الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أن تسمع بالمعيدي خير من أن تجربه بقلم أحمد ابراهيم الحاج

تاريخ النشر : 2009-03-28
أن تسمع بالمعيديّ خيرٌ من أن تجربه
الجزء الثاني من قصة قصيرة بعنوان
(حب الكبرة ولو على خازوق)
...........................................................................................................................
أصل المثل هو "أن تسمع بالمعيدي خيرٌ من أن تراه" ، وقاله امير المؤمنين عبد الملك بن مروان لكثير بن عزة ، صاحب العقل الكبير والجسم النحيل والشكل غير المستحب ، وفي هذا المقام ليس القصد المفارقة بين المنظر والعقل تحديداً. لذلك حرفت في المثل ليتوافق مع المقام ، وهو أن تبقى تسمع بالمعيدي وايجابياته من بعيد دون أن تجربه وتتعرف على محضره ومخبره من قريب لأنك ستغير رأيك فيه من الموجب الى السالب فهو بطبعه مغايرٌ لما يتفوه به ، ومناور يدعي الخير من أجل السمعة وليس من أجل الثواب ، فهو لبق اللسان لا يكشف عن حقيقته ويخدع الناس بكلامه المعسول ونواياه المعاكسة لما يتفوه به من عسل القول.
نتساءل هنا ، هل هنالك شعب على وجه هذه الأرض يعاني من الخوازيق كالشعب الفلسطيني؟؟ ، سواءً كان في قلب دولة الإحتلال (عرب 48) ، أو تحت الإحتلال (الضفة وغزة) أو في الشتات ، والجواب طبعاً معروف ، وهذا الأمر يستدعي من هذا الشعب مزيداً من التكاتف والتسامح والإنصهار والتقارب والتعاون والشعور مع الآخر . ولكن هل هذا هو الحال العام والسائد؟ ، لا ، وخاصة بين فلسطينيي الشتات والغربة ، لماذا؟ والجواب في هذه القصة. وهل هذا حكمٌ عمومي؟ ، لا ، هنالك خيرٌ في هذا الشعب ، ولكن هذه الإضاءة على هذا الجانب المظلم تأتي من منطلق النقد الذاتي والمواجهة مع الذات وكشف جوانب من الواقع المر ، ومن باب تعميم التجارب الفاشلة ليستفيد منها الآخرون وليخجل منها المذنبون ويقوِّموا اعوجاجهم ويكفوا عن حب الكبرة في غير موضعها:
...........................................................................................................................
بعد التجربة الآولى الفاشلة لابي طارق وام طارق في البحث عن بنت الحلال لإبنهم طارق ، هدأوا لمدة عام للإفاقة من الصدمة وتقييم التجربة للبناء لتجربة أخرى لعلها تكون ناجحة. وبعد مضي العام بدأت رحلة البحث من جديد عن بنت الحلال لإبنهم ، فتارة هم لا يقبلون وتارة يُرفضون ، الى أن عثروا على فتاة من عائلة معروفة على مستوى الوطن ، ومن أصول فلاحية من إحدى قرى مدينة أصبحت مشهورة في الضفة الغربية ولنقل هي مدينة (ج). ولما تحدثت أم طارق مع والدة البنت استبشرت خيراً للهجتها الفلاحية وترحيبها بعبارات تراثية "كالو وكلنا" ولما أخبرت أبو طارق عن اسم العائلة والبلدة والمدينة قال لها ابو طارق " بيني وبينك وبصراحة "المنطقة مشهورة بالبخل ، ولكن العائلة معروفة بالثقافة والوطنية واللباقة والرقي والإنفتاح وطبعاً البخل مش مشكلة عائقة ولا يمكن تعميمها ، ولا هي قاعدة عامة ، توكلي على الله وخذي ابنك يشوف البنت كالعادة". وكان القبول والإحترام والترحاب المتبادل عنوان الزيارات المتدرجة بدءاً بالنساء وانتهاءً بالرجال الى أن جاءت لحظة الحقيقة. وكانت مواصفات البنت مطابقة تماماً لما يتمناه الشاب ، وهي مؤدبة وخجولة وجميلة وعلى خلق. وخرجت عائلة ابو طارق تحمد الله على نصيبهم إن تم بعون الله. ذهب أبو طارق وام طارق الى بيت والد البنت للتفاهم على التفاصيل والإجراءات والبرنامج الزمني لمراحل الزواج المنتظر.