى أن المعلم قبل أن يبدأ مسرح القارئ:" يهيئ طلابه نفسيا، وذلك بأن يقرأ هو عددا من النصوص بصوت مرتفع مع استعمال التعبيرات الصوتية والحركات والإيماءات. ويشرح لهم فكرة مسرح القارئ. وبعد ذلك، يبدأ الطلاب بالقراءة الجماعية مع مراعاة التعبيرات الصوتية والإيماءات. ويقسم الصف إلى مجموعات بحيث تقرأ كل مجموعة دورا معينا. وبعد ذلك، يبدأ المعلم في تقسيم الأدوار على الطلاب الذين يتمرنون عليها فيما بينهم، فيوزع على كل طالب منهم نسخة من النص الدرامي.
هذا، ويبدأ المعلم في البداية باستخدام نصوص درامية جاهزة، ويختار ما يناسب مستوى طلابه، ويقوم بتوزيع الأدوار عليهم.
في مرحلة لاحقة، يقوم المعلم مع تلاميذه بتحويل القصص إلى نصوص درامية. وبذلك، ندمج مهارات الكتابة ومهارات التفكير مع مهارات القراءة. واختيار القصص لايتم بطريقة عشوائية، بل لابد أن تكون القصص مشوقة وغير طويلة ، فيها الكثير من الحوار والحركة. ولابد أيضا أن تكون مناسبة للمرحلة العمرية للطلاب.
ومهمة تحويل القصة إلى نص درامي توفر للمعلم الكثير من المرونة، إذ يستطيع المعلم أن يغير في النصوص فيحذف ويزيد، ويستطيع أيضا أن يزيد في عدد الشخصيات أو عدد الرواة في القصة إذا كان عدد الطلاب كبيرا، أو يدمج أكثر من شخصية مع بعضها في حال عدم توفر عدد كاف من الطلاب..."
وعليه، تخضع القراءة المسرحية لمجموعة من المراحل والخطوات الإجرائية، ويمكن تحديدها على النحو التالي:
1- انتقاء النصوص القرائية القابلة لفعل التمسرح؛
2- القراءة الفردية والجماعية؛
3- القراءة الإيطالية للنص( فهم النص وتفسيره ، تحديد رهان النص وهدفه الأساس، توزيع الأدوار ، حفظها واستيعابها، التداريب التشخيصية تلفظا وحركة، عمليات التسخين، ترويض الصوت، التدريب على الإلقاء ...)؛
3- القراءة الميزانسينية ( عرض المسرحية على الخشبة بدون سينوغرافيا أولا، وبالسينوغرافيا ثانيا).
4- مرحلة الدخول في الاشتباك الدرامي مع المشاهدين الراصدين؛
5- تقويم العرض المسرحي بطريقة جماعية، مع استعمال الفيدباك أو التغذية الراجعة قصد تصحيح الأخطاء؛
6- تشجيع التلاميذ على قراءة النصوص الموجودة في الكتاب المدرسي ، وتحويلها إلى عروض درامية تجمع بين الفائدة والمتعة.
آليــــات القـــراءة المسرحيــة:
تستند القراءة المسرحية على مستوى العرض والإخراج إلى مجموعة من الآليات الدرامية والطرائق التشخيصية ، والتي يمكن الاستعانة بها في تقديم درس القراءة في أحسن الظروف الديداكتيكية والبيداغوجية . وتتمثل هذه الآليات الإجرائية لتشخيص مهارة القراءة، وتقديمها في أحسن حلة ميزانسينية ، في الآليات التنشيطية التالية:
1- مسرح الدمى والعرائس: يعتمد هذا المسرح على الدمى باعتبارها شخصيات فاعلة فوق الركح، تحركها أيد بشرية من الخلف أو من فوق أو من تحت . ويمكن أن تكون هذه الدمى كائنات بشرية أو حيوانات أو كائنات نباتية أو أشياء جامدة. ويتحكم فيها المخرج أو الممثل أو اللاعب بكل مرونة وطواعية، فتؤدي كل مايريد المخرج أن يوصله إلى الطفل من أفكار ومشاعر وأحاسيس ورؤى.
ومن حيث الفضاء الدرامي الذي تشغله هذه الدمى والعرائس، فإن اللاعبين يقدمون عروضهم داخل علب مغلقة، ينفتح وسطها على الجمهور في شكل شاشة سينمائية. وفي هذا الوسط الركحي، تتراقص الدمى والعرائس من قبل لاعبين مختفين خلف العلبة. وهناك من يقدم عروضه المسرحية بواسطة الدمى والعرائس فوق خشبة المسرح، ويحركها بشكل مباشر أمام الجمهور. ولكنه لا يرى من قبل المشاهدين؛ لكونه يلبس زيا أسود ، فتنعكس عليه إضاءة خاصة، لا تظهره جيدا أمام المتفرجين الراصدين.
ويعني كل هذا أن المدرس يمكن أن يحول درس القراءة إلى مسرح للدمى والعرائس لإثارة المتلقي ذهنيا ووجدانيا وحركيا.
2- مسرح القناع: يمكن للمخرج المسرحي في إطار التصور الميزانسيني أن يستثمر الأقنعة الدرامية الوظيفية في درس القراءة بطريقة كلية أو جزئية، أو بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أو بشكل تقريري حرفي أو مجازي استعاري. ومن الأحسن أن يشرك المخرج الأطفال الممثلين في انتقاء أنواع الأقنعة اعتمادا على مقاييس لونية وطبائعية وشكلية وحجمية على ضوء سيميولوجية الخطابات غير اللفظية. وبعد ذلك، يخير المخرج الممثلين بين القناع الطبيعي والقناع الاصطناعي مع الاستعانة بالماكياج والأزياء التشخيصية، كما يخيرهم بين قناع الوجه وقناع الجسد.
3- البيوميكانيك: يمكن تشغيل آلية البيوميكانيك في درس القراءة لجعله درسا ناجعا. ومن ثم، فالبيوميكانيك أو البلاستيكا فن جدير بالاهتمام؛ لأنه يقوم على ترويض الجسد ، وإنماء فن الحركة أثناء تداريب التمثيل والبروفات الميزانسينية. ويعني هذا، أن البيوميكانيك علم يهتم بالممثل من الناحية الجسدية والحركية. وفي هذا يقول ماييرخولد:" لو قمنا بإزالة الكلمة، والأزياء، ومقدمة الخشبة والكواليس، والصالة، ولغاية أن يبقى الممثل وحركاته لوحدها، فإن المسرح سيبقى مسرحا".
ويعني هذا الكلام أن المسرح ليس خطابا لفظيا أو حواريا ، وليس أيضا ديكورا ، وليس متعلقا بحضور الجمهور، بل المسرح الحقيقي هو الذي يهتم بتكوين جسد الممثل، وإغناء حركاته العضوية والبلاستيكية.
4- خيال الظل: يعد خيال الظل من أهم التقنيات الدراماتورجية التي يمكن الاستعانة بها أثناء تقديم درس القراءة، وتحضير مسرح الطفل ، وإعداده نظريا وتطبيقيا. إذ يوحي خيال الظل بطفولة الإنسان العربي المنغمس بذاته وكيانه في اللعب والتمثيل والمشاهدة، وعشقه لتراثه الشعبي الموروث الذي يعبر عن سمو الحضارة العربية الإسلامية عبر عصورها الزاهية، وتطور آدابها وفنونها تطورا مدهشا، اعترف بذلك الغربيون قبل أن يعترف به بناته وأصحابه.
ويمكن القول بأن خيال الظل بمثابة تمهيد لظهور السينما الغربية الحديثة، مادام هذا الفن يعتمد في تركيبته المشهدية على ستارة ، وإطار، وشمعة تحرك الأجسام على الشاشة يمنة ويسرة ، فيرى الراصد المشاهد مجموعة من الأضواء والظلال التي تحكي قصصا رائعة ، وأحداثا مروية، ومغامرات عجيبة.
وهذه الطريقة التخييلية تقنية مهمة جدا في عرض الأحداث ومسرحتها فوق ركح الخشبة خاصة في مسرح الأطفال؛ لأن الصغار ينبهرون بصندوق العجائب ، ويسحرهم بتقنية التلوين الضوئي المتنوع، ويثيرهم بتموجاته العجيبة في نقل الحكايات المروية عبر سحر الشمعة أو القنديل أو الفانوس، أو بواسطة سحر مفعول الإضاءة المعاصرة التي حلت محل الإضاءة التقليدية في تحريك الممثلين والشخصيات الدرامية ، والتي تتراقص أمام الناظرين كمسرح الدمى والعرائس والكراكيز.
5- الكروتيسك: يرتكز الكروتيسك ، إذا وظفناه في درس القراءة، على المزج بين الأنواع الأدبية، والخلط بين الجاد والساخر على مستوى الأسلبة ، والتوفيق بين الكوميدي والتراجيدي على مستوى التجنيس، واللجوء إلى صفات التهويل والتضخيم والمبالغة ، والاعتماد على الأسلوب الساخر، والمزج بين المتضادات ، واستعمال الصور والتشابيه والاستعارات المفارقة، والميل إلى العمق والإيجاز، مع استعمال لغة التقابلات، والإكثار من الغموض والتناقض والتورية والمعاني الملتبسة، والحفاظ على اتساق النص وانسجامه عبر خلخلة دلالاته وتراكيبه بواسطة الانزياح والإسهاب والاستطراد والتعقيد اللفظي والمعنوي، وانتقاء الاقتباسات التناصية، وتوظيف التشظي والبوليفونية الأسلوبية، وتشغيل الفلاش باك واسترجاع الماضي.
6- الدراما الإبداعية: المقصود من هذا النوع في مجال درس القراءة أن الدراما الإبداعية هي كل ما يقوم به الأطفال من تمثيل ومحاكاة وتقليد وارتجال درامي داخل مؤسساتهم التربوية اعتمادا على قدراتهم الذاتية تحت إشراف المعلم أو المدرب أو المنشط. وتتمظهر هذه الدراما في اللعب الإيهامي أو التخييلي أو النفسي، وفي تبادل الأدوار حينما يلعب الطفل دور الأب أو الشرطي أو العريس، وتلعب البنت في المقابل دور الأم أو العروسة.
7- مسرح التنشيط: ثمة مجموعة من الأشكال الفرجوية وتقنيات التنشيط التي يمكن الاستعانة بها في درس القراءة لخدمة المسرح المدرسي على مستوى الكتابة والتمثيل والإخراج والتأثيث السينوغرافي. وتتعلق هذه الأشكال بميدان السرد الحكائي والخرافي والأسطوري ، وترتبط أيضا بالتخييل العلمي، ومسرحة الخبرات التعليمية إبداعا وتنشيطا. وكل هذه الأشكال يمكن إخضاعها للتمسرح الدرامي و الدراماتورجيا الركحية من أجل تحويلها إلى فرجات هادفة مفيدة وممتعة ، وذلك قصد إثارة الجمهور، وتحفيزهم ذهنيا ووجدانيا وحركيا.
وهناك مجموعة من الأشكال الفرجوية التي يمكن تحويلها إلى عروض درامية ومسرحيات ميزانسينية ركحية كمسرح الحيوان، ومسرح الخرافات والأساطير، ومسرح الحكواتي، والمسرح الشعري، ومسرح الخيال العلمي، ومسرح التقليد واللعب، والدراما الإبداعية، ومسرح التنشيط.
8- الدراما الإيهامية: تعد الدراما الإيهامية من أهم التقنيات الدراماتورجية التي يمكن الالتجاء إليها لتحضير عرض مسرحي قرائي خاص بالمتعلم، ولاسيما في مرحلة الحضانة ومرحلة التعليم الأولي. وهذه التقنية قريبة من عالم الأطفال على المستوى الذهني والشعوري والحسي الحركي. كما أن هذه التقنية المسرحية تساعدهم على إغناء مخيالهم الحسي القائم على التجسيد والاستعارة والأنسنة. وبهذه التقنية ينتقل الطفل من عالم حسي مادي ملموس إلى عالم خيالي مجنح قائم على الإيحاء والإيهام بالواقعية.
ومن هنا، فمن الضروري أن نشجع الأطفال والتلاميذ على توليد فرجات إيهامية شخصية وذاتية لتفريغ طاقتهم الزائدة، وبناء شخصياتهم الشعورية واللاشعورية، والرفع من طاقة الخيال عبر الانتقال من عالم الواقع إلى عالم الخيال والفانطاستيك.
