الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

لماذا تأكل القطة أولادها بقلم أحمد ابراهيم الحاج

تاريخ النشر : 2009-07-09
لماذا تأكل القطة أولادها
....................................
أتذكر عندما كنت طفلاً أنني وزملائي الأطفال من قريتي كنا في شهر آذار نلعب على أطراف القرية في منطقة تدعى وادي الزيتون ، وبينما كنا نلعب الغماية اتجهت وزميلي للإختباء في كهف زيتونة رومانية قديمة عاصرت آبائي وأجدادي ، وهذا الكهف هو عبارة عن تجويف كبير وواسع في جدع الزيتونة ، وفوجئنا بقطة حديثة الولادة ، وقد وضعت أبناءها في الكهف الزيتوني وكانت تأكل واحداً من أولادها الخمسة ، ولاحظنا أن القطة لم تهرب كما اعتدنا من القطط ، ولكنها كشرت عن أنيابها وتهيأت للهجوم علينا دفاعاً عن أولادها ، وتملكنا الخوف من طريقة تكشيرها وتحفزها للهجوم علينا، والغضب البادي عليها ،حيث كانت عيونها تتقادح شرراً من ألم المخاض ومن الألم النفسي الذي تعانيه وهي تأكل أبناءها ، ولما أدركت أننا ابتعدنا عن الكهف قليلاً نراقبها من بعيد ، عادت لتكمل أكل وليدها ، وكانت وهي تأكل صغيرها تموء بصوت حزين ، ورأينا الدموع تقطر من عينيها ، ولم نصدق ما نرى ، وتركنا اللعب مبهورين ومستغربين لما يجري أمامنا ، حيث لم نلمس من الأم الاّ الحنان والعطف والرقة ، واعترتنا الحيرة ومضى كل واحد منا الى بيته وقد رسمت على وجهه علامتي استفهام وتعجب كبيرتين؟!
لم أحتمل بقاء السؤال دون إجابة والتعجب دون إزالة ، وقلت في نفسي : إن خير من يجيبني على تساؤلي ويزيل تعجبي هو أمي ، فهي الأعرف بشعور الأم تجاه أبنائها. وربما أجد لديها الإجابة. ورويت لها القصة ، وما اعترانا من استغراب وتعجب وخوف من تحول القطة الى حيوان عدواني يريد الهجوم علينا بدلاً من الهرب منا كما تعودنا ، فالعنزة والنعجة والبقرة والحمارة ....الخ. لا تفعل ما تفعله القطة مع أولادها. صمتت أمي قليلاً ثم بدأت بالإجابة مستلهمة إجابتها من خبرتها في الحياة وحكمتها حيث لم تكن متعلمة. وقالت أمي:
يا بني المخلوقات نوعان ، نوعٌ يأكل ليعيش ، ونوع يعيش ليأكل ، وأوجد الله النوعين لحفظ النسل واستمرارية الحياة وعمارة الكون ، والإنسان أرقى وأجمل أنواع المخلوقات على وجه الأرض ، وميزه الله عن باقي المخلوقات بالعقل وسخر باقي المخلوقات لخدمته ، فمنها عدو له ومنها أليف معه ، ويفترض في الإنسان أن يكون من النوع الأول حيث يأكل ليعيش ، وأن يوزع الأكل بينه وبين أخيه الإنسان بالعدل والقسطاط والمساواه ، حيث يفترض فيه أن يحب لغيره ما يحب لنفسه. أما الحيوان فمحكوم بشريعة الغاب ، وهو من النوع الثاني أي يعيش ليأكل ، لذلك كان الصراع محتدماً وعلى أشده في عالم الحيوان ، إنه صراع البقاء وقانون الغاب ، القوي يأكل الضعيف. فالقطة يا بني عندما تحمل يكون في بطنها عدة أجنة تتراوح بين ثلاثة وستة وأحياناً سبعة أجنة ، وهذه الأجنة كانت تعيش في بطنها في صراع على البقاء وتتنافس في