، وكان طارق قد أخبر والديه بأنه يريد تحديد المهر والإتفاق على كل شيء لكي لا يلدغ من الجحر مرتين. ويريد المهر في الحدود المعقولة والدارجة كزملائه الذين تأهلوا ، وإن زاد قليلاً لا بأس ، المهم أن يكون مقبولاً حيث أنه لا يريد مساعدة والده له ويؤيد أن يتزوج من ماله الخاص، وفي الطريق الى بيت أهل البنت دار حديث متفائل بين ابي طارق وام طارق ، فقالت ام طارق "الحمد لله ربنا عوض صبرنا خير ، يا الله شو حبيت هالبنت والجماعة" ، فرد عليها ابو طارق "يكفي إنهم فلاحين مثلنا ، وبعدين من عائلة محترمة ومعروفة ، وفوق هذا مستواهم المعيشي أقل منا ، ما أظن إنهم يطمعوا فينا ولا يشوفوا حالهم علينا" ، فردت ام طارق "الجماعة طالبين السترة لبنتهم وكلامهم كلام عقال وترحيبهم فينا كان فوق المتوقع. فسأل ابو طارق "هي البنت دارسة بمدارس أهلية والاّ حكومية؟" فردت عليه ام طارق " كل اولادهم وبناتهم دارسين بمدارس حكومية ، الجماعة يظهر أحوالهم المادية على قد الحال والاّ مثل ما حكيت يمكن يكون بخل ، يعني معهم فلوس بس ما بدفعوا للمدارس الخاصة ، فقال ابو طارق "هذي وجهات نظر الواحد حر فيها ، بس انت عارفه المدارس الحكومية في دول الخليج صعبة على أولاد المقيمين ويمكن تربي فيهم عقد وكبت وشعور بالتفرقة بين ابن البلد والمقيم مهما كانت الظروف. وحتى عندنا في بلادنا ابن البلد ينظر له من المدرسين غير عن المقيم. أنا شخصياً كنت حاب تكون البنت دارسة في مدارس أهلية وكمان دارسة الجامعة في الأردن أو الضفة مش في الخليج ، بس الحمد لله يكفي البنت خجولة ومؤدبة وكمان حلوة. لكن وبصراحة شعرت بأن شخصيتها ضعيفة شوية لأنها ما حكت ولا شاركت في الحديث في كل مرة ، يعني هذي بنت جامعية لازم تناقش وتستفسر وتتحدث في كل المواضيع ، فردت ام طارق إنت عارف البنات اليّ تربوا وعاشوا في هالبلد الله يعينهم محشورين بين أربع حيطان وما بشوفوا الدنيا الا في الأسواق ولا بعرفوا غير اللبس والموضة وبعدين البنت صغيرة بكره بتتنور في الدنيا بعد الزواج وأنا ان شاء الله رح أدردحها وأعلمها أصبر علي بس تتزوج وابنك بصراحة عاجبته كثير. فقال ابو طارق أنا عارف ابنك مركز على الجمال كثير ، لكن يا ستي على بركة الله وربنا يتمم الأمور على خير وإن شاء الله بصيد الجمال والأخلاق والدين ، ووصلوا البيت وأوقف ابو طارق سيارته وتوجه مع ام طارق الى بيت والد العروس بخطواته السريعة فانتبه على صوت ام طارق تقول له "وين طاير يا رجّال ، على مهلك يا زلمة شو إحنا في سباق أنت عارف أنا لابسة كعب عالي بمشي شوية شوية" ، وكان يعلو وجهيهما ابتسامة عريضة ، ويحدوهما الأمل بالنجاح هذه المرة ، وتدغدغ مشاعريهما الفرحة المنتظرة التي استحقت منذ فترة وطال انتظارهم لها ولم تتم بنجاح في المرة الآولى. قرع ابو طارق الجرس ، واستقبلهما على الباب والدا البنت مهللين مرحبين ، وجلسا يتناولان أطراف الحديث في العموميات والسؤال عن الأحوال وتبادل التحايا ، وقال ابو طارق بعد فترة المجاملات ، في الحقيقة يا ابو فلان جينا نحط النقاط على الحروف ، لنضع المسألة في إطارها الشرعي والقانوني والمدني ، ولنتفق على التفاصيل قبل قدوم الجاهة لوضع الأمور في نطاقها الرسمي والعلني كعادة الناس. وبصراحة احنا شاريين وحابين نسبكم وحابين بنتكم ، والحقيقة البنات ما بتتقدر بثمن وبنتكم رح تكون عندنا ان شاء الله أمانة في أعناقنا معززة مكرمة ، والإنسان بخجل يخوض في هيك مسائل ، ولكن لا حياء في الدين ، هذي سنة الله ورسوله ، فما هي طلباتكم واحنا أن شاء الله جاهزين ضمن امكانياتنا ومقدرتنا وما رح نوفر عليها شيء. رد ابو البنت " هذي البنت بنتك ، وأنا بصراحة أعطيتكم جوهرة لا تقدر بثمن ، وليس لي مطالب ، وإحنا بالمقابل شاريين رجل وأخ لأولادي ، والأمور المادية ما رح تكون نقطة خلاف بينا ، ولن أحدد مهراً ، واليّ بيجي منكم خير وبركة" رد ابو طارق " والله ما بتقصر يا ابو فلان بس لازم نحدد التزاماتنا ونتفق على كل شيء ، يا أخي الشرع بتطلب وبنص على هيك ، وما بدنا في المستقبل ندخل في سوء فهم نتيجة الإختلاف الطفيف في العادات والتقاليد بين منطقة ومنطقة ، هذي امور بدها صراحة وتفصيل وما فيها مجاملات ولا حيا وخجل حتى تكون مسيرة هالزواج ناجحة وغير معرضة للتفسيرات والتأويلات وسوء الفهم غير المقصود. يعني نمشي على نور واشي واضح