العمالة أو الموت البطىء
مواقف لاانسانية وأحداث مأساوية تلك التى يتعرض لها المرضى الفلسطينيون شالأراضى المحتلة بصورة مخزية ، وخاصة المرضى اللذين يعانون من أمراض خطيرة ، ربما تكون سببا فى وفاتهم خلال وقت قصير كالسرطان ، وأمراض أخرى قد تؤدى الى فقدان البصر ، وغيرها كالأمراض المزمنة مثل الفشل الكُلوى وفيرس (C ) وأمراض العمود الفقَرى ، وذلك من خلال عمليات الإبتزاز السادية التى يواجهونها على أيدى عناصر جهاز " الشاباك " الإسرائيلى ، من أجل اسقاط أكبر عدد منهم فى شباكهم ، فيُقال لكل مريض منهم ، وهو فى أشد الحاجة للعلاج والدواء : اما تعمل معنا كجاسوس على المقاومين ، ومن ثم فتتلقى العلاج ، والا فالموت البطىء فى انتظارك .
والقصة المكررة لأى مريض بمرض خطير تبدأ عندما يتقدم بطلبه الى دائرة التنسيق الصهيونى الفلسطينى للحصول على موافقة سلطات الإحتلال للسماح له بالسفر من غزة الى احدى مستشفيات الضفة الغربية أو القدس لإجراء عملية جراحية أو لتلقى العلاج ، وبعد جهد جهيد من المريض وتعنت شديد من الصهاينة ، يحصل على تلك الموافقة ويتوجه الى معبر " ايرز " ، وهنا تبدأ المأساة الكبرى ، فيبدأ التحقيق معه لساعات طويلة ، وقد يستمر هذا التحقيق عدة أيام ، للضغط عليه وتخييره بين أن يُسمح له بالعلاج بالأراضى المحتلة من مرضه العُضال مقابل أن يعمل جاسوسا للصهاينة على إخوانه المقاومين اللذين يطلقون الصواريخ من غزة على المستوطنين الإسرائيليين ، بإعلامهم أسماء هذه الشخصيات وعناوينهم وأماكن تواجدهم تحديدا ، مما يترتب عليه قيام الجيش الإسرائيلى باغتيالهم بسهولة .
لم يبرز الإعلام العالمى ولا حتى العربى - فى يوم من الأيام - هذه المآسى وتلك الإهانات التى يتعرض لها المرضى الفلسطينيون بصورة دائمة ، وانما الذى كشفها وفضح الصهاينة هم مجموعة شخصيات اسرائيلية فى احدى جمعيات حقوق الإنسان ، من خلال الملفات التى اطلعوا عليها فتبين لهم أن ضباط جهاز " الشاباك " فى محاولاتهم الإيقاع بالمرضى الفلسطينيون وابتزازهم ، لايميزون بين شاب وشيخ وامرأة وحتى طفل .
جمعية اسرائيلية هى التى كشفت هذه الممارسات اللاانسانية بالرغم من حساسية الموضوع وخطورة تأثيره على صورة الدولة العبرية أمام الرأى العام العالمى ، لم يخشَ القائمون على هذه الجمعية الإسرائلية من أن يُطبق عليهم قانون الطوارى – عفوا القانون العسكرى الإسرائيلى – باعتبارهم متسببين فى تشويه صورة الدولة العبرية – وبالأخص جهاز " الشاباك " - لدى شعوب العالم أو زيادة تشويهها ،فضلا عن اثارة الرأى العام العالمى ضد اسرائيل ، وكذلك تشجيع العرب والفلسطينيين فى توجيه الإتهامات المستمرة لها ، والتسبب فى ايجاد المبررات للعمليات الفدائية والإستشهادية ضدها ، وقد تقوم السلطات الإسرائيلية باعتقالهم ، واحالتهم الى المحاكمة العسكرية العاجلة ، والتى يمكن أن تنتهى الى الحكم عليهم بالإعدام ، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث ، الأمر الذى يندى له جبين كل عربى وكل مسلم .
ان افشاء مثل هذه المعلومات الخطيرة لوسائل الإعلام العالمية المختلفة – بغض النظر هل تم بعلم من السلطات الإسرائيلية من عدمه ؟- ،يوضح فى جانب منه أن فى الدولة العبرية قدرا من الحرية والديمقراطية وحرية الرأى ، لايوجد فى الدول العربية التى تتشدق وسائل الإعلام فيها بأن شعوبها تعيش أزهى عصور الحرية والديمقراطية ، فى هذه الدول لايُسمع صوت لمثل هذه المنظمات – منظمات حقوق الإنسان – الا نادرا ، ولايُسمح بظهور مثل هذه المنظمات فى كثير من هذه الدول ، واذا سُمع صوت احداها ولم يُعجب السلطة فتكميمها هو الحل ، واذا سُمح لأخرى بالظهور فيجب أن تكون تحت سمع وبصر السلطة تحركها وفق ارادتها .
وليعلم الجميع أننا اذا أردنا أن ننتصر على اسرائيل وعلى غيرها - وليس ذلك على الله بعزير - ، وأن نتقدم فى كافة المجالات ، فلابد أن نسمح بتواجد منظمات حقوق الإنسان فى الدول العربية والإسلامية ، وأن يُسمع صوتها وبقوة ، وأن نلتزم بتطبيق الحرية بصورة حقيقية وليس بصورة صورية ، وأن يقبل كل منا الآخر ، وخاصة حينما يكون الآخر هو المواطن العربى .
