
عـادات وأفراح البدوي
إنّ الأفراح عند سكان البوادي لها طقوسها حيث تكتسي طابعا خاصا، فكل السكان يتجاورون على بضعة أمتار أو أميال أوفي شكل مجموعات يطلق عليها اسم النزلـة (مأخوذة من النزول على الماء أو الكلأ ) وهـي مجموعة سكنيـة تكونها الخيام تتوسطها خيمة كبيرة ذات شكل مميز لكبير العــرش (أو القبيلة) .
فهذا الأخير له الرأي في جميع الأمور الخاصة والعامـة حيث يستشار عند الخطبة (النسب) وعند تحديد موعد الزفاف كما يستشار في المحافل والأعياد الدينية ويفصل في جميع القضايا مهما كانت درجتـها إلى جانب مساعدين من الذين هم أقل منه مالا وجاها وشهرة بين العشائــر، فشيخ العرش (القبيلة) يختارعلى أسس ومقاييس مضبوطة منها الشجاعة العالية والمهـارة وفن الحديث والذكاء في طرح وحل المشاكل والمال الكثير والصرامة في تنفيـذ الأحكام زيادة عند بلوغه سن الكبر والنسب الشريف المعروف عند القبائل المجاورة .
هذه المقاييس كان معمولا بها في عهد الجاهلية تخول لصاحبها كل الصلاحيات وفي جميع التصرفات لكنها ليست بالطريقة الحالية ومن هذه الأفراح :
الزفاف : تختار المرأة (وعادة لا تتجــاوز 16 من عمرها ) على أساس النسب الأبوي والأخوال ، تنكح دون رأي منها ولا رأي من خطيبها فالوالدان ينوبان عنهما بعد الإتفاق مع الأم ، وحينما يتوفر شرط الرضا بين الأبوين لكل طرف وبتوقيع شيخ القبيلة …يتم الزفاف في أقرب وقت ممكن على الطريقة البدوية التي يذهب فيها ولي أمر الفتى الخطيب إلى أسرة الخطيبة مصحوبا بمجموعة من الرجال والنساء كأم الخطيب وجدتــه إلى جانب بعض الأقارب وفي المقابل يجمع المخطوب النظير.
داخل تلك الخيمة يتوجه كل طرف إلى الجهة المخصصة له وتتم عملية الخطبة والاتفاق على الشروط بحضور شيخ القبيلة وأمام الملأ ثم يحدد موعد الزفاف هذا الذي لا يتجاوز مدته (أحيانا) بضعة أسابيع فيتم العرس بالطريقة البدوية التي تشكل تحفة فنية في أدب الـزواج الحديـث.
تنقل الزوجة الفتية من بيت وليها ماشيـــة أو راكبة داخل شيء مخصص للركوب على ظهـر الجمل يسمى الهودج (الجحفة) وسط جمــع من النساء يتقدمه الرجــال بالطبول والاغاني البدوية الهادئة عادة ما تكون أغان دينية وتوسلية بالاولياء الصالحين الى أن تستقر فـي بيتها الجد يــد .
أمّا رمضان والاعياد الدينية فلها طقوس أخرى حيث يجتمع الرجال بخيمة الشيخ وبعد بيان الهلال أو الاتفاق على الصيام يعلن صوم رمضان بواسطـــة مشعل من النار يرفع في السماء وتطلـق بعده طلقات بندقية ويكون الافطار على الطريقة نفسهـا .
وفي صباح العيد يجتمع الجيران والأهل والأقارب بخيمة الشيخ محمليـن بالقهوة وبعض من الأكل (حسب المنطقة) وعادة تكون –الشخشوخة –المفضلة ومباشرة بعد أداء الصلاة والتحية يجتمع القوم لتناولها ضاربين بذلك موعدا آخر للقاء في محافل أخرى
محـاكم ومجــالس
رغم الاراضي الشاسعة والبيوت المتفرقة إلاّ أن سكـان البوادي يعانون من مشاكل وخصومات كبيرة منذ القدم وأغلبها عرقية موروثة كالخصومات على حدود الأراضي والمراعي ، والماء والنسب فهذه المشاكل تتعــدى شيوخ القبيلة أحيانا لتكون بين قبائل وعلى مدار العام وفيها من بقيت عالقـة إلى اليوم ,على غير المشاكل الداخلية التي تعالج عند مجلس شيخ القبيلة هذا المجلس الذي يتكون من أغلبية كبار الأسر حسب الدرجات وبحضور الخصمين حيث تطرح القضية ويطول النقاش حولها في بيت الشيخ أو تحت خيمة أهل الجاني التي يتم فيها تحضير الغداء وحين إصدار الحكم بإتفاق ينهض الظالم (المحكوم عليه) ليقبل رأس المظلوم (المحكوم له) ويرسى عليه مبلغا معينا أو طعاما للعرش ويسمى هذا الحكم "خطيـــة الجماعة "وينتهي النزاع .