ومكشوف. وأنا كلمتك عن تجربتنا الآولى وكيف اختلفنا في وجهات النظر ، ورد ابو الفتاة مصراً على عدم تحديد المهر تاركاً الحبل على غاربه. وتحت الضغط قال لأبي طارق " والله أنا ما بحكي ، إنت يا أخي حدد ، ولم تنفع كل الضغوطات عليه ، وأخيراً قال ابو طارق " صلي على النبي – ترى ما بدي اقول مثلنا مثل الناس ، أنا الأسبوع الماضي حضرت خطبة لصاحب ابني ، وكمان قبل فترة حضرت خطبة لبنت جيرانا ، ولكن نظراً لحبنا لكم ولإبنتكم سأضع رقماً للمهر يفوق ما سمعته وفوق المعدل المتداول بين الإخوة المقيمين في هالبلد وأرجو أن يكون سراً بيننا لكي لا يكون بدعة للناس لرفع المهور وذلك تقديراً لك لأنك فوضتني بذلك نيابة عنك ، ولن أَظلم أو أُظلم. علماً بأن الخير في الوسطية ، ولكن ما يزيد عن الوسطية اعتبره هدية مني لإبنتك ، وسأتحمله انا وليس ابني مساهمة مني بهذا العمل الخيري كواجب لا أشكر عليه. فرد ابو الفتاة "تفضل وقل ما عندك يا ابو طارق" فوضع ابو طارق رقماً للمهر يفوق ما علمه من مهور ويفوق المعدل الدارج بين ابناء الجالية بمبلغ يقدر بحوالي ألف دينار. والرقم الإجمالي الذي نطقه ابو طارق ما يعادل ثمانية آلاف وخمسماية دينار كمهر وتلبيسة. ولما نطق ابو طارق الرقم امتقع وجه ابي البنت وأخذ يبلع ريقه ويذهب في لون ويعود في لون آخر متراوحاً بين الصفار والحمار ونظر لزوجته التي اختلف لونها أيضاً وكأنها مفاجأة غير محمودة وغير متوقعة ، وبدت عليهما الحيرة والمفاجأة والإستغراب ، ونظر ابو طارق لإم طارق فوجدها تنظر اليه بدهشة واستغراب متفاجئة بما تسمع وترى ، وبعد لأي وصمت وحيرة رد ابو الفتاة قائلاً " لا والله هذا ما هو مناسب يا ابو طارق ، ولم أكن أتوقع هذا الرقم منك ، والله أجاني جماعة وذبحوا حالهم ودفعوا مهر ما يعادل العشرين ألف دينار. وبعدين بنتي بدها تتزوج غريبة خارج العيلة وخارج المدينة كمان ، لازم يكون مهرها وزفافها مميز ومختلف واتفاخر فيها قدام قرايبنا ومعارفنا ، فقال له ابو طارق " يمكن ييجي ناس لبنتي ويدفعوا مليون دينار وما أوافق عليهم يا ابو فلان ، المسألة مش كم ندفع ، المسألة لمين بدي أعطي بنتي وكيف رح تكون حياتها.ومع مين رح تعيش ، إنت شايف ابني أمير ، ما هو موظف محترم والمستقبل قدامه، إحنا لمّا تزوجنا شو كنا ولكن ربنا فتحها علينا والحمد لله ، وبعدين وين بنتك متغربة ، ما احنا كلنا أهل واولاد بلد وقرايب ، وهذي حكاية العائلات والعصبيات كلام قديم وانتهى وكلنا في الغربة سواسية والحال واحد يا ابو فلان. طيب يا سيدي أنا حكيت اليّ عندي ، احكي انت اليّ عندك خلينا نقرب وجهات النظر ونظل حبايب وإلاّ من أولها نفترق بمعروف إذا ما اتفقنا. وبعد أخذ ورد قال ابو البنت لا أريد أن أبعد عنك كثيراً لكي لا نختلف فطلب ما يعادل اثني عشر ألف دينار ، وقال والله ما كنت ناوي أقبل بأقل من ما يعادل خمسة عشر ألف دينار ، ولكن بعد سؤالنا عنكم وما سمعناه عنكم من طيبة وأخلاق وسيرة حسنة بين الناس الذين أثنوا عليكم بكل خير ، واكراماً لكم تنازلت لذلك. وهنا تذكر ابو طارق تجربته الآولى وفكر بإنهاء الموضوع أو تأجيل جلسة الحوار، ونظر الى ام طارق فوجدها تومي له وكأنها تتوسل بالقبول وتهدئة النفوس والخواطر فيبدو أنها تعبت في البحث وتريد أن تزوج ابنها ليكون لها حفيداً تعيد معه ذكريات الأمومة وابنها شارف على الثامنة والعشرين من العمر وتسابق الزمن لكي لا يسبقها ، وقالت إن شاء الله ما بنختلف يا جماعة. وفهم ابو طارق ايماءة زوجته ومداخلتها ودار في خلده أن البنت مناسبة ومؤدبة واليّ دواه الفلوس بسيطة ، وقال تكرم يا ابو فلان وان شاء الله اتفقنا – الفاتحة--. وقرأت العائلتان الفاتحة في اتفاق مبدئي. وطلب ابو طارق شربة ماء ليبل ريقه الذي نشف من المفاجأة التي لم تكن بالحسبان متذكراً وصية ابنه الذي اشترط بأن يكون المهر كزملائه وكما هو دارج ومتعارف عليه بين عامة الناس وإن زاد قليلاً بشيء مقبول ومعقول فلا بأس.
