الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تكريم الشاعرة وفاء وجدى . . تغطية : إبراهيم خليل إبراهيم

تاريخ النشر : 2009-05-22
تكريم الشاعرة وفاء وجدى . . تغطية : إبراهيم خليل إبراهيم
فى العشرين من شهر مايو 2009 شهدت مدينة بنها محافظة القليوبية فعاليات مؤتمر اليوم الواحد الأدبى لأقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة والتابعة لوزارة الثقافة المصرية ..
هذا المؤتمر هو السادس وجاء بعنوان ( ملامح التجديد فى شعر وفاء وجدى ) وقد تم تكريم الشاعرة الكبيرة وفاء وجدى فى هذه الأحتفالية الرائعة

ضمت الجلسة الإفتتاحية كلمات : المبدع سامى سرحان أمين المؤتمر
الناقد الدكتور السيد فضل رئيس المؤتمر
المبدع محمد عبد الحافظ مدير عام ثقافة القليوبية
الأستاذ أحمد زحام رئيس الإقليم والذى أناب عن الدكتور أحمد مجاهد
الشاعرة المكرمة وفاء وجدى
المستشار عدلى حسين محافظ القليوبية وأناب عنه الأستاذ شحته الأخرس السكرتير العام المساعد لسيادته
أما الجلسة الأولى فقد أدارها الشاعر المبدع طارق عمران وضمت كلمات :
الدكتور محمد حلمى حامد
الدكتور أمجد ريان
الشاعر والناقد الكبير رفعت المرصفى
المبدع فؤاد مرسى
ثم بدأت الجلسة الثانية وأدارها الشاعر والناقد الكبير رفعت المرصفى وشملت كلمات :
الدكتورة ثريا العسيلى
الدكتور محمد السيد إسماعيل
الدكتور أحمد شحاته
والجلسة الثالثة أداراها الشاعر وحيد أمين وشملت شهادات :
الشاعر الكبير محمد الشرنوبى شاهين
الروائى الكبير فؤاد قنديل
الشاعر المبدع طارق عمران
المبدع على سعفان
وفى كلمة الشاعرة المكرمة وفاء وجدى قالت :
أشكر الدكتور فاروق حسنى وزير الثقافة كما أشكر المستشار عدلى حسين محافظ القليوبية والدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة والأستاذ احمد زحام رئيس الأقليم كما أشكر أيضا كل الحضور الذين حرصوا على تكريمى
ثم قالت :
القصيدة الأولى التى كتبتها ونشرتها كان عمرى وقتئذ 14 سنة ثم واصلت درب الشعر والمسرح
ولكن أبتعدت عن الشعر خلال عملى بوزارة الثقافة
وعن القصيدة الصوفية فى شعرها قالت :
وضعنى الشعر الصوفى أمام مسئوليات جديدة وخاصة تجاه العمل الخيرى .. والقصيدة لدى حتى الصوفية تحمل مفاهيم جديدة تدعو إلى الإيجابية .. وفى ختام كلمتها قالت :
أشكر أبنائى أحمد ورشا كما أشكر زوجى وأحفادى
وقال المبدع سامى سرحان فى كلمته :
نحتفل اليوم بالأديبة والشاعرة الكبيرة وفاء وجدى فتكريمها هو تكريم لأدباء مصر ومنذ عشرين ستة أقمنا أحتفالية للشاعرة وفاء وجدى بمناسبة حصولها على جائزة الدولة فى الشعر وكانت بدايتى مع كتابة الأغنية ولحنها فى ذلك الوقت مجدى حافظ ومن ثم فتحت الطريق أمامى للكتابة
ثم ألقى المبدع سامى سرحان أمين عام المؤتمر قصيدة شعرية حول الشاعرة الكبيرة والمكرمة وفاء وجدى
وفى شهادته التى بعنوان ( الواقعى يزاحم الخيال ويحجبه .. قراءة فى مسرحية بيسان والأبواب السبعة لوفاء وجدى ) قال الناقد الدكتور السيد فضل فى شهادته :
تفضل وفاء وجدى أن تسمى ماتكتبه من تجارب درامية بالمسرح التجريبى تنبيها للقارىء الذى لم يعتد رفع الحائط الرابع من حساباته والتنبيه مفيد كذلك للقارىء الذى يلمح فى النص إرشادية مسرحية احترافية توشك أن تكون إخراجا مسرحيا تجريبيا كاملا تختلط فيه على نحو مدهش فنون مختلفة تجمع بين الدراما الشعرية بأشكالها .