فإن لم يفصل فيها ، تنعقد الجلسة الثانية ثم الثالثة إلـى غاية الوصول إلى حلّ و لو كان مؤقتا ، وفي أماكــن مختلفة … لكن العداوة تبقى قائمة إلى غاية إرضاء الطرفيـن و إقناعهما بالحل و لو تدفع الجماعة ثمن إرضاء المظلوم ماديا مقابل قبوله حكم الجماعة بطريقة مساهمة الجميع وتسمى هذه العملية (الفرضية) .
فهذه المحاولات المتكررة والاجتهادات المتنوعة في النزاعات الاجتماعيـة جنبت سكان البوادي الخلافات المستمرة والارتباطات الرسمية مما سهل عليهم أسلوب الحياة ودفع بهم لتكريس كل طاقاتهم ومجهوداتهم لمصارعة قساوة الطبيعة وقهر الأراضي الحدباء الشاسعة سواء بالفلاحة و الزراعــة أو بالرعي لأن الباديةّ هي مصدر عيش كل البشرية ومنه تنبع النخوة والكرم والعزة والجاه والكلمة الوافية والوفية .
نكتفي بهذا النموذج لمثل هذه القضايا ونترك تفاصيلهما إلى كتابات أخرى تعكس حقائق جوانب الموضوع وفــروعه المتنوعة وما يميز حياة البداوة على حياة المدينة
يتبع ...
إنّ الأفراح عند سكان البوادي لها طقوسها حيث تكتسي طابعا خاصا، فكل السكان يتجاورون على بضعة أمتار أو أميال أوفي شكل مجموعات يطلق عليها اسم النزلـة (مأخوذة من النزول على الماء أو الكلأ ) وهـي مجموعة سكنيـة تكونها الخيام تتوسطها خيمة كبيرة ذات شكل مميز لكبير العــرش (أو القبيلة) .
فهذا الأخير له الرأي في جميع الأمور الخاصة والعامـة حيث يستشار عند الخطبة (النسب) وعند تحديد موعد الزفاف كما يستشار في المحافل والأعياد الدينية ويفصل في جميع القضايا مهما كانت درجتـها إلى جانب مساعدين من الذين هم أقل منه مالا وجاها وشهرة بين العشائــر، فشيخ العرش (القبيلة) يختارعلى أسس ومقاييس مضبوطة منها الشجاعة العالية والمهـارة وفن الحديث والذكاء في طرح وحل المشاكل والمال الكثير والصرامة في تنفيـذ الأحكام زيادة عند بلوغه سن الكبر والنسب الشريف المعروف عند القبائل المجاورة .
هذه المقاييس كان معمولا بها في عهد الجاهلية تخول لصاحبها كل الصلاحيات وفي جميع التصرفات لكنها ليست بالطريقة الحالية ومن هذه الأفراح :
الزفاف : تختار المرأة (وعادة لا تتجــاوز 16 من عمرها ) على أساس النسب الأبوي والأخوال ، تنكح دون رأي منها ولا رأي من خطيبها فالوالدان ينوبان عنهما بعد الإتفاق مع الأم ، وحينما يتوفر شرط الرضا بين الأبوين لكل طرف وبتوقيع شيخ القبيلة …يتم الزفاف في أقرب وقت ممكن على الطريقة البدوية التي يذهب فيها ولي أمر الفتى الخطيب إلى أسرة الخطيبة مصحوبا بمجموعة من الرجال والنساء كأم الخطيب وجدتــه إلى جانب بعض الأقارب وفي المقابل يجمع المخطوب النظير.
داخل تلك الخيمة يتوجه كل طرف إلى الجهة المخصصة له وتتم عملية الخطبة والاتفاق على الشروط بحضور شيخ القبيلة وأمام الملأ ثم يحدد موعد الزفاف هذا الذي لا يتجاوز مدته (أحيانا) بضعة أسابيع فيتم العرس بالطريقة البدوية التي تشكل تحفة فنية في أدب الـزواج الحديـث.
تنقل الزوجة الفتية من بيت وليها ماشيـــة أو راكبة داخل شيء مخصص للركوب على ظهـر الجمل يسمى الهودج (الجحفة) وسط جمــع من النساء يتقدمه الرجــال بالطبول والاغاني البدوية الهادئة عادة ما تكون أغان دينية وتوسلية بالاولياء الصالحين الى أن تستقر فـي بيتها الجد يــد .
أمّا رمضان والاعياد الدينية فلها طقوس أخرى حيث يجتمع الرجال بخيمة الشيخ وبعد بيان الهلال أو الاتفاق على الصيام يعلن صوم رمضان بواسطـــة مشعل من النار يرفع في السماء وتطلـق بعده طلقات بندقية ويكون الافطار على الطريقة نفسهـا .
وفي صباح العيد يجتمع الجيران والأهل والأقارب بخيمة الشيخ محمليـن بالقهوة وبعض من الأكل (حسب المنطقة) وعادة تكون –الشخشوخة –المفضلة ومباشرة بعد أداء الصلاة والتحية يجتمع القوم لتناولها ضاربين بذلك موعدا آخر للقاء في محافل أخرى
محـاكم ومجــالس
رغم الاراضي الشاسعة والبيوت المتفرقة إلاّ أن سكـان البوادي يعانون من مشاكل وخصومات كبيرة منذ القدم وأغلبها عرقية موروثة كالخصومات على حدود الأراضي والمراعي ، والماء والنسب فهذه المشاكل تتعــدى شيوخ القبيلة أحيانا لتكون بين قبائل وعلى مدار العام وفيها من بقيت عالقـة إلى اليوم ,على غير المشاكل الداخلية التي تعالج عند مجلس شيخ القبيلة هذا المجلس الذي يتكون من أغلبية كبار الأسر حسب الدرجات وبحضور الخصمين حيث تطرح القضية ويطول النقاش حولها في بيت الشيخ أو تحت خيمة أهل الجاني التي يتم فيها تحضير الغداء وحين إصدار الحكم بإتفاق ينهض الظالم (المحكوم عليه) ليقبل رأس المظلوم (المحكوم له) ويرسى عليه مبلغا معينا أو طعاما للعرش ويسمى هذا الحكم "خطيـــة الجماعة "وينتهي النزاع .
فإن لم يفصل فيها ، تنعقد الجلسة الثانية ثم الثالثة إلـى غاية الوصول إلى حلّ و لو كان مؤقتا ، وفي أماكــن مختلفة … لكن العداوة تبقى قائمة إلى غاية إرضاء الطرفيـن و إقناعهما بالحل و لو تدفع الجماعة ثمن إرضاء المظلوم ماديا مقابل قبوله حكم الجماعة بطريقة مساهمة الجميع وتسمى هذه العملية (الفرضية) .
فهذه المحاولات المتكررة والاجتهادات المتنوعة في النزاعات الاجتماعيـة جنبت سكان البوادي الخلافات المستمرة والارتباطات الرسمية مما سهل عليهم أسلوب الحياة ودفع بهم لتكريس كل طاقاتهم ومجهوداتهم لمصارعة قساوة الطبيعة وقهر الأراضي الحدباء الشاسعة سواء بالفلاحة و الزراعــة أو بالرعي لأن الباديةّ هي مصدر عيش كل البشرية ومنه تنبع النخوة والكرم والعزة والجاه والكلمة الوافية والوفية .
نكتفي بهذا النموذج لمثل هذه القضايا ونترك تفاصيلهما إلى كتابات أخرى تعكس حقائق جوانب الموضوع وفــروعه المتنوعة وما يميز حياة البداوة على حياة المدينة
يتبع ...