خرج ابو طارق وزوجته على غير الحال الذي دخلا فيه وتعلو على قسمات وجهيهما علامات التجهم والحيرة والدهشة وسوء التوقعات لأنهم يقيسون أفكار الناس وممارساتهم بمعايير فهمهم وضمائرهم وأفعالهم وكأن الناس تحمل ما يحملون من طيبة فطرية وتلقائية وحب للخير ، وفي نفسيهما ريبة وشك لما سمعاه ولمساه من الأصهار من تناقض بين الأقوال والأفعال ، كلام معسول وممارسات ونوايا مغايرة ، والصدمة بادية عليهما لا تغطيها الفرحة المنتظرة. ولما دخلا السيارة أعرب ابو طارق عن مخاوفه ولومه لأم طارق على تمسكها بالموضوع وعدم انهائه في حينه ، فقالت له بصراحة خفت الموضوع يفرط ، وسأبيع من ذهبي وأدفع الفرق ،أنا تعبت وأنا أدوِّر على بنات وانت عارف الظروف في الغربة وظروف اجازتنا القصيرة في عمان لا بنعرف نشوف بنات ولا بنقدر نحكم في الفترة القصيرة ، وأنا شعرت بمدى اعجاب الولد بالبنت ، ومن يدفع العشرة آلاف يدفع الألفين ، ولا تخبر طارق بما اتفقنا عليه وسندفع الفرق على السكيت. فقال ابو طارق "ايش هالكلام الفاضي يا بنت الحلال ، أنا بدفع الفرق مش مشكلة عندي ، ولكن ألم تلاحظي أن منطقهم أعوج وطريقة تفكيرهم تنم عن حب للمظاهر والشكليات والتعصب للعائلة وكأنهم غير عن الناس وهمّا مثلهم مثل الناس وحتى أقل ، بالرغم من بساطة بيتهم وأثاثهم وطريقة معيشتهم ، بنظروا للعالي هذا ما أخافني ، وكمان قلتي ام البنت كانت تتكلم معك فلاحي ، بشوفها بتحكي مدني وباين عليه إنه مصطنع فقالت له " كل النسوان هيك بهالبلد ، بعملن حالهن مدن وهن فلاحات قح ، المهم نوخذ البنت وشوبدنا في امها وابوها ومنطقهم وتفكيرهم ، فقال لها ابو طارق "الجماعة رح يكونوا نسايبنا والبيت الثاني لإبنك بعد بيتنا ، لازم يتوافق معاهم ويحبهم ويحبوه ، وبهذا المنطق وهذه العقلية في التفكير ما رح ينسجم معاهم إنت عارفه ابنك وطبعه دغري خط مستقيم ومباشر وما بحب اللف والدوران والنفاق. وهذه مشكلة مستقبلية للولد رح يظل يعاني منها ويكبتها في نفسه. فقالت له "وكِّلها لألله يا رجال بكره بتتغير الأمور ، احنا الآن بحاجتهم وبعد الزواج بصيروا هم بحاجتنا ، فقال ابو طارق "بلّشنا بخراريف النسوان والعجايز على زمان جدتي الله يرحمها ، هذا كلام ما بدخل الدماغ يا ام طارق وانت عارفه بس بتكابري وتبرري موقفك المبني على عواطف الأمومة مش على المنطق والعقل ، مهو النسوان ناقصات عقل ودين ،لأنه العاطفة عندهم بتغلب العقل دايماً ، الله يستر من آخرتها بس". فقالت له ام طارق "يعني بدك تقلبها علينا نكد ، خلينا فرحانين ، ولا تظهر اشي قدام اولادك ، وامسح وجهك باسم الله الرحمن الرحيم ، واقرأ المعوذتين وآية الكرسي وقل هو الله أحد وتوكل على الله ، وعيِّن خير بتلاقي خير. فقال لها "يا ستي متوكلين على الله وربنا يجيب العواقب سليمة ، وبقي صامتاً حتى دخلا البيت وأزال عن كاهله وعن قسمات وجهه كل التجهم والشكوك والمخاوف معبراً عن فرحة ظاهرها السرور