امتصاص الغذاء الذي يأتيها من الحبل السري ، ومنها من خلقه الله قوياً ومنها ما هو ضعيف ، فالأقوياء في بطنها كانوا يأكلون الغذاء حتى مرحلة الإشباع ، وما يتبقى من القليل النزر كان يأكله الضعفاء منهم نظراً لقلة حيلتهم وضعف بنيانهم ، ولما ولدت القطة ورأت حال أولادها ودرست أوضاعهم ، حيث أنهم سيعيشون بعد الولادة في صراع مستمر من أجل البقاء والحياة في غابة مليئة بالأعداء ، أدركت القطة أن مصير أولادها الضعفاء سيكون الموت العاجل أثناء غيابها عنهم في سعيها للحصول على طعام من خشاش الأرض وذلك على أيدي الأعداء المتربصين ، وسوف تفترسها وحوش الغابة أو أنها ستكون عاجزة عن جني رزقها فتموت جوعاً. والأم يا بني لا تحتمل أن ترى وليدها يتألم ، أو تحتمل أن ترى من هو أقوى منها يغتصب منها إبنها ويهدر حياته أمام ناظريها وهي تتفرج وتسمع صراخه دون تقديم العون له. ومن شدة حبها وعطفها على الضعفاء من أبنائها آثرت أن تنهي حياتهم هي بنفسها بطريقتها الرحيمة بأضراسها الحادة لتكون نهايتهم رحيمة عليهم ، ولكي لا يتجرعون آلام تفنن الأعداء في قتلهم وافتراسهم أو يعانون من قسوة الجوع والعطش ، وليكونوا طعاماً للباقين من أبنائها (فالحي أفضل من الميت) لتمدهم بالقوة للدفاع عن أنفسهم ومقارعة الأعداء في البرية والغاب.
في شريعة الغاب وقانون عالم الحيوان "الحياة للقوي" ، والموت يتربص بالضعيف لينقض عليه بسرعة وما حياته الاّ مسألة وقت لتحين الفرصة ويحل به القدر كحد السيف.
نفس الوضع ينطبق على الإنسان يا بني ، هنالك من هداه الله الى العقل والضمير وزرع فيه بذرة الخير فهو يأكل بقانون ليعيش هو وليعيش غيره معه بسلام ، وهنالك من زرع الله فيه بذرة الشر والعدوانية فهو يعيش ليأكل ولا يترك لغيره الاّ ما يزيد عن حاجته ، والحياة صراع بين الخير والشر ، ومن يريد الإنتصار يجب أن يتحصل على عوامل القوة ويتحصّن بها ، ومن سعى للنصر بدون الإعداد له فلن يناله حتى لو كان ذا ضمير وعقل رشيد. تماماً كمن يتغنى بالشعارات والمباديء ليأكل بها عقول الناس دون أن يملك أدوات القوة لتحقيق النصر.
بعد ذلك ولما كبرت وخبرت الحياة ، استوعبت ما عاصرناه في هذا الزمان المر من قتلِ الأم الآدمية لأبنائها قبل انتحارها في ظل قانون الغاب الذي يحكم البشر بدلاً من شرائع الله ورسالاته.
ومن هنا أدركت لماذا بدأت الثورة تأكل أبناءها المتمسكين بمبادئها وثوابتها وذلك عطفاً عليهم وشفقة عليهم من الضياع والإغتيال ، لأنهم اصبحوا الضعفاء بين أبنائها وغير قادرين على حماية أنفسهم ، ولأنها هي نفسها لم تعد قادرة على حمايتهم من الأعداء حيث فقدت عوامل القوة ووسائلها وفقدت أوراق الضغط بحصارها والإستفراد بها بطوق عالمي محكم من الأخ والصديق والعدو وذلك بموجب اتفاق لا تدعمه القوة ولا ينصت له المتحكمون بموازينها بضمائر حية وعقول آدمية فيها بذرة الخير.

بقلم أحمد ابراهيم الحاج
8/7/2009م
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف