بإمكانكم إيصالنا إلى ما بعد أراضي العام 1967
بقلم/علاء مطر
صعب على الإنسان أن يجد آماله تتحطم أما ناظريه، وحلمه يتبدد مع صبيحة كل يوم. إرهاق واستنزاف للبدن والعقل لمن يضعون لحياتهم هدف يصبح بلوغه محال، كيف لا وخلقٍ الله عز وجل للإنسان لم يكن بالمطلق عبثياًً "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ". فالحياة عندما تغدو بلا هدف بلا أمل بلا حلم بلا طموح، باطن الأرض أولى بالإنسان من ظاهرها، لأنها بالفعل تكون عندئذ حياة عبثية وما خُلق الإنسان البتة لهذا.
استفزني صبيحة هذا اليوم خبر طالعته الصحف، مفاده أن إسرائيل استقبلت أمس الثلاثاء، 65 عائلةً من يهود الفلاشا قادمين من إثيوبيا، وهي آخر دفعة من أصل 17 ألفاً، تم نقلهم إلى إسرائيل بحسب قرار أصدرته الحكومة الإسرائيلية عام 2005، كيف لا وإسرائيل هي في مصاف الدول المتقدمة على صعيد مستويات المعيشة، علاوة على الاستقرار الذي ينعم به شعبها على الأقل مقارنة بالماضي.
كما أرجعني هذا الخبر إلى ما تعلمناه عن هشاشة النسيج الاجتماعي في دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تمثل أعراق وأجناس مختلفة فمنهم القادم من الغرب وآخرين من الشرق، أناس بشرتهم سوداء وآخرين بيضاء وصفراء وغيرها من الألوان. هؤلاء اليهود الذين كنا ننعت نسيجهم الاجتماعي بالمهلهل نجدهم اليوم عكس ما تعلمنها، بل هم كلٌ متماسك في الحفاظ على وحدتهم وعلى الأرض التي لا تربطهم بها جذور أو تاريخ، وهاهم يستقبلون من فترة لأخرى مهاجرين جدد.
في المقابل جعلني ذلك أقف عند ما تشهده الساحة الفلسطينية من عبثٍ مريب مس بمقدرات شعبٍ لم تستطع طحنه آلة البطش الإسرائيلية التي لم تُعدمه العافية والوسيلة واستحدث دوماً أجرأ الوسائل لمجابهتها، بل ما طحنه هو الصراعات الداخلية التي لا نرى آخر لها. بما يعني مزيد من المعاناة على أرض الوطن بلا أمل ليس هذه المرة بعودة فلسطين، بل بعودتنا أساساً كشعب، لأنه ما يجري اليوم قد يفقدنا صفة الشعب، فمن المعروف أن الشعب حتى وإن كان أعراقاً وإثنيات مختلفة، وكانوا الناس فيه متباينتين في كل شيء، إلا أنهم يجب ألا يختلفوا على وحدة الأرض أو الهدف السياسي، الذي يصب دائماً في مصلحة الوطن والمواطن.
ما عاصرناه من أحداث دامية بين الأخوة الذين أصبحوا ألد الأعداء وما زلنا نعاصره من مناكفات وسجالات، لا معنى لها ولا يوجد ما يبررها ولا تخرج عن أن أي عاقل يتمنى خيراً لهذا الوطن. فالاعتقالات السياسية من قبل الطرفين والتهديدات والتشهير والتخوين وإلصاق التهم كل بالآخر، كلها أصبحت مقززة لحد الغثيان. فما هو سقف هذه التراهات إلا بالفعل جعل حياة المواطن الفلسطيني عبثية بلا معنى، كيف لا وحلمه وأمله في حياة آمنة على أرضه يتبدد يوم عن يوم، حلمه برؤية حيفا وعكا والمجدل وصفد أصبح ضرباً من الخيال، بعد ما كان من الممكن قبل فترة سبقت تحارب الأخوة الأعداء، رغم كل الصعاب التي يواجهها هذا الشعب في نضاله مع مغتصب أرضه، لأن وعد الله عز وجل المؤمنين الصادقين بالنصر ولو بعد حين" وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ". بل الأدهى والأمر أن حلم غزة بمعانقة رام الله والعكس أصبح حلماً صعب المنال.