وباطنها الريبة والشك وفقدان الأمان. وتوجهت الجاهة في موعدها المحدد ولم تكن بمستوى الجاهة الآولى لضيق بيت اهل العروس وتواضعه وخوفاً من العواقب غير المحمودة ، وتمت قراءة الفاتحة وتوزيع القهوة والكنافة والعصائر ، وسط فرحة الجميع وثناء المدعوين وتمنياتهم بالتوفيق. وعلا صوت أم طارق ورفيقاتها بالزغاريد ، وبعد الجاهة بيومين طلب ابو طارق من والد الفتاة تحديد موعد لكتب الكتاب لكي يتقارب العريسان أكثر ويتفاهما ويخرجا مع بعضهما ويستمتعا بأيام الخطوبة التي تشكل جزءاً مشرقاً والأكثر اشراقاً في مسيرة ذاكرة الزواج ، ولكي تبدأ ام العروس بالتجهيز لبنتها فالعرس ليس ببعيد إن شاء الله على الصيف ، فقال له والد الفتناة خليها شوية يا ابو طارق والله أنا مشغول في هالأسبوعين ، واستطرد يسأل "كيف ناويين تعملوا العرس ، مختلط والاّ منفصل ، فرد ابو طارق "والله احنا بنعمل أعراسنا منفصلة ، فأخواتي وأخوات زوجتي وزوجتي محجبات وبدهن يفرحن بالولد ويعبرن عن فرحتهن ، وصعب هذا الأمر في العرس المختلط ، فقال والد الفتاة والله احنا بنفضل يكون مختلط وبعدين أقل تكلفة عليكم ، إنت عارف الفنادق بعمان غالية كثير ، فرد ابو طارق " والله نيتنا نعمل العرس في صالة وسمى اسمها ، (وهي صالة معروفة بتخصصها وعراقتها في هذا المجال وتقع في أرقى أحياء عمان ، ولا تقل عن الفنادق فخامة واسعارها من أغلى الصالات وتقارب اسعار الفنادق ذات الاربعة نجوم) ، فقال ابو الفتاة والله إحنا حابين في فندق الرويال أو الفورسيزن ،فرد ابو طارق والله أنا بالفنادق ما بعمل لأنو الفنادق فيها مشروب وفيها نزلاء بشربوا وبخاف الواحد يختلط الحابل بالنابل وعليها تشديدات أمنية وبعدين مستهدفة ومكلفة كثير ما بنقدر عليها ، يعني من شان ساعتين زمان نحط مبلغ خمسة عشر الف دينار ويطلعوا الناس يحكوا علينا ، فرد ابو الفتاة " والله بنتي بدها تتجوز من خارج العيلة وحتى من خارج المدينة وبدي أتباها وأفتخر فيها قدام عيلتنا وقرايبنا ويعرفوا إني مش راميها وأنا بدفع الفرق من جيبتي ، وهنا انتفض ابو طارق وقال " أنا ممكن أعمل العرس في أحسن الفنادق وقادر مادياً ، بس المسألة مسألة مبدأ وضمير ، يا أخي خلي هالمبلغ اليّ بدنا ندفعه للفندق للعرسان يروحوا شهر عسل مرتب ينبسطو فيه أو نتبرع فيه لأهلنا في غزة أحق ، وما يبدأوا حياتهم من تحت الصفر ، ابني وراه استئجار شقة وتجهيز بيت من مجاميعه ورح يدرس بنتك على حسابه سنتين ، إنت نسيت انها لسه سنة ثانية ، فرد ابو الفتاة "والله بدها جلسة مشتركة بينا نتفق على هالمواضيع هذي كلها ، فقال له أبو طارق "يا سيدي تفضلوا عندنا على البيت ونتفاهم ". وقبل زيارة أهل الفتاة لأهل الشاب ، ناقش الشاب خطيبته في هذا الموضوع وأقنعها به وتوافقا عليه ، وأيدته في وجهة نظره باقتناع تام. ويبدو أنها ضغطت على ابويها للموافقة على أن يكون العرس منفصلاً وفي القاعة التي اقترحها أهل العريس.