9- مسرح الفانطاستيك: يعد مسرح الفانطاستيك من أهم الفرجات الدرامية من أجل خلق مسرح قرائي رمزي وتجريبي، وذلك من خلال الجمع بين العجيب والغريب، والخلط بين المألوف وغير المألوف، والتأرجح بين الواقعي والخيالي للتعبير عن غرابة الواقع، واختلال مقاييس العقل والمنطق . ومن ثم، فمسرح الفانطاستيك يركز كثيرا على التحولات العجائبية التي تثير الأطفال ، وتسحرهم وتبهرهم فنيا وجماليا
10- الارتجال: يعد الارتجال Improvisationمن أهم الآليات الدراماتورجية لعرض فرجة مسرحية قرائية خاصة بالمتعلمين. والارتجال في الحقيقة أول خطوة يلتجئ إليها الممثل لبناء شخصيته الفنية، وبناء ذاته فوق خشبة الركح. ويستلزم الارتجال أن يكون صاحبه ذا موهبة فنية عالية، وذا ذكاء اجتماعي متميز من أجل أن يقدم فرجاته الدرامية للراصدين الحاضرين بشكل ممتع ومفيد.
ولقد بدأ المسرح الإنساني بالارتجال الفطري الطبيعي الذي كان يتسم بالعفوية والتلقائية والاحتفالية الشعبية ضمن مرحلة الظواهر الفردية، لينتقل بعد ذلك إلى مرحلة الحفظ والتنظيم مع مرحلة مأسسة المسرح، وإخضاعه لسلطة التأليف والتشخيص و الإخراج والسينوغرافيا.
وعلى الرغم من كون المسرح اليوم يقوم على ضبط النص، وحفظ الأدوار حفظا دقيقا ، إلا أن للارتجال مكانة هامة ومعتبرة في المسرح المعاصر سواء في مسرح الكبار أم في مسرح الصغار ؛ لما للارتجال من أهمية كبرى في تكوين الممثل وتدريبه وتأطيره ، وإثارة المتلقي ذهنيا، واستفزازه وجدانيا، وإرباكه حركيا، وجذبه للمشاركة في بناء الفرجة الركحية بشكل تشاركي.
11- السيكودراما والسوسيودراما: من المعلوم أن السيكودراما والسوسيودراما من أهم التقنيات المسرحية التي ينبغي اللجوء إليها في حصة القراءة الصفية وغير الصفية من أجل تنشيط التلميذ نفسانيا واجتماعيا، وتحريره من عقده الموروثة المتجذرة في لاوعيه الشقي، وتخليصه من الغرائز المترسبة في لحظات الماضي، والتي قد تؤثر عليه في الحاضر والمستقبل. وهذه التقنيات المسرحية مهمة جدا نظريا وتطبيقيا في مداواة الأطفال نفسانيا، ومعالجتهم اجتماعيا، ومساعدتهم على تكوين شخصيتهم ذهنيا ووجدانيا وحركيا. وقد تسعفنا هذه التقنيات الدرامية أيضا في فهم شخصية الطفل فهما دقيقا،وتفسيرها عضويا و نفسانيا واجتماعيا، كما تساعد المدرسين في تقديم الدروس البيداغوجية والديداكتيكية لفلذات أكبادنا في أحسن الظروف التعلمية، وأنسب المواقف السيكواجتماعية.
هذا، وتستلزم السيكودراما والسوسيودراما وفقا للمحلل النفسي مورينو Morino خمسة عناصر أساسية ، وهي: المسرح(المكان)، والبطل(المريض)، والمخرج(المعالج)، والأنوات المساعدة(الشخصيات المرافقة أو المساعدة)، والجمهور(المرضى المشاهدون). أما الفنيات الجمالية والمادة المسرحية والفعل الدرامي، فهي تشكل مضمون العلاقة الدينامية التفاعلية بين وظائف العناصر الخمسة، حال تفاعلها لتحقيق الهدف العلاجي منها. أما المراحل العلاجية المعتمدة عليها إجرائيا وميدانيا، فتتمثل في مرحلة التهيئة والاستعداد لخوض التجربة، ومرحلة الفعل أو الحدث أو التمثيل، ومرحلة المناقشة والمشاركة لتحقيق التغذية الراجعة.
12- الأشكال الاحتفالية:لإثراء مسرح القراءة تأليفا وتأثيثا وإخراجا، وإغناء عروضه الدرامية الركحية، وتنويع مواده الفنية والجمالية، لابد من الاستعانة بمجموعة من الظواهر الفرجوية ما قبل المسرح ، أو ما يسمى بالظواهر الاحتفالية الشعبية، أو ما يسمى أيضا بالأشكال المسرحية الفطرية التي تتباين على مستوى القواعد مع شعرية المسرح بالمفهوم الأرسطي.
ومن المعلوم أن لكل شعب أشكاله الاحتفالية الفطرية التي تتمظهر في الألعاب الطفولية، والطقوس الشعائرية والدينية والصوفية والكرنفالية، وتتجلى كذلك في الاحتفالات الشعبية بالمناسبات الدينية والأعياد الوطنية.
والمغرب بدوره غني بمجموعة من الفرجات الاحتفالية المتنوعة التي يمكن أن تخدم المسرح القرائي كثيرا إما بطريقة جزئية وإما بطريقة كلية شاملة، مادامت هذه الأشكال الاحتفالية من صميم هوية الإنسان المغربي ، وتعد جزءا من تاريخه وحضارته وكينونته وإنسيته الأصيلة.
ومن المعروف أيضا أن جميع الفنون الجميلة بالمغرب من سينما وتشكيل وعمارة وكذلك السياحة تستثمر هذه المعطيات الفرجوية الاحتفالية الأصيلة والفطرية في تقديم مادة فنية جميلة لإبهار الآخر بسحر التراث المغربي الأصيل .
إذن، فما أحوج المسرح القرائي لتوظيف هذه الأشكال الفرجوية الاحتفالية لخلق عروض مسرحية دسمة تجمع بين الفائدة والمتعة، وتزاوج بين الإقناع والترفيه!
وعليه، يمكن للمسرح المدرسي بصفة عامة والمسرح القرائي بصفة خاصة أن يستفيد من بعض الفرجات الاحتفالية المتميزة والبارزة في وطننا العربي كسلطان الطلبة، والحلقة، والبساط، وسيدي الكتفي، واعبيدات رمى، وبوالجلود، فيوظفها فوق خشبة الركح المسرحي بطرائق متنوعة لجذب المشاهد الراصد إدهاشا وتلوينا وإمتاعا...
13- السينمسرح: يعد السينمسرح من أهم التقنيات الدراماتورجية التي استعملت في المسرح المعاصر مع بيسكاتور وبيتر فايس وبرتولد بريخت من أجل تحويل الفرجة المسرحية إلى وثائق استدلالية تاريخية وواقعية لدفع الجمهور الحاضر ، وذلك لتقويم الأحداث المعروضة دراميا فوق خشبة الركح. مع العلم أن توظيف الشاشة السينمائية في المسرح القرائي يفيد كثيرا الدراما الركحية ، مادام الغرض هو تدعيم البصري فنيا وجماليا، وتحويل المسرح إلى صورة بصرية بلاغية وأيقونية وسيميولوجية، تحمل عدة علامات متنوعة مفتوحة ، تستلزم التحليل والتفكيك والتركيب.
14- المسرح الطقوسي: يمكن للمخرج الذي كلف بإخراج مسرحية قرائية أن يقدم عرضه الدراماتورجي وفرجته الميزانسينية اعتمادا على رؤية أنتروبولوجية كلية أو جزئية. ويعني هذا إما أن يعرض مسرحيته من البداية حتى النهاية في شكل فرجة احتفالية مليئة بالطقوس الشعائرية الدينية والاحتفالية والأسطورية ، يتلاحم فيها الممثل مع المتفرج تلاحما شعبيا حميميا، وإما أن يعرض مسرحيته بتوظيف بعض الطقوس الأنتروبولوجية لإثارة المتفرج الراصد ذهنيا ووجدانيا وحركيا0 كأن يستعرض المخرج ، مثلا، مجموعة من الرقصات المتنوعة كالرقصة الأفريقية ، والرقصة الآسيوية ، والرقصة الأمريكية ، والرقصة البربرية الخ..... أو يستعرض مجموعة من الفرجات السحرية والدينية والميتافيزيقية والاحتفالية ضمن أشكال لعبية وفرجوية محبكة في شكل مشاهد كرنفالية أو طقوسية تبين لنا حضارات الشعوب البدائية والشعوب اللاحقة والشعوب المعاصرة.
15- المسرح الصامت: يعد المسرح الصامت من أهم الأشكال التعبيرية التي يمكن الاستعانة بها في المسرح القرائي من أجل تقديم فرجات درامية مثيرة، تجذب المشاهدين بطريقة إبداعية ساحرة ، وتخلب ذهنهم فنيا وجماليا. ومن هنا، إذا كان المسرح العادي يعتمد كثيرا على الحوار التواصلي وتبادل الكلام، فإن المسرح الصامت أو ما يسمى بالميم أو البانتوميم يشغل كثيرا خطاب الصمت الذي يعبر سيميائيا ورمزيا عن مجموعة من القضايا الذاتية والموضوعية أكثر مما يعبر عنها الحوار المباشر. ويعني هذا أن المسرح حينما يوظف الإشارات والإيماءات والصمت يؤدي وظائف إيجابية أكثر من المسرح الحواري ، والذي يرتكن إلى الرتابة والتكرار والاستطراد والملل ، وذلك بسبب تطويل الكلام وامتداد التواصل المباشر.
ويكون للميم كذلك تأثير جيد على الجمهور الراصد بسبب إيحاءاته الشاعرية ، وتلميحاته المضمرة والمكثفة أفضل بكثير من تأثير الاسترسال المبني على المنولوجات السلبية ، والحوارات الطويلة المقرفة. وبالتالي، لايمكن تقديم عرض ميمي إلا بممارسة التشخيص الحركي، وتشغيل قسمات الوجه المعبر، وترويض الجسد اللعبي لينسجم مع لغة الميم. وغالبا، ما يكون للمسرح الصامت آثار مفيدة في تحقيق الإبلاغ والتواصل السيميائي الحقيقي لدى المتعلمين العاديين أو لدى ذوي الاحتياجات الخاصة.
نتـــــائج القـــــراءة المسرحيــــة:
من الطبيعي أن تكون للقراءة المسرحية أو الممسرحة نتائج إيجابية وأهداف ملحوظة، بحيث تساعد هذه الطريقة الدرامية الناجعة على تقديم درس القراءة في أحسن حلة تربوية عن طريق الجمع بين وظيفة التعلم المعرفي والذهني ووظيفة التسلية والترفيه ، وذلك عبر مجموعة من آليات الإخراج المسرحي كاللعب والتقمص والإيهام والتنشيط والارتجال والإبداع والتشخيص الحواري والصامت... ويعني هذا أن القراءة المسرحية تركز على تحقيق مجموعة من الأهداف الإجرائية التي تنصب على الجانب المعرفي والوجداني والحسي الحركي. أضف إلى ذلك، أن القراءة المسرحية تساعد على العمل الجماعي التعاوني ، والاشتغال ضمن فريق، وتعمل على تحرير الناشئة التربوية من مجموعة من العقد السلبية والآفات الذاتية والمشاكل الموضوعية الخطيرة كالخجل والانعزال والانطواء والانكماش والعدوان، وتخلصهم من القيم الدنيئة كالحقد والشر والأنانية والانحراف... وتجعل هذه القراءة الممسرحة القسم الصفي كله في حركة ديناميكية مترتبة عن الاستمتاع الجواني، والراحة النفسية ، والحياة المدرسية السعيدة ، بعيدا عن كل نفور يائس، ورتابة قاتمة، وروتين ممل، وسكون قاتل.
هذا، وقد بينت التجارب التربوية في الغرب أن القراءة المسرحية ذات مردودية كبيرة وجودة واضحة كما وكيفا، بحيث يستطيع التلاميذ في وقت وجيز أن يتفوقوا في مجال القراءة ، وأن يتحكموا في آلياتها الذهنية والتفكيرية والتعبيرية ، وأن يتقدموا في درس القراءة سنة أو سنتين أو سنوات مسبقة بالمقارنة مع القراءة العادية التي تجعلهم عاديين أو متأخرين في مستوياتهم الدراسية.