حتى فيما يزعمه كل طرفٍ في غزة ورام الله وفي حدود سيطرته من سيادة الأمن والاستقرار نتيجة لمحاربة المنفلتين، نقول لهم هذا إدعاء باطل فالساحة الفلسطينية لن تدخل في حالة من الاستقرار الحقيقي دونما نشر ثقافة التسامح والتصالح والحوار، وهذا لن يكون وكلٌ يرى فرض الأمن والاستقرار من منظوره. فهناك أمن على طريقة حكومة رام الله وآخر على طريقة حكومة غزة. فبدون وحدة الوطن والابتعاد عن المناكفات السياسية وكل ما يدفع باتجاه تعزيز الانقسام، لن يكون هناك أمن واستقرار فكل يوم يزيد كلا الطرفين أعداء لهم وهذا بدوره يعزز الخلل في المجتمع الفلسطيني.
فيا قادة هذا الشعب ما الذي تريدونه أكثر من هذا الشعب الذي تقتلون حلمه وأمله وأمنه في غدٍ أفضل؟؟؟؟؟؟ نقول لكم اتقوا الله فيه ولا تجعلوا من أنفسكم فقط أبواقاً ليبرهن كلٍ منكم على فضح أخطاء الآخر ويلصق كلٍ بالآخر ما يجري من مظاهر كارثية علي الساحة الداخلية. فالشعب تطلعاته للنتائج، وبالتأكيد ما تقوموا به يصب في عكس النتائج المرجوة. يا قادة هذا الشعب اجعلوا من أنفسكم جسراً لإيصال شعبكم لمبتغاه، وهذا لن يكون البتة بدون وحدة هذا الشعب، مكمن التحدي والصمود التي لا مناص عنها لتحقيق تطلعاته بعودته حتى لما بعد أراضي العام 1967، "وما ذلك على الله بعزيز".
بقلم/علاء مطر
صعب على الإنسان أن يجد آماله تتحطم أما ناظريه، وحلمه يتبدد مع صبيحة كل يوم. إرهاق واستنزاف للبدن والعقل لمن يضعون لحياتهم هدف يصبح بلوغه محال، كيف لا وخلقٍ الله عز وجل للإنسان لم يكن بالمطلق عبثياًً "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ". فالحياة عندما تغدو بلا هدف بلا أمل بلا حلم بلا طموح، باطن الأرض أولى بالإنسان من ظاهرها، لأنها بالفعل تكون عندئذ حياة عبثية وما خُلق الإنسان البتة لهذا.
استفزني صبيحة هذا اليوم خبر طالعته الصحف، مفاده أن إسرائيل استقبلت أمس الثلاثاء، 65 عائلةً من يهود الفلاشا قادمين من إثيوبيا، وهي آخر دفعة من أصل 17 ألفاً، تم نقلهم إلى إسرائيل بحسب قرار أصدرته الحكومة الإسرائيلية عام 2005، كيف لا وإسرائيل هي في مصاف الدول المتقدمة على صعيد مستويات المعيشة، علاوة على الاستقرار الذي ينعم به شعبها على الأقل مقارنة بالماضي.
كما أرجعني هذا الخبر إلى ما تعلمناه عن هشاشة النسيج الاجتماعي في دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تمثل أعراق وأجناس مختلفة فمنهم القادم من الغرب وآخرين من الشرق، أناس بشرتهم سوداء وآخرين بيضاء وصفراء وغيرها من الألوان. هؤلاء اليهود الذين كنا ننعت نسيجهم الاجتماعي بالمهلهل نجدهم اليوم عكس ما تعلمنها، بل هم كلٌ متماسك في الحفاظ على وحدتهم وعلى الأرض التي لا تربطهم بها جذور أو تاريخ، وهاهم يستقبلون من فترة لأخرى مهاجرين جدد.
في المقابل جعلني ذلك أقف عند ما تشهده الساحة الفلسطينية من عبثٍ مريب مس بمقدرات شعبٍ لم تستطع طحنه آلة البطش الإسرائيلية التي لم تُعدمه العافية والوسيلة واستحدث دوماً أجرأ الوسائل لمجابهتها، بل ما طحنه هو الصراعات الداخلية التي لا نرى آخر لها. بما يعني مزيد من المعاناة على أرض الوطن بلا أمل ليس هذه المرة بعودة فلسطين، بل بعودتنا أساساً كشعب، لأنه ما يجري اليوم قد يفقدنا صفة الشعب، فمن المعروف أن الشعب حتى وإن كان أعراقاً وإثنيات مختلفة، وكانوا الناس فيه متباينتين في كل شيء، إلا أنهم يجب ألا يختلفوا على وحدة الأرض أو الهدف السياسي، الذي يصب دائماً في مصلحة الوطن والمواطن.
ما عاصرناه من أحداث دامية بين الأخوة الذين أصبحوا ألد الأعداء وما زلنا نعاصره من مناكفات وسجالات، لا معنى لها ولا يوجد ما يبررها ولا تخرج عن أن أي عاقل يتمنى خيراً لهذا الوطن. فالاعتقالات السياسية من قبل الطرفين والتهديدات والتشهير والتخوين وإلصاق التهم كل بالآخر، كلها أصبحت مقززة لحد الغثيان. فما هو سقف هذه التراهات إلا بالفعل جعل حياة المواطن الفلسطيني عبثية بلا معنى، كيف لا وحلمه وأمله في حياة آمنة على أرضه يتبدد يوم عن يوم، حلمه برؤية حيفا وعكا والمجدل وصفد أصبح ضرباً من الخيال، بعد ما كان من الممكن قبل فترة سبقت تحارب الأخوة الأعداء، رغم كل الصعاب التي يواجهها هذا الشعب في نضاله مع مغتصب أرضه، لأن وعد الله عز وجل المؤمنين الصادقين بالنصر ولو بعد حين" وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ". بل الأدهى والأمر أن حلم غزة بمعانقة رام الله والعكس أصبح حلماً صعب المنال.
حتى فيما يزعمه كل طرفٍ في غزة ورام الله وفي حدود سيطرته من سيادة الأمن والاستقرار نتيجة لمحاربة المنفلتين، نقول لهم هذا إدعاء باطل فالساحة الفلسطينية لن تدخل في حالة من الاستقرار الحقيقي دونما نشر ثقافة التسامح والتصالح والحوار، وهذا لن يكون وكلٌ يرى فرض الأمن والاستقرار من منظوره. فهناك أمن على طريقة حكومة رام الله وآخر على طريقة حكومة غزة. فبدون وحدة الوطن والابتعاد عن المناكفات السياسية وكل ما يدفع باتجاه تعزيز الانقسام، لن يكون هناك أمن واستقرار فكل يوم يزيد كلا الطرفين أعداء لهم وهذا بدوره يعزز الخلل في المجتمع الفلسطيني.
فيا قادة هذا الشعب ما الذي تريدونه أكثر من هذا الشعب الذي تقتلون حلمه وأمله وأمنه في غدٍ أفضل؟؟؟؟؟؟ نقول لكم اتقوا الله فيه ولا تجعلوا من أنفسكم فقط أبواقاً ليبرهن كلٍ منكم على فضح أخطاء الآخر ويلصق كلٍ بالآخر ما يجري من مظاهر كارثية علي الساحة الداخلية. فالشعب تطلعاته للنتائج، وبالتأكيد ما تقوموا به يصب في عكس النتائج المرجوة. يا قادة هذا الشعب اجعلوا من أنفسكم جسراً لإيصال شعبكم لمبتغاه، وهذا لن يكون البتة بدون وحدة هذا الشعب، مكمن التحدي والصمود التي لا مناص عنها لتحقيق تطلعاته بعودته حتى لما بعد أراضي العام 1967، "وما ذلك على الله بعزيز".