للكاتب/محمد نصار
الرسالة الثالثة عشر
حبيبتي هدى
لطالما حرصت أن تظل رسائلي جسرا يوصل الوداد بيننا وأن تبقى كلماتي رسولا يؤنس ليل وحشتنا الطويل وكم دعوت الله أن يزيل الغم عنا ويفرج كربنا صبح جديد ، فما نلت غير الأماني وسلوى تؤنس وحدتي من حين إلى حين .
حبيبتي هدى . ، أبوح بما في النفس من حرقة وألم، وأبث شكواي مضطرمة بعد أن ضاقت بي الدنيا وعز في دروبها الرفيق، فلا تخافي علي ولاتجزعي .. ولا تدعي الهواجس تنال منك، أو تأخذك كل مأخذ، فأنا مازلت حيا .. أعيش اللحظة هنا بكل تفاصيلها.. بكل ما فيها من ظلم وجور، أعاني سطوتها كما تعانون وربما بوقع أشد مما تظنون، وقع قد يكون مبعثه تلك العيون التي تنظر إلى ما يجري بقربها بارتعاش وخوف، دون أن تعي للحظة سر التبدل الذي طمس الأشياء من حولها وغير معالمها إلى أبعد ما يكون.. أعاني من بهرج الشعار وبريقه المغثي، فما كان بالأمس عارا نلعنه، أصبح اليوم مطلبا ننشده، فلا ميزان تستقيم به الأشياء ولا بيان يبدي أو يوضح سر هذا الانقلاب الذي لفنا وطال كل شيء في حياتنا.. أعاني من أشياء كثيرة قد يطول الوقت في شرحها.
حبيبتي هدى.
أخبرتك في الرسالة السابقة بما حل بنا وأصابنا وها أنا اليوم أكمل ماانقطع من حديث بيننا، فلقد داهموا الغرفة بعد يومين من الحادث الأول- أقصد حادث عزل الاستاذ عنا- وحين ابدينا استهجاننا من فعلهم، قال كبيرهم متهكما: بلغنا أنكم تجتمعون في كل ليلة وتعدون لأمر ما.، فقلت معربا عن دهشتي واستيائي : لا نعد لشيء .. كل ما في الأمر أننا حبيسي هذه الغرفة ولا سلوى لنا غير الحديث.
وفيما تتحدثون؟ .-
- في النساء . ،قلتها محاولا قطع الطريق عليه .
- أعوذ بالله .، قالها وانتفض كما لو أصابه مس، أو لدغه عقرب.
- وهل في هذا شيء ! .، سألته مستغربا ردة فعله.
- كل شيء .. هذا الحديث مفسدة.. مجلبة للشيطان.
- الشيطان .. أي شيطان!.
- الشيطان الذي يجري من الانسان مجرى الدم.. الشيطان الذي قادكم إلى هنا وأراه ما زال بينكم.. يعدكم ويمنيكم.
- صدقت ، فأنا أراه ماثلا أمامي .
- ماذا تقول ؟ . صاح بانفعال وغضب.
- لاشيئ ، فقط أؤكد صدق ما زعمت .
فمال أحدهم نحوه وهمس في أذنه ببضع كلمات،زادت من احمرار وجهه المنتفخ أصلا، ثم التفت إلي وقال بلغة تحمل الكثير من التهديد والوعيد:أخبرني بصراحة وصدق، لمن تبعث رسائلك؟ .
- إلى حبيبتي .
- حبيبتك .. وأي حبيبة هذه وما اسمها ؟ .
- هدى .
- ربنا لا يهديك. ، ثم انتفض مرة أخرى وصاح بي محتدا : هل تسخر مني ؟ .
أقول الحقيقة .-
- أي حقيقة هذه؟ .
- هذا ما لدي .
- إذا فلتعلم بأننا أجرينا الكثير من التحريات ولم نجد هذه الهدى التي تدعي.
ابحثوا جيدا وستجدونها.-
- لا تعلمنا شغلنا ولكن اعلم أن العيون تراقبك.
فأدركت حينئذ أن الأمور تتجه نحو الأسوأ وأن التهديد يحمل الكثير من الجدية التي لا تقبل التأويل أو التفسير، فإن وصلتك رسائلي اليوم، ربما لن تصلك غدا، فإن كان شيء من ذلك، فاعلمي أن الأمر خارج عن إرادتي وأن مانعا حال بيننا ، فلا تهني حينها ولا تحزني وادعي الله أن يفرج كربنا ويجمعنا لقاء قريب.
المخلص لك دوما.
يوسف
الرسالة الثالثة عشر
حبيبتي هدى
لطالما حرصت أن تظل رسائلي جسرا يوصل الوداد بيننا وأن تبقى كلماتي رسولا يؤنس ليل وحشتنا الطويل وكم دعوت الله أن يزيل الغم عنا ويفرج كربنا صبح جديد ، فما نلت غير الأماني وسلوى تؤنس وحدتي من حين إلى حين .
حبيبتي هدى . ، أبوح بما في النفس من حرقة وألم، وأبث شكواي مضطرمة بعد أن ضاقت بي الدنيا وعز في دروبها الرفيق، فلا تخافي علي ولاتجزعي .. ولا تدعي الهواجس تنال منك، أو تأخذك كل مأخذ، فأنا مازلت حيا .. أعيش اللحظة هنا بكل تفاصيلها.. بكل ما فيها من ظلم وجور، أعاني سطوتها كما تعانون وربما بوقع أشد مما تظنون، وقع قد يكون مبعثه تلك العيون التي تنظر إلى ما يجري بقربها بارتعاش وخوف، دون أن تعي للحظة سر التبدل الذي طمس الأشياء من حولها وغير معالمها إلى أبعد ما يكون.. أعاني من بهرج الشعار وبريقه المغثي، فما كان بالأمس عارا نلعنه، أصبح اليوم مطلبا ننشده، فلا ميزان تستقيم به الأشياء ولا بيان يبدي أو يوضح سر هذا الانقلاب الذي لفنا وطال كل شيء في حياتنا.. أعاني من أشياء كثيرة قد يطول الوقت في شرحها.
حبيبتي هدى.
أخبرتك في الرسالة السابقة بما حل بنا وأصابنا وها أنا اليوم أكمل ماانقطع من حديث بيننا، فلقد داهموا الغرفة بعد يومين من الحادث الأول- أقصد حادث عزل الاستاذ عنا- وحين ابدينا استهجاننا من فعلهم، قال كبيرهم متهكما: بلغنا أنكم تجتمعون في كل ليلة وتعدون لأمر ما.، فقلت معربا عن دهشتي واستيائي : لا نعد لشيء .. كل ما في الأمر أننا حبيسي هذه الغرفة ولا سلوى لنا غير الحديث.
وفيما تتحدثون؟ .-
- في النساء . ،قلتها محاولا قطع الطريق عليه .
- أعوذ بالله .، قالها وانتفض كما لو أصابه مس، أو لدغه عقرب.
- وهل في هذا شيء ! .، سألته مستغربا ردة فعله.
- كل شيء .. هذا الحديث مفسدة.. مجلبة للشيطان.
- الشيطان .. أي شيطان!.
- الشيطان الذي يجري من الانسان مجرى الدم.. الشيطان الذي قادكم إلى هنا وأراه ما زال بينكم.. يعدكم ويمنيكم.
- صدقت ، فأنا أراه ماثلا أمامي .
- ماذا تقول ؟ . صاح بانفعال وغضب.
- لاشيئ ، فقط أؤكد صدق ما زعمت .
فمال أحدهم نحوه وهمس في أذنه ببضع كلمات،زادت من احمرار وجهه المنتفخ أصلا، ثم التفت إلي وقال بلغة تحمل الكثير من التهديد والوعيد:أخبرني بصراحة وصدق، لمن تبعث رسائلك؟ .
- إلى حبيبتي .
- حبيبتك .. وأي حبيبة هذه وما اسمها ؟ .
- هدى .
- ربنا لا يهديك. ، ثم انتفض مرة أخرى وصاح بي محتدا : هل تسخر مني ؟ .
أقول الحقيقة .-
- أي حقيقة هذه؟ .
- هذا ما لدي .
- إذا فلتعلم بأننا أجرينا الكثير من التحريات ولم نجد هذه الهدى التي تدعي.
ابحثوا جيدا وستجدونها.-
- لا تعلمنا شغلنا ولكن اعلم أن العيون تراقبك.
فأدركت حينئذ أن الأمور تتجه نحو الأسوأ وأن التهديد يحمل الكثير من الجدية التي لا تقبل التأويل أو التفسير، فإن وصلتك رسائلي اليوم، ربما لن تصلك غدا، فإن كان شيء من ذلك، فاعلمي أن الأمر خارج عن إرادتي وأن مانعا حال بيننا ، فلا تهني حينها ولا تحزني وادعي الله أن يفرج كربنا ويجمعنا لقاء قريب.
المخلص لك دوما.
يوسف