وعلى العموم، فالمسرح القرائي يحقق مجموعة من النتائج والوظائف كالوظيفة اللغوية( تدريب الأطفال على التعبير السليم الواضح عبر تدريبهم على إجادة النطق. فاللعب المسرحي رياضة للصوت والذوق والجسد )، والوظيفة التربوية التعليمية(مسرحة منهاج القراءة)، والوظيفة الاجتماعية( تحمل المسؤولية، والتعلم الذاتي، والثقة بالنفس، والاندماج في المجتمع...)، والوظيفة النفسية(تطهير النفس من انفعالاتها السلبية، وتجديد الحياة نفسانيا في ظروف آمنة...).
وهكذا، فالمسرح القرائي يشبع رغبات التلاميذ الفسيولوجية، والاجتماعية، ويساعدهم على بناء الذات، وتحقيق استقلالها عن طريق الوصول إلى مجموعة من الأهداف العملية والمعرفية، بل يوصلهم إلى تحقيق الفضيلة والسعادة. كما يلبي هذا المسرح المعاصر حاجياتهم النفسية ، و يشبع ميولاتهم القرائية. ويكسبهم مجموعة من القيم كالقيم النظرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والجمالية والدينية.
خــــــاتمــــــــة:
وهكذا، فاستخدام الدراما أو المسرح من أهم التقنيات الديداكتيكية والبيداغوجية التي تسعف المتمدرس على التحكم في مهارة القراءة الصفية وغير الصفية، وتحسين مستواها أداء وتعبيرا وتواصلا وتشخيصا. كما أن مسرحة القراءة تساعد التلميذ على فهم الدرس القرائي فهما جيدا، واستيعابه بسهولة ويسر ومرونة ، مع الاستمتاع به تسلية وترفيها، مادام هذا الدرس يؤدى عن طريق الدراما والمسرح. وبذلك، يولد هذا النوع من المسرح في نفوس المتعلمين حب القراءة بنهم كبير وإقبال شديد؛ لأنهم يجدون فيه متعة وجدانية، وراحة نفسية، وسعادة روحانية، وحياة مدرسية زاخرة بالحركة والنشاط والتفاعل الديناميكي.
كما تسعف القراءة الممسرحة المدرس على إخراج التلاميذ من شرودهم وعزلتهم وانطوائهم وانكماشهم عن طريق إدماجهم في أدوار مسرحية وجماعات فاعلة، لكي يساهموا في تنشيط الفعل القرائي عبر أداء مجموعة من الأدوار البشرية والواقعية. ويعني هذا أن القراءة الممسرحة تطهرهم من أدران الشر والحقد والعدوان عن طريق إثارة الخوف والشفقة، كما تحررهم من نوازع النفس الأمارة بالسوء، وتخلصهم من عقدهم المكبوتة عن طريق التفريغ والتسامي واللعب والتقمص والتشخيص الدرامي.
وعليه، فما أحوجنا اليوم إلى تطبيق المسرح في تعليم القراءة ضمن منظومتنا التعليمية والتربوية ! لما له من دور إيجابي في تسهيل عملية استيعاب الدروس عن طريق الجمع بين التعلم والمتعة، والتعليم والترفيه.
ولا يتصور المدرس أن مسرحة القراءة مكلفة أو صعبة المران تستلزم التكوين العميق في مجال الفنون الجميلة بصفة عامة وفن المسرح بصفة خاصة، كما تتطلب مجموعة من الإمكانيات المادية والمالية التي يصعب الحصول عليها. لأن المعلم دائما " يرتاب من كلمة " مسرح" فيتبادر إلى ذهنه خشبة المسرح وما يتبعها من مؤثرات وديكورات وأزياء وساعات من الحفظ والتدريب والمران. بينما الأمر أسهل من ذلك بكثير إذ هو لا يعدو في الحقيقة مجموعة من التلاميذ يقفون على خشبة المسرح الذي هو في الحقيقة مقدمة الصف، ويمثلون أدوارهم الصغيرة من دون حاجة إلى أي مؤثرات أو مشاهد أو ديكورات، ما خلا ورقة النص التي يحملونها بأيديهم" .
وهكذا، فمسرحة القراءة وسيلة مهمة وناجعة، وطريقة ديداكتيكية هادفة، وتقنية بيداغوجية فعالة لتحقيق مدرسة النجاح والإبداع.
الهوامــــش:
1- المجلس الأعلى للتعليم: التقرير السنوي للمجلس الأعلى للتعليم، سنة 2008م، الرباط، المغرب، ص:29؛
2- المجلس الأعلى للتعليم: التقرير السنوي للمجلس الأعلى للتعليم، سنة 2008م، الرباط، المغرب، ص:29؛
3- المجلس الأعلى للتعليم: التقرير السنوي للمجلس الأعلى للتعليم، سنة 2008م، الرباط، المغرب، ص:55؛
4- د. جميل حمداوي: مسرح الأطفال بين التأليف والميزانسين، مطبعة الجسور بوجدة، الطبعة الأولى سنة 2009م، ص:120-121؛
5- سالم كويندي: المسرح المدرسي، مطبعة نجم الجديدة، الجديدة، الطبعة الأولى سنة 1989م، ص:31؛
6- حسني عبد المنعم حمد: المسرح المدرسي ودوره التربوي، مطبعة العلم والإيمان للنشر والتوزيع، مصر، الطبعة الأولى سنة 2008م، ص:72؛
7- إيمان الكرود: (من أجل قراءة أفضل للصغار: مسرح القارئ)، مجلة المعرفة، المملكة العربية السعودية، العدد:135، جمادى الآخرة 1427هـ،الموافق لشهر يوليوز 2006م، ص:33؛
8- انظر أروى علي أخضر:( مسرحة مناهج الصم)، مجلة المعرفة، المملكة العربية السعودية، العدد:150، شهر غشت 2007م، ص:108؛
9- إيمان الكرود: (من أجل قراءة أفضل للصغار: مسرح القارئ)، مجلة المعرفة، المملكة العربية السعودية، العدد:135، جمادى الآخرة 1427هـ،الموافق لشهر يوليوز 2006م، ص:33؛
10- جعفر بختاوي:( تقنية مسرحة النصوص السردية في المسرح المدرسي)، مجلة علوم التربية، المغرب، المجلد الثاني، العدد18، مارس 2000م، ص:80؛
11- حنان عبد الحميد العناني: أدب الأطفال، دار الفكر للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الثالثة، سنة 1996م، ص:63-64؛
12- يعقوب الشاروني: مجلة المسرح، عدد 7، سنة 1981م؛
13- إيمان الكرود: (من أجل قراءة أفضل للصغار : مسرح القارئ)، ص:33-34 ؛
14- انظر: د.قاسم بياتلي: ( موقع البيوميكانيكا في رؤية ميرهولد المسرحية) ، مجلة المسرح، القاهرة، مصر، الأعداد من 212إلى 224، من أغسطس 2006 إلى أغسطس 2007م، ص:146؛
15- سليمان رجب سيد أحمد: ( أطفالنا بين جدلية الأنا- الآخرين كما تبدو في التمثيل(الدراما))، مجلة الطفولة العربية ، الكويت، المجلد الثامن، العدد31، يونيو2007م، ص:81-86؛
16- د. إيمان البقاعي: في أدب الأطفال والشباب ، دار الراهب الجامعية، بيروت، لبنان، بدون تاريخ للطبعة، صص:272-278؛
17- د. حسن شحاتة: أدب الطفل العربي، الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة، مصر، الطبعة الأولى سنة 1991م، ص:63-64؛
18- إيمان الكرود: (من أجل قراءة أفضل للصغار : مسرح القارئ)، ص:32-33.
لتحقيـــق الجــــودة التربـــوية
الدكتور جميل حمداوي
تمهيــــــــد:
من المعروف أن توظيف المسرح في مجال القراءة خطوة مهمة لتحقيق الجودة التربوية في منظومتنا التعليمية. وتعتبر خاصية التمسرح أيضا طريقة بيداغوجية وديداكتيكية فعالة من أجل تحسين مستوى القراءة، والرفع من هذه المهارة الكفائية الأساسية ، والتي تعد في الحقيقة من أهم الأولويات الضرورية للحد من الأمية المتفشية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ، وتعد كذلك من العوامل المساهمة بفعالية كبيرة في تحقيق التنمية والتقدم والازدهار على جميع المستويات والأصعدة.
وهكذا، فما تحسين القراءة عن طريق التمسرح والممارسة الدرامية إلا خطوة ضرورية لتحسين مستوى الكتابة والتعبير لدى الناشئة من المتعلمين والمتمدرسين ، وذلك لكي يصبحوا في المستقبل مواطنين صالحين نافعين لوطنهم وأمتهم، قادرين أيما اقتدار على التواصل الهادف مع الآخر المماثل أو المخالف. أضف إلى ذلك، أن أمة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم هي أمة القراءة والعلم والتعلم. فلابد ، إذن، من تنويع الطرائق البيداغوجية في التعليم والتعلم، مع استخدام المناهج الديداكتيكية الفعالة ، وتشغيل الآليات الديناميكية للتحكم في عملية القراءة، وتسهيل عملياتها التصويتية والتصورية والدلالية والتداولية، وتمثل مراحلها القرائية والاستماعية استهلالا ووسطا وختاما، وإتقان شروطها تعبيرا وتشخيصا وإلقاء وتمثيلا، وتفعيلها بشكل جيد بنية ودلالة ووظيفة.
هذا، وثمة أنواع من القراءة التي يقبل عليها المرء، فهناك القراءة الصفية، والقراءة المدرسية، والقراءة المنزلية، والقراءة الحرة، والقراءة الناقدة، والقراءة الرقمية، والقراءة الأفقية يمينا ويسارا، والقراءة العمودية من الأسفل إلى الأعلى، والعكس صحيح أيضا...
ومن هنا، سنحاول في هذه الدراسة التركيز على مجموعة من المحاور البارزة التي يمكن حصرها في مفهوم القراءة المسرحية، وأهداف القراءة المسرحية، ومبادئ القراءة المسرحية، وآليات القراءة المسرحية تأليفا وإخراجا، ونتائج القارئ المسرحي.
واقـــع القـــراءة فــي مؤسساتنا التعليميــة والتـــربوية:
يتميز درس القراءة في منظوماتنا التعليمية العربية والإسلامية بالمرونة، والتجزيء، والتدرج، والتراكب، والانطلاق من الجزء والخاص نحو الكل والعام. ويعني هذا أن منهاج القراءة يبتدئ بتعليم الأبجدية الألفبائية عن طريق تدريس الفونيمات(الأصوات)، والمورفيمات(الوحدات الصرفية)، والمونيمات( الكلمات)، ليتم جمعها في جمل مركبة أو ما يسمى عند أندري مارتينه André Martinet بالتمفصل المزدوج Double articulation (الجمع بين الأصوات والكلمات لتركيب الجمل). ومن ثم، ينتقل المتمدرس إلى قراءة فقرات ومقاطع ومتواليات قصيرة من حيث الحجم .
وبعد هذه المرحلة الأولى التي تواكب مرحلة الحضانة وسنوات السلك الأول من التعليم الابتدائي، ينتقل التلميذ إلى قراءة النصوص المتوسطة أو الطويلة من حيث الحجم سواء أكانت نصوصا قرائية عادية أم نصوصا مسترسلة أم نصوصا استماعية في السنوات الأخيرة من الابتدائي وسنوات مرحلتي الإعدادي والثانوي. وغالبا ما تكون النصوص القرائية المثبتة في المنهاج المدرسي بمثابة قصائد أو أناشيد شعرية، أو نصوص سردية، أو نصوص درامية، أو مقالات متنوعة( أدبية، وعلمية، وفكرية، واجتماعية، ودينية، وتاريخية...).
لكن مازال درس القراءة في مؤسساتنا التعليمية العربية والإسلامية يتسم بالملل والروتين والتسطيح والتعثر والإحباط، واستعمال الطرق التلقينية التي تجعل التلميذ شاردا غير منتبه، لا يبالي بالقراءة تتبعا وتمثلا وإنصاتا واستيعابا. وبالتالي، لا يولي لها الاهتمام الكافي على مستوى التهجي والتعبير والتصويت. فنجد التلميذ، على سبيل المثال، يقرأ الشعر والنشيد والمسرحية والقصة والحكاية كما يقرأ المقال بطريقة فاترة عادية وسريعة، لا إحساس فيها ولا شعور، إذ لا يحترم علامات الترقيم توقفا ووصلا وفصلا ونبرا وتنغيما، ولا ينتبه إلى الإرشادات المسرحية الموجودة في النصوص الدرامية. ومن ثم، فلقد أصبحنا فعلا أمام مشكل خطير يهدد مستقبل التنمية البشرية بشكل عام ألا وهو مشكل القراءة.