ثم قال : تبدأ المسرحية فى خطاب حكائى يبثه رواية نعرف فقط فى السطور الأخيرة من المسرحية أنها إمرأة ومعها ينتهى
وحملت المسرحية كلمات موظفة فى إطار الحدث ويمكن أن نرفعها على لافته مثل :
يأكل الأسد الأرنب
العمل مكاتفة والخير مناصفة
الخطة أن ننسى الخطة
كيف تكون القسمة حين يكون السيف على الرقبة ؟
وفى شهادته والتى بعنوان ( وفاء وجدى .. حورية فى جنة الشعر ) قال الروائى الكبير فؤاد قنديل :
منذ أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضى لم أعرف غير عدد قليل من الشاعرات، من أبرزهن: روحية القليني، وجليلة رضا، وشريفة فتحي، وملك عبد العزيز، وكان ذلك عبر ندوة العقاد التي ينظمها المفكر الكبير صباح كل جمعة ببيته بشارع السلطان سليم الأول، وكنت أصحو مبكرا لألحق قطار التاسعة من بنها لحضور الندوة ثم جمع الزاد الثقافي من سور الأزبكية، وقد يبلغ العشرين كتابا مقابل مصروفي الأسبوعي الضئيل.
وهكذا التقيت الشاعرات ـ دون ملك ـ فيمن التقيت من الكتاب والشعراء والفنانين مثل صلاح طاهر وزكي نجيب محمود وأنيس منصور وطاهر الجبلاوي وعبدالرحمن صدقي والعوضي الوكيل وخليفة التونسى وشوقي هيكل وعبداللطيف عبدالحليم وغيرهم ممن يتعذر حصرهم، وقد بلغت من العمر أرزله. وكانت الشاعرات ـ إلا ملك ـ يكتبن الشعر العمودي.
سعيت بعد انتقالى إلى القاهرة عام 1962 للعمل في استديو مصر والإقامة الدائمة بالعاصمة قريبا من ينابيع الثقافة، وحرصت أن ألبي الدعوة لحضور الندوات النقدية والأمسيات الشعرية التي كانت تنعقد في رابطة الأدب الحديث وجمعية الشبان المسيحيين بشارع الجمهورية، وكان من أبرز شعرائها عبدالله شمس الدين (مؤلف نشيد الله أكبر) وأحمد مخيمر ومحمود غنيم ومحمد مصطفى حمام ووجدي شبانة وحسن كامل الصيرفي وحسن فتح الباب وعواد يوسف وأحمد خميس وإبراهيم عيسى ومحمد التهامى وآخرين.
في إحدى المرات أعلن مقدم البرنامج عن موهبة جديدة يرى أنها واعدة، وقد آن أن يستمع لها جمهور المتلقين من عشاق الشعر، وسرعان ما صعدت إلى المنصة شابة صغيرة رشيقة، خفيفة الخطو. تقفز الدرجات القليلة في ثقة رغم ما بدت عليه من البراءة والطفولة. همس من كان إلى يساري وأظنه د. كمال نشأت، قائلا:
ـ أول مرة نرى شاعرة جميلة.
قلت: أنسيت شريفة فتحى؟
قال د. كمال نشأت: نتمنى أن يكون شعرها مثل شكلها.