وفكر ابو طارق في كلام والد العروس وأخذ يقلبه في عقله وقال في نفسه " طيب اذا بدّو يفتخر ببنته كان درسها بجامعة محترمة وصرف عليها بدل ما يحط الفرق من جيبته على حفلة بطر وفشخرة وقلة حيا ، هو الفخر بالمظاهر والاّ بالإستثمار بالعلم والثقافة والوعي ، والله الدنيا تغيرت أحوالها وانقلبت مفاهيمها ، انا عارف شو حب هالفشخرة عند الناس ، والواحد قاعد على خازوق مبشم. سقى الله على أعراس زمان ، انا عارف ليش طلعت الناس ببدعة حفلات الفنادق ، أي والله سهرة شبابة وأرغول ودلعونا ودبكة في ساحة مفتوحة مثل زمان وغداء مناسف بتسوى حفلات اليوم مليون مرة ، الله يعين الشباب والبنات على تفكير آبائهم من الختيارية والكهول المنحرفين في فكرهم والمتمسكين بالتقليد البالية. والله فعلاً الدنيا آخر وقت ، طيب بحفلة الفندق في هالأيام كان الواحد يتزوج اربع نسوان على أيام ابوي وجدي ويزوج اولاده فيهم، بلاش طيب على أيامي انا هالعبد الفقير العرس كله ما كلفني الف وثماني مئة دينار ، الله يرحم حماتي وحماي شو كانوا طيبين. وتذكر ابو طارق موقفاً أيام خطوبته عندما ذهب في أول عيد يمر على خطبتهم الى بيت أهل خطيبته ويديه فارغتين حيث كانت والدته في الضفة الغربية ولم يستشر أحداً في الأمر لجهله بهذه المقامات والمناسبات ، وثاني يوم العيد ذهبت حماته للسوق واشترت قطعة من الذهب لإبنتها وادعت أمام الأقارب والجيران أنها هدية العيد من خطيب ابنتها ، ولم يعلم بذلك الاّ بعد الزواج ومن زوجته لكي لا تجرح حماته مشاعره ولكي لا تشعره بأن قيمته لدى انسبائه في هديته أو بما يقدمه. والله هيك النسوان والاّ بلاش ، بالرغم من قلة تعليمها ولكن الحياة مدرسة لمن يريد الإستفادة وأهم من الشهادات المفرغة من الوعي والثقافة والأصالة . على أي حال "إن خليت بليت" واليّ جاي أصعب من اليّ رايح.
وكانت الزيارة لبيت أهل العريس ، وطرح ابو طارق الموضوع مجدداً ولاقى سكوتاً كأنه يومي بالموافقة من أهل العروس ولكن دون قناعة داخلية تبدو على مظهرهم ، وقال ابو طارق سأحجز لأم طارق للذهاب الى عمان وترتيب الحجز في الصالة (وسمّى اسمها) شو رأيكم يا جماعة موجهاً حديثه لوالدي العروس ، فقال ابوها على بركة الله ما عندنا مشكلة ، ولم يبد أهل العروس اعتراضاً صريحاً على ذلك ولكن أبدت والدة العروس صمتاً ينم عن شيء مخبيءِ في نفسها يصعب التنبؤ به لقدرتها على اظهار خلاف ما تخبؤ في باطنها ، وتناولوا العشاء وانصرفوا وكانت جلسة سادها التفاؤل والترحيب والتفاهم وتبادل عبارات الود والتقارب ، وحتى هذه اللحظة لم يكتب الكتاب بعد. سافرت ام طارق لعمان ، وزارت الصالة ووجدتها محجوزة في معظم الأوقات الاّ بعض التواريخ ، واتصلت بأم العروس تطرح عليها التواريخ المتاحة لتختار ما يناسبهم ، فردت عليها ام العروس متسائلة ، وين ناويين تحجزوا ، فأجابتها باسم الصالة التي اتفق عليها ، فردت بلهجة تنم عن استغراب مبطن بما يشبه الرفض ، ووعدتها بأنها ستناقش الموضوع مع زوجها وترد عليها ، ومضى اليوم دون أن ترد ، واتصلت عليها ام طارق مرة أخرى لإعطائها الجواب قبل أن يتم حجز الصالة من أناس آخرين ، فردت عليها بأنها لم تصل الى قرار مع زوجها وبنتها ، ووعدتها بالرد عليها قريباً ، ومضى يوم آخر ولم ترد ، وفي اليوم الثالث وبدون مقدمات خلاف في وجهات النظر بين الخطيبين وأهلهما ، فوجيء طارق برسالة على الجوال من خطيبته تخبره فيها " يظهر ما في نصيب" ، وتطلب منه عدم التحدث معها وأنه لا مجال للتفاهم ، فرد عليها برسالة وأخبرها إن كان هنالك نصيب لن يقف أمامه أية معوقات ، وإن لم يكن نصيب فالأمر بالنسبة لي سيان. وكانت قبل ذلك قد طلبت منه أن يستأجر شقة في نفس العمارة التي يسكن فيها أهلها ورفض طارق ذلك قائلاً لن اسكن لا عند اهلك ولا عند اهلي ، وأخبر والديه بأمر الرسالة المفاجئة التي وردته ، وأبدى رغبته بعدم التئام الخلاف لأنه لم يلمس من أهل العروس احتراماً وتقديراً كالعادة ، فلم يزرها طيلة شهرين من الخطوبة الاّ أربع مرات نظراً لاعتذار أهلها بالمشاوير والمناسبات ، وكل مرة لم يخطر على بال والد البنت أو والدتها أن يعطيا من وقتهما دقائق ليتعرفا على حقيقة خطيب ابنتهم ، وطيلة الوقت الذي كان يقضيه عندهم لا يقدمون له سوى كباية شاي وصحن بزر مالح بنشف الريق بعد طول انتظار ، ولطاما شكى لأمه من هذا الوضع غير الإعتيادي والذي لم يواجهه زملاءه الخاطبين والذين تزوجوا ، وكانت امه تهدئه وتبرر ذلك باختلاف الطباع والعادات والتقاليد ، ولم يخطر على بال أهل العروس أن يعزموا خطيب ابنتهم يوماً على الغداء أو العشاء ، وكان يقول لأمه "والله لا أشعر بالعطش والظمأ والجوع الاّ عندما أذهب عندهم. وقد لاحظ ضعفاً في شخصية البنت وسيطرة للأهل على قرارها ، وتركيزاً من أهلها على المظاهر كمكان الحفلة وعلى أن تكون التلبيسة من الألماس ، وهذا ما لمسه والداه ، ولكنهما كانا يكابران ويقولان البنت لسه صغيرة ودارسة كل مراحل الدراسة في البلد الخليجي وفي المدارس الحكومية وحتى الجامعة التي تدرس بها تشبه جامعة القدس المفتوحة في طريقة تدريسها فهي أقرب الى الدراسة عن بعد (الإنتساب) منها الى الإلتحاق.