وهكذا، يلاحظ الدارس التربوي أن نسبة كبيرة من أبناء هذا الجيل الجديد لا يقرأون في غالب الأوقات والأحيان، وذلك بسبب الانسياق وراء مغريات السمعي- البصري، والانبهار بعالم الرقميات. ومن ثم، فهم لا يبذلون أي جهد قصد القراءة والمطالعة سواء أكان ذلك في منازلهم أم خارجها . وإذا قرأوا ما يستوجب القراءة والمطالعة استعدادا لإجراء الفروض والامتحانات التقويمية، فإنهم لا يقرأون بجدية ، ولا يحققون أدنى جودة في ما يقرأونه. وإذا افترضنا أنهم يقرأون بشكل جيد، فإنهم لا يفهمون شيئا مما يقرأونه، وإذا فهموا ما تمليه عليهم قراءتهم ، فإنهم لا يطبقون ما يقرأونه من نصوص ممارسة و تمثلا وعبرة وعملا.
وإذا أخذنا المغرب نموذجا دراسيا ، فسنجده من الدول العربية الأكثر ضعفا في مجال القراءة ، وذلك بسبب انعدام الجودة الحقيقية في تعليمنا شكلا ومضمونا؛ لأن همه الأكبر هو التركيز على الكم على حساب الكيف. ومن هنا، يقول التقرير السنوي للمجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008م:" إن تلامذتنا يعانون من نقص في المعارف والكفايات الأساسية( قراءة ، كتابة، حساب، لغات). وفي غياب اختبارات بيداغوجية وطنية ممعيرة، تبقى المعلومات الخاصة بمستوى التحصيل لدى التلاميذ رهينة ببعض الدراسات الدولية النادرة، و التي بادر المغرب إلى المشاركة فيها، مثل دراسات TIMSS في مجال الرياضيات والعلوم سنة 2003، وPIRLS في مجال القراءة المدرسية سنتي 2001و2006م. وتكشف هذه الدراسات عن ضعف مستوى التلاميذ المغاربة بشكل عام، مقارنة بمستوى تلاميذ خمسين دولة مشاركة."
وعليه، فالمدرسة المغربية تعاني الكثير في مجال المعارف الأساسية، ونخص بالذكر القراءة والكتابة والحساب بالإضافة إلى السلوك المدني.
لكن وزارة التربية الوطنية بتنسيق مع المجلس الأعلى للتعليم تقترح مجموعة من الحلول الإجرائية للحد من هذه العوائق، وتتمثل هذه الحلول في العناصر التالية:
1- التوجه التدريجي نحو اعتماد مرجعية محددة للكفايات والمعارف الأساسية التي ينبغي أن يتحكم فيها كل متعلم بالضرورة، عند نهاية كل سلك دراسي،( وهو ما يستدعي مراجعة الكتاب الأبيض، خاصة على مستوى برامج التعليم الابتدائي)؛
2- تخصيص مزيد من الساعات لتقوية اكتساب كفايات القراءة والكتابة والحساب، وربما ساعات أقل لبعض المواد الأخرى؛
3- نجاعة في طرائق التدريس، مع بذل مجهود أكبر فيما يتعلق بالتكوين المستمر للمدرسين، بالموازاة مع إعطاء دينامية جديدة للبحث البيداغوجي؛
4- المزيد من التجهيزات والأدوات الديداكتيكية الملائمة (توفير الوسائل، تبسيط الكتب المدرسية، إلخ)؛
5- إعادة تنظيم الفصل الدراسي، بالعمل بمجموعات صغيرة، مما يسمح بالاستجابة للحاجات المتباينة للمتعلمين؛
6- تعزيز دروس الدعم لفائدة التلاميذ الذين يعانون من صعوبات دراسية ( في المدرسة وضمن الزمن الدراسي الرسمي)؛
7- جهاز متين وموثوق فيه لتقويم مكتسبات التلاميذ، يسمح بمتابعة تقدمهم، وخاصة بالكشف بسرعة عن الصعوبات؛
8- تكثيف عمليات التفتيش والتأطير البيداغوجي المرتبطة بالتعلم والمعارف الأساسية."
وعلى الرغم من هذه الحلول المقترحة لتحقيق مدرسة النجاح، فإن الحلول الحقيقية لتحسين مستوى القراءة تكمن في الحد من الاكتظاظ الصفي، وتوفير مدرس نشيط، وتوظيف المسرح والدراما في المنهاج المدرسي أو التعليمي بصفة عامة و درس القراءة بصفة خاصة.
إذن، ماهي الدراما التعليمية أو ما يسمى أيضا بمسرحة المناهج؟ وماهي القراءة المسرحية أو القارئ المسرحي؟ هذا ما سنعرفه ضمن العنصر الموالي.
مفهــــوم القــــراءة المسرحيــــة:
يحيلنا مفهوم القراءة المسرحية على عدة مصطلحات أخرى مشابهة كالمسرح التعليمي، والمسرح المدرسي، والمسرح التربوي، ومسرح الأطفال، ومسرحة المناهج والدروس، والدراما البيداغوجية، والدراما الإبداعية ، والقارئ المسرحي .
وهكذا، فالدراما التعليمية هي التي تهتم بمسرحة المناهج والبرامج والمقررات الدراسية لخدمة الطفل المتعلم، وتحقيق الوظائف التربوية والتعليمية من وراء تقديم الخبرات التعليمية داخل الفصل الدراسي. ومن هنا، تنبني الدراما التعليمية على شرح الدروس وتفسيرها على ضوء آليات تنشيطية درامية كاستخدام الألعاب، والتقمص، وتبادل الأدوار، وتقليد الشخصيات...
وعلى العموم، فالدراما التعليمية هي التي تسخر المواد التربوية ودروس المقرر ووحدات المنهاج الدراسي في شكل فرجات مشهدية وحوارات مسرحية ، يشارك في إعدادها كل من المدرس والتلميذ داخل الصف المدرسي أو قاعة المدرسة المخصصة للعروض الفنية أو الحفلات المدرسية.
ويعرف الباحث المغربي سالم كويندي المسرح التعليمي بقوله:"وهذا النوع من المسرح يمكن استخدامه على أوسع نطاق لتقديم مختلف المواد والمناهج الدراسية، بشكل يربط الطفل بمدرسته... لما فيه من تشويق، وللدور الإيجابي الذي يعطيه للطفل في العملية التعليمية، بحيث يكون هنا التمثيل مستخدما كطريقة للتعليم، أي إنه طريقة لتعليم الموضوعات "
أما المسرح المدرسي فهو بدوره مسرح تعليمي وتربوي ينجز داخل المدرسة بشكل عام، كما يؤدى داخل القسم بشكل خاص، ويأخذ شكلا دراميا يقوم على مجموعة من الطرائق التنشيطية والدرامية كالارتجال ، والتقليد، والإيهام، وتبادل الأدوار...،ويؤديه الأطفال تحت إشراف المدرس.
وإذا أردنا تعريف المسرح التربوي فهو ذلك المسرح الذي يقدم نصوصا مسرحية ذات طابع ثقافي واجتماعي وأخلاقي وتعليمي وتربوي :" يهدف إلى المساهمة بطريق غير مباشر في عملية التنشئة الاجتماعية، وبناء نظام القيم الأخلاقية والدينية والسلوكية، وإثراء معلومات الطالب العامة، وغير ذلك مما يدخل ضمن نطاق مسؤولية المدرسة في تربية الأطفال بالإضافة إلى تعليمهم."
وإذا كان مسرح الطفل مسرحا عاما يشمل جميع المسارح والفرجات الدرامية المتعلقة بالطفل، فإن المسرح المدرسي – كما قلنا سابقا- يشمل كل ما ينجز داخل فضاء المدرسة من أنشطة وألعاب تمثيلية وغنائية وسيركية وبهلوانية كمسرح العرائس ، وخيال الظل، ومسرح الإيهام ، ومسرح الارتجال، والمسرح التلقائي، والمسرح التعليمي، والمسرح التربوي ، والقراءة المسرحية ، والدراما التعليمية ...
أما القراءة المسرحية أو الممسرحة فهي أن يقدم المدرس درس القراءة اعتمادا على التمثيل والتشخيص ، وتحويل النص القرائي إلى نص مسرحي، أو تمثل مقومات الدراما والمسرح لتحسين مهارة القراءة لدى المتعلمين. ومن ثم، يصبح التلميذ في هذا السياق التربوي والتعليمي قارئا مسرحيا بامتياز.
وبناء على ما سبق، فمسرح القارئ Readers Theatre " هو مصطلح حديث يقصد به ذلك المسرح المصغر الذي تحول فيه القصص إلى نصوص درامية، ويستخدم عادة في المدارس. وهو لا يتطلب ما يتطلبه المسرح العادي. وبالتالي، فمسرح القارئ هو من أفضل الأساليب المستخدمة حاليا في تدريس القراءة في الدول الغربية. وميزة هذا الأسلوب هو أنه يستغل ميل الطفل الفطري للعب والتمثيل فيدخلهما في تعليم القراءة، وبذلك يحقق الطفل غايتي اللعب والتعلم."
وهكذا، فالقراءة المسرحية هي التي تعمد إلى مسرحة القراءة الصفية عن طريق توفير كل الظروف الدرامية الممكنة لجعل المتعلم يتفاعل إيجابيا وديناميكيا مع درس القراءة ، وذلك من خلال الجمع بين هدف التعليم وهدف اللعب والترفيه والتسلية قصد خلق الحيوية والحب والسعادة داخل الصف الدراسي، مع العمل بصدق وجدية على تحقيق الحياة المدرسية الناجحة والفعالة.
بيد أن هذه الطريقة المسرحية في درس القراءة ليست صالحة فقط للتلاميذ العاديين، بل هي مجدية أيضا لذوي الحاجات الخاصة كالصم والبكم والمعوقين، ولاسيما إذا استثمرنا بشكل جيد آليات الميزانسين (الإخراج المسرحي) من تقمص ولعب وتبادل للأدوار، واستخدام جيد للمسرح الصامت أو الميم أو البانتوميم.
تاريـــــخ القـــــــراءة المسرحيــــة:
من الأكيد أن القراءة السائدة قديما هي القراءة التقليدية التي كانت تعتمد في مقوماتها الجوهرية على الصوت أثناء النطق والتهجي والحوار الشفهي، علاوة على حاسة السمع التي كانت توظف للإنصات والتقاط الحروف والكلمات والجمل والعبارات ، وحاسة البصر التي كانت تشغل لتتبع الأسطر والفقرات والمقاطع والمتواليات والنصوص. وتكتمل هذه الحواس مع حواس أخرى كحاسة اللمس أثناء تصفح الكتاب لقراءته، وحاسة الذوق أثناء اختيار النصوص الجيدة والأساليب الفنية الرائعة، والانبهار بجمالية النص ووظيفته الشعرية الإيحائية. وبعد هذه العمليات الحسية ، يأتي التجريد والتخييل عن طريق استجماع دلالات النص المقروء ، وتذوق جمالياته الفنية، وتخزين كل ذلك في الذاكرة الشعورية أو اللاشعورية لتوظيفه في لحظات التواصل اللفظي وغير اللفظي.
بيد أن هذه الطريقة في عمومها كانت طريقة منفرة وسلبية؛ لكونها تخلو من النشاط الحركي، وتفتقد إلى الأداء التشخيصي والتمثيلي لنقل المضامين إلى أسماع المتعلمين. كما كان درس القراءة يتسم كثيرا بالجدية والانضباط والوقار، مع احترام المدرس المؤدب احتراما كبيرا، بحيث كان المربي يمتلك سلطة مطلقة داخل القسم. وغالبا ما كان هذا المدرس/ الشيخ يستهجن اللعب والترفيه والتسلية، فيعاقب كل من سولت نفسه أن يخرج عن ضوابط القسم وقوانين المشيخة. ومن هنا، يتحول القسم إلى فضاء جامد ساكن يخلو من الحركة والحيوية والحياة الفعالة. وبالتالي، لن تجد في هذا الفضاء العدائي القاتم سوى الصرامة والتقنين و" المعيرة" في التعليم والتلقين والحفظ. وكان هذا الأسلوب التربوي القمعي يفرز في غالب الأحيان الخنوع والاستسلام والخوف والنفور والإرهاق والتمرد والانقطاع عن العلم. ولا يستمر في هذا الجو المدرسي الخانق سوى من أوتي صبرا وتجلدا وحكمة وقدرة ربانية.