قال من كان إلى يساري، وأظنه أحمد عنتر مصطفى الذي كان حينذاك يكتب شعرا عموديا:
- مؤكد بنت وجدي شبانة ستكون شاعرة منذ كانت في اللفة.
قلت: حتى لو لم يكن شعرها جميلا، فيكفى جدا أن تكون جميلة لكي نحييها.
ما أن انتهت من إلقاء قصيدتها حتى صفق معظم الحضور، وكنت أكثرهم حماسة، لأنها بالفعل كانت صوتا جديدا ومختلفا عمن ذكرت، وكانت نبرة الشباب والتميز حاضرة.
أقبلت على ندوات الشعر لأني آنذاك كنت أكتبه، وأحب أن أغمر حياتى كلها فيه. ولما تحولت إلى القصة، تراجعت قليلا خطواتى إلى الأمسيات، وإن لم أقطع أواصري مع الشعر، فظل أنيسي عبر القراءة ، ومن ثم لم أتابع مسيرة وفاء إلا من خلال الأخبار طوال ما يقرب من خمس عشرة سنة، فقد شغلتنى دراسة الفلسفة بالجامعة، مع العمل وكتابة القصة ثم خطبتي الطويلة وتأهبى لزواج تعثر، ثم سفري إلى ليبيا وعودتي عام 1977، وهكذا لم أتمكن من رصد تجربة وفاء عن كثب كما تمنيت، وانتهت إليَّ ـ رغم ذلك ـ أخبار صدور دواوينها 'ماذا تعني الغربة؟ 1967'، 'الرؤية من فوق الجرح' 1973، و'الحب في زماننا' 1975، بل بلغنى أنها تزوجت من طبيب من بنها واضطرت للإقامة معه في مدينتى الحبيبة.
دعوتها لحضور الندوات والمشاركة في الأمسيات الشعرية التي أقمناها في قصر الثقافة، وأكملت ما نقص عندي من دواوينها وعكفت عليها، أجدد معرفتي التي بدأت قبل نحو العقد ونصف العقد. لاحظت أن أخبارها تملأ الصحف والمجلات المصرية والعربية، ولها حضور قوي على الساحة الثقافية في مصر والوطن العربي، وكان ذلك في ظني أمرا طبيعيا، وعن استحقاق بفضل شخصيتها العذبة وشعرها المحلق وإحساسها المرهف وتعاملها مع المستجدات والأحداث برؤية معاصرة حية ومسؤولة وليست سلفية أو جامدة، ومن هنا توالى صعودها ونيلها أشكالا عديدة من التكريم، وكانت ولا تزال محط الاهتمام والحب والتقدير.
أتيحت لنا الفرصة كي نلتقى كثيرا وكانت وما زالت من أقرب الشخصيات الأدبية إليَّ، وتأكد ذلك بحضوري عشرات الأمسيات الشعرية التي شاركت فيها، وعبر العمل الوظيفي الذي تولت فيه الإشراف على مديرية الثقافة في القليوبية، وكنت زميلا لها بحكم عملى مديرا لإدارة النشر والمواهب والثقافة العامة بهيئة قصور الثقافة، وقد قصرت المسافات.
عندما جمعنا اتحاد الكتاب في مجلس إدارته لعدة دورات، وكانت أفكارنا متقاربة إلى حد كبير بسبب ذلك التماثل الثقافي والنفسي وميلنا للانشغال بالهم الوطني، مما سيأتي الحديث عنه.
كانت وفاء وجدي تقريبا الشاعرة الأهم في ظني على الساحة الشعرية المصرية طوال السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين. كانت الصوت الأعلى والأشهر والأجمل، خاصة بعد رحيل أو اعتزال السابقات عليها، وكانت الحركة الشعرية فيما أذكر خالية من الأصوات النسوية إلا القليلات اللائي لم يكن في حجم وفاء.