كتبها : محمد شوكت الملط
[email protected]
مواقف لاانسانية وأحداث مأساوية تلك التى يتعرض لها المرضى الفلسطينيون شالأراضى المحتلة بصورة مخزية ، وخاصة المرضى اللذين يعانون من أمراض خطيرة ، ربما تكون سببا فى وفاتهم خلال وقت قصير كالسرطان ، وأمراض أخرى قد تؤدى الى فقدان البصر ، وغيرها كالأمراض المزمنة مثل الفشل الكُلوى وفيرس (C ) وأمراض العمود الفقَرى ، وذلك من خلال عمليات الإبتزاز السادية التى يواجهونها على أيدى عناصر جهاز " الشاباك " الإسرائيلى ، من أجل اسقاط أكبر عدد منهم فى شباكهم ، فيُقال لكل مريض منهم ، وهو فى أشد الحاجة للعلاج والدواء : اما تعمل معنا كجاسوس على المقاومين ، ومن ثم فتتلقى العلاج ، والا فالموت البطىء فى انتظارك .
والقصة المكررة لأى مريض بمرض خطير تبدأ عندما يتقدم بطلبه الى دائرة التنسيق الصهيونى الفلسطينى للحصول على موافقة سلطات الإحتلال للسماح له بالسفر من غزة الى احدى مستشفيات الضفة الغربية أو القدس لإجراء عملية جراحية أو لتلقى العلاج ، وبعد جهد جهيد من المريض وتعنت شديد من الصهاينة ، يحصل على تلك الموافقة ويتوجه الى معبر " ايرز " ، وهنا تبدأ المأساة الكبرى ، فيبدأ التحقيق معه لساعات طويلة ، وقد يستمر هذا التحقيق عدة أيام ، للضغط عليه وتخييره بين أن يُسمح له بالعلاج بالأراضى المحتلة من مرضه العُضال مقابل أن يعمل جاسوسا للصهاينة على إخوانه المقاومين اللذين يطلقون الصواريخ من غزة على المستوطنين الإسرائيليين ، بإعلامهم أسماء هذه الشخصيات وعناوينهم وأماكن تواجدهم تحديدا ، مما يترتب عليه قيام الجيش الإسرائيلى باغتيالهم بسهولة .
لم يبرز الإعلام العالمى ولا حتى العربى - فى يوم من الأيام - هذه المآسى وتلك الإهانات التى يتعرض لها المرضى الفلسطينيون بصورة دائمة ، وانما الذى كشفها وفضح الصهاينة هم مجموعة شخصيات اسرائيلية فى احدى جمعيات حقوق الإنسان ، من خلال الملفات التى اطلعوا عليها فتبين لهم أن ضباط جهاز " الشاباك " فى محاولاتهم الإيقاع بالمرضى الفلسطينيون وابتزازهم ، لايميزون بين شاب وشيخ وامرأة وحتى طفل .
جمعية اسرائيلية هى التى كشفت هذه الممارسات اللاانسانية بالرغم من حساسية الموضوع وخطورة تأثيره على صورة الدولة العبرية أمام الرأى العام العالمى ، لم يخشَ القائمون على هذه الجمعية الإسرائلية من أن يُطبق عليهم قانون الطوارى – عفوا القانون العسكرى الإسرائيلى – باعتبارهم متسببين فى تشويه صورة الدولة العبرية – وبالأخص جهاز " الشاباك " - لدى شعوب العالم أو زيادة تشويهها ،فضلا عن اثارة الرأى العام العالمى ضد اسرائيل ، وكذلك تشجيع العرب والفلسطينيين فى توجيه الإتهامات المستمرة لها ، والتسبب فى ايجاد المبررات للعمليات الفدائية والإستشهادية ضدها ، وقد تقوم السلطات الإسرائيلية باعتقالهم ، واحالتهم الى المحاكمة العسكرية العاجلة ، والتى يمكن أن تنتهى الى الحكم عليهم بالإعدام ، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث ، الأمر الذى يندى له جبين كل عربى وكل مسلم .
ان افشاء مثل هذه المعلومات الخطيرة لوسائل الإعلام العالمية المختلفة – بغض النظر هل تم بعلم من السلطات الإسرائيلية من عدمه ؟- ،يوضح فى جانب منه أن فى الدولة العبرية قدرا من الحرية والديمقراطية وحرية الرأى ، لايوجد فى الدول العربية التى تتشدق وسائل الإعلام فيها بأن شعوبها تعيش أزهى عصور الحرية والديمقراطية ، فى هذه الدول لايُسمع صوت لمثل هذه المنظمات – منظمات حقوق الإنسان – الا نادرا ، ولايُسمح بظهور مثل هذه المنظمات فى كثير من هذه الدول ، واذا سُمع صوت احداها ولم يُعجب السلطة فتكميمها هو الحل ، واذا سُمح لأخرى بالظهور فيجب أن تكون تحت سمع وبصر السلطة تحركها وفق ارادتها .
وليعلم الجميع أننا اذا أردنا أن ننتصر على اسرائيل وعلى غيرها - وليس ذلك على الله بعزير - ، وأن نتقدم فى كافة المجالات ، فلابد أن نسمح بتواجد منظمات حقوق الإنسان فى الدول العربية والإسلامية ، وأن يُسمع صوتها وبقوة ، وأن نلتزم بتطبيق الحرية بصورة حقيقية وليس بصورة صورية ، وأن يقبل كل منا الآخر ، وخاصة حينما يكون الآخر هو المواطن العربى .
كتبها : محمد شوكت الملط
[email protected]