لكن مع سنوات القرن العشرين ، فقد ظهرت الطرق التربوية الجديدة والفعالة التي تعتمد على مجموعة من المبادئ الحيوية التي تحترم إنسية الطفل المتعلم وحقوقه الطبيعية والمكتسبة كاللعب، والحرية، وتعلم الحياة عن طريق الحياة، والتعلم الذاتي، والجمع بين النظرية والممارسة، والاهتمام بالفنون الجميلة...
وفي هذا السياق، ظهرت الدراما التعليمية والقراءة المسرحية أو القارئ المسرحي، وخاصة في الدول المتقدمة الغربية من أجل استبدال الدرس التقليدي بدرس تربوي وتعليمي أكثر حيوية ومرونة ومردودية وإيجابية. وقد أجريت في الغرب، في هذا الصدد ،عدة تجارب أثبتت نجاح طريقة القراءة المسرحية. ففي دراسة " أجريت عام 1999م تحت مسمى" المعلم القارئ" قام بها كل من ستريكر وروز ومارتينيز أثبتت أن طلاب الصف الثاني الابتدائي الذين مارسوا مسرح القارئ بانتظام اكتسبوا تطورا ملحوظا في القراءة، حتى إنهم غدوا يقرأون نصوصا في مستوى أعلى من النصوص المخصصة لسنهم بما يزيد على عام.
كما لاحظت إحدى المعلمات في إحدى المدارس الأمريكية أنه بالرغم من أن طلابها يتمتعون بمهارات استيعابية عالية إلا أنهم يفتقدون إلى مهارة الطلاقة في القراءة. بعد عشرة أسابيع فقط من تطبيق مسرح القارئ مع طلابها اكتسب كل طالب تطورا يعادل تطور مرحلة كاملة. وفي نهاية العام أصبح الطلاب يقرأون نصوصا معدة لمستوى أكبر من مستواهم بثلاثة أعوام."
وهكذا، أصبحت القراءة المسرحية ، اليوم ، طريقة ديداكتيكية وآلية بيداغوجية إجرائية صالحة للرفع من مستوى القراءة لدى المتعلمين نطقا وتعبيرا وأداء وتواصلا.
أهــــداف القــــراءة المسرحيـــة:
تنبني القراءة المسرحية أو القراءة الممسرحة على مجموعة من الأهداف والغايات الخاصة والعامة، ويمكن تحديد هذه الأهداف فيما يلي:
1- التحكم بشكل جيد في مهارة القراءة باعتبارها من الكفايات الأساسية التي ينبغي للمتعلم تملكها؛
2- الحد من العوائق والصعوبات التي تعترض درس القراءة في مؤسساتنا التعليمية والتربوية؛
3- القضاء على ظاهرة النفور من القراءة لدى التلاميذ المتمدرسين بسبب الاكتظاظ الصفي، وانعدام التحفيز المادي والمعنوي، وتشغيل طرائق بيداغوجية تقليدية مملة وسلبية؛
4- الرفع من مستوى القراءة الصفية عن طريق توظيف المسرح والدراما؛
5- خلق فضاء دراسي حيوي ديناميكي يحبذ القراءة، لكي يقبل عليها المتعلم بشره ونهم كبير؛
6- تشجيع آليات التمسرح أثناء درس القراءة لتحقيق هدفين متقاطعين، وهما: التعلم واللعب، أو التثقيف والترفيه، أو التعليم والتسلية؛
7- تطوير الكفاءة اللغوية والإنجازية لدى التلاميذ فصاحة وبلاغة وسلاسة وطلاقة؛
8- الرفع من القدرة القرائية لدى المتعلمين تعبيرا وتشخيصا وتمثيلا؛
9- تشجيع التلاميذ على حب القراءة الصفية والشخصية عن طريق تمثل مقومات الفعل المسرحي وشروط التمسرح الدرامي؛
10- تعويد الأطفال والتلاميذ على حب القراءة، والإقبال عليها بشغف كبير؛
11- تعليم التلاميذ تقنيات المسرح والتمثيل أثناء حصة القراءة؛
12- القضاء على رتابة الدرس وركوده ، والحد من روتينيته المملة عبر مسرحة درس القراءة تعبيرا وتواصلا وعرضا وإخراجا؛
13- تربية التلاميذ على الكرامة الشخصية، و الثقة في النفس، والابتعاد عن الخجل والانعزال والانكماش الذاتي؛
13- تشجيع التلاميذ على التعلم الذاتي ، والاعتماد على قدراتهم الشخصية، والاهتمام بالعمل الجاد المبني على الإبداع والابتكار والتجديد؛
14- علاج الضعفاء من التلاميذ في مجال القراءة الصفية عن طريق إدماجهم في مجموعات ديناميكية صغيرة ، وتوزيعهم على فرق تربوية جماعية ، وذلك لإزالة كل الرواسب النفسية الموجودة لديهم ، وتصريف عقدهم عن طريق الإدماج السوسيوميتري ، وتفريغ مكبوتاتهم الشعورية واللاشعورية في اللعب والترفيه والتسلية والتمثيل الفكاهي والتعليمي؛
15- تطوير مهارات الاستماع والفهم والتفكير والمحادثة، مع تعزيز قدرات الحجاج والنقاش والجدال والخطابة والتواصل لدى القارئ المسرحي؛
16- تعزيز العمل الجماعي في إنجاز الأمور ، وحل الوضعيات والمشاكل بطريقة تعاونية بدلا من الفردية والتركيز على الذات والأنا؛
17- مساعدة التلاميذ على القراءة مرات عدة ممارسة وتكرارا بنوع من الاستمتاع والتسلية والترفيه؛
18- الجمع بين الأهداف المعرفية والوجدانية والحسية الحركية ضمن حصة القراءة المدرسية أو الصفية أو المنزلية أو الحرة.
إن الهدف – إذن- من المسرح القرائي بصفة خاصة والمسرح المدرسي بصفة عامة هو:" تنمية مهارات الطفل/ التلميذ الحسية والفكرية والجسدية والمتمثلة في تنمية شعوره بالأشياء والحالات المحيطة به، وتنمية ملكات الخيال والملاحظة، في إطار جمالي ينتهي إلى الإحساس العميق بالتنافس والتناغم المؤدي إلى إبراز ملكات التذوق الفني لدى الطفل، وفي اكتساب الخفة والرشاقة والتوازن من أجل السيطرة على جسمه، وتمرين جهازه التنفسي والصوتي، وكذلك في توسيع مجالات المعرفة والإدراك لديه، وفي تمكين التلميذ من ممارسة التعبير عن ذاته بجرأة وحماسة، ومواجهة الآخرين بهدف تنمية موهبة التمثيل للذين يتوفرون على هذه الموهبة، وكهدف أعلى، تنميته كفرد والنهوض به ومخاطبته تربويا من خلال المثلث الإنساني المعروف (العقل، البدن، الوجدان).
لهذه الأهداف وغيرها اعتبرت التربية الحديثة أن العلاقة وطيدة بين مسرح الطفل والعملية التربوية، كما أنه يقف في طليعة الوسائل التي يمكن تطبيقها لإثراء العملية التربوية."
تلكم – إذن- أهم الأهداف العامة والخاصة التي يرمي إليها مسرح القارئ ضمن توجهاته الإستراتيجية قصد التحكم في مهارة القراءة جودة وإتقانا.
مبـــادئ القـــراءة المســــرحية:
ترتكز القراءة المسرحية داخل الصف الدراسي أو التعليمي على مجموعة من المبادئ والمرتكزات، ويمكن حصرها في العناصر والنقط الأساسية التالية:
1- التسلح بالطرائق البيداغوجية الفعالة، والإيمان بالتنشيط الفعال في تقديم درس القراءة؛
2- التعامل مع النصوص تحويلا وانتقاء واختيارا؛
3- تحضير النصوص القرائية اقتباسا أو ترجمة أو إعدادا أو تمسرحا أو تأليفا سواء من قبل المدرس أم التلميذ أم هما معا؛
4- الجمع بين القراءة اللفظية وغير اللفظية؛
5- الانتقال من النص الدرامي القرائي إلى النص المعروض؛
6- التدريب على الأداء التشخيصي والتمثيلي؛
7- عرض القراءة الممسرحة ضمن مواقف درامية متنوعة بآليات إخراجية متعددة؛
8- التأرجح بين الحوارات الدرامية الهادفة المؤثرة والمنولوجات الممتعة والوظيفية؛
9- العمل على تحقيق التعلم والمتعة، والمزاوجة بين التعليم والترفيه؛
10- العمل في مجموعات صغيرة وضمن فرق تربوية ديناميكية للقضاء على المعوقات الذاتية والموضوعية.
تلكم – إذن- أهم المبادئ والمرتكزات الجوهرية التي تنبني عليها القراءة الصفية الممسرحة من أجل تقديم درس القراءة في أحسن الظروف الديداكتيكية والبيداغوجية في منظومتنا التعليمية والتربوية الراهنة لتحقيق مدرسة النجاح والإبداع.
ديـــداكتيك القــــراءة المسرحية:
يبدأ درس القراءة داخل الصف الدراسي بقراءة المدرس النموذجية، والتي ينبغي أن تكون قراءة واضحة وفصيحة وبليغة ومعبرة، يستخدم فيها كل آليات التشخيص والتمثيل عن طريق استعمال الوجه واليدين والجسد والرجلين، أي ضرورة إرفاق الكلمة بالحركة المفسرة. و يعني هذا أن المدرس عليه أن ينطق الحروف والكلمات والعبارات والجمل بالوجه قبل أن ينطقها لفظا وتصويتا. ومن الضروري أن يكون المدرس ممثلا نشيطا متمكنا من تقنيات التنشيط والتمثيل الدرامي من أجل أن يقدم درس القراءة في أحسن صورة، وذلك قصد إثارة المتلقي الراصد ذهنيا ووجدانيا وحركيا. ومن الأفضل أيضا أن يحسن التشخيص المسرحي نظرية وممارسة، فيقلد الشخصيات تقليدا نابعا من الذات، صادقا الإحساس والوجدان كما يقول قسطنطين ستانسلافسكي في كتابه الذي خصصه لإعداد الممثل، وعليه أن يحاكي كذلك المواقف الدرامية بطرائق تعبيرية مختلفة، تتلون فكاهة وجدية، ومرونة وصرامة.
وقبل أن يبدأ التلاميذ قراءاتهم الفردية والشخصية، على المدرس أن يختار النصوص الجيدة التي يمكن أن تمتع التلاميذ تسلية وترفيها. وبالتالي، تفيدهم في حياتهم العلمية والعملية والأخلاقية. كأن يختار نصوصا مسرحية هادفة ، أو ينتقي نصوصا شعرية وقصصية وسردية، فيحولها إلى قراءات درامية قابلة للتمسرح. وقد تتخذ هذه النصوص طابعا عاديا أو طابعا استماعيا أو طابعا مسترسلا.
و لا يتم هذا الاختيار النصي إلا بمراعاة مستويات التلاميذ العمرية والنفسية والاجتماعية والبيولوجية والذكائية، ويتم الانتقاء أيضا حسب الاعتبارات الديداكتيكية والبيداغوجية، وكذلك وفق الاعتبارات الأدبية ، وحسب احترام ضوابط الجنس ومستلزماته الفنية والتقنية .
فإذا بدأنا ، مثلا ، بالنصوص المسرحية المحبكة دراميا، فثمة صعوبات لعرضها ميزانسينيا وسينوغرافيا بسبب تفاوت المستويات العمرية والدراسية. ففي مرحلتي الحضانة والتعليم الابتدائي قد نكتفي بعرض النص ركحيا دون استخدام السينوغرافيا بجميع مكوناتها الوظيفية. ولكن إذا انتقلنا إلى المرحلة الإعدادية والثانوية ، فيمكن لنا الاستعانة بالسينوغرافيا المركبة (الإضاءة، والماكياج، والأزياء، والديكور، والإكسسوارات، وجسد الممثل، والموسيقا، والرقص، والباليه...) لتشخيص الأدوار المسرحية.
ويمكن للمدرس أن يحول النصوص القرائية والسردية وباقي الدروس الأخرى إلى عروض درامية ممتعة وهادفة ، وذلك بمراعاة قواعد التشخيص الدرامي ، كأن يستخلص مع التلاميذ الحبكة الدرامية( البداية ، والعقدة، والحل)، وتحديد الشخصيات الرئيسية والثانوية، والتأشير على الفضاء الدرامي، وتحيين الصراع المسرحي، وتذييل النصوص الممسرحة بالإرشادات الركحية، ووضع الحوارات والمنولوجات الوظيفية التي تحدد الرهان ومقصدية النص الممسرح.
وبعد ذلك، يبدأ التلاميذ في قراءة النصوص بطريقة فردية وجماعية أو في شكل كورالي وخاصة أثناء قراءة الأشعار والأناشيد. وحينما ينتهي التلاميذ من القراءة العادية فهما وتفسيرا، يقسم المدرس تلامذته إلى جماعات وفرق تربوية صغيرة ليحولوا النصوص السردية ، مثلا ، إلى عروض مسرحية ، فينكبوا على تلخيص النص، وتحديد وحداته الدلالية، وإبراز صراعه الدرامي، وذكر شخصياته، والتأشير على فضاءاته، وإعداد الحوارات مع مرفقاتها الركحية. وفي الأخير، يتم بناء النص الدرامي في كل تفاصيله باحترام الخطوات الرئيسية الثلاث: خطوة الاستهلال أو ما يسمى بالبرولوغ، وخطوة الحوار أو ما يسمى بالديالوغ، وخطوة الاختتام أو ما يسمى بالإيبيلوغ.
وعندما يصبح النص المسرحي جاهزا، يوزع المدرس الأدوار على تلامذته بشكل تناوبي ليحقق المشاركة الجماعية، فيقسم القسم فضائيا إلى شكل دائري أو نصف دائري أو يبقي على شكله المستطيل. ويمكن للمدرس أن يعرض عمله المسرحي في ساحة المدرسة أو في مسرحها الثابت. علاوة على ذلك، يحول المدرس عتبة القسم إلى ركح مشهدي لتقديم الفرجة، فيقدم للتلاميذ تدريبات صوتية وكوريغرافية وحركية ضمن ما يسمى بالقراءة الإيطالية. وبعد الانتهاء من حفظ الأدوار والتدريب عليها، ينتقل المتعلمون الممثلون إلى تشخيصها ميزانسينيا( إخراجيا) فوق عتبة القسم، فيختارون مواقعهم المناسبة، فيبدأون في التمسرح فوق الخشبة إما باستخدام السينوغرافيا المشهدية وإما بالتخلي عنها. ومن الأفضل أن يعود المدرسون متعلميهم على استعمال السينوغرافيا لكي يتمكنوا من تقنيات الدراما، والتعود على الاحتكاك بتقنيات التأثيث.
ويلاحظ المدرس أنه في لحظة العرض المسرحي يحدث ما يسمى بالاشتباك الوجداني والنفسي بين الممثلين والتلاميذ المشاهدين تطهيرا وعلاجا وتأثيرا سواء على المستوى الذهني أو الوجداني أو الحسي الحركي. وبعد ذلك، يتناوب التلاميذ على أدوار المسرحية ، بشرط أن يكونوا قد استوعبوا النص القرائي حفظا وفهما وتأويلا وإدراكا، فيدخل الجميع في لعبة القراءة الهادفة البناءة والحركة الإيجابية.
ويعرض يعقوب الشاروني خطوات عملية لمسرحة القصة وتشخيصها دراميا، فيفصلها بالشكل التالي:
"1- سرد القصة على الأطفال حكيا وتعبيرا وتسميعا؛
2- ترك القصة المسرودة جانبا ومناقشة الأطفال في مواقفها، والشخصيات، حتى تصبح مألوفة لديهم، وحتى يستطيعوا أن يعيدوا حكايتها بأسلوبهم الخاص، وهذه نفس المراحل المتبعة لدى المسرحي الألماني بريخت في المسرح الملحمي؛
3- إعادة سرد القصة على الأطفال، مع التركيز على النقط التي نعتبرها هامة بالنسبة للتمثيل، ويمكن الاستغناء عن القصة الأصلية، إذا تأكدنا من وضوح الحوادث الرئيسية في أذهان التلاميذ؛
4- المناقشة، نركز فيها على كيفية القيام بمسرحة القصة، وذلك حسب التساؤلات التالية: كيف تبدأ المسرحية؟ ماهي المشاهد أو الشخصيات الأخرى التي تحتاجها؟ وما هو مركز الاهتمام الرئيسي في القصة؟ وكيف ننهيها؟
5- نترك الأطفال يحددون المواقف والشخصيات بوضوح؛
6- نجعل المجموعة كلها تمثل المواقف الرئيسية، موقفا بعد موقف، مع إبراز الحوار الضروري، والذي يمكن أن ينمو من خلال تمثيل مجموعة بعد أخرى لنفس الموقف؛
7- إعادة تمثيل القصة كلها كاملة؛
8- مناقشة الأطفال في الأزياء (الملابس) والمناظر، مع مساعدتهم في إمكانيات تدبيرها وإنجازها."
وهناك من يطرح طريقة ميزانسينية أكثر وضوحا وتبيانا في كيفية التعامل مع القارئ المسرحي ، فيرى أن المعلم قبل أن يبدأ مسرح القارئ:" يهيئ طلابه نفسيا، وذلك بأن يقرأ هو عددا من النصوص بصوت مرتفع مع استعمال التعبيرات الصوتية والحركات والإيماءات. ويشرح لهم فكرة مسرح القارئ. وبعد ذلك، يبدأ الطلاب بالقراءة الجماعية مع مراعاة التعبيرات الصوتية والإيماءات. ويقسم الصف إلى مجموعات بحيث تقرأ كل مجموعة دورا معينا. وبعد ذلك، يبدأ المعلم في تقسيم الأدوار على الطلاب الذين يتمرنون عليها فيما بينهم، فيوزع على كل طالب منهم نسخة من النص الدرامي.
هذا، ويبدأ المعلم في البداية باستخدام نصوص درامية جاهزة، ويختار ما يناسب مستوى طلابه، ويقوم بتوزيع الأدوار عليهم.
في مرحلة لاحقة، يقوم المعلم مع تلاميذه بتحويل القصص إلى نصوص درامية. وبذلك، ندمج مهارات الكتابة ومهارات التفكير مع مهارات القراءة. واختيار القصص لايتم بطريقة عشوائية، بل لابد أن تكون القصص مشوقة وغير طويلة ، فيها الكثير من الحوار والحركة. ولابد أيضا أن تكون مناسبة للمرحلة العمرية للطلاب.
ومهمة تحويل القصة إلى نص درامي توفر للمعلم الكثير من المرونة، إذ يستطيع المعلم أن يغير في النصوص فيحذف ويزيد، ويستطيع أيضا أن يزيد في عدد الشخصيات أو عدد الرواة في القصة إذا كان عدد الطلاب كبيرا، أو يدمج أكثر من شخصية مع بعضها في حال عدم توفر عدد كاف من الطلاب..."
وعليه، تخضع القراءة المسرحية لمجموعة من المراحل والخطوات الإجرائية، ويمكن تحديدها على النحو التالي:
1- انتقاء النصوص القرائية القابلة لفعل التمسرح؛
2- القراءة الفردية والجماعية؛
3- القراءة الإيطالية للنص( فهم النص وتفسيره ، تحديد رهان النص وهدفه الأساس، توزيع الأدوار ، حفظها واستيعابها، التداريب التشخيصية تلفظا وحركة، عمليات التسخين، ترويض الصوت، التدريب على الإلقاء ...)؛
3- القراءة الميزانسينية ( عرض المسرحية على الخشبة بدون سينوغرافيا أولا، وبالسينوغرافيا ثانيا).
4- مرحلة الدخول في الاشتباك الدرامي مع المشاهدين الراصدين؛
5- تقويم العرض المسرحي بطريقة جماعية، مع استعمال الفيدباك أو التغذية الراجعة قصد تصحيح الأخطاء؛
6- تشجيع التلاميذ على قراءة النصوص الموجودة في الكتاب المدرسي ، وتحويلها إلى عروض درامية تجمع بين الفائدة والمتعة.
آليــــات القـــراءة المسرحيــة:
تستند القراءة المسرحية على مستوى العرض والإخراج إلى مجموعة من الآليات الدرامية والطرائق التشخيصية ، والتي يمكن الاستعانة بها في تقديم درس القراءة في أحسن الظروف الديداكتيكية والبيداغوجية . وتتمثل هذه الآليات الإجرائية لتشخيص مهارة القراءة، وتقديمها في أحسن حلة ميزانسينية ، في الآليات التنشيطية التالية:
1- مسرح الدمى والعرائس: يعتمد هذا المسرح على الدمى باعتبارها شخصيات فاعلة فوق الركح، تحركها أيد بشرية من الخلف أو من فوق أو من تحت . ويمكن أن تكون هذه الدمى كائنات بشرية أو حيوانات أو كائنات نباتية أو أشياء جامدة. ويتحكم فيها المخرج أو الممثل أو اللاعب بكل مرونة وطواعية، فتؤدي كل مايريد المخرج أن يوصله إلى الطفل من أفكار ومشاعر وأحاسيس ورؤى.
ومن حيث الفضاء الدرامي الذي تشغله هذه الدمى والعرائس، فإن اللاعبين يقدمون عروضهم داخل علب مغلقة، ينفتح وسطها على الجمهور في شكل شاشة سينمائية. وفي هذا الوسط الركحي، تتراقص الدمى والعرائس من قبل لاعبين مختفين خلف العلبة. وهناك من يقدم عروضه المسرحية بواسطة الدمى والعرائس فوق خشبة المسرح، ويحركها بشكل مباشر أمام الجمهور. ولكنه لا يرى من قبل المشاهدين؛ لكونه يلبس زيا أسود ، فتنعكس عليه إضاءة خاصة، لا تظهره جيدا أمام المتفرجين الراصدين.
ويعني كل هذا أن المدرس يمكن أن يحول درس القراءة إلى مسرح للدمى والعرائس لإثارة المتلقي ذهنيا ووجدانيا وحركيا.
2- مسرح القناع: يمكن للمخرج المسرحي في إطار التصور الميزانسيني أن يستثمر الأقنعة الدرامية الوظيفية في درس القراءة بطريقة كلية أو جزئية، أو بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، أو بشكل تقريري حرفي أو مجازي استعاري. ومن الأحسن أن يشرك المخرج الأطفال الممثلين في انتقاء أنواع الأقنعة اعتمادا على مقاييس لونية وطبائعية وشكلية وحجمية على ضوء سيميولوجية الخطابات غير اللفظية. وبعد ذلك، يخير المخرج الممثلين بين القناع الطبيعي والقناع الاصطناعي مع الاستعانة بالماكياج والأزياء التشخيصية، كما يخيرهم بين قناع الوجه وقناع الجسد.
3- البيوميكانيك: يمكن تشغيل آلية البيوميكانيك في درس القراءة لجعله درسا ناجعا. ومن ثم، فالبيوميكانيك أو البلاستيكا فن جدير بالاهتمام؛ لأنه يقوم على ترويض الجسد ، وإنماء فن الحركة أثناء تداريب التمثيل والبروفات الميزانسينية. ويعني هذا، أن البيوميكانيك علم يهتم بالممثل من الناحية الجسدية والحركية. وفي هذا يقول ماييرخولد:" لو قمنا بإزالة الكلمة، والأزياء، ومقدمة الخشبة والكواليس، والصالة، ولغاية أن يبقى الممثل وحركاته لوحدها، فإن المسرح سيبقى مسرحا".
ويعني هذا الكلام أن المسرح ليس خطابا لفظيا أو حواريا ، وليس أيضا ديكورا ، وليس متعلقا بحضور الجمهور، بل المسرح الحقيقي هو الذي يهتم بتكوين جسد الممثل، وإغناء حركاته العضوية والبلاستيكية.
4- خيال الظل: يعد خيال الظل من أهم التقنيات الدراماتورجية التي يمكن الاستعانة بها أثناء تقديم درس القراءة، وتحضير مسرح الطفل ، وإعداده نظريا وتطبيقيا. إذ يوحي خيال الظل بطفولة الإنسان العربي المنغمس بذاته وكيانه في اللعب والتمثيل والمشاهدة، وعشقه لتراثه الشعبي الموروث الذي يعبر عن سمو الحضارة العربية الإسلامية عبر عصورها الزاهية، وتطور آدابها وفنونها تطورا مدهشا، اعترف بذلك الغربيون قبل أن يعترف به بناته وأصحابه.
ويمكن القول بأن خيال الظل بمثابة تمهيد لظهور السينما الغربية الحديثة، مادام هذا الفن يعتمد في تركيبته المشهدية على ستارة ، وإطار، وشمعة تحرك الأجسام على الشاشة يمنة ويسرة ، فيرى الراصد المشاهد مجموعة من الأضواء والظلال التي تحكي قصصا رائعة ، وأحداثا مروية، ومغامرات عجيبة.
وهذه الطريقة التخييلية تقنية مهمة جدا في عرض الأحداث ومسرحتها فوق ركح الخشبة خاصة في مسرح الأطفال؛ لأن الصغار ينبهرون بصندوق العجائب ، ويسحرهم بتقنية التلوين الضوئي المتنوع، ويثيرهم بتموجاته العجيبة في نقل الحكايات المروية عبر سحر الشمعة أو القنديل أو الفانوس، أو بواسطة سحر مفعول الإضاءة المعاصرة التي حلت محل الإضاءة التقليدية في تحريك الممثلين والشخصيات الدرامية ، والتي تتراقص أمام الناظرين كمسرح الدمى والعرائس والكراكيز.
5- الكروتيسك: يرتكز الكروتيسك ، إذا وظفناه في درس القراءة، على المزج بين الأنواع الأدبية، والخلط بين الجاد والساخر على مستوى الأسلبة ، والتوفيق بين الكوميدي والتراجيدي على مستوى التجنيس، واللجوء إلى صفات التهويل والتضخيم والمبالغة ، والاعتماد على الأسلوب الساخر، والمزج بين المتضادات ، واستعمال الصور والتشابيه والاستعارات المفارقة، والميل إلى العمق والإيجاز، مع استعمال لغة التقابلات، والإكثار من الغموض والتناقض والتورية والمعاني الملتبسة، والحفاظ على اتساق النص وانسجامه عبر خلخلة دلالاته وتراكيبه بواسطة الانزياح والإسهاب والاستطراد والتعقيد اللفظي والمعنوي، وانتقاء الاقتباسات التناصية، وتوظيف التشظي والبوليفونية الأسلوبية، وتشغيل الفلاش باك واسترجاع الماضي.
6- الدراما الإبداعية: المقصود من هذا النوع في مجال درس القراءة أن الدراما الإبداعية هي كل ما يقوم به الأطفال من تمثيل ومحاكاة وتقليد وارتجال درامي داخل مؤسساتهم التربوية اعتمادا على قدراتهم الذاتية تحت إشراف المعلم أو المدرب أو المنشط. وتتمظهر هذه الدراما في اللعب الإيهامي أو التخييلي أو النفسي، وفي تبادل الأدوار حينما يلعب الطفل دور الأب أو الشرطي أو العريس، وتلعب البنت في المقابل دور الأم أو العروسة.
7- مسرح التنشيط: ثمة مجموعة من الأشكال الفرجوية وتقنيات التنشيط التي يمكن الاستعانة بها في درس القراءة لخدمة المسرح المدرسي على مستوى الكتابة والتمثيل والإخراج والتأثيث السينوغرافي. وتتعلق هذه الأشكال بميدان السرد الحكائي والخرافي والأسطوري ، وترتبط أيضا بالتخييل العلمي، ومسرحة الخبرات التعليمية إبداعا وتنشيطا. وكل هذه الأشكال يمكن إخضاعها للتمسرح الدرامي و الدراماتورجيا الركحية من أجل تحويلها إلى فرجات هادفة مفيدة وممتعة ، وذلك قصد إثارة الجمهور، وتحفيزهم ذهنيا ووجدانيا وحركيا.
وهناك مجموعة من الأشكال الفرجوية التي يمكن تحويلها إلى عروض درامية ومسرحيات ميزانسينية ركحية كمسرح الحيوان، ومسرح الخرافات والأساطير، ومسرح الحكواتي، والمسرح الشعري، ومسرح الخيال العلمي، ومسرح التقليد واللعب، والدراما الإبداعية، ومسرح التنشيط.
8- الدراما الإيهامية: تعد الدراما الإيهامية من أهم التقنيات الدراماتورجية التي يمكن الالتجاء إليها لتحضير عرض مسرحي قرائي خاص بالمتعلم، ولاسيما في مرحلة الحضانة ومرحلة التعليم الأولي. وهذه التقنية قريبة من عالم الأطفال على المستوى الذهني والشعوري والحسي الحركي. كما أن هذه التقنية المسرحية تساعدهم على إغناء مخيالهم الحسي القائم على التجسيد والاستعارة والأنسنة. وبهذه التقنية ينتقل الطفل من عالم حسي مادي ملموس إلى عالم خيالي مجنح قائم على الإيحاء والإيهام بالواقعية.
ومن هنا، فمن الضروري أن نشجع الأطفال والتلاميذ على توليد فرجات إيهامية شخصية وذاتية لتفريغ طاقتهم الزائدة، وبناء شخصياتهم الشعورية واللاشعورية، والرفع من طاقة الخيال عبر الانتقال من عالم الواقع إلى عالم الخيال والفانطاستيك.
9- مسرح الفانطاستيك: يعد مسرح الفانطاستيك من أهم الفرجات الدرامية من أجل خلق مسرح قرائي رمزي وتجريبي، وذلك من خلال الجمع بين العجيب والغريب، والخلط بين المألوف وغير المألوف، والتأرجح بين الواقعي والخيالي للتعبير عن غرابة الواقع، واختلال مقاييس العقل والمنطق . ومن ثم، فمسرح الفانطاستيك يركز كثيرا على التحولات العجائبية التي تثير الأطفال ، وتسحرهم وتبهرهم فنيا وجماليا
10- الارتجال: يعد الارتجال Improvisationمن أهم الآليات الدراماتورجية لعرض فرجة مسرحية قرائية خاصة بالمتعلمين. والارتجال في الحقيقة أول خطوة يلتجئ إليها الممثل لبناء شخصيته الفنية، وبناء ذاته فوق خشبة الركح. ويستلزم الارتجال أن يكون صاحبه ذا موهبة فنية عالية، وذا ذكاء اجتماعي متميز من أجل أن يقدم فرجاته الدرامية للراصدين الحاضرين بشكل ممتع ومفيد.
ولقد بدأ المسرح الإنساني بالارتجال الفطري الطبيعي الذي كان يتسم بالعفوية والتلقائية والاحتفالية الشعبية ضمن مرحلة الظواهر الفردية، لينتقل بعد ذلك إلى مرحلة الحفظ والتنظيم مع مرحلة مأسسة المسرح، وإخضاعه لسلطة التأليف والتشخيص و الإخراج والسينوغرافيا.
وعلى الرغم من كون المسرح اليوم يقوم على ضبط النص، وحفظ الأدوار حفظا دقيقا ، إلا أن للارتجال مكانة هامة ومعتبرة في المسرح المعاصر سواء في مسرح الكبار أم في مسرح الصغار ؛ لما للارتجال من أهمية كبرى في تكوين الممثل وتدريبه وتأطيره ، وإثارة المتلقي ذهنيا، واستفزازه وجدانيا، وإرباكه حركيا، وجذبه للمشاركة في بناء الفرجة الركحية بشكل تشاركي.
11- السيكودراما والسوسيودراما: من المعلوم أن السيكودراما والسوسيودراما من أهم التقنيات المسرحية التي ينبغي اللجوء إليها في حصة القراءة الصفية وغير الصفية من أجل تنشيط التلميذ نفسانيا واجتماعيا، وتحريره من عقده الموروثة المتجذرة في لاوعيه الشقي، وتخليصه من الغرائز المترسبة في لحظات الماضي، والتي قد تؤثر عليه في الحاضر والمستقبل. وهذه التقنيات المسرحية مهمة جدا نظريا وتطبيقيا في مداواة الأطفال نفسانيا، ومعالجتهم اجتماعيا، ومساعدتهم على تكوين شخصيتهم ذهنيا ووجدانيا وحركيا. وقد تسعفنا هذه التقنيات الدرامية أيضا في فهم شخصية الطفل فهما دقيقا،وتفسيرها عضويا و نفسانيا واجتماعيا، كما تساعد المدرسين في تقديم الدروس البيداغوجية والديداكتيكية لفلذات أكبادنا في أحسن الظروف التعلمية، وأنسب المواقف السيكواجتماعية.
هذا، وتستلزم السيكودراما والسوسيودراما وفقا للمحلل النفسي مورينو Morino خمسة عناصر أساسية ، وهي: المسرح(المكان)، والبطل(المريض)، والمخرج(المعالج)، والأنوات المساعدة(الشخصيات المرافقة أو المساعدة)، والجمهور(المرضى المشاهدون). أما الفنيات الجمالية والمادة المسرحية والفعل الدرامي، فهي تشكل مضمون العلاقة الدينامية التفاعلية بين وظائف العناصر الخمسة، حال تفاعلها لتحقيق الهدف العلاجي منها. أما المراحل العلاجية المعتمدة عليها إجرائيا وميدانيا، فتتمثل في مرحلة التهيئة والاستعداد لخوض التجربة، ومرحلة الفعل أو الحدث أو التمثيل، ومرحلة المناقشة والمشاركة لتحقيق التغذية الراجعة.
12- الأشكال الاحتفالية:لإثراء مسرح القراءة تأليفا وتأثيثا وإخراجا، وإغناء عروضه الدرامية الركحية، وتنويع مواده الفنية والجمالية، لابد من الاستعانة بمجموعة من الظواهر الفرجوية ما قبل المسرح ، أو ما يسمى بالظواهر الاحتفالية الشعبية، أو ما يسمى أيضا بالأشكال المسرحية الفطرية التي تتباين على مستوى القواعد مع شعرية المسرح بالمفهوم الأرسطي.
ومن المعلوم أن لكل شعب أشكاله الاحتفالية الفطرية التي تتمظهر في الألعاب الطفولية، والطقوس الشعائرية والدينية والصوفية والكرنفالية، وتتجلى كذلك في الاحتفالات الشعبية بالمناسبات الدينية والأعياد الوطنية.
والمغرب بدوره غني بمجموعة من الفرجات الاحتفالية المتنوعة التي يمكن أن تخدم المسرح القرائي كثيرا إما بطريقة جزئية وإما بطريقة كلية شاملة، مادامت هذه الأشكال الاحتفالية من صميم هوية الإنسان المغربي ، وتعد جزءا من تاريخه وحضارته وكينونته وإنسيته الأصيلة.
ومن المعروف أيضا أن جميع الفنون الجميلة بالمغرب من سينما وتشكيل وعمارة وكذلك السياحة تستثمر هذه المعطيات الفرجوية الاحتفالية الأصيلة والفطرية في تقديم مادة فنية جميلة لإبهار الآخر بسحر التراث المغربي الأصيل .
إذن، فما أحوج المسرح القرائي لتوظيف هذه الأشكال الفرجوية الاحتفالية لخلق عروض مسرحية دسمة تجمع بين الفائدة والمتعة، وتزاوج بين الإقناع والترفيه!
وعليه، يمكن للمسرح المدرسي بصفة عامة والمسرح القرائي بصفة خاصة أن يستفيد من بعض الفرجات الاحتفالية المتميزة والبارزة في وطننا العربي كسلطان الطلبة، والحلقة، والبساط، وسيدي الكتفي، واعبيدات رمى، وبوالجلود، فيوظفها فوق خشبة الركح المسرحي بطرائق متنوعة لجذب المشاهد الراصد إدهاشا وتلوينا وإمتاعا...
13- السينمسرح: يعد السينمسرح من أهم التقنيات الدراماتورجية التي استعملت في المسرح المعاصر مع بيسكاتور وبيتر فايس وبرتولد بريخت من أجل تحويل الفرجة المسرحية إلى وثائق استدلالية تاريخية وواقعية لدفع الجمهور الحاضر ، وذلك لتقويم الأحداث المعروضة دراميا فوق خشبة الركح. مع العلم أن توظيف الشاشة السينمائية في المسرح القرائي يفيد كثيرا الدراما الركحية ، مادام الغرض هو تدعيم البصري فنيا وجماليا، وتحويل المسرح إلى صورة بصرية بلاغية وأيقونية وسيميولوجية، تحمل عدة علامات متنوعة مفتوحة ، تستلزم التحليل والتفكيك والتركيب.