مضت وفاء تعزف ألحانها التي احتلت بها مكانة مرموقة، حظيت بسببها بعشرات الدراسات النقدية التي تناولت إبداعها الشعري والمسرحي، الأمر الذي يستوجب إعادة طبع أعمالها ومواصلة درسها عبر الحركة الثقافية أو مقاعد البحث في الكليات، لتمكين التاريخ الأدبي من تقديم الاعتبار اللائق بتجربة وفاء الشعرية التي تواصلت بسخاء وإخلاص على مدى يكاد يدنو من نصف قرن (يالقسوة السنين التي تقود عجلتها على طريق عمرنا بمنتهى السرعة، لكن الإبداع سيظل الأقوى!).
بالإضافة إلى ما ذكرت من دواوينها المبكرة، أصدرت الشاعرة الدواوين التالية: الحرث في البحر. ميراث الزمن المرتد. رسائل حميمة إلى الله. في نور أسماء الله الحسنى. ومسرحيات شعرية: بيسان والأبواب السبعة. الشجرة. الصعود إلى الشمس.
إن هذه الشهادة المتواضعة التي تصدر من حنايا عقل وقلب صديق ومحب لشخص العزيزة وفاء ومنجزها الفني الجميل، قد تتسع قليلا لتتجاوز الشهادة الشخصية والإنسانية إلى شهادة شبه نقدية، لتشير إلى أن التجربة الشعرية لوفاء تنهض على، وتنطلق من، ستة محاور، هي:
1 ـ الرومانسية:
سمة رئيسة في كل المفردات الشخصية والإبداعية للشاعرة الكبيرة، وشعريا تتمثل في الموضوعات والعناوين والصور والتراكيب، بل إن الشكل الفني ذاته ينهل من ينبوع الرومانسية، وهو بالطبع انعكاس لروح وفاء النبيلة والمحبة للبشر.
2 ـ الوطنية:
منذ القصائد الأولى حتى الأخيرة يستطيع القارىء المتأمل لموضوعات أشعارها ونسيجها اللغوى أن يلتقط الشعور الوطني المتغلغل في أعماق الروح الشاعرة والذي يتسلل في أحيان كثيرة ـ بحكم انتمائها الراسخ ـ إلى كل موضوع وكل قضية وكذلك المسرحيات، وأحسب أن معظم قصائدها عن الحبيب هي قصائد عن الوطن الذي يقبع دائما سواء بصورة واضحة أو خافتة في خلفية المشهد العاطفي والإنساني.
3 ـ الحس العروبي:
وفاء ـ تاريخيا ـ بنت المرحلة التي شرع فيها الوعي يرى النور مع قيام ثورة يوليو/تموز المجيدة، وكان طبيعيا أن يتربى في وجدانها إبان قيادة المجاهد الخالد عبدالناصر ذلك الإيمان بأن مصر جزء لا يتجزأ من كيان كبير يملأ جوانحنا حبه ونفخر بالإنتساب إليه هو العالم العربي، بسبب الأواصر العميقة والمصيرية مثل اللغة والدين والجغرافيا والتاريخ والمشاعر والثقافة.
ومن ثم ارتبطت وفاء بقضايا الأمة من الخليج إلى المحيط، وبدا ذلك جليا في كثير من القصائد التي تناولت كافة الأحداث العربية التي لم تستطع الشاعرة أن تقمع إحساسها الطبيعي تجاهها، وكان يسيرا أن نعثر على الحضور اللافت لفلسطين ولبنان والجزائر وغيرها من الدول العربية التي عانت ولا تزال من بقايا الاستعمار والاستبداد والقهر والفقر والظلم.
4 ـ البساطة:
آثرت وفاء أن تتجنب الشكل المركب، وإن أبت أن تتخلى عن القضايا المركبة، وجاءت أغلب قصائدها مثلها بسيطة ومنسابة، حتى المعجم اللغوي ظل يواتيها بالمفردات اللفظية التي تضىء نصوصها مثل نجمات صغيرة في سماء شاسعة، ومثل ضحكات الأطفال، ونبتات صغيرة في مساحات عريضة من الصحراء.