فوجيء ابو طارق وام طارق بما حدث فجأة بدون مقدمات ، واتصل ابو طارق على والد العروس يستفسر منه عما سمعه مبدياً هول الماجأة وأثرها السلبي عليه ، فرد عليه والد العروس مؤيداً لقرار ابنته وسرد اسباباً شكلية على الهاتف لا تمس الجوهر ، ومما قاله " انتم لم تشاورونا في ترتيبات العرس ممكن أنا بدي افتخر في بنتي واعمل عرسها في الرويال أو الفور سيزن وادفع الفرق من جيبتي، وابنكم لم يشعر بنتي بقيمتها ، يحضر لها هدايا غير قيمة ، وابنك بدو يشتري سيارة ولغاية الآن بشاور في امه واخوانه واصحابه وما اهتم لرأي بنتي ، وبعدين ابني أجا من عمان وما فكر ابنك يعزم خطيبته واخوها على مطعم ، وترك ابو طارق المجال له ليقول كل ما عنده محافظاً على هدوئه ، ولما أكمل حديثه دون مقاطعة قال له ابو طارق " كل الكلام اليّ حكيته يا ابو فلان يندرج تحت الشكليات وليس الجوهر ، وناتج ربما عن سوء فهم ولكن اريد أن اسألك "هل هنالك مجال للتفاهم ولمّ الموضوع ، فرد ابو الفتاة "نعم في مجال" فقال له ابو طارق " ممكن ازورك في البيت من شان اجاوبك على كل هذي الأمور الشكلية ونبدأ صفحة جديدة لأني شايف الولد والبنت متفاهمين وما بينهم خلافات ، فرد والد الفتاة الله يحييك أهلاً وسهلاً البيت بيتك. ذهب ابو طارق ومعه طارق الى بيت انسبائهم ، وأجاب ابو طارق على كل ما ابداه والد البنت من ملاحظات وفندها واحدة واحدة ، واستطرد يقول له "يا ابو فلان المواجهة أولاً بأول والحوار كفيلان بحل اي سوء فهم ، لماذا لم تخبرونا بملاحظاتكم اولاً باول وراكمتموها في نفوسكم وانفجرتم بها مرة واحدة ومفاجئة ولم تتيحوا لنا الفرصة لنوضح موقفنا منها ، ففي زيارتكم لنا آخر مرة لم نلمس منكم كل هذا ، ولم نلاحظ عليكم الزعل بالعكس كنا في آخر انسجام ، يا أخي احنا صرنا أهل ونسايب ، إذا الك علي ملاحظات أو إلي أنا عليك لازم نتصارح ونتواجه ونتحاور، وقال له أنا شخصياً لا يمكن أسمح لبنتي تطلع مع خطيبها دون كتب الكتاب حتى لو كنت انا معهما، طلبنا منكم نكتب الكتاب ولكن انتو ما تجاوبتو معانا ، من حق ابني ما يجيب هدايا قيمة دون كتب الكتاب وانا شخصياً لا يمكن أسأل بنتي ايش جابلك خطيبك ، ممكن اسألها عن التفاهم والإنسجام ، وترك ابو طارق المجال لطارق ليدافع عن التهم التي وجهت له ، وقال طارق: بصراحة يا عمي لم تبد بنتك أي اعتراض او اي ملاحظات وانا واياها متفاهمين ، وفوجئت بكل هذه الملاحظات والقرار دون سابق انذار ، فطلب ابو طارق أن تحضر البنت ، وفعلاً جاءت البنت وهي تلبس المحبس هي وأمها ، وبدأ طارق يرافع عن نفسه امام البنت ، وطلب ابو طارق من البنت أن تدلي برأيها ، ولكنها لم تنبس ببنت شفه رغم صمت الجميع للإستماع اليها وطول انتظار غير مبرر ينم عن قرار مسبق لأبويها ، وقال طارق موجهاً حديثه لخطيبته " طيب ما أظهرتي الي أو خبرتيني انك كنت زعلانة الاّ عن ملاحظة واحدة هامشية ، فرد ابوها صحيح هي عندها هذي الملاحظة ولكن باقي الملاحظات مني ومن امها. شعر ابو طارق بالضغط الذي يمارس على البنت من والديها ، وقال موجهاً حديثه للبنت " اسمعي يا عمّو ، إذا الأسباب اليّ حكيتيها انت واهلك فهذي اسباب شكلية ومادية يمكن حلها والسيطرة عليها ، بالتالي ممكن نستمر ورح نحطك على روسنا إذا في نصيب ، ولكن اذا عندك اسباب جوهرية ومش قادرة تعبري عنها فلا نملك حلها والسيطرة عليها وهذي قسمة ونصيب وانت حرة في قرارك ، بدك تستمري حياك الله ، بدك ما تستمري ، الله يوفقك ويبعث الك ابن الحلال. فتدخلت الأم قائلة وكأنها تريد انهاء اللقاء " بكملوا مع بعض على التلفون وإن شاء الله خير" وهنا فهم ابو طارق نوايا الأم التي لا تنبؤ بالخير الذي تقصده ، ولكن الخير حقاً يكمن فيما يختاره الله ، فقام ومعه طارق وودعا العائلة وانصرفا لبيتهما. وفي الطريق سأل ابو طارق ابنه عن رأيه ، فقال طارق " لن أكلمها انا على التلفون ، الموضوع باين عليه فارط ، وانا بحمد ربي إنا إحنا لسة على البر ، وإن تفاهمت مع البنت مش رح اتفاهم مع أهلها ، وربنا يجيب الي فيه الخير. فقال ابو طارق : أنا بأيدك ،الآن مش فارقة عندي يا ابني ، اذا بدهم الله يحييهم ، ما بدهم مع السلامة. ولا يهمك يا ابني هم الخسرانين وانت الربحان إذا الموضوع فرط ، وربنا بحبك اذا الموضوع انتهى والدنيا ما زالت بخير رح تلاقي نصيبك المناسب لأن نيتك خير. فقال طارق : إن شاء الله تيجي منهم ونخلص من هالورطة. وتساءل طارق : ماذا قدموا لي من احترام وتقدير وحب لكي أقدم لهم ما عندي ، فوالله لو قدموا القليل لقدمت الكثير (إليّ بنظر لك بعين انظرلو بالعينتين) وكان في نيتي وخطتي أن أقدم لها الهدايا الثمينة ولكنني ترددت لأنني لم ألاقي ترحيباً وكرماً منهم ، وتذكر موقفاً عندما كان مسافراً في عمل في مدينة أخرى ، وقرر أن يأتي في نهاية الأسبوع لكي يزور خطيبته واتفق معها على ذلك ، ولما جاء بسيارته وقطع مسافة اربعمائة كيلو ، وجهز نفسه واشترى هدية لخطيبته ، وقبل موعد الزيارة بنصف ساعة اتصلت به خطيبته تعتذر لإنشغالهم وارتباطهم. وكان ابو طارق يهز رأسه باقتناع.
واتصل ابو طارق بام طارق في عمان لتكلم والدة الفتاة بالرغم من عدم اتصالها بها ولتلطف الأجواء ولئلا تُظلم البنت ، ولكي لا يلقوا على أنفسهم مسئولية فسخ الموضوع ليستردوا ما دفعوه من تكاليف ومحبس الألماس الذي يساوي ما يعادل الألف دينار، وكررت ام الفتاة لأم طارق ما تفوه به زوجها لابي طارق من عتاب ولوم على الشكليات نفسها وبلهجة نابية وجافة وغير ودية دون سابق خصام أو سوء تفاهم ، رغم هدوء أعصاب ام طارق في مواجهة ذلك . ولم يتصل طارق بالبنت لأنه رافع عن نفسه واثبت براءته ، وفي آخر الليل بعثت له البنت رسالة على الجوال تتمنى له كل خير وتعبر له عن تقديرها له ولأهله وتخبره بأنه لا يوجد نصيب. وارتاح ابو طارق وطارق وطلب من ام طارق التي أبدت ارتياحها بعدما تحدثت معها ام البنت هذا الحديث الذي يدل على عدم الود وطلب منها العودة من عمان. وبعد اعلان فسخ الخطوبة علمت ام طارق من إحدى جاراتها التي تعرف اهل العروس انها كانت مخطوبة قبل ذلك وتم فسخ خطوبتها لنفس الأسباب ، ولم يخبروا اهل البنت أهل الشاب بذلك ، وعتبت ام طارق على جارتها لعدم إخبارها ، فقالت لها لقد اعتقدت انهم أخبروكم بذلك ، واشفق أهل الشاب على البنت من ولاة أمرها .وبدأ البحث من جديد عن بنت الحلال (وآخر كلمة لا يقصد معناها الحرفي فكل بناتنا بنات حلال) ولكن يقصد به البنت المناسبة للشاب المناسب لبناء اسرة مستقلة برأيها ومكافحة يداً بيد في هذه الحياة الصعبة وفي إطار المفاهيم المغلوطة للناس. وهذا نوعٌ من أنواع المعاناة ودفع فاتورة الإغتراب.

بقلم أحمد ابراهيم الحاج
28/3/2009
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف