مشاركة اليسار في إدارة الدولة في الاردن ضرورة وطنيةn بقلم الكاتب : ناهض حترnn لأول مرة في تاريخ البلد ، تتشكل قاعدة اجتماعية واضحة لليسار. وهي تتألف من الشرائح الدنيا المتسعة من الطبقة الوسطى ، تلك المتضررة، بصورة منهجية ، من السياسات الليبرالية الجديدة، ولا أمل لها ، موضوعيا، خارج برنامج اقتصادي ـ اجتماعي يساري.nnوتكمن قوة هذه الشرائح ، عدا عن عديدها الواسع، بكونها من الأوساط المثقفة في الحواضر ولكنها ذات صلات مؤثرة ، بسبب الروابط العشائرية ، مع الأوساط الشعبية . وتحت وطأة الضغوط المعيشية وانسداد الأفق الاجتماعي ، فإن المئات الأكثر طليعية من تلك الشرائح ، بدأت تتسيس على اساس مطالب يسارية ، كما أن المسيسين من تلك الشرائح ، بدأوا عملية انتقال من التأثيرات البيرقراطية والإسلامية السياسية والقومية ، إلى اليسار.nnولّد هذا الجمهور الجديد لليسار ، يسارا جديدا ، هو الذي يطالب بالإصغاء ، الآن، بالإصغاء إلى صوته. ومن خلال مراجعة نصوص وثائق مختلفة صادرة عن حركات وتجمعات ـ حتى عشائرية ـ في الفترة الأخيرة، نستطيع أن نتابع منظورات ونقاط برنامجية يسارية أردنية ، تتحرك في إطار وطني، ليس بالمعنى القديم ، ولكن بمعنى البحث عن تصورات اجتماعية مطابقة للإحتياجات الوطنية الشعبية . والاجتماعي غالبا ما تتم ترجمته تحت ضغط إشكالية الهوية إلى نزوع معاد للإمبريالية والصهيونية ، على أساس مفصلي هو الدفاع عن الدولة الأردنية ، كمعطى اجتماعي تاريخي يُراد ضربه.nnnلأول مرة ، ينشأ يسار أردني لا ينظر إلى نفسه خارج الدولة أو ضدها ، بل بوصفه جزءا منها ، أو على حد قول نقاد اليسار الأردني الجديد ، بأنه ” قطري” ، وأنه ” الجناح التقدمي للدولة ”. الوصف الأول بالقطرية لا معنى له ، أما الوصف الثاني ، فهو دقيق . وأنا أعتقد أن يسارا جادا وفاعلا ومسئولا هو ذاك الذي يتخذ لنفسه ، في الظروف الأردنية ، هذا الوضع بالذات.nnتعود اليسار القديم ـ بسبب الأيديولوجية السوفياتية و تحت ضغط تحالفاته ، خصوصا مع فتح السبعينيات والثمانينات ، أو البعث ، أو الإسلاميين في التسعينيات ـ على أن يكون خارج الدولة ، والتعامل معها من خلال ” وسطاء” من الشخصيات السياسية المحسوبة ” وطنية ” و” ديمقراطية” . وهذه الأخيرة كانت تتعامل مع اليسار من منظور نفعي في الدعاية أو الانتخابات أو الحصول على دعم شعبي ، وتقدم ، مقابل ذلك، الفتات السياسي لليساريين الممنوع عليهم المبادرة بأنفسهم إزاء دولتهم ، بينما يقوم حزبهم بالتحالف الجبهوي مع أحزاب تمثل دولا وأنظمة أخرى !nnلقد ولى ذلك إلى غير رجعة . واليسار الصاعد الآن هو يسار لا يستند غلى أيديولوجية أو دعم خارجي أو تحالفات مع ”شخصيات” أو منظمات ، بل يستند إلى قوى اجتماعية محلية فاعلة هي في قلب الدولة والاقتصاد والمجتمع . ولذلك ، فهي أردنية ، وتتجرأ على بلورة برامج أردنية عيانية في سياق المشروع الوطني .nnمن هنا يحصل اليسار الأردني الجديد على شرعيته، ويؤكد ذاته، ويسعى إلى المشاركة في إدارة الدولة ، لا من موقع الاستيزار الفردي ولكن من موقع الالتزام السياسي البرامجي . وفي تقديري أن ذلك ممكن في صيغة وزارية ذات برنامج تنموي وطني، يمكن أن يشغل فيها اليسار ، بكفاءة وقدرة برنامجية وتنفيذية، حقائب وزارية مثل الصحة والتنمية الاجتماعية والعمل والزراعة والثقافة وتطوير القطاع العام ....nnالكاتب : ناهض حتر