وقد لاحظت أن القارىء لقصائدها تنتقل إليه رؤيتها الحانية البعيدة عن التوتر والثورة، حيث يخلو النص من الصور المعقدة والتراكيب الصادمة، وأحسب أن هذه البساطة عملت ضدها وقللت من قدرة شعريتها المتوهجة على الحفر وقلقلة الثوابت، لأنها تصورت أن القارىء أهم من الناقد، والجموع الغفيرة أحق من النخبة، والحركة الثقافية أجدر بالحوار من التاريخ الأدبي.
ولا أظنه خطر ببالها أن توجه ضربات لمدرسة فنية بعينها أو للغة أو تفكر في تغيير المسارات المستقرة، لأنها كانت ملتزمة بأطر الواقع ومعطياته، وغير مستعدة للثورة عليه إلا قليلا، ولو كانت وفاء مجنونة ومتأهبة نفسيا على الأقل لتقبل أي لون من ألوان الهجوم أو شراسة النقد لقلبت الحياة الأدبية، وهذا يفضي بنا إلى تأثير المحور الخامس.
5 ـ الأخلاقية:
وفاء رمز إنساني رفيع، فرغم غرامها الزائد بالشعر وولعها المفرط باللغة والجمال والمسرح، إلا إنها كانت ملتزمة إلى حد كبير بمتطلبات الأسرة ومستلزمات بيتها، فضلا عن السير في اتجاه كل ما هو قيمي من الناحية الأخلاقية، فقد تجنبت الجلسات المتحررة، واللقاءات المنفلتة، والحوارات التي تتجاوز الآداب، وإذا خاض بعض الحضور في أعراض الآخرين تلبستها حالة من التوتر الذي يدفعها للمغادرة علنا أو التسلل خفية.
وكم من المرات التي تكون فيها مشغولة بقصيدة جديدة تروح معها وتجيء والقصيدة قابضة على كل وجدانها، لكنها تحت ضغط احترامها للمسئولية، تضطر وهي تتعذب إلى انتزاع نفسها لتعد الطعام فزوجها في الطريق، أو طفلها أوشك على البكاء، وكم قضت الأيام في رعاية شخصيات عديدة في أسرتها وأسرة زوجها، وهي مواقف لا تخصها وحدها بالقطع وإنما تستدرج إليها كل المبدعات، ويظل الفارق هو مدى عمق الإحساس بالمسئولية وغلبة النزعة الأخلاقية.
6 ـ الجدية:
ملمح مهم من ملامح شخصية وفاء، طلع عليَّ وعلى غيري منذ السنوات الأولى، ولا يزال كامنا وعميقا وموجها لفكرها ونظرتها للأمور، من الأطفال إلى الوطن، ومن أحوال الشارع إلى أحوال الأمة العربية، ومن الحب إلى الحرب، ومن مجرد الاستماع إلى أغنية بعينها إلى العبادة. لأنها بقدر رومانسيتها فهي جادة، وبقدر بساطتها فهي تعشق الالتزام، ولم تمل كثيرا لالتقاط متع الحياة حتى العادى منها، وذهابها إلى المصايف ليس من أجل السباحة والنزهة واللهو وتناول الأطعمة، ولكن من أجل أولادها، وأقصى مرادها تغيير الجو وتسليم الفكر للطبيعة التي تضخ فيه الدماء وتعيد ترتيبه.
اكتشفت عمق هذا الملمح عندما قرأت لها 'قصيدتان إلى طفلي المنتظر' من ديوانها الثالث 'الحب في زماننا'.