14- المسرح الطقوسي: يمكن للمخرج الذي كلف بإخراج مسرحية قرائية أن يقدم عرضه الدراماتورجي وفرجته الميزانسينية اعتمادا على رؤية أنتروبولوجية كلية أو جزئية. ويعني هذا إما أن يعرض مسرحيته من البداية حتى النهاية في شكل فرجة احتفالية مليئة بالطقوس الشعائرية الدينية والاحتفالية والأسطورية ، يتلاحم فيها الممثل مع المتفرج تلاحما شعبيا حميميا، وإما أن يعرض مسرحيته بتوظيف بعض الطقوس الأنتروبولوجية لإثارة المتفرج الراصد ذهنيا ووجدانيا وحركيا0 كأن يستعرض المخرج ، مثلا، مجموعة من الرقصات المتنوعة كالرقصة الأفريقية ، والرقصة الآسيوية ، والرقصة الأمريكية ، والرقصة البربرية الخ..... أو يستعرض مجموعة من الفرجات السحرية والدينية والميتافيزيقية والاحتفالية ضمن أشكال لعبية وفرجوية محبكة في شكل مشاهد كرنفالية أو طقوسية تبين لنا حضارات الشعوب البدائية والشعوب اللاحقة والشعوب المعاصرة.
15- المسرح الصامت: يعد المسرح الصامت من أهم الأشكال التعبيرية التي يمكن الاستعانة بها في المسرح القرائي من أجل تقديم فرجات درامية مثيرة، تجذب المشاهدين بطريقة إبداعية ساحرة ، وتخلب ذهنهم فنيا وجماليا. ومن هنا، إذا كان المسرح العادي يعتمد كثيرا على الحوار التواصلي وتبادل الكلام، فإن المسرح الصامت أو ما يسمى بالميم أو البانتوميم يشغل كثيرا خطاب الصمت الذي يعبر سيميائيا ورمزيا عن مجموعة من القضايا الذاتية والموضوعية أكثر مما يعبر عنها الحوار المباشر. ويعني هذا أن المسرح حينما يوظف الإشارات والإيماءات والصمت يؤدي وظائف إيجابية أكثر من المسرح الحواري ، والذي يرتكن إلى الرتابة والتكرار والاستطراد والملل ، وذلك بسبب تطويل الكلام وامتداد التواصل المباشر.
ويكون للميم كذلك تأثير جيد على الجمهور الراصد بسبب إيحاءاته الشاعرية ، وتلميحاته المضمرة والمكثفة أفضل بكثير من تأثير الاسترسال المبني على المنولوجات السلبية ، والحوارات الطويلة المقرفة. وبالتالي، لايمكن تقديم عرض ميمي إلا بممارسة التشخيص الحركي، وتشغيل قسمات الوجه المعبر، وترويض الجسد اللعبي لينسجم مع لغة الميم. وغالبا، ما يكون للمسرح الصامت آثار مفيدة في تحقيق الإبلاغ والتواصل السيميائي الحقيقي لدى المتعلمين العاديين أو لدى ذوي الاحتياجات الخاصة.
نتـــــائج القـــــراءة المسرحيــــة:
من الطبيعي أن تكون للقراءة المسرحية أو الممسرحة نتائج إيجابية وأهداف ملحوظة، بحيث تساعد هذه الطريقة الدرامية الناجعة على تقديم درس القراءة في أحسن حلة تربوية عن طريق الجمع بين وظيفة التعلم المعرفي والذهني ووظيفة التسلية والترفيه ، وذلك عبر مجموعة من آليات الإخراج المسرحي كاللعب والتقمص والإيهام والتنشيط والارتجال والإبداع والتشخيص الحواري والصامت... ويعني هذا أن القراءة المسرحية تركز على تحقيق مجموعة من الأهداف الإجرائية التي تنصب على الجانب المعرفي والوجداني والحسي الحركي. أضف إلى ذلك، أن القراءة المسرحية تساعد على العمل الجماعي التعاوني ، والاشتغال ضمن فريق، وتعمل على تحرير الناشئة التربوية من مجموعة من العقد السلبية والآفات الذاتية والمشاكل الموضوعية الخطيرة كالخجل والانعزال والانطواء والانكماش والعدوان، وتخلصهم من القيم الدنيئة كالحقد والشر والأنانية والانحراف... وتجعل هذه القراءة الممسرحة القسم الصفي كله في حركة ديناميكية مترتبة عن الاستمتاع الجواني، والراحة النفسية ، والحياة المدرسية السعيدة ، بعيدا عن كل نفور يائس، ورتابة قاتمة، وروتين ممل، وسكون قاتل.
هذا، وقد بينت التجارب التربوية في الغرب أن القراءة المسرحية ذات مردودية كبيرة وجودة واضحة كما وكيفا، بحيث يستطيع التلاميذ في وقت وجيز أن يتفوقوا في مجال القراءة ، وأن يتحكموا في آلياتها الذهنية والتفكيرية والتعبيرية ، وأن يتقدموا في درس القراءة سنة أو سنتين أو سنوات مسبقة بالمقارنة مع القراءة العادية التي تجعلهم عاديين أو متأخرين في مستوياتهم الدراسية.
وعلى العموم، فالمسرح القرائي يحقق مجموعة من النتائج والوظائف كالوظيفة اللغوية( تدريب الأطفال على التعبير السليم الواضح عبر تدريبهم على إجادة النطق. فاللعب المسرحي رياضة للصوت والذوق والجسد )، والوظيفة التربوية التعليمية(مسرحة منهاج القراءة)، والوظيفة الاجتماعية( تحمل المسؤولية، والتعلم الذاتي، والثقة بالنفس، والاندماج في المجتمع...)، والوظيفة النفسية(تطهير النفس من انفعالاتها السلبية، وتجديد الحياة نفسانيا في ظروف آمنة...).
وهكذا، فالمسرح القرائي يشبع رغبات التلاميذ الفسيولوجية، والاجتماعية، ويساعدهم على بناء الذات، وتحقيق استقلالها عن طريق الوصول إلى مجموعة من الأهداف العملية والمعرفية، بل يوصلهم إلى تحقيق الفضيلة والسعادة. كما يلبي هذا المسرح المعاصر حاجياتهم النفسية ، و يشبع ميولاتهم القرائية. ويكسبهم مجموعة من القيم كالقيم النظرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والجمالية والدينية.
خــــــاتمــــــــة:
وهكذا، فاستخدام الدراما أو المسرح من أهم التقنيات الديداكتيكية والبيداغوجية التي تسعف المتمدرس على التحكم في مهارة القراءة الصفية وغير الصفية، وتحسين مستواها أداء وتعبيرا وتواصلا وتشخيصا. كما أن مسرحة القراءة تساعد التلميذ على فهم الدرس القرائي فهما جيدا، واستيعابه بسهولة ويسر ومرونة ، مع الاستمتاع به تسلية وترفيها، مادام هذا الدرس يؤدى عن طريق الدراما والمسرح. وبذلك، يولد هذا النوع من المسرح في نفوس المتعلمين حب القراءة بنهم كبير وإقبال شديد؛ لأنهم يجدون فيه متعة وجدانية، وراحة نفسية، وسعادة روحانية، وحياة مدرسية زاخرة بالحركة والنشاط والتفاعل الديناميكي.
كما تسعف القراءة الممسرحة المدرس على إخراج التلاميذ من شرودهم وعزلتهم وانطوائهم وانكماشهم عن طريق إدماجهم في أدوار مسرحية وجماعات فاعلة، لكي يساهموا في تنشيط الفعل القرائي عبر أداء مجموعة من الأدوار البشرية والواقعية. ويعني هذا أن القراءة الممسرحة تطهرهم من أدران الشر والحقد والعدوان عن طريق إثارة الخوف والشفقة، كما تحررهم من نوازع النفس الأمارة بالسوء، وتخلصهم من عقدهم المكبوتة عن طريق التفريغ والتسامي واللعب والتقمص والتشخيص الدرامي.
وعليه، فما أحوجنا اليوم إلى تطبيق المسرح في تعليم القراءة ضمن منظومتنا التعليمية والتربوية ! لما له من دور إيجابي في تسهيل عملية استيعاب الدروس عن طريق الجمع بين التعلم والمتعة، والتعليم والترفيه.
ولا يتصور المدرس أن مسرحة القراءة مكلفة أو صعبة المران تستلزم التكوين العميق في مجال الفنون الجميلة بصفة عامة وفن المسرح بصفة خاصة، كما تتطلب مجموعة من الإمكانيات المادية والمالية التي يصعب الحصول عليها. لأن المعلم دائما " يرتاب من كلمة " مسرح" فيتبادر إلى ذهنه خشبة المسرح وما يتبعها من مؤثرات وديكورات وأزياء وساعات من الحفظ والتدريب والمران. بينما الأمر أسهل من ذلك بكثير إذ هو لا يعدو في الحقيقة مجموعة من التلاميذ يقفون على خشبة المسرح الذي هو في الحقيقة مقدمة الصف، ويمثلون أدوارهم الصغيرة من دون حاجة إلى أي مؤثرات أو مشاهد أو ديكورات، ما خلا ورقة النص التي يحملونها بأيديهم" .
وهكذا، فمسرحة القراءة وسيلة مهمة وناجعة، وطريقة ديداكتيكية هادفة، وتقنية بيداغوجية فعالة لتحقيق مدرسة النجاح والإبداع.
الهوامــــش:
1- المجلس الأعلى للتعليم: التقرير السنوي للمجلس الأعلى للتعليم، سنة 2008م، الرباط، المغرب، ص:29؛
2- المجلس الأعلى للتعليم: التقرير السنوي للمجلس الأعلى للتعليم، سنة 2008م، الرباط، المغرب، ص:29؛
3- المجلس الأعلى للتعليم: التقرير السنوي للمجلس الأعلى للتعليم، سنة 2008م، الرباط، المغرب، ص:55؛
4- د. جميل حمداوي: مسرح الأطفال بين التأليف والميزانسين، مطبعة الجسور بوجدة، الطبعة الأولى سنة 2009م، ص:120-121؛
5- سالم كويندي: المسرح المدرسي، مطبعة نجم الجديدة، الجديدة، الطبعة الأولى سنة 1989م، ص:31؛
6- حسني عبد المنعم حمد: المسرح المدرسي ودوره التربوي، مطبعة العلم والإيمان للنشر والتوزيع، مصر، الطبعة الأولى سنة 2008م، ص:72؛
7- إيمان الكرود: (من أجل قراءة أفضل للصغار: مسرح القارئ)، مجلة المعرفة، المملكة العربية السعودية، العدد:135، جمادى الآخرة 1427هـ،الموافق لشهر يوليوز 2006م، ص:33؛
8- انظر أروى علي أخضر:( مسرحة مناهج الصم)، مجلة المعرفة، المملكة العربية السعودية، العدد:150، شهر غشت 2007م، ص:108؛
9- إيمان الكرود: (من أجل قراءة أفضل للصغار: مسرح القارئ)، مجلة المعرفة، المملكة العربية السعودية، العدد:135، جمادى الآخرة 1427هـ،الموافق لشهر يوليوز 2006م، ص:33؛
10- جعفر بختاوي:( تقنية مسرحة النصوص السردية في المسرح المدرسي)، مجلة علوم التربية، المغرب، المجلد الثاني، العدد18، مارس 2000م، ص:80؛
11- حنان عبد الحميد العناني: أدب الأطفال، دار الفكر للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الثالثة، سنة 1996م، ص:63-64؛
12- يعقوب الشاروني: مجلة المسرح، عدد 7، سنة 1981م؛
13- إيمان الكرود: (من أجل قراءة أفضل للصغار : مسرح القارئ)، ص:33-34 ؛
14- انظر: د.قاسم بياتلي: ( موقع البيوميكانيكا في رؤية ميرهولد المسرحية) ، مجلة المسرح، القاهرة، مصر، الأعداد من 212إلى 224، من أغسطس 2006 إلى أغسطس 2007م، ص:146؛
15- سليمان رجب سيد أحمد: ( أطفالنا بين جدلية الأنا- الآخرين كما تبدو في التمثيل(الدراما))، مجلة الطفولة العربية ، الكويت، المجلد الثامن، العدد31، يونيو2007م، ص:81-86؛
16- د. إيمان البقاعي: في أدب الأطفال والشباب ، دار الراهب الجامعية، بيروت، لبنان، بدون تاريخ للطبعة، صص:272-278؛
17- د. حسن شحاتة: أدب الطفل العربي، الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة، مصر، الطبعة الأولى سنة 1991م، ص:63-64؛
18- إيمان الكرود: (من أجل قراءة أفضل للصغار : مسرح القارئ)، ص:32-33.