تقول وفاء، متعها الله بالصحة وطول العمر، وهي تعترف لنا اعترافا خطيرا:
أتدري وقد صار ينمو معك
شعور الأمومة يوما فيوما
فيملأ صدري قويا شفيفا
فأشعر أني عرفت الأنوثة
فنبض الأمومة قمة إحساس أنثى بدفق الأنوثة
فيا سعد قلبي لأني أنثى
أفاض الله عليها العطايا
وفضلها عن بنى آدم بالمزايا
وأطلق جناته تحت

وقال المبدع محمد عبد الحافظ ناصف مدير عام ثقافة القليوبية :
شاء القدر أن يرتبط اسم الشاعرة وفاء وجدى ( ثلاث مرات ) أثرت فى بشكل بالغ المرة الأولى حين أردت أن أسس فرع اتحاد الكتاب بالغربية والمرة الثانية كان محبة خالصة نشترك بها لفنان مبدع رائع ومجدد هو الفنان الراحل وفيق وجدى والمرة الثالثة حين صدر قرار عملى مع الدكتور أحمد مجاهد فكان اسم وفاء وجدى هو النموذج الذى يدعونى الناس إليه .. فأرجو أن أحمل الأمانة وأكون عند حسن ظنها .
وفى شهادته التى بعنوان ( وفاء وجدى .. بين الشفاهى والكتابى محاولة للاقتراب ) قال المبدع فؤاد مرسى :
خالد أنت يابحر ..
حين تكون السؤال ..
وحين تكون الجواب ..
وحين تكحل عين الصخور
بدغدغة الموت فى فرحة
واحتفاء
لاتكاد تبرح وفاء وجدى البحر حتى تعاود الوقوف عليه من جديد متأملة صخوره بانتظار أن تلمح عروس البحر جالسة فوق إحداها تمشط شعرها أو شواطئه التى يقف عليها عاشق مندوه
لقد أسفر ارتباط وفاء وجدى العضوى بالبحر عن احتشاد تصوصها بمجموعة من المفردات المستلهمة من عالم البحر وتجلياتها الفولكلورية بما يكشف عن رؤيتها الإيجابية لنصوص الحياة الشعبية والاعتماد عليها كعناصر ذات إسهام رئيس فى منظومة الثقافة وبؤرة كاشفة لأبعاد الوجود الإنسانى وتعميق الوعى بالحياة .
وفى شهادته التى بعنوان ( بين واقعية الحلم وحلمية الواقع تأسيا على ديوان الحرث فى البحر للشاعرة وفاء وجدى ) قال الشاعر والناقد الكبير رفعت المرصفى :
إن النزعة الرومانسية التى تتألق بين ضلوع وفاء وجدى على امتداد تاريخها الإبداعى الحافل شأنها فى ذلك شأن كل فنان كبير تجعهلها قادرة على العمل بإيجابية للوصول بسفين أحلامها المشروعة إلى شواطىء الواقعية
شاعرتنا منذ البداية أختارت لديوانها عنوان ( الحرث فى البحر ) هذا العنوان الرائع قدمت من خلاله الإجابة شهية نقية على طبق من ذهب فأقرت بهذا العنوان أن محاولاتها الرسو بحلمها المنشود على شاطىء الواقعية قد فشلت ولم تحقق شيئا مما تأمله فبدت وكأنها تحرث فى البحر فلا اثر لما تحرثه ولاثمار لما تزرعه .. وكأنها بذلك أيضا تحاول أن تقول بين حروف هذا العنوان أن الصراع الذى بدأته لم تحسمه بعد وعلينا نحن استكماله فربما حققنا ماعجزت هى عن تحقيقه وهى بالفعل شجاعة أدبية تحمد عليها وتحسب لها .. وهى تؤكد على هذا المعنى الذى ساقته فى عنوانها ( الحرث فى البحر ) فى مناطق إشعاعية متعددة فى هذا الديوان ونذكر منها قولها :
إذا كان بحر الهوى مالحا / وكان الظمأ فادحا
فأى السبيلين نسلك حين يضيع الخيار ؟
إذا حرثنا ببحر / فأى عزاء ؟
فإن لم تروعنا الملوحة / روعنا حرث ماء
وأى انتصار إذا كان سيفى / يحارب طاحونة فى الهواء ؟
وفى ختام شهادته قال الشاعر والناقد الكبير رفعت المرصفى :
ومع حرثها فى البحر نتماوج نحن فى بحرها الإبداعى الرائق باحثين عن أصدافه الرائعة منقبين عن كنوزه الثمينة ثم ذكر البيت الشعرى للشاعر الدكتور جمال مرسى :
هو الشعر عشب نما فى الخيال
سقته التجارب ماء الشعور
وفى بداية شهادة الشاعر الرقيق طارق عمران والتى بعنوان ( زهرة البنفسج فى بستان الأصالة والمعاصرة ) قال :
الكلمة المختارة والتى ضمها الغلاف الأخير للكتاب أختيرت من شهادة الشاعر والناقد الكبير رفعت المرصفى ثم قدم الشاعر طارق عمران التحية والتقدير للمؤرخ والأديب الشامل إبراهيم خليل إبراهيم والمبدع الواعد حامد إبراهيم خليل ونخبة من المبدعين والصحفيين الذين حضروا هذه الاحتفالية .. ثم قال :
وفاء وجدى شاعرة رائدة من رائدات التجديد فى الشعر العربى .. أديبة تكتب القصيدة والأغنية والمسرح الشعرى
مع نهاية 1976 وقعت عيناى على أشعار وفاء وجدى فقرأت لها ثم التقيت معها عندما دعاها الشاعر سامى سرحان لنادى أدب كفر شكر ثم التقيت بها فى ثقافة القليوبية بعد تعيينها مديرة للثقافة فى القليوبية وبعد حصولى على المركز الأول فى شعر العامية كرمتنى ودعتنى لصالونها الثقافى كما شجعتنى على دراسة إدارة الاعمال فحصلت على بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة وفى عام 1998 اصدرت قرارها بتعينى مديرا لثقافة البقاشين
اهتمت الشاعرة وفاء وجدى بحركة النشر لشباب المبدعين وكان دورها بارزا فى إصدار أندية الأدب بالقليوبية مجلات أدبية متخصصة .. ستبقى وفاء وجدى رائدة من رائدات التجديد فى الشعر الغربى ولنبقى معها نردها كانشودة الصباح الجميل فى بستان الحكمة

كما ألقى الشاعر محمد يحيى حجاج عضو اتحاد كتاب مصر قصيدة بعنوان ( سكنى وفاء وجدى ) نذكر منها :
الكل يشهد لها / قبلى ومن بعدى
مش زى بعض الزبد / موجه وحاتعدى
دى فى القلوب خلدت / سكنى وفاء وجدى
هذا وقد أصدر المؤتمر السادس لليوم الواحد لأقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد والإدارة العامة لثقافة القليوبية إصداره الرائع بعنوان ( ملامح التجديد فى شعر وفاء وجدى ) وصدر برقم إيداع 9577 / 2009 ويقع فى 184 صفحة من القطع الكبير وضم شهادات ودراسات للمبدعين :
محمد عبد الحافظ ناصف
الدكتور السيد فضل
الدكتور أحمد شحاته
الدكتور أمجد ريان
الدكتور محمد حلمى حامد
الناقد والمبدع فؤاد مرسى
الشاعر والناقد الكبير رفعت المرصفى
الدكتور محمد السيد إسماعيل
الدكتورة ثرية العسيلى
الشاعر الكبير محمد الشرنوبى شاهين
الروائى الكبير فؤاد قنديل
الشاعر المبدع طارق عمران
الشاعر المبدع وحيد أمين
قصائد للشاعرة وفاء وجدى
وبعد تكريم الشاعرة الكبيرة وفاء وجدى وختام فعاليات المؤتمر السادس لليوم الواحد بمدينة بنها خرج كل المبدعين فى فرحة وسعادة على أمل بلقاءات وفعاليات أخرى مادام فى العمر بقية
___________
تغطية : إبراهيم خليل إبراهيم
____________
تصوير المبدع الواعد :
حامد إبراهيم خليل
______________
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف